الكتاب: دُرَرُ الحِكَمِ لأبي منصور الثعالبي المؤلف: عبد الملك بن محمد بن إسماعيل أبو منصور الثعالبي (المتوفى: 429هـ) الناشر: دار الصحابة - طنطا الطبعة: الأولى، 1416 هـ - 1995 م عدد الأجزاء: 1   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] ---------- درر الحكم لأبي منصور الثعالبي الثعالبي، أبو منصور الكتاب: دُرَرُ الحِكَمِ لأبي منصور الثعالبي المؤلف: عبد الملك بن محمد بن إسماعيل أبو منصور الثعالبي (المتوفى: 429هـ) الناشر: دار الصحابة - طنطا الطبعة: الأولى، 1416 هـ - 1995 م عدد الأجزاء: 1   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الكتاب: دُرَرُ الحِكَمِ لأبي منصور الثعالبي المؤلف: أبو منصور عبد الملك بن محمد بن إسماعيل الثعالبي النيسابوري (المتوفى 429 هـ) الناشر: دار الصحابة - طنطا الطبعة الأولى - 1416 هـ - 1995 م عدد الأجزاء: 1 تنبيه: [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] جَزَى اللَّهُ كَاتِبَهُ وَمَنْ تَحَمَّلَ نَفَقَةَ الْكِتَابَةِ خَيرَ الجَزَاءِ وَأَوفَاهُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 18 بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مقدمة بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما اكتسَبَ أحدٌ أفَضَلَ من عقْلٍ يهدْيه إلى هُدًى ويردُّه عن رَدًى". (1) قيل لـ "بُهْلول": أًتَعُدُّ المجانين؟ قال: ها يطُولُ ولكني أعدُّ العُقَلاء! قال "ابن زُرَارة": جالس العُقلاء أعْداءَّ كانوا أم أصدقاء، فالعقل يقعُ على العقْلِ. قيل لحكيم: من أنعمُ النَّاس عيشاً؟ قال: من: كُفىَ أمر دنياه، ولم يهْتَمْ لآخرته. قيل: ثلاث من كنَّ فيه استكمل الإيمان: من إذا غضب لم يخرجه غضبُهُ عن الحق، ومن إذا رضى لم يخرجْهُ رضاه إلى الظلم، ومن إذا قدَرَ لم يتناول   (1) حديث موضوع. أخرجه الحارث بن أبي أسامة (821) زوائد الحارث، فيه داود بن المحبر، المتهم بوضعه، وأنظر كلام العراقي في المعنى (1/83) ، وابن عراق (1/212) في تنزيه الشريعة [الدار] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 19 قيل: أربعٌ من الشَّقاوةِ: جمودُ العيْنِ، وقساوة القلب، والإصرار على الذَّنْب، والحرص على الدنيا. قيل: ثمانية إن أهينوا فلا يلوموا إلا أنفسهم: الجالسُ على مائدة لم يُدْع َإليها، والمتأمَّرُ على رَبَّ البيْت، وطالب الخير من أعدائه، وطالب الفضل من اللئام، والداخل بين أثْنين من غير أن يُدخلاهُ، والُمسْتَخَفُّ بالسُّلطان، والجالسُ مجلساً ليس بأهل، والمقبلُ بحديثه على من لا يسمع منه. قيل: اثنان يهون عليهما كل شيء: العالم الذي يعرف العواقب والجاهل الذي لا يدرْي ما هو فيه. قيل: شيئان ينبغي للعاقل أن يحذرهما: الزَّمانُ، والأشرارُ. قيل: شيئان يُدبَّران الناس: القضاءُ، والرَّجاءُ. يقال: فسادُ أكثر الأُمور من خصْلَتَيْن: إذاعة السر، وائتمان أهل الغدر. قال: علي - رضي الله عنه -: من استطاع أن يمنع نفسه من أربع خصال فهو خليق أن يَنْزل به مكروهٌ: اللَّجاجُ، والعَجَلةَ، والتوانى والعُجب؛ فثمرة اللََّجاج: الحيْرةُ، وثمرة العجلة: الندامة، وثمرة التَّوانى: الذَّلَّةُ، وثمرة العُجْبِ: البغْضةُ. قال رسول الله - صلوات الله علية وسلامه: "اعتد بحوائجك الصباح الوجوه، فإن حُسْنَ الصورة أولُ نعمةٍ تلقاك من الرَّجُلِ". (1)   (1) حديث موضوع. أخرجه ابن أبي الدنيا (52) ، (54) في قضاء الحوائج، وأبو نعيم (3/156) في الحلية، والحرجاني (ص/385) في تاريخه، وابن حبان (1/248) في المجروحين، وأنظر الكلام عليه في السلسلة الضعيفة (1491) للألباني، ومجمع الزائد (8/194) للهيثمي، اللآلي المصنوعة (2/41) للسيوطي، الميزان (1/3427، 4008، 5136) للذهبي.. [الدار] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 20 قال "سعيدُ بن العاص": موطنان لا أعتر من العىِ فيهما: إذا سألتُ حاجة لنفسي، وغذا كلَّمتُ جاهلاً. قيل: صار "الفضلُ بن الربيع" إلى "أبي عباد" في نكبته يسألهُ حاجة فارتج عليه؛ فقال: يا أبا العباس، بهذا اللسان خدمْتَ خَليِفَتيْنِ، فقال: إنَّّا تعودنا أن نُسأل وللا نسألُ. قال رجل لآخر: لقد وضع منك سؤالك، فقال: لقد سأل "موسى" و"الخضْرُ" أهل قرية فأبوا أن يُضيَّوهُما، فوالله ما وضع هذا من نبي الله وعالِمِهِ، فكيف يضعُ مني؟! قيل: لـ"زُرْعَةَ": متى تعلمت الكديَة والسؤال؟ ، قال: يوم ولدتُ منعتُ الثدي فبكيت، وأعطيته فسكتُّ. قيل: اللُّطفُ في المسألة أجدى من الوسيلة. قصد "أبو الحسن الوراق" "سيف الدوْلةِ" في جملة الشعراء، فناوله درجاً يُوهمُ أن فيه شعراً، فنشره سيف الدولة وقال: ليس فيه شيء، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 21 فقال: سيدنُا يكتب لعبده فيه شيئاً؛ فضحكك وأمر له بجائزة. سأل أعرابيُ "عبد الملك" فقال له: سل الله، فقال: قد سألتُهُ فأحالنى عليك، فضحك وأعطاه. [قال] حاتم الطائي: أًماوِىَّ إنَّ المال غادٍ ورائح ويبقى من المالِ الأحاديث والذَّكرُ. لما انهزم "أُميَّةُ بن عبد الله" لم ير الناس كيف يهنئونه! ؛ فدخل "عبد الله بن الأهتم" فقال: الحمد لله الذي نظر لنا عليك، ولم ينظر لك علينا، وقد تقدمت الشهادة بجهدك، فعلم الله حاجة الإسلام إليك فأبقاك له. للحطيئة لما حبسه "عمر" - رضي الله عنه - بسبب "الزَّبرقان": الجزء: 1 ¦ الصفحة: 22 ماذا تقولُ لأَفْراخٍ بذى فَرَخٍ حُمْرِ الحواصِلِ لا ماءٌ ولا شَجَرُ ألقيتَ كاسبَهُمْ في قعر مُظْلمَةٍ فاغفر عليكَ سلامُ الله يا عُمَرُ [وقال] "البحتري": وما هذه الأًيَّامُ إلاًَّ مَنَازِلٌ فَمِنْ مَنْزِلٍ رحْب إلى مَنْزلٍ ضنكِ وقد هذَّبَتكَ النَّائباتُ وإنَّما صفَا الذَّهبُ الإبريزُ قبلكَ بالسَّبْكِ أما في رسول الله "يُوسف" اُسوةٌ لمثلكَ محبُوساً على الظُّلم والإفكِ أقام جميل الصبَّر في السَّجْنِ بُرْهةً فآل بهِ الصَّبرُ الجميلُ إلى المُلك قال "العُتْبىَّ" سألت أعرابياً عن الهوى فقال: هو أظْهَرُ من أن يخْفى، وأخفْى من أن يُرى، فهو كالنار الكامنة في الحجر الأًكْدرَ، إن قدحتهُ أورى، وإن تركتهُ توارى. قال بعض الفلاسفة: لم أر حقاً أشبه بباطل، وباطلاً أشبه بحق من العشق، هزلُهُ جدُّ، وجدُّهُ هَزْلٌ، أوَّلُهُ لعبٌ، وآخرُهُ عَطَبٌ. قيل لحكيم: ما المنفعةُ في الولد؟ فقال: يُستْعْذبُ به العيشُ، ويهون به الجزء: 1 ¦ الصفحة: 23 الموتُ. قيل: لاعبن ابنك سبلعاً، وعلَّمْهُ سبعاً، وجالس به إخوانك سبعاً، بَيْنٌ لك أخْلفَ هو بعدك أم خلَف. قال "جعفر بن محمد": البناتُ حسناتٌ، والبنون نعمٌ، فالحسناتُ مثابُ عليها، والنعم مسئولٌ عنها. قيل لبعض الزُّهَّاد: لو تزوجت فربما يكون لك ولد، قال: كفى بالتزهيد فيه قول الله تعالى: {أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ} . قيل ليعض الصيادين: ما أكثر ما يقع في شبكتك؟ فقال: الطُّيرُ الزَّاقُّ؛ فقيل: هلك المُعيُونَ. عيَّر رجل ابنه بأُمه، فقال: هي والله خيرٌ لي منك، لأنها أحسنت لي الاختيار فولدتني من حُرَّ، وأَسأْت الاختيار فولدتني من أمة. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الوالدُ بابٌ من أبواب الجَّنة فاحفظ ذلك الباب". (1) قال رجل لابنه: يا بُنىَّ.. ما أطسب الثكل، قال: اليُتْمُ أطيب منه يا أبتى! مد أعرابيٌ رجلاً فقال: ذالك من شجر لا يُخْلفُ ثمره، ومن ماء لا يخافُ كدرُه.   حديث صحيح. أخرجه الترمذي (1901) ، وأحمد (5/196) ، (6/445) ، والطيالسي (2/34) ، وابن حبان (2023) ، والحاكم (4/152) وصححه، وأقره الذهبي. [الدار] الجزء: 1 ¦ الصفحة: 24 [قال] "حبيب بن أوس الطائي": فُرُوعُ لا تَرِفَّ عليكَ إلا شَهِدْتَ لَها على طيبِ الأرُوم. وفي شَرَفِ الحَديِثِ دَليلُ صدْقٍ لمُخْتبر على الشَّرف القَديم قال النبي صلوات الله عليه وسلامه - من خطبة خطبها على ناقته العضباء: "أيها الناس ..... كأن الحقَّ فيها على غيرنا وجبَ، وكأن الموت فيها على غيرنا كُتبَ، وكأن من نُشَيَّعُ من الأموات سفْرٌ عما قليل إلينا راجعون، نُبَّوئُهمُ أجداثَهُمْ نأكلُ تراثهم كأنَّا مخلدون بعدهم". (1) قال علي - رضي الله عنه -: إنكم في أجل محدود، وأمل ممدود، نفس معدود، ولابد أن يتناهي. وللأمَلِ أنْ يُطْوى، وللنَّفس أن يُحصى. أنشد "العُتبىُّ" وقد وقف بمقبرة: سقيًا روعيا لأقوامٍ لنا سَلَفُوا أَفْناهُمُو حدثَانُ الدًّهْرِ والأَبَدُ   (1) حديث ضعيف، اخرجه أبو نعيم (3/202) في الحلية، وابن عدى (1/384) ، (7/81) في الكامل، وابن حبان (1/97) في المجروحين، والبراز كما في المجمع (10/229) ، وأنظر الكلام على أسانيده في تنزيه الشريعة (2/322) ، والميزان (7983) ، ولسان الميزان (4/418) . [الدار] الجزء: 1 ¦ الصفحة: 25 نمدُّهًمْ كلَّ يومٍ من بَقيَّتنا ولا يؤوبُ إلينا منهُمُ أحدُ قال رجل لأبي الدرداء: ما بالنا نكرهُ الموت؟ فقال: لأنكم أخربْتُمْ آخرتَكُمْ، وعمَّرتُمْ دُُنياكمْ، فأنتم تكْرهُون أن تُنْقلُوا من العُمران إلى الخراب. قيل: لما دَنفَ "المأمون" أمر أن يُفرش له جُلٌ وجعل يتمرَّغُ فيه ويقول: يا من لا يزول مُلْكُهُ، أرحم من قد زال مُلْكُهُ. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تُظْهر الشماتَةَ بأخيك، فيعافه الله ويبتْليك". (1) قال أمير المؤمنين علي - رضي الله عنه - لرجل أصيب في ولده: إن صبرت جرى عليك القدرُ وأنت مأجورٌ، وإن جزعْتَ جرى عليك القدر وأنت مأزورلإ. قيل في قوله الله تباارك وتعالى: {هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} أي في السلطان والسَّفَلِ. قال "حسانُ بن ثابت" ل "الحرث بن أبي شمر الغساني: أبيت الَّلعْنَ ... إن النُّعمان بن المنذر يُساميك، ووالله إن قَفَاك أحسن من وجهه، وشمالك خير منيمينه، وإن عدَتَكَ أحضرُ من نقده، وغَدَكَ أوسعُ من يومه، وكرسيك أرفع من سريره، وأمك أشرفُ من أبيه. قيل: كان "لعبد الله بن عمير" سبعون ذكراً كلهم يطيقون حمل السلاح. تفاخر رجلان وتراضيا بأبي العيناء فحكَّماهُ، فقال: أنتما كما قال الشاعر:   (1) حديث ضعيف. أخرجه الترمذي (2508) ، أبو نعيم (5/186) في الحلية، والخطيب (9/96) في تاريخه، وأنظر الكلام عليه في: المغنى (3/184) للعراقي، الفوائد (265) للشوكاني، واللآلى (2/228) للسيوطي، وتنزيه الشريعة (2/369) لأبن عراق [الدار] الجزء: 1 ¦ الصفحة: 26 حِمَارا عَبَادِىَّ إذا قِيلَ نََبَّنا بشرَّهما يَوْماً يَقُولُ كلاهُما [وقال] شاعر: إذا كُنتَ لا تُرجى لدَفْعِ مُلمَّةٍ ولم يَكُ في المعرُوفِ عنْدكَ مَطْمعُ ولا أنْتَ ممن يُستعانُ بجاهه ولا أنْتَ يوم الحشْرِ مِمَّنْ يُشفَّعُ فعيشُكَ في الدُّنيا وموتُكَ واحدٌ وَعُودُ خلالٍ من وصالك أنْفَعُ قيل لبرز جمهر: ما السعادة؟ قال: أن يكون للرجل ابنٌ واحدٌ، فقيل: الزواحد يُخشى عليه الموت. قال: لمْ تًسألْنى عن الشَّقاوة. غضب رجلٌ على مولاه فقال: أسألُك بالله إن عملت أني لك أطْوَعُ منك لله، فاعف عني عمفا الله عنك، فعفا عنه. دخل ذو ذنْبٍ على سُلطان فقال: بأي وجه تلقاني، فقال: بالوجه الذي ألقى به الله وذُنُبي إليه أكثرُ، وعقابُهُ أكبر، فعفا عنه. قيل: استعمالُ الِحْلمِ مع اللئيم، أضرُّ من استعمال الجهْلِ مع الكريم. ومنه قول أبى الطيب: وَوَضْعُ النَّدى في موْضِعِ السَّيْفِ بالعُلا مُضرٌّ كَوضَعِ السًّيْفِ في موْضعِ النَّدى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 27 قيل: أجعل لكل كلب كلباً يهر دونك، فالعرْضُ لا يُصانُ بمثل سقيهٍ يصُولُ، وحادٍ يقول. قيل: العدوُّ عدوان، عَدُوٌّ ظلمتهُ، وعدو ظلمك؛ فإن اضطرك الدَّهرُ أن تستعين بأحدهما فاستعن بالذي ظلمك، فإنه أحرى أن يُعينك، لأن الذي ظلمتهُ موتورٌ. قلت: والظالمُ أقوى على الإعانةِ من المَظْلُومِ. قيل: لا يُتَّى العدوُّ القوىُّ بمثل الخضوع له، فإن الريح العاصف يقْلعُ الأشجار لتأبَّها، ويسلمُ منه النَّبات للينه. [وقال] "ابن نُبَاتَة السَّعدى": وإذا عَجَزْتَ عن العَدُوّ فدَاوِهِ وامزُج له إنَّ المزاج وِفَاقُ فالنَّارُ بالماءِ الذي هو ضدُّها تُعطي النَّضاج وطَبْعُها الإحْرَاقُ قيل: ليس بعد العداوة الجَوْهَريَّة صُلحٌ وإن اجُتهد، فليس لبماء - وأن أطيل إسخانُهُ - بُممْتَنِعٍ من إطفاء النار إذا صُب عليها. دخل [عثمان] على اين مسعود - رضي الله عنهما - عائداً فقال: ما تشتكي؟ قال: ذنوبي. فقال: وما تشْتهِي؟ قال: رحمه ربي، فقال: ألا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 28 ندعو لك طبيباً، فقال: ما منعتني قبل اليوم فلا حاجة لي فيه اليوم. قال: فدعه لعيالك. قال إني علمتهم شيئاً إذا راعَوهُ لم يفْتقروا، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من قرأ كل يومٍ وليلةٍ الواقعةَ لم يفتقر أبداً". (1) دخل "بمَختيشُوع" على "يحيى بن خالد" بعقبِ حُمَّى فقال له: توقَّ فإن حُمَّى ليلة تأثيرها في البدن سنة، وعنده وكيعٌ، فقال: صدق، فقال يحيى: ما أقْرب تصْديقَكَ إياهُ، فقال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "حُمى ليلة كفاًّرةُ سنةٍ" (2) ؛ فعلمت أن هذا كما قال. كتب "علي بن القاسم. بلغني من حال رمدٍ عرض لهُ ما أظلم ناظرى، وأرمد خاطرى، وأذهلني عن كُلَّ مٌهمًّ، وصغَّر في عيني كل مُلمٍ. [قال] عبد الله بن المعتز: قال: اشتكتْ عينُهُ، فقُلْتُ لَهُمْ: من كثْرَةِ القتْلِ مسَّها الوصبُ حُمْرتُها من دماء منْ قَتَلَتْ والدَّمُ في النَّصل شاهدٌ عَجَبُ   (1) حديث ضعيف. أخرجه أبو يعلى، وابن أبي أسامة كما في المطالب (3765) ، والبيهقي (2498) ، (2499) ، (2500) في شعب الإيمان، وابن السنى (674) في عمل اليوم والليلة، أنظر الكلام عليه في: السلسلة الضعيفة (291) ، المغنى (246) ، المشكاة (2181) للتبريزى. [الدار] (2) حديث ضعيف. أخرجه القضاعي في مسنده "الشهاب" كما في المغنى (4/281) للعراقي، وقال: من حديث ابن مسعود بسند ضعيف. قلت: وضعه الذهبي في الطب النبوي (ص 155) ، وقال ابن القيم (34ص) في "الطب النبوي": روى في أثر لا أعرف حاله. وأخرجه موقوفاً من لاكم أبي الدرادء، البيهقي (9869) في الشعب بسند فيه ضعف [الدار] الجزء: 1 ¦ الصفحة: 29 قال طبيب لمريض: لا تأكل السمكَ ولا اللحمَ، فقال: لو كانا عنْدي ما مرضْتُ!! مرض أمير المؤمنين "علي" - رضي الله عنه - فدخل إليه الناس فقالوا كيف تجدُكَ؟ قال: بشرًّ، قالوا: هذا كلام مثْلكً، فقال: أجل إن الله يقول: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً} فالخيرُ: الصحة، والشرُّ المرضُ. خرج صفي الله يطوف بالمدينة ليلاً فمر بامرأةٍ من نساء جُنْدهِ وهي تقولُ: تطاوَلَ هذا اللَّليلُ وازورَّ جانبُهْ وأرَّقنى إلاَّ ضجيعٌ ألاعبُهْ فوالله لولا الله والنارُ بَعْدَهُ لحرك من هذا السَّرير جوانبُهْ ثم تنفَّسًتْ وقال: هان على ابن الخطاب وحْشتي في بيْتيِ، وغيَبْة زوجي عني؛ فلما أصْبحَ بَعَثَ إليها نفقةً وكتب إلى عاملهِ بردَّ زوْجها، ثم سأل ابنَتَهُ حَفْصةَ: كم تصبر المرأةُ عن الرَّجل؟ فقالت: أربعةُ أشهرٍ. قال "جاليُنوسُ" من كان له رغيف فليجعل نصفه في النرجس، فإنه راعى الدماغ، والدَّماغ راعى العقل. قال "الحسين بن علي" - رضي الله عنهما -: جاءني رسول الله - صلوات الله عليخ وسلامه - وبكلتى يديهْ وردةٌ، وقال: "إنهُ سيَّدُ رياحين أهل الجنة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 30 ما خلا الآس". (1) ذكر البطيخُ فقال بعضهم: هو فاكهةٌ وأدْمٌ، وحَلْواء، وأَشْنَانُ، وعِنْدَ العَدَمِ قعب للمُدَامِ، ويُطلى به في الحَّّمام، وبه فًسَّر أزكى طعامٍ. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما من رجل يغْرسُ غرْساً، أو يَزْرَعُ زَرْعاً فيأكلُ منْهُ إنسان أو طائر أو بهيمة إلا كان له به صَدَقَةً". (2) قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "أكْرموا النَّخْلَةَ فإنها عمتُكُمْ". (3) وصف "خالد بن صفوان" النخْلَ فقال: هُن الراسخات في الوحْل، المُطْعمات في الَمحْلِ، تخرج أسفْاطاً عظاماً، وأوساطاً كأنها مُلئتْ رياطاً، ثم تتَفرَّى عة قضبان الُّجين منْطُومةً بالؤلؤ الزينِ، فيصيرُ ذهباً أحْمرَ منظْوماً بالزَّبرْجد الأخْضرِ، ثم يصيرُ عسلاً في لحاء مُعلقاً في الهواء. ذكر التفاح في حضْرة "المأمون" فقال: في التُّاح الصفرةُ الدُّرَّيَّةُ، والحُمْرةُ الذَّهبيَّةُ، وبياض الفضَّة، ونورُ القمرِ، يلذها من الحواسَّ ثلاث: العْينُ بلونها، والأنف بعرفْها، والفمُ بطعْمها.   (1) حديث ضعيف جداً. أخرجه البيهقي (5604) في شعب الإيمان، والطبراني في الأوسط، وأبو تعيم في "الطب النبوي"، والديلمى (3482) في الفردوس [الدار] . (2) حديث صحيح. أخرجه البخاري (3/135) ، ومسلم (1553) ، وأحمد (3/147، /299، 234) ، والترمذي (1382) ، والدارمى (2/269) في سننه، والبيهقي (6/137، 138) في سننه الكبرى [الدار] . (3) حديث موضوع. أخرجه العقيلى (4/256) في الضعفاء الكبير، وابن عدى (6/431) في الكامل، وأبو يعلى، كمت في المجمع (5/39، 89) ، وابن أبي حاتم، وأبن السنى، وأبو نعيم كلاهما في "الطب النبوي" كما في الدر المنثور (4/269) ، وأنظر الكلام عليه في السلسة الضعيفة _263) . [الدار] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 31 قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "رفُعَ عن أُمَّتي الخطأ والنسيانُ". (1) [قال] أحمد بن أبي قين: أحِينَ كَثَّرتَ حُسَّادى وساءَهُمُ ... جميِلُ صنُعْك بي أَشْمتَّ حُساّدي فإن تكن هَفْوة أو زلَّه عرضَتْ ... فأًنْتَ أَوْلى بتَقْوِيمي وإرشادى انقطع "عبد الملك" عن أصحابه، فانتهى إلى أعرابي فقال: ما تقولُ في عبد الملك؟ قال: ظالمٌ جارٌ بارٌ، فقال: ويحك، أنا عبد الملك، فقال: لا حياك الله ولا بيَّاك، أكلتَ مال الله وضيعت حرنتهُ، فقال له: ويْحَكَ أنا اضُرُّ وأنْفعُ، قال: لا رزقني الله نفْعك ولا آمنني ضركَ! فلما وصل إليه خيْلُهُ علم صدقهُ، فقال: يا أمير المؤمنين، أعزَّ الله بك الدين، أكتم على ما جرى؛ فالمجالسُ بالأمانة. غضب "عبد الملك" على رجل فلما أتى به قال: السلام عليك يا أمير المؤمنين، فقال: لا سلم الله عليك، فقال الرجل: ما هكذا أمر الله إنما قال: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} فعفا عنه. أتى "معنُ بن زائدة" بأسرى فأمر بضرب أعناقهم، فقام غلام منهم   (1) حديث صحيح. أخرجه ابن ماجه (2045) ، والحاكم (2/198) وصححه وأقره الذهبي، وابن حبان (9/174) من حديث ابن عباس. وأخرجه الطبراني (1430) في الكبير من حديث ثوبان، وفيه ضعيف. وروى عن أبيذر، وابن عمر، وأبي بكرة، وأم الدرداء، وأنظر: إرواء الغليل (1/123، 124) . [الدار] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 32 وقال: ناشدتُك الله. ألا تقلتنا ونحن عطاش، فقال: أسقوهم، فلما شربوا قال: ناشدتُك الله ألا تقتل ضيفانك؛ فخلى سبيلهم. قال "المأمون" لأحمد بن أبي خالد وهو يخْلُفُ الحسن بن سهلٍ: رأيت أن أستوزِرك لها الولىُّ، ويخافنى بها العدو، فما بعد الغابات إلا الآفاتُ. قيل: إذا أقْبلت الدنيا على إنسان أعارتْهُ محاسن غيره، وإذا أدْبرتْ عنه سلبتْهُ محاسن نَفْسِهِ!! قال "ابن المقَفَّع": كثْرةُ المنى يُخْلقُ العقْل، ويطرد القناعة، ويُفسدُ الحس. قال بعض الصوفية: إن العنايات لا تضر معها الجنايات. [قال] محمد بن أمية: أقْطَعُ الدَّهْرَ بظَنٍ حسنٍ وأُجلَّى كربةَّ لا تنْجلى كلَّما أمَّلتُ صالحاً عرض المكروهُ دون الأمل وأرى الأيّام لا تُدْنى الذى أرتجى منك وتُدنْى أجلى قعد "ابن أبي عتيق" يوماً وقال: ليت لنا لحماً فنطبخ "سكباجاً" فما لبث أن جاءهُ جارٌ بصحفة فقال: أًعْطُونا قليل مرق، فقال: جيراننا يشمون رائحة الأمانى. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أخْوفُ ما أخافُ على أُمَّتي: الهوى، وطُولُ الأمل، أما تالهوى فيعدلُ عن الحقَّ، وأمَّا طُولُ الأملِ فيُنسي الآخرةَ". (1)   (1) حديث ضعيف جداً. أخرجه ابن عدى (5/185) في الكامل، وفي سنده علي بن أبي علي اللهبي من المتروكين، وقد صح موقوفاً من قول علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -. [الدار] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 33 قدم وفد بنى تميم على "عبد الملك" وفيهم "عمرو بن عُتْبةَ" فقال: يا أمير المؤمنين نحن من تعْرفُ، وحقنا لا يُنكرُ، وجئْناكَ من بعيدٍ، ونمتُّ بقريبٍ، وما تعطينا من خيرٍ فنحن أهلُهُ، وما ترى بنا من جميل فأنْتَ أصْلُهُ؛ فضحك عبد الملك وقال: يا أهل الشام هؤلاء قومي وهذا كلامهم. كان يجرى على "أبي العيناء" شيء، فاخر عنه، فتقاضى به مراراً ثم تركهُ، وقال: لا حاجة لي فيه، فإنه رق لا رزق، ويلاء لا عطاء، ومحنة لا منْحَة. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله يبغضُ من عباده البذئ الفاحش السائل المُلْحِفَ" (1) في كتاب الهند: لا يُكْثرنَّ الرجل على أخيه في المسألة، فإن العجْل إذا أَفْرط في مصَّ أُمَّه نطَحْتهُ ونحَّتْهُ. في كتاب الهند: ثلاثةُ تزيد في الأُنس: التَّزاورُ في الرجال، والمؤاكلة والمحادثة. دخلة علوىُّ على "أبي السائب" فنظر إلى إبريق، فقال: هبْهُ لي، فقال: لستُ أسْتغْنى عنه، فقال: هبْ لي هذا الطست، فقال: هو من جهاز أُمَّي فأنا أتبَّركُ به، فقال: هب لي تلك المنارة، فقال "أبو السائب": صلوات الله على المسيح إذ لم يترك في أُمتَّه ولداً يؤذيهم.   (1) حديث صحيح. أخرجه أحمد (5/202) والطبراني (399) ، (405) في الكبير من حديث أسامة بن زيد، والبيهقي (6202) ، (6203) في الشعب من حديث أبي هريرة، وله شواهد كثيرة، أنظر بعضها في السلسة الصحيحة (1320) [الدار] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 34 قيل: من ثقُل عليك بنفسه، وعمك بسؤاله، فوله منك أذنا صمَّاء، وعيناً عمياء. قيل: كان الأحنف لجاريته "زَبَرَةَ" فقيل له في ذلك، فقال: كيف لا أطيع من لي إليه كل يوم حاجة. قال لقمان: شيئان لا يحمدان إلا عند عاقبتهما: الطعام والمرأة، فالطعام لا يُحْمد حتى يُسْتمرأ، والمرأة لا تُحْمد حتى تموت. تزوج رجل سيئ الخُلق امرأة فقال: أما أنا سيئ الخُلق فإن كان بك صبرُ على المكروه وإلا فلست أغرك من نفسي فقالت: أسوأ خلقاً من أحوجك إلى سُوء الخُلق، فتزروجها فما جرى بيتهما وحشة حتى فرق بينهما الموتُ. قال "شُرَيح" تزوجت امرأة صغيرة، فلما بنيت بها، قالت: عرفني خُلُقك لأُحسنَ مداراتكَ فعرفتها، فبقيت سنة معها يزداد شغفي بها، فلما كان بعد سنة دخلتُ يوماً فإذا عجوزٌ قاعدةٌ، فسألتها عنها، فقال: هي أُمي، فدعت وقالت: كيف رضاك عن صاحبتك، فشكرتها، فقالت: أسوأ ما تكون المرأة خلقاً إذا حظيتْ عند الزوج، وإذا ولدتْ، فإن رابك شيء فعليك بالسوْطِ، فقلت: أشهد أنها ابنتك جزاك الله خيراً لقد كفيتني الرياضَةََ. طلق رجل امرأة، فلما أرادت الارتحال عنه قال: اسمعي وليسمع من حضر، إني والله اعتمدتُك برغبةٍ، وعاشرتك بمحبةٍ، ولو يوحد منك زلة، ولم يدخلني منك ملة، ولكن القضاء كان غالباً. فقالت المرأة: جُزيت من صاحبٍ ومصحوب خيراً، فما استرثتُ خيرك، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 35 ولا شكوتُ ضيرك، ولا تمنيْتُ غيرك، ولم أرد إليك شرها، ولم أجد لك في الرجال شبهاُ، وليس لقضاء الله مدفع، ولا من حُكْمه مُمْتنع، ثم افترقنا!! قيل: ينبغي لذي المروءة أن يكون مع الملوك مُبجَّلاً، ومع النُساك متبتَّلاً، كالفيل: إما أن يكون مركباً نبيلاً، أو في البرية مهيباً جليلاً، وقد نظم بعض الشعراء هذا المعنى فقال: إذا ما لم تَكٌنْ مَلكَّا مُطاعاً فكن عَبداً لمالِكِهِ مُطيعاً وإنْ لم تأْنكَ الدنيا جميعاً كما تَخْتارُ فارتكها جميعا كمِثلِ الفيلِ إما عنْدَ مَلْك وإمَّا في مراتِعِهِ منيعا قال "عبد الملك" لأعرابي: ما تشتهي؟ فقال: العافية والخمول، فإني رأيتُ الشر إلى ذي النَّباهة سريعاً، فقال: ليتني سمعت هذه الكلمة قبل الخلافة. [قال] اليزيدىُّ: ومَا العيشُ إلاَّ في الخمولِ مع الغِنَى وافية تَغْدو بها وتَروحُ قيل: الغُلوُّ في العلو مُؤدَ إلى أوضْعِ الضعة قيل لابن المقفَّع: ألا تطلبُ الأمور العظام، فقال: إن المعالى مشوبة بالمكاره، فاقتصرتُ على الخمول ضناً بالعافية. ومثله قول العتَّابيَّ: دَعينى تَجينى مَتِيَّتى مُطمئنَّةًّ ولم أتحشًّمْ هولََ تلك المواردِ فإنَّ جسيماتِ الأمورِ مَنُوطهٌ بُمستودعاتٍ في بُطُون الأساور الجزء: 1 ¦ الصفحة: 36 قيل لحكيم: ما الشيء الذي لا يستغنى الإنسان عنه في كل حالٍ؟ فقال: التَّوفيق. [أنشد] شاعر: ولو أنَّني أُعطيتُ من دهري الُمنى ... وما كُلُّ من يُعطْى المنى بمسدَّدِ لقلتُ لأيامٍ مَضَيْنَ ألا ارجعى ... وقلتُ لأيامٍ أتَيْنَ ألا ابعدى [قال] الخُبْزارزِىُّ: أستودعُ الله أحباباً فجعتُ بهم بانوا وما زَوَّدوني غير تعْذيِب بانوا ولم يَقْضِ زيدٌ منهمُ وطراً ولا تقضَّتْ حاجةٌ في نفسِ يَعْقُوبِ [قال] العباس بن الأحنف: لو كُنتِ عاتبةً لسكَّن عَبْرتى أملى رضاك فزرت غير مراقب لكن مَلََلتْ فلم تَكُنْ لي حيلةٌ صدُّ الملول خلافُ صدَّ العاتب! [وقال] علي بن جبلة: نَزَفْتَ دَمعى وأزْمعتَ الفِراق غدا فكيف أَبْكىِ ودَمَعُ العَيْن مَذْروف واسوأتى من عُيون العاشِقين غداً إذا رحلتَ ودمعُ العينِ مكفوف [وقال] الحسن بن وهب: إبكِ فما أكثر نفع البُكا والحبُّ إشفْاقٌ وتَعْليلُ فَهْوَ إذا أنت تأمَّلْتهُ حزنٌ على الخدَّين محلولُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 37 كتب "عبد الله بن العباس" إلى "أحمد بن يوسف": جُعلْتُ فداك، لا أدرى كيف أصنعُ فأشتاقُ، ثم نلتقى فلا نَشْفى، يجدد لي اللقاء الذي يطلب الشفاء حرقة مثل لوعة الفُرْقَةِ. ْ [وقال] كشاجم: وليلُكَ شَطْرُ عُمْرِكَ فاغتنمه ولا تذهب بنصفِ العُمْرِ نَوما قال رسول الله - صلوات الله عليه وسلامه - " من آتاخ الله جَدًّا أعارهُ عقلاً، وإذا سلب جدًّهُ استرجع عقله". (1) وقال - صلوات الله وسلامه عليه -: "اعصِ هَواكَ والنَّساءَ وأفعل ما شِئْت". (2) وقال عليه أفضل الصلاة والسلام: "ثلاثٌ مهلكاتٌ: شُحٌّ مطاعٌ، وهوىً مَّتبعٌ، وإعجاب المرء بنفسه". (3) بعث ملكٌ إلى عابد: ماك لا تخدمني وأنت عبدي؟ فأجابه: لو أعتبرت لعلمت أنك عبد عبدي، لأنك تتبع الهوى فأنت عبده، وأنا أملكُهُ فهو عبدي.   (1) حديث موضوع. ولا بصح في العقل حديث، قال أبو حاتم، وابن حبان، والعقيلي. وقال ابن القيم (ص/25) في المنار: أحاديث العقل كلها كذب [الدار] . (2) لم أقف عليه [الدار] . (3) حديث حسن. أخرجه الزار (80) ، وأبو نعيم (2/343) في الحلية، والدولابى (1/151) الكنى، وابن عبد البر (1/143) في جامع بيان العلم، والبيهقي (731) في شعب الإيمان من حديث أنس، وأخرجه البزار (82) ، وأبو نعيم (3/219) من حديث ابن عباس، ومن حديث ابن أبي أوفى أخرجه البزار (83) ، ومن حديث ابن عمر، أخرجه الطبراني في "الأوسط"، وهو حسن بمجموع تلك الطرق. [الدار] الجزء: 1 ¦ الصفحة: 38 قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من أراد الله به خيراً فقَّههُ في الدّينِ وعرَّفَهُ معايب نفْسه". قال علي - رضي الله عنه - ما هلك امرؤٌ عرف قدرهُ. قال رجل لمُعر: أتحب أن تهُدى إليك عيوبك، قال: أما من ناصح فنعم، وأما من شامت فلا. قيل: من أعجب الأشياء: جاهلٌ يسلمُ بالتهور، وعالم يهلك بالتوقىَّ. مر الشعبي بإبل قد فشا الجربُ فقال لصاحبها: أما تُداوى إبلك، فقال: إن لنا عجُزاً نتَّكلُ على دُعائها، فقال: لا بأس أن تجعل مع عائها شيئاً من القطران. [وقال] شاعر في المعنى: لا يَغُرَّنَّكَ في مجْ لسه طولُ سُكُوتِ ومسابيح أُديـ رَتْ فيد يديهِ بخفوتِ لو يشا زوَّجَ ضبًّا حُسْنَ تأليف بحوتِ إنه طبُّ بإخرا ج قعيداتِ البُيُوتِ ويقودُ الجمل الصعـ ب بنسجِ العنكبوتِ قال سهل بن هارون: ثلاثةُ يعودوُن إلى حال المجانين، السكرانُ والغيْران والغضبانث، فقال بعض أصحابه: فما تقول في الُمنْعظِ؟ ، فقال: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 39 وما شرُّ الثلاثة أمَّ عمر بصاحبك الذي لا تَصْحّبينا [وقال] ابن الرومي: لها حر تستعيرُ وقدته من قلب صبًّ وصدر ذي حنق يزداد ضيقا على المراس كما تزداد ضيقا أنشوطةُ الوهق خطب "سويدُ بن منْجوف" خطبة طويلة لصلح رامهُ، فقال له رجل: أنت منذ اليوم ترعى غير مرعاك، أفلا أدُلُك على المقال؟ فقال: بلى، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد؛ فإن الصلْحَ بقاءُ الآجال، وحرمُ الأموال والسّلام فلما سمع القوم تعانقوا وتواهبوا الدَّيَّات. كتب "نصْرُ بن سيّارٍ" في أمر "أبي مُسلمٍ" صاحب الدولة: أرى خللَ الرَّماد وَمِيْضَ نارٍ ويوشك أن يكون لها ضرامُ فإن النار بالعودين تُزْكى وإن الحَرْبَ أولُها كلامُ لأقول من التعجب ليت شعْري أأيقاظ أُميَّةَ أم نيامُ فإن يك قومُنا أمسوا نياماً فقل هُبُّوا فقد آن القيام قصد الإسكندر موضعاً فحاربتْهُ النساء فكف عنْهُنَّ، فقيل له في ذلك، فقال: هذا جيشُ إن غلبناه فما لنا فيه فخْرٌ وإن غلبنا فذلك فضيحة آخر الدهرِ. قال علي - رضي الله عنه - يوم الجنل: إن الموت طالبٌ حثيثٌ لا يُعْجزه المقيمُ، ولايفلتُهُ الهارب، إن لم تُقْتلوا تموتوا، وإن أشرف الموت القتْلُ. قال "المتوكَّلُ" لأبي العيناء: إني لأفرق من لسانك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 40 فقال: يا أمير المؤمنين، ذو فروقة وإحجام، واللئيم ذو وقاحة وإقدام. قيل لرجل: لم لا تغزو؟ فقال: إني أكره الموتَ على فراشٍ، فكيف أركُضُ إليه برجلي! قيل: رأس العجز أن تُقيم، وأن تخيم فلا تريم، فمن طلب جَلَبَ، ومن تنقل تَبَقَّل، ومن جال نال، ومن سار مار، ومن سعى رعى، ومن لزم المنام رأى الأحلام. [قال] أبو العتاهية: المرُ يَغْلَظُ في تصرُّفِ حالِهِ فلرَّبما اختارَ العنَاَءَ على الدَّعه كلٌّ حاول حيلةً يرجوُ بها دفعَ المضَّرة واجتلاب المْنفَعه قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يُنادى منادٍ كل ليلة: اللهم أجعل لمنفقٍ خلفا، ولممسك تلفا". (1) لما استوزر "علي بن عيسى" ورأى اجتماع الناس عليه تمثل بقول أبي العتاهية: ما النَّاس إلا معَ الدُّنْيا وطالبها فكيفما انْقَلَبَت يَوْماً به انقلبوا يُعظَّمون أخَا الدَُنبا فإن وَثَبَتْ عليه يوْماً لا يَشتْهي وَثَبُوا قيل: ما من خصلةٍ تكون للغنى مدْحاً إلا وتكون للفقير ذماً، فإذا كان   (1) حديث صحيح. أخرجه البخاري (1442) بنحوه، ومسلم (7/65 نووى) ، وأحمد (2/519) ، وأبو نعيم (2/233) في الحلية. [الدار] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 41 حليماً قيل: ذليل، وإن كان شجاعاً قيل: أهوج، وإن كان لسِناً قيل مهْذارَ. [قال] عروةُ بنُ الورد: ذَريتى للغنى أَسْعى فإنّي رأيتُ النّاسَ شرُّهُمُ الققيرُ كان الحسن إذا رأى المساكين قال: هؤلاء مناديلُ الخطايا. قال "عمرو بن العاص": لأن يسقط ألف من العلْيةِ، خير من أن يرتفع واحدُ من السفلة. أصيب رجل من قريش بمصيبة فلما دخل عليه القوم يعزونه أطرق ساعةً ثم رفع رأسه وأنشد: وما أَنا بالمخصوصِ من بَيْنِ من رأى ولكن أتتنى نَوبَتىٍ في النًَّوائِبِ ثم أقبل على القوم وقال: ما منكم أحد إلا رأيتنى أعزيه، وما أنا إلا مثلكم. قال رسول الله - صلوات الله عليه وسلامه - "منْ أصابْهُ مصيبةٌ فليْكُرْ مصينتهُ بي". (1) وجد على قبر مكتوب: تَعزَّكم لك من أُسْوةٍ تُبَّردُ عَنْكَ غَليلَ الحَزَنْ بموتِ النَّبيَّ وقَتْلِ الوَصىَّ وذَبْحِ الحُسَيْنِ وسَمَّ الحَسَنْ لما مات إبراهيم ابن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كُسفت الشمس؛ فقال الناس: إن   (1) حديث ضعيف. أخرجه العقيلى (3/465) في الضعفاء الكبير، وابن السنى (584) في عمل اليوم عن عطاء مرسلاً. وأخرجه ابن عدى (7/168) في الكامل، وابن السنى (583) عن بريدة مرفوعاً بسند ضعيف. [الدار] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 42 ذلك لموته فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا يكسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتموها هكذا فافزعوا إلى الدعاء". (1) [قال] أبو فراس الحمداني: لابُدَّ من فقدٍ ومن فاقِدِ هيهات ما في النَّاسِ من خالِدِ كن المعزَّى لا المعزَّي به إذا كان لابُدَّ من الواحِد قيل لأعرابي وجد البرَدَ: إنما تجد هذا البَرَدَ لكون الشمس في العقرب، فقال: لعن الله العقرب، فإنها مؤذيةٌ في الأرض كانت أم في السماء! روى ابن عباس - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "عُرَامَةُ الصَّبيَّ في صغره زيادهٌ في عقله". (1) قيل إبليس - لعنه الله: ثلاث من كن فيه أدركت منه جاجتي: من استكثر علمه، ونسي جُرْمهُ، وأُعْجبَ برأْيه. قيل للإسكندر: إنك تعظم مؤدبك أكثر من تعظيمك لأبيك، فقال: إن أبي سبب حياتي الفانية، ومؤدبى يبب حياتي الباقية. سأل الرشيد جلساءه: من أكرم الناس خدماً؟ فقالوا: أمير المؤمنين، فقال: لا، بل الكسائي! فقد رأيته يخدمه "الأمين" و"المأمون" وليا عهد الخلافة. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ثلاثة لا ينجو منهن أحدٌ: الظَّنُّ، والحَسَدُ، والطيَّرةُ، فإن ظننت فلا تُحقَّق، وإذا حسدت فلا تبغِ، وإذا تَطَيَّرت   (1) حديث صحيح. أخرجه البخاري (2، 44، 46، 49) ، مسلم (907) ، (911) ، ومالك (186) ، (187) في الموطأ، وأحمد (3/318) ، و (4/122) ، وأبو داود (1177) ، والنسائي (3/126، 130، 141) ، وابن ماجه (1261) وغيرهم [الدار] , (2) حديث ضعيف. أخرجه الحكيم في نوادر الأصول (ص/238) ، وأبو مسى المدينى في أماليه كما في الكنز (30747) ، والديلمى كما في الفيض (4/310) . وأنظر: ضعيف الجامع (3699) [الدار] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 43 فامضِ". (1) قال بزرجمهر لكسرى وعنده أولاده: أي أولادك أحب إليك؟ فقال: أرغبهم في الأدب، وأجزعُهُمْ من العار، وأنظرهم إلى الطبقة العُلْيا. دخل "محمد بن عبد الملك بن صالح" على "المأمون" حين قبض ضياعَهُمْ وهو صبيٌ أمردٌ فقال: السلام علكم يا أمير المؤمنين، قال: كم أنت؟ قال: سليلُ نعمتك، وابن دولتك، وغصنٌ من أغضان دوْحتكِ، أًتَأْذَنُ في الكلام؟ قال: نعم، فتكلم بكلام حسنٍ فقضي حوائجهُ. قيل: لأنوشروان: ما بال الرجل يحمل الثقيل فيحملهُ، ولا يحتمل مجالسه الثقيل؟ فقال: لأن الحمل يشترك فيه الأعضاء، والثقيل ينفردُ به الروح. [قال] أبو فراس بن حمدان. قيل لبعضهم: أي المجالس أطيبُ؟ فقال: لولا أن الشمس تحرق والمطر سكرتُ من لَحْظِهِ لا من مُدَامتِهِ ومال بالنَّوْم عن عيني تمايُلُهُ وما السُّلافُ دهتنى بل سوالفُهُ ولا الشَّمولُ ازدهَتَنْنى بل شمائلُهُ لوَّى بعقلىَ أصداغٌ لوين له وغال صبريَ ما تحوى غلائلُهُ يغرقُ، لما كان في الدنيا أطيب من شربٍ في الفضاء على وجه السماء.   (1) حديث حسن. أخرجه الطبراني (3227) في الكبير من حديث بن النعمان، وفيه إسماعيل بن قيس من الضعفاء، وأخرجه البيهقي (1173) في الشعب في حديث أبي هريرة، وفيه يحيى بن السكن من الضعفاء، وأخرجه عبد الرزاق (19504) في مصنفه عن إسماعيل بن أمية مرسلاً وأخرجه البغوي. (3536) في شرح السنة عن علقمة بن أبي علقمة مرسلاً، وله طريق أخرى عن أبي هريرة أخرجها ابن أبي الدنيا في "ذم الحسد" كما في المعنى (3/183) للعراقي، وغند ابن أبي الدنيا في الكتاب السابق، مرسل عبد الرحمن بن معاوية. وبمجموع تلك الطرق لا ينزل الحديث عن درجة الحسن ... والله أعلم. [الدار] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 44 قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يُقيمنَّ رجلٌ رجلاً من مجلسه ثم يجلس فيه، ولكن تفسحوا وتوسعوا". قال الأحنف: ما جَلَسْتُ مجلساً خفْتُ أنْ أُقام منه لغيري. قال الشعبيُّ: لأن أُدعى من بعيد أحبُّ إلى من أن أقصى من قريب. قال "أرسطاطاليس" للإسكندر: أحفظ ما أقول لك: إذا كنت في مجلس الشرب فليكن مذكراتك الغزلُ، فإنهم يأنسُون إلى ذلك، وإن جلست إلى خاصتك فأذكر الحكمة فإنهم لها أفهم، وإذا خلوت للنوم فأذكر العفة فإنها تمنعك أن تضع النُطْفَةَ فيما لا معنى له. أعتلَّ "الفضل بن سهل" بخراسان ثم برأ فدخل عليه الناس يهنَّئونهُ بالعافية فقال: إن في العلة نعماً ينبغي للعالق أن يعرفها، تمحَّصُ الذنب، والتعرضُ للثواب، والإيقاظ من الغفلة، والإذكار بالنعم في حال الصحة، والاستدعاءُ للتوبة، والحض على الصدقة، وفي قضاء الله - تعالى - وقدره الخيارُ. دخل الحسن بن علي - رضوان الله عليهما - على عليل قد أَبَّلَ. فقال: إن الله تعالى أقالك فاشكره، وذكرك فأذكره. كتب "ابن المعتز" إلى عليل" آذن الله بشفائك، وتلقى داءك بدوائك، ومسحك بيد العافية، ووجه إليك وافد السلامة، وجعل علتك ماحيةً لذنوبك، مضاعفة لثوابك. دخل رجل على مريض فقال لأهله: آجركم الله، فقيل إنه لم يمت، فقال:   (1) حديث صحيح. أخرجه البخاري (8/175) ، ومسلم (2177) ، وأحمد (2/22، 124) ، وعبد الرزاق (19793) في مصنفه، والدارمي (2/282) في سننه. [الدار] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 45 يموتُ إن شاء الله!! قيل: إذا كان الطبيب حازقاً، والعليل عاقلاً، والقيَّم فهماً، فأجدرْ بالداء أن يزول. لسعت عقرب رجلاً، فقال أعرابيٌ: عندي دواؤه، فقيل له: ما هو؟ فقال: الصياحُ حتى الصباح. [وقال] شاعر: حاول جَسيماتِ الأمور ولا تَقُلْ إنَّ المحامِدَ والعُلا أَرْزَاقُ وارغب بنفسكَ أن تكون مقصّراً عن غايةٍ فيها الطَّلاب سباقُ قال معاوية لابنه: كن مترفعاً عن الناس، متستراً منهم. قال أعرابي: خرجت في ليلة بهيمة، فإذا أنا بجارية كأ، ها علمٌ فراودتها، فقالت: أما لك زاجرٌ من عقل إن لم يكن لك ناهٍ من دين؟! قلت: إنه والله لا يرانا إلا الكواكب، قالت فأين مُكوكبها؟! [أَنْشَدَ] شاعرٌ: بيْضٌ أَوانسُ ماهَمَمْنَ بريبةٍ كظباءِ مَكَّةَ ًصيدهُنَّ حرامُ يُحْسبْنَ من لينِ الكلامِ زَوانيا ويصدُّهُنَّ عن الخنا الإسلام مر عبد الله بن جعفر بامرأة عليها ثياب مطيَّبَةٌ، وهي قاعدةٌ على باب دارها وفي يدها مسبحة، فقال: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 46 ما التسبيح في يدك بمشابه لحالك، فأنشدت: وَلله منَّى جانبٌ لا أُضيعُهُ وللهو منَّى والبَطالَةِ جانبُ قال مُزَبَّد لامرأته وقد رآها مع رجل: ويحكما هلا غلقُتما الباب، أليس لو رآكما غيري لافتضحتما؟!!! قال "الرقاشي" في "دعبل": لدعبلِ حُرْمة يمت بها فَلَسْتُ حتّى المماتِ أَنْسَاها اَدْخَلَنا دارَهُ فَأكْرمَنا ودَسَّ امرأتهُ فنلناها فلما أنشد دعبل ذلك قال: لو قال المتخَّلفُ: فعفناها، لكان أبلغ في الهجاء، وأعف له! وقال دعبل في الرقاشي: إِن الرقاشيَّ مَنْ تَكَرُّمِهِ بلَّغَهُ الله مُنْتَهى كَرَمه يَبْلُغُ من برَّه ورأفَتِهِ حملانُ إِخوانِهِ على حُرَمِه قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الحبَّ والعداوةُ يتوارثَانِ" (1) [قال] علي بن الجهم: بلاءٌ ليس يشبهُهُ بلاءُ عداوةُ غَيْرَ ذي حَسَبٍ ودين ينيلُك مِنْهُ عِرْضَّا لم يصُنْهُ ويرتعُ منك في عِرْضٍ مصُون سئل بعضهم عن بني العم فقال: هم أعداؤك: قال ابن المقفع: الحسد والحرص دعامتا الذنوب؛ فالحرص أخرج آدم من الجنة، والحسد نقل إبليس عن جوار الله.   (1) حديث ضعيف: أخرجه الطبراني (17/189، 190) في الكبير، والحاكم (4/176) وصححه، فتعقبه الذهبي بقوله: المليكى واه، وفي الخبر انقطاع. [الدار] الجزء: 1 ¦ الصفحة: 47 قيل: لا تُعاد أحداً؛ فإنك لن تعدم مكْر حليم، أو مفاجأة لئيم. قيل: لا يجبُ للعاقل أن يجترَّ العداوة لنفسه، كما أنهُ لا يجب لصاحب الترْياق أن يشرب السمًَّ اتكالاً على أدويته. روى أن سليمات بن داود. عليهما السلام. سأل الله تبارك وتعالى أن يعلمَهُ كلماتٍ ينتفع بها، فأوحى إليه أني معلَّمك ستَّ كلمات: لا تغتابنَّ عبادي، وإذا رأيت أثر نعمتي على عبدٍ فلا تحسُدْهُ .... قال: ربَّ حسبي لا أقوم بهاتين. قال النبي - صلوات الله عليه وسلامه -: "تُرْفَعُ أعمالُ العباد فتعرضُ على الله في كل يوم جُمُعةٍ؛ فَيغفرُ للمستغفرين، ويرحم للمسترحمين، ويترك أهل الحقد بغلهم". (1) قيل: الفضل لمن نبذ الحسد، وأراح الجسد، ولزم الجَدَدَ. قال الأحنف: إذا أردتم الحظوة عند النساء، فافحشوا في النكاح وأحسنوا الخلق. نظر "الحسن" إلى رجل ذي زىًّ حسنٍ، فيقل: هو ضراط يكسب بذلك المال، فقال: ما طلب أحدٌ الدنيا بما تستحقه سواه. حضر "ابن دوشاب" الفقيه مجلس الصاحب منه بادرة فاشتدَّ خجله، فقال الصاحب: قل لابن دوشابٍ لا تَخْرُجْ على خَجَلٍ من ضَرْطَةٍ أشبهتْ ناياً على عُودِ فإنَّها الرَّيحُ لا تَسطِيعُ تَحبسُها إذْ أنتَ لَسْتَ سليمان بن داود   (1) حديث ضعيف. أخرجه ابن عدى (6/449) في الكامل، وإسناده مسلسل بالضعفاء. [الدار] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 48 قال "الجُنيدُ البغدادي" حضرت "أبا عبد الله الأُشَناندانىِّ" وكان ضريراً فقرأ القارئ: {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} فقال: سقط عني نصْفُ العمل. أصاب أعْوَرَ ومدٌ فقال: ياربَّ ليس على محْمِلٌ. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله يسألُ العبد عن جَاهِهِ كما يسألهُ عن ماله وعُمره، فيقول: جعلت لك جاهاً، فهل نصرت به مظلوماً، أو قمعت به ظالماً، أو أعنت به مكروباً؟ ". (1) [وقال] حبيب بن أوس الطائيُّ: وإذا امرؤٌ أسدى إليكَ صنيعةً من جاهِهِ فكأَّنها من مالِهِ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إنما أمهل فرعون مع ادعائِهِ الربوبيَّة لسهولة إذْنِهِ وبذْل طعامِهِ". (2) قال النبي- صلوات الله عليه وسلامه -"السخيُّ، قريبٌ من الله، قريبٌ من النَّاس، قريبٌ من الجَنَّة. والبخيلُ بعيدٌ من الله، بعيدٌ من الناسِ، قريبٌ من النّار". (3) قال الحسن بن سهل رأيت جملة البُخلِ سوءُ الظنَّ بالله، وجملةَ السخاءِ حسنُ الظنَّ بالله.   (1) حديث ضعيف، تفرد به الديلمى كما في الفردوس (548) . [الدار] (2) لم أقف عليه. [الدار] (3) حديث ضعيف جداً. أخرجه الترمذي (1961) ، وابن حبان في "روضة العقلاء" (ص/246) والعقيلي (3/117) في الضعفاء الكبير، وقال: ليس لهذا الحديث أصل، وابن عدى (3/403) في الكامل، وأنظر الكلام عليه في السلسة الضعيفة (154) ، والمغنى (3/240) للعراقي، والعلل (2352) ، (2353) لابن أبي حاتم. [الدار] الجزء: 1 ¦ الصفحة: 49 قالت امرأة لابنها: إذا رأيت المال مقبلاً فأنفق، فإنه يُحتَملُ، وإذا رأيتهُ مدبراً فأنفق فذهابهُ فيما تريدُ أجدى من ذهابه فيما لا تُريد. [وقال] شاعر: لا تَبْخَلنَّ بدُنْيا وَهْىَ مُقْبِلة فلَيْسَ ينقُصُها التَّبْذيرُ والسَّرَفُ وإنْ تولَّتْ فأَحْرَى أَنْ تَجُودَ بها فالشُّكْرُ منها إذَا ما أَدْبَرتْ خَلَفُ [وقال] "محمود الوراق": وقالوا ادّخر ما حُزْتَهُ وَجَمِعْتَهُ لعَقبِكَ إنَّ الحَزْمَ أَدْنى من الرُّشد فقلت: سأُمضيِهِ لنفسي ذَخِيرةً وأجعلُ رَبَّي الذُّخْرَ للأهلِ والولَدِ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الطَّيرَةُ في الدَّارِ، والمرأة، والفرس". (1) قيل: إن كسرى أراد كاتباً لأمر أعْجلهُ، فلم يوجد غير غلام يَصْحَبُ الكُتَّابَ، فدعاه وقال: ما أسمك؟ فقال: مهرماه، فقال: أكتب ما أُملُّ عليك، فكتب قائماً احسن من غيره جالساً، ثم قال أكتب في نحو الكتاب من تلقاء نفسك، ففعل وضم إلى الكتاب رقعة فيها: إن الحرفة التي وصلتْنىِ بسيدي لو وُكلْتُ فيها إلى نفسي لعجزتُ أن أبلغَ لها، فإن رأى أن لا يَحُطَّنى إلى ما هو دونها فعل؛ فقال كسرى: لقد أحب مهْرماه أن لا يدع في نفسه لهفةً يتلهف عليها بعد إمكان الفُرْصَةِ، قد أمرنا له بما سأَلَ. سأل المأمون "الحسن بن سهل" عن البلاغة؟ قال: ما ففهه العامةُ ورضيَةُ الخاصَّةُ. سئُل جعفر بن يحيى عن أوجز كلام، فقال: قول سليمان عليه السلام في   (1) حديث صحيح. أخرجه أحمد (2/289) ، (6/150/240/246) ، والحاكم (2/749) وصححه، وأقرع الذهبي، وأنظر الكلام عليه في السلسة الصحيحة (993) [الدار] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 50 كتابه إلى سبأ: {إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (30) أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ} فجمع في ثلاثة أحرف: العنوان، والكتاب، والحاجة. أمر المأمون عمرو بن مسعدة أن يكُتبَ كتاباً في مَعنْىًّ به، فكتب: كتابي كتاب واثق بمن كتبت إليه، مَعْنىًّ بمن كتبت له، ولن يضيع بين الثَّقَةِ والعناية مُوصِلُهُ. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ارحموا ثلاثةً: عزيزَ قوم ذلَّ، وغنىَّ قوم افتقرّ، وعالماً بين جُهَّالٍ". (1) قيل: لما غرقت البصرةُ وكان الناس يستغيثون خرج الحسن ومعه قصعة وعصا وقال: نجا المخفُّون [وقال] شاعر: خُلُقَانِ لا أَرْضَى طريقَهُما بَطَرُ الغِنى وَمَذَلَّةُ الفَقْرِ فإذا غَنِيتَ فلا تَكُنْ بَطِراً وإذا افتقَرْتَ فَتِه على الدَّهْرِ [وقال] صالح بن عبد القدوس: الله أحمدُ دائماً فبلاؤه حَسَنٌ جميلُ أصبحت مسروراً معاً في بين أنعُمِهِ أجولُ   (1) حديث ضعيف. أخرجه ابن حبان (2/188) من حديث أنس، وأخرجه (3/74) أيضاً في المجروحين من حديث ابن عباس، والخطيب (1/43) في الفقيه والمتفقه، ولا يصح مرفوعاً، وإنما الصحيح من كلام الفضسل بن عياض، أنظر: المقاصد الحسنة (89) ، إتحاف السادة (8/559) . [الدار] الجزء: 1 ¦ الصفحة: 51 خلْواً من الأحزان خَفَّ الظهر يَقْنَعُنىِ القليلُ حُرّاً فلا مَنٌ لمخـ لوقٍ علىّ ولا سبيلُ ونَضَيْتُ بليأسِ الُمَنى عَنَّى فطابَ لىَ المقيل قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن لك شريكين، والوارث، فلا تكنْ أخَسَّ الثلاثة نصيباً". (1) استشار رجل "الشَّعبىَّ" في التزويج فقال: إن صبرت على الباءة فاتق الله ولا تتزوج، وإن لم تصبر فاتق الله وتزوج. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "خيرُ النَّساء التي إذا اعطيت شكرت، وإن حرمت صبرتْ، تسركَ إذا نظرت وتطيعك إذا أمَرْتَ" (2) قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "احتفظُوا بنطفكم فالعرقُ نزَّاعٌ". (3) قيل: أي النساء أشهى؟ قال: التي تَخُرجُ من عندها كارهاً، وترجعُ إليها والهاً. جاءت امرأةٌ إلى الحسن وقالت: أتَفْتى الرجال أن يتَزَوَّجْنَ على النساء؟ فقال: نعم. فقالت: على مثْلي؟ وكشفت قناعها عن وجهٍ كالقمر، فلما وَلَّتْ قال   (1) حديث ضعيف. تفرد بد الديلمى (16147) كما في الطنز من حديث ابن عمرو - رضي الله عنه -. [الدار] (2) حديث صحيح. أخرجه أحمد (2/251، 432) ، والنسائي (2/68) والطيالسى (2325) ، والحاكم صححه، وأقره الذهبي، كلهم من حديث أبي هريرة، وليس فيه زيادة "أذا أعطيت شكرت، وإذا حرمت صبرت". [الدار] (3) حديث ضعيف؟ أخرجه ابن عدى (7/72) ، والديلمى (2291) من حديث أنس، وابن عدى (5/242) من حديث عائشة، وأبو موسى اتلمدينى في كتاب "تضيع العمر والأيان" من حديث ابن عمر كما قال العراقي في المغى (2/42) ولا يصح منها شيء. تنبيه: صح قوله - صلى الله عليه وسلم -: "تخيروا لنطفكم" مختصراً، أنظر: السلسة الصحيحة (1067) [الدار] الجزء: 1 ¦ الصفحة: 52 الحسنُ: ما على رجلٍ مثل هذه في زاوية بيْتهِ ما أقبل عليه من اتلدُّنيا وما أدبر. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "شَوْهاءُ ولودٌ، خيرُ من حسْناء عقيمٍ". (1) قيل لأعرابي: أي النساء أكرمُ؟ قال: التي في بطنها غُلامٌ، وفي حجرها غلامٌ، ولها مع الغلمان غُلامٌ. قال عبد الملك: من أراد النَّجابة فبناتُ فارس، ومن أراد الباءة فبنات بَرْبَرْ، ومن أراد الخدمة فبنات الرُّوم. [قال] "أبو سعيد الرستمىُّ": فَدَتْ غازلات الشعر أبكارَ فارسٍ وإن وكَّلَتْ بي هجرها وَبِعادهَا إذَا نَصَّت السمان فَوْقَ رؤسها وأرسَلَنْ من تلك القُرُونِ جِعادَها من اللائى لم تزجرُ مبيداً وهجمة ولم تَتَلَفّحّ بالعَشىَ بجادَها ولَمْ اتَّبعْ العِرابِ وأُدِمَها ولم أَتَشوَّف جُملها وسُعَادها غوانى فَيافٍ لا أُريدُ وِصَالَها وَوَحْشُ قِفارٍ لا أُريد اصطِيادَها قال خالد بن صفوان: " إنما الدنيا متاعٌ، وأفضل متاعهل زوجةٌ صالحةٌ". قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "طلبُ العلم فريضةُ على كلَّ مسلمٍ". (2)   (1) حديث ضعيف. أخرجه الطبراني (19/416) في الكبير برقم (1004) وقال الهيثمي في المجمع (4/258) : فيه علي بن الربيع، وهو ضعيف، وقال العراقي في المغنى (2/27) : لايصح. [الدار] . (2) صح مرفوعاً. أخرجه مسلم (1467) ، وغيره [الدار] . (3) حديث ضعيف. أخرجه ابن ماجه (224) ، والطبراني (10/240) في الكبير، و (1/16) في الصغير، وابو نعيم في الحلية (8/323) . [الدار] الجزء: 1 ¦ الصفحة: 53 قال علي - رضي الله عنه -: قيمةُ كلَّ امرئ ما يُحْسنُهْ. قال عبد الملك بن مروان: اطلبوا معيشة لا يقدرُ سلطانٌ جائرٌ على أخذها وغصبها، فقيل: ما هي؟ قال: الأدب. قال علي - رضي الله عنه -: عملٌ قليل في علم خيرٌ من جهلٍ. [قال] علي بن عبد العزيز القاضي: ولم أَبْتَذِلْ في خدمةِ العِلْمِ مُهْجَتىِ لأخدمَ من لاقيتُ لكنْ لأُخْدما ولو أنَّ أَهْلَ صانْوه صانهُمْ ولو عظَّمُوهُ في النّفوسِ لعُظَّما ولكن أهانُوه؛ فهانوا، ودنَّسُوا مُحَيَّاهُ بالأطماع حَتَّى تَجَهَّما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما مَنَحَ والدٌ ولداً أفضْل من أدبٍ حسنٍ". (1) قيل: بادروا بتأديب الأطفال قبل الإشتغال وتفرُّق البالِ. نظر رجل إلى فيلسوف يؤذب شيخناً، فقال له: ما تصنع؟ قال: أَغْسِلُ حبشيًّا لعلَّهُ يَبْيَضُّ!. قال سقراط: ما أَثْبَتَتْهٌ الأقلام، لم تطْمَعْ في درسه الأيام. قيل: العلوم ثلاثة: علم الدين لمعادكم، وعلم الطب لأبدانكم، وعلم الهندسة لمعاشكم. قال الجاحظ: لا يزال المرء في فسحة من عقله ما لم يقلْ شعراً، أو يُصَنّفْ كتاباً.   (1) حديث ضعيف. أخرجه الترمذي (1952) ، وأحمد (4/77) ، والحاكم (4/263) ، والبيهقي (3/84) في سننه الكبرى، وابن عدى (5/86) ، وأنظر الكلام عليه في السلسلة الضعيفة (1121) . [الدار] الجزء: 1 ¦ الصفحة: 54 قال رسول الله - صلوات الله وسلامه عليه -: "من أعان ظالماً سلَّطَهُ الله عليه" (1) وصف اليوسفى غلاماً، فقال: يفهم المراد باللَّحظ كما يفهمه باللََّفْظ، ويُعَايِنُ في الناظر ما يجرى في الخاطر، يرى النصح قَرْضاً يجب أداؤه، والإحسان ديناً يلزمُ قضاؤُهُ، إذا استفْرَغَ في الخدمة جهدد خُيَّلَ إليه أنه بذلَ عفْوَهُ، أثْبَتُ من الجدار إذا استُمهل، وأسرعُ من البرق إذا استُعْجلَ. قال رجل الأحنف: إن قلت واحدة لتسمعن عشراً، فقال الأحنف: لئن قلت عشراً لم تسمع واحدة. قال معاوية: إني لآستْحيى أن أظلم من لا يجدُ علي ناصراً إلا الله. قال رسول الله - صلوات الله عليه وسلامه -: "من ظلم في شبرٍ من أرض طوَّقَهُ إلى سبع أرضين يوم القيامة". (2) قال المُنْتصرُ: والله ما عز ذو باطلٍ ولو طلع القمرُ من بين عَيْنَيْهِ، ولا ذل ذو حق ولو أصْفق العالمُ عليه. قيل للإسكندر: أي شيء لأسرُّ لك؟ قال: مكافأة من أحسن إلى بأكثر من إحسانه، وعفوى عمن أساء بعد قُدْرتى عليه. قال الفضل بن مروان لرجل عاتَبَهُ: بلغنى أنك تَيغضُنى، فلم ينكر الرجل عليه ذلك وقال له: أنت كما قال الشاعر:   (1) حديث موضوع. أخرجه ابن عساكر في "تاريخه"، وأنظر: المقاصد الحسنة (1063) ، والسلسلة الضعيفة (1937) . [الدار] . (2) حديث صحيح. أخرجه البخاري (2453) ، (3195) ، ومسلم (1612) ، وأحمد (1/187) ، (6/64، 79) ، وأبو داود (4772) ، والترمذي (1421) ، والنسائي (7/115) ، وابن ماجه (2580) [الدار] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 55 فَإنَّك كالدُّنيا نهابُ صُرُوفَها ونوسِعُها ذماًّ ونحنُ عبيدُها [قال] ابن أبي عُيَيْنَةَ: إذا نحن أُبْنا سالمين بأنفُس كرام رَجَتْ أمراً فَخَابَ رَجاؤُها فأَنْفُسَنا خيرُ الغنيمةِ إنَّها تؤوب وفيها ملؤُها وَحَياؤُها قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: لو قنعَ النَّاس بأرزاقهم قُنُوعهم بأوطانهم ما شكا عبد رزقه. قيل: ثلاثة يخبّلْنَ العقل: الخصومة الدائمة، والدين الفادح، والمرأة السليطة. قال حكيم: من ذا الذي بلغ جسيماً فلم يَبْطَرْ، واتبع الهوى فلم يَعْطَبْ؟ وجاور النساء فلم يُفْتَنن؟ وطلب إلى اللئام فلم يهُن؟ وواصل الأشرار فلم يندم؟ وصحب السلطان فدامت سلامته؟!! قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "منهومان لا يشبعان: طالب علمٍ، وطالب دنْيا". (1) قيل: ثلاثة تَضُرُّ بأربابها: الإفراط في الأكل اتكالاً على الصحة، والتفريط في المل اتكالاً على القدرة، وتكلفُ ما لا يطاق اتكالاً على القوة. قيل: عشرة يقبحُ في عشرة: ضيق الذرع في الملوك، والغدر في الأشراف، والكذب في القُضاة، والخديعةُ في العلماء، والغضب في الأبرار، والحرص في الأغنياء، والسفهُ في الشيوخ، والمرض في الأطباء، والتَّهزَّى في الفقراء،   (1) حديث صحيح. أخرجه ابن أبي خيثمة (141) في العلم، والطبراني (10388) في الكبير والحاكم (1/92) وصححه، وأقره الذهبي، وغيرهم. [الدار] الجزء: 1 ¦ الصفحة: 56 والفخرُ في القُرَّاء. قيل: أربعٌ القليل منها كثير: الوجعُ، والنَّارُ، والدَّين، والعداوةُ. روى أن مجوسياً دخل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسادة حشوُها ليفُ من تحته وطرحها له، وأقبل عليه يحدَّثُهَ، فلما نهض قال له "عمر": إنه مجوسيٌ فقال - - صلى الله عليه وسلم -: "قد علمت، ولكن جبريل يأمُرُنى أنْ أكرم كريم قوم إذا أتانى، وهذا كريُم قومه وسيدُهُمْ". (1) قال الشعبي: ركب زيد بن ثابت فدنا منهُ عبد الله بن العباس ليأخُذ بركابه؟ فقال: ما تفعلُ يا ابن عمَّ رسول الله؟ فقال: هكذا أمرنا أن نفعل بعلمائنا، فقال زيد: أرنى يدك، فقبلها وقال: هكذا أمرنا أن نفعل بأهل بيت نبينا. قال زيادٌ لابنه: إياك وصدر المجالس، فإنه مجلس قُلعَةٍ. قيل: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أَفْكه الناس. قالت عجوز من الأنصار للنبي - صلى الله عليه وسلم - أدع لي بالجنة، فقال: "إن الجنَّةَ لا يدخُلُها العُجز" فبكت المرأة فضحك - صلى الله عليه وسلم - وقال: أما سمعت قول الله تعالى: {إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً (35) فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا (36) عُرُبًا أَتْرَابًا} . (2) قال علي - رضي الله عنه -: ثلاث راجعات على أهلها: المَكْرُ، والنَّلَثُ   (1) لم أقف عليه بلفظه. ولكن في الباب مرفوعاً: "إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه" حسنه الألباني وغيره، أنظر الصحيحة (1205) . [الدار] (2) حديث ضعيف. أخرجه الترمذي (240) في الشمائل، والطبراني (17/180) في تفسيره، وعبد بن حميد، وابن المنذر، والبيهقي كما في الدر المنثور (6/158) عن الحسن مرسلاً، وفي الباب عن عائشة مرفوعاً، ولا يصح، كما في المجمع (10/419) . [الدار] الجزء: 1 ¦ الصفحة: 57 والبغيُ. ثم تلا قول الله تعالى: {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ} ، {فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ} ، {ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ} . قيل لبعض الفلاسفة: من الذي لا عيب فيه؟ قال: الذي لا يموت. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "سافروا تَصِحُّوا". (1) كان بشْرُ الحافي - رحمة الله عليه - يقول لأصحابه: سيحُوا في الأرض، فإن الماء إذا ساح طاب، وإذا وقف تغيَّر. دخل "أبو السائب" على المتقى وقد بنى دارهُ، فقال: كيف ترى؟ قال: {تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُورًا} . نظر "الحسن" إلى قصور المهالبة فقال: يا عجباً، رفعُوا الطين، ووضعوا الدينَ، وركبوا البِرْذَوْنَ، واتخذوا البساتين، وتشبهوا بالدَّهاقِين، {فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ} . [وقال] شاعر: أَمَا في بلادِ الله بابٌ يُؤَدَّينى إلى سُبُلِ النَّجاح بلى في الأرض متَّسَعٌ عريضٌ ولكنَّى منُعتُ من البَرَاح   (1) حديث ضعيف. أخرجه أحمد (2/380) ، والطبراني في "الأوسط" كما في المجمع (5/324) ، والبيهقي (7/102) في سننه الكبرى، والخطيب (10/387) في تاريخه، وأنظر الكرم عليه في العلل (2430) لابن أبي حاتم، والسلسلة الضعيفة (254) . [الدار] الجزء: 1 ¦ الصفحة: 58 وما يُغْنىِ العُقَاب عيانَ صَيْدٍ إذا كان العُقَابُ بلا جَنَاحِ قال "أبو نواس": دخلت دار السلطان بمدينة السلام، فرأيت "أبا دُلَفٍ الكرِجىَّ" متعلقاً ببعض ستائر الخاصةِ وهو يبكى ويقول: طَلَبُ المعاشِ مفرَّقٌ بين الأحبَّةِ والوَطَن ومُصَيَّرٌ جَلَدَ الرَّجا ل إلى الضَّراعَة والوَهَنْ فقلت: أيها الأمير لو عدلت إلى خجرة لأنشدتك بيتين يُسَلَّيانِكَ، فجاء معى فلما جلس وأكل وشرب قال: هات ما عندك، فأنشدتُهُ: إذا كُنْتَ في أَرْضٍ عزيزاً وإن نَأَتْ فلا تُكْثَرِنْ منها تِراعاً إلى الوطَنْ وما هي إلاَّ بَلْدةٌ مثلٌ بَلْدَةٍ وخيرُهُما ما كان عَوناً على الزَّمَنْ فَسُرَّىَ عنه، وخفَّ ما كان بقلبه، وحيانى مالاً جماًّ. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:: مما بقى من كلام الأنبياء، إذا لم تَسْتَحِ فافعلْ ما شئْتَ". [وقال] البَبَّغَا: وأكثرُ من تَلْقى يَسُرُّكَ قوْلُهُ ولكن قليل من يَسُرُّكَ فعْلُهُ وَقَدْ كان حُسْنُ الظَّنَّ بعضُ مَذاهبى فأدَّبنى هذا الزَّمانُ وأَهْلُهُ قال معاوية: السَّفَلَةُ من ليس له فعْلٌ موصوفٌ، ولا نَسَبٌ معروفٌ.   (1) حديث صحيح. أخرجه البخلاي (3483) ، (6120) ، وأحمد (4/121، 122) ، وأبو داود (4776) ، وابن ماجه (4183) وغيرهم. [الدار] الجزء: 1 ¦ الصفحة: 59 روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا يحلَّ لأحدٍ أن يُقَبلَ يد رجل إلا من أهل بيتى أو يد عالم". (1) [قال] أبو القاسم بن العلاء: يُقَبَّلُ صيْدُ النَّاسِ أَعْنابَ بابه ويعظمُ منه أًخْمُصٌ وركابُ لَدَى مَلكٍ قد خَطَّ في كل جَبْهةٍ كتابةَ رقًّ والمدادُ تُرابُ دخل "أبو العَمَيثْيل" على "طاهر بن الحسين" ممتدحاً وقبَّلَ يده، فقال: ما أخْشنَ شاربك يا أبا العميثل، فقال: أيها الأمير إن شوك القُنْفُذ لا يضرُّ ببرثُن الأسد، فضحك وقال: إن هذه الكلمة أعجب إلى من كل شعْرٍ، فأعطاه للشعْرٍ ألف درهمٍ، ولكلمته هذه ثلاثة آلف درهم. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من قَدَر على ثَمَنِ دابَّةٍ فليشتريها، فإنها تأتيه برزقها وتعينه على رزقه". (2) قال علي - رضي الله عنه -: عليكم بإناث الخيل، فإن ظهورها عزٌّ، وبطونها كنزٌ. بعث "ابن هُبَيْيرة" إلى "المنصور" في الحرب فقال: بارزْنى، فامتنع، فقال "ابن هُبَيْيرة" لأشهرنك بامتناعك ونكُولكَ عن مبارزتي، فقال "المنصور" إنما مثلي ومثلك في ذلك مثل خنزير قال للأسد: قاتلني، فقال الأسد: لست بكفء لي، ومتى قاتلتُك فَقَتَلْتُك لم يكنْ لي بفخر، فقال الخنزير، لأخبرنَّ السباع بنكولك عني، فقال: احتما تعييرك أيسلاُ من التَّلطُّخِ بدمك. قال أعرابي لرجل: أكتب تعويذاً لابني، فقال: ما اسمه؟ قال: فلان، قال: فما اسم أمه؟ قال: ولم عَدَلْتَ عن اسم أبيه؟ قال: لأن الأُمَّ لا يُشَكَّ فيها،   (1) حديث موضوع. أخرجه ابن الأعرابي (12) ، (13) في القبل بمعناه. [الدار] (2) لم أقف عليه. [الدار] الجزء: 1 ¦ الصفحة: 60 قال: أكتب فإن كان ابني عافاه الله، وإن كان ليس بابني فلا شفاهُ الله. قيل للحسن بن سهل: ما بال كلام الأوائل حُجَّةَّ؟ قال: لأنه مرَّ على الأسماع قبْلنا، فلة كان زَللاً لما تأدَّى إلينا، وما تنْقلُ الرواةُ إلا صحيحاً مُسْتَحْسناً. عُرضتْ جاريةٌ شاعرةٌ على "المهدى" فقال لـ "بشار" امتحنها، فقال: أحمدُ الله كثيراً. فقالت: حين أنشأك ضريراً. فقال بشار: اشتر الملعونة فإنها جاذقةٌ. قيل: من هانت عليه نفسه فلا تَأْمَنَنَّ شَرَّهُ. قال "أبو حكيمة" في امرأة تعرضت له: وضاحكةٍ إلىَّ من النَّقابِ تلاحظُنى بطَرْفٍ مُسْتراب كشفتُ قنَاعها فإذا عَجُوزٌ مسوَّدةٌ الَمَفارِقِ بالخِضَابِ فما زالتْ تُجشَّمُنى طويلاً وتأخذُ في أحاديثِ التَّصابِى فقلت لها: حللتِ بشرَّوادٍ كربِهِ المُجتْنَى قَحْطِ الجَنَابِ كان لرجل ابنه وابن أخ مشغوف بها، وهو يرجو أن يتزوجها، فجاءه خاطب رغبة في الصداق، فقالت الجارية لأمها: ما أحسن أبى، ربي ابن أخيه صغيراً ثم قطعه كبيراً، فقالت: قد كان ذلك قدراً مقدوراً فقالت الجارية: هاهنا سبب، أنا حبلى من ابن عمي، فقالت: ويحك ما تَقُولينَ؟ قال: الحرةُ لا تكذب على نفسها، فأخبرت أباها بذلك، فزوجها من ابن أخيه، فلما وقع العقد قالت: برئت من الإسلام إن رأى وجهى سنةً ليُعْلم أني متقولةٌ فيما أدَّعيْتُ!! قال "الحسن" لرجل استشارة في تزويج ابنته: زوجها من تقى، إن أحبها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 61 أكرمها، وأن أبغضها لم يظْلمهْا. قال المغيرةُ: ما خُدعْتُ كمنا خدعنى غلامٌ من بنى الحارث، فإني ذكرت له امرأة فقال: لا تردها؛ فإني رأيت رجلاً يُقَبَّلُهَا، وذهب فتزوج بها، فقلت له في ذلك، فقال: رأيتُ أباها يقبَّلُها. قيل: لما ظَفرِ "قتيبةُ" بابنة "يزدجرد" تزوج بها وقال لنُدمائهِ: إن ولدها يكون هجيناً، فقالوا: نعم من قِبَلِ الأب. قال "معاوية" لعقيل بن أبي طالب: إن فيكم لشَبَقاً يا بنى هاشم، فقال: أجل، هو منَّا في الرجال ومنكم في النساء. إنَّما الدُّنْيا طعلمٌ مدَامٌ وغُلامٌ فإن فاتَكَ هذا فعلى الدُّنيا السَّلامُ قيل لأبي مسلم صاحب الدولة: لم قَدَّمْتَ الغلام على الجارية؟ فقال: لأنعُ في الطريق رفيقٌ، وفي الإخوان نديمٌ. [قال] الحسن بن هانئ: قال الوشاةُ: بَدَتْ في الخدَّ لحيتُهُ فقلتُ: لا تكثْر وما ذاك عائبه الحُسْنُ على ما كُنْتُ أًعْهدُهُ والشَّعْرُ حرْزٌ له ممَّنْ يطالبهُ وصار من كان يَلْحَى في محَّبته إن سئُلَ عَنَّى وعنْهُ قال: صاحبُهُ لا شيء أنفع للإنسان من المعرفة بقدر ما عنْدَهُ من الفَضْل وحسن الاجتهاد في طلب ما هو مُسْتَحقّ له. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 62 وقال نرسى: الاحتراز من كل أحد أحزمُ رأىٍ. قال "أنوشُروان": كلٌ حسَنٌ ولا صلاح لأحد إلا بالتثُّبت في الاختيار والاعتقاد للخيرة. قيل: ينبغي للعاقل أنْ لا يرى إلا في إحدى ثلاث: تَزَوُّدٍ لمعادٍ أومَرَمَّةٍ لمعاشٍ، أو لذَّةٍ في غيرِ مَحْرَمٍ. تم المجموع بحمد الله - تعالى - وحُسنِ توفيقه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 63