الكتاب: القَولُ البَدِيعُ في الصَّلاةِ عَلَى الحَبِيبِ الشَّفِيعِ المؤلف: شمس الدين أبو الخير محمد بن عبد الرحمن بن محمد السخاوي (المتوفى: 902هـ) الناشر: دار الريان للتراث عدد الأجزاء: 1   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] ---------- القول البديع في الصلاة على الحبيب الشفيع السخاوي، شمس الدين الكتاب: القَولُ البَدِيعُ في الصَّلاةِ عَلَى الحَبِيبِ الشَّفِيعِ المؤلف: شمس الدين أبو الخير محمد بن عبد الرحمن بن محمد السخاوي (المتوفى: 902هـ) الناشر: دار الريان للتراث عدد الأجزاء: 1   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] الكتاب: القَولُ البَدِيعُ في الصَّلاةِ عَلَى الحَبِيبِ الشَّفِيعِ المؤلف: شمس الدين أبو الخير محمد بن عبد الرحمن بن محمد السخاوي (المتوفى: 902هـ) الناشر: دار الريان للتراث عدد الأجزاء: 1 [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] الجزء: 1 ¦ الصفحة: 7 تعريف بالمؤلف: هو: الإمامُ العلَّامةُ الحافظُ / شمس الدين أبو الخير محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أبي بكر بن عثمان بن محمد السخاوي - نسبة إلى سخا شمال مصر - الشافعي، (831 هـ الموافق 1428 - 902 هـ) . مؤرخ كبير وعالم حديث وتفسير وأدب شهير من أعلام مؤرخي عصر المماليك. ولد وعاش في القاهرة، ومات بالمدينة المنورة سافر في البلدان سفرا طويلا وصنف أكثر من مائتي كتاب أشهرها الضوء اللامع في أعيان القرن التاسع ترجم نفسه فيه بثلاثين صفحة. [مولده] ولد شمس الدين السخاوي في ربيع الأول سنة 831 هـ، الموافق 1428م، في حارة بهاء الدين - في تلك الفترة - قريبا من مدرسة شيخ الإسلام سراج الدين البلقيني بالقرب من باب الفتوح - حاليا - بالقاهرة، وبعدها انتقل إلى ملك لأبيه مجاور لمسكن ابن حجر العسقلاني. [نشأته العلمية] بداية؛ أرسله أبوه إلى المؤَدِّب الشَّرف عيسي بن أحمد المقسي الناسخ فأقام عنده فترة قصيرة، ثم نقله أبوه إلى زوج أخته الفقيه الصالح البدر حسين بن أحمد الأزهري أحد أصحاب الشيخ يوسف الصَّفِّي المالكي فقرأ عنده القرآن. بعدها بفترة، توجه به أبوه إلى الفقيه الشيخ الشمس محمد بن أحمد النحريري السعودي الضرير - مؤدب البرهان بن خَضِر والجلال بن الملقِّن وابن أسد وغيرهم من العلماء الكبار في هذا العصر لاستكمال تعلم القرآن وعلوم تجويده، وحفظ منه فوائد ونوادر في الأدب، وقرأ عليه بعض الحديث، وبعدها انتقل بأمر من السعودي الضرير إلى الشيخ الشهاب بن أسد فحفظ عنده كتاب عمدة الأحكام للحافظ عبد الغني المقدسي، وكتاب التنبيه - ألفه عم السخاوي -، وكتاب المنهاج الأصلي وألفية بن مالك وكتاب النخبة، وكذلك قرأ عليه القرآن بقراءة أبو عمرو وابن كثير المقرئ، وكذلك تدرب على القراءة والمطالعة، حتى صار يشارك غالب من يتردد عليه في فهم القرآن والفقه وغيره. كانت من عادة السخاوي أنه كلما حفظ كتابا عرضه على شيوخ عصره لكن لم يأخذ عنهم؛ ومنهم: المحب بن نصر الله البغدادي الحنبلي. الشمس بن عمَّار المالكي. الشيخ النور التلواني - نسبة لتلوانة. الجمال عبد الله الزيتوني - نسبة لمنية الزيتون. الشيخ الزين عُبادة، ومعه الشمس البِسَاطِي، وجده. بعدها حفظ ألفية العراقي وكتاب شرح النخبة وغالب كتاب الشاطبية وبعض كتاب جامع المختصرات، ومقدمة الساوي في العروض وكتب أخرى كثيرة لم يكمل حفظها. بعد ذلك قرأ بعض القرآن علي الشيخ النور البلبيسي - نسبة لبلبيس - إمام الأزهر، وقرأ على الشيخ الزين عبد الغني الهيثمي على رواية بن كثير، وسمع كثيرا من الروايات السبعة والعشرة على الشيخ الزين رضوان العُقْبِي، والشيخ الشهاب السكندري وغيره من مشايخ هذا العصر. بل يقول السخاوي أنه سمع الفاتحة وبداية سورة البقرة على شيخه بقراءة بن أسد وجعفر السنهوري وغيرهما من مشايخ القراءات في هذا العصر. حفظ القرآن وهو صغير، ثم حج في سنة خمس وثمانين وجاور سنة ست وسبع وأقام منهما ثلاثة أشهر بالمدينة المنورة ثم حج سنة اثنين وتسعين وجاور سنة ثلاث وأربع ثم حج سنة ست وتسعين وجاور إلى أثناء سنة ثمان وتوجه إلى المدينة فأقام بها أشهر أو صام رمضان بها ثم عاد في شوال إلى مكة وأقام بها مدة ثم رجع إلى المدينة وجاور بها حتى مات سنة اثنتين وتسعمائة يوم الأحد الثامن والعشرين من شعبان ودفن بالبقيع بجوار مشهد الإمام مالك. يعتبر الإعلان بالتوبيخ لمن ذم التاريخ، كتاريخ للتاريخ الإسلامي فقد سمع السخاوي الكثير عن أستاذه وشيخه الحافظ ابن حجر العسقلاني المتوفى 852 هـ. وقد لازمه أشد الملازمة وحمل عنه ما لم يشاركه فيه غيره. وأخذ عنه أكثر تصانيفه وقال عنه هو أمثل جماعتي. [مؤلفاته] ترك السخاوي تراثا علمياً ناصعاً في الحديث والتاريخ، منه ـ في الحديث: المقاصد الحسنة في الأحاديث المشتهرة على الألسنة. الأخبار المكللة في الأحاديث المسلسلة. الغاية في شرح الهداية. شرح الشمائل النبوية لالترمذي. التحفة المنيفة فيما وقع من حديث أبي حنيفة. فتح المغيث بشرح ألفية الحديث. في التاريخ: الضوء اللامع في أعيان القرن التاسع. التبر المسبوك في ذيل السلوك. بغية العلماء والرواة في أخبار القضاة (ذيل رفع الإصر) . التوبيخ لمن ذم أهل التاريخ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 8 بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحمد لله الذي شرف قدر سيدنا محمد الرسول الكريم، وخصنا بالصلاة عليه، وأمرنا بذلك في القرآن الحكيم، ومَنَّ علينا باتباع هذا النبي الرحيم، وحبب إلينا اقتفاء آثاره في القديم والحديث، وخص أهل هذا الشأن بالخصال الجميلة والفضل الجسيم، وجعلهم أولى الناس برسوله السيد العظيم؛ لإكثارهم كتابة وقراءة وسماعا من الصلاة والتسليم عليه، اللهم صلِ على سيدنا محمد وآله وصحبه أولى الفضل العميم صلاة وسلاماً دائمين يضيء نورهما جنح الليل البهيم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 9 القول البديع في الصلاة على الحبيب الشفيع المقدمة أما بعد فإن الله بقدرته وسلطانه، ورأفته وإحسانه، بعث سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم -، وشرف وركم، الدين القويم، والمنهج المستقيم، والخلق العظيم، والخلق السليم، وارساه رحمة للعالمين، ونجاة لمن آمن به من الموحدين، وإماماً للمتقين، وحجة على الخلائق أجمعين، وشفيعاً في المحشر ومفخراً للمعشر، ومزيلاً للغمة، عن جميع الأمة، أرسله على حين فترة نت الرل فهدى به لا قوم الطرق وأوضح السبل، وأفترض على العباد طاعته وتعزيزه، وتوقيره ورعايته، والقيام بحقوقه، وإمتثال ما قرره في مقهومه ومنطوقه، والصلاة عليه والتسليم، ونشر شريعته بالعلم والتعليم، وجعل الطرق مسدودة عن جنته، إلا لمن سلك طريقه واعترف بمحبته، وشرح له صدره ورفع له ذكره ووضع عنه وزره، وجعل الذلة والصغار على من خالف أمره، فيا سعة من وفق لذلك، ويا ويح من قصر عن هذه المسالك، وصلى الله وسلم عليه، وزاده فضلاً وشرفاً لديه، وكنت بحمد الله في تحصيل سنته ملازماً، وتتبع آثاره وضبطها هائماً، رجاء لحصول الثواب وقصداً لقرع الباب، فيألني بعض الأصدقاء المحبين، من الفضلاء المتعبدين، ممن يتعين إجابة رسول الله، لتحقق فضله وكثرة أفضاله، أن أجمع كتاباً في الصلاة على سيد البشر، استجلاباً من الله للصلات والبشر، يكون عمدة لمن رجع إليه، وكفاية لمن عول عليه، وعدة في الوسائل، وقربة للجميل من الخصائل، ونجاة من أهل الدارين، وأكتساباً الجزء: 1 ¦ الصفحة: 11 للمواهب السنية وما يندفع به الشين، غير مطيل في ذلك بالإسناد، ليسهل تحصيله لأولى التوفيق والسداد، ومعقباً كل حديث بعزوه لمن رواه، مبيناً غالباً صحته أو حسنه أو ضعفه لدفع الأشياء، ذاكرا نبذة يسيرة من الفوائد المأثورة، والنوادر المشهورة، والحكايات المسطورة، مما يتضمن المعنى المذكور، المضاعف لفاعله الخير والأجر، سالك في ذلك كله مسلك الإختصار، دون الهذر والإكثار، فاعتذرت له بمعاذير لم يلتفت إليها، ولا عول في العدول عن مقصده عليها، فعند ذلك أخذت في سبب التقتير عن مدارك قصده، خشية التنفير عن مصادقته ووده، فإذا البحر عميق، والمجا غريق، ومقام النبوة بالفضائل حقيق، ومن قال وجد مكان القول ذا سعة ولكن أين اللسان المطيق المنطيق، وأين العبارة التي تذيق طعم الشفاء ولا تضيق، غير أنها إضافة ونسبة، ورتبة في التصنيف دون رتبة، وعاجز وأعجز، ولو وعد أح من نفيه استيفاء هذا الباب لما أنجز، لكن المرجو من فضل الله ذي المن والجود، أن يكون هذا التأليف إماماً في كثرة الجمع وحائز الجل المقصود، وقد رتبته على مقدمة وخمسة أبواب وخاتمة. أما المقدمة ففي تعريف الصلاة لغة وإصطلاحاً وحكمها ومحلها والمقصود بها وختمتها بنبذة من فوائد الآية الشريفة التي هي أصل الباب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 12 أبواب الكتاب الباب الأول: في الأمر بالصلاة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكيفية ذلك على اختلاف أنواعه والأمر بتحسين الصلاة عليه والترغيب في حضور المجالس التي تصلي فيها عليه وأن علامة أهل السنة الكثرة منها وأن الملائكة تصلي عليه على الدوام وامهار آدم لحوا عليهما السلام الصلاة عليه وأن بكاء الصغير مدة صلاة عليه والأمر بالصلاة عليه لذا صلى على غيره من الرسل وما ورد في الصلاة على غير الأنبياء والرسل والخلاف في ذلك، وختمته بفائدة حسنته في أفضل الكيفيات في الصلاة وفي غير ذلك وفصول سبعة عشر مهمة. الباب الثاني: في نوايا الصلاة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمن صلى عليه من صلاة الله عز وجل وملائكته ورسوله وتكفير الخطايا وتزكية الأعمال ورفع الدرجات ومغفرة الذنوب واستغفارها لقائلها وكتابة قيراط مثل أحد من الأجر والكيل بالمكيال الأوفى وكفاية أمر الدنيا والآخر لمن جعل صلاته كلها صلاة عليه ومحق الخطايا وفضلها على عتق الرقاب والنجاة بها من الأهوال وشهادة الرسول بها ووجوب الشفاعة ورضى الله ورحمته والامان من سخطه والدخول تحت ظل العرش ورجحان الميزان وورود الحوض والامان من العطش والعتق من النار والجواز على السراط ورؤية المقعد المقرب من الجنة قبل الموت وكثرة الأزواج في الجنة ورجحانها على أكثر من عشرين غزوة وقيامها مقام الصدقة للمعسر وأنها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 13 زكاة وطهارة وينمو المال ببركتها وتقضي بها مائة من الحوائج بل أكثر وأنها عبادة وأحب الأعمال إلى الله وتزين المجالس وتنفي الفقر وضيق العيش ويلتمس بها مظآن الخير وأن فاعلها أولى الناس به وينتفع هو وولده وولد ولده بها ومن أهتديت في صحيفته ثوابها وتقرب إلى الله عز وجل وإلى رسوله وأنها نور وتنصر على الأعداء وتطهر القلب من النفاق والصدا وتوجب محبة الناس ورؤية النبي - صلى الله عليه وسلم - في المنام وتمنع من اغتياب صاحبها وهي من أبرك الأعمال وأفضلها وأكثرها نفعاً في الدين والدنيا وغير ذلك من الثواب المرغب للفطن الحريض على اقتناء ذخائر الأعمال وإجتناء الثمرة من نضاير الأمال في العمل المشتمل على هذه الفضائل والمناقب الكريمة والفوائد الجمة العميمة التي لا توجد في غيره من الأعمال، ولا تعرف لسواه من الأفعال والأقوال - صلى الله عليه وسلم - تسليماً كثيرة، وختمته بفصول مهمة. والباب الثالث: في التحذير من ترك الصلاة عليه عندما يذكر - صلى الله عليه وسلم - بالدعاء بالإبعاد والأخبار له بحصول الشقا ونسيان طريق الجنة ودخول النار والوصف بالجفاء وأنه أبخل الناس والتنفير من ترك الصلاة عليه لمن جلس مجلساً وإن من لم يصل عليه لا دين له وغير ذلك وختمته أيضاً بفوائد نفيية. والباب الرابع: في بليغه - صلى الله عليه وسلم - سلام من يسلم عليه ورده السلام وغير ذلك من الفوائد والتتمات. والباب الخامس: في الصلاة عليه صلى الله عليه وآله وسلم في أوقات مخصوصة كالفراغ من الوضوء ونحوه وفي الصلاة وعند إقامتها وعقبها وتأكد ذلك بعد الصبح والمغرب في التشهد والقنوت وعند القيام للتهجد وبعده والمرور بالمساجد ورؤيتها ودخولها والخروج منها وبعد إجابة المؤذن ويوم الجمعة وليلتها وخطبة الجمعة والعيدين والاستسقاء والكسوفين وفي أثناء تكبيرات العيد وعلى الجنازة وعند إدخال الميت في القبر وفي رجب وشعبان وعند رؤية الكعبة وفوق الصفا والمروة والفراغ من التلبية واستلام الحجر وفي الملتزم وعشية عرفة ومسجد الخيف وعند رؤية المدينة وزيارة قبره ووداعه ورؤية اثاره الشريفة ومواطئه ومواقفه مثل بدر وغيرها وعند الذبيحة وعقد البيع وكتابة الوصية والخطبة للتزويج وفي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 14 طرفي النهار وعند أرادة النوم والسفر وركوب الدابة ولمن قل نومه وعند الخروج إلى السوق أو الدعوة ودخول المنزل وأفتتاح الرسائل وبعد البسلمة وعند الهم والكرب والشدائد والفقر والغرق والطاعون وفي أول الجعاء وأوسطه وآخره وعند طنين الأذن وخدر الرجل والعطاس والنسيان واستحسان الشيء ونهيق الحمير وأكل الفجل والتوبة من الذنب وما يعرض من الحوائج وفي الأحوال كلها ولمن أتهم هو بريء وعند لقاء الإخوان وتفرق القوم بعد اجتماعهم وختم القرآن ولحفظه وعند القيام من المجلس وكل موضع يجتمع فيه لذكر الله افتتاح كل كلام وعند ذكره ونشر العلم وقراءة الحديث والإفتاء والوعظ وكتابة اسمه وثواب كتابتها وما قيل فيمن أغفله وغير ذلك صلى الله عليه وآله وسلم وفي أثناء ذلك فوائد حسنة وتنبيهات مهمة. وأما الخاتمة: ففي جواز العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال وما شترط في ذلك وفيها أمور مهمة ثم اسود اسماء الكتب المصنفة في هذا الباب وأبين ما وقفت عليه منها ثم أذكر اسماء الكتب التي أنتفعت بها في هذا التأليف المرجو حصول النفع به في الدارين وقصدت بجعله خمسة أبواب رجاء أن يحفظني الله تعالى في الحواس الخمس وسميته (القول البديع في الصلاة على الحبيب الشفيع) والله اسأل أن ينفع به كاتبه وجامعه وناظره وسامعه وأن يحفني فيه بالإخلاص باطناً وظاهراً ويكون لي في الشدائد والكروب عوناً وناصراً ويحشرني في الزمرة المحمدية، ويرزقني الفهم الصالح في الكتاب والسنة النبوية بمنه وكرمه، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 15 تعريف الصلاة لغة واصطلاحا ً المقدمة في تعريف الصلاة لغة واصطلاحاً وحكمها محلها والمقصود بها أما أصلها لغة فيرجع إلى معنيين احدهما الدعاء والتبرك فمنه: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} ، وقوله وصلاة السول وقوله، {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ} ومنه الصلاة على الجنازة أي الجعاء للميت أنشدوا: وقابلها الريح في دنها وصلى على دنها وارتم قال أبو عمر النميري ومنه قول الأعشى: لها حارس لا يبرح الجهر ينهها وإن ما دعت صلى عليها وزمزما وسمي الدعاء صلاة لأن قصد الداعي جميع المقاصد الحسنة الجميلة والمواهب السنية الرفيعة أولاً وآخراً ظاهراً وباطناً دينا ودنيا بحسب إختلاف السائلين ففيه معنى الجمعية كما سيأتي والله أعلم. والمعنى الثاني، العبادة، ومنه قوله عليه الصلاة والسلام إذا دعى أحدكم إلى طام فإن كان صائماً فليصل وقد فير بالمعنى الأول أيضاً وهو الأكثر وقيل أن الصلاة في اللغة الدعاء وهو على نوعين دعاء عبادة ودعاء مسألة فالعابد داع كالسائل وبهما فير قوله تعالى أدعوني أستجب لكم فقيل أطيعوني أثبكم وقيل سلوني أعطكم وقوله {أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 17 قال ابن القيم: والصواب أن الدعاء يعم النوعين قال وبهذا تزول الإشكالات الواردة على اسم الصلاة الشرعية هل هو منقول عن موضوعه في اللغة فيكون حقيقة شرعية لا مجازاً شرعياً فعلاً هذا تكون الصلاة باقية على مسماها في اللغة وهو الدعاء والدعاء دعاء عبادة ودعاء مسألة والمصلي من حين تكبيره إلى سلامه بين دعاء العبادة ودعاء المسألة فهة في صلاة حقيقة لا مجازاً ولا منقولة ولكن خص اسم الصلاة بهذه العبادة المخصوصة كسائر الألفاظ التي يخصها أهل اللغة والعرف ببعض مسماها كالدابة والرأس ونحوهما فهذا غاية تخصيص اللفظ وقصره على بعض موضوعه وهذا لا يوجب نقلاً ولا خروجاً عن موضوعه الأصلي انتهى. ولما ذكر العلامة اللغوي مجد الدين اختلاف العلماء هل هي الدعاء أو مشتقة من الصلاة بالقصر وهي النار أو الملازمة أو الترحم أو التعظم أو غير ذلك مما ذكر عن الحليمي عقب ذلك بقوله ونحن بتأييد الله وتوفيقه لا نعرج على شيء مما ذكروه وعندنا فيها قول هو القول إن شاء الله تعالى. وذلك أن مادة ص ل وو ل ي موضوعه لأصل واحد وملحوظ لمعنى مفرد وهو الضم والجمع وجميع تفاريعها راجعة إلى هذا المعنى وكذلك سائر تقاليبها كيف ما تصرفت وتقلبت كان مرجعها إلى هذا المعنى وبيان ذلك أن ص ل ومنها الصلاة وسط الظهر من الإنسان ةمن كل ذي أربع وقيل ما أنحدر من الوركين كل ذلك لما فيه من الإنضمام والإجتماع ومنه صلاة بالنار شواه لأنه ينضم ويجتمع اجزاؤه وصلا يده سخنها وادفاها لأنضمام الحرارة إليها وصلاه خاتله وخدعه لأنه ينضم ويجتمع لخدعه كإنضمام الصياد منه الصلاية لمدق الطيب يجمع فيه الطيب والمصلي من أفراس الحلبة يجمع مع السابق والصلاة كنايس اليهود لاجتماعهم فيها ومنها ص ول منه صال على قرنه صولا إذا سطا عليه ووثب إليه والمصولة المكنسة لأنه يجمع بها الكناسة والصيلة بالكسر عقدة في العدبة والمصول شيء يجمع فيه الحنظل وينقع لتذهب مرارته والتصويل كنس نواحي البيدر أي جمع مل تفرق منها. الثالثة: ل وص تقول لا ص لوصا إذل لمح من خلل الباب كالمختفي وكذلك لا وص ملاوصة واللصوص واللواص والملوس الفالوذ لانعقاده وانجماعه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 18 واللواص أيضاً العسل لذلك أو لاجتماعه في الخلية ولا ص حاد عن الطريق كأنه طلب الإختفاء والإجتماع وكذلك ل ي ص. والرابعة: ل ص وو ل ص ي تقول لصاه يلصوه ولصا إليه إذا أنضم إليه لريبة وكذلك لصى يلصى كرمى يرمي ولصى يلصى كرضى يرضي. والخامسة: وص ل وصله وصلا وصله لامه ووصل الشيء ووصل إلى الشيء وصولا ووصلا وصلة بلغه وأجتمع به وأنتهى إليه ومنه الوصيلة الناقة التي وصلت بين عشرة البطن والشاة التي ولدت سبعة أبطن عناقين عناقين فظهر بذلك معنى الضم والجمع في جميع مواد الكلمة فيميت الأفعال المشروعة المخصوصة صلاة لما فيها من اجتماع الجوارح الظاهرة والخواطر الباطنة وإزاحة المصلي عن نفيه جميع المفرقات والمكدرات وجمعه جميع المهمات المجتمعات للحاظر المسكنات أو لاشتمالها على جميع المقاصد والخيرات وكونها أصل العبادات وأم الطاعات انتهى. وتستعمل الصلاة بمعنى الاستغفار أيضاً ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم - أني بعثت إلى أهل البقيع لأصلي عليهم إنه فير في الراوية الأخرى أمرت أن أستغفر لهم وتستعمل بمعنى البركة ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم - اللهم صل على آل أبي أوفى وتستعمل بمعنى القراءة ومنه قوله {لَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} وبمعنى الرحمة والمغفرو وأما قول الأعشى: تراوح من صلاة المليك فطورا سجودا وطورا جوارا فالمراد به الصلاة الشرعية التي فيها الركوع والسجود والحوار هنا الرجوع إلى القيام والقعود إذا تقرر هذا فليعلم أن الصلاة يختلف حالها بحسب حال المصلي والمصلي له والمصلي عليه ففي البخاري عن أبي العاليه أن معنى صلاة الله على نبيه ثناؤه عليه عند ملائكته ومعنى صلاة الملائكة عليه الدعاء له وكذا روينا في أواخر الثامن من حديث الخرساني عن الربيع بن أنس في قوله أن الله ملائكته يصلون على النبي قال صلاة الله عليه ثنلؤه عند ملائكته وصلاة الملائكة عليه الجعاء له وقوله يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه أدعوا له وعند ابن أبي خاتم في تفييره عن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 19 سعيد بن جبير مقاتل بن حيان هو الذي يصلي عليكم يغفر لكم ويأمر الملائكة أن يستغفروا لكم وعن ابن عباس أن معنى صلاة الملائكة الدعاؤ بالبركة وقد علق ذلك البخاري عنه فقال وقال ابن عباس يصلون يبركون وتقل الترمذي عن سفيان الثوري وغير واحد من أهل العلم قالوا صلاة الرب الرحمة وصلاة الملائكة الاستغفار وهو منقول عن ابي العالية والضحاك إلا أنهما قالا صلاة الملائكة الدعاء وقال الضحاك بن المزاحم أيضاً صلاة رحمته وفي رواية عنه مغفرته وصلاة الملائكة الدعاء أخرجهما إسماعيل القاضي من طريقه فكأنه يريد الدعاء بالمغفرة نحوها ورجع الشيخ شهاب الذين القرافي أن الصلاة من الله المغفرة وكذا فيرها الأرموي والبيضاوي وقال الإمام فخر الدين الرازي والأمدي أنها الرحمة. وروى ابن أبي حاتم في تفييره أيضاً عن الحسن أن بني إسرائيل سألوا موسى هل يصلي ربك قال فكان لك كبر في صدر موسى فأوحى الله إليه أخبرهم أني أصلي وأن صلاتي وأن رحمتي سبقت غضبي وهو في معجمي الطبراني الأوسط والصغير عن عطاء بن أبي رياح عن أبي هريرة عنه رفعه قلت يا جبرائيل أيصلي ربك جل ذكره قال نعم قلت ما صلاته قال سبوح قدوس سبقت رحمتي غضبي وعنابن حاتم أيضاً من طريق عطاء المذكور في قوله تعالى أن الله ولا ملائكته يصلون على النبي قال صلاته تبارك وتعالى سبوح قدوس سبقت رحمني غضبي وقال المبرد الصلاة من الله الرحمة ومن الملائكة رقة تبعث على استدعاء الرحمة وتعقب بأن الله تعالى غاير بين الصلاة والرحمة في قوله تعالى أولئك عليهم صلات من ربهم ورحمة وكذلك فهم الصحابة المغايرة من قوله صلوا عليه وسلموا تسليماً حتى سألوا عن كيفية الصلاة مع ما تقدم من ذكر الرحمة في تعليم السلام حيث جاء بلفظ السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته وأقرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - فلو كانت الصلاة بمعنى الرحمة لقال لهم قد علمتم ذلك في السلام وقد قال ابن الإعرابي الصلاة من الله الرحمة ومن الآدميين وغيرهم من الملائكة والجن الركوع والسجود والدعاء والتسبيح ومن الطير والهوام التسبيح قال تعالى كل قد علم صلاته وتسبيحه وقال ابن عطية صلوات الله على عبيده عفوه ورحمته وبركته وتشريفه أياهم في الدنيا والآخرة وقال في قوله تعالى هو الذي يصلي عليكم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 20 وملائكته صلاة الله على العبد هي رحمته له وبركته لديه ونشره الثناء الجميل عليه وصلاة الملائكة دعاؤهم وقال غيره صلاة الملائكة رقة ودعل وقال الراغب الصلاة في اللغة الدعاء والتبريك والتحميد ومن الله التزكية، ومن لملائكة الإستغفار ومن الناس الدعاء وقال الزمخشري لما كان من شأن المصلي أن يتعطف في ركوعه وسجوده أستعير لمن يتعطف على غيره حنوا عليه وترؤفا كعائد المريض في انعطافه عليه والمرأة في حنوها على ولدها ثم كثر حتى استعمل في الرحمة والترؤف ومنه قولهم صلى الله عليك أي ترحم وترأف حكاه المجد اللغوي وقال بعده فإن قلت هو الذي يصلي عليكم إن فيرته بترحم وترأف فما تصنع بقوله تعالى ملائكته قلت هي مثل قولهم اللهم صلي على المؤمنين جعلوا لكونهم مستجابي الدعوى كأنهم فاعلون للرحمة والرأفة وقال الماوردي هو اسم مشترك لمعان فمن الله في أظهر الوجوه الرحمة ومن الملائكة الاستغفار ومن المؤمنين الدعاء وقال إنما أكدها بالعطف مع اختلاف اللفظ لأنه أبلغ - انتهى. وجوز الحليمي أن يكون الصلاة بمعنى السلام عليه فإن شيخنا وفيه نظر وحديث كعب وغيره يعني من الإحاديث الآتية يرد على ذلك وأولى الأقوال ما تقدم عن أبي العالية أن معنى صلاة الله تعالى على نبيه ثناؤه وتعظيمه وصلاة الملائكة وغيرهم طلب ذلك له من الله تعالى والمراد طلب الزيادة لا طلب أصل الصلاة وقيل صلاة الله على خلقه تكون عامة فصلاته على انبيائه هي ما تقدم من الثناء والتعظيم وصلاته على غيرهم الرحمة فهي التي وسعت كل شيء ونقل عياض عن بكر القشيري قال الصلاة على النبي من الله تشريف وزيادة تكرمه وعلى من دون النبي رحمة. وبهذا التقرير يظهر الفرق بين النبي - صلى الله عليه وسلم - وبين سائر المؤمنين حيث قال الله تعالى أنه الله وملائكته يصلون على النبي وقال قبل ذلك في السورة المذكورة هو الذي يصلي عليكم وملائكته ومن المعلوم أن القدر الذي يليق بالنبي - صلى الله عليه وسلم - من ذلك أرفع مما يليق بغيره والإجماع منعقد على أن في هذه الآية من تعظيم النبي - صلى الله عليه وسلم - والتنويه به ما ليس في غيرها - أنتهى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 21 وجعل الحليمي أن معنى صلاة الله تعالى على نبيه تعظيمه له فقال في شعب الإيمان له إما الصلاة في اللسان فهي التعظيم وقيل للصلاة المعهودة صلاة لما فيها من حني الصلاة وهو وسط لأن انحناء الصغير للكبير إذا رآه تعظيماً منه له في العادات ثم سموا قرائتها أيضاً صلاة إذ كان المراد من عامة ما في الصلاة من قيام وقعود وغيرهما تعظيم الرب ثم توسعوا فيموا كل دعاء صلاة إذا كان الدعاء تعظيماً للمدعو بالرغبة إليه والتبؤس له وتعظيماً للمدعو به بإبتغاء ما يبتغي له من فضل الله تعالى وجميل نظره وقيل الصلاة لله أي الأذكار التي يراد بها التعظيم المذكور والإعتراف له بحلالة القدر وعلو الرتبة وكلها لله تعالى أي هو مستحقها لا يليق بأحد سواه فإذا قلنا اللهم صل على محمد فإنما نريد اللهم عظم محمداً في الدنيا باعلاء ذكره وإظهار دينه وإبقاء شريعته وفي الآخرة بتشفيعه في أمته وإجزال أجره ومثوبته وإبداء فضله للأولين والأخرين بالمقام المحمود وتقديمه على كافة المقربين والشهود قال وهذه الأمور وإن كان الله تعالى قد أوجبها للنبي صلى الله عليه وسلك فإن كان شيء منها ذات درجات ومراتب فقد يجوز إذا صلى عليه واحد من أمته وأستجيب دعؤه فيه أن يزاد للنبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك الدعاء في كل شيء مما سميناه رتبة ودرجة ولهذا كانت الصلاة مما يقصد بها قضاء حقه ويتقرب بادائها إلى الله عز وجل ويدل على أن قولنا اللهم صلي على محمد صلاة منا عليه لنا لا نملك إيصال ما يعظم به أمره ويعلو به قدره إليه إنما ذلك بيد الله تعالى فصح أن صلاتنا عليه الدعاء بذلك وابتغاؤه من الله جل ثناؤه قال وقد يكون للصلاة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجه آخر وهو أن يقال الصلاة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما يقال السلام على رسول الله والسلام على فلان وقد قال الله عز وجل {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ} ومعناه لتكن أو كانت الصلاة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما يقال صلى الله عليه أي كانت من الله عليه الصلاة أو لتكن الصلاة من الله عليه ووجه هذا أن التمني على الله سؤال ألا ترى أنه يقال غفر الله لك ورحمك فيقوم ذلك مقام اللهم أغفر له اللهم أرحمه والله أعلم - انتهى. كلام الحليمي: وقوله أن معنى الصلاة عليه التعظيم قال شيخنا لا يعكر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 22 عليه عطف آله وأزواجه وذريته عليه فإنه لا يمتنع أن يدعي لهم بالتعظيم إذ تعظيم كل أحد بحسب ما يليق به وما تقدم عن أبي العالية أظهر فإنه يحصل به استعمال لفظ الصلاة بالنسبة إلى الله تعالى وإلى ملائكته وإلى المؤمنين المأمورين بذلك بمعنى واحد ويؤيده أنه لا خلاف في جواز الترحم على غير الأنبياء وأختلف في جواز الصلاة على غير الأنبياء ولو كان معنى قولنا اللهم صل على محمد اللهم أرحم محمداً أو ترحم على محمد لجاز لغير الأنبياء وكذا بمعنى التزكية وكذا الرحمة لسقط الوجوب في التشهد عند من يوجبه بقول المصلي في التشهد السلام عليك إيها النبي ورحمة الله وبركاته ويمكن الإنفصال بأن ذلك وقع بطريق القصد فلا بد من الإتيان به ولو سبق الإتيان بما يدل عليه. فائدة: روينا في فضل الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - لإسماعيل القاضي عن محمد بن سيرين أنه كان يدعو للصغير كما يدعو للكبير فقيل له أن هذا ليس له ذنب فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وقد أمرت أن أصلي عليه قلت والحكمة في الثاني تؤخذ مما قدمناه قريباً وكذا مما سأتي في المقدمة أيضاً في قبيل الكلام على تفيير الآية وقد قال الفاكهاني أن لصلاة عليه عبادة لنا وزيادة حسنات في أعمالنا قال وفيه نكتة أخرى بديعة هي أنه أحب الخلق إلى الله ونحن إنما نذكره بأذكار الله لنا فهو الذاكر في الحقيقة ومن أحب شيئاً أكثر من ذكره انتهى. أو نقول ونحن نصلي عليه صلى الله علينا فيستلزم إكثار صلاته علينا ومن أحب شيئاً أكثر من ذكره قاله شيخنا. (فائدة في طلب المغفرة للصغير) وأما الحكمة في طلب المغفرة للصغير مع أنه لا يلحقه اثم فهي كما قال شيخنا رحمه الله إذا سئل عن قولهم في دعاء الجنازة اللهم أغفر لصغيرنا وكبيرنا يحتمل أوجهها أحدها أن يكون المراد بطلبها له تعليقها ببلوغه إذا بلغ وفعل ما يحتاج إليها. ثانيها أن يكون طالبها له ينصرف إلى والديه أو إلى أحدهما أو إلى من رباه. ثالثها أنه ينصرف إليه برفع منزلته مثلاً كما في البالغ الذي لا ذنب له إذا فرض كمن مات بعد بلوغه بقليل أو بعد إسلامه الخالص بقليل. رابعها أنه يتخرج على الجزء: 1 ¦ الصفحة: 23 أحد أقوال العلماء في الأطفال والمراهقين وكذا من بلغ العشر من السنين فإن كل ذلك محتمل لأن المسألة إجتهادية فيحسن الجعاء لهم بإعتبار ذلك والله أعلم. (حكم الصلاة) وأما حكمها: فقد قال شيخنا رحمه الله أن حاصل ما وقف عليه من كلام العلماء فيه عشرة مذاهب أولها: قول ابن جرير الطبري وغيره كم لامستحبات وأدعى الطبري الإجماع على ذلك وأعترض عليه في ذلك وومن لمح بالإعتراض عليه أبو اليمين بن عساكر حيث قال: وحمل بعضهم ما ورد من الأمر بذلك في الآية على الندب لا على الوجوب ولا يسلم لهذا القائل قوله ولا يسلم من الإعتراض عليه فيه فإنه أدعى على ذلك الإجماع وهو محل النزاع انتهى. وقد أول بعض العلماء هذا القول بما زاد على المرة الواحدة وهو متعين والله أعلم. ثانيها: إنها واجبة في الجملة بغير حصر لكن أقل ما يحصل به الأجزاء مرة وأدعى بعض المالكية الإجماع عليه وعبارة ابن القصار منهم المشهور عن أصحابنا إن ذلك واجب في الجملة على الإنسان وفرض عليه أن يأتي بها مرة من دهره مع القدرة على ذلك ذكر الفاكهاني عقب هذا ما لخصه يحتمل أن يكون أحترز بقوله المشهور عن قول الطبري يعني الماضي ويحتمل أن لا مفهوم لذلك وإنما أراد أشتهر من قول الأصحاب لا إن ثم مخالفاً، وقال القاضي أبو محمد بن نصر الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - واجبة في الجملة وقال ابن عبد البر أجمع العلماء أن الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - فرض على كل مؤمن لقوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} ، ثالثها تجب مرة في العمر في صلاة أو في غيرها وهي مثل كلمة التوحيد وهو محكي عن أبي خليفة وصرح به من المقلدين أبو بكر الرازي ونقل أيضاً عن مالك والثوري والأوزاعي أعني وجوبها في العمر مرة واحدة لأن الأمر مطلق لا يقتضي تكراراً والماهية تحصل بمرة قال عياض وابن عبد البر وهو قول جمهور الأمة انتهى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 24 وممن قال به ابن حزم أيضاً وقال القرطبي المفير لا خلاف في وجوبها في العمر مرة وأنها واجبة في كل حين وجوب السنن الموكدة وسبقه ابن عطية فقال الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - في كل حال واجبة وجوب السنن الموكدة التي لا يسع تركها ولا يغفلها إلا من لا خير فيه. رابعها: تجب في العقود آخر الصلاة بين قول التشهد وسلام التحليل وإليه ذهب الشافعي ومن تبعه وتعقب من أحتج بوجوبها في هذا المحل من الشافعية كأبن خزيمة والبيهقي بحديث ابن مسعود الأتي حيث قال فيه في بعض طرقه إذا نحن صلينا عليك في صلاتنا بأنه لا دلالة فيه على ذلك بل إنما يفيد إيجاب الإتيان بهذه الألفاظ على من صلى على النبي - صلى الله عليه وسلم - في التشهد وعلى تقدير أنه يدل على إيجاب أصل الصلاة فلا يدل على هذا المحل المخصوص ولكن قرر البيهقي ذلك بأن الآية لما نزلت وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد علمهم كيفية السلام عليه في التشهد والتشهد داخل الصلاة فيألوا عن كيفية الصلاة فعلمهم فدل على أن المراد بذلك إيقاع الصلاة عليه في التشهد بعد الفراغ من التشهد الذي تقدم تعليمه لهم - وأما إحتمال أن يكون ذلك خارج الصلاة فهو بعيد كما قال عياض وغيره لكن قال إبن دقيق العيد ليس فيه تنصيص على أن الأمر به مخصوص بالصلاة وقال قد كثر الاستدلال به على وجوب الصلاة عليه في الصلاة. وقرر بعضهم الاستدلال بأن الصلاة عليه واجبة بالإجماع وليست عليه خارج الصلاة واجبة بالإجماع فتعين أن تجب في الصلاة. قال وهذا ضعيف لأن قوله لا تجب في غير الصلاة بالإجماع إن أراد به عيناً فهو صحيح لكن لا يفيد المطلوب لأنه يفيد أنه تجب في أحد الموضوعين لا بعينه. وزعم القرافي في الذخيرة أن الشافعي هو المستدل بذلك ورد بنحو ما ورد به إبن ديقي العيد. قال شيخنا: ولم يصب في نسبة ذلك الشافعي والذي قاله الشافعي في الأم: فرض الله الصلاة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله {إِنَّ اللَّهَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 25 وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} ، فلم يكن فرض الصلاة عليه في موضع أولي منه في الصلاة ووجدنا الجلالة على النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك ثم ساق حديث أبي هريرة وكعب الآتي ذكرهما ثم قال الشافعي فلما روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يعلمهم التشهد في الصلاة وروي عنه أنه علمهم كيف يصلون عليه في الصلاة لم يجز أن تقول التشهد في الصلاة واجب والصلاة عليه فيه غير واجبة. وقد تعقب بعذ المخالفين هذا الاستدلال من أوجه أحدها ضعف شيخ الشافعي في حديث أبي هريرة المشار إليه الثاني تقدير صحته فقوله فيه يعني في الصلاة لم يصرح بالقائل يعني الثالث قوله في حديث كعب الآتي أنه كان يقول في الصلاة وإن كان ظاهرة أن المراد الصلاة المكتوبة لكنه يحتمل أن يكون المراد بقوله في الصلاة أي صفة الصلاة عليه هو إحتمال قوي لأن أكثر الطرق عن كعب يدل على أن السؤال وقع من صفة الصلاة لا عن محلها. الرابع أنه ليس في الحديث ما يدل على تعيين ذلك في التشهد خصوصاً بينه وبين السلام من الصلاة وقد اطنب قوم في نسبة الشافعي في ذلك إلى الشذوذ منهم أبو جعفر الطبري وعبارته أجمع جميع المتقدمين والمتأخرين من علماء الأمة على أن الصلاة عليه غير واجبة في التشهد ولا سلف للشافعي في هذا القول ولا سنة يتبعها وكذا قال أبو الطحاوي وأبو بكر بن المنذر والخطابي وأورد عياض في الشفاء مقالاتهم وقال شارح العمدة من كتب الحنفية قيل لم يقله أحد قبله وذكر ابن بطال في شرحه على البخاري أن كل من روى التشهد من الصحابة لم يذكر الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعلم أبو بكر وعمر التشهد على المنبر كذلك بحضرة المهاجرين والأنصار من غير نكير فمن أوجب ذلك فقد رد الآثار وما مضى عليه السلف وأجمع عليه الخلف وروته الأمة عن نبيها - صلى الله عليه وسلم - انتهى وكل ذلك ليس بحيد فقد قال شيخ شيوخنا الحافظ أبو الفضل العراقي قد سمعت غير واحد من مشائخنا ينكرون على القاضي عياض إنكاره على الشافعي ونسبته إلى الشذوذ بذلك في كتاب موضوعه ضرف المصطفى مع كونه يحكي في الشفاء الخلاف في طهارة بوله ودمه واستحسن ذلك منه لزيادة شرفه بذلك فكيف ينكر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 26 قوله بوجوب الصلاة عليه وهو زيادة شرف له انتهى على أنه قد أنتصر جماعة للشافعي فذكروا أدلة نقلية ونظرية ودفعوا دعوى الذوذ فنقلوا القول بالوجوب عن جماعة من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من فقهاء الأمصار رضي الله عنهم. فأما المحكي عن الصحابة والتابعين فأصح ما ورد في ذلك عنهم ما سيأتي في الباب الأخير عن ابن مسعود موقوفاً فإن ابن مسعود ذكر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - علمهم التشهد في الصلاة وأنه قال ثم ليتخير من الجعاء فلما أثبت عن ابن مسعود الأمر بالصلاة عليه قبل الدعاء دل على أنه أطلع على زيادة ذلك بين التشهد والدعاء وأندفعت حجة من تمسك بحديث ابن مسعود في دفع ما ذهب إليه الشافعي مثل ما ذكر عياض حيث قال وهذا تشهد ابن مسعود الذي علمه له النبي - صلى الله عليه وسلم - ليس فيه ذكر الصلاة عليه وكذا قال الخطابي أن في آخر حديث ابن مسعود إذا قلت هذا فقد قصيت صلاتك لكن رد عليه بأن هذه الزيادة مدرجة وعلى تقدير ثبوتها فيحمل على أن مشروعية الصلاة عليه وردت بعد تعليم التشهيد ويتقوى ذلك بحديث عمر فيه أن الدعاء موقوف حتى يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - ويقول ابن عمر لا تكون صلاة إلا بالصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - ويقول الشعبي كما سأذكر جميع ذلك في الباب الأخير إن شاء الله تعالى وذكر الماوردي عن محمد بن كعب القرظي وهو من التابعين كقول الشافعي رحمة الله عليه بل قال شيخنا رحمه الله ما نصبه لم ارو عن أحد من الصحابة والتابعين التصريح بعدم وجوب إلا ما نقل عن إبراهيم النخعي مع أنه يشعر بأن غيره كان قائلاً بالوجوب فأنه عبر بالأجزاء ما سيأتي والله أعلم، أما فقهاء الأمصار فلم يتفقوا على مخالفة الشافعي رحمه الله تعالى في ذلك بل جاء عن أحمد روايتان والظاهر أن رواية الوجوب هي الأخيرة فإن أبا زرعة الجمشقي نقل في مسائله عنه قال كنت أتهيب ذلك ثم تبينت فإذا الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - واجبة انتهى. قال صاحب المعني فظاهر هذا أنه رجع عن قوله الأول إلى هذا وعن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 27 إسحاق بن راهوية الجزم به في العمد فقال إذا تركها عمداً بطلت صلاته أو سهواً رجوت أن يجزيه وهي آخر الروايتين عنه كما أشرا إليه حرب في مسائله والخوف أيضاً عند المالكية ذكرها ابن الحاجب في سنن الصلاة ثم قال على الصحيح فقال شارحة ابن عبد السلام يريد أن في وجوبها قولين وهو ظاهر كلام ابن المواز منهم بفرضيتها يريد أنها ليست من فرائض الصلاة وقد حكى ابن القصار والقاضي عبد الوهاب أن ابن المواز يراها فريضة في الصلاة كقول الشافعي - رضي الله عنه - وحكى أبو يعلي العبدي المالكي عن مذهبهم ثلاثة أقوال الوجوب والسنة والندب والزم العراقي في شرح الترمذي له من قال من الحنفية بوجوب الصلاة عليه كما ذكر كالطحاوي ونقل السروجي في شرح الهدايا تصحيحه عن اصحاب المحيط والتحفة والمفيد والغنية من كتبهم أن يقولوا بوجوبها في التشهد لتقدم ذكره في أخر التشهد قال شيخنا: ولهم أن يلتزموا ذلك لكن لا يجعلونه شرطاً في صحة الصلاة، وروى الطحاوي أن حرملة أنفرد عن الشافعي بإيجاب ذلك وأنتصروا له وناصروا علبه انتهى وقد نقل ابن عبد البرفي الاستذكار عن حرملة أنه حكى عن الشافعي أن محلها في التشهد الأخير وأنه صلى قبل ذلك لم يجزه قال ولا يكاد يوجد هذا القول عن الشافعي إلا من رواية حرملة وغير حرملة إنما يروى عنه أن الصلاة على النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فرض في كل الصلاة وموضعوها التشهد الأخير قبل التسليم ولم يذكروا إعادة في من وضعها قبل التشهد الأخير إلا أن أصحابه قد تقلدوا رواية حرملة ومالوا إليها وناظروا عليها قلت: واستدل ابن خزيمة ومن تبعه كالبيهقي للوجوب بحديث فضالة الآتي في الباب الأخير وطعن ابن عبد البرفي الاستدلال به للوجوب فقال لو كان كذلك لأمر المصلي بالإعادة كما أمر المسيء صلاته وكذا أشار إليه أبن حزم وأجيب بإحتمال أن يكون الوجوب وقع عند فراغه ويكفي التمسك بالأمر في دعوى الوجوب وقال جماعة منهم الجرجاني من الحنفية لو كان فرضاً للزم تأخير البيان عن وقت الحاجة لأنه علمهم التشهد وقال فليتخير من الدعاء ما شاء ولم يذكر الصلاة عليه واجيب بإحتمال إلا تكون فرضت جينئذ وقال العراقي أيضاً قد ورد هذا في الصحيح بلفظ ثم ليتخير وثم للتراخي فدل على أنه كان هناك شيء بين التشهد والدعاء وأن الدعاء لا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 28 يعقب التشهد بل أمره بما يعجب المصلي من الجعاء مقتض لتقديم الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - كما ثبت ذلك في حديث فضاله المشار إليه. واستدل بعضهم بما ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رفعه إذا فرغ أحدكم من التشهد الأخير فليستعذ بالله من أربع الحديث وعلى هذا عول من جزم بإيجاب هذه الإستعادة في التشهد وتكون الصلاة على النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - مستحبة عقب التشهد لا واجبة وفيه ما فيه وأنتصر ابن القيم رحمه الله للشاعي فقال أجمعوا على مشروعية الصلاة عليه في التشهد وإنما أختلفوا في الوجوب والاستحباب وفي تمسك من لم يوجيه بعمل السلف الصالح نظراً لأن عملهم كان بوفاقه إلا أن كان يريد بالعمل الاعتقاد فيحتاج إلى نقل صريح عنهم بأن ذلك ليس بواجب قال وإني يوجد ذلك قال وإما قول عياض أن الناس شنعوا على الشافعي فلا معنى له فأي شناعة في ذلك لأنه لم يخالف نصاً ولا إجماعاً ولا قياساً ولا مصلحة راجحة بل القول بذلك من محاسن مذهبه ولله در القائل: إذا محاسني اللاتي أدل بها كانت ذنوباً فقل لي كيف اعتذر وأما نقله الإجماع فقد تقدم رده وإما دعواه أن الشافعي أختار تشهد ابن مسعود فيدل على عدم معرفته باختيارات الشافعي فإنه اختار تشهد ابن عباس وأما ما أحتج به جماعة من الشافعية من الأحاديث المرفوعة المصرحة في ذلك فإنها ضعيفة كحديث سهل بن سعد وعايشة وأبي مسعود وبريدة وغيرهم وقد استوعبها البيهقي في الخلافيات ولا بأس بذكرها للتقوية لا إنها تنهض بالحجة انتهى والأحاديث المشار إليها سيأتي في محلها إن شاء الله تعالى تنبيه ما قدمناه من وجوبها في التشهد الأخير هو المشور وقد أغرب الجرجاني في الشافي والتحريز فحكي قولين للشافعي في وجوبها وقال بعدم الوجوب ابن المنذر أيضاً وهو معدود من الشافعية وقال أبو اليمن بن عساكر أدعى أحد أئمة العصر ولم أسمع ذلك منه من منتحلي مذهب الإمام إذ ليس على وجوب الصلاة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في تشهد الصلاة دلالة وإشاعته شيعته ونقلته عنه قال هذه المقالة ودعواه يخدش وجه تقليده لأمامه وبعث في عضد اقتدائه به وإيتامه كيف وقد أورده الإمام في مسنده سنداً وأورده باسناده طرف حديثه المصرح به مما رواه أبو حاتم في صحيحه وأبو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 29 الحسن الدارقطني في سننه وحكم فيه بصحته مما أزداد به دليله في ذلك تأبداً وتأكداً وتكثير الآدلة في المستند من الحديث الأول ونقله ليس من عمل الراسخين في العلم بل السبيل إلى معرفة صحة ذلك أن تجمع طرق الحديث والله أعلم خامسها يجب في التشهد وهو قول الشعبي وإسحق بن راهوية: سادسها تجب في الصلاة من غير تعيين المحل نقل ذلك عن أبي جعفر الباقر سابعها: يجب الإكثار منها من غير تقييد بعدد قاله أبو بكر بن بكير من المالكية وعبارته أفترض الله تعالى على خلقه أن يصلوت على نبيه ويسلموا ولم يجعل ذلك لوقت معلوم فالواجب أن يكثر المرء منها ولا يغفل عنها انتهى. قلت: وعن بعض الملكية قال الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - فرض إسلامي جملي غير مقيد بعدد ولا وقت معين والله أعلم ثامنها كلما ذكر قاله الطحاوي وجماعة من الحنفية والحليمي والشيخ أبو حامد الاسفرائيني وجماعة من الشافعية وقال ابن العربي من المالكية أنه الأحوط قلت وعبارة الطحاوي يجب كلما سمع ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - من غيره أو ذكره بنفيه انتهى. وجعل الحليمي في شعب الإيمان له تعظيم النبي - رضي الله عنه - من شعب الإيمان وقرر أن التعظيم منزلة فوق المحبة ثم قال فحق علينا أن نحبه ونبجله ونعظمه أكثر وأوفر من إجلال كل عبد سيده وكل ولد والده قال وبمثل هذا نطق الكتاب ووردت أوامر الله تعالى ثم ذكر الآيات والأحاديث وما كان من فعل الصحابة معه الدال على كما تعظيمه وتبجيله في كل حال وبكل وجه ثم قال هذا من الذين رزقوا مشاهدته وإما اليوم فمن تعظيمه الصلاة والسلام عليه كلما جرى ذكره قال الله تعالى إن الله وملائكته يصلون على النبي الآية فأمر عباده بها بعد أخبارهم أن ملائكته يصلون على نبيهم بأن الملائكة مع إنفكاكهم عن التقيد بشريعته يتقربون إلى الله تعالى بالصلاة والتسليم عليه فنحن أولى وأحق وأحرى وأخلق قلت وما قاله من إنفكاك الملائكة عن التقيد بشريعته قد أقره البيهقي وليس بمتفق عليه نعم نقل الإمام فخر الدين الرازي في أسرار التنزيل له الإجماع على أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يكن مرسلاً إلى الملائكة وكذا قاله النسفي لكن نوزعا في هذا النقل بل رجح الشيخ السبكي أنه كان مرسلاً إليهم وأحتج بأشياء ليس هذا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 30 محلها والله أعلم ومما يستدل به لهذا المذهب أعني وجوب الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - كلمات ذكر الآية الكريمة فإن الأمر للوجوب ويحمل على التكرار أبداً بناء على أن الأمر يدل عليه وقد أنشد الشهاب بن أبي حجلة من قصيدة له: صلوا عليه كلما صليتم لتروا به يوم النجاة نجاح صلوا عليه كل ليلة جمعة صلوا عليه عشية وصباحا صلوا عليه كلما ذكر اسمه في كل حين غدوة ورواحا فعلى الصحيح صلاتكم فرض إذا ذكر اسمهوسمعتموه صراحا صلى عليه الله ما شب الدجى وبدا مشيب الصبح فيه ولاحا انتهى: ولما ذكر الفاكهاني حديث البخيل من ذكرت عنده فلم يصل علي قال هذا يقوي قول من قال بوجوب الصلاة عليه كلما ذكر وهو الذي أميل إليه قلت ونقل ابن بشكوال عن محمد بن فرح الفقيهة أنه كان ينشد بين حسان: هجوت محمداً واجبت عنه وعند الله في ذاك الجزاء ويزيد فيه - صلى الله عليه وسلم - فيقال له ليس يتزن هكذا فيقول أنا لا أترك الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم عقبة بن بشكوال بقوله: رحمه الله لقد كان يعجبني ما كان يفعله نفع الله بنيته في ذلك انتهى. وقد اختلف القائلون بالوجوب كلما ذكر هل هو على العين فتجب على كل فرد فرداً والكفاية فإذا فعل ذلك البعض سقط عن الباقين فالأكثرون قالوا بالأول ومن القائلين بالثاني أبو الليث السمرقندي من الحنفية في مقدمته المعروفة قال شيخنا وقد تمسك القائلون بالوجوب كلما ذكر من حيث النقل بأن الأحاديث يعني الآتية التي فيها الدعاء بالرغم والإبعاد والشقا والوصف بالبخل والجفا وغير ذلك مما يقتضي الوعيد فإن الوعيد على الترك من علامات الوجوب ومن حيث المعنى بأن فائدة الأمر بالصلاة عليه مكأفاته على إحسانه وإحسانه مستمر فيتأكد إذا ذكر وتمسكوا أيضاً بقوله: لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضاً فلو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 31 كان إذا ذكر لا يصلي عليه لكان كآحاد الناس ويتأكد ذلك إذا كان المعنى بقوله دعاء الرسول كدعاء المتعلق بالرسول قال الحليميإذا قلنا بوجوب الصلوة كلما ذكر فإن أتحد المجلس وكان مجلس علم ورواية سنن أحتمل أن يقال الغافل عن الصلاة عليه كلما جرى ذكره إذا ختم المجلس بها اجزاه لأن المجلس إذا كلن معقوداً لذكره كان كله حالة واحدة كاذلكر المتكرر وإن لم يكن المجلس كذلك فإني أرى كلما ذكر أن يصلي عليه ولا أرخص في تأخير ذلك إذ ليس ذكره بأقل من حق العاطس قال ومن ترك الصلوة عليه عند ذكره ثم صلى عليه في المستقبل بعد التوبة والإستغفار رجونا أن يكفر عنه ولا يطلق عليه اسم القضاء والله أعلم واجاب من لم يوجب ذلك بأجوبة منها أنه قول لا يعرف عن أحد من الصحابة ولا التابعين فهو قول مخترع ولو كان على عمومه للزم المؤذن إذا اذن سامعه وللزم القارئ إذا مر ذكره في القرآن وللزم الداخل في الإسلام إذا تلفظ بالشهادتين ولكان في ذلك من المشقة والحرج ما جاءت الشريعة السمحة بخلافه ولكان الثناء على الله كلما ذكر أحق بالوجوب ولم يقولوا به قلت وفي هذا الأخير نظر فقد صرح بوجوبه أيضاً منهم جماعة وفي بعض شروح الهداية أنه لو تكرر اسم الله في مجلس واحد يكفيه ثناء واحد وفي مجلسين يجب لكل مجلس وكذا لو تكرر ذكره - صلى الله عليه وسلم - في مجلس كفاه أيضاً مرة على الصحيح لكن من المجتبي تكرر الوجوب وفرق بينه وبين تكرار ذكر الله حيث يكفي ثناء واحد بأنه مأمور بالصلاة غير مأمور بالثناء وكذلك لو تركه لا يبقى دينا عليه بخلاف الصلاة كذا قيل قال والفرق الصحيح أن يقال أن كل وقت وقت لأداء الثناء لأنه لا يخلو عن تجدد نعم الله تعالى الموجبة للثناء فلا يكون وقتاً للقضاء كقضاء الفاتحة في الآخريين بخلاف الصلاة قلت وهذا الفرق ليس بظاهر ما صرح به بعض شراح الهداية من محققي شيوخنا وفي الجامع الكبير من كتبهم لفخر الإسلام تكراراً اسمه واجب لحفظ السنة إذ به قوام الدين والشرائع وفي إيجاب الصلوة في كل ذلك حرج فوجب وضعه ولأنه لو وجب عند ذكره لا تجد فراغاً عن الصلوة عليه مدة العمر إذا الصلاة عليه لم تخل عن ذكره وأجيب عن هذا بأنه إذا أتحد المجلس يجب التداخل كما في سجدة التلاوة إلا أنه يستحب والحالة هذه تكراراً الصلاة دون السجود انتهى ونسب إلى المتقدمين منهم القول بالوجوب مع عدم التداخل وفرقوا بينها وبين السجود بأن السجدة حق الله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 32 فياغ فيها التداخل بخلاف الصلوة فإنها حق العبد فلم يسغ فيها التداخل لأن العبد وإن عظمت منزلته لا يوازي حقه حق الله تعالى في وضع الحرج لحاجته وغنى الله تعالى ويحتاج إلى تأمل وقد أطلق القدوري وغيره من الحنفية أن القول بوجوب الصلوة عليه كلما ذكر مخالف للإجماع المنعقد قبل قائله لأنه لا يحفظ عن أحد من الصحابة أنه خاطب النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال يا رسول الله صلى الله عليك ولأنه لو كان كذلك لم يتفرغ السامع لعبادة أخرى وأجابوا عن الأحاديث بأنها خرجت مخرج المبالغة في تأكيد ذلك وطلبه وفي حق من أعتاد ترك الصلوة ديدناً وفي الجملة لا دلالة على وجوب تكرر ذلك بنكرر ذكره - صلى الله عليه وآله وسلم - في المجلس الواحد وأحتج الطبري بعدم الوجوب أصلاً مع ورود صيغة الأمر بذلك بالإتفاق من جميع المتقدمين والمتأخرين من علماء الأمة على أن ذلك غير لازم فرضاً حتى يكون تاركه عاصياً قال فدل ذلك على أن الأمر فيه للندب ويحصل الإمتثال لمن قاله ولو كان خارج الصلاة وما أدعاه من الإجماع معارض بدعوى غيره الإجماع على مشروعية ذلك في الصلاة إما بطريق الوجوب وإما بطريق الندب ولا يعرف عن السلف لذلك مخالف إلا ما أخرجه ابن أبي سيبة والطبري عن إبراهيم النخعي أنه كان يرى إن قول المصلي في التشهد السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته يجزي عن الصلاة ومع هذا لم يخالف في أصل المشروعية وإنما أدعى أجزاء السلام عن الصلاة والله أعلم تاسعها في كل مجلس مرة ولو تكرر ذكره مراراً حكاه الزمخشري وعن الأوزاعي في الكتاب يكون فيه ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - مراراً قال إن صليت عليه مرة واحدة أجزاك قلت وحكى الترمذي عن بعض أهل العلم قال إذا صلى الرجل على النبي - صلى الله عليه وسلم - مرة أجزا عنه ما كان في ذلك المجلس - صلى الله عليه وسلم - انتهى. وقد تقدم قريباً ما يأتي ههنا والله الموفق عاشرها في كل دعاء أيضاً قلت وقد أختلف في وجوب الصلاة عليه أيضاً في مواطن ويتأكد في أخرى كما سأذكر جميع ذلك مبيناً في الباب الأخير إن شاء الله تعالى. (الصلاة على النبي تجب بالنذر) ومما يستفاد ههنا شيئان أحدهما أن الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - تجب بالنذر لأنها من أعظم القربات وأفضل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 33 العبادات وأجل الطاعات لقوله - صلى الله عليه وسلم - من نذر أن يطيع الله فليطعه الثاني لو خاطب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في عصره مصلياً لزمه الجواب بالنطق في الحال لكن قال بعض المالكية يحتمل أن يجيبه بقطع النافلة أو يجيبه بالصلاة عليه أو بلفظ القرآن وكل ذلك خلاف الظاهر والله الموفق. (محل الصلاة) وأما محلها فيؤخذ مما أوردناه من بيان الآراء في حكمها وكذا من الباب الأخير. (المقصود بالصلاة) وأما المقصود بها فقال الحليمي المقصود بالصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - التقرب إلى الله تعالى بإمتثال أمره وقضاء حق النبي - صلى الله عليه وسلم - وتبعه ابن عبد السلام فقال ليست صلاتنا على النبي - صلى الله عليه وسلم - شفاعة منا له فإن مثلنا لا يشفع لمثله ولكن الله أمرنا بالمكافأة لمن أحسن إلينا وأنعم علينا فإن عجزنا عنها كافيناه بالجعاء فارشدنا الله لما علم عجزنا لمن أحسن إلينا وأنعم علينا فإن عجزنا عنها كافيناه بالدعاء فارشدنا الله لما علم عجزنا عن مكافأة نبينا إلى الصلاة عليه لتكون صلاتنا عليه مكافأة بإحسانه إلينا وأفضاله علينا إذ لا إحسان أفضل من إحسانه - صلى الله عليه وسلم - وقال أبو محمد المرجاني صلاتك عليه في الحقيقة لما كان نفعها عائداً عليك صرت في الحقيقة داعياً لنفيك وقال ابن العربي فائدة الصلاة عليه ترجع إلى الذي يصلي عليه لدلالة ذلك على نصوح العقيدة وخلوص النية وإظهار المحبة والمداومة على الطاعة والإحترام للواسطة الكريمة انتهى. وقال غيره من أعظم شعب الإيمان الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - محبة له لحقه وتوفيراً له وتعظيماً والمواظبة عليها من باب شكره - صلى الله عليه وسلم - وشكره واجب لما عظم منه من الإنعام فإنه سبب نجاتنا من الجحيم، ودخولنا في دار النعيم، وإدراكنا الفوز بأيسر الأسباب ونيلنا السعادة من كل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 34 الأبواب ووصولنا إلى المراتب السنية والمناقب العلية بلا حجاب، {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} . (إفراد الصلاة عن التسليم لا يكره وكذا العكس) تنبيه: استدل بحديث كعب وغيره مما سيأتي على أن أفراد الصلاة عن التسليم لا يكره وكذا العكس لأن تعليم السلام تقدم قبل تعليم الصلاة فأفرد التسليم مدة في التشهد قبل الصلاة عليه وقد صرح النووي رحمه الله في الأذكار وغيره بالكراهة وأستدل بورود الأمر بهما معاً في الآية قال شيخنا وفيه نظر نعم يكره أن يفرد الصلاة ولا يسلم أصلاً أما لو صلى في وقت وسلم في وقت آخر فإنه يكون ممتثلاً انتهى. وقد كان عبد الرحمن بن مهدي يستحب أن يقول - صلى الله عليه وسلم - ولا يقول عليه السلام لأنه عليه السلام تحية تحية المولى رواه ابن بشكوال وغيره والله الموفق. نبذة يسيرة من فوائد قوله تعالى {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} هذه الآية مدنية والمقصود منها أن الله تعالى أخبر عباده بمنزلة نبيه - صلى الله عليه وسلم - عنجه في الملأ الأعلى بأنه يثنى عليه عند الملائكة المقربين وأن الملائكة يصلون عليه ثم أمر أهل العالم السفلي بالصلاة عليه والتسليم ليجتمع عليه من اهلي العالمين العلوي والسفلي جميعاً. حللت بهذا حلة بعد حلة بهذا فطاب الواديان كلاهما وفي الكشاف روى أنه لما نزل قوله تعالى {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} قال أبو بكر ما خصك الله يا رسول الله بشرف إلا وقد أشركنا فيه فنزلت ولم أقف على أصله حتى الآن والآية بصيغة المضارعة الدالة على الدوام والإستمرار لتدل على أنه سبحانه وتعالى وجيع ملائكته يصلون على نبينا - صلى الله عليه وسلم - دائماً أبداً وغاية مطلوب الأولين والأخرين صلاة واحدة من الله تعالى واني لهم بذلك بل لو قيل للعاقل إيما أحب إليك أن تكون أعمال جميع الخلائق في صحيفتك أو صلاة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 35 من الله تعالى عليك لما أختار غير الصلاة من الله تعالى فما ظنك بمن يصلي عليه ربنا سبحانه وجميع ملائكته على الدوام والإستمرار فكيف يحسن بالؤمن أن لا يكثر من الصلاة عليه أو بغفل عن ذلك قاله الفاكهاني ولعله نظر في أول كلامه إلى أن ذلك سيق مساق الإمتنان أو إلى أن الجملة ذات الوجهين كما تدل بخبرها على التجدد والحدوث تدل بمبتدأها على الاستقرار والثبوت ... فحينئذ الجمع بينهما يدل على ما ذكر وقد ذكر أهل المعاني أن الحكمة في العدول عن مستهزئ في قوله تعالى {اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} قصد استمرار اإستهزاء وتجدده وقتاً فوقتاً وأفاد أيضاً أنه ليس في القرآن ولا غيره فما علم صلاة من الله على غير نبينا - صلى الله عليه وآله وسلم - فهي خصوصية أختصه الله بها دون سائر الأنبياء انتهى. وقد ذكروا في هذه الآية الشريفة فوائد منها ما رواه الواحدي عن أبي عثمان الواعظ سمعت الإمام سهل بن محمد يقول هذا التشريف الذي شرف الله تعالى به محمداً - صلى الله عليه وسلم - بقوله {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} الآية أتم وأجمع من تشريف آدم عليه السلام بأمر الملائكة له بالسجود لأنه لا يجوز أن يكون الله مع الملائكة في ذلك التشريف وقد أخبر الله سبحانه عن نفيه بالصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم عن الملائكة فتشريف يصدر عنه أبلغ من تشريف يختص به الملائكة من غير أن يكون الله تعالى معهم في ذلك ومنها أن من كان قليل النوم يقرؤها عند منامه فيقول {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} الآية ذكره ابن بشكوال عن عبدوس الرازي أنه وصفه لإنسان قليل نوومه وسيأتي ذكره في الباب الأخير أيضاً إن شاء الله تعالى ومنها ما ذكره ابن أبي الدنيا ومن طريقه ابن بشكوال عن ابن أبي فديك سمعت بعض من أدركت يقول بلغنا أنه من وقف عند قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - فتلا هذه الآية {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} ثم قال صلى الله عليك يا محمد حتى يقولها سبعين مرة ناداه ملك صلى الله عليك يا فلان لم تسقط لك حاجة ومنها ما أسنده بأن بشكوال عن أحمد بن محمد بن عمر اليماني قال كنت بصنعاء فرأيت رجلاً والناس مجتمعون عليه فقلت ما هذا قالوا هذا رجل كان يؤم بنا في شهر رمضان وكان حسن الصوت بالقرآن فلما بلغ {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} قرأ يصلون على الجزء: 1 ¦ الصفحة: 36 النبي فخرس وجذم وبرص وعمى وأقعد فهذا مكانه ومنها نا قاله القاضي عياض نقلاً عن بعض المتكلمين في تفيير كهيعص أن الكاف كاف كفاية الله تعالى لنبيه عليه الصلاة والسلام قال الله تعالى {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} والهاء هداية له قال {وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا} والياء تأييده له قال تعالى {هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ} والعين عصمة له قال الله تعالى {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} والصاد صلاته عليه قال {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} الآية ومنها ما حكاه في الشفا أيضاً عن أبي بكر بن فورك أن بعض العلماء تناول قوله عليه الصلاة والسلام وجعلت قرة عيني في الصلاة أي في صلاة الله علي وملائكته وأمره الأمة بذلك إلى يوم القيامة فتكون الألف واللام على هذا واقعة على معهود الشرعية المعهودة لما فيها من المناجاة وكشف المعارج وشرح الصدر والله أعلم ومنها ما ذكره الواحدي عن الأصمعي قال سمعت المهدي على منبر البصرة يقول إن الله أمركم بأمر بدأفيه بنفيه وثنى بمرئكة قدسه فقال تشريفاً لنبيه وتكريماً {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} ، آثره بها من بين الرسل الكرام وأتحفكم بها من بين الأنام فقابلوا نعمه بالشكر وأكصثروا من الصلاة عليه في الذكر انتهى. وكان الخطباء سلكوا مسلكه في عادتهم الحسنة بإيراد ذلك في خطبهم ولو ذكروع تاماً لكان حسناً والله أعلم ومنها أنه عبر فيها بالله دون غيره من اسمائه أما لأنه قيل أنه اسم الله الأعظم ولم يسم به أحد غير الله سبحانه وقد فير به قوله تعالى {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} وأما لغير ذلك والله أعلم ومنها أنه عبر فيها بالنبي ولم يقل على محمد كما وقع لغيره من الأنبياء صلاة الله وسلامه عليهم كقوله {يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} و {يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا} و {يَا إِبْرَاهِيمُ (104) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا} و {يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ} و {يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} و {يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ} و {يا يحي خذا يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ} وأشباه هذا لما في ذلك من الفخامة والكرامة التي اختص بها عن سائر الأنبياء إشعاراً بعلو المقدار وإعلاماً بالتفضيل على سائر الرسل الأخيار ولما ذكر النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - مع الخليل ذكر الخليل باسمه وذكر الحبيب بلقبه فقال {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ} وهذه فضيلة عظيمة قد نوه العلماء بذكرها وشرفها وجعلها من المراتب العلية الجزء: 1 ¦ الصفحة: 37 وكل موضع سماه باسمه إنما هو لمصلحة تقتضي ذلك أهمه والألف واللام فيه يحتمل أن تكون للعهد فقد تقدم ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل ولكن الأولى أن يكون للغلبة كالمدينة والنجم والكتاب فكأنه المعروف الحقيق به المقدم على سائر الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين وآل كل سائر الصحابة أجمعين. (تحقيق لفظ النبي) وهو أعنى لفظ النبي بترك الهمزة وبالهمزة والأولى إعدامه وقد قرئ بهما في السبعة والكلمة أما من النبأ وهو الخبر والمعنى أن الله تعالى أطلعه على غيبه وأعلمه أنه نبيه قال تعالى {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} فهم فعيل بمعنى فاعل لأنه ينبئ الخلق ويجوز أن يكون بمعنى مفعول قال تعالى {فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ} وقيل أشتقاقه من النبوة وهي الرفعة سمي به لرفعة محله هكذا قاله بعضهم قال المجد اللغوي وليس بشئ وإنما الصواب النباة المكان المرتفع قلت وهكذا هو في الشفا حيث قال وعند من لم يهمزه من النبوة وهو ما أرتفع من الأرض معناه أن له لارتبة شريفة ومكانة نبيهة عند مولاه منيفة انتهى. ويحتمل أن يكون من النبيء الذي هو الطريق المستقيم قال ابن سيدة النبي المخبر عن الله عز وجل قال سيبويه الهمزة فيه لغة ردية لقلة استعمالها لا لأن القياس يمنع من ذلك ألا ترى إلى قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد قال له اعرابي يا بنئ الله من قولهم نبأت من أرض إلى أرض إذا أخرجت منها إلى أخرى والمعنى يا من خرج من مكة إلى المدينة فأنكر عليه - صلى الله عليه وسلم - الهمزة وقال أنا معشر قريش لا تنبز ويروى لا تنبزا باسمي فإنما أنا نبي الله وفي لفظ لست نبيء الله ولكن نبي الله قال ابن سيدة أنكر عليه السلام الهمزة في اسمه فرده على قائله لأنه لم يدر ما سماه فاشفق أن يمسك عن ذلك وفيه شيء يتعلق بالشرع فيكون بالإمساك عنه مبيح محظوراً وحاظراً مباح والجمع أنبياء ونباء وأنباء قال العباس بن مرداس السلمي: يا خاتم النباء أنك مرسل بالحق كل هدى السبيل هداكا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 38 أن الاله بنى محبة في خلقه ومحمداً اسماكا إذا تقرر هذا فلم تزل تتشعب القالة في الاختلاف والنزاع. (الفرق بين النبي والرسول) الفرق بين النبي والرسول قال بعضهم الرسول الذي أرسل للخلق بإرسال جبرئيل إليه عياناً ومحاورته شفاها والنبي الذي تكون نبوته إلهاماً ومناماً فكل رسول نبي وليس كل نبي رسولاً نقله الواحدي وغيره عن الفراء. وقال النووي في كلام الفراء نقص فإن ظاهرة أن النبوة المجردة لا تكون برسالة ملك وليس كذلك وحكى القاضي عياض قولاً إنهما مفترقان من وجه إذ قد اجتمعا في النبوة التي هي الإطلاع على الغيب والإعلام بخواص النبوة أر الرفعة بمعرفة ذلك وحوز درجتها وأفترقا في زيادة الرسالة التي للرسول وهو الأمر بالإنذار والإعلام قال وذهب بعضهم إلى أن الرسول من جاء بشرع مبتدأ ومن لم يأت به نبي غير رسول وإن أمر بالإبلاغ والإنذار وقيل الرسول من كان صاحب معجزة وصاحب كتاب ونسخ شرع من قبله ومن لم يكن مجتمعاً فيه هذه الخصال فهم نبي غير مرسل وقال الزمخشري الرسول من الأنبياء من جمع إلى المعجزة الكتاب المنزل عليه والنبي غير الرسول من لم ينزل عليه كتاب وإنما أمر أن يدعو إلى شريعة من قبله كل هذه الأقوال قد حكاها المجد اللغوي قال وانا لا أذكر في ذلك إن شاء الله تعالى إلا قول من هجيراه التحقيق والتنيين وديدنة إزاحة القناع عن وحوه الدقائق بالكشف المبين. (النبوة أفضل من الإرسال) قال ابن عبد السلام في قواعده فإن قيل: أيهما أفضل النبوة أو الإرسال قلت النبوة أفضل لأن النبوة أخبار عما يستحقه الرب سبحانه تعالى من صفات الإجلال ونعوت الكمال وهي متعلقة بالله تعالى من طرفيها والإرسال دونها لأنه أمر بالإبلاغ إلى العباد فهم متعلق بالله من أحد طرفيه أفضل مما تعلق به من أحد طرفيه والنبوة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 39 سابقة على الإرسال فإن قوله سبحانه لموسى {إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} متقدم على قوله {اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى} فجميع ما تحدث به قبل قوله {اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ} نبوة وما أمر به بعد ذلك من التبليغ فهو إرسال. والحاصل أن النبوة راجعة إلى التعرف بالاله وبما يجب للاله والإرسال راجع إلى أمره الرسول بأن يبلغ عنه إلى عبادة أو إلى بعضهم ما أوجبه عليهم من معرفته وطاعته وإجتناب معصيته انتهى، ويحتاج إلى تأمل، ومنها أنه غير فيها بقوله وملائكته ولم يقل والملائكة لعدم الفرق بين الصيغتين فإن كلا منهما يفيد العموم والأولى تعرفت بالإضافة التي جاءت للتشريف والتعظيم، والثانية بال وقيل أن في الآية حذفاً تقديره أن الله يصلي وملائكته يصلوا والله أعلم. والملائكة لا يحصي عددها إلا الله عز وجل لأن منهم الملائكة المقربين وحملة العرش وسكان سبع سموات أو خزنة الحنة والنار والحفظة على أعمال بني آدم كما في قوله يحفظونه من أمر الله والموكلين بالبحار والسحاب والامصار والأرحام والنطف والتصوير ونقخ الأرواح في الأجساد وخلق النبات وتصريف الرياح وجري الأفلاك والنجوم وإبلاغ صلاتنا على رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - زكتابة الناس يوم الجمعة والتأمين على قراءة المصلين وقول ربنا ولك الحمد. والداعين لمنتظر الصلاة واللاعنين لمن هجرت فراش زوجها إلى غير ذلك مما وردت به الأحاديث الصحيحة وغيرها وأكثر ذلك موجود في كتاب العظمة لأبي الشيخ بن حيان الحافظ. وفي تفيير الطبري من طريق كنانة العدوى أن عثمان سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن عدد الملائكة الموكلين بالآدمي فقال: لكل آدمي عشرة ملائكة بالليل وعشرة بالنهار. وواحد عن يمينه وآخر عن شماله وأثنان من بين يديه ومن خلفه وأثنان على شفتيه ليس يحفظان عليه إلا الصلاة على محمد، وأثنان على جبينه وآخر قابض على ناصيته فإن تواضع رفعه إن تكبر وضعه والعاشر يحرسه من الحية أن تدخل فاه: يعني إذا نام. وقيل إن كل إنسان معه ثلاثمائة وستون ملكاً وليس في العالم العلوي والعالم والسفلي مكان إلا وهو معمور بالملائكة الذين {لَا يَعْصُونَ اللَّهَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 40 مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} ، وقد ثبت في المستدرك للحاكم من حديث عبد الله بن عمرو وإن الله جزأ الخلق عشرة أجزاء فجعل الملائكة تسعة أجزاء وجزأ سائر الخلق الحديث، وفي حديث المعراج المتفق على صحته أن البيت المعمور يصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملك إذا خرجوا لم يعودوا آخر ما عليهم. وفي حديث أبي ذر عند الترمذي وإبن ماجة والبزار مرفوعاً اطت السماء وحق لها أن تئط ما فيها موضع أربع أصابع إلا وعليه ملك واضع جبهته ساجداً الحديث، وفي جابر مرفوعاً عند الطبراني ونحوه من حديث عائشة عند الطبراني ما في السماوات السبع موضع قدم ولا شبر ولا كف إلا وفيه ملك قائم أو راكع أو ساجد ومعلوم أن الجميع يصلون على سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنص القرآن حيث كانوا وأين كانوا وهذا مما خصه الله به دون سائر الأنبياء والمرسلين. ومنها أنه تعالى قال فيها {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} ولم يقل الناس وإن كان الكفار مخاطبين بالفروع الإسلامية على الصحيح لأن الصلاة عليه - صلى الله عليه وسلم - من آجل القرب فخص بها المؤمنون. قلت وقد استثنى شيخ الإسلام البلقيني من قولهم الكفار مخاطبون بفروع الشريعة مسائل منها معاملتهم الفاسدة المقبوضة. ومنها أنكحتهم الفاسدة، ومنها عدم الحد في شرب الخمر، ومنها كل خطاب جاء فيه {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} لا يدخل الكفار فيه والله أعلم. تنبيهان: أحدهما قد كثر السؤال عن الحكمة في تأكيد التسليم بالمصدر دون الصلاة وأجاب الفاكهاني بما حاصله أن الصلاة مؤكدة بأن وكذا باعلامه تعالى أنه تعالى يصلص عليه وملائكته ولا كذلك السلام فحسن تأكيده بالمصدر إذ ليس ثم ما يقوم مقامه. وأجاب شيخنا رحمه الله تعالى بجواب آخر ملخصه أنه لما وقع تقديم الصلاة على السلام في اللفظ وكان للتقديم مزية في الإهتمام حسن إن يؤكد السلام لتأخر مرتبته في الذكر لئلا يتوهم قلة الإهتمام به لتأخره، ورأيت في كتاب ابن بنون أن السلام قد جاء ما يتضي تأكيده مثل قوله عليه السلام أن لله ملائكة سياحين يبلغوني عن أمتي السلام، وقوله إذا سلم علي أحد رد الله علي روحي وفي هذا نظر والعلم عند الله تعالى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 41 (ما الحكمة في إضافة الصلاة إلى الله تعالى وملائكته دون السلام) التنبيه الثاني: سئل شيخنا عن إضافة الصلاة إلى الله تعالى وملائكته دون السلام وأمر المؤمنين بها وبالسلام فأجاب بأنه يحتمل أن يقال السلام له معنيان التحية والإنقياد فؤمر به المؤمنون لصحتها منهم والله وملائكته لا يجوز منهم الإنقياد فلم يضف إليهم دفعاً للإيهام والله أعلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 42 الباب الأول في الأمر بالصلاة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الأمر بالصلاة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفي أي وقت كان. وكيفية ذلك على اختلاف أنواعه والأمر بتحسين الصلاة عليه والترغيب في حضور المجالس التي يصلي فيها عليه، وإن علامة أهل السنة الكثرة منها وإن الملائكة تصلي عليه على الدوام، وإمهار آدم لحواء عليهما السلام الصلاة عليه وأن بكاء الصغير مدة صلاته عليه والأمر بالصلاة عليه إذا صلى على غيره من الرسل وما ورد في الصلاة على غير الأنبياء والرسل والخلاف في ذلك. ذكر أبو ذر فيما نسبه شيخنا إليه من غير عزو أن الأمر بالصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - كان في السنة الثانية من الهجرة وقيل في ليلة الإسراء. وفي فضل شعبان لابن أبي الصيف اليمني بلا إسناد أنه قيل أن شعبان شهر الصلاة على محمد المختار لأن آية الصلاة عليه - صلى الله عليه وآله وسلم - نزلت فيه، وعن ابن عمر وأبي هريرة - رضي الله عنهم - قالا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلوا علي صلى الله عليكم أخرجه ابن عدي في الكامل والنميري من طريقه وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلوا علي فإن صلاتكم علي زكاة لكم وسيأتي تخريجه في الباب الثاني وعن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - رفعه صلوا علي فإنها لكم أضعافاً مضاعفة ذكره الديلمي بلا إسناد تبعاً لأبيه، وعن أبي ذر - رضي الله عنه - قال أوصاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أصليها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 43 في السفر والحضر يعني صلاة الضحى وأن لا أنام إلا على وتر وبالصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - أخرجه بقي بن مخلد وابن بشكوال من طريقه وفي سنده يعلي بن الأشدق وهو ضعيف. ويروى عنه - صلى الله عليه وسلم - مما لم أقف على سنده أنه قال أكثروا من الصلارة علي لأن أول ما تسألون في القبر عني - صلى الله عليه وسلم -، وعن أبي مسعود الأنصاري البدري واسمه عقبة بن عمرة - رضي الله عنه - قال اتانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن في مجلس سعد بن عبادة فقال له بشير بن سعد أمرنا الله أن نصلي عليك يا رسول الله فكيف نصلي عليك فيكت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى تمنينا أنه لم يسأله ثم قال فيكت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقولوا اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم أنك حميد مجيد واسلام كما قد علمتم رواه مسلم وهو عند مالك في الموطأ وأبي داود والترمذي والنسائي والبيهقي في الدعوات بنحوه وزادوا فيه في العالمين أنك حميد مجدي، وليس عند أبي داود والسلام كما قد علمتم وقد ترجم عليه أبو داود والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد التشهد. وقوله علمتميروى بفتح العين وتخفيف اللام وبضم العين وتشديد اللام وهذا الحديث لفظه عن أحمد وإبن حبان في صحيحه والدارقطني والبيهقي في سنتهما، أقبل رجل حتى بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن عنده فقال يارسول الله أما السلام عليك فقد عرفناه فكيف نصلي عليك إذا نحن صلينا في صلاتنا صلى الله عليك قال فصمت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أحببنا أن الرجل لم يسأله فقال إذا أتتم صليتم فقولوا اللهم صل على محمد النبي الأمي وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم وبارك على محمد النبي الأمي وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم أنك حميد مجيد وصححه الترمذي وابن خزيمة والحاكم وقال الدارقطني اسناده حسن متصل وقال البيهقي اسناده صحيح قلت وفيه ابن إسحق لمكنه قد صرح بالحديث في روايته فصار حديثه مقبولاً صحيحاً على شرط مسلم كما ذكره الحاكم وعند إسماعيل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 44 القاضي في فضل الصلاة له من طرق عن عبد الرحمن بن بشير بن مسعود مرسلاً قال قيل يا رسول الله أمرنا لأن نسلم عليك وأن نصلي عليك فقد علمنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي عليك قال تقولون اللهم صل على آل محمد كما صليت على آل إبراهيم اللهم بارك على محمد كما باركت على آل إبراهيم وفي بعض طرقه عند إسماعيل قلنا أو قيل بالشك والله أعلم. وعن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال لقيني كعب بن عجزة - رضي الله عنه - فقاغل إلا هدى لك هدية أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج علينا فقلنا يا رسول الله قد علمنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي عليك قال قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم أنك حميد مجيد اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم أنك حميد مجيد متفق عليه وفي لفظ البخاري على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في الموضعين ونحو ذلك عند الطبري وأخرج الحديث أحمد والأربعة إلا أن أبا داود والترمذي لم يذكرا الهدية، وأول حديثهما أن كعب بن عجزة قال يا رسول الله وذكر الحديث، وفي رواية الترمذي من الزيادة قال عبد الرحمن ونحن نقول وعلينا معهم وكذا هي عند السراج من الطريق التي عند الترمذي وعند إسماعيل القاضي من طريقين آخرين عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الرحمن وأخرجهما أحمد في المسند من حديث يزيد وزاد في آخره قال يزيد فلا أدري أشيء زاده عبد الرحمن من قبل نفيه أو رواه كعب ويزيد استشهد به مسلم وهذه الزيادة أيضاً عند الطبراني من طريق الحكم بسند رواته موثقون بلفظ اللهم صل على محمد إلى قوله وآل إبراهيم وصل علينا معهم وبارك مثله وفي آخره وبارك علينا معهم وللشافعي عن كعب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يقول في الصلاة اللهم صل على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم وبارك على محمد وآل محمد ما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم أنك حميد مجيد أخرجه البيهقي من طريقه وفي بعض طرق الحديث عند سعيد بن منصور وأحمد والترمذي وإسماعيل القاضي والسراج وأبي عوانة والبيهقي والخلعي والطبراني بسند جيد. سبب هذا السؤال ولفظه لما نزلت {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 45 الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} ، جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال يا رسول الله هذا السلام عليك قد عرفناه فكيف الصلاة عليك الحديث، وهو عند إسماعيل القاضي أيضاً عن الحسن مرسلاً لما نزلت {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} ، قالوا يارسول الله هذه السلام عليك قد علمنا كيف هو فكيف تأمرنا أن نصلي عليك قال تقولون اللهم أجعل صلاتك وبركاتك على محمد كما جعلتها على إبراهيم أنك حميد مجيد ورواه ابن أبي شيبة وسعيد بن منصور نحوه في آل الموضعين، وعند إسماعيل أيضاً عن إبراهيم مرسلاً أنهم قالوا يا رسول الله قد علمنا السلام عليك فكيف الصلا عليك قال قولوا اللهم صل على محمد عبدك ورسولك وأهل بيته كما صليت على إبراهيم أنك حميد مجبد ةعن أبي سعيد الخدري واسمه سعد بن مالك ابن سنان - رضي الله عنه - قال قلنا يارسول الله ذها السلام عليك قد عرفناه فكيف نصلي عليك قال قولوا اللهم صل على محمد عبدك ورسولك كما صليت على إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وفي رواية وآل إبراهيم أخرجه البخاري وأحمد والنسائي وأبن ماجه والبيهقي وابن أبي عاصم، وعن أبي حميد الساعدي، واختلف في اسمه - رضي الله عنه - قال قالوا يارسول الله كيف نصلي عليك قال قولوا اللهم صل على محمد وعلى ازواجه وذرياته كما صليت على آل إبراهيم وبارك على محمد وأزواجه وذريته كما باركت على إبراهيم أنك حميد مجيد متفق عليه وأخرجه مالك وأحمد وأوبو داود والنسائي وأبن ماجة وغيرهم لكن عند أحمد وأبي داود على آل إبراهيم في الموضعين وعند أبن ماجه كما باركت على آل إبراهيم في العالمين وعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال إذا تشهد أحدكم في الصلاة فليقل اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وبارك على محمد وآل محمد وأرحم محمد وآل محمد كما صليت وبارمت وترحمت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد أخرجه الحاكم في المستدرك شاهداً وأغتر قوم بذلك فصححوه ووهموا فإنه رواة يحي بن السباق وهو مجهول عن رجل مبهم وأخرجه البيهقي عن الحاكم وهو عند الدارقطني وأبي حفص بن شاهين بسند فيه عبد الوهاب بن مجاهد وهو ضعيف بلفظ علمني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التشهد كما كان يعلمنا السورة من القرآن التحيات لله والصلوات والطيبات الجزء: 1 ¦ الصفحة: 46 السلام عليك يا أيها النبي ورحمة وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله اللهم صل على محمد وعلى أهل بيته كما صليت على إبراهيم أنك حميد مجيد اللهم صل علينا معهم اللهم بارك على محمد وعلى أهل بيته كما باركت على آل إبراهيم أنك حميد مجيد اللهم بارك علينا معهم صلوات الله وصلاة المؤمنين على محمد النبي الأمي السلام عليك ورحمة الله وبركاته ورواه ابن أبي عاصم بلفظ قلنا يا رسول الله قد عرفنا السلام عليك فكيف نصلي عليك قال قولوا اللهم أجعل صلاتك ورحمتك وبركاتك على سيد المرسلين وإمام المتقسن وخاتم النبيين محمد عبدك ورسولك أما الخير ورسول الرحمة اللهم أبعثه مقاماً محموداً يغبطه به الأولون والآخرون اللهم صل على محمد وأبلغه الوسيلة والدرجة الرفيعة من الجنة اللهم أجعل في المصطفين محبته وفي المقربين مودته وفي الأعلين ذكره أو قال داره والسلام عليه ورحمة الله وبركاته اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم أنك حميد مجيد اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم أنك حميد مجيد وفيه المسعودي وهو ثقة ولكنه أختلط. وعن عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - قال قالوا يا رسول الله قد عرفنا السلام عليك فكيف الصلاة عليك قال قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وبارك علة محمد وعلى آل محمد صليت وباركت على إبراهيم أنك حميد مجيد أخرجه النميري في فضل الصلاة له وقال أنه غريب، قلت وهو عنده من وجه آخر عن يونس بن خباب أنه خطب بفارس فقال {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} فقال أنبائي من سمع ابن عباس بقول هكذا أنزل فقلنا أو فقالوا يا رسول الله علمنا السلام عليك فكيف الصلاة عليك فقال اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم أنك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم أنك حميد مجيد ورواه ابن جرير أيضاً وسنده ضعيف لضعف بعض رواتخ ولأن يونس لم يسم من حدثه عن ابن عباس ولم يأت بهذا اللفظ إلا من هذا الطريق. وعن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال عد رسول الله - صلى الله عليه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 47 وسلم - في يده وقال عد جبرئيل عليه السلام في يدي وقال جبرئيل هكذا نزلت بهن من عند رب العزة جل وعلى اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم وترحم على محمد وعلى آل محمد كما ترحمت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم وتحنن على محمد وعلى آل محمد كما تحننت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم سلم على محمد وعلى آل محمد وعلى آل محمد كما سلمت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد أخرجه أبو القاسم التيمي وإبن بشكوال وغيرهما مسلسلاً أيضاً ورجال سنده فيهم من أتهم بالكذب والوضع فالحديث بسبب ذلك تألف وعند النسائي والخطيب وغيرهما عن علي - رضي الله عنه - أيضاً أنهم قالوا يا رسول الله كبف نصلص عليك قال قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد وفي إسناده اختلاف على رواية حبان بن يسار فروى عنه عن عبيد الله بن طلحة عن محمد بن علي عن نعيم المجمر عن أبي هريرة أخرجه أبو داود وفيه اللهم صل على محمد النبي الأمي وأزواجه أمهات المؤمنين وذريته وأهل بيته وروى عنه عن عبد الرحمن بن طلحة عن محمد بن الحنفية عن أبيه علي بن أبي طالب كما سقناه أخرجه النسائي والأولى أرجح ويحتمل أيكون الحبان فيد سندان وسيأتي بلفظ آخر وسيأتي بلفظ آخر قريباً. وعن موسى بن طلحة بن عبيد الله التيمي عن أبيه - رضي الله عنه - أن رجلاً أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال كيف نصلي عليك يا نبي الله قال قولوا اللهم صل على محمد كما صليت على إبراهيم أنك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم أنك حميد مجيد أخرجه أحمد والطبري ولفظه أتى رجل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال سمعت الله تعالى يقول {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} الآية فكيف الصلاة عليك وأخرجه أبو نعيم في الحلية وسنده صحيح لكنه معلول فقد روى عن موسى عن زيد بن حارثة وقيل ابن خارجة وهو الصحيح وهذه الرواية عند الطحاوي والنسائي وأحمد والبغوي في معجم الصحاح الجزء: 1 ¦ الصفحة: 48 وأبي نعيم والديلمي ولفظها عن زيد سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال صلوا علي وأحتهدوا في الجعاء ثم قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وفي رواية اللهم بارك على محمداً وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم إنك حميد مجيد ورجحها أعني رواية زيد علي ابن المديني والإمام أحمد وغيرهما وأخرجها سموية أيضاً بلفظ سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال صلوا علي ثم قولوا اللهم بارك على محمد وآل محمد كما باركت على إبراهيم إنك حميد مجيد. ورواه ابن أبي عاصم من طريق موسى فقال عن خارجة بن زيد وهو مقلوب ووقع في رواية البغوي يزيد ياء في أوله وفي أخرى لأبي نعيم يزيد بن جارية وكلاهما وهم قلت وصنيع الترمذي يشعر بأن لموسى فيه سندين أحدهما عن أبيه والأخر عن زيد فإنه قال وفي الباب عن طلحة بن عبيد الله وزيد بن خارجه ويقال له حارثة فدل على أن كلاً من حديث طلحة وزيد محفوظ ويقوي ذلك إن وجد الحديثين زيادة على الآخر وقد أخرج النسائي الحديث من الوجهين معاً من غير تغليب لأحدهما على الآخر فكأنهما أستويا عنده وهو الظاهر من مذهب الدارقطني فإنه لم يحكم لأحدى الجهتين على الأخرى والله أعلم وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - وفي اسمه اختلاف كثير أنه قال يا رسول الله كيف نصلي عليك يعني في الصلاة قال تقومون اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم ثم تسلمون علي أخرجه الشافعي وشيخه فيه ضعيف وقد سلف الكلام عليه في المقدمة وهو عند البزار والسراج من وجه إسناده صحيح على شرط الشيخين وعند الطبري من وجه آخر عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنهم سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كيف نصلص عليك قال قولوا الهم صل على محمد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما صليت وباركت على إبراهيم وآل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد والسلام كما علمتم، وعند البخاري في الأدب المفرد وأبي جعفر الطبري في تهذيبه والعقيلي بلفظ من قال اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم وترحم على محمد وعلى آل محمد كما ترحمت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم شهدت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 49 له يوم القيامة بالشهادة وشفعت له شفاعة وهو حديث حسن ورجاله رجال الصحيح لكن فيهم سعيد بن عبد الرحمن مولى آل سعيد بن العاص الراوي له عن حنظلة وهو مجهول لا نعرف فيه جرحاً ولا تعديلاً نعم ذكره ابن حبان في الثقات على قاعدته. وأخرجه ابن أبي عاصم من وجه آخر ضعيف بلفظ أنه قيل له أن الله أمرنا بالصلاة عليك فكيف الصلاة عليك قال قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم وأرحم محمد وآل محمد كما رحمت إبراهيم وآل إبراهيم والسلام قد علمتم. وعن بريدة بن الحصيب الأسلمي - رضي الله عنه - قال قلنا يا رسول الله قد علمنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي عليك قال قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم وأرحم محمداً وآل محمد كما رحمت إبراهيم وآل إبراهيم والسلام قد علمتم. وعن بريد بن الحصيب الاسلمي - رضي الله عنه - قال قلنا يا رسول الله قد علمنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي عليك قال قولوا اللهم أجعل صلاتك ورحمتك وبركاتك على محمد وعلى آل محمد كما جعلتها على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد رواه العباس السراج وأحمد بن منيع وأحمد بن حنبل وعبد بن حميد في مسانيدهم والمعمري وإسماعيل القاضي كلهم بسند ضعيف وكذا روينا في ثامن حديث الخراساني. وعن جابر بن عبد الله الأنصاري - رضي الله عنهما - نحو حديث كعب الماضي وفيه وعلينا معهم أخرجه البيهقي في شعب الإيمان له وهو ضعيف وعن زيد بن ثابت - رضي الله عنه - قال خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى وقفنا في مجمع طرق فطلع اعرابي فقال السلام عليك يا رسول الله ورحمة وبركاته فقال له وعليك السلام أي شيء قلت حين حييتني قال قلت اللهم صل على محمد حتى لا تبقى صلاة اللهم بارك على محمد حتى لا تبقى بركة اللهم سلم على محمد حتى لا يبقى سلام وأرحم محمداً حتى لا تبقى رحمة، فقال رسول الله - صلى الله عليه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 50 وسلم - أني أرى الملائكة قد سدد الأفق أخرجه ..... بسندها لك وعن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - أن رجلاً قال له كيف الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال اللهم صلواتك وبركاتك ورحمتك وقائد الخير اللهم أبعثه يوم القيامة مقاماً محموداً يغبطه الأولون والآخرون وصلي على محمد وعلب آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد رواه أحمد بن منيع في مسنده وسبطه والبغوي في فوائده عنه ومن طريقه النميري بسند ضعيف وهو عند إسماعيل القاضي عن ابن عمر أو ابن عمرو بالشك فالله أعلم، وقد سلف من حديث ابن مسعود أيضاً. وعن رجل من الصحابة رضوان الله عليهم أنه كان يقول اللهم صل على محمد وعلى أهل بيته وعلى أزواجه وذريته كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى أهل بيته وعلى أزواجه وذريته كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد أخرجه عبد الرزاق في جامعه من طريق ابن طاوس عن أبي بكر بن محمد بن عمر بن حزم عن رجل وقال قال ابن طاوس وكان أبي يقول مثل ذلك. وعن رويفع بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من قال اللهم صل على محمد وأنزله المقعد المقرب عندك يوم القيامو وجبت له شفاعتي رواه البزار وابن أبي عاصم وأحمد بن حنبل وإسماعيل القاضي والطبراني في معجميه الكبير والأوسط وابن بشكوال في القربة وابن أبي الدنيا وبعض أسانيدهم حسن قاله المنذري. تنبيه رأيت هذا الحديث في عدة نسخ من الشفا للقاضي عياض منسوباً إلى زيد بن الحباب سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهذا غلط وزيد ليست له صحبة بل ولا هو من التابعين بل ولا من أتباعهم وإنما روى هذا الحديث عن ابن الهيعة عن بكر بن سوادة عن زياد بن نعيم عن وفا بن شريح الحضرمي عن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 51 رويفع فاحببت التنبيه عليه لئلا يغتر به والله المستعان. والمقعد المقرب يحتمل أن يراد به الوسيلة أو المقام المحمود وجلوسه على العرش أو المنزل العالي والقدر الرفيع والله أعلم. وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال من قال جزى الله عنا محمداً - صلى الله عليه وسلم - بما هو أهله أتعب سبعين ملكاً ألف صباح رواه أبو نعيم في الحلية وابن شاهين في الترغيب له وأبو الشيخ والخلعيفي فوائده والطبراني في المعجم الكبير والأوسط وابن بشكوال والرشيد العطار وفي سنده هاني بن المتوكل وهو ضعيف وأخرجه أبو القاسم التيمي في ترغيبه وعنه أبو القاسم بن عساكر ومن طريقه أبو اليمن من غير طريق هاني لكن فيه رشدين بن سعد وهو ضعيف أيضاً وتابعها أحمد بن حماد وغيره كلهم عن معاوية بن صالح والحديث مشهور به كما قال أبو اليمن قال وكان على قذاء الأندلس والضمير في قوله أهله يحتمل أن يكون راجعاً إلى الله تعالى أو إلى محمد - صلى الله عليه وسلم - كما قاله المجد اللغوي لكن الظاهر كما أفاده بعض الأستاذين أن المضمر في هو لمحمد - صلى الله عليه وسلم - وفي أهله لما أو بالعكس. ويروى عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال من صلى روح محمد في الأرواح وعلى حسده في الأجساد وعلى قبره في القبور رآني في منامه ومن رأني في منامه رأني يوم القيامة، ومن رآني يوم القيامة شفعت له ومن شفعت له شرب من حوضي وحرم الله جسده على النار ذكره أبو القاسم البستي في كتابه الدر المنظم في المولد المعظم له لكت لم أقف على أصله إلى الآن. وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من سره أن يكتال بالمكيال الأوفى إذا صلى علينا أهل البيت فليقل اللهم صل على محمد النبي وأزواجه أمهات المؤمنين وذريته وأهل بيته كما صليت على إبراهيم إنك حميد مجيد أخرجه أبو دواد في سننه وعبد بن حميد في مسنده وأبو نعيم عن الطبراني كلهم من طريق نعيم المجمر عنه وكذا هو عندنا في حديث ابن علم الصغار عن أبي بكر عن أبي خيثمة ورويناه من طريق مالك عن نعيم عن محمد بن عبد الله بن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 52 زيد عن أبي مسعود وقال البخاري وأبو حاتم أنه أصح وفيه خلاف آخر مذكور في الذي بعده. وعن علي - رضي الله تعالى عنه - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من سره أن يكتال له بالمكيال الأوفى إذا صلى علينا أهل البيت فليقل اللهم أجعل صلاتك وبركاتك على محمد النبي وأزواجه أمهات المؤمنين وذريته وأهل بيته كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد رواه ابن عدي في الكامل وابن عبد البر والنسائي في مسند علي وفي سنده راو مجهول وآخر أختلط في آخر عمره وللحديث علة أخرى عمرو بن عاصم عن حبان هكذا جعله من مسند علي ورواه موسى بن إسماعيل عن حبان فجعله من مسند أبي هريرة كما تقدم قريباً قلت وبين عمرو وموسى من الاختلاف غير ذلك ورواية موسى أرجح أحفظ من عمرو ولغير ذلك وقد تقدم حديث على هذا بلفظ آخر قبل بيسير. وأخرج ابن زنجويه من حديث علي موقوفاً من سره أن يكتال بالمكيال إلا وفي فليقرأ هذه الآية سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين، ويروى عنه - صلى الله عليه وسلم - مما لم أقف عليه أنه قال الصلاة على نور يوم القيامة عند ظلمة الصراط ومن أراد أن يكتال له بالمكيال إلا وفي يوم القيامة فليكثر من الصلاة علي ذكره صاحب الدر المنظموعو يزيد بن عبد الله أنهم كانوا يستحبون أن يقولوا اللهم صل على محمد النبي الأمي عليه السلام أخرجه إسماعيل القاضي. وعن سلامة الكندي قال كان علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - يعلم الناس الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - فيقول اللهم داحي المدحوات وباري المسموكات وجبار القلوب على فطرتها شقيها وسعيدها أجعل شرائف صلاتك ونوامي بركاتك ورأفة تحننك على محمد عبدك ورسولك الخاتم لما سبق والفاتح لما أغلق والمعلن الحق بالحق والدافع لجيشات الأباطيل كما حمل فاضطلع بأمرك بطاعتك مستوفزاً في مرضاتك بغير نكل عن قدم ولا وهن في عزم، واعيا لوحيك حافظاً لعهدك ماضياً على نفاذ أمرك حتى أورى قبسا لقابس آلاء الله تصل بأهله أسبابه به هديت القلوب بعد خوضات الفتن والإثم وأبهج موضحات الإعلام الجزء: 1 ¦ الصفحة: 53 ومنيرات الإسلام ودابرات الأحكام فهم امينك المأمون وخازن علمك المخزون وشهيدك يوم الدين وبعثيك نعمة ورسولك بالحق رحمة اللهم أفيح له مفيحاً في عدنك وأجزه مضاعفات الخير من فضلك مهنئات له غير مكدرات من فوز ثوابك اتلمضنون وجزيل عطائك المعلول اللهم أعل على بناء البنائين باءه أكرم مثواه لديك ونزله، وأتم له نوره وأجزه من أتبعاثك له مقبول الشهادة ومرضى المقالة ذا منطق عدل وخطة فصل وحجة وبرهان عظيم - صلى الله عليه وسلم -، أخرجه الطبراني وابن أبي عاصم وسعيد بن منصور والطبري في مسند طلحة من تهذيب الأثار له وأبو جعفر أحمد بن سنان القطان في مسنده وعنه يعقوب بن شيبة في أخبار علي وابن فارس زابن بشكوال هكذا موقوفاً لسند ضعيف وقد قال الهيثمي أن رجاله رجال الصحيح لكن أعله بأن رواية سلامة عن علي مرسلة انتهى، وأخرجه النخشبي في العاشر من الحنايات وقال لا يعرف سماع سلامة من علي والحديث مرسل وقال ابن كثير هذا مشهور من كلام علي وقد تكلم عليه ابن قتبة في مشكل الحديث وكذل أبو الحسن أحمد بن فارس اللغوي في جزء جمعة في فضلالصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا أن في اسناده نظر. وقد قال الحافظ أبو الحجاج المزي سلامة الكندي هذا ليس بمعروف ولم يدرك عليا كذا قال والعلم عن الله تعالى وهو عند ابن عبد البر من طريق أبي بكر بن أبي شيبة بسند فيه من لم يعرف بنحوه وزاد في آخره اللهم أجعلنا سامعين مطيعين، وأولياء مخلصين، ورفقاء مصاحبين اللهم بلغة منا السلام واردد علينا منه السلام. قلت وسيأتي ضبط ما فيه من مشكل في الفصل السادس عشر من هذا الباب إن شاء الله تعالى. وعن علي أيضاً - رضي الله عنه - في الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} لبيك اللهم ربي وسعديك، صلوات الله البر الرحيم والملائكة المقلابين والنبيين والصديقين والشهداء والصالحين وما سبح لك من شيء يارب العالمين على محمد بن عبد الله خاتم النبيين وسيد المرسلين وإمام المتقين ورسول رب العالمين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 54 الشاهد البشير الداعي إليك بإذنك السراج المنير وعليه السلام رويناه من حديثه في الشفاء لكن لم اقف على أصله. ويروي عنه - صلى الله عليه وسلم - مما لم أقف على إسناده لا تصلوا علي الصلاة البتيرا قالوا وما الصلاة البتيرا يا رسول الله قال تقولوا اللهم صل على محمد وتمسكون بل قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد أخرجه أبو سعد في شرف المصطفى. وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه كان إذا صلى على النبي - صلى الله عليه وسلم - قال اللهم تقبل شفاعة محمد الكبري وأرفع درجته العليا وأعطه سؤله في الآخرة والأولى كما أتيت إبراهيم وموسى رواه عبد بن حميد في مسنده وعبد الزاق وإسماعيل القاضي وإسناده جيد، قوي صحيح. وعن الحسن، هو البصري أنه كان إذا صلى على النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول اللهم أجعل صلواتك وبركاتك على آل أمحد كما جعلتها على آل إبراهيم إنك حميد مجيد رواه النميري في لفظ من وجه آخر على محمد وزاد السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ومغفرة ورضوانه اللهم أجعل محمداً من أكرم عبادك عليك ومن أرفعهم عندك وأعظمهم خطراً وأمكنهم عندك شفاعة اللهم اتبعه أتبعه من أمته وذريته ما تقر به عينه واجزه عنا خيرما جزيت نبياً عن أمته وأجز الأنبياء كلهم خيراً وسلاماً على المرسلين، والحمد لله رب العالمين، وعنه أيضاً أنه كان إذا صلى على النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وأصحابه وأولاده وأهل بيتهوذريته ومحبيه وتباعه وإشياعه وعلينا معهم أجمعين يا أرحم الراحمين، ورواه النميري أيضاً وعنه أيضاً قال من أراد أن يشرب بالكأس الأوفى من حوض المصطفى فليقل اللهم صل على محمد وعلى آله وأصحابه وأولاده وأزواجه وذريته وأهل بيته واصهاره وأنصاره وأشياعه ومحبيه وأمته وعلينا معهم أجمعين يا أرحم الراحمين، وذكره القاضي عياض في الشفاء وعند النميري وابن بشكوال من طريق أبي الحسن بن الكرخي، صاحب معروف أ، هـ كان يقول في الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - اللهم صل على محمد ملاء الدنيا وملاء الآخرة وبارك على محمد ملاء الدنيا وملاء الآخرة وأرحم محمداً ملاء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 55 الدنيا والآخرة وسلم على محمد ملاء الدنيا والآخرة. وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال اللهم إني أسالك يا الله يا رحمن يا رحيم يا جار يا مأمن الخائفين يا عماد من لا عماد له يا سند من لا سند له يا ذخر من لا ذخر له، يا حرز الضعفاء يا كنز الفقراء يا عظيم الرجاء يا منقذ الهلكي يا منجي الغرقي يا محسن يا مجمل يا منعم يا مفضل يا عزيز يا جبار يا منير أنت الذي سجد لك الليل وضوء النهار وشعاع الشمس وحفيف الشجر ودوي الماء ونور القمر يا الله أنت الله لا شريك له اسألك أن تصلي على محمد عبدك ورسولك وعلى آل محمد. وعن واثلة بن الأسقع - رضي الله عنه - قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما جمع فاطمة وعليا والحسن والحسين تحت ثوبه اللهم قد جعلت صلواتك ورحمتك ومغفرتك ورضوانك على إبراهيم وآل إبراهيم أنهم مني وأنا منهم فأجعل صلواتك ورحمتك ومغفرتك ورضوامك علي وعايهم قال واثلة وكنت واقفاً على الباب فقلت وعلي يا رسول الله بأبي انت وأمي فقال اللهم وعلة واثلة أخرجهما الديلمي في مسنده وهما ضعيفان. ويروى عن أبي الحسن البكري وأبي عمارة بن زيد المدني ومحمد بن إسحق المطلبي قالوا بينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المسجد إذا رجل ملثم بلثام فأسفر عن لثامه وأفصح عن كلامه وقال السلام عليكم يا أهل العز الشامخ والكرم الباذخ فأجلسه النبي - صلى الله عليه وسلم - بينه وبين أبي بكر فنظر أبو بكر إلى الأعرابي وقال يا رسول الله أتجلسه بيني وبينك ولا أعلم على الأرض أحب إليك مني فقال له إن الأعرابي أخبرني عنه جبريل عليه السلام أنه يصلي علي صلاة لم يصلها أحد قبله فقال يا رسول الله كيف يصلي عليك حتى أصلي عليك مثله فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - يا أبا بكر أنع يقول اللهم صل على محمد وعلى آل محمد في الآولين والآخرين وفي الملأ الأعلى إلى يوم الدين فقال يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فما ثواب هذه الصلاة قال يا أبا بكر لقد سألتني عما لا أقدر أن أحصيه فلو كانت البحار مداداً والأشجار اقلاماً والملائكة كتاباً يكتبون لفني المداد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 56 وتكسرت الأقلام ولم تبلغ الملائكة ثواب هذه الصلاة رواه أبو الفرج في كتاب المطرب وهو منكر بل موضوع. وفي الشفا لبن سبع مما لم أقف على سنده أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يجلس بينه وبين أبي بكر أحد فجاء رجل يوماً فأجليه عليه الصلاة والسلام بينهما فتعجب الصحابة من ذلك فلما خرج قال النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا يقول في صلاته علي اللهم صل على محمد كما تحب وترضى له أو نحو هذا قلت وعلى تقدير ثبوت هذا فلعله - صلى الله عليه وسلم - أراد تأليف قلب ذلك الرجل واستمراره على الإسلام واستقامة أمره وترغيب الحاضرين في الصلاة عليه بتلك الكيفية أو غير ذلك مما لا يستلزم أن غير أبي بكر - رضي الله عنه - أقرب منه ولا أحب ولله الفضل. وروى ابن أبي عاصم في بعض تصانيفه بسند لم أقف عليه عن ..... مرفوعاً من قال اللهم صل على محمد وعلى آل محمد صلاة لك رضا والحقه أداء وأعطه السيلة والمقام المحمود الذي وعدته وأجزه عنا ما هو أهله وأجزه عنا من أفضل ما جزيت نبياً عن أمته وصل على حميع أخوانه من النبيين والصالحين يا أرحم الراحمين من قالها في سبع جمع في كل جمعة سبع مرات وجبت له شفاعتي. وعن أبي محمد عبد الله الموصلي المعروف بابن المشتهر وكان فاضلاً أنه قال من أراد أن يحمد الله تعالى بأفضل ما حمده أحد من خلقه من الأولين والآخرين والملائكة المقربين وأهل السموات والأرضين ويصلي على محمد - صلى الله عليه وسلم - أفضل ما صلى عليه أحد ممن ذكره غيره ويسأل الله أفضل ما سأله أحد من خلقه فليقل اللهم لك الحمد كما أنت أهله فصل على محمد كما انت أهله وأفعل بنا ما أنت أهله فإنك أهل التوقى وأهل المغفرة أخرجه النميري. وعن ابن مسعود - رضي الله عليه - قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا صليتم علي فأحسنوا الصلاة فإنكم لا تدرون لعل ذلك يعرض علي قولوا اللهم أجعل صلاتك ورحمتك وبركاتك على سيد المرسلين وإمام المتقين وخاتم النبيين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 57 عبدك ورسولك إمام الخير وقائد الخير ورسول الرحمة اللهم أبعثه المقام المحمود يغبطه به الأولون وألاخرون أخرجه الديلمي في مسند الفردوس له هكذا، ورواه ابن أبي عاصم كما تقدم في حديث التشهيد. قلت وقد قال أبو موسى المدني في الترغيب له هذا حديث مختلف ف إسناده انتهى والمعروف أنه موقوف كذلك أخرجه ابن ماجه في سننه والطبري في تهذيبه وعبد في مسنده والبيهقي في الدعوات والشعب والمعمري في اليوم والليلة والدارقطني في الأفراد وتمام في فرائده وابن بشكوال في القرية وفي آخره اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد وإسناد الموقوف حسن بل قال الشيخ علاء الدين مغلطاي أنه صحيح لكن قد تعقب بعض المتأخرين على المنذري حيث حسنه بما حاصله كيف يكون حسناً وفي إسناده المسعودي وقد قال ابن حبان أنه أختلط بأخره ولم يتميز حديثه الأول من الآخر فأستحق الترك وعند عبد الرزاق من طريق مجاهد رفعه مرسلاً أنكم تعرضون علي باسمائكم وسيماكم فاحسنوا الصلاة علي، أخرجه النميري من طريقه. ويروى عن زين العابدين علي بن الحسين مما لم أقف على سنده أنه كان إذا صلى على جده - صلى الله عليه وسلم - يقول والناس يسمعونه اللهم صل على محمد في الأولين وصل على محمد في الآخرين وصل علة محمد إلى يوم الدين اللهم صل على محمد شاباً فتياً وصل على محمد كهلاً مرضياً، وصل على محمد رسولاً نبياً، اللهم صل على محمد حتى ترضى، وصل على محمد بعد الرضى، وصل على محمد أبداً ابداً، اللهم صل على محمد كما أمرت بالصلاة عليه، وصل على محمد كما تحب أن يصلي عليه، وصل على محمد كما أردت أن يصلي عليه، اللهم صل على محمد عدد خلقك، وصل على محمد رضى نفيك، وصل على محمد زنة عرشك وصل على محمد مداد كلماتك التي لا تنفذ اللهم وأعط محمداً الوسيلة والفضيلة والدرجة الرفيعة اللهم عظم برهانه وابلج حجته وأبلغه مأموله من أهل بيته وأمته اللهم أجعل صلواتك وبركاتك ورأفتك ورحمتك على محمد حبيبك وصفيك وعلى أهل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 58 بيته الطيبين الطاهرين اللهم صل على محمد بأفضل ما صليت على أحد من خلقك، وبارك على محمد مثل ذلك، وأرحم محمداً مثل ذلك اللهم صل على محمد في الليل إذا يغشى وصل على محمد في النهار إذا تجلى وصل على محمد في الآخرة والأولى، اللهم صل على محمد الصلاة التامة وبارك على محمد البركة التامة وسلم على محمد السلام التام اللهم صل على محمد إمام الخير وقائد الخير ورسول الرحمة، اللهم صل على محمد أبد الآبدين ودهر الداهرين، اللهم صل على محمد النبي الآمي العربي القرشي الهاشمي الأبطحي التهامي المكي صاحب التاج والهراروة والجهاد والمغنم، صاحب الخير والمنبر، صاحب السرايا والعطايا والآيات المعجزات، والعلامات الباهرات، والمقام المشهود والحوض المورود والشفاعة والسجود للرب المحمود، اللهم صل على محمد بعدد من صلى عليه وعدد من لم يصل عليه. وذكر الفاكهاني إنه اللهم كيفية ذكرها وهي اللهم صل على سيدنا محمد الذي أشرقت بنوره الظلم، اللهم صل على سيدنا محمد المبعوث رحمة لكل الأمم، اللهم صل على سيدنا محمد المختار للسيادة والرسالة قبل خلق اللوح والقلم، اللهم صل على سيدنا محمد الموصوف بأفضل الأخلاق والشيم، اللهم صل على سيدنا محمد المخصوص بجوامع الكلم، وخواص الحكم، اللهم صل على سيدنا محمد الذي كان لا تنتهك في مجالسه الحرم، ولا يغضي عن من ظلم، اللهم صل على سيدنا محمد الذي كان إذا كشى تظلله الغمامة حيث ما يمم، اللهم صل على سيدنا محمد الذي أنشق له القمر وكلمه الحجر وأقر برسالته زصمم اللهم صل على سيدنا محمد الذي أثنى عليه الرب العزة نصاً في سالف القدم، اللهم صل على سيدنا محمد الذي صلى عليخ ربنا في محكم كتابه وأمر أن يصلي عليه ويسلم، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأزواجه ما أنهلت الديم، وما جرت على المذنبين أذيال الكرم، وسلم تسليماً وشرف وكرم، انتهى. قال وكتبها جماعة وحفظوها ثم أخبرت بعد ذلك أن بعض الطلبة المباركين من أصحابنا المالكية رأى في المنام أنه يصلي بها على منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والحمد لله. قلت وسيأتي في الباب الأخير كيفيات أخر من الصلاة على سيد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 59 المرسلين وحبيب رب العالمين ثم وقفت على كيفية أخرى أفاد بعض المعتمدين من شيوخنا أن لها قصة يفيد أن كل مرة منها بعشرة الآف صلاة إلا أنه لم يبين القصة المذكورة. وصفتها اللهم صل على سيدنا محمد السابق للخلق نوره ورحمة للعالمين ظهوره، عدد من مضى من خلقك ومن بقي من سعد منهم ومن شقي صلاة تستغرق العد، وتحيط بالحد، صلاة لا غاية لها ولا إنتهاء ولا أمد لها ولا إنقضاء صلاة دائمة بدوامك وعلى آله وصحبه كذلك والحمد لله على ذلك. وذكر الرشيد العطار وأسنده التيمي في ترغيبه وأبو اليمن ابن عساكر من جهته إلى سعد الزنجاني قال كان عندنا بمصر شخص صالح يسمى أبا سعيد الخياط وكان لا يختلط بالنساء ولا يحضر المجالس ثم أنه داوم على حضور مجلس ابن ؤشيق فتعجب الناس فيألوه فقال رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في المنام فقال أحضر مجلسه فإنه يكثر فيه الصلاة علي - صلى الله عليه وسلم -. وروي أبو القاسم التيمي في الترغيب له عن طريق علي بن الحسين ابن علي قال علامة أهل السنة كثرة الصلاة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعن كعب أنه دخل على عائشة - رضي الله عنها - فذكورا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال كعب ما من فجر إلا نزل سبعون ألفا من الملائكة حتى يحفوا بالقبر يضربون بأجنحتهم ويصلون على النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى إذا أمسوا عرجوا وهبط سبعون ألفا حتى يجفوا بالقبر يضربون بأجنحتهم فيصلون على النبي - صلى الله عليه وسلم - سبعون ألفا بالليل وسبعون ألفا بالنهار حتى إذا أنشقت عنه الأرض خرج في سبعين ألفا من الملائكة يزفونه في لفظ يوقرونه رواه إسماعيل القاضي وابن بشكوا والبيهقي في الشعب والدرامي في باب ما أكرم الله به نبيه - صلى الله عليه وسلم - بعد موته من جامعة وابن المبارك في الدقائق له. وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - رفعه بكاء الصبي إلى شهرين أن لا إله إلا الله وإلى أربعة أشهر الثقة بالله وإلى ثمانية أشهر الصلاة على النبي - صلى الله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 60 عليه وسلم - ولسنتين استغفار لوالديه وإذا استسقى أنبع الله له من ضرع أمه عينا من الجنة فيشرب فيجزيه من الطعام والشراب أخرجه الديلمي بسند ضعيف وفي لفظ لغيره لا تضربوا أطفالكم على بكائهم سنة، فإن أربعة أشهر منها يشهد أن لا إله إلا الله وأربعة أشهر يصلي علي وأربعة أشهر يدعو لوالديه وي آخر بكاء الصبي في المهد أربعة أشهر توحيد وأربعة أشهر صلاة على نبيكم وأربعة أشهر أستغفار لوالديه. وعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا صليتم على المرسلين فصلوا علي معهم فإني رسول من المرسلين أخرجه الديلمي في مسنده الفردوس له وأبو يعلى الصابوني في فوائده في حديثه كما سيأتي في الباب الثاني، وقيل عن أنس عن أبي طلحة رواه إبن أبي عاصم في كتابه كما مر بنا وبلفظ آخر إذا سلمتم علي فيلموا على المرسلين، وذكر المجد اللغوي أن إسناده صحيح محتج برجاله في الصحيحين والله أعلم، ورواه أبو نيم في الأحمدين من تاريخ الأصبهان. وعن قتادة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال إذا صليتم على المرسلين فصلوا علي معهم فاني رسول من المرسلين رواه ابن أبي عاصم وإسناده حسن جيد لكنه مرسل. وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال صلوا على أنبياء الله ورسله فإن الله بعثهم كما بعثني صلى الله عليه وعليهم وسلم تسليماً، أخرجه العدني وأحمد بن منيع والطبراني وإسماعيل القاضي ورويناه في فوائد العيسوي والترغيب للتيمي وفي سنده موسى بن عبيده وهو وإن كان ضعيفاً فحديثه يستأنس به، قلت والراوي عنه عمر بن هارون أيضاً ضعيف لكن قد رواه عبد الرزاق من طريق الثوري عن موسى ولفظه مرفوعاً إذا قال الرجل لأخيه جزاك الله خيراً فقد أبلغ في الثناء قال وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلوا على أنبياء الله ورسله فإن الله بعثهم كما بعثني. ومن حديث الثوري رويناه في حديث علي بن حرب عن أبي داود عنه، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 61 ورواه أبو القاسم التيمي في ترغيبه عن طريق وكيع وأبو اليمن ابن عساكر عن طريق المعافي ابن عمران كلاهما عن موسى أيضاً، ورويناه في رابع المخلصيات، وعن علي - رضي الله عنه - في حديث الدعاء لحفظ القرآن ففيه وصل علي وعلى سائر النبيين أخرجه الترمذي والحاكم وسيأتي في الباب الأخير إن شاء الله تعالى، وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا صليتم علي فصلوا على أنبياء الله فإن الله بعثني كما بعثهم، أخرجه الطبرني وفي سنده موسى أيضاً. وعن بريدة - رضي الله عنه - مرفوعاً لا تتركن في التشهد الصلاة علي وعلى أنبياء الله عز وجل أخرجه البيهقي بسند واه وسيأتي هنا أيضاً. وقال الحافظ أبو موسى المدني وبلغني عن إسناد بعض السلف أنه رأى آدم عليه السلام في المنام كأنه يشكو قلة صلاة نبيه عليه - صلى الله عليه وسلم - وعلى جميع الأنبياء والمرسلين وسلم وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال ما أعلم الصلاة تنبغي على أحد من أحد إلا على النبي - صلى الله عليه وسلم - ولكن يدعي للمسلمين والمسلمات باستغفار أخرجه ابن أبي شيبة وإسماعيل القاضي في أحكام القرآن والصلاة النبوية له والطبراني والبيهقي وسعيد بن منصور وعبد الرزاق لا تنبغي الصلاة من أحد على أحد إلا على النبي - صلى الله عليه وسلم -، ورجاله رجال الصحيح، ولفظ إسماعيل لاتصلح على أحد إلا على النبي - صلى الله عليه وسلم - ولكن للمسلمين والمسلمات الاستغفار ورويناه في الأول من أمالي الهاشم بلفظ لا ينبغي أن يصلي على أحد إلا على النبي - صلى الله عليه وسلم -. (هل يصلي على غير الأنبياء) وقال سفيان الثوري يكره أن يصلي على غير النبي - صلى الله عليه وسلم - أخرجه البيهقي، وفي رواية أخرجها هو وعبد الرزاق أيضاً يكره أن يصلى إلا على نبي وجاء عن عمر بن عبد العزيز فيما رويناه في فضل الصلاة لإسماعيل القاضي وأحكام القرآن له من طريق أبي بكر بن أبي شيبة بإسناد حسن أو صحيح أن عمر كتب أما بعد فإن ناساً من الناس قد التمسوا عمل الدنيا بعمل الأخرة وإن ناساً الجزء: 1 ¦ الصفحة: 62 من القصاص قد أحدثوا في الصلاة على خلفائهم وامرائهم عدل صلاتهم على النبي - صلى الله عليه وسلم - فإذا جاءك كتابي فمرهم أن تكون صلاتهم على النبيين خاصة وعاؤهم للمسلمين عامة ويدعوا ما سوى ذلك. قلت وقد قال عياض في هذه المسألة أعني هل يصلي على غير الأنبياء عامة، أهل العلم على الجواز، ووجدت بخط بعض شيوخ مذهب مالك، لا يجوز أن يصلي إلى على محمد وهذا غير معروف عن مالك وإنما قال: أكره الصلاة على غير الأنبياء وما ينبغي لنا أن تتعدى ما أمرنا به، وخالفه يحي ين يحيفقال: لا بأس به وأحتج بأن الصلاة دعلء بالرحمة فلا تمنع إلا بنص أو إجماع، قال عياض والذي أميل إليه قول مالك وسفيان وهو قول المحققين من المتكلمين والفقهاء قالوا يذكر غير الأنبياء بالرضى والغفران، والصلاة على غير الأنبياء يعني استقلالاً لم يكن من الأمر المعروف، وإنما أحدثت في دولة بني هاشم انتهى. وما حكي عن مالك من أنه لا يصلي على غير الأنبياء أوله أصحابه بمعنى أنا لا تتعبد بالصلاة على غيره من الأنبياء كما قد تعبدنا بالصلاة عليه - صلى الله عليه وسلم -، إذا عرف هذا فقد قال شيخنا أنه لا يعرف في الصلاة على الملائكة حديثاً نصاً وإنما يؤخذ ذلك الذي قبله يعني صلوا على أنبياء الله ورسله أن ثبت لأن الله تعالى سماهم رسلاً، نعم قد اختلف في الصلاة على المؤمنين فقيل لا يجوز إلا على النبي - صلى الله عليه وسلم - خاصة، وحكي عن الإمام مالك كما تقدم وقالت طائفة لا يجوز مطلقاً استقلالاً ويجوز تبعاً فيما ورد به النص أو الحق به لقوله تعالى {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} ، ولأنه لما علمهم السلام قال السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ولما علمهم الصلاة قصر ذلك عليه وعلى أهل بيته. وهذا القول أختاره القرطبي في المفهم وأبو المعالي من الحنابلة وهو اختيار ابن تيمية من المتأخرين فحينئذ لا يقال قال أبو بكر - صلى الله عليه وسلم - وإن كان معناه صحيحاً ويقال صلى الله على النبي وعلى صديقه أو خليفته ونحو ذلك، وقريب من هذا أنه لا يقال قال محمد عز وجل وإن كان معنها صحيحاً لأن هذا الثناء صار شعار الله سبحانه فلا يشاركه غيره فيه، وقالت طائفة يكره استقلالاً لا تبعاً وهي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 63 رواية عن أحمد وقال الثوري هو خلاف الأولى، وقالت طائفة يجوز تبعاً مطلقاً ولا يجوز استقلالاً وهذا قول أبي حنيفة وجماعته، وقال أبو اليمن بن عساكر: وقالت طائفة يجوز مطلقاً وهو مقتضي صنيع البخاري حيث صدر بالآية وهي قوله تعالى {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} ، ثم علق الحديث الدال على الجواز مطلقاً وعقبه بالحديث الدال على الجواز تبعاً وذلك لما ترجم باب هل يصلي على غير النبي - صلى الله عليه وسلم -، أي استقلالاً أو تبعاً فدخل في الغير الأنبياء والملائكة والمؤمنون قل شيخنا وأشار بالحديث الجال على الجواز إلى حديث عبد الله بن أبي أوفى في قوله - صلى الله عليه وسلم - اللهم صل على آل أبي أوفى في قوله - صلى الله عليه وسلم - اللهم صل على آل أبي أوفى وقد وقع مثله عن قيس بن سعد بن عباجة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رقع يديه وهو يقول اللهم أجعل صلاتك ورحمتك على آل سعد بن عبادة أخرجه أو داود والنسائي وسنده جيد. وفي حديث جابر أن امرأة قالت للنبي - صلى الله عليه وسلم - صل علي وعلى زوجي ففعل أخرجه أحمد مطولاً ومختصراً وصححه ابن حبان وهذا القول جاء عن الحسن ومجاهد ونص عليه أحمد في رواية أبي داود وبه قال إسحاق وأبو ثور وداود والطبراني، واحتجوا بقوله تعالى {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ} وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة مرفوعاً أن الملائكة تقول لروح المؤمن صلى الله عليك وعلى جسدك، وأجاب المانعون عن ذلك كله بأن ذلك صدر من الله ورسوله ولهما أن يخصا من شاء بما شاء وليس كذلك لأحد غيرهما إلا بأذنهما ولم يثبت عنهما إذن في ذلك. وقد ذكر القاضي الحسين في الزكاة من تعليقه والمتولي في باب الجمعة أنه - صلى الله عليه وسلم - كان له أن يصلي على غيره مقصوداً كما فعل في قصة ابن أبي أو في امتثالاً لقوله تعالى {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} وأنه لا يجوز لغيره ذلك إلا إذا كان المصلي عليه تبعاً للأنبياء لا مقصوداً، وحكاه الشاشي في المتعمد عن الخرسانيين في باب الجمعة ثم قال وفيه نظر لأن معنى الصلاة هو الدعاء وهي من الله بمعنى الرحمة وليس فيه ما يقتضي التحريم وأدنى مراتب فعله - صلى الله عليه وسلم - الجواز وليس فيه دليل يدل على الخصوصية، وقال البيهقي رحمه الله عقب حديث ابن العباس الجزء: 1 ¦ الصفحة: 64 وقول الثوري بالمنع ما نصه وإنما أرادوا والله أعلم، إذا كان ذلك على وجه التعظيم والتكريم عند ذكره تحية فإنما ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - خاصة فأما إذا كان ذلك على وجه الدعاء والتبرك فإن ذلك جائز لغيره انتهى، هذه عبارته في الشعب وقال نحوه في السنن الكبرى. قال ابن القيم وفصل الخطاب في هذه المسألة أن الصلاة على غير النبي - صلى الله عليه وسلم - أما أن تكون على آله وأواجه وذريته أو غيرهم فإن كان الأول فالصلاة عليهم مشروعة مع الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - وجائزة منفردة وأما الثاني فإن كان الملائكة وأهل الطاعة عموماً الذين يدخل فيهم الأنبياء وغيرهم جاز ذلك أيضاً كان يقال اللهم معيناً صل على ملائكتك المقربين وأهل طاعتك أجمعين، وإن كان شخصاً معيناً أو طائفة معينة كره ولو قيل بتحريمه لكان له وجه ولا سيما إذا جعله شعاراً له ومنع منه نظيره أو من هو خير منه كما يفعل الرافضة لعلي - رضي الله عنه - أما غذا صلى عليه أحياناً بحيث لا يجعل ذلك شعاراً كما يصلي على دافع الزكاة وكما صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - على المرآة وزوجها وكما ورد عن علي من صلاته على عمر فهذا لا بأس به وبهذا التفصيل تتفق الأدلة وينكشف وجه الصواب والله الموفق. وقد اختلفوا في السلام هل هو في معنى فيكره أن يقال عن علي عليه السلام وما أشبه ذلك فكرهه طائفة منهم أبو محمد الجويني ومنع أن يقال عن علي عليه السلام وفرق آخرون بينه وبين الصلاة بأن السلام يشرع في حق كل مؤمن من حي وميت وغائب وحاضر وهو تحية أهل الإسلام بخلاف الصلاة فإنها من حقوق الرسول - صلى الله عليه وسلم - وآله ولهذا يقول المصلي السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ولا يقول الصلاة علينا فعلم الفرق والحمد لله. (بيان أفضل الكيفيات في الصلاة عليه) فائدة: استدل بتعليمه - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه طيفية الصلاة عليه بعد سؤالهم عنها أفضل الكيفيات في الصلاة عليه لأنه لا يختار لنفيه إلا الأشرف والأفضل ويترتب على ذلك لو حلف أن يصلي عليه أفضل الصلاة فطريق البر أن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 65 يأتي بذلك هكذا صوبه النووي في الروضة بعد ذكر حكاية الرافعي عن إبراهيم المروزي أنه يبر بهذه الصورة وهي أن يقول اللهم صل على محمد وعلى محمد كلما ذكره الذاكرون وكلما سهى عنه الغافلون قال النووي وكأنه أخذ ذلك من كون الشافعي ذكر هذه الكيفية ولعله أول من أستعملها انتهى. قال شيخنا وهي في خطبة الرسالة ولكن بلفظ غفل بدل سهى، قلت وقد قال الأذرعي رحمه الله كلام الأصحاب الذين ذكروا مسألة الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - لإبراهيم المروزي ظاهر في أن الضمير راجع في ذكره وغفل عنة ذكره إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يعني أنه لا يحسن أن يعاد على الله تعالى من باب الالتفات فليس هذا موضع التفات، قال والذي أظنه أن الوجه إعادته على الله تعالى وأنه الأقرب إللا كلام الشافعي في كتاب الرسالة انتهى. وذكر شيخنا أيضاً نحو ذلك فقال ظاهر كلام الشافعي أن الضمير لله تعالى فإن لفظه، فصلى الله عز وجل على نبينا كلما ذكره الذاكرون وغفل عن ذكره الغافلون فكان حق حق على من غير عبارته أن يقول اللهم صل على محمد كلما ذكرك الذاكرون إلى آخره. قلت بقيت صلاة الشافعي وصلى الله عليه في الأولين والآخرين أفضل وأكثر وألأزكى ما صلى على أحد من خلقه وزكانا وإياكم بالصلاة عليه أفضل مل زكا أحدا من أمته بالصلاة والسلام عليه ورحمة الله وبركاته وجزاه الله عز وجل عنا أفضل ما جزى مرسلاً عن من أرسل إليه فإنه أنقذنا به من الهلكة وجعلنا في خير أمة أخرجت للناس دائنين بدينه الذي أرتضى واصطفى به ملائكته ومن أنعم عليه من خلقه فلم تمس بنا نعمته ظهرت ولا بطنت نلنا بها حظاً في دين الله ودنيا ودفع عنها مكروه فيهما أو في واحد منهما إلا ومحمد - صلى الله عليه وسلم - سببها القائد إلى خيرها والهادي إلى أرشدها الذائد عن الهلكة وموارد السوء في خلاف الرشد المبينة للأسباب التي تورد الهلكة القائم بالنصحية في الإرشاد والإنذار فيها فصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم كما صلة على إبراهيم وآل إبراهيم أنه حميد مجيد انتهى، وأول بعضهم كلام الشافعي بأن الرب سبحانه هو الذي يوصف بكثرة الذكر عادة وكذلك غفلة الذكر عنه وإن كان الكل صحيحاً والمعنى لا يختلف ولو أستحضر المصلي الأمرين جميعاً لكان حسناً، وأفاد غيره إن ذاكر النبي - صلى الله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 66 عليه وسلم - يعد من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات والغافل من ذكره يعد من الغافلين. قلت وذكر الأذرعي إن إبراهيم المذكور كثير النقل من تعليقه القاضي حسين ومع ذلك فالقاضي قال في طريق البر أن يقول اللهم صل على محمد كما هو أهله ومستحقه وكذا قال غيره وقال البارزي عندي أن البر يحصل بأن يقول اللهم صل على محمد وعلى آله محمد أفضل صلاتك عدد معلوماتك فإنه أبلغ فيكون أفضل، ونقل المجد الغوي عن بعضهم لو حلف إنسان أن يصلي أفضل الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى كل نبي وملك وولي عدد الشفع والوتر وعدد كلمات ربنا التامات والمباركات، وعن بعضهم بل يقول اللهم صل على محمد عبدك ونبيك ورسولك النبي الأمي وعلى آله وأزواجه وذريته وسلم عدد خلقك ورضي نفيك وزنة عرشك ومداد كلماتك. قلت ومال إليها شيخنا فيما بلغني عنه حيث قال هي أبلغ وإن كان قد رجح كيفية غيرها كما سيأتي قريباً، قال المجد وأختار بعضهم من الكيفيات اللهم صل على محمد وعلى آل محمد صلاة دائمة بدوامك وبعضهم اللهم يارب محمد وآل محمد صل على محمد وآل محمد وأجز محمداً - صلى الله عليه وسلم - ما هو أهله إلى غير ذلك من الألفاظ التي فيها دليل على أن الأمر فيه سعة من الزيادة والنقص وأنها ليست مختصة بالفاظ مخصوصة وزمان مخصوص لكن الأفضل، الأكمل ما علمناه - صلى الله عليه وسلم - كما قدمناه انتهى. قال الإمام عفيف الدين اليافعي - رضي الله عنه - ينبغي أن يجمع بين الكيفيات الثلاث فيقول، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد، أفضل صلاتك عدد معلوماتك كلما ذكره الذاكرون وغفل عن ذكره الغافلون، زاد بعضهم وسلم تسليماً، وأفاد شيخنا أنه لو جع بين ما في الحديث وأثر الشافعي وما قاله القاضي حسين لكان أشمل، قال ويحتمل أن يقال يعمد إلى جميع ما أشتملت عليه الروايات الثابتة فيستعمل منها ذكر يصل به الجزء: 1 ¦ الصفحة: 67 البر، قال والذي يرشد إليه الدليل أن البر يحصل بما في حديث أبي هريرة الماضي لقوله - صلى الله عليه وسلم - من سره أن يكتال بالمكيال الأوفى فليقل اللهم صل على محمد النبي وأزواجه أمهات المؤمنين وذريته وأهل بيته كما صليت على إبراهيم الحديث. وذكر العلامة كمال الدين بن الهمام من محققي شيوخنا فيما بلغني عنه كيفية أخرى أفاد أن كل ما ذكر من الكيفيات موجود فيها وهي اللهم صل أبداً أفضل صلاتك على سيدنا محمد عبدك، نبيك، رسولك، محمد وآله وسلم عليه تسليماً وزده شرفاً وتكريماً، وأنزله المنزل المقرب عندك يوم القيامة فالله أعلم، وقرأت في الطبقات للتاج السبكي نقلاً عن أبيه ما نصه، أحسن ما يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - بهذه الكيفية، يعني كيفية التشهد ومن أتى بها فقد صلى الله عليه وسلم بهذه الكيفية، يعني كيفية التشهد ومن أتي بها فقد صلى على النبي - صلى الله عليه وسلم - بيقين، وكان له الجزاء الوارد في أحاديث الصلاة بيقين وكل من جاء بلفظ غيرها فهو من إتيانه بالصلاة المطلوبة في شك لأنهم قالوا كيف نصلص عليك قال قولوا فجعل الصلاة عليه منهم هي قول ذا ثم ثال وكان لا يفتر لسانه عن الإتيان بهذه الصلاة والله الموفق، ولا بأس أن يقال اللهم صل وبارك وترحم على محمد عبدك ونبيك ورسولك النبي الأمي، سيد المرسلين وإمام المتقين وخاتم النبيين، إمام الخير وقائد الخير ورسول الرحمة وعلى أزواجه أمهات المؤمنين وذريته وأهل بيته وآله واصهاره وأنصاره واتباعه واشياعه ومحبيه كما صليت وباركت وترحمت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد، وصل بارك وترحم علينا معهم أفضل صلاتك وأزكى بركاتك كلما ذكرك الذاكرون وغفل عن ذكرك الغافلون عدد الشفع والوتر وعدد كلماتك التامات المباركات وعدد خلقك ورضى نفيك، وزنه عرشك ومداد كلماتك، صلاة دائمة بدوامك، اللهم ابعثه يوم القيامة مقاماً محموداً يغبط به الأولون والآخرون وإنزله المقعد المقرب عندك يوم القيامة وتقبل شفاعته الكبرى وارفع درجته العليا وأعطه سؤله في الآخرة وألاولى كما آتيت إبراهيم وموسى، اللهم أجعل في المصطفين محبته وفي المقربين مودته وفي الأعليين ذكره وأجزه عنا ما هو أهله خير ما جزيت نبياً عن أمته وأجز الأنبياء كلهم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 68 خير صلوات الله وصلاة المؤمنين على محمد النبي الأمي، السلام عليكم أيها النبي ورحمة الله وبركاته ومغفرته ورضوانه، اللهم أبلغه منا السلام وأورد علينا منه السلام وأتبعه من أمته ما تقر به عينه يارب العالمين. تنبيه: إن قيل لم قال غفل ولم يقل سكت؟ فيمكن أن يقال والله أعلم إن الساكت قد يكون مستحضراً بقلبه للذكر فيعد ذاكراً ولا كذلك للفاضل فعلى هذا يكون بينهما عموم وخصوص مطلق فكل غافل ساكت من غير عكس، إن أريد بالفاعل من أغفل ذلك بقلبه ولسانه، ويحتمل أن يكون المراد بالغافل ههنا النائي عن طريق الحق كقوله الذين كذبوا باياتنا وكانوا عنها غافلين، والله أعلم، إذا علم هذا فلنرجع إلى تتمة المقالة الأولى. قال الشافعي - رضي الله عنه - والأفضل أن يقول يعني في التشهد اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد ونقله النووي في شرح المهذب عن الشافعي والأصحاب وقال أنه الأولى لكنه قال وعلى آل إبراهيم في الموضعين بزيادة على وهي ثابتة في رواية ابن حبان في صحيحه والحاكم في مستدركه والبيهقي، وقال النووي في شرح المهذب أيضاً ينبغي أن يجمع ما في الأحاديث الصحيحة فيقول اللهم صل على محمد النبي الأمي وعلى آل محمد وأزواجه وذريته ما صليت على إبراهيم على آل إبراهيم وبارك على محمد النبي الأمي وعى آل محمد وأزواجه وذريته كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد. وقال في الأذكار مثله وزاد عبدك ورسولك بعد قوله محمد في صل ولم يزدها في بارك. وقال في التحقيق والفتاوى مثله إلا أنه أسقط النبي الأمي في وبارك. قال شيخنا، وفاته اشياء لعلها توازي قدر ما زاده وتزيد عليه، منها قوله: أمهات المؤمنين بعد قوله أزواجه، ومنها وأهل بيته بعد قوله وذريته، وقد ورد في حديث أبي مسعود عند الدارقطني، ومنها عبدك ورسولك في بارك ومنها في العالمين في الأولى، ومنها إنك حميد مجيد، قيل وبارك، ومنها اللهم صل وبارك فإنهما ثبتا معاً في رواية النسائي، ومنها وترحم على محمد إلى آخره، ومنه في آخر التشهد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 69 وعلينا معهم وهي عند الترمذي والسراج كما تقدم وتعقب ابن العربي هذه الزيادة فقال هذا شيء تفرد به زائدة فلا يعول عليه، فإن الناس اختلفوا في معنى الآل اختلافاً كثيراً ومن جملته أنهم أمته فلا يبقى للتكرار فائدة، واختلفوا أيضاً في جواز الصلاة على غير الأنبياء فلا نرى أن نشرك في هذه الخصوصية مع محمد وآله أحداً وتعقبه العراقي في شرح الترمذي بأن زائدة من الإثبات فأنفراده لو أنفرد لا يضر مع كونه لم يفرد فقد أخرجها إسماعيل القاضي في الصلاة له من طريقين عن يزيد ابن أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ويزيد استشهد به مسلم وهي عند البيهقي في الشعب من حديث جابر كما تقدم وإما الإيراد الأول فإنه مختص بمن يرى أن معنى الآل كل ألمة ومع ذلك فلا يمتنع أن يعطف الخاص على العام ولا سيما في الدعاء. وأما الإيراد الثاني فلا نعلم من منع ذلك تبعاً وإنما الخلاف في الصلاة على غير الأنبياء استقلالاً وقد شرع الجعاء للآحاد بما دعا به النبي - صلى الله عليه وسلم - لنفيه في حديث اللهم أني اسألك منه محمد وهو حديث صحيح أخرجه مسلم انتهى ملخصاً، والزيادة المذكورة أيضاً في حديث ابن مسعود كما تقدم وقد تعقب الأسنوي ما قاله النووي فقال لم يستوعب ما ثبت في الأحاديث مع اختلاف كلامه، وقال الأذرعي لم يسبق إلى ما قاله والذي يظهر أن الأفضل لمن يتشهد أن يأتي بأكمل الروايات ويقول كل ما ثبت هذه مرة وهذه مرة وإما التلفيق فإنه يستلزم أحداث صفة في التشهد لم ترد مجموعة في حديث واحد انتهى. قال شيخنا وكأنه أخذه من كلام ابن القيم فإنه قال هذه الكيفية لم يرد مجموعة في طريق من الطرق والأولى أن يستعمل كل لفظ ثبت على حدة فبذلك يحصل الإتيان بجميع ما ورد بخلاف ما إذا قال الجميع دفعة واحدة فإن الغالب على الظن أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يقله كذلك، وقال الأسنوي أيضاً كان يلزم الشيخ أن يجمع الأحاديث الواردة في التشهد، واجب بأنه لا يلزم من كونه لم يصرح لذلك أن لا يلزمه، وقال ابن القيم أيضاً قد نص الشافعي على أن الاختلاف في الفاظ التشهد ونحوه كالاختلاف في القراءة ولم يقل أحد من الأئمة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 70 باستحباب التلاوة بجميع الالفاظ المختلفة في الحرف الواحد من القرآن وإن كان بعضهم أجاز ذلك عند التعليم للتمرن انتهى. قال شيخنا والذي يظهر أن اللفظ إن كان بمعنى اللفظ الأخير أجزأ سواء كما في أزواجه وأمهات المؤمنين فالأولى الإقتصار في كل مرة عن أحدهما وإن كان اللفظ يستقل بزيادة معنى ليس في الآخر البتة فالأولى الإتيان به ويحمل على أن بعض الرواة حفظ ما لم يحفظ الآخر وإن كان يزيد على الأخر في المعنى شيئاً ما فلا بأس بالإتيان به احتياطاً وقالت طائفة منهم الطبري إن ذلك من الاختلاف المباح فأي لفظ ذكره المرء أجزأ، والأفضل أن يستعمل أكمله وأبلغه. وأستدل على ذلك باختلاف النقل عن الصحابة فذكر ما نقل عن علي وهو حديث موقوف طويل تقدم إيراده، وحديث ابن مسعود الموقوف وقد ذكر بعد حديث ععلي أيضاً ييسير والله أ'لم، وقد استدل بحديث كعب وغيره على تعيين اللفظ تالذي علمه النبي - صلى الله عليه وسلم - لاصحابه في امتثال الأمر سواء قلنا بالوجوب مطلقاً أو مقيداً بالصلاة، فأما تينه بالصلاة فعن أحمد فيه رواية والأصح عند اتباعه أنه لا يجب هذا بل تجزى الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - في الأصح من الوجهين. واختلف في الأفضل فعن أحمد أنه لا يجب كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وعنه أيضاً يخير وعنه أيضاً غير ذلك، وأما الشافعية فقالوا يكفي أن يقول اللهم صل على محمد وأختلفوا هل يكفي الإتيان بما يدل على ذلك كأن يصلي بلفظ الخبر فيقول صلى الله على محمد مثلاً والأصح أجزاؤه وذلك أن الدعاء بلفظ الخبر آكد فيكون جائز بطريق الأولى ومن منع وقف عند التعبد وهو الذي رجحه ابن العربي بل كرمه يدل على أن الثواب الوارد لمن صلى على النبي - صلى الله عليه وسلم - لإنما يحصلم لمن صلى عليه بالكيفية المذكورة وأتفق أصحابنا على أنه لا يجزي أن يقتصر على الخبر كأن يقول الصلاة على محمد إذ ليس فيه إسناد الصلاة إلى الله واختلفوا في تعيين لفظ محمد لكن جوزوا الإكتفاء بالوصف دون الأسم كالنبي ورسول الله لأن لفظ محمد وقع التعبد به فلا يجزي عنه إلا ما كان أعلا منه ولهذا قالوا لا يجزي الإتيان بالضمير ولا بأحمد مثلاً في الأصح فيهما مع ما تقدم ذكره في التشهد بقوله النبي وبقوله محمد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 71 وذهب الجمهور إلى الأجزاء بكل لفظ أدى المراد من الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى قال بعضهم لو قال في أثناء التشهد الصلاة والسلام عليك أيها النبي أجزاه وكذا لوقال اشهد أن محمداً - صلى الله عليه وسلم - عبده ورسوله أجزاه بخلاف ما إذا قدم عبده ورسوله. قال شيخنا وينبغي أن يبنى على أن ترتيب ألفاظ التشهد لا يشترط وهو الأصح ولكن دليل مقابلة قوي لقولهم كما يعلمنا السورة من القرآن، وقال ابن مسعود عدهن في يدي، قال ورأيت لبعض المتأخرين فيه تصنيفاً وعمدة الجمهور في الإطتفاء بما ذكر أن الوجوب ثبت بنص القرآن بقوله تعالى {صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا} فلما سأل الصحابة عن الكيفية وعلمها لهم النبي - صلى الله عليه وسلم -، واختلف النقل لتلك الألفاظ وأقتصر على ما أتفقت عليه الروايات وترك ما زاد على ذلك كما في التشهد إذ لو كان المتروك واجباً لما سكت عنه انتهى وقد استشكل ذلك ابن الفركاح في الأقليد فقال جعلهم هذا هو الأقل يحتاج إلى دليل على الإكتفاء بمسمى الصلاة فإن الأحاديث الصحيحة ليس فيها الإقتصاد والأحاديث التي فيها الأمر بمطلق الصلاة ليس فيها ما يشير إلى ما يجب من ذلك في الصلاة وأقل ما وقع في الروايات اللهم صل على محمد كما صليت على إبراهيم ومن ثم حكى الفوراني عن صاحبه الفروع في إيجاب ذكر إبراهيم وجهين كما سأذكره وأحتج لمن يوجبه بأنه ورد بدون ذكره حديث وزيد بن خارجه عند النسائي بسند قوي ولفظه صلوا علي وقوله اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد قال شيخنا وفيه نظر لأنه من اختصار بعض الرواة فإن النسائي أخرجه من هذا الوجه تاماً وكذا الطحاوي كما أشير إليه فيما مضى وبالله التوفيق. (ما الحكمة في أن الله تعالى أمرنا أن نصلي عليه) ونحن نقول اللهم صل مهمة: قرأت في شرح مقدمة أبي الليث للأمير المصطفى التركماني من الحنفية مانصة، فإن قيل: ما الحكمة في أن الله تعالى أمرنا أن نصلي ونحن نقول اللهم صل على محمد وعلى آل محمد فنسأل الله تعالى أن يصلص عليه ولا نصلي عليه نحن بأنفينا يعني بأن يقول العبد في الصلاة أصلى على محمد قلنا لأنه - صلى الله عليه وسلم - طاهر لا عيب فيه ونحن فينا المعائب والنقائص فكيف يثنى من فيه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 72 معائب على طاهر؟ فنسأل الله تعالى أن يصلي عليه لتكون الصلاة عن رب طاهر على نبي طاهر كذا في المرغيناني انتهى، ونحو ذلك منقول عن النيسابوري في كتابه اللطائف والحكم فإنه قال لا يكفي للعبد أن يقول في الصلاة صليت على محمد لأن مرتبة العبد تقصر عن ذلك بل يسأل ربه أن يصلي عليه لتكون الصلاة على لسان غيره وحينئذ فالمصلي في الحقيقة هو الله ونسبة الصلاة إلى العبد مجازية بمعنى السؤال انتهى. وقد أشار ابن أبي حجلة إلى شيء عن ذلك فقال الحكمة في تعليمه الأمة صيغة اللهم صل على محمد أنا لما أمرنا بالصلاة عليه ولم يبلغ قدر الواجب من ذلك أحلناه عليه لأنه أعلم بما يليق به، وهو كقوله لا أحصى ثناء عليك وسبق له أبو اليمن بن عساكر والله أعلم، إذا عرفت ذلك كله فلتكن صلاتك عليه كما أمرك بالصلاة عليه فبذلك تعظم حظوتك لديه وعليك بالأكثار منها والمواظبة عليها والجمع بين الروايات فيها فإن الإكثار من الصلاة من علامات المحبة، فمن أحب شيئاً أكثر من ذكره، وصح في حديث لا يكمل إيمان أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين. (وهذه فصول نختم بها الباب الأول) (الفصل الأول السلام عليكم فقد عرفناه) الفصل الأول منها أن المراد بقولهم أما السلام عليك فقد عرفناه فكيف نصلي علي ما علمهم إياه في التشهد من قولهم السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته فيكون المراد بقولهم نصلي أي بعد التشهد قاله البيهقي، قال شيخنا وتفيير السلام بذلك هو الظاهر، وحكى ابن عبد البر فيه احتمالاً وهو أن المراد به السلام الذي يتحلل به من الصلاة وقال أن الأول أظهر وكذا ذكر عياض وغيره، ورد بعضهم الإحتمال المذكور بأن سلام التحلل لا يتقيد به إتفاقاً كذا قيل، قال شيخنا وفي نقل الإتفاق نظر، فقد جزم جماعة من المالكية بأنه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 73 يستحب للمصلي أن يقول عند سلام التحلل السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام عليكم ذكره عياض وغيره قلت وقد وردت أحاديث في فضل السلام على النبي - صلى الله عليه وسلم - يشير إلى شيء منها سوى المتقدم والآتي فمنها حديث جابر - رضي الله عنه -. سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول لما كانت ليلة بعثت ما مررت بشجرة ولا حجر إلا قال السلام عليك يا رسول الله. وحديث يعلى ين مرة الثقفي، بينما نحن نسير مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونزلنا منزلاً فنام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فحاءت شجرة تشق الأرض حتى غشيته ثم رجعت إلى مكانها فلما أستيقظ النبي - صلى الله عليه وسلم - ذكرت ذلك له فقال هي شجرة استأذنت ربها عز وجل أن تسلم علي فأذن لها. وحديث جابر رفعه اني لأعرف حجراً بمكة كان يسلم علي قبل أن أبعث أني لا أعرفه الآن وفي لفظ أن بمكة لحجراً كان يسلم علي ليالي بعثت أني لا أعرفه إذا مررت عليه،. وحديث عائشة، علم جبريل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كيف يتوضأ فتوضأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم صلى ركعتين ثن أنصرف فلم يمر على حجر ولا مدر إلا وهو يسلم عليه يقول سلام عليك يا رسول الله انتهىت. وإنما لم نشر إلى تخريجها لأنها ليست من شرطنا في هذا الكتاب والله الموفق. قال القاضي عياض وفي تشهد علي، السلام على نبي الله. السلام على أنبياء الله ورسله السلام على رسول الله السلام على محمد بن عبد الله السلام علينا وعلى المؤمنين والمؤمنات من غاب منهم ومن شهد اللهم أغفر لمحمد وتقبل شفاعته وأغفر لأهل بيته وأغفر لي ولوالدي وما وولدا وأرحمها السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته. قلت وينظر إسناده وقوله فيه ولوالدي إنما قاله علي - رضي الله عنه - على طريق التعليم للمتشهد إلا أنه دعا لوالديه به إذ قد صح في الحديث موت أبيه كافراً أفاده المزي والله الموفق. (التسليم عليه يرتقي إلى الوجوب) وليعلم أنه قد يرتقي درجة التسلم عليه إلى الوجوب من مواضع: الأول: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 74 في التشهد الأخير نص عليه الشافعي. الثاني: ما نقله الحليمي أنه يجب التسليم على النبي - صلى الله عليه وسلم - كلما ذكر في الشفا نقلاً عن القاضي أبي بكر بن بكير، نزلت هذه الآية على النبي - صلى الله عليه وسلم - فأمر الله أصحابه أن يسلموا عليه وكذلك من بعدهم، أمروا أن يسلموا على النبي - صلى الله عليه وسلم - عند حضورهم قبره وعند ذكره انتهى. واستقر رأي الطرطوشي من المالكية على الوجوب وسوى ابن فارس الغوي بينه وبين الصلاة في الفرضية حيث قال فالصلاة عليه فرض وكذلك التسليم لقوله جل ثناؤه {وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} ، الثالث يجب بالنذر لأنه من العبادات العظيمة والقربات الجليلة ولم يتعرض أحد من المالكية والحنفية لذلك، وروى ابن وهب فيما ذكره صاحب الشفا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال من سلم علي عشرا فكأنما أعتق رقبة وسيأتي من حديث أبي بكر في الباب الثاني شيء من هذا. واختلف في معناه فقيل السلام الذي هو اسم من اسماء الله عليك وتأويله لا خلوت من الخيرات والبركات وسلمت من المكاره والآفات إذ كان اسم الله إنما يذكر على الأمور توقعاً لاجتماع معاني الخير والبركة فيها، وإنتقاء عوارض الخلل والفياد عنها، ويحتمل أن يكون بمعنى السلام أي ليكن قضاء الله عليك السلام، وهو السلامة كالمقام والمقامة والملام والملامة أي يسلمك الله من الملام والنقائص فإذا قلت اللهم سلم على محمد فإنما تريد به اللهم أكتب لمحمد في دعوته وأمته وذكره السلامة من كل نقص فتزداد دعوته على ممر الأيام علواٌ وأمته تكاثراً وذكره ارتفاعاً قالهما البهيقي: قال ولا يعارضه ما يوهن له أمراًبوجه من الوجوه. قلت ويحتمل أن يكون بمعنى المسالمة له والإنقياد كما قال تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} ، فإن قيل: فلم جيء بعليك ولم يقل لك فالجواب أن المراد والمعنى قضاء الله تعالى إنما ينفذ في العبد من قبل الملك والسلطان الذي له عليه، وكأن قضاء الله تعالى عليك بالسلامة أشبه من قضاء الله لك بها والله الموفق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 75 الفصل الثاني: المراد بقولهم كيف اختلف في المراد بقولهم كيف فقيل المراد السؤال عن المعنى الصلاة المأمور بها وبأي لفظ تؤدي، وقيل عن صفتها، قال عياض لما كان لفظ الصلاة المأموربها في قوله تعالى {صَلُّوا عَلَيْهِ} يحتمل الرحمة والدعاء والتعظيم سألوا بأي لفظ تؤدي هكذا، قال بعض المشايخ ورجح الباجي أن السؤال، إنما وقع عن صفتها لا عن جنسها، قال شيخنا وهو أظهر لأن لفظ كيف ظاهر في الصفة وإما الجنس فيسأل عنه بلفظ ما وبه وجزم القرطبي فقال هذا سؤال من اشكلت عليه كيفية ما فهم أصله وذلك أنهم عرفوا المراد بالصلاة فيألوا عن الصفة التي تليق بها ليستعملوها انتهى، والحامل لهم على ذلك أن السلام لما تقدم بلفظ مخصوص وهو السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته فهموا منه أن الصلاة أيضاً تقع بلفظ مخصوص وعدلوا عن القياس لإمكان الوقوف على النص ولا سيما في الأفاظ الأذكار فإنها تجيء خارجة عن القياس غالباً فوقع الأمر كما فهموه فإنه لم يقم لهم كالسلام بل علمهم صفة أخرى. الفصل الثالث: في تحقيق اللهم قوله اللهم كلمة كثر استعمالها في الدعاء وهي بمعنى يا ألله والميم عوض عن حرف النداء فلا يقال اللهم غفور رحيم مثلاً، وإنما يقال اللهم أغفر لي وأرحمني ولا يدخلها حرف النداء إلا في نادر كقول الراجز أني إذا ما حادث الما أقول يا اللهم يا اللهما وأختص هذا الاسم بقطع همزته عند النداء ووجوب تفخيم لأمه، وبدخول حرف النداء عليه مع التعريف، وذهب الفراء ومن تبعه من الكوفيين إلى أن أصله يا الله، حذف حرف النداء تخفيفاً، والميم مأخوذة من جملة محذوفة، قيل آمنابخير وقيل بل زائدة كما في زرقم لشديد الزرقة، وزيدت في الاسم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 76 العظيم تفخيماً، وقيل بل هي كالواو الدالة على الجمع كأن الداعي قال يا من أجتمعت له الاسماء الحسنى ولذلك شددت الميم لتكون عوضاً عن علامة الجمع، وقد جاء عن الحسن البصري اللهم مجتمع الجعاء، وعن النضر بن شميل من قال اللهم فقد سأل الله بجميع اسمائه وعن أبي رجاء العطاردي أن الميم في قوله اللهم فيها تسعة وتسعون اسما من أسماء الله تعالى. الفصل الرابع: في بيان أسمائه " - صلى الله عليه وسلم - " أن محمد هو اشهر اسمائه - صلى الله عليه وسلم - وقد تكرر في القرآن في قوله، {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ} {محمد رسول الله} {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ} . وهو منقول من صفة الحمد وهو بمعنى محمود وفيه معنى المبالغة وقد أخرج البخاري في تاريخه الصغير من طريق علي بن زيد قال: كان أبو طالب يقول: وشق له من اسمه ليجله فذو العرش محمود وهذا محمد وسمي بذلك لأنه محود عند الله ومحمود عند ملائكته ومحمود عند إخوانه من المرسلين، ومحمود عن أهل الأرض كلهم وإن كفر به بعضهم فإن ما فيه من صفات الكمال محموة عند كل عاقل وإن كابر عقله جحوداً وعناداً أو جهلاً باتصاله بها - صلى الله عليه وسلم - أختص من مسمى الحمد بما لم يحتمع لغيره فإن اسمه محمد وأحمد وأمته الحمادون، يحمدون الله على السراء والضراء، وحمد ربه قبل أن يحمده الناس وصلاته وصلاة أمته مفتتحة بالحمد، وخطبه مفتحة بالحمد، هكذا كان في اللوح المحفوظ عند الله، أن خلفاءه وأصحابه يكتبون المصحف مفتحاً بالحمد، وبيده - صلى الله عليه وسلم - لواء لحمد يوم القيامة، ولما يسجد بين ربه للشفاعة ويؤذن له فيها يحمد ربه بمحامد يفتحها عليه حينئذ وهو صاحب المقام المحمود الذي يغبط به الآخرون والأولون وقد قال تعالى {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} وإذا قام في ذلك المقام حمده حينئذ أهل الموقف كلهم مسلمهم وكافرهم، أولهم وآخرهم فجمعت له معاني الحمد وأنواعه - صلى الله عليه وسلم - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 77 وهو - صلى الله عليه وسلم - محمود بما ملأ به الأرض من الهدى والإيمان، والعلم النافع، والعمل الصالح وفتح به القلوب وكشف به الظلمة عن أهل الأرض واستنفذهم من أسر الشيطان ومن الشرك بالله والكفر به، والجهل به ةحتى نال به أتباعه شرف الجنيا والآخرة، فإن رسالته وافت أهل الأرض أحوج ما كاونا إليها واغاث الله به البلاد والعباد وكشف به تلك الظلم، وأحيي به الخليقة بعد الموت. وهدى به من الضلالة، وعلم به من الجهالة، وكثر به بعد القلة وأغنى به بعد العيلة، ورفع به بعد الخمالة، وسمى به بعد القلة وأغنى به بعد العيلة، ورفع به بعد الخمالة، وسمى به بعد النكرة، وجمع به بعد الفرقة، والف به بين قلوب مختلفة، وأهواء متشتتة، وأمم متفرقة، وفتح أعينا عميا، وآذانا صما، وقولوباً غلفاً، فعرفا الناس ربهم ومعبودهم غاية ما يمكن أن يناله قواهم من المعرفة، وابدأ وأ'اد وأختصر وأطنب في ذكر اسمائه وصفاته وأفعاله وأحكامه حتى نجلت معرفته في قلوب عبادة المؤمنين، وأنجابت سحائب الشك والريب عنها كما ينجاب عن القمر ليلة ابداره ولم يدع لامته حاجة في هذا التعريف غيره لا إلى من قبله ولا إلى من بعده، بل كفاهم وشفاهم وأغناهم عن كل من تلكم من الأولين والآخرين بما أوتيه من جوامع الكلم وبدائع الحكم، أو لم يكفهم ذلك أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم أن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون. ومن صفته - صلى الله عليه وسلم - في التوارة، محمد عبدي ورسولي سميته المتوكل، ليس بلفظ ولا غليظ ولا صخاب بالأسواق، ولا يجزي السيئة بالسيئة ولكن يعفي ويغفر، ولن أقبضه حتى أقيم به الملة العوجاء وأفتح به أعينا عمياء وآذاناً صماء وقلوباً غلفا حتى يقولوا لا إله إلا الله وهو أرحم الخلق وأرأفهم بهم، وأعظم الخلق نفعاً لهم في دينهم ودنياهم، وأفصح خلق الله تعالى وأحسنهم تعبيراً عن المعاني الكثيرة بالألفاظ، الوجيزة الدالة على المراد، وأصبرهم في مواطن الصبر، وأصدقهم في مواطن اللقاء وأوفاهم بالعهد والذمة، وأعظمهم مكافأة على الجميل باصعافه، وأشدهم تواضعاً، وأعظمهم إيثاراً على نفيه، وأشد الخلق ذباً عن اصحابه وحمية لهم ودفاعاً عنهم، وأقوم الخلق بما يؤملا به وأتركهم لم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 78 ينهي عنه، وأوصل الخلق لرحمه إلى غير ذلك مما يحل عن الوصف ولا يمكن حصره - صلى الله عليه وسلم - تسليماً كثيراً. فائدة: قال القاضي عياض قد حمى الله هذين الأسمين محمد وأحمد لأن يتسمى بهما أحد قبل زمانه، أما أحمد الذي ذكر في الكتب وبشر به عيسى عليه السلام فمنه الله بحكمته أن يتسمى به أحد غيره، ولا يدعي به مدعو قبله حتى لا يدخل اللبس ولا الشك فيه على ضعيف القلب، وأما محمد فلم يتسم به أحد من العرب ولا غيرهم إلا حين شاع قبيل مولده أن نبيا يبعث اسمه محمد فيمي قوم قليل من العرب ابناءهم بذلك رجاء أن يكون أحدهم هو، والله أعلم حيث يجعل رسالته. ثم ذكر ستة ممن سمي بذلك وقال لا سابع لهم ثم قال ومع ذلك فحمى الله تعالى كل من سمي به أن يدعي النبوة أو يدعيها أحد له أو يظهر عليه سبب يشكك في أمره حتى تحققت السمتان له - صلى الله عليه وسلم - ولم ينازع فيهما انتهى. وذكر أبو عبد الله بن خالوية في كتاب ليس والسهلي في الروض أنه لا بعرب في العرب من يسمى محمداً قبل النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا ثلاثة، قال شيخنا وهو حصر مردود، والعجب أن السهيلي متأخر الطبقة عن عياض ولعله لم يقف على كلامه وقد جمعت اسماء من تسمى بذلك في جزء منفرد فبلغوا نحو العشرين لكن معى تكرير في بعضهم، وهو في بعضهم فيتلخص منهم خمسة عشر نفياً وأشهرهم محمد بن عدي بن ربيعة بن سوأة بن جشم بن سعد بن زيد مناة بن تيم التميمي السعدي، ومنهم محمد بن احيحة بن الجلاح، ومحمد بن أسامة بن مالك بن حبيب بن العنبر ومحمد بن البراء وقيل البرين (ع) وطريف بن عتوراة ابن عامر، بن ليث بن بكر عبد مناة بن كنانة البكري بن العتوار (ع) ومحمد بن الحارث بن خديج بن حويص (ص) ومحمد بن حرماز بن مالك اليعمري، ومحمد بن حمران بن أبي حمران ربيعة بن مالك الجعفي المعروف بالويعر (ع ص) ومحمد بن خزاعي بن علقمة بن حزابة السلمي من بني ذكوان (ع) ، ومحمد بن خولى الهمداني (ع) ومحمد بن سفيان بن مجاشع (ع ص) ، ومحمد بن يحمد الأزدي، ومحمد بن يزيد بن عمر بن ربيعة، ومحمد الأسيدي، ومحمد الفقمي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 79 ولم يدركوا الإسلام إلا الأول، ففي سياق خبره ما يشعر بذلك، وإلا الرابع فهم صحابي وفيمن ذكره عياض محمد بن مسلمة الأنصاري، وليس ذكره بجيد فإنه ولد بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - بأزيد من عشرين سنة لكنه قد ذكر تلو كلامه المقدم محمد بن يحمد الماضي فصار من عنده ستة لأسابيع لهم وقد رقمت على اسمائهم صورة (ع) وعلى اسماء من ذكرهم السهيلي وهم ثلاثة صورة (ص) وبالله التوفيق. وقد ذكر العلماء هنا لطيفة وهو أنه لما كان سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله أكبر أفضل كلام الآدميين، وأفضل الأذكار على الإطلاق أحمد لأنه الجامع لمعاني الأربعة وفيه ما في الثلاثة وزيادة فهم أعمها لأن التسبيح مقام تنزيه وهو لنفي النقائص والتهليل مقام توحيد وهو لنفي الشريك والتكبير تحقيق أن الله سبحانه وتعالى امن المحامد وراء ما قلناه وفوق ما ادركناه من التنزية والتوحيد وإثبات الصفات الكاملة ما لا يدكه ولا يمكن لبش الوصول إليه، ولهذا كان التكبير مطلقاً من غير نسبة إلى شيء هو أكبر من كل شيء يخطر بالبال أو يمر بالخيال إذ لا يدرك بوجه ولا يفهم بحال، وأحمد يستكمل إثبات جميع المحامد فيدخل فيه كل ذكر من التنزية والتوحيد، وإثبات صفات الكمال، ونفي جميع النقائص وإثبات ما تقصر العقول عن تفصيله وإدراكه فلهذا كانت كلمة أحمد أعم الأربعة معنى وأتم تمجيداً فاختصت هذه الأمة بالحمد كما أختص نبينا به - صلى الله عليه وسلم - وحعل لواءه لواء الحمد هو اللواء الجامع الذي دخل تحته آدم ومن دونه، ومما يدل على عظم موقع الحمد أن الله تعالى يلهم نبيه حين يخر ساجداً ولله الحمد. (أسماؤه - صلى الله عليه وسلم -) واسماؤه - صلى الله عليه وسلم - قال ابن دحية في تصنيف له مفرد في الاسماء النبوية قال بعضهم اسماء النبي - صلى الله عليه وسلم - عدد اسماء الله الحسنى تسعة وتسعون اسماً، قال ولو بحث عنها باحث لبلغت ثلاثمائة اسم، وأفاد مغلطاي أن عدة ما في الكتاب المذكور قريب من ثلاثمائة اسم وعين ابن دحية في التصنيف المشار إليه أماكنها من القرآن والأخبار وضبط الفاظها وشرح معانيها، واستطرد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 80 كعادته إلى فوائد كثيرة، وغالب الأسماء التي ذكرها وصف بها - صلى الله عليه وسلم - ولم يرد الكثير منها على سبيل التسمية. وقد نقل ابن العربي في شرح الترمذي له عن بعض الصفوية أن لله ألف اسم ولرسوله ألف اسم قلت وقد جمعت منها ما وقفت عليه من كلام القاضي عياض وابن العربي وابن سيد لبناس وابن الربيع بن سبع ومغلطاي والشرف البارزي في توثيق عرى الإيمان له نقلاً عن أبيه والبرهان الحلبي وشيخنا وغيرهم ورتبت ذلك على ترتيب المعجم وهي هذه: الابر بالله، الابطح، أتقى الناس، الآتقى لله، أجود الناس، الأحد أحسن الناس أحمد، أحيد أمتي عن النار، الأخذ بالحجرات، آخذ الصدقات، الآخر الأخشى لله، آذن خير، أرجح الناس هقلاً، أرحم الناس بالعيال، أشجع الناس، الأصدق في الله، أطيب الناس ريحا، الأعز، الأعلم بالله، أكثر الأنبياء تبعاً، أكرم الناس، آكرم ولد آدم، إمام الخير، إمام المرسلين، إمام المتقين، إمام النبيين، الإمام، الأمر، الأمن، أمنة أصحابه الأمين، الأمي، أنعم الله، الأول، أول شافع: أول المسلمين، أول مشفع أول المؤمنين، البارقليط، الباطن، البرهان، البرقليسطي، بشر، بشرى عيسى، البشير، البصير البليغ، بيان، بيان البينة، التالي التذكرة، التقي التنزيل، التهامي، ثاني اثنين، الجبار، الجد، الجواد، حاتم، الحاشر، الحافظ، الحاكم، بما أراد الله، الحامد، حامل لواء الحمد، الحبيب، حبيب الرحمن، حبيبي الله، الحجازي، الحجة، الحجة البالغة، حرز الأمين، الحرمي، الحريص على الإيمان، الحفيظ، الحق الحكيم، الحليم حماد، حمطايا، أو قال حمياطا، حم عسق، الحميد، الحنيف، خاتم النبيين، الخاتم، الخازن لما الله، الخاشع الخاضع، الخالص، الخبير خطيب الأنبياء، الخليل، خليل الرحمن، خليل الله، خير الأنبياء خير البرية، خير خلق الله، خير العالمين طرا، خير الناس خير النبيين، خيرة الأمة، خيرة الله، دار الحكمة، الدااعي إلى الله، دعوة إبراهيم، دعوة النبيين، الدليل، الذاكر، الذكر، ذو الحق المورود ذو الحوض المورود، ذو الخلق العظيم، ذو الصراط المستقيم ذو القوة، ذو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 81 المعجزات ذو المقام المحمود، ذو الوسيلة، الراضع الراضي، الراغب، الرافع، راكب البراق، راكب البعير، راكب الجمل راكب الناقة، راكب النجيب، الرحمة، رحمة للأمة، رحمة للعالمين، رحمة مهداة، الرحيم، الرسول، رسول الراحة، رسول الرحمة، رسول الله، رسول الملاحم، الرشيد رفيع الذكر، الرقيب، روح الحق، روح القدس الرؤوف، الزاهد، زعيم الأنبياء، الزكي، الزمزمي، زين من في القيامة السابق بالخيرات، سابق العرب، الساجد، سبيل الله السراج، السعيد السميع، السلام، سيد ولد آدم، سيد المرسلين سيد الناس، سيف الله المسلول، الشارع، الشامخ، الشاكر، الشاهد، الشفيع، الشكور، الشمس الشهيد، الصابر، الصاحب، صاحب الحجة، صاحب الحطيم، صاحب الحوض المورود، صاحب الخير، صاحب الدرجة العالية الرفيعة، صاحب السجود للرب المحمود، صاحب السرايا، صاحب السلطان، صاحب السيف، صاحب الشرع، صاحب الشافعة الكبرى، صاحب العطايا، صاحب العلامات، الباهرات، صاحب الفضيلة، صاحب القضيب الأصغر، صاحب قول لا إله إلا الله، صاحب الكوثر، صاحب اللواء صاحب المحشر، صاحب المدينة، صاحب المعراج صاحب المغنم، صاحب المقام المحمود، صاحب المنبر، صاحب المنير، صاحب النعلين، صاحب الهراوة، صاحب الوسيلة، الصادع بما امر، الصادق الصبور، الصدق صراط الذين انعمت عليهم، الصراط المستقيم، الصفوح، الصفوة، الصفي الضحاك، الضحوك، طاب طاب، الطاهر، الطبيب، طسم، طس، طه، الطبيب، الظاهر (بالعجمية) العايد، العادل، العافي، العاقب، العالم، العامل عبد الله، العدل العربي، العروة الوصقى، العزيز، العظيم، العفو، العفيف العليم، العلمي، العلامة الغالب، الغني بالله، الغيث الفاتح، الغار قليط، وقيل بالباء كما تقدم، الفارق، الفتاح، الفخر، الفرط، الفصيح، فضل الله فواتح النور، القسم القاضي، القانت، قائد الخير، قائد الغر المحجلين، القائل القائم، القتال، القتول، قثم القثوم، قدم صدق، القرشي، القريب القمر، القيم ومعناه الجامع الكامل، وصوابه بالمثلثة بدل الياء كما ظنه عياض وقد تقدم، كافة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 82 الناس، الكامل في جميع أموره، الكريم كنديدة، كهيعص اللسان، المجد، الماحي، ماذ ماذ، المأمون، ماء معين المبارك المبتهل المبشر، المبعوث، المبلغ، المبيح، المبين، المتبتل، المتبسم، المتربص، المترحم المتضرع، المتقي، المتلو عليه، المتهجد، المتوسط، المتوكل، المثبت، المجتبي، المجير المحرض، المحر، المحفوض، المحلل، محمد، المحمود، المخبر، المختار المخلص، المدثر، المدني، مدينة العلم، المذكر، المذكور المرتضى، المرتل، المرتل، المرسل، المرفع الدرجات، المرء المذكى، المزمل، المزيل، المسبح المستغفر، المستغني، المستقيم، المسري به، المسعود، المسلم، المشاور، المشفع، المشفوع، المشقح، المشهور، المشير، المصارع، المصافح، المصدق المصدوق، المصطفى، المصلح، المصلي عليه، المصري، المطاع، المطهر، المطهر، المطلع، المطيع، المظفر، المعزز، المعصوم، المعطي، المعقب، المعلم معلم امته، المعلن، المعلى، المفضال، المفضل، المقتصد، المقتغي (يعني قغا بعد القاف كما تقدم) ، مقيم السنة، بعد الفترة، المقيم، المكرم، المكتفي المكين، المكي، الملاحي، ملقى القرآن، الممنوع، المنادي، المنتصر، المنذر المنزل عليه، المنحمنا، المنصف، المنصور، المنين، المنير، المهاجر المهتدي المهدي، المهيمن، المؤتمن، المؤتي جوامع الكلم، الوحي إليه، الموقر المولى، المؤمن، المؤيد، اليسر، النابذ، الناجز، الناس، الناشر، الناصب، الناصب الناصح، الناصر، الناطق، الناهي، نبي الأحمر، نبي الأسود، نبي التوبة نبي الراحة، نبي الرحمة، النبي الصالح، نبي الله، نبي الرمرحمة، نبي الملحمة، نبي الملاحم، النبي، لبنجم، الثاقب، النجم، النسيب، النعمة نعمة الله، النقيب، النقي، النور، الهادي الهاشمي، الواسط، الواسع، الزاضع، الواعد الواعظ، الورع الوسيلة، الوفي، ولي الفضل، الولي اليثربي، يس، - صلى الله عليه وسلم - تسليماً كثيراً. وهذه تزيد على الأربع مائة بنحو الثلثين، مع إني لم مصنف ابن دحية في ذلك، ولا وقفت على من سنقني لجمعها وترتيبها، وقد كتبها عني جماعة وهي جديرة بأن تشرح الفاظها في جزء يسر الله ذلك بمنه وكان من اقتصر على التسعة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 83 والتسعين، أراد مناسبة عدد الأسماء الحسنى، التي ورد بها الخبر ويمكن أن يلتقط من هذا العدد المذكور ويحذف ما زاد عليه إذا عليه إذا كانت دلالته في الاسمية غير بينة أو أتحد المعنى والله المعين. ثم وقفت على كراسة للقاضي ناصر الدين بن المليق لخص فيها كتاب ابن دحية المذكور فالحقت منها ما وجدته من زايد حتى بلغت عدتها القدر المذكور، وأكثرها مشتقة من أفعال نسبت إليه - صلى الله عليه وسلم - وأفاد أن لابن فارش في ذلك تصنيفاً سماه المنبي في اسماء النبي، قلت وجمع أبو عبد الله القرطبي أيضاً كتاباً في ذلك نظمه أرجوزة وشرحها ولعل عدة الاسماء التي أشتملت عليه تزيد على الثلاثمائة إلا أني لم أقف عليه إلى الآن. وله - صلى الله عليه وسلم - كنيتان الأولى أبو القاسم وهي مشهورة في عدة أحاديث صحيحة والأخرى أبو إبراهيم كما وقع في حديث أنس في مجيء جبريل إليه - صلى الله عليه وسلم - وقوله السلام عليك يا أبا إبراهيم ويكنى أيضاً بأبي الأرامل فيما ذكره ابن دحية، وبأبي المؤمنين فيما ذكره غيره. وهو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب شيبة الحمد بن هاشم ويسمى عمرو بن مناف ويسمى المغيرة بن قصي ويسمى زيد بن كلاب بن مرة بن طعب بن لؤي بن غالب بن فهر وإليه جماع قريش وما كان فوق فهر فليس بقريشي بل هو كناني بن مالك بن النضر ويسمى قيسا بن كنانة بن خزيمة بن مدركة ويسمى عمرو بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان هذا هو النسب المتفق عليه ومن بين عدنان إلى إسماعيل فيه خلاف محله في السيرة النبوية والله الموفق. لطيفة: ذكر الحسين بن محمد الدامغاني في كتابه شوق العروس وأنس النفوس نقلاً عن كعب الأحبار أنه قال اسم النبي - صلى الله عليه وسلم - عند أهل الجنة عبد الكريم وعند أهل النار عبد الجبار وعند اهل العرش عبد الحميد وعند سائر الملائكة عبد المجيد وعند الأنبياء عبد الوهاب، وعند الشياطين عبد القهار، وعند الجن عبد الرحيم، وفي الجبال عبد الخالق، وفي البر عبد القادر، وفي البحر عبد المهيمن وعند الحيتان عبد القدوس وعند الهوام عبد الغياث وعند الجزء: 1 ¦ الصفحة: 84 الوحوش عبد الرزاق وعند السباع عبد السلام وعند البهائم عبد الؤمن وعند الطيور عبد الغفار وفي التوراة موذ، موذ، وفي الإنجيل طاب طاب، وفي الصحف عاقب، وفي الزبور فاروق، وعند الله طه ويسى عند المؤمنين محمد، قال وكنيته أبو القاسم لأنه يقسم الجنة بين أهلها - صلى الله عليه وسلم - تسليماً كثيراً. الفصل الخامس: في تحقيق الأُمِّي الأُمِّي: بالتشديد منسوب إلى الأم وهو الذي لا يكتب ولا يقرأ المكتوب كأنه على أصل ولادة أمه بالنسبة إلى الكتابة، ونسب إلى أمه يمثل حالها إذ الغالب من حال النساء عدم الكتابة، قيل منسوب إلى أم القرى وقيل إلى الأمة التي لا تقرأ ولا تكتب في الأكثر الأغلب وهم العرب، وقيل إلى الأمة لكثرة اهتمامه بأمرها وقيل إلى أم الكتاب بمعنى أنها أنزلت عليه أو لأنه صدق بها ودعي إلى التصديق وقيل إلى الأمة وهي القامة والخلقة، وقيل إلى الأمة على سذاجتها قبل أن تعرف الأشياء وقد كان عجم الكتابة نعجزة لنبينا عليه الصلاة والسلام مع ما آوتيه من العلوم الباهرة، قال الله تعالى {وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ} وفي القرآن الكريم أيضاً {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ} - صلى الله عليه وسلم - تسليماً كثيراً. الفصل السادس: في ذكر زوجاته - صلى الله عليه وسلم - زوجاته - صلى الله عليه وسلم - أولهن خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزي بن قصي بن كلاب وتكنى أم هند تزوجها وهو ابن خمس وعشرين وهي أبنة أربعين، وبقيت معه إلى أن أكرمه الله برسالته فآمنت به ونصرته وكانت له وزير صدق، وكل أولاده منها إلا إبراهيم فإنه من سريته مارية وماتت قبل الهجرة بثلاث سنين في الأصح. ثم سودة بنت زمعة بن قيس بن عبد شمس بن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 85 عبدود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي تزوجها بعد موت خديجة بأيام وأصدقها أربعمائة درهم قاله القطب الحلبي في شرح السيرة ونحوه قول الدمياطي أصدقها أربعماية، ماتت أخر خلافه عمر. ثم عائشة بنت خايفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبي بكر عبد الله الصديق بن أبي قحافة عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي ولم يتزوج - صلى الله عليه وسلم - بكرا غيرها، وبنى بها في شوال ثامن شهور الهجرة وهي ابنة تسع، قيل أسقطت جنيناً، ماتت في سابع عشر رمضان سنة ثمان وخمسين، ثم حفصة بنت أمير المؤمنين أبي حفص عمر بن الخطاب بن تفيل بن عبد العزي بن رباح بن عبد الله بن قرط بن رذاح بن عدي بن كعب بن لؤي، تزوجها في شعبان بعد ثلاثين شهراً من الهجرة، روى أنه - صلى الله عليه وسلم - طلقها فأمره الله أن يراجعها فراجعها، توفيت في شعبان سنة خمس وأربعين، ثم زينب بنت خزيمة بن الحارث بن عبد الله بن عمرو بن عبد مناف بن هلال بن عامر بن صعصعة بن معاوية الهلالية وتكنى أم المساكين تزوجها في رمضان من السنة الثالثة، مكثت عنده ثمانية أشهر وماتت آخر ربيع الآخر. ثم أم سلمة، هند بن أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر، تزوجها في ليال بقين من شوال سنة أربع، وماتت سنة اثنتين وستين، ثم زينب بنت جحش بن رياب بن يعمر بن صبرة ضبن كرة بن كبير بالموحدة بن غنم بن دودان بن اسد بن خزيمة وكان اسمها برة فيماها زينب، تزوجها لهلال ذي القعدة سنة أربع على الصحيح، وهي ابنة خمس وثلاثين سنة وماتت بالمدينة سنة عشرين، ثم جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار بن حبيب بن عابد بن مالك بن خزيمة، وهو المصطلق بن سعد بن كعب وكان اسمها أيضاً برة فيماها جويرية، وتزوجها في سنة ست من الهجرة وماتت سنة ست وخمسين، ثم ريحانة بنت شمعون بن زيد من بني النضير أخوة قريظة وقعت في السبي يوم بني قريظة فاعتقها وتزوجها بصداق اثنتى عشرة أوقية ونشأ كما كان يصدق نساءه واعرس بها في المحرم سنة ست من الهجرة، وماتت قبل وفاته - صلى الله عليه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 86 وسلم -، وقيل أنه لم يتزوجها، إنما كان يطؤها بملك اليمين لكن الأول أثبت كما رجحه جماعة من الحفاظ، ثم أم حبيبة، واسمها رملة بنت أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي القرشية الأموية تزوجها وهي بأرض الحبشة في سنة سبع من الهجرة وأصدقها عند النجاشي أربع دينار وماتت بالمدينة بعد أربعين، ثم صفية بنت حيي بن اخطب بن شعبة بن ثعلبة بن عبيد بن كعب بن الخزرج بن أبي حبيب بن النضير بن النحام بن تخوم من بني إسرائيل من ولد هارون بن عمران أخي موسى، تزوجها في سنة سبع وماتت في رمضان خمس وقيل اثنتين وخمسين، ثم ميمونة بنت الحارث الهلالية تزوجها بسرف وماتت سنة احدى وخمسين، فهؤلاء جملة من دخل بهن من النساء وهن اثنتا عشرة امرأة .... قال الحافظ أبو محمد المقدسي وغيره وعقد على سبعة ولم يدخل بهن، فالصلاة على ازواجه تابعه له لاحترامهن وتحريمهن على الأمة، وانهن نساءه في الدنيا والآخرة - صلى الله عليه وسلم - وعلى أزواجه وذريته وسل تسليماً، والأفصح أن الأزواج جمع زوج كما في قوله تعالى لآدم {اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} والله أعلم. تنبيه: قال أبو بكر بن أبي عاصم، لم تذكر أزواجه - صلى الله عليه وسلم - وذريته فيما أعلم إلا في هذا الحديث يعني حديث أبي حميد الماضي قلت: وهما أيضاً في حديث أبي هريرة وزاد وأهل بيته كما قدمناه أفاده أبو موسى المديني وكذا في أثر الحسن الماضي والله أعلم. الفصل السابع في تحقيق الذرية الذرية بضم الذال المعجمة وكسرها لغتان حكاهما صاحب المحكم والأول أفصح وأشهر، قال في الصحاح هي نسل التقلين، وقال في المشارق هم النسل لكنه يطلق احياناً على النساء والأطفال ومنه ذراري المشركين أي عيالاتهم من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 87 نسائهم وابنائهم، وقال المنذري في حواشيه، نسل الإنسان من ذكر وانثى، قال في الصحاح وهي من ذرأ الله الخلق أي خلقهم إلا أن العرب تركت همزها، وقال في المحكم كان ينبغي أن تكون مهموزة فكثرت فاسقطت الهمزة، وقال في النهاية وكان الذرء مختص بخلق الذرية وقال في المشارق، أصل الذرية بالهمز من الذرء وهو الخلق لأن الله تعالى ذرأهم أي خلقهم، قال ابن دريد ذرأ الله الخلق ذرأ وهذا مما تركت العرب الهمزة فيه وقال الزبيدي، أصله من الشد من ذر أي فرق، وقال غيره أصله من الذر فعليه منه لأن الله خلقهم أولاً أمثال الذر وهو النمل الصغير فعلى هذين الوجهين لا أصل له في الهمز، إذا علم هذه فالذرية الأولاد وأولادهم وهل يدخل أولاد البنات، فمذهب الشافعي ومالك وهو رواية عن أحمد أنهم يدخلون لإجماع المسلمين على دخول أولاد فاطمة في ذرية النبي - صلى الله عليه وسلم -، المطلوب لهم من الله الصلاة، وحكى ابن الحاجب من الكالكية الاتفاق على دخول ولد البنات، قال لأن عيسى من ذرية إبراهيم عليهما السلام انتهى، وسامحه الشراح في نقل الاتفاق، ومذهب أبي حنيفة ورواية أخرى عن أحمد أنهم لا يدخلون واستثنوا أولاد فاطمة عليهما السلام لشرف هذا الأصل العظيم والولد الكريم الذي لا يدانيه أحد من العالمين - صلى الله عليه وسلم أحمعين -. الفصل الثامن: في تحقيق الآل اختلف في الآل فقيل أصله قلبت الهاء همزة ثم سهلت ولهذا إذا صغر رد إلى الأصل فقالوا أهيل، وقيل بل أصله أول من آل يؤول إذا رجع، سمي بذلك من يؤول إلى الشخص ويضاف إليه ويقويه، أنه لا يضاف إلا إلى معظم فيقال لحلة القرآن آل الله وكذا آل محمد والمؤمنين والصالحين وآل القاضي ولا يقال آل الحجام وآل اخياط بخلاف أهل ولا يضاف آل أيضاً إلى غير العاقل ولا إلى الضمير عند الأكثر وجوزه بعضهم بقلة وقد ثبت في شعر عبد المطلب قوله في قصة أصحاب الفيل من أبيات: وانصر على آل الصايب وعابديه اليوم آلك وقد يطلق آل فلان على نفيه وعليه وعلى من يضاف إليه جميعاً، وضابطه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 88 أنه إذا قيل فعل آل فلان كذا دخل هو فيهم إلا بقرينه ومن شواهده قوله - صلى الله عليه وسلم - للحسن بن علي علي انا آل محمد لا تحل لنا الصدقة وإن ذكرا معاً فلا هو كالفقير والمسكين، وكذا الإيمان والإسلام والفيوق والعصيان. واختلف في المراد بآل محمد ههنا فالأرجح أنهم من حرمت عليهم الصدقة وهذا نص عليه الشافعي وأختاره الجمهور ويؤيده قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث أبي هريرة للحسن بن علي انا آل محمد لا تحل لنا الصدقة، وقوله في أثناء حديث مرفوع، لإن هذه الصدقة إنما هي أوساخ الناس وأنها لا تحل لمحمد ولا لآل محمد وقال أحمد المراد بآل محمد في حديث التشهد أ÷ل بيته على هذا فهل يجوز أن يقول أهل عوض آل، روايتان عندهم، وقيل المراد بآل محمد أزواجه وذريته لأن أكثر طرق الحديث جاء بلفظ وآل محمد، وجاء في حديث أبي حميد موضعه، وازواجه وذريته فدل على أن المراد بالآل والأزواج وذريته. وتعقب بأنه ثبت الجمع بين الثلاثة كما في حديث أبي هريرة الماضي فيحمل على أن بعض الواة حفظ ما لم يحفظه غيره، والمراد بالآل في التشهد الأزواج ومن حرمت عليهم الصدقة ويدخل فيهم الذرية فبذلك يجمع بين الأحاديث وقد أطلق على ازواجه - صلى الله عليه وسلم - آل محمد في حديث عائشة ما شبع آل محمد من خبز ما دوم ثلاثا، وفي حديث أبي هريرة اللهم أجعل رزق آل محمد قوتاً وكان الأزواج افردوا بالذكر تنويها لهم وكذا الذرية. وقد روى عبد الرزاق في جامعة عن الثوري سمعته وسأله رجل عن قوله اللهم صل على محمد وعلى آل محمد من آل فقال اختلف الناس منهم من يقول آل محمد أهل البيت ومنهم من يقول اطاعه، وقيل المراد بالآل ذرية فاطمة خاصة حكاه النووي في شرح المهذب وقيل هم جميع قريش حكاه ابن الرفعة في الكفاية، وقيل المراد بالآل جميع الأمة أمه الإجابة، قال ابن العربي مال إلى ذلك مالك واختاره الأزهري وحكاه أبو الطيب الطبري عن بعض الشافعية ورجحه النووي في شرح مسلم وقيده القاضي حسين والراغب بالاتقياء منهم، وعليه يحمل كلام من أطلق ويؤيده قوله تعالى {إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ} ، وفي نوادر أبي العيناء أنه غض من بعض الهاشميين فقال له اتغض مني وأنت تصلي علي في كل صلاة في قولك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 89 اللهم صل على محمد وعلى آل محمد فقال إني أريد الطيبين الطاهرين وليست منهم إفادة شيخنا. قلت وقد حكى الخطيب قال دخل يجيء بن معاذ على علوي ببيلخ أو بالري زائراً ومسلماً عليه فقال العلوي ما تقول فينا أهل البيت فقال ما أقول في طين عجن بماء الوحي وغرست فيه شجرة النبوة وسقي بماء الرسالة فهل يفوح منه إلا مسك الهدى، وغير التقى فقال العلوي ليحيى إن زرتنا فبفضلك وإن زرناك فلك الفضل زائراً ومزوراً انتهى. قال شيخنا ويمكن أن يحمل كلام من أطلق على أن المراد بالصلاة الرحمة المطلقة فلا يحتاج إلى تقييد بالإتقياء وقد أستدل لهم بحديث أنس رفعة آل محمد كل تقي أخرجه الطبراني لكن سنده واه جداً، وأخرج البيهقي عن جابر نحوه من قوله بسند ضعيف أما إبراهيم عليه السلام فهو ابن آزر اسمه تارح بمثناه وراء مفتوحة وآخره حاء مهملة بن ناحور بنون ومهملة مضمومة بن شاه روخ بمعجمة وراء مضمومة وآخره خاء معجمه بن راغو بغين معجمه بن فالح بفاء ولا مفتوحة بعدها معجمه بن عبير ويقال عابر وهو بمهملة وموحدة بن شالخ بمعجمتين بن ارفحشد بن سام بن نوح لاخلاف في هذا النسب إلا في النطق ببعض هذه الاسماء والامن شذ آله عليه السلام هم ذريته من إسماعيل وإسحق كما جزم به جماعة. وإن ثبت إبراهيم كان له أولاد من غير سارة وهاجر فهم داخلون لا محالة ثم المراد المسلمون منهم بل المتقون فيدخل فيهم الأنبياء والصديقون والشهداء والصالحون دون من عداهم. وقد اختلف في إيجاب الصلاة على الآل ففي تعيينها عند الشفاعية والحنابلة روايتان والمشهور عندهم لا، وهو قول الجمهور وأدعى كثير منهم فيه الإجمماع وأكثر من أثبت الوجوب من الشافعية نسبوه إلى التربجي (بضم التاء المثناة من فوق وإسكان الراء وبعدها باء موحدة ثم جيم) وفي شرح المهذب والوسيط تبعاً لابن الصلاح القائل بوبجوب الصلاة على الآل في التشهد الأخير هو التربجي وهو مردود على قائلة بإجماع من قبله، أن الصلاة على الآل لا تجب لكن قد نفل البيهقي في الشعب عن أبي إسحق المروزي وهو من كبار الشافعية قال انا أعتقد أن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 90 الصلاة على آل النبي - صلى الله عليه وسلم - واجبة في التشهد الأخير من الصلاة، قال البيهقي في الأحاديث الثابتة في كيفية الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - دلالة على صحة ما قال انتهى. قال شيخنا ومن كلام الطحاوي في مشكله ما يدل على أن حرملة نقله عن الشافعي، قلت وقد أنشد المجد الشيرازي عن محمد بن يوسف الشافعي قوله: يا أهل بيت رسول الله حبكم فرض من الله في القرآن أنزله كفاكم عن عظيم القدر أنكم من لم يصل عليكم لا صلاة له انتهى وفي الرافعي ما نصه، وأما الصلاة فيه يعني في التشهد الأول على الأول فمبني على إيجابها في الآخر فإن لم يوجبها وهو الأصح فلا نستحبها. وتعقبه الزركشي في الخادم بأن حاصل ما ذكره في الصلاة على الآل عدم تصحيح الاستحباب وقد استشكله في التنقيح فقال ينبغي أن يسنا جميعاً ولا يسنا جميعاً ولا يظهر فرق مع الأحاديث الصحيحة المصرحة بالجمع بينهما وما قاله ظاهر والله الموفق. وقد اختلف أيضاً في وجوب الصلاة على إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - ففي البيان عن صاحب الفروع حكاية وجهين في ذلك كالخلاف في الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - كما سبقت الإشارة إليه في المقدمة والله أعلم. تنبيه: إن قال قائل ما وجه التفرقة بين الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - وبين الآل في الوجوب مع كونه معطوفاً عليه إذا كان مستند الوجوب قوله قولوا كذا فلم أوجبتم البعض دون البعض فالجواب عنه كما قيل من وجهتين أحدهما أن المعتمد في الوجوب إنما هو الأمر الوارد في القرآن بقوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} فلم يأمر بالصلاة على آله وأما تعليمه - صلى الله عليه وسلم - كيفية الصلاة عليه لما سألوه فبين لهد المقدار الواجب وزادهم رتبة الكمال على الواجب وهو إنما سألوه عن الصلاة عليه وهذا مبني على الخلاف في جواز حمل الأمر على حقيقته ومجازه والصحيح جوازه، وقد يجب المسؤول بأكثر مما سئل عنه لمصلحته كما وقع ذلك منه - صلى الله عليه وسلم - كثيراً كقوله حين سئل عن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 91 التطهر بماء البحر فقال هو الطهور ماؤه الحل ميتته، ولم يكن في سؤالهم ذكر ميتة البحر. والوجه الثاني: أن جوابه - صلى الله عليه وسلم - لمن سأله ورد بزيادات ونقص وإنما يحمل على الوجوب ما أتفقت الروايات عليه، إذ لو كان الكل واجباً لما اقتصر في بعض الأوقات على بعضه، وفي بعض الطرق الصحيحة اسقاط الصلاة على الآل وذلك في صحيح البخاري، في حديث أبي سعيد لكنه أثبتها في البركة مع أنهم لم يسألوه عن البركة ولا أمر بها في الآية وأيضاً فحديث أبي حميد المتفق عليه ليس فيه الصلاة على الآل ولا فيه البركة أيضاً، إنما قال على أزواجه وذريته وبين الذرية والآل عموم وخصوص. فإن قيل: فلم أقتصرتم في الوجوب في كيفية الصلاة عليه على لفظ اللهم صل على محمد ولم توجبوا بقية كلامه في التشبيه، قلنا لسقوط التشبيه في بعض أجوبته وذلك في حديث زيد بن خارجه كما تقدم فدل على عدم وجوبه. الفصل التاسع: فيه سؤالان أحدهما لم خص إبراهيم عليه السلام بالتشبيه دون غيره من الأنبياء صلوات الله عليهم والجواب أن ذلك وقع أما إكراماً له أو مكافأة على ما فعل حيث دعل لأمة محمد بقوله رب أغفر لي ولوالدي وللمؤنمنين يوم يقوم الحساب أو لعدم مشاركة غيره من الأنبياء له في ذلك واختصاصها بالصلاة إما لأنه كان خليلاً ومحمد - صلى الله عليه وسلم - حبيباً أو لأن إبراهيم كان منادي الشريعة حيث أمره الله بقوله {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ} ، ومحمد - صلى الله عليه وسلم - كان منادي الدين بقوله ربنا أننا سمعنا منادياً ينادي للإيمان، أو لأنه سأل الله - عز وجل - في ذلك حيث رأى الجنة في المنام وعلى أشجارها مكتوب لا إله إلا الله محمد رسول الله، وسأل جبريل عن ذلك فأخبره عن حالة فقال يارب أجر ذكري على لسان أمه محمد أو لقوله {وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ} أو لأنه أفضل من بقية الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أو لأن الله سماه أبا المؤمنين في قوله: {مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ} ، أو لأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - باتباعه لا سيما في الجزء: 1 ¦ الصفحة: 92 أركان الحج، أو لأنه لما بنى البيت دعا بقوله اللهم من حج هذا البيت من شيوخ أمة محمد فهبه مني ومن أهل بيتي ثم دعا إسماعيل للكهول ثم إسحاق للشباب ثم سارة للحرائر من الإناث ثم هاجر للموالي فلذلك أختص بذكره هو وأهل بيته قلت وفي أكثر هذه الأجوبة ما يحتاج إلى صحة النقل والله الموفق. وثانيهما: قال شيخنا أشتهر السؤال عن موقع التشبيه في قوله كما صليت على إبراهيم مع أن المقرر أن المشبه دون المشبه به والواقع ههنا عكسه لأن محمداً - صلى الله عليه وسلم - وحده، أفضل من إبراهيم وآل إبراهيم لا سيما وقد أضيف إليه آل محمد، وقضية كونه أفضل أن تكون الصلاة المطلوبة له أفضل من كل صلاة حصلت أو تحصل لغيره وأجيب عن ذلك بأحوبة، الأول أنه قال ذلك قبل أن يعلم أنه أفضل من إبراهيم وقد أخرج مسلم من حديث أنس أن رجلاً قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: يا خير البرية، قال ذلك إبراهيم، أشار إليه ابن العربي، وأيده أنه سأل لنفيه التسوية مع إبراهيم، وأمر أمته أن يسألوا له ذلك فزاده الله تعالى بغير سؤال، أن فصله على إبراهيم، وتعقب بأنه لو كان كذلك لغير صفة الصلاة عليه بعد أن علم أنه أفضل. الثاني: إنه قال ذلك تواضعاً وشرع لأمته ذلك ليكتسبوا بذلك الفضيلة الثالثة: إن التشبيه إنما هو لا صل الصلاة بأصل الصلاة، لا للقدر بالقدر فهو كقوله تعالى {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ} ، قوله {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} فإن المختار فيه أن المراد أصل الصيام لأوقته وعينه، وهو فقول القائل، أحسن إلى ولدك كما أحسنت إلى فلان ويريد ذلك أصل الإحسان لا قدره، ومنه قوله تعالى {وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ} ، ورجح هذا الجواب القرطبي في المفهم، فقولهم كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم معناه أنه تقدمت منك الصلاة على إبراهيم وعلى آل إبراهيم فنسأل منك الصلاة على محمد وعلى آل محمد - صلى الله عليه وسلم - بطريق الأولى، لأن الذي يثبت للفاضل يثبت للأفضل بطريقالأولى. ومحصل هذا الجواب أن التشبيه ليس من باب الحاق الكامل بالأكمل بل من باب التهيج ونحوه، أو من بيان حال ما لا يعرف بما يعرف لأنه فيما يستقبل والذي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 93 يحصل له - صلى الله عليه وسلم - من ذلك أقوى وأكمل، الرابع، أن الكاف للتعليل كما في قوله تعالى {كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ} وفي قوله تعالى {وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ} ، وقال بعضهم الكاف على بابها من التشبيه ثم عدل عنه للإعلام بخصوصية المطلوب، الخامس: أن المراد أن يجعله خليلاً كما جعل إبراهيم وأن يجعل لسان صدق كما جعل لإبراهيم مضافاً إلى ما حصل له من المحبة، وقد حصل له ذلك فقال ولكن صاحبكم خليل الله، ويرد عليه ما يرد على الأول قلت وهو نحو ما أجاب به القرافي في قواعده كما سأذكره قريباً، وقربه بأنه مثل رجلين يملك الفا ويملك الأخر الفين فيسأل صاحب الألفين أن يعطي الا أخرى نظير الذي أعطيها للأول، فيصير المجموع للثان اضعاف ما للأول، الساس: أن قوله اللهمة صل على محمد مقطوع عن التشبيه فيكون التشبيه متعلقاً بقوله وعلى آل محمد، وتعقبه ابن دقيق العيد بأن غير الأنبياء لا يمكن أن يساويهم فكيف يطلب لهم وقوع ما لا يمكن وقوعه انتهى. وعبر شيخنا عن هذا بقوله عن أن غير الأنبياء لا يمكن أن يساووا الأنبياء فكيف تطلب لهم صلاة التي وقعت لإبراهيم والأنبياء من آله. ثم قال ويمكن الجواب عن ذلك بأن المطلوب الثواب الحاصل لهم لا جميع الصلاة التي كانت سبباً للثواب، قلت وهذا قريب مما أجاب به البلقيني فأنه قال ما لفظه، إن تشبيه الصلاة غلى الآل بالصلاة على إبراهيم وآله ليس تشبيهاً في القدر ولا في الرتبة حتى يقال أن غير الأنبياء لا يمكن أن يساويهم بل التشبيه ههنا في أصل الصلاة وذلك قدر مشترك بين الأنبياء والآل، أعني مطلق الصلاة وإذا كان كذلك فلا يلزم من طلب الصلاة للآل كالصلاة على إبراهيم وآله أن يكون طلباً لما لم يمكن وقوعه وهو المساواة فيسقط السؤال انتهى. وقد نقل العمراني في البيان عن الشيخ أبي حامد أنه نقل هذا الجواب عن نص الشافعي حيث قيل له، رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أفضل الأنبياء فكيف قيل في الصلاة عليه اللهم صلي الله عليه وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم فقال قوله اللهم صل على محمد كلام تام وقوله وآل محمد عطف وكما صليت على إبراهيم راجع إلى الذي يليه وهو آل محمد. قلت: وأدعى ابن القيم أنه باطل عن الشافعي قال لأنه مع فصاحته الجزء: 1 ¦ الصفحة: 94 ومعرفته بلسلن العرب لا يقول هذا الكلام الذي يستلزم هذا التركيب الركيك المعيب من كلام العرب، قال شيخنا كذا قال وليس التركيب المذكور بركيك بل التقدير، اللهم صل على محمد وصل على آل محمد كما صليت إلى آخره، غلا يمتنع تعلق التشبيه بالجملة الثانية انتهى. لكن قد تعقبه الزركشي بأنه أيضاً مخالف لقاعدته الأصولية في رجوع المتعلقات إلى جميع الجمل وبأن التشبيه قد جاء في بعض الروايات من غير ذكر الآل والله أعلم. قلت قريب من هذا الجواب قول ابن عبد السلام شبه الصلاة على آل النبي - صلى الله عليه وسلم - بالصلاة على آل إبراهيم والله أعلم. السابع: أن التشبيه إنما هو للمجموع فإن الأنبياء من آل إبراهيم كثيرة فإذا قوبلت تلك الذوات الكثيرة من إبراهيم وآل إبراهيم بالصفاة الكثيرة التي لمحمد أمكن التفاضل ونحوه عن ابن عبد السلام فإنه قال آل إبراهيم أنبياء وآل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليسوا أنبياء والتشبيه إنما وقع بين المجموع الحاصل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وآله والمجموع الحاصل لإبراهيم عليه السلام وآله فيحصل لآل إبراهيم عليه السلام من تلك العطية أكثر مما يحصل لآل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من هذه العطية فيكون الفاضل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد أخذ آله من هذه العطية أكثر من الفاضل لإبراهيم من تلك العطية وإذا كانت عطية الله - صلى الله عليه وسلم - أعظم كان أفضل فاندفع الاشكال. قلت وعبر ابن عبد السلام عن هذا أيضاً في أسرار الصلاة له بقوله تشبيه الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - وآله بالصلاة على إبراهيم وآله فيحصل لنبينا - صلى الله عليه وسلم - ةلآله من أثار الرحمة والرضوان ما يقارب ما حصل لآل إبراهيم ومعظم الأنبياء آل إبرايهم لأنهم ابناؤه ثم نقسم الجملة فلا يحصل لآل محمد مثل ما حصل لآل إبرايهم ولن يبلغ آل محمد إلى مراتب الأنبياء فيتوفر ما بقي من أثار الرحمة الشاملة لمحمد وآله على محمد - صلى الله عليه وسلم - فيكون ذلك مشعراً بأن محمداً - صلى الله عليه وسلم - أفضل من إبراهيم انتهى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 95 وقال أبو اليمن بن عساكر، وتعقبه شيخنا فقال ويعكر على هذا الجواب أنه وقع في حديث أبي سعيد يعني الماضي مقابلة الاسم بالاسم فقط ولفظه اللهم صل على محمد كما صليت على إبراهيم، قلت وسبقه إلى العقبة القرافي في القواعد لكن من وجه آخر حيث جعل التشبيه في الدعاء كالتشبيه في الخبر، قال وليس كذلك لأن التشبيه في الخبر يصح في الماضي والحال والاستقبال والتشبيه في الدعاء لا يكون إلا في الاستقبال ههنا إنما وقع بين عطية تحصل الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم تكن حصلت له قبل الدعاء فإن الدعاء إنما يتعلق بالمعدوم المستقبل وبين عطية حصلت لإبراهيم وحينئذ يكون الذي حصل له قبل الدعاء لم يدخل في التشبيه وهو الذي فضل به إبراهيم عليه السلام، قال فاندفع السؤال من أصله لأن التشبيه وقع في دعاء لا في خبر نفم لو قيل أن العطية التي حصلت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - مثل العطية التي حصلت إبراهيم لزم الإشكال لكون التشبيه وقع في الخبر لكن التشبيه ما وقع إلا في الدعاء والله أعلم الثامن. أن التشبيه بالنظر إلى ما يحصل لمحمد وآل محمد من صلاة كل فرد، فرد فيحصل من مجموع صلاة المصلين من أول التعليم إلى آخر الزمان أضعاف ما كان لآل إبراهيم مما لا يحصيه إلا الله عز وجل. وعبر ابن العربي عن هذا بقوله المراد دوام ذلك واستمراره، قلت وقد قال شيخ الإسلام تقي الدين السبكي رحمه الله، إذا صلى عبد على نبيه صلى الله عليه وسلم بهذه الكيفية فقد سأل الله أن يصلي على محمد كما صلى على إبراهيم وآله، ثم إذا قالها عبد آخر فقد طلب صلاة أخرى غير التي طلبها الداعي الأول ضرورة أن المطلوبين وأن تشلبها مفترقان بافتراق الطالب، وأن الدعوتين مستجابتان إذ الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - دعوة مستجابة فلا بد أن يكون ما طلبه هذا فير ما طلبه ذاك لئلا يلزم تحصيل الحاصل كما قال ولده التاج: أن الله تعالى يصلص على النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاو مماثلة لصلاة على إبراهيم عليه السلام وآله كلما دعا عبد فلا تنحصر الصلوات عليه من ربه التي كل زاحدة منها بقدر ما حصل لإبراهيم وآله إذ لا ينحصر عدد من صلى عليه بهذه الصلاة والله أعلم. التاسع: أن التشبيه راجع إلى المصلي فيما يحصل له من الثواب لا بالنسبة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 96 إلى ما يحصل للنبي - صلى الله عليه وسلم -، قال شيخنا وهذا ضعيف لأنه يصير كأنه قال اللهم أعطني ثواباً على صلاتي على النبي - صلى الله عليه وسلم - كما صليت على إبراهيم، ويمكن أن يجاب بأن المراد مثل ثواب المصلي على إبراهيم، العاشر: رفع المقدمة المذكورة أولاً وهي أن المشبه به يكون أرفع من المشبه وإن ذلك ليس مطرداً بل قد يكون التشبيه بالمثل بل والدون كما في قوله تعالى {مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ} ، واين يقع نور المشكاه من نوره تعالى لكن لما كان المراد من المشبه أن يكون شيئاً ظاهراً واضحاً للسامع حسن أن يشبه النور بالمشكاه: وكذا ههنا لما كان تعظيم إبراهيم وآل إبراهيم بالصلاة عليهم مشهوراً واضحاً عند جميع الطوائف حسن إن يطلب لمحمد وآل محمد بالصلاة عليهم مثل ما حصل لإبراهيم وآل إبراهيم. ويؤيد ذلك ختم المطلب المذكور بقوله في العالمين، أي كما أظهرت الصلاة على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين، ولهذا لم يقع قوله في العالمين إلا في ذكر آل إبراهيم دون ذكر آل محمد يعني في الحديث الذي وردت فيه وهو حديث أبي سعيد المخرج عند مالك ومسلم وغيرهما، وعبر الطبسي عن ذلك بقوله ليس التشبيه المذكور من باب الحاق الناقص بالكامل، لكن من باب الحاق ما لم يشتهر بما أشتهر، وقال الحليمي، سبب هذا التشبيه أن الملائكة قالت في بيت إبراهيم رحمه الله وبركاته عليكم أهل البيت أنه حميد مجيد، وقد علم أن محمداً وآل محمد من أهل بيت إبراهيم فكأنه قال أجب دعاء الملائكة الذين قالوا ذلك في محمد وآل محمد كما أجبتها عندما قالوها في آل إبراهيم الموجودين حينئذ، ولذلك ختم بما ختمت به الآية وهو قوله إنك حميد مجيد. وقال النووي بعد أن ذكر بعض هذه الأحوبة، أحسنها ما نسب إلى الشافعي أو التشبيه لأصل الصلاة بأصل الصلاة أو المجموع بالمجموع، وقال ابن القيم: بعد أن زيف أكثر هذه الأجوبة، ألا تشبيه المجموع بالمجموع وأحسن منه أن يقال هو - صلى الله عليه وسلم - من آل إبراهيم، وقد ثبت ذلك عن ابن عباس، في تفيير قوله تعالى {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ} ، قال، محمد من آل إبراهيم فكأنه أمرنا أن نصلي على محمد وعلى آل محمد. خصوصاً بقدر ما صلينا عليه مع إبراهيم وآل إبراهيم عموماً، فيحصل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 97 لآله ما يليق بهم، ويبقى الباقي كله له، وذلك القدر أزيد مما لغيره من آل إبراهيم قطعاً، وتظهر حينئذ فائدة التشبيه، وأن المطلوب له بهذا اللفظ أفضل من المطلوب بغيره من الألفاظ انتهى. وقتال شيخنا عن المجد اللغوي، جواباً نقله عن بعض أهل الكشف حاصلة أن التشبيه لغير اللفظ المشبه به لا لعينه وذلك أن المراد بقولنا اللهم صل على محمد، أجعل من اتباعه من يبلغ النهاية في أمر الدين كالعلماء بشرعه بتقريرهم أمر الشريعة، كما صليت على إبراهيم بأن جعلت فيهم أنبياء يخبرون بالمغيبات، فالمطلوب حصول صفات الأنبياء لآل محمد وهو أتباعه في الدين كما كانت حاصلة بسؤال إبراهيم هذا حاصل ما ذكره قال شيخنا وهو جيد أن سلم أن المراد بالصلاة ههنا ما أدعاه والله أعلم، وفي نحو هذه الدعوى جواب آخر، المراد اللهم أستجب دعلء محمد في أمته كما أستجبت دعاء إبراهيم في بنيه ويعكر على هذا عطف الآل في الموضعين والله المستعان, قلت وقد أطال المجد اللغوي رحمه الله في تقرير ما تقدم عزوه إليه وختم بقوله وتلخيص ذلك أن يقول المصلي اللهم صل على محمد بأن تجعل من أمته عليماء وصلحاتء بالغين نهايات المراتب عندك كما صليت على إبراهيم بأن جعلت آله أنبياء ورسلاً بالغين نهايات المراتب عندك وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم بما أعطيتهم من التشريع والوحي فأعطاهم التحديث فمنهم محدثون وشرع لهم الإجتهاد وقرره حكماً شرعياً فأشبهت الأنبياء في ذلك فافهم، فإن في هذه فائدة جليلة عظيمة والله يقول الحق وهو يهدي السبيل. الفصل العاشر: المراد بالبركة في قوله وبارك النمو والزيادة من الخير والكرامة وزقيل المراد التطهير من العيوب والتزكية وقيل المراد ثبات ذلك ودوامه واستمراره من قولهم بركت الإبل أي ثبتت على الأرض وبه سميت بركة الماء بكسر أوله وسكون ثانية لإقامة الماء فيها وبه جزم، وقد يوضع موضع التيمن فيقال للميمون مبارك بمعنى أنه محبوب مرغوب فيه، والحاصل أن المطلوب أن يعطوا من الخير أوفاه وأن يثبت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 98 صفحة ناقصة والحاصل أن المطلوب أن يعطوا من الخير أوفاه، وأن يثبت ذلك وأن يستمر. فإذا قلنا: اللهم بارك على محمد، فالمعنى اللهم أدم ذكر محمد ودعوته وشريعته، وكثر أتباعه وأشياعه، وعرف أمته من يمنه وسعادته أن تشفعه فيهم وتدخلهم جناتك، وتحلهم دار رضوانك فتجمع التبريك عليه الدوام والزيادة والسعادة، والله المعين. تنبيه: لم يصرح أحد بوجوب قوله "وبارك على محمد" فيما عثرنا عليه غير أن ابن حزم ذكر ما يفهم وجوبها في الجملة فقال: على المرء أن يبارك عليه ولو مرة في العمر وأن يقولها بلفظ أبي مسعود أوأبي حميد أوكعب بن عجرة، وظاهر كلام صاحب "المغني" من الحنابلة وجوبها في الصلاة، فإنه قال: وصفة الصلاة كما ذكرهها الخرقي، والخرقي إنما ذكر ما اشتمل عليه حديث كعب، ثم قال: وإلى هنا انتهى الوجوب. والظاهر أن أحدا من الفقهاء لا يوافق على ذلك. قاله المجد الشيرازي. والله أعلم. الفصل الحادي عشر. إن زيادة الترحم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في التشهد في الأحاديث الماضية واردة على ابن العربي حيث بالغ في إنكار ذلك حيث قال: حذار مما ذكره ابن أبي زيد من زيادة وترحم يعني في قوله في "الرسالة" لما ذكر ما يستحب في التشهد، ومنه اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، فزاد وترحم على محمد وعلى آل محمد وبارك على محمد وعلى آل محمد ... إلى آخره، إنه قريب من البدعة؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - علمهم كيفية الصلاة عليه بالوحي، ففي الزيادة عليه استدراك، أي أنه باب تعبد واتباع، فيقتصر فيه على المنصوص، ومن زاد فقد ابتدع؛ لأنه أحدث عبادة في محل مخصوص لم يرد بها نص. قلت: ولم ينفرد بذلك فقد قال أبو القاسم الصيدلاني من الشافعية ما نصه: ومن الناس من يزيد وارحم محمدا وآل محمد كما ترحمت على آل إبراهيم أو رحمت وهذا لم يرد في الخبر، وهو غير صحيح، فإنه لا يقال: رحمتُ عليه، وإنما يقال رحمتُه، وأما الترحم ففيه معنى التكلف والتصنع، فلا يحسن إطلاقه في حق الله تعالى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 99 وقال النووي في الأذكار، وأما ما قاله بعض أصحابنا وابن زيد المالكي من استحباب زيادة على ذلك وهي ارحم محمداً وآل محمد فهذا بدعة لا أصل لها وقال في شرح مسلم المختار أنه لا يذكر الرحمة لأنه عليه السلام علمهم الصلاة بدونها وإن كان معناها الدعاء والرحمة، فلا ينفرد بالذكر وكذا قاله فيره وهو ظاهر، والأحاديث في زيادتها غير واردة لأنها كما سلفت ضعيفة لكن لا يقال مع وجودها، لم يرد في الخبر، وما أحسن قول القاضي عياض لم يأت في هذا خبر صحيح، إذا تقرر هذا فلعل قول القاضي عياض لم يأت في هذا خبر صحيح، إذا تقرر هذا فلعل ابن أبي زيد كان يرى أن هذا من فضائل الأعمال التي يتساهل فيها بالحديث لبضعيف لاندراجه في العمومات فإن أصل الدعاء بالرحمة لا ينكر واستحبابه في هذا المحل الخاص ورد فيه ما هو مضعف فيتساهل في العمل به أو يكون صح عنده بعضها على أنه لم ينفرد بذلك، ففي شرح الهداية نقلاً عن الفقيه أبي جعفر، أما أنا فأقول: وأرحم محمداً وآل محمد واعتمادي على التوارث الذي وجدته في بلدي وبلدان المسلمين، ومثله عن السرخسي في مبسوطة لا بأس به لأن الأثر ورد به من طريق أبي هريرة ولا عتب علىمن أتبع الأثر ولأن احدً لم يستغنى عن رحمة الله تعالى وهكذا قال الرستفغني: وقال معنى قوله وإراحم محمداً راجع إلى الأمة وهذا كمن جنى جناية وللجاني أب شيخ كبير وأرادوا أن يقيموا العقوبة على الجاني فيقال للذي يعاقبه أرحم هذا الشيخ الكبير وذلك راجع إلى الابن حقيقة كذا هو في المحيط والله أعلم. وقد صرح ابن العربي عقب كلامه بجواز الترحم عليه في كل وقت يعني ما عدا التشهد وخالف غيره في ذلك فعد من خصائصه - صلى الله عليه وسلم - تعين الدعاء بع بلفظ الصلاة عليه وأنه لا يقال رحمه الله لدلالة لفظ الصلاة على معنى من التعظيم لا يشعر به لفظ الترحم ولهذا قالوا لا يصلي على غير الأنبياء إلا تبعاً، ويطلق لفظ الترحم على غير الأنبياء قطعاً. وحكى القاضي عياض عن ابن عبد البرانة لا يدعي بالرحمة وإنما يدعي له بالصلاة والبركة التي تختص به ويدعي لغيره بالرحمة والمغفرة ولكن يحث الإمام تقي الدين بن دقيق العيد في شرح الإلمام له في هذا فقال إن الصلاة من الله مفسرة بالرحمة ومقتضاه أن يقال اللهم ارحم محمداً لأن المترادفين إذا استويا في الدلالة قام الجزء: 1 ¦ الصفحة: 100 كل واحد منهما مقام الآخر ومال إلى الجواز أيضاً شيخنا حيث قال إن الإنكار على ابن زيد غير مسلم إلا أن يكون لكونه لم يصح وإلا فدعوى من أجعى أنه لا يقال أرحم محمداً مرودود لثبوت ذلك في عدة أحاديث أصحها في التشهد السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وسبقه إلى الجواز أيضاً شيخنا لبمجد اللغوي فإنه قال الذي أقوله أن الدلالة قائمة على جواز ذلك، وذكر منها قول الأعرابي اللهم ارحمني ومحمداً، وتقريره - صلى الله عليه وسلم - لذلك وقوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث ابن عباس في الدعاء الطويل عقب صلاته من الليل، اللهم أني اسألك رحمة من عندك إلى آخره، وقوله في حديث عائشة اللهم أني أستغفرك لذنبي وأسأل رحمتك وقوله يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث وقوله اللهم أرجو رحمتك، وقوله إلا أن يتغمدني الله برحمته. قلت إلى غير ذلك من الأحاديث السالفة وغيرها وقد أخرج النسائي مرسلاً عن عكرمة قال: تظاهر رجلاً من امرأته وأصابها قبل أن يكفر فذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - ما حملك على ذلك قال رحمك الله يا رسول الله الحديث، وهو في السنن الأربعة مرفوعاً لكن بدون هذه اللفظة، وفي خطبة الرسالة لامنانا الشافعي ما نصه، محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم ورحم وكرم انتهى، ومحل ذلك أعني الجواز وعدمه فيما يقال مضموماً إلى السلام والصلاة كما أفاده شيخنا وغيره. وممن صرح بجوازه كذلك أبو القاسم الأنصاري صاحب الإرشاد فقال يجواز ذلك مضافاً إلى الصلاة، لا يحوز مفرداً ووافقه على ذلك ابن عبد البر والقاضي عياض في الإكمال ونقله عن الجمهور، وقال القرطبي في المفهمأنه الصحيح لورود الأحاديث به انتهى، وجزم بعدم جوازه يعني مفرداً الغوالي فقال لا يجوز ترحم يعني بالتاء وكذا جزم ابن عبد البر بالمنع فقال لا يجوز لأحد إذا ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يقول رحمه الله لأنه قال من صلى علي ولم يقل من ترحم علي وملا من دعا لي وإن كان معنى الصلاة الرحمة ولكن خص بهذا اللفظ تعظيماً له فلا يعدل عنه إلى غيره ويؤيده قوله تعالى {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} وهو كما قال شيخنا بحث حسن قال لكن في التعليل الأول الجزء: 1 ¦ الصفحة: 101 نظر والمعتمد الثاني، وفي الذخيرة من كتب الحنفية نقلاً عن محمد بن عبد الله بن عمر كراهة قال لإيهامه النقص لأن الرحمة غالباً إنما تكون عن فعل ما يلام عليه ونحن أمرنا بتعظيمهم قال ولهذا إذا ذكر الأنبياء لا يقال رحمهم الله بل نصلي عليهم. فإن قيل:: كيف يدعى له بالرحمة وهو عين الرحمة لقوله تعالى {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} ، فالجواب كما قاله الحافظ أبو ذرعه ابن العراقي أن كونه رحمة للعالمين من رحمة له فإن الرحمة بالمعنى المفير بها في حقنا وهي رقة القلب مستحيلة في حق الله تعالى، وعي في حقه أما صفة ذات والمراد بها إرادة الخير للعبد، أو صفة فعل والمراد بها فعل الخير معه والنبي - صلى الله عليه وسلم - أجزل حظاً من أرادة الله تعالى للخير وفعله معه الخير ولا يقال هذا حاصل له كيف تطلبه لآله لأن ثمره ذلك عائدة علينا كما سبق في المقدمة الصلاة عليه ولله الحمد والرحمة. قال البيهقي: أنها تجمع معنيين: أحدهما إزاحة العلة والآخر الإنابة بالعمل وهي في جملة غير الصلاة إلا ترى أن الله قال أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة ففصل بينهما، وجاء عن عمر ما يدل على انفصالهما عنده ثم أسند عنه قوله تعن العدلان ونعم العلاوة {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ} يعني الثناء من الله والمدح لهم والتزكية، ورحمة أي كشف الكربة وقضاء الحاجة والله أعلم. (تحقيق ترحمت عليه) تنبيه: حكى الصفاني عن بعض أئمة اللغة المتقدمين أنه قال قول الناس ترحمت عليه لحن وخطأ، وإنما الصواب رحمت عليه بتشديد الحاء ترحيماً انتهى، وهذا يرد قول الصيدلاني الماضي، وأما رحمت عليه بكسر الحاء المخققة فلم يقله أحد من أئمة اللغة المشاهير فيما علمناه وإن صح نقله فهو في غاية الشذوذ والضعف قاله المجد اللغوي، ورد الزركشي قول الصدلاني أيضاً بأن ذلك من باب التضمين كما قال تعالى: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} أي أدع لهم وإن كان لا يقال أدع عليهم فكذلك هنا ضمنت الرحمة معنى الصلاة وسبقه إلى الرد ابن يونس شارح الجزء: 1 ¦ الصفحة: 102 الوجيز حيث قال قول الصيدلاني أنه لا يقاع ممنوع فقد نقل الجوهري أنه قال، وأما قوله فإنه يشعر بالتكلف فيناظر قول ابن شبيب إن الله لا يسمى متكلماً لاشعاره بالتكلف، والأصلح على مخالفته ثم ينتقض بالمتكبر والمتفضل انهتى، والناس في هذه الصيغة بالنسبة إلى الباري تعالى مأخذ أن ليس هذا محلها وبالله التوفيق. الفصل الثاني عشر: المراد بالعالمين فيما رواه أبو مسعود وغيره في الحديث أصناف الخلق وفيه أقوال أخرى قيل ما حواه بطن الفلك وقيل ما فيه روح وقيل كل محدث وقيل بقيد العقلاء وهذان القولان في المشارق وقيل الإنس والجن فقط حكاه المنذري وحكى قولاً آخر أنه الجن والإنس والملائكة والشياطين قال في الصحاح، العالم الخلق، والجمع العوالم، والعالمون أصناف الخلق وقال في المحكم العالم الخلق كله، وقيل هو ما احتواه بطن الفلك ولا واجد للعالم من لفظه لأن عالماً جمع أشياء مختلفة فإن جعل عالم اسماً لواحد منها صار جمعاً لأشياء متفقة والجمع عالمون، ولا يجمع شيء على فاعل بالواو والنون إلا هذا انتهى وأشار بقوله في العالمين إلى اشتهاره الصلاة والبركة على إبراهيم في العالمين وإنتشار شرفه وتعظيمه وإن المطلوب لنبينا عليه الصلاة والسلام صلاة تشبه تلك الصلاة وبركة تشبه تلك البركة في انتشارها في الخلق وشهرتها وقد قال تعالى وتركنا عليه في الآخرين سلام على إبراهيم وقد تقدم شيء من هذا قريباً وبالله التوفيق. الفصل الثالث عشر: في تحقيق الحميد الحميد فعيل من الحمد بمعنى محمود وأبلغ منه وهو من حصل هل من صفات الحمد أكملها وقيل هو بمعنى الحامد أن يحمد أفعال عباده والمجيد هو من المجد وهو صفة الإكرام ومناسبة ختم الدعاء بهذين الاسمين العظيمين أن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 103 المطلوب تكريم الله لنبيه وثناؤه عليه والتنويه به وزيادة تقريبه وذلك مما يستلزم طلب الحمد والمجد ففي ذلك أشار إلى أنهما كالتعليل للمطلوب، أو كالتذليل له والمعنى أنك فاعل ما يستوجب به الحمد من النعم المترافة كريم بكثرة الإحسان إلى جميع عبادك ولله الحمد. الفصل الرابع عشر: في تحقيق الأعلين والمصطفين والمقربين تقدم في بعض الأحاديث الأعلين والمصطفين والمقربين، فأما الأعلين وهو بفتح اللام فيظهر أن المراد به الملأ الأعلى وهم الملائكة لأنهم يسكنون السموات والجن هو الملأ الآسفل لأنهم سكان الأرض، وأما المصطفين وهو بفتح الطاء والفاء فقال الزمخشري في قوله تعالى {وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ} ، إنهم المختارون من أبناء جنسهم فعلى هذا هم من الرسل أربعة نوح وموسى وعيسى وإبراهيم، أولوا العزم وهو أعنى محمداً - صلى الله عليه وسلم - سيدهم من الملائكة جماعة كثيرون كحملة العرش وجبرئيل وميكائيل ومن شهد بدرا. وقيل المصطفون هم الذين أتخذهم صفوة فصفاهم من الأدناس وقيل هم الذين وحدوه وآمنوا به قال له ابن عباس وقيل هم اصحابه وقيل هم أمته، أما المقربون فالمراد بهم الملائكة واختلف فيهم فعن ابن عباس هم حملة العرش وبه جزم البغوي وقيل الملائكة الكروبيون عنده الذين حول العرش كجبرئيل وميكائيل ومن في طبقتهم، وقيل هم الذي إليهم الأجرام السماوية وهم المعنيون بقوله تعالى {لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ} ، وقيل المقربون سبعة، اسرافيل وميكائيل وجبرئيل ورضوان ومالك وروح القدس، وملك الموت عليهم السلام، وأما المقربون من البشر فقال تعالى {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10) أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (11) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ} فقيل هم السابقون إلى الإسلام، وعن مقاتل السابقون هم من سبق إلى الأنبياء بالإيمان وقيل هم الصديقون والله أعلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 104 الفصل الخامس عشر: في تحقيق قوله - صلى الله عليه وسلم - من سره أن يكتال بالمكيال الأوفى قوله في بعض الأحاديث السالفة من سره أن يكتال بالمكيال الأوفى أي الأجر والثواب فحذف ذلك للعلم به وكنى بذلك عن كثرة الثواب لأن تقدير بالمكيال يكون في الغالب للأشياء الكثيرة والتقدير بالميزان يكون غالباً للأشياء القليلة وأكد ذلك بقوله الأوفى ويحتمل أن يكون تقديره أن يكتال بالمكيال الأوفى الماء من حوض المصطفى، ويدل لذلك ما ذكره عياض في الشفاء وعن الحسن البصري أنه قال من أراد أن يشرب بالكأس فذكر الأثر المتقدم قاله شيخ الإسلام أبو ذرعه ابن العراقي قال: والأول أقرب إذ لا دليل على هذا التقدير الخاص. وقوله عقبه أهل البيت منصوب على الإختصاص منا في قوله تعالى {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ} ، وكا في قوله عليه السلام نحن معاشر الأنبياء، والله الموفق. الفصل السادس عشر: في ضبط ما في حديث علي من مشكل في ضبط ما في حديث علي الماضي من مشكل (داح المدحوات) بالمهملة فيهما أي باسط المبسوطات وهم الأرضون وكان جل ثناؤه خلقها ربوة ثم بسطها فقال جل ثناؤه {وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا} وكل شيء بسط ووسع فقد دحى ولذلك قيل لموضع بيض النعامة أدحى لأنها تدحو البيض أي تبسطه وتوسعه ويروي المدحيات (وباريء المسموكات) أي خالق المرفوعات وعنى بها السموات قال الفرزدق: أن الذي سمك السماء بنا لنا بيتا دعائمه أعز وأطول ويروي سامك بدل باري ومعناه رافع، (وجبار القلوب على فطرتها) وهو جبر العظم المكسور كأنه أقام القلوب واثبتها على ما فطرها عليه من معرفته، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 105 والإقرار به شقيها وسعيدها، قال القتيبي لم أجعله من أجبر لأن أفعل لا يقال فيه، قال وتعقبه في النهاية بأنه يكون من اللغة الأخرى يقال جبرت وأجبرت بمعنى قهرت، (وأغلق) بضم وهمزة وكسر اللام مبني لما لم يسم فاعله (والدامغ) المهلك يقا دمغ يدمغه دمغا، إذا أصاب دماغه فقتله (والجيشات) جمع جيشة وهي المرة من جاش إذا أرتفع (وحمل) بضم المههملة وكسر الميم المشدودة مبني أيضاً (واضطلع بأمرك) بالضاد المعجمة أي نهض به لقوته عليه، (وقوله) بغير نكل أي بغير جبن واحجام في الإقدام (ولا هن) أي ولا ضعف في راي ويروي واهيا بالياء (والنفاذ) والمعجمة (وأورى) في الصحاح ورى الزند بالفتح يؤى وريا إذا خرجت ناره وفيه لغة أخرى ولاي الزند يري بالكسر فيهما زازريته انا وكذلك وريته (والقبس) الشعلة من النار وكل هذا استعارة (وآلاء الله) بالمد نعمه وهو مبتدأ خبره قوله تصل بأهله أسبابه وأختلف في واحدة فقيل إلا بالفتح والتنوين كركى، وقيل بالكسر والتنوين كمعي وقيل بالكسر وسكون اللام والتنوين كنخي وقيل بالكسر بغير تنوين ذكر الأخير ابن الأثير في النهاية وقيل الوكا من أفاده البرهان الحلبي فهذه خمس ورأيت بخط شيخنا فيها خمس لغات، إلى بكسر الهمزة وبفتحها وبالتنوين فيهما والخامسة إلى (وهديت) بضم الهاء وكسر الدال مبني لما لم يسم فاعله (والقلوب) مرفوع نائب مناب الفاعل ويروى بفتح الهاء والدال ونصب القلوب، (والنهج) الطريق المستقيم (وموضحات) بكسر التاء مفعول وكذا (نائرات) بكسر التاء معطوف على موضحات وهو بنون أوله ومثناه تحت بعد الألف (وعدنك) بفتح العين المهملة وسكون الدال يعني جنتك وفي الصحاح عدنت أببلد توطنته، وعدنت الليل بمكان كذا لزمته فلم تبرح، ومنه جنات عدن أي جنات اقمه (وأجزه) بفتح الهمزة ثم جيم ساكنة ثم زاي مكسورة من الجزاء هكذا ضبط في عدة نسخ من الشفا والصواب فيه كما وجد في بعض الأصول المعتمدة، وصل الهمزة لأنه ثلاثي قال الله تعالى {وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا} ، قلت، وقد وجدته في بعض الأصول بفتح الهمزة ثم جيم ساكنة ثم راء مفتوحة من الأجر وصحح عليه وأطنه مما حرف وقرأت بخط بعض العارفين الضبط الأول أنه أصح فلعله نحو ما ورد في حديث سهل ما أجزأ منا اليوم أحدكما اجزأ فلان أي فعل ظهر أثره واواد العطا وقام فيه مقام ما لم يقمه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 106 غير بعد العطا ولا تفي كفايته وقوله (ثوابك المضنون) أي الذي يضن به لنفاسته والذي في الشفاء المحلول بدل المضنون والمعنى يحل فيه (والمعلول) مأخوذ من العلل بفتح المهملة واللام وهو الشرب الثاني بعد النهل بفتحتين وهو الشرب الأول واراء العطاء بعد العطاء (والنزل) الطعام الذي يهيأ للضيف وهو بضم النون وسكون الزاي، وتضم أيضاً وهو المكان الذي يهيأ للنزول فيه وفي التنزيل، نزلاً من غفور رحيم (والخطة) الأمر والقصة والفصل القطع والله أعلم. الفصل السابع عشر: في زيادة قول المصلي سيدنا ذكر المجد اللغوي ما حاصله أن كثيراً من الناس يقولون اللهم صل على سيدنا محمد وإن في ذلك بحثاً أما في الصلاة فالظاهر أنه لا يقال اتباعاً للفظ المأثور ووقوفاً عند الخبر الصحيح وإما في غير الصلاة فقد أنكر - صلى الله عليه وسلم - على من خاطبه بذلك كما في الحديث المشهور وإنكاره يحتمل أن يكون تواضعاً منه - صلى الله عليه وسلم - وكراهة منه أن يحمد ويمدح مشافهة أو لأن ذلك كان من تحية الجاهلية أو لمبالغتهم في المدح حيث قالوا أنت سيدنا وأنت والدنا وأنت أفضلنا علينا فضلاً وأنت أطولنا علينا طولاً وأنت الجفنة الغراء وأنت، وأنت أفضلنا علينا فضلاً وأنت أطولنا علينا طولاً وأنت الجفنة الغراء وأنت، وأنت فرد عليهم وقال قولوا بقولكم ولا تستهوينكم الشياطين وقد صح قوله - صلى الله عليه وسلم - انا سيد ولد آدم وقوله للحسن أن ابني هذا سيد وقوله لسعد قوموا إلى سيدكم وورد قول سهل بن حنيف للنبي - صلى الله عليه وسلم - يا سيدي في حديث عند النسائي في عمل اليوم والليلة وقول ابن مسعود اللهم صل على سيد المرسلين كما تقدم وفي كل هذا دلالة واضحة وبراهين لائحة على جواز ذلك والمانع يحتاج إلى إقامة دليل سوى ما تقدم لأنه لا ينهض دليلاً مع حكاية الإحتمالات المتقدمة وقد قال الأسنوي رحمه الله في المهمات في حفظي قديماً أن الشيخ عز الدين بن عبد السلام بناه أعني الإتيان بسيدنا قبل محمد على أن الأفضل هل هو سلوك الأدب أم إمتثال الأمر فعلى الأول يستحب دون الثاني لقوله - صلى الله عليه وسلم - قولوا اللهم صل على محمد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 107 قلت وقرأت بخط بعض محققي من أخذت عنه ما نصه، الأدب مع من ذكر مطلوب شرعاً بذكر السيد، ففي حديث الصحيحين: قوموا إلى سيدكم أي سعد بن معاذ وسيادته بالعلم والدين وقول المصلين اللهم صل على سيدنا محمد فيه الإتيان بما آمرنا به وزيادة الأخبار بالواقع الذي هو أدب فهو أفضل من تركه فيما يظهر من الحديث السابق وإن تردد في أفضليته الشيخ الاسنوي وذكر أن في حفظه قديماً أن الشيخ ابن عبد السلام بناه على أن الأفضل سلوك الأدب أو إمتثال الأمر والله المعين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 108 الباب الثاني: في ثواب الصلاة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ثواب الصلاة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمن صلى عليه من صلاة الله عز وجل وملائكته ورسوله وتكفير الخطايا وتزكية قيراط مثل أحد من الأجر والكيل بالمكيال الأوفى وكفاية أمر الدنيا والآخرة لمن جعل صلاته كلها صلاة عليه، ومحو الخطايا وفضلها على عتق الرقاب، والنجاة بها من الأهوال وشهادة الرسول بها، ووجوب الشفاعة ورضى الله ورحمته والامان من سخطه والدخول تحت ظل العرش، ورجحان الميزان ووردود الحوض والامان من العطش والعتق من النار، والجواز على الصراط ورؤية المقعد المقرب من الجنة قبل الموت، وكثرة الأزواج في الجنة ورجحانها على أكثر من عشرين غزوة، وقيامها مقام الصدقة للمعسر، وإنها زكاة وطهارة، وينمو المال ببركتها، وتنقضي بها من الحوائج مائة بل أكثر وإنها عبادة، وأحب الأعمال إلى الله، وتزين المالي، وتنفي الفقر وضيق العيش ويلتمس بما مظان الخير، وإن فاعلها أولى الناس به وينتفع هو وولده وولد ولده بها، ومن اهديت في صحيفته بثوابها. وتقرب إلى الله - عز وجل - وإلى رسوله، وإنها نور وتنصر على الأعداء وتطهر القلب من النفاق والصدأ ويوجب محبة الناس ورؤية وتنصر على الأعداء وتطهر القلب من النفاق والصدأ ويوجب محبة الناس ورؤية النبي - صلى الله عليه وسلم - في المنام، وتمنع من اغتياب صاحبها وهي من أبرك الأعمال وأفضلها وأكثرها نفعاً في الدين والدنيا وغير ذلك من الثواب المرغب للفطن الحريص على اقتناء ذخائر الأعمال واجتناء الثمرة من نضائر الأمال في العمل المشتمل على هذه الفضائل العظيمة والمناقب الكريمة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 109 والفوائد الجمة العميمة التي لا توجد في غيره من الأعمال ولا تعرف سواه من الأفعال والأقوال - صلى الله عليه وسلم - تسليماً كثيراً. عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال من صلى علي واحدة صلى الله عليه عشراً رواه مسلم وأبو داود والترمذي وقال حسن صحيح والنسائي وابن حبان في صحيحه وفي بعض الفاظ الترمذي من صلى علي مرة واحدة كتب الله له عشر حسنات وفي لفظ، ومحى عنه عشر سيئات وهو عند أحمد بسند رجاله رجال الصحيح غير ربعي بن إبراهيم وهو ثقة مأمون. وعنه أيضاً - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: من صلى علي عشرا صلى الله عليه مائه ومن صلى علي مائة صلى الله عليه ألف ومن زاد صبابه وشوقاً كمت له شفيعاً وشهيداً يوم القيامة أخرجه أبو موسى المديني بسند قال الشيخ مغلطاي لا بأس به والله أعلم وعن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - قال من صلى على النبي - صلى الله عليه وسلم - واحدة صلى الله تعالى عليه وملائكته بها سبعين صلاة رواه أحمد وابن زنجوية في تغريبه بإسناد حسن وحكمة الرفع إذ لا مجال للإجتهاج وفيه وعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال من ذكرت عنده فلبصل علي ومن صلى علي مرة صلى الله عليه عشراً أخرجه أحمد وأبو نعيم والبخاري في الأدب المفرد وهو عند الطبراني في الأوسط بدون قوله ومن صلى علي مرة إلى آخره ورجاله رجال الصحيح وفي رواية من صلى علي واحدة صلى الله عليه عشر صلوات وحطت عنه عشر سيئات ورفعت له عشر درجات أخرجها النسائي وابن حبان في صحيحه وابن أبي شيبة وليس عندهما ورفعت إلى آخره، وأخرجه الحاكم بلفظ من صلى علي صلاة واحدة صلى الله عليه عشر صلوات وحط عنه عشر خطيئات ورواه الطبراني في الأوسط والصغير بلفظ من صلى علي صلاة واحدة صلى الله عليه عشرا ومن صلى علي عشراً صلى الله عليه مائة ومن صلى علي مائة كتب الله بين عينيه براءة من النفاق وبراءة من النار وأسكني يوم القيامة مع الشهداء، وفي سنده إبراهيم بن سالم بن شبل الهجيمي قال المنذري لا أعرف بعدالة ولا جرح وقال الهيتمي نحوه، ورواه ابو بكر بن أبي عاصم النبوية له وأبو القاسم التيمي في تغريبه من طريق أبي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 110 إسحاق السبيعي عن أنس بلفظ صلوا علي فإن الصلاة علي كفارة لكم وزكاة فمن صلى علي صلاة صلى الله عليه عشراً. وفر رواية أخري لأبي القاسم وأبي موسى المديني فإن الصلاة على درجة لكم وهذا السند صحيح فيما قاله العراقي وليس كذلك فقد قال أبو حاتم أن أبا إسحاق لا يصح له من لأنس سماع بل ولا رؤية ثم أنه معلول بالرواية الأولى فأنها من طريق أبي إسحاق عن بريد بن أبي مريم عن أنس وفيها خلف على أبي إسحاق فتارة يثبت الواسطة وتارة يحذفها ثم في إثبات الواسطة خلف أيضاً فتارة يجعله بريداً عن أنس كالرواية الأولى وتارة يجعله بريداً عن أبيه عن أنس وهذه الرواية عند حميد بن زنجوية في الترغيب له وتاره يجعله الحسن البصري كما أخرجها النسائي وإما رواية الحذف فهي عند النسائي أيضاً وأبي يعلى وان السني والطبراني والطيالسي وغيرهم وأبو إسحاق فراوية من سمع منه قبل الإختلاط أولى بالصواب، وقد رجح الدارقطني في العلل وغيره البخيل من ذركت عنده فلم يصل علي، من صل علي الحديث، وهو من رواية أبي إسحاق عن أنس بلا واسطة وأشار إلى خطئه والله الموفق. وفي رواية عند الطبراني في الأوسط بإسناد لا بأس به، من صلى علي بلغتي صلاته وصليت عليه وكنز له سوى ذذلك عشر حسنات وعند النسائي وتمام والحافظ رشيد الدين العطار بسند حسن: ما من عبد مؤمن يذكرني فيصلي علي إلا كتب الله له عشر حسنات ومحا عنه عشر سيئات ورفع له عشر درجات وعند اليهقي في فضائل الأوقات كما سيأتي في الباب الأخير من حديث أبي إسحاق أيضاً عن أنس رفعه، اكثروا علي من الصلاة يوم الجمعة وليلة الجمعة فمن صلى علي صلاة صلى الله عليه عشراً ونحوه عند ابن بشكوال بدون الجمعة، وعن عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه - قال خرج رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فتوجه نحو صدقته فدخل فاستقبل القبلة فخر ساجداً فاطال السجود حتى ظننت أن الله قبض نفيه فدنوت منه فرفع رأسه قال من هذا قلت عبد الرحمن، قال ما شأنك قلت يا رسول الله سجدت سجدة حتى ظننت أن يكون الله قد قبض نفيك فيها فقال إن جبريل أتاني فبشرتي فقال أن الله - عز وجل - يقول من صلى عليك صليت عليه ومن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 111 سلم عليك سلمت عليه، زاد في روايته فيجدت لله شكراً، أخرجه أحمد من طريق عمرو وابن أبي عمرو عن عبد الواحد بن محمد عبد الرحمن بن عوف عن جده بهذا. ورواه ابن أبي عاصم من الوجه الذي أخرجه منه أحمد فقال عن عبد الواحد عن أبيه عن جده ورواه البيهقي وعبد بن حميد وابن شاهين كالرواية الأولى لكن بزيادة عاصم بن عمر بن قتادة بن عمرو وعبدو الواد، البيهقي في الخلافيات عن الحاكم قال: هذا حديث صحيح ولا أعلم في سجدة الشكر اصح من هذا الحديث انتهى، وفيه من الخلاف غير ذلك فرواه أحمد وأبو يعلى الموصلي في مسنديهما والبيهقي في سننه من طريق عمرو فقال عن عبد الرحمن بن أبي الحويرث عن محمد بن جبير عن عبد الرحمن بن عوف، ورواه بن أبي عاصم من طريق عمر وعن أبي الحويرث عن محمد بن جبير عن عبد الرحمن قال: دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حائطاً وأنا اتبعه فقال ان جبريل لقيني فقال ابشرك أن الله يقول من صلى عليك صليت عليه ومن سلم عليك سلمت عليه، ورواه أبو يعلى من رواية ابن أبي سندر الأسلمي عن مولى لعبد الرحمن بن عوف غير مسمى قال قال عبد الرحمن بن عوف كنت قائماً في رحبة المسجد فرأيت رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - خارجاً من الباب الذي يلي المقبرة فأخرت شيئاً ثم خرجت على أثره فوجدته قد جخل حائطاً من الأسواف فتوضأ ثم صلى ركعتين فيجد سجدة فأطال السجود فيها فذكره وهو عند ابن أبي عاصم من هذا الوجه باختصار بلفظ سجدت شكراً لأن جبريل أخبرني أنه من صلى علي صلى الله عليه. وساقه أيضاً من طريق عبد الله بن مسلم عن رجل من يني ضمرة عن عبد الرحمن بن عوف رفعة، أعطاني ربي فقال أنه من صلى عليك من أمتك صليت عليه عشراً، ورواه ابن أبي الدنيا والبزاز وأبو يعلى وابن أبي عاصم أيضاً من رواية سعد بن إبراهيم عن أبيه عن جده، عبد الرحمن قال كان لا يفارق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منا خمسة أو أربعة من أصحابه - صلى الله عليه وسلم - لما ينوبه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 112 من حوائجه بالليل والنهار قال فجئته وقد خرج فاتبعته فدخل حائطاً من حيطان الاسواف فصلى فيجد فأطال السحود فبكيت وقلت قبض الله روحه قال فرفع رأسه فدعاني فقال مالك فقلت يا رسول الله أطلت السجود فقلت قبض الله روح رسوله لا اراه ابداً، قال فيجدت شكراً لربي فيما أبلاني أي فيما أنعم علي في أمتي من صلى على صلاة كتب الله له عشر حسنات ومحا عنه عشر سيئات، لفظ ابي يعلى. واختصره ابن أبي عاصم ولفظه، سجت شكراً لربي فيماأبلاني في أمتي من صلى علي صلاة صلت عليه الملائكة مثل ما صلى علي فليقل عبد من ذلك أو ليكثر، ومن لفظ آخر من صلى علي صلاة كتب الله له عشر حسنات ومحا عنه عشر سيئات ولفظ ابن أبي الدنيا من صلى علي صلاة صلى الله عليه عشراً وفيه موسى بن عميدة الزبدي ضعيف جداً وقد أخرجه الضياء في المختارة من طريق سهيل بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه بلفظ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج عليهم يوماً في وجهه البشر فقال إن جبرئيل جاءني فقال ألا بشرك يا محمد بما أعطاك ربك من أمتك منك من صلى عليك منهم صلاة صلى الله عليه ومن سلم عليك منهم سلم الله عليه وهو حديث حسن ورجال هذا السند من رجال الصحيح لكن فيه عنعنة أبي الزبير، وقد ذكر الدارقطني في العلل أن إسحاق بن أبي فروة رواه عن أبي الزبير فقال عن حميد بن عبد الرحمن بدل سهيل لكن إسحاق ضعيف والله أعلم. وعن أنس بن مالك ومالك بن أوس بن الحدثان - رضي الله عنهما - قال: خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - يتبرز فلم يجد أحداً يتبعه ففزع عمر فاتبعه بمطهرة يعني أداوة، فوجده ساجداً في شربة فتنحى عمر فجلس وراءه حتى رفع رأسه قال: فقال أحسنت يا عمر حين وجدتني ساجداً فتنحيت عني، أن جبرئيل أتاني فقال من صلى عليك واحداً صلى الله عليه عشراً ورفعه عشر درجات أخرجه البخاري في الأدب المفرد هكذا، ورواه أبو بكر بن أبي شبية والبزار في مسنديهما وإسماعيل القاضي في فضل الصلاة له من حديث أنس وحده في مسنده مسلمة بن وردان ضعفه أحمد واختلف عليه فيه كما سأذكره بعد، ورواه ابن أبي عاصم من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 113 طريق بريد بن أبي مريم عن أبيه عن أنس مرفوعاً بلفظ من صلى علي صلاة صلى الله عليه عشر صلوات ومحا عنه عشر سيئات وقد مر قريباً. وعن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحاجته فلم يجد أحداً يتبعه ففزع عمر فأتاه بمطهره من خلفه فوجد النبي - صلى الله عليه وسلم - ساجداً في شربه فتنحى عنه من خلفه حتى رفع النبي - صلى الله عليه وسلم - رأسه فقال أحسنت يا عمر حين وجدتني ساجداً فتنحيت عني إن جبريل عليه السلام أتاني فقال من صلى عليك من أمتك واحدة صلى الله عليه عشراً ورفعه عشر درجات رواه الطبراني في الصغير من رواية الأسود بن يزيد عن عمر ومن طريق الطبراني أخرجه الضياء في المختارة، قلت وإسناده جيد بل صححه بعضهم، وقد رواه ابن شاهين في ترغيبه وابن بشكوال من طريقه ومحمد بن جرير الطبير في كتاب تهذيب الاثار له من رواية عاصم بن عبيد الله عن عبد الله بن عامر بن ربيعة عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشر صلوات فليقل عبد أو ليكثر وقال بن جرير هذا خبر عندنا صحيح سنده لا علة فيه توهنه ولا سبب يضعفه قلت هذا عجيب فإن عاصما ضعفه الجمهور ومع ذلك فقد اختلف الاختلاف عليه فيه فقيل عنه هكذا أخرجه ابن أبي عاصم وقيل عنه عن عبد الله بن عامر بن ربيعه عن أبيه كما سيأتي وهو أصح وقيل عنه عن القاسم بن محمد عن عايشة والعلم عند الله تعالى. وقد رواه إسماعيل القاضي ابن أبي عاصم من رواية سلمة بن وردان قال حدثني مالك بن أوس بن الحدثان البصري عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتبرز فاتبعه بأدواة من ماء فوجدته قد فرغ ووجدته ساجداً في شربه فتنحيت عنه فلما فرغ رفع رأسه فقال أحسنت يا عمر حين تنحيت عني إن جبريل أتاني فقال من صل عليك صلاة صلى الله عليه عشراً ورفع له عشر درجات قلت: وقد اختلف أيضاً فيه على سلمة بن وردان فروى عنه هكذا وروى عنع عن أنس بن مالك كما تقدم أخرجه ابن أبي عاصم والشربة قال في النهاية بفتح لاراء حوض يكون في أصل النخلة وحولها يملأ ماء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 114 تشربه وكذا قال في الصحاح أنه حوض يتخذ حول النخلة تتروى منه قال والجمع شرب وشربات انتهى وضبطها في القاموس بفتح الشين المعجمة وفتح الراء والباء الموحدة المشددة وقال إنها الأرض المعشبة لا شجر بها وقال في تصنيفه في الصلاة إنها مجتمع النخيل قال وليس في كلام العرب له من نظير سوى جربة وهي المزرعة يعني بكسر الجيم ثم السكون مخففة والله أعلم. وعن البراء بن عازب - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال من صلى علي كتب الله له بها عشر حسنات ومحا عنه بها عشر سيئات ورفعه بها عشر درجات وكن له عدل عشر رقاب رواه ابن أبي عاصم في كتاب الصلاة له من طريق مولى للبراء غير مسمى، وعن أبي بردة بن نيار - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما صلى علي عبد من أمتي صلاة صادقاً من قلبه إلا صلى الله عليه بها عشر صلوات ورفعه بها عشر درجات وكتب له بها عشر حسنات ومحا عنه بها عشر سيئات رواه ابن أبي عاصم في الصلاة له ةالنسائي في اليوم والليلة والسنن والبيهقي في الدعوات والطبراني وليس عند لفظ صلاة ورجاله ثقات ورواه إسحاق بن راهوية والبزاز بسند رجاله ثقات أيضاً ولفظه من صلى علي من تلقاء نفيه صلى الله عليه بها عشر صلوات وحط عنه عشر سيئات ورفع له عشر درجات، قلت وقد اختلف فيه على أحد رواته أبي الصباح سعيد بن سعيد فقيل عنه هكذا وقيل عنه عن سعيد بن عمير عن ابيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كما سيأتي والرواية الأولى أشبه قاله أبو زرعة الرازي وبالله التوفيق. وعن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - أنه قال من صلى على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتب له عشر حسنات وحط عنه عشر سيئات ورفع له عشر درجات أخرجه سعيد بن منصور وفيه من لم يسم وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - عن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الاكابر قالوا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من صلى علي صلاة واحدة صلى الله عليه عشراً ومن صلى علي عشراً صلى الله عليه مائة ومن صلى علي مائة صلى الله عليه الفا ومن صلى علي الفا زاحمت كتفه كتفي على باب الجنة ذكره صاحب الدر لمنظم لكني لم أقف على أصله إلى الآن وأحسبه موضوعاً والله أعلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 115 وعن أبي طلحة الأنصاري - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جاء في ذات يوم والبشرى ترى في وجهه فقال أنه جاءني جبريل - صلى الله عليه وسلم - فقال أما يرضيك يا محمد أن لا يصلي عليك أحداً من أمتك إلا صليت عليه عشراً ولا يسلم عليك أحداً من أمتك إلا سلمت عليه عشراً رواه الدارمي وأحمد والحاكم في صحيحه وابن حبان والنسائي وهذا لفظه وفيه نقص هو في رواية ابن حبان وغيره ولفظه خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو مسرور فقال الملك جاءني فقال لي يا محمد إن الله تعالى يقول لك اما ترضى فذكره إلا أنه قال أحد من عبادي وأسقط الجار والمجرور في السلام وزاد في آخره بلى يارب. وفي سنده سليمان مولى الحسن بن علي قال النسائي ليس بالمشهور وقال الذهبي في الميزان ما روى عنه سوى ثابت النبائي انتهى، وذكره ابن حبان في الثقات على قاعدته فيمن لم يخرج واحتج به في صحيحة كما ترى على أن سليمتن لم ينفرد بذلك فقد رواه أحمد في المسند من طريق إسحاق بن كعب بن عجرة أن أبي طلحة قال أصبح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوماً طيب النفي يرى في وجهه البشر فقالوا يا رسول الله أصبحت طيب النفي يرى في وجهك البشر قال: أجل أتاتي آت من ربي فقال من صلى عليك من أمتك كتب الله له بها عشر حسنات ومحا عنه عشر سيئات ورفع له عشر درجات ورد عليه مثلها، وفي سنده ضعف، ورواه إسماعيل القاضي وأبو بكر بن أبي عاصم وأبو طاهر المخلص من رواية ثابت البناني عن أنس عن أبي طلحة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج يومفا يعرف البشر في وجهه فقالوا انا لنعرف الآن في وجهك البشر قال أجل أتاني الآن آت من ربي فأخبرني أنه لن يصل علي أحد من أمتي إلا ردها الله عليه عشر أمثالها. وهكذا هو عند ابن شاهين لكن بغير هذا اللفظ وأخرجه الطبراني من هذا الوجه لكنه مختص من صلى علي صلاة صلى الله عليه عشراً. قلت وقد حكم بعض الحفاظ بصحة إسناده وفيه نظر لأنه معلول برواية ثابت عن سليمان عبد الله بن طلحة عن أبيه، كذلك رواه النسائي وأحمد والبيهقي في الشعب، ورجاله موثوقون، وتابع ثابتاً على هذه الرواية إسماعيل القاضي فرواه أيضاً من رواية إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أبيه عن جده الجزء: 1 ¦ الصفحة: 116 رفعه بلفظ من صلى علي واحدة صلى الله عليه عشرا فليكثر عبد من ذلك أو ليقل، وتابع ثابتاً على روايته عن أنس عن أبي طلحة ابان وعبد الحكم والزهري وأبو ظلال وغيرهم. أما رواية أبان فأخرجها أبو تعيم في الحلية بلفظ رفعنا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو أطيب شيء نفياً فقلنا له فقال وما يمنعني وإنما خرج جبريل عليه السلام آنفاً فأخبرني أنه من صلى علي صلاتاً كتب الله له عشر حسنات ومحا عنه عشر سيئات ورد عليه مثل ما قاله. وأما رواية عبد الحكيم فأخرجها التيمي في الترغيب له ولفظه: دخلت على النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم أره أشد استبشاراً منه يومئذ ولا أطيب نفياً قلت يا رسول الله ما رأيتك قط نفياً ولا أشد استبشاراً منك اليوم، فقال ما يمنعني وهذا جبريل قد خرج من عندي آنفاً فقال، قال الله تعالى من صلى عليك صلاة صليت عليه بها عشراً ومحوت عنه عشر سيئات وكتبت له عشر حسنات. وأما رواية الزهري فرواها الطبراني وابن أبي عاصم بلفظ أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو متهلل وجهه متبشر فقلت يارسول الله إنك على حالةما رأيتك على مثلها قال وما يمنعني أتاني جبريل عليه السلام فقال بشر أمتك أن من صلى عليك صلاة كتب الله له بها عشر حسنات وكفر عنه بها عشر سيئات وهي عند ابن شاهين وزاد في آخره ورفع له بها عشر درجات ورد الله - عز وجل - مثل قوله، وعرضت علي يوم القيامة. وأخرجها الطبراني أيضاً بلفظ دخلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأسارير وجهه تبرق فقلت يا رسول الله ما رأيتك أطيب نفياً ولا أظهر بشراً من يومك هذا، قال: ومالي لا تطيب نفيي ويظهر بشرى وإنما فارقني جبريل عليه السلام الساعة فقال يا محمد من صلى عليك من أمتك صلاة كتب الله له بها عشر حسنات ومحا عنه بها عشر سيئات ورفعه بها عشر درجات وقال له الملك مثل ما قال لك قلت يا جبريل وما ذاك الملك قال إن الله - عز وجل - وكل ملكاً منذ خلقك إلى أن يبعثك لايصلي عليك أحد من أمتك إلا قال وأنت صلى الله عليك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 117 وأما رواية أبي طلات فأخرجها، بقي بن مخلد ومن طريقه ابن بشكوال ولفظها سمعت أنس بن مالك يقول، لقي أبو طلحة نبي الله - صلى الله عليه وسلم - وهو خارج من بعض حجراته فقال يا نبي الله مازلت حسناً وجهك ولم أرك أحين وجها منك اليوم وإني لاظن إن جبريل أتاك اليوم ببعض البشارة قال نعم إنطلق من عندي آنفاً فأخبرني أن الله يقول ما من مسلم يصلي عليك صلاة واحدة إلا صليت أنا وملائكتي عليه عشراً، وفي لفظ رويناه في فوائد أبي يعلى الصابوني من طريق أبي ظلال عن أنس قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج جبريل عليه السلام من عندي آنفاً يخبرني عن ربه - عز وجل - ما على الأرض مسلم صلى عليك واحدة إلا صليت عليه أنا وملائكتي عشراً فأكثروا علي من الصلاة يوم الجمعة وإذا صليتم علي فصلوا على المرسلين فأني رجل من المرسلين. وقد روى هذا الحديث أبو الفرج في كتاب الوفاء وفيه من الزيادة ولا يكون لصلاته منتهى دون العرش لا تمر عليك إلا قال صلوا على قائلها كما صلى على النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - وعند ابن أبي عاصم فيه من الزيادة وعرضت علي يوم القيامة، وعن سهل بن سعد - رضي الله عنه - قال: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإذا بابي طلحة فقام إليه فتلقاه فقال بأبي أنت وأمي يار سول الله إني لارى السرور في وجهك قال أجل أنه أتاني جبريل آنفاً فقال يا محمد من صلى عليك مرة أو قال واحدة كتب الله له بها عشر حسنات ومحا عنه بها عشر سيئات ورفع له بها عشر درجات، قال رواية محمد بن حبيب ولا أعلمه إلا قال وصليت عليه الملائكة عشر مرات، أخرجه البغوي ومن طريقه الضياء في المختارة ورواه الدارقطني في الأفراد وقال: تفرد به محمد بن حبيب الجاردوي عن عبد العزيز بن أبي حازم عن أبيه قلت وكلهم ثقاة لكن غلط محمد بن حبيب فيه فقلبه وإنما هو من رواته عبد العزيز بن أبي حازم عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة أخرجه إسماعيل القاضي وابن أبي عاصم بالمتن دون القصة، رواه ابن أبي عاصم أيضاً عن طريق زهير عن العلاء به مختصراً من صلى علي صلاة واحدة صلى الله عليه عشراً وقد تقدم بهذا اللفظ في أول الباب فعلى هذا لم يصب من حكم بصحته لكن قد جزم شيخنا بأن الحديث حسن وبالله لبتوفيق وعن عمار بن ياسر - رضي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 118 الله عنه - قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن لله ملكاً أعطاه اسماع الخلائق فهو قائم على قبري إذا مات فليس احد يصلي علي صلاة إلا قال يا محمد صلى عليك فلان بن فلان قال فليصلي الرب تبارك وتعالى على ذلك بكل واحدة عشراً، رواه أبو الشيخ بن حبان وأبو القاسم التيمي في تغريبه والحارث في مسنده وابن أبي عاصم في كتابه ولفظه أن الله تعالى أعطى ملكاً من الملائكة اسماع الخلائق فهو قائم على قبري حتى تقول الساعة فليس أحد من أمتي يصلي علي صلاة إلا قال يا أحمد فلان بن فلان باسمه واسم أبيه يصلي عليك كذا وكذا وضمن بي الرب أنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه عشراً وإن زاده زاده الله. ورواه الطبراني في معجمه الكبير وإبن الجراح في اماليه بنحوه وأبو علي الحسن بن نصر الطوسي في احكامه والبزار في مسنده، ولفظه أن الله وكل بقبري ملكاً أعطاه اسماع الخلائق فلا يصلي علي أحد إلى يوم القيامة إلا بلغني باسمه واسم ابيه هذا فلان بن فلان قد صلى عليك، زاد في رواية بعضهم وإني سألت ربي عز وجل أن لا يصلي علي أحد منهم صلاة إلا صلى عليه عشر أمثالها وإن الله - عز وجل - أعطاني ذلك. وفي سند الحميع نعيم بن ضمضم وفيه خلاف عن عمران بن الحميري قال المنذري لا يعرف. قلت بل هو معروف ولينه البخاري وقال لا يتابع وذكره ابن حبان في ثقات التابعين، قال صاحب الميزان أيضاً لا يعرف، قال نعيم بن ضمضم ضعفه بعضهم انتهى، وقرأت بخط شيخنا لم ار فيه توثيقاً ولا تجريحاً إلا قول الذهبي يعني هذا، وعن إمامة الباهلي - رضي الله عنه - قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من صلى علي صلاة صلى الله عليه عشراً بها ملك موكل حتى يبلغنيها رواه الطبراني في الكبير من رواية مكحول عنه، قلت وقد قيل أنه لم يسمع منه إنما رآه رؤية والراوي له عن مكحول موسى ابن عمير وهو الجعدي الضرير كذبه أبو حاتم. وعن عامر بن ربيعة - رضي الله عنه - قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 119 من صلى علي صلى الله عليه عشراً فأكثروا أو أقلوه رواه أبو نعيم في الحلية عن الطبراني وسنده ضعيف وهو عند البزار بلفظ من صلى علي من تلقاء نفيه صلى الله عليه بها عشراً، وهذا اللفظ في سنن ابن ماجه إلا قوله من تلقاء نفيه ومدار هذين الطريقين على عاصم، وقد أشار بعض الحفاظ إلى أن المحفوظ بهذا الإسناد حديثمن صلى علي صلاة صلت عليه الملائكة فاصلى علي الحديث. وسيأتي قريباً وعن عمر بن نيار ويقال ابن عقبة بن نيار البدري - رضي الله عنه - قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من صلى علي من أمتي مخلصاً من قلبه صلى الله عليه بها عشر صلوات ورفعه بها عشر درجات وكتب له بها عشر حسنات ومحا عنه بها عشر سيئات رواه النسائي في اليوم والليلة، وأبو نعيم في الحلية، وأبو القاسم في الترغيب والزار في مسنده، وزاد صلاة، وكذا هو عند ابن بشكوال، وقد اهتلف في سنده كما تقدم في حديث أبي بردة قريباً رواه أبو الشيخ من طريق سعيد بن التغلبي عن سعيد بن عمرو الأنصاري عن أبيه وكان بدرياً فذكره. وعن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي فإنه من صلى على صلى الله عليه عشراً، الحديث أخرجه مسلم وسيأتي في الباب الأخير، وعن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال من صلى علي صلاة صلى الله عليه وملائكته عشراً، فليكثر عبداً أو ليقل أخرجه ابن أبي عاصم في فضل الصلاة له والطبراني لكن بدون قوله فليكثر إلى آخره، وفي سنده يحي بن عبد الحميد الحماني ضعف، وأخرجه ابن أبي عاصم أيضاً من وجه آخر ضعيف بلفظ من صلى علي صلى الله عليه وملائكته فليكثر عبد أو ليقل وهو عنده كذلك من وجه آخر موقوف. وعن أبي موسى الاشعري - رضي الله عنه - واسمه عبد الله بن قنيس على الصحيح قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشراً رواه الطبراني بسند رجاله ثقات إلا حفص بن سليمان القاري فقد ضعفه الجمهور ووثقه وكيع وغيره، وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من صلى على صلاة صلت عليه الملائكة ما صلى علي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 120 فليكثر عبد أو ليقل رواه الضياء المقدسي من طريق أبي نعيم وأبو بكر الشافعي في فوائده المعروفة بالعيلانيات، والرشيد العطار في الأربعين له، وفي سنده عاصم ابن عبيد الله وهو ضعيف مع أنه قد اختلف عليه فيه كما تقدم في حديث عمر والله أعلم. وعن عامر بن ربيعه - رضي الله عنه - سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطب ويقول من صلى علي صلاة لم تزل الملائكة تصلي عليه ما صلى علي، فليقل عبد منكم أو ليكثر، رواه سعيد بن منصور وأحمد وأبو بكر بن أبي شيبة والبزار وابن ماجة والطيالسي وأبو نعيم وابن أبي عاصم والتيمي والرشيد العطار وفي سنده عاصم بن عبيد الله وهو وإن كان واهي الحديث فقد مشاه بعضهم وصحح له الترمذي، وحديثه هذا حسن في المتابعات قال المنذري وكذا حسن شيخنا هذا الحديث على أنه قد اختلف على عاصم فيه كما سلف في حديث عمر لكن قد رواه الطبراني من غير طريقه بسند لين وبالله التوفيق، وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - رفعه من صلى على صلاة جاءني بها ملك فاقول ابلغه عني عشراً وقل له لو كانت من هذه العشرة واحدة لدخلت معي الجنة كالسبابة والوسطي، وحلت لك شفاعتي، ثم يصعد الملك حتى ينتهي إلى الرب فيقول أن فلان بن فلان صل على نبيك مرة واحدة فيقول تبارك وتعالى أبلغه عني عشراً ةقل له لو كانت من هذه العشر واحدة لما مستك النار ثم يقول، عظمو صلاة عبدي واجعلوها في عليين ثم يخلق من صلاته بكل حرف ملكاً له ثلاثه وستون رأساً الحديث أخرجه أبو موسى المديني وهو موضوع بلا ريب. وعن أنس - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال من صلى علي صلاة تعظيماً لحقي جعل الله - عز وجل - من تلك الكلمة ملكاً جناح له في المشرق وجناح له في المغرب ورجىه في تخوم الأرض وعنقه ملتوي تحت العرش فيقول الله - عز وجل - له صل على عبدي كما صلى على نبيي فهو يصلي عليه إلى يوم القيامة، رواه ابن شاهين في الترغيب له وغيره والديلمي في مسند الفردوس وابن بشكوال ولفظه ما من عبد يصلي علي صلاة لحقي إلا خلق الله من ذلك القول ملكاً له جناح بالمشرق وجناح بالمغرب ويقول له صلي على عبدي كما صلى على نبيي فهو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 121 يصلي عليه إلى يوم القيامة وهو حديث منكر. ويروي عنه - صلى الله عليه وسلم - مما لم اقف على سنده أن لله ملكاً له جناحان أحدهما بالمشرق والآخر بالمغرب فإذا صلى العبد علي حبا انغمس في الماء ثم ينتفض فيخلق الله منه ل قطرة تقطر منه ملكاً يستغفر لذلك المصلي علي إلى يوم القيامة، وذكر صاحب شرق المصطفى عن مقاتل بن سليمان قال إن الله تعالى ملكاً تحت العرش على رأسه ذؤابة قد أحاطت بالعرش ما من شعره على رأسه إلا مكتوب عليها لا إله إلا الله محمد رسول الله فإذا صلى العبد على النبي - صلى الله عليه وسلم - لم تبق شعره منه إلا أستغفرت لصاحبها، يعني قائلها، قلت وفي صحتها نظر. وعن معاذ بن جبل - رضي الله عنه - قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن الله أعطاني ما لم يعط غيري من الأنبياء وفضلني عليهم وجعل لأمتي في الصلاة علي أفضل الدرجات، ووكل بقبري ملكاً يقال لم منطروس، رأسه تحت العرش ورجلاه في تخوم الأرضين السفلي وله ثمانون ألف جناح ثمانون ألف ريشة في كل ريشة ثمانون ألف زغبة تحت كل زغبة لسان يسبح الله - عز وجل - ويحمده ويستغفر لمن يصلي على من أمتي ومن لدن رأسه إلى بطون قدميه افواه وألسن وريش وزغب ليس فيه موضع شبر إلا فيه لسان يسبح الله وبحمده ةيستغفر لمن يصلي علي من أمتي حتى يموت أخرجه ابن بشكوال وهو غريب منكر بل لوايح الوضع لائحة عليه وعن أم أنس ابنة الحسين بن علي عن أبيها - رضي الله عنه - قال قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم - يا رسول الله رأيت قول الله - عز وجل - {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} فقال عليه الصلاة والسلام إن هذا من العلم المكنون ولولا إنكم سألتموني عنه ما أخبرتكم به أن الله - عز وجل - وكل بي ملكين فلا أذكر عند عبد مسلم فيصلي علي إلا قال ذانك الملكان غفر الله لك وقال الله وملائكته جواباً لذينك الملكين أمين وفي لفظ آخر عند بعضهم وزاد ولا أذكر عند عبد مسلم فلا يصلي علي إلا قال ذانك الملكان لا غفر الله لك وقال الله - عز وجل - وملائكته جواباً لذينك الملكين آمين رويناه في امالي الدقيقي أخرجه الطبراني وابن مردوية والثعلبي وفي سند الجميع الحكم بن عبد الله بن خطاف مهو متروك. وعن عقبة بن عامر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 122 إن للمساجد اوتاداً جلساؤهم الملائكة إن غابوا فقدوهم، وإن مرضوا عادوهم وإن رأوهم رحبوا بهم وإن طلبوا حاجة أعانوهم فإذا جلسوا حفت بهم الملائكة من لدن أقدامهم إلى عنان السماء بايديهم قراطيس الفضة وأقلام الذهب يكتبون الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - ويقولون اذكروا رحمكم الله زيد وزادكم الله فإذا استفتحوا الذكر فتحت لهم أبواب السماء واستجيب لهم الدعاء وتطلع عليهم الحور العين وأقبل الله - عز وجل - عليهم يوجه ما لم يخوضوا في حديث غيره ويتفرقوا فإذا تفرقوا أقام الزوار يلتمسون حلق الذكر رواه أبو القاسم بن بشكوال بسند ضعيف وذكره صاحب الجار المنظم، وعن ابن عمر وأبي هريرة - رضي الله عنهم - قالا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، صلوا علي صلى الله عليكم، تقدم في الباب الأوب وحديث كفارة الذنوب وتزكية الأعمال ورفع الدرجات نقدم في أوائل هذا الباب من حديث أنس. وعن أبي كاهل وله صحبه - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يا أبا كاهل من صلى علي كل يوم ثلاث مرات وكل ليلة ثلاث مرات حباً لي وشوقاً إلي كان حقاً على الله أن يغفر له ذنوبه تلك الليله وذلك اليوم، اخرجه ابن أبي عاصم في فضل الصلاة له والطبراني والعقيلي في أثناء حديث طويل وفيه كان حقاً على الله أن يغفر له بكل مرة ذنوب حول وقال العقيلي فيه نظر وقال ابن عبد البر أنه منكر وكذا قاله المنذري أنه منكر بهذا اللفظ، وقال صاحب الميزان سنده مظلم والمتن باطل، وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن لله سيارة من الملائكة إذا مروا بحلق الذكر قال بعضهم لبعض اقعدوا فإذا دعل القوم فأمنوا على دعائهم فإذا صلوا على النبي - صلى الله عليه وسلم - صلوا معهم حتى تفرقوا ثم يقول بعضهم لبعض طوبي لهؤلاء يرجعون مغفور لهم. ويحكى أن أبا العباس أحمد بن منصور لما مات رآه رجل من أهل شيراز وهو واقف في المحراب بجامع شيراز وعليه حلة وعلى رأسه تاج مكلل بالجواهر فقال له ما فعل الله بك قال غفر لي واكرمني وتوجني وادخلني الجنة فقال له بماذا قال بكثرة صلاتي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رواها النميري وابن بشكوال في القربة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 123 وفي ترجمة جماهير من كتاب الصلاة له أيضاً، وعن رجل من الصوفية قال رأيت الملقب بمسطح بعد وفاته وكان ما جنا في حياته فقلت له ما فعل الله بك قال غفر لي فقلت بأي شيء قال استمليت على بعض المحدثين حديثاً مسنداً فصلى الشيخ على النبي - صلى الله عليه وسلم - فصليت أنا معه ورفعت صوتي بالصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - فيمع أهل المجلس فصلوا علي فغفر لنا في ذلك اليوم كلنا، أخرجه ابن بشكوال، وعنده أيضاً من طريق أبي الحسن البغدادي الدارمي أنه رأى أبا عبد الله بن حامد بنواحي النصيبة بعد موته مراراً وأنه قال له ما فعل الله بك قال غفر لي ورحمني وإنه سأله عن عمل يدخل به الجنة فقال صل ألف ركعة تقرأ في كل ركعة ألف مرة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} وأنه قال لالأطيق ذلك فقال له فصل على محمد النبي - صلى الله عليه وسلم - ألف مرى كل ليلة، وذكر الدرامي أنه يفعل ذلك كل ليلة، وعنه أيضاً قال رأس بعض الناس أبا الحفص الكاغدي بعد وفاته في المنام وكان سيداً كبيراً فقال له من فعل الله بك قال رحمني وغفر لي وأدخلني الجنة، فقيل له بماذا قال لما وقفت بين يديه أمر الملائكة فحسبوا ذنوبي وحسبوا صلاتي على المصطفى - صلى الله عليه وسلم - فوجدوها أكثر فقال لهم المولى جلت قدرته حسبكم يا ملائكتي لا تحلسبوه واذهبوا به إلى جنتي ويروي في بعض الخبار أنه كان في بني إسرائيل عبد مسرف على نفيه فلما مات رموا به فأوحى الله إلى نبيه موسى عليه السلام أن غسله وصل عليه فاني قد غفرت له، قال يارب وبم ذلك قال أنه فتح التوارة يوماً فوجد فيها اسم محمد - صلى الله عليه وسلم - فصلى عليه وقد غفرت له بذلك. ورأى بعض الصالحين صورة قبيحة في المنام، فقال لها من أنت قالت انا عملك القبيح قال لها فبم النجاة منك قالت بكثرى الصلاة على المصطفى محمد - صلى الله عليه وسلم - وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما من عبد صلى علي صلاة إلا عرج بها ملك حتى يحيى بها وجه الرحمن - عز وجل - فيقول ربنا تبارك وتعالى اذهبوا بها إلى قبر عبدي تستغفر لقائلها وتقر بها عينه أخرجه أبو علي بن البنا واليملي في مسند الفردوس له وفي سنده عمر بن حبيب القاضي، ضعفه النسائي وغيره وعن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أن رسول الجزء: 1 ¦ الصفحة: 124 الله - صلى الله عليه وسلم - قال من صلى علي صلاة كتب الله له قيراطاً والقيراط مثل أحد أخرجه عبد الرزاق بسند ضعيف، وحديث من سره أن يكتال بالمكيال الأوفى تقدم في الباب الأول من حديث علي وأبي هريرة - رضي الله عنه - وعن أبي بن كعب - رضي الله عنه - قال كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا ذهب ربع الليل وفي رواية ثلث الليل قام فقال يا أيها الناس اذكروا الله جاءت الراجفة تتبعها الرادفة، جاء الموت بما فيه، جاء الموت بما فيه قال أبي ابن كعب فقلت يارسول الله إني أكثر الصلاة عليك فكم أجعل لك من صلاتي قال ماشئت قلت الربع قال ما شئت وإن زردت فهو خير لك قلت فالنصف قال ما شئت، وإن زدت فهو خير لك، قال قلت فالثلثين وإن زدت فهو خير لك قلت أجعل بها صلاتي كلها قال إذا يكفي همك ويغفر ذنبك رواه أحمد وعبد حميد في مسنديهما والترمذي وقال حسن صحيح والحاكم وصححه وفيه نظر. وفي لفظ لأحمد وابن أبي شيبة وابن أبي عاصم قال رجل يارسول الله ارأيت إن جعلت صلاتي كلها عليك قال إذا يكفيك الله تبارك وتعالى ما أهمك من أمر دنياك وآخرتك وإسناده جيد، وفي لفظ لإسماعيل القاضي أني أصلي من الليل بدل أني أكثر الصلاة عليك وعند عبد أن المروزي في الصحابة ومن طريقه أبو موسى المديني في الذيل من رواية الحكم بن عبد الله بن حميد عن محمد بن علي بن حبان أن أيوب بن بشير قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأني قد أجمعت أن أجعل ثلث صلاتي دعاء لك الحديث انتهى، والحديث معروف لأبي بن كعب كما سقته فإن كان هذا محفوظاً فلا مانع من سؤالهما معاً عن ذلك والله أعلم. وعن حبان بن منقذ - رضي الله عنه -، أن رجلاً قال يا رسول الله أجعل لك ثلث صلاتي عليك قال نعم إن شئت، قال الثلثين قال نعم قال فصلاتي كلها قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا يكفيك الله ما أهمك من أمر دنياك وآخرتك أخرجه الطبراني في الكبير وابن أبي عاصم في كتاب الصلاة له، وفي إسناد ؤشد بن سعد يرويه عن قرة بن عبد الرحمن وقد ضعفهما الجمهور، قلت لكن قد حسن هذا الحديث الهيتمي ومن قبله المنذري لشواهده وعند ابن سمعون في الثالث عشر من أماليه من طريق محمد بن يحي بن حبان مرسلاً أن رجلاً أتى رسول الجزء: 1 ¦ الصفحة: 125 الله - صلى الله عليه وسلم - فقال يارسول الله إني أريد أن أجعل ثلث صلاتي لك قال أفعل ما شئت قال فصلاتي كلها قال إذا يكفيك الله أمر دنياك وآخرتك. وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال يا رسول الله أجعل شطر صلاتي دعاء لك قال ما شئت قال فاجعل ثلثي صلاتي دعاء لك، قال نعم قال فاجعل صلاتي كلها دعاء لك قال إذا يكفيك الله الدنيا والآخرة رواه البزار في مسنده وابن أبي عاصم في فضل الصلاة له، وسنده عمر بن محمد بن صهبان وهو متروك لكن شاهده حديث حبان وأبي كما قدمتهما، وعن يعقوب بن زيد بن طلحة التيمي قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أتاني آت من ربي فقال ما من عبد يصلي عليك إلا صلى الله عليه بها عشراً فقام إليه رجل فقال يارسول الله أجعل لك قال إذا يكفيك الله هم الجنيا والآخرة، أخرجه إسماعيل القاضي ويعقوب من صغار التايعين فحديثه هذا مرسل أو معضل قلت وأفادت هذه الرواية التصريح بالمراد فلا يحتاج إلى تأويل كما سأبينه في الفصل الرابع من هذا الباب ولله الحمد. وعن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - واسمه عبد الله بن عثمان قال الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - أمحق للخطايا من الماء للنار والسلام على النبي - صلى الله عليه وسلم - أفضل من عتق الرقاب، وحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أفضل من مهج الأنفي، أو قال من ضرب السيف في سبيل الله رواه النميري وابن بشكوال موقوفاً، وكذا رويناه من طريق هبة الله بن أحمد الميورقي، وهو عند التيمي في ترغيبه بلفظ الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - أفضل من عتق الرقاب، وحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أفضل من مهج الأنفي وقال ضرب اليسف في سبيل الله وسنده ضعيف، وصح أن من أعتق رقبه أعتق الله بكل عضو منها عضواً منه حتى الفرج بالفرج وعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - رفعه من صلى علي مرة واحدة فتقبلت، محا الله عنه ذنوب ثمانين سنة رواه أبو الشيخ وأبو سعد في شرف المصطفى وسيأتي في الصلاة عليه يوم الجمعة في الباب الخامس. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 126 ويروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مما أقف له على سند قال من صلى علي صلاة واحدة أمر الله حافظيه أن لا يكتبا عليه ذنباً ثلاثة أيام ويورى أيضاً أنه قال من صلى علي صلاة واحدة لم يلج النار حتى يعود اللبن في الضرع. قلت وفي ثبوتهما كذلك نظمت وعن أنس - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال يا أيها الناس أن أنجاكم يوم القيامة من أوهوالها ومواطنها أكثركم علي ىصلاة في دار الدنيا أنه قد كان في اللهوملاكته كفاية إذ يقول {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} فأمر بذلك المؤمنين ليثيبهم عليه أخرجه أبو القاسم التيمي في الترغيب له والخطيب ومن طريقع ابن بشكوال وأخرجه الديملي في مسند الفردوس من طريق ابن لال وسنده ضعيف جداً. ويحكى عن الشبلي - رضي الله عنه - قال مات رجل من جيراني فرأيته في المنام فقلت ما فعل الله بك فقال يا شبلي مرت بي أهوال عظيمة وذلك أنه أرتج علي عند السؤال فقلت في نفيي من أين أتي علي ألم أمت على الإسلام؟ فنوديت هذه عقوبة اهمالك للسانك في الدنيا، فلما هم بي المكان حال بيني وبينهما رجل جميل الشخص طيب الرائحة فذكرني بحجتي فذكرتها فقلت من أنت يرحمك الله قال انا شخص خلقت من كثرة صلاتك على النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأمرت أن أنصرك في كل كرب ذكره ابن بشكوال وحديث أبي هريرة الذي في آخره شهدت له يوم القيامة وشفعت، وحديث رويفع بن ثابت وفيه وجبت له شفاعتي كلاهما قد تقدم في الباب الأول وعن أبي الدرداء - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من صلى علي حين يصبح عشراً وحين يمسي عشراً أدركته شفاعتي يوم القيامة رواه الطبراني باسنادين أحدهما جيد لكن فيه إنقطاع لأن خالداً لم يسمع من أبي الدرداء وأخرجه أبي عاصم أيضاً وفيه ضعف. وعن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول من صلى علي كنت شفيعه يوم القيامة رواه أبو حفص بن شاهين في الترغيب له وفي غيره وابن بشكوال من طريقه وفي إسناده إسماعيل بن يحي بن عبيد الله التيمي ضعيف جداً واتفقوا على تركه. وفي لفظ عند أبي داود والحسن بن أحمد البنا سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع يقول الجزء: 1 ¦ الصفحة: 127 ان الله - عز وجل - قد وهب لكم ذنوبكم عند الإستغفار فمن أستغفر بنية صاجقة غفر له ومن قال لا إله إلا الله رجح ميزانه ومن صلى علي كنت شفيعه يوم القيامة وروى بكر بن عبد الله الموني التابعي فيما أخرجه أبو سعد في شرف المصطفى من طريقه مرفوعاً من صلى علي عشرة من أول النهار وعشراً من آخره نالته شفاعتي يوم القيامة. وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من سره أن يلقي الله راضياً فليكثر الصلاة على اخرجه الديلمي في مسند الفردوس له ولبن عدي في الكاملوأبو سعد في جرف المصطفى له وسنده ضعيف. وعن أنس - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال إن لله سيارة من الملائكة يطلبون حلق الذكر فإذا أتوا عليهم حوا بهم ثم بعثوا رائدهم إلى السماء إلى رب العزة تبارك وتعالى فيقولون ربنا آتينا على عباد من عبادك يعظمون ألآءك ويتلون كتابك ويصلون على نبيك محمد - صلى الله عليه وسلم - ويسألونك لآخرتهم ودنياهم فيقول تبارك وتعالى غشوهم رحمتي فيقولون يارب إن فيهم فلاناً الخطأ إنما اغتبقهم اغتباقاً فيقول تبارك وتعالى غشوهم رحمتي فهم الجلساء لا يشقى بهم جليسهم رواه البزار وسنده حسن وإن كان فيه زائدة من أبي الرقاد وهو منكر الحديث وزياد النميري وهو ضعيف فإن لحديثهما شواهد مع أنهما قد وثقا أيضاً والله أعلم. وعن علي رضي الله عنه أنه قال لولا أن أنس ذكر الله عز وجل ما تقربت إلى الله عز وجل إلا بالصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول قال جبريل يا محمد إن الله عز وجل يقول من صلى عليك عشر مرات استوجب الأمان من سخطي رواه بقي بن مخلد ومن طريقه ابن بشكوال من رواية رجل غير مسمى عن مجاهد عن علي ويروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال ثلاثة تحت ظل عرض الله يوم القيامة يوم لا ظل إلى ظله قيل من هم يا رسول الله قال من فرج عن مكروب من امتي وأحيا سنتي وأكثر الصلاة علي ذكره صاحب الدر المنظم ولم أقف له على أصل معتمد إلا أن صاحب الفردوس الجزء: 1 ¦ الصفحة: 128 عزاه لانس بن مالك ولم يسند ولده، وعزاه غيره لفوائد الخلعي من حديث أبي هريرة والله أعلم. وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: إن لآدم من الله موقفاًفي فييح العرش عليه ثوبان أخضران كأنه نخلة سحوق ينظر إلى من ينطلق به من ولده إلى الجنة وينظر إلى من لم ينطلق به من ولده إلى النار قال فبينما آدم على ذلك إذ نظر إلى رجل من أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - منطلق به إلى النار فينادي آدم يا أحمد، يا أحمد فيقول لبيك يا أبا البشر فيقول هذا رجل من امتك منطلق به إلى النار فاشد الميزر وأسرع في أثر الملائكة وأقول يا رسل ربي قفوا فيقولون نحن الغلاظ الشداد الذين لا نعصي الله ما أمرنا ونفعل ما نؤمر فإذا آيس النبي - صلى الله عليه وسلم - قبض على لحيته بيده اليسرى واستقبل العرش بيده فيقول يا رب اليس قد وعدتني أن لا تخزيني في امتي فيأتي النداء من عند العرش أطيعوا محمداً وردوا هذا العبد إلى المقام فأخرج من حجري بطاقة بيضاء كالانملة فألقيها في كفة الميزان اليمنى وأنا أقول بسم الله فترجح الحسنات على السيئات فينادي سعد وسعد جده وثقلت موازينه انطلقوا به إلى الجنة فيقول العبد يا رسل ربي قفوا حتى أكلم هذا العبد الكريم على ربه فيقول بأبي وأمي ما أحسن وجهك وأحسن خلقك فقد اقلتني عثرتي ورحمت عبرتي فيقول أنا نبيك محمد وهذه صلاتك التي كنت تصليها علي وقد وفتك أحوج ما كنت إليها أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب حسن الظن بالله من طريق كثير بن مرة الحضرمي عن عبد الله ومن طريق النميري وذكره ابن البنا وسنده هالك. وفي بعض الآثار مما لم أقف على سنده ليردن الحوض علي أقوام ما أعرفهم إلا بكثرة الصلاة على - صلى الله عليه وسلم -. وعن كعب الأحبار قال أوصى الله عز وجل إلى موسى عليه السلام في بعض ما أوحي إليه يا موسى لولا من يحمدني ما أنزلت من السماء قطرة ولا أنبت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 129 من الأرض ورقة، يا موسى لولا من يعبدني ما أمهلت من يعصيني طرفة عين، يا موسى لولا من يشهد أن لا إله إلا الله لسيلت جهنم على الدنيا يا موسى إذا لقيت المساكين فيائلهم كما تسائل الأغنياء فإن لم تفعل ذلك فاجعل كل شيء علمت أو قال عملت تحت التراب يا موسى أتحب أن لا ينالك من عطشي يوم القيامة قال: إلهي نعم، قال فأكثر من الصلاة على محمد - صلى الله عليه وسلم -، رواه أبو القاسم التيمي في ترغيبه. وعن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - عن جبريل عن ميكائيل عن اسرافيل عن اللوح المحفوظ عن الله عز وجل أنه أظهر في اللوح المحفوظ أن يخبر الرفيع وأن يخبر الرفيع إسرافيل وأن يخبر إسرافيل ميكائيل وأن يخبر ميكائيل جبريل وأن يخبر جبريل محمداً - صلى الله عليه وسلم - أنه من صلى عليك في اليوم والليلة مائة مرة صليت عليه ألفي صلاة وتقضي له ألف حاجة أيسرها أن يعتق من النار، أخرجه ابن الجوزي من طريق الخطيب ونقل عنه أنه قال هذا حديث باطل بهذا الإسناد. وعن عبد الرحمن بن سمرة رضي الله عنه قال خرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال إني رأيت البارحة عجباً رأيت رجلاً من امتي يزحف على الصراط حتى جاوزه أخرجه الطبراني في الكبير. والديلمي في مسند الفردوس وابن شاذان في مشيخته مطولاً وفي سنده علي بن زيد ابن جدعان وهو مختلف فيه ورواه الطبراني من غير طريقه بسند ضعيف أيضاً وهو عند أبي جبلة عن سعيد بن المسيب وقال هذا حديث حسن جداً وقال الرشيد العطار هذا أحسن طرقه، وأخرجه التيمي وغيره مطولاً ولفظه خرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوماً ونحن في مسجد المدينة فقال رأيت البارحة عجباً رأيت رجلاً من امتي جاءه ملك الموت ليقبض روحه فجاءه بره بوالديه فرده عنه ورأيت رجلاً من أمتي قد سلط عليه عذاب القبر فجاءه وضوءه فاستفذه منه ورأيت رجلاً من أمتي احتوته الشياطين فجاءه ذكر الله فخلصه من بينهم ورأيت رجلاً من امتي احتوشته ملائكة العذاب فجاءته صلاته فاستنفذته من بين أيديهم ورأيت رجلاً من امتي يلهث عطشاً كلما ورد حوضاً منع فجاءه صيامه فيقاه وأرواه، ورأيت رجلاً من امتي والنبيون قعود حلقاً، حلقاً كلما دنا إلى حلقه طرد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 130 فجاءه اغتساله من الجنابة فأخذ بيده وأقعده إلى جنبي ورأيت رجلاً من أمتي من بين يديه ظلمة ومن خلفه ظلمة وعن يمينه ظلمة وعن شماله ظلمة ومن فوقه ظلمة ومن تحته ظلمة فجاءه حجه وعمرته فاستخرجاه من الظلمة وأدخلاه في النور، ورأيت رجلاً من امتي يكلم المؤمنين ولا يكلمونه فجاءه صلته للرحم فقالت يا معشر المؤمنين كلموه فإنه كان واصلاً لرحمه فكلموه وصافحوه ورأيت رجلاً من امتي يتقي النار وحرها وشررها بيده عن وجهه فجاءته صدقته فصارت ستراً على وجهه وظلاً على رأسه. ورأيت رجلاً من أمتي اخذته الزبانية من كل مكان فجاءه أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر فاستنقذاه من أيديهم وسلماه إلى ملائكة الرحمة ورأيت رجلاً من امتي هوت صحيفته قبل شماله فجاءه خوفه من الله فأخذ صحفته فجعلها في يمينه، ورأيت رجلاً من امتي قد خف ميزانه فجاءته أفراطه فثقلوا ميزانه. ورأيت رجلاً من امتي قائماً على شفير جهنم فجاءه وجله من الله تعالى فأنقذه منها ورأيت رجلاً من امتي هوى إلى النار فجاءته دموعه التي بكاها من خشية الله فاستخرجته من النار. ورأيت رجلاً من أمتي يرعد على الصراط كما ترعد السعفة فجاءته صلاته علي فيكنت رعدته ورأيت رجلاً من أمتي غلقت أبواب رحبة دونه فجاءته شهادة أن لا إله إلا الله ففتحت له أبواب الجنة وأخرجه مطولاً الباغيان في فوائده عن أبي عمرو بن منده بسنده إلى مجاهد عن عبد الرحمن بن سمرة وقال غريب. وروى من حديث يحيى بن سعيد الأنصاري وعبد الرحمن بن حرملة وعلي بن زيد وسعيد وغيرهم عن سعيد بن المسيب. قلت وقد ضعف الحديث الذهبي في الميزان وأخرجه القاضي أبو يعلى في كتاب أبطال التأويلات لأخبار الصفات وفيه من الزيادة ورأيت رجلاً جاثياً على ركبتيه وبينه وبين الرب حجاب فجاءته محبتي فأخذت بيده وأدخلته على الله. وذكر الشيخ العارف أبو ثابت محمد بن عبد الملك الديلمي في كتابه أصول مذاهب العرفان بالله ما معناه أن هذا الحديث وإن كان غريباً عند أهل الحديث فهو صحيح لا شك فيه ولا ريب حصل له العلم القطعي بصحته من طريق الكشف في كثير من وقائعه وأحواله. كذا قال والعلم عند الله تعالى. وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من صلى علي في يوم ألف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 131 مرة لم يمت حتى يرى مقعده في الجنة رواه ابن شاهين في تغريبه وغيره وابن بشكوال من طريقه وابن سمعون في أماليه وهو عند الديلمي من طريق أبي الشيخ الحافظ وأخرجه الضياء في المختارة وقال لا أعرفه إلا من حديث الحكم بن عطية، قال الدارقطني حدث عن ثابت أحاديث لا يتابع عليها وقال أحمد لا بأس به إلا أن أبا داود الطيالسي روى عنه أحاديث منكرة قال وروي عن يحيى بن معين أنه قال هو ثقة. قلت وقد رواه غير الحكم وأخرجه أبو الشيخ من طريق حاتم بن ميمون عن ثابت ولفظه لم يمت حتى يبشر بالجنة وبالجملة فهو حديث منكر كما قاله شيخنا. ويروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: أكثركم علي صلاة أكثركم أزواجاً في الجنة ذكره صاحب الدر المنظم لكني لم أقف عليه إلى الآن. وعن عبد الله بن جراد رضي الله عنه قال شهدت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال حجوا الفرائض فإنها أعظم أجراً من عشرين فزوة في سبيل الله وإن الصلاة علي تعدل ذا كله. أخرجه الديلمي في مسند الفردوس عن طريق أبي نعيم بسند ضعيف وعن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من حج حجة الإسلام وغزا بعدها غزوة كتبت غزاته بأربع مائة حجة قال فانكسرت قلوب قوم لا يقدرون على الجهاد ولا الحج قال فأوحى الله عز وجل إلى ما صلى عليك أحد إلا كتبت صلاته بأربع مائة غزاة كل غزاة بأربع ماية حجة أخرجه أبو حفص الميانشي في المجالس المكية له وهو تألف لوائح الوضع عليه ظاهرة. وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال أيما رجل مسلم لم تكن عنده صدقة فليقل في دعائه اللهم صل على محمد عبدك ورسولك وصل على المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات فإنها زكاة وقال لا يشبع مؤمن خيراً حتى يكون منتهاه الجنة. أخرجه ابن وهب وابن بشكوال من طريقه وابن حبان وأبو الشيخ ومن طريقة الديلمي من طريق دراج وهو مختلف فيه وإسناده حسن وهو عند أبي يعلي الموصلي في مسنده والبيهقي في أدبه من طريقه أيضاً لكنه يلفظ أيما رجل كسب مالاً من حلال فأطعم نفيه أو كساها فمن دونه من خلق الله فإنه له زكاة، وإيما رجل لم يكن عنده صدقة فليقل في دعائه اللهم صل على محمد عبدك ورسولك وعلى المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات فإنه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 132 له زكاة وأخرجه البخاري في الأدب المفرد بنحوه وقد ترجم له ابن حبان فقال الفصل بذكر البيان بأن صلاة الداعي ربه على صفيه - صلى الله عليه وسلم - في دعائه تكون له صدقة عند عدم القدرة عليها انتهى. وقد سئل بعضهم عن الصلاة على محمد - صلى الله عليه وسلم - والصدقة أيهما أفضل فقال الصلاة على محمد فقيل له سواء كانت الصدقة فرضاً أو نقلاً فقال نعم لأن الفرض الذي افترضه الله على عباده وفعله هو وملائكته ليس كالفرض الذي على عباده فقط ولا يخفي رده والله الموفق. وعن أنس، رفعه من صلى علي في يوم مائة مرة كتب الله له بها ألف ألف حسنة ومحا عنه ألف ألف سيئة وكتب الله له مائة صدقة مقبولة ومن صلى علي ثم بلغتني صلاته صليت عليه كما صلى علي ومن صليت عليه نالته شفاعتي رواه أبو سعد في شرف المصطفى واحسبه لا يصح. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلوا علي فإن الصلاة علي زكاة لكم أخرجه أحمد وأبو الشيخ في الصلاة النبوية له وكذا ابن أبي عاصم وفي سنده ضعف وهو عند الحارث وأبي بكر بن أبي شيبة في مسنديهما وزاد فيه وسلوا الله عز وجل لي الوسيلة فأما سألوه وما أخبرهم فقال أعلى درجة في الجنة لا ينالها إلا رجل واحد وأرجوا أن أكون أنا هو، ورواه أبو القاسم التيمي في الترغيب، ولفظه: أكثروا من الصلاة علي فإنها لكم زكاة وإذا سألتم الله فاسألوه الوسيلة فإنها أرفع درجة في الجنة وهي لرجل وأنا أرجو أن أكونه. وعن علي بن أبي طالب رفعه صلاتكم علي محرزة لدعائكم ومرضاة لربكم وزكاة لأعمالكم، وذكره الديلمي تبعاً لأبيه بلا إسناد وكذا الاتليثي ويروى في بعض الأخبار مما حكاه أبو حفص عمر بن الحسين السمرقندي في كتابه رونق المجالس إنه كان بمدينة بلغ رجل تاجر كثير المال وكان له ابنان فتوفى الرجل وقسم ابناه المال بينهما نصفين وكان في الميراث الذي خلفه أبوهما ثلاث شعرات من شعره - صلى الله عليه وسلم - فأخذ كل واحد منهما شعرة وبقيت شعرة واحدة بينهما فقال أكبرهما نجعل الشعرة الباقية نصفين فقال الآخر لا والله بل النبي - صلى الله عليه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 133 وسلم - أجل من أن يقطع شعره - صلى الله عليه وسلم - فقال الكبير للأصغر تأخذ هذه الثلاث شعرات بقسطك من الميراث فقال نعم فأخذ الكبير جميع المال وأخذ الصغير الشعرات فجعلها في جيبه وصال يخرجها ويشاهدها ويصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - ويعيدها إلى جيبه فلما كان بعد أيام فني مال الكبير وكثر مال الصغير فعاش أياماً وتوفي فرآه بعض الصالحين في النوم ورأى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال له قل للناس من كانت له إلى الله تعالى حاجة فليأت قبر فلان هذا ويسأل الله قضاء حاجته فكان الناس يقصدون قبره حتى بلغ إلى أن كل من عبر على قبره راكباً ينزل ويمشي راجلاً. وعن جابر رضي الله عنه قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من صلى علي في كل يوم مائة مرة قضى الله له مائة حاجة، سبعين منها لآخرته وثلاثين منها لدنياه أخرجه ابن منده وقال الحافظ أبو موسى المديني أنه حديث غريب حسن وسيأتي في الباب الرابع في أثناء حديث لأنس لكن بقيد الجمعة والله أعلم. وعن خالد بن طهمان قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من صلى علي صلاة واحدة قضيت له مائة حاجة أخرجه التيمي في ترغيبه هكذا وهو منقطع وقد تقدم قريباً حديث لابن مسعود مما يدخل في هذا المعنى وفي الفردوس بلا إسناد عن علي رفعه من صلى على محمد وعلى آل محمد مائة مرة قضى الله له مائة حاجة، وعن وهب بن منبه قال الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - عبادة أخرجه التيمي في ترغيبه أيضاً والنميري وابن بشكوال وقال أبو غسان المدني من صلى على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مائة مرة في اليوم كان كمن داوم العبادة طوال الليل والنهار وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال قلت لجبريل أي الأعمال أحب إلى الله عز وجل قال الصلاة عليك يا محمد وحب علي بن أبي طالب رواه الديلمي في مسند الفردوس له وسنده ضعيف، وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زينوا مجالسكم بالصلاة علي فإن صلاتكم علي نور لكم يوم القيامة أخرجه الديلمي أيضاً بسند ضعيف، وعن عائشة رضي الله عنها قالت زينوا مجالسكم بالصلاة على النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وبذكر عمر بن الخطاب رواه النميري الجزء: 1 ¦ الصفحة: 134 وعن سمرة السوائي والد جابر رضي الله عنهما قال: كنا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ جاءه رجل فقال يا رسول الله ما أقر الأعمال إلى الله قال صدق الحديث وأداء الأمانة، قلت يا رسول الله زدنا قال صلاة الليل وصوم الهواجر قلت يا رسول الله زدنا قال كثر الذكر والصلاة علي تنفي الفقر قلت يا رسول الله زدنا قال من أم قوماً فليخفف فإن فيهم الكبير والعليل والصغير وذا الحاجة أخرجه أبو نعيم بسند وأخرجه القرطبي بلا إسناد من حديث أبي بكر الصديق وجابر بن عبد الله ويحتاج ذلك إلى تحرير. وعن سهل بن سعد رضي الله عنه قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فشكا إليه الفقر وضيق العيس والمعاش فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا دخلت منزلك فيلم إن كان فيه أحد أو لم يكن فيه أحد ثم سلم علي واقرأ قل هو الله أحد مرة واحدة ففعل الرجل فأدر الله عليه الرزق حتى أفاض على جيرانه وقراباته رواه أبو موسى المديني بسند ضعيف. وحكى أبو عبد الله القسطلاني أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - في النوم فشكا إليه الفقر فقال له قل اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وهب لنا اللهم من رزقك الحلال الطيب المبارك ما نصون به وجوهنا عن التعرض إلى أحد من خلقك وأجعل لنا اللهم إليه طريقاً سهلاً من غير تعب ولا نصب ولا منة ولا تبعة وجنبنا اللهم الحرام حيث كان وأين كان وعند من كان وحل بيننا وبين أهله واقبض عنا أيديهم وأصرف عنا قلوبهم حتى لا تنقلب إلا فيما يرضيك ولا نستعين بنعمتك إلا على ما تحب يا أرحم الراحمين. وعن حسن، أظنه البصري رضي الله عنه قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من قرأ القرآن وحمد ربه وصلى على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقد التمس الخير من مظانه وأخرجه النميري هكذا وهو في شعب الإيمان للبيهقي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً من قرأ القرآن وحمد الرب وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم واستغفر ربه فقد طلب الخير من مظانه وسنده ضعيف. وعن عبد الله بن عيسى قال كأن يقال فذكر مثله لكن قال بدل وحمد ربه ودعا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 135 الله عز وجل أخرجه النميري أيضاً وابن بشكوال بسند ضعيف وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم علي صلاة أخرجه الترمذي وقال حسن غريب انتهى وفي سنده موسى بن يعقوب الزمعي قال الدارقطني أنه تفرد به قلت وقد اختلف عليه فيه، فقيل عن عبد الله بن شداد عن ابن مسعود بلا واسطة هذه رواية الترمذي والبخاري في تاريخه الكبير وابن أبي عاصم وكذا هي عند أبي الحسين النرسي في مشيخته من الطريق التي أخرجها الترمذي وقيل عن عبد الله بن شداد عن أبيه عن ابن مسعود هكذا أخرجه أبو بكر بن أبي شيبه ومن طريقه رواه ابن حبان في صحيحه وأبو نعيم وابن بشكوال وهكذا رواه ابن أبي عاصم أيضاً في فضل الصلاة له وابن عدي في كامله والدينوري في مجالسته والدارقطني في الأفراد والتيمي في الترغيب وابن الجراح في أماليه وغيرهم وهذه الرواية أكثر وأشهر، والزمعي قال فيه النسائي ليس بالقوي لكن وثقة يحيى بن معين فحسبك وبه وكذا وثقة أبو داود وابن حبان وابن عدي وجماعة وأشار البخاري في التاريخ أيضاً إلى أن الزمعي رواه عن ابن كيسان عن عتبة بن عبد الله عن ابن مسعود والله أعلم. وعن حذيفة رضي الله عنه قال: الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - تدرك الرجل وولده وولد ولده رواه ابن بشكوال بسند ضعيف وروى أن امرأة جاءت إلى الحسن البصري فقالت له يا شيخ توفيت لي بنية وأريد أن أراها في المنام فقال لها الحسن صلي أربع ركعات واقرأي في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة وسورة الهكم التكاثر مرة وذلك بعد صلاة العشاء الآخرة ثم اضجعي وصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى تنامي ففعلت ذلك فرأتها في النوم وهي في العقوبة والعذاب، وعليها لباس القطران ويداها مغلولة ورجلاها مسلسلة بسلاسل من النار فلما انتبهت جاءت إلى الحسن فأخبرته بالقصة فقال لها تصدقي بصدقة لعل الله يعفو عنها ونام الحسن تلك الليلة فرأى كأنه في روضة من رياض الجنة ورأى سريراً منصوباً وعليه جارية حسناء جميلة وعلى رأسها تاج من نور فقالت يا حسن اتعرفني فقال لا، فقالت أنا ابنة تلك المرأة التي أمرتها بالصلاة على محمد - صلى الله عليه وسلم - فقال لها الحسن إن أمك وصفت لي حالك بغير هذه الرواية فقالت له هو كما قالت قال فبماذا بلغت هذه المنزلة فقالت كما سبعين ألف نفي في العقوبة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 136 والعذاب كما وصفت لك والدتي، فعبر رجل من الصالحين على قبورنا وصلى على النبي - صلى الله عليه وسلم - مرة وجعل ثوابها لنا فقبلها الله عز وجل منه واعتقنا كلنا من تلك العقوبة وذلك العذاب ببركة الرجل الصالح وبلغ نصيبي ما قد رأيته وشاهدته. وذكر أبو الفرج البغدادي في المطرب قال ذكر في بعض الأخبار إن الله سبحانه وتعالى أوحى إلى موسى عليه السلام أنني جعلت فيك عشرة آلاف سمع حتى سمعت كلامي وعشرة آلاف لسان حتى أجبتني، وأحب ما تكون إلي وأقرب ما تكون أنت مني إذا ذكرتني وصليت على محمد - صلى الله عليه وسلم - قلت وقد عزاه بعضهم لرسالة القشيري عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال اوحي فلينظر في ذلك. وذكر أبو نعيم الحافظ في الحلية عن كعب قال أوحى الله إلى موسى - صلى الله عليه وسلم - يا موسى لولا من يحمدني ما أنزلت من السماء قطرة ولا أنبت من الأرض حبة وذكر أشياء كثيرة إلى أن قال يا موسى أتريد أن أكون أقرب إليك من كلامك إلى لسانك ومن وساوس قلبك إلى قلبك ومن روحك إلى بدنك ومن نور بصرك إلى عينك قال نعم يا رب قال فأكثر من الصلاة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وذكر صاحب الدر المنظم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال أكثركم علي صلاة أقربكم مني غدا لكن لم أقف على سنده ولا من أخرجه، وقد تقدم حديث إبن مسعود، أولى الناس بي أكثرهم علي صلاة قريباً، ويأتي حديث أنس أقربكم مني يوم القيامة في كل موطن أكثركم علي صلاة في الدنيا في الباب الرابع إن شاء الله تعالى. وذكر العلامة مجد الدين الفيروز أبادي بسنده إلى أبي المظفر السمرقندي قال دخلت يوماً في مغارة كعب فضللت الطريق فإذا أنا بالخضر عليه السلام قد رأيته فقال لي: تجد، أي امش فمشيت معه فظننت فقلت لعله خضر فقلت ما اسمك قال خضر بن انشا أبو العباس ورأيت معه صاحباً فقلت ما اسمك فقال الياس بن بسام فقلت رحمكما الله هل رأيتما محمداً - صلى الله عليه وسلم - قالا نعم قلت بعزة الله وبقدرته لتخبراني شيئاً حتى أروي عنكما فقالا سمعنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول ما من مؤمن صلى على محمد إلا نضر به قلبه ونوره الله عز وجل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 137 وسمعت الخضر والياس يقولان كان في بني إسرائيل نبي يقال له اسمويل قد رزقه الله النصر على الأعداء وأنه خرج في طلب عدو فقالوا هذا ساحر جاء ليسحر أعيننا ويفيد عساكرنا فنجعله في ناحية البحر ونهزمه فخرج في أربعين رجلاً فجعلوه في ناحية البحر فقال أصحابه كيف نفعل فقال أحملوا وقولوا صلى الله على محمد فحملوا وقالوا فصار أعداؤهم في ناحية البحر فغرقوا اجمعون قال الخضر، كان بحضرتنا، وسمعتهما يقولان: سمعنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول من صلى على محمد طهر قلبه من النفاق كما يطهر الثوب الماء، وسمعتهما يقولان سمعنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول ما من مؤمن يقول صلى الله على محمد إلا أحبه الناس وإن كانوا أبغضوه والله لا يحبونه حتى يحبه الله عز وجل. وسمعناه يقول على المنبر من قال صلى الله على محمد فقد فتح على نفيه سبعين بابا من الرحمة، وسمعتهما يقولان: جاء رجل من الشام إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال يا رسول الله إن أبي شيخ كبير وهو يحب أن يراك فقال ائتني به فقال أنا ضرير البصر فقال قل له ليقل في سبع أسبوع يعني في سبع ليال صلى الله على محمد فإنه يراني في المنام حتى يروي عني الحديث ففعل فرآه في المنام فكان يروي عنه الحديث، وسمعتهما يقولان سمعنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول إذا جلستم مجلساً فقولوا بسم الله الرحمن الرحيم، وصلى الله على محمد يوكل الله بكم ملكاً يمنعكم من الغيبة حتى لا يغتابوا فإذا قمتم فقولوا بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على محمد فإن الناس لا يغتابونكم ويمنعكم الملك من ذلك. هذه النسخة ذكرها المجد رحمه الله بإسناده وتبعته في ذكرها ولا اعتمد على شيء منها وألفاظها ركيكة والشيخ رضي الله عنه كان ممن يقول ببقاء الخضر وهي مسألة مشهورة ليس هذا محلها والله المستعان وقد تقدم في الباب الأول كيفية من الصلاة توجب رؤيته - صلى الله عليه وسلم - في المنام وتأتي في أخر الباب كيفية أخرى. وروينا في الصلاة لعبد الرزاق الطبسي بسند لا أشك في بطلانه أن إبراهيم التيمي كان جالساً بفناء الكعبة يذكر الله ويحمده ويسبحه ويصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - والأنبياء صلوات الله عليهم إذ جاءه الخضر فقال له عندي هدية لك أنظره كل يوم قبل أن تبزغ الشمس فاقرأ بسم الله الرحمن الرحيم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 138 واقرأ سبع مرات فاتحة الكتاب والمعوذتين وقل هو الله أحد وقل يا أيها الكافرون وآية الكرسي وسبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم واستغفر لنفيك واستغفر للمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات فافعل ذلك قبل أن تغرب الشمس أيضاً وقل يا رب علمنيه الخضر فإن قلته مرة في عمرك كفاك وفضل عنك قال فقلت له من علمك هذا قال محمد صلى الله عليه وسلم فقلت له علمني شيئا إذا فعلته رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في منامي قال إذا صليت المغرب فقم وصل العشاء الأخرة من غير أن تتكلم وسلم بين كل ركعتين واقرأ في كل ركعة الفاتحة مرة وقل هو الله أحد ثلاثاً فإذا صليت العشاء وانصرفت إلى منزلك فلا تكلم أحداً من أهل بيتك ولا تخبرهم وصل ركعتين حين تريد أن تنام تقرأ فيهما بالفاتحة مرة وقل هو الله أحد سبعاً وتصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - من سجودك سبعاً وتقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم سبعاً فإذا رفعت رأسك من السجود واستويت جالساً فارفع يديك وقل يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام يا أرحم الراحمين يا رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما يا إله الأولين والآخرين يا رب، يا رب، يا رب، يا الله، يا الله، يا الله ثم قم وأنت رافع يديك فتقول هذا أيضاً مرة ثم نم مستقبل القبلة عن يمنك قال فيألته عن من أخذ هذا فقال عن النبي - صلى الله عليه وسلم - حين أوحى إليه به، قال إبراهيم فلم أزل أصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنا في الفراش حتى ذهب بي النوم تلك الليلة كلها وأصبحت فصليت الفجر فلما ارتفع النهار نمت فجاءني الملائكة فحملوني وأدخلوني الجنة فرأيت فيها قصراً من ياقوت أحمر وقصراً من زمرد أخضر وقصراً من لؤلؤ أبيض ورأيت أنهاراً من الماء واللبن والعسل والخمر ورأيت في قصر منها جارية أشرفت علي فإذا وجهها أشد بياضاً من نور الشمس الضاحية وعليها ذوابتان قد سقطتا على الأرض من أعلا القصر فيألت الملائكة الذين حولي لمن الجارية والقصر فقيل لمن فعل ما فعلت فلم أخرج من الجنة حتى سقيت وأطعمت وردوني إلى الموضع الذي كنت نائما فيه فإذا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ومعه سبعون نبياً من الأنبياء وسبعون صفاً من الملائكة كل صف منهم ما بين المشرق والمغرب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 139 فيلموا علي وجلسوا عند رأسي فأخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - بيدي ومن معه من الملائكة والأنبياء فقلت له يا رسول الله أخبرني الخضر أنه سمع منك كذا فقال صدق أبو العباس هو العالم في الأرض وهو رأس الإبدال وهو جند الله أرضه قلت يا رسول الله فهل لهذا العمل ثواب سوى هذا فقال وأي ثواب أفضل من رؤيتي ورؤية الأنبياء والملائكة ودخول الجنة والأكل من ثمارها والشرب من ماءها فقلت يا رسول الله فمن فعل هذا ير ذلك فقال والذي بعثني الحق أنه ليغفر له جميع الكبائر التيعملها ويأمن من مقته وغضبه وينادي مناد إن الله قد غفر لك في هذه الساعة معفرة تعلو جميع مغفرته من المؤمنين والمؤمنات في شرق وغرب ويؤمر صاحب الشمال أن يكتب عليه سيئة إلى السنه القابلة. قلت وهذا منكر بل لوائح الوضع عله ولا أستبيح ذكره إلا مع بيان حاله وبالله التوفيق. وعن محمد بن القاسم رفعه، لكل شيء طهارة وغسل، وطهارة قلوب المؤمنين من الصدأ، الصلاة علي - صلى الله عليه وسلم - رواه هكذا معضلاً. وروى أبو القاسم التيمي في ترغيبه قال أخبرنا أبو محمد الخباري سمعت أبا أحمد عبد الله بن بكر بن محمد العالم الزاهد بالشام في جبل لبنان قول: أبرك العلوم وأفضلها وأكثرها نفعاً في الدين والدنيا بعد كتاب الله - عز وجل - أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما فيها من كثرة الصلاة عليه وإنها كالرياض والبساتين تجد فيها كل خير وبر وفضل وذكر. وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من حج حجة الإسلام وزار قبري وغزا غزوة وصلى علي في بيت المقدس لم يسأله الله فيما أفترض عليه، هكذا ذكره المجد اللغوي وعزاه إلى أبي الفتح الأزذي في الثامن من فوائده، وفي ثبوته نظر والله الموفق. وعن محمد بن سعيد بن مطرق وكان من الأخيار الصالحين قال كنت جعلت على نفيي كل ليلة عند النوم أذا آويت إلى مضجعي عدداً معلوماً أصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - فإني في بعض الليالي قد أكملت العدد فأخذتني عيناي وكنت ساكناً في غرفة وإذا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - قد دخل علي من باب الغرفة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 140 فأصاب الغرفة به نور ثم نهض نحوي وقال هات هذا الفم الذي تكثر به الصلاة علي أفبله فكنت استحس أن أقبله من فيه فأستدرت بوجهي فقبل خدي فانتبهت فزعاً من فوري وانتبهت صاحبتي التي بجنبي فإذا بالبيت يفوح مسكاً من رائحته - صلى الله عليه وسلم - وبقيت رائحة المسك من قلته في خدي نحو ثمانية أيام تجد زوجتي كل يوم الرائحة في خدي رواه ابن بشكوال، ويروي أن من اراد أن يرى النبي - صلى الله عليه وسلم - في المنام فليقل اللهم صلي على محمد كما أمرتنا أن نصلي عليه اللهم صل على محمد كما هو اهله اللعم صل على محمد كما تحب وترضى له فمن صلى عليه بهذه الصلاة عدداً وتراً رآه في منانه ويزيد معها اللهم صل على روح محمد في الأرواح اللهم صل على جسد محمد في الأجساد اللهم صل على قبر محمد في القبور. وروى ابن بشكوال من طريق أبي المظرف عبد الرحمن بن عيسى قال قال النبي - صلى الله عليه وسلم - من صلى علي في يوم خمسين مرة صافحته يوم القيامة انتهى. وذكر أبو الفرج عبدوس رواية عن أبي المظرف أنه سأله عن كيفية ذلك فقال إن قال اللهم صل على محمد خمسين مره أجزاه إن شاء الله تعالى وإن كرر فهو أحسن. "هذه فصول نختم بها الباب الثاني" الفصل الأول: قال الأتليشي أي عمل أرفع وأي وسيلة أشفع وأي عمل أنفع من الصلاة على من صلى الله عليه وجميع ملائكته وخصه بالقربة العظيمة منه في دنياه وآخرته فالصلاة عليه أعظم نور وهي التجارة التي لا تبور وهي كانت هجيري الأولياء في المساء والبكور فكن مثابراً على الصلاة على نبيك فبذلك تطهر من غيك ويزكو منك العمل وتبلغ الأمل ويضيء نور قلبك وتنال مرضاة ربك وتأمن من الأهوال يوم المخاوف والأوجال - صلى الله عليه وسلم - تسليماً كما كرمه الله برسالته وحلته تكريماً، وعلمه ما لم يكن يعلم وكان فضل الله عليه عظيماً وأنشد أبو سعيد محمد بن إبراهيم السلمي: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 141 اما الصلاة على النبي فييرة مرضية تمحي بها الأثام وبها ينال المرء عز شفاعة يبني بها الاعزاز والاكرام كن للصلاة على النبي ملازماً فصلاته لك جنة وسلام وأنشد أبو حفص عمر بن عبد الله بن يزال لنفيه: أيا من أتى ذنباً وفارق زلة ومن يرتجي الرحمى من الله والقربا تعاهد صلاة الله في كل ساعة على خير مبعوث وأكرم من نبا فتكفيك هما أي هم تخافه وتكفيك ذنباً جئت أعظم به ذنباً ومن لم يكن يفعل فإن دعاءه يجد قبل أن يرقى إلى ربه حجباً عليك صلاة الله ما لاح بارق وما طاف بالييت الحجيج وما لبا وأنشد الرشيد العطار الحافظ: إلا أيها الراجي المثوبة والأجرا وتكفير ذنب سالف أنقض الظهرا عليك بإكثار الصلاة مواظباً على أحمد الهادي شفيع الورى ظرا وأفضل خلق الله من نسل آدم وأزكاهم فرعا وأشرفهم نجرا فقد صح أن الله جل جلاله يصلص على من قالها مرة عشرا فصلى عليه الله ما جنت الدجا وأطلعت الافلاك في افقها فجرا وأنشد يحيى بن يوسف الصرصري لنفيه: من لم يصل إن ذكر اسمه فهو البخيل ورده وصف جبان وإذا الفتى صلى عليه مرة من سائر الأقطار والبلدان صلى عليه الله عشرا فليزد عبد ولا يجنح إلى نقصان الفصل الثاني: قرن الله ذكر نبينا والصلاة عليه بذكره كما أن الله سبحانه وتعالى قرن ذكر نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - بذكره في الشهادتين، وفي جعل طاعته طاعته، ومحبته محبته كذلك قرن الثواب على الصلاة عليه بذكره تعالى فكما أنه قال {اذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} ، قوال إذا ذكرني عبد في نفيه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 142 ذكرته في نفيي، وإذا ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم كما ثبت في الصحيح كذلك فعل في حق نبينا - صلى الله عليه وسلم - بأن قابل صلاة العبد عليه بأن يصلي عليه سبحانه وكذلك إذا سلم عليه يسلم عليه عشراً فله الحمد والفضل. الفصل الثالث: فائدة من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها قال القاضي أبو بكر بن العربي قد قال الله تعالى من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها فما فائدة هذا الحديث قلنا: أعظم فائدة وذلك أن القرآن أقتضى أن من جاء بحسنة تضاعف عشراً والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - حسنة فيقتضي القرآن أن يعطي عشر درجات في الجنة فأخبر الله تعالى أنه يصلي على محمد صلى على رسوله عشراً، وذكر الله للعبد أعظم من الحسنة مضاعفة، قال وتحقيق ذلك أن الله تعالى لم يجعل جزاء ذكره إلا ذكره كذلك جعل جزاء ذكر نبيه ذكره لمن ذكره يعني كما تقدم، قلت قال الففاكهاني وهذه نكتة حسنة جاد فيها وأفاد انتهى. لكن قد قال العراقي بل بم يقتصر سبحانه وتعالى في الصلاة على نبيه بأن يصلي على المصلي عليه بالواحدة عشراً بل زاده على ذلك رفع عشر درجات وحط عشر سيئات كما تقدم في حديث أنس وزاده أيضاً على ذلك كتابه عشر حسنات مع ما تقدم كما في حديث أبي بردة وعمير بن نيار وزاد في حديث البراء، وكن له كعتق عشر رقاب، وفي إسناده من لم يسم. وفي هذه الأحاديث دلالة على شرف هذه العبادة من تضعيف صلاة الله على المصلي وتضعيف الحسنات وتكفير السيئات ورفع الدرجات وإن عتق الرقاب مضاعفة فأكثر من الصلاة على سيد السادات ومعدن أهل السعادات فإنها وسيلة لنيل المسرات، وذريعة لا نفي الصلاة ومنه المضرات ولك بكل صلاة صليتها عليه عشر صلوات، يصليها عليك جبار الأرضين والسموات مع حط سيئات، ورفع درجات، وصلاة ملائكته الكرام عليك في دار المقام، - صلى الله عليه وسلم - تسليماً كثيراً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 143 الفصل الرابع: في معنى إني أكثر الصلاة عليك فكم أجعل لك من صلاتي قوله أني أكثر الصلاة عليك فكم أجعل لك من صلاتي معناه أكثر الدعاء فكم أجعل لك من دعائي صلاة عليك؟ وقد صرحت الرواية الأخرى بذلك كما قدمناه وقيل المراد الصلاة حقيقة والمراد نفي ثوابها أو مثل ثوابها. قال بعض شراح المصابيح الصلاة هنا بمعنى الدعاء والورد ومعناه أن لي زماناً أدعو فيه لنفيي فكم أصرف من ذلك الزمان للصلاة عليك فلم ير - صلى الله عليه وسلم - أن يعين له في ذلك حدا لئلا يغلق عليه باب المزيد فلم يزل يفوض الإختيار إليه مع مراعاة الحث على المزيد حتى قال أجعل لك صلاتي كلها أي أصلي عليك بدل ما أدعو به لنفيي فقال إذا يكفي همك أي ما أهمك من أمر دينك ودنياك، لأن الصلاة عليه مشتملة على ذكر الله تعالى وتعظيم الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهي في المعنى إشارة له بالدعاء لنفيه كما في قوله - صلى الله عليه وسلم - حكاية عن ربه - عز وجل - من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطى السائلين، فقد علمت أنك إن جعلت الصلاة على نبيك معظم عبادتك كفاك الله هم دنياك وآخرتك. فائدة: هذا الحديث أصل عظيم لمن يدعو عقب قراءته فيقول أجعل ثواب ذلك لسيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيث قال فيه أجعل لك صلاتي كلها قال إذا يكفي همك، وإما من يقول مثل ثواب ذلك زيادة في شرفه - صلى الله عليه وسلم - مع العلم بكماله في الشرف فلعله لحظ أن معنى طلب الزيادة أن يتقبل قراءته فيثبته عليها وإذا أثيب أخد من الأمة على فعل طاعة من الطاعات كان للذي علمه نظير أجره وللمعلم الأول وهو الشارع - صلى الله عليه وسلم - نظير جميع ذلك، فهذا معنى الزيادة في شرفه وإن كان شرلافه مستقراً حاصلاً، وقد ورد في القول عند رؤية الكعبة. اللهم زد هذا البيت تشريفاً وتعظيماً، فإذا عرف هذا عرف أن معنى قول الداعي أجعل مثل ثواب ذلك أي تقبل هذه القراءة ليحصل ثزاب ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم -. هذا حاصل مل تلقنته عن شيخنا وهو حسن والله الموفق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 144 الفصل الخامس: حديث أولى الناس في أقربهم منه في القيامة. قوله في حديث ابن مسعود أولى الناس بي أقربهم منه في القيامة وقد بوب عليه ابن حبان في صحيحه، ذكر البيان بأن أقرب الناس في القيامة يكون من النبي - صلى الله عليه وسلم - من كان أكثر صلاة عليه في الدنيا، ثم قال عقب الحديث: في هذا اتخبر بيان صحيح على أن أولى الناس برسول الله - صلى الله عليه وسلم - في القيمة يكون أصحاب الحديث إذ ليس من هذه الأمة قوم أكثر صلاة عليه منها انتهى قلت: وكذا قال عبيدة المخصوصون بهذا الحديث نقلة الأخبار الذين يكتبون أحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم - ويذبون عنها الكذب أناء الليل وأطراف النهار وما نفيد كثرة الصلاة عليه إلا بالنعظيم له في الأسرار والإجهار، وروينا في رشف أصحاب الحديث للخطيب قال: قال لنا أبو نعيم هذه منقبة شريفة تختص بها رواة الآثار ونقلتها لأنه لا يعرف لعصابة من العلماء من الصلاة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أكثر مما يعرف لهذه العصابة نسخاً وذكراً. وقال غيره ممن تأخر فيه بشارة عظيمة لأصحاب الحديث لأنهم يصلون على النبي - صلى الله عليه وسلم - قولاً وفعلاً، نهاراً وليللاً وعند القراءة والكتابة فهم أكثر الناس صلاة لذلك وأختصوا بهذه المنقبة من بين سائر فرق العلماء فلله الحمد على ما أحسن وتفضل. الفصل السادس: السلام عليه أفضل من عتق الرقاب إنما كان السلام عليه أفضل من عتق الرقاب لأن ثواب العتق إنما علم من جهته وعلى لسانه فكأن السلام عليه أفضل وأيضاً عتق الرقاب في مقابلته العتق من النار ودخول الجنة والسلام عليه في مقابلته سلام الله عز وجل وسلام من الله - عز وجل - أفضل من مائة ألف، ألف، ألف جنة فناهيك بها من منة فيأل الله العظيم أن يشد من محبتنا في هذا النبي المنة وأن يرزقنا مرافقته في الجنة وأن يجعله وقاية لنا من كل شر وجنة آمين إنه ولي ذلك والقادر عليه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 145 صفحة فراغ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 146 الباب الثالث: في تحذير من ترك الصلاة عليه عند ذكره في التحذير من ترك الصلاة عليه عندما يذكر - صلى الله عليه وسلم - بالدعاء بالابعاد والاخبار له بحصول الشقا ونسيان طريق الجنة ودخول النار والوصف بالجفا وأنه أبخل الناس والتنفير من ترك الصلاة عليه لمن جلس مجلساً وأن من لم يصل عليه لا دين له وأنه لا يرى وجهه الكريم - صلى الله عليه وسلم - تسليماً كثيراً، عن كعب بن عجزة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحضروا المنبر فحضرنا فلما أرتقى درجته قال آمين ثم أرتقى الثانية فقال آمين ثم أرتقى الثالثة فقال آمين فلما نزل قلنا يارسول الله قد سمعنا منك اليوم شيئاً ما كنا نسمعه فقال إن جبريل عرض لي فقال بعد من أدرك رمضان فلم يغفر له قلت آمين فلما رقيت الثانية قال بعض من ذكرت عنده فلم يصل عليك فقلت آمين فلما رقيت الثالثة قال بعض من أدرك أبويه الكبر عنده أو أحدهما فلم يدخلاه الجنة قلت آمين رواه الحاكم في المستدرك وقال صحيح الإسناد وابن حبان في ثقاته وصحيحه والطبراني في الكبير والبخاري في بر الوالدينله، وإسماعيل القاضي والبيهقي في شعب الإيمان وسمويه في فوائده، والضياء المقدسي ورجاله ثقات. وعن مالك بن الحويرث - رضي الله عنه - قال صعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المنبر فلما رقي عتبة قال آمين ثم رقى أخرى فقال آمين ثم رقى ثالثة فقال آمين ثم قال أتاني جبريل فقال يا محمد من أدرك رمضان فلم يغفر له فابعده الله قلت آمين قال ومن ادرك والديه أو احدهما فدخل النار فابعده الله قلت آمين قال الجزء: 1 ¦ الصفحة: 147 ومن ذكرت عنده فلم يصل عليك فابعده الله فقلت آمين أخرجه ابن حبان في صحيحه وثقاته معاً، والطبراني ورجاله ثقات لكن فيهم عمران بن أبان الواسطي وهو وان وثقه ابن حبان وأخرج حديثه هذا في صحيحه فقد ضعفه غير واحد. وعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال أرتقى النبي - صلى الله عليه وسلم - على المنبر درجة فقال آمين ثم ارتقى درجة فقال آمين ثم ارتقى الثالثة فقال آمين ثم أستوى فجلس فقال أصحابه أبي نبي الله على ما أمنت؟ قال أتاني جبريل فقال رغم أنف رجل أدرك أبويه أو أحدهما فلم يدخل الجنةقلت آمين قال ورغم أنف امراً أدرك رمضان فلم يغفر له قلت آمين قال ورغم أنف من ذكرت عنده فلم يصل عليك قلت آمين أخرجه ابن أبي شيبة والبزار في سنديهما من طريق سلمة بن وردان عنه وقال البزار، سلمة صالح، وله أحاديث يستوحض منها لا تعلم رواها بألفاظ غيره، قلت بل هو ضعيف والظاهر أن قول البزار أنه صالح عني به الديانة لكن لحديثه شواهد كما ترى وهو عند تمام من حديث موسى الطويل عن أنس بمعناه وسنده ضعيف أيضاً. وعن جابر - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رقي المنبر فلما رقي الدرجة الأولى قال آمين ثم رقي الثانية فقال آمين ثم رقي الثالثة فقال آمين، فقالوا يا رسول الله سمعناك تقول آمين ثلاث مرات قال لما رقيت الدرجة الأولى جاءني جبريل فقال شقي عبد أدرك رمضان فانسلخ منه ولم يغفر له فقلت آمين ثم قال شقي عبد أردك والديه أو أحدهما فلم يدخلاه الجنة فقلت آمين ثم قال شقي عبد ذكرت عنده فلم يصل عليك فقلت آمين رواه البخاري في الأدب المفرد والطبري في تهذيبه والدارقطني في الأفراد وهو حديث حسن ونحوه من وجه آخر عند الطبراني في الأوسط وابن السني في عمل اليوم والليلة، وأشار إليه الترمذي في جامعة بقوله وفي الباب عن جابر وقد أخرجه النسائي وساقه الضياء في المختارة من طريق الطيالسي وقال هذا عندي على شرط مسلم انتهى وفي ذلك نظر والله أعلم. وعن عمار بن ياسر - رضي الله عنه - قال صعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 148 المنبر فقال آمين، آمين فلما نزل قيل له فقال إن جبريل أتاني فقال رغم إنه امرأ أدرك رمضان فلمة يغفر له قل آمين ورغم أنف رجل ادرك والديه فلم يدخلاه الجنة أو فابعده الله قل آمين فقلت آمين، ورجل ذكرت عنده فلم يصل عليك فأبعده الله قل آمين فقلت آمين أخرجه البزار هكذا والطبراني باختصار من رواية عمر بن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر عن أبيه عن جده بهذا وقال البزار لا نعلمه يروي عن عمار إلا بهذا الإسناد قلت ومحمد بن عمار ذكره ابن حبان في الثقات وابنه أبو عبيده وثقه ابن معين وقال أبو حاتم منكر الحديث. وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صعد المنبر فقال آمين، آمين، آمين. قال فذكر الحديث كذا أخرجه البزار أيضاً وهو من رواية جارية بن هرم الفقمي عن حميد الأعرج وهما ضعيفان عن عبد الله بن الحارث عن ابن مسعود، وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ارتقى المنبر فأمن ثلاث مرات ثم قال: تدرون لم امنت؟ قالوا الله ورسوله أ'لم قال جاءني جبريل فقال أنه من ذكرت عنده فلم يصل عليك دخل النار فأبعده الله وسأحقه فقلت آمين قال ومن أدرك والديه أو أحدهما فلم يبرهما دخل النار فأبعده الله وإسحقه فقلت آمين رواه الطبراني وعبد الوهاب بن أبي عبد الله بن مندة في الثاني من فوائده وأبو طاهر المخلص في الرابع من فوائده وفيه إسحاق بن عبد الله بن كسان وفيه ضعف وهو عند الطبراني من وجه آخر رجاله ثقات لكن فيد يزيد بن أبي زياد وهو مختلف فيه ولفظه بينما النبي - صلى الله عليه وسلم - على المنبر إذ قال آمين ثلاث مرات فيئل عن ذلك فقال: أتاني جبريل فقال من ذكرك عنده فلم يصل عليك فابعده الله قل آمين فقلت آمين وقال من ادرك والديه أو أحدهما فمات ولم يغفر له فابعده الله قل آمين فقلت آمين قال ومن ادرك رمضان ولم يغفر له فابعده الله قل آمين فقلت آمين. وعن أبي ذر - رضي الله عنه - نحوه أخرجه الطبراني أيضاً وعن بريدة - رضي الله عنه - كذلك أخرجه إسحاق بن راهوية، وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صعد المنبر فقال آمين آمين، آمين، فقيل يا رسول الله إنك صعدت المنبر فقلت آمين آمين، آمين، فقال إن جبريل أتاني فقال من أدرك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 149 شهر رمضان فلم يغفر له فدخل النار فابعده الله قال قل آمين فقلت آمين ومن أدرك أبويه أو أحدهما فلم يبرهما فمات فدخل النار فابعده الله قل آمين فقلت آمين، ومن ذكرت عنده فلم يصل عليك فمات فدخل النار فابعده الله قل آمين فقلت آمين رواه ابن خزيمة وابن حبان في صحيحهما واللفظ له والبخاري في الأدب المفرد وأبو يعلي في مسنده والبيهقي في الجعوات باختصار وهو عند الترمذي وأحمد بلفظ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل علي رغم أنف رجل دخل عليه رمضان ثم أنسلخ قبل أن يغفر له ورغم أنف رجل أدرك عنده أبواه الكبر فلم يدخلاه الجنة ورغم الله أنف رجل دخل عليه رمضان ثم أنصرف فلم يغفر له والثاني مختصر، أتاني جبريل فقال شقي أمرء أو تعس أمرء ذكرت عنده فلم يصل عليم وهو بهذا اللفظ عند التيمي في ترغيبه. وعن جابر بن سمرة - رضي الله عنهما - قال صعد النبي - صلى الله عليه وسلم - المنبر فقال آمين آمين آمين فلما نزل سئل عن ذلك فقال أتاني جبريل فقال رغم أنف امرء أدرك رمضان فلم يغفر له قل آمين فقلت آمين ورغم أنف امرئ ذكرت عنده فلم يصل عليك قل آمين فقلت آمين ورغم أنف رجل أدرك والديه أو أحدهما فلم يغفر له فقلت آمين هذا أو نحوه رواه الدارقطني في الأفراد والبزار في مسنده والطبراني في الكبير والدقيقي في اماليه من رواية إسماعيل بن ابان عن قيس عن سماك عن جابر بهذا وقال: لا نعلمه يروي عن جابر بن سمرة إلا من هذا الوجه: قلت: وإسماعيل بن ابان وهو الغنوي كذبه يحيى بن معين وغيره وقيس بن الربيع ضعيف لكن قال شيخنا إن إسناده حسن يعني لشواهده. وعن عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي - رضي الله تعالى عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل المسجد وصعد المنبر فقال آمين آمين، آمين فلما أنصرف قيل يا رسول الله لقد رأيناك صنعت شيئاً ما كنت تصنعه فقال إن جبريل تبدى لي في أول درجة فقال يا محمد من أدرك والديه فلم يدخلاه الجنه فابعده الله ثم أبعده فقلت آمين ثم قال لي في الدرجة الثانية ومن ادرك شهر رمضان فلم يغفر له فابعده الله ثم أبعده فقلت آمين ثم تبدى لي في الدرجة الثالثة فقال ومن ذكرت عنده فلم يصل عليك فابعده الله ثم ابعده فقلت آمين رواه البزار في مسنده أيضاً الجزء: 1 ¦ الصفحة: 150 والطبراني وابن أبي عاصم وجعفر الفريابي وفي سنده الهيعة وهو ضعيف لكن حديثه شواهد كما ترى. وعن عبد الله بن جعفر - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بنحوه أخرجه الفرياني وعن الحسن البصري مرسلاً بمعنى الأحاديث التي قبله أخرجه سعيد بن منصور، وعن جابر - رضي الله عنه - قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من ذكرت عنده فلم يصل علي فقد شقي أخرجه ابن السني بسند ضعيف وهو عند الطبراني بلفظ شقي عبد ذكرت عنده فلم يصل علي. وعن الحسين بن علي - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من ذكرت عنده فخطيء الصلاة علي خطئ طريق الجنة أخرجه الطبراني والطبير وروى مرسلاً عن محمد بن الحنفية وغيره قال المنذري وهو أشبه، قلت هذه الرواية أخرجها ابن أبي عاصم وإسماعيل القاضي ولفظها من ذكرت عنده فنسي الصلاة علي وفي رواية فلم يصل علي خطيء طريق الجنة، وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من نسي الصلاة على خطيء طريق الجنة رواه ابن ماجه والطبراني وغيرهما وفي سنده جبارة بن المفلس وهو ضعيف وقد عد هذا الحديث من مناكيره والله الموفق. وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من نسي الصلاة علي نسي وفي رواية خطئ طريقلا الجنة رواه البيهقي في الشعب والسنن الكبرى والتيمي في الترغيب وابن الجراح في الخامس من أماليه بلفظ من ذكرت عنده فنسى الصلاة علي خطئ به طريق الجنة والرشيد العطار وقال إن إسناده حسن والحافظ أبو موسى المديني في الترغيب له وقال هذا الحديث يروي عن جماعة منهم علي بن أبي طالب وإبن عباس وأبو إمامة وأم سلمة - رضي الله عنهم - بلفظ من نسي الصلاة علي قلت دحيث علي - رضي الله عنه - أخرجه ابن بشكوال بسند ضعيف تقدم تقريباً وحديث أبي إمامة وأم سلمة لم أقف عليهما الآن، ويروي ايضاً عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - عند ابن أبي حاتم وأخرجه من طريق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 151 الرشيد العطار وقال إسناده جيد حسن متصل ولفظه كحديث ابن عباس وعن محمد بن علي مثله مرسلاً أخرجه عبد الرزاق في جامعة وهذه الطرق يشد بعضها بعضاً وبالله التوفيق. وعن عبد الله بن جراد - رضي الله تعالى عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال من ذكرت عنده فلم يصل علي دخل النار واه الديلمي في مسند الفردوس له من رواية يعلى بن الاشدق عنه. ويروي عن أنس - رضي الله عنه - سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول من ذكرت بين يديه ولم يصل علي صلاة تامة فليس مني ولا أنا منه ثم قال اللهم صل من وصلني وأقطع من لم يصلني ولم أقف على سنده وعن قتادة مرسلاً قال: قال رسول - صلى الله عليه وسلم - من الجفا أن أذكر عند رجل فلا يصلي علي، - صلى الله عليه وسلم - أخهرجه النميري هكذا من وجهين من طريق عبد الرزاق وهو جامعة ورواته ثقات. وعن الحسن بن علي - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال بحسب أمرء من البخل أن أذكر عنده فلا يصلي علي رواه قاسم بن اصبغ وابن أبي عاصم وإسماعيل القاضي وغيرهم وعن أخيه الحسين بن علي - رضي الله عنهم - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال البخيل من ذكرت عنه فلم يصل علي رواه أحمد في مسنده والنسائي في سنهه الكبرى البيهقي في الجعوات والشعب وابن أبي عاصم في الصلاة له والطبراني في الكبير والتيمي في الترغيب وابن حبان في صحيحه وقال هذا أشبه شيء مما روى عن الحسين والحاكم في صحيحه وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه وله شاهد عن سعيد المقبري غن أبي هريرة وأخرجه الحاكم من طريق علي بن الحسين عن أبي هريرة أيضاً والبيهقي في الشعب ولفظه: البخيل كل البخيل من ذكرا عنده فلم يصل علي وعن أبيهما علي بن أبي طالب - رضي الله عنهم - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال البخيل من ذكرت عنده فلم يصل علي رواه النسائي وابن بشكوال من طريقه والبخاري في تاريخه وسعيد بن منصور في سننه والبيهقي في الشعب وإسماعيل القاضي والخلعي الترمذي وقال حسن صحيح وزاد في نسخه غريب. قلت وقد اختلف في إسناد هذا المتن كما ترى وأيضاً فقد ارسله بعضهم بحذف التابعي والصحابي معاً وأشار الدارقطني إلى أن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 152 الرواية التي وقع فيها من مسند الحسين بالتصغير أشبه بالصواب انتهى وقد اطنب إسماعيل القاضي في فضل الصلاه له في تخريج طرق هذا الحديث وبيان الاختلاف فيه من حديث علي وابنيه الحين والحسين - رضي الله عنهما - واخرجه أيضاً من طريق عبد الله بن علي بن الحسين عن أبيه مرفوعاً وكذا أخرجه البخاري في التاريخ أيضاً وفي الجلة فلا يقصر هذا الحديث عن درجة الحسن وعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال البخيل من ذكرت عنده فلم يصل علي الحديث وقد تقدم في أوائل الباب الثاني، وعنه رفعه ألا انبئكم بابخل البخلاء، ألا انبئكم باعجز الناي من ذكرت عنده فلم يصل علي ومن قال له ربع في كتابه أدعوني فلم يدعه قال الله تعالى {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} ، ولم أقف على سنده، وفي سرف المصطفى لأبي سعيد الواعظ أن عائشة - رضي الله عنهما - كانت تخيط شيئاً في وقت السحر فضلت الابرة وطفي السراج فدخل عليها النبي - صلى الله عليه وسلم - فأضاء البيت بضوءه - صلى الله عليه وسلم - ووجدت الابرة فقالت ما أوضء وجهك يا رسول الله قال ويل لمن لا يراني يوم القيامة قالت ومن لا يراك قال البخيل قالت ومن البخيل؟ قال الذي لا يصلي علي إذا سمع باسمي، وفي حلية الأولياء لأبي نعيم أن رجلاً مر بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ومعه ظبي قد اصطاده فأنطلق الله سبحانه الذي لأنطق كل شيء الظبي فقالت يارسول الله أن لي أولادناً وأنا أرضعهم وأنهم الآن جياع فأمر هذا أن يخليني حتى أذهب فأرضع أولادي وأعود قال فإن لم تعودي قالت إن لم أعد فلعنني الله كمن تذكر بين يديه فلا يصل عليك، أو كنت كمن صلى ولو يدع فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - أطلقها وأنا ضامنها فذهبت الظبية ثم عادت فنزل جبريل عليه السلام وقال يا محمد الله يقرئك السلاة ويقول لك وعزتي وجلالي (لق) أنا أرحم بامتك من هذه الظبية بأولادها وأنا أردهم إليك كما رجعت الظبية إليك - صلى الله عليه وسلم - وفي شرف المصطفى أيضاً عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال ألا أدلكم على خير الناس وشر الناس وأبخل الناس وأكسل الناس وألأم وأسرق الناس قيل يا رسول الله بلى قال خير الناس من أنتفع به الناس وشر الناسمن يسعى بأخيه المسلم وأكسل الناس من أرق في ليلة فلم يذكر الله بلسانه وجوارحه وألأم الناس من إذا ذكرت عنده فلم يصل علي وأبخل الناس من بخل بالتسليم على الناس وأسرق الناس من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 153 سرق صلاته قيل يارسول الله كيف يسرق صلاته قال لا يتم ركوعها ولا سجودها. وعن جابر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حسب العبدمن البخل إذ ذكرت عنده أن لا يصلي علي رواه الديلمي من طريق الحاكم في غير المستدرك. وعن الحسن البصري مرسلاً قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بحسب المؤمن من البخل إن ذكره عنده رجلاً فلا يصليعلي وفي لفظ كفى به شحاً إن ذكر عند رجل فلا يصلي علي أخرجه سعيد بن منصور وإسماعيل القاضي من وجهين ورواته ثقات. وعن أبي ذر الغفاري - رضي الله عنه - قال خرجت ذات يوم فاتيت يارسول الله قال من ذكرت عنده فلم يصل علي فذلك أبخل الناس رواه ابن يارسول الله قل من ذكرت عنده فلم يصل علي فذلك أبخل الناس رواه ابن أبي عاصم في الصلاة من طريق علي بن يزيد عن القاسم وأخرجه إسماعيل القاضي من طريق معبد عن رجل من أهل دمشق لم يسم، عن عوف بن مالك عن أبي ذر رفعه أن أبخل الناس من ذكرت عنده فلم يصل علي وهكذا أخرجه إسحاق والحارث في مسنديهما ولفظه أنه جلس إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو جلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليه فقال يا أبا ذر أصليت الضحى فذكر حديثاً طويلاً وفيه هذا المتن، والحديث غريب ورجاله رجال الصحيح لكن فيهم رجل مبهم لا أعرفه، قلت وفي مسند إسماعيل القاضي لطيفة وهي رواية صحابي عن ثمله وتابعي عن مثله. وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ما جلس قوم مجلساً لم يذكروا الله تعالى فيه ولم يصلوا على نبيه - صلى الله عليه وسلم - إلا كان عليهم من الله ترة يوم القيامة فإن شاء عذبهم وإن شاء غفر لهم رواه أحمد والطيالسي والطبراني في الدعاء وأبو الشيخ وإسماعيل القاضي وأبو أحمد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 154 والطيالسي والطبراني في الدعاء وأبو الشيخ وإسماعيل القاضي وأبو داود الترمذي واللفظ له وقال حسن قلت: وإنما حسنة لشاهده لأنه عنده من رواية صالح مولى التوئمة وهو ضعيف وأخرجه الحاكم في مستدركه من هذا الوجه أيضاً كما سيأتي ورواه ابن أبي عاصم بنحوه وابن حبان في صحيحه وأخرجه الحاكم في المستدرك موقوفاً من حديث الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة بلفظ ما جلس قوم مجلساً ثم تفرقوا قبل أن يذكروا الله ويصلون على نبيه إلا كان عليهم حسرة إلى يوم القيامة ومن طريق صالح أيضاً سمعت أبا هريرة يقول قال أبو القاسم - صلى الله عليه وسلم - أيما قوم جلسوا فاطالوا الجلوس ثم تفرقوا قبل أن يذكروا الله ويصلوا على نبيه إلا كان لهم ترة من الله إن ذاء عذبهم وإن شاء غفر لهم وقال صحيح ورده الذهبي بأن صالحاً ضعيف وهو بذها اللفظ أيضاً عند الطبراني في الدعاء وساقه الحكم أيضاً من طريق ابن أبي ذئب عن المقبري عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ما جلس قوم يذكرون الله لم يصلوا على نبيهم إلا كان ذلك المجلس عليهم ترة، ولا قعد قوم لم يذكروا الله إلا كان عليهم ترة، وقال أنه صحيح على شرط البخاري انتهى وهذه الرواية عند أحمد في مسنده بلفظ ما جلس قوم مجلساً لم يذكروا الله - عز وجل - إلا كان عليهم ترة، وما من رجل مشى طريقاً فلم يذكر الله - عز وجل - إلا كان عليه ترة وما من رجل أوى إلى فراشه فلم يذكر الله - عز وجل - إلا كان عليه ترة وفي رواية إلا كان عليهم حسرة يوم القيامة وإن دخلوا الجنة للثواب، قلت: وقد اختلف في هذا الحديث على المقبري فقيل عنه عن أبي هريرة وهي رواية أبي داود وغيره وقيل عنه عن إسحاق عن أبي هريرة وهي رواية أحمد والحاكم كما تقدم والله أعلم وقد رواه البيهقي في الشعب بلفظ إيما قوم اجتمعوا ثم تفرقوا وذكر نحوه. وعن أبي إمامة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما من قوم جلسوا مجلساً ثم قاموت منه لم يذكروا الله ولم يصلوا على النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا كان ذلك المجلس عليهم ترة رواه الطبراني في الدعاي والمعجم الكبير بسند رجاله ثقات وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لا يجلس قوم مجلساً لا يصلون فيه على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 155 إلا كان عليهم حسرة وإن دخلوا الجنة لما يرون من الثواب، أخرجه الدينوري في المجالسة والتيمي في الترغيب والبيهقي في الشعب وسعيد بن منصور في السنن إسماعيل القاضي وإبن شاهين في بعض اجزائه ومن طريقه ابن بشكوال وساقه الضياء في المختارة من طريق أبي بكر الشافعي مرفوعاً ومن طريق أبي بكر بن أبي عاصم موقوفاً وكذا رواه النسائي في عمل اليوم والليلة والبغوي في الجعديات وهو حديث صحيح. وعن جابر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما أجتمع قوم ثم تفرقوا عن غير ذكر الله - عز وجل - وصلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا قاموا عن انتن جيفة رواه الطيالسي ومن طريقه البيهقي في الشعب والضياء في المختارة وأخرجه النسائي في اليوم والليلة وتمام في فوائده ورجاله رجال الصحيح على شرط مسلم وهو عند الطبراني في الدعاء بلفظ ما من قوم اجتمعوا في مجلس ثم تفرقوا ولم يذكروا الله ولم يصلوا على نبيهم - صلى الله عليه وسلم - إلا كان عليهم حسرة يوم القيامة وعن عبد اللع بن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من لم يصل علي فلا دين له أخرجه محمد بن حمدان المروزي وفي سنده من لم يسم. وعن عائشة - رضي الله عنها - مرفوعاً ولم أقف على سنده قال لا يرى وجهي ثلاثة أنفي العاق لوالديه وتارك سنتي ومن لم يصل علي إذا ذكرت بين يدبه، فصلى الله عليه وسلم وعلى آله ما طلعت الشمس وتلى اليوم أمس. (فوائد نختم بها الباب الثالث) [الأولى في تحقيق رغم] وهذه فوائد نختم بها الباب الثالث الأولى قوله (رغم) حكى فيه الجوهري الفتح والكسر وهو في روايتنا بكسر الغين المعجمة أي لصق بالرغام وهو التراب ذلا وهواناً، وقال ابن الأعرابي هو بفتح الغين ومعناه ذل وقال في النهاية يقال رغم يرغم رغما ورغما وأرغم الله أنفه أي الصقه بالرغام وهو التراب هذا هو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 156 الأصل ثم استعمل في الذل والعجز عن الانتصاف والانقياد على كره انتهى وقيل معناه أيضاً اضطرب وقيل غضب، قوله (صعد) هو بكسر العين في الماضي وبفتح في المستقبل هذا واضح وقوله (بعد) بالضم يعني عن الخير وفي رواية ابعده الله ويروي بالكسر أي هلك ولا مانع من حمله عن المعنيين. [الثانية في تحقيق خطيء] الثانية قال في النهاية يقال خطيء في دينه اثم فيه والخطيء الذنب والأثم واخطأ يخطيء إذا سلك سبيل الخطأ عمداً أو سهمواً ويقال خطأ بمعنى اخطأ أيضاً وقيل خطيء إذا تعمد وخطأ إذا لم يتعمد ويقال لمن أراد شيئاً ففعل غيره أو فعل غير الصواب أخطأ ووقع في الشقا أخطى وهو بضم الهمزة مكسور الطاء مبني لما لم يسم فاعله. [الثالثة] الثالثة استشكلحمل حديث من نسي الصلاة علي على ظاهرة لماورد، رفع عن أمتي الخطأ والنسيان ولما هو مقرر من أنا الناسي غير مكلف وغير المكلفلا لوم عليه فالجواب إن المراد بالناسي التارك كقوله تعالى {نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ} وكقوله {كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى} اي تترك في النار وقال الهروي في الآية الأولى معناها تركوا أمر الله فتركهم من رحمته وكقوله {الْيَوْمَ نَنْسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا} ولما كان التارك لها لا صلاة له والصلاة له والصلاة عماد الدين فمن تركها حق له ذلك فلا تكونن عنالصلاة على نبيك غافلاً فيكون نور الخير عنك أفلا وتكون من أبخل البخلاء والمتخلقين باخلاق أهل الجفاء وغير العقلاء والمتقلبين بقلوب غير مطمئنة والمنكبين عن طريق الجنة وفقلك الله وإياي لمرضاته وغربنا فيما يبلغ بجزيل عطائه وصلاته بمنه وكرمه. [الرابعة في تحقيق البخل] الرابعة البخل هو إمساك ما يقتني عن من يستحقه وفي الأحاديث الماضية دلالة على أنه يوصف بالبخل من تكاسل عن الطاعة والله أعلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 157 [الخامسة في تحقيق الترة] الخامسة الترة بكسر المثناة الفوقية وتخفيف الراء المفتوحة ثم تاء الحسرة كما في الطريق الأخرى وقيل هي النار وقيل هي الذنب وقال ابن الأثير الترة النقص وقيل التبعة والهاء فيه عوض من الواو المحذوفة مثل وعدته عدة ويجوز رفعها ونصبها على اسم كان وخبرها والله أعلم. [السادسة في معنى قوله وإن دخلوا الجنة] السادسة إن قوله وإن دخلوا الجنة معناه والله أعلم أنهم يتحسرون على ترك الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - في موقف القيامة ولو فاتهم من الثواب وإن كان مصيرهم إلى الجنة لا أن الحسرة تلازمهم بعد دخول الجن والله الموفق. [السابعة في تحقيق الجفاء] السابعة قوله من الجفا هو بفتح الجيم والمد وهو ترك البر والصلة ويطلق أيضاً على غلظ الطبع، والجفاء البعد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - والله أعلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 158 الباب الرابع: في تبليغه - صلى الله عليه وسلم - سلام من يسلم عليه ورده السلام في تبليغه - صلى الله عليه وسلم - من يسلم عليه ورده السلام وغير ذلك من الفوائد والتتمات، حديث عمار وأنس وأبي إمامة وأبي هريرة وغيرهم مما يصلح لهذا الباب تقدمت في الباب الثاني وحديث أبي قرصافة يأتي في الباب الأخير وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال إن لله ملائكة سياحين يبلغوني عن أمتي السلام رواه أحمد والنسائي والدارمي وأبو نعيم والبيهقي والخلعي وابن حبان والحاكم في صحيحهما وقال صحيح الإسناد، وعن علي - رضي الله عنه - قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن لله ملائكة يسيحون في الأرض يبلغوني صلاة من صلى علي من أمتي أخرجه الدارقطني فيما انتقاه من حديث أبي إسحاق المزني من روايته من طريق زاذان عن علي وهو وهم وإنما رواه زاذان عن ابن مسعود كما تقدم والله الموفق. وعن حسن بن علي بن أبي طالب - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيث ما كنتم فصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني - صلى الله عليه وسلم - رواه الطبراني في الأوسط والكبير وأبو يعلي بسند حسن لكن قد قيل أن فيه من لم يعرف، وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال ليس أحد من أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - يصلي عليه محمد ـو يسلم عليه إلا بلغه يصلي عليك فلان ويسلم عليك فلان رواه إسحاق بن راهوية في مسنده هكذا موقوفاً والبيهقي ولفظه ليس أحد من أمه محمد يصلي عليه صلاة إلا وهي تبلغه يقول الملك فلان يصلي عليك كذا وكذا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 159 صلاة وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال لا نجعلوا بيوتكم قبوراً ولا تجعلوا قبري عيداً، وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث ما كنت أخرجه أبو داود وأحمد ف مسنده وابن فيل في حزبه المروي لنا وصححه النووي في الأذكار وعند ابن بشكوال من حديثه مرفوعاً بلفظ ما من أحد يسلم علي إلا رد الله إلي روحي حتى أرد عليه وعنه أيضاً - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أكثروا الصلاة علي في الليلة الزهراء واليوم الأغر فإن صلاتكم تعرض علي أخرجه الطبراني في الأوسط بسند ضعيف لكن يتقوى بشواهده وعنه أيضاً - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من صلى علي عند قبري سمعته ومن صلى علي من بعيد أعلمته أخرجه أبو الشيخ في الثواب له من طريق أبي معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عنه ومن طريقه الديلمي وقال ابن القيم أنه غريب قلت: وسنده جيد كما أفاده شيخنا وعنه أيضاً - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من صلي علي عند قبري سمعته ومن صلى علي نائياً وكل الله به ملكاً يبلغني وكفى أمر دنياه وآخرته وكنت له يوم القيامة شهيداً أو شفيعاً أخرجه العشاري وفي سنده محمد بن موسى وهو الكديمي متروك الحديث، وهو عند ابن أبي شيبة والتيمي في ترغيبه والبيهقي في حياة الأنبياء له باختصار من صلى علي عند قبري سمعته ومن صلى علي نائياً أبلغته، وأخرجه في الشعب بلفظ ما من عبد يسلم علي عند قبري إلا وكل الله بها ملكاً يبلغني والباقي سواء، وأورده ابن الجوزي من طريق الخطيب وأتهم به محمد بن مروان السدي زنقل عن العقيلي، أنه قال لا أصل لهذا الحديث من حديث الأعمش وليس يمحفوظ انتهى وقال ابن كثير في إسناده نظر، وقوله نائياً يعني بعيداًكما فيرته الرواية الأخرى. وعن زين العابدين علي بن الحسين بن علي أن رجلاً كان يأتي كل غداة ويزور قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - ويصلي عليه ويصنع في المساء مثل ذلك فاشتهر عليه علي بن الحسين فقال له ما يحملك على هذا قال أحب التسليم على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال له علي بن الحسين أخبرني أبي عن جدي - رضي الله عنهما - أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا تجعلوا قبري عيداً ولا تجعلوا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 160 بيوتكم قبوراً وصلوا علي وسلموا حيت ما كنتم فييبلغني صلاتكم وسلامكم أخرجه إسماعيل القاضي وفي إسناده من لم يسم وهو عند ابن أبي عاصم عن علي بن الحسين عن أبيه عن جده مرفوعاً صلوا علي فإن صلاتكم وتسليمكم يبلغني حيث ما كمت ورواه أبو يكر ابن أبي شيبة وعنه أبو يعلي ولفظه رأى رجلاً يأتي إلى فرجة كانت عند قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - فيدخل فيها فيدعو فقال له ألا أحدثك حديثاً سمعته من أبي هن جدي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لا تتخذوا قبري عيداً ولا تجعلوا بيوتكم قبوراً وسلموت علي فإن تسليمكم يبلغني أينما كنتم وهو حديث حسن وله شاهد من رواية الحسن بن الحسين بن علي قد رويناه في مصنف عبد الرزاق من وجه آخر مرسلاً ولفظه أن الحسن بن الحسين بن علي رأى قوماً عند القبر فنهاهم وقال إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لا تتخذوا قبري عيداً ولا تتخذوا بيوتكم قبوراً وصلوا علي حيثما كنتم فإن صلاتكم تبلغني ورواه إسماعيل القاضي بالقصة مطولاً وابن أبي عاصم والطبراني بدونها، وقد روى، أنه رأى رجلاً ينتاب القبر فقال يا هذا ما أنت ورجل بالاندلس إلا سواء، يعني أن الجميع يبلغه صلوات الله وسلامه عليه دائماً إلى يوم الدين. وعن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اكثروا الصلاة علي فإن الله وكل بي ملكاً عند قبري فإذا صلى رجل من أمتي قال لي ذلك الملك يا محمد إن فلان صلى عليك الساعة، أخرجه الديلمي وفي سنده ضعف، وعلأ حماد الكوفي قال إن العبد إذا صلى على النبي - صلى الله عليه وسلم - عرض عليه باسمه أخرجه النميري وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ما من أحد يسلم علي إلا رد الله تعالى إلى روحي حتى أرد عليه السلام روله أحمد وأبو دواد والطبراني والبيهقي بإسناد حسن بل صححه النووي في الإذكار وغيره وفيهة نظر وقال شيخنا رواته ثقات، قلت لكن أفرد به يزيد عبد الله بن قسيط براوية له عن أبي هريرة وهو يمنع من الجزم بصحته لأن فيه مقالاً وتوقف مالك فقال في حديث خارج الموطأ ليس بذاك وذكر التقي بن تيمية ما معناه أن رواية أبي داود فيها يزيد بن عبد الله وكأنه لم يدرك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 161 أبا هريرة وهو ضعيف وفي سماعه منه نظر انتهى على أن طريق الطبراني وغيره سالمته من ذلك لكن فيها من لم يعرف، وقد ذكر الموفق بن قدامة في المغني هذا الحديث فزاد فيه بعد قوله يسلم علي عند قبري ولم أقف عليها فيما رأيته من طرق الحديث ثم رأيت السمعونيات بسند ضعيف عن أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعاً من صلى علي عند قبري كل بها ملك يبلغني وكفى أمر دنياه وآخرته وكنت له يوم القيامة شهيداً أو شفيعاً ورويناه بلفظ ما من مسلم يسلم علي في شرق ولا غرب إلا أنا وملائكة ربي نرد عليه السلام فقال له قائل يا رسول الله فما بال أهل المدينة قال وما يقال لكريم في جيراته وخيرته أنه مما أمر به من حفظ الجوار حفظ قال الضياء المقدسي قلت وفي سنده عبيد الله بن محمد العمري وأتهمه الذهبي بوضعه وعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن أقربكم مني يوم القيامة في كل موطن أكثركم علي صلاة في الدنيا من صلى علي في يوم الجمعة وليلة الجمعة قضى الله له مائة حاجة سبعين من حوائج الآخره وثلاثين من حوائج الدنيا ثم يوكل الله بذلك ملكاً يدخله في قبري كما تدخل عليكم الهدايا يخبرني من صلى علي باسمه ونسبه إلى عشيرته فاثبته عندي في صحيفة بيضاء رواه البيهقي في حياة الأنبياء في قبورهم، به بسند ضعيف وكذا ابن بشكوال وأبو اليمن بن عساكر وهو عند التيمي في ترغيبه والديلمي في مسند الفردوس له وأبي عمرو بن منده في الأول من فوائد بلفظ من صلى علي يوم الجمعة وليلة الجمعة مائة من الصلاة قضي الله هل مائة حاجة سبعين من حوائج الآخرة وثلاثين من حوائج الدنيا وكل الله بذلك ملكاً يدخله على قبري كما تدخل عليكم الهدايا، إن علمي بعد موتي كعلمي في الحياة وبعضه تقدم من حديث جابر في الباب الثاني، وعند ابن عدي والتيمي في ترغيبه معناه باختصار ولفظه أكثروا الصلاة علي يوم الجمعة فإن صلاتكم تعرض علي وفي لفظ للتيمي فقط والطبراني بسند فيه أبو ظلال وقد وثق ولا يضر، في المتابعات أكثروا الصلاة علي يوم الجمعة فإن صلاتكم تعرض علي يوم الجمعة فإنه أتاني جبريل عليه السلام آنفاً عن ربي عز وجل فقال ما على الأرض من مسلم يصلي عليك مرة واحدة إلا صليت عليه أنا وملائكتي عشراً وعنه أيضاً رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من صلى علي بلغتني صلاته وصليت عليه وكتب له سوى ذلك عشر حسنات الجزء: 1 ¦ الصفحة: 162 رواه الطبراني في الأوسط ورجاله ثقات لكن فيهم راو لم يعرف. وعنه أيضاً قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقن السمع ثلاثة فالجنة تسمع والنار تسمع وملك عند رأسي يسمع فإذا قال عبد من امتي كائنا من كان اللهم أني اسألك الجنة قالت الجنة اللهم أسكنه اياي وإذا قال عبد من اكتي كائنا من كان اللهم أجرني من النار قالت النار اللهم أجره مني وإذا سلم علي رجل من امتي قال الملك الذي عند رأسي يا محمد هذا فلان يسلم عليك فرد عليه السلام ومن صلى علي صلاة صلى الله عليه وملائكته عشراً ومن صلى علي عشراً صلى الله عليه وملائكته مائة ومن صلى علي مائة صلى الله عليه وملائكته ألف صلاة ولم يمس جسده النار أخرجه ابن بشكوال بسند يصح وعن اوس بن أوس رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أفضل ايامكم يوم الجمعة فيه خلق آدم وفيه قبض وفيه النفخة وفيه الصعقة فأكثروا علي من الصلاة فيه فإن صلاتكم معروضة علي قالوا يا رسول الله وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أدمت يعني بليت قال إن الله عز وجل حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء رواه أحمد في مسنده وابن أبي عاصم في الصلاة له والبيهقي في حياة الأنبياء وشعب الايمان وغيرهما من تصانيفه وأبو داود والنسائي وابن ماجه في سننهم والطبراني في معجمه وابن حبان وابن خزيمة والحاكم في صحاحهم وقال هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه وكذا صححه النووي في الأذكار وقال الحافظ عبد الغني إنه حسن صحيح وقال المنذري إنه حسن قال ابن دحية إنه صحيح محفوظ بنقل العدل عن العدل في كلام له فيه طويل وتهويل قلت ولهذا الحديث علة خفية وهي أن حسينا الجعفي راويه أخطأ في اسم جد شيخه عبد الرحمن بن بريد حيث سماه جابراً وإنما هو تميم كما جزم به أبو حاتم وغيره وعلى هذا فابن تميم منكر الحديث ولهذا قال أبو حاتم إن الحديث منكر وقال ابن العربي إنه لم يثبت لكن قد رد هذه العلة الدارقطني وقال إن سماع حسين من ابن جابر ثابت وإلى هذا جنح الخطيب والعلم عند الله تعالى، تنبيه: قد وقع هذا الحديث عند ابن ماجة في الصلاة من سننه فيمي الصحابي شداد بن اوس وذلك وهم نبه عليه المزي وغيره وقد وقع عنده في الجنائز على الصواب كما أخرجناه ونبهت على ذلك لئلا يظن بعض من لا يحسن أنني حذفته والله المستعان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 163 وعن أبي إمامه رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أكثروا من الصلاة علي في كل يوم جمعة فإن صلاة امتي تعرض علي في كل يوم جمعة فمن كان أكثرهم علي صلاة كان أقربهم مني منزلة رواه البيهقي بسند حسن لا بأس به إلا أن مكحولاً قيل لم يسمع من أبي أمامة في قول الجمهور نعم في مسند الشاميين للطبراني التصريح بسماعه منه وقد رواه أبو منصور الديلمي في مسند الفردوس له فاسقط منه ذكر مكحول وسنده ضعيف ولفظه عند الطبراني من صلى علي صلى عليه ملك حتى يبلغنيها وقد تقدم في الباب الثاني. وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أكثروا من الصلاة علي يوم الجمعة فإنه يوم مشهود تشهده الملائكة وإن أحداً كان يصلي علي إلا عرضت علي صلاته حين يفرغ منها قال قلت وبعد الموت قال وبعد الموت إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء فنبي الله حي يرزق أخرجه ابن ماجة ورجاله ثقات لكنه منقطع وأخرجه الطبراني في الكبير بلفظ أكثروا الصلاة يوم الجمعة فإنه يوم مشهود تشهده الملائكة ليس من عبد يصلي علي إلا بلغتني صلاته حيث كان قلنا وبعد وفاتك قال وبعد وفاتي إن الله تعالى حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء وكذا رواه النميري بلفظ قلنا يا رسول الله كيف تبلغك صلاتنا إذا تضمتك الأرض قال إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساء الأنبياء وقال العراقي إن إسناده لا يصح وعن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه إن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنه قال أكثروا علي من الصلاة في يوم الجمة فإنه ليس أحد يصلي علي يوم الجمعة إلا عرضت علي صلاته رواه الحاكم وقال صحيح الإسناد والبيهقي في شعب الإيمان وحياة الأنبياء في قبورهم له وابن أبي عاصم في فضل الصلاة له وفي سنده أبو رافع وهو إسماعيل بن رافع وثقة البخاري وقال يعقوب بن سفيان يصلح حديثه للشواهد والمتابعات لكن قد ضعفه النسائي ويحيى بن معين وقيل إنه منكر الحديث. وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال أكثروا الصلاة علي في الليلة الزهراء واليوم الأغرفان صلاتكم تعرض علي فادعوا لكم واستغفر، ذكره ابن بشكوال بسند ضعيف، والليلة الزهراء ليلة الجمعة، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 164 واليوم الأغر يومها، وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال أكثروا من السلام على نبيكم كل جمعة فإنه يؤتى به منكم في كل جمعة وفي رواية فإن أحداً لا يصلي علي إلا عرضت صلاته علي حين يفرغ منها ذكره عياض ولم أقف على سنده وعن الحسن البصري قال/ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أكثروا الصلاة علي يوم الجمعة فإنها تعرض علي أخرجه مسدد في مسنده وسعيد بن منصور في سننه هكذا مرسلاً. وعن خالد بن معدان عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال أكثروا الصلاة علي في كل يوم جمعة فإن صلاة امتي تعرض علي في كل يوم جمعة أخرجه سعيد بن منصور في سننه هكذا وقوله أكثروا بقطع الهمزة رباعي وهذا الإخفاء فيه. وعن يزيد الرقاشي قال إن ملكاً موكل يوم الجمعة بمن صلى على النبي - صلى الله عليه وسلم - يبلغ النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول إن فلاناً من امتك يصلي عليك رواه بقي بن مخلد ومن طريقه ابن بشكوال وأخرجه سعيد بن منصور في سننه وإسماعيل القاضي في فضل الصلاة له لكن بدون يوم الجمعة. وعن ابن شهاب الزهري رفعه مرسلاً قال أكثروا علي من الصلاة في الليلة الغراء واليوم الأزهر فإنهما يؤديان عنكم وإن الأرض لا تأكل أجساد الأنبياء وكل ابن آدم يأكله التراب إلا عجب الذنب أخرجه النميري وفي رواية زاد فيها وما من مسلم يصلي علي إلا حملها ملك حتى يؤديها إلي ويسميه حتى أنه ليقول إن فلاناً يقول كذا وكذا وهو في الشفا لعياض من غير عزو، وعن أيوب السختياني قال بلغني والله أعلم أن ملكاً موكل بكل من صلى على النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى يبلغه النبي - صلى الله عليه وسلم - رواه إسماعيل القاضي بسند صحيح وعن سليمان ابن سحيم قال رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في النوم فقلت يا رسول الله هؤلاء الذين يأتونك فيسلمون عليك اتفقه سلامهم قال نعم وأرد عليهم رواه ابن أبي الدنيا والبيهقي في حياة الأنبياء والشعب كلاهما له ومن طريقه ابن بشكوال وقال إبراهيم بن شيبان حججت فجئت المدينة فتقدمت إلى القبر الشريف فيلمت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيمعته من داخل الحجرة يقول وعليك السلام وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حياتي خير لكم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 165 تحدثوني ونحدث لكم فإذا أنا مت كانت وفاتي خيراً لكم، تعرض علي أعمالكم فإن رأيت خيراً حمدت الله وإن رأيت غير ذلك استغفرت الله لكم أخرجه الحارث في مسنده. في مسند الدارمي إنه لما كان أيام الحرة لم يؤذن في مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - ثلاثاً ولم يقم وإن سعيد بن المسيب لم يبرح مقيماً في المسجد وكان لا يعرف وقت الصلاة إلا بهمهمة يسمعها من قبر النبي - صلى الله عليه وسلم -. وعن أبي الخير الأقطع قال دخلت المدينة وأنا بقاقة فأقمت خمسة أيام ما ذقت ذواقاً فتقدمت إلى القبر الشريف وسلمت على النبي - صلى الله عليه وسلم - وعلى أبي بكر وعمر رضي الله عنهما وقلت أنا ضيفك الليلة يا رسول الله وتنحيت ونمت خلف المنبر فرأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في المنام وأبو بكر عن يمينه وعمر عن شماله وعلي بين يديه فحركني علي وقال قم قد جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقمت إليه وقبلت بين عينيه فدفع إلي رغيفاً فأكلت نصفه وانتبهت فإذا في يدي نصف رغيف. وقال شيرويه سمعت عبد الله بن المكي يقول سمعت أبا الفضل القوماني يقول جاء رجل من خراسان فقال إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في نمامي وأنا في مسجد بالمدينة وقال إذا أتيت همدان فاقرأ على أبي الفضل بن زيرك مني السلام قلت يا رسول الله لماذا قال لأنه يصلي علي في كل يوم مائة مرة أو أكثر، اللهم صل على محمد النبي الأمي وعلى آل محمد، جزى الله محمداً - صلى الله عليه وسلم - عنا ما هو أهله فأخذها عني وحلف أنه ما كان يعرفني ولا يعرف اسمي حتى عرفه له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: فعرضت عليه براً لأني ظننته مستزيداً في قوله فما قبل عني فقال ما كنت لأبيع رسالة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعرض من الدنيا ومضى فما رأيته بعد. ويحكي أن رجلاً يقال له محمد بن مالك قال مضيت إلى بغداد لأقرأ على أبي بكر بن مجاهد المقري فبينما نحن نقرأ عليه يوماً من الأيام وكنا جماعة إذ دخل عليه شيخ وعليه عمامة رثة وقميص رث ورداء رث فقام الشيخ أبو بكر له وأجلسه مكانه واستخبره عن حاله وحال صبيانه فقال له ولد لي الليلة مولود وقد طلبوا من سمنا وعسلا ولم أملك ذرة ذرة قال الشيخ أبو بكر فنمت وأنا حزين القلب فرأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في منامي فقال لي ما هذا الحزن إذهب إلى علي بن عيسى الوزير، وزير الخليفة فاقرأ عليه السلام وقل له بعلامة أنك لا تنام كل ليلة جمعة إلا بعد أن تصلي علي ألف مرة وهذه الجمعة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 166 صلين ليلتها علي سبع مائة مرة ثم جاءك رسول الخليفة فدعاك إليه فمضيت ثم رجعت فصليت علي حتى أتممت ألف مرة، سلم إلى أبي المولود مائة دينار ليستعين بها على مصالحه، قال فقام أبو يكر بن مجاهد المقري مع أبي المولود فمضيا إلى دار الوزير فدخلا عليه فقال الشيخ أبو بكر للوزير هذا الرجل أرسله إليك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقام الوزير وأجلسه مكانه سأله عن القصة فقصها عليه ففرح الوزير وأمر غلامه باخراج بدرة فوزن منها مائة دينار وسلمها لأبي ثم وزن أخرى ليعطيها للشيخ أبي بكر فامتنع من أخذها فقال له الوزير خذها لبشارتك لي بهذا الخبر الصادق فقد كانهذا الأمر سراً بيني وبين الله - عز وجل - وأنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم وزن مائة أخرى وقال له خذها لك ببشارتك بعلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بصلاتي عليه كل ليلة جمعة ثم وزن مائة أخرى وقال لي خذها لتعبك في المجيء إلينا ههنا وجعل يزن مائة بعد مائة حتى وزن ألف دينار فقال له الرجل انا لا آخذ إلا ما أمرني به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وذكر أبو عبد الله بن النعمان أنه سمع عبد الرحيم بن عبد الرحمن بن أحمد يقول أصابني وجع في يدي من وقعة وقعتها في حمام فورمت يدي فبت ليلة متوجعاً فرأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في المنام فقلت يا رسول الله فقال لي أوحشتني صلانك علي يا ولدي فأصبحت وقد زال الورم والوجع ببركته - صلى الله عليه وسلم -. ويحكي عن العتبي أنه قال كنت جالساً عند قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - فجاء إعرابي فقال السلام عليك يا رسول الله سمعت الله يقول: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا} وقد جئتك مستغفراً من ذنبي مستشفعاً إلى ربي وأنشد يقول: يا خير من دفنت بالقاع أعظمه فطاب من طيبهن القاع والأكم نفيي الفداء لقبر أنت ساكنه فيه العفاف وفيه العفاف وفيه الجود والكرم ثم انصرف فحملتني عيناي فرأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في النوم فقال الجزء: 1 ¦ الصفحة: 167 يا عتبي الحق الأعرابي فبشره بأن الله تعالى قد غفر له. ونحوه عند ابن بشكوال من حديث محمد بن حرب الباهلي قال: دخلت المدنية فانتهيت إلى قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - فإذا أعرابي يوضع عن بعيره فأناحه وعقله ثم دخل إلى القبر فيلم سلاماً حسناً ودعا دعاء جميلاً ثم قال بأبي أنت وأمي يا ر سول الله إن الله خصك بوحيه وأنزل عليك الكتاباً وجمع لك فيه علم الأولين والآخرين وقال في كتابه وقوله الحق {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا} وقد أتيتك مقراً بذنبي مستشفعاً بذلك غلى ربك وهو ما وعدك ثم التفت إلى القبر فذكر البيتين وزاد بينهما: أنت النبي الذي ترجى شفاعته عند الصراط إذا مازلت القدم قال ثم ركب راحلته فما أشك إن شاء الله إلا أنه راح بالمغفرة. ونحوه عند البيهقي في شعب الإيمان. (فوائد نختم بها الباب الرابع) [الأولى إن رده مختص بمن سلم عليه حال زياراته أم لا] وهذه فوائد نختم بها الباب الرابع: الأولى: روينا عن أبي عبد الرحمن المقري إن رده - صلى الله عليه وسلم - مختص بمن سلم عليه حال زيارته قلت: وفي ذلك نظر لعموم الحديث المذكور فدعوى التخصيص إلى دليل لا سيما وشواهد هذا المعنى كثيرة وأيضاً كما قيل إذا جوز رده - صلى الله عليه وسلم - على من يسلم عليه من الزائرين لقبره جوز رده على من يسلم عليه من جميع الآفاق انتهى وأنشد بعضهم قوله: الا أيها الفادي إلى يثرب مهلا لتحمل شوقا ما أطيق له حملاً تحمل دعاك الله مني تحية وبلغ سلامي روح من طيبة حلاً وقف عند ذاك القبر في الروضة التي تكون يميناً للمصلى إذا صلى وقم خاضعاً في مهبط الوحي خاشعاً وخفض هناك الصدر وأسمع لما يتلى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 168 وناد سلام الله يا قبر أحمد على جسد لم يبل قبل ولا يبلا تراني أراني عند قبرك واقفاً يناديك عبد ما له غيركم مولى وتسمع عن قرب صلاتي كمثل ما تبلغ عن بعد صلاة الذي صلى أناديك يا خير الخلائق والذي به ختم النبيين والرسلا نبي الهدى لولاك لم يعرف الهدى ولولاك لم نعرف حراماً ولا حلاً ولولاك لا والله ما كان كائن ولم يخلق الرحمن جزأ ولا كلا [الثانية في تحقيق قوله ارمت] الثانية: قوله في الحديث أرمت هو بفتح الهمزة والراء وسكون الميم وفتح التاء المخففة، وزن ضربت قا الخطابي أصله أرمتت أي صرت رميماً فحذفوا إحدى الميمين وهي لغة لبعض العرب كما قالوا ظلت أفعل أي ظللت، في نظائر لذلك كثيرة وقال غيره إنما هو أرمت بفتح الهمزة والراء والميم المشددة وإسكان التاء أي أرمت العظام وقيل أنه يروي بضم الهمزة وكسر الراء وقيل غير ذلك والله أعلم. [الثالثة في تحقيق مقدار كثرة الصلاة] الثالثة قوله أكثروا: قال أبو طالب المكي صاحب القوت أقل ذلك ثلاثماية مرة قلت ولم أقف على مستنده في ذلك ويحتمل أن يكون تلقي ذلك عن أحد من الصالحين إما بالتجارب أو بغيره، أو يكون ممن يرى بأن الكثرة أقل ما يحصل بثلاثماية كما حكوا في المتواتر قولاً إن أقل ما يحصل التواتر ثلثماية عشر وبعضه يكون هنا قد الغي الكسر الزائد على المئتين والعلم عند الله تعالى. [الرابعة كفى بالعبد شرفاً أن يذكر اسمه بالخير بين يدي رسول الله] الرابعة كفى بالعبد شرفاً أن يذكر اسمه بالخير بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقد قيل في هذا المعنى: ومن خطرت منه ببالك خطرة حقيق بأن يسمو وأن يتقدما الجزء: 1 ¦ الصفحة: 169 وقال آخر: أهلاً بما لم أكن أهلاً لوقعه قول المبشر بعد اليسأس بالفرج لك البشارة فاخلع ما عليك فقد ذكرت ثم على ما فيك من عوج قلت وقد أخبرني بعذ الثقات من أصحاب الشيخ أحمد بن رسلان وغيره من الأولياء المعتبرين ختم الله لنا وله بالصالحات أنه رأس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المنام وإنه أحضر إليه هذا الكتاب ووضعه بين يديه وأقره - صلى الله عليه وسلم - على ذلك في منام طويل فتزايد به سروري بذلك وترجيت حصول القبول له من الله تعالى ورسوله ومزيد الثواب في الجارين إن شاء الله تعالى، فأكثر من ذكر نبيك باحسان وأدم الصلاة عليه بالجنان واللسان فإن صلاتك تبلغه وهو في ضريحه واسمك معرضو على روحه - صلى الله عليه وسلم -. [الخامسة في معنى قوله - صلى الله عليه وسلم - لا تجعلوا قبري عيداً] الخامسة قال صاحب سلاح المؤمن قوله عليه الصلاة والسلام لا تجعلوا قبري عيداً يحتمل أن يكون المراد به الحث على كثرة زيارته ولا يجعل كالعيد الذي لا يأتي في العام إلا مرتين ويؤيد هذا قوله - صلى الله عليه وسلم - لا تجعلوا بيوتكم قبوراً، أي لا تتركوا الصلاة في بيوتكم حتى تجعلوها كالقبور التي لا يصلي فيها انتهى، وفي هذا نظر والظاهر أنه - صلى الله عليه وسلم - إنما أشار بذلك إلى ما في الحديث الآخر من نهيه عن إتخاذ قبره مسجداً أو يكون المراد بقوله لا تجعلوا قبري عيداً أي من حيث الإجتماع وقد تقدم في أحاديث الباب ما يقرب من هذا وذكر بعض شراح المصابيح ما نصه في الكرم حذف تقديره لا تجعلوا زيارة قبري عيداً ومعناه النهي عن الاجتماع لزيارته عليه الصلاة والسلام اجتماعهم للعيد وقد كانت اليهود والنصارى يجتمعون لزيارة قبور انبيائهم ويشتغلون باللهو والطرب فنهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أمته عن ذلك وقيل يحتمل أن يكون نهيه عليه الصلاة والسلام لرفع المشقة عن أمته أو لكراهة أن يتجاوزوا في تعظيم قبره غاية التجاوز، قلت والحث على زيارة قبره الشريف قد جاء في عدة أحاديث لو لم يكن منها إلا وعد الصادق المصدوق - صلى الله عليه وسلم - بوجوب الشفاعة وغير ذلك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 170 لزائره لكان كافياً في الدلالة على ذلك وقد أتفق الأئمة من بعد وفاته - صلى الله عليه وسلم - إلى زماننا هذا على أن ذلك من أفضل القربات. وقال شيخ الإسلام أبو الحسن السبكي في شفاء الأسقام له أعنمد جماعة من الأئمة على هذا الحديث يعني ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي الحديث في إستحباب زيارة قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - قال وهو أعتماد صحيح لأن الزائر إذا سلم وقع الرد عليه عن قرب وتلك فضيلة مطلوبة يسرها الله لنا عوداً على بدء وقوله ولا تتخذوا بيوتكم قبوراً واختلف العلماء في معناه فترجم له البخاري كراهة الصلاة في المقابر فدل على أن معناه لا تجهلوها كالمقابر التي تكره الصلاة فيها. وقال غيره بل معناه أجعلوا من صلاتكم في بيوتكم ولا تجعلوها قبوراً لأن العبد إذا مات وصار في قبره لم يصل ولم يعمل وهذا هو الظاهر وقال ابن الأثير أنه أوجه وسبقه ابن قرقول فقال في المطالع أنه أولى لقوله في الحديث الآخر أجعلوا من صلاتكم في بيوتكم ولا تتخذوها قبوراً وقد قال ابن التيمن تأوله البخاري على كراهة الصلاة في المقابر وتأوله جماعه على أنه إنما فيه الندب إلى الصلاة في البيوت إذا الموتى لا يصلون كأنه قال لا تكونوا كالموتى الذين لا يصلون في بيوتهم وهي القبور إلى أخر كلامه. ويحتمل أيضاً أن المراد النهي عن دفن الموتى في البيوت وقواه شيخنا وقال أنه ظاهر لفظ الحديث لكن قال الخطابي أنه ليس بشيء فقد دفن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيته الذي كان يسكنه أيام حياته وتعقبه الكراماني بأن ذلك من خصائصه وأشار إلى ما ورد، ما قبض نبي إلا دفن حيث يقبض، وقال الخطابي أيضاً يحتمل أن المراد لا تجعلوا بيوتكم وطناً للنوم فقط لا يصلون فيها فإن النوم أخو الموت والميت لا يصلي، وقال التوريشي مع ذكر الإحتمالات الثلاثة السابقة يحتمل أيضاً أن يكون المراد أن من لم يصل في بيته جعل نفيه كالميت وبيته كالقبر انتهى وقد ورد ما يؤيد هذا ففي صحيح مسلم مثل البيت الذي يذكر الله فيه. والبيت الذي لا يذكر الله فيه كمثل الحي والميت والله أعلم. [السادسة: رسول الله جي على الدوام] يؤخذ من هذه الأحاديث أنه - صلى الله عليه وسلم - حي على الدوام وذلك أنه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 171 محال عادة أن يخلو الوجود كله من واحد يسلم عليه في ليل ونهار ونحن نؤمن ونصدق بأنه - صلى الله عليه وسلم - حي يرزق في قبره وأن جسده الشريف لا تأكله الأرض، والإجماع على هذا، وزاد بعض العلماء، الشهداء والمؤذنين وقد صح أنه كشف عن غير واحد من العلماء والشهداء فوجدوا لم تتغير أجسامهم حتى الحنا وجدت في بعضهم لم يتغير عن حالها والأنبياء أفضل من الشهداء جزماً قلت وقد جمع البيهقي جزأ في حياة الأنبياء في قبورهم وأستدل بغالب ما تقدم وبحديث أنس، الأنبياء أحياء في قبورهميصلون أخرجه من طريق يحيى بن أبي بكير وهو من رجال الصحيح عن المستلم بن سعيد وقد وثقه أحمد وابن حبان عن الحجاج ابن الأسود وهو ابن أبي زياد البصري وقد وثقه أحمد وابن معين عن ثابت البناني عنه وأخرجه أيضاً أبو يعلي في مسنده من هذا الوجه وكذا البزار لكن وقع عنده عن حجاج الصواف وهو وهو والصواب حجاج بن الأسود كما صرح البيهقي في روايته وصححه البيهقي وأخرجه أيضاً من طريق الحسن بن قتيبة عن المستلم وكذا أخرجه البزار وابن عدي والحسن ضعيف وأخرجه البيهقي أيضاً من رواية محمد ابن عبد الرحمن بن أبي ليلى أحد فقهاء الكوفة عن ثابت بلفظ آخر قال إن الأنبياء لا يتركون قبورهم بعد أربعين ليلة ولكنهم يصلون بين يدي الله حتى ينفخ في الصور، ومحمد سيء الحفظ. وذكر الغزالي ثم الرافعي حديثاً مرفوعاً انا كرم على ربي من أن يتركني في قبري بعد ثلاث ولا أصل له، إلا أن أخذ من رواية ابن أبي ليلى هذه وليس الأخذ بجيد كما قاله شيخنا لأن رواية ابن أبي ليلى قابلة للتأويل. قال البيهقي إن صح فالمرؤاد إنهم لا يتركون يصلون إلا هذا القدر ثم يكونون مصلين بين يدي الله قال وشاهد الحديث الأول ما ثبت في صحيح مسلم من رواية حماد بن سلمة عن أنس رفعه مررت بموسى ليلة اسرى بي عند الكثيب وهو قائم يصلي في قبره وأخرجه أيضاً من وجه آخر عن أنس فإن قيل: هذا خاص بموسى قلنا قد وجدنا له شاهداً من حديث أبي هريرة أخرجه مسلم أيضاً من طريق عبد الله بن الفضل عن أبي سلمة عن أبي هريرة رفعه لقد رأيتني في الحجر وقريش تسألني عن معنى الحديث وفيه وقد رأيتني في جماعة من الأنبياء فإذا موسى قائم يصلي فإذا رجل ضرب جعد كأنه رجل من أزدشنئوة وفيه إذا عيسى بن مريم قائم يصلي أقرب الناس به شبهاً عروة بن مسعود وإذا إبراهيم قائم يصلي اشبه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 172 الناس به صاحبكم فحانت الصلاة فأمنتهم قال البيهقي وفي حديث سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أنه لقيهم ببيت المقدس. وفي حديث أبي ذر ومالك بن صعصعة في قصة المعراج أنه لقيهم في جماعة من الأنبياء بالسموات فكلمهم وكلموه وكل ذلك صحيح لا يخالف بعضه فقد يرى موسى عليه السلام قائماً يصلي في قبره ثم يسري بموسى وغيره إلى بيت المقدس كما أسرى نبينا فيراهم فيه ثم يعرج بهم إلى السموات كما عرج نبينا فيراهم فيها كما أحبر قال وحلولهم في أوقات مختلفة جائز في العقل كما ورد به خبر الصادقوفي كل ذلك دلالة على حياتهم انتهى. ومن أدلة ذاك أيضاً قوله تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} فإن الشهادة حاصلة له - صلى الله عليه وسلم - على أتم الوجوه لأنه شهيد الشهداء. وقد صرح ابن عباس وابن مسعود وغيرهما - رضي الله عنهم - بأنه - صلى الله عليه وسلم - مات شهيداً والله الموفق. وعن الحسن البصري مرفوعاً لا تأكل الأرض جسد من كلم روح القدس وهو مرسل حسن فإن قلت فقوله إلا رد الله علي روحي لا يلتئم مع كونه حياً على الجوان بل يلزم منه أن تتعدد حياته ووفاته في أقل من ساعة إذ الوجود لا يخلو من مسلم يسلم عليه كما تقدم بل يتعدد السلام عليه في الساعة الواحدة كثيراً، فالجواب كما قال الفاكهاني وغيره أن نقول المراد بالروح هنا النطق مجازاً فكأنه - صلى الله عليه وسلم - قال الا يرد الله إلى نطقي وهو صلى الله عليه وسلم حي على الدوام لكن لا يلزم من حياته النطق فالله سبحانه وتعالى يرد عليه النطق عند سلام كل مسلم عليه وعلاقة المجاز أن النطق من لازمه وجود الروح كما أن الروح من لازمه وجود النطق بالفعل أو القوة فعبر - صلى الله عليه وسلم - بأحد المتلازمين عن الأخر. ومما يحقق ذلك أن عود الروح لا يكون إلا مرتين بدليل قوله تعالى: {رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ} ، وكمت قالوا أيضاً في قوله: "يغان على قلبي أنه ليس المراد به وسوسة ولا ريث وإن كان أصل الغين ما يتغشى القلب ويغطيه" إنما أشار بذلك إلى ما يحصل له من السهو والفترة عن مداومة الذكر، ومشاهدة الحق بما كلفه من أعباء أداء الرسالة وحمل الأمانة مع ملازمة طاعة ربه وعبادة خالقه في ذلك كله كما بسطه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 173 عياض في الشفا وأجاب البيهقي بما حاصله أن المعنى ألا وقد رد الله علي روحي، يعني أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عقب ما مات ودفن رد الله عليه روحه لأجل سلام من يسلم عليه، وأستمرت في جسده - صلى الله عليه وسلم - إلا أنها تعاد ثم تنزع ثم تعاد، وأجاب بعض العلماء بتسليم ظاهره لكن بدون فزع ولا مشقة. وقال غيره أن المراد بالروح الملك الموكل بذلك. وأجاب السبكي الكبير بجواب آخر حسن جداً فقال يحتمل أن يكون رداً معنوياً وأن تكون روحه الشريفة مشتغلة بشهود الحضرة الإلهية والملأ الأعلى عن هذا العالم فإذا سلم عليه أقبلت روحه الشريفة على هذا العالم ليدرك سلام من يسلم عليه ويرد عليه، وحينئذ فقد حصلنا على خمسة أجوبة في ثالثها وقفة وقد استشكل الأخير من جهة أخرى وهو يستلزم استغراق الزمان كله في ذلك لاتصال الصلاة عليه والسلام في أقطار الأرض ممن لا يحصى كثرة، وأجيب بأن أمور الآخرة لا تدرك بالعقل، وأحوال البرزخ أشبه بأحوال الآخرة والله أعلم. [السابعة في معنى في أثر ابن شهاب] السابعة قوله في معنى في أثر ابن شهاب يؤديان عنكم هو بكسر الدال المهملة المشدةة أي أن الليلة واليوم يؤديان ذلك عنكم، وقوله فيه أنه بكسر الهمزة والله أعلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 174 الباب الخامس: في الصلاة عليه في أوقات مخصوصة في الصلاة عليه - صلى الله عليه وسلم - في أوقات مخصوصة كالفراغ من الوضوء والتيمم والغسل من الجنابة والحيض وفي الصلاة وعقبها وعند اقامتها وأكدها بعد الصبح والمغرب وفي التشهد والقنوت وعند القيام للتهجد وبعده والمرور بالمساجد ورؤريتها ودخولها والخروج منها وبعد إجابة المؤذن وفي يوم الجمعة وليلتها والسبت والأحد والإثنين والثلاثاء وخطبة الجمعة والعيدين والاستسقاء والكسوفين وفي أثناء تكبيرات العيد والجنازة وعند إدخال الميت القبر وفي شهر شعبان وعند رؤية الكعبة وفوق الصفا والمروة وعند الفراغ من التلبية واستلام الحجر، والملتزم وفي عشية عرفة ومسجد الخيف وعند رؤية المدينة وزيارة قبره ووداعه ورؤية آثاره الشريفه ومواطئه ومواقفه مثل بدر وعند الذبيحة والبيع وكتابة الوصية والخطبة للتزوج، وفي طرفي النهار وعند اراردة النوم والسفر وركوب الدابة ولمن قل نومه وعند الخروج إلى السوق أو الجعوة ودخول المنزل وإفتتاح الرسائل وبعد البسملة وعند الهم والكرب والشدائد والفقر والطاعون وفي أول الدعاء وأوسطه وآخره وعند طنين الأذن وخدر الرجل والعطاس والنسيان، واستحسان الشيء وأكل الفجل ونهيق الحمير، والتوبة من الذنب وما يعرض من الحوائج وفي الأحوال كلها ولمن أتهم وهو بريء وعند لقاء الأخوان وتفرق القوم وعند اجتماعهم وختم القرآن ولحفظه وعند القيام من المجلس وفي كل موضع يجتمع فيه لذكر الله وافتتاح كل كلام وعند ذكره ونشر العلم وقراءة الحديث الجزء: 1 ¦ الصفحة: 175 والإفتاء والوعظ وكتابه اسمه وثواب كتابتها وما قيل فيمن أغفله وغير ذلك من الفوائد المهمة - صلى الله عليه وسلم - تسليماً. (بعد الفراغ من الوضوء) فأما بعد الفراغ من الوضوء فقد نقله النووي في الأذكار عن الشيخ نصر ولم يذكر في ذلك حديث وقد جاء عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا فرغ أحدكم من طهوره فليقل لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله ثم ليصل علي فإذا قال ذلك فتحت له أبواب الرحمة رواه أبو الشيخ الحافظ في كتاب الثواب وفضائل الأعمال له ومن طريقه أبو موسى المديني وفي سنده محمد بن جابر، وقد ضعفه غي واحد، وقال البخاري ليس بالقوي يتكلمون فيه روى مناكير انتهى وقد رويناه في الترغيب للتيمي بسند ليس فيه محمد لكنه ضعيف أيضاً ولفظه إذا تطهر أحدكم فليذكر اسم الله فإنه يطهر جسده كله وإن لم يذكر أحدكم اسم الله على طهوره لم يطهر منه إلا ما مر عليه الماء فإذا فرغ أحكم من طهوره فليشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله ثم ليصل علي فإذا قال ذلك فتحت له أبواب الرحمة. وقد أخرجه الدارقطني والبيهقي وقالا ضعيف ورواه الحافظ أبو بكر الإسماعيلي في جمعه لحديث الأعمش بلفظ إلا أنه قال وأن محمداً رسول الله ويصلي علي، وفي سنده عمرو بن شمر وهو متروك، قال أبو موسى وهذا الحديث مشهور له طرق عن عمر بن الخطاب وعقبة بن عامر وثوبان وأنس لكن بدون الصلاة: قلت وجاء أيضاً عن عثمان بن عفاف ومعاوية بن قرة عن أبيه عن جده والبراء بن عازب وعلي بن أبي طالب وكلاهما في الدعوات للمستغفري وأبي سعيد الخدري والله أعلم. وعن سهل بن سعد - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لا وضوء لمن لم يصل على النبي - صلى الله عليه وسلم - رواه ابن ماجه وابن أبي عاصم وسنده ضعيف وسيأتي، وفي بعض طرقه من الزيادة لا صلاة لمن لا وضوء له ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه انتهى. ومعناه لا وضوء كامل الفضيلة والتسمية الجزء: 1 ¦ الصفحة: 176 أبي بكر بن محمد بن عمر قال كنت عند أبي بكر بن مجاهد فجاء الشبلي فقام إليه أبو بكر بن مجاهد فعانقه وقبل بين عينيه، وقلت له يا سيدي تفعل بالشبلي هكذا وأنت وجميع من ببغداد يتصوران أو قال يقولون أنه مجنون فقال لي فعلت كما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعل به وذلك أني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المنام وقد أقبل الشبلي فقام إليه وقبل بين عينيه فقلت يا رسول الله أتفعل هذا بالشبلي فقال هذا يقرأ بعد صلاته لقد جاءكم رسول من أنفيكم إلى آخر السورة ويتبعها بالصلاة علي وفي رواية لأنه لم يصل صلاة فريضة إلا ويقرأ {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ} الآية، ويقول ثلاث مرات صلى الله عليك يا محمد، صلى الله عليك يا محمد، صلى الله عليك يا محمد، قال فلما دخل الشبلي سألته عما يذكر في الصلاة فذكر مثله، وهي عند ابن بشكوال من طريق أبي القاسم الخفاف قال كنت يوماً اقرأ القرآن على رجل يكني أبا بكر وكان ولياً لله فإذا بأبي بكر الشبلي قد جاء إلى رجل يكني بأبي الطيب كان من أهل العلم فذكر قصة طويلة وقال في آخرها: ومشى الشبلي إلى مسجد أبي بكر بن مجاهد فدخل عليه فقام إليه فتحدث أصحاب ابن مجاهد بحديثهما وقالوا له أنت لم تقم لعلي بن عيسى الوزير وتقوم للشبلي فقال ألا أقوم لمن يعظمه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في النوم فقال لي يا أبا بكر إذا كان في غد فييدخل عليك رجل من أهل الجنة فإذا جاءك فأكرمه قال ابن مجاهد فلما كان بعد ذلك بليلتين أو أكثر رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في المنام فقال لي يا أبا بكر أكرمك الله كما أكرمت رجلاً من أهل الجنة، فقلت يارسول الله لم أستحق الشبلي هذا منك فقال هذا رجل يصلي خمس صلوات يذكر في أثر كل صلاة ويقرأ {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ} الآية، يقول ذلك منذ ثمانين سنة أفلا أكرم من يفعل هذا؟ قلت ويستأنس هنا بحديث أبي إمامه - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال من دعا بهؤلاء الجعوات في دبر كل صلاة مكتوبة حلت له الشفاعة مني يوم القيامة، اللهم أعط محمداً الوسيلة وأجعل في المصطفين محبته وفي العالمين درجته وفي المقربين داره رواه الطبراني في الكبير وفي سنده مطرح بن يزيد وهو ضعيف, وأما عند إقامة الصلاة فعن الحسن البصري قال من قال مثل ما يقول المؤذن فإذا قال المؤذن قد قامت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 177 الصلاة قال اللهم رب هذه الدعوة الصادقة والصلاة القائمة صل على محمد عبدك وروسلك وأبلغه درجة الوسيلة في الجنة، دخل في شفاعة محمد صلى الله عليه وسلم أو نالته شفاعة محمد - صلى الله عليه وسلم - رواه الحسن بن عرفة والنميري. وعن يوسف بن اسباط قال بلغني أن الرجل إذا أقيمت الصلاة فلم يقل اللهم رب هذه الدعوة المستمعة المستجاب لها صل على محمد وعلى آل محمد وزوجنا من الحور العين، قلن حور العين ما كان أذهدك فينا رواه الجينوري في المجالسة والنميري. وسيأتي حديث أبي الدرداء مرفوعا، وحديث أبي هريرة موقوفا في الأذان قريباً. (وأما عقب الصبح والمغرب) وأما عقب الصبح والمغرب فعن جابر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من صلى علي مائة صلاة حين يصلي الصبح قبل أن يتكلن قضى الله تعالى له مائة حاجة، يعجل له منها ثلاثين ويدخر له سبعين، وفي المعرب مثل ذلك قالوا وكيف الصلاة عليك يا رسول الله قال: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} اللهم صل على محمد حتى يعد مائة رواه أحمد بن موسى الحافظ بسند ضعيف وقد تقدم باختصار في الباب الثاني. وعن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى بعض مغازيه واستعملني على من بقي في المدينة فقال أحسن الخلافة يا علي واكتب بخبرهم إلى فلبثت خمسة عشراً يوماً ثم انصرف فلقيته فقال لي يا علي أحفظ عني خصلتين أتاني بهما جبريل عليه السلام، أكثر الصلاة بالسحر والاستغفار بالمغرب لأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإن السحر والمغرب شاهدان من شهود الرب - عز وجل - على خلقه ذكره ابن بشكوال بسند ضعيف. (وأما الصلاة عليه في التشهد) وأما الصلاة عليه في التشهد فقد تقد في الباب الأول أحاديث كعب وابن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 179 مسعود وأبي مسعود وهي من الأدلة هنا، وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعلمنا التشهد التحيات الطيبات الزاكيات لله السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله ثم يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - رواه الدارقطني وغيره من طريق موسى بن عبيدة الزبذي وهو ضعيف، وأصل الحديث بدون الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - في سنن أبي داود وغيرها وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه سئل عن تفيير التحيات لله قال الملك له والصلوات، صلاة كل من صلى عليه والطيبات من الأعمال التي تعكل لله. السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته من الله علينا أن نصلي على نبينا ونسلم عليه تسليماً - صلى الله عليه وسلم - وفير باقي ذلك أخرجه لبن بشكوال بسند ضعيف. وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال يتشهد الرجل في الصلاة ثم يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم يدعو لنفيه بعد. أخرجه سعيد بن منصور وأبو بكر بن أبي شيبة والحاكم وسنده صحيح قوي وعنه أيضاً - رضي الله عنه - قال كنت أصلي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر وعمر معه فلما أحست بدأت بالثناء على الله ثم بالصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم دعوت لنفيي فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: سل تعطه، أخرجه الترمذي بسند حسن أو صحيح. وعنه أيضاً قال لا صلاة لمن لم يصل فيها على النبي - صلى الله عليه وسلم - ذكره ابن عبد البر عنه في التمهيد وحكاه غيره أيضاً. وعن بريدة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يا بريدة إذا جلست في صلاتك فلا تتركن الصلاة علي فإنها زكاة الصلاة، وسلم علي وسلم على جميع أنبياء الله ورسله وسلم على عباد الله الصالحين رواه الدارقطني بسند ضعيف، وعن مقاتل بن حيان في قوله تعالى: {يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ} قال اقامتها المحافظة عليها وعلى أوقاتها والقيام فيها والركوع والسجود والتشهد والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - في التشهد الأخير أخرجه النميري وحكاه البيهقي في شعب الإيمان. وعن الشعبي وهو من كبار التابعين واسمه عامر بن شراحيل قال كنا نعلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 180 التشهد فإذا قال وأشهد أن محمداً عبده ورسوله يحمد ربه ويثني عليه ثم يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم يسأل حاجته أخرجه البيهقي في الخلافيات بسند قوي وعنده أيضاً عنه من لم يصل على النبي - صلى الله عليه وسلم - في التشهد فليعد صلاته وقال لا تجزي صلاته، وقال عقبة هذا عن الشعبي يبطل قولهم إن العلماء لا يقولون في هذه المسألة بوجوب الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - نحو مذهبهم وروينا عن الحجاج بن ارطأة عن أبي جعفر محمد بن علي بن حسين معنى ما رويناه عن الشعبي قلت وسيأتي الإشارة إلى خبر أبي جعفر في كلام الدارقطني قريباً وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول لا صلاة إلا بطهور وبالصلاة علي أخرجه الجارقطني والبيهقي عن مسروق عنها وفيه عمرو بن شمر وهو متروك رواه عن جابر الجعفي وهو ضعيف وقج اختلف عليه فقيل عنه عن أبي جعفر عن أبي مسعود وسيأتي قريباً. وعن سهل بن سعد - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لا صلاة لمن لم يصل على نبيه - صلى الله عليه وسلم - ولا صلاة لمن لم يحب الأنصار. أخرجه ابن ماجه والدارقطني في سننهما والطبراني في معجمه والمعمري ومن طريقه ابن بشكوال والحاكم في مستدركه وقال ليس هذا الحديث على شرطهما لأنهما لم يخرجا لعبد المهيمن انتهى وقال الرارقطني عقب تخريجه علد المهيمن ليس بالقوي قلت وقد أخرجه الطبراني وأبو موسى المديني من رواية أخيه أبي بن عباس بن سهل عن أبيه عن جده وصححه المجد الشيرازي وفي ذلك نظر لأنه إنما بعرف من رواية عبد المهيمن والعلم عند الله تعالى. وعن أبي مسعود الأنصاري البدري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من صلى صلاة لم يصل فيها علي وعلى أهل بيتي لم تقبل منه أخرجه الدارقطني والبيهقي من طريق جابر الجعفي وقالا ضعيف. وقد روى عن أبي مسعود موقوفاً قال لو صليت صلاة لا أصلي فيها على آل محمد ما رأيت أن صلاتي تتم أخرجاه أيضاً من طريق جابر كذلك وصوب الجارقطني وقفه فقال الصواب أنه من قول أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين، قلت وقد رواه جابر الجعفي فجعله من حديث عائشة كما تقدم والله أعلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 181 وعن فضاله بن عبيد - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سمع رجلا يدعو في صلاته لم يحمد الله ولم يصل على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عجل هذا، ثم دعاه فقال له أو لغيره إذا صلى أحدكم فليبدأ بتحميد ربه والثناء عليه ويصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم يدعو بعد ما شاء أخرجه أبو داود والترمذي وصححه وكذا ابن خزيمة ابن حبان والحاكم وقال هو على شرط مسلم وفي موضع آخر على شرطهما ولا أعرف له علة وأخرجه النسائي ولفظه فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عجل هذا المصلي ثم أعلمهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم سمع رجلا يصلي فمجد الله وحمده وصلى على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال ادع الله تجب، سل تعطه، للترمذي سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلاً يدعو في صلاته فلم يصل على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - عجل هذا ثم دعاه فقال له أو لغيره إذا صلى أحدكم فليبدأ بتحميد الله والثناء عليه ثم ليصل على النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم ليدع بعده بما شاء وله في رواية أخرى وهو عند الطبراني أيضاً وابن بشكوال ورجاله ثقات لكن فيهم رشيد بن سعد وحديثه مقبول في الرقائق قال بينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قاعجاً إذ دخل رجل فصلى فقال اللهم اغفر لي وأرحمني فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - عجلت أيها المصلي إذا صليت فقعدت فاحمد اله بما هو أهله ثم صل علي ثم أدعه. قال ثم صلى رجل آخر بعد ذلك فحمد الله وصلى على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - أيها المصلي أدع تجب، وفي رواية سل تعطه، قلت ولم أقف على تسميه هذا الرجل والعلم عند الله تعالى. وعن عقبة بن نافع قال صليت مع ابن عمر - رضي الله عنهما - الظهر والعصر فإذا هو يهمس في القراءة فقلت يا أبا عبد الرحمن أنك لتفعل في صلاتك شيء ما نفعله قال ما هو قلت تهمس في القراءة ونحن نصلي على أئمة لا يقرؤون فقال ابن عمر من يصلي معهم؟ فاعلمه أن لا تكون صلاة إلا بقراءة وتشهد وصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - فإن نسيت من ذلك شيئاً فاسجد سجدتين بعد السلام أخرجه الحسن بن شبيب المعمري في عمل اليوم والليلة له ومن طريقه ابن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 182 بشكوال بسند جيد. وعن طلحة بن مصرف أنه كان يذكر بعج التشهيد: اعبد الله ربي ولا اشرك به شيئاً الله ربي وأنا عبده رب أجعلني من الشاكرين والحمد لله رب العالمين أدعو الله أو أدعو الرحمن وأدعوك باسمائك الحسنى كلها لا إله إلا أنت سبحانك أن تصلي على محمد وعلى آله محمد كما صليت على إبراهيم إنك حميد مجيد والسلام عليه ورحمة الله، رب أسالك رضوانك والجنة، رب أرض عني وأرضني وأدخلني الجنة وعرفها إلى رب أغفر لي ذنوبي الكثيرة رب أغفرلا لي ذنوبي جميعها وتب علي وقني عذاب النار رب ا {حم والدي كما ربياني صغيراً، رب اغفر لي وللمؤمنين والمؤمنات يوم يقوم الحساب إنك تعلم منقلبهم ومثواهم أخرجه النميري. (حكم الصلاة على النبي في التشهد الأول) تنبيه: قد أسلفنا الكلام في المقدمة على حكم الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - في التشهد الأخير وبقي الكلام في التشهد الأول وقد اختلف فيه أيضاً، فقال الشافعي في الأم، يصلي عليه في التشهد الأول وهذا هو المشهور من مذهبه وهو الجديد لكنه مستحب وليس بواجب وقال في القديم لا يزيد على التشهد وهذه رواية المزني عنه وصححه كثير من أصحابه وبهذا قال أحمد وأو حنيفة ومالك وغيرهم وأحتج القائلون بالأول بعموم الأحاديث المتقدمة وبأن في الآية دليلاً على اجتماع الصلاة والتسليم دون إفراد أحدهما ومعلوم أن المصلي يسلم على النبي - صلى الله عليه وسلم - فتشرع له الصلاة عليه لكن في هذا نظر مضى توجيهه أيضاً في المقدمة. وأحتج القائلون بالثاني بأن تخفيف التشهد الأول مشروع فقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه كأنه على الرضف ولم يثبت عنه أنه فعل ذلك ولا علمه الأمة ولا يعرف احداً من الصحابه استحبه بل روى أحمد وابن خزيمة من حديث ابن مسعود أن النبي - صلى الله عليه وسلم - علمه التشهد فكان يقول إذا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 183 جلس في وسط الصلاة وفي آخرها على وركه اليسرى: التحيات إلى قوله عبده ورسوله قال ثم إن كان فيوسط الصلاة نهض يفرغ من تشهده وإن كان في آخره دعا بعد تشهده بما شاء الله أن يدعو ثم يسلم وأيضاً فأدلة المخالفين ضعيفة وعلى تقدير صحتها كأن يلزمهم القول بوجوبها فيه كالأخير ولم يقولوا به. وقد حكى البيهقي في شعب الإيمان عن الحليمي أنه قال قد تظافرت الأخبار بوجوب الصلاة عليه كلما جرى ذكره، فإن كان ثبت إجماع تلزم الحجة بمثله على أن ذلك فرض وإلا فهو فرض على الذاكر والسامع قال وخرجها في التشهد الأول عند ذكره على وجهين أحدهما الوجوب لأجل ذكره لا لأجل الصلاة، والثاني أن يقال الصلاة حالة واحدة فإذا ذكر المصلي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يصل عليه حتى تشهد في آخر الصلاة فصلى عليه أجزاه ذلك عن الغرض وعما مضى والله المستعان. (الصلاة على النبي في القنوت) وأما الصلاة عليه في القنوت فقد أستحبه الشافعي ومن تابعه قال الرافعيفي استحبابها وجهان أحدهما لا لأن الأخبار لم ترد بها وهو اظهرها وبه قال الشيخ. أبو محمد نعم، قلت: وجاء في ذلك حديث لكنه مقيد بقنوت الوتر فنقل إلى الفجر قياساً كما نقل أصل الدعاء إلى الفجر، ولفظه عن الحسن بن علي - رضي الله عنه - عنهما قال علمني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هؤلاء الكلمات في الوتر قال: قل اللعم أهدني فيمن هديت وبارك لي فيما أعطيت وتولني فيمن توليت وقني شر ما قضيت فإنك تقضي ولا يقضى عليك وأنه لا يذل من واليت تباركت ربنا وتعاليت وصلى الله على النبي، أخرجه النسائي وسنده صحيح أو حسن كما قاله النووي في شرح المهذب لكن قد رده بأنه منقطع مع ما فيه من الاختلاف على رواية كما بين في موضع غير هذا وقد وهم المحب الطبري في الأحكام فعزا هذا الحديث إلى النسائي بلفظ وصلى الله على المبي محمد ولم يوجد فيه إلا ما تقدم، وفي رواية أخرى بدون ذكر الصلاة قال النووي في الأذكار وغيره، ويستحب أن يقول عقب هذا الدعاء يعني القنوت اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وسلم وانتهى. ولم يذكر - رضي الله عنه - لذلك دليلاً، نعم لما ذكر الرافعي رحمه الله هذا الحديث ساقه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 184 بلفظ وصلى الله على النبي وآله وسلم ولم يوجد بهذا اللفظ في شيء من كتب الحديث فينظر في ذلك نعم يشهد له حديث كيف نصلي عليك ولله الحمد. والصلاة عليه - صلى الله عليه وسلم - أيضاً مستحبة في قنوت رمضان لما روي ابن وهب من طريق عبد الرحمن بن عبد القادر أن عمر خرج ليلة في رمضان وأنه خرج معه فطاف في المسجد وأهل المسجد وزاع متفرقون يصلي الرجل لنفيه ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط فقال عمر - رضي الله عنه - والله لأظن لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد يكون أمثل ثم عزم على ذلك وأمر أبي بن كعب أن يقوم بهم في رمضان فخرج عليهم والناس يصلون قارئهم فقال عمر نعمت البدعة هذه والتي تنامون عنها أفضل من التي تقومون يريد آخر الليل وكان الناس يقومون أوله وقال كانوا يلعنون الكفرة يقولون اللهم قاتل الكفرة الذين يصدون عن سبيلك ويكذبون رسلك ولا يؤمنون بوعدك وخالف بين كلمتهم والتي في قولهم الرعب والق عليهم رجزك وعذابك اله الحق ثم يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم يدعو للمسلمين ما استطاع من خير ثم يستغفر للمؤمنين قال وكان يقول إذا فرغ من لعنة الكفرة وصلاته على النبي - صلى الله عليه وسلم - واستغفاره للمؤمنين ومسألته اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى نحفو نرجو رحمتك ونخاف عذابك الجد، إن عذابك بمن عاقبت ملحق ثم يكبر ويهوي ساجداً وعن معاذ أبي حليمة القارئ إنه كان يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - في القنوت رواه إسماعيل القاضي ومحمد بن نصر المروزي وغيرهما. (عند القيام بصلاة الليل من النوم) وأما عند القيام لصلاة الليل من النوم فعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال يضحك الله إلى رجلين رجل لقي العدو وهو على فرس من أمثل خيل أصحابه فانهزموا وثبت فإن قتل استشهد وإن بقي فذاك الذي يضحك الله إليه، ورجل قام في جوف الليل لا يعلم به أحد فتوضأ وأسبغ الوضوء ثم حمد الله ومجده وصلى على النبي - صلى الله عليه وسلم - واستفتح القرآن فذاك الذي يضحك الله إليه يقول الجزء: 1 ¦ الصفحة: 185 انظروا إلى عبدي قائماً لا يراه أحد غيري أخرجه النسائي في عمل اليوم والليلة وعبد الرزاق بسند صحيح. وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه قال من قام من الليل فتوض فأحسن الوضوء ثم كبر عشراً وسبح عشراً وتبرأ من الحول والقوة على ذلك ثم صلى على النبي - صلى الله عليه وسلم - فأحسن الصلاة لم يسأل الله تعالى شيئاً إلا أعطاه إياه من الدنيا والآخرة أخرجه عبد الملك بن حبيب ولم أقف على سنده. (بعد الفراغ من التهجد) وأما بعد الفراغ من التهجد فيرى مما لم اقف على سنده أن علي بن عبد الله بن عباس كان إذا فرغ من صلاته بالليل حمد الله وأثنى عليه ثم يصلى على النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم يقول اللهم إني أسالك بأفضل مسألتك وبأحب اسمائك إليك وأكرمها عليك وبما مننت به علينا محمد نبينا - صلى الله عليه وسلم - واستقذتنا به من الضلالة وأمرتنا بالصلاة عليه وجعلت صلاتنا عليه درجة وكفارة ولطفاً ومنا من عطائك فادعوك تعظيماً لأمرك وإتباعاً لوصيتك وتنجيز الموعودك بما يجب لنبينا - صلى الله عليه وسلم - علينا من اداء حقه قبلنا وأمرت العباد بالصلاة عليه فريضة افترضتها فنسألك بجلال وجهك ونور عظمتك أن تصلي أنت وملائكتك علىى محمد عبدك ورسولك ونبيك وصفيك أن تصلى ألإضل ما صليت به على أحد من خلقك إنك حميد مجيد اللهم أرفع درجته وأكرم مقامه وثقل ميزانه وأجزل ثوابه وأفلج حجته وأظهر ملته وأضئ نوره وأدم ذريته وأهل بيته ما تقر به عينه وعظمه في النبيين الذين خلوا قبله اللهم أجعل محمداً أكثر النبيين تبعاً وأكثر ازراً وأفضلهم كرامة ونوراً وأعلاهم درجة وأفيحهم في الجنة منزلاً وأفضلهم ثواباً مجلساً واثبتهم مقاماً وأصوبهم كلاماً وأنجحهم مسألة وأفضلهم لديك نصيباً وأعظمهم فيما عندك رغبة، وأنزله في غرفة الفردوس من الدرجات العلى، اللهم اجعل محمداً أصدق قائل وأنجح سائل وأول شافع وأفضل مشفع وشفعه في أمته شفاعة يغبطه بها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 186 الآولون والآخرون وإذا ميزت بين عبادك لفصل القضاء إجعل محمداً في الأصدقين قليلا والأحسنين عمل وفي المهذبين سبيلا اللهم إجعل نبينا لنا فرطاً وحوضه لنا مورداً اللهم احشرنا في زمرته واستعملنا بسنته وتوفنا على ملته وإجعلنا في زمرته وحزبه، اللهم واجمع بيننا وبينه كما آمنا به ولم نره ولا تفرق بيننا وبينه حتى تدخلنا مدخله وتجعلنا من رفقائه مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً، اللهم صلى على محمد نور الهدى والقائد إلى الخير والداعي إلى الرشد نبي الرحمة وأمام المتقين ورسول رب العالمين كما بلغ رسالاتك وتلاياتك ونصح لعبادك وأقام حدودك ووفا بعهدك وانفذ حكمك وأمر بطاعتك ونهى عن معاصيك ووالي وليك الذي تحب أن تواليه وعادي عدوك الذي تحب أن تعادي به عدوك وصلى الله على محمد اللهم صل على جسده في الأجساد وعلى روحه في الأرواح وعلى موقفه في المواقف وعلى مشهده في المشاهد وعلى ذكره إذا ذكر صلاة منا على نبينا اللهم أبلغه منا السلام كلما ذكروا السلام على النبي ورحمة الله وبركاته اللهم صل على ملائكتك المقربين وعلى أنبيائك المطهرين وعلى رسلك المرسلين وعلى حملة عرشك أجمعين وعلى جبريل وميكائيل وملك الموت ورضوان ومالك وصل على الكرام الكاتبين وعلى أهل بيت نبيك صلى الله عليه وسلم أفضل ما آتيت أحداً من أهل بيوت المرسلين وأجز أصحاب نبيك - صلى الله عليه وسلم - أفضل ما جزيت أحداً من أصحاب المرسلين اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات ولأحواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم. وعن سعيد بن هشام أن عائشة رضي الله عنها قالت كما نعد لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - سواكه وظهوره فيبعثه الله عز وجل لما شاء أن يبعثه من الليل فيستاك ويتوضأ ويصلي تسع ركعات لا يجلس فيهن إلا عند الثامنة ويحمد الله ويصلي على نبيه - صلى الله عليه وسلم - ويدعو بينهن ولا يسلم ثم يصلي التاسعة ويقعد وذكر كلمة نحوها ويحمد الله ويصلي على نبيه - صلى الله عليه وسلم - ويدعو ثم يسلم تسليماً يسمعنا ثم يصلي ركعتين وهو قاعد أخرجه النسائي وابن ماجة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 187 (عند دخول المساجد والمرور بها والخروج منها) وأما عند المرور بالمساجد ودخولها والخروج منها فعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال إذا مررتم بالمساجد فصلوا على النبي - صلى الله عليه وسلم - أخرجه إسماعيل القاضي وعن فاطمة ابنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورضي الله عنها قالت كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل المسجد صلى على محمد وسلم ثم قال اللهم إغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك وإذا خرج صلى على محمد وسلم ثم قال اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب فضلك أخرجه أحمد والترمذي وقال حسن وليس إسناده بمتصل وهو عندنا في حديث الفاكهي ومن طريقه أخرجه ابن بشكوال. وعن أبي حميد أو أبي اسيد الساعدي رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل أحدكم في المسجد فليسلم على النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم ليقل اللهم افتح لي أبواب رحمتك وإذا خرج من المسجد فليسلم على النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم ليقل اللهم افتح لي أبواب فضلك أخرجه الطبراني والبيهقي في الدعاء وأبو عوانة في صحيحه وأبو داود والنسائي وابن ماجة وابن السني وابن خزيمة وابن حبان في صحيحهما وأصله في مسلم. وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: علم النبي - صلى الله عليه وسلم - الحسن بن علي رضي الله عنهما إذا دخل المسجد أن يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - ويقول اللهم اغفر لنا ذنوبنا وافتح لنا أبواب رحمتك فإذا خرج منه قال مثل ذلك لكن يقول افتح لنا أبواب فضلك أخرجه الطبراني وابن السني وسنده ضعيف جداً وعن أنس رضي الله عنه قال كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل المسجد قال بسم الله اللهم صل على محمد وإذا خرج قال بسم الله اللهم صل على محمد أخرجه ابن السني في عمل اليوم والليلة له وفي سنده من لا يعرف وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال إذا دخل أحدكم المسجد فليسلم على النبي - صلى الله عليه وسلم - وليقل اللهم افتح لي أبواب رحمتك وإذا خرج فليسلم على النبي - صلى الله عليه وسلم - وليقل اللهم اعصمني من الشيطان الرجيم أخرجه النسائي في اليوم والليلة وابن ماجة وابن خزيمة وابن حبان في صحيحهما والحاكم في مستدرجه وقال الجزء: 1 ¦ الصفحة: 188 صحيح على شرط الشيخين فلم يخرجاه انتهى وأعله النسائي برواية المقبري له عن أبي هريرة عن كعب وذكر أنها أولى بالصواب أفاده شيخنا وحكى فيه غيره ذلك وقال قد خفيت هذه العلة عن من صحح الحديث لكن في الجملة هو حسن لشواهده انتهى ملخصاً. وعن عبد الله بن سلام رضي الله عنه أنه كان إذا دخل المسجد يسلم على النبي - صلى الله عليه وسلم - ويصول اللهم افتح لي أبواب رحمتك وإذا خرج يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - ويتعوذ من الشيطان الرجيم رواه الحارث بن أبي أسامة وفي سنده انقطاع مع أنه موقوف وعن أبي الدرداء رضي الله عنه أنه كان يقول أني لاقول إذا دخلت المسجد السلام عليك يا رسول الله رواه العدني في مسنده وعن المقبري أن كعب الأحبار قال لأبي هريرة أني قائل لك اثنتين فلا تنسهما إذا دخلت المسجد فصل على النبي - صلى الله عليه وسلم - وقل اللهم افتح لي أبواب رحمتك، وإذا خرجت فقل اللهم اغفر لي واحفظني من الشيطان الرجيم أخرجه النميري وقد سلفت الإشارة إليه قريباً. وأخرج ابن أبي عاصم من حديث أبي هريرة مرفوعاً إذا دخل أحدكم المسجد فليصل على النبي - صلى الله عليه وسلم - وليقل اللهم عصمنا من الشيطان، وعن علقمة بن قيس أنه قال إذا دخلت المسجد فقل صلى الله وملائكته على محمد السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته أخرجه إسماعيل القاضي والنميري وعن محمد بن سيرين قال كان الناس يقولون إذا دخلوا المسجد صلى الله وملائكته على محمد السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته بسم الله دخلنا وباسم الله خرجنا وعلى الله توكلنا وكانوا يقولون إذا خرجوا بسم الله دخلنا وبسم الله خرجنا إذا كانوا قد قالوا ذلك إذا دخلوا رواه النميري وعنده أيضاً عن إبراهيم أنه كان إذا دخل المسجد قال بسم الله والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وقال إبراهيم أيضاً إذا دخلت المسجد فقل السلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإذا دخلت بيتاً ليس فيه أحد فقل السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أخرجه ابن المبارك في الاستيذان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 189 (الصلاة عليه بعد الأذان) وأما الصلاة عليه بعد الأذان فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي فإنه من صلى علي صلاة صلى الله تعالى عليه بها عشراً ثم سلوا الله تعالى الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله تعالى وأرجو أن أكون هو أنا فمن سأل الله لي الوسيلة حلت له الشفاعة رواه مسلم والأربعة إلا ابن ماجة والبيهقي وابن زنجويه وغيرهم وهو عند ابن أبي عاصم في كتابه مطولاً ومختصراً فالمطول بنحو الذي هنا ولفظ المختصر سلوا الله تعالى لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لعبد من عباد الله وأرجوا أأكون أنا هو من سألها لي حلت له شفاعتي يوم القيامة تنبيه: معنى حلت وجبت كما ثبت التصريح به في عدة روايات واستحقت أو نزلت به فعلى الأول يكون مضارعه يحل بكسر الحاء المهملة وعلى الأخير بضمها ولا يجوز أن يكون حلت من الحل لأنها لم تكن قبل ذلك محرمة واللام بمعنى على ويؤيده رواية مسلم حلت عليه وفيه إشارة عظيمة لفاعل ذلك حيث بشره بحلول الشفاعة وهي إنما تكون للمسلمين من أمته - صلى الله عليه وسلم -. وقد استشكل بعضهم كما سيأتي قريباً جعل ذلك ثواباً لقائل ذلك مع ما ثبت من الشفاعة للمذنبين وأجيب بأن له - صلى الله عليه وسلم - شفاعات أخرى يأتي تعيينها مع جواب آخر عن ذلك قريباً إن شاء الله تعالى. ونقل عياض عن بعض شيوخه أنه كان يرى اختصاص ذلك بمن قال مخلصاً مستحضراً إجلال النبي - صلى الله عليه وسلم - لا من قصد بذلك مجرد الثواب ونحو ذلك قال شيخنا وهو تحكم غير مرض ولو كان أخرج الغافل اللاهي لكان أشبه والله الموفق. [فائدة طلب الوسيلة له] فإن قيل: ما فائدة طلب الوسيلة له مع قوله وأرجو أن أكون أنا هو ورجاؤه عليه السلام لا يخيب فالجواب أن طلبنا إياها له عائدة علينا بامتثال ما أمرنا به من جهته الكريمة وهذا نحو صلاتنا وسلامنا عليه مع أنه قد غفر له ما تقدم من ذنبه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 190 وما تأخر كما أسلفناه في المقدمة والله أعلم. وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: من قال حين ينادي المنادي اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة صل على محمد وأرض عنه رضاء لا سخط بعده أستجاب الله دعوته رواه أحمد في مسنده وابن السني في عمل اليوم والليلة والطبراني في الأوسط وابن وهب في جامعة ولفظه من قال حين يسمع المؤذن اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة صل على محمد عبدك ورسولك وأعطه الوسيلة والشفاعة يوم القيامة حلت له شفاعتي وفيه ابن الهيعة لكن أصل الحديث عند البخاري بدون ذكر الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - ولفظه من قال حين يسمع النداء اللهم رب هذه التامة والصلاة القائمة آت محمداً الوسيلة والفضيلة وأبعثه مقاماً محموداً الذي وعدته حلت شفاعتي يوم القيامة. [فائدة ظاهر لفظ حديث جابر أنه يقول الذكر المذكور حال سماع الأذان] فائدة ظاهر لفظ حديث جابر أنه يقول الذكر المذكور حال سماع الأذان ولا يتقيد بفراغه لكن يحتمل أن يكون تالمراد من النداء إتمامه إذ المطلق يحمل على الكامل ويؤيده الحديث الذي قبله حيث قال فيه قولوا مثل ما يقول ثم صلوا ثم سلموا والله أعلم. [المراد بقوله رضاء لا سخط بعده] وقوله رضاء لا سخط بعده المراد به ما جاء في الحديث الآخر من قول الله تبارك وتعالى يا اهل الجنة اليوم أحل لكم رضواني فلا سخط عليكم بعده أبداً وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - نحوه أخرجه المستغفري في الدعوات وعن أبي الدرداء - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول إذا سمع المؤذن اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة صل على محمد وآته سؤله يوم القيامة وكان يسمعها من حوله ويجب أن يقولوا مثل ذلك إذا سمعوا المؤذن. ومن قال مثل ذلك إذا سمع المؤذن وجبت له شفاعة محمد - صلى الله عليه وسلم - يوم القيامة أخرجه ابن أبي عاصم والطبراني في الدعاء والكبير والأوسط ولفظه: كان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 191 رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا سمع النداء قال اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة صلي على محمد عبدك ورسولك وأجعلنا في شفاعته يوم القيامة، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من قال هذا عند النداء جعله الله في شفاعتي يوم القيامة وفيها صدقة بن عبد الله السمين. [تحقيق لفظ سؤله] وقوله (سؤله) هو بضم السين المهملة وهمزة ساكنة معناه حاجته والسؤال والسؤلة ما سأله الشخص من حاجته والمراد به الشفاعة العظمى والدرجة العليا والمقام المحمود والحوض المورود ولواء الحمد ودخول الجنة قبل الخلائق إلى غير ذلك مما أعده الله تعالى لنبيه من الكرامات في ذلك اليوم لله الفضل على ما أنعم وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من سمع النداء فقال أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وإن محمداً عبده ورسوله اللهم صل على محمد وبلغه درجة الوسيلة عندك وأجعلنا في شفاعته يوم القيامة وجبت له الشفاعة رواه الطبراني في الكبير وفيه إسحاق ابن عبد الله بن كيسان وهو لين الحديث. وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما من مسلم يقوم حين يسمع النداء بالصلاة فيكبر ويشهد أن لا إله إلا الله ويشهد أن محمداً رسول الله ثم يقول اللعم أعط محمداً الوسيلة والفضيلة وأجعل في الأعلين درجته وفي المصطفين محبته وفي المقربين ذكره إلا وجبت له الشفاعة يوم القيامة رواه الطحاوي والطبراني ومن طريقه الحافظ عبد الغني وقد تقدم بعضه في حديث مطول في الباب الأول. وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال إذا صليتم علي فيلوا الله لي الوسيلة قيل وما الوسيلة يا رسول الله قال درجة في الجنة لا ينالها إلا رجل واحد وأرجو أن أكون أنا هو أخرجه عبد الرزاق هكذا وابن أبي عاصم مختصراً وفي سنده ليث وقد سبقه شيء من هذا في الباب الثاني. وعن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قال الجزء: 1 ¦ الصفحة: 192 الرجل حين يؤذن المؤذن اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة أعط محمداً سؤله، نالته شفاعتي - صلى الله عليه وسلم - رواه الحافظ عبد الغني المقدسي وغيره، وعن الحسن البصري ما تقدم في أوائل هذا الباب في الصلاة عليه عند إقامة الصلاة. وعن عبد الكريم أنه قال كان يقال إذا سمع الرجل النداء الأول فقال الله أكبر، الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله اللهم صل على محمد وأبلغه درجة الوسيلة من الجنة فإنه تجب لمن قال ذلك الشفاعة يوم القيامة وإذا قال حي على الصلاة قال لا حول ولا قوة إلا بالله وإذا قال حي على الفلاح قال اللهم أجعلنا من أهل الفلاح، أخرجه النميري من طريق ابن وهب. [فائدة تحقيق الوسيلة والفضيلة والمقام المحمود] فائدة (الوسيلة) قال اللغويون هي ما يتقرب به إلى الملك الكبير يقال توسلت أي تقربت ويطلق على المنزلة العلية كما صرح به قوله فإنها منزلة في الجنة ويمكن ردها إلى الأول بأن الواصل إلى ذلك المنزلة قريب من الله فتكون كالقربة التي يتوسل بها. وقد أختلف المفيرون في قوله تعالى: {وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ} على قولين: أحدهما إنها القربة وهو محكي عن ابن عباس ومجاهد وعطاء والفرا، وقال قتادة تقربوا إليه بما يرضيه وقال أبو عبيده توسلت إليه تقربت واختاره الواحدي والبغوي والزمخشري فقال الوسيلة كما يتوسل به أي يتقرب من قرابة أو صنيعة ومن هذا القول التوسل إلى الله تعالى بنبيه - صلى الله عليه وسلم -. والقول الثاني إنها المحبة أي تحببوا إلى الله حكاه الماوردي وأبو الفرج عن أبي زيد وهو راجع إلى المعنى الأول. و (الفضيلة) المراد بها ههنا المرتبة الزائدة على سائر الخلائق ويحتمل أن تكون منزلة أخرى أو تفيير للوسيلة و (المقام المحمود) وهو المراد بقوله تعالى: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودً} أي يحمد القائم فيه وهو يلالق على كل ما يجلب الحمد من أنواع الكرامات و (عسى) من الله للتحقيق والوقوع كما صح ذلك عن ابن عيينة واختلف في المقام المحمود فقيل هو شهادته على أمته بالاجابة من تصديق أو تكذيب وقيل لأن الله تعالى أعطاه لواء الحمد يوم القيامة وقيل هو أن يجلسه الله - عز وجل - على العرش وقيل على الكرسي حكاهما ابن الجوزي عن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 193 جماعة وقيل هو الشفاعة إذ هو مقام يحمده به الأولون والآخرون ويؤيده تفييره في عدة أحاديث بالشفاعة وزعم الواحدي إجماع المفيرين على هذا: قلت: وعلى تقدير صحة هذه الأقوال لا تنافي بينها لإحتمال أن يكون الإجلاس علامة الأذن في الشفاعة فإذا جلس أعطاه اللواء وشهد بالإجابة، ويحتمل أن يكون المراد بالمقام المحمود الشفاعة كما هو المشهور وأن يكون الإجلاس هي المنزلة المعبر عنها بالوسيلة والفضيلة وقد وقع في صحيح ابن حبان من حديث كعب بن مالك مرفوعاً يبعث الله الناس فيكسوني ربي حلة خضراء فأقول ما شاء الله أن أقول فذلك المقام المحمود. قال شيخنا: ويظهر أن المراد بالقول المذكور هو الثناء الذي يقدمه بين الشفاعة وأن المقام المحمود هو مجموع ما يحصل له في تلك الحالة والله أعلم، وله - صلى الله عليه وسلم - عدة شفاعات الشفاعة العظمى يوم القيامة لأهل الجمع ليريحهم الله مما هم فيه بفضل القضاء وهذا هو المقام المحمود الذي بحمده فيه الأولون والآخرون ولم يدخل من أمته الجنة بغير حساب ولقوم عصاة دخلوا النار بذنوبهم فيخرجون ولقوم أستحقوا دخول النار فلم يدخلوها وفي قوم حسبتهم الأوزار ليدخلوا ولقوم من أهل الجنة في رفع درجاتهم فيعطى كل أحد ما يناسبه ولمن مات بالمدينة ولمن زار قبره - صلى الله عليه وسلم - ولفتح باب الجنة كما رواه مسلم ولمن أجاب المؤذن ولقوم من الكفار لهم سابقة خدمة عنده - صلى الله عليه وسلم -، أو صدر منهم نوع خدمة في حقه فإنه يخفف عذابهم بشفاعته - صلى الله عليه وسلم - والأوليان من خصائصه. ويجوز أن تكون الرابعة والسادسة يشاركه فيها غيره من الأنبياء والعلماء والأولياء أفاده النووي في الروضة والأولى لا ينكرها أحد من فرق الأمة وكذا لا خلاف في وقوع السادسة وأما الثانية فقد خصها المعتزلة لا بمن تبعه عليه وأنكروا الثالثة لكن قد أطبق أهل السنة على قبولها لثبوت الأخبار الكثيرة بها فبادر للصلاة على نبيك وسؤال الوسيبة لذلك تنال غاية الفضيلة ولا تغفل عقب الآذان عن هذا المقام فبذلك تستوجب الشفاعة من التي عليه أفضل الصلاة والسلام. [لم خص سائل الوسيلة وسكان المدينة صابراً على لاوائها بالشفاعة] تنبيه: فإن قيل: لم خص سائل الوسيلة وسكان المدينة صابراً على لاوائها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 194 بالشفاعة في قوله إلا كنت له شهيداً أو شفيعاً مع عموم شفاعته - صلى الله عليه وسلم - وإدخاره إياها لأمته، فالجواب أن، أو هنا ليست للشك لتظافر جماعة من الصحابة على رؤية القصة الثانية، كذلك ويبعد اتفاقهم على الشك وهي أما أن يكون للتقسيم ويكون شهيداً لبعض أهل المدينة وشفيعاً لباقيهم وأما شفيعاً للعاصين وشهيداً للطائعين وأما شهيداً لمن مات في حياته وشفيعاً لمن مات بعده أو غير ذلك وهذه خصوصية زائدة على الشفاعة للمذنبين وقد قال - صلى الله عليه وسلم - في شهداء أحد أنا شهيد على هؤلاء فيكون لتخصيصهم بهذا كله مزية وزيادة منزلة وخطوة، وأما أن تكون أو بمعنى الواو فيكون لأهل المدينة شفيعاً وشهيداً، وأما على قول إنها للشك فإن كانت اللفظة الصحيحة شهيداً فلا اعتراض لأنها زائدة على الشفاعة المدخرة المجردة لغيرهم، وإن كانت شفيعاً فإختصاص أهل المدينة بها محمول على أنها شفاعة أخرى غير العامة التي هي لإخراج أمته من النار ومعافاة بعضهم منها بشفاعته - صلى الله عليه وسلم - بأن يكون لزيادة الدرجات أو تضعيف الحسنات أو بإكرامهم يوم القيامة بإيوائهم إلى ظل العرش أو كونهم في برزخ أو على منابر أو الإسراع بهم إلى الجنة أو غير ذلك من خصوص الكرامات الواردة لبعضهم دون يعض أفادة القاضي عياض رحمه الله ونقلته ملخصاً وهو في نهاية الحسن والتحقيق، ويحتمل أيضاً أن يكون تخصيص أهل المدينة بذلك إشارة إلى البشارة أن ساكنها الصابر على ما قال يموت على الإسلام فيكون من أهل الشفاعة وبالله التوفيق، إذا تقرر هذا فيؤال الوسيلة مما يتأكد أمره ويتعين به لقوله عليه الصلاة والسلام سلو الله لي الوسيلة لكن كان شيخنا رحمه الله يخص الدعاء به بما بعد الأذان ويحمل مطلق الوارد في ذلك على مقيده فالله أعلم. [ما أحدثه المؤذنون عقب الأذان] تكملة: قد أحدث المؤذنون الصلاة والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عقب الأذان للفرائض الخمس إلا الصبح والجمعة فإنهم يقدمون ذلك فيها على الأذان وإلا المغرب فإنهم لا يفعلونه أصلاً لضيق وقتها وكان ابتداء حدوث ذلك من أيام السلطان الناصر صلاح الدين أبي المظفر يوسف بن أيوب وأمره وأما الجزء: 1 ¦ الصفحة: 195 قبل ذلك فإنه لما قتل الحاكم ابن العزيز أمرت أخته ست الملك أن يسلم على ولده الظاهر فيلم عليه بما صورته السلام على الإمام الظاهر ثم أستمر السلام على الخلفاء بعده خلفاً بعد سلف إلى أن أبطله الصلاح المذكور جوزي خيراً. وقد اختلف في ذلك هل هو مستحب أو مكروه أو بدعة أو مشروع وأستدل للأول بقوله تعالى: {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ} ، ومعلوم أن الصلاة والسلام من أجل القرب لا سيما وقد تواردت الأخبار على الحث على ذلك مع ما جاء في فصل الدعاء عقب الأذان والثلث الأخير من الليل وقرب الفجر والصواب أنه بدعة حسنة يؤجر فاعله بحسن نيته وقد نقل عن ابن سهل من المالكية في كتابه الأحكام حكاية الخلاف في تسبيخ المؤذنين في الثلث الأخير من الليل ووجه من منع ذلك أنه يزعج النوام وقد جعل الله تعالى الليل سكناً وفي هذا نظر والله الموفق. (الصلاة عليه في يوم الجمعة وليلتها) وأما الصلاة في يوم الجمعة وليلتها فقد قال الشافعي - رضي الله عنه - أحب كثرة الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - في كل وأما في يوم الجمعة وليلتاها أشد استحباباً انتهى. وتقدم في الباب الرابع مما يدخل هنا حديث أبي هريرة وأنس بن مالك وأوس بن أوس، وأبي إمامة، وأبي الدرداء وأبي مسعود وعمر بن الخطاب وأبنه عبد الله والحسن البصري، وخالد بن معدان ويزيد الرقاشي وابن شهاب الزهري مبنية زاضحة فلا نعيد ذكرها هنا وعن أبي ذر الغفاري - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال من صلى علي يوم الجمعة مائتي صلاة غفر له ذنب مائتي عام أخرجه الديلمي ولا يصح. وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 196 صلى علي يوم الجمعة كان شفاعته له عندي يوم القيامة أخرجه الديلمي أيضاً. وعن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أكثروا الصلاة علي يوم الجمعة فإنه أتاني جبريل آنفاً عن ربه - عز وجل - فقال ما على الأرض من مسلم يصلي عليك مرة واحدة إلا صليت أنا وملائكتي عليه عشراً رواه الطبراني بسند لا بأس به في المتابعات وفي لفظ أكثروا علي من الصلاة يوم الجمعة وليلة الجمعة فمن فعل ذلك كنت له شهيداً أو شفيعاً يوم القيامة وأخرج ابن بشكوال عنه أكثروا الصلاة علي يوم الجمعة فقط وقد تقدم نحوه في أوائل الباب الثاني وفي لفظ لابن عدي في الكامل بسند ضعيف أكثروا من الصلاة علي يوم الجمعة فإن صلاتكم تعرض علي، وعنه أيضاً عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال من صلى علي يوم الجمعة ثمانين مرة غفر الله له ذنوب ثمانين عاماً فقيل له يارسول الله كيف الصلاة عليك قال: قولوا اللهم صل على محمد عبدك ونبيك ورسولك النبي الأمي، وتعقد واحدة، أخرجه الخطيب وذكره ابن الجوزي في الأحاديث الواهيى وعنه أيضاً - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من صلى علي في يوم الجمعة ألف مرة لم يمت حتى يرى مقعده في الجنة أخرجه ابن شاعين بسند ضعيف وقد تقدم في الباب الثاني بدون ذكر يوم الجمعة وعزاه صاحبن مسند الفردوس للنسائي بهذا اللفظ فوهم. وعنه أيضاً عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال من صلى علي في كل يوم جمعة أربعين مرة محا الله عنه ذنوب أربعين سنة ومن صلى علي مرة واحدة فتقبلت منه محا الله عنه ذنوب ثمانين سنة ومن قرأ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} حتى ختم السورة بنى الله له مناراً في جمر جهنم حتى يجاوز الجمر، أخرجه التيمي في ترغيبه وأبو الشيخ ابن حبان في بعض أجزائه والديلمي في مسنده من طريقه وسنده ضعيف، وفي لفظ له لم أقف على أصله مرفوعاً من صلى علي يوم الجمعة مائة صلاة غفر الله خطيئة ثمانين عاماً، وذكر بعض رواته أنه رأي النبي - صلى الله عليه وسلم - وعرضه عليه فصدقه والله أعلم وفي رواية أخرى مثله وزاد ومن صلى علي ليلة الجمعة مائة مرة غفر له خطيئة عشرين سنة والظاهر عدم صحته. وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - أنه قال لزيد بن وهب يا زيد ألا تدع إذا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 197 كان يوم الجمعة أن تصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - ألف مرة: تقول اللهم صل على محمد النبي الأمي رواه التيمي في الترغيب وفي سنده لين. وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا كان يوم الخميس بعث الله ملائكته معهم صحف من فضة وأقلام من ذهب يكتبون يوم الخميس وليلة الجمعة أكثر الناس صلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - أخرجه ابن بشكوال وفي سنده من لم أعرفه. وعن جعفر الصادق - رضي الله عنه - قال إذا كان يوم الخميس عند العصر أهبط الله ملائكة من السماء إلى الأرض معها صحائف من فضة بأيديها أقلام يكتبون الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك اليوم وتلك الليلة من الغد إلى غروب الشمس ذكره المجد اللغوي ولم أقف على سنده بعد. وعن علي - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لإن لله ملائكة خلقوا من القود لا يهبطون إلا ليلة الجمعة ويوم الجمعة بأيديهم أقلام نت ذهب ودوي من فضة وقراطيس من نور لا يكتبون إلا الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - أخرجه الديلمي وسنده ضعيف. وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - سمعت نبيكم - صلى الله عليه وسلم - يقول أكثروا الصلاة على نبيكم في الليلة الغراء واليوم الأزهر رواه البيهقي وعن ابن عمر مثله أخرجه السلفي وفي سنده قاسم الملطي وهو كذاب، وعن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - مثله وفي رواية أكثروا من الصلاة علي في الليلة الغراء فإن صلاتكم تعرض علي ليلة الجمعة ذكره صاحب الشرق وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصلاة علي نور على الصراط ومن صلى علي يوم الجمعة ثمانين مرة غفرت له ذنوب ثمانين عاماً أخرجه ابن شاهين في الأفراد وغيرها وابن بشكوال من طريقه وأبو الشيخ والضياء من طريق الجارقطني في الأفراد أيضاً والديلمي في مسند الفردوس وأبو نعيم وسنده ضعيف وهو عند الأزدي في الضعفا من حديث أبي هريرة أيضاً لكنه من وجه آخر ضعيف أيضاً وأخرجه أبو سعيد في شرف المصطفى من حديث أنس والله أعلم، وفي لفظ عند ابن بشكوال من حديث أبي هريرة أيضاً من صلى صلاة العصر من يوم الجمعة فقال قبل أن يقوم من مكانه اللهم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 198 صل على محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم تسليماً ثمانين مرة غفرت له ذنوب ثمانين عاماً وكتبت له عبادة ثمانين سنة ونحوه عن سهل كما سيأتي وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أيضاً رفعه مما لم أقف على أصله أتخذ الله إبراهيم خليلاً وموسى نجيا وأتخذني حبيباً ثم قال وعزتي وحلالي لأوثرن حبيبي على خليلي ونجيي فمن صلى عليه ليلة جمعة ثمانين مرة غفرت له ذنوب مائتي عام متقدمة ومائتي عام متأخرة، وأحسبه غير صحيحي والله الموفق وعند الدارقطني مرفوعاً بلفظ من صلى علي يوم الجمعة ثمانين مرة غفر الله له ذنوب ثمانين سنة قيل يارسول الله كيف الصلاة عليك قال تقول اللهم صل على محمد عبدك ونبيك ورسولك، النبي الأمي وتعقد واحدة: قلت: وحسنه العراقس ومن قبله أبو عبد الله بن النعمان ويحتاج إلى نظر وقد تقدم نحوه من حديث أنس قريباً. وعن صفوان بن سليم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال إذا كان يوم الجمعة وليلة الجمعة فأكثروا الصلاة علي أخرجه الشافعي وهو مرسل. وعن علي - رضي الله عنه - قال من صلى على النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الجمعة مائة مرة جاء يوم القيامة ومعه نور لو قسم ذلك النور بين الخلق كلهم لوسعهم أخرجه أبو نعيم في الحلية وعن سهل بن عبد الله قال من قال في يوم الجمعة بعد العصر اللهم صل على محمد النبي الأمي وعلى إله وسلم ثمانين مرة غفرت له ذنوب ثمانين عاماً أخرجه ابن بشكوال وقد تقدم قريباً في حديث أبي هريرة معناه، وعن أنس رفعه من صلى علي يوم الجمعة صلاة واحدة صلى الله عليه وملائكتة ألف ألف درجة في الجنة. قلت: ولم أقف على أصله وأحسبه غير صحيح بل أجزم ببطلانه والله أعلم. وعن أبي عبد الرحمن المقري قال بلغني أن خلاد بن كثير كان في النزع فوجد تحت رأسه رقعه مكتوب فيها هذه براءة من النار لخلاد بن كثير فيألوا أهله ما كان عمله فقال أهله كان يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - كل يوم جمعة ألف مرة، اللهم صل على محمد النبي الأمي ويروي في ذلك الحديث الماضي من صل علي يوم الجمعة ألف مرة لم يمت حتى يرى مقعده من الجنة ذكره ابن نعمان وغيره ولم أقف على أصله. وعن عمر بن العزيز أنه كتب أن أنشروا العلم يوم الجمعة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 199 فإن غايلة العلم النسيان فأكثروا الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الجمعة أخرجه لبن وضاح وابن بشكوال من طريقه والنميري وعند ابن بشكوال من طريق ابن وضاح، بلغني أنه من قال عشية خميس بعد العصر اللهم رب الشهر الحرام والمشعر الحرام والركن والمقام ورب الحل والحرام إقرئ محمداً مني السلام إلا بعث الله ملكاً يبلغه عنه يقول أن فلان بن فلان يبلغك السلام، وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ما من مؤمن يصلي ليلة الجمعة ركعتين يقرأ في كل ركعة بعد الفاتحة خمساً وعشرين مرة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ثم يقول ألف مرة صلى الله على محمد النبي الأمي فإنه لا يتم الجمعة القابلة حتى يراني في المنام ومن رأني غفر الله له الذنوب أخرجه أبو موسى المديني ولا يصح، ويروي مما لم أقف له على أصل عن ابن عباس رفعه من قال ليلة الجمعة عشر مرات يا دائم الفضل على البرية يا باسط اليدين بالعطية يا صاحب المواهب السنية صل على محمد خير الورى بالسجية وأغفر لنا يا ذا العلى في هذه العشية كتب الله له - عز وجل - مائة ألف ألف حسنة ومحا عنه ألف ألف سيئة ورفع له ألف ألف درجة فإذا كان يوم القيامة زاحد إبراهيم الخليل في قبته، وهذا مكذوب وعن أبي موسى بسند باطل عن علي - رضي الله عنه - من صلى على النبي - صلى الله عليه وسلم - بهؤلاء الكلمات في كل يوم ثلاث مرات وفي يوم الجمعة مائة مرة وهي صلوات الله وملائكته وأنبيائه ورسله وجميع خلقه على محمد وآل محمد وعليه وعليهم السلام ورحمة الله وبركاته فقد صلى عليه بصلاة جميع الخلائق وحشر يوم القيامة في زمرته وأخذ بيده يدخله الجنة، وفي الحلية لأبي نعيم أن إبراهيم بن أدهم كان يدعو كل صباح جمعة بدعاء فذكره وفيه وصلى الله على محمد وعلى آله وسلم كثيراً خاتم كلامي ومفتاحه وعلى أنبيائه ورسله أجمعين آمين رب العالمين أوردنا حوضه وأسقنا بكأسه مشرباً روياً سائغاً هنياً لا نظمأ أبداً وأحشرنا في زمرته غير حزايا ولا ناكثين ولا مرتابين ولا مقبوضين ولا مغضوب علينا ولا ضالين فإذا عرفت هذا فأكثر من الصلاة على النبي والهج بذكرها في العشي والأبكار وخص يوم الجمعة بمزيد أذكار لتلبس من ضيائها أصفى شعار، وتنال بها العز والإفتخار - صلى الله عليه وسلم - تسليماً كثيراً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 200 (الصلاة عليه في يومي السبت والأحد) وأما الصلاة عليه في يومي السبت والأحد فعن حذيفة رفعه قال أكثروا من الصلاة علي في يوم السبت فإن اليهود تكثر من سبي فيه فمن صلى علي فيه مائة مرة فقد أعتق نفيه من النار وحلت له الشفاعة فيشفع يوم القيامة فيمن أحب وعليكم بمخالفة الروم في يوم الأحد قالوا يا رسول الله في أي شيء تخالف الروم قال في يوم يدخلون كنائسهم ويعبدون الصلبان ويسبوني فمن صلى الصبح من يوم الأحد وقعد يسبح الله حتى تطلع لبشمس ثم صلى ركعتين بما فتح الله عليه ثم صلى علي سبع مرات وأستغفر لأبويه ولنفيه وللمؤمنين غفر له ولأبويه وإن دعا اسجاب الله له، وإن سأل خيراً أعطاه الله إياه وفي لفظ آخر من صلى ليلة الأحد عشرين ركعة يقرأ في كل ركعة الحمد لله مرة وقل هو الله أحد خمسين مرة ويتبرأ من حوله وقوته ويلجأ إلى حول الله وقوته ثم يقول أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن آدم صفوة الله وفطرته وإبراهيم خليله وموسى كليمه وعيسى روح الله ومحمداً حبيب الله، كان له من الثواب بعدد من أدعى لله ولداً ومن لم يدع ذلك ويبعثه الله يوم القيامة مع الآمنين وكان حقاً على الله أن يدخله الجنة مع النبيين هكذا ساقه خبر القرطبي في كتابه في الصلاة النبوية وعزاه إلى السراج الواضح للحسن البصري. قلت: وأثار الوضع عليه لائجة ولا قوة إلا بالله. (الصلاة عليه ليلة الإثنين والثلاثاء) وأما الصلاة عليه ليلة الأثنين والثلاثاء فقد ذكر أبو موسى المديني في كتاب وظائف الليالي والأيام والغزالي في الاحياء له كلاهما بلا إسناد عن الأعمش عن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من صلى ليلة الأثنين أربع ركعات يقرأ في كل ركعة منها الحمد لله مرة وقل هو الله أحد في الأولى إحدى عشرة مرة وفي الثانية إحدى وعشرين وفي الثالثة وفي الرابعة أربعينة ثم سلم وقرأ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} خمساً وسبعين وأستغفر لنفيه ولوالديه خمساً وسبعين وصلى على محمد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 201 - صلى الله عليه وسلم - خمساً وسبعين ثم يسأل الله حاجته كان حقاً على الله أن يعطيه ما سأل، وهي تسمى صلاة الحاجة. وروى المديني أيضاً في كتابه المذكور بسند فيه من أتهم بالكذب من طريق جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من صلى ليلة الثلاثاء أربع ركعات بعد العتمة قبل أن يوقر يقرأ في كل ركعة الحمد لله مرة و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ثلاث مرات و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} مرة، فإذا فرغ أستغفر خمسين مرة وصلى على النبي - صلى الله عليه وسلم - خمسين مرة يبعثه الله - عز وجل - يوم القيامة ووجهه يتلألأ نوراً وذكر ثواباً كثيراً. (الصلاة عليه في الخطب) وأما الصلاة عليه في الخطب كخطبة الجمعة والعيدين والاستسقاء والكسوفين وغيرها فقد اختلف في أشتراطها لصحة الخطبة فقال الإمام الشافعي وأحمد في المشهور من مذهبهما لا تصح الخطبة إلا بالصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقال أبو حنيفة ومالك تصح بدونها وهو وجه في مذهب أحمد ثم اختلف في وجوبها في الثانية أيضاً ومذهب الشافعي الوجوب فيهما وأستدل للوجوب بقوله {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} . وتفيير ابن عباس لذلك بقوله فلا يذكر إلا ذكر معه، وقول قتادة رفع الله ذكره في الدنيا والآخرة فليس خطيب ولا مشهد ولا صاحب صلاة إلا ابتدأها اشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وفي الاستدلال بهذا نظر لأن ذكره - صلى الله عليه وسلم - هو الشهادة له بالرسالة إذا شهد لمرسله بالواحدانية وهذا هو الواجب في الخطبة قطعاً بل هو ركنها الأعظم لكن الدليل على مشروعية الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - في الخطبة ما روي عن عون بن أبي جحيفة قال كان أبي من شرط علي - رضي الله عنهما - وكان تحت المنبر فحدثني يعني عن علي - رضي الله عنه - أنه صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال خير هذه الأمة بعد نبيه أبو بكر والثاني عمر وقال يجعل الله الخير حيث شاء، أخرجه أحمد وعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - أنه كان يقول بعدما يفرغ من خطبة الصلاة ويصلي على النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 202 اللهم حبب إلينا الإيمان وزينة في قلوبنا وكره إلينا الكفر والفيوق والعصيان أولئك هم الراشدون اللهم بارك لنا في أسماعنا وأزواجنا وقلوبنا وذريتنا أخرجه النميري ومحمد بن الحسن بن صفر الأسدي. وعن عمرو بن العاص - رضي الله عنه - أنه قام على المنبر فحمد الله وأثنى عليه حمداً موجزاً وصلى على النبي - صلى الله عليه وسلم - ووعظ الناس فأمرهم ونهاهم رواه الدارقطني من طريق ابن الهيعة. وعن أبي إسحاق يعني السبيعي أنه رآهم يستقبلون الإمام إذا خطب ولكنهم لا يسبتون إنما هو قصص وصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - أخرجه إسماعيل القاضي. وعن ضبة بن محصن أن أبا موسى الأشعري كان إذا خطب فحمد الله وأثنى عليه وصل على النبي - صلى الله عليه وسلم - دعا لعمر فأنكر عليه ضبة الدعاء لعمر قبل الدعاء لأبي بكر فرفع ذلك لعمر فقال لضبة أنا أوفق وأرشد قلت: قال ابن القيم فدل هذا على أن الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - في الخطب كان أمراً مشهوراً معروفاً عند الصحابة وأما وجوبها فلم نر فيه دليلاً يحبب المصير إلى مثله انتهى. وقرأت في مصنف المجد اللغوي رحمه الله ويمكن أن يقال إنما أعتمد الشافعي فيه على فعل الخلفاء الراشدين ومن بعدهم فإنه لم ينقل عن أحد منهم ولا ممن يعدهم خطبة في أمر مهم فضلاً عن الجمعة إلا بدأ فيها بالحمد والصلاة وكان السلف يسمون الخطبة بغير الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - البتيراء. قال أصحابنا وكما أن الصلاة ركن في الخطبة الواجبة فكذلك هي ركن في المستحبة كخطبتي العيدين والكسوفين ولم يتعرضوا لاشتراطها في الحج والله أعلم. وقد روي عن محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال خطبنا أمير بالمدينة يوم الجمعة فأنسى الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما أنقضت خطبته ونهض إلى الصلاة صاح الناس عليه من كل جانب فتقدم إلى مصلاة فأتم الصلاة فلما قضاها كر راجعاً إلى المنبر فرقيه وقال إيها الناس إن الشيطان لا يدع أن يكيد إبن آدم في كل وقت وقد كادنا في يومنا هذا فأنسانا الصلاة على نبينا - صلى الله عليه وسلم - فأرغموا انفه بالصلاة عليه اللهم صل على محمد كثيراً كما تحب وترضى أن يصلي عليه أخرجه ابن بشكوال. قلت: وقد اختلف في وجوب الصلاة على الآل أيضاً والوجه الاستحباب والله أعلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 203 (الصلاة عليه في تكبيرات صلاة العيد) وأما الصلاة عليه في أثناء تكبيرات صلاة العيد فمستحب لما روينا عن علقمة أن ابن مسعود وحذيفة - رضي الله عنهم - خرج عليهم الوليد بن عقبة قبل العيد يوماً لهم أن هذا العيد قد دنا فكيف التكبير فيه قال عبد الله تبدأ فتكبر تكبيرة تفتتح بها الصلاة وتحمد ربك وتصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم تدعو وتكبر وتفعل مثل ذلك ثم تكبر وتفعل مل ذلك ثم تقرأ ثم تكبر ثم تركع ثم تقوم وتقرأ وتحمد ربك وتصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم تحمد ربك وتدعو وتكبر وتفعل مثل ذلك ثم تكبر وتفعل مثل ذلك ثم تركع فقال حذيفة وأبو موسى صدق أبو عبد الرحمن أخرجه إسماعيل القاضي وإسناده صحيح وهو عند ابن أبي الدنيا في كتاب العيد له من حديث علقمة عن ابن مسعود قال تكبر تكبيرة تدخل بها في الصلاة وتحمد ربك وتصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - وتدعو ثم تكبر وبه تمسك أبوحنيفة وأحمد في إحدى الروايتين عنه في الموالاة بين الفرائض وأبو حنيفة فقط في تكبيرات العيد الزوائد ثلاثاً، ثلاثاً والشافعي وأحمد في حمد الله والصلاة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين التكبيرات وأما مالك فلم يأخذ به أصلاً وورافقه أبو حنيفة على استحباب سرد التكبيرات من غير ذكر بينها - رضي الله عنهم - أجمعين وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب العيد أيضاً عن عطاء قال بين كل تكبيرتين سكتة، يحمد الله ويصبي على النبي - صلى الله عليه وسلم - في صلاة العيد. (الصلاة عليه في الصلاة على الجنازة) وأما الصلاة عليه في الصلاة على الجنازة فلا خلاف في مشروعيتها في الجنازة بعد التكبيرة الثانية واختلف في توقف الصلاة عليها فقال الشافعي وأحمد في المشهور من مذهبهما إنها واجبة في الصلاة يعني على الإمام والمأموم لا تصح إلا بها وهو مروي عن جماعة من الصحابة كما سأذكره وقال مالك وأبو حنيفة ليست بواجبة وهو وجه لاصحاب الشافعي ويستحب أن يصلي عليه في الجنازة كما يصلي عليه في التشهد والدليل على مشروعيتها في الجنازة ما روينا عن أبي إمامة بن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 204 سهل بن حنيف وله ادراك أنه أخبره رجل من الصحابة إن السنة في الصلاة على الجنائز أن يكبر الإمام ثم يقرأ بفانحة الكتاب بعد التكبيرة الأولى سراً في نفيه ثم يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - ويخلص الدعاء للجنازة في التكبيرات لا يقرأ في شيء منهن ثم يسلم سراً أخرجه إسماعيل القاضي والشافعي وهذا لفظه والبيهقي من طريقه والحاكم وضعفت رواية الشافعي بمطرف لكن قواها البيهقي بما رواه في المعرفة من طريق عبيد الله بن أبي زياد الرصافي عن الزهري بمعنى رواية مطرف ورواه في السنن من طريق يونس عن ابن شهاب الزهري أخبرني أبو إمامة ابن سهل بن حنيف وكان من كبراء الآنصار وعلمائهم ومن أبناء الذين شهدوا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخبره رجال من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة على الجنازة أن يكبر الإمام ثم يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - ويخلص الدعاء في التكبيرات الثلاث ثم يسلم تسليماً خفياً حين ينصرف قال الزهري حدثني بذلك أبو إمامة وإبن المسيب يسمع فلم ينكر ذلك عليه قال ابن شهاب فذكرت الذي أخبرني أبو إمامة من السنة في الصلاة على الميت لمحمد بن سويد فقال وأنا سمعت الضحاك بن قيس يحدث عن حبيب بن مسلمة في صلاة صلاها على الميت مثل الذي حدثنا أبو إمامة وقال إسماعيل القاضي في كتاب الصلاة له فيما رواه بسنده عن معمر عن الزهري أنه سمع أبا إمامة يحدث سعيد بن المسيب قال إن السنة في الصلاة على الجنازة أن يقرأ بفاتحة الكتاب ويصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم يخلص الدعاء للميت حتى يفرغ ولا يقرأ إلا مرة واحدة ثم يسلم .... وأخرجه بن الجارود في المنتقى والنميري كلاهما من طريق عبد الرزاق عن معمر ورجال هذا الإسناد مخرج لهم في الصحيحين لكن قال الدارقطني وهم فيه عبد الواحد بن زياد فرواه عن معمر عن الزهري عن سهل بن سعد والله أعلم وقوله يخلص الصلاة أي يرفع صوته في صلاته بالتكبيرات الثلاث وعند البيهقي من طريق إبي إمامة بن سهل بن حنيف عن عبيد بن السباق قال صلى بنا سهل بن حنيف على جنازة فلما كبر التكبيرة الأولى قرأ بأم القرآن حتى أسمع من خلفه ثم تابع تكبيرة حتى إذا بقيت تكبيرة واحدة تشهد بتشهد الصلاة ثم كبر وأنصرف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 205 وعن أبي هريرة أن عبادة بن الصامت - رضي الله عنهما - سأله عن الصلاة على الميت فقال أنا والله أخبرك تبدأ فتكبر ثم تصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - وتقول اللهم إن عبدك فلاناً كان لا يشرك بك شيئاً أنت أعلم به إن كان محسناً فزذ في إحسانه وإن كان مسيئاً فتجاوز عنه اللهم لا تحرمنا أجره ولا تضلنا بعده أخرجه البيهقي في سننه هكذا وعند مالك وإسماعيل القاضي من طريقه عن أبي هريرة أنه سئل كيف تصلي على الجنازة فقال أتبعها من أهلها فإذا وضعت كبرت وحمدت الله وصليت على نبيه - صلى الله عليه وسلم - ثم أقول اللهم أنع عبدك وابن عبدك وابن أمتك كان يشهد إن لا إله إلا أنت وأن محمداً عبدك ورسولك وأنت أعلم به اللهم إن كان محسناً فزدني إحسانه وإن كان مسيئاً فتجاوز عنه سيئاته اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده. وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه صلى على جنازة بالابواء فكبر ثم قرأ بأم القرآن رافعاً صوته بها ثم صلى على النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم قال اللهم عبدك وابن عبدك وابن أمتك يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ويشهد أن محمداً عبدك ورسولك أصبح فقيراً إلى رحمتك وأصبحت غنياً عن عذابه تخلى عن الدنيا وأهلها إن كان زاكياً فزكه وإن كان مخطئاً فأغفر له اللهم لا تحرمنا أجره ولا تضلنا بعده ثم كبر ثلاث تكبيرات ثم أنصرف فقال يا أيها الناس إني لم اقرأ عليها إلا لتعلموا أنها سنة أخرجه البيهقي وسنده ضعيف وفي تاسع امالي ابن سمعون من طريق سعيد المقبري عن أخيه عباد قال صليت مع ابن عباس على جنازة فقرأ فاتحة الكتاب ثم صلى على النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم صلى على صاحبها فأحست الصلاة فلما فرغ قال إنما جهرت لتعلموا أنه هكذا. وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - أنه كان إذا أتى بجنازة أستقبل الناس وقال يا أيها الناس سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: كل مائة أمة ولن تجمع مائة لميت فيجتهدون له في الدعاء إلا وهب الله ذنوبه لهم وإنكم جئتم شفعاء لأخيكم فاجتهدوا في الجعاء ثم يستقبل القبلة فإن كان رجلاً قام عند منكبه وإن كانته امرأة قام عند وسطها ثم قال اللهم عبدك وابن عبدك أنت خلقته وأنت هديته للإسلام وأنت قبضت روحه وأنت أعلم بسريرته وعلانيته جئنا شفعاء له الجزء: 1 ¦ الصفحة: 206 اللهم انا نستجير بحبل جوارك فإنك ذو وفاء وذو رحمة اعده من فتنة القبر وعذاب جهنم إن كان محسناً فزد في إحسانه وإن كان مسيئاً فتجاوز عنه سيئاته، اللهم نور له قبره والحقه بنبيه - صلى الله عليه وسلم - قال يقول هذا كلما كبر وإذا كانت التكبيرة الأخيرة قال مثل ذلك ثم يقول اللهم صل على محمد وبارك على محمد كما صليت وباركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم صل على أسلافنا وأفراطنا اللهم أغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات ثم ينصرف وكان يعني ابن مسعود يعلم هذا في الجنائز وفي المجلس وقيل له كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقف على القبر ويقول إذا فرغ منه قال نعم كان إذا فرغ منه وقف عليه ثم قال اللهم نزل بك صاحبنا وخلف الدنيا وراء ظهره ونعم المنزول به اللهم ثبت عند المسألة منطقة ولا تسأله في قبره ما لا طاقة به اللهم نور له في قبره وألحقه بنبيه - صلى الله عليه وسلم - كلما ذكر أخرجه أبو ذر الهروي والنميري من طريقه وفي مسائل عبد الله بن أحمد عن أبيه - رضي الله عنه - كان يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - ويصلي على الملائكة المقربين وقال القاضي إسماعيل ويقول اللهم صل على ملائكتك المقربين وأنبيائك والمرسلين وأهل طاعتك أجمعين من أهل السموات والأرضين إنك هلى كل شيء قدير. وعن مجاهد في الصلاة على الجنازة قال تكبر ثم تقرأ بأم القرآن ثم تصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم تقول اللهم عبدك فلان أنت خلقته أن تعاقبه فبذنبه وإن تغفر له فأنت الغفور الرحيم اللهم صعد روحه في السماء ووسع عن جسده في الأرض اللهم نور له قبره وأفيح له في الجنة وأخلفه في أهله اللهم لا تضلنا بعده ولا تحرمنا أجره وأغفر لنا وله أخرجه الطبراني في الدعاء. وعن أم الحسن أنه دعيت إلى ميت ينازع فقالت لها أم سلمة إذا حضرتيه فقولي السلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين رواه الطبراني في الدعاء أيضاً وعنده أيضاً عن بكر بن عبد الله المزني قال إذا غمضت الميت فقل بسم الله وعلى وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - انتهى. وإنما ذكرت هذا تبعاً لمن أذكر الذي بعده. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 207 (الصلاة عليه عند إدخال الميت القبر) أما الصلاة عليه عند إدخال الميت القبر فقد ذكره بعضهم واستدل له بما رواه أبو داود والترمذي وحسنة من حديث عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا وضع الميت في قبره قال بسم الله وعلى سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - انتهى. وليس في هذا دلالة على ذلك كما ترى وبالله التوفيق. (الصلاة عليه في رجب) وأما الصلاة عليه في رجب فلا يصح فيها شيء وفي موضوعات ابن الجوزي عن أنس في حديث وما من أحد يصوم أول خميس من رجب ثم يصلي فيها بين العشاء والعتمة يعني ليلة الجمعة أثنى عشرة ركعة وذكر ما يقرأ فيها وإذا فرغ صلى علي سبعين مرة يقول: اللهم صل على محمد النبي الأمي وعلى آله ثم يسأل الله حاجته فإنها تقضي وذكرؤ ثواباً جماً، وفيها عن أنس أيضاً رفعه من صلى ليلة النصف من رجب أرع عشرة ركعة فإذا فرغ صلى علي عشر مرات وذكر حديثاً فيه ثواب كير وعند البيهقي عن أنس أيضاً رفعه من صلى في ليلة الثلاث من رجب أثني عشر ركعة ثم يقول وذكر تسبيحاً وتهليلاً غير ذلك قال ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم مائة مرة ويدعو بما شاء من الدنيا والآخرة إلا أستجب. قلت: ولم أورد هذه وشبهه إلا للتنبيه على وهائه والله المستعان. (الصلاة عليه في شعبان) وأما الصلاة عليه في شعبان فعقد له ابن أبي الصيف اليمني الفقيه في جزء له في فضل شعبان باباً قال فيه روي عن جعفر الصادق - رضي الله عنه - أنه قال من صلى على النبي - صلى الله عليه وسلم - في شعبان كل يوم سبعمائة مرة يوكل الله تعالى ملائكة ليوصلوها إليه وتفرح روح محمد - صلى الله عليه وسلم - بذلك ثم يأمر الله أن يستغفروا له إلى يوم القيامة. ثم قال وروى عن طاوس اليماني أنه قال سألت الحسن بن علي - رضي الله عنهما - عن ليلة الصك يعني ليلة لانصف من شعبان وعن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 208 العمل فيها فقال انا أجعلها اثلاثاً فثلث أصلي فيه على جدي النبي - صلى الله عليه وسلم - ائتماراً لأمر الله - عز وجل - حيث يقول يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً وثلث أستغفر الله تعالى فيه مثنى، مثنى لقوله تعالى {وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} وثلث أركع فيه وأسجد ائتماراً لقوله تعالى: {وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} فقلت وما ثواب من فعل ذلك قال سمعت أبي يقول قال النبي - صلى الله عليه وسلم - من أحيى ليلة الصك كتب من المقربين يعني الذين في قوله تعالى فأما إن كان من المقربين قلت: ولم أقف لذلك على أصل أعتمده والله أعلم. (الصلاة عليه في أعمال الحج وزيارة قبره وما إلى ذلك) وأما الصلاة عليه فيما ذكر من أعمال الحج فعن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه خطب الناس بمكة فقال إذا قدم الرجل منكم حاجاً فليطف بالبيت سبعاً وليصل عند المقام ركعتين ثم ليبدأ بالصفا فيستقبل البيت فيكبر سبع تكبيرات بين كل تكبيرتين حمد الله وثناء عليه وصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - ومسألة لنفيك وعلى المروة مثل ذلك أخرجه البيهقي وإسماعيل القاضي وأبو ذر الهروي وإسناده قوي، وصححه شيخنا وهو عند سعيد بن منصور بمعناه. وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - أنه كان يكبر على الصفا ويقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ثم يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم يدعو ويطيل القيام والجعاء ثم يفعل على المروة مثل ذلك أخرجه إسماعيل القاضي. وعن القاسم بن محمد، هو ابن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - قال كان يستحب للرجل إذا فرغ من تلبيته أن يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - رواه الدارقطني والشافعي وإسماعيل القاضي وإسناده ضعيف. وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - أنه كان إذا أراد أن يستلم الحجر قال اللهم إيماناً بك وتصديقاً بكتابك وإنباعاً لسنة نبيك ويصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - ويسلمه، أخرجه الطبراني وأبو ذر الهروي ومن طريقه النمري وعن جابر ابن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما من عبد يقف بالموقف عشية عرفة فيقرأ بأم الكتاب مائة مرة ويقول اللهم صل على محمد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 209 وعلى آل محمد كما صليت وباركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد مائة مرة ثم يقول أشهد إن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد بيده الخير بيده الخير يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير مائة مرة، إلا قال الله - عز وجل - يا ملائكتي ما جزاء عبدي هذا سبحني وهللني ونسبني وأثنى علي وصلي على نبيي، أشهدوا يا ملائكتي إن قد غفرت له وشفعته في نفيه ولو سألني عبدي إن أشفعه في أهل الموقف لشفعته. أخرجه الديلمي في مسند الفردوس له. وهو عند البيهقي في شعب الإيمان وفضائل الأوقات بلفظ: ما من مسلم يقف عشية عرفة بالموقف فيستقبل الفبلة بوجهه ثم يقول لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير مرة ثم يقرأ {وعلى آل محمد كما صليت وباركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد مائة مرة ثم يقول أشهد إن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد بيده الخير بيده الخير يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير مائة مرة، إلا قال الله - عز وجل - يا ملائكتي ما جزاء عبدي هذا سبحني وهللني ونسبني وأثنى علي وصلي على نبيي، أشهدوا يا ملائكتي إن قد غفرت له وشفعته في نفيه ولو سألني عبدي إن أشفعه في أهل الموقف لشفعته. أخرجه الديلمي في مسند الفردوس له. وهو عند البيهقي في شعب الإيمان وفضائل الأوقات بلفظ: ما من مسلم يقف عشية عرفة بالموقف فيستقبل الفبلة بوجهه ثم يقول لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير مرة ثم يقرأ {قل هو الله أحد} مائة مرة ثم يقول اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد وعلينا معهم مائة مرة إلا قال الله تبارك وتعالى يا ملائكتي: ما جزاء عبدي هذا سبحني وهللني وكبرني وعظمني وعرفني وأثنى علي وصلي على نبيي أشهدوا إني قد غفرت له وشفعته في نفيه ولو سألني عبدي هذا لشفعته في أهل الموقف كلهم وقال البيهقي في الشعب هذا متن غريب ليس في إسناده من ينسب إلى الوضع انتهى وكلهم موثوقون لكن فيهم الطلحي وهو مجهول وصوب البيهقي أن اسمه عبد الله بن محمد والعلم عند الله تعالى. وعن علي بن أبي طالب وابن مسعود - رضي الله عنهما - قالا: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليس بالموقف بعرفة قول ولا عمل أفضل من هذا الدعاء وأول من ينظر الله إليه صاحب هذا القول إذا وقف بعرفة فيستقبل البيت الحرام بوجهه ويبسط يديه كهيئة الداعي ويلبي ثلاثاً ويقول لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت بيده الخير، يقول ذلك مائة مرة ثم يقول لا حول ولا قوة إلا بالله الغلي العظيم أشهد أن الله على كل شيء قدير وإن الله قد أحاط بكل شيء علما يقول ذلك مائة مرة ثم يتعوذ من الشيطان الرجيم إن الله هو السميع العليم يقول ذلك ثلاث مرات ثم يقرأ فاتحة الكتاب ويبدأ في كل مرة ببسم الله الرحمن الرحيم ويختم في كل مرة بآمين ثم يقرأ {وعلى آل محمد كما صليت وباركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد مائة مرة ثم يقول أشهد إن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد بيده الخير بيده الخير يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير مائة مرة، إلا قال الله - عز وجل - يا ملائكتي ما جزاء عبدي هذا سبحني وهللني ونسبني وأثنى علي وصلي على نبيي، أشهدوا يا ملائكتي إن قد غفرت له وشفعته في نفيه ولو سألني عبدي إن أشفعه في أهل الموقف لشفعته. أخرجه الديلمي في مسند الفردوس له. وهو عند البيهقي في شعب الإيمان وفضائل الأوقات بلفظ: ما من مسلم يقف عشية عرفة بالموقف فيستقبل الفبلة بوجهه ثم يقول لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير مرة ثم يقرأ {قل هو الله أحد} أحد مائة مرة ثم يقول بسم الله الرحمن الرحيم ثم يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - ويسلم، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 210 والصلاة على النبي يقول: صلى الله وملائكته على النبي الأمي وعليه السلام ورحمه الله وبركاته ثم يدعو لنفيه ويجتهد في الجعاء لوالديه ولقراباته ولاخوانه في الله من المؤمنين والمؤمنات فإذا فرغ من دعائه عاد في مقاله هذا يقول له ثلاثاً لا يكون له في الموقف قول ولا عمل حتى يمي غير هذا فإذا أمسى باهى الله به الملائكة يقول أنظروا إلى عبدي أستقبل بيتي فكبرني ولباني وسبحني وحمدني وهللني وقرأ بأخب السور إلى وصلي على نبيي أشهدكم أني قبلت عمله وأوجبت له أجره وشفعته فيمن يشفع له ولو شفع في أهل الموقف شفعته فيهم رواه أبو يوسف الجصاص في فوائده ومن طريقة ابن الجوزي في الموضوعات وقد قال الحافظ محب الدين الطبري في الأحكام له أخرجه لأبو منور في جامع الدعاء الصحيح قلت: وهذا عجيب وبالله التوفيق. وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - رفعه ما من عبد ولا أمة دعا الله ليلة عرفغة بهذه الدعوات وهي عشر كلمات ألف مرة لم يسأل الله تعالى شيئاً إلا أعطاه إياه، إلا قطيعة رحم أو مأثم: سبحان الذي في السماء عرشه، سبحان الضي في الأرض موطئة، سبحان الذي في البحر سبيله، سبحان الذي في النار سلطانه، سبحان الذي في الجنة رحمته، سبحان الذي في القبور قضاؤه، سبحان الذي في الهواء روحه، سبحان الذي رفع السماء، سبحان الذي وضع الأرضيين، سبحان الذي لا ملجأ ولا منجأ منه إلا إليه أخرجه البيهقي في الفضائل وعقبه بأنه رواه بعضهم وسماه فزاد فيه وأن يكون على وضوء فإذا فرغت من آخره صليت على النبي - صلى الله عليه وسلم - واستأنفت حاجتك. ويروي عن زين العابدين علي بن الحسين بن على بن أبي طالب - رضي الله عنهم - مما لم أقف على إسناده أنه صلى في الملتزم بين الباب والحجر ثم دعا ثم قال اللهم صل على آدم بديع فطرتك وبكر حجتك ولسان قدرتك والخليفة في بسيطتك وعبد لك ومستعيذ بذمتك من متين عقوبتك وساحب شعر رأسه تذللا في حرمك بعزتك ومنشأ من التراب فنطق اعراباً بوحدانيتك وأول محتمي للتوبة برحمتك وصل على ابنه الخاص من صفوتك العابد المأمون على مكنون سريرتك بما أوليته من نعمتك ومعونتك وعلى من بينهما من النبيين والصديقين والمكرمين وأسألأك اللهم حاجتي التي بيني الجزء: 1 ¦ الصفحة: 211 وبينك لا يعلمها أحد دونك وصلى على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً انتهى. وقد ذكر النووي في الأذكار وغيره في الجعاء المأثور في الملتزم اللهم صل وسلم على محمد وعلى آل محمد والله أعلم. وعن عبد الله بن أبي بكر قال كنا بالخيف ومعنا عبد الله بن عتبة فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي - صلى الله عليه وسلم - ودعا بدعوات ثم قام فصلى بنا. أخرجه إسماعيل القاضي. وعن عبد الله بن دينار رأيت ابن عمر - رضي الله عنهما - يقف على قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - فيصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - ويدعو لأبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - أخرجه إسماعيل القاضي وغيره من طريق مالك وفي لفظ لإسماعيل أن ابن عمر كان إذا قدم من سفر دخل المسجد فقال السلام عليك يا رسول الله السلام على أبي بكر السلام على أبي ويصلي ركعتين وفي لفظ آخر أنه كان إذا قدم من سفر صلى سجدتين في المسجد ثم يأتي النبي - صلى الله عليه وسلم - فيضع يده اليمنى على قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - ويستدبر القبلة ثم يسلم على النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم يسلم على أبي بكر وعمر رضي الله عنهما. وفي لفظ لمالك أيضاً أن ابن عمر كان إذا أراد سفراً أو قدم من سفر جاء قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - فصلى عليه ودعا ثم أنصرف. وفي لفظ غيره أن ابن عمر أيضاًكان إذا قدم من سفر بدأ بقبر النبي - صلى الله عليه وسلم - فيصلي عليه ولا يمس القبر ثم يسلم على أبي بكر ثم يقول السلام عليك يا أبت - رضي الله عنهم -. وأخرج ابن أبي الدنيا ومن طريقه البيهقي في الشعب من حديث عبد الله بن منيب بن عبد الله بن أبي إمامه عن أبيه قال رأيت أنس بن مالك أتي قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - فوقف فرفع يديه حتى ظننت أنه أفتتح الصلاة فيلم على النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم انصرف. وعن يزيد بن أبي سعيد المدني مولى المهدي قال ودعت عمر بن عبد العزيز فقال إن لي إليك حاجة قال يا أمير المؤمنين كيف ترى حاجتك عندي قال إني أراك إذا أتيت المدينة سترى قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - فاقرأه مني السلام. أخرجه ابن أبي الدنيا ومن طريقه البيهقي في الشعب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 212 (آداب زيارة قبره الشريف) عن حاتم بن وردان قال كان عمر بن عبد العزيز يوجه البريد من الشام قاصداً المدينة ليقرئ النبي - صلى الله عليه وسلم - عنه السلام أخرجه البيهقي في الشعب. ويستحب لقاصده - صلى الله عليه وسلم - إذا وقع بصره على معاهد المدينة وحرمها ونخيلها وأماكنها والإكثار من الصلاة عليه والتسليم وكلما قرب من المدينة وعمرانها زاد من ذلك ويستحضر تعظيم عرصاتها وتبجيل منازلها ورحباتها فإن المواطن عمرت بالوحي والتنزيل وكثر فيهخا ترداد أبي الفتوح جبريل وأبي الغنائم ميكائيل وأشتملت تربتها على سيد البشر عنها من دين الله وسنن رسوله ما أنتشر فهي مشاهد الفضائل والخيرات ومعاهد البراهين والمعجزات وليملأ قلبه من هيبته وتعظيمه وإجلاله ومحبته كأنه يراه ويشاهده محققاً أنع يسمع سلامه وفي الشدائد يساعده وليتجنب الخصام والخوض فيما لا ينبغي من الفعل والكلام. وقد قال بعض المتأخرين أنه يستحب لمن مر بمنزله نزله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو موضع جلس فيه أن يصلي ويسلم على النبي - صلى الله عليه وسلم - واستأنس لذلك بما أخرجه البخاري من حديث عبد الله مولى اسماء أنه كان يسمع أسماء تقول كلما مرت بالحجون صلى الله على رسوله لقد نزلنا معه هاهنا ونحن خفاف الحقائب الحديث. فإذا دخل المسجد النبوي وقال الدعاء المأثور المقدم أستحب له أن يصلي في الروضة الشريفة ركعتين ثم يأتي القبر الشريف من ناحية قبلاته فيقف عند محاذاة تمام أربع أذرع من رأس القبر بعيداً منه ويقف ويجعل القنديل على رأسه والمسمار الذي في الحائط وهو مسمار من فضة محاذيه ويقف ناظراً إلى أسفل ما يستقلبه من جدار القبر الشريف غاض الطرف في مقام الخشوع والاطراق والإجلال ثم ليقل السلام عليك يا رسول الله السلام عليك يا نبي الله السلام عليك يا خيرة الله السلام عليك يا خير خلق الله السلام عليك يا حبيب الله السلام عليك يا سيد المكرسلين السلام عليك يا خاتم النبيين السلام عليك يا رسول رب العالمين السلام عليك يا قائد الغر المحجلين السلام عليك يا بشير السلام عليك يا نذير السلام عليك وعلى أهل بيتك الطاهرين السلام عليك وعلى أزواجك الطاهرات أمهات المؤمنين السلام عليك وعلى أصحابك أجمعين السلام الجزء: 1 ¦ الصفحة: 213 عليك وعلى سائر الأنبياء والمرسلين وسائر عباد الله الصالحين جزاك الله عنا يا رسول الله أفضل ما جزي نبيا عن قومه ورسولاً عن أمته وصلى الله عليك كلما ذكرك الذاكرون وكلما غفل عن ذكرك الغافلون وصلى عليك في الأولين وصلى عليك في الآخرين أفضل وأكمل وأطيب ما صلى على أحد من الخلق أجمعين كما استنقذنا بك من الضلالة وبصرنا بك من العمى والجهالة أشهد إن لا إله إلا الله وأشهد إنك عبده ورسوله وأمينه وخيرته من خلق وأشهد إنك قد بلغت الرسالة وأديت الأمانة ونصحت الأمة وجاهدت في الله حق جهاده اللهم آته نهاية ما ينبغي أن يأمله الآملون ثم يدعو لنفيه وللمؤمنين ثم يسلم على أبي بكر ثم على عمر - رضي الله عليه وسلم - والقيام بحقه - صلى الله عليه وسلم - أفضل الجزاء زليعلم أن السلام عليه - صلى الله عليه وسلم - عند قبره أفضل من الصلاة. وقال الباجي يدعو بلفظ الصلاة والظاهر الأول قاله المجد اللغوي وأستدل بقوله ما من مسلم يسلم علي عند قبري الحديث. قلت وقد تقدم في الكلام عن فوائد الباب من المقدمة قول ابن أبي فديك: سمعت بعض من أدركت يقول بلغنا أنه من وقف عند قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - فتلا إن الله وملائكته الآية ثم قال صلى الله عليك يا محمد حتى يقولها سبعين مرة ناداه ملك صلى الله عليك يا فلان لم تسقط لك حاجة أخرجه البيهقي أيضاً من طريق أبن أبي الدنيا. وإذا أراد الإنصراف فليودع القبر بمثل ما تقدم من التسليم وليضعف إليه وصلى الله عليه وسلم أفضل صلاة صلالها على أحد من النبيين ورفع درجته في عليين وآتاه الوسيلة والمقام المحمود والشفاعة العظمى كما جعله رحمة للعالمين. وهنأه بما أعطاه وزاده فيما منحه وأولاه وتابع لديه مواهبه وعطاياه وأسعدنا بشفاعته يوم القيامة وكافأه عنا وأجزل مثوبته ورفع درجته بما أداه إلينا من رسالته وأفاض علينا من نصيحته وعلمناه أنه قريب مجيب. (الصلاة عليه عند الذبيحة) وأما الصلاة عليه عند الذبيحة فقد استحسنها الشافعي فقال والتسمية في الذبيحة بسم الله وما زاد بعد ذلك من ذكر الله فالزيادة خير ولا اكره مع التسمية الجزء: 1 ¦ الصفحة: 214 على الذبيحة أن يقول صلى الله على محمد بل أحب ذلك وأحب أن يكثر الصلاة عليه على كل الحالات لأن ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالصلاة عليه إيمان بالله وعبادة له ويوجد عليها إن شاء الله من قالها وقد ذكر عبد الرحمن بن عوف فياق حديثه الماضي في الباب الثاني وبسط - رضي الله عنه - الكلام في هذا ونازعه في ذلك آخرون منهم أصحاب أبي حنيفة فإنهم كرهوا الصلاة في هذا الموطن كما ذكره صاحب المحيط وعلله بأن قال لأن فيها إيهام الإهلال لغير الله انتهى. وكره ابن حبيب من المالكية ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - عند الذبح ونقل اصبغ عن ابن القاسم قال موطنان لا يذكر فيهما إلا الله الذبيحة والعطاس فلا تقل فيهما بعد ذكر الله محمد رسول الله ولو قال بعد ذكر الله، صلى الله على محمد لم يكن تسمية له مع الله وعف أشهب قال لا ينبغي أن يجعل الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - استناناً. واختلف أصحاب أحمد فكرهها القاضي وأصحابه وحكاها أبو الخطاب في رؤوس المسائل وقال إن شاء، ولا يستحب كقول الشافعي وأحتج من كرهها بما روى أبو محمد الخلال بسنده عن معاذ بن جبل - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: موطنان لا حظ لي فيهما عند العطاس والذبح وبما سيأتي بعد بيسير عند العطاس، وقد قال الحليمي كما يتقرب إلى الله تعالى بالصلاة عليه في الصلاة كذلك يتقرب بها أيضاً عند الذبح وليس ذلك إشراكاً لأنه لا يقال بسم الله واسم رسوله وإنما يقال بسم الله، وصلى الله على رسوله أو اللهم صل على محمد عبدك ورسولك والله الموفق. (الصلاة عليه عند عقد البيع) وأما الصلاة عليه عند عقد البيع فقد قال الأردبيلي في الأنوار أنه لو قال المشتري بسم الله والحمد لله والصلاة على رسول الله قبلت البيع صح قال لأن المضر ما ليس من مصالح العقد ولا من مقتضياته ولا من مستحباته. قلت: وهو حسن ومع ذلك فلا دليل على استحباب الصلاة عند البيع وبالله التوفيق. (الصلاة عليه عند كتابة الوصية) وأما الصلاة عليه عند كتابة الوصية فقد ذكره بعض المتأخرين واستدل به بما الجزء: 1 ¦ الصفحة: 215 روى ابن زبر من طريق الحسن بن دينار عن الحسن البصري قال لما حضرت أبا بكرة الوفاة قال اكتبوا وصيتي فكتب الكاتب هذا ما أوصى به أبو بكرة صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال أبو بكرة إكتنى عند الموت أمح هذا وأكتب هذا ما أوصى به نفيع الحبشي مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يشهد أن الله - عز وجل - وأن محمداً - صلى الله عليه وسلم - نبيه وأن الإسلام دينه وأن الكعبة قبلته وأنه يرجو من الله ما يرجو المعترفون بتوحيده والمقرون بربوبيته وذكر الوصية إلى آخرها قلت وهو موطن حسن لكن ليس في هذه القصة ما يشهد لذلك والله أعلم. (الصلاة عليه عند خطبة التزويج) وأما الصلاة عليه عند خطبة التزويج فقال النووي في الأذكتر يستحب أن يبدأ الخاطب بالحمد لله والثناء عليه والصلاة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويقول أشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله جئتكم راغباً في فتاتكم فلانة أو في كريمتكم فلانة بنت فلان أو نحو ذلك انتهى ولم يذكر - رضي الله عنه - في ذلك دليلاً خاصاً. وقد روينا عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله تعالى {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} قال يعني أن الله يثني على نبيكم ويغفر له وأمر الملائكة بالاستغفار له {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ} ، أثنوا عليه في صلاتكم وفي مساجدكم وفي كل موطن وفي خطبة النساء فلا تنسوه أخرجه إسماعيل القاضي بسند ضعيف. وروينا عن أبي بكر بن حفص قال كان ابن عمر - رضي الله عنهما - إذا دعى إلى نكاح قال لا تزدحموا علينا الناس الحمد لله وصلى الله على محمد إن فلاناً خطب إليكم فإن أنكحتموه فالحمد لله وإن رددتموه فيبحان الله. وعن العتبي عن أبيه قال خطبنا عمر بن عبد العزيز في نكاح امرأة من أهله فقال الحمد لله ذي العزة والكبرياء وصلى الله على محمد خاتم الأنبياء أما بعد فإن الرغبة مند دعتك إلينا والرغبة منا فيك اجابتك وقد أحسن ظناً بك من أودعك كريمته وأختارك لحرمته وقد زوجناك على ما أمر الله به من إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان. وعن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 216 شبيب بن شيبة قال أتاني رجل من العشيرة قال أحب إن تخطب علي فإن الذي يرد خالد ابن صفوان فمضيت معه فإذا مجتمعون وإذا خالد بن صفوان جالس فلما تهيأت للكلام بدرني أعرابي فقال الحمد لله فيما هو أهله وصلى الله على محمد مكا يستحقه أما بعد فإن ابن فلان من قد عرفنتم وخطب من قد علمتم وقد بذل ما قد رضيتم فأنكحتم أم رددتم؟ قتنحنح خالد ليرد عليه فبدره اعرابي فقال الحمد لله كما حمدته وصلى الله على محمد كما قلته كلما وصفت غير مجهول حبلك موصول وفرضك مقبول هات يا غلام تشبرتك فقام مهني لهم فقال: بالثبات والنبات والبنين لا البنات والرضاء حتى الممات فقال شبيب فقلت لخالد رأيت هكذا قط ايجازاً فقال لا أخرجه أبو عمر التوفاني في معاشرة الإناث. (الصلاة عليه في طرفي النهار وعند إرادة النوم) وأما الصلاة عليه في طرفي النهار وعند إرادة النوم ولمن قل نومه فقد سبق حديث أبي الدرداء وأبي كامل في الباب الثاني وحديث علي في الصلاة بعد الصبح والمغرب من هذا الباب وهي من الأدلة هنا وعن أبي قرصانة واسمه جندرة بن خيشنة من بني كنانة وله صحبه - رضي الله عنه - قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول من آوى إلى فرائه ثم قرأ {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} ثم قال اللهم رب الحل والحرام ورب الركن والمقام ورب المشعر الحرام بحق كل آية انزلتها في شهر رمضان بلغ روح محمد تحية وسلاماً أربع مرات وكل الله به ملكين حتى يأتيا محمداً فيقولان له أن ةفلان ابن فلان يقرأ السلام روحمة الله فأقول على فلان ابن فلان مني السلام ورحمة الله وبركاته رواه أبو الشيخ ومن طريقه الديلمي في مسند الفردوس وكذا الضياء في المختارة وقال لا أعرف هذا الحديث إلا بهذا الطريق وهو غريب جداً أو في رواته من فيه بعض المقال انتهى. وقال ابن القيم أنه معروف من قول أبي جعفر وأنه أشبه والله أعلم. وذكر ابن بشكوال كما مضى في المقدمة عن عبدوس الرازي أنه وصف لإنسان قليل نومه إذا أراد أن ينام أن يقرأ {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} . ويروي عنه - صلى الله عليه وسلم - مما لم أقف على أصله من صلى علي مساء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 217 السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين السلام على أهل البيت ورحمة الله وبركاته قلت: وجاء عن ابن عباس أن المراد بالبيوت هنا المساجد وعن النخعي قال إذا لم يكن في المسجد الحرام أحد فقل السلام على رسول الله وإذا لم يكن في البيت أحد فقل السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين. (الصلاة عليه في الرسائل وبعد البسملة) وأما الصلاة عليه في الرسائل وبعد البسملة فهو من سنة الخلفاء الراشدين التي أمر بها سيد المرسلين عليه أفضل الصلاة والتسليم. ذكر الحافظ أبو ربيع بن سالم الكلاعي في كتابه وغيره عن الواقدي بسنده عن ردة بني سليم أن أبا بكر - رضي الله عنه - كتب إلى طريقه ابن حاجز عاملة عليهم بسم الله الرحمن الرحيم من أبي بكر خليفة رسول الله إلى طريفة بن حاجز سلام عليك فإني أحمد إليك الذي لا إله إلا هو وأسأله أن يصلي على محمد - صلى الله عليه وسلم - أما بعد إلى آخر الكتاب وقد مضى عليه عمل الأمة في أقطار الأرض من أول بني هاشم ولم ينكر ذلك ومنهم من يختم به الكتب وسيأتي قوله من صلى علي في كتاب وما أشبهه. وقد رأيت فيما نقل عن التاريخ المظفري إن أول من صدر الرسائل بالصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - هارون الرشيد وما تقدم يرد إلا إنْ أُوِّل والله أعلم. وفي الأذكار للنووي: في النهي عن لفظ أطال الله بقاءك، قال: ويروى عن حماد بن سلمة أن مكاتبة المسلمين كانت: من فلان إلى فلان أما بعد: سلام عليك فإني أحمد الله إليك الذي لا إله إلا هو، وأسأله أن يصلي على محمد وعلى آل محمد ثم أحدث الزنادقة هذه المكاتبات التي أولها أطال الله بقاءك، والله أعلم. (الصلاة عليه عند الهم والشدائد) وأما الصلاة عليه عند الهم والشدائد والكرب فعن أبي فيه حديث تقدم في الباب الثاني، وروى عنه - صلى الله عليه وسلم - مما لم أقف على أصله أنه قال من عسر عليه شيء فليكثر من الصلاة علي فإنها تحل العقد وتكشف الكرب وروى الطبراني في الدعاء من حديث محمد بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال كان أبي إذا كربه أمر قام فتوضأ وصلى ركعتين ثم قال في دبر صلاته اللهم أنت ثقتي في كل كرب وأنت رجائي في كل شدة وأنت لي في كل أمر نزل بي ثقة وعدة فكم من كرب قد تضعف عنه الفؤاد وثقل فيه الحيلة ويرغب عنه الصديق ويشمت به العدو أنزلته بك وشكوته إليك ففرجته الجزء: 1 ¦ الصفحة: 218 وكشفته فأنت صاحب كل حاجة وولي كل نعمة وأنت الذي حفظت الغلام بصلاح أبويه فاحفظني بما حفظته به ولا تجعلني فتنة للقوم الظالمين. اللهم وأسألك بكل اسم هو لك سميته في كتابك أو علمته احداً من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك وأسألك بالاسم الأعظم الذي إذا سئلت به كان حقاً عليك أن تجيب أن تصلى على محمد وعلى آل محمد وأسألك أن تقضي حاجتي ويسأل حاجته. (الصلاة عليه عند إلمام الفقر والحاجة وعند الغرق) أما الصلاة عليه عند المام الفققر والحاجة أو الخوف وقوع ذلك فعن سمرة وسهل بن سعد - رضي الله عنهما - فيه حديثان تقدما في الباب الثاني. وأما الصلاة عليه عند الغرق فحكى الفاكهاني في كتاب الفجر المنير قال أخبرني الشيخ الصالح موسى الضرير أنه ركب في لمركب في البحر الملح قال وقد قدمت علينا ريح تسمى الاقلابية قل من ينجو منها من الغرق فنمت فرأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يقول لي قل لأهل المركب أن يقولوا ألف مرة اللهم صل على محمد صلاة تنجينا بها من جميع الأهواف والآفات وتقضي لنا بها جميع الحاجات وتطهرنا بها من جميع السيئات وترفعنا بها عندك أعلى الدرجات وتبلغنا بها أقصى الغايات من جميع الخيرات في الحياة وبعد الممات قال فاستيقظت وأخبرت أهل المركب الرؤيا فصلينا نحو ثلاث مائة مرة ففرج الله عنا وأسكن عنا ذلك الريح ببركة الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - وساقها المجد اللغوي بإسناده مثل سواء ونقل عقبها عن الحسن بن علي الأسواني قال ومن قالها في كل مهم ونازلة وبلية ألف مرة فرج الله عنه وأدرك مأموله. (الصلاة عليه عند وقوع الطاعون) وأما الصلاة عليه عند وقوع الطاعون فنقل ابن أبي حجلة عن أبن خطيب يبرود أن رجلاً من الصالحين أخبره أن كثرة الصلاة على النبي - صلى الله عليه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 220 وسلم - تدفع الطاعون وقال أعني ابن أبي حجلة أنه تلقى ذلك بالقبول وأنه جعل في كل حين يقوم ويقول اللهم صل على محمد وعلى آل محمد صلاة تعصمنا بها من الأهوال والآفات وتظهرنا بها من جميع السيئات ثم استدل على أصل المسألة بأمور خمسة أحدها: قوله في الحديث: إذا تكفي همك، وقد سبق ثانيها: قوله في قصة الجمل المسروق نجوت من عذاب الدنيا والآخرة وسيأتي ثالثها: أن الصلاة من الله تعالى رحمة وأما الطاعون فهو وإن كان في حق المؤمنين شهادة ورحمة فقد كان في الأصل رجز وعذاب والرحمة والعذاب ضدان فلا يجتمعان: رابعها قوله في الحديث المتقدم أن أنجاكم من أحوالها ومواطنها يوم القيامة أكثركم علي صلاة في الدنيا فإذا كانت تدفع أهوال يوم القيامة فدفعها للطاعون الذي هو من أهوال الدنيا من باب أولى خامسها: قوله أن المدينة لا يدخلها الطاعون ولا الدجال إنما كان سببه بركته - صلى الله عليه وسلم - فكانت الصلاة عليه أيضاً سبباً لرفعه. قلت وأولها مستند جيد وباقيها ليس بذلك والله أعلم. وذكر الشيخ شهاب الدين بن أبي حجلة أيضاً أن بعض الصالحين حين كثر الطاعون في المحلة ذكر أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - في المنام وشكا إليه الحال فأمره أن يدعو بهذا الدعاء: اللهم انا نعوذ بك من الطعن والطاعون وعظيم البلاء في النفي والمال والأهل والولد الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر مما نخاف ونحذر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر عدد ذنوبنا حتى تغفر الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر وصلى الله على محمد وآله وسلم الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، اللهم كما شفعت نبيك فينا فأمهلتنا وعمرت بنا منازلنا فلا تهلكنا بذنوبنا يا أرحم الراحمين قال شيخنا ويبعد صحة صدور هذا الدعاء لمصادمته لما ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه دعا بذلك لآمته فكيف يتصور أت يأمرهم أن يستعيذوا مما دعا لهم به والله أعلم. (الصلاة عليه أول الدعاء وأوسطه وآخره) وأما الصلاة عليه أول الدعاء وأوسطه وآخره فقد أجمع العلماء على استحباب ابتداء الدعاء بالحمد لله تعالى والثناء عليه ثم الصلاة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكذلك يختم بعا لفظاً قال الاقليسي ومهما دعوت الهك فأبدأ بالتحميد ثم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 221 ثن بالصلاة على نبيك المجيد وأجعل صلاتك عليه في أول دعائك وأوسطه وآخره انشر بثنائك عليه نفاء مفاخرة فبذلك تكون ذا دعاء مجاب يرفع بينك وبينه الحجاب - صلى الله عليه وسلم - تسليماً كثيراً. وعن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا تجعلني كقدح الراكب قيل وما قدح الراكب قال إن المسافر إذا فرغ من حاجته صب في قدحه ماء فإن كان له إليه حاجة توضأ منه أو شربه والا أهرقه، أجعلوني في أول الدعاء وأوسطه وآخره رواه عبد بن حميد والبزار في مسنديهما وعبد الرازق في جامعة وابن أبي عاصم في الصلاة له والتيمي في الترغيب والطبراني والبيهقي في الشعب والضياء وأبو نعيم في الحلية ومن طريقه الديلمي كلهم من طريق موسى بن عبيده الربذي وهو ضعيف والحديث غريب وقد رواه سفيان بن عيينة في جامعة من طريق يعقوب بن زيد بن طلحة يبلغ به النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لا تجعلوني كقدح الراكب أجعلوني أول دعائكم وأوسطه وآخره وسنده مرسل أو معضل فإن كان يعقوب أخذه عن غير موسى تقوت به رواية موسى والعلم عند الله تعالى و (القدح) بفتح القاف والدال وبالحاء المهملتين قال الهروي وتبعه ابن الأثير أراد لا تؤخروني في الذكر والراكب يعلق فدحه في آخره رحلة ويجعله خلفه قال حسان كما نيط خلف الراكب القدح الفرد وقوله اهراق، في بعض الروايات هراق والهاء فيه مبدلة من همزة أراق يقال أراق الماء يريقه وهراقة يهريقه بفتح الهاء هراقة ويقال فيه أهرقت الماء أهريقه اهراقاً فيجمع بين البدل والمبدل والله أعلم. وعن فضالة بن عبيدة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا دعا أحدكم فليبدأ بحمد الله والثناء عليه ثم ليصل على النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم ليدع بما شاء الحديث وقد سبق في الصلاة عليه في التشهد من هذا الباب وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال إذا أراد أحدكم أن يسأل الله شيئاً فليبدأ بمدحه والثناء عليه بما هو أهله ثم يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم ليسأل بعد فإنه أجدر أن ينجح أو يصيب رواه عبد الرزاق والطبراني في الكبير من طريقه ورجاله رجال الصحيح وقد تقدم بلفظ آخر في المكان المذكور أيضاً. وعن عبد الله بن بسر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الدعاء كله محجوب حتى يكون أوله ثناء على الله - عز وجل - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 222 وصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم يدعو فيستجاب لجعائه رواه النسائي وأبو القاسم ابن بشكوال من طريقه من رواية عمر بن عمر الحمصي عنه. وعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال كل دعاء محجوب حتى يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - أخرجه الديلمي في مسند الفردوس له. وعن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال صلاتكم علي محررة لدعائكم الحديث. وقد تقدم في الباب الثاني. وعن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال ذكر لي أن الدعاء يكون بين السماء والأرض لا يصعد منه شيء حتى يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - رواه إسحاق بن راهوية وهو عند الترمذي من طريقه وابن بشكوال بلفظ الدعاء موقوف بين السماء والأرض والباقي مثله. وفي سنده من لا يعرف وقد أخرجه الواحدي ومن طريقه عبد القادر الرهاوي في أربعين، وفي سنده من لا يعرف أيضاً. قلت والظاهر أن حكمه حكم المرفوع لأن مثل هذا لا يقال من قبل الرأي كما صرح به جماعة من أئمة أهل الحديث والأصول وأيضاً فإن حديث فضالة المشار إليه يدل على قوة رفعه لأنه بلفظه. وقد أخرجه الديلمي بلفظ الدعاء يحجب عن السماء ولا يصعد إلى السماء من الدعاء شيء حتى يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - فإذا صلى على النبي - صلى الله عليه وسلم - صعد إلى السماء وهو في الشفا بلفظ الدعاء والصلاة معلق بين السماء والأرض ولا يصعد إلى الله منه شيء حتى يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم -. ويروى عنه - صلى الله عليه وسلم - مما لم أقف على تخريجه أنه قال: الدعاء بين الصلاتين لا يرد لكن قد روينا معنى ذلك عن أبي سليمان الداراني كما سيأتي بعد بيسير في الصلاة عليه عند الحاجة تعرض وخرج الباجي عن ابن عباس رضي الله عنهما مما لم أقف على أصله إذا دعوت الله فإجعل في دعائك الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - فإن الصلاة عليه مقبولة والله أكرم من أن يقبل بعضاً ويرد بعضاً. وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ما من دعاء إلا بينه وبين الله حجاب حتى يصلي على محمد وعلى آل محمد فإذا فعل ذلك انخرق الحجاب ودخل الدعاء وإذا لم يفعل رجع الدعاء رواه البيهقي في الجزء: 1 ¦ الصفحة: 223 الشعب وأبو القاسم التيمي وابن أبي شريح وابن بشكوال وغيرهم من رواية الحارث الأعور عنه وقد ضعفه الجمهور وروي عن أحمد بن صالح توثيقه وأخرجه الطبراني في الأوسط والبيهقي في الشعب من رواية الحارث وعاصم بن ضمرة كلاهما عن علي ورواه الطبراني أيضاً والهروي في ذم الكلام له وأبو الشيخ والديلمي من طريقه والبيهقي أيضاً في الشعب وابن بشكوال كلهم موقوفاً باختصار كل دعاء محجوب حتى يصلي على محمد وآل محمد - صلى الله عليه وسلم - والموقوف أشبه ويروى عن أنس رفعه مما لم أقف على أصله لكن آخره معروف كما تقدم أنا أول الناس خروجاً إذا بعثوا وأنا قائدهم إذا جمعوا وأنا خطيبهم إذا صمتوا وأنا شفيعهم إذا حوسبوا وأنا مبشرهم إذا يئسوا واللواء الكريم يومئذ بيدي ومفاتيح الجنان يومئذ بيدي وأنا أكرم ولد آدم على ربي ولا فخر يطوف على ألف خادم كأنهم لؤلؤ مكنون وما من دعاء إلا وبينه وبين السماء حجاب حتى يصلي علي فإذا صلى علي انخرق الحجاب وصعد الدعاء، صلى الله عليه وسلم وفي دعاء ابن عباس الذي رواه عنه حنش بعد قوله واستجب دعائي ثم يبدأ بالصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تصلي على محمد عبدك ونبيك ورسولك أفضل ما صليت على أحد من خلقك أجمعين ذكره في الشفا وسيأتي بطوله في الصلاة عند الحاجة تعرض إن شاء الله تعالى وعن سعيد بن المسيب قال ما من دعوى لا يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - فيها إلا وكانت معلقة بين السماء والأرض رواه إسماعيل القاضي وروينا عن ابن عطا قال: للدعاء أركان واضحة وأسباب وأوقات فإن وافق أركانه قوي وإن وافق أجنحته طار في السماء وإن وافق مواقيته فاز وإن وافق أسبابه نجح فأركانه حضور القلب والرقة والاستكانة والخشوع وتعلق القلب بالله تعالى عز وجل وقطعه من الأسباب، وأجنحته الصدق ومواقيته الأسحار وأسبابه الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -. (الصلاة عليه عند طنين الأذن) وأما الصلاة عليه عند الطنين الأذن فعن أبي رافع مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورضي عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا طنت أذن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 224 أحدكم فليصل علي وليقل ذكر الله بخير من ذكرني رواه الطبراني وابن عدي وابن السني في اليوم والليلة والخرائطي في المكارم وابن أبي عاصم وأبو موسى المديني وابن بشكوال وسنده ضعيف وفي رواية بعضهم ذكر الله من ذكرني بخير قلت وقد أخرجه ابن خزيمة في صحيحه وذلك عجيب لأن إسناده غريب وفي ثبوته نظر والله الموفق. وأما الصلاة عليه عند خدر الرجل فرواه ابن السني من طريق الهيثم بن حنش وابن بشكوال من طريق أبي سعيد كنا عند ابن عمر رضي الله عنهما فخدرت رجله فقال له رجل أذكر أحب الناس إليك فقال يا محمد - صلى الله عليه وسلم - فكأنما نشط من عقار ولابن السني من طريق مجاهد قال خدرت رجل عند ابن عباس رضي الله عنهما فقال له ابن عباس أذكر أحب الناس إليك فقال محمد - صلى الله عليه وسلم - فذهب خدره، وللبخاري في الأدب المفرد من طريق عن الرحمن بن سعد قال خدرت رجل ابن عمر فقال له رجل أذكر أحب الناس إليك فقال: يا محمد. (الصلاة عليه عند العطاس) وأما الصلاة عليه عند العطاس فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال من عطس فقال الحمد لله على كل حال ما كان من حال وصلى الله على محمد وعلى أهل بيته أخرج الله من منخره الأيسر طائراً يقول اللهم اغفر لقائلها أخرجه الديلمي في مسند الفردوس له بسند ضعيف وعند ابن بشكوال من حديث ابن عباس مرفوعاً مثله إلى قوله الأيسر وقال بعده طيراً أكبر من الذباب وأصغر من الجراد يرفرف تحت العرش يقول اللهم اغفر لقائلها، وسنده كما قال المجد اللغوي لا بأس به سوى أن فيه يزيد بن أبي زياد وقد ضعفه كثيرون لكن أخرج له مسلم متابعة والله أعلم. وعن نافع قال عطس رجل عند ابن عمر رضي الله عنهما فقال له ابن عمر لقد بخلت هلا حيث حمدت الله تعالى صليت على النبي - صلى الله عليه وسلم - أخرجه البيهقي وأبو موسى المديني وعند بقي بن مخلد في مسنده وابن بشكوال من طريقه بسند ضعيف عن الضحاك بن قيس قال عطس عاطس عند ابن عمر فقال الجزء: 1 ¦ الصفحة: 225 الحمد لله رب العالمين ثم سكت فقال له ابن عمر إلا اتممتها بالتسليم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لكن قد جاء عن ابن عمر أيضاً ما يخالف هذا من رواية نافع أيضاً عنه ولفظه عطس رجل إلى جنب ابن عمر فقال الحمد لله والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال ابن عمر وأنا أقول السلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولكن ليس هكذا أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن نقول إذا عطسنا أمرنا أن نقول الحمد لله على كل حال رواه الطبراني وسنده ضعيف وهو عند الترمذي وقال غريب. وعن نافع إن رجلا عطس إلى جنب ابن عمر وقال الحمد لله والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال ابن عمر وأنا أقول الحمد لله والسلام على رسول الله هكذا علمنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قالت: وذهب إلى استحباب الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - عند العطاس أبو موسى المديني وجماعة ونازعهم في ذلك آخرون وقالوا لا يستحب الصلاة عليه عند العطاس وإنما هو موضع حمد الله وحده ولكل موطن ذكر يخصه لا يقوم غيره مقامه ولهذا لا تشرع الصلاة عليه - صلى الله عليه وسلم - في الركوع ولا في السجود ونحو ذلك واستدلوا لذلك بحديث عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لا تذكروني في ثلاث مواطن عند العطاس وعند الذبيحة وعند التعجب أخرجه الديلمي في مسند الفردوس له من طريق الحاكم وهو عند البيهقي في السنن الكبرى عن الحاكم من غير ذكر الصحابي وفي سنده من اتهم بالوضع، ولا يصح وفي رابع فوائد المخلص من طريق نهشل عن الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما قال موطنان لا يذكر فيهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند العطاس والذبيحة ولا يصح أيضاً وقد عد جماعة من العلماء المواطن التي يفرد ذكر الله تعالى فيها فذكروا منها الأكل والشرب والوقاع والعطاس ونحو ذلك مما لم ترد السنة بالصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - قلت: كذا رأيته وفي بعض ذلك نظر وقد كره سحنون الصلاة عليه عند التعجب وقال لا يصلي عليه إلا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 226 على طريق الاحتساب وطلب الثواب انتهى وقال الحليمي وأما المتعجب من الشيء إذا صلى على النبي - صلى الله عليه وسلم - كما يقول سبحان الله لا إله إلا الله أي لا يأتي بالنادر وغيره إلا الله فلا كراهة فيه وإن صلى عليه عند الأمر الذي يستقذر أو يضحك منه فأخشى على صاحبه فإن عرف أنه جعلها عجباً ولم يجتنبه كفر: قلت وفي هذا الأخير نظر لا يخفي قاله القونوي. (الصلاة عليه لمن نسي شيئاً) وأما الصلاة عليه لمن نسي شيئاً وأراد تذكره وكذا لمن خاف النسيان فعن أنس - رضي الله عنه - قال: قال - صلى الله عليه وسلم - إذا نسيتم شيئاً فصلوا علي تذكروه إن شاء الله تعالى أخرجه أبو موسى المديني بسند ضعيف وعن عثمان بن أبي حرب الباهلي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال من أراد أن يحدث بحديث فنسيه فليصل علي فإن في صلاته علي خلفاً من حديثه وعسى أن يذكره أخرجه الديلمي هكذا وسنده ضعيف وهو عند ابن بشكوال وأوله من هم بأمر فشاور فيه وفقه الله لرشد أمره ومن أراد ان يحدث فذكر مثله سواء. وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال من خاف على نفيه النسيان فليكثر الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - أخرجه ابن بشكوال بسند مقطع. وأما الصلاة عليه عند استحسان الشيء فقد ذكره الشهاب بن أبي حجلة وعقبة بقوله وما أحسن قول شيخ الشيوخ بحماة في مخلص قصيدة مدح بها الرسول - صلى الله عليه وسلم -: غصن نقا حل عقد صبري بلين خصر يكاد يعقد فمن رأى ذاك الوشاح منه حق له أن يصلي على محمد قلت: وقد تقدم النهي عن الصلاة عليه عند التعجب قريباً. (الصلاة عليه عند أكل الفجل ونهيق الحمير) وأما الصلاة عليه عند أكل الفجل فعن أبن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أكلتم الفجل وأردتم أن لا يوجد لها ريح الجزء: 1 ¦ الصفحة: 227 فاذكروني عند أول قضمة أخرجه الديلمي في مسنده ولا يصح وإلا شبه ما رواه مجاشع بن عمرو عن أبي بكر بن حفص عن سعيد بن المسيب قال من أكل الفجل فيره أن لا يوجد منه ريحه فلذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - عند أول قضمة. وإن الصلاة عليه عند نهيق الحمير فروى الطبراني من حديث أبي رافع رفعه لا ينهق الحمار حتى يرح شيطاناً أو يتمثل له شيطان فإذا كان ذلك فاذكروا الله وصلوا علي. قال القاضي عياض، فائدة الأمر بالتعوذ لما يخشي من شر الشيطان وسوسته فيلجأ إلى الله في دفع ذلك. (الصلاة عليه عقب الذنب) وأما الصلاة عليه عقب الذنب إذا أراد أن يكفر عنه فقد تقدم حديث أنس: صلوا علي فإن الصلاة كفارة لكم وكذا حديث أبي كامل في الباب الثاني. وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلوا علي فإن الصلاة علي زكاة لكم رواه ابن أبي شيبة وأبو الشيخ وقد تقدم في الباب الثاني أيضاً قال ابن القيم فهذا فيه الأخبار بأن الصلاة زكاة للمصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم -. والزكاة تتضمن النماء والبركة والطهارة والذي قبله فيه أنها كفارة وهي تتضمن محق الذنب فيتضمن الحديثان أن الصلاة عليه - صلى الله عليه وسلم - تحصل طهارة النفي من رذائلها وتثبت لها النماء والزيادة في كسالاتها وإلى هذين الأمرين يرجع كمال النفي فعلم أنه لا كمال للنفي إلا بالصلاة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التي هي من لوازم محبته ومتابعته وتقديمه على كل من سواه من المخلوقين - صلى الله عليه وسلم - تسليماً كثيراً. (الصلاة عليه عند الحاجة) وأما الصلاة عليه عند الحاجة تعرض فقد تقدم حديث جابر في الصلاة عقب الصبح والمغرب، وحديث فضالة وهو بعده بيسير وحديث أبي وهو في الباب الثاني وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال اثنتا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 228 عشرة ركعة تصليهن من ليل أو نهار وتتشهد بين كل ركعتين فإذا تشهدت في آخر صلاتك فاثن على الله - عز وجل - وصل على النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم كبر وأسجد واقرأ وأنت ساجد فاتحة الكتاب سبع مرات وآية الكرسي سبع مرات وقل لا إله إلا الله وحده لا شريك له له، لم الملك وله الحمد وهو على شيء قدير عشر مراتثم قل اللهم إنس اسألك بمعاقد الز من عرشك ومنتهى الرحمة من كتابك وأسمك الأعظم وجدك الأعلى وكلماتك التامة ثم صل بعد حاجتك ثم أرفع رأسك ثم سلم يميناً وشمالاً ولا تعلموها السفهاء فإنهم يدعون بها فيستجاب رواه الحاكم في الماية له وغيرها ومن طريقه البيهقي وذكر جمع من رواته أنهم جربوه فوجدوه حقاً ولكن سنده واه بمرة وقد ذكره الحافظ أبو الفرج في كتابه قلت وأصح أسانيده ما رواه هشيم بن أبي ساسان عن ابن جريج عن عطاء قوله: وقوله بمعاقد العز من عرشك قال الحافظ أبو موسى المديني هذا والله أعلم كما يقال عقدت هذا الأمر بفلان لكونه اميناً قوياً عالماً فالأمانة والقوة والعلم معاقد الأمر به وسبب ذلك أي بالأسباب التي أعززت بها عرشك حيث أثنيت عليه بقولك العرش العظيم والعرش الكريم والعرش المجيد ونحو ذلك وقوله ومنتهى الرحمة من كتابك كأنه أراد به آيات الرحمة التي تذكر فيها سعة رحمة الله وكثرة أفضاله على عباده وما أنعم به عليهم أة الآيات التي يستوجب قاريها أو العامل بها الرحمة لأنه تبارك وتعالى يحب أن يذكر ذلك عنه ويحببه إلى خلقه ما وردت به الأخبار انتهى. (صلاة الحاجة) وعن عبد الله بن أبي أوفى - رضي الله عنه - قال خرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال من كانت له إلى الله حاجة أو إلى أحد من بني آدم فليتوضأ فليحسن الوضوء وليصلي ركعتين ثم يثني على الله ويصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم ليقل لا إله إلا الله الحليم الكريم سبحان الله رب العرش العظيم والحمد لله رب العالمين أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك والغنيمة من كل بر والسلامة من كل ذنب لا تدع لي ذنباً إلا غفرته ولا هماً إلا فرجته ولا حاجة هي لك رضا إلا قضيتها يا أرحم الراحمين أخرجه الترمذي وأبي ماجة والطبراني وعبد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 229 الرزاق الطبسي في الصلاة له من طريق أبي بكر الشافعي وغيرهم وقال الترمذي غريب وفي إسناده مقال وفائد يصنعق في الحديث انتهى. وقد توسع ابن الجوزي فذكر هذا الحديث في موضاعته وفي ذلك نظر فقد رواه الحاكم من حديثه وقال فائد كوفي عداده في التابعين وقد رأيت جماعة من اعقابه وحديثه مستقيم إلا أن الشيخين لم يهرجا له وإنما أخرجت حديثه شاهداً انتهى. وقال ابن عدي هو مع ضعفه يكتب حديثه وقد جاء من حديث أنس كما سأذكره وفي الجملة هو حديث ضعيف جداً يكتب في فضائل الأعمال وأما كونه موضوعاً فلا، وعن أنس - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال من كانت له حاجة إلى الله فليسبغ الوضوء وليصل ركعتين يقرأ في الأولى بالاتحة وآية الكرسي وفي الثانية بالفاتحة وآمن الرسول ثم يتشهد ويسلم ويدعو بهذا الدعاء اللهم يا مونس كل وحيد ويا صاحب كل فريد ويا قريبا غير بعيد ويا شاهداً غير غائب ويا غالباً غيرمغلوب يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام يا بديع السموات والأرض أسألك باسمك الرحمن الرحيم الحي القيوم الذي عنتله الوجوه وخشعت له الأصوات ووجلت له القلوب من خشيته أن تصلي على محمد وعلى آل محمد وأن تفعل بي كذا فإنه تقضي حاجته أخرجه الديلمي في مسنده وأبو القاسم التيمي في ترغيبه بسند ضعيف وهو عند الرزاق بسند واه ولفظه قال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأم أيمن إذا كانت لك حاجة وأردت نجاحها فصلي ركعتين تقرئين في كل ركعة الفاتحة وتقولين سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر كل واحدة عشراً فكلما قلت شيئاً في ذلك قال الله - عز وجل - هذا لي قد قبلته فإذا فرغت منهما وتشهدت فاسجدي قبل السلام وقولي وأنت ساجدة يا الله أنت الله لا غيرك يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام صل على محمد وعلى آله الطيبين الأخيار وأقض حاجتي هذه يار رحمن وأجعل الخيرة في ذلك إنك على كل شيء قدير يا أم أيمن أن العبد أذا ذكر اللهفي السراء ونزل به ضر قالت الملائكة صوتاً معروفاً أشفعوا له إلى ربه - عز وجل - وآمنوا على دعائه فيكشف الله عنه ويقضي حاجته الحديث. وعن عبد الله ابن عمر - رضي الله عنهما - قال من كانت له حاجة إلى الله فليصم يوم الأربعاء والخميس والجمعة فإذا كان يوم الجمعة تطهر وراح إلى المسجد فتصدق بصدقة قلت أو كثرت فإذا صلى الجمعة قال اللهم إنس اسألك باسمك بسم الله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 230 الرحمن الرحيم الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم أسألك باسمك بسم الله الرحمن الرحيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم الذي ملت عظمته السموات والأرض واسألك باسمك بسم الله الرحمن الرحيم الذي لا إله إلا هو الذي عنت له الوجوه وخشعت له الأبصار ووجلت له القلوب من خشيته أن تصلي على محمد - صلى الله عليه وسلم - وأن تقضي حاجتي وهي كذا وكذا فإنه يستجاب له إن شاء الله تعالى قال وكان يقال لا تعلموه سفهاءكم لئلا يدعوا به في مأثم أو قطيعة رحم أبو موسى المديني هكذا موقوفاً والنميري، وعن ابن إمامة بن سهل بن حنيف إن رجلاً كان يختلف إلى عثمان بن عفاف - رضي الله عنه - في حاجة فكان عثمان لا يلتفت إليه ولا ينظر في حاجته فلقي عثمان بن حنيف فشكا ذلك إليه فقال له أئت الميضأة فتوضأ ثم أئت المسجد فصل فيه ركعتين ثم قل اللهم إني اسئلك وأتوجه بك بنبيك محمد - صلى الله عليه وسلم - بني الرحمة يا محمد إني أتوجه بك بنبيك محمد - صلى الله عليه وسلم - بني الرحمة يا محمد إني أوجه بك إلى ربك فيقضي لي حلحتي وأذكر حلجتك ثم رح حتى أروح فانطلق الرجل فصنع ذلك ثم أتى باب عثمان بن عفان فجاءه البواب فأخذ بيده وأدخله على عثمان فأجلسه معه على الطنفية فقال أذكر حاجتك فذكر حاجته فقضاها له ثم قال ما فهمت حاجتك حتى كان الساعة وما كانت لك من حاجة فيل ثم أن الرجل خرج من عنده فلقي عثمان بن حنيف فقال له جزاك الله خيراً ما كان ينظر في حاجتي ولا يلتفت إلى حتى فقال له عثمان بن حنيف ما كلمته ولا كلمني ولكني شهدت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأتاه رجل ضرير البصر فشكا إليه ذهاب بصره فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم - أئت الميضأة فتوضأ ثم أئت المسجد فصل ركعتين ثم قل اللهم إني اسألك وأتوجه إليك بنبيك نبي الرحمة يا محمد أني أتوجه بك إلى ربي فيجلي لي عن بصري اللهم شفعة في وشفعني في نفيي قال عثمان فو الله ما تفرقنا وطال بنا الحديث حتى دخل الرجل كأنه لم يكن به ضرر أخرجه البيهقي في الدلائل وهو من أبي إمامة عن عمه عثمان بن حنيف كما صرح به البيهقي أيضاً وكذا النميري والنسائي في اليوم والليلة وفي روايتهم أيضاً النسائي وابن ماجه والترمذي وقال لاحسن صحيح غريب وأحمد وابن خزيمة والحاكم وقال صحيح على شرطهما والبيهقي في الدلائل كلهم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 231 من طريق عمارة بن خزيمة بن ثابت عن عثمان بن حنيف نحوه وفي لفظ عند بعضهم أن رجلاً ضرير البصر أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال أدع الله أن يعافيني قال إن شئت أخرت ذلك فهو خير لك وإن شئت دعوت الله قال فادعه قال فأمره أن يتوضأ فيحسن الوضوء ويصلي ركعتين ويدعو بهذا الدعاء اللهم إني اسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد - صلى الله عليه وسلم - نبي الرحمة يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي في حاجتي هذه فيقضيها لي اللهم شفعة في وشفعتي فيه وفي لفظ آخر عن عثمان بن حنيف أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - وجاءه رجل ضرير فشكا إليه ذهاب بصره وقال يا رسول الله ليس في قائد وقد شق علي فقال أئت الميضأة فتوضأ ثم صل ركعتين ثم قل اللهم إني اسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد - صلى الله عليه وسلم - نبي الرحمة أني أتوجه بك إلى ربي فيجلي لي عن بصري اللهم شفعة في وشفعني في نفيي قال عثمان فو الله ما تفرقنا ولا طال بنا الحديث حتى دخل الرجل فكأنه لم يكن به ضر قط قلت: وليست هذه القصة من موضوع الكتاب والله الموفق. وعن أبي سليمان الداراني قال من أراد أن يسأل الله حاجته فليبدأ بالصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - ويسأل حاجته وليختم بالصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - فإن الله يتقبل الصلاة وهو أكرم من أن يرد ما يبنهما وفي لفظ إذا أرادت أن تسأل الله حاجة فصل على محمد ثم سل حلجتك ثم صل على النبي - صلى الله عليه وسلم - فإن الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - مقبولة والله - عز وجل - أكرم من أن يرد ما بينهما أخره النميري باللفظين وفي الاحياء مرفوعاً إذا سألتم الله ةجاجة فابدئوا بالصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - فإن الله أكرم من أن يسأل حاجتين فيقضي أحدهما ويرد الأخرى ولم أقف عليه وإنما هو عن أبي الدرداء قوله. وعن الحسن البصيري لأنه قال هذا الدعاء هو دعاء الفرج ودعاء الكرب: يا حابس يد إبراهيم عن ذبح ابنه وهما يتناجيان اللطف يا أبت يا بني يا مقبض الركب ليوسف في البلد الفقر وغيابة الجب وجاعله بعد العبودية نبياً ملكاً يا من سمه الهمس من ذي النون في ظلمات ثلاث ظلمة قعر البحر وظلمة الليل وظلمة بطن الحوت يا راد حزن يعقوب ويا راحم عيرة داود ويا كاشف ضر أيوب، يا مجيب دعوة المضطرين يا كاشف غم المهمومين صل على محمد وعلى آل محمد وأسألك أن تفعل بي كذا وكذا أخرجه الدينوري في المجالسة وعن الربيع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 232 حاجب المنصور قال لما استقرت الخلافة لأبي جعفر المنصور قال لي يا ربيع أبعث إلى جعفر ابن محمد يعني الصادق من يأتيني به ثم قال لي بعد ساعة ألم أقل لك إن تبعث لي جعفر بن محمد فو الله لتأتيني به وإلا قتلتك فلم أجد بدا فذهبت إليه فقلت يا أبا عبد الله أجب أمير المؤمنين فقام معي فلما دنونا من الباب قام يحرك شفتيه ثم دخل فيلم عليه فلم يرد عليه فوقف فلم يجلسه قال ثم رفع رأسه إليه فقال يا جعفر أنت الذي آليت علينا وأكثرت وحدثني أبي عن أبيه عن جده أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ينصب لكل غادر لواء يوم القيامة يعرف به فقال جعفر حدثني أبي عن أبيه عن جده أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ينادي مناد يوم القيامة من بطنان العرش إلا فليقم من كان أجره على الله تعالى فلا يقوم إلا ن عفا عن أخيه فما زال يقول حتى سكن ما به ولأن له فقال أجلس أبا عبد الله أرتفع أبا عبد الله ثم دعا بمدهن غالية فجعل يخلقه بيده والغالية تقطر من بيم أنامل أمير المؤمنين ثم قال أنصرف أبا عبد الله في حفظ الله وقال لي يا ربيع أتبع أبا عبد الله جائزته وأضعف له قال فخرجت فقلت أبا عبد الله تعلم محبتي لك قال نعم أنت يا ربيع منا حدثني أبي عن أبيه عن جده أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال مولى القوم من أنفيهم فقلت يا أبا عبد الله شهدت ما لم تشهد وسمعت ما لم تسمع وقد دخلت عليه ورأيتك تحرك شفتيك عند الدخول عليه أو شيئاً تؤثره عن آبائك الطيبين قال بلى حدثني أبي عن أبيه عن جده - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا حزبه أمر دعا بهذا الدعاء اللهم أحرسني بعينك التي لا تنام وأكنفني بركتك التلا لا ترام وأرحمنى بقدرتك علي فلا أهلك وأنت رجائي فكم من نعمة أنعمت بها علي قل لك بها شكري وكم من بلية أبليتني بها قل لك بها صبري فيا من قل عند نعمته شكري فلم يحرمني ويا من قل عند بليته صبري فلم يخذلني ويا من رآني على الخطايا فلم يفضحني يا ذا المعروف الذي لا ينقضي ابداً ويا ذا النعماء التي لا تحصى عدداً اسألك أن تصلي على محمد وعلى آل محمد وبك ادرأ في نحور الأعداء والجبارتي اللهم اعني على ديني بالدنيا وعلى آخرتي بالتقوى وأحقظني فيما غبت عنه ولا تكلني إلى نفيي فيما خطرته علي يا من لا تضره الذنوب ولا ينقصه العفو هب لي ما لا ينقصك وأغفر لي ما لا يضرك أنك أنت الوهاب اسألأك فرجاً قريباً وصبراُ جميلاً ورزقاً واسعاً والعافية من البلايا وشكر العافية. وفي رواية الجزء: 1 ¦ الصفحة: 233 واسألك تمام العافية واسألك دوام العافية واسألأك الشكر على العافية واسألأك الغنى عن الناس ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم أخرجه الديلمي في مسند الفردوس له في موضعين وسنده ضعيف جداً. وحكى الزمخشري في ربيع الأبرار إن رجلاً خاف من عبد الملك بن مروان حتى كان لا يقربه مكان فيبنما هو في ساحته هتف به هاتف من بعض الأودية أين أنت من السبع فقال وأي سبع يرحمك الله فقال سبحان الواحد الذي ليس غيره إله سبحان الجائم الذي لا نفاذ له سبحان القديم الذي لا بدؤ له سبحان الذي يخلق ما يرى وما لا يرى سبحان الذي علم كل شيء بغير تعليم اللهم إني اسألأك بحق هؤلاء الكلمات وحرمتهن أن تصلي على محمد وأن تفعل بي كذا فقالهن فألقى الله الأمن في قلبه وخرج من فوره فلقى عبد الملك فأمنه ووصله. وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال من قرأ مائة آية من القرآن ثم رفع يديه فقال سبحان الله سبحان الله سبحان الله وتعالى سبحانه وهو العلي العظيم سبحانه في سمواته وأرضه وسبحانه في الأرضين السفلى وسبحانه فوق عرشه العظيم وسبحانه وبحمده حمداً لا ينفذ ولا يبلى حمداً يبلغ رضاه ولا يبلغ منتهاه حمداً لا يحصى عددع ولا ينتهي أمده ولا تدرك صفته سبحانه ما أحصى قلمه ومداد كلماته لا إله إلا الله قائماً بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم واحداً فرداً صمداًلم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد الله أكبر الله أكبر الله أكبر كبيراً جليلاً عظيماً عليماً قاهراً عالماً جباراً أهل الكبرياء والعلاء والآلاء والنعماء والحمد لله رب العالمين. اللهم خلقتني ولم أك شيئاً مذكوراً فلك الحمد وجعلتني ذكراً سوياً فلك الحمد وجعلتني لا أحب تعجيل شيء أخرته ولا تأخير شيء عجلته فاسألك من الخير كله عاجله وآجله ما علمت منه وما لم أعلم اللهم متعني بسمعي وبصري فاجعلهما الوارث مني اللهم إني عبدك إبن أمتك ماص في حكمك عدل في قضائك اسألأك بكل اسم هو لك سميت به نفيك أو أنزلته في شيء من كتابك أو علمته من خلقك أو استأثرت به في العلم الغيب عندك أن تصلي على محمد وعلى آل محمد وأن تجعل القرآن نور صدري وربيع قلبي وجلاء حزني وذهاب همي ثم يدعو بما أحب فإن الله - عز وجل - يستجيب له. رواه النميري وعنده عن ابن عباس أيضاً قال إذا أراد أحدكم الدعاء بهذا الدعاء توضأ فأحسن وضوءه ثم ركع ركعتين فأتمهما ثم يقول اللهم اسألك باسمك الله الذي لا إله إلا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 234 هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم العلي العظيم باسمك الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار باسمك اله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم باسمك الله الذي لا إله إلا هو الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى باسمك الله الذي هو نور السموات والأرض الحي الذي لا يموت ألحد ذو الطول لا إله إلا هو وإليه المصير ذو الحول بديع السموات والأرض القديم ذو الجلال والإكرام باسمك الله الذي لا إله إلا هو الأول والآخر الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش الكريم ذو المعارج والقوي بعز اسمك الذي تنشر به الموتى وتحيي به وتنبت به الشجر وترسل به المطر وتقوم به السموات والأرض بعز اسمك الذي لا إله إلا هو الملك القدوس ولا يمس اسم الله نصب ولا لغوب تعالى اسم الله ولا قتراب علمه ولثبات اسم الله الذي لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى الذي هذه الأسماء منه وهو منها الذي لا يدرك ولا ينال ولا يحصى استجب لدعائي وقل له يا الله كن فيكون ثم تبدأ بالصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تصلي على محمد عبدك ورسولك أفضل ما صليت على أحد من خلقك أجمعين آمين. ويروى عبد الرزاق الطبسي بسند تألف عن ابن عباس رفعه من كانت له حاجة إلى الله فليقم في موضع لا يراه أحد وليتوضأ وضوأ سابغاً وليصل أربع ركعات يقرأ في كل ركعة منها الفاتحة مرة وقل هو الله أحد، في الأولى عشراً وفي الثانية عتشرين وفي الثالثة ثلاثين وفي الرابعة أربعين فإذا فرغ من صلاته قرأ قل هو الله أحد أيضاً خمسين وصلى على النبي - صلى الله عليه وسلم - سبعين وقال لا حول ولا قوة إلا بالله سبعين فإن كان عليه دين قضى الله دينه وإن كان غريباً ره الله وإن كان عليه ذنوب مثل عنان السماء يعني السحاب ثم أستغفر ربه ليغفر له وإن لم يكن له ولد يرزقه الله فإن دعاه إجابه وإن لم يدعه يغضب عليه وكان يقول لا تعلموها سفهاءكم فليستعينوا بها على فيقهم وعن وهيب بن الورد قال بلغنا أنه من الجعاء الذي لا يرد أن يصلي العبد اثنتي عشرة ركعة يقرأ في كل ركعة بأم القرآن وآية الكرسي وقل هو الله أحد فإذا فرغ خرساً جداً ثم قال سبحان الذي لبس العز وقال به سبحان الذي تعطف بالمجد وتكرم به سبحان الذي أحصى كل شيء بعلمه سبحان الذي لا ينبغي التسبيح إلا له سبحان ذي المن والفضل سبحان ذي العز والتكرم سبحان ذي الطول اسألك بمعاقد العز من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 235 عرشك ومنتهى الرحمة من كتابك وباسمك العظيم الأعظم وجدك الأعلى وكلماتك التامات كلها التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر أن تصلي على محمد - صلى الله عليه وسلم - ثم تسأل الله ما ليس بمعصية وكان وهيب يقول بلغنا أنه كان يقال لا تعلموها سفهاءكم فيتقومون بها على معاصي الله - عز وجل -. رواه الطبسي في الصلاة له من وجهين والنميري في الإعلام وابن بشكوال وعند الطبسي عن مقاتل ابن حيان وحاله معروف في قضية طزيلة من أراد أن يفرج الله كربته ويكشف غمه ويبلغه أمله وأمنيته ويقضي حاجته ودينه ويشرح صدره ويقر عينه فليصل أربع ركعات متى شاء وإن صلاها في جوف الليل أو ضحوة النهار كان أفضل يقرأ في كل ركعة الفاتحة ومعها في الأولى يس وفي الثانية الم تنزيل السجدة. وفي الثالثة الدخان وفي الرابعة تبارك فإذا فرغ من صلواته وسلم فليستقبل القبلة بوجهه ويأخذ في قراءة هذا الدعاء فيقرأه ماية مرة لا يتكلم بينها فإذا فرغ سجد سجده فيصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - وعل أهل بيته مرات ثم ليسأل الله - عز وجل - حاجته فإنه يرى الإجابة عن قريب إن شاء الله تعالى ثم ساق الدعاء والله أعلم وقد تقد في الصلاة عليه ليلة الأثنين ما يأتي هنا. (الصلاة عليه في الأحوال كلها) وأما الصلاة عليه في الأحوال كلها فقد روى ابن أبي شيبة في المصنف له عن أبي وائل قال ما شهد عبد الله مجمعاً ولا مأددبة فيقوم حتى يحمد الله ويصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - وإن كان ما يتبع أغفل مكان في السوق فيجلس فيه فيحمد الله ويصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد تقدم في هذا الباب أيضاً وحكى الشيخ أبو حفص عمر بن الحسن السمرقندي فيما روي عن بعض استاذيه عن أبيه قال سمعت رجلاً في الحرم وهو كثير الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - حيث كان من الحرم والبيت وعرفة ومنى فقلت أيها الرجل إن لكل مقام مقالاً فما بالك لا تشتغل بالدعاء ولا بالتطوع بالصلاة سوى إنك تصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال خرجت من خراسان حاجاً إلى هذا البيت وكان والدي معي فلما بلغنا الكوفة أعتل والدي وقويت به العلة فمات غطيت وجهه بازار ثم غبت عنه وجئت إليه فكشفت وجهه لأراه فإذا صورته كصورة الحمار الجزء: 1 ¦ الصفحة: 236 فحين رأيت ذلك عظم عندي وتشوشت بسبه وحزنت حزناً شديداً وقلت لنفيي كيف أظهر للناس بهذا الحال الذي صار والدي فيه وقعدت عنده مهموماً فأخذتني سنة من النوم فنمت فبينما أنا نائم إذ رأيت في منامي كأن رجلاً دخل علينا وجاء إلى عند والدي وكشف عن وجهه فنظر إليه وغطاه ثم قال لي ما هذا الغم العظيم الذي أنت فيه فقلت وكيف لا أغتم وقد صار ووالدي بهذه المحنة فقال أبشر أن الله - عز وجل - قد أزل عن والدك هذه المحنة قال ثم كشفت الغطاء عن وجهه فإذا هو كالقمر الطالع فقلت للرجل بالله من أنت فقد كان قدومك مباركاً فقال انا المصطفى فلما قال ذلك فرحت فرحاً عظيماً وأخذت بطرف ردائه فلففته على يدي وقلت بحق الله يا سيدي يا رسول الله ألا أخبرتني بالقصة فقل أن والك آكل الربا وإن من حكم الله - عز وجل - إن من أكل الربا يحول اله صورته عند الموت كصورة حمار أما في الآخرة ولكن كان من عادة والدك أن يصلي علي في ليلة قبل أن يضطجع على فراشه مائة مرة فلما عرضت له هذه المحنة من أكل الربا جاءني الملك الذي يعرض علي أعمال أمتي فأخبرني بحالة والدك فيألت الله فشفعني فيع قال فاستيقظت فكشفت عن وجه والدي فإذا هو كالقمر ليله بدره فحمدت الله وشكرته وجهزته وجفنته وجلست عند قبره ساعة فبينما أنا بين النائم واليقظان إذا أنا بهاتف يقول لي أتعرف بهذه العناية التي حقت والدك ما كان سببها قلت لا قال كان سببها الصلاة والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فآليت على نفيي أنني لا أترك الصلاة والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أي حال كنت وفي أي مكان كنت ونحوه عند ابن بشكوال عن عبد الواحد بن زيد قال خرجت حاجاً فصحبني رجل فكان لا يقوم ولا يقعد ولا يذهب ولا يجيء إلا صلى على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلت له في ذلك فقال أخبرك عن ذلك خرجت منذ سنيات إلى مكه ومعي أبي فلما أنصلافنا قلنا في بعض المنازل فبينما أنا نائم إذا أتاني آت فقال لي قم فقد أمات الله أباك وسود وجهه قال فقمت مذعوراً فكشفت الثوب عن وجه أبي فإذا هو ميت أسود الوجه فدخلني من ذلك رعب فبينما أنا على ذلك الغم إذ غلبتني عيناي فنمت فإذا انا على رأس ابي باربعة سودان معهم أعمدة من حديد عند رأسه وعند رجليه وعن يمينه وعن شماله إذا قبل رجل يمشي حسن الوجه بين ثوبين أخضرين فقال لهم تنحوا فرفع الثوب عن وجهه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 237 فمسح وجهه بيديه ثم أتاني فقال لي قم فقد بيض الله وجه أبيك فقلت من أنت بأبي وأمي قال أنا محمد - صلى الله عليه وسلم - فكشفت الثوب عن وجه أبي فإذا هو أبيض الوجه فأصلحت من شأنه ودفنته، مما يقرب من هذه الحكاية ما حكاه سفيان الثوري قال رأيت رجلاً من أهل الحج يكثر الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلت له هذا موضع الثناء على الله - عز وجل - فقال ألا أخبرك أنني كنت في بلدي ولي أخ قد حضرته الوفاة فنظرته فإذا وججه قد أسود وتخيلت أن البيت قد أظلم فأحزنني ما رأيت من حال أخي فبينما أنا كذلك إذ دخل علي رجل البيت وجاء أخي ووجه كأنه السراج المضيء فكشف عن وجه أخي ومسحه بيده فزال ذلك السواد وصار وجهه كالقمر فلما رأيت ذلك فرحت قلت له من أنت جزاك الله خيراً عما صنعت فقال أنا ملك موكل بمن يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - أفعل به هكذا وقد كان أخوك يكثر من الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان قد حصلت له محنة فعوقب بسواد الوجه ثم أدركه الله - عز وجل - ببركة صلواته على النبي - صلى الله عليه وسلم - فأزال عنه ذلك السواد وكساه هذا وروى أبو نعيم وابن بشكوال عن سفيان الثوري أيضاً قال بينما أنا حاج إذ دخل علي شاب لا يرفع قدماً ولا يضع أخرى إلا وهو يقول اللهمصلي محمد وعلى آل محمد فقلت له أبعلم تقول هذا قال نعم ثم قال من أنت قلت سفيان الثوري قال العراقي قلت نعم قال هل عرفت الله قلت نعم قال كيف عرفته بأنه يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل ويصور الولد في الرحم قال يا سفيان ما عرفت الله حق معرفته قلت وكيف تعرفه قال بفيخ العزم والهم ونقض العزيمة هممت ففيخ همتي وعزمت فنقص عزمي فعرفت أن لي ربا يدبرني قال قلت فما صلواتك على النبي - صلى الله عليه وسلم - قال كنت حاجاً ومعي والدتي فيألتني إن أدخلها البيت ففعلت فوقعت وتورم بطنها وأسود وجهها قال فجلست عندها وأنا حزين فرفعت يدي نحو السماء فقلت يارب هكذا تفعل بمن دخل بيتك فإذا بغمامة قد أرتفعت من قبل تهامة وإذا رجل عليه ثياب بيض فدخل البيت وأمر يده على وجهها فأبيض وأمر يده على بطنها فابيض فيكن المرض ثم مضى ليخرج فتعلقت بثوبه فقلت من أنت الذي فرجت عني قال أنا نبيك محمد - صلى الله عليه وسلم - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 238 قلت يا رسول الله فأوصني قال لا ترفع قدماً ولا تضع أخرى إلا وأنت تصلي على محمد وعلى آل محمد - صلى الله عليه وسلم -. (الصلاة في الأحوال كلها) وأما الصلاة في الأحوال كلها ومن تشفع بجاهه - صلى الله عليه وسلم - وتوسل بالصلاة عليه بلغ مراده وأنجح قصده وقد أفرادوا ذلك بالتصنيف ومن ذلم حديث عثمان بن حنيف الماضي وغيره وهذه من المعجزات الباقية على ممر الدهور والأعوام وتعاقب العصور والأيام ولو قيل إن إجابات المتوسلين بجاهه عقب توسلهم بتضمن معجزات كثيرة بعدد توسلاتهم لكان أحسن فلا يطمع حينئذ في عد معجزاته حاصر فإنه لو بلغ منها حاسر قاصر وقد انتدب لها بعض العلماء الإعلام فبلغ الفا وايم الله أنه لو أنعم النظر زاد منها الافا تلفى - صلى الله عليه وسلم - تسليماً كثيراً وحسبك قصة المهاجرة التي مات ولدها ثم أحياها الله - عز وجل - لها لما توسلت بجنابه الكريم ويدخل ههنا حديث أبي كعب وغيره من الأحاديث الماضية في الباب الثاني حيث قال فيها إذا تكفى همك ويغفر ذنبك ولله الحمد. (الصلاة عليه لمن أتهم وهو بريء) وأما الصلاة عليه لمن أتهم وهو بريء فعن ابن عمر - رضي الله عنهما - أنهم جاؤوا برجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فشهدوا عليه أنه سرق ناقة لهم فأمر به النبي - صلى الله عليه وسلم - لأن يقطع فقال اللهم صل على محمد حتى لا يبقى من صلاتك شيء وسلم على محمد حتى لا يبقى من سلامك شيء وبارك على محمد حتى لا يبقى من بركاتك شيء فتكلم الجمل فقال يا محمد أنه بريء من سرقتي فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - من يأتيني بالرجل فابتدره سبعون من أهل المسجد فجاؤوا به فقال يا هذا ما قلت آنفاً وأنت مدبر فأخبر بما قاله النبي - صلى الله عليه وسلم - لذلك نظرت إلى الملائكة محدقون سكك المدينة حتى كادوا يحولوا بيني وبينك ثم قال لتردن على الصراط ووجهك أضوأ من القمر ليلة البدر. أخرجه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 239 الديلمي ولا يصح وعزاه لصاحب الدر المنظم في المولد المعظمن بلفظ، وروي أن جماعة شهدوا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - على رجل بالسرقة فأمر بقطعه وكان المسروق جملاً فصاح الجمل لا تقطعوه فقيل له بم نجوت فقال بصلواتي على محمد في كل يوم مائة مرة فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - نجوت من عذاب الدنيا والآخرة وكذا رواه ابن بشكوال بلا سند. (الصلاة عليه عند لقاء الإخوان) وأما الصلاة عليه عند لقاء الإخوان فعن أنس - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ما من عبدين متحابين في الله - عز وجل - وفي رواية ما من مسلمين يستقبل أحدهما صاحبه وفي رواية يلقيان فيتصافحان ويصليان على النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا لم يتفرقا حتى يغفر لهما ذنوبهما ما تقدم وما تأخر أخرجه الحسن بن سفيان وأبو يعلى في مسنديهما وابن حبان في الضعفاء له والرشيد العطار وابن بشكوال من طريق بقى بن مخلد ولفظه ما من مسليمن يلتقيان فيصافح أحدهما صاحبه ويصليان على النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا لم يبرحا حتى يغفر ذنوبهما ما تقدم وما تأخر. ومن طريق أبي نعيم من وجهين عنه بلفظ ما من متحابين بستقبل أحدهما صاحبه فيصافحه ويصليان على النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا لم يبرحا حتى يغفر لهما ذنوبهما ما تقدم وما تأخر وقال غريب قلت بل ضعيف جداً لكن قد حكى الفاكهاني عن بعض الفقراء المباركين أنه أخبره: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما يرى النائم فقلت يا رسول الله أنت قلت ما من عبدين متحابين في الله يلتقيان فيصافح أحدهما صاحبه فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا لم يفرقا حتى يغفر ذنوبهما مل تقدم وما تأخر والدعاء بين صلاتين علي لا يرد - صلى الله عليه وسلم - والله أعلم. (الصلاة عليه عند تفرق القوم) وأما الصلاة عليه عند تفرق القوم بعد اجتماعهم ففيه حديث ما جلس قوم مجلساً ثم تفرقوا عن غير ذكر الله الحديث وقد تقدم الباب الثالث وحديث زينوا مجالسكم بالصلاة علي وتقدم في الباب الثاني. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 240 (الصلاة عند ختم القرآن) وأما الصلاة عند ختم القرآن فقد وردت آثار في أن هذا المحمل محل دعاء وعند ختم القرآن تنزل الرحمة وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال من ختم القرآن فله دعوه مستجابه وحينئذ إذا كان هذا المحل من آكد مواطن الدعاء وأحقها بالإجابة فهو من آكد مواطن الصلاة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبالله التوفيق. (الصلاة عليه في الدعاء) وأما الصلاة عليه في الدعاء لحفظ القرآنه فعن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه قال بينما نحن عند النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ جاء النبي علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - وقال بأبي أنت وأمي تفلت هذا القرآن يا رسول الله من صدري فما أجدني أقدر عليه فقال له يارسول الله - صلى الله عليه وسلم - يا أبا الحسن أفلا أعلمك كلمات ينفعك الله بهن وتنفع بهن من علمته ويثبت ما تعلمت في صدرك قال أجل يارسول الله فعلمني قال إذا كان ليلة الجمعة فإن أستطعت أن تقوم في ثلث الليل الآخر فإنها ساعة مشهودة والدعاء فيها مستجاب وقد قال أخي يعقوب لبنيه سوف أستغفر لكم ربي يقول حتى تأتي ليلة الجمعة فإن لم تستطع فقم في وسطها فإن لم تستطع فقم في أولها فصل لأربع ركعات تقرأ في الركعة الأولى بفاتحة الكتاب وسورة يسن وفي الركعة الثانية بفاتحة الكتاب وحم الدخان وفي الركعة الثالثة بفاتحة الكتاب والم تنزيل السجدة وفي الركعة الرابعة بفاتحة الكتاب وتبارك المفصل فإذا فرغت من التشهد فاحمد الله وأحسن الثناء على الله وصل علي وأحسن، وعلى سائر النبيين وأستغفر للمؤمنين والمؤمنات ولاخوانك الذين سبقوك بالإيمان ثم قل في آخر ذلك اللهم آرحمني بترك المعاصي ابداً ما أبقيتبي وأرحمني أن أتكلف ما لا يعينني وأرزقني حسن النظر فيما يرضيك عني اللهم بديع السموات والأرض ذا الجلال والإكرام والعزة التي لا ترام اسألك يا الله يا رحمن بجلالك ونور وجهك أن تلزم فلبي حفظ كتابك كما علمتني وأرزقني أن أتلوه على النحو الذي يرضيك عني. اللهم بديع السموات والأرض ذا الجلال والإكرام والعزة التي لا ترام الجزء: 1 ¦ الصفحة: 241 اسألك يا الله يا رحمن بجلالك ونور وجهك أن تنور بكتابك بصري وأن تطلق به لساني وأن تفرج به عن قلبي وأن تشرح به صدري وأن تغسل به بدني فإنه لا يعينني على الحق ولا يؤتيه إلا أنت ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم يا أبا الحسن تفعل ذلك ثلاث جمع أو خمس أو سبع تجاب بإذن الله والذي بعثني بالحق ما أخطأ مؤمناً قط قال عبد الله بن عباس فوالله ما لبث علي إلا خمساً أو سبعاً حتى جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مثل ذلك المجلس فقال يا رسول الله إني كمتىفيما خلا لا آخذ إلا أربع آيات ونحوهن وإذا قرأتهم على نفيي تفلتن وأنا أتعلم اليوم أربعين آيه ونحوها وإذا قرأتها على نفيي فكأن كتاب الله بين عيني ولقد كنت أسمع الحديث فإذا رددته تفلت مني وأنا اليوم أسمع الأحاديث فإذا تحدث بها لم أخهرم منها حرفاً فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند ذلك مؤمن ورب الكعبة يا أبا الحسن أخرجه الترمذي في جامعة هكذا وقال غريب والحاكم صحيحه وقال صحيح على شرطهما وتعقبه الذهبي فقال هذا حديث منكر شاذ أخاف أن لا يكون موضوعاً وقد حيرني والله جودة إسناده انتهى. وجزم في موضع آخر بأنه موضوع وفي آخر بأنه باطل وكذا ذكره ابن الجوزي في الموضوعات وأتهم بوضعه من هو برئ من ذلك حسبما يظهر من جمع طرق الحديث، وقد أخرجه الطبراني في الدعاء الكبير من وجه وأورده ابن الجوزي من كريقه أيضاً ولفظه عن ابن عباس قال: قال علي يا رسول الله إن القرآن تفلت من صدري فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - ألا أعلمك كلمات ينفعك الله بهن وتنفع من علمته قال بأبي أنت وأمي قل صل ليلة الجمعة أربع ركعات تقرأ في الركعة الأولى بفاتحة الكتاب ويس في الثانية بفاتحة الكتاب وحم الدخان وفي الثالثة بفاتحة الكتاب والم تنزيل الكتاب السجدة وفي الرايعة بفاتحة الكتاب وتبارك المفصل فإذا فرغت من التشهد فاحمد الله تعالى وأثن عليه وصل على النمبيين وأستغفر للمؤمنين ثم قل اللهم أرحمني بترك المعاصي ابداً ما أبقتني أرزقني حسن النظر فيما يرضيك عني اللهم بديع السموات والأرض ذا الجلال والإكرام والعزة التي لا ترام اسألك يا الله بجلالك ونور وجهك أن تلزم قلبي حفظ كتابك كما علمتني وأرزقني أن أتلوه على النحو الذي يرضيك عني وأسألأك أن تنور بالكتاب بصري وتطلق به لساني وتفرج به عن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 242 قلبي وتشرح به صدري وتغسل به ذنوبي وتقويتي على ذلك وتعينني عليه فإنه لا يعينني على الخير غيرك ولا توفق له إلا أنت، فأفعل ذلك ثلاث جمع أو خمساً أو سبعاً تحفظه بإذن الله وما أخطأ مؤمناً قط فأتي النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك بسبع جمع فأخبره بحفظ القرأن والحديث فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - مؤمن ورب الكعبة علم أبا حسن على أبا حسن وقد قال المنذري طرق أسانيد هذا الحديث جيدة ومتنه غريب جداً انتهى. ونحو ذلك قال العماد بن كثير إن في المتن غرابة بل نكارة قلت والحق أنه ليست له علة إلا أنه عن ابن جريج عن عطاء بالعنعنة أفادة شيخنا وأخبرني غير واحد أنهم جربوا الجعاء به فوجدوه حقاً والعلم عند الله تعالى. (الصلاة عليه عند القيام من المجلس) وأما الصلاة عليه عند القيام من المجلس فعن عثمان بن عمر قال رأيت سفيان بن سعيد الثوري ما لا أحصى إذا أراد القيام يقول صلى الله وملائكته على محمد وعلى أنبياء الله وملائكته قال بعض المحدثين سمعت أبا داؤد الطيالسي يقول لولا هذه العصابة لا ندرس الإسلام يعني أصحاب الحديث الذين يكتبون الآثار أخرجه ابن أبي حاتم والنميري. (الصلاة عليه في كل موضع) وأما الصلاة عليه في كل موضع يجتمع فيه لذكر الله ففيه حديث أبي هريرة أن لله سيارة من الملائكة وقد تقدم الباب الثاني وأخرجه أبو سعيد القاضي في فوائده وأصل الحديث في مسلم ولله در القائل. روح المجالس ذكره وحديثه وهدى لكل ملذذ حيران وإذا أخل بذكره في مجلس فأولئك الأموات في الحيان (الصلاة عليه عند افتتاح الكلام) وأما الصلاة عليه عند افتتاح كل كلام فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 243 قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كل كلام لا يذكر الله تعالى فيه فيبدأ به وبالصلاة علي فهو أقطع ممحوق من كل بركة أخرجه الديلمي في مسند الفردوس وأبو موسى المديني والمحاملي في الإرشاد ومن طريقه الرهاوي في الأربعين له وسنده ضعيف وهو في الثاني من فوائد أبي عمرو بن منذة بلفظ كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بذكر الله ثم الصلاة علي فهو أقطع أكتع ممحوق من كل بركة والحديث مشهور لكن بغير هذا اللفظ وقد قال الشافعي أحب أن يقدم المرء بين يدي خطبته وكل أمر طلبه حمد الله والثناء عليه سبحانه وتعالى والصلاة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. (الصلاة عليه عند ذكره) وأما الصلاة عليه عند ذكره ففيه أحاديث في الباب الثاني والثالث وتقدم الحكم فيه في المقدمة وقد نقل عياض رحمه الله عن ابن إبراهيم التجيبي أنه قال واجب على كل مؤمن ذكره - صلى الله عليه وسلم - أو ذكر عنده أن يخضع ويخشع ويتوقر ويسكن من حركته ويأخذ من هيبته - صلى الله عليه وسلم - وإجلاله بما كان يأخذ به نفيه لو كان بين يديه ويتأدب بما أدبنا الله تعالى به قال وهذه كانت سيرة سلفنا الصالح وأئمتنا الماضين وكان مالك - رضي الله عنه - إذا ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - يتغير لونه وينحني حتى يصعب ذلك على جلسائه فقيل له يوماً في ذلك فقال لو رأتيم ما رأيت لما أنكرتم علي ما ترون لقد كنت أرى محمد بن المنكدر وكان سيد القراء لا تكاد تسأله عن حديث ابداً إلا يبكي حتى نرحمه ولقد كنت أرى جعفر بن محمد وكان كثير الدعابة والتبسم فإذا ذكر عنده النبي - صلى الله عليه وسلم - أصفر وما رأيته يحدث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا على طهارة ولقد كان عبد الرحمن بن القاسم يذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - فننظر إلى لونه كأنه نزف منه الدم وقد جف لسانه في فيه هيبة لرسول الله ولقد كنت آتي عامر بن عبد الله بن الزبير فإذا ذكر عنده رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبكي حتى لا يبقى في عينه دموع ولقد رأيت الزهري وكان من اهنأ الناس وأقربهم فإذا ذكر عنده النبي - صلى الله عليه وسلم - فكأنه ما عرفك ور عرفته ولقد كنت آتي صفوان بن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 244 سليم وكان من المتعبدين المجتهدين فإذا ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - بكى فلا يزال يبكي حتى يقول الناس عنه ويتركوه وكنا ندخل على أيوب السختياني فإذا ذكر له حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بكى حتى نرحمه انتهى. فإذا تأملت هذا عرفت ما يجب عليك من الخشوع والخضوع والوقار والتأدب والمواظبة على الصلاة والتسليم عند ذكره أو سماع اسمه الكريم - صلى الله عليه وسلم - تسليماً كثيراً، كثيراً. (الصلاة عليه عند نشر العلم والوعظ وقراءة الحديث) وأما الصلاة عليه عند نشر العلم والوعظ وقراءة الحديث ابتداء وانتهاءاً فتأكده لمن أتصف بوصف التبليغ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيفتح كلامه بحمد الله والثناء عليه وتمجيده والإعتراف له بالوحدانية وتعريف حقوقه على العباد ثم بالصلاة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتمجيده والثناء عليه وإن يختم ذلك أيضاً بالصلاة عليه - صلى الله عليه وسلم - تسليماً. قال ابن الصلاح ينبغي أن يحافظ على الصلاة والتسليم عند ذكره - صلى الله عليه وسلم - وأن لا يسأم من تكرير ذلك عند تكريره فإن ذلك من أكبر الفوائد التي يتعجلها طلبه الحديث وحملته وكتبته ومن أغفل ذلك حرم حظاً عظيماً قال وما نكتبه من ذلك فهو دعاء نثبته لا كلام نرويه فلا تتقيد بالرواية ولا تقتصر فيه على ما في الأصل وهكذا الأمر في الثناء على الله عند ذكر اسمه - عز وجل - انتهى ورؤي منصور بن عمارة في النوم فقيل له ما فعل الله بك قال أوقفني بين يديه فقال لي أنت منصور بن عمار قلت بلى قال أنا الذي تزهد الناس في الدنبا وترغب فيها قلت قد كان ذلك ولكني ما أتخذت مجلساً إلا وبدأت بالثناء عليك وثنيت بالصلاة على نبيك - صلى الله عليه وسلم - وثلثت بالنصحية لعبادك قال صدقت صعوا له كرسياً في سمواتي يمجدني بين ملائكتي كما مجدني بين عبادي أخرجه ابن بشكوال من طريق أبي القاسم القشيري فيبحان الله المجيد الفعال لما يريد لا إله إلا سواه ولا نعبد إلا إياه وصلى الله على محمد وعلى آل محمد وسلم وقال النوويفي الأذكار يستحب لقارئ الحديث وغيره ممن في معناه إذا ذكر الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يرفع صوته بالصلاة عليه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 245 والتسليم ولا يبالغ في الرفع مبالغة في فاحشة وممن نص على رفع الصوت الإمام الحافظ أبو بكر الخطيب البغدادي وآخرون وقد نقلته إلى علوم الحديث ونص العلماء من أصحابنا وغيرهم على أنه يستحب أن يرفع صوته بالصلاة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في التلبية انتهى. وقد تقدم في الباي الثاني الحكاية عن مسطح في المنام أن الله غفر له ولأهل المجالس يرفع أصواتهم بالصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - وقيل لا ينبغي أن يرفع صوته لأنه قد يكون سبباً لفوات سماع حديثه - صلى الله عليه وسلم - فإن لم يكن سبباً لذلك فلا شك أنه لايكره رفع الصوي بها لما يلزمنا من حرمته - صلى الله عليه وسلم - بعد موته وتوقيره وتعظيمه كما في حال حياته - صلى الله عليه وسلم - بعد موته وتوقيره وتعظيمه كما كان في حال حياته - صلى الله عليه وسلم - وعن محمد بن يحيي الكرماني قال كنا بحضرة أبي علي بن شاذان فدخل علينا شاب لا يعرفه منا أحد فيلم علينا ثم قال أيكم أبو علي بن شاذان فأشرنا له إليه فقال إيها الشيخ رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال لي سل عن مسجد أبي علي بن شاذان فإأ لقيته فأقرأه مني السلام ثم أنصرف الشاب فبكى أبو علي وقال ما أعرف لي عملاً أستحق به هذه إلا أن يكون صبري على قراءة الحديث وتكرير الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - كلما جاء ذكره. قال الكرماني ولم يلبث أبو علي بعد ذلك إلا شهرين أو ثلاثة حتى مات رحمه الله تعالى رواه ابن بشكوال وروى أبو القاسم التيمي في ترغيبه من طريق أبي الحسن الحراني قال كان أبو عروبة الحراني لا يترك احدً يقرأ عليه الأحاديث إلا ويصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - ويبين ذلك وكان يقول بركة الحديث كثرة الصلاة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الدنيا ونعيم الجنة في الآخرة إن شا الله تعالى وروينا عن وكيع بن الجراح من طريق ابن بشكوال وغيره قال لولا الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - في كل حديث ما حدتث أحداً وفي رواية أخرى لولا أن الحديث أفضل عندي من التسبيح ما حدثت ةفي أخرى لو أعلم أن الصلاة أفضل من الحديث ما حدثت وروى أبو القاسم التيمي من طريق أبي الحسن النهاوندي الزاهد قال لقي رجل خضر، والنبي فقال له أفضل الأعمال إتباع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والصلاة عليه قال الخضر وأفضل الصلاة عليه ما كان عند نشر حديثه واملائه يذكر باللسان ويكتب في الكتاب ويرغب فيه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 246 شديداً ويفرج به كثيراً وإذا اجتمعوا لذلك حضرت ذلك المجلس معهم وعن أبي أحمد الزاهد قال أبرك العلوم وأفضلها وأكثرها نفعاً في الدين والدنيا بعد كتاب الله تعالى أحاديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - لما فيها من كثرة الصلاة عليه فإنها كالرياض والبساتين تجد فيها كل خير وبر وفضل وقد تقدم في آواخر الباب الثاني أيضاً وذكر ابن بشكوال في الصلة له في ترجمة أبي محمد عبد الله بن أحمد بن عثمان الطليطلي أنه كان يبدأ في المناظرة بذكر الله - عز وجل - والصلاة على محمد نبيه - صلى الله عليه وسلم - ثم يورد الحديث والحديثين والثلاثة والموعظة، ثم يبدأ بطرح المسائل وروى أبو نعيم في ترجمة عمر بن عبد العزيز من الحلية له بسند إلى الأوزاعي قال كتب عمر يعني ابن عبد العزيز أن يأمروا القصاص أن يكون جل أطنابهم ودعائهم الصلاة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. (الصلاة عليه عند كتابة الفتيا) وأما الصلاة عليه عند كتابة الفتيا فقال النووي رحمه الله في الروضة من زوائده يستحب عندة إرادة الإفتاء أن يستعيذ من الشيطان ويسمي الله تعالى ويحمده ويصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - ويقول لا حول ولا قوة إلا بالله ويقول رب أشرح لي صدري ويسر لي أمري وأحلل عقدة من لساني ثم قال وإذا كان السائل قد أغفل الدعاء أو الحمد والصلاة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في آخر الفتوى الحق المفتي ذلك بحظه فإن العادة جارية به والله أعلم. (الصلاة عليه عند كتابه اسمه) وأما الصلاة عليه عند كتابه اسمه - صلى الله عليه وسلم - وما فيه من الثواب وذم من أغفله فأعلم أنه كما تصلي عليه بلسانك فكذلك خط الصلاة عليه ببنانك مهما كتبت اسمه الشريف في كتاب فإن لك به أعظم الثواب وهذه فضيلة يفوز بها تباع الآثار ورواة الأخبار وحملة السنة في لها من منة وقد أستحب أهل العلم أن يكرر الكاتب الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - كلما كتبه قالو ولا ينبغي إن يرمز بالصلاة كما يفعله الكسالى والكهلة وعوام الطلبة فيكتبون صورة (صلعم) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 247 بدلاً من - صلى الله عليه وسلم - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من صلى علي في كتاب لم تزل الملائكة يستغفرون له مادام اسمي في ذلك الكتاب رواه الطبراني في الأوسط والخطيب في شرف أصحاب الحديث وابن بشكوال وأبو الشيخ في الثواب والمستغفري في الدعوات والتيمي في الترغيب بسند ضعيف وأورده ابن الجوزي في الموضوعات وقال ابن كثير أنه لا يصح وفي لفظ لبعضهم لم تزل تستغفر له وفي آخر من كتب في كتابه - صلى الله عليه وسلم - لم تزل الملائكة تستغفر له مادام في كتابه وعن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من كتب عني علماً فكتب معه صلوات علي لم تزل في آخر ما قرئ ذلك الكتاب أخرجه الدارقطني وابن بشكوال من طريقه وابن مندي وابن الجوزي أيضاً وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من صلى علي في كتاب لم تزل الصلاة جارية له مادام اسمي في ذلك الكتاب أخرجه أبو القاسم التيمي في ترغيبه ومحمد بن الحسن الهاشمي وفي سنده من أتهم بالكذب، وقد قال ابن كثير ليس هذا الحديث بصحيح من وجوه كثيرة وقد روى من حديث أبي هريرة ولا يصح أيضاً وقال الذهبي أحسبه موضوعاً انتهى. وروى موقوفاً عن كلام جعفر بن محمد قال ابن القيم وهو أشبه يرويه محمد بن حميد عنه قال من صلى على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في كتاب صلت عليه الملائكة غدوة ورواحاً مادام اسم الله - صلى الله عليه وسلم - في الكتاب. وعن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا كان يوم القيامة يجيء أصحاب الحديث معهم المحابر فيقول الله لهم أنتم أصحاب الحديث طال ما كنتم تكتبون الصلاة على نبي - صلى الله عليه وسلم - أنطلقوا إلى الجنة أخرجه الطبراني وابن بشكوال من طريقه ونقل عن طاهر بن أحمد النيسابوري أنه قال ما أعلم حدث به غير الطبراني قلت هو في مسند الفردوس من غير طريقة ولفظه: إذا كان يوم القيمة جاء أصجاب الحديث بأيديهم المحابر فيأمر الله جبريل عليه السلام أن يأتيهم فيسألهم من هم فيقولون نحن أصحاب الحديث فيقول الله لهم أدخلوا الجنة فقد طال ما كنتم تصلون على نبي محمد - صلى الله عليه وسلم -. وأخرجه النميري باللفظ الأول ومن وجه آخر بلفظ يحشر الله أصحاب الحديث وأهل العلم يوم القيامة وحبرهم خلوق يفوح الجزء: 1 ¦ الصفحة: 248 فيقفون بين يدي الله فيقول لهم طال ما كنتم تصلون على نبي أنطلقوا بهم إلى الجنة وهو ضعيف وقد ذكره أبو الفرج بن الجوزي في كتابه وعن سفيان الثوري قال لو لم يكن لصاحبه الحديث فائدة إلا الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - فإنه يصلي عليه مادام في ذلك الكتاب - صلى الله عليه وسلم - أخرجه الخطيب وابن بشكوال وعند الخطيب أيضاً ومن طريقه ابن بشكوال عن سفيان بن عيينة أيضاً قال حدثنا خلف صاحب الخلقان قال كان لي صديق يطلب معب الحديث فمات فرأيته في المنام وعليه ثياب خضر جد ويجول فيها فقلت له الست كنت تطلب معي الحديث فما هذا الذي أرى فقال كنت أكتب معكم الحديث فلا يمر بي حديث فيه ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا كتبت في أسفله - صلى الله عليه وسلم - فكافأني بهذا الذي ترى علي - صلى الله عليه وسلم - وروى النميري عن سفيان بن عيينة أيضاً قال كان لي أخ مواخ في فمات فرأيته في النوم فقلت ما فعل الله بك قال غفر لي قلت بماذا قال كنت أكتب الحديث فإذا جاء ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - كتبت - صلى الله عليه وسلم - ابتغي بذلك الثواب فغفر لي بذلك وعن جعفر الزغواتي قال سمعت خالي الحسن بن محمد يقول رأيت أحمد بن حنبل في النوم فقال لي يا أبا علي لو رأيت صلاتنا على النبي - صلى الله عليه وسلم - في الكتب كيف يزهو بين أيدينا رواه ابن بشكوال قلت وقد ذكر الخطيب في كتابه الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع قال رأيت بخط الإمام أحمد بن حنبل - رضي الله عنه - كثيراً ما يكتب اسم النبي - صلى الله عليه وسلم - من غير ذلك الصلاة عليه كتابه قال وبلغني أنه كان يصلي عليه لفظاً وروى النميري عن ابن سنان قال سمعت عباساً العنبري وعلي ابن المديني يقولان ما تركنا الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - في كل حديث سمعناه وربما عجلنا فنبيض الكتاب في كل حديث حتى نرجع إليه وعن أبي الحسن الميموني قال رأيت الشيخ أبا علي الحسن بن عيينة في المنام بعد موته وكأن على أصابع يديه شيئاً مكتوباً بلون الذهب أو بلون الزعفران فيألته عن ذلك وقلت يا أستاذ أرى على أصبعيك شيئاً مليحاً مكتوباً ما هو قال يا بني هذا لكتبتي لحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رواه أبو القاسم التيمي في ترغيبه وروى غير واحد عن القاضي برهان الدين بن جماعة اذنا عن الإمام أبي عمرو بن المرابط سماعاً أن الحافظ أبا أحمد الدمياطي أخبره عن الشيخ علي بن عبد الكريم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 249 الدمشقي فيما شافه قال رأيت في المنام محمد بن الإمام زكي الدين المنذري بعد موته عند وصول الملك الصالح وتزيين المدينة له فقال فرحتم بالسلطان قلت نعم فرح الناس به فقال أما نحند فدخلنا الجنة وقبلنا يده وقال ابشروا، كل من كتب بيده قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو معي في الجنة وهذا سند صحيح والمرجو من فضل الله حصول ذلك وعن أبي سليمان محمد بن الحسين الحراني قال: قال رجل من جواري يقال له الفضل وكان كثبلا الصوم والصلاة كنت أكتب الحديث ولا أصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - فرأيته في المنام فقال لي إذا كتبت أو ذكرت لم لا تصلي علي ثم رأيته - صلى الله عليه وسلم - مرة أخرى من الزمان فقال لي بلغتني صلاتك علي فإذا صليت علي أو ذكرت فقل - صلى الله عليه وسلم - أخرجه الخطيب وابن بشكوال من طريقه والتيمي في ترغيبه وعنه أيضاً قال رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في المنام فقال لي يا أبا سليمان إذا ذكرتني في الحديث فصليت علي إلا تقول وسلم وهي أربعة أحرف بكل حرف عشر حسنات تترك أربعين حسنة وعن إبراهيم النسفي قال رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في المنام كأنه منقبض مني فمددت يدي إليه ثم قبلتا يده وقلت يا رسول الله أنا من اصحاب الحديث ومن أهل السنة وأنا غريب فتبسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال إذا صليت علي لم لا تسلم فصرت بعد ذلك إذا كتبت صلى الله عليه كتبت وسلم وعن محمد بن أبي سليمان أو عمر بن أبي سليمان والأول قال رأيت أبي في النوم فقلت يا أبي ما فعل الله بك قال غفر لي قلت بماذا قال بكتابتي الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - في كل حديث أخرجه الخطيب ومن طريقه ابن بشكوال وعن عبد الله بن عمر بن ميسرة القواريري قال كان لي جار وكان وراقاً فرؤي أو قال فرأيته في المنام فقيل له أو فقلت له ما فعل الله بك قال غفر لي قيل أو قال قلت بماذا قال كنت إذا كتبت ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث كتبت - صلى الله عليه وسلم - رواه ابن بشكوال وعن جعفر بن عبد الله قال رأيت ابا زرعة في المنام وهو في السماء يصلي بالملائكة فقلت له بم نلت هذا فقال كتبت بيدي ألف ألف حديث إذا ذكرت النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد قال - صلى الله عليه وسلم - من صلى علي مرة صلى الله عليه عشراً ذكره ابن عساكر وعن عبد الله بن عبد الحكم قال رأيت الشافعي - رضي الله عنه - في النوم فقلت له ما فعل الله بك قال رحمني الجزء: 1 ¦ الصفحة: 250 وغفر لي وزففت إلى الجنة كما تزف العروس ونثر علي كما ينثر على العروس فقلت له بم بلغت هذه الحالة فقال لي قائل يقول بك بما في كتاب الرسالة من الصلاة على محمد - صلى الله عليه وسلم - قلت وكيف ذلك قال: قال صلى الله على محمد عدد ما ذكره الذاكرون وعدد ما غفل عن ذكره الغافلون قال فلما أصبحت نظرت في الرسالة فوجدت الأمر كما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رواه النميري وابن بشكوال وابن مسدي في طريق الطحاوي عنه وكذا روى كما أخرجه البرذالي في المنامات ومن طريقه ابن مسدي من طريق المزين أنه قال رأيت الشافعي في المنام بعد موته فقلت له ما فعل الله بك فقال غفر لي بصلاة صليتها على النبي - صلى الله عليه وسلم - في كتاب الرسالة وهي اللهم صل على محمد كلما ذكره الذاكرون وصل على محمد كلما غفل عن ذكره الغافلون وفي لفظ للبيهقي في المناقب والتيمي في الترغيب عن أبي الحسن الشافعي قال رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في المنام فقلت يا رسول الله بم جزى الله الشافعي عنك حيث يقول في كتاب الرسالة وصلى الله على محمد كلمت ذكره الذاكرون وغفل عن ذكره الغافلون فقال جزى عني أنه لا يوقف للحساب ورويناه في الجزء المروي لنا من حديث ابن الصلاح من طريق أبي المظفر السمعاني لسنده إلى ابن الحسين يحيى بن الحسين الطائي وكذا هو في مسلسلات ابن مسدي من طريق أبي الحسن قال سمعت ابن بنان الأصبهاني يقول رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المنامفقلت يا رسول الله، محمد بن إدريس الشافعي ابن عمك هل خصصته بشيء أو هل نفعته بشيء قال نعم سألت الله أن لا يحاسبه فقلت يا رسول الله بم قال لأنه كان يصلي علي صلاة لم يصل علي أحد مثلها قلت فما تبك الصلاة قال كان يقول اللهم صل على محمد كلما ذكره الذاكرون وصل على محمد كلما غفل عن ذكره الغافلون وعند البيهقي أيضاً أن الشافعي رؤي في النوم فقيل له ما فعل الله ب قال غفر لي فقيل له بماذا قال بخمس كلمات كنت أصلي بهن على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقيل له وما هن قال كنت أقول اللهم صل على محمد عدد من صلى عليه وهل على محمد بعدد من لم يصل عليه وصل على محمد كما أمرت أن يصلي عليه وصل على محمد كما تحب أن يصلي عليه وصل على محمد كما ينبغي الصلاة عليه وعند النميري وابن بشكوال وابن مسدي من طريقه كرهما من طريق الخطيب عن عبد الله بن صالح الجزء: 1 ¦ الصفحة: 251 قال رؤي بعض أصحاب الحديث في المنام فقيل له ما معنى ما فعل الله بك قال غفر لي فقيل له بأي شيء قال بصلاتي في كتبي على النبي - صلى الله عليه وسلم - وأخرج ابن بشكوال من طريق إسماعيل بن علي بن المثني عن أبيه قال رؤى بعض أصحاب الحديث في النوم فقيل له ما فعل الله بك قال غفر لي قيل بماذا قال بكثرة ما كتبت بهاتين الأصبعين - صلى الله عليه وسلم - وروى عبد الله المروزي قال كنت أنا وأبي نتقابل بالليل الحديث فرؤي في الموضع الذي كنا نتقابل فيه عمود من نور يبلغ عنان السماء فقيل ما هذا النور فقيل صلاتهما على النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا تقابلا - صلى الله عليه وسلم - وشرف وكرم أخرجه الخطيب وابن بشكوال من طريقه وعن أبي إسحاق إبراهيم بن دارم الدارمي المعروف بنشهل قال كنت أكتب في تخريجي للحديث قال النبي - صلى الله عليه وسلم - تسليماً قال فرأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في المنام كأنه أخذ شيئاً مما أكنه فنظر فيه فقال هذا جيد رواه الخطيب ولبن بشكوال من طريقه أيضاً ورؤي الحسن بن رشيق في حالة حسنة بعد موته فقيل له بم أوتيت هذا قال بكثرة صلاتي على النبي - صلى الله عليه وسلم - رواه ابن بشكوال وغيره روى الحافظ أبو موسى المديني في كتابه عن جماعة من أهل الحديث إنهم رؤوا بعد موتهم فأخبروا أن الله غفر لهم بكتابتهم الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - في كل حديث وعند النميري وابن بشكوال قال حضر أبو العباس الخياط في مجلس أبي محمد بن رشيق رحمهما الله فأكرمه الشيخ وقال له هل للشيخ شيء يقدم فقال اقرؤوا ثم قال في الثالثة رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المنام فقال أحضر مجلس رشيق فإنه يصلي علي فيه كذا وكذا مرة وعن الحسن ابن موسى الخضرمي المعروف بابن عجينة قال كنت إذا كتبت الحديث أتخطأ فيه الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - أريد بذلك العجلة فرأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في المنام فقال مالك لا تصلي علي إذا كتبت كما يصلي علي أبو عمرو الطبراني قال فانتبهت وأنا فزع فجعلت الله على نفيي إن لا أكتب حديثاً فيه حديث النبي إلا كتبت - صلى الله عليه وسلم - رواه ابن بشكوال وفي لفظ عنده أيضاً عن الحسن المذكور قال ورقت لبعض أهل المغرب فرآني وأنا كلما كتبت حديثاً فيه كتبت - صلى الله عليه وسلم - فقال لا تمحق الورق لم تكتب - صلى الله عليه وسلم - فقلت لله على أن لا أكتب لك ورقة أبداً وعن أبي علي الحسن بن علي العطار قال الجزء: 1 ¦ الصفحة: 252 كتب لي أبو طاهر المخلص أجزاء بخطه فرأيته فيها إذا جاء ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - قال - صلى الله عليه وسلم - تسليماً كثيراً كثيراً كثيراً قال أبو علي فيألته عن ذلك وقلت له لم تكتب هكذا فقال كنت في حداثة سني أكتب الحديث وكنت إذا جاء ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - لا أصلي عليه فرأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في النوم فأقبلت إليه واراه قال فيلمت عليه فأدار وجهه عني ثم درت إليه من الجانب الآخر فأدار وجهه ثانية عني فاستقبلته ثالثة فقلت يا نبي الله لم تدبر وجهك عني فقال لأنك إذا ذكرتني في كتابك لا تصلي علي قال فمن ذلك الوقت إذا كتبت النبي - صلى الله عليه وسلم - تسليماً كثيراً كثيراً كثيراً رواه ابن بشكوال أيضاً وعنده أيضاً من طريق قاسم بن محمد أنه كان يلحق في كتابه إذا أتى ذكر النبي بين السطرين - صلى الله عليه وسلم - ثم عقبه بقوله فرضي الله عن قاسم وغفر له فلقد أعجبني فعله هذا وكثيراً ما أفعل في كتبي نفعنا الله بذلك وجعل أعمالنا لوجهه، وعن حمزة الكناني قال كنت أكنب الحديث وكنت أكتب عند ذكر النبي صلى الله عليه فرأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في المنام فقال مالك لا تتم الصلاة علي فما كتبت بعد ذلك صلى الله عليه إلا كتبت وسلم رواه ابن الصلاح والرشيد العطار وأورده الذهبي في ترجمة حمزة من تاريخه ناقلاً له عن ابن مندة عنه بلفظ ما تختم الصلاة علي في كتابك. وعن أبي زكريا يحيى بن مالك بن عائذ العائدي قال حدثنا صاحب لنا من أهل البصرة قال كان رجل من أصحابنا يكتب الحديث ولا يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا ذكره ويحذف ذلك شحا منه على الورق قال فلقيته به وقد وقعت الاكلة في يده اليمنى رواه ابن بشكوال وقال النميري سمعت أبا جعفر أحمد بن علي المقرئ يقول سمعت أبي يقول رأيت نسخة من كتاب التمهيد لأبي عمر بن عبد البر قد تعمد ناسخها إسقاط الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - حيث وقع ذكره منها وعرضها للبيع فتقص ذلك كثيراً من ثمنها وباعها ببخس مع أن ناسخها لم يرفع الله تعالى له علماً بعد وفاته وقد كان يحسن بابا من العلم هذا أو معناه - صلى الله عليه وسلم - تسليماً كثيراً وعند النميري أيضاً عن أبيه قال كتب رجل من العلماء نسخة من كتاب الموطأ بخطه وتأنق فيها وحذف منها الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - حيث ما وقع له فيه ذكر وعوض عنها (ص) وقصد به بعض الرؤساء ممن يرغب في اقتناء الكتب وشرى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 253 الدفاتر وقد أمل أن يرغب له في ثمنه ووقع الكتاب إليه فحسن موقعه وأعجب به وعزم على جزال صلته ثم أنه تنبه بفعله ذلك فيه فصرفه وحرمه وأقصاه ولم يزل ذلك الرجل مجازفاً مقراً عليه هذا معنى ما سمعه من أبيه وبالله التوفيق ونسأله أن يلهمنا الصلاة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كلما ذكر خطا ونقطا - صلى الله عليه وسلم - تسليماً كثيراً كثيراً كثيراً آمين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 254 خاتمة قال شيخ الإسلام أبو زكريا النووي - رحمه الله - في الأذكار قال العلماء من المحدثين والفقهاء وغيرهم يجوز ويستحب العمل في الفضائل والترغيب والترهيب بالحديث الضعيف ما لم يكن موضوعاً وأما الأحكام كالحلال والحرام والبيع والنكاح والطلاق وغير ذلك فلا يعمل فيها إلا بالحديث الصحيح أو الحسن إلا أن يكون في احتياط في شيء من ذلك كما إذا أورد حديث ضعيف بكراهة بعض البيوع أو الأنكحة فإن المستحب أن يتنزه عنه ولكن لا يجب انتهم، وخالف أبي العربي المالكي في ذلك فقال إن الحديث الضعيف لا يعمل به مطلقاً وقد سمعت شيخنا مراداً يقول وكتبه لي بخطه أن شرائط العمل بالضعيف ثلاثة، الأول متفق عليه أن يكون الضعف غير شديد فيخرج من أنفرد من الكذابين والمتهمين بالكذب ومن فحش غلطه، الثاني أن يكون مندرجاً تحت أصل عام فيخرج ما يخترع بحيث لا يكون له أصل أصلاً، الثالث أن لا يعتقد عند العمل بع ثبوته لئلا ينسب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ما لم يقله قال والأخيران عن ابن السلام وعن صاحبه ابن دقيق العيد والأول نقل العلائي الإتفاق عليه، قلن وقد نقل عن الإمام أحمد لأنه يعمل بالضعيف إذا لم يوجد غيره ولم يكن ثم ما يعارضه وفي رواية عند ضعيف الحديث أحب إلينا من رأى الرجال وكذا ذكر ابن حزم أن جميع الحنفية مجمعون على أن مذهب أبي حنيفة - رحمه الله - أن ضعيف الحديث أولى عنده من الرأي والقساس وسئل أحمد يكون ببلد لا يوجد فيها إلا صاحب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 255 حديث لا يدري صحيحه من سقيمه وصاحب رأي فمن يسأل قال يسأل صاحب الحديث ولا يسأل صاحب الرأوي ونقل أبو عبد الله بن مندة عن أبي داود صاحب السنن وهو من تلامذة الإمام أحمد أنه يخرج الإسناد الضعيف إذا لم يجد في الباب غيره وأنه أقوى عنده من رأي الرجال فيحصل أن في الضعيف ثلاثة مذاهب لا يعمل به مطلقاً، ويعمل به مطلقاً إذا لم يكن في الباب غيره، ثالثها هو الذي عليه الجمهور يعمل به في الفضائل دونالأحكام كما تقدم بشروطه والله الموفق. (حكم الموضوع) وأما الموضوع فلا يجوز العمل به بحال وكذا روايته إلا أن قرن ببيانه كما سلكناه في هذا التأليف لقوله - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه مسلم في صحيحه من حديث سمرة - رضي الله عنه - من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين ويروي مضبوطة بضم الياء بمعنى يظن وفي الكاذبين رويتان أحداهما بفتح الباء على ارادة التثنية والأخرى بكسرها على صيغته الجمع وكفى بهذه الجملة وعيداً شديداً في حق من روى الحديث وهو يظن أنه كذب فضلاً عن أن يتحقق ذلك ولا يبينه لأنه - صلى الله عليه وسلم - جعل المحدث بذلك مشاركاً لكاذبه في وضعه وقال مسلم في مقدمة صحيحة أعلم أن الواجب على كل أحد عرف التمييز بين صحيح الروايات وسقيمها وثقات الناقلين لها من المتهمين أن لا يروي إلا ما عرف صحة مخارجه وأيساره في ناقليه وأن يترك منها ما كان عن أهل التهم والمعاندين من أهل البدع قلت وكلامه موافق لما دل عليه الحديث والله الموفق وقد قيد ابن الصلاح جواز رواية الضعيف باحتمال صدقه في الباطن فإنه قال عقب قوله بعدم جواز رواية الموضوع إلا مقروناً بخلاف الأحاديث الضعيفة التي تحتمل صدقها في الباطن انتهى. لكن هل يشترط في هذا الاحتمال أن يكون قوياً بحيث يفوق احتمال كذبها أو يساويه أو لا، قال شيخنا محل نظر، والظاهر من كلام مسلم ومما دل عليه الحديث إن احتمال الصدق إذا كان احتمالاً ضعيفاً أنه لا يعتد به وقد قال الترمذي سألت أبا محمد عبد الله عبد الرحمن الدرامي يعني عن حديث سمرة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 256 المذكور فقلت له من روى حديثاً وهو يعلم أن إسناده خطأ اتخاف أن يكون قد دخل في هذا الحديث أو إذا روى الناس حديثاً مرسلاً فاسنده بعضهم أو قلب إسناده فقال لا إنما معنى هذا الحديث إذا روى الرجل حديثاً ولا يعرف لذلك الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أصلاً فحدث به فأخاف أن يكون قد دخل في هذا الحديث ثم ليعلم إن حكم الأئمة النقاد بالصحة وغيرها إنما هو للإسناد لا للمتن فقد قال ابن الصلاح - رحمه الله - ما لفظه بعد تعريف الصحيح من علومه ومتى قالوا هذا حديث صحيح فمعناه انه اتصل سنده مع سائر الأوصاف المذكورة وليس من شرطه أن يكون مقطوعاً به في نفي الأمر إلى أن قال وكذلك إذا قالوا في حديث أنه غير صحيح فليس ذلك قطعاً بأنه كذب في نفي الأمر إذ قد يكون صدقاً في نفي الأمر وإنما المراد لأنه لم يصح إسناده على الشرط المذكور والله أعلم، وينبغي كما قال النووي أيضاً لمن بلغه شيء من فضائل الأعمال أن يعمل به ولو مرة ليكون من أهله ولا ينبغي أن يتركه مطلقاً با يأتي بما تيسر منه لقوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث المتفق علي صحته فإذا أمرتكم بشيء فافعلوا منه ما استطعتم، قلت وقد روينا في جزء الحسن بن عرفة قال حدثني خالد بن حيان الرقي أبو يزيد عن فرات بن سليمان وعيسى بن كثير كلاهما عن أبي رجاء عن يحيى ابن أبي كثير عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن جابر بن عبد الله الأنصاري - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من بلغخ عن الله عز وجل شيء فيه فضيلة فأخذ به إيماناً ورجاء ثوابه أعطاه الله ذلك وإن لم يكن كذلك أخبرنية الإمام الرحلة أبو عبد الله محمد بن أحمد الخليلي مراسله منها عن أب الفتح البكري حضوراً أنا أبو الفرج بن الصقيل أنا أبو الفرج بن كليب أنا أبو القاسم العمري أنا أبو الحسن بن مخلد أنا أبو علي الصفا، ثنا أبو علي الحسن بن عرفة، فذكره وخالد وقرأت فيهما مقال وأبو رجاء لا يعرف لكن أخرجه أبو الشيخ من رواية بن عبيد عن أبي الزبير عن جابر إلا أن بشرأ متروك ورواه كامل بن طلحة الجحدري في نسخته المعروفة عن عباد بن عبد الصمد وهو متروك أيضاً عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - بنحوه وذكره أبو أحمد بن عدي في كامله من رواية بزيع عن ثابت عن أنس واستنكره وكذا أخرجه أبو يعلي بسند ضعيف عن أنس الجزء: 1 ¦ الصفحة: 257 بلفظ من بلغه عن الله فضيلة فلم يصدق بها لم ينلها ولهذا الحديث شواهد من حديث ابن عباس وابن عمر وأبي هريرة - رضي الله عنهم - وعن سائر الصحابة أجمعين. (بيان الكتب المصنفة في هذا الباب) إذا عرف هذا فقد صنف في هذا الباب جماعة كثيرون كإسماعيل القاضي وأبي بكر بن أبي عاصم النبيل وأبي عبد الله النميري المالكي في كتاب سماه الإعلام بفضل الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام وأبي محمد بن جبر بن محمد بن جبر بن هشام القرطبي تلميذ ابن بشكوال وكان موصوفاً بالثقة والفضل والدين ومات في سنة ثلاثين وستمائة وأبي عبد الله بن القيم الحنبلي في كتاب سماه جلاء الافهام والتاج أبي حفص عمر بن علي الفاكهاني المالكي شارح العمدة وغيرها في كتاب سماه الفجر المنير في الصلاة على البشير النذير وأبي القاسم بن أحمد بن أبي القاسم بن بنون القرشي المالكي التونسي عصري الشهاب أحمد بن يحيى بن فضل الله في جزء لطيف سماه التسليم على النبي الكريم وأبي العباس أحمد بن معد بن عيسى بن وكيل التجيبي الأندلسي الأقليشي الحافظ المشهور في جزء سماه الآثار المختصة بفضل الصلاةعلى النبي المختار والشهاب بن أبي حجلة الشاعر الحنفي في كتاب سماه دفع النقمة في الصلاة على نبي الرحمة والمجد والقيروز ابادي اللغوي صاحب القاموس وسفر السعادةوغيرهما في كتاب سماه الصلاة والبشر في الصلاة على سيد البشر وكل هؤلاء طالعتها وأبي الحسين بن فارس اللغوي وابن الشيخ بن حيان الحافظ وابن موسى المديني الحافظ وأبي القاسم بن بشكوال الحافظ في جزء لطيف سماه القربة إلى رب العالمين بالصلاة على سيد المرسلين صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين والضياء أبي عبد الله المقدسي صاحب المختارة وغيرها وأبي أحمد الدمياطي الحافظ النسابة وأبي الفتح بن سيد الناس اليعمري الحافظ والمحب الطبري الحافظ وأبي عبد الله محمد بن عبد الرحمن التجيبي الحافظ نزيل تلمسان في أربعين حديثاً له وكانت وفاته في سنة عشر وستمائة ولم أنقل عن هؤلاء إلا بواسطة لأني لم أقف عليهم وإلا ولأن كل واحد منهما في كراسة لطيفة وأما الثالث فهو مفيد بالنسبة إليهما وحجمه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 258 كبير بسبب التكرار وسياق الأسانيد وأما الرابع فقد أكثر من ذكر الغرائب بلا عزو قد نقلت منها أشياء بناء على أنه ثقة لكن الظاهر من حاله أنه لم يكن الحديث من صناعته وأما الخامس فهو جليل في معناه لكنه كثير الاستطراد والإسهاب كعادة مصنفة وأما السادس قهو أثني عشر باباً يختص بالرحمة منها الخمسة الأولى وباقيها بعضها يصلح لكتب المناسك وبعضها للسيرة النبوية وأما السابع فتكلم فيه على أنه الباب وأستطرد لفوائد وأما الثامن فهو في أوراق يسيرة جمع فيه أربعين حديثاً وأما التاسع فيبب تصنيفه وقوع الطاعون وهو في الحقيقة إنما هو في ذكر الطاعون وإخباره وإشعاره لكن افتتحه بمقدمة فيها هذا المعنى وما يتعلق به وهي أزيد من ثلث الكتاب بيسير وأما العاشر فهو كتاب نفيس مع ما فيه من مناقشلت في حكمه على الأحاديث وأحاديث غريبة اللفظ بلا غزو وغير ذلك مما يحسن الإعتناء بتحريره وختمه بقصة غار ثور إذ كان سبب تصنيفه كما ذكرت عزمه على التوجه هو وجماعة لزيارة الغار المذكور ضاعف الله لنا ولهم الأجور، وفي الجملة فأحسنها وأكثرها فوائد خامسها ثم وقفت بعد تبيض هذا الكتاب على مصنف لبعض الرؤساء من أصحابنا المحدثين المشار إليهم بالحفظ والإتقان كثر الله تعالى منهم سماه الرقم المعلم فوجدت موضوعه ذكر المواطن التي يصلي فيها على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو باب من جملة أبواب هذا الكتاب وقد طالعته فلم أظفر فيه بما استفيده سوى موضعين أو ثلاثة لكنه أكثر من نقل كلام الفقهاء متع الله بمصنفه وأخبرني بعض من أثق بعلمه ودينه من أصحابنا أيضاً نفع الله به أنه وقف على مصنف في هذا الباب ضخم لابن جملة وأنه كان في ملكه انتهى. والغرض بإيراد مثل هذا أن يعلم الواقف على كتابي بما لم أظفر به من ذلك فيحسن بعاريته ما لم يظفر به منها إن امكن وإلا فلينظر ما في ذلك من زائد إن وجد فليحقه بعد إمعان النظر لئلا يكتبه ويكون موجوداً في الأصل ولما انتشرت نسخ هذا الكتاب أرسل إلى محدث مكة وحافظها وهو منن يسارع إلى الخير بالمقصد الصالح نفع الله به بنسخة من كتاب ابن بشكوال فوجدته في كراستين مع كونه ساقه بإسناده فالحقت منه ما أحتاج إليه ثم وقفت على كتاب ابن فارس وهو أربعة أوراق أكثرها في إيراد حديث على الطويل الماضي في الباب الأول وشرحه ورأيت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 259 كراسه للشيخ أبي عبد الله محمد بن موسى بن النعمان سماها الفوائد المدنية في الصلاة على خير البرية فاستفدت منها وحسبنا الله ونعم الوكيل وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه انيب. وهذه جملة من اسماء الكتب التي طالعتها في هذا التأليف سوى ما تقدم الكتب الستة وهي الصحيحان وأبو داؤد والترمذي والنسائي في سننه الصغرى والكبرى وابن ماجة والموطأ للمالك والمسند للشافعي ولأحمد وهو أعلى المسانيد وشرح معاني الآثار للطحاوي والصحاح لابن خزيمة ولابن حبان وللحاكم ولابي عوانة والسنن للبيهقي والدارقطني ولسعيد بن منصور والمصنف لابن أبي شيبة ولعبد الرزاق والجامع للدارمي ومسند الفردوس للديلمي والمجالسة للدينوري والترغيب لابن زنجوية ولابن شاهين وللتيمي وللمنذري وشعب الإيمان للقصري وللحليمي وللبيهقي والشفا لعياض والخلافيات للبيهقي والدعوات له وللطبراني والتفيير لابن أبي حاتم ولابن كثير ولغيرهما وتخريج الرافعي لشيخنا وغيره والموضوعات لابن الجوزي والأحاديث الواهية له ومجمع الزوائد للهيثمي ويشتمل على زوائد كل من الستة أعني المعاجم الثلاثة للطبراني والمسانيد الثلاثة لأحمد والبزار وأبي يعلي على الكتب الستة المشهورة والمطالب العالية في زوائد المسانيد الثمانية يعني العدني والحميدي والطيالسي ومسدداً وابن منيع وابن أبي شيبة وعبداً والحارث وفيه أيضاً الأحاديث الزوائد من المسانيد التي لم يقف عليها مصنفه أعني شيخنا تامة كإسحاق بن راهوية والحسن بن سفيان ومحمد بن هشام السدوسي ومحمد بن هارون الروياني والهيثم بن كليب وغيرهما وتهذيب الآثار للطبري وترتيب الأحاديث الحلية للهيثمي وترتيب الكتب الأربعة الغيلانيات والخلعيات وفوائد تمام وإفراد الدارقطني للهيثمي أيضاً والمختارة للضياء وعمل اليوم والليلة للمعمري ولابي نعيم ولابن السني والأذكار للنووي وتخريجه لشيخنا ولم يكمله، والأدب المفرد للبخاري وللبيهقي والصلاة لعبد الرزاق الطبسي والأطراف للمزي ولشيخنا ومن شروح الحديث شرح البخاري لشيخنا أعني شيخ الإسلام خاتمة الحفاظ الاعلام أبا الفضل بن حجر وكلما جاء في هذا الكتاب شيخنا فهو المراد وشرح مسلم للنووي وللزواوي والموجود من شرح أبي داود وللعلامة الحجة المتقن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 260 أوحد الحفاظ شيخ الإسلام أبي زرعة بن العراقي ومعالم السنن للخطابي وحاشية السنن للمنذري وما كتبه ابن القيم عليه وشرح الترمذي لابن العربي لم أقف على جميعه والموجود من شرحه لحافظ الوقت أبي الفضل ابن العراقي وشرح ابن ماجة للدميري وهو كثير الأعوان والموجود من شرحه لمغلطائي ولو كمل لعم النفع به وشرح الشفا للعلامة برهان الدين الحلبي ويحتاج إلى تهذيب كثير وقد اختصره بعض محققي شيوخنا وتداولته الطلبة نفع الله به ومن كتب الغريب النهاية لابن الأثير والصحاح للجوهري وغيرهما ومن كتب الفقه مواضع من الخادم للزركشي وشرح ابن الحاجب والمغني لابن قدامة وشرح الهداية للسروجي وغيره وجملة ومن اسماء الرجال تهذيب لشيخنا ولسان الميزان له وتعجيل المنفعة له وثقات ابن حبان والجرح والتعديل لابن أبي حاتم والكامل لأبي أحمد بن عدي والكثير من تاريخ الخطيب والذهبي وغيرهم ومن كتب العلل، العلل للدارقطني ولأبن أبي حاتم وللخلال إلى غير ذلك من الكتب والأجزاء والفوائد والمشيخات والمعاجيم التي يطول سردها وقد أنشد بعضهم: صلى الاله على النبي محمد والطيبين الطاهرين الرشد والآل والأبرار اعداد الحصى والرمل والقطر الذي لم يعد والله المستعان وعليه الإتكال واسألأه التوفيق لأقوم طريق والإلهام لكثرة الصلاة على نبينا عليه أفضل الصلاة والسلام آخر كتاب "القول البديع في الصلاة على الحبيب الشفيع". قال مؤلفه: نفع الله به واعانه على نشر السنة السنة النبوية ومن خطه نقلت ما صورته انتهى بحمد لله وعونه على يد مؤله أبي الخير محمد بن عبد الرحمن السخاوي المصري الشافعي الابزي في شهر رمضان المعظم سنة ستين وثمانمائة، سوى ما الحق فيه بعد ذلك، نفع الله لمن صنف فيه هذا الكتاب وأجزل له ولوالديه ومحبيه الأجر والثواب وسامحه إذا حاسبه يوم الحساب بحوده وكرمه فهو الكريم الوهاب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 261