الكتاب: دلائل النبوة المؤلف: أبو بكر جعفر بن محمد بن الحسن بن المُسْتَفاض الفِرْيابِي (المتوفى: 301هـ) المحقق: عامر حسن صبري الناشر: دار حراء - مكة المكرمة الطبعة: الأولى، 1406 عدد الأجزاء: 1   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع، وهو ضمن خدمة التخريج] ---------- دلائل النبوة للفريابي الفريابي الكتاب: دلائل النبوة المؤلف: أبو بكر جعفر بن محمد بن الحسن بن المُسْتَفاض الفِرْيابِي (المتوفى: 301هـ) المحقق: عامر حسن صبري الناشر: دار حراء - مكة المكرمة الطبعة: الأولى، 1406 عدد الأجزاء: 1   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع، وهو ضمن خدمة التخريج] بَابُ مَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْعُو فِي الشَّيْءِ الْقَلِيلِ مِنَ الطَّعَامِ فَيُجْعَلُ فِيهِ الْبَرَكَةُ حَتَّى يَشْبَعَ مِنْهُ الْخَلْقُ الْكَثِيرُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 29 أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْجَوْهَرِيُّ فِي يَوْمِ الْإِثْنَيْنِ الْخَامِسِ مِنْ ذِي الْقِعْدَةِ مِنْ سَنَةِ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ عَرْضًا بِأَصْلِ كِتَابِهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الزَّيَّاتِ قِرَاءَةً قَالَ: قُرِئَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْمُسْتَفَاضِ الْفِرْيَابِيِّ وَأَنَا أَسْمَعُ فَأَقَرَّ بِهِ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ ثَلَاثِمِائَةٍ 1 - حَدَّثَكُمْ أَبُو أَيُّوبَ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدِّمِشْقِيُّ [ص: 30] ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرٍو الْأَوْزَاعِيُّ، عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ الْمَخْزُومِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَمْرَةَ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ فِي غَزْوَةٍ، فَأَصَابَ النَّاسَ مَخْمَصَةٌ، فَاسْتَأْذَنَ النَّاسُ رَسُولَ اللَّهِ فِي نَحْرِ بَعْضِ ظَهْرِهِمْ، وَقَالُوا: يُبَلِّغُنَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ، فَلَمَّا رَأَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رَسُولَ اللَّهِ قَدْ هَمَّ أَنْ يَأْذَنَ لَهُمْ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ بِنَا إِذَا نَحْنُ لَقِينَا غَدًا جِيَاعًا رِجَالًا، وَلَكِنْ إِنْ رَأَيْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ تَدْعُوَ النَّاسَ بِبَقَايَا أَزْوَادِهِمْ، فَتَجْمَعَهُ فَتَدْعُوَ فِيهَا بِالْبَرَكَةِ، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ سَيٌبَلِّغُنَا بِدَعْوَتِكَ - أَوْ قَالَ: سَيُبَارِكُ لَنَا فِي دَعْوَتِكَ - فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبَقَايَا أَزْوَادِهِمْ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَجِيئُونَ بِالْحَثْيَةِ، مِنَ الطَّعَامِ، وَفَوْقَ ذَلِكَ وَكَانَ أَعْلَاهُمُ مَنْ جَاءَ بِصَاعٍ فَجَمَعَهُ، ثُمُّ قَامَ فَدَعَا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ بِمَا شَاءَ [ص: 31] أَنْ يَدْعُوَ، ثُمَّ دَعَا الْجَيْشَ بِأَوْعِيَتِهِمْ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَحْثُوا، فَمَا بَقِيَ فِي الْجَيْشِ وِعَاءٌ إِلَّا مَلَئُوهُ وَبَقِيَ مِثْلُهُ، فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ، وَقَالَ: «أَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، لَا يَلْقَى اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ عَبْدٌ مُؤْمِنٌ بِهِمَا إِلَّا حَجَبَتَا عَنْهُ النَّارَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» الحديث: 1 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 29 2 - حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى أَبِي مُصْعَبٍ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الزُّهْرِيِّ، قُلْتُ: حَدَّثَكُمْ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَزَلَ فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا، فَأَصَابَ أَصْحَابَهُ جُوعٌ [ص: 32] وَفَنِيَتْ أَزْوَادُهُمْ، فَجَاؤُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَشْكُونَ مَا أَصَابَهُمْ، وَيَسْتَأْذِنُونَهُ فِي أَنْ يَنْحَرُوا بَعْضَ رَوَاحِلِهِمْ، فَأَذِنَ لَهُمْ فَخَرَجُوا فَمَرُّوا بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَقَالَ: مِنْ أَيْنَ جِئْتُمْ؟ فَأَخْبَرُوهُ أَنَّهُمُ اسْتَأْذَنُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَنْ يَنْحَرُوا بَعْضَ إِبَلِهِمْ، قَالَ: فَأَذِنَ لَهُمْ؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: فَإِنِّي أَسْئَلُكُمْ - أَوْ أُقْسِمُ عَلَيْكُمُ - إِلَّا رَجَعْتُمْ مَعِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ، فَرَجَعُوا مَعَهُ فَذَهَبَ عُمَرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتَأْذَنُ لَهُمْ أَنْ يَنْحَرُوا بَعْضَ رَوَاحِلِهِمْ، فَمَاذَا يَرْكَبُونَ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «فَمَاذَا أَصْنَعُ بِهِمْ؟ لَيْسَ مَعِي مَا أُعْطِيهُمْ» قَالَ عُمَرُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، تَأْمُرُ مَنْ كَانَ مَعَهُ فَضْلٌ مِنْ زَادِهِ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ إِلَيْكَ فَتَجْمَعَهُ عَلَى شَيْءٍ، ثُمَّ تَدْعُو فِيهِ، ثُمَّ تُقَسِّمُهُ بَيْنَهُمْ، قَالَ: فَفَعَلَ فَدَعَا بِفَضْلِ أَزْوَادِهِمْ، فَمِنْهُمُ الْآتِي بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ، فَجَعَلَهُ فِي شَيْءٍ، ثُمَّ دَعَا فِيهِ مَا شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَدْعُوَا، ثُمَّ قَسَّمَهُ بَيْنَهُمْ فَمَا بَقِيَ مِنَ الْقَوْمِ أَحَدٌ إِلَّا مَلَأَ مَا كَانَ مَعَهُ مِنْ وِعَاءٍ وَفَضَلَ فَضْلٌ، فَقَالَ عِنْدَ ذَلِكَ: «أَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، مَنْ جَاءَ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ غَيْرَ شَاكٍّ، أَدْخَلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْجَنَّةَ» الحديث: 2 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 31 3 - حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ النَّاقِدُ [ص: 33] ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ مُحَمَّدُ بْنُ خَازِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَوْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - شَكَّ الْأَعْمَشُ - قَالَ: لَمَّا كَانَتْ غَزْوَةُ تَبُوكَ، أَصَابَ النَّاسَ مَجَاعَةٌ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ أَذِنْتَ لَنَا فَنَحَرْنَا نَوَاضِحَنَا، فَأَكَلْنَا وَادَّهَنَّا، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ: «افْعَلُوا» . قَالَ: فَجَاءَ عُمَرُ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُمْ إِنْ فَعَلُوا قَلَّ الظَّهْرُ، وَلَكِنِ ادْعُهُمْ بِفَضْلِ أَزْوَادِهِمْ ثُمَّ ادْعُ لَهُمْ عَلَيْهِ بِالْبَرَكَةِ، فَلَعَلَّ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَجْعَلَ فِي ذَلِكَ - قَالَ عُمَرُ: وَحَسِبَ قَالَ - خَيْرًا، قَالَ: فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنِطْعٍ، فَبَسَطَهُ، ثُمَّ دَعَاهُمْ بِفَضْلِ أَزْوَادِهِمْ، قَالَ: فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَجِيءُ بِالْكَفِّ الذُّرَةَ، وَالْآخَرُ بِكَفِّ التَّمْرِ، وَالْآخَرُ بِالْكِسْرَةِ، حَتَّى جُمِعَ عَلَى النِّطْعِ مِنْ ذَلِكَ، ثُمَّ دَعَا عَلَيْهِ بِالْبَرَكَةِ، ثُمَّ قَالَ: «خُذُوا فِي أَوْعِيَتِكُمْ» ، قَالَ: فَأَخَذُوا فِي أَوْعِيَتِهِمْ حَتَّى مَا تَرَكُوا فِي الْمُعَسْكَرِ وِعَاءً إِلَّا [ص: 34] مَلَئُوهُ، قَالَ: وَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا وَفَضَلَتْ مِنْهُ فَضْلَةٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ لَا يَلْقَى بِهَا عَبْدٌ غَيْرَ شَاكٍّ، فِيَحْتَجِبَ عَنِ الْجَنَّةِ» قَالَ عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ: «حَدَّثَ أَبُو مُعَاوِيَةَ هَذَا الْحَدِيثَ بِبَغْدَادَ، وَلَمْ يُحَدِّثْ بِهِ بِالْكُوفَةِ» الحديث: 3 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 32 4 - حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي النَّضْرِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو النَّضْرِ هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ الْأَشْجَعِيُّ، عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَسِيرَةٍ، فَنَفَدَتْ أَزْوَادُ الْقَوْمِ، قَالَ: حَتَّى هَمَّ بِنَحْرِ بَعْضِ جِمَالِهِمْ، قَالَ: فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ جَمَعْتَ مَا بَقِيَ مِنْ أَزْوَادِ الْقَوْمِ فَدَعَوْتَ اللَّهَ تَعَالَى عَلَيْهَا فَفَعَلَ، فَجَاءَ ذُو [ص: 35] التَّمْرَةِ بِتَمْرَةٍ، وَذُو الْبُرَّةِ بِبُرَّةٍ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: وَذُو النَّوَاةِ بِنَوَاةٍ، قَالَ: فَقُلْتُ: وَمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ بِالنَّوَى؟ قَالَ: يَمُصُّونَهُ وَيَشْرَبُونَ عَلَيْهِ الْمَاءَ، قَالَ: فَدَعَا عَلَيْهَا حَتَّى مَلَأَ الْقَوْمُ أَزْوِدَتَهُمْ، قَالَ: فَقَالَ عِنْدَ ذَلِكَ: «أَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، لَا يَلْقَى بِهَا عَبْدٌ غَيْرَ شَاكٍّ فِيهَا إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ» الحديث: 4 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 34 5 - حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِعَيْنِ الرُّومِ الَّتِي يُقَالُ لَهَا: عَيْنُ تَبُوكَ، أَصَابَنَا جُوعٌ شَدِيدٌ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ نَلْقَى الْعَدُوَّ غَدًا وَهُمْ شِبَاعٌ، وَنَحْنُ جِيَاعٌ، قَالَ: فَخَطَبَ النَّاسَ، ثُمَّ [ص: 36] قَالَ: «مَنْ كَانَ مَعَهُ فَضْلُ طَعَامٍ فَلْيَأْتِنَا بِهِ» ، قَالَ: وَبَسَطَ نِطْعًا فَأُتِيَ بِبِضْعَةٍ وَعِشْرِينَ صَاعًا، فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدَعَا بِالْبَرَكَةِ، ثُمَّ دَعَا النَّاسَ فَقَالَ: «خُذُوا» فَأَخَذُوا حَتَّى جَعَلَ الرَّجُلُ يَرْبِطُ كُمَّ قَمِيصِهِ ثُمَّ يَأْخُذُ فِيهِ، فَصَدَرُوا وَفَضَلَتْ فَضْلَةٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ لَا يَقُولُهَا رَجُلٌ مُحِقٌّ فَيَدْخُلَ النَّارَ» الحديث: 5 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 35 6 - حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو طَلْحَةَ لِأُمِّ سُلَيْمٍ: لَقَدْ سَمِعْتُ صَوْتَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَعِيفًا أَعْرِفُ فِيهِ الْجُوعَ، فَهَلْ عِنْدَكِ مِنْ شَيْءٍ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، فَأَخْرَجَتْ أَقْرَاصًا مِنْ شَعِيرٍ، ثُمَّ أَخَذَتْ خِمَارًا، لَهَا فَلَفَّتِ الْخُبْزَ بِبَعْضِهِ وَزَوَدَتْنِي بِبَعْضِهِ، ثُمَّ أَرْسَلَتْنِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ، أَرْسَلَكِ أَبُو [ص: 37] طَلْحَةَ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَنْ مَعَهُ: «قُومُوا» ، قَالَ: فَانْطَلَقُوا وَانْطَلَقْتُ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ حَتَّى جِئْتُ أَبَا طَلْحَةَ، فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: يَا أُمَّ سُلَيْمٍ، قَدْ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ، وَلَيْسَ عِنْدَنَا مِنَ الطَّعَامِ مَا يطْعِمُهُمْ، فَقَالَتِ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَانْطَلَقَ أَبُو طَلْحَةَ، حَتَّى لَقِيَ رَسُولَ اللَّهِ فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبُو طَلْحَةَ حَتَّى دَخَلَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «هَلُمِّي يَا أُمَّ سُلَيْمٍ مَا عِنْدَكِ» ، فَأَتَتْ بِذَلِكَ الْخُبْزِ، فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ فَفُتَّ وَعَصَرَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ عُكَّةً لَهَا فَآدَمَتْهُ، ثُمَّ قَالَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ مَا شَاءَ أَنْ يَقُولَ، ثُمَّ قَالَ: «ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ» فَأَذِنَ لَهُمْ فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا، ثُمَّ خَرَجُوا، ثُمَّ قَالَ: «ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ» ، فَأَكَلَ الْقَوْمُ كُلُّهُمْ وَشَبِعُوا، وَالْقَوْمُ سَبْعُونَ أَوْ ثَمَانُونَ رَجُلًا 7 - حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُوسَى [ص: 38] الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى، قَالَ: عَرَضَ عَلَيَّ مَالِكٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: قَالَ أَبُو طَلْحَةَ لِأُمِّ سُلَيْمٍ، فَذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ قُتَيْبَةَ الحديث: 6 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 36 8 - حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو الزِّنْبَاعِ رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ الْمَصْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ عِمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ، أَنَّ رَبِيعَةَ بْنَ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: أَقْبَلَ أَبُو طَلْحَةَ يَوْمًا، فَإِذَا نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمٌ يُقْرِئُ أَصْحَابَ الصُّفَّةِ، عَلَى بَطْنِهِ نَصْلٌ مِنْ حَجَرٍ قَدْ قَوَّمَ بِهِ صُلْبَهُ مِنَ الْجُوعِ، فَرَجَعَ إِلَى أُمِّ [ص: 39] سُلَيْمٍ، فَقَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُ مَا غَاظَنِي فَهَلْ عِنْدَكِ مِنْ شَيْءٍ؟ فَقَالَتْ: نَعَمْ شَيْءٌ مِنْ شَعِيرٍ، قَالَ: فَاصْنَعِيهِ، فَصَنَعَتْهُ وَقَالَ لِي: اذْهَبْ فَادْعُ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا يَعْلَمْ بِكَ أَحَدٌ، قَالَ أَنَسٌ: فَلَمَّا رَآنِي نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَرْسَلَكَ أَبُو طَلْحَةَ لِتَدْعُوَنِي؟» قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: «قُومُوا» ، فَقَامَ مَعَهُ سَبْعَونَ رَجُلًا، فَأَتَيْتُ أَبَا طَلْحَةَ، فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ لَهُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، إِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ صَنَعْنَاهُ لَكَ، وَاللَّهِ مَا عِنْدَنَا مَا يَحْسِبُهُمْ، فَقَالَ: «هَلُمَّ مَا عِنْدَكَ» ، فَأَتَيْتُهُ بِهِ وَكَانَتْ عِنْدَ أُمِّ سُلَيْمٍ عُكَّةٌ لِلسَّمْنِ، فَجَعَلَتْ تَعْصِرُهَا، فَقَالَ لَهَا نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَلُمِّي فَإِنَّ الرَّجُلَ أَشَدُّ عَصْرًا مِنَ الْمَرْأَةِ» فَأَخَذَهَا فَعَصَرَهَا حَتَّى أَدِمَ بِهَا الطَّعَامَ، ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ: «تَعَالَوْا عَشَرَةً عَشَرَةً» ، فَجَعَلُوا يَأْكُلُونَ وَلَا يَرْعَى أَحَدٌ مِنْهُمْ عَلَى أَحَدٍ حَتَّى كَمُلُوا وَأَفْضَلُوا مَا أَهْدَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ، لِجِيرَانِهَا " الحديث: 8 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 38 9 - حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الْعَبْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، قَالَ: قُلْتُ لِأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَخْبِرْنِي بِأَعْجَبِ شَيْءٍ [ص: 40] رَأَيْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: نَعَمْ يَا ثَابِتُ، خَدَمْتُ رَسُولَ اللَّهِ عَشْرَ سِنِينَ، فَلَمْ يُعَيِّرْ عَلَيَّ شَيْئًا أَسَأْتُ فِيهِ، قَالَ: فَأَعْجَبُ شَيْءٍ رَأَيْتَ مِنْهُ مَا هُوَ؟ قَالَ: إِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا تَزَوَّجَ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ قَالَتْ لِي أُمِّي: يَا أَنَسُ إِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْبَحَ عَرُوسًا، وَلَا أَرَى أَصْبَحَ غَدَاءٌ، فَهَلُمَّ تِلْكَ الْعُكَّةَ، فَأَتَيْتُهَا بِالْعُكَّةِ وَتَمْرٍ قَدْرَ مُدٍّ، فَجَعَلَتْ لَهَا حَيْسًا فَقَالَتْ: يَا أَنَسُ اذْهَبْ بِهَذَا إِلَى نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَامْرَأَتِهِ، فَلَمَّا أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَوْرٍ مِنْ حِجَارَةٍ، وَفِيهِ ذَلِكَ الْحَيْسُ قَالَ: «ضَعْهُ فِي نَاحِيَةِ الْبَيْتِ وَادْعُ لِي أَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعَلِيًّا، وَعُثْمَانَ» ، وَنَفَرًا مِنْ أَصْحَابِهِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ قَالَ: «ادْعُ لِي أَهْلَ الْمَسْجِدِ وَمَنْ رَأَيْتَ فِي الطَّرِيقِ» فَجَعَلْتُ أَتَعَجَّبُ مِنْ قِلَّةِ الطَّعَامِ، وَمِنْ كَثْرَةِ مَنْ يَأْمُرُنِي أَدْعُو النَّاسَ، قَالَ: فَكَرِهْتُ أَنْ أَعْصِيَهُ حَتَّى امْتَلَأَ الْبَيْتُ وَالْحُجْرَةُ، فَقَالَ: «يَا أَنَسُ هَلْ تَرَى أَحَدًا؟» فَقُلْتُ: لَا يَا نَبِيَّ اللَّهِ، قَالَ: «هَلُمَّ ذَلِكَ التَّوْرَ» ، فَجِئْتُ بِذَلِكَ التَّوْرِ فَوَضَعْتُهُ قُدَّامَهُ، فَغَمَسَ بِثَلَاثَةِ أَصَابِعَ لَهُ فِي التَّوْرِ فَجَعَلَ التَّمْرُ يَرْبُو، فَجَعَلُوا يَتَغَدُّونَ وَيَخْرُجُونَ حَتَّى إِذَا فَرَغُوا أَجْمَعِينَ، وَبَقِيَ فِي التَّوْرِ نَحْوٌ مِمَا جِئْتُ بِهِ، قَالَ: «ضَعْهُ قُدَّامَ زَيْنَبَ» ، فَخَرَجْتَ فَأَسْقَفَتْ عَلَيْهِمْ [ص: 41] بَابًا مِنْ جَرِيدٍ قَالَ ثَابِتٌ: فَقُلْنَا: يَا أَبَا حَمْزَةَ، كَمْ تَرَى كَانَ الَّذِينَ أَكَلُوا مِنْ ذَلِكَ التَّوْرِ؟ قَالَ: فَقَالَ لِي: «أَحْسَبُ وَاحِدًا وَسَبْعِينَ أَوِ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ» الحديث: 9 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 39 10 - حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَعُثْمَانُ ابْنَا أَبِي شَيْبَةَ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، قَالَ: بَعَثَنِي أَبُو طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَدْعُوَهُ، وَقَدْ جَعَلَ لَهُ طَعَامًا، قَالَ: فَأَقْبَلْتُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ النَّاسِ، قَالَ: فَنَظَرَ إِلَيَّ فَاسْتَحْيَيْتُ، فَقُلْتُ: أَجِبْ أَبَا طَلْحَةَ، فَقَالَ لِلنَّاسِ: «قُومُوا» ، فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا صَنَعْتُ شَيْئًا لَكَ، قَالَ: فَمَسَّهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدَعَا فِيهَا بِالْبَرَكَةِ، وَقَالَ: «أَدْخِلْ مِنْ أَصْحَابِي عَشَرَةً» وَقَالَ: «كُلُوا» ، وَأَخْرَجَ لَهُمْ شَيْئًا بَيْنَ أُصْبَعَيْهِ فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا، ثُمَّ خَرَجُوا فَقَالَ: «أَدْخِلْ عَشَرَةً» فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا، ثُمَّ خَرَجُوا فَمَا زَالَ يَدْخُلُ عَشَرَةٌ [ص: 42] وَيَخْرُجُ عَشَرَةٌ حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلَّا دَخَلَ، فَأَكَلَ حَتَّى شَبِعَ، قَالَ: ثُمَّ هَيَّأَهَا فَإِذَا هِيَ مِثْلُهَا حِينَ أَكَلُوا، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فِي حَدِيثِهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ سَعِيدٍ، وَلَمْ يَقُلْ قَالَ: حَدَّثَنَا الحديث: 10 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 41 11 - حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ، لَمَّا رَأَى رَسُولَ اللَّهِ طَاوِيًا، جَاءَ إِلَى أُمِّ سُلَيْمٍ فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ طَاوِيًا فَهَلْ عِنْدَكِ شَيْءٌ؟ قَالَتْ: عِنْدَنَا نَحْوٌ مِنْ مُدٍّ مِنْ دَقِيقِ شَعِيرٍ، قَالَ: فَاعْجِنِيهِ وَأَصْلِحِيهِ عَسَى أَنْ نَدْعُوَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَأَكُلَ مِنْهُ، قَالَ: فَعَجَنَتْهُ وَخَبَزَتْهُ، قَالَ: فَجَاءَ قُرْصٌ، فَقَالَ لِي: ادْعُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ نَاسٌ - قَالَ مُبَارَكٌ: أَحْسَبُهُ قَالَ: بِضْعَةٌ وَثَمَانُونَ - فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَبُو طَلْحَةَ يَدْعُوكَ، فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: " أَجِيبُوا أَبَا طَلْحَةَ، قَالَ: فَجِئْتُ مُسْرِعًا حَتَّى أَخْبَرْتُهُ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ وَأَصْحَابُهُ، فَقَالَ لَهَا: وَاللَّهِ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ أَعْلَمُ بِمَا فِي بَيْتِي [ص: 43] مِنِّي، فَاسْتَقْبَلَهُ أَبُو طَلْحَةَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَاللَّهِ مَا عِنْدَنَا شَيْءٌ إِلَّا قُرَيْصٌ، رَأَيْتُكَ طَاوِيًا، فَأَمَرْتُ أُمَّ سُلَيْمٍ فَجَعَلَتْ لَكَ قُرْصًا، قَالَ: فَدَعَا بِالْقُرْصِ، وَدَعَا بِالْجَفْنَةِ فَوَضَعَهُ فِيهَا، فَقَالَ: «هَلْ مِنْ سَمْنٍ؟» فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: قَدْ كَانَ فِي الْعُكَّةِ شَيْءٌ، قَالَ: فَجَاءَ بِهَا فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو طَلْحَةَ يَعْصِرَانِهَا حَتَّى خَرَجَ شَيْءٌ مَسَحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِ سُبَّابَتَهُ، ثُمَّ مَسَحَ بِالْقُرْصِ، ثُمَّ قَالَ: «بِسْمِ اللَّهِ» ، فَانْتَفَخَ الْقُرْصُ، ثُمَّ عَصَرَ الْعُكَّةَ فَخَرَجَ شَيْءٌ فَمَسَحَ بِهِ أُصْبُعَهُ السَّبَّابَةَ، ثُمَّ مَسَحَهُ عَلَى الْقُرْصِ، وَقَالَ: «بِسْمِ اللَّهِ» فَانْتَفَخَ الْقُرْصُ، فَلَمْ يَزَلْ يَصْنَعُ ذَلِكَ وَالْقُرْصُ يَنْتَفِخُ حَتَّى رَأَيْتُ الْقُرْصَ فِي الْجَفْنَةِ يَتَمَيَّعُ، فَقَالَ: «ادْعُ لِي عَشَرَةً مِنْ أَصْحَابِي» ، فَدَعَوْتُ لَهُ عَشَرَةً، فَوَضَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ وَسَطَ الْقُرْصِ، وَقَالَ: «كُلُوا بِسْمِ اللَّهِ» ، فَأَكَلُوا حَوَالَيِ الْقُرْصِ حَتَّى شَبِعُوا، ثُمَّ قَالَ: «ادْعُ لِي عَشَرَةً أُخْرَى» ، قَالَ: فَدَعَوْتُ لَهُ عَشَرَةً أُخْرَى، فَقَالَ: «كُلُوا بِسْمِ اللَّهِ» ، فَأَكَلُوا مِنْ حَوَالَيِ الْقُرْصِ حَتَّى شَبِعُوا، فَلَمْ يَزَلْ يَدْعُو عَشَرَةً عَشَرَةً يَأْكُلُونَ مِنْ ذَلِكَ الْقُرْصِ حَتَّى أَكَلَ مِنْهُ بِضْعَةٌ وَثَمَانُونَ رَجُلًا مِنْ حَوَالَيِ الْقُرْصِ حَتَّى شَبِعُوا، قَالَ: وَإِنَّ وَسَطَ الْقُرْصِ حَيْثُ وَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ كَمَا هُوَ الحديث: 11 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 42 12 - حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ يَحْيَى بْنُ [ص: 44] خَلَفٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، عَنْ سَعِيدٍ يَعْنِي الْجُرَيْرِيَّ، عَنْ أَبِي الْوَرْدِ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: صَنَعْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِأَبِي بَكْرٍ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ طَعَامًا قَدْرَ مَا يَكْفِيهِمَا، فَأَتَيْتُهُمَا بِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «اذْهَبْ فَادْعُ لِي ثَلَاثِينَ مِنْ أَشْرَافِ الْأَنْصَارِ» قَالَ: فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيَّ، مَا عِنْدِي شَيْءٌ أُزِيدُهُ، قَالَ: فَكَأَنِّي تَثَاقَلْتُ، فَقَالَ: «اذْهَبْ فَادْعُ لِي ثَلَاثِينَ مِنْ أَشْرَافِ الْأَنْصَارِ» ، فَدَعَوْتُهُمْ فَجَاؤُوا، فَقَالَ: «اطْعَمُوا» ، فَأَكَلُوا حَتَّى صَدَرُوا، ثُمَّ شَهِدُوا أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ، ثُمَّ بَايَعُوهُ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجُوا، ثُمَّ قَالَ: «اذْهَبْ فَادْعُ لِي سِتِّينَ مِنْ أَشْرَافِ الْأَنْصَارِ» - قَالَ أَبُو أَيُّوبَ: فَوَاللهِ لَأَنَا بِالسِّتِّينَ أَجْوَدَ مِنِّي بِالثَّلَاثِينَ - قَالَ: فَدَعَوْتُهُمْ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَرَبَّعُوا» ، فَأَكَلُوا حَتَّى صَدَرُوا، ثُمَّ شَهِدُوا أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ، وَبَايَعُوهُ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجُوا، قَالَ: «اذْهَبْ فَادْعُ لِي تِسْعِينَ مِنَ الْأَنْصَارِ» - فَقَالَ: فَلَأَنَا أَجْوَدُ بِالتِّسْعِينَ وَبِالسِّتِّينَ مِنِّي بِالثَّلَاثِينَ - قَالَ: فَدَعَوْتُهُمْ، فَأَكَلُوا حَتَّى صَدَرُوا، ثُمَّ شَهِدُوا أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ وَبَايَعُوهُ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجُوا [ص: 45] ، وَقَالَ: فَأَكَلَ مِنْ طَعَامِ ذَلِكَ مِائَةٌ وَثَمَانُونَ رَجُلًا كُلُّهُمْ مِنَ الْأَنْصَارِ الحديث: 12 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 43 13 - حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ أُنَيْسِ بْنِ أَبِي يَحْيَى، عَنِ إِسْحَاقَ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: خَرَجَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا، فَقَالَ: «ادْعُ لِي مِنْ أَصْحَابِ الصُّفَّةِ» ، فَجَعَلْتُ أَتْبَعُهُمْ رَجُلًا رَجُلًا فَجَمَعْتُهُمْ، فَجِئْنَا بَابَ رَسُولِ اللَّهِ فَاسْتَأْذَنَّا فَأَذِنَ لَنَا - قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَوُضِعَتْ بَيْنَ أَيْدِينَا صَحْفَةٌ أَظُنُّ أَنَّ فِيهَا قَدْرَ مُدٍّ مِنْ شَعِيرٍ - قَالَ: فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ يَدَهُ عَلَيْهَا، فَقَالَ: «خُذُوا بِسْمِ اللَّهِ» ، قَالَ: فَأَكَلْنَا مَا شِئْنَا، ثُمَّ رَفَعْنَا أَيْدِينَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ حِينَ وُضِعَتِ الصَّحْفَةُ فَقَالَ: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ مَا أَمْسَى فِي آلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَعَامٌ لَيْسَ تَرَوْنَهُ» قِيلَ لَأَبِي هُرَيْرَةَ: قَدْرُ كَمْ كَانَتْ [ص: 46] حِينَ فَرَغْتُمْ؟ قَالَ: «مِثْلُهَا حِينَ وُضِعَتْ إِلَّا أَنَّ فِيهَا أَثَرَ الْأَصَابِعِ» الحديث: 13 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 45 14 - حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِقَصْعَةٍ فِيهَا طَعَامٌ، فَتَعَاقَبُوا إِلَى الظُّهْرِ مِنْ غُدْوَةٍ، يَقُومُ قَوْمٌ، وَيَقْعُدُ آخَرُونَ» قَالَ: فَقِيلَ لِسَمُرَةَ: هَلْ كَانَتْ تُمَدُّ؟ قَالَ: «فَمِنْ أَيِّ شَيْءٍ تَعْجَبُ؟ مَا كَانَتْ تُمَدُّ إِلَّا مِنْ هَا هُنَا، وَأَشَارَ إِلَى السَّمَاءِ» الحديث: 14 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 46 15 - حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: وَقَالَ أَبِي، عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ: «أَنَّ قَصْعَةً كَانَتْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَأْكُلُونَ مِنْهَا، فَكُلَّمَا شَبِعَ قَوْمٌ وَقَامُوا، جَلَسَ مَكَانَهُمْ آخَرُونَ كَذَلِكَ إِلَى صَلَاةِ الْأُولَى» قَالَ: وَقَالَ رَجُلٌ عِنْدَ سَمُرَةَ: هَلْ كَانَتْ تُمَدُّ؟ فَقَالَ سَمُرَةُ: " فَمِمَّ تَعْجَبُ، مَا كَانَتْ تُمَدُّ إِلَّا مِنْ هَا هُنَا، أَوْ قَالَ: مِنَ السَّمَاءِ أَوْ كَمَا قَالَ " الحديث: 15 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 47 16 - حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمِشْقِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُجَاهِدٌ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: وَاللَّهِ إِنْ كُنْتُ لَأَعْتَمِدُ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْجُوعِ، وَإِنْ كُنْتُ لَأَشُدُّ الْحَجَرَ عَلَى بَطْنِي مِنَ الْجُوعِ، وَلَقَدْ قَعَدْتُ فِي طَرِيقِهِمْ يَوْمًا، فَمَرَّ بِي أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ [ص: 48] اللَّهِ مَا أَسْأَلُهُ إِلَّا لِيَسْتَتْبِعَنِي فَمَرَّ وَلَمْ يَفْعَلْ، حَتَّى مَرَّ بِي رَسُولُ اللَّهِ وَعَرَفَ مَا فِي وَجْهِي، فَقَالَ: «أَبُو هُرَيْرَةَ» ، فَقُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَاسْتَأْذَنْتُهُ فَأَذِنَ لِي فَدَخَلْتُ، فَوَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ لَبَنًا فِي قَدَحٍ فِي أَهْلِهِ، فَقَالَتْ: «مِنْ أَيْنَ لَكُمْ هَذَا اللَّبْنُ؟» قَالُوا: أَرْسَلَ بِهِ إِلَيْكَ فُلَانٌ، قَالَ: «أَهْدَاهُ لَنَا فُلَانٌ» ، فَقَالَ: «يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، انْطَلِقْ إِلَى أَهْلِ الصُّفَّةِ، فَادْعُهُمْ» ، قَالَ: وَكَانَ أَهْلُ الصُّفَّةِ أَضْيَافَ الْإِسْلَامِ لَا أَهْلَ وَلَا مَالَ، إِذَا أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَدَقَةٌ أَرْسَلَ بِهَا إِلَيْهِمْ وَلَمْ يُصِبْ مِنْهَا شَيْئًا، وَإِذَا جَاءَتْهُ هَدِيَّةٌ أَصَابَ مِنْهَا وَأَشْرَكَهُمْ فِيهَا، فَسَاءَنِي إِرْسَالُهُ إِيَّايَ، فَقُلْتُ: كَيْفَ أَرَاهُ أُصِيبُ مِنْ هَذَا اللَّبَنِ شَرْبَةً أَتَقَوَّى بِهَا، وَمَا هَذَا اللَّبْنُ فِي أَهْلِ الصُّفَّةِ؟ وَلَمْ يَكُنْ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَطَاعَةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُدٌّ، وَكُنْتُ أَنَا الرَّسُولُ، فَأَتَيْتُهُمْ فَأَقْبَلُوا مُجَنَّدِينَ، وَاسْتَأْذَنُوا فَأَذِنَ لَهُمْ، وَأَخَذُوا مَجَالِسَهُمْ مِنَ الْبَيْتِ، وَقَالَ: «خُذْ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ فَأَعْطِهِمْ» ، قَالَ: فَجَعَلْتُ أُعْطِي الرَّجُلَ فَيَشْرَبُ حَتَّى يُرْوَى، حَتَّى أَتَيْتُ عَلَى جَمِيعِهِمْ فَرَجَعْتُ [ص: 49] إِلَى رَسُولِ اللَّهِ وَفِي الْإِنَاءِ فَضْلَةٌ، فَأَعْطَيْتُهُ الْقَدَحَ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَنَظَرَ إِلَيَّ مُبْتسِمًا، فَقَالَ: «يَا أَبَا هُرَيْرَةَ بَقِيتُ أَنَا وَأَنْتَ» ، قَالَ: قُلْتُ: صَدَقْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «فَاشْرَبْ» ، قَالَ: فَشَرِبْتُ، قَالَ: «اشْرَبْ» فَشَرِبْتُ، فَمَا زَالَ يَقُولُ: «اشْرَبْ» وَأَشْرَبُ، حَتَّى قُلْتُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أَجِدُ لَهُ مَسَاغًا، قَالَ: فَأَخَذَ فَشَرِبَ مِنَ الْفَضْلَةِ الحديث: 16 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 47 17 - حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مِينَا، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: لَمَّا حَفَرُوا الْخَنْدَقَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمْصًا شَدِيدًا، فَانْكَفَأْتُ إِلَى امْرَأَتِي، فَقُلْتُ: إِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمْصًا شَدِيدًا فَأَخْرَجَتْ [ص: 50] إِلَيَّ جِرَابًا فِيهِ صَاعٌ مِنْ شَعِيرٍ، وَلَنَا بَهْمَةٌ دَاجِنٌ، قَالَ: فَذَبَحْتُهَا، فَفَرَغْتُ إِلَى فَرَاغِي، وَقَطَّعْتُهَا فِي بُرْمَتِهَا، ثُمَّ وَلَّيْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: لَا تَفْضَحْنِي بِرَسُولِ اللَّهِ وَمَنْ مَعَهُ، فَجِئْتُهُ فَنَادَيْتُهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا قَدْ ذَبَحْنَا بَهْمَةً لَنَا وَطَبَخْنَا طَعَامًا مِنْ شَعِيرٍ كَانَ عِنْدَنَا، فَتَعَالَ أَنْتَ وَنَفَرٌ مَعَكَ، قَالَ: فَصَاحَ رَسُولُ اللَّهِ: «يَا أَهْلَ الْخَنْدَقِ إِنَّ جَابِرًا قَدْ صَنَعَ سُورًا فَحَيَّ بِكُمْ» ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «لَا تُنْزِلُنَّ بُرْمَتَكُمْ وَلَا تَخْبِزُنَّ عَجِينَكُمْ حَتَّى أَجِيءَ» ، قَالَ: فَجِئْتُ وَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ يَقْدُمُ النَّاسَ حَتَّى جِئْتُ امْرَأَتِي، فَقَالَتْ: بِكَ وَبِكَ، فَقُلْتُ: قَدْ فَعَلْتُ الَّذِي قُلْتِ، فَأَخْرَجَتْ لِي عَجِينًا، فَبَسَقَ فِيهِ وَبَارَكَ، ثُمَّ عَمَدَ إِلَى بُرْمَتِنَا، فَبَسَقَ فِيهَا وَبَارَكَ، ثُمَّ قَالَ [ص: 51] : «ادْعُ لِي خَابِزَةً فَلْتَخْبِزْ مَعَكِ وَاقْدَحِي مِنْ بُرْمَتِكُمْ وَلَا تُنْزِلُوهَا» ، وَهُمْ أَلْفٌ، فَأُقْسِمُ بِاللَّهِ لَأَكَلُوا حَتَّى تَرَكُوهُ، وَانْحَرَفُوا وَإِنَّ بُرْمَتَنَا لَتَغُطُّ كَمَا هِيَ، وَإِنَّ عَجِينَنَا لِيُخْبَزُ كَمَا هُوَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحديث: 17 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 49 18 - حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُحَارِبِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ أَيْمَنَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قُلْتُ لِجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: حَدِّثْنِي بِحَدِيثٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْوِيهِ عَنْكَ، قَالَ جَابِرٌ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ يَوْمَ الْخَنْدَقِ نَحْفُرُ، فَلَبِثْنَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لَا نَطْعَمُ شَيْئًا وَلَا نَقْدِرُ عَلَيْهِ، فَعَرَضَتْ كُدْيَةٌ فِي الْخَنْدَقِ، فَجِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ، فَقُلْتُ: هَذِهِ كُدْيَةٌ قَدْ عَرَضَتْ فِي الْخَنْدَقِ فَرَشَشْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ، قَالَ: فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ وَبَطْنُهُ مَعْصُوبٌ بِحَجَرٍ، وَأَخَذَ الْمِعْوَلَ - أَوِ [ص: 52] الْمِسْحَاةَ - ثُمَّ سَمَّى لَنَا، ثُمَّ ضَربَ فَعَادَتْ كَثِيبًا أَهْيَلَ، فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ائْذَنْ لِي، قَالَ: فَأَذِنَ لِي، فَجِئْتُ امْرَأَتِي فَقُلْتُ: ثَكِلَتْكِ أُمُّكِ، إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا لَا صَبْرَ عَلَيْهِ فَمَا عِنْدَكِ؟ قَالَتْ: عِنْدِي صَاعٌ مِنْ شَعِيرٍ وَعَنَاقٌ، قَالَ: فَطَحَنَّا الشَّعِيرَ وَذَبَحْنَا الْعَنَاقَ وَأَصْلَحْنَاهَا، وَجَعَلْنَاهَا فِي الْبُرْمَةِ، وَعَجَنْتُ الشَّعِيرَ، ثُمَّ جِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَبِثْتُ سَاعَةً، ثُمَّ اسْتَأْذَنْتُ الثَّانِيَةَ فَأَذِنَ لِي، فَجِئْتُ، فَإِذَا الْعَجِينُ قَدْ أَمْكَنَ، فَأَمَرْتُهَا بِالْخُبْزِ وَجَعَلْتُ الْقِدْرَ عَلَى الْأَثَافِيِّ، فَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ فَسَارَرْتُهُ فَقُلْتُ: إِنَّ عِنْدَنَا طُعْمًا لَنَا، فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تَقُومَ مَعِي أَنْتَ وَرَجُلٌ أَوْ رَجُلَانِ مَعَكَ فَعَلْتُ، قَالَ: «وَمَا هُوَ وَكَمْ هُوَ؟» قُلْتُ: صَاعٌ مِنْ شَعِيرٍ، وَعَنَاقٌ، قَالَ: " ارْجِعْ إِلَى أَهْلِكَ، فَقُلْ لَهَا: لَا تَنْزِعِ الْبُرْمَةَ مِنَ الْأَثَافِيِّ، وَلَا تُخْرِجِ الْخُبْزَ مِنَ التَّنُّورِ حَتَّى آتِي "، ثُمَّ قَالَ لِلنَّاسِ: «قُومُوا إِلَى بَيْتِ جَابِرٍ» ، قَالَ: فَاسْتَحْيَيْتُ حَيَاءً لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، قَالَ: فَقُلْتُ لِامْرَأَتِي: ثَكِلَتْكِ أُمُّكِ، قَدْ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ وَأَصْحَابُهُ أَجْمَعِينَ، فَقَالَتْ: أَكَانَ سَأَلَكَ كَمِ الطَّعَامُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَتْ: فَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَدْ أَخْبَرْتَهُ بِمَا كَانَ عِنْدَنَا، قَالَ: فَذَهَبَ عَنِّي بَعْضُ مَا أَجِدُ، قُلْتُ: صَدَقْتِ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَخَلَ، ثُمَّ قَالَ لِأَصْحَابِهِ: «لَا [ص: 53] تَضَاغَطُوا» قَالَ: ثُمَّ بَرَّكَ عَلَى التَّنُّورِ وَعَلَى الْبُرْمَةِ قَالَ: «فَجَعْلَنَا نَأْخُذُ مِنَ التَّنُّورِ الْخُبْزَ وَنَأْخُذُ اللَّحْمَ مِنَ الْبُرْمَةِ فَيُثَرِّدُ وَيَغْرِفُ وَيُقَرِّبُ إِلَيْهِمْ» ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «لِيَجْلِسْ عَلَى الصَّحْفَةِ سَبْعَةٌ أَوْ ثَمَانِيَةٌ» ، قَالَ: فَلَمَّا أَكَلُوا، كَشَفْنَا التَّنُّورَ وَالْبُرْمَةَ، فَإِذَا هُمَا قَدْ عَادَا إِلَى أَمْلَأِ مِمَّا كَانَ فَيَثْرِدُ وَيَغْرِفُ وَيُقَرِّبُ إِلَيْهِمْ، فَلَمْ يَزَلْ يَفْعَلُ ذَلِكَ كُلَّمَا فَتَحْنَا التَّنُّورَ وَكَشَفْنَا عَنِ الْبُرْمَةِ وَجَدْنَاهَا أَمْلَأَ مِمَّا كَانَ حَتَّى شَبِعَ الْمُسْلِمُونَ كُلُّهُمْ وَبَقِيَ طَائِفَةٌ مِنَ الطَّعَامِ، فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ: «إِنَّ النَّاسَ قَدْ أَصَابَهُمْ مَخْمَصَةٌ، فَكُلُوا وَأَطْعِمُوا» فَلَمْ نَزَلْ يَوْمَنَا نَأْكُلُ وَنَطْعَمُ قَالَ: وَأَخْبَرَنِي «أَنَّهُمْ كَانُوا ثَمَانَمِائَةٍ أَوْ ثَلَاثَمِائَةٍ» الحديث: 18 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 51 بَابُ مَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْعُو أَوْ يَضَعُ يَدَهُ فِي الشَّيْءِ مِنَ الْمَاءِ فَيُرْوَى مِنْهُ الْخَلْقُ الْكَثِيرُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 55 19 - حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّهُ قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَانَتْ صَلَاةُ الْعَصْرِ، فَالْتَمَسَ النَّاسُ الْوَضُوءَ فَلَمْ يَجِدُوهُ، فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ بِوَضُوءٍ، فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ فِي ذَلِكَ الْإِنَاءِ، وَأَمَرَ النَّاسَ أَنْ يَتَوَضَّئُوا مِنْهُ» ، قَالَ: «فَرَأَيْتُ الْمَاءَ يَنْبُعُ مِنْ تَحْتِ أَصَابِعِهِ» ، قَالَ: «فَتَوَضَّأَ النَّاسُ حَتَّى تَوَضَّئُوا مِنْ عِنْدِ آخِرِهِمْ» [ص: 56] 20 - حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: نا مَعْنٌ، قَالَ: نا مَالِكٌ مِثْلَهُ الحديث: 19 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 55 21 - حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: نا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: " شَهِدْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ أَصْحَابِهِ عِنْدَ الزَّوْرَاءِ - أَوْ قَالَ: عِنْدَ بُيُوتِ الْمَدِينَةِ - فَأَرَادُوا الْوُضُوءَ، فَأُتِيَ بِقَعْبٍ فِيهِ مَاءٌ يَسِيرٌ، فَوَضَعَ يَدَهُ فِي الْقَعْبِ فَجَعَلَ يَنْبُعُ الْمَاءُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ حَتَّى تَوَضَّأَ الْقَوْمُ كُلُّهُمْ " قُلْتُ: وَكَمْ كُنْتُمْ؟ قَالَ: «زُهَاءُ ثَلَاثِمِائَةٍ» الحديث: 21 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 56 22 - حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ حَسَّابٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: نا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَا يَوْمًا بِقَدَحٍ، فَجِيءَ بِقَدَحٍ رَحْرَاحٍ وَاسِعِ الْفَمِّ فِيهِ مَاءٌ، فَوَضَعَ أَصَابِعَهُ فِيهِ، وَجَعَلَ الْقَوْمُ يَتَوَضَّئُونَ الْأَوَّلُ فَالْأَوَّلُ» فَحَزَرْتُهُمْ مَا بَيْنَ السَّبْعِينَ إِلَى الثَّمَانِينَ " الحديث: 22 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 57 23 - حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، قَالَ: قُلْتُ لِأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: حَدِّثْنَا بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأَعَاجِيبِ لَا يُحَدِّثُهُ أَحَدٌ غَيْرُكَ. قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الظُّهْرَ ذَاتَ يَوْمٍ، ثُمَّ انْطَلَقَ حَتَّى قَعَدَ عَلَى الْمَقَاعِدِ الَّتِي كَانَ يَأْتِيهِ عَلَيْهَا جِبْرِيلُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَاءَ بِلَالٌ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَأَذَّنَ [ص: 58] بِصَلَاةِ الْعَصْرِ، فَانْطَلَقَ مَنْ كَانَ لَهُ أَهْلٌ يَقْضِي الْحَاجَةَ وَيُصِيبُ مِنَ الْوُضُوءِ وَبَقِيَ رِجَالٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ لَيْسَ لَهُمْ أَهْلُونَ فِي الْمَدِينَةِ، وَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ بِقَدَحٍ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ مَاءٍ فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ فِيهِ كَفَّهُ، فَمَا وَسِعَ الْإِنَاءُ كَفَّ رَسُولِ اللَّهِ كَلَّهَا وَمَالَ بِهَؤُلَاءِ الْأَصَابِعِ الْأَرْبَعِ سِوَى الْإِبْهَامِ فَوَضَعَهُنَّ، ثُمَّ قَالَ: «ادْنُوا فَتَوَضَّئُوا» فَمَا بَقِيَ أَحَدٌ إِلَّا تَوَضَّأَ وَكَفُّ رَسُولِ اللَّهِ فِي الْإِنَاءِ قُلْتُ: يَا أَبَا حَمْزَةَ، كَمْ تُرَاهُمْ كَانُوا؟ فَقَالَ: «مَا بَيْنَ السَّبْعِينَ إِلَى الثَّمَانِينَ» الحديث: 23 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 57 24 - حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: «حَضَرَتِ الصَّلَاةُ، فَقَامَ مَنْ كَانَ قَرِيبًا مِنَ الْمَسْجِدِ وَبَقِيَ نَاسٌ، وَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ بِمِخْضَبٍ مِنْ حِجَارَةٍ فِيهِ مَاءٌ، فَوَضَعَ كَفَّهُ فِي الْمِخْضَبِ، فَصَغُرَ الْمِخْضَبُ أَنْ يَبْسُطَ كَفَّهُ فِيهِ، يَضُمُّ أَصَابِعَهُ فَتَوَضَّأَ الْقَوْمُ جَمِيعًا» قُلْنَا: كَمْ كَانُوا؟ قَالَ: «ثَمَانِينَ رَجُلًا» الحديث: 24 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 58 25 - حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مَعَنُ بْنُ عِيسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ، أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ أَخْبَرَهُ، أَنَّهُمْ خَرَجُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ غَزْوَةِ تَبُوكَ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ يَجْمَعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَالْمَغَرِبِ وَالْعِشَاءِ، قَالَ: فَأَخَّرَ الصَّلَاةَ يَوْمًا فَصَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّكُمْ سَتَأْتُونَ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَيْنَ تَبُوكٍ، وَإِنَّكُمْ لَنْ تَأْتُوهَا حَتَّى يَضْحَى النَّهَارُ فَمَنْ جَاءَهَا، فَلَا يَمَسُّ مِنْ مَائِهَا شَيْئًا حَتَّى آتِيَ» ، قَالَ: فَجِئْنَاها وَقَدْ سَبَقَ إِلَيْهَا رَجُلَانِ وَالْعَيْنُ مِثْلُ الشِّرَاكِ تَبِضُّ بِشَيْءٍ مِنْ مَاءٍ، فَسَأَلَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَلْ مَسَسْتُمَا مِنْ مَائِهَا شَيْئًا؟» فَقَالَا: نَعَمْ، فَسَبَّهُمَا، وَقَالَ لهُمَا مَا شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَقُولَ، ثُمَّ غَرَفُوا مِنَ الْعَيْنِ بِأَيدِيهِمْ قَلِيلًا قَلِيلًا، حَتَّى اجْتَمَعَ فِي شَيْءٍ، ثُمَّ غَسَلَ رَسُولُ اللَّهِ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ، ثُمَّ أَعَادَهُ فِيهَا فَجَرَتِ [ص: 60] الْعَيْنُ بِمَاءٍ كَثِيرٍ، فَاسْتَقَى النَّاسُ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يُوشِكُ يَا مُعَاذُ إِنْ طَالَتْ بِكَ حَيَاةٌ أَنْ تَرَى مَا هَا هُنَا قَدْ مُلِئَ جِنَانًا» الحديث: 25 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 59 27 - حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ هِلَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ جُبَيْرٍ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: " كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ، فَأَتَيْنَا عَلَى رَكِيٍّ ذَمَّةٍ، قَالَ: فَنَزَلَ سِتَّةٌ أَنَا سَادِسُهُمْ - أَوْ سَبْعَةٌ أَنَا سَابِعُهُمْ - قَالَ مَاحَةً، قَالَ: فَأَدْلَيْتُ دَلْوًا، قَالَ: وَرَسُولُ اللَّهِ قَالَ فَكِدْتُ بإِنَائِي أنْ أَجِدَ شَيْئًا أَجْعَلُهُ فِي حَلْقِي فَمَا وَجَدْتُ، قَالَ: فَغَمَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ مَا شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَقُولَ، قَالَ: فَأُعِيدَ إِلَيْنَا الدِّلَاءُ بِمَا فِيهَا قَالَ: فَقَدْ رَأَيْتُ أَحَدَنَا أُخْرِجَ بثَوْبٍ مِنَ الْغَرَقِ " الحديث: 26 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 60 حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَعُثْمَانُ ابْنَا أَبِي شَيْبَةَ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: «نَزَلْنَا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ، فَوَجَدْنَا مَاءً قَدْ شَرِبَهُ أُولَئِكَ النَّاسُ، فَجَلَسَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْبِئْرِ، ثُمَّ دَعَا بِدَلْوٍ، وَأَخَذَ مِنْهُ بِفَمِهِ، ثُمَّ مَجَّهُ فِيهَا، وَدَعَا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَكَثُرَ مَاؤُهَا حَتَّى تَرَوَّى النَّاسُ مِنْهَا» الجزء: 1 ¦ الصفحة: 61 28 - حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ الْقَيْسِيُّ، إِمْلَاءً عَلَيْنَا فِي شَعْبَانَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُبَارَكُ بْنُ [ص: 62] فَضَالَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبَاحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو قَتَادَةَ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَسِيرٍ وَالْحَرُّ شَدِيدٌ، فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سِيرُوا فَانْزِلُوا الْمَاءَ غَدًا فَمَنْ لَمْ يَنْزِلِ الْمَاءَ غَدًا عَطِشَ» ، فَسَارَ النَّاسُ بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَسَارَ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا وَعَطِشَ النَّاسُ، قَالَ: وَكُنْتُ فِيمَنْ تَخَلَّفَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ، فَسِرْنَا يَوْمَنَا وَلَيْلَتَنَا، قَالَ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ يَنْعَسُ عَلَى رَاحِلَتِهِ مِنَ اللَّيْلِ فَيَمِيلُ، فَإِذَا خَشِيتُ أَنْ يَقَعَ دَنَوْتُ مِنْهُ فَنَبَّهْتُهُ، ثُمَّ أَسِيرُ مَعَهُ فَيَنْعَسُ فَيَمِيلُ، فَإِذَا خَشِيتُ أَنْ يَقَعَ دَنَوْتُ مِنْهُ فَنَبَّهْتُهُ، قَالَ: فَقَالَ لِي كَلِمَةً مَا يَسُرُّنِي بِهَا حُمُرُ النِّعَمِ، فَقَالَ: «حَفِظَكَ اللَّهُ بِمَا حَفِظْتَ بِهِ رَسُولَهُ» حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ السَّحَرِ عَرَّسَ، وَقَالَ: «لَعَلَّنَا أنْ نَهْجَعَ هَجْعَةً» قَالَ: فَاسْتَمْكَنَّا مِنَ الْأَرْضِ، وَقَدْ سِرْنَا يَوْمَنَا وَلَيْلَتَنَا، قَالَ: فَمَا أَيْقَظَنَا إِلَّا حَرُّ الشَّمْسِ مِنَ الْغَدِ فِي ظُهُورِنَا، فَقُمْنَا فَزِعِينَ وَلَمْ نُصَلِّ. قَالَ: فَفَزِعْنَا وَلَا عَهْدَ لَنَا بِمِثْلِ ذَلِكَ قَالَ: فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ يُعَجِّلْ مَسْحًا فَقَضَى [ص: 63] حَاجَتَهُ، وَدَعَا بِمَيْضَأَةٍ فَتَوَضَّأَ مِنْهَا، ثُمَّ دَفَعَ الْمَيْضَأَةَ وَمَا فِيهَا إِلَيَّ، فَقَالَ: «يَا أَبَا قَتَادَةَ ازْدَخِرْ بِهَذِهِ الْمَيْضَأَةِ فَإِنَّ لَهَا نَبَأً» قَالَ: «فَجَعَلْتُهَا بَيْنِي وَبَيْنَ وَاسِطَةِ رَحْلِي» ، قَالَ: وَفِينَا بِلَالٌ، فَأَذَّنَ بِلَالٌ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ، وَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَمَا كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الْفَجْرِ، ثُمَّ أَقَامَ بِلَالٌ فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَاةً حَسَنَةً لَا يَعْجَلُ فِيهَا، فَقَالَ: «لَا تَفْرِيطَ فِي النَّوْمِ إِنَّمَا التَّفْرِيطُ فِي الْيَقَظَةِ» ، ثُمَّ قَالَ: «ظُنُّوا بِالنَّاسِ» قَالَ: قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: النَّاسُ أَصْبَحُوا الْيَوْمَ لَيْسَ فِيهِمْ ثُلُثُهُمْ، وَفِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، فَقَالَ عِظَمُ النَّاسِ: سِيرُوا إِلَى الْمَاءِ وَرَسُولُ اللَّهِ قَدْ نَزَلَ الْمَاءَ وَقَدْ عَهِدَ إِلَيْكُمْ أَنَّهُ مَنْ لَمْ يَنْزِلِ الْمَاءَ غَدًا عَطِشَ، قَالَ: فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: لَا وَاللَّهِ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ لِيَعْجَلَ إِلَى الرِّيِّ قَبْلَ أَصْحَابِهِ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ لَبَعْدَكُمْ فَانْتَظِرُوا، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «إِنْ يُطِعِ النَّاسُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ يَرْشُدُوا» ، قَالَ: فَسِرْنَا حَتَّى حَمِيَتِ الشَّمْسُ، فَإِذَا النَّاسُ قَدْ أَطَاعُوا أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ فَنَزَلُوا عَلَى [ص: 64] غَيْرِ مَاءٍ فَعَطِشُوا: فَلَمَّا بَصَرُوا بِنَا أَقْبَلُوا، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكْنَا بِالْعَطَشِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «لَا هَلْكَ عَلَيْكُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، لَا هَلْكَ عَلَيْكُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ» فَوَاللَّهِ مَا عَدَا أَنْ سَمِعْنَاهَا فَاشْتَدَّتْ ظُهُورُنَا، فَقَالَ: «يَا أَبَا قَتَادَةَ» قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ، قَالَ: «هَاتِ الْمَيْضَأَةَ» ، قَالَ: فَجِئْتُ بِهَا تُخَضْخِضُ قَالَ: قُلْتُ فِي نَفْسِي: وَمَا هَذِهِ الْمَيْضَأَةُ عَمَّا تَرَى وَمَا فِيهَا رِّيُّ رَجُلٍ قَالَ: فَأَتَيْتُهُ بِهَا، فَقَالَ: «هَاتِ غَمْرِي» ، فَأَتَيْتُهُ بِقَدَحٍ لَهُ، قَالَ: فَجِئْتُهُ بِهِ، فَقَالَ: «اصْبُبْ بِسْمِ اللَّهِ» قَالَ: فَتَكَفَّأَ النَّاسُ عَلَيْهِ لَا يَرَى كُلُّ إِنْسَانٍ إِلَا إِنَّمَا هِيَ شَرْبَةٌ لِمَنْ سَبَقَ، فَلَمَّا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ قَالَ: «أَحْسِنُوا مَلْأَكُمْ كُلُّكُمْ سَيَرْوَى إِنْ شَاءَ اللَّهُ» قَالَ: فَجَعَلْتُ أَصُبُّ وَنَسْقِي، وَأَصُبُّ وَأَسْقِي وَأَرَى الْمَيْضَأَةَ مَا أَصُبُّ فِيهَا شَيْئًا إِلَّا فِيهَا أَكْثَرُ مِنْهُ أَرَاهَا تَرْبُوا حَتَّى وَاللَّهِ مَا بَقِيَ مِنَ الْجُنْدِ أَحَدٌ إِلَا قَدْ صَدَرَ عَنْهَا رَيَّانَ، وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ لَيَغْرِفُ وَيَمْسَحُ عَنْ وَجْهِهِ الْعَرَقَ، وَمَا يَشْرَبُ حَتَّى بَقِيتُ أَنَا وَهَوَ قَالَ: «اصْبُبْ بِسْمِ اللَّهِ» ، فَصَبَبْتُ فَنَاوَلَنِي، فَقَالَ: «اشْرَبْ» ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اشْرَبْ أَنْتَ، ثُمَّ أَشْرَبُ أَنَا، قَالَ: «سَاقِي الْقَوْمِ آخِرُهُمْ» [ص: 65] قَالَ: فَشَرِبْتُ، ثُمَّ شَرِبَ وَهِيَ كَمَا هِيَ 29 - حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّامِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، بِنَحْوِهِ، وَزَادَ فِيهِ: «إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا عَرَّسَ بِلَيْلٍ تَوَسَّدَ يَمِينَهُ، وَإِذَا عَرَّسَ عِنْدَ الصُّبْحِ نَصَبَ سَاعِدَهُ نَصْبًا وَوَضَعَ رَأْسَهُ عَلَى كَفِّهِ» الحديث: 28 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 61 30 - حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ قَالَ نا هُدْبَةُ بْنُ خَ‍الِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، قَالَ: خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ: «إِنَّكُمْ تَسِيرُونَ عَشِيَّتَكُمْ وَلَيْلَتَكُمْ وَتَأْتُونَ الْمَاءَ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ» قَالَ أَبُو قَتَادَةَ: فَانْطَلَ‍قَ النَّاسُ لَا يَلْوِي أَحَدٌ مِنْهُمْ عَلَى أَحَدٍ فِي مَسِيرِهِمْ، فَإِنِّي أَسِيرُ إِلَى جَنْبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَبْهَارِ اللَّيْلِ، فَنَعَسَ رَسُولُ اللَّهِ فَمَالَ عَلَى [ص: 66] رَاحِلَتِهِ، ثُمَّ سِرْنَا حَتَّى إِذَا تَهَوَّرَ اللَّيْلُ مَالَ عَلَى رَاحِلَتِهِ مَيْلَةً أُخْرَى، فَدَعَّمْتُهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ أُوقِظَهُ، فَاعْتَدَلَ عَلَى رَاحِلَتِهِ، ثُمَّ سِرْنَا حَتَّى إِذَا كَانَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ مَالَ مَيْلَةً أُخْرَى هِيَ أَشَدُّ مِنَ الْمَيْلَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ حَتَّى إِذَا كَادَ أَنْ يَنْجَفِلَ فَدَعَّمْتُهُ فَرَفَعَ رَأْسَهُ، فَقَالَ: «مَنْ هَذَا؟» قُلْتُ: أَبُو قَتَادَةَ، قَالَ: «مَتَى كَانَ هَذَا مَسِيرُكَ مِنِّي؟» قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا مَسِيرِي مِنْكَ مُنْذُ اللَّيْلَةِ، قَالَ: «حَفِظَكَ اللَّهُ بِمَا حَفِظْتَ بِهِ نَبِيَّهُ» ثُمَّ قَالَ: «أَتَرَانَا نَخْفَى عَلَى النَّاسِ؟ هَلْ تَرَى أَحَدًا؟» قُلْتُ: هَذَا رَاكِبٌ وَهَذَا آخَرُ، فَاجْتَمَعْنَا فَكُنَّا سَبْعَةً، فَمَالَ عَنِ الطَّرِيقِ، ثُمَّ وَضَعَ رَأْسَهُ وَقَالَ: «احْفَظُوا عَلَيْنَا صَلَاتَنَا» ، فَكَانَ أَوَّلَ مَنِ انْتَبَهَ بِالشَّمْسِ فِي ظَهْرِهِ، فَقُمْنَا فَزِعِينَ، فَقَالَ: «ارْكَبُوا» فَرَكِبْنَا، فَجَعَلَ يَهْمِسُ بَعْضٌ لِبَعْضٍ مَا فَعَلْنَا تَفْرِيطُنَا فِي صَلَاتِنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «مَا هَذَا الَّذِي تَهْمِسُونَ دُونِي؟» قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تَفْرِيطُنَا فِي صَلَاتِنَا، قَالَ: «أَمَا لَكُمْ فِيَّ أُسْوَةٌ، التَّفْرِيطُ لَيْسَ فِي النَّوْمِ، التَّفْرِيطُ، التَّفْرِيطُ لِمَنْ لَمْ يُصَلِّ الصَّلَاةَ حَتَّى يَجِيءَ وَقْتُ الْأُخْرَى، فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ فَلْيُصَلِّهَا إِذَا نُبِّهَ لَهَا، ثُمَّ لِيُصَلِّهَا مِنَ الْغَدِ لِوَقْتِهَا» ثُمَّ نَزَلْنَا، فَدَعَا بِمَيْضَأَةٍ كَانَتْ عِنْدِي [ص: 67] فَتَوَضَّأَ وُضُوءًا دُونَ وُضُوءٍ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ ثُمَّ صَلَّى صَلَاةَ الْفَجْرِ كَمَا كَانَ يُصَلِّي، ثُمَّ قَالَ: «ارْكَبُوا» ، فَرَكِبْنَا فَانْتَهَيْنَا إِلَى النَّاسِ حِينَ تَعَالَى النَّهَارُ - أَوْ قَالَ: حِينَ حَمِيَتِ الشَّمْسُ - شَكَّ سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ - وَهُمْ يَقُولُونَ: هَلَكْنَا عَطَشًا، قَالَ: «لَا هَلْكَ عَلَيْكُمْ» ثُمَّ نَزَلَ، ثُمَّ قَالَ: «أَطْلِقُوا إِلَيَّ غَمْرِي» فَأُطْلِقَ لَهُ، ثُمَّ دَعَا بِالْمَيْضَأَةِ الَّتِي كَانَتْ عِنْدِي فَجَعَلَ يَصُبُّ عَلَيَّ وَأَسْقِيهُمْ حَتَّى مَا فِي الْقَوْمِ أَحَدٌ إِلَّا شَرِبَ، غَيْرِي وَغَيْرُهُ فَصَبَّ عَلَيَّ ثُمَّ قَالَ: «اشْرَبْ يَا أَبَا قَتَادَةَ» قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَشْرَبُ قَبْلَ أنْ تَشْرَبَ، قَالَ: " إِنَّ سَاقِيَ الْقَوْمِ آخِرُهُمْ، فَشَرِبْتُ وَشَرِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبَاحٍ: إِنِّي فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ أُحَدِّثُ بِهَذَا الْحَدِيثِ إِذْ قَالَ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ: «انْظُرْ أَيُّهَا الْفَتَى كَيْفَ تُحَدِّثُ، فَإِنِّي كُنْتُ أَحَدَ الرَّكْبِ تِلْكَ اللَّيْلَةَ» ، قُلْتُ لَهُ: أَبَا نُجَيْدٍ فَحَدِّثْ فَأَنْتَ أَعْلَمُ بِحَدِيثِكُمْ، فَقَالَ: «لَقَدْ شَهِدْتُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ وَمَا شَعَرْتُ أَنَّ أَ‍حَدًا حَفِظَهُ كَمَا حَفِظْتُهُ» الحديث: 30 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 65 31 - حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، وَسَمِعَ عَبْدُ اللَّهِ بِخَسْفٍ، فَقَالَ: كُنَّا أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَعُدُّ الْآيَاتِ بَرَكَاتٍ، وَأَنْتُمْ تَعُدُّونَهَا تَخْوِيفًا، إِنَّا بَيْنَمَا نَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ وَلَيْسَ مَعَنَا مَاءٌ، فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ: «اطْلُبُوا مَنْ مَعَهُ فَضْلُ مَاءٍ» قَالَ: فَأُتِيَ بِمَاءٍ، فَصَبَّهُ فِي إِنَاءٍ، ثُمَّ وَضَعَ كَفَّهُ فِيهِ، فَجَعَلَ الْمَاءُ يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ، ثُمَّ قَالَ: «حَيَّ عَلَى الطَّهُورِ الْمُبَارَكِ، وَالْبَرَكَةُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَشَرِبْنَا مِنْهُ، وَكُنَّا نَسْمَعُ تَسْبِيحَ الطَّعَامِ وَهُوَ يُؤْكَلُ الحديث: 31 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 68 32 - حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ [ص: 69] ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبِيدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ نُبَيْحِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْعَنْزِيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: سَافَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ، وَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ، فَجَاءَ رَجُلٌ بِفَضْلَةٍ مِنْ إِدَاوَةٍ، قَالَ: فَصَبَّهُ فِي قَدَحٍ، قَالَ: فَتَوَضَّأَ رَسُولُ اللَّهِ، ثُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ أَتَوْا بِبَقِيَّةِ الطَّهُورِ، فَقَالَ: تَمَسَّحُوا تَمَسَّحُوا، فَسَمِعَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ، فَقَالَ: «عَلَى رِسْلِكُمْ» فَضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ بِيَدِهِ فِي الْقَدَحِ ذَكَرَ حَرْفًا ذَهَبَ عَلَيَّ، ثُمَّ قَالَ: «أَسْبِغُوا الطَّهُورَ» قَالَ: وَالَّذِي أَذْهَبَ بَصَرَهُ لَقَدْ رَأَيْتُ الْمَاءَ يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِ رَسُولِ اللَّهِ، قَالَ: فَمَا رَفَعَ يَدَهُ حَتَّى تَوَضَّئُوا أَجْمَعُونَ، قَالَ الْأُسُودُ: حَسِبْتُهُ قَالَ: «كُنَّا مِائَتَيْنِ وَزِيَادَةً» الحديث: 32 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 68 33 - حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ [ص: 70] ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: أَصَابَ النَّاسَ عَطَشٌ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ، فَهَشَّ النَّاسُ - أَوْ قَالَ: هَشَّ النَّاسُ - إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «فَوَضَعَ يَدَهُ فِي رِكْوَةٍ فَرَأَيْتُ الْمَاءَ مِثْلَ الْعُيُونِ» قَالَ: قُلْتُ: كَمْ كُنْتُمْ؟ قَالَ: «لَوْ كُنَّا مِائَةَ أَلْفٍ لَكَفَانَا، كُنَّا خَمْسَ عَشْرَةَ مِائَةٍ» الحديث: 33 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 69 34 - حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، قَالَ: سَأَلْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ [ص: 71] أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ، فَقَالَ: «لَوْ كُنَّا مِائَةَ أَلْفٍ لَكَفَانَا، كُنَّا أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ» 35 - حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ الحديث: 34 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 70 36 - حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مَسْعُودٍ أَحْمَدُ بْنُ الْفُرَاتِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ، قَالَ: قُلْتُ لِجَابِرٍ: كَمْ كُنْتُمْ يَوْمَ الشَّجَرَةِ؟ قَالَ: كُنَّا أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ، وَذَكَرَ «عَطَشًا أَصَابَهُمْ فَأُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَاءٍ فِي تَوْرٍ، فَوَضَعَ يَدَهُ فِيهِ فَجَعَلَ الْمَاءُ يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ كَأَنَّهَا الْعُيُونُ، شَرِبْنَا وَسَقَيْنَا» قَالَ: قُلْتُ: كَمْ كُنْتُمْ؟ قَالَ: «لَوْ كُنَّا مِائَةَ أَلْفٍ لَكَفَانَا، كُنَّا أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ» الحديث: 36 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 71 37 - حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَالِمُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ هَذَا الْحَدِيثَ، قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُنِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ وَقَدْ حَضَرَتِ الْعَصْرُ، وَلَيْسَ مَعَنَا مَاءٌ غَيْرُ فَضْلَةٍ فَجُعِلَ فِي إِنَاءٍ، فَأُتِيَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ، فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهِ وَفَرَّجَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ، ثُمَّ قَالَ: «حَيَّ عَلَى الْوُضُوءِ، وَالْبَرَكَةُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» قَالَ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ الْمَاءَ يَتَفَجَّرُ مَا بَيْنَ أَصَابِعِهِ، قَالَ: فَتَوَضَّأَ النَّاسُ وَشَرِبُوا قَالَ: «فَجَعَلْتُ لَا آلُو مَا جَعَلْتُ فِي بَطْنِي مِنْهُ وَعَلِمْتُ أَنَّهُ بَرَكَةٌ» ، قَالَ: قُلْتُ لِجَابِرٍ: كَمْ كُنْتُمْ؟ قَالَ: «أَلْفًا وَأَرْبَعَمِائَةٍ» الحديث: 37 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 72 38 - حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عِمْرَانَ الْهَيْثَمُ بْنُ أَيُّوبَ الطَّالْقَانِيُّ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ نُعَيْمٍ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ زِيَادِ بْنِ الْحَارِثِ الصُّدَائِيِّ، قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَايَعْتُهُ عَلَى الْإِسْلَامِ، فَأُخْبِرْتُ أَنَّهُ قَدْ بَعَثَ جَيْشًا إِلَى قَوْمِي، فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: رُدَّ الْجَيْشَ، وَأَنَا لَكَ بِإِسْلَامِهِمْ وَطَاعَتِهِمْ، فَفَعَلَ، فَكَتَبْتُ إِلَ‍يْهِمْ، فَأَتَى وَفْدٌ مِنْهُمْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِسْلَامِهِمْ [ص: 73] وَطَاعَتِهِمْ، فَقَالَ: «يَا أَخَا صُدَاءَ إِنَّكَ الْمُطَاعُ فِي قَوْمِكَ» ، قُلْتُ: بَلْ هَدَاهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَأَحْسَنَ إِلَيْهِمْ، فَقَالَ: «أَلَا نُؤَمِّرُكَ عَلَيْهِمْ؟» قُلْتُ: فَاكْتُبْ لِي بِإِمَارَتِهِمْ، وَسَأَلْتُهُ مِنْ صَدَقَاتِهِمْ فَفَعَلَ، وَكَتَبَ لِي بِذَلِكَ، وَكَانَ يَوْمَئِذٍ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ فَنَزَلَ مَنْزِلًا، فَأَتَاهُ أَهْلُ الْمَنْزِلِ يَشْتَكُونَ عَامِلَهُمْ، وَقَالُوا: أَخَذَنَا بِمَا كَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِهِمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَقَالَ: «أَوَفَعَلَ؟» قَالُوا: نَعَمْ، فَالْتَفَتَ إِلَى أَصْحَابِهِ وَأَنَا فِيهِمْ، فَقَالَ: «لَا خَيْرَ فِي الْإِمَارَةِ لِرَجُلٍ مُؤْمِنٍ» ، فَوْقَعَ ذَلِكَ فِي نَفْسِي، فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: «مَنْ سَأَلَ النَّاسَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى، فَصُدَاعٌ فِي الرَّأْسِ، وَدَاءٌ فِي الْبَطْنِ» فَقَالَ: أَعْطِنِي مِنَ الصَّدَقَاتِ، فَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَرْضَ بِالصَّدَقَاتِ بِحُكْمِ نَبَيٍّ وَلَا غَيْرِهِ حَتَّى جَزَّأَهَا ثَمَانِيَةَ أَجْزَاءٍ، فَإِنْ كُنْتَ مِنْهَا أَعْطَيْتُكَ حَقَّكَ» ثُمَّ إِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْتَشَى أَوَّلَ اللَّيْلِ فَلَزِمْتُهُ وَجَعَلَ أَصْحَابُهُ يَنْفَتِلُونَ حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ أَحَدٌ غَيْرِي فَلَمَّا تَحَيَّنَ أَذَانُ الصُّبْحِ، أَمَرَنِي فَأَذَّنْتُ، وَنَزَلَ يَتَبَرَّزُ، وَتَلَاحَقَ أَصْحَابُهُ ثُمَّ أَقْبَلَ، فَقَالَ: «أَمَعَكَ مَاءٌ؟» قُلْتُ: نَعَمْ قَلِيلٌ لَا يَكْفِيكَ، قَالَ: «صُبَّهُ فِي إِنَاءٍ ثُمَّ ائْتِنِي بِهِ» ، فَوَضَعَ كَفَّهُ فِيهِ، فَرَأَيْتُ بَيْنَ كُلِّ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِهِ عَيْنًا تَفُورُ، فَقَالَ: «لَوْلَا أَنِّي أَسْتَحْيِي لَسَقَيْنَا وَاسْتَقَيْنَا، نَادِ فِي أَصْحَابِي مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْمَاءَ» فَاغْتَرَفَ مَنْ [ص: 74] أَحَبَّ، ثُمَّ إِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ، فَأَرَادَ بِلَالٌ أَنْ يُقِيمَ الصَّلَاةَ، فَقَالَ: «إِنَّ أَخَا صُدَاءَ هُوَ أَذَّنَ وَمَنْ أَذَّنَ فَهُوَ يُقِيمُ» فَأَقَمْتُ، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ الصَّلَاةَ أَتَيْتُهُ بِصَحِيفَتِي، فَقُلْتُ: أَعْفِنِي، قَالَ: «وَمَا بِذَلِكَ؟» قُلْتُ: سَمِعْتُكَ تَقُولُ: «لَا خَيْرَ فِي الْإِمَارَةِ لِرَجُلٍ مُؤْمِنٍ» وَقَدْ آمَنْتُ، وَقُلْتَ: «مَنْ سَأَلَ النَّاسَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى فَصُدَاعٌ فِي الرَّأْسِ، وَدَاءٌ فِي الْبَطْنِ» ، وَقَدْ سَأَلْتُكَ وَأَنَا غَنِيٌّ، قَالَ: «هُوَ ذَاكَ فَإِنْ شِئْتَ فَاقْبَلْ، وَإِنْ شِئْتَ فَدَعْ» قُلْتُ: بَلْ أَدَعُ، قَالَ: «فَدُلَّنِي عَلَى رَجُلٍ» فَدَلَلْتُهُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْوَفْدِ، فَقَالُوا لَهُ: إِنَّ لَنَا بِئَرًا إِذَا كَانَ الشِّتَاءُ وَسِعَنَا مَاؤُهَا فَاجْتَمَعْنَا عَلَيْهِ، وَإِذَا كَانَ الصَّيْفُ قَلَّ مَاؤُهَا فَتَفَرَّقْنَا عَلَى مِيَاهٍ حَوْلَنَا، وَإِنَّا لَا نَسْتَطِيعُ الْيَوْمَ أَنْ نَتَفَرَّقَ، كُلُّ مَنْ حَوْلَنَا عَدُوٌّ، فَادْعُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَسَعَنَا مَاؤُهَا، فَدَعَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، فَفَرَّقَهُنَّ فِي يَدِهِ وَدَعَا، ثُمَّ قَالَ: " إِذَا أَتَيْتُمُوهَا فَأَلْقُوا وَاحِدَةً وَاحِدَةً، وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَمَا اسْتَطَاعُوا أَنْ يَنْظُرُوا إِلَى قَعْرِهَا بَعْدَهَا 39 - حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ [ص: 75] الْجُنَيْدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُعَيْمٍ الْحَضْرَمِيُّ - مِنْ أَهْلِ مِصْرَ - قَالَ: حَدَّثَنِي زِيَادُ بْنُ الْحَارِثِ الصُّدَائِيُّ، صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحَدِيثٍ، قَالَ: فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ فَبَايَعْتُهُ عَلَى الْإِسْلَامِ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ نَحْوَهُ، وَقَالَ: وَذَلِكَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ ثُمَّ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ اعْتَشَى مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ فَلَزِمْتُهُ، وَكُنْتُ قَوِيًّا وَكَانَ أَصْحَابُهُ يَنْقَطِعُونَ عَنْهُ، وَذَكَرْنَا فِي الْحَدِيثِ مِثْلَهُ فِي مَعْنَاهُ الحديث: 38 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 72 40 - حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُدَيْنَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ فِي [ص: 76] الْعَسْكَرِ مَاءٌ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَيْسَ فِي الْعَسْكَرِ مَاءٌ، قَالَ: «فَعِنْدَكَ شَيْءٌ؟» قَالَ: فَأُتِيَ بِإِنَاءٍ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ مَاءٍ، قَالَ: " فَوَضَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ عَلَى فَمِّ الْإِنَاءِ، وَفَتَحَ أَصَابِعَهُ فَانْفَجَرَتْ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ أَعْيُنٌ، فَأَمَرَ بِلَالًا رَحِمَهُ اللَّهُ فَنَادَى: هَلُمُّوا إِلَى الْوُضُوءِ الْمُبَارَكِ " الحديث: 40 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 75 41 - حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَزْمُ بْنُ أَبِي حَزْمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَ‍الِكٍ، يَقُولُ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ ذَاتَ يَوْمٍ لِبَعْضِ مَخَارِجِهِ وَمَعَهُ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَانْطَلَقُوا يَسِيرُونَ، وَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ وَلَمْ يَجِدِ الْقَوْمُ مَا يَتَوَضَّئُونَ، فَقَالَ الْقَوْمُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا نَجِدُ مَا نَتَوَضَّأُ بِهِ، فَرَأَى فِي وَجْهِهِمِ الْكَرَاهَةَ لِذَلَكَ، فَانْطَلَقَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ فَجَاءَ بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ يَسِيرٍ، فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ فَتَوَضَّأَ بِهِ، ثُمَّ مَدَّ أَصَابِعَهُ [ص: 77] الْأَرْبَعَ عَلَى الْقَدَحِ، ثُمَّ قَالَ: «هَلُمُّوا فَتَوَضَّئُوا» ، فَانْطَلَقَ الْقَوْمُ حَتَّى تَوَضَّئُوا، قَالَ: وَبَلَغُوا سَبْعِينَ الحديث: 41 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 76 42 - حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ قَالَ حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ سَهْلِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قِيلَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، حَدِّثْنَا شَأْنَ جَيْشِ الْعُسْرَةِ، فَقَالَ عُمَرُ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى تَبُوكَ فِي قَيْظٍ شَدِيدٍ، فَنَزَلَ مَنْزِلًا أَصَابَنَا فِيهِ عَطَشٌ حَتَّى حَسِبْنَا أَنْ تَنْقَطِعَ رِقَابُنَا، حَتَّى إِنْ كَانَ الرَّجُلُ لَيَذْهَبُ يَلْتَمِسُ الْمَاءَ فَلَا يَرْجِعُ حَتَّى يَظُنَّ أَنَّ رَقَبَتَهُ سَتَنْقَطِعُ، وَحَتَّى إِنْ كَانَ الرَّجُلُ لَيَنْحَرُ بَعِيرَهُ فَيَعْصِرُ فَرْثَهُ فَيَشْرَبُهُ ثُمَّ يَجْعَلُ مَا بَقِيَ عَلَى صَدْرِهِ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ عَوَّدَكَ فِي الدُّعَاءِ خَيْرًا، قَالَ: «أَتُحِبُّ ذَلَكَ؟» قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ يَدَيْهِ، فَلَمْ يُرْجِعْهُمَا حَتَّى قَالَتِ [ص: 78] السَّحَابُ فَأَظَلَّتْ ثُمَّ أَمْطَرَتْ، فَمَلَئُوا مَا مَعَهُمْ، ثُمَّ ذَهَبْنَا نَنْظُرُ فَلَمْ نَجِدْهَا جَاوَزَتِ الْعَسْكَرَ الحديث: 42 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 77 43 - حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو الْمَعْرُوفُ بِابْنِ أَبِي سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: كَانَ يَدُورُ طَعَامُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى يَدَيْ أَصْحَابِهِ، هَذَا لَيْلَةً وَهَذَا لَيْلَةً، قَالَ: فَدَارَ عَلَيَّ لَيْلَةً فَصَنَعْتُ طَعَامَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَرَكْتُ النِّحْيَ وَلَمْ أُوكِهِ، وَذَهَبْتُ بِالطَّعَامِ إِلَيْهِ، فَتَحَرَّكَ فَأُهَرِيقَ مَا فِيهِ، فَقُلْتُ [ص: 79] : عَلَى يَدَيَّ أُهَرِيقَ طَعَامُ رَسُولِ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «ادْنُهُ» ، فَقُلْتُ: لَا أَسْتَطِيعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَرَجِعْتُ إِلَى مَكَانِي، وَإِذَا النِّحْيُ يَقُولُ: قِبْ، فَقُلْتُ: مَهْ أَقَدْ أُهْرِيقَتْ فَضْلَةٌ فَضَلَتْ، وَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ وَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: «أَمَا إِنَّكَ لَوْ تَرَكْتَهُ لَمُلِئَ إِلَى فِيهِ، ثُمَّ وُكِيَ» الحديث: 43 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 78 44 - حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ، حَدَّثَهُ أَنَّ أَصْحَابَ الصُّفَّةِ كَانُوا نَاسًا فُقَرَاءَ، وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامُ اثْنَيْنِ فَلْيَذْهَبْ بِثَالِثٍ، وَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامُ أَرْبَعَةٍ فَلْيَذْهَبْ بِخَامِسٍ وَسَادِسٍ» أَوْ كَمَا قَالَ، وَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ جَاءَ بِثَلَاثَةٍ، وَانْطَلَقَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَشَرَةٍ، وَأَبُو بَكْرٍ بِثَلَاثَةٍ [ص: 80] ، قَالَ: فَهَوَ وَأَنَا وَأَبِي وَأُمِّي - مَا أَدْرِي هَلْ قَالَ: وَامْرَأَتِي - قَالَ: وَخَادِمٌ فِي بَيْتِنَا وَبَيْتِ أَبِي بَكْرٍ، وَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ تَعَشَّى عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ثُمَّ لَبِثَ حَتَّى صُلِّيَتِ الْعِشَاءُ، ثُمَّ رَجَعَ قُلْتُ حَتَّى يَتَعَشَّى رَسُولُ اللَّهِ، فَجَاءَ بَعْدَمَا مَضَى مِنَ اللَّيْلِ مَا شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ: مَا خَلَّفَكَ عَنْ أَضْيَافِكَ - أَوْ قَالَتْ: ضَيفِكَ؟ - قَالَ: أَوَمَا عَشَّيْتِهِمْ؟ قَالَتْ: أَبَوْا حَتَّى تَجِيءَ قَدْ عَرَضُوا عَلَيْهِمْ فَغَلَبُوهُمْ، قَالَ: فَذَهَبْتُ أَنَا فَاخْتَبَأْتُ، قَالَ: وَقَالَ: لِي «يَاهْ» فَجَدَّعَ وَسَبَّ، وَقَالَ: «كُلُوا لَا هَنِيئًا» ، قَالَ: فَوَاللَّهِ لَا أَطْعَمُهُ أَبَدًا، قَالَ: وَايْمُ اللَّهِ مَا كُنَّا نَأْخُذُ مِنْ لُقْمَةٍ إِلَا رَبَا مِنْ أَسْفَلِهَا أَكْثَرُ مِنْهَا، قَالَ: حَتَّى شَبِعُوا وَصَارَتْ أَكْثَرُ مَا كَانَتْ قَبْلَ ذَلِكَ، فَنَظَرَ إِلَيْهَا أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: أَهَيَ كَمَا هَيَ أَوْ أَكْثَرُ؟ فَقَالَ لِامْرَأَتِهِ: يَا أُخْتَ بَنِي فِرَاسٍ مَا هَذَا؟ قَالَتْ: لَا وَقُرَّةِ عَيْنِي، لَهِيَ الْآنَ أَكْثَرُ مِنْهُ قَبْلَ ذَلِكَ بِثَلَاثِ مِرَارٍ؟ ثُمَّ أَكَلَ مِنْهَا لُقْمَةً، ثُمَّ حَمَلَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَصْبَحَتْ عِنْدَهُ، قَالَ: وَكَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ [ص: 81] قَوْمٍ عَقْدٌ، قَالَ: فَمَضَى الْأَجَلُ وَطَرَقَنَا اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا مَعَ كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ أُنَاسٌ اللَّهُ أَعْلَمُ كَمْ مَعَ كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ، غَيْرَ أَنَّهُ بَعَثَ مَعَهُمْ، قَالَ: فَأَكَلُوا مِنْهَا أَجْمَعُونَ - أَوْ كَمَا قَالَ - الحديث: 44 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 79 45 - وَحَدَّثَ أَيْضًا عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثِينَ وَمِائَةً، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَلْ مَعَ أَحَدٍ مِنْكُمْ طَعَامٌ؟» قَالَ: فَإِذَا مَعَ رَجُلٍ صَاعٌ مِنْ طَعَامٍ، أَوْ نَحْوِهِ فَعُجِنَ، ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ مُشْرِكٌ مُشْعَانٌّ طَويلٌ، يَسْعَى بِغَنَمٍ يَسُوقُهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَبَيْعٌ أَمْ عَطِيَّةٌ - أَوْ قَالَ: أَمْ هِبَةٌ؟ - " قَالَ: لَا بَلْ بَيْعٌ، فَاشْتَرَى مِنْهُ شَاةً، فَصُنِعَتْ وَأَمَرَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ بِسَوَادِ الْبَطْنِ أَنْ يُشْوَى، قَالَ: وَايْمُ اللَّهِ مَا مِنَ الثَّلَاثِينَ وَمِائَةٍ إِلَا وَقَدْ حَزَّ رَسُولُ اللَّهِ لَهُ حَزَّةً مِنْ سَوَادِ الْبَطْنِ، إِنْ كَانَ شَاهِدًا أَعْطَاهُ، وَإِنْ كَانَ غَائِبًا خَبَّأَ لَهُ، قَالَ: وَجَعَلَ مِنْهَا قَصْعَتَيْنِ فَأَكَلْنَا أَجْمَعُونَ وَشَبِعْنَا وَفَضَلَ فِي الْقَصْعَتَيْنِ، فَجُعِلَتْ عَلَى الْبَعِيرِ أَوْ كَمَا قَالَ الحديث: 45 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 81 46 - حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ بْنِ الشِّخِّيرِ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، أَنَّهُ حَدَّثَ أَنَّ قَصْعَةً كَانَتْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَجَعَلَ النَّاسُ يَأْكُلُونَ مِنْهَا قَالَ: فَكُلَّمَا شَبِعَ قَوْمٌ وَقَامُوا، جَلَسَ مَكَانَهُمْ نَاسٌ آخَرُونَ قَالَ: كَذَلِكَ إِلَى صَلَاةِ الْأُولَى، قَالَ: فَقَالَ رَجُلٌ: نَمَّاهُ فَقَالَ سَمُرَةُ: «مِمَّ تَعْجَبُ، إِنْ كَانَتْ تُمَدُّ بِشَيْءٍ فَمِمَّ تَعْجَبُ إِلَّا مِمَّنْ هَا هُنَا أَوْ قَالَ مِنَ السَّمَاءِ» الحديث: 46 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 82 47 - حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ، أنَّ أَبَاهُ [ص: 83] تُوُفِّيَ وَتَرَكَ عَلَيْهِ ثَلَاثِينَ وَسْقًا لِرَجُلٍ مِنَ الْيَهُودِ، فَاسْتَنْظَرَهُ جَابِرٌ فَأَبَى أَنْ يُنْظِرَهُ، فَكَلَّمَ جَابِرٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيَشْفَعَ لَهُ إِلَيَهِ، فَجَاءَهُ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلَّمَ الْيَهُودِيَّ لِيَأْخُذَ تَمْرَ نَخْلِهِ بِالَّذِي لَهُ فَأَبَى، فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ النَّخْلَ وَمَشَى فِيهَا، ثُمَّ قَالَ لِجَابِرٍ: «جُدَّ لَهُ فَأَوْفِهِ الَّذِي لَهُ» فَجَدَّ لَهُ بَعْدَمَا رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ فَأَوْفَاهُ ثَلَاثِينَ وَسْقًا، وَفَضَلَتْ فَضْلَةُ سَبْعَةَ عَشَرَ وَسْقًا، فَجَاءَ جَابِرٌ رَسُولَ اللَّهِ لِيُخْبِرَهُ بِالَّذِي فَعَلَ، فَوَجَدَ رَسُولَ اللَّهِ يُصَلِّي الْعَصْرَ فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ جَاءَهُ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ قَدْ أَوْفَاهُ وَأَخْبَرَهُ بِالْفَضْلِ الَّذِي فَضَلَ، قَالَ: فَقَالَ لَهُ: «أَخْبِرْ ذَلِكَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ» ، فَذَهَبَ جَابِرٌ إِلَى عُمَرَ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: لَقَدْ عَلِمْتُ حِينَ مَشَى رَسُولُ اللَّهِ فِيهَا لَيُبَارَكَنَّ فِيهَا الحديث: 47 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 82 48 - حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: تُوُفِّيَ أَبِي وَعَلَيْهِ [ص: 84] دَيْنٌ فَعَرَضْتُ عَلَى‍ غُرَمَائِهِ أَنْ يَأْخُذُوا الثَّمَرَةَ بِمَا عَلَيْهِ فَأَبَوْا، وَلَمْ يَرَوْا أَنَّ فِيهِ وَفَاءً، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ: " إِذَا جَدَدْتَهُ وَوَضَعْتَهُ فِي الْمِرْبَدِ، فَآذِنِّي، قَالَ: فَلَمَّا جَدَدْتُهُ وَوَضَعْتُهُ فِي الْمِرْبَدِ، أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ، فَجَاءَ وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، فَجَلَسَ عَلَيْهِ وَدَعَا بِالْبَرَكَةِ، ثُمَّ قَالَ: «ادْعُ غُرَمَاءَكَ فَأَوْفِهِمْ» قَالَ: فَمَا تَرَكْتُ أَحَدًا لَهُ عَلَى أَبِي دَيْنٌ إِلَّا قَضَيْتُهُ وَفَضَلَ لِي ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَسْقًا سَبْعَةٌ عَجْوَةٌ وَسِتَّةٌ لَوْنٌ أَوْ سَبْعَةٌ لَوْنٌ وَسِتَّةٌ عَجْوَةٌ قَالَ: فَوَافَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَضَحِكَ، وَقَالَ: «ائْتِ أَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ فَأَخْبِرْهُمَا ذَلِكَ» ، فَأَتَيْتُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ فَأَخْبَرْتُهُمَا، فَقَالَا: قَدْ عَلِمْنَا أَنَّهُ لَمَّا صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ مَا صَنَعَ أَنْ سَيَكُونَ ذَلِكَ الحديث: 48 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 83 49 - حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ قَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ الْفُرَاتِ أَبُو مَسْعُودٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي ابْنُ [ص: 85] كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ أَبَاهُ قُتِلَ شَهِيدًا يَوْمَ أُحُدٍ فَاشْتَدَّ الْغُرَمَاءُ فِي حُقُوقِهِمْ، قَالَ جَابِرٌ: فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَلَّمْتُهُ فَسَأَلَهُمْ أَنْ يَقْبُلُوا ثَمَرَةَ حَائِطِي وَيُحَلِّلُوا أَبِي فَأَبَوْا، فَلَمْ يُعْطِهِمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَائِطِي، وَقَالَ: «سَأَغْدُو عَلَيْكَ» فَغَدَا حِينَ أَصْبَحَ فَطَافَ فِي النَّخْلِ فَدَعَا فِي ثَمَرِهَا بِالْبَرَكَةِ، فَجَدَدْتُهَا فَقَضَيْتُهُمْ حُقُوقَهُمْ وَبَقِيَ لَنَا مِنْ ثَمَرِهَا بَقِيَّةٌ، فَجِئْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ لِعُمَرَ وَهُوَ جَالِسٌ: «اسْمَعْ يَا عُمَرُ» فَقَالَ عُمَرُ: أَلَا يَكُونُ قَدْ عَلِمْنَا أنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ، فَوَاللَّهِ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ الحديث: 49 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 84 50 - حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: ثنا صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ شُرَيْحِ بْنِ عُبَيْدٍ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزْوَةَ تَبُوكَ، فَجَهِدَ الظَّهْرُ جَهْدًا [ص: 86] شَدِيدًا، فَشَكَوْا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ مَا بِظَهْرِهِمْ مِنَ الْجَهْدِ، فَتَحَيَّنَ بِهِمْ مَضِيقًا سَارَ النَّاسُ فِيهِ، وَرَسُولُ اللَّهِ يَقُولُ: «مُرُّوا بِسْمِ اللَّهِ» ، فَمَرُّوا فَجَعَلَ يَنْفُخُ بِظَهْرِهِمْ وَهُوَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ احْمِلْ عَلَيْهَا فِي سَبِيلِكَ، فَإِنَّكَ تَحْمِلُ عَلَى الْقَوِيِّ وَالضَّعِيفِ، وَالرَّطْبِ وَالْيَابِسِ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ» قَالَ: فَمَا بَلَغْنَا الْمَدِينَةَ حَتَّى جَعَلَتْ تُنَازِعْنَا أَزِمَّتَهَا، - قَالَ فَضَالَةُ: فَقُلْتُ: هَذِهِ دَعْوَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْقَوِيِّ وَالضَّعِيفِ، فَمَا بَالُ الرَّطْبِ وَالْيَابِسِ - فَلَمَّا قَدِمْنَا الشَّامَ، وَغَزَوْنَا غَزْوَةَ قُبْرُصَ فِي الْبَحْرِ وَرَأَيْتُ السُّفُنَ، وَمَا تَحْمِلُ فِيهَا عَرَفْتُ دَعْوَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحديث: 50 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 85 51 - حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: أَتَى عَلَيَّ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا عَلَى بَعِيرٍ أَعْجَفَ، فَأَخَذَ بِخِطَامِهِ وَبِيَدِهِ عُودٌ فَنَخَسَهُ، وَدَعَا - أَوْ قَالَ: دَعَا - [ص: 87] وَنَخَسَ وَقَالَ: «ارْكَبْهُ» فَرَكِبْتُهُ فَكُنْتُ أَحْبِسُهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ لِأَسْمَعَ حَدِيثَهُ، فَأَتَى عَلَيَّ فَقَالَ: «أَتَبِيعُنِي جَمَلَكَ يَا جَابِرُ؟» قُلْتُ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلِي ظَهْرُهُ، فَاشْتَرَاهُ مِنِّي بِخَمْسِ أَوَاقٍ، فَلَمَّا قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ أَتَيْتُهُ فَأَعْطَانِي الْأَوَاقِي وَزَادَنِي الحديث: 51 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 86 52 - حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ قَالَ نا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: نا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ، قَالَ: نا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَدَاةٍ فَأَبَطْأَ بِي جَمَلِي فَأَعْيَا، فَأَتَى عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «جَابِرٌ؟» فَقُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: «مَا شَأْنُكَ؟» قُلْتُ: أَبَطَأَ بِي جَمَلِي وَأَعْيَا فَتَخَلَّفْتُ، فَنَزَلَ فَحَجَنَهُ بِمِحْجَنِهِ، ثُمَّ قَالَ: «ارْكَبْ» ، فَرَكِبْتُ فَلَقَدْ رَأَيْتُنِي أَكُفُّهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لِي: «أَتَزَوَجْتَ؟» فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَ: «بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا؟» قُلْتُ: بَلْ ثَيِّبًا قَالَ: «فَهَلَّا بِكْرًا تُلَاعِبُهَا وَتُلَاعِبُكَ» قُلْتُ: إِنَّ لِي أَخَوَاتٍ فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَتَزَوَّجَ امْرَأَةً تَجْمَعُهُنَّ وَتُمَشِّطُهُنَّ وَتَقُومُ عَلَيْهِنَّ، قَالَ: «أَمَا إِنَّكَ قَادِمٌ، فَإِذَا قَدِمْتَ فَالْكَيْسَ الْكَيْسَ» الحديث: 52 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 87 53 - حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ قَالَ ثنا حَكِيمُ بْنُ سَيْفٍ أَبُو عَمْرٍو الرَّقِّيُّ، بِالرَّقَّةِ، وَأَبُو نُعَيْمٍ الْحَلَبِيُّ، بِحَلَبَ، قَالَا: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: جِيءَ بِأَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ يَوْمَ أُحُدٍ مُجَدَّعًا، قَالَ: فَجَعَلْتُ أَبْكِي، وَأَكْشِفُ عَنْ وَجْهِهِ وَرَسُولُ اللَّهِ لَا يَنْهَانِي، فَلَمَّا رُفِعَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا زَالَتِ الْمَلَائِكَةُ حَافَّتُهُ بِأَجْنِحَتِهَا حَتَّى رُفِعَ» قَالَ جَابِرٌ: وَكَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَجَاءَ الْغُرَمَاءُ فَجَعَلُوا يَنْظُرُونَ إِلَى النَّخْلِ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَخَلَ النَّخْلَ وَدَعَا بِالْبَرَكَةِ، ثُمَّ قَالَ: «جُدَّ فَاقْضِهِ» ، قَالَ: فَجَدَدْتُ فَقَضَيْتُ وَفَضَلَ لِي مِثْلُ مَا فِي النَّخْلِ الحديث: 53 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 88