الكتاب: تعظيم قدر الصلاة المؤلف: أبو عبد الله محمد بن نصر بن الحجاج المَرْوَزِي (المتوفى: 294هـ) المحقق: د. عبد الرحمن عبد الجبار الفريوائي الناشر: مكتبة الدار - المدينة المنورة الطبعة: الأولى، 1406 عدد الأجزاء: 2   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع، وهو ضمن خدمة التخريج] ---------- تعظيم قدر الصلاة لمحمد بن نصر المروزي محمد بن نصر المروزي الكتاب: تعظيم قدر الصلاة المؤلف: أبو عبد الله محمد بن نصر بن الحجاج المَرْوَزِي (المتوفى: 294هـ) المحقق: د. عبد الرحمن عبد الجبار الفريوائي الناشر: مكتبة الدار - المدينة المنورة الطبعة: الأولى، 1406 عدد الأجزاء: 2   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع، وهو ضمن خدمة التخريج] تَعْظِيمُ قَدْرِ الصَّلَاةِ لِمُحَمَّدِ بْنِ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيِّ الجزء: 1 بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ رَبِّ يَسِّرْ وَأَعِنْ بِرَحْمَتِكَ أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَطِيَّةَ بْنِ حَبِيبٍ الْمُقْرِئُ الدِّمَشْقِيُّ الْمُفَسِّرُ، قَالَ: أَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ حَبِيبِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ الْحَصَايِرِيُّ الدِّمَشْقِيُّ الْفَقِيهُ قِرَاءَةً عَلَيْهِ بِدِمَشْقَ قَالَ: أَنَا أَبُو يَحْيَى الْجُنَيْدُ بْنُ خَلَفِ بْنِ حَاجِبِ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ الْجُنَيْدِ السَّمَرْقَنْدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنََا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ: بَابٌ فِي تَعْظِيمِ قَدْرِ الصَّلَاةِ وَتَفْضِيلِهَا عَلَى سَائِرِ الْأَعْمَالِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الْمُمْتَنِّ عَلَى عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا دَلَّهُمْ عَلَيْهِ مِنْ مَعْرِفَتِهِ وَشَرَحَ صُدُورَهُمْ لِلْإِيمَانِ بِهِ وَالْإِخْلَاصِ بِالتَّوْحِيدِ لِرُبُوبِيَّتِهِ، وَخَلْعِ كُلِّ مَعْبُودٍ سِوَاهُ، فَفَرَضَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَلَيْهِمْ فَرَائِضَهُ، فَلَا نِعْمَةَ أَعْظَمُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ بِاللهِ مِنْ نِعْمَةِ الْإِيمَانِ، وَالْخُضُوعِ لِرُبُوبِيَّتِهِ، ثُمَّ النِّعْمَةُ الْأُخْرَىَ مَا افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ مِنَ الصَّلَاةِ خُضُوعًا لِجَلَالِهِ، وَخُشُوعًا لِعَظَمَتِهِ، وَتَوَاضُعًا لِكِبْرِيَائِهِ، وَلَمْ يَفْتَرِضْ عَلَيْهِمْ بَعْدَ تَوْحِيدِهِ، وَالتَّصْدِيقِ بِرُسُلِهِ، وَمَا جَاءَ مِنْ عِنْدِهِ فَرِيضَةً أَوَّلَ مِنَ الصَّلَاةِ، وَأَخْبَرَ أَنَّ ذَلِكَ أَمْرُهُ لَهُمْ، وَلِلْأَنْبِيَاءِ وَالْأُمَمِ قَبْلَ أَنْ يَبْعَثَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلْيِه وَسَلَّمَ. آيَاتٌ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ فَرِيضَةً عَلَى الْأَنْبِيَاءِ: فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 85 مُطَهَّرَةً فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ، وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لَيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ َحُنَفَاءَ، وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ، وَيُؤْتوُا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} [سورة:] الجزء: 1 ¦ الصفحة: 86 أَوَّلُ فَرِيضَةٍ بَعْدَ الْإِخْلَاصِ بِالْعِبَادَةِ لِلَّهِ الصَّلَاةُ فَجَعَلَ أَوَّلَ فَرِيضَةٍ نَصَّهَا بِالتَّسْمِيَةِ بَعْدَ الْإِخْلَاصِ بِالْعِبَادَةِ لِلَّهِ الصَّلَاةَ، وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ، فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} [التوبة: 5] وَقَالَ: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} [التوبة: 11] وَنَظِيرُ ذَلِكَ جَاءَتِ الْأَخْبَارُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 86 1 - فَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَنَا حَكَّامُ بْنُ سَلْمٍ ثنا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ فَارَقَ الدُّنْيَا عَلَى الْإِخْلَاصِ لِلَّهِ، وَعِبَادَتِهِ لِلَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، فَارَقَهَا وَاللَّهُ عَنْهُ رَاضٍ» [ص: 87] وَهُوَ دِينُ اللَّهِ الَّذِي جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ، وَبَلَّغُوهُ عَنْ رَبِّهِمْ مِنْ قَبْلِ هَرْجِ الْأَحَادِيثِ، وَاخْتِلَافِ الْأَهْوَاءِ، وَتَصْدِيقُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} [التوبة: 5] فَقَوْلُهُ: {فَإِنْ تَابُوا} [التوبة: 5] خَلَعُوا الْأَوْثَانَ وَعِبَادَتَهَا {وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} [التوبة: 5] وَقَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} [التوبة: 11] [ص: 88] . 2 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى ثنا أَبُو جَعْفَرٍ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ، وَقَالَ فِي الْحَدِيثِ: قَالَ أَنَسٌ: «وَهُوَ دِينُ اللَّهِ الَّذِي جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ» الحديث: 1 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 86 3 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَنَا جَرِيرٌ عَنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: " قَوْمٌ يَسْأَلُونِي عَنِ السُّنَّةِ،؟ فَقَرَأَ: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ} [البينة: 1] حَتَّى بَلَغَ {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} [البينة: 5] [ص: 89] قَرَأَهَا وَهُوَ يُعَرِّضُ بِالْمُرْجِئَةِ " الحديث: 3 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 88 4 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُسْنَدِيُّ أَبُو جَعْفَرٍ ثنا حَرَمِيُّ بْنُ عُمَارَةَ قَالَ، ثنا شُعْبَةُ عَنْ وَاقِدِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، فَإِنْ فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّ الْإِسْلَامِ، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ» الحديث: 4 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 89 5 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ثنا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلَابِيُّ ثنا عِمْرَانُ أَبُو الْعَوَّامِ الْقَطَّانُ ثنا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ارْتَدَّتِ الْعَرَبُ، فَقَالَ عُمَرُ: يَا أَبَا بَكْرٍ، أَتُرِيدُ أَنْ تُقَاتِلَ الْعَرَبَ؟ فَقَالَ [ص: 90] أَبُو بَكْرٍ: إِنَّمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ» وَاللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي عَنَاقًا مِمَّا كَانُوا يُعْطُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَيْهِ، فَقَالَ عُمَرُ: فَلَمَّا رَأَيْتُ رَأْيَ أَبِي بَكْرٍ قَدْ شُرِحَ عَلِمْتُ أَنَّهُ الْحَقُّ الحديث: 5 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 89 6 - حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ ثنا أَبُو النَّضْرِ، قَالَ: ثنا أَبُو جَعْفَرٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا [ص: 91] مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ " الحديث: 6 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 90 7 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ، ثنا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَهْرَامَ ثنا شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ غَنْمٍ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَدْلَجَ لِلنَّاسِ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، ثُمَّ قَالَ: «يَا مُعَاذُ، إِنْ شِئْتَ حَدَّثْتُكَ بِرَأْسِ هَذَا الْأَمْرِ وَقِوَامِهِ» فَقُلْتُ: بَلَى، بِأَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «إِنَّ رَأْسَ هَذَا الْأَمْرِ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَتَشْهَدَ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّ قِوَامَ هَذَا الْأَمْرِ إِقَامُ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ، إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يُقِيمُوا الصَّلَاةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، وَيَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ اعْتَصَمُوا وَعَصَمُوا دِمَاءَهُمْ [ص: 92] إِلَّا بِحَقِّهَا، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ» الحديث: 7 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 91 8 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُسْنَدِيُّ قَالَا: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ ثنا أَبُو الْعَنْبَسِ قَالَ إِسْحَاقُ: وَهُوَ سَعِيدُ بْنُ كَثِيرٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ حُرِّمَتْ دِمَاؤُهُمْ وَأَمْوَالُهُمْ، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ " الحديث: 8 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 92 9 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عِيسَى أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ أَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَإِذَا شَهِدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَصَلَّوْا صَلَاتَنَا، وَاسْتَقْبَلُوا قِبْلَتَنَا، وَأَكَلُوا ذَبِيحَتَنَا، حُرِّمَتْ عَلَيْنَا دِمَاؤُهُمْ وَأَمْوَالُهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا، لَهُمْ مَا لِلْمُسْلِمِينَ، وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَيْهِمْ» الحديث: 9 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 93 10 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى ثنا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ أَنَا يَحْيَى يَعْنِي ابْنَ أَيُّوبَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي حُمَيْدٌ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَإِذَا شَهِدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَصَلَّوْا [ص: 94] صَلَاتَنَا، وَاسْتَقْبَلُوا قِبْلَتَنَا، وَأَكَلُوا ذَبِيحَتَنَا، حُرِّمَتْ عَلَيْنَا أَمْوَالُهُمْ وَدِمَاؤُهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا، لَهُ مَا لِلْمُسْلِمِينَ وَعَلَيْهِ مَا عَلَيْهِمْ» الحديث: 10 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 93 11 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى أَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بُلْقِينَ، عَنِ ابْنِ عَمٍّ، لَهُ قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بِوَادِي الْقُرَى، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بِمَ أُمِرْتَ؟ قَالَ: " أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ ". الحديث: 11 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 95 12 - حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ، مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الرَّازِيُّ، ثنا أَيُّوبُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الرَّقِّيُّ ثنا عُرْوَةُ بْنُ مَرْوَانَ الْخَزَّازُ الْعِرْقِيُّ ثنا عُمَيْرُ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ أَبِي الْعَوَّامِ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْبَلُ مَنْ أَجَابَهُ إِلَى الْإِسْلَامِ إِلَّا بِإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَكَانَتَا فَرِيضَتَيْنِ عَلَى مَنْ أَقَرَّ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِالْإِسْلَامِ، وَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ: {فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [المجادلة: 13] " الحديث: 12 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 95 مَا يَدُلُّ عَلَى افْتِرَاضِ الصَّلَاةِ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ، عَلَيْهِمْ وَعَلَى نَبِيِّنَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَمِمَّا دَلَّ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ عَلَى تَعْظِيمِ قَدْرِ الصَّلَاةِ وَمُبَايَنَتِهَا لِسَائِرِ الْأَعْمَالِ إِيجَابُهُ إِيَّاهَا عَلَى أَنْبِيَائِهِ وَرُسُلِهِ، وَإِخْبَارُهُ عَنْ تَعْظِيمِهِمْ إِيَّاهَا، فَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ جَلَّ وَعَزَّ قَرَّبَ مُوسَى نَجِيًّا، وَكَلَّمَهُ تَكْلِيمًا، فَكَانَ أَوَّلَ مَا افْتَرَضَ عَلَيْهِ بَعْدَ افْتِرَاضِهِ عَلَيْهِ عِبَادَتَهُ إِقَامُ الصَّلَاةِ، وَلَمْ يَنُصَّ لَهُ فَرِيضَةً غَيْرَهَا، فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مُخَاطِبًا لِمُوسَى بِكَلِمَاتِهِ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ {فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعَبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} [طه: 14] فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى عِظَمِ قَدْرِ الصَّلَاةِ وَفَضْلِهَا عَلَى سَائِرِ الْأَعْمَالِ، إِذْ لَمْ يُبْدِ مُنَاجِيَهُ وَكَلِيمَهُ بِفَرِيضَةٍ أَوَّلَ مِنْهَا، ثُمَّ مَا أَخْبَرَ عَنْ سَحَرَةِ فِرْعَوْنَ بَعْدَ شِرْكِهِمْ وَعِنَادِهِمْ إِذْ يَحْلِفُونَ بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ مُتَّخِذِينَ إِلَهًا مِنْ دُونِ اللَّهِ، وَلَمْ يَأْتِهِمْ رَسُولٌ قَبْلَ ذَلِكَ، وَلَا سَمِعُوا كِتَابًا، فَلَمَّا أَرَاهُمْ مُوسَى الْآيَةَ حِينَ أَلْقَى عَصَاهُ فَقَلَبَهَا اللَّهُ حَيَّةً تَسْعَى، فَالْتَقَفَتْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 96 حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ، فَعَلِمُوا أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِسِحْرٍ وَلَا يُشْبِهُهُ فِعْلُ بَنِي آدَمَ، انْقَادُوا لِلْإِيمَانِ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَلَمْ يُلْهَمُوا طَاعَةً يَرْجِعُونَ بِهَا إِلَى اللَّهِ وَيَتَرَضَّوْنَهُ بِهَا ظَنًّا أَنْ يَغْفِرَ لَهُمْ عَمَّا كَانَ مِنْهُمْ إِلَّا السُّجُودُ، وَهُوَ أَعْظَمُ الصَّلَاةِ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ} [الشعراء: 46] فَعَفَّرُوا وُجُوهَهُمْ لِلَّهِ فِي التُّرَابِ خُضُوعًا لَهُ، فَلَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُمْ مَفْزَعًا إِلَّا إِلَى الصَّلَاةِ مَعَ الْإِيمَانِ بِهِ، وَهِيَ مَفْزَعُ كُلِّ مُنِيبٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 97 مَا يَدُلُّ عَلَى افْتِرَاضِهَا عَلَى مُوسَى عَلَيْهِ وَعَلَى نَبِيِّنَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ثُمَّ كَانَ مِنْ أَوَّلِ مَا أُمِرَ بِهِ مُوسَى أَنْ يَأْمُرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ بَعْدَ أَنْ آمَنُوا بِهِ الصَّلَاةُ، فَقَالَ: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} [يونس: 87] الجزء: 1 ¦ الصفحة: 97 مَا يَدُلُّ عَلَى افْتِرَاضِهَا عَلَى عِيسَى عَلَيْهِ وَعَلَى نَبِيِّنَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَحَكَى عَنْ عِيسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ حِينَ تَكَلَّمَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا أَنَّهُ قَالَ: {إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا [ص: 98] وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَمَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا} الجزء: 1 ¦ الصفحة: 97 مَا يَدُلُّ عَلَى افْتِرَاضِهَا عَلَى إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ وَعَلَى نَبِيِّنَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَحَكَى عَنْ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِهِ أَنَّهُ لَمَّا ذَهَبَ بِإِسْمَاعِيلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا وَسَلَّمَ فَأَسْكَنَهُ بِوَادٍ لَيْسَ بِهِ أُنَيْسٌ دَعَا رَبَّهُ فَقَالَ: {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحْرِمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ} [إبراهيم: 37] وَلَمْ يَذْكُرْ عَمَلًا غَيْرَ الصَّلَاةِ فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا عَمَلَ أَفْضَلَ مِنَ الصَّلَاةِ وَلَا يُوَازِيهَا، وَقَالَ تَعَالَى: {وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [الحج: 26] الجزء: 1 ¦ الصفحة: 98 13 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ، " {طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ} [البقرة: 125] قَالَ مِنَ الشِّرْكِ وَعِبَادَةِ الْأَوْثَانِ، وَقَوْلُهُ: {لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ} [الحج: 26] قَالَ الْقَائِمُونَ هُمُ الْمُصَلُّونَ " الحديث: 13 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 98 افْتَرَاضُهَا عَلَى إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَزَكَرِيَّا عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَقَالَ: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهَ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ} [مريم: 55] وَقَالَ: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يُهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ} وَقَالَ فِي قِصَّةِ زَكَرِيَّا: {فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ} [آل عمران: 39] الجزء: 1 ¦ الصفحة: 99 14 - فَحَدَّثَنَا الدَّوْرَقِيُّ أَحْمَدُ، ثنا سَيَّارٌ ثنا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ ثَابِتًا، يَقُولُ: " الصَّلَاةُ خِدْمَةُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ، وَلَوْ عَلِمَ شَيْئًا أَفْضَلَ مِنَ الصَّلَاةِ مَا قَالَ: {فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ} [آل عمران: 39] ". قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَقَالَ: {يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ} [آل عمران: 43] [ص: 100] ثُمَّ الذَّبِيحُ ابْنُ خَلِيلِ الرَّحْمَنِ، قَالَ اللَّهُ: {فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ} [الصافات: 103] قَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ: قَالَ لِأَبِيهِ: اذْبَحْنِي وَأَنَا سَاجِدٌ الحديث: 14 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 99 مَا يَدُلُّ عَلَى فَرْضِيَّتِهَا عَلَى دَاوُدَ عَلَيْهِ وَعَلَى نَبِيِّنَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ثُمَّ دَاوُدُ نَبِيُّ اللَّهِ وَصَفِيُّهُ لَمَّا أَصَابَ الْخَطِيئَةَ وَأَرَادَ التَّوْبَةَ لَمْ يَجِدْ لِتَوْبَتِهِ مَفْزَعًا إِلَّا إِلَى الصَّلَاةِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ} [ص: 24] الجزء: 1 ¦ الصفحة: 100 فَرْضِيَّتُهَا عَلَى سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ وَعَلَى نَبِيِّنَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ثُمَّ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ عَرَضَ الْخَيْلَ بِالْعَشِيِّ فَأَشْغَلَهُ النَّظَرُ إِلَيْهَا عَنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ حَتَّى تَأَخَّرَ وَقْتُهَا، فَأَسِفَ وَنَدِمَ، فَعَاقَبَ نَفْسَهُ بِأَنْ حَرَمَهَا الْخَيْلَ الَّتِي أَشْغَلَتْهُ حَتَّى جَاوَزَ وَقْتَ صَلَاتِهِ فَاعْتَرَضَهَا يُعَرْقِبُهَا عُقُوبَةً لِنَفْسِهِ لِيَغُمَّ عَلَيْهَا بَدَلًا مِنْ لَهْوِهِ بِهَا حِينَ اعْتَرَضَهَا، فَأَلْهَاهُ النَّظَرُ إِلَى حُسْنِهَا وَسُرْعَةِ سَيْرِهَا، فَلَمَّا عَاقَبَ نَفْسَهُ بِتَضْرِيبِهِ أَعْنَاقَ الْخَيْلِ شَكَرَ اللَّهُ لَهُ ذَلِكَ فَعَوَّضَهُ مِنَ الْخَيْلِ الرِّيحَ، أَسْرَعُ فِي السَّيْرِ، وَأَ‍وْطَأُ فِي الرُّكُوبِ مِنْ فَوْقِهَا، وَأَشْرَفُ فِي الْقَدْرِ، وَأَرْفَعُ فِي الْمَنْزِلَةِ، وَأَعْجَبُ فِي الْأُحْدُوثَةِ، فَكَانَ [ص: 101] يَغْدُو مِنْ إِيلِيَاءَ فَيَقِيلُ بِإِصْطَخْرَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 100 15 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ: " {غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ} [سبأ: 12] قَالَ: فَكَانَ يَغْدُو مِنْ دِمَشْقَ فَيَقِيلُ بِإِصْطَخْرَ، وَيَرُوحُ مِنْ إِصْطَخْرَ فَيَبِيتُ بِكَابُلَ، وَمَا بَيْنَ دِمَشْقَ وَإِصْطَخْرَ مَسِيرَةُ شَهْرٍ لِلْمُسْرِعِ، وَمِنْ إِصْطَخْرَ إِلَى كَابُلَ مَسِيرَةُ شَهْرٍ لِلْمُسْرِعِ " الحديث: 15 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 101 16 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَزَّازُ ثنا أَبُو أُسَامَةَ ثنا مِسْعَرٌ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ «الصَّلَاةُ الَّتِي فَرَّطَ فِيهَا سُلَيْمَانُ صَلَاةُ الْعَصْرِ» الحديث: 16 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 101 17 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ ثنا إِسْرَائِيلُ ثنا سَعِيدُ بْنُ مَسْرُوقٍ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: «كَانَتِ الْخَيْلُ الَّتِي أَشْغَلَتْ سُلَيْمَانَ بْنَ دَاوُدَ عِشْرِينَ أَلْفَ فَرَسٍ فَعَرْقَبَهَا» الحديث: 17 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 102 18 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ ثنا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ ثنا شَيْبَانُ عَنْ قَتَادَةَ، " {إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي} [ص: 32] قَالَ: عَنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ، {حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ} [ص: 32] قَالَ: حَتَّى دَلَكَتْ بَرَاحِ، قَالَ قَتَادَةُ: فَقَالَ: {رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ} [ص: 33] قَالَ قَتَادَةُ: قَالَ الْحَسَنُ: قَالَ: لَا وَاللَّهِ لَا تَشْغَلِينِي عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ، آخِرُّ مَا عَلَيْكِ، فَكَشَفَ عَرَاقِيبَهَا وَضَرَبَ أَعْنَاقَهَا " الحديث: 18 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 102 قِصَّةُ ذَنْبِ دَاوُدَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 103 19 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنَا أَبُو مَعْشَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، قَالَ: قَالَ دَاوُدُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ: إِلَهِي مَا شَأْنُ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذَا كَانَتْ لَهُمْ إِلَيْكَ حَاجَةٌ فَأَحَبُّوا نُجْحَهَا سَأَلُوكَ بِإِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ؟ قَالَ: أَيْ دَاوُدُ، إِنِّي ابْتَلَيْتُهُمْ فَصَبَرُوا، فَقَالَ: وَأَنَا أَيْ رَبِّ لَوِ ابْتَلَيْتَنِي لَصَبَرْتُ، قَالَ: فَإِنِّي ابْتَلَيْتُهُمْ وَلَمْ أُخْبِرْهُمْ بِأَنِّي ابْتَلَيْتُهُمْ فِي أَيِّ سَنَةٍ، وَلَا فِي أَيِّ شَهْرٍ، وَلَا فِي أَيِّ يَوْمٍ، وَإِنِّي مُبْتَلِيكَ فَمُخْبِرُكَ، ثُمَّ فِي سَنَتِكَ، ثُمَّ فِي شَهْرِكَ، ثُمَّ فِي غَدِكَ، ثُمَّ هِيَ امْرَأَةٌ فَاحْذَرْ نَفْسَكَ، فَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ الْيَوْمُ قَالَ: لَا يَأْتِينِي الْيَوْمَ أَحَدٌ، فَدَخَلَ الْمِحْرَابَ فَجَعَلَ يَقْرَأُ وَيُصَلِّي، فَلَمَّا ذَهَبَ مِنَ النَّهَارِ مَا ذَهَبَ قَالَ: لَوْ أَنِّي نَظَرْتُ مَاذَا ذَهَبَ مِنَ النَّهَارِ، فَنَظَرَ فَوَقَعَ بَيْنَ يَدَيْهِ طَائِرٌ أَحْسَنُ طَائِرٍ فِي الْأَرْضِ، جِنَاحَاهُ مِنْ ذَهَبٍ [ص: 104] ، فَأَمَّا أَوَّلُ مَا وَقَعَ فَلَمْ يَرْفَعْ بِهِ رَأْسًا، ثُمَّ أَقْبَلَ فَجَعَلَ يَقْرَأُ وَيُصَلِّي، ثُمَّ قَالَ: لَوْ أَنِّي أَخَذْتُ هَذَا عَجَبْتُ بِهِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَتَنَاوَلَهُ لِيَأْخُذَهُ فَقَفَزَ غَيْرَ بَعِيدٍ وَهُوَ يُطْمِعُهُ حَتَّى وَقَعَ عَلَى كُوَّةِ الْمِحْرَابِ فَنَظَرَ فَإِذَا هُوَ بِامْرَأَةٍ تَغْتَسِلُ، فَوَقَعَتِ الْمَرْأَةُ فِي نَفْسِهِ وَذَهَبَ ذَلِكَ الْيَوْمُ وَظَنَّ أَنَّهُ لَمْ يُفْتَنْ فِيهِ بِشَيْءٍ، ثُمَّ إِنَّهُ بَعَثَ بَعْثًا وَأَمَرَ صَاحِبَ الْبَعْثِ أَنْ يُقَدِّمَ زَوْجَ الْمَرْأَةِ، وَكَانَ اسْمُهُ أُورَيَا، فَجَاءَهُ الْكِتَابُ بِأَنَّهُ قُتِلَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ حَمَلَةُ التَّابُوتِ، فَلَمَّا لَمْ يَرَ فِيهَا اسْمَهُ أَلْقَى الصَّحِيفَةَ وَكَانَ اسْمُهُ فِي آخِرِ الصَّحِيفَةِ، ثُمَّ نَظَرَ فَوَجَدَ فِيهَا اسْمَهُ، فَتَرَكَهَا حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، ثُمَّ خَطَبَهَا فَتَزَوَّجَهَا، وَلَمْ يَرَ بِذَلِكَ بَأْسًا، فَأَرَادَ اللَّهُ أَنْ يُبَصِّرَهُ خَطِيئَتَهُ حَتَّى يَتُوبَ مِنْهَا، فَأَرْسَلَ اللَّهُ تَعَالَى مَلَكَيْنِ فَتَسَوَّرَا الْمِحْرَابَ، فَفَزِعَ دَاوُدُ فَقَالَا: {لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ} [ص: 23] فَقَالَ أَحَدُهُمَا: يَا عَبْدَ اللَّهِ، إِنَّهُمْ مِنِّي [ص: 105] ، إِنَّهَا كَانَتْ لِي نَعْجَةٌ آكُلُ إِلَيْهَا، وَأَسْكُنُ إِلَيْهَا، وَأَشْرَبُ إِلَيْهَا، فَغَلَبَنِي وَنَزَعَهَا مِنِّي، فَلَمَّا قَالَ ذَلِكَ ظَنَّ دَاوُدُ أَيْ أَيْقَنَ دَاوُدُ قَالَ: أَيَّتُهَا الْمَرْأَةُ أَنْتِ هَذِهِ النَّعْجَةُ، وَخَرَّ سَاجِدًا بَيْنَ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَيَوْمٍ، لَا يَقُومُ إِلَّا لِصَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ، أَوْ لِحَاجَةٍ لَا بُدُّ مِنْهَا، فَقَالَ: أَيْ رَبِّ، رَقَأَ الدَّمْعُ، وَقَرَحَ الْجَبِينُ، وَتَنَاثَرَ الدُّودُ مِنْ رُكْبَتِي، وَخَطِيئَتِي أَلْزَمُ بِي مِنْ جِلْدِي، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ أَنِ ارْفَعْ رَأْسَكَ يَا دَاوُدُ، فَقَدْ غَفَرْتُ لَكَ، فَلَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ حَتَّى جَاءَهُ جِبْرِيلُ فَرَفَعَ رَأْسَهُ، قَالَ أَبُو مَعْشَرٍ: فَحَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيُّ، أَنَّهُ لَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ قَالَ: أَيْ رَبِّ، إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً، فَمُرِ الْخَلَائِقَ أَنْ يُنْصِتُوا، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ يَا دَاوُدُ إِنَّهُ لَا يَسُدُّ سَمْعِي شَيْءٌ، قَالَ إِنِّي أَحَبُّ ذَلِكَ، فَمُرِ الْخَلَائِقَ أَنْ يَنْصِتُوا، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِيهَا أَنْ يُنْصِتُوا، وَإِلَى الْأَرَضِينَ وَمَنْ فِيهَا أَنْ يَنْصُتْنَ، فَقَالَ دَاوُدُ: أَيْ رَبِّ، أُورَيَا يَطْلُبُ مِنِّي دَمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَكَيْفَ بِي وَهُوَ يَطْلُبُ مِنِّي دَمَهُ؟ قَالَ أَجْمَعُ بَيْنَكُمَا فَأَقْضِي بَيْنَكُمَا، ثُمَّ أَسْتَوْهِبُهُ دَمَكَ وَأَنَا أَغْفِرُ لَكَ، فَقَالَ: الْآنَ عَلِمْتُ أَنَّكَ قَدْ غَفَرْتَ لِي " الحديث: 19 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 103 20 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثنا عَمِّي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: ثنا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ " كَانَ لِدَاوُدَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ مِحْرَابٌ يَتَوَحَّدُ فِيهِ لِتِلَاوَةِ الزَّبُورِ وَلِصَلَاتِهِ إِذَا صَلَّى، وَلَمْ يَكُنْ يُعْطِي اللَّهُ فِيمَا يَذْكُرُونَ مِنْ خَلْقِهِ أَحَدًا مِثْلَ صَوْتِهِ، وَكَانَ إِذَا قَرَأَ الزَّبُورَ فِيمَا يَذْكُرُونَ تَرَايَا لَهُ الْوَحْشُ حَتَّى يُؤْخَذَ بِأَعْنَاقِهَا، وَأَنَّهَا لَمُصْغِيَةٌ تَسْتَمِعُ صَوْتَهُ، وَمَا صَنَعَتِ الشَّيَاطِينُ الْمَزَامِيرَ وَالْبَرَابِطَ وَالصُّنُوجَ إِلَّا عَلَى أَصْنَافِ صَوْتِهِ، وَكَانَ أَسْفَلَ مِنْهُ جُنَيْنَةٌ لِرَجُلٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَكَانَتْ عِنْدَ ذَلِكَ الرَّجُلِ الْمَرْأَةُ الَّتِي أَصَابَ دَاوُدُ فِيهَا مَا أَصَابَ، قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَحَدَّثَنِي بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ دَاوُدَ حِينَ دَخَلَ مِحْرَابَهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ قَالَ: لَا يَدْخُلُ عَلَيَّ أَحَدٌ حَتَّى اللَّيْلِ، فَلَا يَشْغَلُنِي شَيْءٌ خَلَوْتُ لَهُ حَتَّى أُمْسِيَ، فَدَخَلَ مِحْرَابَهُ وَنَشَرَ زَبُورَهُ [ص: 107] يَقْرَأُ وَفِي الْمِحْرَابِ كُوَّةٌ تُطْلِعُهُ عَلَى تِلْكَ الْجُنَيْنَةِ، فَبَيْنَمَا هُوَ جَالِسٌ يَقْرَأُ زَبُورَهُ إِذْ أَقْبَلَتْ حَمَامَةٌ مِنْ ذَهَبٍ حَتَّى وَقَعَتْ فِي الْكُوَّةِ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَرَآهَا، فَأَعْجَبَتْهُ ثُمَّ ذَكَرَ مَا قَالَ: لَا يَشْغَلُهُ شَيْءٌ عَمَّا دَخَلَ لَهُ فَنَكَّسَ رَأْسَهُ، وَأَقْبَلَ عَلَى زَبُورِهِ، فَتَصَوَّبَتِ الْحَمَامَةُ لِلْبَلَاءِ وَالِاخْتِبَارِ مِنَ الْكُوَّةِ، فَوَقَعَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَتَنَاوَلَهَا بِيَدِهِ فَاسْتَأْخَرَتْ غَيْرَ بَعِيدٍ، فَأَتْبَعَهَا بِبَصَرِهِ أَيْنَ تَقَعُ، فَنَهَضَ إِلَى الْكُوَّةِ لِتَنَاوُلِهَا مِنَ الْكُوَّةِ، فَتَصَوَّبَتْ إِلَى الْجُنَيْنَةِ فَأَتْبَعَهَا بَصَرَهُ أَيْنَ يَقَعُ، فإِذَا الْمَرْأَةُ جَالِسَةٌ تَغْتَسِلُ بِهَيْئَةٍ، اللَّهُ أَعْلَمُ بِهَا فِي الْجَمَالِ وَالْحُسْنِ وَالْخَلْقِ، فَيَزْعُمُونَ أَنَّهَا لَمَّا رَأَتْهُ نَقَضَتْ رَأْسَهَا فَوَارَتْ بِهِ جَسَدَهَا مِنْهُ فَاخْتَطَفَتْ قَلْبَهُ، فَرَجَعَ إِلَى زَبُورِهِ وَمَجْلِسِهِ وَهِيَ مِنْ شَأْنِهِ لَا يُفَارِقُ قَلْبَهُ ذِكْرُهَا، وَتَمَادَى بِهِ الْبَلَاءُ حَتَّى أَغْزَى زَوْجَهَا أُورَيَا ثُمَّ أَمَرَ صَاحِبَ جَيْشِهِ أَنْ يُقَدِّمَهُ إِلَى الْمَهَالِكِ حَتَّى أَصَابَهُ مَا أَرَادَ بِهِ مِنَ الْهَلَاكِ، وَلِدَاوُدَ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ امْرَأَةً، فَلَمَّا أُصِيبَ صَاحِبُهَا خَطَبَهَا دَاوُدُ فَنَكَحَهَا، فَبَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِ وَهُوَ فِي مِحْرَابِهِ مَلَكَيْنِ يَخْتَصِمَانِ إِلَيْهِ، مِثْلًا ضَرَبَهُ اللَّهُ لَهُ وَلِصَاحِبِهِ، فَلَمْ يُرَعْ بِهِمَا إِلَّا وَاقِفَيْنِ عَلَى رَأْسِهِ فِي مِحْرَابِهِ، فَقَالَ: مَا أَدْخَلَكُمَا عَلَيَّ؟ فَقَالَا: {لَا تَخَفْ} [الذاريات: 28] لَمْ نَدْخُلْ لِبَأْسٍ وَلَا لِرِيبَةٍ {خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ} [ص: 22] فَجِئْنَاكَ لِتَقْضِيَ بَيْنَنَا {فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ} [ص: 22] [ص: 108] فَقَالَ: تَكَلَّمَا، فَقَالَ الْمَلَكُ الَّذِي يُكَلِّمُ عَنْ أُورَيَا زَوْجِ الْمَرْأَةِ: {إِنَّ هَذَا أَخِي} [ص: 23] عَلَى دِينِي {لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِي نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا} [ص: 23] أَيِ احْمِلْنِي عَلَيْهَا ثُمَّ {عَزَّنِي فِي الْخَطَّابِ} [ص: 23] أَيْ قَهَرَنِي فِي الْخَطَّابِ، وَكَانَ أَقْوَى مِنِّي وَأَعَزَّ، فَحَازَ نَعْجَتِي إِلَى نِعَاجِهِ، وَتَرَكَنِي لَا شَيْءَ لِي، فَنَظَرَ دَاوُدُ إِلَى خَصْمِهِ الَّذِي لَمْ يَتَكَلَّمْ فَقَالَ: لَئِنْ كَانَ صَدَقَنِي لَأَفْعَلَنَّ بِكَ، ثُمَّ ارْعَوَى دَاوُدُ فَعَرَفَ أَنَّهُ الَّذِي يُرَادُ بِمَا صَنَعَ فِي امْرَأَةِ أُورَيَا، فَوَقَعَ سَاجِدًا تَائِبًا مُنِيبًا بَاكِيًا، فَسَجَدَ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا، مَا يَأْكُلُ وَمَا يَشْرَبُ، حَتَّى أَنْبَتَتْ دَمْعُهُ الْخُضَرَ تَحْتَ وَجْهِهِ، فَتَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَقَبِلَ مِنْهُ، فَيَزْعُمُونَ أَنَّهُ قَالَ: يَا رَبِّ، هَذَا غَفَرْتَ لِي مَا جَنَيْتُ فِي شَأْنِ الْمَرْأَةِ، فَكَيْفَ بِدَمِ الْقَتِيلِ الْمَظْلُومِ؟ فَقِيلَ لَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ: يَا دَاوُدُ أَمَا إِنَّ رَبَّكَ لَنْ يَظْلِمَهُ ذَلِكَ، وَلَكِنَّهُ سَيَسْأَلَهُ إِيَّاهُ فَيُعْطِيَهُ، فَيَضَعَهُ عَنْكَ، فَلَمَّا فُرِّجَ عَنْ دَاوُدَ مَا كَانَ فِيهِ وَشَمَ خَطِيئَتَهُ فِي كَفِّهِ الْيُمْنَى فِي بَاطِنِ رَاحَتِهِ، فَمَا رَفَعَ إِلَى فِيهِ طَعَامًا وَلَا شَرَابًا إِلَّا بَكَى إِذَا رَآهَا، وَمَا قَامَ خَطِيبًا فِي النَّاسِ قَطُّ إِلَّا نَشَرَ كَفَّهُ فَاسْتَقْبَلَ النَّاسَ لِيَرَوْا وَشْمَ خَطِيئَتِهِ فِي يَدِهِ " الحديث: 20 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 106 21 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ [ص: 109] الْحَسَنِ، " أَنَّ دَاوُدَ، قَالَ يَوْمًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: أَيُّكُمْ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَتَفَرَّغَ لِرَبِّهِ يَوْمًا لَا يُصِيبُ الشَّيْطَانُ مِنْهُ شَيْئًا؟ قَالُوا: لَا أَيُّنَا وَاللَّهِ، فَحَدَّثَ دَاوُدُ نَفْسَهُ أَنَّهُ يَسْتَطِيعُ ذَلِكَ، فَدَخَلَ مِحْرَابَهُ وَغَلَّقَ أَبْوَابَهُ، وَقَامَ يُصَلِّي، فَجَاءَ طَائِرٌ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ إِلَى قَوْلِهِ: فَبَيْنَمَا دَاوُدُ فِي الْمِحْرَابِ إِذْ تَسَوَّرَ عَلَيْهِ مَلَكَانِ فَأَفْزَعَاهُ، فَقَالَا: {لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ} [ص: 22] حَتَّى بَلَغَ {وَلَا تُشْطِطْ} [ص: 22] أَيْ وَلَا تَحَرَّجْ، حَتَّى بَلَغَ {أَكْفِلْنِيهَا} [ص: 23] يَقُولُ: أَعْطِنِيهَا {وَعَزَّنِي فِي الْخَطَّابِ} [ص: 23] يَقُولُ: قَهَرَنِي فِي الْخُصُومَةِ، {قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ} [ص: 24] حَتَّى بَلَغَ {وَظَنَّ دَاوُدُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ} قَالَ: عَلِمَ دَاوُدُ أَنَّهُ الْمَعْنِيُّ بِذَلِكَ فَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ، قَالَ قَتَادَةُ: أَيْ تَابَ، قَالَ مَعْمَرٌ: قَالَ الْحَسَنُ: عَلِمَ أَنَّهُ الْمَعْنِيُّ بِذَلِكَ فَسَجَدَ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً لَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ إِلَّا لِصَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ، وَلَمْ يَذُقْ طَعَامًا وَلَا شَرَابًا حَتَّى أَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ أَنِ ارْفَعْ رَأْسَكَ، فَإِنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَكَ " الحديث: 21 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 108 22 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، ثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، سَمِعَ عَمْرَو بْنَ أَوْسٍ، يَقُولُ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَحَبُّ الصَّلَاةِ إِلَى اللَّهِ صَلَاةُ دَاوُدَ، كَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ، وَيَقُومُ ثُلُثَهُ [ص: 110] ، وَيَنَامُ سُدُسَهُ» الحديث: 22 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 109 23 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، أَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ، عَنْ عَطَاءٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ أَخِي دَاوُدَ كَانَ أَعْبُدَ الْبَشَرِ، كَانَ يَقُومُ نِصْفَ اللَّيْلِ، وَيَصُومُ نِصْفَ الدَّهْرِ» الحديث: 23 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 110 24 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، قَالَ بَلَغَنَا أَنَّ دَاوُدَ، النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، جَزَّأَ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ الصَّلَاةَ، فَلَمْ يَكُنْ يَأْتِي سَاعَةٌ مِنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِلَّا إِنْسَانٌ [ص: 111] مِنِ آلِ دَاوُدَ قَائِمٌ يُصَلِّي " الحديث: 24 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 110 افْتَرَاضُهَا عَلَى يُونُسَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَقَالَ اللَّهُ فِي قِصَّةِ يُونُسَ حِينَ الْتَقَمَهُ الْحُوتُ: {فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يَبْعَثُونَ} [الصافات: 144] الجزء: 1 ¦ الصفحة: 111 25 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، " {فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ} [الصافات: 143] قَالَ: مِنَ الْمُصَلِّينَ " الحديث: 25 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 111 26 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " {فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ} [الصافات: 143] قَالَ: مِنَ الْمُصَلِّينَ ". 27 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ [ص: 112] إِسْرَائِيلَ، ثنا أَبُو الْهَيْثَمِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، مِثْلَهُ الحديث: 26 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 111 28 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ، ثنا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا شَيْبَانُ، عَنْ قَتَادَةَ، " {فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ} [الصافات: 143] قَالَ: كَانَ كَثِيرَ الصَّلَاةِ فِي الرَّخَاءِ فَنَجَا {لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [الصافات: 144] لَصَارَتْ لَهُ قَبْرًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ " الحديث: 28 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 112 افْتِرَاضُهَا عَلَى شُعَيْبٍ عَلَيْهِ وَعَلَى نَبِيِّنَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَقَالَ فِي قِصَّةِ شُعَيْبٍ لَمَّا نَهَى قَوْمَهُ عَنْ عِبَادَةِ غَيْرِ اللَّهِ، وَنَهَاهُمْ عَنِ التَّطْفِيفِ فِي الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ فَقَالُوا [ص: 113] : {يَا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا} [هود: 87] وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَهُ يُعَظِّمُ شَيْئًا مِنَ الْأَعْمَالِ تَعْظِيمَ الصَّلَاةِ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَى عَشَرَ نَقِيبًا، وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي} الجزء: 1 ¦ الصفحة: 112 افْتِرَاضُهَا عَلَى نُوحٍ، وَعَلَى جَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمْ وَعَلَى نَبِيِّنَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ثُمَّ ذَكَرَ عَزَّ وَجَلَّ الْأَنْبِيَاءَ نَبِيًّا نَبِيًّا، فَوَصَفَهُمْ ثُمَّ قَالَ: {أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلَنَا مَعَ نُوحٍ وَمَنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا} [مريم: 58] فَأُخْبِرَ عَنْ جَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ أَنَّ مَفْزَعَهُمْ كَانَ إِلَى الصَّلَاةِ، يَعْبُدُونَ اللَّهَ، وَيَتَقَرَّبُونَ إِلَيْهِ بِهَا، ثُمَّ قَالَ: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} [مريم: 59] يَعْنِي وَادِيًا فِي جَهَنَّمَ، وَجَاءَ الْخَبَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ قَبْلَهُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ لَمْ يَزَالُوا يُصَلُّونَ الْخَمْسَ الَّتِي صَلَّاهَا جِبْرِيلُ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 113 29 - حَدَّثَنَا بِذَلِكَ، أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ، ثنا الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ حَكِيمِ بْنِ عَبَّادِ بْنِ حُنَيْفٍ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَمَّنِي جِبْرِيلُ عِنْدَ الْبَيْتِ مَرَّتَيْنِ، صَلَّى بِيَ الظُّهْرَ حِينَ مَالَتِ الشَّمْسُ قَدْرَ الشِّرَاكِ، وَصَلَّى بِيَ الْعَصْرَ حِينَ كَانَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ، وَصَلَّى الْمَغْرِبَ حِينَ أَفْطَرَ الصَّائِمُ، وَصَلَّى الْعِشَاءَ حِينَ غَابَ الشَّفَقُ، وَصَلَّى بِيَ الْفَجْرَ حِينَ حُرِّمَ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ عَلَى الصَّائِمِ، وَصَلَّى بِيَ الْغَدَ الظُّهْرَ حِينَ كَانَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ، وَصَلَّى بِيَ الْعَصْرَ حِينَ صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَيْهِ، وَصَلَّى بِيَ الْمَغْرِبَ حِينَ أَفْطَرَ الصَّائِمُ، وَصَلَّى بِيَ الْعِشَاءَ حِينَ ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ، وَصَلَّى بِيَ الْغَدَاةَ بَعْدَمَا أَسْفَرَ، ثُمَّ الْتَفَتْ إِلَيَّ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، الْوَقْتُ فِيمَا بَيْنَ هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ، هَذَا وَقْتُ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلَكَ " [ص: 116] 30 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ حَكِيمِ بْنِ عَبَّادِ بْنِ حُنَيْفٍ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَّنِي جِبْرِيلُ عِنْدَ الْبَيْتِ مَرَّتَيْنِ.» فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَقَالَ فِي آخِرِهِ: «يَا مُحَمَّدُ، هَذَا وَقْتُكَ وَوَقْتُ النَّبِيِّينَ قَبْلَكَ» . 31 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ، ثنا أَيُّوبُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، عَنْ [ص: 117] سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَارِثِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ اللَّيْثِيُّ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ حَكِيمِ بْنِ عَبَّادِ بْنِ حُنَيْفٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَمَّنِي جِبْرِيلُ عِنْدَ الْبَيْتِ مَرَّتَيْنِ، فَصَلَّى الظُّهْرَ حِينَ كَانَ الْفَيْءُ مِثْلَ الشِّرَاكِ.» فَذَكَرَ الْحَدِيثَ نَحْوَ حَدِيثِ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ الحديث: 29 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 114 32 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَيَّارٍ، ثنا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ، عَنْ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ النَّاجِي، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، " أَنَّ مُوسَى، سَأَلَ رَبَّهُ أَنْ يُرِيَهُ الدَّابَّةَ، فَقِيلَ لَهُ: اقْعُدْ عِنْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ، فَقَعَدَ حَتَّى صَلَّى الْعَصْرَ، فَجَعَلَ يَخْرُجُ عُنُقُهَا إِلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ أَوِ الظُّهْرِ فَقَالَ: اكْتَفِ بِمَا خَرَجَ مِنْهَا، وَاحْبِسْ عَلَى بَقِيَّتِهَا " الحديث: 32 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 117 نَصُّ التَّنْزِيلِ عَلَى وجُوبِهَا قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: ثُمَّ وَكَّدَهَا اللَّهُ فِي الْوجُوبِ بِفَرْضِهَا بِنَصِّ التَّنْزِيلِ، فَقَالَ: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ [ص: 118] كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء: 103] قَالَ كِتَابًا وَاجِبًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 117 33 - حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، ثنا أَبُو رَجَاءٍ، قَالَ سَمِعْتُ الْحَسَنَ، يَقُولُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: " {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء: 103] قَالَ كِتَابًا وَاجِبًا " الحديث: 33 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 118 34 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَيَّارٍ، ثنا عَمَّارُ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، فِي قَوْلِهِ: " {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء: 103] قَالَ: مُنَجَّمًا كُلَّمَا مَضَى نَجْمٌ جَاءَ نَجْمٌ آخَرُ يَقُولُ: كُلَّمَا مَضَى وَقْتٌ جَاءَ وَقْتٌ آخَرُ " الحديث: 34 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 118 الْوَعِيدُ عَلَى مَنْ أَضَاعَهَا قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: ثُمَّ تَوَعَّدَ بِالْعَذَابِ مَنْ أَضَاعَهَا أَوْ سَهَا [ص: 119] عَنْهَا فَصَلَّاهَا فِي غَيْرِ وَقْتِهَا أَوْ رَايَا بِهَا فَقَالَ: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ} [مريم: 59] الجزء: 1 ¦ الصفحة: 118 35 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، فِي هَذِهِ الْآيَةِ " {فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} [مريم: 59] قَالَ: نَهَرٌ فِي جَهَنَّمَ خَبِيثُ الطَّعْمِ، بَعِيدُ الْقَعْرِ " الحديث: 35 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 119 36 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادِ بْنِ زَبَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي شَرْقِيُّ بْنُ [ص: 120] الْقَطَامِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي لُقْمَانُ بْنُ عَامِرٍ الْخُزَاعِيُّ، قَالَ جِئْتُ أَبَا أُمَامَةَ الْبَاهِلِيَّ قَالَ: قُلْتُ: حَدِّثْنِي حَدِيثًا، سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَوْ أَنَّ صَخْرَةً زِنَةَ عَشَرَ عَشْرَوَاتٍ قُذِفَ بِهَا مِنْ شَفِيرِ جَهَنَّمَ مَا بَلَغَتْ قَعْرَهَا سَبْعِينَ خَرِيفًا، ثُمَّ تَنْتَهِي إِلَى غِيٍّ وَأَثَامٍ» فَقُلْتُ: مَا غِيُّ وَأَثَامٌ؟ قَالَ: " بِئْرَانِ فِي أَسْفَلَ جَهَنَّمَ يَسِيلُ فِيهِمَا صَدِيدُ أَهْلِ جَهَنَّمَ، فَهَذَا الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ {فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} [مريم: 59] و {أَثَامًا} [الفرقان: 68] " الحديث: 36 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 119 37 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عِيسَى، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، أَنَا هُشَيْمُ بْنُ بَشِيرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي مَرْيَمَ الْخُزَاعِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ الْبَاهِلِيَّ، يَقُولُ: إِنَّمَا بَيْنَ شَفِيرِ جَهَنَّمَ إِلَى قَعْرِهَا مَسِيرَةُ خَمْسِينَ خَرِيفًا مِنْ حَجَرٍ يَهْوِي، أَوْ قَالَ صَخْرَةٍ تَهْوِي، عِظَمُهَا كَعَشَرَةِ عَشْرَوَاتٍ عِظَامٍ سِمَانٍ، فَقَالَ لَهُ مَوْلًى لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ: هَلْ تَحْتَ ذَلِكَ مِنْ شَيْءٍ يَا أَبَا أُمَامَةَ؟ قَالَ: نَعَمْ، غِيُّ وَأَثَامٌ " الحديث: 37 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 121 38 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدَةَ، ثنا عَلِيٌّ، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: أَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي ثَعْلَبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ بَشِيرٍ، عَنْ شُفَيِّ بْنِ مَاتِعٍ الْأَصْبَحِيِّ، قَالَ: " إِنَّ فِي جَهَنَّمَ وَادِيًا يُسَمَّى غَيًّا، يَسِيلُ دَمًا وَقَيْحًا، فَهُوَ لِمَنْ خُلِقَ لَهُ، قَالَ اللَّهُ: {فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} [مريم: 59] " الحديث: 38 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 122 39 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ مُوسَى بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُخَيْمِرَةَ، " {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} [مريم: 59] قَالَ: أَضَاعُوهَا عَنْ مَوَاقِيتِهَا " الحديث: 39 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 122 40 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عِيسَى بْنِ يُونُسَ، ثنا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: بَعَثَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَجُلًا إِلَى مِصْرَ فَقَالَ لَهُ: إِنَّ الْيَوْمَ الْجُمُعَةُ، فَأَقِمْ حَتَّى تُصَلِّيَ، فَإِنَّا قَدْ بَعَثْنَاكَ فِي عَجَلَةِ لِلْمُسْلِمِينَ، فَلَا يُعْجِلَنَّكَ مَا بَعَثْنَاكَ أَنْ تُؤَخِّرَ الصَّلَاةَ عَنْ مِيقَاتِهَا، فَإِنَّكَ لَا مَحَالَةَ تُصَلِّيهَا، وَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ {أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ} [مريم: 59] قَالَ: لَمْ يَكُنْ إِضَاعَتُهُمْ تَرْكَهَا، وَلَكِنْ أَضَاعُوا الْمَوَاقِيتَ " الحديث: 40 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 123 41 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُوَيْدٍ أَبُو سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو صَخْرٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: " {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ} [مريم: 59] [ص: 124] قَالَ: تَرَكُوا الصَّلَاةَ ". قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ} الحديث: 41 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 123 42 - حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا عِكْرِمَةُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ {الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} [الماعون: 5] قَالَ: «هُمُ الَّذِينَ يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا» الحديث: 42 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 124 43 - حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ فُضَيْلُ بْنُ حُسَيْنٍ الْجَحْدَرِيُّ، ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، ثنا عَاصِمٌ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي: يَا أَبَتَاهُ، أَرَأَيْتَ قَوْلَ اللَّهِ: " {الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} [الماعون: 5] أَيُّنَا لَا يُحَدِّثُ نَفْسَهُ؟ قَالَ: إِنَّهُ لَيْسَ ذَلِكَ، وَلَكِنَّهُ إِضَاعَةُ الْوَقْتِ " الحديث: 43 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 125 44 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، ثنا الْأَعْمَشُ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، فِي قَوْلِهِ: " (الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ لَاهُونَ) قَالَ: إِغْفَالُ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا، قَالَ أَبُو عَمْرٍو: هَكَذَا قَرَأَ الْأَعْمَشُ (لَاهُونَ) " الحديث: 44 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 126 45 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنَا الْمُقْرِئُ، عَنْ حَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو صَخْرٍ، أَنَّهُ سَأَلَ مُحَمَّدَ بْنَ كَعْبٍ الْقُرَظِيَّ عَنْ قَوْلِهِ: " {الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ، سَاهُونَ} [الماعون: 5] قَالَ: هُوَ تَارِكُهَا، ثُمَّ سَأَلَهُ عَنِ الْمَاعُونِ قَالَ: مَنْعُ الْمَالِ مِنْ حَقِّهِ " [ص: 127] . قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَحَكَى عَنِ الْكُفَّارِ أَنَّهُمْ لَمَّا سُئِلُوا بَعْدَ دُخُولِهِمُ النَّارَ فَقِيلَ لَهُمْ: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ} [المدثر: 43] فَلَمْ يَذْكُرُوا شَيْئًا مِنَ الْأَعْمَالِ عُذِّبُوا عَلَيْهَا قَبْلَ تَرْكِهِمُ الصَّلَاةَ، وَقَالَ اللَّهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينُ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [المنافقون: 9] الحديث: 45 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 126 46 - حَدَّثَنِي أَبُو قُدَامَةَ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ، ثنا أَبُو سِنَانٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، فِي قَوْلِ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: " {لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ} [المنافقون: 9] قَالَ: الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ " الحديث: 46 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 127 47 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، " {يَا أَيُّهَا الَّذِينُ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ} [المنافقون: 9] يَعْنِي الصَّلَاةَ الْمَفْرُوضَةَ " الحديث: 47 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 127 48 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ، ثنا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، {يَا أَيُّهَا الَّذِينُ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ} [المنافقون: 9] قَالَ سَمِعْتُ [ص: 128] عَطَاءً يَقُولُ: «هِيَ الْمَكْتُوبَةُ» الحديث: 48 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 127 49 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، " {رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ} [النور: 37] يَقُولُ: عَنِ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ " الحديث: 49 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 128 50 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو وَهْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُزَاحِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا بُكَيْرُ بْنُ مَعْرُوفٍ، عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ، " {رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ} [النور: 37] يَعْنِي الذِّكْرَ الصَّلَاةَ الْمَفْرُوضَةَ " الحديث: 50 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 128 51 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، فِي قَوْلِهِ [ص: 129] : " {رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ} [النور: 37] عَنِ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ " الحديث: 51 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 128 52 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: قَالَ سُفْيَانُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: " {رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ} [النور: 37] قَالَ: كَانُوا يَشْتَرُونَ وَيَبِيعُونَ فَلَا تَشْغَلُهُمْ عَنْ مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ " الحديث: 52 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 129 تَوْبِيخُهُ تَعَالَى الْكَافِرَ عَلَى تَرْكِهَا قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَقَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِيمَا يُوَبِّخُ بِهِ الْكَافِرَ: {فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى} [القيامة: 31] وَلَمْ يَضُمَّ إِلَى التَّصْدِيقِ شَيْئًا غَيْرَ الصَّلَاةِ {وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى} [القيامة: 32] فَالْكَذِبُ ضِدُّ التَّصْدِيقِ، وَالتَّوَلِّي تَرْكُ الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْفَرَائِضِ، ثُمَّ أَوْعَدَهُ وَعِيدًا بَعْدَ وَعِيدٍ، فَقَالَ: {أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى} [القيامة: 35] وَيُقَالَ: إِنَّهَا نَزَلَتْ فِي أَبِي جَهْلٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 129 53 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثنا قَيْسٌ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ، عَنْ رَجُلٍ، حَدَّثَهُ، وَعَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ،: أَنَّ أَبَا جَهْلٍ، أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: أَنْتَ الَّذِي تُوعِدُنِي، لَأَنَا أَعَزُّ بِبَطْحَاءِ مَكَّةَ مِنْكَ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " {أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى} [القيامة: 35] [ص: 130] " قَالَ مُوسَى: فَقُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: أَرَأَيْتَ قَوْلَهُ: {أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى} [القيامة: 35] أَشَيْءٌ أُمِرَ بِهِ أَمْ شَيْءٌ قَالَهُ؟ قَالَ: بَلْ شَيْءٌ قَالَهُ لِأَبِي جَهْلٍ: ثُمَّ أَنْزَلَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ " الحديث: 53 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 129 54 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ خَلَفٍ أَبُو سَلَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، {يَتَمَطَّى} [القيامة: 33] [ص: 131] قَالَ: أَبُو جَهْلٍ " الحديث: 54 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 130 55 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثنا قَيْسٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْهُذَيْلِ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، " {فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى} [القيامة: 31] قَالَ: لَا صَدَّقَ بِالْحَقِّ " الحديث: 55 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 131 56 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: {يَتَمَطَّى} [القيامة: 33] قَالَ: يَتَبَخْتَرُ وَهُوَ أَبُو جَهْلٍ، كَانَتْ مِشْيَتُهُ، فَأَخَذَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ، فَقَالَ: " {أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى} [القيامة: 35] " قَالَ: مَا تَسْتَطِيعُ أَنْتَ يَا مُحَمَّدُ وَلَا رَبُّكَ لِي شَيْئًا، إِنِّي لَأَعَزُّ مَنْ بَيْنَ جَبَلَيْهَا، فَضَرَبَ اللَّهُ عُنُقَهُ، وَقَتَلَهُ أَشَدَّ قِتْلَةٍ " الحديث: 56 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 131 57 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نِيزَكٍ، ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ،: " فَلَا [ص: 132] صَدَّقَ وَلَا صَلَّى قَالَ: لَا صَدَّقَ بِكِتَابِ اللَّهِ، وَلَا صَلَّى لِلَّهِ وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى كَذَّبَ بِآيَاتِ اللَّهِ، وَتَوَلَّى عَنْ طَاعَتِهِ ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى أَيْ يَتَبَخْتَرُ، وَهِيَ مِشْيَةُ عَدُوِّ اللَّهِ أَبِي جَهْلٍ، ذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ بِمَجَامِعِ ثِيَابِهِ فَقَالَ: «أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى» وَعِيدٌ عَلَى إِثْرِ وَعِيدٍ ". قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ وَقَالَ: إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَلَقَدْ شَدَّدَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى الْوَعِيدَ فِي تَرْكِهَا وَوَكَّدَهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنْ أَخْرَجَ تَارِكَهَا مِنَ الْإِيمَانِ بِتَرْكِهَا، وَلَمْ تُجْعَلْ فَرِيضَةٌ مِنْ أَعْمَالِ الْعِبَادِ عَلَامَةً بَيْنَ الْكُفْرِ وَالْإِيمَانِ إِلَّا الصَّلَاةُ، فَقَالَ: «لَيْسَ بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ الْكُفْرِ مِنَ الْإِيمَانِ إِلَّا تَرْكُ الصَّلَاةِ» [ص: 133] فَأَخْبَرَ أَنَّهَا نِظَامُ لِلتَّوْحِيدِ، وَأَكْفَرَ بِتَرْكِهَا كَمَا أَكْفَرَ بِتَرْكِ التَّوْحِيدِ، ثُمَّ أَخْرَجَ مِنَ الْإِيمَانِ مَنْ عَاهَدَ مِنْ جَمِيعِ الْعِبَادِ عَلَى الْإِيمَانِ فَقَالَ: «الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمُ الصَّلَاةُ، فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ» وَإِنْ كَانَتِ الْعُلَمَاءُ مُخْتَلِفَةً فِي الْإِكْفَارِ بِتَرْكِهَا، فَإِنَّهُمْ مُجْمِعُونَ عَلَى الرِّوَايَةِ بِإِكْفَارِ مَنْ تَرَكَهَا، ثُمَّ مَا غَلَّظَ فِي تَرْكِهَا وجُوبُ النَّارِ، وَإِيجَابُ الْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ لِمَنْ قَامَ بِهَا الحديث: 57 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 131 أَحَادِيثُ فِي وِزْرِ تَارِكِهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 133 58 - فَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنَا الْمُقْرِئُ، ثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ، قَالَ: حَدَّثَنِي كَعْبُ بْنُ عَلْقَمَةَ، عَنْ عِيسَى بْنِ هِلَالٍ الصَّدَفِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ حَافَظَ عَلَى الصَّلَاةِ كَانَتْ لَهُ نُورًا وَبُرْهَانًا وَنَجَاةً مِنَ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ لَمْ يُحَافِظْ عَلَيْهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نُورٌ وَلَا بُرْهَانٌ وَلَا نَجَاةٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَكَانَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ [ص: 134] مَعَ قَارُونَ وَهَامَانَ وَأُبَيِّ بْنِ خَلَفٍ» . قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَسَنَذْكُرُ الْأَخْبَارَ الْمَرْوِيَّةَ فِي الْإِكْفَارِ بِتَرْكِهَا، وَإِيجَابِ الْقَتْلِ عَلَى تَارِكِهَا فِيمَا بَعْدُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَنَعَتَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ فِي أَوَّلِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فَقَالَ: {الم ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ} [البقرة: 2] فَلَمْ يَبْدَأْ بَعْدَ الْإِيمَانِ بِالْغَيْبِ بِذِكْرِ فَرِيضَةٍ قَبْلَ الصَّلَاةِ الحديث: 58 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 133 59 - فَحَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَعِيدٍ، أَنَّهُ سَمِعَ الْحَسَنَ، يَقُولُ فِي قَوْلِ اللَّهِ: " {وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ} [البقرة: 3] [ص: 135] قَالَ: يُقِيمُونَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ بِوُضُوئِهَا وَرُكُوعِهَا وَسُجُودِهَا وَخُشُوعِهَا فِي مَوَاقِيتِهَا " الحديث: 59 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 134 60 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بَكَّارٍ، ثنا الْوَلِيدُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ النَّمِرِ، أَنَّهُمْ سَأَلُوا الزُّهْرِيَّ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ،: " {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} [المزمل: 20] قَالَ: أَنْ تُصَلَّى الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ بِمَوَاقِيتِهَا " الحديث: 60 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 135 61 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدَةَ، ثنا أَبُو وَهْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُزَاحِمٍ، ثنا بُكَيْرُ بْنُ مَعْرُوفٍ، عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ، " {وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ} [البقرة: 3] فَإِقَامَتُهَا أَنْ يُحَافَظَ عَلَى مَوَاقِيتِهَا، وَإِسْبَاغُ الطُّهُورِ فِيهَا، وَتَمَامُ رُكُوعِهَا وَسُجُودِهَا، وَتِلَاوَةُ الْقُرْآنِ فِيهَا، وَالتَّشَهُّدُ وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَهَذَا إِقَامَتُهَا " الحديث: 61 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 135 مَدْحُهُ تَعَالَى الْمُصَلِّينَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَمَدَحَ اللَّهُ عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ فَبَدَأَ بِذِكْرِ الصَّلَاةِ قَبْلَ كُلِّ عَمَلٍ فَقَالَ: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} [المؤمنون: 2] فَمَدَحَهُمْ فِي أَوَّلِ نَعْتِهِمْ بِالْخُشُوعِ فِيهَا، ثُمَّ أَعَادَ ذِكْرَهَا فِي آخِرِ الْقِصَّةِ إِعْظَامًا لِقَدْرِهَا فِي الْقُرْبَةِ إِلَيْهِ، وَلِمَا أَعَدَّ لِلْقَائِمِينَ بِهَا الْمُحَافِظَينَ عَلَيْهَا مِنْ جَزِيلِ الثَّوَابِ، وَنَعِيمِ الْمَآبِ، فَقَالَ: {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [المؤمنون الجزء: 1 ¦ الصفحة: 135 : 9] وَلَمْ نَجِدِ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ مَدَحَ أَحَدًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بِمُوَاظَبَتِهِ عَلَى شَيْءٍ مِنَ الْأَعْمَالِ مَدْحَ مَنْ وَاظَبَ عَلَى الصَّلَوَاتِ فِي أَوْقَاتِهَا، أَلَا تَرَاهُ كَيْفَ ذَكَرَهَا مُبْتَدَأَةً مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الْأَعْمَالِ، قَالَ اللَّهُ: {إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا} [المعارج: 19] ثُمَّ لَمْ يُبَرِّئْ أَحَدًا مِنْ هَذَيْنِ الْخُلُقَيْنِ الْمَذْمُومَيْنِ مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ قَبْلَ الْمُصَلِّينَ فَقَالَ: {إِلَّا الْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ} [المعارج: 22] ثُمَّ أَعَادَ ذِكْرَهُمْ فِي آخِرِ الْآيَةِ بِذِكْرٍ آخَرَ فَقَالَ: {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ} [المعارج: 34] وَقَالَ: {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ} [فاطر: 29] فِي كُلِّ ذَلِكَ يَبْدَأُ بِمَدْحِ الصَّلَاةِ قَبْلَ سَائِرِ الْأَعْمَالِ، تَبِعَهَا مَا تَبِعَهَا مِنْ سَائِرِ الطَّاعَاتِ، فَكَرَّرَ الثَّنَاءَ عَلَيْهِمْ، وَمَدَحَهُمْ بِالْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا لِيَدُومُوا عَلَيْهَا، كُلُّ ذَلِكَ تَأْكِيدًا لَهَا، وَتَعْظِيمًا لِشَأْنِهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 136 62 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنَا وَكِيعٌ، عَنِ الْمَسْعُودِيِّ، عَنِ الْقَاسِمِ، وَالْحَسَنِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَا: قِيلَ لِابْنِ مَسْعُودٍ: إِنَّ اللَّهَ يُكْثِرُ ذِكْرَ الصَّلَاةِ فِي الْقُرْآنِ {الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ} [المعارج: 23] [ص: 137] ، {الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} [المعارج: 34] ؟ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: ذَلِكَ عَلَى مَوَاقِيتِهَا، قَالُوا: مَا كُنَّا نَرَى يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِلَّا عَلَى تَرْكِهَا، فَقَالَ: تَرْكُهَا الْكُفْرُ " الحديث: 62 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 136 63 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، ثنا الْوَلِيدُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي خُلَيْدٌ، عَنِ الْحَسَنِ، " {الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ} [المعارج: 35] قَالَ: عَلَى الْمَوَاقِيتِ " الحديث: 63 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 137 64 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، ثنا الْوَلِيدُ، أَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَسَّاسٍ، عَنِ الْحَسَنِ، " {الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} [المعارج: 34] قَالَ: عَلَى الْمَوَاقِيتِ " الحديث: 64 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 137 65 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، ثنا الْوَلِيدُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَسَّاسٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، " {عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ} [المعارج: 23] قَالَ: عَلَى مَوَاقِيتِهَا " الحديث: 65 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 138 66 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، فِي قَوْلِهِ: " {الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ} [المعارج: 23] قَالَ: الْمَكْتُوبَةُ " الحديث: 66 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 138 67 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، ثنا بَكْرُ بْنُ مُضَرَ، ثنا عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنِ ابْنِ أَبِي حَبِيبٍ، أَنَّ أَبَا الْخَيْرِ، حَدَّثَهُ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ: " {الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ} [المعارج: 23] قَالَ: هُوَ الرَّجُلُ الْقَائِمُ لَا يَلْتَفِتُ يَمِينًا وَلَا شِمَالًا " الحديث: 67 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 138 قَوْلُ دَانْيَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِي الصَّلَاةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 139 68 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نِيزَكٍ، ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: " {إِلَّا الْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ} [المعارج: 23] قَالَ: ذُكِرَ لَنَا أَنَّ دَانْيَالَ نَعَتَ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يُصَلُّونَ صَلَاةً لَوْ صَلَّاهَا قَوْمُ نُوحٍ مَا أُغْرِقُوا، وَعَادٌ مَا أُرْسِلَتْ عَلَيْهِمُ الرِّيحُ، وَثَمُودٌ مَا أَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ، فَعَلَيْكُمْ بِالصَّلَاةِ فَإِنَّهَا خُلُقٌ لِلْمُؤْمِنِينَ حَسَنٌ " الحديث: 68 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 139 تَكْفِيرُ الصَّلَوَاتِ لِلْخَطَايَا قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: ثُمَّ لَمْ يَخُصَّ اللَّهُ تَعَالَى عَمَلًا مِنْ أَعْمَالِ الدِّينِ فَجَعَلَهُ يُكَفِّرُ بِهِ الْخَطَايَا وَيُطَهِّرُ بِهِ الْمُذْنِبِينَ كَمَا خَصَّ الصَّلَاةَ بِذَلِكَ، فَقَالَ: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود: 114] فَجَاءَتِ الْأَخْبَارُ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 139 قِصَّةُ تَقْبِيلِ رَجُلٍ امْرَأَةً: فَنُزُولُ {إِنَّ الْحَسَنَاتِ} [هود: 114] الْآيَةَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 140 69 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، وَالْأَسْوَدِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي عَالَجْتُ امْرَأَةً فِي أَقْصَى الْمَدِينَةِ، وَإِنِّي أَصَبْتُ مِنْهَا مَا دُونَ أَنْ أَمَسَّهَا، فَأَنَا هَذَا فَاقْضِ فِيَّ مَا شِئْتَ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: لَقَدْ سَتَرَكَ اللَّهُ لَوْ سَتَرْتَ نَفْسَكَ، قَالَ: وَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا، فَقَامَ الرَّجُلُ فَانْطَلَقَ، فَأَتْبَعَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا دَعَاهُ، فَتَلَا عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَةَ {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} [هود: 114] فَقَالَ رَجُلٌ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، هَذَا لَهُ خَاصَّةً؟ فَقَالَ: «بَلْ لِلنَّاسِ كَافَّةً» الحديث: 69 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 140 70 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ بْنِ مَلِيحِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ فَرَسٍ الرُّؤَاسِيُّ، ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ [ص: 141] إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، وَالْأَسْوَدِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: " قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي لَقِيتُ امْرَأَةً فِي الْبُسْتَانِ فَضَمَمْتُهَا إِلَيَّ فَقَبَّلْتُهَا وَبَاشَرْتُهَا، فَفَعَلْتُ بِهَا كُلَّ شَيْءٍ غَيْرَ أَنِّي لَمْ أُجَامِعْهَا، فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ {أَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود: 114] فَدَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَرَأَهَا عَلَيْهِ، فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَهُ خَاصَّةً؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَلْ لِلنَّاسِ كَافَّةً» . 71 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ خَالِهِ يَعْنِي الْأَسْوَدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ رَسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ قَوْلَ عُمَرَ. 72 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ إِسْرَائِيلَ بْنِ يُونُسَ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، أَنَّهُ سَمِعَ إِبْرَاهِيمَ بْنَ يَزِيدَ [ص: 142] ، يُحَدِّثُ، عَنْ عَلْقَمَةَ، وَالْأَسْوَدِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ الحديث: 70 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 140 73 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثنا إِسْرَائِيلُ، ثنا سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ، أَنَّهُ سَمِعَ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيَّ، يُحَدِّثُ، عَنْ عَلْقَمَةَ، وَالْأَسْوَدِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ " جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَخَذْتُ امْرَأَةً فِي الْبُسْتَانِ، فَفَعَلْتُ بِهَا كُلَّ شَيْءٍ غَيْرَ أَنِّي لَمْ أُجَامِعْهَا، فَافْعَلْ بِي مَا شِئْتَ، فَلَمْ يَقُلْ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا، فَذَهَبَ الرَّجُلُ، فَقَالَ عُمَرُ: لَقَدْ سَتَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ لَوْ سَتَرَ عَنْ نَفْسِهِ، فَأَتْبَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَصَرَهُ فَقَالَ: «رُدُّوهُ عَلِيَّ» فَقَرَأَ عَلَيْهِ {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود: 114] فَقَالَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ: أَلَهُ وَحْدَهُ أَمْ لِلنَّاسِ كَافَّةً يَا نَبِيَّ اللَّهِ؟ قَالَ: «بَلْ لِلنَّاسِ كَافَّةً» 74 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، وَالْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، بِهَذَا الْحَدِيثِ الحديث: 73 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 142 75 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا الْهَيْثَمُ بْنُ جَمِيلٍ، ثنا شَرِيكٌ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، رَفَعَهُ فِي قَوْلِ اللَّهِ " {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود: 114] قَالَ: «الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ» الحديث: 75 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 143 76 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذِ بْنِ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ، ثنا الْمُعْتَمِرُ، قَالَ: قَالَ أَبِي، ثنا أَبُو عُثْمَانَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ رَجُلًا، أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ لَهُ أَنَّهُ أَصَابَ مِنِ امْرَأَةٍ إِمَّا قُبْلَةً وَإِمَّا مَسَّ يَدٍ، كَأَنَّهُ يَسْأَلُ عَنْ كَفَّارَتِهَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود: 114] فَقَالَ الرَّجُلُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلِي هَذِهِ؟ قَالَ: «هِيَ لِمَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ أُمَّتِي» الحديث: 76 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 143 77 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنَا جَرِيرٌ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، أَنَّهُ كَانَ قَاعِدًا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا تَقُولُ فِي رَجُلٍ أَصَابَ امْرَأَةً لَا تَحِلُّ لَهُ، فَلَمْ يَدَعْ شَيْئًا يُصِيبُ الرَّجُلُ مِنَ امْرَأَتِهِ إِلَّا وَقَدْ أَصَابَ مِنْهَا، إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يُجَامِعْهَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَوَضَّأْ وضُوءًا حَسَنًا ثُمَّ قُمْ فَصَلِّ» فَأَنْزَلَ اللَّهُ {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} [هود: 114] فَقَالَ مُعَاذٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَهِيَ لَهُ خَاصَّةً، أَمْ لِلْمُسْلِمِينَ عَامَّةً؟ قَالَ: «بَلْ هِيَ لِلْمُسْلِمِينَ عَامَّةً» [ص: 145] 78 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو، ثنا زَائِدَةُ، ثنا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ مُعَاذٍ، بِهَذَا الْحَدِيثِ، وَقَالَ: قَالَ مُعَاذٌ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هِيَ لَهُ خَاصَّةً؟ قَالَ: «بَلْ لِلْمُؤْمِنِينَ عَامَّةً» الحديث: 77 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 144 79 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا أَبُو الْوَلِيدِ، ثنا قَيْسٌ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ أَبِي الْيَسَرِ، ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنَا قَيْسٌ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ أَبِي الْيَسَرِ، وَهَذَا حَدِيثُ يَزِيدَ، قَالَ: أَتَتْنِي امْرَأَةٌ تَبْتَاعُ تَمْرًا، فَقُلْتُ: إِنَّ فِي الْبَيْتِ تَمْرًا أَطْيَبُ مِنْهُ، فَدَخَلَتْ مَعِي فِي الْبَيْتِ، فَأَهْوَيْتُ إِلَيْهَا فَقَبَّلْتُهَا، فَأَتَيْتُ أَبَا بَكْرٍ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ: اسْتُرْ عَلَى نَفْسِكَ، وَتُبْ، فَأَتَيْتُ عُمَرَ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ: اسْتُرْ عَلَى نَفْسِكَ وَتُبْ، وَلَا تُخْبِرِنَّ أَحَدًا، فَلَمْ أَصْبِرْ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: «أَخَلَفْتَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ بِمِثْلِ هَذَا فِي أَهْلِهِ؟» ، قَالَ: وَأُوحِيَ إِلَيْهِ {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود: 114] قَالَ أَبُو الْيَسَرِ: فَقَرَأَهَا عَلَيَّ، فَقَالَ أَصْحَابُهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ [ص: 146] ، أَهَذَا لَهُ خَاصَّةً أَمْ لِلنَّاسِ عَامَّةً؟ فَقَالَ: «بَلْ لِلنَّاسِ عَامَّةً» الحديث: 79 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 145 80 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ، ثنا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، أَنَا شَرِيكٌ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ مَوْهَبٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ أَبِي الْيَسَرِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْهُ وَزَوْجُهَا غَائِبٌ بَعَثَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْثٍ، فَقَالَتْ لَهُ: بِعْنِي بِدِرْهَمٍ تَمْرًا، قَالَ: قُلْتُ لَهَا وَأَعْجَبَتْنِي: إِنَّ فِي الْبَيْتِ تَمْرًا هُوَ أَطْيَبُ مِنْ هَذَا، فَانْطَلَقَ بِهَا فَغَمَزَهَا وَقَبَّلَهَا، فَفَزِعَ ثُمَّ خَرَجَ، فَلَقِيَ أَبَا بَكْرٍ فَقَالَ لَهُ: هَلَكْتُ، قَالَ: مَا شَأْنُكَ؟ فَقَصَّ عَلَيْهِ أَمْرَهُ، فَقَالَ: هَلْ لِي مِنْ تَوْبَةٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، تُبْ وَلَا تَعُدْ، وَلَا تُخْبِرَنَّ أَحَدًا، ثُمَّ انْطَلَقَ حَتَّى أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَصَّ عَلَيْهِ الْأَمْرَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَلَّفْتَ رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ» قَالَ: فَظَنَنْتُ أَنِّي مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ لِي أَبَدًا [ص: 147] ، وَأَطْرَقَ يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى نَزَلَتْ {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود: 114] فَأَرْسَلَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ فَقَرَأَهُنَّ عَلَيَّ " الحديث: 80 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 146 81 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عِيسَى، أَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، أَنَا يَحْيَى بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ،: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الصَّلَوَاتُ كَفَّارَاتٌ لِلْخَطَايَا، وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} [هود: 114] " الحديث: 81 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 147 الْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ وَالصَّلَوَاتُ كَفَّارَاتٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 147 82 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عِيسَى، أَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، أَنَا أَفْلَحُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ كَعْبٍ الْقُرَظِيَّ، يَقُولُ: بَلَغَنَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَالْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ، كَفَّارَاتٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ مَا اجْتُنِبَتِ الْكَبَائِرُ» قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ: وَهَذَا فِي الْقُرْآنِ {إِنَّ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مَدْخَلًا [ص: 148] كَرِيمًا} [النساء: 31] وَقَالَ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ} [هود: 114] فَطَرَفَا النَّهَارِ: الْفَجْرُ وَالظُّهْرُ وَالْعَصْرُ، {وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ} [هود: 114] : الْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ، {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود: 114] وَهُنَّ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ الحديث: 82 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 147 83 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، أَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، ثنا حَمَّادٌ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ تَحْتَ شَجَرَةٍ، فَأَخَذَ غُصْنًا مِنْ أَغْصَانِهَا يَابِسًا، فَهَزَّهُ حَتَّى تَحَاتَّ وَرَقُهُ ثُمَّ قَالَ: أَلَا تَسْأَلُنِي لِمَ أَفْعَلُ هَذَا؟ فَقُلْتُ: وَلِمَ تَفْعَلُهُ؟ فَقَالَ: هَكَذَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كُنْتُ مَعَهُ تَحْتَ شَجَرَةٍ فَأَخَذَ غُصْنًا مِنْ أَغْصَانِهَا يَابِسًا فَهَزَّهُ حَتَّى تَحَاتَّ وَرَقُهُ، ثُمَّ قَالَ: «أَلَا تَسْأَلُنِي لِمَ أَفْعَلُ هَذَا؟» قُلْتُ: وَلِمَ تَفْعَلُهُ؟ قَالَ: «إِنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوضُوءَ، ثُمَّ صَلَّى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ، تَحَاتَّ خَطَايَاهُ كَمَا تَحَاتُّ هَذَا الْوَرَقُ» ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود: 114] " الحديث: 83 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 150 التَّمْثِيلُ بِالْغَائِصِ فِي النَّهَرِ خَمْسَ مَرَّاتٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 151 84 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، ثنا عَمِّي، ثنا ابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَمِّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي صَالِحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ، أَنَّ عَامِرَ بْنَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، أَخْبَرَهُ، أَنَّهُ، سَمِعَ أَبَانَ بْنَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، يَقُولُ: قَالَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ بِفِنَاءِ أَحَدِكُمْ نَهَرٌ يَجْرِي يَغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مِرَارٍ، مَاذَا كَانَ مُبْقِيًا مِنْ دَرَنِهِ؟» قَالُوا: لَا شَيْءَ، قَالَ: «فَإِنَّ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ يُذْهِبْنَ بِالذِّنُوبِ كَمَا يُذْهِبُ الْمَاءُ الدَّرَنَ» . 85 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُسْنَدِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى [ص: 152] ، قَالَا: ثنا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ الحديث: 84 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 151 86 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي أَيُّوبَ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قُرَيْطٍ، أَنَّ عَطَاءَ بْنَ يَسَارٍ، حَدَّثَهُ، أَنَّهُ، سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ كَفَّارَةٌ مَا بَيْنَهَا» الحديث: 86 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 152 وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا كَانَ لَهُ مُعْتَمَلٌ بَيْنَ مُعْتَمَلِهِ وَمَنْزِلِهِ خَمْسَةُ أَنْهَارٍ، فَإِذَا انْطَلَقَ إِلَى مُعْتَمَلِهِ عَمِلَ مَا شَاءَ اللَّهُ فَأَصَابَهُ الْوَسَخُ أَوِ الْعَرَقُ، فَكُلَّمَا مَرَّ بِنَهَرٍ اغْتَسَلَ، مَا كَانَ ذَلِكَ مُبْقِيًا مِنْ دَرَنِهِ، فَكَذَلِكَ الصَّلَاةُ كُلَّمَا عَمِلَ خَطِيئَةً أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ صَلَّى صَلَاةً فَدَعَا وَاسْتَغْفَرَ غُفِرَ لَهُ مَا كَانَ قَبْلَهَا» الجزء: 1 ¦ الصفحة: 152 87 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، وَيَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، قَالَا: ثنا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ كَمَثَلِ رَجُلٍ عَلَى بَابِهِ نَهَرٌ جَارٍ يَغْتَسِلُ فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ» زَادَ أَبُو مُعَاوِيَةَ قَالَ: فَقَالَ الْحَسَنُ: «فَمَاذَا يُبْقِي ذَلِكَ مِنْ دَرَنِهِ؟» 88 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا مُسَدَّدٌ، ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَ حَدِيثِ إِسْحَاقَ. 89 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا مُسَدَّدٌ، ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِهِ، لَمْ يَذْكُرِ الْخَمْسَ الحديث: 87 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 153 90 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ، ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ [ص: 154] اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ كَمَثَلِ نَهَرٍ جَارٍ عَلَى بَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ» الحديث: 90 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 153 91 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْفِرْيَابِيُّ، ثنا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ كَمَثَلِ نَهَرٍ جَارٍ عَلَى بَابِكَ تَغْتَسِلُ فِيهِ فِي الْيَوْمِ خَمْسَ مَرَّاتٍ، فَمَاذَا تُبْقِينَ مِنَ الدَّرَنِ؟» الحديث: 91 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 154 92 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْحَكَمِ، ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «أَرَأَيْتُمْ لَوْ كَانَ بِبَابِ أَحَدِكُمْ نَهَرٌ يَغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ، مَاذَا تَقُولُونَ ذَاكَ يُبْقِي مِنْ دَرَنِهِ؟» قَالُوا: لَا يُبْقِي مِنْ دَرَنِهِ شَيْئًا، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَذَلِكَ مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ يَمْحُو اللَّهُ بِهِنَّ الْخَطَايَا» الحديث: 92 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 154 93 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، ثنا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ كَمَثَلِ نَهَرٍ جَارٍ عَلَى بَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ، فَمَاذَا يُبْقِينَ مِنْ دَرَنِهِ؟» الحديث: 93 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 155 94 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ عِمْرَانَ، عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ كَنَهَرٍ جَارٍ عَلَى بَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مِرَارٍ، فَمَاذَا يُبْقِي ذَاكَ مِنْ دَرَنِهِ؟» الحديث: 94 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 155 95 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا سُوَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الدِّمَشْقِيُّ، ثنا أَبُو نُصَيْرَةَ الْوَاسِطِيُّ، قَالَ سَمِعْتُ أَبَا رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيَّ، يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، أَنَّ أَعْرَابِيًّا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: بَلَغَنِي أَنَّكَ تَقُولُ [ص: 156] : «الْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ، وَالصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ كَفَّارَاتٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ لِمَنِ اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ» ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نَعَمْ» الحديث: 95 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 155 96 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عِيسَى، أَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، أَنَا سَعِيدٌ الْجُرَيْرِيُّ، ثنا أَبُو عُثْمَانَ، عَنْ سَلْمَانَ، قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّ الْحَسَنَاتِ الَّتِي يَمْحُو اللَّهُ بِهَا السَّيِّئَاتِ كَمَا يَغْسِلُ الْمَاءُ الدَّرَنَ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ» الحديث: 96 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 156 97 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، ثنا عَتَّابُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ هُرْمُزَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: " {وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ} [مريم: 76] قَالَ: هُنَّ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَقَوْلُهُ: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود: 114] قَالَ: هُنَّ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ " الحديث: 97 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 156 98 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنَا الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ " الْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ الحديث: 98 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 157 99 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، قَالَ: كَانَ لِي أَخٌ يُقَالُ لَهُ أَبُو عَزْرَةَ، فَكَانَ يَذْكُرُ سَلْمَانَ فَكَانَ يَرَى مِنْ حِرْصِي عَلَى لُقِّيهِ، فَقَالَ لِي يَوْمًا: هَلْ لَكَ فِي صَدِيقِكَ سَلْمَانَ قَدْ قَدِمَ الْقَادِسِيَّةَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، فَرَكِبْنَا إِلَيْهِ فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ، فَقَالَ: إِنَّ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ كَفَّارَاتٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ مَا اجْتُنِبَ بِهِ الْقَتْلُ، ثُمَّ قَالَ: يُصْبِحُ النَّاسُ فَيُصَلُّونَ صَلَاةَ الْفَجْرِ، ثُمَّ يَجْتَرِحُونَ مَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الظُّهْرِ، فَيَتَوَضَّأُ الرَّجُلُ فَيُكَفِّرُ الْوضُوءُ الْجِرَاحَاتِ الصِّغَارَ، ثُمَّ يَمْشِي إِلَى [ص: 158] الصَّلَاةِ فَيُكَفِّرُ أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ، ثُمَّ يُصَلِّي فَيُكَفِّرُ أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ، ثُمَّ يَجْتَرِحُونَ مَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْعَصْرِ، فَيَتَوَضَّأُ الرَّجُلُ فَيُكَفِّرُ الْوضُوءُ الْجِرَاحَاتِ الصِّغَارَ، ثُمَّ يَمْشِي إِلَى الصَّلَاةِ، فَيُكَفِّرُ الْمَشْيُ أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ، ثُمَّ يُصَلِّي فَيُكَفِّرُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، ثُمَّ يَجْتَرِحُونَ مَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ، فَيَتَوَضَّأُ الرَّجُلُ فَيُكَفِّرُ الْوضُوءُ الْجِرَاحَاتِ الصِّغَارَ، ثُمَّ يَمْشِي إِلَى الصَّلَاةِ، فَيُكَفِّرُ أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ، ثُمَّ يُصَلِّي فَتُكَفِّرُ الصَّلَاةُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، ثُمَّ يَجْتَرِحُونَ مَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ فَيَتَوَضَّأُ الرَّجُلُ فَيُكَفِّرُ الْوضُوءُ الْجِرَاحَاتِ الصِّغَارَ، ثُمَّ يَمْشِي إِلَى الصَّلَاةِ فَيُكَفِّرُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، ثُمَّ يُصَلِّي فَيُكَفِّرُ الصَّلَاةُ أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ، ثُمَّ يَنْزِلُ النَّاسُ ثَلَاثَةَ مَنَازِلَ: لَهُ وَلَا عَلَيْهِ، وَعَلَيْهِ وَلَا لَهُ، وَلَا عَلَيْهِ وَلَا لَهُ، قُلْتُ: وَمَا لَهُ وَلَا عَلَيْهِ، وَعَلَيْهِ وَلَا لَهُ، وَلَا عَلَيْهِ وَلَا لَهُ، فَنَظَرَ إِلَيَّ وَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي، يَغْتَنِمُ الرَّجُلُ ظُلْمَةَ اللَّيْلِ وَغَفْلَةَ النَّاسِ عَنْهُ، فَيَقُومُ فَيُصَلِّي، فَذَاكَ لَهُ وَلَا عَلَيْهِ، وَيَغْتَنِمُ الرَّجُلُ ظُلْمَةَ اللَّيْلِ وَغَفْلَةَ النَّاسِ عَنْهُ فَيَسْعَى فِي مَعَاصِي اللَّهِ فَذَاكَ عَلَيْهِ وَلَا لَهُ، قَالَ: وَيَنَامُ الرَّجُلُ حَتَّى يُصْبِحَ فَذَاكَ لَا لَهُ وَلَا عَلَيْهِ " الحديث: 99 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 157 100 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عِيسَى، أَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، أَنَا أَبُو مَعْشَرٍ الْمَدَنِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي [ص: 159] عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَارِيَةَ، مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، عَنْ حُمْرَانَ، مَوْلَى عُثْمَانَ قَالَ: مَرَّتْ عَلَى عُثْمَانَ فَخَّارَةٌ فِيهَا مَاءٌ فَدَعَا بِهِ فَتَوَضَّأَ فَأَسْبَغَ وضُوءَهُ، ثُمَّ قَالَ: لَوْ لَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا مَا حَدَّثْتُكُمْ بِهِ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَا تَوَضَّأَ عَبْدٌ فَأَسْبَغَ الْوضُوءَ ثُمَّ قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ إِلَّا غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّلَاةِ الْأُخْرَى» قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ: وَكُنْتُ إِذَا سَمِعْتُ الْحَدِيثَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْتَمَسْتُهُ فِي الْقُرْآنِ فَالْتَمَسْتُ هَذَا فَوَجَدْتُهُ {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا} [الفتح: 2] فَقُلْتُ: إِنَّ اللَّهَ لَمْ يُتِمَّ النِّعْمَةَ عَلَيْهِ حَتَّى غَفَرَ لَهُ ذُنُوبَهُ، ثُمَّ قَرَأْتُ هَذِهِ الْآيَةَ {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة: 6] حَتَّى بَلَغَ {وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَليُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ} [المائدة: 6] فَعَرَفْتُ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يُتِمَّ النِّعْمَةَ عَلَيْهِمْ حَتَّى غَفَرَ لَهُمْ " الحديث: 100 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 158 كُلُّ خُطْوَةٍ إِلَى الصَّلَاةِ حَسَنَةٌ وَكَفَّارَةٌ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَجَعَلَ اللَّهُ كُلَّ خُطْوَةٍ إِلَيْهَا حَسَنَةً وَكَفَّارَةً وَطَهَارَةً لِلذُّنُوبِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 160 101 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ، ثنا شَبَابَةُ، ثنا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ الْعَلَاءِ بْنِ جَارِيَةَ الثَّقَفِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مِنْ حِينِ يَخْرُجُ أَحَدُكُمْ مِنْ بَيْتِهِ إِلَى الْمَسْجِدِ فَرِجْلٌ تَكْتُبُ حَسَنَةً، وَالْأُخْرَى تَمْحُو سَيِّئَةً» الحديث: 101 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 160 102 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَنَا مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبَّادُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانُ، مَوْلَى جُوَيْرِيَةَ بِنْتِ الْأَخْنَسِ الْغَطَفَانِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا خَرَجَ الْمُسْلِمُ إِلَى الْمَسْجِدِ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ خَطَاهَا حَسَنَةً، وَمَحَا عَنْهُ بِهَا سَيِّئَةً، حَتَّى يَأْتِيَ مَقَامَهُ» الحديث: 102 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 160 103 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِذَا تَوَضَّأَ الرَّجُلُ فَأَحْسَنَ الْوضُوءَ، ثُمَّ أَتَى الْمَسْجِدَ لَا يُرِيدُ إِلَّا الصَّلَاةَ، لَمْ يَخْطُ خُطْوَةً إِلَّا رُفِعَ بِهَا دَرَجَةً، وَحُطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةٌ، وَالْمَلَائِكَةُ تُصَلِّي عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ الَّذِي صَلَّى عَلَيْهِ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ، مَا لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ، مَا لَمْ يُؤْذِ فِيهِ "، وَقَالَ: «أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ مَا كَانَتِ الصَّلَاةُ تَحْبِسُهُ» الحديث: 103 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 161 104 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا أَيُّوبُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ [ص: 162] بِلَالٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي أُسَيْدٍ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوضُوءَ، ثُمَّ غَدَا إِلَى صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ يَخْطُوهَا بِيَمِينِهِ حَسَنَةً، وَكَفَّرَ عَنْهُ بِالْأُخْرَى سَيِّئَةً، حَتَّى إِذَا انْتَهَى إِلَى الْمَسْجِدِ كَانَتْ صَلَاتُهُ نَافِلَةً» الحديث: 104 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 161 105 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا طَالِبُ بْنُ حَبِيبٍ الْمَدَنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جَابِرٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا مِنْ عَبْدٍ يَخْطُو إِلَى الْمَسْجِدِ خُطْوَةً إِلَّا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِهَا أَجْرًا» الحديث: 105 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 162 106 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ مَعْبَدِ بْنِ هُرْمُزَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: حَضَرَ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ الْمَوْتُ فَقَالَ: إِنِّي مُحَدِّثُكُمُ الْيَوْمَ حَدِيثًا، وَمَا أُحَدِّثُكُمُوهُ إِلَّا احْتِسَابًا، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ تَوَضَّأَ فِي بَيْتِهِ فَأَحْسَنَ الْوضُوءَ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ فَلَنْ يَرْفَعَ رِجْلَهُ الْيُمْنَى إِلَّا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِهَا حَسَنَةً، وَلَمْ يَضَعْ رِجْلَهُ الشِّمَالَ إِلَّا حَطَّ اللَّهُ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةً، فَإِذَا صَلَّى بِصَلَاةِ [ص: 163] الْإِمَامِ انْصَرَفَ وَقَدْ غُفِرَ لَهُ، فَإِنْ هُوَ أَدْرَكَ بَعْضًا وَفَاتَهُ بَعْضٌ كَانَ كَذَلِكَ، وَإِنْ هُوَ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ وَقَدْ صُلِّيَتْ فَأَتَمَّ صَلَاتَهُ رُكُوعَهَا وَسُجُودَهَا، كَانَ كَذَلِكَ» الحديث: 106 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 162 كَرَاهِيَةُ النَّوْمِ قَبْلَ الْعِشَاءِ وَالْحَدِيثِ بَعْدَهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 163 107 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ، ثنا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ عَوْفٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَيَّارُ بْنُ سَلَامَةَ أَبُو الْمِنْهَالِ، قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ فَقَالَ لَهُ أَبِي: حَدِّثْنَا كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الْمَكْتُوبَةَ، قَالَ: «كَانَ يَسْتَحِبُّ أَنْ يُؤَخِّرَ مِنَ الْعِشَاءِ الَّتِي يَدْعُونَهَا [ص: 164] الْعَتَمَةَ، وَكَانَ يَكْرَهُ النَّوْمَ قَبْلَهَا، وَالْحَدِيثَ بَعْدَهَا» الحديث: 107 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 163 108 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ خَالِدٍ، ح وَثَنًا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنَا الثَّقَفِيُّ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي الْمِنْهَالِ سَيَّارِ بْنِ سَلَامَةَ، عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَكْرَهُ النَّوْمَ قَبْلَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ، وَلَا يُحِبُّ الْحَدِيثَ بَعْدَهَا» الحديث: 108 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 164 109 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنَا جَرِيرٌ، ثنا مَنْصُورٌ، عَنْ خَيْثَمَةَ، عَنْ رَجُلٍ، مِنْ قَوْمِهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لَا سَمَرَ بَعْدَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ، إِلَّا لِأَحَدِ رَجُلَيْنِ: مُصَلٍّ وَمُسَافِرٍ " الحديث: 109 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 165 110 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ خَيْثَمَةَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ [ص: 166] رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا سَمَرَ بَعْدَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ إِلَّا لِأَحَدِ رَجُلَيْنِ: مُصَلٍّ أَوْ مُسَافِرٍ " الحديث: 110 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 165 111 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ عَوْفٍ، عَنْ سَيَّارِ بْنِ سَلَامَةَ، عَنْ أَبِي بَرْزَةَ، قَالَ: " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكْرَهُ النَّوْمَ قَبْلَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ، وَالسَّمَرَ بَعْدَهَا. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: فَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: إِنَّمَا نَهَى عَنِ السَّمَرِ بَعْدَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ لِأَنَّ مُصَلِّي الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ قَدْ كُفِّرَتْ عَنْهُ ذُنُوبُهُ لِصَلَاتِهِ، فَنُهِيَ أَنْ يَسْمُرَ فِي الْحَدِيثِ مَعَ النَّاسِ خَوْفًا أَنْ يَكُونَ لَهُ فِي كَلَامِهِ مَا يُدَنِّسُ نَفْسَهُ بِالذَّنْبِ بَعْدَ طَهَارَةٍ، لِأَنْ يَنَامَ [ص: 167] بِطَهَارَتِهِ الحديث: 111 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 166 112 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنَا جَرِيرٌ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ، قَالَ: أُرَاهُ عَنْ عُثْمَانَ، قَالَ: " جُعِلَتِ الصَّلَوَاتُ كَفَّارَاتٍ، يُصَلِّي الرَّجُلُ الْفَجْرَ ثُمَّ يُحْرِقُ نَفْسَهُ إِحْرَاقَ النَّارِ الْيَبَسَ، فَإِذَا صَلَّى الظُّهْرَ أَطْفَأَهَا، فَعَدَّ الصَّلَوَاتِ عَلَى هَذَا حَتَّى بَلَغَ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ، قَالَ: فَكَانُوا يَكْرَهُونَ السَّمَرَ بَعْدَهَا، وَيُحِبُّونَ أَنْ يَنَامَ الرَّجُلُ وَهُوَ سَالِمٌ " الحديث: 112 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 167 113 - حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى أَبُو الْعَبَّاسِ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ سَمِعْتُ سُفْيَانَ، يَقُولُ: " تَكَلَّمْتُ بِشَيْءٍ بَعْدَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ فَقُلْتُ: مَا يَنْبَغِي لِي أَنْ أَنَامَ عَلَى هَذَا، فَقُمْتُ فَتَوَضَّأْتُ وَصَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ وَاسْتَغْفَرْتُ وَمَا قُلْتُ هَذَا لِأُزَكِّي نَفْسِي، وَلَكِنْ لَيَعْمَلَ بِهِ بَعْضُكُمْ " الحديث: 113 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 167 114 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، ثنا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ، قَالَ: كَانَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ «يُصَلِّي بَعْدَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، فَأُكَلِّمُهُ وَأَنَا مَعَهُ فِي الْبَيْتِ فَمَا يُرَاجِعُنِي الْكَلَامَ» الحديث: 114 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 167 115 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَالَ: ثنا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنِ [ص: 168] الْأَعْمَشِ، عَنْ خَيْثَمَةَ، قَالَ: «كَانُوا يُحِبُّونَ إِذَا أَوْتَرَ الرَّجُلُ أَنْ يَنَامَ» الحديث: 115 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 167 116 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، ثنا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ كَانَ إِذَا صَلَّى الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ أَمَرَ بِحَوَائِجِ النَّاسِ، أَوْ قَالَ الْمُسْلِمِينَ، فَإِذَا أَوْتَرَ كَفَّ ". قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَجَعَلَ اللَّهُ الْفَرَائِضَ كُلَّهَا لَازِمَةً فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ مِنَ الزَّمَانِ، وَسَاقِطَةً فِي بَعْضِهَا كَالصِّيَامِ الْمُفْتَرَضِ شَهْرًا مِنَ السَّنَةِ، وَعَلَى مَنْ مَلَكَ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، وَالْحَجُّ عَلَى مَنْ وَجَدَ السَّبِيلَ إِلَيْهِ فِي الْعُمُرِ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَكَذَلِكَ جَمِيعُ الْفَرَائِضِ، رَفَعَ فَرْضَ وجُوبِهَا فِي حَالٍ، وَلَمْ يُوجِبْ فَرْضَهُ فِي كُلِّ حَالٍ إِلَّا الصَّلَاةَ وَحْدَهَا، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَلْزَمَ عِبَادَهُ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، وَإِنَّمَا مَنَعَ الْحَائِضَ مِنَ الصَّلَاةِ تَعْظِيمًا لِقَدْرِ الصَّلَاةِ، لَا تَقْرَبُهَا إِلَّا هِيَ طَاهِرَةٌ مِنَ الْحَيْضِ، إِلَّا أَنَّهُ خَفَّفَ شَطْرَهَا عَنِ الْمُسَافِرِ رَحْمَةً لَهُ لِمَا عُلِمَ مِنْ تَعَبِ السَّفَرِ وَشِدَّتِهِ، وَأَلْزَمَهُ عَلَى [ص: 169] كُلِّ حَالٍ فَرْضَ الشَّطْرِ الْبَاقِي، فَلَمْ يَزَلْ فَرْضُهَا إِذَا حَضَرَ وَقْتُهَا فِي حَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ إِلَّا فِي الْحَالِ الَّتِي تَزُولُ فِيهَا الْعُقُولُ، وَالزَّائِلُ الْعَقْلِ كَالْمَيِّتِ الَّذِي لَا يَلْزَمُهُ وجُوبُ فَرْضِ اللَّهِ فِي بَدَنِهِ مِنَ الْفَرَائِضِ كُلِّهَا، وَجَعَلَهَا وَاجِبَةً فِي كُلِّ شَدِيدَةٍ وَسَقَمٍ أَنْ يُؤَدِّيَهَا الْعَاقِلُ الْبَالِغُ قَائِمًا إِنِ اسْتَطَاعَ، وَجَالِسًا إِنْ لَمْ يَسْتَطِعِ الْقِيَامَ، وَمُضْطَجِعًا إِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْقُعُودِ، وَمُؤْمِيًا إِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، حَتَّى أَوْجَبَ فَرَضَهَا عِنْدَ الْمُخَاطَرَةِ بِتَلَفِ النُّفُوسِ عِنْدَ الْخَوْفِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، وَلَمْ يَرْفَعْهَا اللَّهُ عَنْ عِبَادِهِ فِي حَالٍ أَمْنٍ وَلَا خَوْفٍ، وَلَا صِحَّةٍ وَلَا سَقَمٍ، فَاعْقِلُوا مَا عَظَّمَ اللَّهُ قَدْرَهَا لِشِدَّةِ إِيجَابِهِ إِيَّاهَا، وَإِلْزَامِهَا عِبَادَهُ فِي كُلِّ الْأَحْوَالِ لِتُعَظِّمُوهَا إِذْ عَظَّمَهَا اللَّهُ، وَتَجْزَعُوا أَنْ تُضَيِّعُوهَا وَتُنْقِصُوهَا، وَلِتُؤَدُّوهَا بِإِحْضَارِ الْعُقُولِ، وَخُشُوعِ الْأَطْرَافِ، ثُمَّ لَمْ يُرَخِّصْ لِأَحَدٍ إِنْ غُلِبَ بِنَوْمٍ أَوْ نِسْيَانٍ أَنْ يَدَعَ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا، كَمَا افْتُرِضَتْ عَلَيْهِ لَوْ لَمْ يُغْلَبْ عَلَيْهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاتِهِ فَلْيُصَلِّهَا إِذَا انْتَبَهَ لَهَا، وَمَنْ نَسِيَ صَلَاةً فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا» ثُمَّ جَعَلَ جَمِيعَ الطَّاعَاتِ مِنَ الْفَرْضِ وَالتَّنَفُّلِ مُتَقَبَّلَةً بِغَيْرِ طَهَارَةٍ وَلَا يَنْقُضُهَا الْأَحْدَاثُ، وَلَا يُفْسِدُهَا إِلَّا الصَّلَاةَ وَحْدَهَا [ص: 170] لِإِيجَابِ حَقِّهَا، وَإِعْظَامِ قَدْرِهَا، إِلَّا الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ، فَإِنَّ السُّنَّةَ أَنْ يُؤْتَى عَلَى طَهَارَةٍ، لِأَنَّهُ صَلَاةٌ الحديث: 116 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 168 مِنْ أَرْفَعَيَّةِ الصَّلَاةِ اشْتِرَاطُ النَّظَافَةِ وَمِنِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّهَا أَرْفَعُ الْأَعْمَالِ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَوْجَبَ أَنْ لَا تُؤْتَى إِلَّا بِطَهَارَةِ الْأَطْرَافِ، وَنَظَافَةِ الْجَسَدِ كُلِّهِ وَاللِّبَاسِ مِنْ جَمِيعِ الْأَقْذَارِ، ونَظَافَةِ الْبِقَاعِ الَّتِي يُصَلَّى عَلَيْهَا، ثُمَّ زَادَ تَعْظِيمًا أَنَّهُ أَمَرَهُمْ إِذَا عَدِمُوا الْمَاءَ عِنْدَ حُضُورِ وَقْتِ الصَّلَاةِ أَنْ يَضْرِبُوا بِأَيْدِيهِمْ عَلَى الصَّعِيدِ فَيَمْسَحُوا مَكَارِمَ وُجُوهِهِمْ بِالتُّرَابِ، إِعْظَامًا لِقَدْرِهَا أَنْ لَا تُؤَدَّى إِلَّا بِطَهَارَةٍ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي مَنْ لَمْ يَجِدْ مَاءً وَلَا صَعِيدًا، فَقَالَتْ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ: يُصَلِّي حَتَّى يَجِدَ الْمَاءَ أَوِ الصَّعِيدَ، ثُمَّ يَتَطَهَّرَ بِأَيِّهِمَا وَجَدَ، ثُمَّ يَقْضِي مَا تَرَكَ مِنَ الصَّلَوَاتِ فِي حَالِ عَدَمِهِ لِلْمَاءِ وَالتُّرَابِ. وَقَالَتْ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ: بَلْ عَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَهَا لَا مَحَالَةَ إِذَا حَضَرَ وَقْتُهَا وَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَاءً وَلَا صَعِيدًا، وَلَا يَحِلُّ لَهُ تَأْخِيرُهَا حَتَّى يَذْهَبَ وَقْتُهَا، لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَوْجَبَ إِقَامَةَ الصَّلَاةِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِهِ، وَلَمْ يَشْرُطِ الطَّهَارَةَ وَإِنَّمَا أَمَرَ بِالطَّهَارَةِ عِنْدَ الْوُجُودِ، فَإِذَا لَمْ يَجِدْ مَا يَتَطَهَّرُ بِهِ فَعَلَيْهِ إِقَامَتُهَا حَتَّى يَجِدَ الطُّهُورَ، كَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ لَا يُصَلِّيَ حَتَّى يَسْتُرَ عَوْرَتَهُ إِذَا كَانَ وَاجِدًا لِمَا يَسْتُرُ بِهِ عَوْرَتَهُ، فَإِذَا لَمْ يَجِدْ صَلَّى عُرْيَانًا، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُؤَخِّرَ الصَّلَاةَ إِلَى أَنْ يَجِدَ ثَوْبًا يَسْتُرُ بِهِ عَوْرَتَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 170 ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: عَلَيْهِ إِذَا عَدِمَ الْمَاءَ وَالتُّرَابَ ثُمَّ وَجَدَ أَحَدَهُمَا تَطْهُرٌ بِأَيِّهِمَا وَجَدَ، وَأَعَادَ مَا قَدْ صَلَّى احْتِيَاطًا، وَأَخْذًا بِالثِّقَةِ، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ إِنَّ الْفَرْضَ عَنْهُ سَاقِطٌ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ فِي حَالِ عَدَمِ الْمَاءِ وَالتُّرَابِ، وَلَا بَعْدَ وُجُودِهِمَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 171 وَمِنْ أَرْفَعِيَّتِهَا وجُوبُ إِقَامَتُهَا بِجَمِيعِ الْجَوَارِحِ وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى عِظَمِ قَدْرِهَا وَفَضْلِهَا عَلَى سَائِرِ الْأَعْمَالِ أَنَّ كُلَّ فَرِيضَةٍ افْتَرَضَهَا اللَّهُ فَإِنَّمَا افْتَرَضَهَا عَلَى بَعْضِ الْجَوَارِحِ دُونَ بَعْضٍ، ثُمَّ لَمْ يَأْمُرْ بِإِشْغَالِ الْقَلْبِ بِهِ إِلَّا الصَّلَاةَ فَإِنَّهُ أَمَرَ أَنْ يُقَامَ بِجَمِيعِ الْجَوَارِحِ كُلِّهَا، وَذَلِكَ أَنْ يَنْتَصِبَهُ الْعَبْدُ بِبَدَنِهِ كُلِّهِ، وَيَشْغَلَ قَلْبَهُ بِهَا لِيَعْلَمَ مَا يَتْلُو وَمَا يَقُولُ فِيهَا، وَلَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ مِنَ الْفَرَائِضِ، لَمْ يَمْنَعْ أَنْ يَشْتَغِلَ الْعَبْدُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْفَرَائِضِ بِعَمَلٍ سِوَاهُ إِلَّا الصَّلَاةَ وَحْدَهَا، فَإِنَّ الصَّائِمَ لَهُ أَنْ يَلْتَفِتَ وَيَنَامَ وَيَتَكَلَّمَ بِغَيْرِ ذِكْرِ الصَّوْمِ، وَيَعْمَلُ بِجَوَارِحِهِ وَيَشْغَلُهَا فِيمَا أَحَبَّ مِنْ مَنَافِعِ الدُّنْيَا وَلَذَّاتِهَا مِمَّا أُحِلَّ لَهُ، وَالْمُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ أَنْ يَلْتَفِتَ وَيَتَكَلَّمَ، وَالْحَاجُّ فِي قَضَاءِ مَنَاسِكِهِ قَدْ أُبِيحَ لَهُ أَنْ يَتَكَلَّمَ كَذَلِكَ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ، وَيَنَامَ وَيَشْتَغِلَ بِمَا أَحَبَّ مِنْ مَنَافِعِ الدُّنْيَا الْمُبَاحَةِ لَهُ، وَلَهُ أَنْ يَتَكَلَّمَ فِي الطَّوَافِ، وَكَذَلِكَ إِعْطَاءُ الزَّكَاةِ، وَجَمِيعُ الطَّاعَاتِ، لَهُ أَنْ يَعْمَلَ فِيهَا وَيَتَفَكَّرَ فِي غَيْرِهَا، وَمُنِعَ الْمُصَلِّي مِنَ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 171 ، وَجَمِيعِ أَعْمَالِ الدُّنْيَا مِنَ الِالْتِفَاتِ، وَالْأَفْعَالِ بِالْجَوَارِحِ إِلَّا بِالصَّلَاةِ وَحْدَهَا، وَمِنَ التَّفَكُّرِ إِلَّا فِيمَا يَتْلُو وَيَقُولُ، إِلَّا أَنَّ الْعَمَلَ فِي الصَّلَاةِ بِغَيْرِهَا مُخْتَلِفٌ فِي الضَّرَرِ فِي الدِّينِ، فَمِنْهُ مَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ، وَمِنْهُ مَا يَلْزَمُ بِهِ سُجُودُ السَّهْوِ، وَمِنْهُ مَا يَكُونُ مَنْقُوصًا مِنَ الثَّوَابِ عَلَى صَلَاتِهِ، إِلَّا أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ مُجْتَمِعُونَ عَلَى أَنَّهُ إِذَا شَغَلَ جَارِحَةً مِنْ جَوَارِحِهِ بِعَمَلٍ مِنْ غَيْرِ عَمَلِ الصَّلَاةِ، أَوْ بِفِكْرٍ، وَشَغَلَ قَلْبَهُ بِالنَّظَرِ فِي غَيْرِ أَمْرِ الصَّلَاةِ، أَنَّهُ مَنْقُوصٌ مِنْ ثَوَابِ مَنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ تَارِكًا جُزْءًا مِنْ تَمَامِ صَلَاتِهِ وَكَمَالِهَا، فَالْمُصَلِّي كَأَنَّهُ لَيْسَ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي شَيْءٍ مِنْهَا، إِذَا كَانَ بِجَمِيعِ قَلْبِهِ وَجَمِيعِ بَدَنِهِ فِي الصَّلَاةِ، فَكَأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْأَرْضِ، إِلَّا أَنَّ ثُقْلَ بَدَنِهِ عَلَيْهَا، وَذَلِكَ أَنَّهُ يُنَاجِي الْمَلِكَ الْأَكْبَرَ، فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَخْلِطَ مُنَاجَاةَ الْإِلَهِ الْعَظِيمِ بِغَيْرِهَا، وَكَيْفَ يَفْعَلُ ذَلِكَ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَخْبَرَ أَنَّ اللَّهَ مُقْبِلٌ عَلَيْهِ بِوَجْهِهِ، فَكَيْفَ يَجُوزُ لِمَنْ صَدَّقَ بِأَنَّ اللَّهَ مُقْبِلٌ عَلَيْهِ بِوَجْهِهِ أَنْ يَلْتَفِتَ أَوْ يَغِيبَ أَوْ يَتَفَكَّرَ أَوْ يَتَحَرَّكَ بِغَيْرِ مَا يُحِبُّ الْمُقْبِلُ عَلَيْهِ بِوَجْهِهِ، لِأَنَّ اشْتِغَالَهُ فِي صَلَاتِهِ بِغَيْرِهَا مِنَ الِالْتِفَاتِ أَوِ الْعَبَثِ أَوِ التَّفَكُّرِ فِي شَيْءٍ مِنَ الدُّنْيَا هُوَ إِعْرَاضٌ عَمَّنْ أَقْبَلَ عَلَيْهِ، وَمَا يَقْوَى قَلْبُ عَاقِلٍ لَبِيبٍ أَنْ يُقْبِلَ عَلَيْهِ مِنَ الْخَلْقِ مَنْ لَهُ عِنْدَهُ قَدْرٌ فَيَرَاهُ يُوَلِّي عَنْهُ بِمَعْنًى مِنَ الْمَعَانِي، وَكُلُّ مُقْبِلٍ سِوَى اللَّهِ لَا يَطَّلِعُ عَلَى ضَمِيرِ مَنْ وَلَّى عَنْهُ بِضَمِيرِهِ، وَاللَّهُ تَعَالَى مُقْبِلٌ عَلَى الْمُصَلِّي بِوَجْهِهِ، يَرَى إِعْرَاضَهُ بِضَمِيرِهِ، وَبِكُلِّ جَارِحَةٍ مِنْ جَوَارِحِهِ، سِوَى صَلَاتِهِ الَّتِي أَقْبَلَ عَلَيْهِ بِوَجْهِهِ مِنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 172 أَجْلِهَا، فَكَيْفَ يَجُوزُ لِمُؤْمِنٍ عَاقِلٍ أَنْ يَمَلَّهَا أَوْ يَلْتَفِتَ أَوْ يَتَشَاغَلَ بِغَيْرِ الْإِقْبَالِ عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، إِذْ أَخْبَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ اللَّهَ مُقْبِلٌ عَلَيْهِ بِوَجْهِهِ، فَهَلْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مَنْ فَعَلَهُ إِلَّا قِلَّةَ مُبَالَاةٍ بِالْمُقْبِلِ عَلَيْهِ، أَوْ كَيْفَ يَجُوزُ لِمَنْ عَرَفَ أَنَّ اللَّهَ مُقْبِلٌ عَلَيْهِ وَهُوَ مُنَاجٍ لَهُ أَنْ يُعْرِضَ عَنْهُ بِمَا قَلَّ أَوْ كَثُرَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 173 تَحْذِيرٌ مِنَ الِالْتِفَاتِ فِيهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 173 117 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّي فَلَا يَبْصُقْ قِبَلَ وَجْهِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ قِبَلَ وَجْهِهِ إِذَا صَلَّى» الحديث: 117 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 173 118 - حَدَّثَنَا أَبُو قُدَامَةَ، ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلَا يَتَنَخَّمْ قِبَلَ وَجْهِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ قِبَلَ وَجْهِ أَحَدِكُمْ إِذَا كَانَ فِي الصَّلَاةِ» الحديث: 118 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 174 119 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا كَانَ فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ مُنَاجٍ رَبَّهُ، وَرَبُّهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ» الحديث: 119 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 174 120 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، ثنا هُشَيْمٌ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مِهْرَانَ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاةٍ فَلَا يَبْزُقَنَّ أَمَامَهُ، فَإِنَّهُ مُسْتَقْبِلٌ [ص: 175] رَبَّهُ» الحديث: 120 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 174 121 - حَدَّثَنَا أَبُو قُدَامَةَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، قَالَ: ثنا عِيَاضٌ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَسْتَقْبِلَهُ رَجُلٌ فَيَبْزُقُ فِي وَجْهِهِ؟ إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ فَإِنَّمَا يَسْتَقْبِلُ رَبَّهُ، وَالْمَلَكُ عَنْ يَمِينِهِ، فَلَا يَبْزُقْ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَلَا عَنْ يَمِينِهِ» الحديث: 121 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 175 122 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا الْحَجَّاجُ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، أَنَّ شَبَثَ بْنَ رِبْعِيٍّ، بَزَقَ فِي قِبْلَتِهِ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ، أَوْ قَالَ الرَّجُلُ، فِي صَلَاتِهِ يُقْبِلُ اللَّهُ عَلَيْهِ بِوَجْهِهِ، فَلَا يَبْزُقَنَّ أَحَدُكُمْ فِي قِبْلَتِهِ، وَلَا يَبْزُقَنَّ عَنْ يَمِينِهِ، فَإِنَّ كَاتَبَ الْحَسَنَاتِ عَنْ يَمِينِهِ، وَلَكِنْ لِيَبْزُقْ عَنْ يَسَارِهِ» الحديث: 122 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 176 123 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ، أَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنَ مُجَاهِدٍ أَبِي حَرْزَةَ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ [ص: 177] عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، قَالَ: خَرَجْتُ أَنَا وَأَبِي، نَطْلُبُ الْعِلْمَ حَتَّى أَتَيْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ فِي مَسْجِدِهِ، فَقَالَ: أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَسْجِدِنَا هَذَا وَفِي يَدِهِ عُرْجُونٌ، فَرَأَى فِي قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ نُخَامَةً، فَأَقْبَلَ عَلَيْهَا فَحَكَّهَا بِالْعُرْجُونِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا فَقَالَ: «أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يُعْرِضَ اللَّهُ عَنْهُ؟» فَخَشَعْنَا، ثُمَّ قَالَ: «أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يَعْرِضَ اللَّهُ عَنْهُ؟» قُلْنَا: لَا أَيُّنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَامَ يُصَلِّي فَإِنَّ اللَّهَ قِبَلَ وَجْهِهِ، فَلَا يَبْصُقَنَّ قِبَلَ وَجْهِهِ وَلَا عَنْ يَمِينِهِ» الحديث: 123 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 176 قِصَّةُ زَكَرِيَّا عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِي تَرْكِ الِالْتِفَاتِ فِي الصَّلَاةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 177 124 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، ثنا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، ثنا أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ سَلَّامٍ، عَنْ أَبِي سَلَّامٍ، عَنِ الْحَارِثِ الْأَشْعَرِيِّ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَوْحَى إِلَى يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ أَنْ يَعْمَلَ بِهِنَّ، وَيَأْمُرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَعْمَلُوا بِهِنَّ، فَجَمَعَ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي بَيْتِ [ص: 178] الْمَقْدِسِ حَتَّى امْتَلَأَ الْمَسْجِدُ، فَقَعَدُوا عَلَى الشُّرُفَاتِ ثُمَّ خَطَبَهُمْ فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَيَّ بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ أَعْمَلُ بِهِنَّ، وَآمُرُ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَعْمَلُوا بِهِنَّ، أَوَّلُهُنَّ أَنْ لَا يُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا، فَإِنَّ مَثَلَ مَنْ أَشْرَكَ بِاللَّهِ كَمَثَلِ رَجُلٍ اشْتَرَى عَبْدًا لَهُ مِنْ خَالِصِ مَالِهِ بِذَهَبٍ أَوْ وَرِقٍ ثُمَّ أَسْكَنَهُ دَارَهُ، وَقَالَ: اعْمَلْ وَارْفَعْ إِلَيَّ، فَجَعَلَ الْعَبْدُ يَعْمَلُ وَيَرْفَعُ إِلَى غَيْرِ سَيِّدِهِ، فَأَيُّكُمْ يَرْضَى أَنْ يَكُونَ عَبْدُهُ كَذَلِكَ؟ وَإِنَّ اللَّهَ خَلَقَكُمْ وَرَزَقَكُمْ فَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَإِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَلَا تَلْتَفِتُوا، فَإِنَّ اللَّهَ مُقْبِلٌ بِوَجْهِهِ إِلَى وَجْهِ عَبْدِهِ مَا لَمْ يَلْتَفِتْ " وَذَكَرَ الْحَدِيثَ [ص: 179] 125 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا خَلَفُ بْنُ مُوسَى، ثنا أَبِي، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ سَلَّامٍ، عَنْ جَدِّهِ مَمْطُورٍ، عَنِ الْحَارِثِ الْأَشْعَرِيِّ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ أَمَرَ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا» وَاقْتَصَّ الْحَدِيثَ بِمِثْلِ حَدِيثِ مَعْمَرٍ. 126 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ أَبَانَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، أَنَّ زَيْدًا حَدَّثَهُ، أَنَّ أَبَا سَلَّامٍ حَدَّثَهُ، عَنِ الْحَارِثِ الْأَشْعَرِيِّ، مِثْلَ حَدِيثِ مَعْمَرٍ وَخَلَفٍ الحديث: 124 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 177 127 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا مَعْمَرُ بْنُ يَعْمُرَ اللَّيْثِيُّ، ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَّامٍ، أَنَا زَيْدُ يَعْنِي ابْنَ سَلَّامٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَلَّامٍ، حَدَّثَنِي الْحَارِثُ الْأَشْعَرِيُّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِنَّ اللَّهَ أَمَرَ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ يَعْمَلُ بِهِنَّ وَيَأْمُرُ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَعْمَلُوا بِهِنَّ، فَجَمَعَ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ حَتَّى امْتَلَأَ الْمَسْجِدُ، فَوَعَظَ النَّاسَ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ أَعْمَلُ [ص: 180] بِهِنَّ وَآمُرُكُمْ أَنْ تَعْمَلُوا بِهِنَّ، أُولَاهُنَّ أَنْ لَا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا، فَإِنَّ مَنْ أَشْرَكَ بِاللَّهِ مَثَلُهُ كَمَثَلِ رَجُلٍ اشْتَرَى عَبْدًا مِنْ خَالِصِ مَالِهِ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: هَذِهِ دَارِي وَعَمَلِي، فَاعْمَلْ لِي وَارْفَعْ إِلَيَّ عَمَلَكَ، فَجَعَلَ يَعْمَلُ وَيَرْفَعُ إِلَىغَيْرِهِ، فَأَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ لَهُ عَبْدٌ كَذَلِكِ، يُؤَدِّي عَمَلَهُ إِلَى غَيْرِ سَيِّدِهِ؟ وَإِنَّ اللَّهَ خَلَقَكُمْ وَرَزَقَكُمْ، فَلَا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا، وَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ أَمَرَكُمْ بِالصَّلَاةِ، وَقَالَ: فَإِذَا نَصَبْتُمْ وجُوهَكُمْ فَلَا تَلْتَفِتُوا، فَإِنَّ اللَّهَ مُنْتَصِبٌ بِوَجْهِهِ لِوَجْهِ عَبْدِهِ حَتَّى يُصَلِّيَ لَهُ، وَلَا يَصْرِفُ عَنْهُ وَجْهَهُ حَتَّى يَكُونَ الْعَبْدُ هُوَ الَّذِي يَصْرِفُ " الحديث: 127 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 179 كَلَامُ الرَّبِّ تَعَالَى لِمَنْ يَلْتَفِتُ فِي الصَّلَاةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 180 128 - حَدَّثَنَا أَبُو قُدَامَةَ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ أَبَا إِسْمَاعِيلَ الْخُوزِيَّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا قَامَ فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّمَا هُوَ بَيْنَ عَيْنِي الرَّحْمَنِ، فَإِذَا الْتَفَتَ قَالَ لَهُ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: يَا ابْنَ آدَمَ أَقْبِلْ [ص: 181] إِلَيَّ، فَإِنِ الْتَفَتَ الثَّانِيَةَ قَالَ لَهُ الرَّبُّ: يَا ابْنَ آدَمَ أَقْبِلْ إِلَيَّ، فَإِنِ الْتَفَتَ الثَّالِثَةَ أَوِ الرَّابِعَةَ قَالَ لَهُ الرَّبُّ: يَا ابْنَ آدَمَ لَا حَاجَةَ لِي فِيكَ " 129 - حَدَّثَنَا أَبُو قُدَامَةَ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ، ثنا أَبُو جَعْفَرٍ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، قَالَ: إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا الْتَفَتَ فِي الصَّلَاةِ قَالَ لَهُ الرَّبُّ: يَا ابْنَ آدَمَ أَقْبِلَ إِلَيَّ، فَذَكَرَ بِمِثْلِهِ قَالَ أَبُو قُدَامَةَ: هَذَا الْحَدِيثُ مِثْلُ حَدِيثِ إِبْرَاهِيمَ الْخُوزِيِّ، وَحَدَّثَنَا بِهِمَا جَمِيعًا، فَلَا أَدْرِي وَهِمَ أَوْ سَمِعَ مِنْهُمَا جَمِيعًا، هُوَ لَفْظٌ وَاحِدٌ الحديث: 128 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 180 130 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عِيسَى، أَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، أَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ [ص: 182] ، قَالَ: اعْتَكَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِدِ فِي رَمَضَانَ فَقَالَ: «إِنَّ الْمُصَلِّيَ يُنَاجِي رَبَّهُ، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَا يُنَاجِي بِهِ رَبَّهُ» 131 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، قَالَ: ثنا مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ التَّمَّارِ، عَنِ الْبَيَاضِيِّ، بِهَذَا الْحَدِيثِ الحديث: 130 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 181 132 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، مَوْلَى هُذَيْلٍ قَالَ: جَاوَرْتُ فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ مَعَ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَنِي بَيَاضَةَ، فَبَيْنَمَا نَحْنُ فِي الْمَسْجِدِ وَرَسُولُ اللَّهِ فِي قُبَّةٍ لَهُ، فَأَشَارَ إِلَى مَنْ فِي الْمَسْجِدِ أَنِ اجْتَمِعُوا، فَاجْتَمَعْنَا، فَوَعَظَنَا مَوْعِظَةً لَمْ أَسْمَعْ بِمِثْلِهَا، فَقَالَ: «إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَامَ يُصَلِّي فَإِنَّهُ مُنَاجٍ رَبَّهُ فَلْيَنْظُرْ بِمَ يُنَاجِيهِ» الحديث: 132 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 183 133 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عِيسَى، أَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، أَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ هُبَيْرَةَ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: «الصَّلَاةُ قُرْبَانٌ، إِنَّمَا مَثَلُ الصَّلَاةِ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَرَادَ مِنْ إِمَامٍ حَاجَةً فَأَهْدَى لَهُ هَدِيَّةً، إِذَا قَامَ الرَّجُلُ إِلَى الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ فِي مَقَامٍ عَظِيمٍ، وَاقِفٌ فِيهِ عَلَى اللَّهِ يُنَاجِيهِ وَيَرْضَاهُ، قَائِمًا بَيْنَ يَدَيِ الرَّحْمَنِ، يَسْمَعُ لِقِيلِهِ، وَيَرَى عَمَلَهُ، وَيَعْلَمُ مَا يُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ، فَلْيُقْبِلْ عَلَى اللَّهِ بِقَلْبِهِ وَجَسَدِهِ، ثُمَّ لِيَرْمِ بِبَصَرِهِ قَصْدَ وَجْهِهِ خَاشِعًا، أَوْ لِيَخْفِضْهُ فَهُوَ أَقَلُّ لِسَهْوِهِ، وَلَا يَلْتَفِتْ وَلَا يُحَرِّكْ شَيْئًا بِيَدِهِ وَلَا بِرِجْلَيْهِ، وَلَا شَيْءٍ مِنْ جَوَارِحِهِ حَتَّى يَفْرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ، وَلْيُبْشِرْ مَنْ فَعَلَ هَذَا، وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ» الحديث: 133 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 185 134 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عِيسَى، أَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، ثنا صَفْوَانُ بْنُ عُمَرَ، عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ حَبِيبٍ، أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ [ص: 186] قَالَ: «إِنَّ مِنْ فِقْهِ الْمَرْءِ إِقْبَالَهُ عَلَى حَاجَتِهِ، حَتَّى يُقْبِلَ عَلَى صَلَاتِهِ وَقَلْبُهُ فَارِغٌ» الحديث: 134 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 185 135 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، ثنا عَمِّي، ثنا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ، أَنَّ أَبَا حَازِمٍ، مَوْلَى هُذَيْلٍ حَدَّثَهُ، أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ مِنْ بَنِي بَيَاضَةَ قَالَ: جَاوَرْتُ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُجَاوِرٌ فِيهِ، فَحَدَّثَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ جَاءَهُ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ فِي قُبَّةٍ، عَلَى بَابِهَا قِطْعَةٌ مِنْ حَصِيرٍ، فَكَشَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَصِيرَ ثُمَّ وَعَظَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَغَّبَ وَحَذَّرَ، فَأَبْلَغَ جِدًّا، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ الْمُصَلِّيَ إِذَا صَلَّى فَإِنَّمَا يُنَاجِي رَبَّهُ، فَلْيَنْظُرْ عَبْدٌ بِمَا يُنَاجِي رَبَّهُ» الحديث: 135 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 186 آيَةٌ فِي تَرْكِ الِالْتِفَاتِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 186 136 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنَا جَرِيرٌ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، قَالَ: " كَانُوا يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ فِي الصَّلَاةِ وَيَلْتَفِتُونَ يَمِينًا وَشِمَالًا حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} [المؤمنون: 2] [ص: 187] قَالَ: فَلَمْ يَلْتَفِتُوا يَمِينًا وَلَا شِمَالًا " الحديث: 136 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 186 137 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، أَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، قَالَ: " كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ فِي الصَّلَاةِ نَظَرَ هَكَذَا هَكَذَا، قَالَ ابْنُ عَوْنٍ: يَعْنِي يَمِينًا وَشِمَالًا، حَتَّى نَزَلَتْ {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} [المؤمنون: 2] فَحَنَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأْسَهُ إِلَى صَدْرِهِ " الحديث: 137 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 187 138 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنَا جَرِيرٌ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، " {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238] قَالَ: فَمِنَ الْقُنُوتِ الرُّكُودُ وَالْخُشُوعُ، وَغَضُّ الْبَصَرِ، وَخَفَضُ الْجَنَاحِ مِنْ رَهْبَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، كَانَ إِذَا قَامَ أَحَدُهُمْ يُصَلِّي يَهَابُ الرَّحْمَنَ أَنْ يَشُدَّ بَصَرَهُ إِلَى شَيْءٍ، أَوْ يَلْتَفِتَ، أَوْ يُقَلِّبَ الْحَصَى، أَوْ يَعْبَثَ بِشَيْءٍ، أَوْ يُحَدِّثَ نَفْسَهُ مِنْ شَأْنِ الدُّنْيَا إِلَّا نَاسِيًا، مَا دَامَ فِي صَلَاتِهِ " الحديث: 138 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 188 139 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنَا يَحْيَى بْنُ الضُّرَيْسِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي قَيْسٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ رَجُلٍ، قَدْ سَمَّاهُ، عَنْ عَلِيٍّ، " {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} [المؤمنون: 2] قَالَ: الْخُشُوعُ خُشُوعُ الْقَلْبِ، وَأَنْ [ص: 189] لَا يَلْتَفِتَ يَمِينًا وَلَا شِمَالًا " الحديث: 139 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 188 140 - التَّحْذِيرُ مِنَ السَّهْوِ وَالِالْتِفَاتِ فِيهَا الحديث: 140 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 189 حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنَا الْمُعْتَمِرُ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: «إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلَاةِ فَقُمْ قَانِتًا كَمَا أَمَرَكَ اللَّهُ، وَإِيَّاكَ وَالسَّهْوَ وَالِالْتِفَاتَ، أَنْ يَنْظُرَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَتَنْظُرَ إِلَى غَيْرِهِ، تَسْأَلُ اللَّهَ الْجَنَّةَ، وَتَعَوَّذُ بِهِ مِنَ النَّارِ وَقَلْبُكَ سَاهٍ وَلَا تَدْرِي مَا تَقُولُ بِلِسَانِكَ» الجزء: 1 ¦ الصفحة: 189 141 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنَا مَعْمَرٌ، قَالَ: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ، فِي قَوْلِهِ: " {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} [المؤمنون: 2] قَالَ: هُوَ السُّكُونُ فِي الصَّلَاةِ " الحديث: 141 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 189 142 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، أَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: أَقْبِضُ بِكَفِّي الْيُمْنَى عَلَى عَضُدِي الْيُسْرَى، وَكَفِّي الْيُسْرَى عَلَى عَضُدِي الْيُمْنَى؟ فَكَرِهَهُ وَقَالَ: " إِنَّمَا الصَّلَاةُ خُشُوعٌ، قَالَ اللَّهُ: {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} [المؤمنون: 2] فَقَدْ عَرَفْتُمُ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ وَالتَّكْبِيرَ، وَلَا يَعْرِفُ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ الْخُشُوعَ " الحديث: 142 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 190 قُلْتُ لِعَطَاءٍ: أَيَجْعَلُ الرَّجُلُ يَدَهُ عَلَى أَنْفِهِ أَوْ ثَوْبِهِ؟ قَالَ: لَا، قُلْتُ: مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ يُنَاجِي رَبَّهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَأُحِبُّ أَنْ لَا يُخَمِّرَ فَاهُ، سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: " إِذَا صَلَّيْتَ فَإِنَّكَ تُنَاجِي رَبَّكَ وَرَبُّكَ أَمَامَكَ، فَلَا تَبْزُقَنَّ أَمَامَكَ، وَلَا عَنْ يَمِينِكَ، قُلْتُ لِعَطَاءٍ: فَهَلْ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ الِالْتِفَاتُ؟ قَالَ: لَا، فَقُلْتُ أَنْظُرُ عَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمَالِي؟ قَالَ: لَا، إِلَّا أَنْ تُقِيمَ صَفًّا، وَلَا تَطْمَحْ بِبَصَرِكَ أَمَامَكَ، وَلَا تَطْمَحْ بِهِ هَهُنَا وَهَهُنَا، إِنَّمَا الصَّلَاةُ بِخُشُوعٍ لِلَّهِ، قُلْتُ: وَالِالْتِفَاتُ أَشَدُّ مِنَ النَّظَرِ عَنِ الْيَمِينِ وَالشِّمَالِ؟ فَقَالَ: نَعَمْ يُنْهَى عَنِ الِالْتِفَاتِ فِي الصَّلَاةِ، بَلَغَنَا أَنَّ الرَّبَّ يَقُولُ: إِلَى أَيْنَ تَلْتَفِتُ؟ إِلَيَّ يَا ابْنَ آدَمَ إِنِّي خَيْرٌ لَكَ مِمَّنْ [ص: 191] تَلْتَفِتُ إِلَيْهِ " الجزء: 1 ¦ الصفحة: 190 143 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنَا الثَّقَفِيُّ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، قَالَ: كَانُوا يَقُولُونَ لَا يُجَاوِزُ بَصَرُهُ مُصَلَّاهُ، فَإِنْ كَانَ قَدِ اسْتَعَادَ النَّظَرَ فَلْيُغْمِضْ " الحديث: 143 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 191 144 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ قَارُوا الصَّلَاةَ الحديث: 144 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 191 قَالَ مَنْصُورٌ: وَقَالَ مُجَاهِدٌ: قَالَ: كَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ إِذَا أَقَامَ فِي الصَّلَاةِ كَأَنَّهُ عُودٌ مِنَ الْخُشُوعِ [ص: 192] ، قَالَ مُجَاهِدٌ: وَحُدِّثْتُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ كَذَلِكَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 191 بَيَانُ مَوْضِعِ النَّظَرِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 192 145 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، قَالَ: «كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ أَنْ يَنْظُرَ، الرَّجُلُ فِي صَلَاتِهِ إِلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِ» الحديث: 145 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 192 146 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، قَالَ: سَأَلْتُ مُسْلِمَ بْنَ يَسَارٍ: أَيْنَ مُنْتَهَى النَّظَرِ فِي الصَّلَاةِ؟ قَالَ: مَوْضِعُ السُّجُودِ حَسَنٌ " الحديث: 146 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 192 وِزْرُ نَقْصِ الْوضُوءِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 192 147 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ آدَمَ بْنِ عَلِيٍّ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ، يَقُولُ: " يُدْعَى أُنَاسٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْمَنْقُوصِينَ، قُلْتُ: وَمَا الْمَنْقُوصُونَ؟ قَالَ: الَّذِينَ يُنْقَصُ [ص: 193] أَحَدُهُمْ فِي وَضُوئِهِ وَالْتِفَاتِهِ " الحديث: 147 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 192 148 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: «إِيَّاكَ وَالِالْتِفَاتَ فِي الصَّلَاةِ، اللَّهُ يَنْظُرُ إِلَيْكَ وَتَنْظُرُ إِلَى غَيْرِهِ؟» الحديث: 148 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 193 خَمْسٌ تُنْقِصُ الصَّلَاةَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 193 149 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: " التَّمَطِّي فِي الصَّلَاةِ مِنَ الشَّيْطَانِ الحديث: 149 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 193 قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: " خَمْسٌ يُنْقِصُ مِنَ الصَّلَاةِ: الِالْتِفَاتُ، وَالِاحْتِكَاكُ، وَتَفْقِيعُكَ أَصَابِعَكَ فِيَ الصَّلَاةِ، وَالْوَسْوَسَةُ، وَتَقْلِيبُ الْحَصَى " الجزء: 1 ¦ الصفحة: 193 اللَّعِبُ بِاللِّحْيَةِ فِيهَا تَرْكٌ لِلْخُشُوعِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 194 150 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: رَأَى حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ رَجُلًا يُصَلِّي يَعْبَثُ بِلِحْيَتِهِ فَقَالَ: لَوْ خَشَعَ قَلْبُ هَذَا سَكَنَتْ جَوَارِحُهُ " الحديث: 150 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 194 151 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ رَجُلٍ، قَالَ: رَأَى ابْنُ الْمُسَيِّبِ رَجُلًا يَعْبَثُ بِلِحْيَتِهِ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ: لَوْ خَشَعَ قَلْبُهُ خَشَعَتْ جَوَانِحُهُ. قَالَ إِسْحَاقُ: قِيلَ لِابْنِ عُلَيَّةَ: جَوَارِحُهُ؟ فَقَالَ: لَا الحديث: 151 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 194 ضَرَرُ السَّهْوِ مِنَ الصَّلَاةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 195 152 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ، صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَارِثِ: يَا أَبَا الْيَقْظَانِ، أَرَاكَ قَدْ خَفَّفْتَهُمَا، فَقَالَ: هَلِ انْتَقَصْتُ مِنْ حُدُودِهَا شَيْئًا؟ فَقَالَ: لَا، وَلَكِنَّكَ خَفَّفْتَهُمَا، قَالَ: إِنِّي أُبَادِرُ بِهِمَا السَّهْوَ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ الرَّجُلَ لِيُصَلِّي الصَّلَاةَ مَا يَكُونُ لَهُ مِنْ صَلَاتِهِ إِلَّا عُشْرُهَا، تُسْعُهَا، ثُمُنُهَا، سُبُعُهَا» حَتَّى انْتَهَى إِلَى آخِرِ الْعَدَدِ " الحديث: 152 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 195 153 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ، ثنا ابْنُ عَجْلَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ [ص: 196] عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَنَمَةَ، قَالَ: رَأَيْتُ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ صَلَّى صَلَاةً ثُمَّ جَلَسَ فَاحْتَبَى، فَقُلْتُ: يَا أَبَا الْيَقْظَانِ، أَرَاكَ صَلَّيْتَ صَلَاةً مَا رَأَيْتُكَ صَلَّيْتَ قَبْلَهَا مِثْلَهَا؟ قَالَ: هَلْ رَأَيْتَنِي نَقَصْتُ مِنْ حُدُودِهَا شَيْئًا؟ فَقَالَ: لَا، فَقَالُ: إِنِّي بَادَرْتُ بِهَا سَهْوَةً لِلشَّيْطَانِ، إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ الرَّجُلَ لِيُصَلِّي الصَّلَاةَ وَمَا يُكْتَبُ لَهُ مِنْهَا إِلَّا عُشْرُهَا، تُسْعُهَا، ثُمُنُهَا، سُبُعُهَا، سُدْسُهَا، خُمُسَهَا، رُبُعُهَا، ثُلُثُهَا، نِصْفُهَا» [ص: 197] 154 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنَا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى، قَالَ: ثنا ابْنُ عَجْلَانَ، فَذَكَرَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ، وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَنَمَةَ 155 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي أُسَامَةَ: أَحَدَّثَكُمْ بِهِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عَمَّارًا دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَصَلَّى. .؟ فَذَكَرْتُ لَهُ هَذَا الْحَدِيثَ فَأَقَرَّ بِهِ وَقَالَ: نَعَمْ الحديث: 153 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 195 156 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، ثنا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى، قَالَ: ثنا ابْنُ عَجْلَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَوْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَنَمَةَ [ص: 198] قَالَ: رَأَيْتُ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ صَلَّى صَلَاةً فَأَخَفَّهَا، فَلَمَّا خَرَجَ قُمْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ: يَا أَبَا الْيَقْظَانِ، إِنَّكَ خَفَّفْتَ صَلَاتَكَ؟ قَالَ: رَأَيْتَنِي انْتَقَصْتُ مِنْهَا شَيْئًا مِنْ حُدُودِهَا؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَإِنِّي بَادَرْتُ بِهَا سَهْوَ الشَّيْطَانِ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ الرَّجُلَ لِيُصَلِّي الصَّلَاةَ ثُمَّ يَنْصَرِفُ مِنْهَا مَا كُتِبَ لَهُ مِنْهَا إِلَّا عُشْرُهَا، تُسْعُهَا، ثُمُنُهَا، سُبُعُهَا، سُدْسُهَا، خُمُسَهَا، رُبُعُهَا، ثُلُثُهَا، نِصْفُهَا» الحديث: 156 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 197 157 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي دَهْرَشٍ، قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى صَلَاةً جَهَرَ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ قَالَ: «يَا فُلَانُ، هَلْ أَسْقَطْتُ مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ شَيْئًا؟» قَالَ: لَا أَدْرِي يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: فَسَأَلَ آخَرَ فَقَالَ: لَا أَدْرِي يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «هَلْ فِيكُمْ أُبَيٌّ؟» قَالُوا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: " يَا أُبَيُّ، هَلْ أَسْقَطْتُ مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ فِي شَيْءٍ؟ قَالَ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، آيَةَ كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا بَالُ أَقْوَامٍ يُتْلَى عَلَيْهِمْ كِتَابُ اللَّهِ فَلَا يَدْرُونَ مَا يُتْلَى مِنْهُ مِمَّا تُرِكَ؟ هَكَذَا خَرَجَتْ عَظَمَةُ اللَّهِ مِنْ قُلُوبِ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَشَهِدَتْ أَبْدَانُهُمْ وَغَابَتْ قُلُوبُهُمْ، وَلَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْ عَبْدٍ عَمَلًا حَتَّى يَشْهَدَ بِقَلْبِهِ مَعَ بَدَنِهِ» [ص: 199] 158 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي دَهْرَشٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ آلِ الْحَكَمِ بْنِ أَبِي الْعَاصِ قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةً جَهَرَ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ الحديث: 157 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 198 159 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَهْزَادُ، ثنا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ، قَالَ: سَأَلْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ قُلْتُ: الرَّجُلُ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ، أَيَّ شَيْءٍ يَنْوِي بِقِرَاءَتِهِ وَصَلَاتِهِ؟ قَالَ: «يَنْوِي أَنَّهُ يُنَاجِي رَبَّهُ» الحديث: 159 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 199 160 - حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى الْبَصْرِيُّ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ كَثِيرٍ، قَالَ: " لِلْمُصَلِّي ثَلَاثٌ: تَحُفُّ بِهِ الْمَلَائِكَةُ مِنْ قَدَمَيْهِ إِلَى عَنَانِ السَّمَاءِ، وَتَنَاثَرُ عَلَيْهِ الْبِرُّ مِنْ عَنَانِ السَّمَاءِ إِلَى مَفْرِقِ رَأْسِهِ، وَيُنَادِي مُنَادٍ: لَوْ يَعْلَمُ الْمُصَلِّي مَنْ يُنَاجِي مَا انْفَتَلَ " الحديث: 160 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 199 أَفْضَلُ الْعَمَلِ الصَّلَاةُ لِوَقْتِهَا قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: ثُمَّ جَاءَنَا الْخَبَرُ الثَّابِتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ سُئِلَ: أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟ فَقَالَ: «الصَّلَاةُ لِوَقْتِهَا» وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَيْرُ عَمَلِكُمُ الصَّلَاةُ» الجزء: 1 ¦ الصفحة: 200 161 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟ فَقَالَ: «الصَّلَاةُ لِمِيقَاتِهَا» الحديث: 161 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 200 162 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، ثنا شُعْبَةُ، ثنا الْوَلِيدُ بْنُ الْعَيْزَارِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو الشَّيْبَانِيَّ، يَقُولُ: حَدَّثَنِي صَاحِبُ هَذِهِ الدَّارِ، وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى دَارِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟ فَقَالَ: «الصَّلَاةُ لِمِيقَاتِهَا» الحديث: 162 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 200 163 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، ثنا أَبُو جَنَابٍ الْكَلْبِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَوْنَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: سَأَلْتُ الْأَسْوَدَ بْنَ يَزِيدَ: هَلْ كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يُفَضِّلُ عَمَلًا عَلَى عَمِلٍ؟ فَقَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ فَقَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ، وَأَحَبُّهَا إِلَى اللَّهِ، وَأَقْرَبُهَا مِنَ اللَّهِ؟ قَالَ: «الصَّلَاةُ» الحديث: 163 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 201 164 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «الصَّلَوَاتُ [ص: 202] لِوَقْتِهِنَّ» الحديث: 164 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 201 165 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، وَأَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «الصَّلَاةُ لِوَقْتِهَا» الحديث: 165 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 202 166 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، ثنا أَبُو شَيْبَةَ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، ثنا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «الصَّلَوَاتُ لِمِيقَاتِهِنَّ» الحديث: 166 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 202 167 - حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ، ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، ثنا ابْنُ ثَوْبَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَسَّانُ بْنُ عَطِيَّةَ، أَنَّ أَبَا كَبْشَةَ السَّلُولِيَّ، حَدَّثَهُ، أَنَّهُ، سَمِعَ ثَوْبَانَ، مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سَدِّدُوا وَقَارِبُوا، وَاعْلَمُوا أَنَّ [ص: 203] خَيْرَ أَعْمَالِكُمُ الصَّلَاةُ» الحديث: 167 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 202 168 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ أَبُو الْحُسَيْنِ، ثنا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ ثَوْبَانَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «اعْلَمُوا أَنَّ أَفْضَلَ أَعْمَالِكُمُ الصَّلَاةُ» [ص: 204] 169 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ أَبُو الْحُسَيْنِ، ثنا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِهِ الحديث: 168 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 203 170 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، وَالْأَعْمَشِ، وَيَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ ثَوْبَانَ، مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «اسْتَقِيمُوا وَلَنْ تُحْصُوا، وَاعْلَمُوا أَنَّ خَيْرَ أَعْمَالِكُمُ الصَّلَاةُ» [ص: 205] 171 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ سَالِمٍ، قَالَ: حُدِّثْتُ عَنْ ثَوْبَانَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِهِ 172 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ، ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي ابْنُ عَجْلَانَ، عَنْ سُفْيَانَ الْكُوفِيِّ، عَنْ نَفَرٍ، عَنْ ثَوْبَانَ، مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِهِ، وَلَمْ يَرْفَعْهُ الحديث: 170 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 204 173 - حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، ثنا حُيَيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ فَقَالَ: «الصَّلَاةُ» قَالَ: ثُمَّ مَهْ؟ قَالَ: «الصَّلَاةُ» قَالَ: ثُمَّ مَهْ؟ قَالَ: «الصَّلَاةُ» ثَلَاثَ مَرَّاتٍ " الحديث: 173 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 205 174 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ أُسَيْدٍ، عَنْ أَبِي حَفْصٍ الدِّمَشْقِيِّ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ، يَرْفَعُ الْحَدِيثَ قَالَ: «اسْتَقِيمُوا، وَخَيْرُ أَعْمَالِكُمُ الصَّلَاةُ» الحديث: 174 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 206 مِفْتَاحُ الْجَنَّةِ الصَّلَاةُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 206 175 - حُدِّثْتُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّمَرْقَنْدِيِّ، وَمُحَمَّدِ بْنِ سَهْلِ بْنِ عَسْكَرٍ، قَالَا: ثنا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ قَرْمٍ، عَنْ أَبِي يَحْيَى الْقَتَّاتِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مِفْتَاحُ الْجَنَّةِ الصَّلَاةُ» الحديث: 175 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 206 الصَّلَاةُ نُورُ الْمُؤْمِنِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 207 176 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُوسَى الْأَنْصَارِيُّ، ثنا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ، عَنْ عِيسَى بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الصَّلَاةُ نُورُ الْمُؤْمِنِ» الحديث: 176 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 207 177 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ عَجْلَانَ، عَنْ وَاقِدِ بْنِ سَلَامَةَ، عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الصَّلَاةُ نُورُ الْمُؤْمِنِ» الحديث: 177 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 207 178 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، ثنا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، ثنا بَكْرُ بْنُ خُنَيْسٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْطَاةَ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا أَذِنَ اللَّهُ لِعَبْدٍ فِي شَيْءٍ أَفْضَلَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ يُصَلِّيهِمَا، وَأَنَّ الْبِرَّ لِيَذَرُّ عَلَى رَأْسِ الْعَبْدِ مَا دَامَ فِي صَلَاتِهِ، وَمَا تَقَرَّبَ الْعِبَادُ إِلَى اللَّهِ بِمِثْلِ مَا خَرَجَ مِنْهُ» يَعْنِي الْقُرْآنَ " الحديث: 178 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 208 أَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الصَّلَاةُ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى تَقَدُّمِهَا عَلَى سَائِرِ الْأَعْمَالِ قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ [ص: 209] الصَّلَاةُ» الجزء: 1 ¦ الصفحة: 208 179 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ أَزْهَرَ الْوَاسِطِيُّ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ، ثنا شَرِيكٌ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ الصَّلَاةُ، وَأَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ فِي الدِّمَاءِ» الحديث: 179 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 209 إِكْمَالُ الْفَرِيضَةِ بِالنَّوَافِلِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 210 180 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، ثنا سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ حَكِيمٍ الضَّبِّيِّ، قَالَ: قَالَ لِي أَبُو هُرَيْرَةَ: إِذَا أَتَيْتَ أَهْلَ مِصْرِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنِّي، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ صَلَاتُهُ، فَإِنْ أَتَمَّهَا وَإِلَّا نُظِرَ هَلْ لَهُ مِنْ تَطَوُّعٍ، فَإِنْ كَانَ لَهُ تَطَوُّعٌ أُكْمِلَتِ الْفَرِيضَةُ مِنْ تَطَوُّعِهِ، ثُمَّ تُرْفَعُ سَائِرُ الْأَعْمَالِ عَلَى ذَلِكَ» الحديث: 180 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 210 181 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا أَبَانُ، ثنا قَتَادَةُ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُحَاسَبُ بِصَلَاتِهِ، فَإِنْ صَلَحَتْ فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجَحَ، وَإِنْ فَسَدَتْ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ» الحديث: 181 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 211 182 - حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، ثنا يُونُسُ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ حَكِيمٍ الضَّبِّيِّ، قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: أَلَا أُحَدِّثُكَ حَدِيثًا لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَنْفَعَكَ بِهِ؟ قُلْتُ: بَلَى، رَحِمَكَ اللَّهُ، قَالَ: " إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ النَّاسُ مِنْ أَعْمَالِهِمُ الصَّلَاةُ، فَيَقُولُ رَبُّنَا لِلْمَلَائِكَةِ وَهُوَ أَعْلَمُ: انْظُرُوا فِي صَلَاةِ عَبْدِي أَتَمَّهَا أَمْ نَقَصَهَا، فَإِنْ كَانَتْ تَامَّةً كُتِبَتْ لَهُ تَامَّةً، وَإِنْ كَانَ انْتَقَصَ مِنْهَا شَيْئًا قَالَ: انْظُرُوا هَلْ لِعَبْدِي مِنْ تَطَوَّعٍ فَإِنْ كَانَ لَهُ تَطَوُّعٌ أَتِمُّوا لِعَبْدِي فَرِيضَتَهُ مِنْ تَطَوُّعِهِ، ثُمَّ يُؤْخَذُ الْأَعْمَالُ عَلَى ذَاكُمْ " الحديث: 182 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 211 183 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عِيسَى، ثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ، أَنَا إِسْمَاعِيلُ الْمَكِّيُّ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ صَعْصَعَةَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: لَقِيتُ أَبَا هُرَيْرَةَ فَقَالَ: مِمَّنْ أَنْتَ؟ قُلْتُ: مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ، فَقَالَ: أَلَا أُحَدِّثُكَ حَدِيثًا يَنْفَعُ مَنْ بَعْدَكَ؟ قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الصَّلَاةُ، يَقُولُ اللَّهُ لِمَلَائِكَتِهِ: انْظُرُوا فِي صَلَاةِ عَبْدِي، فَإِنْ كَانَتْ تَامَّةً كُتِبَتْ لَهُ تَامَّةً، وَإِنْ كَانَتْ نَاقِصَةً قَالَ اللَّهُ بِحِلْمِهِ وَعِلْمِهِ وَفَضْلِهِ: رُدُّوا عَلَى عَبْدِي، انْظُرُوا هَلْ لَهُ مِنْ تَطَوُّعٍ، فَإِنْ كَانَ لَهُ تَطَوُّعٌ أُكْمِلَتْ لَهُ بِهِ، ثُمَّ يُؤْخَذُ الْأَعْمَالُ عَلَى [ص: 213] ذَاكُمْ " 184 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ زُهَيْرٍ، عَنْ سَالِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ، يَقُولُ: أَخْبَرَنِي صَعْصَعَةُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: كُنْتُ أُجَالِسُ أَبَا هُرَيْرَةَ بِالْمَدِينَةِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَلَمْ يَرْفَعْهُ الحديث: 183 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 212 185 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ حُرَيْثِ بْنِ قَبِيصَةَ، قَالَ: قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فَلَقِيتُ أَبَا هُرَيْرَةَ فَقُلْتُ: حَدِّثْنِي بِحَدِيثٍ سَمِعْتَهُ مِنْ، رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَنْفَعَنِي بِهِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " أَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ مِنْ عَمَلِهِ يُحَاسَبُ بِصَلَاتِهِ، فَإِنْ صَلَحَتْ فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجَحَ، وَإِنْ فَسَدَتْ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ، وَإِنِ انْتَقَصَ مِنَ الْفَرِيضَةِ شَيْئًا قَالَ: انْظُرُوا هَلْ لِعَبْدِي مِنْ تَطَوُّعٍ، فَيُكَمَّلُ بِهِ مَا انْتَقَصَ مِنَ الْفَرِيضَةِ، ثُمَّ يَكُونُ سَائِرُ عَمَلِهِ عَلَى نَحْوِ ذَلِكَ " الحديث: 185 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 213 186 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا أَبُو الْوَلِيدِ، ثنا حَمَّادٌ، عَنِ الْأَزْرَقِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ، عَنْ رَجُلٍ، مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " أَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَلَاتُهُ، فَيَقُولُ اللَّهُ لِمَلَائِكَتِهِ: انْظُرُوا إِلَى صَلَاةِ عَبْدِي، فَإِنْ كَانَ أَكْمَلَهَا كُتِبَتْ كَامِلَةً، وَإِنْ لَمْ يُكْمِلْهَا قَالَ: انْظُرُوا هَلْ تَجِدُونَ لِعَبْدِي مِنْ تَطَوُّعٍ، فَيُكَمَّلُ بِهَا الْفَرِيضَةُ، ثُمَّ الزَّكَاةُ، ثُمَّ تُؤْخَذُ الْأَعْمَالُ عَلَى حِسَابِ ذَلِكَ « [ص: 215] 187 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا الْحَجَّاجُ، ثنا حَمَّادٌ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ رَجُلٍ، مِنْ سَلِيطٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِ حَدِيثِ الْأَزْرَقِ بْنِ قَيْسٍ، أَنَّ» أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ " الحديث: 186 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 214 188 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ مُطَهَّرٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الْأَنْصَارِيُّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ، عَنْ ضَبَّةَ بْنِ مِحْصَنٍ، أَنَّهُ خَرَجَ إِلَى عُمَرَ فَلَقِيَ أَبُو هُرَيْرَةَ ضَبَّةَ بْنَ مِحْصَنٍ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ: أَلَا أُحَدِّثُكَ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِالصَّلَاةِ، يَقُولُ لِمَلَائِكَتِهِ: انْظُرُوا إِلَى صَلَاةِ عَبْدِي، فَإِنْ وَجَدْتُمُوهَا تَامَّةً اكْتُبُوهَا، وَإِنْ [ص: 216] وَجَدْتُمُوهَا نَاقِصَةً قَالَ لِمَلَائِكَتِهِ: انْظُرُوا هَلْ لَهُ مِنْ تَطَوُّعٍ فَتُتِمُّوهَا لَهُ، ثُمَّ تَقْبَضُ الْأَعْمَالُ عَلَى حَسَبِ ذَلِكَ " 189 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا سُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ ضَبَّةَ بْنِ مِحْصَنٍ، أَنَّهُ خَرَجَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَلَقِيَ أَبَا هُرَيْرَةَ فِي الْمَسْجِدِ ثُمَّ ذَكَرَ بِمِثْلِهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحديث: 188 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 215 190 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا أَبُو الْوَلِيدِ، ثنا حَمَّادٌ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى، عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " أَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَلَاتُهُ، فَإِنْ كَانَ أَكْمَلَهَا كُتِبَتْ لَهُ كَامِلَةً، وَإِلَّا قَالَ: انْظُرُوا فِي تَطَوُّعِهِ فَأَكْمِلُوا الْفَرِيضَةَ، وَقَالَ مَرَّةً: انْظُرُوا هَلْ تَجِدُونَ لِعَبْدِي مِنْ تَطَوُّعٍ فَتُكْمِلُوا بِهَا [ص: 217] الْفَرِيضَةَ، ثُمَّ الزَّكَاةُ عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ سَائِرُ الْأَعْمَالِ عَلَى ذَلِكَ " قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ: لَمْ يَرْفَعْ هَذَا الْحَدِيثَ أَحَدٌ غَيْرُ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ. 191 - حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، ثنا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى، عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ، قَالَ: " أَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَلَاتُهُ الْمَكْتُوبَةُ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَقَالَ فِيهِ: فَإِنْ لَمْ تَكْمُلِ الْفَرِيضَةُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ تَطَوُّعٌ أُخِذَ بِطَرَفَيْهِ فَقُذِفَ بِهِ فِي النَّارِ " 192 - حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، ثنا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، ثنا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى، عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ، بِهَذَا الْحَدِيثِ وَلَمْ يَرْفَعْهُ الحديث: 190 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 216 193 - حَدَّثَنِي أَبُو عَلِيٍّ الْبِسْطَامِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ عَارِمٌ، ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَوَّلُ مَا افْتُرِضَ عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ مِنْ دِينِهِمُ الصَّلَاةُ، وَآخِرُ مَا يَبْقَى مِنْ دِينِهِمُ الصَّلَاةُ، وَأَوَّلُ مَا يُحَاسَبُونَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ، يَقُولُ اللَّهُ: انْظُرُوا فِي صَلَاةِ عَبْدِي، فَإِنْ كَانَتْ تَامَّةً حُسِبَتْ لَهُ تَامَّةً، وَإِنْ كَانَتْ نَاقِصَةً كُتِبَتْ لَهُ نَاقِصَةً، وَقَالَ: انْظُرُوا فَإِنْ كَانَ لَهُ تَطَوُّعٌ زِيدَ فِي فَرِيضَتِهِ، ثُمَّ يَسْتَقِرُّ الْأَعْمَالَ " الحديث: 193 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 218 أَوَّلُ مَا يُسْأَلُ فِي الْقَبْرِ الصَّلَاةُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 218 194 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ، ثنا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ عَجْلَانَ، عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، قَالَ: يُقَالُ: " إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا دَخَلَ قَبْرَهُ سُئِلَ عَنْ صَلَاتِهِ، أَوَّلُ شَيْءٍ يُسْأَلُ عَنْهُ، فَإِنْ جَازَتْ لَهُ نُظِرَ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ عَمَلِهِ، وَإِنْ لَمْ تَجُزْ لَهُ لَمْ يَنْظُرْ فِي شَيْءٍ مِنْ عَمَلِهِ بَعْدُ الحديث: 194 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 218 الْأَمْرُ بِالْفَزَعِ إِلَى الصَّلَاةِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَأَمَرَ اللَّهُ عِبَادَهُ أَنْ يَفْزَعُوا إِلَى [ص: 219] الصَّلَاةِ، وَالِاسْتِعَانَةَ بِالصَّلَاةِ عَلَى كُلِّ أَمْرِهِمْ مِنْ أَمْرِ دُنْيَاهُمْ وَآخِرَتِهِمْ، وَلَمْ يَخُصَّ بِالِاسْتَعَانَةِ بِهَا شَيْئًا دُونَ شَيْءٍ، فَقَالَ: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ} [البقرة: 45] ، وَإِنَّمَا بَدَأَ بِالصَّبْرِ قَبْلَهَا لِأَنَّ الْإِيمَانَ وَجَمِيعَ الْفَرَائِضِ وَالنَّوَافِلِ مِنَ الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا لَا تَتِمُّ إِلَّا بِالصَّبْرِ، ثُمَّ قَالَ: {وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ} [البقرة: 45] ، وَهُمُ الْمُنْكَسِرَةُ قُلُوبُهُمْ إِجْلَالًا لِلَّهِ، وَرَهْبَةً مِنْهُ، فَشَهِدَ لِمَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ أَنْ يُقِيمَهَا لَهُ، إِنَّهُ مِنَ الْخَاشِعِينَ، وَكَيْفَ لَا يَفْزَعُ الْمُؤْمِنُونَ إِلَى الصَّلَاةِ وَهِيَ عِمَادُ دِينِهِمْ، كَذَلِكَ أَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الصَّلَاةَ عَمُودُ الدِّينِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 218 عَمُودُ الدِّينِ الصَّلَاةُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 219 195 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، ثنا الْمُبَارَكُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ كَرِيزٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: «أَلَا أُخْبِرُكَ بِرَأْسِ الْأَمْرِ وَعَمُودِهِ؟ أَمَّا رَأْسُ الْأَمْرِ فَالْإِسْلَامُ، وَأَمَّا عَمُودُهُ فَالصَّلَاةُ» الحديث: 195 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 219 196 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [ص: 220] قَالَ: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِرَأْسِ الْأَمْرِ وَعَمُودِهِ؟» قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «رَأْسُ الْأَمْرِ الْإِسْلَامُ، وَعَمُودُهُ الصَّلَاةُ» الحديث: 196 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 219 197 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ جَرِيرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، وَحَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ أَبِي شَبِيبٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ: قُلْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ: أَنْبِئْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ وَيُبَاعِدُنِي مِنَ النَّارِ، قَالَ: «لَقَدْ سَأَلْتَ عَنْ عَظِيمٍ، وَإِنَّهُ لَيَسِيرٌ عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ، تَعْبُدُ اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ، وَتُؤَدِّي الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ، وَتَصُومُ رَمَضَانَ، وَإِنْ شِئْتَ أَنْبَأْتُكَ بِرَأْسِ الْأَمْرِ وَعَمُودِهِ وَذُرْوَةِ السَّنَامِ مِنْهُ» فَقُلْتُ: أَجَلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ: «رَأْسُ الْأَمْرِ الْإِسْلَامُ، وَعَمُودُهُ الصَّلَاةُ، وَذُرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» الحديث: 197 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 220 198 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَرَوِيُّ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: «وَسَأُنَبِّئُكَ بِرَأْسِ الْأَمْرِ وَعَمُودِهِ، رَأْسُهُ الْإِسْلَامُ، وَعَمُودُهُ الصَّلَاةُ» 199 - حَدَّثَنَا الْمُقَدَّمِيُّ، ثنا الْفَرَوِيُّ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، مِثْلَ حَدِيثِ نُعَيْمٍ الحديث: 198 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 221 200 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْعَوَّامِ بْنِ جُوَيْرَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا تَقُولُ فِي الصَّلَاةِ؟ قَالَ: «عَمُودُ الْإِسْلَامِ» الحديث: 200 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 221 201 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ خَالِدِ بْنِ صَفْوَانَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: نُعِيَ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ ابْنٌ لَهُ وَهُوَ فِي سَفَرٍ فَقَالَ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، ثُمَّ نَزَلَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: فَعَلْنَا مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ، وَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ} [البقرة: 45] " الحديث: 201 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 222 202 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ، ثنا أَبِي وَعَمِّي، قَالَا: ثنا أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: " غُشِيَ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ غَشْيَةً ظَنُّوا أَنَّهُ قَدْ فَاضَ فِيهَا حَتَّى قَامُوا مِنْ عِنْدِهِ وَجَلَّلُوهُ ثَوْبًا، وَخَرَجَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ عُقْبَةَ إِلَى الْمَسْجِدِ تَسْتَعِينُ بِمَا أُمِرَتْ بِهِ مِنَ الصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ الحديث: 202 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 222 203 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا أَبُو الْيَمَانِ، ثنا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، أَنَّهُ غُشِيَ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي مَرَضِهِ غَشْيَةً ظَنُّوا أَنَّ بِهَا قَدْ فَاضَتْ نَفْسُهُ فِيهَا، حَتَّى قَامُوا مِنْ عِنْدِهِ وَجَلَّلُوهُ ثَوْبًا، وَخَرَجَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ عُقْبَةَ امْرَأَتُهُ إِلَى الْمَسْجِدِ تِسْعِينَ بِمَا أُمِرَتْ أَنْ تَسْتَعِينَ بِهِ مِنَ الصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ " 204 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، قَالَ: غُشِيَ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فِي وَجَعِهِ غَشْيَةً ظَنُّوا أَنَّهُ قَدْ فَاضَ فِيهَا، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِمِثْلِ مَعْنَاهُ الحديث: 203 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 223 205 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ أُمِّهِ أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ عُقْبَةَ وَكَانَتْ مِنَ الْمُهَاجِرَاتِ الْأُوَلِ، فِي قَوْلِهِ: " {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ} [البقرة: 45] قَالَ: غُشِيَ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ غَشْيَةً حَتَّى ظَنُّوا أَنَّهُ فَاضَ نَفْسُهُ فِيهَا، فَخَرَجَتِ امْرَأَتُهُ أُمُّ كُلْثُومٍ إِلَى الْمَسْجِدِ تَسْتَعِينُ بِمَا أُمِرَتْ بِهِ مِنَ الصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ " قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَمَا زَالَ مَفْزَعُ الْمُؤْمِنِينَ عِنْدَ كُلِّ مُهِمٍّ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ إِلَى مُنَاجَاةِ رَبِّهِمْ فِي الصَّلَاةِ حَتَّى آدَمَ فَمَنْ دُونَهُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ الحديث: 205 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 223 فَزَعُ آدَمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ إِلَى الصَّلَاةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 224 206 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، ثنا أَبُو أُسَامَةَ، ثنا مِسْعَرٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي كَثِيرٍ الزُّبَيْدِيِّ، قَالَ: قَدِمْنَا عَلَى مُعَاوِيَةَ أَوْ يَزِيدَ وَعِنْدَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، فَحَدَّثْنَاهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: " الصَّلَاةُ أَوِ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ كَفَّارَاتٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ، قَالَ: فَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو أَنَّ آدَمَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَتْ بِهِ شَأْفَةٌ عَلَى إِبْهَامِ قَدَمِهِ، فَارْتَفَعَتْ إِلَى أَصْلِ قَدَمِهِ، ثُمَّ ارْتَفَعَتْ إِلَى رُكْبَتِهِ، ثُمَّ ارْتَفَعَتْ إِلَى مَنْكِبِهِ، ثُمَّ ارْتَفَعَتْ إِلَى أَصْلِ عُنُقِهِ، فَقَامَ فَصَلَّى صَلَاةً، فَنَزَلَتْ إِلَى مَنْكِبِهِ، ثُمَّ صَلَّى أُخْرَى فَنَزَلَتْ [ص: 225] إِلَى حَقْوِهِ، ثُمَّ صَلَّى أُخْرَى، فَنَزَلَتْ إِلَى رُكْبَتِهِ، ثُمَّ صَلَّى أُخْرَى فَنَزَلَتْ إِلَى أَصْلِ قَدَمِهِ، ثُمَّ صَلَّى أُخْرَى فَخَرَجَتْ مِنْ رِجْلِهِ " الحديث: 206 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 224 نَبَاتُ شَجَرَةٍ كُلَّمَا صَلَّى سُلَيْمَانُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 225 207 - حَدَّثَنَا أَبُو قُدَامَةَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " كَانَ سُلَيْمَانُ كُلَّمَا صَلَّى صَلَاةً رَأَى شَجَرَةً نَابِتَةً فَيَقُولُ: مَا أَنْتِ يَا شَجَرَةُ؟ فَتَقُولُ: أَنَا شَجَرَةُ كَذَا وَكَذَا لَدَاءِ كَذَا وَكَذَا، فَيَأْمُرُ بِهَا فَتُقْطَعُ، وَيَكْتُبُ: شَجَرَةُ كَذَا وَكَذَا، لَدَاءِ كَذَا وَكَذَا، فَصَلَّى ذَاتَ يَوْمٍ فَإِذَا شَجَرَةٌ نَابِتَةٌ فَقَالَ لَهَا: مَا أَنْتِ يَا شَجَرَةُ؟ قَالَتْ: أَنَا الْخَرُّوبَةُ، قَالَ: لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَخْرِبَ هَذَا الْمَسْجِدَ وَأَنَا حَيُّ، فَتَوَضَّأَ وَلَبِسَ ثِيَابَهُ، وَأَخَذَ عَصَاهُ، وَقَامَ يُصَلِّي، فَقُبِضَ عَلَيْهَا فَلَبِثَ عَلَى عَصَاهُ، فَدَأَبُوا سَنَةً وَهُمْ يَحْسِبُونَ أَنَّهُ حَيُّ، يَعْنِي الْجِنَّ، فَأَكَلَتْهَا الْأَرَضَةُ، فَشَكَرَتِ الْجِنُّ الْأَرَضَةَ، فَلَا تَجِدُهَا فِي مَكَانٍ إِلَّا وَجَدْتَ عِنْدَهَا نَدًى " الحديث: 207 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 225 208 - حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، ثنا خَالِدُ بْنُ حُصَيْنٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ، قَالَ: قِيلَ لِسُلَيْمَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ: إِنَّ آيَةَ مَوْتِكَ أَنْ يَنْبُتَ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ شَجَرَةٌ يُقَالُ لَهَا [ص: 226] الْخَرُّوبَةُ، فَإِذَا نَبَتَ فَهُوَ آيَةُ مَوْتِكَ، فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ خَرَجَتْ شَجَرَةٌ، فَقَالَ لَهَا: مَا اسْمُكِ؟ قَالَتْ: أَنَا الْخَرُّوبَةُ، فَدَخَلَ الْمِحْرَابَ فَقَامَ عَلَى عَصَاهُ، فَقُبِضَ وَهُوَ عَلَى عَصَاهُ، فَخَرَجَتْ دَابَّةٌ مِنَ الْأَرْضِ فَأَكَلَتْ عَصَاهُ فَخَرَّ، فَ {تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ} [سبأ: 14] " الحديث: 208 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 225 ضَرَرُ التَّكَبُّرِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 226 209 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنَا أَبُو أُسَامَةَ، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ صُهَيْبٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا صَلَّى هَمَسَ، قَالَ: " أَفَطِنْتُمْ لِذَلِكَ، إِنِّي ذَكَرْتُ نَبِيًّا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ أَعْطَى جُنُودًا مِنْ قَوْمِهِ فَقَالَ: مَنْ يُكَافِئُ هَؤُلَاءِ، أَوْ مَنْ يُقَاتِلُ هَؤُلَاءِ، أَوْ كَلِمَةً شَبَهُهَا، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ أَنِ اخْتَرْ [ص: 227] لِقَوْمِكَ إِحْدَى ثَلَاثٍ: أَنْ أُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوَّهُمْ، أَوِ الْجُوعَ، أَوِ الْمَوْتَ، فَاسْتَشَارَ قَوْمَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالُوا: نَكِلُ ذَلِكَ إِلَيْكَ، أَنْتَ نَبِيُّ اللَّهِ، فَقَامَ فَصَلَّى، وَكَانُوا إِذَا فَزِعُوا فَزِعُوا إِلَى الصَّلَاةِ، فَقَالَ: يَا رَبِّ أَمَّا الْجُوعُ أَوِ الْعَدُوُّ فَلَا، وَلَكِنِ الْمَوْتُ، فَسَلَّطَ عَلَيْهِمُ الْمَوْتَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَمَاتَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ أَلْفًا، فَهَمْسِي الَّذِي تَرَوْنَ أَنِّي أَقُولُ: اللَّهُمَّ بِكَ أُقَاتِلُ، وَبِكَ أُصَاوِلُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِكَ " الحديث: 209 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 226 قِصَّةُ كَذِبَاتِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ حَاشَاهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 227 210 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ [ص: 228] أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: " مَرَّ إِبْرَاهِيمُ وَسَارَةُ بِجَبَّارٍ مِنَ الْجَبَابِرَةِ، فَأُخْبِرَ الْجَبَّارُ بِهِمَا فَأَرْسَلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ فَقَالَ: مَنْ هَذِهِ مَعَكَ؟ قَالَ: أُخْتِي، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَلَمْ يَكْذِبْ إِبْرَاهِيمُ قَطُّ إِلَّا ثَلَاثَ كَذِبَاتٍ، اثْنَتَيْنِ فِي اللَّهِ، وَوَاحِدَةً فِي امْرَأَةٍ، قَوْلُهُ: {إِنِّي سَقِيمٌ} [الصافات: 89] وَقَوْلُهُ: {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا} [الأنبياء: 63] وَقَوْلُهُ لِلْجَبَّارِ: هَذِهِ أُخْتِي، فَلَمَّا خَرَجَ مِنْ عِنْدِ الْجَبَّارِ دَخَلَ عَلَى سَارَةَ فَقَالَ لَهَا: إِنَّ هَذَا الْجَبَّارَ سَأَلَنِي عَنْكِ فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّكِ أُخْتِي، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا، فَلَمَّا أُدْخِلَتْ عَلَيْهِ دَعَتِ اللَّهَ أَنْ يَكُفَّهُ عَنْهَا، فَضَبَثَ بِيَدِهِ، فَأُخِذَ أَخْذَةً شَدِيدَةً، فَعَاهَدَهَا: لَئِنْ خُلِّيَ عَنْهُ لَا يَقْرَبْهَا، فَدَعَتِ اللَّهَ فَخَلَّى عَنْهُ، ثُمَّ هَمَّ بِهَا الثَّانِيَةَ فَأُخِذَ أَخْذَةً شَدِيدَةً أَشَدَّ مِنَ الْأُولَى، فَعَاهَدَهَا أَيْضًا: لَئِنْ خُلِّيَ عَنْهُ لَا يَقْرَبْهَا، فَدَعَتِ اللَّهَ فَخَلَّى عَنْهُ، ثُمَّ هَمَّ بِهَا الثَّالِثَةَ، فَأُخِذَ أَخْذَةً هِيَ أَشَدُّ مِنَ الْأَوَّلِينِ، فَعَاهَدَهَا لَئِنْ خُلِّيَ عَنْهُ لَا يَقْرَبْهَا، فَدَعَتِ اللَّهَ فَخَلَّى عَنْهُ، فَقَالَ لِلَّذِي أَدْخَلَهَا عَلَيْهِ: أَخْرِجْهَا عَنِّي، فَإِنَّكَ أَدْخَلْتَ عَلَيَّ شَيْطَانًا، وَلَمْ تُدْخِلْ عَلَيَّ إِنْسَانًا، وَأَخْدَمَهَا هَاجَرَ، فَرَجَعَتْ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَهُوَ يُصَلِّي وَيَدْعُو اللَّهَ، فَقَالَتْ: أَبْشِرْ [ص: 229] ، فَقَدْ كَفَّ اللَّهُ يَدَ الْفَاجِرِ، وَأَخْدَمَ هَاجَرَ، ثُمَّ صَارَتْ هَاجَرُ لِإِبْرَاهِيمَ بَعْدُ، فَوَلَدَتْ لَهُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَتِلْكَ أُمُّكُمْ يَا بَنِي مَاءِ السَّمَاءِ، كَانَتْ أَمَةً لِأُمِّ إِسْحَاقَ " الحديث: 210 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 227 وَرَقَةٌ بَاقِيَةٌ مِنْ قَبْلِ الْمَبْعَثِ فِيهَا حِلْيَةُ هَذِهِ الْأُمَّةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 229 211 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَنَا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ الْحَكَمِ، قَالَ: " كَانَتْ عِنْدَ آبَائِي وَرَقَةٌ يَتَوَارَثُونَهَا، فَلَمَّا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءُوا بِهَا إِلَيْهِ فَقَرَأُوهَا عَلَيْهِ، فَإِذَا فِيهِ: بِسْمِ اللَّهِ، وَقَوْلُهُ الْحَقُّ، وَقَوْلُهُ: الظَّالِمِينَ فِي ثِيَابٍ، هَذَا الْأَمْرُ لَأُمَّةٍ تَأْتِي فِي آخِرِ الزَّمَانِ [ص: 230] ، يَغْسِلُونَ أَطْرَافَهُمْ، وَيَأْتَزِرُونَ عَلَى أَوْسَاطِهِمْ، وَيَخُوضُونَ الْبُحُورَ إِلَى أَعْدَائِهِمْ، فِيهِمْ صَلَاةٌ لَوْ كَانَتْ فِي قَوْمِ نُوحٍ مَا أُهْلِكُوا بِالطُّوفَانِ، أَوْ فِي عَادٍ مَا أُهْلِكُوا بِالرِّيحِ، أَوْ فِي ثَمُودَ مَا أُهْلِكُوا بِالصَّيْحَةِ، قَالَ: فَأَعْجَبَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ " الحديث: 211 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 229 فَزَعُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ الشَّدَائِدِ إِلَى الصَّلَاةِ وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَلَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا رَأَى بِأَهْلِهِ شِدَّةً أَوْ ضِيقًا أَمَرَهُمْ بِالصَّلَاةِ، وَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكُ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ} [طه: 132] وَأَمَرَ اللَّهُ عِبَادَهُ أَنْ يَأْتَمُّوا بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَمَرَهُمْ مُحَمَّدٌ إِذَا رَأَوُا الْآيَاتِ الَّتِي يَخَافُونَ فِيهَا الْعَذَابَ أَنْ يَفْزَعُوا إِلَى الصَّلَاةِ فَقَالَ: «إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، فَإِذَا انْكَسَفَتْ فَافْزَعُوا إِلَى الصَّلَاةِ» ، وَفَزِعَ هُوَ إِلَى الصَّلَاةِ، وَلَا نَعْلَمْ طَاعَةً يَدْفَعُ اللَّهُ بِهَا الْعَذَابَ مِثْلَ الصَّلَاةِ، فَصَلَّى عِنْدَ الْكُسُوفِ بِزِيَادَةٍ فِي الرُّكُوعِ، وَبَكَى فِي سُجُودِهِ، وَتَضَرَّعُ، وَقَدْ كَتَبْنَا الْأَخْبَارَ الْمَرْوِيَّةُ فِي هَذَا الْبَابِ فِي كِتَابِ الْكُسُوفِ، فَلِذَلِكَ [ص: 231] تَرَكْنَا كِتَابَتَهَا هُنَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 230 فَزَعُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْأَحْزَابِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 231 212 - وَقَدْ حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ عُثْمَانَ أَبُو مَسْعُودٍ الْعَسْكَرِيُّ، ثنا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدٍ، قَالَ: قَالَ عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الدُّوَلِيِّ: قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ: قَالَ حُذَيْفَةُ: «رَجَعْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْأَحْزَابِ وَهُوَ مُشْتَمِلٌ فِي شَمْلَةٍ يُصَلِّي، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ صَلَّى» الحديث: 212 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 231 وَفَزَعُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ بَدْرٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 231 213 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذِ بْنِ مُعَاذٍ، ثنا أَبِي، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، سَمِعَ حَارِثَةَ بْنَ مُضَرِّبٍ، سَمِعَ عَلِيًّا، يَقُولُ: «لَقَدْ رَأَيْتُنَا لَيْلَةَ بَدْرٍ وَمَا فِينَا إِلَّا نَائِمٌ غَيْرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي وَيَدْعُو حَتَّى أَصْبَحَ» الحديث: 213 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 231 214 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الْحَنَفِيُّ، ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَوْهَبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَوْنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَنْ أَبِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: " لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ قَاتَلْتُ شَيْئًا مِنْ قِتَالٍ ثُمَّ جِئْتُ مُسْرِعًا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَأَنْظُرَ مَا فَعَلَ، فَجِئْتُ فَإِذَا هُوَ سَاجِدٌ يَقُولُ: «يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ» لَا يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى الْقِتَالِ، ثُمَّ جِئْتُ وَهُوَ سَاجِدٌ يَقُولُ ذَلِكَ، ثُمَّ ذَهَبْتُ إِلَى الْقِتَالِ ثُمَّ رَجَعْتُ وَهُوَ سَاجِدٌ يَقُولُ ذَلِكَ، ثُمَّ ذَهَبْتُ إِلَى الْقِتَالِ ثُمَّ رَجَعْتُ وَهُوَ سَاجِدٌ يَقُولُ ذَلِكَ، فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ " الحديث: 214 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 232 فَزَعُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْأَحْزَابِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 233 215 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ، أَنَا زِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَكَّائِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، قَالَ: قَالَ فَتًى مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ لِحُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، رَأَيْتُمْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَحِبْتُمُوهُ؟ قَالَ: نَعَمْ يَا ابْنَ أَخِي، قَالَ: فَكَيْفَ كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ؟ قَالَ: " وَاللَّهِ لَقَدْ كُنَّا نَجْهَدُهُ، قَالَ: وَاللَّهِ لَوْ أَدْرَكْنَاهُ مَا تَرَكْنَاهُ يَمْشِي عَلَى الْأَرْضِ، وَلَحَمَلْنَاهُ عَلَى أَعْنَاقِنَا، فَقَالَ حُذَيْفَةُ: " يَا ابْنَ أَخِي، لَقَدْ رَأَيْتُنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْخَنْدَقِ، وَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَوِيًّا، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيْنَا فَقَالَ: «مَنْ رَجُلٌ يَقُومُ فَيَنْظُرُ لَنَا مَا فَعَلَ الْقَوْمُ ثُمَّ يَرْجِعُ، يَشْتَرِطُ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَرْجِعَ، وَأَنَّ اللَّهَ يُدْخِلُهُ الْجَنَّةَ» فَمَا قَامَ مِنَّا، رَجُلٌ ثُمَّ صَلَّى هَوِيًّا مِنَ اللَّيْلِ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيْنَا فَقَالَ: مَنْ رَجُلٌ يَقُومُ فَيَنْظُرُ مَا فَعَلَ الْقَوْمُ ثُمَّ يَرْجِعُ؟ " يَشْتَرِطُ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّجْعَةَ، وَأَنَّ اللَّهَ يُدْخِلُهُ الْجَنَّةَ، فَمَا قَامَ مِنَّا رَجُلٌ ثُمَّ صَلَّى هَوِيًّا مِنَ اللَّيْلِ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيْنَا فَقَالَ: «مَنْ رَجُلٌ يَقُومُ فَيَنْظُرُ مَا فَعَلَ الْقَوْمُ ثُمَّ يَرْجِعُ، فَيَشْتَرِطُ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّجْعَةَ، أَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يَكُونَ رَفِيقِي فِي الْجَنَّةِ» فَمَا قَامَ رَجُلٌ مِنَ [ص: 234] الْقَوْمِ مِنْ شِدَّةِ الْخَوْفِ وَشِدَّةِ الْجُوعِ وَشِدَّةِ الْبَرْدِ، فَلَمَّا لَمْ يَقُمْ أَحَدٌ دَعَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ يَكُنْ لِي بُدٌّ مِنَ الْقِيَامِ حِينَ دَعَانِي فَقَالَ: «يَا حُذَيْفَةُ اذْهَبْ فَادْخُلْ فِي الْقَوْمِ فَانْظُرْ مَاذَا يَفْعَلُونَ، وَلَا تُحَدِّثَنَّ شَيْئًا حَتَّى تَأْتِيَنِي» فَذَهَبْتُ فَدَخَلْتُ فِي الْقَوْمِ، وَالرِّيحُ وَجُنُودُ اللَّهِ تَفْعَلُ بِهِمْ مَا تَفْعَلُ، مَا يُقِرُّ لَهُمْ قِدْرًا، وَلَا نَارًا، وَلَا بِنَاءً، فَقَامَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، لَيَنْظُرِ امْرُؤٌ مَنْ جَلِيسُهُ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ: فَأَخَذْتُ بِيَدِ الرَّجُلِ الَّذِي كُنْتُ إِلَى جَنْبِهِ فَقُلْتُ: مَنْ أَنْتَ؟ فَقَالَ: أَنَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، إِنَّكُمْ وَاللَّهِ مَا أَصْبَحْتُمْ بِدَارِ مُقَامٍ، لَقَدْ هَلَكَ الْكُرَاعُ وَالْخُفُّ، وَأَخْلَفَتْنَا بَنُو قُرَيْظَةَ، وَبَلَغَنَا عَنْهُمُ الَّذِي نَكْرَهُ، وَلَقِيَنَا مِنْ هَذِهِ الرِّيحِ مَا تَرَوْنَ، وَاللَّهِ مَا تَطْمَئِنُّ لَنَا قِدْرٌ، وَلَا تَقُومُ لَنَا نَارٌ، وَلَا يَسْتَمْسِكُ لَنَا بِنَاءٌ، فَارْتَحِلُوا فَإِنِّي مُرْتَحِلٌ، ثُمَّ قَامَ إِلَى جَمَلِهِ وَهُوَ مَعْقُولٌ فَجَلَسَ عَلَيْهِ، ثُمَّ ضَرَبَهُ فَوَثَبَ عَلَى ثَلَاثٍ، فَمَا أُطْلِقَ مِنْ عِقَالِهِ إِلَّا وَهُوَ قَائِمٌ، وَلَوْلَا عَهْدُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيَّ أَنْ لَا أَتَحَدَّثَ شَيْئًا حَتَّى تَأْتِيَنِي، ثُمَّ شِئْتُ لَقَتَلْتُهُ بِسَهْمٍ قَالَ حُذَيْفَةُ: فَرَجَعْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ قَامَ يُصَلِّي فِي مِرْطٍ لِبَعْضِ نِسَائِهِ مُرَجِّلٍ، فَلَمَّا رَآنِي أَدْخَلَنِي إِلَى رَحْلَيْهِ، وَطَرَحَ عَلَيَّ طَرَفَ الْمِرْطِ، ثُمَّ رَكَعَ وَسَجَدَ، وَإِنِّي لَفِيهِ، فَلَمَّا سَلَّمَ أَخْبَرْتُهُ الْخَبَرَ وَسَمِعَتْ غَطَفَانَ بِمَا صَنَعَتْ قُرَيْشٌ [ص: 235] فَاسْتَمَرُّوا رَاجِعِينَ إِلَى بِلَادِهِمْ " الحديث: 215 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 233 فَزَعُ الْمَلَائِكَةِ إِلَى السُّجُودِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: فَالصَّلَاةُ مَفْزَعُ كُلِّ مُرِيدٍ عِنْدَ الشَّدَائِدِ، وَعِنْدَ حَوَادِثِ عَظِيمِ النِّعَمِ شُكْرًا لِلَّهِ، فَإِذَا لَمْ تُمْكِنُ الصَّلَاةُ فَالسُّجُودُ لَهُ عِنْدَ حَوَادِثِ النِّعَمِ، وَذَلِكَ لِمَا عَرَّفَهُمْ مِنْ عِظَمِ [ص: 236] قَدْرِ الصَّلَاةِ عِنْدَهُ، حَتَّى إِنَّ الْمَلَائِكَةَ فِي السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ إِذَا رُعِبُوا فَأَصَابَهُمْ هَوْلٌ اعْتَصَمُوا بِالسُّجُودِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 235 216 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي زَكَرِيَّا، عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ، عَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يُوحِيَ بِأَمْرِهِ تَكَلَّمَ بِالْوَحْيِ، فَإِذَا تَكَلَّمَ أَخَذَتِ السَّمَاوَاتِ مِنْهُ رَجْفَةٌ، أَوْ قَالَ: رِعْدَةٌ، شَدِيدَةٌ خَوْفًا مِنَ اللَّهِ، فَإِذَا سَمِعَ بِذَلِكَ أَهْلُ السَّمَاوَاتِ صَعِقُوا وَخَرُّوا لِلَّهِ سُجُودًا، فَيَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يَرْفَعُ رَأْسَهُ جِبْرِيلُ، فَيُكَلِّمُهُ اللَّهُ مِنْ وَحْيِهِ بِمَا أَرَادَ، فَيَمْضِي بِهِ جِبْرِيلُ عَلَى الْمَلَائِكَةِ، كُلَّمَا مَرَّ بِسَمَاءٍ سَمَاءٍ سَأَلَهُ مَلَائِكَتُهَا: مَاذَا قَالَ رَبُّنَا يَا جِبْرِيلُ؟ فَيَقُولُ جِبْرِيلُ: قَالَ الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ، فَيَقُولُونَ كُلُّهُمْ كَمَا قَالَ جِبْرِيلُ، فَيَنْتَهِي جِبْرِيلُ بِالْوَحْيِ حَيْثُ أَمَرَهُ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ " الحديث: 216 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 236 217 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا وَكِيعٌ، ثنا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: " إِذَا تَكَلَّمَ اللَّهُ بِالْوَحْيِ سَمِعَ أَهْلُ السَّمَاوَاتِ صَلْصَلَةً كَصَلْصَلَةِ السِّلْسِلَةِ عَلَى الصَّفْوَانِ، فَيَخِرُّونَ سُجَّدًا، ثُمَّ يَرْفَعُونَ رُءُوسَهُمْ فَيَقُولُونَ: {مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ} [سبأ: 23] ؟ فَيُقَالُ: قَالَ {الْحَقُّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} [سبأ: 23] " الحديث: 217 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 237 218 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَلْقَى الْوَحْيَ سَمِعَ لَهُ أَهْلُ السَّمَاوَاتِ صَلْصَلَةً كَصَلْصَلَةِ السِّلْسِلَةِ عَلَى الصَّفْوَانِ، فَيَخِرُّونَ لِلَّهِ سُجَّدًا، حَتَّى إِذَا رَفَعُوا رُءُوسَهُمْ قَالُوا: {مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} [سبأ: 23] " الحديث: 218 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 238 219 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنَا جَرِيرٌ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " إِنَّ اللَّهَ إِذَا تَكَلَّمَ بِالْوَحْيِ سَمِعَ لَهُ أَهْلِ السَّمَاوَاتِ صَوْتًا كَصَوْتِ الْحَدِيدَةِ إِذَا وَقَعَتْ عَلَى الصَّفَا، فَيَخِرُّونَ سُجَّدًا، فَإِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا: {مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} [سبأ: 23] ثُمَّ يَهْبِطُ بِهِ الشَّيْطَانُ إِلَى الْأَرْضِ فَيَزِيدُ فِيهِ سَبْعِينَ كَذْبَةً " الحديث: 219 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 238 220 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنَا جَرِيرٌ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ، فِي قَوْلِهِ: {حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ} [سبأ: 23] قَالَ: إِذَا قَضَى اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ أَمْرًا كَانَ وَقْعُهُ كَالْحَدِيدِ عَلَى الصَّفْوَانِ، فَلَا يَبْقَى مَلَكٌ إِلَّا خَرَّ سَاجِدًا {حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ} [سبأ: 23] ذَهَبَ الرَّوْعُ عَنْهُمْ، قَالَ: {مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} [سبأ: 23] قَضَى كَذَا وَكَذَا، فَيَأْخُذُهَا الشَّيْطَانُ وَهِيَ صِدْقٌ فَيَنْزِلُ بِهَا إِلَى الْأَرْضِ، فَيُنَزِّلُ مَعَهُ سَبْعِينَ كَذْبَةً، قَالَ: فَهِيَ صِدْقٌ وَالسَّبْعُونَ كَذِبٌ " الحديث: 220 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 239 221 - حَدَّثَنَا أَبُو قُدَامَةَ، ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، كَانَ يَقُولُ: {حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ} [سبأ: 23] قَالَ: جُلِّيَ عَنْ قُلُوبِ الْقَوْمِ " الحديث: 221 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 239 222 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، ثنا يَحْيَى بْنُ مُوسَى الْقَتَبِيُّ، حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ " {حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ} [سبأ: 23] قَالَ: عَنْ قُلُوبِ [ص: 240] الْقَوْمِ الحديث: 222 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 239 الصَّلَاةُ وَالسُّجُودُ عِنْدَ حَوَادِثِ النِّعَمِ شُكْرًا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَأَمَّا الصَّلَاةُ وَالسُّجُودُ عِنْدَ حَوَادِثِ النِّعَمِ شُكْرًا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ لَمَّا أَنْعَمَ عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِفَتْحِ مَكَّةَ اغْتَسَلَ وَصَلَّى ثَمَانِ رَكَعَاتٍ شُكْرًا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا مَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 240 223 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَأَبُو كَامِلٍ فُضَيْلُ بْنُ حُسَيْنٍ الْجَحْدَرِيُّ قَالَا: ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قَالَ: " صَلَّى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى انْتَفَخَتْ قَدَمَاهُ، فَقِيلَ لَهُ: تَكَلَّفُ هَذَا وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ؟ قَالَ: «أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا» الحديث: 223 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 240 224 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ، ثنا عَمِّي، ثنا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي مِسْعَرُ بْنُ كِدَامٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قَالَ: " لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [ص: 241] يَقُومُ فِيمَا يَتَنَفَّلُ بِهِ مِنْ صَلَاتِهِ حَتَّى تَرِمَ قَدَمَاهُ، فَقِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لِمَ تُجْهِدُ نَفْسَكَ هَذَا الْجَهْدَ، وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ؟ قَالَ: «أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا» الحديث: 224 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 240 225 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَنَا نَافِعُ بْنُ يَزِيدَ، وَابْنُ وَهْبٍ قَالَا: ثنا أَبُو صَخْرٍ، عَنِ ابْنِ قُسَيْطٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: " كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا صَلَّى قَامَ حَتَّى تَتَفَطَّرَ قَدَمَاهُ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتَصْنَعُ هَذَا وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ؟ فَقَالَ: «يَا عَائِشَةُ، أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا؟» الحديث: 225 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 241 226 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، ثنا [ص: 242] سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي حَتَّى انْتَفَخَتْ قَدَمَاهُ، فَقِيلَ لَهُ: أَتَفْعَلُ هَذَا وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ؟ قَالَ: «أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا» 227 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا مُحَاضِرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَوْ عَنْ رَجُلٍ، مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا الْخَبَرِ الحديث: 226 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 241 228 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ، قَالَ: سَمِعْتُ شَرِيكًا، يَقُولُ: عَنِ السُّدِّيِّ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ فِي قَوْلِهِ " {اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا} قَالَ: لَمْ يَكُنْ يَنْفَكُّ مِنْهُمْ مُصَلٍّ " الحديث: 228 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 242 229 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ، ثنا بِشْرٌ يَعْنِي ابْنَ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي رَوْقٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، " {اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا} قَالَ: اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا لِلَّهِ عَلَى مَا أَنْعَمَ اللَّهُ بِهِ عَلَيْكُمْ " الحديث: 229 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 243 230 - حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرَةَ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَاهُ فَتْحٌ فَسَجَدَ» الحديث: 230 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 243 231 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى الْقَطَّانُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَا: ثنا أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ، عَنْ بَكَّارِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا جَاءَهُ الشَّيْءُ مِمَّا يُسَرُّ بِهِ أَوْ سُرُورٌ خَرَّ سَاجِدًا شُكْرًا لِلَّهِ» الحديث: 231 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 243 232 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بَكَّارِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ بِشْرِ بْنِ أَبِي أَرْطَاةَ الْقُرَشِيُّ الْعَامِرِيُّ، ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: سَأَلْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ عَنْ سَجْدَةِ الْإِمَامِ، عِنْدَ قُدُومِ الْفَتْحِ عَلَيْهِ؟ فَلَمْ [ص: 246] يَعْرِفْهَا، وَسَأَلْتُ أَبَا عَمْرٍو عَنْ ذَلِكَ فَعَرَفَهُ، وَأَخْبَرَنِي، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ: «أَنَّ اللَّهَ أَنْعَمَ عَلَى رَسُولِهِ بِنِعْمَةٍ فَسَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَجْدَةَ الشُّكْرِ» الحديث: 232 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 245 233 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، ثنا الْوَلِيدُ، قَالَ: وَسَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ ذَلِكَ، فَحَدَّثَنِي، عَنْ أَبِيهِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّهُ حَدَّثَهُ، عَنْ جَدِّهِ أَسْلَمَ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، بِالْمَدِينَةِ يَقُولُ وَالْمُسْلِمُونَ يُقَاتِلُونَ الرُّومَ بِالْيَرْمُوكِ، وَذَكَرَ اهْتِمَامَهُ بِحَرْبِهِمْ وَأَمْرِهِمْ، وَقَالَ: " وَاللَّهِ إِنِّي لَأَقُومُ إِلَى الصَّلَاةِ لَا أَدْرِي فِي أَوَّلِ السُّورَةِ أَنَا أَمْ فِي آخِرِهَا، وَلَأَنْ لَا تُفْتَحَ قَرْيَةٌ مِنَ الشَّامِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يُهْلِكَ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ضَيْعَةً، قَالَ أَسْلَمُ: فَبَيْنَمَا أَنَا ذَاتَ يَوْمٍ مِمَّا يَلِي الْبَنِيَّةَ بِالْمَدِينَةِ إِذْ أَشْرَفَ مِنْهُ رَكَبَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَقَامَ إِلَيْهِمْ مَنْ يَلِيهِمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَاسْتَخْبَرُوهُمْ فَأَسْمَعُهُمْ يَقُولُونَ: أَبْشِرُوا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ بِفَتْحِ اللَّهِ وَنَصْرِهِ، قَالَ أَسْلَمُ: فَانْطَلَقْتُ أَسْعَى حَتَّى أَتَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَقُلْتُ: أَبْشِرْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بِفَتْحِ اللَّهِ وَنَصْرِهِ، فَخَرَّ عُمَرُ سَاجِدًا، قَالَ الْوَلِيدُ: فَذَاكَرْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْمُبَارَكِ سَجْدَةَ الْفَتْحِ وَحَدَّثْتُهُ هَذَا الْحَدِيثَ فَقَالَ لِي عَبْدُ اللَّهِ: حَدَّثَكَ بِهَذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَ: مَا سَمِعْتُ فِيَ سَجْدَةِ الشُّكْرِ وَالْفَتْحِ بِحَدِيثٍ أَثْبَتَ مِنْ هَذَا، قَالَ الْوَلِيدُ: وَأَقُولُ: إِنَّ أَحْسَنَ مَا سَمِعْتُ مِنْ شُكْرِ الْإِمَامِ [ص: 247] بِفَتْحِ اللَّهِ وَنَصْرِهِ مَا كَانَ مِنْ هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ، وَغَسْلُهُ وَصَلَاتُهُ فِي بَيْتِ أُمِّ هَانِئٍ ثَمَانِ رَكَعَاتٍ، وَتَوَاضُعُهُ عِنْدَ دُخُولِهِ مَكَّةَ " الحديث: 233 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 246 قَالَ: وَأَخْبَرَنِي مَرْزُوقُ بْنُ أَبِي الْهُذَيْلِ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَمِّهِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ أَبِيهِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا رَجَعَ مِنْ طَلَبِ الْأَحْزَابِ نَزَعَ لِأُمَّتِهِ وَاغْتَسَلَ وَاسْتَجْمَرَ» الجزء: 1 ¦ الصفحة: 247 سَجْدَتُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ شُكْرًا حِينَ أُعْطِيَ لَهُ أُمَّتُهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 247 234 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شَيْبَةَ، حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنِ الْأَشْعَثَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَمِّهِ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ فَسَايَرْتُ بِهِ نَاقَتَهُ الْقُصْوَى حَتَّى تَرَكْتُ الطَّرِيقَ وَأَبْعَدْتُ بِهِ، ثُمَّ نَزَلَ فَرَفَعَ يَدَيْهِ قَدْرَ مَا يَقْرَأُ الْإِنْسَانُ سُورَةً ذَكَرَهَا، ثُمَّ خَرَّ سَاجِدًا، فَمَكَثَ طَوِيلًا ثُمَّ قَامَ فَرَفَعَ يَدَيْهِ مَرَّةً أُخْرَى قَدْرَ مَا يَقْرَأُ الْإِنْسَانُ سُورَةَ هُودٍ، ثُمَّ خَرَّ سَاجِدًا فَمَكَثَ طَوِيلًا ثُمَّ قَامَ فَرَفَعَ يَدَيْهِ مِثْلَ الْمَرَّةِ الْأُولَى، ثُمَّ خَرَّ سَاجِدًا، فَمَكَثَ طَوِيلًا ثُمَّ قَامَ فَقَالَ: «سَأَلْتُ رَبِّي وَرَغِبْتُ إِلَيْهِ [ص: 248] فَأَعْطَانِي ثُلُثَ أُمَّتِي فَخَرَرْتُ سَاجِدًا لِرَبِّي شُكْرًا، ثُمَّ رَفَعْتُ فَسَأَلْتُ فَأَعْطَانِي الثُّلُثَ الْآخَرَ، فَخَرَرْتُ سَاجِدًا شُكْرًا، ثُمَّ سَأَلْتُهُ الثُّلُثَ الْآخَرَ فَأَعْطَانِي الثُّلُثَ الْآخَرَ فَخَرَرْتُ سَاجِدًا» الحديث: 234 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 247 235 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ رَبِّهِ، ثنا بَقِيَّةُ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَجَّاجُ بْنُ عُثْمَانَ السَّكْسَكِيُّ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ: أَقْبَلْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا بِهِ قَائِمٌ يُصَلِّي، وَسَجَدَ سَجْدَةً ظَنَنْتُ أَنَّ نَفْسَهُ قُبِضَتْ فِيهَا، فَقُلْتُ: رَأَيْتُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ سَجَدْتَ سَجْدَةً فَظَنَنْتُ أَنَّ نَفْسَكَ قَدْ قُبِضَتْ فِيهَا، قَالَ: " إِنِّي صَلَّيْتُ مَا كَتَبَ لِي رَبِّي، فَقَالَ لِي: يَا مُحَمَّدُ، مَا أَفْعَلُ بِأُمَّتِكَ؟ قُلْتُ: يَا رَبِّ أَنْتَ أَعْلَمُ، قَالَ: إِنِّي لَنْ أُخْزِيَكَ فِي أُمَّتِكَ يَا مُحَمَّدُ، فَسَجَدْتُ لِرَبِّي بِهَا، وَرَبُّكَ شَاكِرٌ يُحِبُّ الشَّاكِرِينَ " الحديث: 235 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 248 سَجْدَتُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شُكْرًا لِصَلَاتِهِ تَعَالَى عَلَى مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 249 236 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاذِ بْنِ يُوسُفَ، ثنا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ أَبِي عَمْرٍو، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: " إِنِّي لَقِيتُ جِبْرِيلَ فَبَشَّرَنِي وَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ لَكَ: مَنْ صَلَّى عَلَيْكَ صَلَّيْتُ عَلَيْهِ، وَمَنْ سَلَّمَ عَلَيْكَ سَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَسَجَدْتُ لِلَّهِ شُكْرًا " [ص: 250] 237 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا عَلِيُّ بْنُ بَحْرٍ الْقَطَّانُ، ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ، أَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، بِهَذَا الْحَدِيثِ الحديث: 236 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 249 سَجْدَةُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عِنْدَ قَبُولِ تَوْبَتِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 251 238 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ، أَنَا زِيَادٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ الْأَنْصَارِيِّ ثُمَّ السُّلَمِيِّ، أَنَّ أَبَاهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ كَعْبٍ، وَكَانَ قَائِدَ أَبِيهِ كَعْبٍ حِينَ أُصِيبَ بَصَرُهُ، حَدَّثَهُ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ، يُحَدِّثُ حَدِيثَهُ حِينَ تَخَلَّفَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ وَحَدِيثَ صَاحِبَيْهِ قَالَ: " كَمَلَ لَنَا خَمْسُونَ يَوْمًا مِنْ حِينِ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُسْلِمِينَ عَنْ كَلَامِنَا، ثُمَّ صَلَّيْتُ الصُّبْحَ صُبْحَ خَمْسِينَ عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِنَا عَلَى الْحَالِ الَّتِي ذَكَرَهَا اللَّهُ مِنَّا، قَدْ ضَاقَتْ عَلَيْنَا الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ، وَضَاقَتْ عَلَيَّ نَفْسِي، إِذْ سَمِعْتُ صَوْتَ صَارِخٍ فَأَوْفَى عَلَى سَلْعٍ يَقُولُ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: يَا كَعْبُ بْنَ مَالِكٍ أَبْشِرْ، فَخَرَرْتُ سَاجِدًا، وَعَلِمْتُ أَنْ قَدْ جَاءَ الْفَرَجُ، فَلَمَّا جَاءَنِي الَّذِي سَمِعْتُ صَوْتَهُ يُبَشِّرُنِي نَزَعْتُ ثَوْبَيَّ فَكَسَوْتُهُمَا إِيَّاهُ لِبِشَارَتِهِ، وَاللَّهِ مَا أَمْلِكُ غَيْرَهُمَا، وَاسْتَعَرْتُ ثَوْبَيْنِ فَلَبِسْتُهُمَا " الحديث: 238 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 251 239 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: " لَمْ أَتَخَلَّفْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا حَتَّى كَانَتْ غَزْوَةُ تَبُوكَ إِلَّا بَدْرًا، وَكَانَتْ آخِرَ غَزْوَةٍ غَزَاهَا، فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزْوَةَ تَبُوكَ وَقَفَلَ جَعَلَ يَأْتِيهِ مَنْ تَخَلَّفَ فَيَحْلِفُونَ لَهُ وَيَعْتَذِرُونَ إِلَيْهِ وَيَسْتَغْفِرُ لَهُمْ، يَقْبَلُ عَلَانِيَتَهُمْ وَيَكِلُ سَرَائِرَهُمْ إِلَى اللَّهِ، فَجِئْتُ فَجَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقُلْتُ: وَاللَّهِ مَا كُنْتُ قَطُّ أَيْسَرَ وَلَا أَخَفَّ حَاذًّا مِنِّي حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَّا هَذَا فَقَدْ صَدَقَكُمْ، قُمْ حَتَّى يَقْضِيَ اللَّهُ فِيكَ أَمْرَهُ» فَقُمْتُ وَقَامَ فِي إِثْرِي نَاسٌ مِنْ قَوْمِي يُؤَنِّبُونَنِي، فَمَا زَالُوا يُؤَنِّبُونَنِي حَتَّى هَمَمْتُ أَنْ أَرْجِعَ فَأُكَذِّبَ نَفْسِي، فَقُلْتُ: هَلْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ أَحَدٌ قَبْلِي؟ فَقَالُوا: قَالَهُ هِلَالُ بْنُ أُمَيَّةَ، وَمَرَارَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، فَذَكَرُوا رَجُلَيْنِ صَالِحَيْنِ قَدْ شَهِدَا بَدْرًا لِي فِيهِمَا أُسْوَةٌ، وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كَلَامِنَا أَيُّهَا الثَّلَاثَةِ، فَلَمَّا تَمَّتْ أَرْبَعُونَ لَيْلَةً إِذَا رَسُولٌ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَتَانِي فَقَالَ: اعْتَزِلِ امْرَأَتَكَ، فَقُلْتُ: أُطَلِّقُهَا؟ قَالَ: لَا، وَلَكِنُ لَا تَقْرَبْهَا، حَتَّى إِذَا مَضَتْ خَمْسُونَ لَيْلَةً مِنْ حِينِ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ عَنْ كَلَامِنَا صَلَّيْتُ عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ [ص: 253] لَنَا صَلَاةَ الصُّبْحِ ثُمَّ جَلَسْتُ وَأَنَا فِي الْمَنْزِلَةِ الَّتِي قَالَ اللَّهُ ضَاقَتْ عَلَيْنَا الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ، وَضَاقَتْ عَلَيْنَا أَنْفُسُنَا، إِذْ سَمِعْتُ نِدَاءً مِنْ ذِوْرَةِ سَلْعٍ أَنْ أَبْشِرْ كَعْبُ بْنَ مَالِكٍ، فَخَرَرْتُ سَاجِدًا وَعَرَفْتُ أَنَّ اللَّهَ قَدْ جَاءَ بِالْفَرَجِ، ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ يَرْكُضُ عَلَى فَرَسٍ يُبَشِّرُنِي، فَكَانَ الصَّوْتُ أَسْرَعَ مِنْ فَرَسِهِ، فَأَعْطَيْتُهُ ثَوْبَيَّ بِشَارَةً، وَلَبِسْتُ ثَوْبَيْنِ آخَرِينَ قِيلَ لِعَبْدِ الرَّزَّاقِ: رَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنْ غَيْرِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، رَوَاهُ مَرَّةً عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبٍ، وَمَرَّةً عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبٍ 240 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ 241 - وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَقِيلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، وَكَانَ قَائِدَ كَعْبٍ مِنْ بَنِيهِ حِينَ عَمِيَ، قَالَ: سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ، يُحَدِّثُ حَدِيثَهُ [ص: 254] 242 - قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى: وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ الْجَزَرِيُّ، ثنا مُوسَى بْنُ أَعْيَنَ، حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ رَاشِدٍ، أَنَّ الزُّهْرِيَّ، حَدَّثَهُ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ، وَاقْتَصُّوا الْحَدِيثَ وَبَعْضُهُمْ، يَزِيدُ عَلَى بَعْضٍ، وَهَذَا حَدِيثُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ الحديث: 239 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 252 سَجْدَةُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عِنْدَمَا بُشِّرَ بِالْفَتْحِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 254 243 - حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ، ثنا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ حُذَيْفَةَ، قَدِمَ بِفَتْحِ حِمْصَ قَالَ: «فَدَخَلْتُ عَلَى عُمَرَ فَبَشَّرْتُهُ فَسَجَدَ» الحديث: 243 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 254 244 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، «أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ،» جَاءَهُ فَتْحٌ مِنْ قِبَلِ الشَّامِ فَسَجَدَ سَجْدَةَ الشُّكْرِ " الحديث: 244 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 255 سَجْدَةُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عِنْدَ نُزُولِ الدَّهَاقِينِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 255 245 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنِي السَّرِيُّ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ، قَالَ: " قَدِمَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ دَهَاقِينُ فَارِسَ، فَخَرَجَ عَلَى حِمَارٍ فَاسْتَقْبَلَهُمْ، فَلَمَّا قِيلَ لَهُمْ: هَذَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، نَزَلُوا عَنْ دَوَابِّهِمْ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا، فَمَضَى حَتَّى إِذَا كَانَ مِنْ وَرَائِهِمْ، نَزَلَ فَخَرَّ لِلَّهِ سَاجِدًا " الحديث: 245 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 255 سَجْدَةُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عِنْدَ وِجْدَانِهِ الْمُخْدَجَ فِي الْقَتْلَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 255 246 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى شَرِيكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ رَجُلٍ يُكْنَى أَبَا مُوسَى قَالَ: " رَأَيْتُ عَلِيًّا سَجَدَ سَجْدَةَ الشُّكْرِ حِينَ وَجَدَ الْمُخْدَجَ، فَقَالَ [ص: 256] : وَاللَّهِ مَا كَذَبْتُ، وَلَا كُذِبْتُ " الحديث: 246 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 255 247 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ، ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنْ طَارِقِ بْنِ زِيَادٍ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ عَلِيٍّ إِلَى الْخَوَارِجِ نَقْتُلُهُمْ، ثُمَّ قَالَ: اطْلُبُوا، فَإِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «سَيَخْرُجُ قَوْمٌ يَتَكَلَّمُونَ بِالْحَقِّ لَا يُجَاوِزُ حُلُوقَهُمْ، سِيمَاهُمْ أَنَّ فِيهِمْ رَجُلًا أَسْوَدَ مُخْدَجَ الْيَدِ، فِي يَدِهِ شُعَيْرَاتٌ سُودٌ، إِنْ كَانَ فِيهِمْ فَقَدْ قَتَلْتُمْ شَرَّ النَّاسِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ فَقَدْ قَتَلْتُمْ خَيْرَ النَّاسِ» فَبَكَيْنَا، ثُمَّ قَالَ: اطْلُبُوا، فَطَلَبْنَا، فَوَجَدْنَا الْمُخْدَجَ، فَخَرَرْنَا سُجُودًا، وَخَرَّ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَعَنَا [ص: 257] سَاجِدًا " الحديث: 247 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 256 سُجُودُ أَهْلِ السَّمَاءِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَيُرْوَى أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِذَا نَزَلَ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا نَادَى مُنَادٍ: أَلَا نَزَلَ الْخَالِقُ الْعَلِيمُ فَيَسْجُدُ أَهْلُ السَّمَاءِ، فَلَا يَمُرُّ بِأَهْلِ سَمَاءٍ إِلَّا وَهُمْ سُجُودٌ، وَعَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «مَا مِنْهَا أَرْبَعُ أَصَابِعَ إِلَّا عَلَيْهِ مَلَكٌ سَاجِدٌ يُخْبِرُكَ أَنَّ جَمِيعَ أَهْلِ السَّمَوَاتِ لَيْسَ شَيْءٌ عِنْدَهُمْ أَعْظَمُ مِنَ السُّجُودِ، إِذَا عَلِمُوا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ تَجَلَّى لِلسَّمَوَاتِ اعْتَصَمُوا بِالسُّجُودِ تَعْظِيمًا وَإِجْلَالًا لَهُ» الجزء: 1 ¦ الصفحة: 257 248 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَمِّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ بْنُ السَّبَّاقِ، أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " يَنْزِلُ رَبُّنَا مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ فَيُنَادِي مُنَادٍ فِي السَّمَاءِ الْعُلْيَا: أَلَا نَزَلَ الْخَالِقُ الْعَلِيمُ فَيَسْجُدُ لَهُ أَهْلُ [ص: 258] السَّمَوَاتِ، ثُمَّ يُنَادِي فِيهِمْ مُنَادٍ بِذَلِكَ، فَلَا يَمُرُّ بِأَهْلِ سَمَاءٍ إِلَّا وَهُمْ سُجُودٌ " الحديث: 248 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 257 249 - حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْبَيْلَمَانِيُّ، قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّهُ " مَا مِنْ لَيْلَةٍ إِلَّا وَيَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَلَا يَمُرُّ بِأَهْلِ سَمَاءٍ إِلَّا سَجَدُوا لَهُ، فَلَا يَرْفَعُونَ رُءُوسَهُمْ حَتَّى يَرْجِعَ، فَإِذَا نَزَلَ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا تَأَطَّتْ وَرَعَدَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ تَعَالَى، فَإِذَا بَقِيَ ثُلُثُ اللَّيْلِ نَادَى: أَلَا مِنْ سَائِلٍ فَأُعْطِيَهُ، أَلَا مِنْ مُسْتَغْفِرٍ فَأَغْفِرَ لَهُ، أَلَا مِنْ دَاعٍ فَأُجِيبَهُ، حَتَّى يَنْفَجِرَ الصُّبْحُ " الحديث: 249 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 258 250 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [ص: 259] مَعَ أَصْحَابِهٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، إِذْ قَالَ لَهُمْ: «هَلْ تَسْمَعُونَ مَا أَسْمَعُ؟» قَالُوا: مَا نَسْمَعُ مِنْ شَيْءٍ، قَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي لَأَسْمَعُ أَطِيطَ السَّمَاءِ وَمَا تُلَامُ أَنْ تَئِطَّ، وَمَا فِيهَا مَوْضِعُ شِبْرٍ إِلَّا وَعَلَيْهِ مَلَكٌ سَاجِدٌ أَوْ قَائِمٌ» الحديث: 250 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 258 251 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ مُوَرِّقٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ، وَأَسْمَعُ مَا لَا تَسْمَعُونَ، أَطَّتِ السَّمَاءُ وَحَقَّ لَهَا أَنْ تَئِطَّ، مَا فِيهَا مَوْضِعُ أَرْبَعِ أَصَابِعَ إِلَّا وَمَلَكٌ وَاضِعٌ جَبْهَتَهُ سَاجِدًا لِلَّهِ، وَاللَّهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا، وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا» 252 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى [ص: 260] ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ الحديث: 251 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 259 253 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَهْزَادِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاذٍ الْفَضْلُ بْنُ خَالِدٍ النَّحْوِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْبَاهِلِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ بْنَ مُزَاحِمٍ، يُحَدِّثُ، عَنْ مَسْرُوقِ بْنِ الْأَجْدَعِ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَا فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا مَوْضِعُ قَدَمٍ إِلَّا عَلَيْهِ مَلَكٌ سَاجِدٌ أَوْ قَائِمٌ، وَذَلِكَ قَوْلُ الْمَلَائِكَةِ {وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ} [الصافات: 165] " الحديث: 253 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 260 254 - حَدَّثَنِي مَحْمُودُ بْنُ آدَمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ صُبَيْحٍ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: " إِنَّ [ص: 261] مِنَ السَّمَوَاتِ سَمَاءً مَا فِيهَا مَوْضِعُ شِبْرٍ إِلَّا وَعَلَيْهِ جَبْهَةُ مَلَكٍ أَوْ قَدَمَاهُ قَائِمًا، ثُمَّ قَرَأَ {وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ} [الصافات: 166] " الحديث: 254 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 260 255 - حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ سَيَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ الدِّمَشْقِيُّ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ أُمِّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي الْمُغِيرَةُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عَطِيَّةَ، مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ قَالَ: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ أَيُّوبَ، مِنْ بَنِي سَالِمِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ مَسْعُودٍ، مِنْ بَنِي الْحُبْلَى قَالَ: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الرَّبِيعِ، مِنْ بَنِي سَالِمٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْعَلَاءِ، مِنْ بَنِي سَاعِدَةَ، عَنْ أَبِيهِ الْعَلَاءِ بْنِ سَعْدٍ، وَقَدْ شَهِدَ الْفَتْحَ وَمَا بَعْدَهَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَوْمًا لِجُلَسَائِهِ: «هَلْ تَسْمَعُونَ مَا أَسْمَعُ؟» قَالُوا: وَمَا تَسْمَعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: أَطَّتِ السَّمَاءُ وَحَقَّ لَهَا أَنْ تَئِطَّ، إِنَّهُ لَيْسَ فِيهِا مَوْضِعُ قَدَمٍ إِلَّا وَعَلَيْهِ مَلَكٌ قَائِمٌ أَوْ رَاكِعٌ أَوْ سَاجِدٌ، وَقَالَتِ الْمَلَائِكَةُ [ص: 262] : {وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ} [الصافات: 166] " الحديث: 255 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 261 قِصَّةُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي صَرْعِ أَبِي جَحْشٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 262 256 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْفَرَوِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قُدَامَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابٍ رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهُ جَاءَ وَالصَّلَاةُ قَائِمَةٌ، وَنَفَرٌ ثَلَاثَةٌ جَالِسُونَ، أَحَدُهُمْ أَبُو جَحْشٍ اللَّيْثِيُّ، فَقَالَ: قُومُوا فَصَلُّوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَامَ اثْنَانِ، وَأَبَى أَبُو جَحْشٍ أَنْ يَقُومَ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: صَلِّ يَا أَبَا جَحْشٍ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: لَا أَقُومُ حَتَّى يَأْتِيَ رَجُلٌ هُوَ أَقْوَى مِنِّي ذِرَاعَيْنِ، أَوْ أَشَدُّ مِنِّي بَطْشًا فَيَصْرَعَنِي، ثُمَّ يَدُسُّ وَجْهِي فِي التُّرَابِ، قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: فَقُمْتُ إِلَيْهِ فَكُنْتُ أَشَدَّ مِنْهُ ذِرَاعَيْنِ وَأَقْوَى مِنْهُ بَطْشًا، فَصَرَعْتُهُ ثُمَّ دَسَسْتُ وَجْهَهُ [ص: 263] فِي التُّرَابِ، فَأَتَى عَلَيَّ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَحَجَزَنِي عَنْهُ، فَخَرَجَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مُغْضَبًا حَتَّى انْتَهَى إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا رَآهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَاذَا بِكَ يَا أَبَا حَفْصٍ» فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتَيْتُ عَلَى نَفَرٍ جُلُوسٍ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ.، فَقَصَّ الْقِصَّةَ إِلَى قَوْلِهِ: فَأَتَى عَلَيَّ عُثْمَانُ فَحَجَزَنِي عَنْهُ، مَا ذَاكَ إِلَّا أَنَّهُ ضَافَهُ لَيْلَةً فَأَحَبَّ أَنْ يَشْكُرَهَا لَهُ، فَسَمِعَ ذَلِكَ عُثْمَانُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا تَسْمَعُ مَا يَقُولُ لَنَا عُمَرُ عِنْدَكَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ رِضَى عُمَرَ رَحْمَةٌ، وَاللَّهِ عَلَى ذَاكَ لَوَدِدْتُ أَنَّكَ كُنْتَ جِئْتَنِي بِرَأْسِ الْخَبِيثِ» فَقَامَ عُمَرُ فَوَجَّهَ، فَلَمَّا أَبْعَدَ شَيْئًا نَادَاهُ فَقَالَ: " اجْلِسْ حَتَّى أُخْبِرَكَ بِغِنَى الرَّبِّ عَنْ صَلَاةِ أَبِي جَحْشٍ، إِنَّ لِلَّهِ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا مَلَائِكَةً خُشُوعًا لَا يَرْفَعُونَ رُءُوسَهُمْ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ، فَإِذَا قَامَتِ السَّاعَةُ رَفَعُوا رُءُوسِهُمْ ثُمَّ قَالُوا: رَبَّنَا مَا عَبَدْنَاكَ حَقَّ عِبَادَتِكَ، وَإِنَّ لِلَّهِ فِي السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ مَلَائِكَةً سُجُودًا لَا يَرْفَعُونَ رُءُوسَهُمْ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ، فَإِذَا قَامَتِ السَّاعَةُ رَفَعُوا رُءُوسَهُمْ ثُمَّ قَالُوا: رَبَّنَا مَا عَبَدْنَاكَ حَقَّ عِبَادَتِكَ، وَإِنَّ لِلَّهِ فِي السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ مَلَائِكَةً رُكُوعًا لَا يَرْفَعُونَ رُءُوسَهُمْ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ، فَإِذَا قَامَتِ السَّاعَةُ رَفَعُوا رُءُوسَهُمْ وَقَالُوا: سُبْحَانَكَ مَا عَبَدْنَاكَ حَقَّ عِبَادَتِكَ " فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: وَمَا يَقُولُونَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: " أَمَّا أَهْلُ [ص: 264] سَمَاءِ الدُّنْيَا فَيَقُولُونَ: سُبْحَانَ ذِي الْمُلْكِ وَالْمَلَكُوتِ، وَأَمَّا أَهْلُ السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ فَيَقُولُونَ: سُبْحَانَ ذِي الْعِزِّ وَالْجَبَرُوتِ، وَأَمَّا أَهْلِ السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ فَيَقُولُونَ: سُبْحَانَ الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ، فَقُلْهَا يَا عُمَرُ فِي صَلَاتِكَ " فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَكَيْفَ الَّذِي عَلَّمْتَنِي وَأَمَرْتَنِي أَنْ أَقُولَهُ فِي صَلَاتِي، قَالَ: «قُلْ هَذِهِ مَرَّةً، وَهَذِهِ مَرَّةً» وَكَانَ الَّذِي أَمَرَهُ بِهِ أَنْ قَالَ: «قُلْ أَعُوذُ بِعَفْوِكَ مِنْ عِقَابِكَ، وَأَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ جَلَّ وَجْهُكَ» الحديث: 256 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 262 257 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَيَّارٍ، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْعَتَكِيُّ، ثنا يَعْقُوبُ الْقُمِّيُّ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ [ص: 265] : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمًا يُصَلِّي، فَمَرَّ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْمُنَافِقِينَ فَقَالَ لَهُ: النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي وَأَنْتَ جَالِسٌ؟ قَالَ: مُرَّ إِلَى عَمَلِكَ، قَالَ: مَا أَظُنُّ إِلَّا سَيَمُرُّ عَلَيْكَ مَنْ يُنْكِرُعَلَيْكَ، فَمَرَّ عَلَيْهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ: هَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي وَأَنْتَ جَالِسٌ؟ فَقَالَ لَهُ: مُرَّ إِلَى عَمَلِكَ إِنْ كَانَ لَكَ عَمَلٌ، قَالَ: هَذَا مِنْ عَمَلِي فَوَثَبَ عَلَيْهِ فَضَرَبَهُ حَتَّى انْبَهَرَ، ثُمَّ دَخَلَ فَصَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا انْفَتَلَ قَامَ إِلَيْهِ عُمَرُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي مَرَرْتُ عَلَى فُلَانٍ آنِفًا وَأَنْتَ تُصَلِّي فَقُلْتُ: النَّبِيُّ يُصَلِّي وَأَنْتَ جَالِسٌ؟ فَقَالَ: مُرَّ إِلَى عَمَلِكَ إِنْ كَانَ لَكَ عَمَلٌ، قَالَ: «فَهَلَّا ضَرَبْتَ عُنُقَهُ؟» فَقَامَ عُمَرُ مُسْرِعًا لِيَضْرِبَ عُنُقَهُ، فَقَالَ: «يَا عُمَرُ ارْجِعْ، فَإِنَّ غَضَبَكَ عِزٌّ، وَرِضَاكَ حُكْمٌ» ثُمَّ قَالَ لَهُ: «إِنَّ لِلَّهِ فِي السَّمَوَاتِ السَّبْعِ مَلَائِكَةً يُصَلُّونَ غِنًى عَنْ صَلَاةِ فُلَانٍ» فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا صَلَاتُهُمْ؟ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ شَيْئًا، حَتَّى جَاءَهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَوْ يَا نَبِيَّ اللَّهِ، سَأَلَكَ عُمَرُ عَنْ صَلَوَاتِ أَهْلِ السَّمَوَاتِ؟ قَالَ: «نَعَمْ» قَالَ: أَقْرِئْ عُمَرَ السَّلَامَ وَأَخْبِرْهُ أَنَّ أَهْلَ السَّمَاءِ الدُّنْيَا سُجُودٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ يَقُولُونَ: سُبْحَانَ ذِي الْمُلْكِ وَالْمَلَكُوتِ، وَأَهْلُ السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ رُكُوعٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ يَقُولُونَ: سُبْحَانَ ذِي الْعِزِّ وَالْجَبَرُوتِ، وَأَهْلُ السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ قِيَامٌ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ يَقُولُونَ: سُبْحَانَ الْحَيِّ [ص: 266] الَّذِي لَا يَمُوتُ " الحديث: 257 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 264 258 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: جَاءَ عُمَرُ وَالنَّاسُ مُجْتَمِعُونَ عَلَى أَبِي جَحْشٍ يَقُولُونَ لَهُ: صَلِّ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَا أَفْعَلُ حَتَّى يَأْخُذَنِي رَجُلٌ هُوَ أَشَدُّ مِنِّي ذِرَاعًا فَيَلُوثُنِي فِي الْأَرْضِ، فَقَالَ عُمَرُ: أَنَا أَشَدُّ مِنْكَ ذِرَاعًا، فَأَخَذَهُ فَلَاثَهُ بِالْأَرْضِ لَوْثًا، ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ أَتْعَبَهُ فَقَالَ: خَلِّ عَنْهُ، فَخَلَّى سَبِيلَهُ، ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " هَلْ أُخْبِرُكَ بِغِنَى اللَّهِ عَنْ صَلَاةِ أَبِي جَحْشٍ، إِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا قِيَامًا مِنْ يَوْمِ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ إِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ، لَوْ قِيسَ بَيْنَهُمْ بِشَعْرَةٍ مَا انْقَاسَتْ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ قَالُوا: سُبْحَانَكَ مَا عَبَدْنَاكَ حَقَّ عِبَادَتِكَ، وَإِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً فِي السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ رُكُوعًا مِنْ يَوْمِ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ إِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ، لَوْ قِيسَ بَيْنَهُمْ بِشَعْرَةٍ مَا انْقَاسَتْ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ قَالُوا: سُبْحَانَكَ مَا عَبَدْنَاكَ حَقَّ عِبَادَكَ، وَإِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً فِي السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ سُجُودٌ مِنْ يَوْمِ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ إِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ، لَوْ قِيسَ بَيْنَهُمْ بِشَعْرَةٍ مَا انْقَاسَتْ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ قَالُوا: سُبْحَانَكَ مَا عَبَدْنَاكَ حَقَّ عِبَادَتِكَ، فَهَذَا غِنَى اللَّهِ عَنْ صَلَاةِ أَبِي جَحْشٍ، وَلِأَبِي [ص: 267] جَحْشٍ فِي النَّارِ مَثْوًى " فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَمَا يَقُولُ أَهْلُ السَّمَاءِ الدُّنْيَا وَأَهْلُ السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ وَأَهْلُ السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ؟ قَالَ: «لَا أَدْرِي» فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ: يَقُولُ أَهْلُ السَّمَاءِ الدُّنْيَا: سُبْحَانَ ذِي الْمُلْكِ وَالْمَلَكُوتِ، وَيَقُولُ أَهْلُ السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ: سُبْحَانَ ذِي الْعِزَّةِ وَالْجَبَرُوتِ، وَيَقُولُ أَهْلُ السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ: سُبْحَانَ الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ " الحديث: 258 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 266 259 - حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ، ثنا زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: «مَا فِي السَّمَوَاتِ السَّبْعِ مَوْضِعٌ إِلَّا وَعَلَيْهِ مَلَكٌ قَائِمٌ أَوْ رَاكِعٌ أَوْ سَاجِدٌ» الحديث: 259 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 267 260 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَهْزَادِ، أَنَا النَّضْرُ، أَنَا عَبَّادُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَدِيَّ بْنَ أَرْطَاةَ، وَهُوَ يَخْطُبُنَا عَلَى مِنْبَرِ الْمَدَائِنِ قَالَ: سَمِعْتُ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بَيْنِي وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرُهُ يُحَدِّثُنِي، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً تَرْعَدُ فَرَائِصُهُمْ مِنْ خِيفَتِهِ، مَا مِنْهُمْ مَلَكٌ يَقْطُرُ دَمْعُهُ مِنْ عَيْنِهِ إِلَّا وَقَعَتْ مَلَكًا قَائِمًا يُصَلِّي، وَإِنَّ مِنْهُمْ مَلَائِكَةً سُجُودًا مُنْذُ [ص: 268] خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ لَمْ يَرْفَعُوا رُءُوسَهُمْ، لَا يَرْفَعُونَهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَإِنَّ مِنْهُمْ رُكُوعًا لَمْ يَرْفَعُوا رُءُوسَهُمْ مُنْذُ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ، فَلَا يَرْفَعُونَهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَإِذَا رَفَعُوا رُءُسَهُمْ وَنَظَرُوا إِلَى وَجْهِ اللَّهِ قَالُوا: سُبْحَانَكَ مَا عَبَدْنَاكَ كَمَا يَنْبَغِي لَكَ " الحديث: 260 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 267 جَمِيعُ أَعْمَالِ الصَّلَاةِ تَوْحِيدٌ لِلَّهِ وَتَعْظِيمٌ لَهُ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: فَلَا عَمِلَ بَعْدَ تَوْحِيدِ اللَّهِ أَفْضَلُ مِنَ الصَّلَاةِ لِلَّهِ، لِأَنَّهُ افْتَتَحَهَا بِالتَّوْحِيدِ وَالتَّعْظِيمِ لِلَّهِ بِالتَّكْبِيرِ، ثُمَّ الثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ، وَهِيَ قِرَاءَةُ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ، وَهِيَ حَمْدٌ لِلَّهِ وَثَنَاءٌ عَلَيْهِ، وَتَمْجِيدٌ لَهُ وَدُعَاءٌ، وَكَذَلِكَ التَّسْبِيحُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالتَّكْبِيرَاتِ عِنْدَ كُلِّ خَفْضٍ وَرَفْعٍ، كُلُّ ذَلِكَ تَوْحِيدٌ لِلَّهِ وَتَعْظِيمٌ لَهُ، وَخَتَمَهَا بِالشَّهَادَةِ لَهُ بِالتَّوْحِيدِ، وَلِرَسُولِهِ بِالرِّسَالَةِ، وَرُكُوعُهَا وَسُجُودُهَا خُشُوعًا لَهُ وَتَوَاضُعًا، وَرَفْعُ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الِافْتِتَاحِ وَالرُّكُوعِ، وَرَفْعُ الرَّأْسِ تَعْظِيمًا لِلَّهِ وَإِجْلَالًا لَهُ، وَوَضْعُ الْيَمِينِ عَلَى الشِّمَالِ بِالِانْتِصَابِ لِلَّهِ تَذَلُّلًا لَهُ، وَإِذْعَانًا بِالْعُبُودِيَّةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 268 افْتِخَارُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّهُ أَوَّلُ مَأْذُونٍ لِلسُّجُودِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَبْتَهِجُ وَيُخْبِرُ أُمَّتَهُ تَعْظِيمَ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَيْهِ، مِمَّا يَخُصُّهُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَنْ يَجْعَلَهُ أَوَّلَ مَأْذُونٍ لَهُ بِالسُّجُودِ [ص: 269] يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَخْبَرَ أَنَّهُ إِذَا قَصَدَ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَيَشْفَعَ لِأَهْلِ التَّوْحِيدِ خَرَّ سَاجِدًا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَلَا يَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يُؤْمَرَ بِرَفْعِ رَأْسِهِ، وَيُجَابُ إِلَى مَا سَأَلَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 268 أَحَادِيثُ الشَّفَاعَةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 269 261 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ الْمَرْوَزِيُّ، ثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ، أَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا ذَرٍّ، وَأَبَا الدَّرْدَاءِ، قَالَا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَا أَوَّلُ مَنْ يُؤْذَنُ لَهُ فِي السُّجُودِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَوَّلُ مَنْ يُؤْذَنُ لَهُ بِرَفْعِ رَأْسِهِ، فَأَنْظُرُ بَيْنَ يَدَيَّ فَأَعْرِفُ أُمَّتِي مِنْ بَيْنِ الْأُمَمِ، فَأَنْظُرُ عَنْ يَمِينِي فَأَعْرِفُ أُمَّتِي مِنْ بَيْنِ الْأُمَمِ، فَأَنْظُرُ عَنْ شِمَالِي فَأَعْرِفُ أُمَّتِي مِنْ بَيْنِ الْأُمَمِ» فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ تَعْرِفُ أُمَّتَكَ مِنْ بَيْنِ الْأُمَمِ؟ قَالَ: «غُرٌّ مُحَجَّلُونَ مِنْ آثَارِ الطُّهُورِ، وَلَا يَكُونُ أَحَدٌ مِنَ الْأُمَمِ كَذَلِكَ غَيْرُهُمْ، فَأَعْرِفُهُمْ أَنَّهُمْ يُؤْتَوْنَ كُتُبَهُمْ بِأَيْمَانِهِمْ، وَأَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ، وَأَعْرِفُهُمْ بِنُورِهِمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ» الحديث: 261 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 269 262 - حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ فُضَيْلُ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَجْمَعُ اللَّهُ النَّاسَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَهْتَمُّونَ لِذَلِكَ وَيَقُولُونَ: لَوِ اسْتَشْفَعْنَا إِلَى رَبِّنَا حَتَّى يُرِيحَنَا مِنْ مَكَانِنَا هَذَا، فَيَأْتُونَ آدَمَ فَيَقُولُونَ: أَنْتَ آدَمُ أَبُو الْخَلْقِ، خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ، وَنَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ، وَأَمَرَ الْمَلَائِكَةَ فَسَجَدُوا لَكَ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ حَتَّى يُرِيحَنَا مِنْ مَكَانِنَا هَذَا، فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، فَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ الَّتِي أَصَابَ فَيَسْتَحْيِي رَبَّهُ مِنْهَا، وَلَكِنِ ائْتُوا نُوحًا أَوَّلَ رَسُولٍ بَعَثَهُ اللَّهُ، فَيَأْتُونَ نُوحًا فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ الَّتِي أَصَابَ فَيَسْتَحْيِي رَبَّهُ مِنْهَا، وَلَكِنِ ائْتُوا إِبْرَاهِيمَ الَّذِي اتَّخَذَهُ اللَّهُ خَلِيلًا، فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيمَ فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ الَّتِي أَصَابَ، فَيَسْتَحْيِي رَبَّهُ مِنْهَا، وَلَكِنِ ائْتُوا مُوسَى الَّذِي كَلَّمَهُ اللَّهُ، فَيَأْتُونَ مُوسَى فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ الَّتِي أَصَابَ، فَيَسْتَحْيِي رَبَّهُ، وَلَكِنِ ائْتُوا عِيسَى رَوْحَ اللَّهِ وَكَلِمَتَهُ، فَيَأْتُونَ عِيسَى فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، وَلَكِنِ ائْتُوا مُحَمَّدًا عَبْدًا قَدْ غَفَرَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ " قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فَيَأْتُونِي فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي فَيَأْذَنُ لِي، فَإِذَا أَنَا رَأَيْتُهُ وَقَعْتُ لَهُ سَاجِدًا، فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ ثُمَّ يُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ، ارْفَعْ رَأْسَكَ، قُلْ يُسْمَعْ، وَسَلْ [ص: 271] تُعْطَهْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَيَحُدُّ لِي حَدًّا فَأُخْرِجُهُمْ مِنَ النَّارِ فَأُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ، ثُمَّ أَعُودُ فَأَقَعُ سَاجِدًا فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ أَنْ يَدَعَنِي، ثُمَّ يُقَالُ لِي: «ارْفَعْ يَا مُحَمَّدُ رَأْسَكَ، قُلْ يُسْمَعْ، وَسَلْ تُعْطَهْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ» ، فَأَرْفَعُ رَأْسِي فَأَحْمَدُ رَبِّي بِتَحْمِيدٍ عَلَّمَنِيهِ، ثُمَّ أَشْفَعُ، فَيَحُدُّ لِي حَدًّا فَأُخْرِجُهُمْ مِنَ النَّارِ وَأُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ، قَالَ: فَلَا أَدْرِي أَقَالَ فِي الثَّالِثَةِ أَمِ الرَّابِعَةِ، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ، مَا بَقِيَ فِي النَّارِ إِلَّا مَنْ حَبَسَهُ الْقُرْآنُ، أَيْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْخُلُودُ " 263 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، ثنا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يُجْمَعُ الْمُؤْمِنُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ [ص: 272] 264 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، ثنا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ الحديث: 262 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 270 265 - حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْجُنَيْدِ، ثنا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ، ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيُّ إِلَّا لَهُ دَعْوَةٌ يَتَنَجَّزُهَا فِي الدُّنْيَا، وَإِنِّي اخْتَبَأْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لِأُمَّتِي، وَأَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ، وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ يَنْشَقُّ عَنْهُ [ص: 273] الْأَرْضُ وَلَا فَخْرَ، وَبِيَدِي لِوَاءُ الْحَمْدِ وَلَا فَخْرَ، وَآدَمُ فَمَنْ دُونَهُ تَحْتَ لِوَائِي، فَيَطُولُ يَوْمُ الْقِيَامَةِ عَلَى النَّاسِ حَتَّى يَقُولَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: انْطَلِقُوا بِنَا إِلَى آدَمَ أَبِي الْبَشَرِ فَيَشْفَعُ لَنَا إِلَى رَبِّنَا، فَلْيَقْضِ بَيْنَنَا، فَيَأْتُونَ آدَمَ فَيَقُولُونَ: يَا آدَمُ أَنْتَ الَّذِي خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ، وَأَسْكَنَكَ جَنَّتَهُ، وَأَسْجَدَ لَكَ مَلَائِكَتَهُ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ فَلْيَقْضِ بَيْنَنَا، فَيَقُولُ: إِنِّي لَسْتُ هُنَاكُمْ، إِنِّي أُخْرِجْتُ مِنَ الْجَنَّةِ بِخَطِيئَتِي، وَإِنَّهُ لَا يُهِمُّنِي إِلَّا نَفْسِي، وَلَكِنِ ائْتُوا نُوحًا رَأْسَ النَّبِيِّينَ، فَيَأْتُونَ نُوحًا فَيَقُولُونَ: يَا نُوحُ اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ فَلْيَقْضِ بَيْنَنَا، فَيَقُولُ: إِنِّي لَسْتُ هُنَاكُمْ، إِنِّي دَعَوْتُ دَعْوَةً أَغْرَقَتْ أَهْلَ الْأَرْضِ، وَإِنِّي لَا يُهِمُّنِي إِلَّا نَفْسِي، وَلَكِنِ ائْتُوا إِبْرَاهِيمَ خَلِيلَ الرَّحْمَنِ، فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيمَ فَيَقُولُونَ: اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ فَلْيَقْضِ بَيْنَنَا، فَيَقُولُ: إِنِّي لَسْتُ هُنَاكُمْ، إِنِّي كَذَبْتُ فِي الْإِسْلَامِ ثَلَاثَ كَذِبَاتٍ، وَإِنَّهُ لَا يُهِمُّنِي الْيَوْمَ إِلَّا نَفْسِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَإِنْ حَاوَلَ بِهِنَّ إِلَّا عَنْ دِينِ اللَّهِ: قَوْلُهُ: {إِنِّي سَقِيمٌ} [الصافات: 89] ، وَقَوْلُهُ: {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا} [الأنبياء: 63] وَقَوْلُهُ لَامْرَأَتِهِ: إِنَّهَا أُخْتِي، وَأَنَّهُ لَا يُهِمُّنِي الْيَوْمَ إِلَّا نَفْسِي، وَلَكِنِ ائْتُوا مُوسَى الَّذِي اصْطَفَاهُ اللَّهُ بِرِسَالَتِهِ وَبِكَلَامِهِ، فَيَأْتُونَ مُوسَى فَيَقُولُونَ: يَا مُوسَى أَنْتَ الَّذِي اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِرِسَالَتِهِ وَبِكَلَامِهِ، فَاشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ فَلْيَقْضِ بَيْنَنَا، فَيَقُولُ: إِنِّي لَسْتُ هُنَاكَ، وَإِنِّي قَتَلْتُ نَفْسًا بِغَيْرِ [ص: 274] نَفْسٍ، وَإِنَّهُ لَا يُهِمُّنِي الْيَوْمَ إِلَّا نَفْسِي، وَلَكِنِ ائْتُوا عِيسَى رَوْحَ اللَّهِ وَكَلِمَتَهُ، فَيَأْتُونَ عِيسَى فَيَقُولُونَ: يَا عِيسَى، أَنْتَ رَوْحُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ فَلْيَقْضِ بَيْنَنَا، فَيَقُولُ: إِنِّي لَسْتُ هُنَاكُمْ، إِنِّي اتَّخَذْتُ إِلَهًا مِنْ دُونِ اللَّهِ، وَإِنِّي لَا يُهِمُّنِي الْيَوْمَ إِلَّا نَفْسِي، وَلَكِنْ أَرَأَيْتُمْ لَوْ كَانَ مَتَاعٌ فِي وِعَاءٍ مَخْتُومٍ عَلَيْهِ، أَكَانَ يُقْدَرُ عَلَى مَا فِي الْوِعَاءِ حَتَّى يُفَضَّ الْخَاتَمُ؟ فَيَقُولُونَ: لَا، فَيَقُولُ: إِنَّ مُحَمَّدًا خَاتَمُ النَّبِيِّينَ، وَقَدْ حَضَرَ الْيَوْمَ، وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَيَأْتُونِي فَيَقُولُونَ: يَا مُحَمَّدُ اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ فَلْيَقْضِ بَيْنَنَا، فَأَقُولُ: نَعَمْ، أَنَا لَهَا، حَتَّى يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى، فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَصْدَعَ بَيْنَ خَلْقِهِ نَادَى مُنَادٍ: أَيْنَ أَحْمَدُ وَأُمَّتُهُ، فَنَحْنُ الْآخِرُونَ وَالْأَوَّلُونَ، آخِرُ الْأُمَمِ وَأَوَّلُ مَنْ يُحَاسَبُ، فَيُفْرَجُ لَنَا الْأُمَمُ عَنْ طَرِيقِنَا، فَنَمْضِي غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ آثَارِ الطُّهُورِ، فَتَقُولُ الْأُمَمُ: كَادَتْ هَذِهِ الْأُمَّةُ أَنْ يَكُونُوا أَنْبِيَاءَ كُلَّهَا، فَآتِي بَابَ الْجَنَّةِ فَآخُذُ بِحَلْقَةِ الْبَابِ فَأَقْرَعُ الْبَابَ فَيُقَالُ: مَنْ أَنْتَ؟ فَأَقُولُ مُحَمَّدٌ، فَيُفْتَحُ لِي، فَأَرَى رَبِّي وَهُوَ عَلَى سَرِيرِهِ أَوْ كُرْسِيِّهِ فَأَخِرُّ سَاجِدًا، فَأَحْمَدُهُ بِمَحَامِدَ لَمْ يَحْمَدْهُ بِهَا أَحَدٌ قَبْلِي، وَلَنْ يَحْمَدَهُ بِهَا أَحَدٌ بَعْدِي، فَيُقَالُ لِي: «ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَقُلْ يُسْمَعْ لَكَ، وَسَلْ تُعْطَهْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ» ، فَأَرْفَعُ رَأْسِي فَأَقُولُ: أَيْ رَبِّ، أُمَّتِي أُمَّتِي [ص: 275] ، فَيَقُولُ: «أَخْرِجْ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثَالُ شَعِيرَةٍ» ، فَأُخْرِجُهُمْ ثُمَّ أَعُودُ فَأَخِرُّ سَاجِدًا، فَأَحْمَدُهُ بِمَحَامِدَ لَمْ يَحْمَدْهُ بِهَا أَحَدٌ قَبْلِي، وَلَنْ يَحْمَدَهُ بِهَا أَحَدٌ بَعْدِي، فَيُقَالُ: «ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَقُلْ يُسْمَعْ لَكَ، وَسَلْ تُعْطَهْ» ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَرْفَعُ رَأْسِي فَأَقُولُ: «أَيْ رَبِّ، أُمَّتِي أُمَّتِي» ، فَيُقَالُ: «أَخْرِجْ مِنَ النَّارِ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثَالُ بُرَّةٍ» ، ثُمَّ أَعُودُ فَأَخِرُّ سَاجِدًا، فَأَحْمَدُهُ بِمِثْلِ ذَلِكَ، فَيُقَالُ: «ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَقُلْ يُسْمَعْ لَكَ، وَسَلْ تُعْطَ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ» ، فَأَقُولُ: «أَيْ رَبِّ أُمَّتِي» ، فَيُقَالُ: أَخْرِجْ مِنَ النَّارِ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ " 266 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْجُنَيْدِ الْبَغْدَادِيُّ، ثنا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ، ثنا حَمَّادٌ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: «أَخْرِجْ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ كَذَا وَكَذَا» ، وَلَمْ يَحْفَظْ حَمَّادٌ، وَفِي الثَّانِيَةِ كَذَا وَكَذَا، وَلَمْ يَحْفَظْ حَمَّادٌ 267 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْجُنَيْدِ، ثنا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ، ثنا حَمَّادٌ، عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِ حَدِيثِ ثَابِتٍ الحديث: 265 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 272 268 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ النَّسَوِيُّ، ثنا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُسَامَةَ بْنِ الْهَادِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " إِنِّي لَأَوَّلُ النَّاسِ تَنْشَقُّ الْأَرْضُ عَنْ جُمْجُمَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ، وَأُعْطَى لِوَاءَ الْحَمْدِ وَلَا فَخْرَ، وَأَنَا سَيِّدُ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ، آتِي بَابَ الْجَنَّةِ فَآخُذُ بِحَلْقَتِهَا فَيَقُولُونَ: مَنْ هَذَا؟ فَأَقُولُ: مُحَمَّدٌ، فَيَفْتَحُونَ لِي فَأَدْخَلُ فَأَجِدُ الْجَبَّارَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مُسْتَقْبِلِي، فَأَسْجُدُ لَهُ فَيَقُولُ: «ارْفَعْ رَأْسَكَ يَا مُحَمَّدُ، وَتَكَلَّمْ أَسْمَعْ مِنْكَ، وَقُلْ يُقْبَلْ مِنْكَ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ» ، فَأَرْفَعُ رَأْسِي فَأَقُولُ: «أُمَّتِي أُمَّتِي يَا رَبِّ» ، فَيَقُولُ: «اذْهَبْ إِلَى أُمَّتِكَ فَمَنْ وَجَدْتَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ شَعِيرٍ مِنَ الْإِيمَانِ فَأَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ، فَأُقْبِلُ فَمَنْ وَجَدْتُ فِي قَلْبِهِ ذَلِكَ فَأُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ» ، فَأَرَى الْجَبَّارَ مُسْتَقْبِلِي، فَأَسْجُدُ لَهُ فَيَقُولُ: «ارْفَعْ رَأْسَكَ يَا مُحَمَّدُ، وَتَكَلَّمْ أَسْمَعْ مِنْكَ، وَقُلْ يُقْبَلْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ» ، فَأَرْفَعُ رَأْسِي فَأَقُولُ: أُمَّتِي أُمَّتِي يَا رَبِّ، فَيَقُولُ: «اذْهَبْ إِلَى أُمَّتِكَ فَمَنْ وَجَدْتَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ نِصْفِ حَبَّةٍ مِنْ شَعِيرٍ ثَابِتٍ [ص: 277] مِنَ الْإِيمَانِ فَأَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ» ، فَأَذْهَبُ فَمَنْ وَجَدْتُ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ ذَلِكَ أَدْخَلْتُهُمُ الْجَنَّةَ، فَأَجِدُ الْجَبَّارَ مُسْتَقْبِلِي، فَأَسْجُدُ لَهُ فَيَقُولُ: «ارْفَعْ رَأْسَكَ يَا مُحَمَّدُ، وَتَكَلَّمْ يُسْمَعْ مِنْكَ، وَقُلْ يُقْبَلْ مِنْكَ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ» ، فَأَرْفَعُ رَأْسِي فَأَقُولُ: أُمَّتِي أُمَّتِي يَا رَبِّ، فَيَقُولُ: «اذْهَبْ إِلَى أُمَّتِكَ، فَمَنْ وَجَدْتَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنَ الْإِيمَانِ فَأَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ» ، فَأَذْهَبُ فَمَنْ وَجَدْتُ فِي قَلْبِهِ ذَلِكَ أَدْخَلْتُهُمُ الْجَنَّةَ، وَفَرَغَ مِنْ حِسَابِ النَّاسِ، وَأُدْخِلُ مَنْ بَقِيَ مِنْ أُمَّتِي النَّارَ مَعَ أَهْلِ النَّارِ، فَيَقُولُ أَهْلُ النَّارِ: مَا أَغْنَى عَنْكُمْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ اللَّهَ لَا تُشْرِكُونَ بِهِ شَيْئًا، فَيَقُولُ الْجَبَّارُ: «بِعِزَّتِي لَأُعْتِقَنَّهُمْ مِنَ النَّارِ» ، فَيُرْسِلُ إِلَيْهِمْ فَيَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ قَدِ امْتُحِشُوا، فَيَدْخُلُونَ فِي نَهَرِ الْحَيَاةِ فَيَنْبُتُونَ فِيهِ كَمَا يَنْبُتُ الْحَبَّةُ فِي غُثَاءِ السَّيْلِ، يُكْتَبُ بَيْنَ أَعْيُنِهِمْ: هَؤُلَاءِ عُتَقَاءُ اللَّهِ، فَيُذْهَبُ بِهِمْ فَيُدْخَلُونَ الْجَنَّةَ، فَيَقُولُ لَهُمْ أَهْلُ الْجَنَّةِ: هَؤُلَاءِ الْجَهَنَّمِيُّونَ، فَيَقُولُ الْجَبَّارُ: «هَؤُلَاءِ عُتَقَاءُ الْجَبَّارِ» الحديث: 268 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 276 269 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، حَدَّثَنِي أَخِي، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ زِيَادٍ النُّمَيْرِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " أَنَا أَوَّلُ مَنْ يَنْفَلِقُ الْأَرْضُ عَنْ جُمْجُمَتِهِ وَلَا فَخْرَ، وَأَنَا سَيِّدُ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ، وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ يُفْتَحُ لَهُ الْجَنَّةُ وَلَا فَخْرَ، فَآخُذُ بِحَلْقَةِ الْجَنَّةِ فَأَسْتَفْتِحُ فَيُقَالُ: مَنْ هَذَا؟ فَأَقُولُ: مُحَمَّدٌ، فَيُفْتَحُ لِي، فَيَسْتَقْبِلُنِي وَجْهُ الْجَبَّارِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، فَأَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا، فَيَقُولُ: «يَا مُحَمَّدُ، قُلْ يُسْمَعْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، وَسَلْ تُعْطَهْ» ، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ أُمَّتِي أُمَّتِي، فَيَقُولُ: «اذْهَبْ فَمَنْ وَجَدْتَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ شَعِيرٍ إِيمَانًا فَأَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ» ، فَأَذْهَبُ فَأُدْخِلُ مَنْ شَاءَ اللَّهُ بِرَحْمَتِهِ، ثُمَّ أَدْخَلُ الْجَنَّةَ فَيَسْتَقْبِلُنِي الْجَبَّارُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، فَأَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا، فَيَقُولُ: «يَا مُحَمَّدُ، قُلْ يُسْمَعْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، وَسَلْ تُعْطَهْ» ، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ، أُمَّتِي أُمَّتِي، فَيَقُولُ: «اذْهَبْ فَمَنْ وَجَدْتَ فِي قَلْبِهِ نِصْفَ مِثْقَالِ حَبَّةٍ مِنْ شَعِيرٍ إِيمَانًا فَأَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ» ، فَأَذْهَبُ فَأُدْخِلُ مَنْ شَاءَ اللَّهُ بِرَحْمَتِهِ أَنْ يُدْخِلَ، ثُمَّ أَدْخَلُ فَيَسْتَقْبِلُنِي الْجَبَّارُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، فَأَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا، فَيَقُولُ: «يَا مُحَمَّدُ، قُلْ يُسْمَعْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، وَسَلْ تُعْطَهْ» ، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ أُمَّتِي أُمَّتِي، فَيَقُولُ: «اذْهَبْ فَمَنْ وَجَدْتَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلِ مِنْ إِيمَانٍ فَأَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ» ، فَأَذْهَبُ فَأُمَيِّزُ وَأُدْخِلُ [ص: 279] مَنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ يُدْخِلَ بِرَحْمَتِهِ، وَآخُذُ مَنْ شَاءَ بِذَنَبِهِ فَأُدْخِلُهُ النَّارَ، فَقَالَ نَاسٌ كَانُوا يُشْرِكُونَ بِاللَّهِ لِنَاسٍ لَمْ يُشْرِكُوا أَدْخَلَهُمُ اللَّهُ النَّارَ بِذُنُوبِهِمْ: مَا أَغْنَى عَنْكُمْ إِسْلَامُكُمْ، فَيَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: «بِعِزَّتِي وَجَبَرُوتِي وَعُلُوِّ مَكَانِي لَأُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا» ، فَيَخْرُجُونَ فَيُلْقَوْنَ فِي نَهَرِ الْحَيَاةِ، فَيَنْبُتُونَ كَمَا يَنْبُتُ الْحَبَّةَ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ، أَوَلَمْ تَرَوْا مَا يَلِي الشَّمْسَ مِنْهَا أَخْضَرُ، وَمَا يَلِي الظِّلَّ أَصْفَرَ؟ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَقَدْ كُنْتُ دُعِيتُ فَيَقُولُونَ: هَؤُلَاءِ الْجَهَنَّمِيُّونَ، فَيَقُولُ الرَّحْمَنُ: " لَا تَقُولُوا الْجَهَنَّمِيُّونَ، وَلَكِنْ قُولُوا: هَؤُلَاءِ عُتَقَاءُ الرَّحْمَنِ " الحديث: 269 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 278 270 - حَدَّثَنَا أَبُو قُدَامَةَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، ثنا أَبُو حَيَّانَ التَّيْمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو زُرْعَةَ بْنُ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَحْمٍ، فَدُفِعَ إِلَيْهِ الذِّرَاعُ، وَكَانَتْ تُعْجِبُهُ، فَنَهَسَ مِنْهَا نَهْسَةً فَقَالَ: " أَنَا سَيِّدُ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَهَلْ تَدْرُونَ لِمَ ذَاكَ؟ قَالَ: " يَجْمَعُ اللَّهُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، فَيُسْمِعُهُمُ الدَّاعِيَ، وَيَنْفُذُهُمُ الْبَصَرَ، وَتَدْنُو الشَّمْسُ، فَيَبْلُغُ النَّاسَ مِنَ الْكَرْبِ وَالْغَمِّ مَا لَا يُطِيقُونَ [ص: 280] وَلَا يَحْمِلُونَ، فَيَقُولُ بَعْضُ النَّاسِ لِبَعْضٍ: أَلَا تَرَوْنَ إِلَى مَا أَنْتُمْ فِيهِ؟ أَلَا تَنْظُرُونَ مَنْ يَشْفَعُ لَكُمْ إِلَى رَبِّكُمْ؟ فَيَقُولُ بَعْضُ النَّاسِ: آدَمَ، فَيَأْتُونَ آدَمَ فَيَقُولُونَ: يَا آدَمُ أَنْتَ أَبُو الْبَشَرِ، خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ، وَنَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ، وَعَلَّمَكَ أَسْمَاءَ كُلِّ شَيْءٍ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلَا تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ أَلَا تَرَى مَا قَدْ بَلَغَنَا؟ فَيَقُولُ آدَمُ: إِنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَإِنَّهُ نَهَانِي عَنِ الشَّجَرَةِ فَعَصَيْتُهُ، نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي، أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، اذْهَبُوا إِلَى نُوحٍ، فَيَأْتُونَ نُوحًا فَيَقُولُونَ: يَا نُوحُ، أَنْتَ أَوَّلُ الرُّسُلِ إِلَى أَهْلِ الْأَرْضِ، وَسَمَّاكَ اللَّهُ عَبْدًا شَكُورًا، فَاشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلَا تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ أَلَا تَرَى مَا قَدْ بَلَغَنَا؟ فَيَقُولُ لَهُمْ نُوحٌ: إِنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَإِنَّهُ قَدْ كَانَتْ لِي دَعْوَةٌ دَعَوْتُهَا عَلَى قَوْمِي، نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي، اذْهَبُوا إِلَى إِبْرَاهِيمَ، فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيمَ فَيَقُولُونَ: يَا إِبْرَاهِيمُ، أَنْتَ نَبِيُّ اللَّهِ، وَخَلِيلُهُ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ، فَاشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلَا تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ فَيَقُولُ: إِنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي، اذْهَبُوا إِلَى مُوسَى، فَيَأْتُونَ مُوسَى فَيَقُولُونَ: يَا مُوسَى، أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ الَّذِي اصْطَفَاكَ اللَّهُ [ص: 281] بِرِسَالَتِهِ وَبِكَلِمَتِهِ عَلَى النَّاسِ، فَاشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلَا تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ أَلَا تَرَى إِلَى مَا قَدْ بَلَغَنَا؟ فَيَقُولُ لَهُمْ مُوسَى: إِنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، إِنِّي قَتَلْتُ نَفْسًا لَمْ أُؤْمَرْ بِقَتْلِهَا، نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي، اذْهَبُوا إِلَى عِيسَى، فَيَقُولُونَ: يَا عِيسَى، أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ، وَكَلِمَةٌ مِنْهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ، وَرُوحٌ مِنْهُ، وَكَلَّمْتَ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ، فَاشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلَا تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ أَلَا تَرَى إِلَى مَا قَدْ بَلَغَنَا؟ فَيَقُولُ لَهُمْ عِيسَى: إِنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ ذَنْبًا، نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي، اذْهَبُوا إِلَى مُحَمَّدٍ، فَيَأْتُونِي فَيَقُولُونَ: يَا مُحَمَّدُ، أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ، وَخَاتَمُ الْأَنْبِيَاءِ، غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ، فَاشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلَا تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ، أَلَا تَرَى إِلَى مَا قَدْ بَلَغَنَا؟ فَأَقُومُ فَآتِي تَحْتَ الْعَرْشِ، فَأَقَعُ سَاجِدًا لِرَبِّي، ثُمَّ يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَيَّ وَيُلْهِمُنِي مِنْ مَحَامِدِهِ وَحُسْنِ الثَّنَاءِ عَلَيْهِ شَيْئًا لَمْ يَفْتَحْهُ عَلَى أَحَدٍ قَبْلِي، فَيُقَالُ: «يَا مُحَمَّدُ، ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَسَلْ تُعْطَهْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ» ، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ، أُمَّتِي أُمَّتِي، يَا رَبِّ أُمَّتِي أُمَّتِي، يَا رَبِّ أُمَّتِي أُمَّتِي، فَيَقُولُ: «يَا مُحَمَّدُ، أَدْخِلْ مِنْ أُمَّتِكَ مَنْ لَا حِسَابَ عَلَيْهِ مِنَ الْبَابِ الْأَيْمَنَ، وَهُمْ شُرَكَاءُ النَّاسِ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الْأَبْوَابِ» ، وَالَّذِي [ص: 282] نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَمَا بَيْنَ مِصْرَاعَيْنِ مِنْ مَصَارِيعِ الْجَنَّةِ، لَكَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَهَجَرَ، أَوْ كَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَبُصْرَى " 271 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنَا جَرِيرٌ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: وَضَعْتُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَصْعَةً مِنْ ثَرِيدٍ، فَتَنَاوَلَ الذِّرَاعَ وَكَانَ أَحَبَّ الشَّاةِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَهَسَ نَهْسَةً فَقَالَ: «أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ثُمَّ نَهَسَ أُخْرَى فَقَالَ: «أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ثُمَّ نَهَسَ أُخْرَى فَقَالَ: «أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» فَلَمَّا رَأَى أَنَّ أَصْحَابَهُ لَا يَسْأَلُونَهُ قَالَ: «أَلَا تَقُولُونَ كَيْفَ هُوَ؟» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ هُوَ؟ قَالَ: " يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ، فَيُسْمِعُهُمُ [ص: 283] الدَّاعِيَ، وَيَنْفُذُهُمُ الْبَصَرَ، وَتَدْنُو الشَّمْسُ مِنْ رُءُوسِهِمْ فَيَشْتَدُّ عَلَيْهِمْ حَرُّهَا، وَيَشِقُّ عَلَيْهِمْ دُنُوُّهَا مِنْهُمْ، قَالَ فَيَنْطَلِقُونَ مِنَ الضَّجَرِ وَالْجَزَعِ مِمَّا هُمْ فِيهِ فَيَأْتُونَ آدَمَ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِمِثْلِ مَعْنَاهُ. 272 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنَا جَرِيرٌ، عَنْ أَبِي حَيَّانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَحْمٍ وَعِنْدَهُ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَتَنَاوَلَ الذِّرَاعَ وَكَانَ أَحَبَّ الشَّاةِ إِلَيْهِ، فَنَهَسَ نَهْسَةً، وَذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ عُمَارَةَ الحديث: 270 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 279 273 - حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْكِلَابِيُّ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ رَافِعٍ الْمَدِينِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، عَنْ رَجُلٍ، مِنَ الْأَنْصَارِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ لَمَّا خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ خَلَقَ الصُّورَ فَأَعْطَاهُ إِسْرَافِيلَ، فَهُوَ وَاضِعُهُ عَلَى فِيهِ، شَاخِصٌ بَصَرُهُ إِلَى الْعَرْشِ، يَنْتَظِرُ مَتَى يَأْمُرُهُ» قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا الصُّورُ؟ قَالَ [ص: 284] : " الْقَرْنُ يَأْمُرُ اللَّهُ إِسْرَافِيلَ أَنْ يَنْفُخَ فِيهِ ثَلَاثَ نَفْخَاتٍ، الْأُولَى نَفْخَةُ الْفَزَعِ، وَالثَّانِيَةُ نَفْخَةُ الصَّعْقِ، وَالثَّالِثَةُ نَفْخَةُ الْقِيَامِ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ، فَإِذَا نَفَخَ نَفْخَةَ الْبَعْثِ خَرَجَتِ الْأَرْوَاحُ كَأَنَّهَا النَّحْلُ قَدْ مَلَأَتْ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، فَيَقُولُ الْجَبَّارُ: «وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَتَرْجِعَنَّ كُلُّ رُوحٍ إِلَى جَسَدِهِ» ، فَتَدْخُلُ الْأَرْوَاحُ فِي الْأَرْضِ عَلَى الْأَجْسَادِ، ثُمَّ تَمْشِي فِي الْخَيَاشِمِ، ثُمَّ تَنْشَقُّ عَنْهُمُ الْأَرْضُ، وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ، فَيَخْرُجُونَ سِرَاعًا إِلَى رَبِّكُمْ، يَنْسِلُونَ مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ، يُوقَفُونَ فِي مَوْقِفٍ وَاحِدٍ مِقْدَارُ سَبْعِينَ عَامًا، حُفَاةً عُرَاةً غُلْفًا غُرْلًا، لَا يَنْظُرُ إِلَيْكُمْ وَلَا يَقْضِي بَيْنَكُمْ، ثُمَّ يَضِجُّونَ فَيَقُولُونَ: مَنْ يَشْفَعُ لَنَا إِلَى رَبِّنَا لِيَقْضِيَ بَيْنَنَا؟ فَيَقُولُونَ: وَمَنْ أَحَقُّ بِذَلِكَ مِنْ أَبِيكُمْ آدَمَ؟ فَيُؤْتَى آدَمُ فَيُطْلَبُ ذَلِكَ إِلَيْهِ فَيَأْبَى، فَيَسْتَقْرِئُونَ الْأَنْبِيَاءَ نَبِيًّا نَبِيًّا، كُلَّمَا جَاءُوا نَبِيًّا أَبَى، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: حَتَّى يَأْتُونِي، وَإِذَا جَاءُونِي انْطَلَقْتُ حَتَّى آتِيَ الْفَحْصَ، فَأَخِرُّ سَاجِدًا، فَيَبْعَثُ إِلَيَّ وَلِي مَلَكًا فَيَأْخُذُ بِعَضُدَيَّ وَيَرْفَعُنِي " قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا الْفَحْصُ؟ قَالَ: " قُدَّامَ الْعَرْشِ فَأَقُولُ: يَا رَبِّ وَعَدْتَنِي الشَّفَاعَةَ [ص: 285] ، فَشَفِّعْنِي فِي خَلْقِكَ فَاقْضِ بَيْنَهُمْ، فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: «أَنَا آتِيكُمُ فَأَقْضِي بَيْنَكُمْ» ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَأَرْجِعُ فَأَقِفُ مَعَ النَّاسِ، فَبَيْنَمَا نَحْنُ كَذَلِكَ وقُوفًا إِذْ سَمِعْنَا حَسًّا مِنَ السَّمَاءِ شَدِيدًا، فَهَالَنَا، فَيَنْزِلُ أَهْلُ السَّمَاءِ الدُّنْيَا بِمِثْلَيْ مَنْ فِي الْأَرْضِ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ، حَتَّى إِذَا دَنَوْا مِنَ الْأَرْضِ فَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ لِنُورِهِمْ، وَأَخَذُوا مَصَافَّهُمْ، فَقَالُوا: أَفِيكُمْ رَبُّنَا؟ قَالُوا لَا: وَهُوَ آتٍ عَلَيْنَا ثُمَّ، يَنْزِلُ أَهْلُ السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ بِمِثْلَيْ مَنْ نَزَلَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، وَبِمِثْلَيْ مَنْ فِيهَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ، حَتَّى إِذَا دَنَوْا مِنَ الْأَرْضِ أَشْرَقَتِ الْأَرْضُ لِنُورِهِمْ، وَأَخَذُوا مَصَافَّهُمْ، فَقَالُوا: أَفِيكُمْ رَبُّنَا؟ قَالُوا: لَا، وَهُوَ آتٍ عَلَيْنَا، ثُمَّ يَنْزِلُ أَهْلُ السَّمَوَاتِ أَهْلُ سَمَاءٍ سَمَاءٍ، عَلَى قَدْرِ ذَلِكَ مِنَ التَّضْعِيفِ، حَتَّى يَنْزِلَ الْجَبَّارُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي ظِلٍّ مِنَ الْغَمَامِ، وَالْمَلَائِكَةُ تَحْمِلُ عَرْشَهُ ثَمَانِيَةٌ وَهُمُ الْيَوْمَ أَرْبَعَةٌ، أَقْدَامُهُمْ عَلَى تُخُومِ الْأَرْضِ السُّفْلَى، وَالْأَرْضُونَ وَالسَّمَوَاتُ عَلَى حُجَزِهِمْ، وَالْعَرْشُ عَلَى مَنَاكِبِهِمْ، لَهُمْ زَجَلٌ مِنَ التَّسْبِيحِ، ثُمَّ يَضَعُ اللَّهُ عَرْشَهُ حَيْثُ يَشَاءُ مِنَ الْأَرْضِ فَيَقُولُ: وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَا يُجَاوِزُنِي أَحَدٌ الْيَوْمَ بِظُلْمٍ، ثُمَّ يُنَادِي نِدَاءً يُسْمِعُ الْخَلْقَ كُلَّهُمْ فَيَقُولُ: " إِنِّي أَنْصِتْ لَكُمْ مُنْذُ خَلَقْتُكُمْ، أُبْصِرُ أَعْمَالَكُمْ، وَأَسْمَعُ [ص: 286] قَوْلَكُمْ، فَأَنْصِتُوا لِي فَإِنَّمَا هِيَ صُحُفُكُمْ وَأَعْمَالُكُمْ تُقْرَأُ عَلَيْكُمْ، فَمَنْ وَجَدَ مِنْكُمْ خَيْرًا فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ، وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ، فَيَقْضِي اللَّهُ تَعَالَى بَيْنَ خَلْقِهِ غَيْرِ الثَّقَلَيْنِ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ، يُقِيدُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ، حَتَّى إِنَّهُ لَتُقِيدُ الْجَمَّاءُ مِنْ ذَاتِ الْقَرْنِ، فَإِذَا لَمْ يَبْقَ تَبَعَةٌ لِوَاحِدَةٍ عِنْدَ أُخْرَى قَالَ اللَّهُ لَهَا: كُونِي تُرَابًا، فَعِنْدَ ذَلِكَ يَقُولُ الْكَافِرُ: يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا، ثُمَّ يَقْضِي اللَّهُ بَيْنَ الثَّقَلَيْنِ، الْإِنْسِ وَالْجِنِّ، حَتَّى إِنَّهُ لَيُكَلِّفُ شَائِبَ اللَّبَنِ بِالْمَاءِ ثُمَّ يَبِيعُهُ أَنْ يُخَلِّصَ الْمَاءَ مِنَ اللَّبَنِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ لِأَحَدٍ عِنْدَ أَحَدٍ تَبَعَةٌ نَادَى مُنَادٍ أَسْمَعَ الْخَلَائِقَ كُلَّهُمْ: أَلَا لِيَلْحَقْ كُلُّ قَوْمٍ بِآلِهَتِهِمْ، وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَلَا يَبْقَى أَحَدٌ عَبَدَ دُونَ اللَّهُ شَيْئًا إِلَّا مُثِّلَتْ لَهُ الْآلِهَةُ بَيْنَ يَدَيْهِ ثُمَّ يَقُودُهُمْ آلِهَتِهِمْ إِلَى النَّارِ، وَهِيَ الَّتِي يَقُولُ اللَّهُ: {لَوْ كَانَ هَؤُلَاءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوهَا} [الأنبياء: 99] ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى لِسَائِرِ النَّاسِ: أَلْحَقُوا بِإِلَهَكُمْ وَمَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ، فَيَقُولُونَ: مَا لَنَا إِلَهٌ إِلَّا اللَّهُ، وَمَا كُنَّا نَعْبُدُ غَيْرَهُ، فَيَقُولُ: وَهَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ رَبِّكُمْ مِنْ آيَةٍ تَعْرِفُونَهَا؟ فَيُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ، فَيَتَجَلَّى لَهُمْ مِنْ عَظَمَةِ اللَّهِ مَا يَعْرِفُونَ أَنَّهُ رَبُّهُمْ، فَيَخِرُّونَ سُجَّدًا، وَيَجْعَلُ اللَّهُ أَصْلَابِ الْمُنَافِقِينَ كَصَيَاصِيِّ الْبَقَرِ، فَيَخِرُّونَ عَلَى أَقْفِيَتِهِمْ ثُمَّ يَأْذَنُ اللَّهُ أَنْ يَرْفَعُوا رُءُوسَهُمْ، وَيُضْرَبُ الصِّرَاطُ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ جَهَنَّمَ كَقَدِّ الشَّعَرَةِ، أَوْ كَحَدِّ [ص: 287] السَّيْفِ، لَهُ كَلَالِيبُ وَخَطَاطِيفُ وَحَسَكٌ كَحَسَكِ السَّعْدَانِ، دُونَهُ جِسْرٌ دَحْضٌ مَزْلَقَةٌ، فَيَمُرُّونَ كَطَرْفِ الْعَيْنِ، وَكَلَمْحِ الْبَرْقِ، وَكَمَرِّ الرِّيحِ، وَكَأَجَاوِيدِ الْخَيْلِ، وَكَأَجَاوِيدِ الرِّكَابِ، وَكَأَجَاوِيدِ الرِّجَالِ، فَنَاجٍ سَالِمٌ، وَنَاجٍ مَخْدُوشٌ مَكْدُوشٌ عَلَى وَجْهِهِ، فَيَقَعُ فِي جَهَنَّمَ خَلْقٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ أَوْبَقَتْهُمْ أَعْمَالُهُمْ، فَمِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُ النَّارُ قَدَمَيْهِ لَا تَجَاوَزُ ذَلِكَ، وَمِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُ إِلَى نِصْفِ سَاقَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُ إِلَى حِقْوَيْهِ، وَمِنْهُمْ تَأْخُذُ كُلَّ جَسَدِهِ، إِلَّا صُوَرَهُمْ حَرَّمَهَا اللَّهُ عَلَى النَّارِ، فَإِذَا أَفْضَى أَهْلُ الْجَنَّةِ إِلَى الْجَنَّةِ، وَأَهْلُ النَّارِ إِلَى النَّارِ، قَالُوا: مَنْ يَشْفَعُ لَنَا إِلَى رَبِّنَا فَيُدْخِلَنَا الْجَنَّةَ؟ فَيَقُولُونَ: وَمَنْ أَحَقُّ بِذَلِكَ مِنْ أَبِيكُمْ آدَمَ، خَلَقَهُ اللَّهُ بِيَدِهِ، وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ [ص: 288] رُوحِهِ، وَكَلَّمَهُ قِبَلًا، فَيُؤْتَى آدَمُ فَيُطْلَبُ ذَلِكَ إِلَيْهِ فَيَأْبَى وَيَقُولُ: عَلَيْكُمْ بِنُوحٍ، ثُمَّ ذَكَرَ رَسُولًا رَسُولًا، كُلُّهُمْ يَأْبَى، فَيَأْتُونِي وَلِي عِنْدَ رَبِّي ثَلَاثُ شَفَاعَاتٍ وَعَدَنِي بِهِنَّ، فَآتِي بَابَ الْجَنَّةِ فَأَسْتَفْتِحُ فَيُؤْذَنُ لِي، فَأَدْخُلُ الْجَنَّةَ فَإِذَا دَخَلْتُهَا نَظَرْتُ إِلَى رَبِّي عَلَى عَرْشِهِ فَخَرَرْتُ سَاجِدًا، فَأَسْجُدُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ أَسْجُدَ، فَيَأْذَنُ لِي مِنْ حَمْدِهِ وَتَمْجِيدِهِ بِشَيْءٍ مَا أَذِنَ بِهِ لِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ، فَيَقُولُ: «ارْفَعْ رَأْسَكَ يَا مُحَمَّدُ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ وَسَلْ تُعْطَهْ» ، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ مَنْ وَقَعَ فِي النَّارِ مِنْ أُمَّتِي، فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: «اذْهَبُوا فَمَنْ عَرَفْتُمْ صُورَتَهُ فَأَخْرِجُوهُ مِنَ النَّارِ» ، فَيُخْرِجُوا أُولَئِكَ ثُمَّ يَقُولُ: «اذْهَبُوا فَمَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ دِينَارٍ مِنْ إِيمَانٍ فَأَخْرِجُوهُ مِنَ النَّارِ» ، ثُمَّ يَقُولُ: «ثُلُثَيْ دِينَارٍ» ، ثُمَّ يَقُولُ: «نِصْفَ دِينَارٍ» ، ثُمَّ يَقُولُ: «ثُلُثَ دِينَارٍ» ، ثُمَّ يَقُولُ: «قِيرَاطًا» ، ثُمَّ يَقُولُ: «مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلِ مِنْ إِيمَانٍ» ، قَالَ: فَيَخْرُجُونَ أُولَئِكَ فَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ " الحديث: 273 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 283 274 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ حِسَابٍ، ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، ثنا مَعْبَدُ بْنُ هِلَالٍ، قَالَ: انْطَلَقْتُ إِلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فِي رَهْطٍ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ لَمْ يُعَلِّمْنَا إِلَّا هَذَا الْحَدِيثَ، وَتَشَفَّعْنَا بِثَابِتٍ فَانْتَهَيْنَا إِلَيْهِ، وَإِذَا هُوَ يُصَلِّي الضُّحَى، فَاسْتَأْذَنَ ثَابِتٌ فَأَذِنَ لَنَا، فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ، فَجَلَسَ ثَابِتٌ مَعَهُ عَلَى سَرِيرِهِ أَوْ عَلَى فِرَاشِهِ فَقُلْتُ لِأَصْحَابِنَا: لَا تَسْأَلُوهُ عَنْ شَيْءٍ أَوَّلَ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ، فَإِنَّا خَرَجْنَا لَهُ، قَالَ ثَابِتٌ: يَا أَبَا حَمْزَةَ، إِنَّ إِخْوَانَكَ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ جَاءُوا يَسْأَلُونَكَ عَنْ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الشَّفَاعَةِ، قَالَ: نَعَمْ، حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ صَارَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ، فَيُؤْتَى آدَمُ فَيُقَالُ لَهُ: يَا آدَمُ اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، فَيَقُولُ: لَسْتُ لَهَا [ص: 290] ، وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِإِبْرَاهِيمَ فَهُوَ خَلِيلُ اللَّهِ، فَيُؤْتَى إِبْرَاهِيمُ فَيَقُولُ: لَسْتُ لَهَا، وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِمُوسَى، فَإِنَّهُ كَلِيمُ اللَّهِ، فَيُؤْتَى مُوسَى فَيَقُولُ: لَسْتُ لَهَا، لَكِنْ عَلَيْكُمْ بِعِيسَى فَهُوَ رَوْحُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ، فَيُؤْتَى عِيسَى فَيَقُولُ: لَسْتُ لَهَا، وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِمُحَمَّدٍ، فَأُوتَى فَأَقُولُ: أَنَا لَهَا، فَأَنْطَلِقُ فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي فَيُؤْذَنُ لِي عَلَيْهِ، فَأَقُومُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَيُعَلِّمُنِي مَحَامِدَ لَا أَقْدِرُ عَلَيْهَا الْآنَ، فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ الْمَحَامِدِ، ثُمَّ أَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا، فَيَقُولُ لِي: «مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَقُلْ يُسْمَعْ لَكَ، وَسَلْ تُعْطَهْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ» ، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ أُمَّتِي أُمَّتِي، فَيُقَالُ لِي: «انْطَلِقْ فَمَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ بُرَّةٍ» ، وَإِمَّا قَالَ: «شَعِيرَةٍ مِنْ إِيمَانٍ، فَأَخْرِجْهُ مِنْهَا» ، فَأَنْطَلِقُ فَأَفْعَلُ ذَلِكَ، ثُمَّ أَعُودُ فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ الْمَحَامِدِ، ثُمَّ أَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا، فَيُقَالُ لِي: «مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَقُلْ يُسْمَعْ لَكَ، وَسَلْ تُعْطَهْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ» ، فَأَقُولُ: أَيْ رَبِّ، أُمَّتِي أُمَّتِي، فَيُقَالُ لِي: " انْطَلِقْ فَمَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ خَرْدَلَةٍ مِنْ إِيمَانٍ فَأَخْرِجْهُ مِنْهَا، فَأَنْطَلِقُ فَأَفْعَلُ، ثُمَّ أَعُودُ فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ الْمَحَامِدِ فَأَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا فَيُقَالُ لِي: «يَا مُحَمَّدُ، ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَقُلْ يُسْمَعْ لَكَ، وَسَلْ تُعْطَ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ» ، فَأَقُولُ: أَيْ رَبِّ، أُمَّتِي أُمَّتِي، فَيُقَالُ لِي: «انْطَلِقْ فَمَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيْ مِثْقَالٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَأَخْرِجْهُ مِنَ النَّارِ» ، فَأَنْطَلِقُ فَأَفْعَلُ " [ص: 291] هَذَا حَدِيثُ أَنَسٍ الَّذِي أَنْبَأَنَا، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِظَهْرِ الْجَبَانِ قُلْنَا: لَوْ مِلْنَا إِلَى الْحَسَنِ وَهُوَ مُسْتَخْفٍ فِي مَنْزِلِ أَبِي خَلِيفَةَ، فَأَتَيْنَاهُ فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ فَقُلْنَا: يَا أَبَا سَعِيدٍ، جِئْنَا مِنْ عِنْدِ أَخِيكَ أَبِي حَمْزَةَ، فَلَمْ نَسْمَعْ بِمِثْلِ حَدِيثٍ حَدَّثَنَا فِي الشَّفَاعَةِ، فَقَالَ: هَاتُوا كَيْفَ حَدَّثَكُمْ، فَحَدَّثْنَاهُ حَتَّى إِذَا فَرَغْنَا قَالَ: هِيهِ، فَقُلْنَا: مَا زَادَنَا عَلَى هَذَا، فَقَالَ الْحَسَنُ: وَاللَّهِ لَقَدْ حَدَّثَنِي بِهَذَا الْحَدِيثِ مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَةً وَهُوَ جَمِيعٌ فَمَا أَدْرِي أَنَسِيَ الشَّيْخُ أَمْ كَرِهَ أَنْ يُحَدِّثَكُمْ فَتَنْكُلُوا؟ فَقُلْنَا: يَا أَبَا سَعِيدٍ، حَدِّثْنَا، فَضَحِكَ وَقَالَ: خُلِقَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا، إِنِّي لَمْ أَذْكُرْ هَذَا إِلَّا وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أُحَدِّثَكُمُوهُ، حَدَّثَنِي كَمَا حَدَّثَكُمْ مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَةً قَالَ: " ثُمَّ أَقُومُ الرَّابِعَةَ فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ الْمَحَامِدِ ثُمَّ أَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا فَيُقَالُ لِي: «يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَقُلْ يُسْمَعْ، وَسَلْ تُعْطَ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ» ، فَأَرْفَعُ رَأْسِي فَأَقُولُ: أَيْ رَبِّ، ائْذَنْ لِي فِيمَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَيُقَالُ لِي: " لَيْسَ ذَلِكَ لَكَ، وَلَكِنْ وَعِزَّتِي [ص: 292] وَجَلَالِي وَكِبْرِيَائِي وَعَظَمَتِي لَأُخْرِجَنَّ مِنْهَا مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ «فَأَشْهَدُ تَحَدَّثْنَا بِهَذَا يَوْمَ سَمِعْنَا أَنَسًا» الحديث: 274 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 289 مَوْضِعُ السُّجُودِ لَا تَأْكُلُهُ النَّارُ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَمِنْ فَضْلِ الصَّلَاةِ عَلَى سَائِرِ الْأَعْمَالِ أَنَّ مَنَ دَخَلَ النَّارَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَمْ يَجِدُوا شَيْئًا مِنَ الْأَعْمَالِ الَّتِي عَمِلُوهَا بِجَوَارِحِهِمْ تَمْنَعُ شَيْئًا مِنْ أَجْسَامِهِمْ مِنَ الِاحْتِرَاقِ إِلَّا السُّجُودَ لَهُ فِي الدُّنْيَا، فَإِنَّ النَّارَ لَمْ تُصِبْ مَوَاضِعَ السُّجُودِ مِنَ الْمُصَلِّينَ خَاصَّةً، كَذَلِكَ أَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 292 275 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، قَالَا: ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، فِي قَوْلِهِ: {كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا} [الجاثية: 28] ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّاسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قَالَ: «هَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الشَّمْسِ لَيْسَ دُونَهَا سَحَابٌ؟» قَالُوا: لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ: «هَلْ تُضَارُّونَ فِي الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ لَيْسَ دُونَهُ [ص: 293] سَحَابٌ؟» فَقَالُوا: لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، " فَإِنَّكُمْ تَرَوْنَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ، يَجْمَعُ اللَّهُ النَّاسَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقُولُ: مَنْ كَانَ يَعْبُدُ شَيْئًا فَلْيَتْبَعْهُ، فَيَتْبَعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الْقَمَرَ الْقَمَرَ، وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ الشَّمْسَ الشَّمْسَ، وَيَتْبَعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الطَّوَاغِيتَ الطَّوَاغِيتَ، وَتَبْقَى هَذِهِ الْأُمَّةُ فِيهَا مُنَافِقُوهَا، فَيَأْتِيهِمُ اللَّهُ فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ فَيَعْرِفُونَهُ فَيَتْبَعُونَهُ، وَيُضْرَبُ جِسْرٌ عَلَى جَهَنَّمَ " قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يَجُوزُهُ، وَدَعْوَى الرُّسُلِ يَوْمَئِذٍ: اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ، وَبِهَا كَلَالِيبُ كَشَوْكِ السَّعْدَانِ، هَلْ تَعْرِفُونَ شَوْكَ السَّعْدَانِ؟ " قَالُوا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «فَإِنَّهَا مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ، غَيْرَ أَنَّهَا لَا يَعْلَمُ قَدْرَ عِظَمِهَا إِلَّا اللَّهُ، فَتَخْطَفُ النَّاسَ بِأَعْمَالِهِمْ، فَمِنْهُمُ الْمُوبَقُ بِعَمَلِهِ، وَمِنْهُمُ الْمُخَرْدَلُ، ثُمَّ يَتَجَلَّى حَتَّى إِذَا فَرَغَ اللَّهُ مِنَ الْقَضَاءِ بَيْنَ الْعِبَادِ وَأَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ مِنَ النَّارِ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَرْحَمَ مِمَّنْ كَانَ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَمَرَ الْمَلَائِكَةَ أَنْ يُخْرِجُوهُمْ، فَيَعْرِفُونَهُمْ بِعَلَامَةِ آثَارِ السُّجُودِ، وَحَرَّمَ اللَّهُ عَلَى النَّارِ أَنْ تَأْكُلَ مِنِ ابْنِ آدَمَ أَثَرَ السُّجُودِ، فَيُخْرِجُونَهُمْ قَدِ امْتُحِشُوا، فَيُصَبُّ عَلَيْهِ مِنْ مَاءٍ يُقَالُ لَهُ مَاءُ الْحَيَاةِ، فَيَنْبُتُونَ نَبَاتَ الْحِبَّةِ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ» [ص: 294] قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَأَحَدُهُمَا يَزِيدُ عَلَى الْآخَرِ الشَّيْءَ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ الحديث: 275 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 292 عُتَقَاءُ اللَّهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 294 276 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِذَا خَلَصَ الْمُؤْمِنُونَ مِنَ النَّارِ وَأَمِنُوا، فَمَا مُجَادَلَةُ أَحَدِكُمْ لِصَاحِبِهِ بِالْحَقِّ يَكُونُ لَهُ فِي الدُّنْيَا بِأَشَدَّ مُجَادَلَةً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لِرَبِّهِمْ فِي إِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ أُدْخِلُوا النَّارَ، يَقُولُونَ: رَبَّنَا إِخْوَانُنَا كَانُوا يُصَلُّونَ مَعَنَا، وَيَصُومُونَ مَعَنَا، وَيَحُجُّونَ مَعَنَا، أَدْخَلْتَهُمُ النَّارَ؟ فَيَقُولُ اللَّهُ: «اذْهَبُوا فَأَخْرِجُوا مَنْ عَرَفْتُمْ مِنْهُمْ، فَيَعْرِفُونَهُمْ بِصُوَرِهِمْ، لَا تَأْكُلُ النَّارُ صُوَرَهُمْ» ، فَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ النَّارُ إِلَى نِصْفِ سَاقَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ إِلَى كَعْبَيْهِ، فَيَخْرُجُونَ بِهِمْ، ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ: «أَخْرِجُوا مِنَ النَّارِ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ وَزْنُ دِينَارٍ مِنْ إِيمَانٍ» ، ثُمَّ يَقُولُ: «مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ [ص: 295] وَزْنُ نِصْفِ دِينَارٍ مِنْ إِيمَانٍ» ، حَتَّى يَقُولَ: «مَنْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ إِيمَانٍ» قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: فَمَنْ لَمْ يُصَدِّقْ بِهَذَا فَلْيَقْرَأْ {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: 40] فَيَقُولُونَ: يَا رَبَّنَا، أَخْرَجْنَا مَنْ أَمَرْتَنَا فَلَمْ يَبْقَ أَحَدٌ فِي النَّارِ فِيهِ خَيْرٌ، فَيَقُولُ اللَّهُ: «شَفَعَتِ الْمَلَائِكَةُ، وَشَفَعَتِ الْأَنْبِيَاءُ، وَشَفَعَ الْمُؤْمِنُونَ، وَبَقِيَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ» ، فَيُخْرِجُ اللَّهُ قَبْضَةً أَوْ قَبْضَتَيْنِ مِنَ النَّارِ، نَاسًا لَمْ يَعْرِفُوا لِلَّهِ خَيْرًا قَطُّ، وَقَدِ احْتَرَقُوا حَتَّى صَارُوا حُمَمًا، فَيُؤْتَى بِهِمْ إِلَى مَاءٍ يُقَالُ لَهُ مَاءُ الْحَيَاةِ، فَيَنْبُتُونَ كَمَا يَنْبُتُ الْحَبَّةُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ، فَيُخْرِجُونَ مِنْ أَجْسَادِهِمْ مِثْلَ اللُّؤْلُؤِ فِي أَعْنَاقِهِمُ الْخَاتَمُ: عُتَقَاءُ اللَّهِ، فَيَقُولُ لَهُمْ: «مَا غَنِمْتُمْ، أَوْ مَا رَأَيْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ لَكُمْ» ، فَيَقُولُونَ: رَبَّنَا أَعْطَيْتَنَا مَا لَمْ تُعْطِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ، فَيَقُولُ: «إِنَّ لَكُمْ عِنْدِي فَضْلًا أُعْطِيكُمُوهُ» ، فَيَقُولُونَ: رَبَّنَا وَمَا أَفْضَلُ مِمَّا أَعْطَيْتَنَا، فَيَقُولُ: «رِضَايَ عَنْكُمْ، فَلَا أَسْخَطُ عَلَيْكُمْ بَعْدَهُ أَبَدًا» الحديث: 276 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 294 امْتِيَازُ الْمُنَافِقِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بِالسُّجُودِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْمُنَافِقِينَ مُيِّزُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بِالسُّجُودِ، قَالَ اللَّهُ: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ} [القلم: 43] وَذَلِكَ أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ لَمَّا نَظَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ خَرُّوا لَهُ سُجَّدًا، وَدُعِيَ الْمُنَافِقُونَ إِلَى السُّجُودِ فَأَرَادُوهُ فَلَمْ يَسْتَطِيعُوا، حِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ذَلِكَ عُقُوبَةً لِتَرْكِهِمُ السُّجُودَ لِلَّهِ فِي الدُّنْيَا، قَالَ اللَّهُ: {وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ} [القلم: 43] يَعْنِي فِي الدُّنْيَا، {وَهُمْ سَالِمُونَ} [القلم: 43] مِمَّا حَدَثَ فِي ظُهُورِهِمْ، مِمَّا حَالَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ السُّجُودِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 296 277 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، أَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، أَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، ثنا زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قَالَ: «هَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الشَّمْسِ بِالظَّهِيرَةِ صَحْوًا لَيْسَتْ فِي سَحَابٍ؟» قُلْنَا: لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «فَهَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الْقَمَرِ فِي لَيْلَةِ الْبَدْرِ صَحْوًا لَيْسَ فِيهَا سَحَابٌ؟» قَالُوا: لَا، قَالَ: " مَا تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَّا كَمَا تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ أَحَدِهِمَا، إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ نَادَى مُنَادٍ: أَلَا تَلْحَقُ - لَعَلَّهُ قَالَ: - كُلُّ أُمَّةٍ بِمَا كَانَتْ تَعْبُدُ، فَلَا يَبْقَى أَحَدٌ كَانَ يَعْبُدُ صَنَمًا وَلَا وَثَنًا وَلَا صُورَةً إِلَّا ذَهَبُوا حَتَّى يَتَسَاقَطُوا فِي [ص: 297] النَّارِ، وَيَبْقَى مَنْ كَانَ يَعَبْدُ اللَّهَ وَحْدَهُ، مِنْ بَرٍّ وَفَاجِرٍ، ثُمَّ يَبْتَدِئُ اللَّهُ لَنَا فَيَقُولُ: «أَيُّهَا النَّاسُ، لَحِقَتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِمَا كَانَتْ تَعْبُدُ وَبَقِيتُمْ» ، فَلَا تُكَلِّمُهُ يَوْمَئِذٍ إِلَّا الْأَنْبِيَاءُ، لَحِقَتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِمَا كَانَتْ تَعْبُدُ وَنَحْنُ نَنْتَظِرُ رَبَّنَا الَّذِي كُنَّا نَعْبُدُ، فَيَقُولُ: «هَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ اللَّهِ مِنْ آيَةٍ تَعْرِفُونَهَا؟» فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، فَيُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ، فَيَخِرُّ سُجَّدًا أَجْمَعُونَ، فَلَا يَبْقَى أَحَدٌ كَانَ يَسْجُدُ فِي الدُّنْيَا سُمْعَةً وَلَا رِيَاءً وَلَا نِفَاقًا إِلَّا عَلَى ظَهْرِهِ طَبَقٌ وَاحِدٌ، كُلَّمَا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ خَرَّ عَلَى قَفَاهُ، قَالَ: ثُمَّ يَرْفَعُ بَرِيئَنَا وَمُسِيئَنَا فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ، فَيَقُولُ: نَعَمْ أَنْتَ رَبُّنَا، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ يَضْرِبُ الْجِسْرَ عَلَى جَهَنَّمَ «وَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ» الحديث: 277 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 296 278 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا أَبُو غَسَّانَ مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ حَرْبٍ النَّهْدِيُّ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو خَالِدٍ الدَّالَانِيُّ، ثنا الْمِنْهَالُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: " يَجْمَعُ اللَّهُ النَّاسَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَنْزِلُ اللَّهُ فِي ظِلٍّ مِنَ الْغَمَامِ، فَيُنَادِي مُنَادٍ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَلَمْ تَرْضَوْا [ص: 298] مِنْ رَبِّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَصَوَّرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ أَنْ يُوَلِّيَ كُلَّ إِنْسَانٍ مِنْكُمْ مَا كَانَ يَعْبُدُ فِي الدُّنْيَا وَيَتَوَلَّى؟ أَلَيْسَ ذَلِكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ عَدْلٌ؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ: فَلْيَنْطَلِقْ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْكُمْ إِلَى مَا كَانَ يَتَوَلَّى فِي الدُّنْيَا، قَالَ: وَيُمَثَّلُ لَهُمْ مَا كَانُوا يَعْبُدُونَ فِي الدُّنْيَا، قَالَ: وَيُمَثَّلُ لِمَنْ كَانَ يَعْبُدُ عِيسَى شَيْطَانُ عِيسَى، وَيُمَثَّلُ لِمَنْ كَانَ يَعْبُدُ عُزَيْرَ شَيْطَانُ عُزَيْرَ، حَتَّى يُمَثَّلُ لَهُمُ الشَّجَرَةُ وَالْعَوْدُ وَالْحَجَرُ، وَيَبْقَى أَهْلُ الْإِسْلَامِ جُثُومًا، فَيَقُولُ لَهُمُ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: «مَا لَكُمْ لَا تَنْطَلِقُونَ كَمَا انْطَلَقَ النَّاسُ؟» فَيَقُولُونَ: إِنَّ لَنَا رَبًّا مَا رَأَيْنَاهُ بَعْدُ، فَيَقُولُ: «فَبِمَ تَعْرِفُونَ رَبَّكُمْ إِنْ رَأَيْتُمُوهُ؟» قَالُوا: بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ عَلَامَةٌ إِنْ رَأَيْنَاهَا عَرَفْنَاهُ، قَالَ: فَيُكْشَفُ عِنْدَ ذَلِكَ عَنْ سَاقٍ، قَالَ: فَيَخِرُّ كُلُّ مَنْ كَانَ بِظَهْرِهِ الطَّبَقُ سَاجِدًا، وَيَبْقَى قَوْمٌ ظُهُورُهُمْ كَصَيَاصِيِّ الْبَقَرِ، يُرِيدُونَ السُّجُودَ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ، ثُمَّ يُؤْمَرُونَ فَيَرْفَعُونَ رُءُوسَهُمْ فَيُعْطَوْنَ نُورَهُمْ عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمْ، قَالَ: فَمِنْهُمْ مَنْ يُعْطَى نُورَهُ مِثْلَ الْجَبَلِ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُعْطَى نُورَهُ فَوْقَ ذَلِكَ، وَمِنْهُمْ يُعْطَى نُورَهُ مِثْلَ النَّخْلَةِ بِيَمِينِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُعْطَى نُورَهُ دُونَ ذَلِكَ، حَتَّى تَكُونَ آخِرُ مَنْ يُعْطَى نُورَهُ عَلَى إِبْهَامِ قَدَمِهِ يُضِيءُ مَرَّةً وَيُطْفِيءُ مَرَّةً، فَإِذَا أَضَاءَ قَدَّمَ قَدَمَهُ [ص: 299] ، وَإِذَا أُطْفِيءَ قَامَ، قَالَ: فَيَمُرُّ وَيَمُرُّونَ عَلَى الصِّرَاطِ، وَالصِّرَاطُ كَحَدِّ السَّيْفِ، دَحْضٌ مَزَلَّةٌ، قَالَ: فَيَقُولُ لَهُمُ: انْجُوا عَلَى قَدْرِ نُورِكُمْ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَانْقِضَاضِ الْكَوْكَبِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَالطَّرْفِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَالرِّيحِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَشَدِّ الرَّحْلِ، وَيَرْمُلُونَ رَمَلًا، فَيَمُرُّونَ عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمْ، حَتَّى يَمُرَّ الَّذِي نُورُهُ عَلَى إِبْهَامِ قَدَمِهِ، قَالَ: تَخِرُّ يَدٌ وَتَعْلَقُ يَدٌ، وَتَخِرُّ رِجْلٌ، وَتَعْلَقُ أُخْرَى، وَتُصِيبُ جَوَانِبَهُ النَّارُ، فَإِذَا خَلَصُوا قَالُوا: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنْكَ بَعْدَ الَّذِي أَرَانَاكِ، لَقَدْ أَعْطَانَا اللَّهُ مَا لَ‍مْ يُعْطِ أَحَدًا، قَالَ: فَيَنْطَلِقُونَ إِلَى ضَحْضَاحٍ عِنْدَ بَابِ الْجَنَّةِ فَيَغْتَسِلُونَ، فَيَعُودُ إِلَيْهِمْ رِيحُ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَأَلْوَانُهُمْ، وَيَرَوْنَ مِنْ خَلَلِ بَابِ الْجَنَّةِ وَهُوَ مُصْفَقٌ مَنْزِلًا فِي أَدْنَى الْجَنَّةِ فَيَقُولُونَ: رَبَّنَا أَعْطِنَا ذَلِكَ الْمَنْزِلَ، فَيَقُولُ لَهُمْ: «أَتَسْأَلُونِي الْجَنَّةَ وَقَدْ نَجَّيْتُكُمْ مِنَ النَّارِ؟» فَيَقُولُونَ: رَبَّنَا أَعْطِنَاهُ، اجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ النَّارِ هَذَا الْبَابَ، لَا نَسْمَعُ حَسِيسَهَا، فَيَقُولُ: «لَعَلَّكُمْ إِنْ أَعْطَيْتُكُمُوهُ أَنْ تَسْأَلُوا غَيْرَهُ» ، فَيَقُولُونَ: لَا وَعِزَّتِكَ لَا نَسْأَلُكُ غَيْرَهُ، وَأَيُّ مَنْزِلٍ يَكُونُ أَحْسَنَ مِنْهُ؟ فَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَيُرْفَعُ لَهُمْ مَنْزِلٌ أَمَامَ ذَلِكَ كَانَ الَّذِي رَأَوْهُ قَبْلَ ذَلِكَ حُلْمًا عِنْدَهُ، فَيَقُولُونَ: رَبَّنَا أَعْطِنَا ذَلِكَ الْمَنْزِلَ، فَيَقُولُ لَهُمْ: «لَعَلَّكُمْ إِنْ أَعْطَيْتُكُمُوهُ أَنْ تَسْأَلُوا غَيْرَهُ» ، فَيَقُولُونَ: لَا وَعِزَّتِكَ، لَا نَسْأَلُكُ غَيْرَهُ، وَأَيُّ مَنْزِلٍ أَحْسَنُ مِنْهُ؟ فَيُعْطُونَهُ ثُمَّ يُرْفَعُ [ص: 300] لَهُمْ مَنْزِلٌ أَمَامَ ذَلِكَ كَانَ الَّذِي أَعْطُوهُ قَبْلَ ذَلِكَ كَانَ حُلْمًا عِنْدَ الَّذِي رَأَوْا، فَيَقُولُونَ: رَبَّنَا أَعْطِنَا ذَلِكَ الْمَنْزِلَ، فَيَقُولُ: «لَعَلَّكُمْ إِنْ أُعْطِيتُمُوهُ تَسْأَلُوا غَيْرَهُ» ، فَيَقُولُونَ: لَا وَعِزَّتِكَ، لَا نَسْأَلُكُ غَيْرَهُ، وَأَيُّ مَنْزِلٍ أَحْسَنُ مِنْهُ؟ ثُمَّ يَسْكُتُونَ لِيُقَالَ لَهُمْ: «مَالُكُمْ لَا تُسْأَلُونَ؟» فَيَقُولُونَ: رَبَّنَا قَدْ سَأَلْنَاكَ حَتَّى اسْتَحْيَيْنَا، فَيَقُولُ لَهُمُ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: «أَلَا تَرْضَوْنَ أَنْ أُعْطِيَكُمْ مِثْلَ الدُّنْيَا مُنْذُ خَلَقْتُهَا إِلَى يَوْمِ أَفْنَيْتُهَا وَعَشَرَةَ أَضْعَافِهَا؟» فَيَقُولُونَ: أَتَسْتَهْزِئُ بِنَا وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ؟ قَالَ مَسْرُوقٌ: فَمَا بَلَغَ عَبْدُ اللَّهِ هَذَا الْمَكَانَ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ إِلَّا ضَحِكَ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، لَقَدْ حَدَّثْتَ هَذَا الْحَدِيثَ مِرَارًا فَمَا بَلَغْتَ هَذَا الْمَكَانَ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ إِلَّا ضَحِكْتَ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَدِّثُهُ مِرَارًا، فَمَا بَلَغَ هَذَا الْمَكَانَ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ إِلَّا ضَحِكَ حَتَّى تَبْدُوَ لَهَوَاتُهُ، يَقُولُ الْإِنْسَانُ: أَتَسْتَهْزِئُ بِنَا وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ؟ فَيَقُولُ: «لَا، وَلَكِنِّي عَلَى ذَلِكَ قَادِرٌ فَسَلُونِي» ، فَقَالُوا: رَبَّنَا أَلْحِقْنَا النَّاسَ، فَيُقَالُ لَهُمْ: أَلْحَقُوا النَّاسَ، فَيَنْطَلِقُونَ يَرْفُلُونَ فِي الْجَنَّةِ، حَتَّى يَبْدُوَ لِلرَّجُلِ مِنْهُمْ قَصْرٌ دُرَّةٌ مُجَوَّفَةٌ، فَيَخِرُّ سَاجِدًا، فَيُقَالُ لَهُ: ارْفَعْ رَأْسَكَ، فَيَرْفَعُ رَأْسَهُ، فَيَقُولُ: رَأَيْتُ رَبِّي، فَيُقَالُ لَهُ: إِنَّمَا ذَلِكَ مَنْزِلٌ مِنْ مَنَازِلِكَ، فَيَنْطَلِقُ فَيَسْتَقْبِلُهُ رَجُلٌ فَيَتَهَيَّأُ لِلسُّجُودِ فَيُقَالُ لَهُ: مَا لَكَ؟ فَيَقُولُ: رَأَيْتُ مَلِكًا أَوْ مَلَكًا، شَكَّ أَبُو غَسَّانَ، فَيُقَالُ لَهُ [ص: 301] : إِنَّمَا ذَلِكَ قَهْرَمَانٌ مِنْ قَهَارِمَتِكَ، عَبْدٌ مِنْ عَبِيدِكَ فَيَأْتِيهِ فَيَقُولُ: إِنَّمَا قَهْرَمَانٌ مِنْ قَهَارِمَتِكَ عَلَى هَذَا الْقَصْرِ تَحْتَ يَدَيْ أَلْفِ قَهْرَمَانٍ كُلُّهُمْ عَلَى مَا أَنَا عَلَيْهِ، فَيَنْطَلِقُ عِنْدَ ذَلِكَ فَيُفْتَحُ لَهُ الْقَصْرُ وَهُوَ دُرَّةٌ مُجَوَّفَةٌ سَقَائُفُهَا وَأَبْوَابُهَا وَأَعْلَاقُهَا وَمَفَاتِيحُهَا مِنْهَا، قَالَ: فَيُفْتَحُ لَهُ الْقَصْرُ فَيَسْتَقْبِلُهُ جَوْهَرَةٌ خَضْرَاءُ مُبَطَّنَةٌ بِحَمْرَاءَ سَبْعِينَ ذِرَاعًا فِيهَا سِتُّونَ بَابًا، كُلُّ بَابٍ يُفْضِي إِلَى جَوْهَرَةٍ حَمْرَاءَ مُبَطَّنَةٍ بِخَضْرَاءَ فِيهَا سِتُّونَ بَابًا، كُلُّ بَابٍ يُفْضِي إِلَى جَوْهَرَةٍ عَلَى غَيْرِ لَوْنِ صَاحِبَتِهَا فِي كُلِّ جَوْهَرَةٍ سُرَرٌ وَأَزْوَاجٌ وَيَصَائِفُ، أَوْ قَالَ: وَوَصَائِفُ، هَكَذَا قَالَ فِي الْحَدِيثِ، فَيَدْخُلُ فَإِذَا هُوَ بِحَوْرَاءَ عَيْنَاءَ عَلَيْهَا سَبْعُونَ حُلَّةٌ، يُرَى مُخُّ سَاقِهَا مِنْ وَرَاءِ حُلَلِهَا، كَبِدُهَا مِرْآتُهُ وَكَبِدُهُ مِرْآتُهَا، إِذَا أَعْرَضَ عَنْهَا إِعْرَاضَةً ازْدَادَتْ فِي عَيْنِهِ سَبْعِينَ ضِعْفًا عَمَّا كَانَتْ قَبْلَ ذَلِكَ، فَإِذَا أَعْرَضَتْ عَنْهُ إِعْرَاضَةً ازْدَادَ فِي عَيْنِهَا سَبْعِينَ ضِعْفًا عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ، فَتَقُولُ لَهُ: ازْدَدْتَ فِي عَيْنِي سَبْعِينَ ضِعْفًا، وَيَقُولُ لَهَا مِثْلَ ذَلِكَ، فَيُشْرِفُ عَلَى مُلْكِهِ مَدَّ بَصَرِهِ مَسِيرَةَ مِائَةِ عَامٍ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عِنْدَ ذَلِكَ: أَلَا تَسْمَعُ يَا كَعْبُ إِلَى مَا يُحَدِّثُنَا بِهِ ابْنُ أُمِّ عَبْدٍ، عَنْ أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَا لَهُ، فَكَيْفَ بِأَعْلَاهُمْ؟ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، إِنَّ اللَّهَ كَانَ فَوْقَ الْعَرْشِ وَالْمَاءِ، فَخَلَقَ لِنَفْسِهِ دَارًا [ص: 302] بِيَدِهِ فَزَيَّنَهَا بِمَا شَاءَ، وَجَعَلَ فِيهَا مَا شَاءَ مِنَ الثَّمَرَاتِ وَالشَّرَابِ، ثُمَّ أَطْبَقَهَا فَلَمْ يَرَهَا أَحَدٌ مِنْ خَلْقِهِ مُنْذُ خَلَقَهَا، جِبْرِيلُ وَلَا غَيْرُهُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، ثُمَّ قَرَأَ كَعْبٌ {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيَنٍ} [السجدة: 17] الْآيَةَ، وَخَلَقَ دُونَ ذَلِكَ جَنَّتَيْنِ فَزَيَّنَهُمَا بِمَا شَاءَ، وَجَعَلَ فِيهِمَا مَا ذَكَرَ مِنَ الْحَرِيرِ وَالسُّنْدُسِ وَالْإِسْتَبْرَقِ وَأَرَاهُمَا مَا شَاءَ مِنْ خَلْقِهِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، فَمَنْ كَانَ كِتَابُهُ فِي عِلِّيِّينَ لَهُ تِلْكَ الدَّارُ، فَإِذَا رَكِبَ الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِ عِلِّيِّينَ فِي مُلْكِهِ لَمْ يَبْقَ خَيْمَةٌ مِنْ خِيَامِ الْجَنَّةِ إِلَّا دَخَلَهَا مِنْ ضَوْءِ وَجْهِهِ حَتَّى إِنَّهُمْ لِيَسْتنْشِقُونَ رِيحَهُ يَقُولُونَ: وَاهًا لِهَذِهِ الرِّيحِ الطَّيِّبَةِ، وَيَقُولُونَ: لَقَدْ أَشْرَفَ عَلَيْنَا الْيَوْمَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ عِلِّيِّينَ، فَقَالَ عُمَرُ: وَيْحَكَ يَا كَعْبُ، إِنَّ هَذِهِ الْقُلُوبَ قَدِ اسْتَرْخَتْ فَاقْبِضْهَا، فَقَالَ كَعْبٌ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ لِجَهَنَّمَ زَفْرَةً مَا مِنْ مَلَكٍ مُقَرَّبٍ، وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا يَخِرُّ لِرُكْبَتَيْهِ حَتَّى يَقُولَ إِبْرَاهِيمُ خَلِيلُ اللَّهِ: رَبِّ نَفْسِي نَفْسِي، حَتَّى لَوْ كَانَ لَكَ عَمَلُ سَبْعِينَ نَبِيًّا إِلَى عَمَلِكَ لَظَنَنْتَ أَنْ لَنْ تَنْجُوَ مِنْهَا [ص: 303] 279 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو، ثنا زَائِدَةُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْمِنْهَالِ، عَنْ قَيْسِ بْنِ السَّكَنِ، وَأَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: إِذَا حُشِرَ النَّاسُ قَامُوا أَرْبَعِينَ عَامًا شَاخِصَةً أَبْصَارُهُمْ إِلَى السَّمَاءِ، لَا يُكَلِّمُهُمْ بَشَرٌ، الشَّمْسُ عَلَى رُءُوسِهِمْ حَتَّى يُلْجِمَهُمُ الْعَرَقُ، كُلُّ بَرٍّ مِنْهُمْ وَفَاجِرٍ، ثُمَّ يُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: أَيُّهَا النَّاسُ أَلَيْسَ ذَلِكَ عَدْلًا مِنْ رَبِّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَصَوَّرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ، ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ غَيْرَهُ أَنْ يُوَلِّيَ كُلَّ عَبْدٍ مِنْكُمْ مَا تَوَلَّى؟ قَالَ: يَقُولُونَ: بَلَى، ثُمَّ يُنَادِيهِمْ بِمِثْلِ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِنَحْوِ حَدِيثِ أَبِي غَسَّانَ، وَلَمْ يَسْتَوْعِبِ الْحَدِيثَ اسْتِيعَابَهُ، وَلَمْ يَرْفَعْهُ 280 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ سِنَانٍ الرَّهَاوِيُّ، قَالَ: وَثَبَّتَنِيهِ بَعْضُ أَصْحَابِهِ، عَنْ يَزِيدَ يَعْنِي أَبَاهُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ مِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ مَسْرُوقِ بْنِ الْأَجْدَعِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: " إِذَا جَمَعَ اللَّهُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، قَالَ: وَيَأْتِي اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ ثُمَّ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ: أَلَمْ أُحْسِنْ إِلَيْكُمْ وَأَرْزُقْكُمْ وَأُنْعِمْ عَلَيْكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: بَلَى رَبَّنَا، فَيَقُولُ: أَلَيْسَ ذَلِكَ عَدْلٌ أَنْ أُوَلِّيَ كُلَّ قَوْمٍ مَا كَانُوا يَعْبُدُونَ؟ فَيَقُولُونَ: بَلَى رَبَّنَا، فَيُرْفَعُ لَهُمْ شَيْطَانٌ فِي تِمْثَالِ عِيسَى، وَيُرْفَعُ لَهُمْ شَيْطَانٌ فِي تِمْثَالِ عُزَيْرٍ، وَيُرْفَعُ لَهُمْ تِمْثَالُ كُلِّ صَنَمٍ، وَتِمْثَالُ كُلِّ وَثَنٍ، وَيَتْبَعُ مَنْ [ص: 304] كَانَ يَعْبُدُ الشَّمْسَ الشَّمْسَ، وَحَتَّى يَتْبَعَ كُلُّ قَوْمٍ مَا كَانُوا يَعْبُدُونَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فَأَبْقَى أَنَا وَأَمَتِي فَيُقَالُ: مَا لِهَؤُلَاءِ لَا يَتَحَرَّكُونَ؟ فَيَقُولُ: رَبَّنَا، نَادَى مُنَادٍ أَنْ يَتْبَعَ كُلُّ قَوْمٍ مَا كَانُوا يَعْبُدُونَ، نَحْنُ كُنَّا نَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لَا نُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَكَانَ رَسُولُنَا قَدْ جَاءَنَا بِعَلَامَةٍ {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ} [القلم: 42] قَالَ: فَيُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَنَخِرُّ لَهُ سُجَّدًا، فَيَصِيرُ ظُهُورُ أَقْوَامٍ يَؤْمَئِذٍ مِثْلَ صَيَاصِيِّ الْبَقَرِ، فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سُجُودًا، ثُمَّ يُؤْمَرُ مَنْ سَجَدَ فَيَرْفَعُ رَأْسَهُ وَيُعْطَى نُورَهُ، فَيُعْطَى الرَّجُلُ يَوْمَئِذٍ نُورَهُ مِثْلَ الْجَبَلِ الْعَظِيمِ حَتَّى يُعْطَى أَدْنَاهُمْ نُورَهُ عَلَى إِبْهَامِ قَدَمِهِ، فَيُطْفِئُ مَرَّةً، وَيُضِئُ أُخْرَى، فَيَمُرُّونَ بِجَهَنَّمَ عَلَيْهَا جِسْرٌ مِثْلُ حَدِّ السَّيْفِ دَحْضًا، مَزَلَّةً، فَيَمُرُّ بِهَا أَقْوَامٌ مِثْلُ الْبَرْقِ، وَآخَرُونَ مِثْلُ الرِّيحِ، وَآخَرُونَ، حَتَّى يَجِيءَ الَّذِي نُورُهُ عَلَى إِبْهَامِ قَدَمِهِ فَيَمُرُّ عَلَى الْجِسْرِ يَحْبُو حَبْوًا، تَزِلُ رِجْلٌ مَرَّةً، وَتَثْبُتُ أُخْرَى، وَتَزِلُّ يَدٌ مَرَّة ًوَتَثْبُتُ أُخْرَى، حَتَّى يَجُوزَ الْجِسْرَ، فَيَقُولُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانِي مِنْكَ، لَقَدْ أَعْطَانِي اللَّهُ مِنَ الْخَيْرِ مَا لَمْ يُعْطِ أَحَدًا إِذْ نَجَّانِي مِنْ جَهَنَّمَ، فَيُنْطَلَقُ بِهِ إِلَى غَدِيرٍ عِنْدَ بَابِ الْجَنَّةِ، فَيَغْتَسِلُ فَيَصِيرُ لَوْنُهُ مِثْلُ أَلْوَانِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَيَغْتَسِلُ فِيهِ فَيَصِيرُ رِيحُهُ مِثْلَ رَائِحَتِهِمْ، ثُمَّ يَقُولُ: رَبِّ كَمَا نَجَّيْتَنِي مِنْ [ص: 305] جَهَنَّمَ، فَأَدْخِلْنِي الْجَنَّةَ، فَيَقُولُ لَهُ: فَلَعَلَّكَ تَسْأَلُ سِوَى ذَلِكَ؟ فَيَقُولُ: لَا وَعِزَّتِكَ، ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ نَحْوَ حَدِيثِ أَبِي غَسَّانَ الحديث: 278 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 297 281 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، ثنا قَيْسُ بْنُ السَّكَنِ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ، حَدَّثَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، هَذَا الْحَدِيثَ قَالَ: " إِذَا حُشِرَ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَامُوا أَرْبَعِينَ عَامًا عَلَى رُءُوسِهِمُ الشَّمْسُ، شَاخِصَةٌ أَبْصَارُهُمْ إِلَى السَّمَاءِ، يَنْتَظِرُونَ الْفَضْلَ، كُلُّ بَرٍّ مِنْهُمْ وَفَاجِرٍ، لَا يَتَكَلَّمُ مِنْهُمْ بَشَرٌ، ثُمَّ يُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: أَلَيْسَ عَدْلًا مِنْ رَبِّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَصَوَّرَكُمْ، ثُمَّ رَزَقَكُمْ، ثُمَّ عَبَدْتُمْ غَيْرَهُ أَنْ يُوَلِّيَ كُلَّ قَوْمٍ مَا تَوَلَّوْا؟ فَيَقُولُونَ: بَلَى، قَالَ: فَيُنَادِي بِذَلِكَ مَلَكٌ ثَلَاثًا، ثُمَّ تَمَثَّلَ لِكُلِّ قَوْمٍ آلِهَتُهُمُ الَّتِي كَانُوا يَعْبُدُونَ، قَالَ فَيَتْبَعُونَهَا حَتَّى تُورِدَهُمُ النَّارَ، قَالَ: وَيَبْقَى الْمُسْلِمُونَ وَالْمُنَافِقُونَ، قَالَ: فَيُقَالُ لَهُمْ: مَا شَأْنُكُمْ، قَدْ ذَهَبَ النَّاسُ وَبَقِيتُمْ؟ قَالَ: فَيَقُولُونَ: هَذَا مَكَانُنَا حَتَّى يَأْتِيَنَا رَبُّنَا، قَالَ: فَيُقَالُ لَهُمْ: هَلْ تَعْرِفُونَهُ إِذَا رَأَيْتُمُوهُ؟ قَالَ: فَيَقُولُونَ: إِذَا تَعَرَّفَ إِلَيْنَا عَرَفْنَاهُ، قَالَ: فَيُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ، قَالَ: فَيَخِرُّ الْمُؤْمِنُونَ سُجَّدًا، قَالَ: وَيُدْمَجُ أَصْلَابُ الْمُنَافِقِينَ، فَتَكُونُ عَظْمًا وَاحِدًا، كَأَنَّهَا صَيَاصِيُّ الْبَقَرَةِ، ثُمَّ يُقَالُ: ارْفَعُوا رُءُوسَكُمْ إِلَى نُورِكُمْ بِقَدْرِ أَعْمَالِكُمْ، قَالَ [ص: 306] : فَيَرْفَعُ الرَّجُلُ رَأْسَهُ وَنُورُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ مِثْلُ الْجَبَلِ، وَيَرْفَعُ الرَّجُلُ رَأْسَهُ وَنُورُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ مِثْلُ الْقَصْرِ، وَيَرْفَعُ الرَّجُلُ رَأْسَهُ وَنُورُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ مِثْلُ الْبَيْتِ، حَتَّى ذَكَرَ: مِثْلُ الشَّجَرَةِ، ثُمَّ يَمْضُونَ عَلَى الصِّرَاطِ كَالْبَرْقِ وَكَالرِّيحِ، وَكَحُضْرِ الْفَرَسِ، وَكَاشْتِدَادِ الرَّجُلِ، حَتَّى يَبْقَى آخِرُ النَّاسِ نُورُهُ عَلَى إِبْهَامِ رِجْلِهِ مِثْلُ السَّرَّاجِ، فَأَحْيَانًا يُضِئُ لَهُ فَيَمْشِي، وَأَحْيَانًا يَخْفَى عَلَيْهِ فَيَشْعَثُ مِنْهُ النَّارُ، فَلَا يَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يَخْرُجَ فَيَقُولُ: مَا يَدْرِي أَحَدٌ مَا نَجَّى مِنْهُ غَيْرِي، وَلَا أَصَابَ أَحَدٌ مِثْلَ مَا أَصَبْتُ، إِنَّمَا أَصَابَنِي حَرُّهَا، وَنَجَوْتُ مِنْهَا، ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُ بَابٌ مِنَ الْجَنَّةِ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ أَدْخِلْنِي هَذَا، فَيَقُولُ: لَعَلَّكَ إِنْ أَدْخَلْتُكَ تَسْأَلُنِي غَيْرَهُ، قَالَ: وَيَقُولُ: وَعِزَّتِكَ لَئِنْ أَدْخَلْتَنِي لَا أَسْأَلُكُ غَيْرَهَا، قَالَ: فَيَدْخُلُهُ، فَبَيْنَمَا هُوَ مُعْجَبٌ بِمَا هُوَ فِيهِ إِذْ فُتِحَ لَهُ بَابٌ آخَرُ، فَيَنْحَقِرُ فِي عَيْنِهِ الَّذِي هُوَ فِيهِ، فَيَقُولُ: بِعِزَّتِكَ أَدْخِلْنِي فِي هَذَا، فَيَقُولُ: أَوَلَمْ تَزْعُمْ أَنَّكَ لَا تَسْأَلُنِي غَيْرَهُ؟ قَالَ: يَقُولُ: وَعِزَّتِكَ لَئِنْ أَدْخَلْتِنِيهِ لَا أَسْأَلُكُ غَيْرَهُ، قَالَ: فَيَدْخُلُهُ حَتَّى يَدْخُلَ أَرْبَعَةَ أَبْوَابٍ، كُلَّهَا يَسْأَلُهَا، قَالَ ثُمَّ يَسْتَقْبِلُهُ رَجُلٌ عَلَيْهِ النُّورُ، فَإِذَا هُوَ رَآهُ هَوَى لِيَسْجُدَ لَهُ، قَالَ: يَقُولُ: مَا شَأْنُكَ؟ قَالَ: يَقُولُ: أَلَسْتَ رَبِّي؟ قَالَ: يَقُولُ: أَنَا قَهْرَمَانٌ لَكَ فِي أَلْفِ قَهْرَمَانٍ عَلَى أَلْفِ قَصْرٍ، يُرَى أَقْصَاهَا كَمَا يُرَى أَدْنَاهَا، قَالَ ثُمَّ [ص: 307] يُفْتَحُ لَهُ بَابٌ مِنْ زُمُرُّدَةٍ خَضْرَاءَ، فِيهَا سَبْعُونَ بَابًا، فِي كُلِّ بَابٍ مِنْهَا أَزْوَاجٌ وَسُرُرٌ، وَمَنَاصِفُ، قَالَ: فَيَقْعُدُ مَعَ زَوْجَتِهِ، قَالَ: فَتُنَاوِلُهُ الْكَأْسَ فَيَقُولُ: لَأَنْتِ مُنْذُ نَاوَلْتُكَ الْكَأْسَ أَحْسَنُ مِنْكِ قَبْلَ ذَلِكَ سَبْعِينَ ضِعْفًا، قَالَ: وَتَقُولُ: وَأَنْتَ مُنْذُ نَاوَلْتَنِي الْكَأْسَ أَحْسَنُ مِنْكَ قَبْلَ ذَلِكَ سَبْعِينَ ضِعْفًا، قَالَ: وَعَلَيْهَا سَبْعُونَ حُلَّةً أَلْوَانُهَا شَتَّى، يُرَى مِنْهَا سَاقُهَا، قَالَ: وَيَلْبَسُ ثِيَابَهُ عَلَى كَبِدِهَا، وَكَبِدُهَا مِرْآتُهُ " الحديث: 281 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 305 282 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، ثنا سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ، عَنْ أَبِي الزَّعْرَاءِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: " تَقُومُ السَّاعَةُ عَلَى شِرَارِ النَّاسِ، ثُمَّ يَقُومُ مَلَكٌ بِالصُّورِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، فَيَنْفُخُ، فَلَا يَبْقَى خَلْقٌ لِلَّهِ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا مَاتَ، إِلَّا مَنْ شَاءَ رَبُّكَ، ثُمَّ يَكُونُ مَا بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ يَقُومُ مَلَكٌ بِالصُّورِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، فَيَنْفُخُ فِيهِ فَيَنْطَلِقُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَى جَسَدِهَا، تَدْخُلُ فِيهِ، فَيَقُومُونَ فَيَحْيَوْنَ بِحَيَاةِ رَجُلٍ وَاحِدٍ، قِيَامًا لِرَبِّ الْعَالَمِينَ، ثُمَّ يَلْقَاهُمُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى حِينَ يَلْقَى الْمُسْلِمِينَ، فَيَقُولُ: مَنْ تَعْبُدُونَ؟ فَيَقُولُونَ: نَعْبُدُ اللَّهَ لَا نُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، فَيَنْتَهِرُهُمْ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا: مَنْ تَعْبُدُونَ؟ فَيَقُولُونَ: نَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ وَلَا نُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، فَيَقُولُ: هَلْ تَعْرِفُونَ رَبَّكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: سُبْحَانَهُ، إِذَا اعْتَرَفَ لَنَا عَرَفْنَاهُ [ص: 308] ، فَعِنْدَ ذَلِكَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ فَلَا يَبْقَى مُؤْمِنٌ إِلَّا خَرَّ لِلَّهِ سَاجِدًا، وَيَبْقَى الْمُنَافِقُونَ ظُهُورُهُمْ طَبَقًا وَاحِدًا، فَكَأَنَّمَا فِيهَا السَّفَافِيدُ، فَيَقُولُونَ: رَبَّنَا، فَيَقُولُ: «قَدْ كُنْتُمْ تُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَأَنْتَمْ سَالِمُونَ» ، ثُمَّ يَأْمُرُ اللَّهُ بِالصِّرَاطِ فَيُضْرَبُ عَلَى جَهَنَّمَ، فَيَمُرُّ النَّاسُ عَلَى قِيدِ أَعْمَالِهِمْ زُمَرًا زُمَرًا، يَمُرُّ عَلَيْهِ كَلَمْحِ الْبَرْقِ، ثُمَّ كَمَرِّ الرِّيحِ، ثُمَّ كَمَرِّ الطَّيْرِ، ثُمَّ كَمَرِّ الْبَهَائِمِ، حَتَّى يَمُرَّ الرَّجُلُ سَعْيًا، وَحَتَّى يَمُرَّ الرَّجُلُ مَشْيًا، حَتَّى يَجِيءَ آخِرُهُمْ يَتَلَبَّطُ عَلَى بَطْنِهِ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، لِمَ بَطَّأْتَ بِي؟ فَيَقُولُ: إِنِّي لَمْ أُبَطِّئْ بِكَ، إِنَّمَا أَبْطَأَ بِكَ عَمَلُكَ، ثُمَّ يَأْذَنُ اللَّهُ فِي الشَّفَاعَةِ " الحديث: 282 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 307 283 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نِيزَكٍ، ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: ذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: " يُؤْذَنُ لِلْمُؤْمِنِينَ فِي السُّجُودِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، قَالَ: فَيَسْجُدُ الْمُؤْمِنُونَ وَبَيْنَ كُلِّ مُؤْمِنَيْنِ مُنَافِقٌ، فَيَقْسُو [ص: 309] ظَهْرَهُ عَنِ السُّجُودِ، وَيُجْعَلُ سُجُودُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْمُنَافِقِينَ تَوْبِيخًا وَصَغَارًا، وَذُلًّا وَنَدَامَةً وَحَسْرَةً، {وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ} [القلم: 43] " الحديث: 283 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 308 284 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنِي سَلَمَةُ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ، قَالَ: " إِنَّ جَهَنَّمَ لَتَزْفَرُ زَفْرَةً لَا يَبْقَى مَلَكٌ مُقَرَّبٌ، وَلَا نَبِيُّ مُرْسَلٌ، إِلَّا خَرَّ سَاجِدًا، يَقُولُ: رَبِّ نَفْسِي نَفْسِي " الحديث: 284 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 309 285 - حَدَّثَنَا هُدْبَةُ، ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ عُمَارَةَ الْقُرَشِيِّ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، قَالَ: وَفَدْتُ إِلَى الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَكَانَ الَّذِي يَعْمَلُ فِي حَوَائِجِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَلَمَّا قَضَيْتُ حَوَائِجِي أَتَيْتُهُ فَوَدَّعْتُهُ، وَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ثُمَّ مَضَيْتُ، فَذَكَرْتُ حَدِيثًا حَدَّثَنِي بِهِ أَبِي، سَمِعَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ أُحَدِّثَهُ: لِمَا أَوْلَانِي فِي قَضَاءِ حَوَائِجِي، فَرَجَعْتُ إِلَيْهِ، فَلَمَّا رَآنِي قَالَ: لَقَدْ رَدَّ الشَّيْخُ حَاجَةً، فَلَمَّا قُرِّبْتُ مِنْهُ قَالَ: مَا رَدَّكَ، أَلَيْسَ قَدْ قَضَيْتُ حَوَائِجَكَ؟ قُلْتُ: بَلَى، وَلَكِنْ حَدِيثٌ سَمِعْتُهُ مِنْ أَبِي، سَمِعَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [ص: 310] ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ أُحَدِّثَكَ بِهِ لِمَا أَوْلَيْتَنِي، قَالَ: وَمَا هُوَ؟ قُلْتُ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ مُثِّلَ لِكُلِّ قَوْمٍ مَا كَانُوا يَعْبُدُونَ فِي الدُّنْيَا، فَذَهَبَ كُلُّ قَوْمٍ إِلَى مَا كَانُوا يَعْبُدُونَ فِي الدُّنْيَا، وَيَبْقَى أَهْلُ التَّوْحِيدِ، فَيُقَالُ لَهُمْ: مَا يَنْتَظِرُونَ وَقَدْ ذَهَبَ النَّاسُ؟ فَيَقُولُونَ: إِنَّ لَنَا رَبًّا كُنَّا نَعْبُدُهُ فِي الدُّنْيَا، لَمَّا نَرَاهُ، قَالَ: وَتَعْرِفُونَهُ إِذَا رَأَيْتُمُوهُ؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، فَيُقَالُ لَهُمْ: وَكَيْفَ تَعْرِفُونَهُ وَلَمْ تَرَوْهُ؟ قَالُوا: إِنَّهُ لَا شِبْهَ لَهُ، فَيُكْشَفُ لَهُمْ عَنِ الْحِجَابِ، فَيَنْظُرُونَ إِلَى اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، فَيَخِرُّونَ لَهُ سُجَّدًا، وَتَبْقَى أَقْوَامٌ فِي ظُهُورِهِمْ مِثْلُ صَيَاصِيِّ الْبَقَرِ، فَيُرِيدُونَ السُّجُودَ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ، فَيَقُولُ اللَّهُ: «عِبَادِي ارْفَعُوا رُءُوسَكُمْ فَقَدْ جَعَلْتُ بَدَلَ كُلِّ رَجُلٍ مِنْكُمْ رَجُلًا مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فِي النَّارِ» ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَحَدَّثَكَ أَبُوكَ هَذَا الْحَدِيثَ سَمِعَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَحَلَفَ لَهُ ثَلَاثَةَ أَيْمَانٍ عَلَى ذَلِكَ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: مَا سَمِعْتُ فِي أَهْلِ التَّوْحِيدِ بِحَدِيثٍ هُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ هَذَا الحديث: 285 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 309 أحَادِيثُ فِي فَضْلِ السُّجُودِ وَالرُّكُوعِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَمِمَّا رُوِيَ فِي فَضْلِ السُّجُودِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 311 286 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ، عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ، قَالَ: كُنْتُ فِي حَلْقَةٍ بِالْمَدِينَةِ، فَإِذَا رَجُلٌ قَائِمٌ يُصَلِّي، يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ لَا يَقْعُدُ فِيهَا، فَقُلْتُ: مَا أَرَى هَذَا يَدْرِي، لِيَنْصَرِفْ عَلَى شَفْعٍ أَوْ وِتْرٍ، فَقَالُوا: أَلَا تَقُولُ لَهُ؟ فَلَمَّا صَلَّى قُلْتُ لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ: لَكِنَّ اللَّهَ يَدْرِي، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ سَجَدَ لِلَّهِ رَفَعَ اللَّهُ لَهُ بِهَا دَرَجَةً، وَكَتَبَ لَهُ بِهَا حَسَنَةً، أَوْ حَطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةً» قُلْتُ: مَنْ أَنْتَ؟ فَقَالَ: أَبُو ذَرٍّ، فَرَجَعْتُ إِلَى أَصْحَابِي فَقُلْتُ: لَا أَعْلَمُ جُلَسَاءَ أَشَرَّ مِنْكُمْ، أَمَرْتُمُونِي أَنْ آتِيَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأُعَلِّمَهُ " الحديث: 286 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 311 287 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، ثنا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، ثنا زُهَيْرٌ أَبُو خَيْثَمَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْمُخَارِقِ، قَالَ: خَرَجْنَا حُجَّاجًا فَأَتَيْنَا أَبَا ذَرٍّ بِالرَّبَذَةِ، فَإِذَا هُوَ يُصَلِّي يُكْثِرُ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ، وَلَا يُطِيلُ الْقِيَامَ، فَقُلْتُ لَهُ، فَقَالَ: مَا أَلَوْتُ أَنْ أُحْسِنَ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [ص: 312] يَقُولُ: «مَنْ رَكَعَ رَكْعَةً أَوْ سَجَدَ سَجْدَةً رَفَعَهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً، وَحَطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةً» الحديث: 287 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 311 288 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثنا الْأَوْزَاعِيُّ، ثنا هَارُونُ بْنُ رِئَابٍ، عَنِ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ: دَخَلْتُ مَسْجِدَ دِمَشْقَ، فَإِذَا أَنَا بِرَجُلٍ يُصَلِّي، يُكْثِرُ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ، فَقُلْتُ: لَا أَنْتَهِي حَتَّى أَنْظُرَ أَيَدْرِي عَلَى شَفْعٍ يَنْصَرِفُ أَمْ عَلَى وِتْرٍ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قُلْتُ لَهُ: أَتَدْرِي عَلَى شَفْعٍ تَنْصَرِفُ أَمْ عَلَى وِتْرٍ؟ قَالَ: إِنْ لَمْ أَدْرِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ يَدْرِي، حَدَّثَنِي خَلِيلِي أَبُو الْقَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ بَكَى، ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَنِي خَلِيلِي أَبُو الْقَاسِمِ، ثُمَّ بَكَى، ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَنِي خَلِيلِي أَبُو الْقَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْجُدُ لِلَّهِ سَجْدَةً إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً، وَحَطَّ عَنْهُ بِهَا سَيِّئَةً» فَتَقَاصَرَتْ إِلَيَّ نَفْسِي، قَالَ الْفِرْيَابِيُّ: هُوَ أَبُو ذَرٍّ الحديث: 288 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 312 289 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنِي الْأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنِي الْوَلِيدُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ مَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، قَالَ: سَأَلْتُ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقُلْتُ: حَدِّثْنِي حَدِيثًا يَنْفَعُنِي اللَّهُ بِهِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْجُدُ لِلَّهِ سَجْدَةً إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً، وَحَطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةً» الحديث: 289 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 313 290 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عِيسَى، أَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، أَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَارِثُ بْنُ يَزِيدَ [ص: 314] ، قَالَ: حَدَّثَنِي كَثِيرٌ الْأَعْرَجُ، قَالَ: كُنَّا بِذِي الضَّوَارِي وَمَعَنَا أَبُو فَاطِمَةَ الْأَزْدِيُّ، وَكَانَ قَدِ اسْوَدَّتْ جَبْهَتُهُ وَرُكْبَتَاهُ مِنْ كَثْرَةِ السُّجُودِ، فَقَالَ لَنَا ذَاتَ يَوْمٍ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا أَبَا فَاطِمَةَ، أَكْثِرِ السُّجُودَ، فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يَسْجُدُ لِلَّهِ سَجْدَةً إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً» الحديث: 290 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 313 291 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، حَدَّثَنِي الْحَارِثُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ كَثِيرٍ الْأَعْرَجِ الصَّدَفِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا فَاطِمَةَ، وَهُوَ مَعَنَا بِالضَّوَارِي يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا أَبَا فَاطِمَةَ، أَكْثِرْ مِنَ السُّجُودِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ مُسْلِمٍ يَسْجُدُ لِلَّهِ سَجْدَةً إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً» الحديث: 291 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 315 292 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ عَمْرٍو الْمَعَافِرِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيَّ يُخْبِرُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا فَاطِمَةَ الْأَزْدِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَسْجُدُ لِلَّهِ سَجْدَةً إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً، وَحَطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةً» الحديث: 292 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 316 تَسَّاقَطُ الذُّنُوبُ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 316 293 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، ثنا ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي الْمُنِيبِ، قَالَ: رَأَى ابْنُ عُمَرَ فَتًى قَدْ أَطَالَ الصَّلَاةَ وَأَطْنَبَ، فَقَالَ: أَيُّكُمْ يَعْرِفُ هَذَا؟ فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا أَعْرِفُهُ، فَقَالَ: أَمَا إِنِّي لَوْ عَرَفْتُهُ لَأَمَرْتُهُ بِكَثْرَةِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ أَتَى بِذُنُوبِهِ كُلِّهَا فَوُضِعَتْ عَلَى عَاتِقَيْهِ، فَكُلَّمَا رَكَعَ أَوْ سَجَدَ تَسَاقَطَتْ عَنْهُ» الحديث: 293 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 316 294 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا أَبُو صَالِحٍ، ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ أَبِي وَهْبٍ الْعَلَاءِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْطَاةَ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، رَأَى فَتًى وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي، قَدْ أَطَالَ صَلَاتَهُ وَأَطْنَبَ فِيهَا، فَقَالَ: مَنْ يَعْرِفُ هَذَا؟ فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا، فَقَالُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: لَوْ كُنْتُ أَعْرِفُهُ لَأَمَرْتُهُ أَنْ يُطِيلَ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا قَامَ يُصَلِّي أُتِيَ بِذُنُوبِهِ فَجُعِلَتْ عَلَى رَأْسِهِ وَعَاتِقِهِ، فَكُلَّمَا رَكَعَ أَوْ سَجَدَ تَسَاقَطَتْ عَنْهُ» الحديث: 294 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 317 إِكْثَارُ الدُّعَاءِ فِي السَّجْدَةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 318 295 - حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، أَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ، عَنْ سَمَّيٍّ، مَوْلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ أَقْرَبَ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ، فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ» 296 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا أَبُو صَالِحٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ، عَنْ سُمَيٍّ، مَوْلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ [ص: 319] السَّمَّانِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِهِ الحديث: 295 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 318 297 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عِيسَى، أَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، أَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَارَةُ بْنُ غَزِيَّةَ، عَنْ سُمَيٍّ، مَوْلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «إِنَّ أَقْرَبَ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ إِلَى اللَّهِ إِذَا كَانَ سَاجِدًا، فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ عِنْدَ ذَلِكَ» الحديث: 297 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 319 مُبَاهَاةُ الرَّبِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مَلَائِكَتَهُ بِسُجُودِ عِبَادِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 319 298 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عِيسَى، أَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، أَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: أُنْبِئْتُ أَنَّ رَبَّنَا، تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ: " إِذَا نَامَ الْعَبْدُ وَهُوَ سَاجِدٌ: انْظُرُوا إِلَى عَبْدِي، رُوحُهُ عِنْدِي، وَجَسَدُهُ فِي طَاعَتِي " الحديث: 298 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 319 299 - حَدَّثَنَا الدَّوْرَقِيُّ، ثنا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا سَلَّامٌ يَعْنِي ابْنَ مِسْكِينٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنِ، يَقُولُ: إِذَا نَامَ الرَّجُلُ فِي سُجُودِهِ بَاهَى اللَّهُ بِهِ الْمَلَائِكَةَ، يَقُولُ: انْظُرُوا إِلَى عَبْدِي يَعَبُدُنِي وَرُوحُهُ عِنْدِي " الحديث: 299 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 319 300 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذِ بْنِ مُعَاذٍ، ثنا أَبِي، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ [ص: 320] عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ ثَوْبَانَ، مَوْلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا مِنْ عَبْدٍ يُؤْمِنُ، يَسْجُدُ لِلَّهِ سَجْدَةً إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً، وَحَطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةً» الحديث: 300 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 319 301 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ،: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي يَعْقُوبَ، يُحَدِّثُ، عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: مُرْنِي بِأَمْرٍ أَنْتَفِعُ بِهِ، قَالَ: «اعْلَمْ أَنَّكَ لَا تَسْجُدُ لِلَّهِ سَجْدَةً إِلَّا رَفَعَكَ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً، وَحَطَّ عَنْكَ بِهَا خَطِيئَةً» الحديث: 301 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 320 302 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، ثنا عَبْدُ الْأَعْلَى، ثنا هِشَامُ بْنُ [ص: 321] حَسَّانَ، عَنْ وَاصِلٍ، عَنْ مَهْدِيِّ بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ الضَّبِّيِّ، عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: «اعْلَمْ أَنَّكَ لَا تَسْجُدُ لِلَّهِ سَجْدَةً إِلَّا رَفَعَكَ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً، وَحَطَّ عَنْكَ بِهَا خَطِيئَةً» الحديث: 302 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 320 كَثْرَةُ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ أَفْضَلُ أَمْ طُولِ الْقِيَامِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَقَدِ اخْتَلَفَتِ النَّاسُ فِي طُولِ الْقِيَامِ فِي الصَّلَاةِ وَكَثْرَةِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، أَيُّهُمَا أَفْضَلُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 321 303 - فَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: «أَفْضَلُ الصَّلَاةِ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ» الحديث: 303 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 321 304 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عِيسَى، أَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، أَخْبَرَنِي [ص: 322] ابْنُ لَهِيعَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ عَوْفٍ الْغَافِقِيِّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدٍ الْأَعْوَرِ، قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ: أَطُولُ الرُّكُوعِ فِي الصَّلَاةِ أَفْضَلُ فِي الْقِيَامِ أَمْ طُولُ السُّجُودِ؟ قَالَ: «يَا ابْنَ أَخِي، إِنَّ خَطَايَا الْإِنْسَانِ فِي رَأْسِهِ، وَإِنَّ السُّجُودَ يَحُطُّ الْخَطَايَا» الحديث: 304 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 321 305 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، ثنا يَحْيَى الْقَطَّانُ، حَدَّثَنِي الْحَجَّاجُ بْنُ حَسَّانَ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا مِجْلَزِ: أَيُّهُمَا أَحَبُّ إِلَيْكَ: طُولُ الْقِيَامِ أَمِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ قَالَ: «طُولُ الْقِيَامِ» الحديث: 305 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 322 306 - حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ الْأَسْوَدِ، ثنا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، قَالَ: سَمِعْتُ شَرِيكًا، يَقُولُ: كَانَ يُقَالُ: طُولُ الْقُنُوتِ بِاللَّيْلِ، وَكَثْرَةُ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ بِالنَّهَارِ، وَهُوَ قَوْلُ يَحْيَى بْنِ آدَمَ [ص: 323] قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: فِي الْأَخْبَارِ الْمَرْوِيَّةِ فِي صِفَةِ صَلَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاللَّيْلِ دَلِيلٌ عَلَى اخْتِيَارِهِ طُولَ الْقِيَامِ وَتَطْوِيلَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، لَا عَلَى كَثْرَةِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، وَذَلِكَ أَنَّ أَكْثَرَ مَا صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ صَلَّى مِنَ اللَّيْلِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً بِالْوِتْرِ، وَقَدْ صَلَّى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، وَتِسْعَ رَكَعَاتٍ وَسَبْعًا فَطَوَّلَ فِيهَا الْقِرَاءَةَ وَالرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ جَمِيعًا، فَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى تَفْضِيلِ التَّطْوِيلِ عَلَى كَثْرَةِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ سُئِلَ: أَيُّ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ؟ فَقَالَ: «طُولُ الْقِيَامِ» الحديث: 306 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 322 307 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، ثنا الْحَجَّاجُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ عَلِيٍّ الْأَزْدِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُبْشِيٍّ الْخَثْعَمِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ: أَيُّ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ؟ فَقَالَ: «طُولُ الْقِيَامِ» الحديث: 307 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 323 308 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، أَنَا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ، عَنْ [ص: 324] حَجَّاجِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ ذَكْوَانَ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ، أَنَّ رَجُلًا، أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: أَيُّ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «طُولُ الْقُنُوتِ» الحديث: 308 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 323 309 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، ثنا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ: أَيُّ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «طُولُ الْقُنُوتِ» 310 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ الحديث: 309 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 324 311 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، أَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ: أَيُّ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ " قَالَ: «طُولُ الْقُنُوتِ» الحديث: 311 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 324 312 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنِ الْمُسْتَوْرِدِ بْنِ أَحْنَفَ، عَنْ صِلَةَ بْنِ زُفَرَ، قَالَ: قَالَ حُذَيْفَةُ: " صَلَّيْتُ لَيْلَةً مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَافْتَتَحَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ فَقَرَأَ، فَقُلْتُ: يَقْرَأُ مِائَةَ آيَةٍ، ثُمَّ يَرْكَعُ فَمَضَى، فَقُلْتُ: يَقْرَأُهَا فِي رَكْعَتَيْنِ فَمَضَى، فَقُلْتُ: يَخْتِمُهَا ثُمَّ يَرْكَعُ، فَمَضَى، ثُمَّ قَرَأَ سُورَةَ النِّسَاءِ، ثُمَّ قَرَأَ سُورَةَ آلِ عِمْرَانَ ثُمَّ رَكَعَ نَحْوًا مِنْ قِيَامِهِ، يَقُولُ: «سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ، سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ» ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: «سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ» فَأَطَالَ الْقِيَامَ ثُمَّ سَجَدَ، فَأَطَالَ السُّجُودَ وَهُوَ يَقُولُ «سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى، سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى» فَأَطَالَ السُّجُودَ، وَكَانَ لَا يَمُرُّ بِآيَةٍ فِيهَا تَخْوِيفٌ أَوْ تَعْظِيمٌ لِلَّهِ إِلَّا كَرَّرَهَا " الحديث: 312 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 325 313 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرٍو، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا حَمْزَةَ، مُولِي الْأَنْصَارِ يُحَدِّثُ، عَنْ رَجُلٍ، مِنْ بَنِي عَبْسٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، أَنَّهُ صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَامَ إِلَى جَنْبِهِ، فَسَمِعَهُ حِينَ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ قَالَ: «اللَّهُ أَكْبَرُ ذُو الْمَلَكُوتِ وَالْجَبَرُوتِ وَالْكِبْرِيَاءِ وَالْعَظَمَةِ» وَقَرَأَ بِالْبَقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ وَالنِّسَاءِ وَالْمَائِدَةِ وَالْأَنْعَامِ فِي أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ، وَكَانَ يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ: «سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ، سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ» وَكَانَ يَقُولُ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ: «لِرَبِّي الْحَمْدُ، لِرَبِّي الْحَمْدُ» وَفِي سُجُودِهِ: «سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى، سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى» وَبَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ: «رَبِّ اغْفِرْ لِي، رَبِّ اغْفِرْ لِي» وَكَانَ رُكُوعُهُ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ، وَسُجُودُهُ، وَمَا بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، نَحْوًا مِنْ قِيَامِهِ " الحديث: 313 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 326 السُّؤَالُ عِنْدَ آيَةِ الرَّحْمَةِ وَالتَّعَوُّذُ عِنْدَ آيَةِ الْعَذَابِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 327 314 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذِ بْنِ مُعَاذٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، ثنا شُعْبَةُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، مِثْلَ ذَلِكَ، وَزَادَ فِيهِ: وَمَا مَرَّ بِآيَةِ رَحْمَةٍ إِلَّا وَقَفَ فَسَأَلَ، وَلَا بِآيَةِ عَذَابٍ إِلَّا تَعَوَّذَ، قَالَ الْأَعْمَشُ: حَدَّثَنِيهِ سَعْدُ بْنُ عُبَيْدَةَ، عَنْ مُسْتَوْرِدٍ، عَنْ صِلَةَ بْنِ زُفَرَ، عَنْ حُذَيْفَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِهِ الحديث: 314 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 327 315 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنَا جَرِيرٌ، وَأَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنِ الْمُسْتَوْرِدِ بْنِ أَحْنَفَ، عَنْ صِلَةَ بْنِ زُفَرَ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: «صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً فَكَانَ إِذَا مَرَّ بِآيَةِ رَحْمَةٍ سَأَلَ، وَإِذَا مَرَّ بِآيَةِ عَذَابٍ تَعَوَّذَ، وَإِذَا مَرَّ بِآيَةٍ فِيهَا تَنْزِيهٌ لِلَّهِ سَبَّحَ» الحديث: 315 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 327 اعْتِزَالُ الشَّيْطَانِ عِنْدَ السَّجْدَةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 328 316 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، ثنا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذَا قَرَأَ ابْنُ آدَمَ السَّجْدَةَ فَسَجَدَ اعْتَزَلَ الشَّيْطَانُ يَبْكِي وَيَقُولُ: وَيْلٌ لَهُ، أُمِرَ ابْنُ آدَمَ بِالسُّجُودِ فَسَجَدَ، فَلَهُ الْجَنَّةُ، وَأُمِرْتُ بِالسُّجُودِ فَعَصَيْتُ فَلِيَ النَّارُ " الحديث: 316 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 328 317 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عِيسَى، أَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، ثنا مَعْمَرٌ، ثنا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: " إِنَّ الشَّيْطَانَ إِذَا رَأَى ابْنَ آدَمَ سَاجِدًا صَاحَ وَرَنَّ وَقَالَ: لَهُ الْوَيْلُ، أُمِرَ ابْنُ آدَمَ بِالسُّجُودِ فَأَطَاعَ فَلَهُ الْجَنَّةُ، وَأُمِرْتُ بِالسُّجُودِ فَعَصَيْتُ فَلِيَ النَّارُ " الحديث: 317 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 328 318 - حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، ثنا عَمْرُو بْنُ رَافِعٍ الْبَجَلِيُّ، ثنا كِنَانَةُ بْنُ جَبَلَةَ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي حَزْمٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ اللَّهَ أَمَرَ آدَمَ بِالسُّجُودِ فَسَجَدَ فَقَالَ: لَكَ الْجَنَّةُ وَلِمَنْ سَجَدَ مِنْ وَلَدِكِ، وَأُمِرَ [ص: 329] إِبْلِيسُ بِالسُّجُودِ فَأَبَى أَنْ يَسْجُدَ، فَقَالَ: لَكَ النَّارُ وَلِمَنْ أَبَى مِنْ وَلَدِكِ أَنْ يَسْجُدَ " الحديث: 318 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 328 319 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ، أَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، ثنا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَتْنِي فَاطِمَةُ بِنْتُ الْحُسَيْنِ، أَنَّ رَجُلًا، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْ أَهْلِ شَفَاعَتِكَ، قَالَ: «أَعِنِّي بِكَثْرَةِ السُّجُودِ» الحديث: 319 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 329 سُجُودُ الشَّمْسِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي ذَرٍّ: «أَتَدْرِي أَيْنَ تَغْرُبُ الشَّمْسُ؟ تَذْهَبُ حَتَّى تَسْجُدَ تَحْتَ الْعَرْشِ» الجزء: 1 ¦ الصفحة: 329 320 - حَدَّثَنَا بِذَلِكَ، إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ [ص: 330] إِبْرَاهِيمَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَتَدْرِي أَيْنَ تَذْهَبُ هَذِهِ الشَّمْسُ؟» فَقَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: " فَإِنَّهَا تَجْرِي حَتَّى تَنْتَهِيَ إِلَى مُسْتَقَرِّهَا تَحْتَ الْعَرْشِ، فَتَخِرُّ سَاجِدَةً، فَلَا يَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يُقَالَ لَهَا: ارْتَفِعِي ارْجِعِي مِنْ حَيْثُ جِئْتِ طَالِعَةً، فَتَرْجِعُ فَتَطْلُعُ مِنْ مَطْلِعِهَا، ثُمَّ تَجْرِي لَا يَسْتَنْكِرُ النَّاسُ مِنْهَا شَيْئًا، حَتَّى تَنْتَهِيَ إِلَى مُسْتَقَرِّهَا تَحْتَ الْعَرْشِ فَيُقَالُ لَهَا: ارْتَفِعِي فَاطْلُعِي مِنْ مَغْرِبِكِ، فَتَطْلُعُ مِنْ مَغْرِبِهَا " قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَتَدْرُونَ مَتَى ذَاكُمْ؟ ذَلِكَ حِينَ {لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنْتُ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا} [الأنعام: 158] " الحديث: 320 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 329 الصَّلَاةُ قُرَّةُ عَيْنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَلَوْ لَمْ يَسْتَدِلَّ الْمُؤْمِنُ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ أَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ إِلَّا بِمَا أَلْزَمَ قَلْبَ حَبِيبِهِ الْمُصْطَفَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حُبِّ الصَّلَاةِ، وَجَعْلِ قُرَّةِ عَيْنِهِ فِيهَا دُونَ سَائِرِ الْأَعْمَالِ كُلِّهَا، وَإِنْ كَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحِبًّا لِجَمِيعِ الطَّاعَاتِ، وَلَكِنَّهُ خَصَّ الصَّلَاةَ فَأَخْبَرَ أَنَّ قُرَّةَ عَيْنِهِ جُعِلَ فِي الصَّلَاةِ لِرَبِّهِ، لَكَفَاهُ بِذَلِكَ دَلِيلًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 331 321 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ، ثنا هِقْلٌ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ مِنَ اللَّيْلِ وَامْرَأَةٌ تُصَلِّي بِصَلَاتِهِ، فَلَمَّا أَحَسَّ الْتَفَتَ إِلَيْهَا فَقَالَ لَهَا: «اضْطَجِعِي إِنْ شِئْتِ» قَالَتْ: إِنِّي أَجِدُ نَشَاطًا، قَالَ: «إِنَّكِ لَسْتِ مَثَلِي، إِنَّمَا جُعِلَ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ» الحديث: 321 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 331 322 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ غِيَاثٍ أَبُو بَحْرٍ، ثنا سَلَّامٌ أَبُو الْمُنْذِرِ الْقَارِئُ، ثنا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا حُبِّبَ إِلَيَّ مِنْ دُنْيَاكُمُ النِّسَاءُ، وَالطِّيبُ، وَجُعِلَ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ» [ص: 332] 323 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَسَنِ الْعَلَّافُ، ثنا سَلَّامٌ أَبُو الْمُنْذِرِ الْقَارِئُ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ الحديث: 322 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 331 آخِرُ وَصِيَّتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةُ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: ثُمَّ لَمَّا اشْتَدَّ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَعُهُ فَصَارَ إِلَى الْحَالِ الَّتِي انْكَسَرَ فِيهَا لِسَانُهُ، لَمْ يَكُنْ لَهُ وَصِيَّةٌ أَكْثَرُ مِنَ الصَّلَاةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 332 324 - كَمَا حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى الْقَطَّانُ، ثنا جَرِيرٌ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيُّ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كَانَتْ آخِرُ وَصِيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُغَرْغِرُ بِهَا فِي صَدْرِهِ فَلَا يَكَادُ يُفِيضُ بِهَا لِسَانُهُ: «الصَّلَاةَ الصَّلَاةَ، اتَّقُوا اللَّهَ فِيمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ» الحديث: 324 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 332 325 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ أُمِّ مُوسَى، عَنْ عَلِيٍّ، أَنَّهُ كَانَ آخِرُ كَلَامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الصَّلَاةَ، اتَّقُوا اللَّهَ فِيمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ» الحديث: 325 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 333 سَاعَاتُ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهَا قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَفَضَّلَ اللَّهُ سَاعَاتِ الصَّلَوَاتِ عَلَى سَائِرِ السَّاعَاتِ اخْتَارَهَا لِيُنَاجِيَهُ عِبَادُهُ فِيهَا لِصَلَاحِهِمْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 334 326 - كَذَلِكَ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، أَنَا خَالِدٌ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ السَّلُولِيِّ، عَنْ كَعْبٍ، قَالَ: " اخْتَارَ اللَّهُ الْبِلَادَ فَأَحَبُّ الْبِلَادِ إِلَى اللَّهِ الْبَلَدُ الْحَرَامُ، وَاخْتَارَ الزَّمَانَ فَأَحَبُّ الزَّمَانِ إِلَى اللَّهِ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ، وَأَحَبُّ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ إِلَى اللَّهِ ذُو الْحِجَّةِ، وَأَحَبُّ ذُو الْحِجَّةِ إِلَى اللَّهِ الْعَشْرُ الْأُوَلُ، وَاخْتَارَ اللَّهُ الْأَيَّامَ فَأَحَبُّ الْأَيَّامِ إِلَى اللَّهِ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، وَاخْتَارَ اللَّيَالِيَ مِنْهَا فَأَحَبُّ اللَّيَالِيَ إِلَى اللَّهِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ، وَاخْتَارَ اللَّهُ السَّاعَاتِ فَأَحَبُّ سَاعَاتِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِلَى اللَّهِ سَاعَاتُ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ، وَاخْتَارَ اللَّهُ الْكَلَامَ فَأَحَبُّ الْكَلَامِ إِلَى اللَّهِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ " الحديث: 326 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 334 مُصَلَّى الْمُؤْمِنِ يَبْكِي عَلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِهِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: ثُمَّ جَعَلَ الْبُقْعَةَ الَّتِي يُصَلِّي عَلَيْهَا الْمُؤْمِنُ هِيَ الْبَاكِيَةَ عَلَيْهِ دُونَ سَائِرِ الْبِقَاعِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 334 327 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: «إِذَا مَاتَ الْمُؤْمِنُ بَكَى عَلَيْهِ مُصَلَّاهُ مِنَ الْأَرْضِ، وَبَابُهُ مِنَ السَّمَاءِ» الحديث: 327 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 334 328 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَتَبْكِي السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ عَلَى أَحَدٍ؟ قَالَ: «نَعَمْ، إِنَّهُ لَيْسَ مِنَ الْخَلَائِقِ أَحَدٌ إِلَّا لَهُ بَابٌ مِنَ السَّمَاءِ أَوْ بَابٌ فِي السَّمَاءِ، يَصْعَدُ فِيهِ عَمَلُهُ وَيَنْزِلُ فِيهِ رِزْقُهُ، فَإِذَا مَاتَ الْمُؤْمِنُ بَكَتْ عَلَيْهِ مَعَادِنُهُ مِنَ الْأَرْضِ الَّتِي كَانَ يَذْكُرُ اللَّهَ فِيهَا وَيُصَلِّي فِيهَا، وَبَكَى عَلَيْهِ بَابُهُ الَّذِي كَانَ يَصْعَدُ فِيهِ عَمَلُهُ، وَأَمَّا قَوْمُ فِرْعَوْنَ فَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ آثَارٌ صَالِحَةٌ، وَلَمْ يَكُنْ يَصْعَدُ إِلَى اللَّهِ مِنْهُمْ خَيْرٌ، فَلَمْ تَبْكِ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ» قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: يُرِيدُ قَوْلَهُ: {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ} [الدخان: 29] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الحديث: 328 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 335 إِبَاءُ الْخُلَفَاءِ الثَّلَاثَةِ عَنْ قَتْلِ مُصَلٍّ، أَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقَتْلِهِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَقَدْ بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا بَكْرٍ يَقْتُلُ رَجُلًا، فَرَآهُ مُصَلِّيًا، فَعَلِمَ أَنَّ لِلصَّلَاةِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً أَعْظَمَ مِنْ سَائِرِ الطَّاعَاتِ فَأَمْسَكَ عَنْهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 335 329 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ الْوَاسِطِيُّ، ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنَا الْعَوَّامُ بْنُ حَوْشَبٍ، حَدَّثَنِي أَبُو سُفْيَانَ طَلْحَةُ بْنُ نَافِعٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: " مَرَّ رَجُلٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا فِيهِ، وَأَثْنَوْا عَلَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ يَقْتُلُهُ؟» فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَانْطَلَقَ فَإِذَا هُوَ قَدْ خَطَّ عَلَى [ص: 336] نَفْسِهِ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِيهَا، فَلَمَّا رَآهُ عَلَى حَالِهِ ذَلِكَ رَجَعَ وَلَمْ يَقْتُلْهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ يَقْتُلُهُ؟» فَقَالَ عُمَرُ: أَنَا، فَذَهَبَ فَإِذَا هُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي خِطَّتِهِ، فَرَجَعَ وَلَمْ يَقْتُلْهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ لَهُ، مَنْ يَقْتُلُهُ؟» قَالَ عَلِيُّ: أَنَا لَهُ، قَالَ: «أَنْتَ، وَلَا أَرَاكَ تُدْرِكُهُ» قَالَ: فَانْطَلَقَ فَلَمْ يُدْرِكْهُ " الحديث: 329 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 335 330 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجَرْمِيُّ، ثنا أَبُو تُمَيْلَةَ، ثنا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ، عَنْ هُودِ بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كَانَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ يُعْجِبُنَا تَعَبُّدُهُ وَاجْتِهَادُهُ، فَذَكَرْنَا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْمَهُ فَلَمْ يَعْرِفْهُ، فَوَصَفْنَاهُ بِصِفَتِهِ فَلَمْ يَعْرِفْهُ، فَبَيْنَا نَحْنُ نُذَكِّرُهُ إِذْ طَلَعَ الرَّجُلُ فَقُلْنَا: هُوَ هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّكُمْ لَتُخْبِرُونِي عَنْ رَجُلٍ إِنَّ عَلَى وَجْهِهِ لَسَفْعَةً مِنَ الشَّيْطَانِ، قَالَ: فَأَقْبَلَ حَتَّى وَقَفَ عَلَى الْمَجْلِسِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَنْشُدُكَ اللَّهَ، هَلْ قُلْتَ حِينَ وَقَفْتَ عَلَى الْمَجْلِسِ: مَا فِي الْقَوْمِ أَحَدٌ أَفْضَلُ مِنِّي، أَوْ خَيْرٌ مِنِّي؟ فَقَالَ: اللَّهُمَّ نَعَمْ، ثُمَّ دَخَلَ يُصَلِّي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [ص: 337] : «مَنْ يَقْتُلُ الرَّجُلَ؟» فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا، فَدَخَلَ فَوَجَدَهُ يُصَلِّي، فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، أَقْتُلُ رَجُلًا يُصَلِّي، وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ضَرْبِ الْمُصَلِّينَ؟ فَخَرَج فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَهْ؟» قَالَ: وَجَدْتُهُ، بِأَبِي وَأُمِّي أَنْتَ، يُصَلِّي، وَقَدْ نَهَيْتَنَا عَنْ ضَرْبِ الْمُصَلِّينَ، قَالَ: «مَنْ يَقْتُلُ الرَّجُلَ» قَالَ عُمَرُ: أَنَا، فَدَخَلُ فَوَجَدَهُ سَاجِدًا قَالَ: أَقْتُلُ وَاضِعًا وَجْهَهُ لِلَّهِ؟، لَقَدْ رَجَعَ أَبُو بَكْرٍ وَهُوَ أَفْضَلُ مِنِّي، فَخَرَجَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَهْ؟» قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، وَجَدْتُهُ سَاجِدًا فَكَرِهْتُ أَنْ أَقْتُلَهُ وَهُوَ وَاضِعٌ وَجْهَهُ لِلَّهِ، قَالَ: «مَنْ يَقْتُلُ الرَّجُلَ؟» قَالَ عَلِيُّ: أَنَا، قَالُ: «أَنْتَ إِنْ أَدْرَكْتَهُ» فَوَجَدَهُ عَلِيٌّ قَدْ خَرَجَ، قَالَ: وَجَدْتُهُ، بِأَبِي وَأُمِّي أَنْتَ، قَدْ خَرَجَ، قَالَ: «لَوْ قُتِلَ لَمَا اخْتَلَفَ فِي أُمَّتِي رَجُلَانِ، كَانَ آخِرَهُمْ وَأَوَّلَهُمْ» قَالَ: وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ كَعْبٍ الْقُرَظِيَّ يَقُولُ: وَهُوَ الَّذِي قَتَلَهُ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ذُو الثُّدْيَةِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الحديث: 330 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 336 الْهَدَايَا فِي الْجَنَّةِ بِمَقَادِيرِ الصَّلَاةِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَقَدْ رُوِيَ فِي بَعْضِ الْحَدِيثِ: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَدْ خَصَّ أَهْلَ جِوَارِهِ بِخَاصَّةِ اللُّطْفِ فِي جَنَّتِهِ مِنَ الْهَدَايَا ثَوَابًا لَهُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الْأَعْمَالِ، فَجَعَلَ هَدَايَاهُ إِلَى أَوْلِيَائِهِ فِي جَنَّتِهِ بِمَقَادِيرِ صَلَوَاتِهِمْ فِي الْأَوْقَاتِ الَّتِي كَانُوا يُصَلُّونَهَا، وَكَذَلِكَ جَعَلَ تَسْلِيمَ مَلَائِكَتِهِ عَلَيْهِمْ بِمَقَادِيرِ أَوْقَاتِ صَلَوَاتِهِمْ مِنْ بَيْنِ جَمِيعِ الطَّاعَاتِ وَأَوْقَاتِهَا، فَكَفَى بِالصَّلَاةِ فَضْلًا وَحُسْنَ عَاقِبَةٍ فِي الْآخِرَةِ. قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: إِنْ كَانَ مُتَوَاضِعًا فِي الدُّنْيَا فِي صَلَاتِهِ، خَاشِعًا، يَأْخُذُ بِيَدِهِ الْيُسْرَى بِالْيُمْنَى، حُشِرَ عَلَى إِخْبَاتِهِ فِي صَلَاتِهِ، ثَوَابًا لِخُشُوعِهِ فِي صَلَاتِهِ، عَلَامَةً لَهُ مِنْ بَيْنِ الْخَلَائِقِ، أَنَّهُ هَكَذَا كَانَ لِلَّهِ فِي الدُّنْيَا، مُتَذَلِّلًا إِذَا قَامَ بَيْنَ يَدَيْهِ يُنَاجِيهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 338 حَشْرُ النَّاسِ عَلَى قَدْرِ صَنِيعِهِمْ فِي الصَّلَاةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 338 331 - حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ، ثنا أَبُو النَّضْرِ، ثنا أَبُو سَعِيدٍ الْمُؤَدِّبُ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى قَدْرِ صَنِيعِهِمْ فِي الصَّلَاةِ» ، وَقَبَضَ أَبُو النَّضْرِ شِمَالَهُ بِيَمِينِهِ، وَانْحَنَى هَكَذَا الحديث: 331 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 338 332 - حَدَّثَنَا أَبُو قُدَامَةَ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ ذَكْوَانَ، قَالَ: يُبْعَثُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ هَكَذَا، وَوَضَعَ إِحْدَى يَدَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى، وَوَضَعَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَمِينَهَ عَلَى يَسَارِهِ الحديث: 332 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 339 ثَوَابُ الْفَرِيضَةِ وَالنَّافِلَةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 339 333 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ، أَنَا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ، ثنا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: قَالَ كَعْبٌ: لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ رَأَى ثَوَابَ رَكْعَتَيْنِ مِنَ التَّطَوُّعِ لَرَأَى أَعْظَمَ مِنَ الْجِبَالِ الرُّوَاسِي، فَأَمَّا الْمَكْتُوبَةُ فَهِيَ أَعْظَمُ أَنْ يُقَالَ فِيهَا، أَوْ كَمَا قَالَ " الحديث: 333 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 339 334 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ بَعْضِ، أَشْيَاخِهِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، قَالَ: «لَا تَنْتَظِرُوا بِالصَّلَاةِ أَنْ يُنَادَ بِهَا، وَلَكِنْ تَأَهَّبُوا لَهَا، فَأْتُوهَا وَعَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ» الحديث: 334 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 339 335 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ شَيْخٍ مِنْ طَيِّئٍ، أَنَّ عَدِيَّ بْنَ حَاتِمٍ، قَالَ: «مَا دَخَلَ وَقْتُ صَلَاةٍ قَطُّ حَتَّى أَشْتَاقَ إِلَيْهَا» الحديث: 335 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 339 شَهَادَةُ اللَّهِ لِمَنْ أَقَامَ الصَّلَاةَ بِالْإِيمَانِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَشَهِدَ اللَّهُ بِالْإِيمَانِ لِمَنْ أَقَامَ الصَّلَاةَ لِرَبِّهِ فَقَالَ: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [التوبة: 18] الجزء: 1 ¦ الصفحة: 340 336 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو السَّمْحِ، عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِذَا رَأَيْتُمُ الرَّجُلَ يَعْتَادُ الْمَسْجِدَ فَاشْهَدُوا لَهُ بِالْإِيمَانِ، قَالَ اللَّهُ: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [التوبة: 18] " الحديث: 336 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 340 شَهَادَتُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمُصَلِّي بِالْإِيمَانِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 340 337 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ، ثنا [ص: 341] مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْمَدَائِنِيُّ، ثنا حَمْزَةُ الزَّيَّاتُ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْإِيمَانُ الصَّلَاةُ، فَمَنْ فَرَّغَ لَهَا قَلْبَهُ، وَحَافَظَ عَلَيْهَا بِحَدِّهَا وَوَقْتِهَا وَسُنَّتِهَا، فَهُوَ مُؤْمِنٌ» الحديث: 337 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 340 سَمَّى اللَّهُ سُبْحَانَهُ الصَّلَاةَ إِيمَانًا قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَسَمَّاهَا اللَّهُ إِيمَانًا وَإِسْلَامًا وَدَيْنًا فَقَالَ: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [البقرة: 143] الجزء: 1 ¦ الصفحة: 341 338 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَنَا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا وَجَّهَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْكَعْبَةِ قَالُوا: كَيْفَ بِمَنْ مَاتَ مِنْ إِخْوَانِنَا قَبْلَ ذَلِكَ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [البقرة: 143] " الحديث: 338 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 341 339 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنَا الْمُلَائِيُّ، ثنا زُهَيْرٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ، قَالَ: " كُنَّا لَا نَدْرِي مَا نَقُولُ فِي الَّذِينَ مَاتُوا وَهُمْ يُصَلُّونَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ قَبْلَ تَحْوِيلِ الْقِبْلَةِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [البقرة: 143] " الحديث: 339 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 342 340 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، ثنا شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ، فِي قَوْلِهِ: " {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [البقرة: 143] قَالَ: صَلَاتَكُمْ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ " الحديث: 340 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 342 341 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَكَمِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عِكْرِمَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " صَلَّى نَحْو بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا، ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ وَلَّى وَجْهَهُ إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ، فَقَالَ لَهُ الْمُسْلِمُونَ: فَمَا كَانَتْ صَلَاتُنَا سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا نَحْو بَيْتِ الْمَقْدِسِ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [البقرة: 143] أَيْ صَلَاتَكُمْ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ " الحديث: 341 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 343 342 - حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ، ثنا الْمُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ " {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [البقرة: 143] قَالَ: صَلَاتَكُمْ نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ " الحديث: 342 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 343 343 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، ثنا عَمْرٌو، عَنْ أَسْبَاطٍ، عَنِ السُّدِّيِّ، " {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [البقرة: 143] قَالَ: صَلَاتَكُمْ قِبَلَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، يَقُولُ: إِنَّ تِلْكَ كَانَتْ طَاعَةً وَهَذِهِ طَاعَةٌ " الحديث: 343 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 344 344 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: قَالَ سُفْيَانُ فِي قَوْلِ اللَّهِ " {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [البقرة: 143] قَالَ: صَلَاتَكُمْ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ " قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [آل عمران: 19] وَقَالَ: {وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3] وَقَالَ: {وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ} [البقرة: 132] الَّذِي ارْتَضَاهُ وَاصْطَفَاهُ هُوَ الْإِسْلَامُ، ثُمَّ قَالَ: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} [آل عمران: 85] فَدَلَّ بِذَلِكَ أَنَّ الْإِيمَانَ الْمَقْبُولَ الَّذِي وَعَدَ اللَّهُ عَلَيْهِ الثَّوَابَ هُوَ الْإِسْلَامُ، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ غَيْرَ الْإِسْلَامِ لَكَانَ مَنْ دَانَ اللَّهَ بِالْإِيمَانِ [ص: 345] غَيْرَ مَقْبُولٍ مِنْهُ إِيَّاهُ، لِقَوْلِهِ {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} [آل عمران: 85] فَلَمَّا اجْتَمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّ مَنَ دَانَ اللَّهَ بِالْإِيمَانِ فَجَائِزٌ أَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ ثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ الْإِيمَانَ هُوَ الْإِسْلَامُ، وَهُوَ الدِّينُ الْمُرْتَضَى، وَثَبَتَ بِذَلِكَ أَيْضًا أَنَّ الصَّلَاةَ وَالزَّكَاةَ وَسَائِرَ مَا يُدَانُ اللَّهُ بِهِ إِسْلَامٌ وَإِيمَانٌ، لِأَنَّهَا لَوْ لَمْ تَكُنْ إِيمَانًا وَإِسْلَامًا لَمْ يَجُزْ أَنْ يُقْبَلَ مِمَّنْ دَانَ اللَّهَ بِهَا لِقَوْلِهِ: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} [آل عمران: 85] فَلَمَّا كَانَتِ الصَّلَاةُ وَالزَّكَاةُ وَسَائِرُ الْفَرَائِضِ مَقْبُولَةً مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِذَا دَانُوا اللَّهَ بِهَا عِنْدَ جَمِيعِ الْأُمَّةِ، ثَبَتَ أَنَّهَا كُلَّهَا مِنَ الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ، لَا غَيْرَهُ، لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ غَيْرَ الْإِسْلَامِ لَمْ تَجُزْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْ أَحَدٍ دَانَ اللَّهَ بِهَا لِقَوْلِهِ: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} [آل عمران: 85] الحديث: 344 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 344 الطَّاعَاتُ كُلُّهَا دِينٌ ثُمَّ أَبَانَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّ الطَّاعَاتِ كُلَّهَا دِينٌ لِقَوْلِهِ {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} [البينة: 5] وَمَعْقُولٌ فِي اللُّغَةِ وَعِنْدَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ عِبَادَةَ اللَّهِ هِيَ التَّقَرُّبُ إِلَيْهِ بِطَاعَتِهِ، وَالِاجْتِهَادُ فِي ذَلِكَ، أَلَا تَرَى إِلَى مَا رُوِّينَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " إِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً سُجُودًا إِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ، فَإِذَا رَفَعُوا رُءُوسَهُمْ قَالُوا: رَبَّنَا مَا عَبَدْنَاكَ حَقَّ عِبَادَتِكَ، وَقَالَ اللَّهُ: {وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ [ص: 346] يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ} [الأنبياء: 20] الجزء: 1 ¦ الصفحة: 345 345 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا أَبُو صَالِحٍ، كَاتَبُ اللَّيْثِ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ دِينَارٍ الْهُذَلِيِّ، أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ، كَتَبَ إِلَى سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ يَسْأَلُهُ عَنْ هَذِهِ الْمَسَائِلِ، فَأَجَابَهُ فِيهَا: " سَأَلْتَ عَنِ الْإِيمَانِ، قَالَ: فَالْإِيمَانُ هُوَ التَّصْدِيقُ، أَنْ يُصَدِّقَ الْعَبْدُ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ كِتَابٍ، وَمَا أُرْسِلَ مِنْ رَسُولٍ، وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَتَسْأَلُ عَنِ التَّصْدِيقِ: وَالتَّصْدِيقُ أَنْ يَعْمَلَ الْعَبْدُ بِمَا صَدَّقَ بِهِ مِنَ الْقُرْآنِ، وَمَا ضَعُفَ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ وَفَرَّطَ فِيهِ عَرَفَ أَنَّهُ ذَنْبٌ، وَاسْتَغْفَرَ اللَّهَ، وَتَابَ مِنْهُ وَلَمْ يُصِرَّ عَلَيْهِ، فَذَلِكَ هُوَ التَّصْدِيقُ، وَتَسْأَلُ عَنِ الدِّينِ: وَالدِّينُ الْعِبَادَةُ، فَإِنَّكَ لَنْ تَجِدَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ دِينٍ يَتْرُكَ عِبَادَةَ أَهْلِ دِينِهِ، ثُمَّ لَا يَدْخُلُ فِي دِينٍ آخَرَ إِلَّا صَارَ لَا دِينَ لَهُ، وَتَسْأَلُ عَنِ الْعِبَادَةِ: وَالْعِبَادَةُ هِيَ الطَّاعَةُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ مَنْ أَطَاعَ اللَّهَ فِيمَا أَمَرَهُ بِهِ وَفِيمَا نَهَاهُ عَنْهُ فَقَدْ أَتَمَّ عِبَادَةَ اللَّهِ، وَمَنْ أَطَاعَ الشَّيْطَانَ فِي دِينِهِ وَعَمَلِهِ فَقَدْ عَبَدَ الشَّيْطَانَ، أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ قَالَ لِلَّذِينَ فَرَّطُوا: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ} [يس: 60] وَإِنَّمَا كَانَتْ عِبَادَتُهُمُ الشَّيْطَانَ أَنَّهُمْ أَطَاعُوهُ فِي دِينِهِمْ، فَمِنْهُمْ مَنْ أَمَرَهُمْ فَاتَّخَذُوا أَوْثَانًا أَوْ شَمْسًا أَوْ قَمَرًا أَوْ بَشَرًا أَوْ مَلَكًا يَسْجُدُونَ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ، وَلَمْ يَظْهَرِ [ص: 347] الشَّيْطَانُ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ، فَيَتَعَبَّدْ لَهُ، أَوْ يَسْجُدْ لَهُ، وَلَكِنَّهُمْ أَطَاعُوهُ فَاتَّخَذُوهَا آلِهَةً مِنْ دُونِ اللَّهِ، فَلَمَّا جُمِعُوا جَمِيعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي النَّارِ قَالَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ: {إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ} [إبراهيم: 22] ، {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ} [الأنبياء: 98] فَعُبِدَ عِيسَى وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَلَمْ يَجْعَلْهُمُ اللَّهُ فِي النَّارِ، فَلَيْسَ لِلشَّمْسِ وَالْقَمَرِ ذَنْبٌ، وَذَلِكَ يَصِيرُ إِلَى طَاعَةِ الشَّيْطَانِ، فَيَجْعَلُهُمْ مَعَهُمْ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ حِينَ تَقَرَّبُوا مِنْهُمْ: {تَالَلَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء: 98] وَقَالَتِ الْمَلَائِكَةُ حِينَ سَأَلَهُمُ اللَّهُ: {أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ} [سبأ: 40] قَالَ: أَفَلَا تَرَى إِلَى عِبَادَتِهِمُ الْجِنَّ إِنَّمَا هِيَ أَنَّهُمْ أَطَاعُوهُ فِي عِبَادَةِ غَيْرِ اللَّهِ، فَيَصِيرُ الْعِبَادَةُ إِلَى أَنَّهَا طَاعَةٌ " 346 - حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ عِيسَى الْبِسْطَامِيُّ، ثنا ابْنُ حَرْبٍ، ثنا [ص: 348] ابْنُ لَهِيعَةَ، ثنا عَطَاءُ بْنُ دِينَارٍ الْهُذَلِيُّ، أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ، كَتَبَ إِلَى سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ يَسْأَلُهُ عَنْ هَذِهِ الْمَسَائِلِ، فَأَجَابَهُ فِيهَا، سَأَلْتَ عَنِ الْإِيمَانِ، فَذَكَرَ بِمِثْلِهِ الحديث: 345 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 346 347 - حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ يَحْيَى بْنُ خَلَفٍ، ثنا عَبْدُ الْأَعْلَى، عَنْ سَعِيدٍ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي الْوَرْدِ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الْحَضْرَمِيِّ، قَالَ: قَالَ كَعْبٌ: " وَالَّذِي نَفْسُ كَعْبٍ بِيَدِهِ {إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ} [الأنبياء: 106] إِنَّهَا لَفِي الصَّلَاةِ " الحديث: 347 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 348 348 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَنَا خَارِجَةُ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي الْوَرْدِ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ كَعْبٍ، فِي قَوْلِهِ " {إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ} [الأنبياء: 106] قَالَ: هُمْ أَهْلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ " الحديث: 348 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 348 349 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، ثنا عَطَّافُ بْنُ خَالِدٍ الْمَخْزُومِيُّ، عَنْ [ص: 349] عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «مَنْ حَافَظَ عَلَى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فَقَدْ مَلَأَ الْيَدَيْنِ وَالنَّحْرَ مِنْ عِبَادَةِ اللَّهِ» قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: فَلَمَّا قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [البينة: 5] كَانَتِ الطَّاعَاتُ كُلُّهَا اللَّاتِي يُتَقَرَّبُ بِهَا إِلَى اللَّهِ دَاخِلَةً فِي عِبَادَتِهِ، ثُمَّ خَصَّ الصَّلَاةَ وَالزَّكَاةَ مِنْ بَيْنِهِمَا فَأَعَادَ ذِكْرَهُمَا تَأْكِيدًا لِأَمْرِهِمَا، وَتَعْظِيمًا لِشَأْنِهِمَا، كَمَا قَالَ: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: 238] وَالْوُسْطَى دَاخِلَةٌ فِي الصَّلَوَاتِ، إِلَّا أَنَّهُ أَعَادَ ذِكْرَهَا فَخَصَّهَا بِالْأَمْرِ بِالْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا خَاصًّا تَأْكِيدًا لِأَمْرِهَا، وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3] فَأَخْبَرَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّهُ أَكْمَلَ لِلْمُؤْمِنِينَ دِينَهُمْ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَلَوْ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ الْيَوْمِ مُكَمَّلًا تَامًّا مَا لَمْ يَكُنْ لِإِكْمَالِ مَا أَكْمَلَ، وَتَمَّ مَعْنًى وَيُرْوَى أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي حَجَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ عَرَفَةَ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاقِفٌ بِعَرَفَاتٍ الحديث: 349 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 348 350 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ [ص: 350] شِهَابٍ، قَالَ: " قَالَ يَهُودِيٌّ لِعُمَرَ: لَوْ عَلَيْنَا مَعْشَرَ يَهُودَ نَزَلَتْ لَاتَّخَذْنَاهُ عِيدًا {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3] فَقَالَ عُمَرُ: قَدْ عَلِمْتُ الْيَوْمَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ، نَزَلَتْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَفَاتٍ " الحديث: 350 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 349 351 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، قَالَ: قَالَتِ الْيَهُودُ لِعُمَرَ: إِنَّكُمْ لِتَقْرَأُونَ آيَةً لَوْ نَزَلَتْ فِينَا لَاتَّخَذْنَاهُ عِيدًا، فَقَالَ عُمَرُ: " إِنِّي لَأَعْلَمُ حِينَ أُنْزِلَتْ، وَأَيْنَ أُنْزِلَتْ، أُنْزِلَتْ يَوْمَ عَرَفَةَ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ، قَالَ سُفْيَانُ: وَأَشُكُّ قَالَ: يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَمْ لَا {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3] [ص: 351] " 352 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنِ الرَّبِيعِ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: 3] قَالُوا: كُنَّا عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَذَكَرَ هَذِهِ الْآيَةَ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ: لَوْ نَعْلَمُ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ، وَقَالَ: يَوْمَ عَرَفَةَ، وَالْيَوْمُ الثَّانِي النَّحْرُ، فَأَكْمَلَ اللَّهُ لَنَا الْأَمْرَ، فَعَرَفْنَا أَنَّ الْأَمْرَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي انْتِقَاصٍ الحديث: 351 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 350 353 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُسْنَدِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَا: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، {لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ} [الفتح: 4] [ص: 352] قَالَ: بَعَثَ اللَّهُ نَبِيَّهُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَلَمَّا صَدَّقَ بِهَا الْمُؤْمِنُونَ زَادَهُمُ الصَّلَاةَ، فَلَمَّا صَدَّقُوا بِهَا زَادَهُمُ الصِّيَامَ، فَلَمَّا صَدَّقُوا بِهِ زَادَهُمُ الزَّكَاةَ، فَلَمَّا صَدَّقُوا بِهَا زَادَهُمُ الْحَجَّ، فَلَمَّا صَدَّقُوا بِهِ زَادَهُمُ الْجِهَادَ، ثُمَّ أَكْمَلَ اللَّهُ لَهُمْ دِينَهُمْ فَقَالَ: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي} [المائدة: 3] " الحديث: 353 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 351 354 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا حَجَّاجٌ، ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعِنْدَهُ يَهُودِيُّ فَقَرَأَ " {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3] فَقَالَ الْيَهُودِيُّ: لَوْ أُنْزِلَتْ هَذِهِ عَلَيْنَا لَاتَّخَذْنَا يَوْمَهَا عِيدًا، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " فَإِنَّهَا نَزَلَتْ فِي عِيدَيْنِ اثْنَيْنِ: يَوْمِ جُمُعَةٍ وَيَوْمِ عَرَفَةَ " الحديث: 354 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 352 355 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَسْبَاطٍ، عَنِ [ص: 353] السُّدِّيِّ، " {الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ} [المائدة: 3] قَالَ: يَئِسُوا أَنْ تَرْجِعُوا إِلَيْهِمْ، {فَلَا تَخْشَوْهُمْ} [البقرة: 150] لَا تَخْشَوْا أَنْ أَرُدَّكُمْ إِلَيْهِمْ، قَالَ اللَّهُ: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي} [المائدة: 3] قَالَ: نَزَلَتْ بِعَرَفَاتٍ يَوْمَ عَرَفَةَ، وَلَمْ يَنْزِلْ بَعْدَهَا حَلَالٌ وَلَا حَرَامٌ، وَرَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَاتَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ " الحديث: 355 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 352 356 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، " {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: 3] قَالَ: أَخْلَصَ اللَّهُ لَهُمْ دِينَهُمْ، وَنَفَى الْمُشْرِكِينَ عَنِ الْبَيْتِ، وَبَلَغَنَا أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ، وَوَافَقَ يَوْمَ جُمُعَةٍ " الحديث: 356 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 353 357 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنَا رَوْحٌ، ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، " {الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ} [المائدة: 3] ، {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: 3] هَذَا حِينَ فَعَلْتُ " الحديث: 357 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 353 358 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثنا إِسْرَائِيلُ، ثنا ثَوْرُ بْنُ أَبِي فَاخِتَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، فِي قَوْلِهِ " {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: 3] قَالَ: يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ يَوْمَ النَّحْرِ " الحديث: 358 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 354 359 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَهْزَاذَ، ثنا أَبُو مُعَاذٍ الْفَضْلُ بْنُ خَالِدٍ النَّحْوِيُّ، ثنا عُبَيْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْبَاهِلِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ بْنَ مُزَاحِمٍ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: " {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: 3] : ذَلِكَ حِينَ نَفَى الْمُشْرِكِينَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَخَلَّصَ الْحَجَّ لِلْمُسْلِمِينَ " الحديث: 359 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 354 360 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدَةَ، ثنا أَبُو وَهْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُزَاحِمٍ، ثنا بُكَيْرُ بْنُ مَعْرُوفٍ، عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ، فِي قَوْلِهِ: " {الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ} [المائدة: 3] نَزَلَتْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بِعَرَفَاتٍ يَوْمَ عَرَفَةَ، يَقُولُ: قَدْ يَئِسُوا أَنْ تَعُودَ الْجَاهِلِيَّةُ {فَلَا تَخْشَوْهُمْ} [البقرة: 150] ، فَإِنَّ الْجَاهِلِيَّةَ لَا تَعُودُ أَبَدًا، {وَاخْشَوْنِ} [المائدة: 44] ، {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3] وَذَلِكَ حِينَ نَفَى اللَّهُ الْمُشْرِكِينَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَأَتَمَّ اللَّهُ الْحَجَّ لِلْمُسْلِمِينَ [ص: 355] فَلَمْ يُخَالِطْهُمْ مُشْرِكٌ، وَدَخَلَ النَّاسُ أَفْوَاجًا فِي دِينِ اللَّهِ " قَالَ: وَرَوَى أَبُو عُبَيْدٍ، عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَبْقَ بَعْدَ هَذِهِ الْآيَةِ إِلَّا إِحْدَى وَثَمَانِينَ لَيْلَةً قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَأَخْبَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهُ إِنَّمَا أَكْمَلَ الدِّينَ الْآنَ فِي آخِرِ الْإِسْلَامِ فِي حَجَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَزَعَمَ هَؤُلَاءِ أَنَّهُ كَانَ كَامِلًا قَبْلَ ذَلِكَ بِعِشْرِينَ سَنَةً فِي أَوَّلِ مَا نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ بِمَكَّةَ حِينَ دُعِيَ النَّاسُ إِلَى الْإِقْرَارِ بِهِ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ مَا كَانَ لِذِكْرِ الْإِكْمَالِ مَعْنًى، وَكَيْفَ يُكْمَلُ مَا قَدِ اسْتُقْصِيَ مِنْ عِنْدِ آخِرِهِ وَفُرِغَ مِنْهُ؟ هَذَا قَوْلٌ غَيْرُ مَقْبُولٍ، حَتَّى لَقَدِ اضْطُرَّ بَعْضُهُمْ حِينَ أُدْخِلَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْحُجَّةُ إِلَى أَنْ قَالَ: إِنَّ الْإِيمَانَ لَيْسَ بِجَمِيعِ الدِّينِ، وَلَكِنَّ الدِّينَ ثَلَاثَةُ أَجْزَاءٍ، فَالْإِيمَانُ جُزْءٌ، وَالْفَرَائِضُ جُزْءٌ، وَالنَّوَافِلُ جُزْءٌ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَهَذَا غَيْرُ مَا نَطَقَ بِهِ الْكِتَابُ، أَلَمْ تَسْمَعْ إِلَى قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [آل عمران: 19] وَقَالَ: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} [آل عمران: 85] وَقَالَ: {وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3] فَأُخْبِرَ أَنَّ الْإِسْلَامَ هُوَ الدِّينُ بِرُمَّتِهِ، وَزَعَمَ هَؤُلَاءِ أَنَّهُ [ص: 356] ثُلُثُ الدِّينِ فَصَيَّرُوا مَا سَمَّى اللَّهُ دِينًا كَامِلًا ثُلُثَ الدِّينِ الحديث: 360 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 354 361 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، وَعَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَا: ثنا هَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ الْبَكْرَاوِيُّ، عَنْ عَوْفٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي فُلَانٌ، أَنَّهُ شَهِدَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ لِرَجُلٍ مِنْ جُلَسَائِهِ: يَا فُلَانُ، كَيْفَ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْعَتُ الْإِسْلَامَ؟ فَقَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: " إِنَّ الْإِسْلَامَ بَدَأَ جَذَعًا، ثُمَّ ثَنِيًّا ثُمَّ رَبَاعِيًا، ثُمَّ سَدَسِيًّا، ثُمَّ بَازِلًا، فَقَالَ عُمَرُ: وَمَا بَعْدَ الْبُزُولِ إِلَّا النُّقْصَانُ " الحديث: 361 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 356 آيَاتٌ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ كَمَالَ الْإِيمَانِ بِالصَّلَاةِ وَسَائِرِ الطَّاعَاتِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَوَصَفَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْمُؤْمِنِينَ بِالْأَعْمَالِ ثُمَّ أَلْزَمَهُمْ حَقِيقَةَ الْإِيمَانِ، وَوَصَفَهُمْ بِهَا بَعْدَ قِيَامِهِمْ بِالْأَعْمَالِ، مِنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَغَيْرِهِمَا فَقَالَ: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} [الأنفال: 3] ثُمَّ قَالَ: {أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا} [الأنفال: 4] فَوَصَفَهُمْ بِحَقِيقَةِ الْإِيمَانِ بَعْدَ قِيَامِهِمْ بِالْأَعْمَالِ الَّتِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 356 ذَكَرَهَا، فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُعَارِضَ خَبَرَ اللَّهِ بِالرَّدِّ، وَيَقْلِبَ وَصْفَهُ وَيُبَدِّلَهُ فَيَقُولُ: إِنَّ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ لَمْ تَجِلْ قُلُوبُهُمْ، وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ لَمْ تُزِدْهُمْ إِيمَانًا، وَلَا يَتَّكِلُونَ عَلَى رَبِّهِمْ، وَلَا يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ، وَلَا يُؤْتَوْنَ الزَّكَاةَ، أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا، فَيُبَدِّلَ وَصْفَ اللَّهِ، وَيَقْلِبَ حُكْمَهُ، فَثَبَتَتْ أَوَّلَ الْآيَةِ وَثَبَتَتْ آخِرَهَا بِالْحَقِيقَةِ لِمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ، وَيُلْقِيَ مَا بَيْنَ أَوَّلِهَا وَآخِرِهَا مِنَ الْعَمَلِ فَيُسَمِّيَ الْمُؤْمِنَ مُؤْمِنًا حَقًّا بِإِلْغَاءِ مَا بَيْنَ أَوَّلِ الْآيَةِ وَآخِرِهَا مِنَ الْعَمَلِ، فَيَكُونُ قَدْ عَارِضَ حُكْمَ اللَّهِ بِالرَّدِّ، وَلَوْ كَانَ كُلُّ مُؤْمِنٍ مُؤْمِنًا حَقًّا لَمَا كَانَ لِقَوْلِ اللَّهِ {أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا} [الأنفال: 4] بَعْدَ الْأَعْمَالِ الَّتِي وَصَفَهُمْ بِهَا مَعْنًى، إِذْ كَانَ مَنْ عَمِلَ تِلْكَ الْأَعْمَالَ وَمَنْ لَمْ يَعْمَلْهَا مُؤْمِنًا حَقًّا، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: هَذَا إِنْسَانٌ حَقًّا لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ إِنْسَانٌ بَاطِلًا، وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: هَذَا إِنْسَانٌ حَقًّا، لِيُمَيَّزَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِنْسَانِ الْبَاطِلِ الَّذِي لَيْسَ بِإِنْسَانٍ حَقًّا، وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: مُؤْمِنٌ حَقًّا لَوْ كَانَ لَيْسَ لِلْإِيمَانِ خُصُوصٌ وَعُمُومٌ، كَمَا أَنَّ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ خُصُوصٌ وَعُمُومٌ، كَمَا يَقُولُ الْقَائِلُ: فُلَانٌ رَجُلٌ حَقًّا، لَا يُرِيدُ أَنَّهُ ذَكَرٌ حَقًّا لَيْسَ بِأُنْثَى، لِأَنَّهُ لَا جَائِزَ أَنْ يَكُونَ ذَكَرًا بَاطِلًا، وَلَكِنَّهُ يُرِيدُ بِقَوْلِهِ: رَجُلًا حَقًّا، أَيْ كَامِلًا فِي قُوَّتِهِ وَبَصَرِهِ وَحُسْنِ تَدْبِيرِهِ، فَجَازَ ذَلِكَ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى، فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا} [الأنفال: 4] إِبَانَةٌ عَنِ اسْتِكْمَالِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 357 الْإِيمَانِ، وَفِي ذَلِكَ دِلَالَةٌ عَلَى أَنَّ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ مَنْ لَيْسَ بِمُؤْمِنٍ حَقًّا مِنْ طَرِيقِ الْكَمَالِ، إِلَّا أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُؤْمِنًا بَاطِلًا إِذْ لَمْ يَكُنْ مُؤْمِنًا حَقًّا، لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُؤْمِنًا بَاطِلًا، فَلَمَّا لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ مُؤْمِنًا بَاطِلًا ثَبَتَ أَنَّ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا} [الأنفال: 4] خُصُوصِيَّةٌ خَصَّ هَؤُلَاءِ بِهَا دُونَ سَائِرِ الْمُؤْمِنِينَ، كَمَا يَقُولُ الْقَائِلُ: هَذَا رَجُلٌ عَرَبِيُّ، لِأَنَّ مِنَ الرِّجَالِ مَنْ لَيْسَ بِعَرَبِيٍّ، وَلَوْ كَانَ كُلُّ رَجُلٍ عَرَبِيًّا، وَلَا يَكُونُ رَجُلٌ غَيْرُ عَرَبِيٍّ لَكَانَ قَوْلُ الْقَائِلِ: هَذَا رَجُلٌ عَرَبِيٌّ، لَا مَعْنَى لَهُ، وَذَلِكَ كَمَا يَقُولُ الْقَائِلُ: هَذَا رَجُلٌ بَصِيرٌ، لِأَنَّ فِي النَّاسِ مَنْ لَيْسَ بِبَصِيرٍ، وَلَوْ كَانُوا كُلُّهُمْ بُصَرَاءَ مَا كَانَ لِقَوْلِكَ: هَذَا رَجُلٌ بَصِيرٌ، مَعْنًى، وَلَكَانَ قَوْلُكَ كَقَوْلِ الْقَائِلِ: هَذَا إِنْسَانٌ آدَمَيٌّ بَشَرِيٌّ، وَلَا مَعْنَى لِهَذَا التَّكْرَارِ، إِلَّا الْعِيُّ، وَلَوْ قُلْتَ: هَذَا إِنْسَانٌ قَوِيٌّ، لَجَازَ فِي اللُّغَةِ وَالْمَعْقُولِ، إِذْ كَانَ فِي النَّاسِ مَنْ هُوَ ضَعِيفٌ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ، وَلَوْلَا أَنَّ فِي الْمُؤْمِنِينَ مَنْ لَيْسَ بِمُؤْمِنٍ كَامِلٍ مِنْ قِبَلِ الْحَقِيقَةِ وَالْكَمَالِ، لَمَا قَالَ اللَّهُ: {أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا} [الأنفال: 4] يَمْدَحُهُمْ بِذَلِكَ دُونَ غَيْرِهِمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، إِلَّا وَلَا جَائِزَ أَنْ يَكُونَ مُؤْمِنًا بَاطِلًا، وَلَوْ جَازَ أَنْ يَكُونَ مُؤْمِنًا مِنْ بَاطِلٍ لَجَازَ أَنْ يُقَالَ: مُؤْمِنًا حَقًّا، يُرِيدُ أَنَّهُ مُقِرٌّ لِيَعْلَمَ عِبَادُهُ أَنَّهُ لَيْسَ كَمَنْ آمَنَ بَاطِلًا، فَإِذَا لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ مُؤْمِنًا بَاطِلًا لَمْ يَكُنْ لِقَوْلِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 358 : حَقًّا، مَعْنَى إِلَّا حَقِيقَةُ الْكَمَالِ وَالتَّمَامِ، لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مُؤْمِنٌ مُقْصِرٌ عَنِ الْحَقِيقَةِ، وَآخَرُ قَدْ بَلَغَ الْحَقِيقَةَ، فَلِذَلِكَ قَالَ: {أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا} [الأنفال: 4] وَلَوْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لِخُصُوصِيَّةِ الرَّبِّ قَوْمًا وَصَفَهُمْ بِالْحَقِيقَةِ دُونَ غَيْرِهِمْ مَعْنًى يَصِحُّ، وَهَذَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُوصَفَ بِهِ بَعْضُ أَهْلِ الْعَقْلِ وَالْبَصَرِ بِاللُّغَةِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَكَيْفَ بِاللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى؟ وَمِمَّا يَدُلُّ وَيُحَقِّقُ مَا ذَكَرْنَا أَنَّ مِنَ الرِّجَالِ مَنْ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يُسَمَّى بِالْإِيمَانِ وَيُوصَفَ بِهِ، وَلَمَّا لَمْ يَبْلُغْ حَقِيقَتَهُ اسْتِكْمَالُهُ الْخَبَرَ الْمَرْوِيَّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 359 362 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ الْمَرْوَزِيُّ، ثنا يُوسُفُ بْنُ عَطِيَّةَ، ثنا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْشِي إِذِ اسْتَقْبَلَهُ شَابٌّ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَيْفَ أَصْبَحْتَ يَا حَارِثُ؟» قَالَ: أَصْبَحْتُ مُؤْمِنًا بِاللَّهِ حَقًّا، قَالَ: «انْظُرْ مَا تَقُولُ، إِنَّ لِكُلِّ قَوْلٍ حَقِيقَةً، فَمَا حَقِيقَةُ قَوْلِكَ؟» قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عَزَفَتْ نَفْسِي عَنِ الدُّنْيَا، فَأَسْهَرْتُ لِيَلِي، وَأَظْمَأْتُ نَهَارِي، وَكَأَنِّي بِعَرْشِ رَبِّي بَارِزًا، أَوْ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى أَهْلِ الْجَنَّةِ كَيْفَ يَتَزَاوَرُونَ فِيهَا، وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى أَهْلِ النَّارِ كَيْفَ يَتَعَاوَوْنَ فِيهَا، قَالَ: «أَبْصَرْتَ فَالْزَمْ، عَبْدٌ نَوَّرَ اللَّهُ الْإِيمَانَ فِي قَلْبِهِ» فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ لِي بِالشَّهَادَةِ، فَدَعَا رَسُولُ [ص: 360] اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ بِالشَّهَادَةِ، فَنُودِيَ يَوْمًا فِي الْخَيْلِ فَكَانَ أَوَّلَ فَارِسٍ رَكِبَ، وَأَوَّلَ فَارِسٍ اسْتُشْهِدَ، فَبَلَغَ أُمَّهُ فَجَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنِي عَنِ ابْنِي، إِنْ يَكُ فِي الْجَنَّةِ لَمْ أَبْكِ وَلَمْ أَحْزَنْ، وَإِنْ يَكُ غَيْرَ ذَلِكَ بَكَيْتُهُ مَا عِشْتُ فِي الدُّنْيَا، قَالَ: «يَا أُمَّ حَارِثٍ، إِنَّهَا لَيْسَتْ بِجَنَّةٍ وَاحِدَةٍ وَلَكِنَّهَا جُنَّةُ فِي جِنَانٍ، فَالْحَارِثُ فِي الْفِرْدَوْسِ الْأَعْلَى» فَرَجَعَتْ وَهِيَ تَضْحَكُ وَتَقُولُ: بَخٍ بَخٍ لَكَ يَا حَارِثُ " [ص: 361] قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: أَفَلَا تَرَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْكَرَ قَوْلَهُ: أَصْبَحْتُ مُؤْمِنًا حَقًّا، حَتَّى سَأَلَهُ عَنْ حَقِيقَةِ إِيمَانِهِ مَا هِيَ، فَلَمَّا أَخْبَرَهُ بِالْعَلَامَاتِ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى حَقَائِقِ الْإِيمَانِ وَاسْتِكْمَالِهِ أَجَازَ ذَلِكَ لَهُ حِينَئِذٍ، وَقَالَ: «عَبْدٌ نَوَّرَ اللَّهُ الْإِيمَانَ فِي قَلْبِهِ» فَحَقِيقَةُ الْإِيمَانِ وَاسْتِكْمَالُهُ لَا يَجُوزُ إِلَّا بِأَدَاءِ الْأَعْمَالِ الْمُفْتَرَضَةِ، وَاجْتِنَابِ الْمَحَارِمِ، فَأَمَّا اسْمُ الْإِيمَانِ وَحُكْمُهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ بِالدُّخُولِ فِي الْإِيمَانِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَسْتَكْمِلْهُ، وَكَذَلِكَ جَمِيعُ الْأَعْمَالِ إِذَا دَخَلَ النَّاسُ فِيهَا اسْتَحَقُّوا اسْمَهَا عِنْدَ ابْتِدَائِهَا وَالدُّخُولِ فِيهَا، ثُمَّ يَتَفَاضَلُونَ فِي اسْتِكْمَالِهَا بِالِازْدِيَادِ فِي الْأَعْمَالِ، فَمِنْ ذَلِكَ الْقَوْمُ يُصَلُّونَ، فَمِنْ بَيْنِ مُسْتَفْتِحٍ لِلصَّلَاةِ قَائِمٌ وَرَاكِعٌ وَسَاجِدٌ وَجَالِسٌ، فَيُقَالُ لَهُمْ جَمِيعًا: مُصَلُّونَ، قَدْ لَزِمَهُمُ الِاسْمُ بِالدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَكْمِلُوهَا، وَكَذَلِكَ الصِّيَامُ وَالْحَجُّ وَسَائِرُ الْأَعْمَالِ، لَوْ أَنَّ نَفَرًا أُمِرُوا أَنْ يَدْخُلُوا دَارًا فَدَخَلَهَا أَحَدُهُمْ، فَلَمَّا تَغَيَّبَ الْبَابَ أَقَامَ مَكَانَهُ، وَجَاوَزَهُ الثَّانِي بِخُطًى، وَمَضَى الثَّالِثُ إِلَى وَسَطِهَا، وَالرَّابِعُ إِلَى مُنْتَهَاهَا، لَقِيلَ لَهُمْ جَمِيعًا: دَاخِلُونَ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ أَكْثَرَ دُخُولًا مِنْ بَعْضٍ، وَهَذَا لَا يَدْفَعُهُ أَحَدٌ يَعْرِفُ كَلَامَ الْعَرَبِ، فَكَذَلِكَ الْإِيمَانُ الدُّخُولُ فِيهِ فِي سَائِرِ الْأَعْمَالِ. قَالَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ: {ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً} [البقرة: 208] [ص: 362] وَقَالَ: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا} [النصر: 2] قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ} [الحجرات: 7] قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: لَمَّا كَانَتِ الْمَعَاصِي بَعْضُهَا كُفْرًا وَبَعْضُهَا لَيْسَ بِكُفْرٍ، فَرَّقَ بَيْنَهُمَا فَجَعَلَهَا ثَلَاثَةَ أَنْوَاعٍ، نَوْعٌ مِنْهَا كُفْرٌ، وَنَوْعٌ فِسْقٌ وَلَيْسَ بِكُفْرٍ، وَنَوْعٌ عِصْيَانٌ وَلَيْسَ بِكُفْرٍ وَلَا فُسُوقٍ، وَأَخْبَرَ أَنَّهُ كَرَّهَهَا كُلَّهَا إِلَى الْمُؤْمِنِينَ، وَلَمَّا كَانَتِ الطَّاعَاتُ كُلُّهَا دَاخِلَةً فِي الْإِيمَانِ، وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْهَا خَارِجًا مِنْهُ، لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَهُمَا فَيَقُولُ: حَبَّبَ الْإِيمَانَ وَالْفَرَائِضَ وَسَائِرَ الطَّاعَاتِ، بَلْ أَجْمَلَ ذَلِكَ فَقَالَ: {حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ} [الحجرات: 7] فَدَخَلَ فِي ذَلِكَ جَمِيعُ الطَّاعَاتِ، لِأَنَّهُ قَدْ حَبَّبَ إِلَى الْمُؤْمِنِينَ الصَّلَاةَ وَالزَّكَاةَ وَسَائِرَ الطَّاعَاتِ، حُبَّ تَدَيُّنٍ لِأَنَّ اللَّهَ أَخْبَرَ أَنَّهُ حَبَّبَ ذَلِكَ إِلَيْهِمْ، وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِهِمْ لِقَوْلِهِ: {حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ} [الحجرات: 7] ، وَيَكْرَهُونَ جَمِيعَ الْمَعَاصِي مِنْهَا، وَالْفُسُوقَ وَسَائِرَ الْمَعَاصِي كَرَاهَةَ تَدَيُّنٍ، لِأَنَّ اللَّهَ أَخْبَرَ أَنَّهُ كَرَّهَ ذَلِكَ إِلَيْهِمْ لِقَوْلِهِ: {وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ} [الحجرات: 7] [ص: 363] وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ سَرَّتْهُ حَسَنَتُهُ، وَسَاءَتْهُ سَيِّئَتُهُ، فَهُوَ مُؤْمِنٌ» لِأَنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَى الْمُؤْمِنِينَ الْحَسَنَاتِ، وَكَرَّهَ إِلَيْهِمُ السَّيِّئَاتِ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: قَدْ ذَكَرْنَا بَعْضَ مَا حَضَرَنَا مِنَ الْآيَاتِ الْمُنَزَّلَاتِ الدَّالَّاتِ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ وَالزَّكَاةَ وَسَائِرَ الطَّاعَاتِ كُلَّهَا إِيمَانٌ وَإِسْلَامٌ وَدِينُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَأَمْسَكْنَا عَنْ كَبِيرٍ مِنْهَا اخْتِصَارًا، وَكَرَاهَةً لِلتَّطْوِيلِ، وَاسْتَغْنَيْنَا بِمَا ذَكَرْنَاهُ عَمَّا لَمْ نَذْكُرْهُ، ثُمَّ نَبْنِي الْآنَ بِذِكْرِ الْأَخْبَارِ الْمَرْوِيَّةِ عَنِ الْمُصْطَفَى رَسُولِ رَبِّ الْعَالَمِينَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الدَّالَّةِ عَلَى مِثْلِ مَا دَلَّ عَلَيْهِ كِتَابُ اللَّهِ الحديث: 362 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 359 بَابُ ذِكْرِ الْأَخْبَارِ الْمُفَسِّرَةِ بِأَنَّ الْإِيمَانَ وَالْإِسْلَامَ تَصْدِيقٌ وَخُضُوعٌ بِالْقَلْبِ وَاللِّسَانِ، وَعَمَلٌ بِسَائِرِ الْجَوَارِحِ، وَتَصْدِيقٌ لِمَا فِي الْقَلْبِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 365 طُرُقُ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ وَالْإِحْسَانِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 367 363 - حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ يَحْيَى بْنُ خَلَفٍ، ثنا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ كَهْمَسًا، يُحَدِّثُ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ، قَالَ: كَانَ أَوَّلَ مَنْ قَالَ بِالْبَصْرَةِ فِي الْقَدَرِ مَعْبَدٌ الْجُهَنِيُّ، فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَحُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمْيَرِيُّ حَاجَّيْنِ فَقُلْنَا: لَوْ لَقِينَا بَعْضَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلْنَاهُ عَمَّا يَقُولُ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ فِي الْقَدَرِ، فَوَافَقْنَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ وَهُوَ يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ فَاكْتَنَفْنَاهُ أَنَا وَصَاحِبِي، أَحَدُنَا عَنْ يَمِينِهِ، وَالْآخَرُ عَنْ شِمَالِهِ، وَظَنَنْتُ أَنَّ صَاحِبِي سَيَكِلُ الْكَلَامَ إِلَيَّ فَقُلْنَا: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، إِنَّهُ قَدْ ظَهَرَ قِبَلَنَا نَاسٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ وَيَتَقَفَّرُونَ الْعِلْمَ، وإِنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ لَا قَدَرَ، إِنَّمَا الْأَمْرُ [ص: 368] أُنُفٌ، قَالَ: إِذَا لَقِيتَ أُولَئِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنِّي بَرِيءٌ مِنْهُمْ، وَأَنَّهُمْ بَرَاءٌ مِنِّي، فَوَالَّذِي يَحْلِفُ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ لَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمْ مِثْلُ أُحُدٍ ذَهَبًا فَأَنْفَقَهُ مَا قَبِلَ اللَّهُ مِنْهُ حَتَّى يُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ، ثُمَّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ: " بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ إِذْ طَلَعَ عَلَيْنَا رَجُلٌ شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ، شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعْرِ، لَا يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ، وَلَا يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ، حَتَّى جَلَسَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوَضَعَ رُكْبَتَيْهِ إِلَى رُكْبَتَيْهِ، وَوَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَخْبِرْنِي عَنِ الْإِسْلَامِ، مَا الْإِسْلَامُ؟ قَالَ: «أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ، وَتَصُومَ شَهْرَ رَمَضَانَ، وَتَحُجَّ الْبَيْتَ إِنِ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلًا» قَالَ: صَدَقْتَ، فَعَجِبْنَا لَهُ، يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقُهُ، ثُمَّ قَالَ: أَخْبِرْنِي عَنِ الْإِيمَانِ، قَالَ: «الْإِيمَانُ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ، وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَالْقَدَرِ كُلِّهِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ» قَالَ: صَدَقْتَ، قَالَ فَأَخْبِرْنِي عَنِ الْإِحْسَانِ، مَا الْإِحْسَانُ؟ قَالَ: «أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ» قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ السَّاعَةِ، قَالَ: «مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ بِهَا مِنَ السَّائِلِ» قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنْ أَمَارَتِهَا، قَالَ: «أَنْ تَلِدَ الْأَمَةُ رَبَّتَهَا، وَأَنْ تَرَى الْحُفَاةَ الْعُرَاةَ الْعَالَةَ رِعَاءَ الشَّاةِ يَتَطَاوَلُونَ [ص: 369] فِي الْبُنْيَانِ» ثُمَّ انْطَلَقَ، قَالَ عُمَرُ: فَلَبِثْتُ ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا عُمَرُ، أَتَدْرِي مَنِ السَّائِلُ؟» قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «فَإِنَّهُ جِبْرِيلُ أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ» 364 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، ثنا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، ثنا كَهْمَسُ بْنُ الْحَسَنِ التَّمِيمِيُّ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ [ص: 370] يَعْمَرَ، قَالَ: كَانَ أَوَّلَ مَنْ قَالَ بِالْقَدَرِ بِالْبَصْرَةِ مَعْبَدٌ الْجُهَنِيُّ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ نَحْوَ حَدِيثِ الْمُعْتَمِرِ الحديث: 363 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 367 365 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنَا وَكِيعُ، ثنا كَهْمَسُ بْنُ الْحَسَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ، قَالَ: " جَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: مَا الْإِيمَانُ؟ قَالَ: «أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ، وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ» قَالَ: صَدَقْتَ " الحديث: 365 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 370 366 - حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ فُضَيْلُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْجَحْدَرِيُّ، ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ مَطَرٍ الْوَرَّاقِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ، قَالَ: " لَمَّا تَكَلَّمَ مَعْبَدٌ بِمَا تَكَلَّمَ بِهِ فِي شَأْنِ الْقَدَرِ أَنْكَرْنَا ذَلِكَ، قَالَ: فَحَجَجْتُ أَنَا وَحُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمْيَرِيُّ، فَلَمَّا قَضَيْنَا نُسُكَنَا قَالَ لِي: لَوْ [ص: 371] مِلْتَ بِنَا إِلَى الْمَدِينَةِ، فَلَقِينَا مَنْ بِهَا مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلْنَاهُ عَمَّا جَاءَ بِهِ مَعْبَدٌ، فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَدَخَلْنَا الْمَسْجِدَ نَؤُمُّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، وَأَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ، فَإِذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَاعِدٌ فَاكْتَنَفْنَاهُ، وَقَدَّمَنِي حُمَيْدٌ لِلْمَنْطِقِ، وَكُنْتُ أَجْرَأَ عَلَى الْمَنْطِقِ مِنْهُ، فَقُلْتُ: أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، إِنَّ قَوْمًا نَشَأُوا بِالْعِرَاقِ عِنْدَنَا قَرَأُوا الْقُرْآنَ وَفَقِهُوا فِي الْإِسْلَامِ، يَقُولُونَ: لَا قَدَرَ؟ قَالَ: فَإِذَا أَنْتَ لَقِيتَهُمْ فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ مِنْكُمْ بَرِيءٌ، وَأَنْتَمْ مِنْهُ بَرَاءٌ، وَاللَّهِ لَوْ أَنْفَقُوا جِبَالَ الْأَرْضِ ذَهَبًا مَا قَبِلَهُ اللَّهُ مِنْهُمْ حَتَّى يُؤْمِنُوا بِالْقَدَرِ، قَالَ: وَحَدَّثَنِي عُمَرُ، أَنَّ آدَمَ وَمُوسَى اخْتَصَمَا إِلَى اللَّهِ، فَقَالَ لَهُ مُوسَى: أَنْتَ آدَمُ الَّذِي أَشْقَيْتَ النَّاسَ وَأَخْرَجْتَهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ، فَقَالَ لَهُ آدَمُ: أَنْتَ مُوسَى الَّذِي اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِرِسَالَاتِهِ وَبِكَلَامِهِ، وَأَنْزَلَ عَلَيْكَ التَّوْرَاةَ، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَوَجَدْتَهُ قَدَّرَهُ عَلِيَّ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِي؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى، قَالَ: وَحَدَّثَنِي عُمَرُ قَالَ: " بَيْنَا نَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ هَيْئَتُهُ هَيْئَةُ مُسَافِرٍ، وَثِيَابُهُ ثِيَابُ مُقِيمٍ، أَوْ قَالَ: هَيْئَتُهُ هَيْئَةُ مُقِيمٍ، وَثِيَابُهُ ثِيَابُ مُسَافِرٍ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَدْنُو مِنْكَ؟ قَالَ: «نَعَمْ» فَدَنَا مِنْهُ [ص: 372] حَتَّى وَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا الْإِسْلَامُ؟ قَالَ: «أَنْ تُسْلِمَ وَجْهَكَ لِلَّهِ، وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ، وَتَحُجَّ الْبَيْتَ» قَالَ: فَإِذَا فَعَلْتُ ذَلِكَ فَقَدْ أَسْلَمْتُ؟ قَالَ: «نَعَمْ» قَالَ: صَدَقْتَ، قَالَ: قُلْنَا: انْظُرُوا كَيْفَ يَسْأَلُهُ وَكَيْفَ يُصَدِّقُهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا الْإِحْسَانُ؟ قَالَ: «أَنْ تَخْشَى اللَّهَ أَوْ تعَبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنَّكَ إِنْ لَا تَكُنُ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ» قَالَ: صَدَقْتَ، قَالَ: قُلْنَا: انْظُرُوا كَيْفَ يَسْأَلُهُ وَكَيْفَ يُصَدِّقُهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا الْإِيمَانُ؟ قَالَ: «أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ، وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْمَوْتِ وَالْبَعْثِ، وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَبِالْقَدَرِ كُلِّهِ» قَالَ: فَإِذَا فَعَلْتُ ذَلِكَ فَقَدْ آمَنْتُ؟ قَالَ: «نَعَمْ» قَالَ: صَدَقْتَ، قَالَ: قُلْنَا: انْظُرُوا كَيْفَ يَسْأَلُهُ وَكَيْفَ يُصَدِّقُهُ، قَالَ مَطَرٌ: وَحَدَّثَنِي شَهْرٌ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: «وَبِالْقَدَرِ كُلِّهِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ» ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ: «مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ» ثُمَّ وَلَّى، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَلِيَّ الرَّجُلَ» فَطُلِبَ فَمَا وَجَدُوهُ، فَقَالَ [ص: 373] : «هَذَا جِبْرِيلُ جَاءَ لِيُعَلِّمَ النَّاسَ دِينَهُمْ» الحديث: 366 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 370 367 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَسْعُودٍ، ثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، ثنا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَطَاءٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، أَنْ يَحْيَى بْنَ يَعْمَرَ، حَدَّثَهُ، أَنَّهُ، حَجَّ فَلَقِيَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ: كُنْتُ إِذَا لَقِيتُهُ أَعْجَبْتُهُ وَصَافَحَنِي وَسَأَلَنِي عَنْ أَهْلِي وَعَنْ حَاجَتِي، ثُمَّ سَأَلَنِي عَنِ النَّاسِ، وَأَنِّي أَخْبَرْتُهُ أَنَّ النَّاسَ قَدْ كَثُرَ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ مِنْهُمْ، وَأَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ يَسْتَأْنِفُونَ الْعَمَلَ اسْتِئْنَافًا، قَالَ يَحْيَى: فَأَرْخَى يَدَهُ مِنْ يَدِي ثُمَّ قَالَ: إِذَا جِئْتَهُمْ فَقُلْ: إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ: إِنَّكُمْ بَرَاءٌ مِنِّي، وَأَنَا بَرِيءٌ مِنْكُمْ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ قَالَهَا، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ أَنَّ لِكُلِّ إِنْسَانٍ مِنْكُمْ مِثْلُ أُحُدٍ ذَهَبًا أَنْفَقَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا يَقْبَلُهُ اللَّهُ مِنْهُ حَتَّى يُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ كُلِّهِ، وَحَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَنَّهُ كَانَ جَالِسًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْمٍ، فَأَقْبَلَ رَجُلٌ شَابٌّ عَلَيْهِ ثِيَابٌ بَيَاضٌ، لَا يَلُوحُ فِي وَجْهِهِ سَفَرٌ، وَلَا يُعْرَفُ، حَتَّى قَامَ عَلَى الْقَوْمِ فَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَدْنُو مِنْكَ؟ فَقَالَ رَسُولُ [ص: 374] اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نَعَمْ، ادْنُ مِنِّي» فَدَنَا مِنْهُ حَتَّى وَضَعَ رُكْبَتَيْهِ عَلَى رُكْبَتِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيَدَيْهِ عَلَى فَخِذِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ بِصَوْتٍ عَالٍ: يَا مُحَمَّدُ أَسْأَلُكَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نَعَمْ» يُجِيبُهُ بِمِثْلِ صَوْتِهِ بِالِارْتِفَاعِ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، مَا الْإِسْلَامُ؟ قَالَ: «أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَتُصَلِّيَ الْخَمْسَ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ، وَتَحُجَّ الْبَيْتَ» قَالَ: فَإِذَا فَعَلْتُ ذَلِكَ فَأَنَا مُسْلِمٌ؟ قَالَ: «نَعَمْ» فَقَالَ عُمَرُ: فَعَجِبْنَا مِنْ مَسْأَلَتِهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا يَعْرِفُهُ أَحَدٌ مِنَّا، ثُمَّ قَالَ لَهُ: مَا الْإِيمَانُ يَا مُحَمَّدُ؟ فَقَالَ: «الْإِيمَانُ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ، وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَالْمِيزَانِ، وَالْقَدَرِ كُلِّهِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ» قَالَ: فَإِذَا فَعَلْتُ ذَلِكَ فَأَنَا مُؤْمِنٌ؟ قَالَ: «نَعَمْ» قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، فَمَا الْإِحْسَانُ؟ قَالَ: «الْإِحْسَانُ أَنْ تَعْمَلَ لِلَّهِ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنَّكَ إِنْ لَا تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ» قَالَ: فَإِذَا فَعَلْتُ فَأَنَا مُحْسِنٌ؟ قَالَ: «نَعَمْ» قَالَ: مُحَمَّدُ، فَمَتَى قِيَامُ السَّاعَةِ؟ قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ» قَالَ: صَدَقْتَ، فَتَعَجَّبْنَا مِنْ تَصْدِيقِهِ رَسُولَ اللَّهِ وَلَا يَعْرِفُهُ، قَالَ: " إِنَّهَا فِيمَا اسْتَثْنَى اللَّهُ {إِنَّ اللَّهَ [ص: 375] عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [لقمان: 34] وَلَكِنْ مِنْ أَشْرَاطِهَا: أَنْ تَلِدَ الْأَمَةُ رَبَّتَهَا، وَأَنْ تَرَى الصُّمَّ الْبُكْمَ الْعُمْيَ الْحُفَاةَ رِعَاءَ الشَّاةِ يَتَطَاوَلُونَ فِي الْبِنَاءِ مُلُوكَ النَّاسِ " فَقَامَ فَانْطَلَقَ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مِنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ نَعَتَ؟ قَالَ: «هُمُ الْعَرَبُ» قَالَ: حَتَّى إِذَا كَانَ بَعْدَ ثَالِثَةٍ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: لَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، هَلْ تَدْرِي مَنِ السَّائِلُ؟» قَالَ: قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «ذَاكَ جِبْرِيلُ أَتَاكُمْ لَيُعَلِّمَكُمْ دِينَكُمْ» قَالَ أَبُوعَبْدِ اللَّهِ: وَرَوَاهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ غِيَاثٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ، وَحُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّهُمَا لَقِيَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، فَذَكَرَ الْقِصَّةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِ ذَلِكَ، فِي الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ وَالْإِحْسَانِ الحديث: 367 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 373 طُرُقُ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَقَدْ رَوَى جَمَاعَةٌ مِنَ الرُّوَاةِ هَذَا الْخَبَرَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ حَاضِرًا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ جَاءَهُ جِبْرِيلُ وَسَأَلَهُ عَنْ هَذِهِ الْمَسَائِلِ، وَأَسْقَطُوا ذِكْرَ عُمَرَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَزَادُوا وَنَقَصُوا مِنْ مَتْنِ الْحَدِيثِ، وَغَيَّرُوا بَعْضَ أَلْفَاظِهِ، فَمِنْ ذَلِكَ مَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 376 368 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ، ثنا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ أَوْ سَأَلَهُ رَجُلٌ فَقُلْتُ: إِنَّا نَسِيرُ فِي هَذِهِ الْأَرْضِ، فَتَلْقَانَا أَقْوَامٌ يَقُولُونَ: لَا قَدَرَ؟ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: إِذَا لَقِيتَ أُولَئِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ مِنْهُمْ بَرِيءٌ، وَهُمْ مِنْهُ بَرَاءٌ، قَالَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ أَنْشَأَ يُحَدِّثُنَا قَالَ: " بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَدْنُو؟ قَالَ: «ادْنُ» فَدَنَا رَتْوَةً حَتَّى كَادَتْ رُكْبَتُهُ تَمَسُّ رُكْبَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا الْإِيمَانُ؟ قَالَ: " أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ، وَبِكِتَابِهِ، وَبِرُسُلِهِ، وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ، قَالَ: أُرَاهُ قَالَ:، خَيْرِهِ وَشَرِّهِ " قَالَ: صَدَقْتَ، قَالَ: فَمَا الْإِسْلَامُ؟ قَالَ: «إِقَامُ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ، وَحَجُّ الْبَيْتِ، وَصَوْمُ شَهْرِ رَمَضَانَ، وَالِاغْتِسَالُ مِنَ الْجَنَابَةِ» كُلَّ ذَلِكَ يَقُولُ لَهُ: صَدَقْتَ، وَنَحْنُ نَقُولُ: مَا رَأَيْنَا رَجُلًا أَشَدَّ تَوْقِيرًا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [ص: 377] مِنْ هَذَا، كَأَنَّهُ يَعْلَمُ رَسُولَ اللَّهِ، فَلَمَّا اسْتَبْعَدَ قَالَ: «الْتَمِسُوا الرَّجُلَ» فَالْتَمَسُوهُ فَلَمْ يُوجَدْ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَذَا جِبْرِيلُ جَاءَكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ، لَمْ يَأْتِ فِي صُورَةٍ إِلَّا عَرَفْتُهُ غَيْرَ هَذِهِ الصُّورَةِ» 369 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنِ ابْنِ يَعْمَرَ، قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ: إِنَّا نُسَافِرُ فَنَلْقَى أَقْوَامًا يَقُولُونَ: لَا قَدَرَ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِمِثْلِ مَعْنَاهُ الحديث: 368 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 376 370 - حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عِيسَى الْبِسْطَامِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَا: ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنَا شَرِيكٌ، عَنِ الرُّكَيْنِ بْنِ الرَّبِيعِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ، وَعَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ، قَالَ: حَجَجْنَا أَوِ اعْتَمَرْنَا، ثُمَّ قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَأَتَيْنَا ابْنَ عُمَرَ، فَسَأَلْنَاهُ فَقُلْنَا: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، إِنَّا نَغْزُو هَذِهِ الْأَرْضَ فَنَلْقَى أَقْوَامًا يَقُولُونَ: لَا قَدَرَ؟ فَأَعْرَضَ بِوَجْهِهِ عَنَّا ثُمَّ قَالَ: " إِذَا لَقِيتَ أُولَئِكَ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ بَرِيءٌ مِنْهُمْ، وَأَنَّهُمْ مِنْهُ بَرَاءٌ، ثُمَّ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ أَقْبَلَ رَجُلٌ حَسَنُ الْوَجْهِ، وَحَسَنُ الشَّارَةِ، وَطَيِّبُ الرِّيحِ، فَتَعَجَّبْنَا لَحُسْنِ وَجْهِهِ وَشَارَتِهِ وَطِيبِ رِيحِهِ، فَسَلَّمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَامَ فَقَالَ: أَدْنُو يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «نَعَمْ» فَدَنَا ثُمَّ قَامَ، فَتَعَجَّبْنَا لِتَوْقِيرِهِ رَسُولَ اللَّهِ، ثُمَّ قَالَ: أَدْنُو يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «نَعَمْ» فَدَنَا حَتَّى وَضَعَ فَخِذَهُ عَلَى فَخِذِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا الْإِيمَانُ؟ قَالَ: أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ، وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَالْحِسَابِ، وَالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ، حُلْوِهِ وَمُرِّهِ " قَالَ: صَدَقْتَ [ص: 379] ، فَتَعَجَّبْنَا لِقَوْلِهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: صَدَقْتَ، ثُمَّ قَالَ: مَا الْإِسْلَامُ؟ قَالَ: «أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ، وَتَحُجَّ الْبَيْتَ، وَتَغْتَسِلَ مِنَ الْجَنَابَةِ» قَالَ: صَدَقْتَ، قَالَ: فَتَعَجَّبْنَا مِنْ تَصْدِيقِهِ رَسُولَ اللَّهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَمَا الْإِحْسَانُ؟ قَالَ: «تَخْشَى اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ» قَالَ: صَدَقْتَ، فَتَعَجَّبْنَا مِنْ تَصْدِيقِهِ رَسُولَ اللَّهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَمَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ: «مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ بِهَا مِنَ السَّائِلِ» قَالَ: صَدَقْتَ، فَتَعَجَّبْنَا لِتَصْدِيقِهِ رَسُولَ اللَّهِ، ثُمَّ انْكَفَى رَاجِعًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَلِيَّ بِالرَّجُلِ» فَطَلَبْنَاهُ فَلَمْ نَجِدْهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَذَا جِبْرِيلُ جَاءَ يُعَلِّمُكُمْ أَمْرَ دِينِكُمْ، وَمَا أَتَانِي قَطُّ فِي صُورَةٍ إِلَّا عَرَفْتُهُ إِلَّا فِي صُورَتِهِ هَذِهِ» الحديث: 370 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 378 371 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا حَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ، ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ، قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ: إِنَّ عِنْدَنَا رِجَالًا بِالْعِرَاقِ يَقُولُونَ: إِنْ شَاءُوا عَلِمُوا، إِنْ شَاءُوا لَمْ يَعْلَمُوا، وَإِنْ شَاءُوا دَخَلُوا الْجَنَّةَ، وَإِنْ شَاءُوا دَخَلُوا النَّارَ، وَإِنْ شَاءُوا، وَإِنْ شَاءُوا؟ قَالَ: " أَخْبِرْهُمْ أَنِّي مِنْهُمْ بَرِيءٌ، وَأَنَّهُمْ مِنِّي بَرَاءٌ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ جِبْرِيلَ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، مَا الْإِسْلَامُ؟ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَعَبْدُ اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَتَصُومُ رَمَضَانَ، وَتَحُجُّ الْبَيْتَ» قَالَ: فَإِذَا فَعَلْتُ ذَلِكَ فَأَنَا مُسْلِمٌ؟ قَالَ: «نَعَمْ» قَالَ: صَدَقْتَ، قَالَ: فَمَا الْإِحْسَانُ؟ قَالَ: «تَخْشَى اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ» قَالَ: فَإِذَا فَعَلْتُ ذَلِكَ فَأَنَا مُحْسِنٌ؟ قَالَ: «نَعَمْ» قَالَ: صَدَقْتَ، قَالَ: فَمَا الْإِيمَانُ؟ قَالَ: «تُؤْمِنُ بِاللَّهِ، وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْبَعْثِ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ، وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَالْقَدَرِ كُلِّهِ» قَالَ: فَإِذَا فَعَلْتُ ذَلِكَ فَأَنَا مُؤْمِنٌ؟ قَالَ: «نَعَمْ» قَالَ: صَدَقْتَ [ص: 381] 372 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا حَجَّاجٌ، ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: جَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صُورَةِ دِحْيَةَ الْكَلْبِيِّ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، مَا الْإِسْلَامُ؟، حَتَّى ذَكَرَ هَذَا الْكَلَامَ مِثْلَهُ الحديث: 371 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 380 373 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، ثنا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: مَا الْإِسْلَامُ؟ قَالَ: «أَنْ تُقِيمَ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ، وَتَحُجَّ الْبَيْتَ» فَقَالَ: فَإِذَا فَعَلْتُ هَذَا فَقَدْ أَسْلَمْتُ؟ قَالَ: «نَعَمْ» قَالَ: صَدَقْتَ، فَعَجِبْنَا لِقَوْلِهِ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: صَدَقْتَ، قَالَ: فَمَا الْإِيمَانُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ، وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَبِالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَالْقَدَرِ كُلِّهِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ» قَالَ: صَدَقْتَ، قَالَ: فَعَجِبْنَا لِقَوْلِهِ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [ص: 382] : صَدَقْتَ، قَالَ: فَمَا الْإِحْسَانُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «أَنْ تَعْمَلَ لِلَّهِ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ» قَالَ: فَإِذَا فَعَلْتُ ذَلِكَ فَقَدْ أَحْسَنْتُ؟ قَالَ: «نَعَمْ» قَالَ: فَمَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ: " مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ، وَهِيَ خَمْسٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [لقمان: 34] وَسَأُنْبِيكَ بِأَشْرَاطِهَا: إِذَا وَلَدَتِ الْأَمَةُ رَبَّهَا، وَإِذَا تَطَاوَلُوا فِي الْبِنَاءِ، وَإِذَا رَأَيْتَ مُلُوكَ النَّاسِ الْعُرَاةَ الْعَالَةَ " قُلْتُ: مَنْ هُمْ؟ قَالَ: «الْعَرَبُ» ثُمَّ وَلَّى الرَّجُلُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْتَمِسُوهُ» فَذَهَبُوا فَلَمْ يَرَوْا شَيْئًا، فَقَالَ: «ذَاكَ جِبْرِيلُ جَاءَكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ» الحديث: 373 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 381 374 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، ثنا الْعَوَّامُ بْنُ حَوْشَبٍ، عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ جَاءَ رَجُلٌ أَبْيَضُ الثِّيَابِ، طَيِّبُ الرِّيحِ، فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى رُكْبَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا الْإِسْلَامُ؟ قَالَ: «تُقِيمُ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَتَحُجُّ الْبَيْتَ، وَتَصُومُ رَمَضَانَ، وَتَغْتَسِلُ مِنَ الْجَنَابَةِ» قَالَ: إِذَا فَعَلْتُ هَذَا فَقَدْ أَسْلَمْتُ؟ قَالَ: «نَعَمْ» قَالَ [ص: 383] : صَدَقْتَ، فَقُلْنَا: انْظُرُوا كَيْفَ يَسْأَلُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُصَدِّقُهُ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَمَا الْإِيمَانُ؟ قَالَ: «أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَالْمَلَائِكَةِ، وَالْكِتَابِ، وَالنَّبِيِّينَ، وَتُؤْمِنَ بِالْجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ» قَالَ: فَإِذَا فَعَلْتُ هَذَا فَقَدْ آمَنْتُ؟ قَالَ: «نَعَمْ» قَالَ: صَدَقْتَ، قُلْنَا: انْظُرُوا كَيْفَ يَسْأَلُ رَسُولَ اللَّهِ وَيُصَدِّقُهُ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَمَا الْإِحْسَانُ؟ قَالَ: «أَنْ تَعْمَلَ لِلَّهِ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ» قَالَ: فَإِذَا فَعَلْتُ هَذَا فَقَدْ أَحْسَنْتُ؟ قَالَ: «نَعَمْ» قَالَ: صَدَقْتَ، قَالَ: فَمَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ: «فَمَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ» ثُمَّ أَدْبَرَ الرَّجُلُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رُدُّوا عَلَيَّ الرَّجُلَ» فَالْتَمَسُوهُ فَلَمْ يَجِدُوهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ذَاكَ جِبْرِيلُ جَاءَكُمْ يُعَلِّمُكُمْ لِيُرِيَكُمْ أَمْرَ دِينِكُمْ» الحديث: 374 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 382 375 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، ثنا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ قُدَامَةَ الْجُمَحِيُّ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، يَقُولُ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ مَعَهُ إِذْ أَقْبَلَ رَجُلٌ فَسَلَّمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرَدَّ رَسُولُ اللَّهِ وَرَدَّ الْمَلَأُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبَرَنِي مَا الْإِيمَانُ؟ قَالَ: «الْإِيمَانُ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ [ص: 384] ، وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَبِالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَالْحِسَابِ وَالْمِيزَانِ، وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ» قَالَ: فَإِذَا فَعَلْتُ هَذَا فَقَدْ آمَنْتُ؟ قَالَ: «نَعَمْ» قَالَ: صَدَقْتَ، قَالَ: فَعَجِبَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قَوْلِهِ لِرَسُولِ اللَّهِ: صَدَقْتَ، قَالَ: فَمَا الْإِسْلَامُ؟ قَالَ: «أَنْ تُقِيمَ وَجْهَكَ لِلَّهِ، وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ» قَالَ: فَإِذَا فَعَلْتُ ذَلِكَ فَقَدْ أَسْلَمْتُ؟ قَالَ: «نَعَمْ» قَالَ: صَدَقْتَ، قَالَ: فَمَا الْإِحْسَانُ؟ قَالَ: «أَنْ تَخْشَى اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ» قَالَ: صَدَقْتَ، قَالَ: فَمَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ: " سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ، ثَلَاثًا، مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ، اسْتَأْثَرَ اللَّهُ بِعِلْمِ خَمْسٍ {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ} [لقمان: 34] قَالَ: وَلَكِنْ إِنْ شِئْتَ أَخْبَرْتُكَ بِشَيْءٍ يَكُونُ قَبْلَهَا: إِذَا وَلَدَتِ الْأَمَةُ رَبَّتَهَا، وَتَطَاوَلَ أَهْلُ الْبِنَاءِ فِي الْبُنْيَانِ، وَتَصِيرُ الْحُفَاةُ الْعُرَاةُ عَلَى رِقَابِ النَّاسِ " قَالَ: ثُمَّ وَلَّى الرَّجُلُ، فَأَتْبَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ طَرْفَهُ إِلَيْهِ طَوِيلًا، ثُمَّ رَدَّ طَرْفَهُ عَلَيْهِمْ فَقَالَ: «هَلْ تَدْرُونَ مَنِ الرَّجُلُ؟ ذَاكَ جِبْرِيلُ أَتَاكُمْ لَيُعَلِّمَكُمْ دِينَكُمْ أَوْ يَتَعَاهَدَ دِينَكُمْ» [ص: 385] 376 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، ثنا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ قُدَامَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَلَأٍ مِنْ أَصْحَابِهِ إِذْ أَقْبَلَ رَجُلٌ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِمِثْلِ مَعْنَاهُ 377 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ قُدَامَةَ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ بَكْرِ بْنِ أَبِي الْفُرَاتِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، مِثْلَ ذَلِكَ الحديث: 375 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 383 طُرُقُ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 385 378 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنَا جَرِيرٌ، ثنا أَبُو فَرْوَةَ الْهَمْدَانِيُّ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي ذَرٍّ قَالَا: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْلِسُ بَيْنَ ظَهْرَانِي أَصْحَابِهِ فَيَجِيءُ الْغَرِيبُ فَلَا يَعْرِفُهُ وَلَا يَدْرِي أَيْنَ هُوَ حَتَّى يَسْأَلَ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ جَعَلْنَا لَكَ مَجْلِسًا تَجْلِسُ فِيهِ حَتَّى يَعْرِفَكَ الْغَرِيبُ، فَبَنَيْنَا لَهُ دُكَّانًا مِنْ طِينٍ، فَكُنَّا نَجْلِسُ بِجَانِبِيهِ، فَكُنَّا جُلُوسًا وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحْتَبٍ فِي مَجْلِسِهِ، إِذْ أَقْبَلَ أَحْسَنُ النَّاسِ وَجْهًا، وَأَطْيَبُ النَّاسِ رِيحًا، وَأَنْقَى النَّاسِ ثَوْبًا، كَأَنَّ ثِيَابَهُ لَمْ يُصِبْهَا دَنَسٌ، حَتَّى سَلَّمَ مِنْ عِنْدِ طَرَفِ [ص: 386] السِّمَاطِ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ، فَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: أَدْنُو يَا مُحَمَّدُ؟ قَالَ: «ادْنُ» فَمَا زَالَ يَقُولُ: أَدْنُو يَا مُحَمَّدُ، فَيَقُولُ مُحَمَّدٌ: «ادْنُ» حَتَّى وَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، مَا الْإِسْلَامُ؟ قَالَ: أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا تُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ، وَتَحُجَّ الْبَيْتَ " قَالَ: فَإِذَا فَعَلْتُ ذَلِكَ فَقَدْ أَسْلَمْتُ؟ قَالَ: «نَعَمْ» قَالَ: صَدَقْتَ، فَأَنْكَرْنَا مِنْهُ قَوْلَهُ: صَدَقْتَ، قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، فَأَخْبِرْنِي عَنِ الْإِيمَانِ، قَالَ: «أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ، وَالْمَلَائِكَةِ، وَالْكِتَابِ، وَالنَّبِيِّينَ، وَبِالْقَدَرِ كُلِّهِ» فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَخْبِرْنِي عَنِ الْإِحْسَانِ، قَالَ: «أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ» قَالَ: صَدَقْتَ، قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، فَأَخْبِرْنِي عَنِ السَّاعَةِ، قَالَ: فَنَكَّسَ وَلَمْ يُجِبْهُ، ثُمَّ عَادَ فَلَمْ يُجِبْهُ، ثُمَّ عَادَ فَلَمْ يُجِبْهُ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَحَلَفَ بِاللَّهِ أَوْ قَالَ: «وَالَّذِي بَعَثَ مُحَمَّدًا بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ، مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ، وَلَكِنْ لَهَا عَلَامَاتٌ تُعْرَفُ بِهَا، إِذَا رَأَيْتَ رِعَاءَ [ص: 387] الْبَهْمِ يَتَطَاوَلُونَ فِي الْبُنْيَانِ، وَرَأَيْتَ الْحُفَاةَ الْعُرَاةَ مُلُوكَ الْأَرْضِ، وَإِذَا وَلَدَتِ الْأَمَةُ رَبَّهَا، فِي خَمْسٍ مِنَ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا اللَّهُ» ثُمَّ قَرَأَ {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ} [لقمان: 34] إِلَى {عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات: 13] ثُمَّ سَطَعَ غُبَارٌ مِنَ السَّمَاءِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَالَّذِي بَعَثَ مُحَمَّدًا بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ، مَا أَنَا بِأَعْلَمَ بِهِ مِنْ رَجُلٍ مِنْكُمْ، وَإِنَّهُ لِجِبْرِيلُ جَاءَ لَيُعَلِّمَكُمْ فِي صُورَةِ دِحْيَةَ الْكَلْبِيِّ» الحديث: 378 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 385 379 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنَا جَرِيرٌ، عَنْ أَبِي حَيَّانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا بَارِزًا لِلنَّاسِ إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، مَا الْإِيمَانُ؟ قَالَ: «أَنَّ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ، وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَلِقَائِهِ، وَتُؤْمِنَ بِالْبَعْثِ الْآخِرِ» قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَمَا الْإِسْلَامُ؟ قَالَ: «لَا تُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا، وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ، وَتَصُومُ رَمَضَانَ» قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، فَمَا الْإِحْسَانُ؟ قَالَ: «أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ» قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، فَمَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ: " مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ، وَسَأُحَدِّثُكَ عَنْ أَشْرَاطِهَا: إِذَا وَلَدَتِ الْأَمَةُ رَبَّتَهَا، وَإِذَا رَأَيْتَ الْعُرَاةَ الْحُفَاةَ رُؤَسَاءَ النَّاسِ، فِي خَمْسٍ لَا يَعْلَمُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ} [لقمان: 34] ثُمَّ انْصَرَفَ الرَّجُلُ، فَالْتَمَسُوهُ فَلَمْ يَجِدُوهُ، فَقَالَ: «ذَاكَ جِبْرِيلُ جَاءَ لِيُعَلِّمَ النَّاسَ دِينَهُمْ» الحديث: 379 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 388 380 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنَا جَرِيرٌ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا لِأَصْحَابِهِ: «سَلُونِي» فَهَابُوا أَنْ يَسْأَلُوهُ، فَجَاءَ رَجُلٌ حَتَّى وَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَخْبِرْنِي عَنِ الْإِيمَانِ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ، وَزَادَ: «وَتُؤْمِنُ بِالْبَعْثِ، وَبِالْقَدَرِ كُلِّهِ» وَيَقُولُ فِي كُلِّ مَا سَأَلَهُ: صَدَقْتَ، وَقَالَ: «إِذَا رَأَيْتَ الْحُفَاةَ الْعُرَاةَ الصُّمَّ الْبُكْمَ مُلُوكَ الْأَرْضِ، وَرَأَيْتَ رِعَاءَ الْبَهْمِ يَتَطَاوَلُونَ فِي الْبُنْيَانِ» وَقَالَ: «أَنْ تَخْشَى اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ» الحديث: 380 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 389 طُرُقُ حَدِيثِ أَنَسٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 389 381 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْوَرَّاقُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ، قَالَا: ثنا حَرَمِيُّ بْنُ حَفْصٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي الضَّحَّاكُ بْنُ نِبْرَاسٍ، ثنا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ مَعَ أَصْحَابِهِ إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ عَلَيْهِ ثِيَابُ السَّفَرِ، يَتَخَطَّى النَّاسَ حَتَّى جَلَسَ بَيْنَ [ص: 390] يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى رُكْبَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا الْإِسْلَامُ؟ قَالَ: «شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَإِقَامُ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ، وَصَوْمُ شَهْرِ رَمَضَانَ، وَحَجُّ الْبَيْتِ مَا اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلًا» قَالَ: فَإِذَا فَعَلْتُ ذَلِكَ فَأَنَا مُسْلِمٌ؟ قَالَ: «نَعَمْ» قَالَ: صَدَقْتَ، قَالَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ: هُوَ يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقُهُ، كَأَنَّهُ أَعْلَمُ مِنْهُ، أَتَعْرِفُونَ الرَّجُلَ؟ قَالُوا: مَا نَعْرِفُهُ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، مَا الْإِيمَانُ؟ قَالَ: «الْإِيمَانُ بِاللَّهِ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَبِالْمَلَائِكَةِ، وَبِالْكِتَابِ، وَبِالنَّبِيِّينَ، وَبِالْمَوْتِ، وَبِالْبَعْثِ، وَبِالْحِسَابِ، وَبِالْجَنَّةِ وَبِالنَّارِ، وَبِالْقَدَرِ كُلِّهِ» قَالَ: فَإِذَا فَعَلْتُ ذَلِكَ فَأَنَا مُؤْمِنٌ؟ قَالَ: «نَعَمْ» قَالَ: صَدَقْتَ، قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، مَا الْإِحْسَانُ؟ قَالَ: أَنْ تَخْشَى اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ " قَالَ: فَإِذَا فَعَلْتُ ذَلِكَ فَأَنَا مُحْسِنٌ؟ قَالَ: «نَعَمْ» قَالَ: صَدَقْتَ، قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، مَتَى تَقُومُ السَّاعَةُ؟ قَالَ: «مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ، وَلَكِنْ لَهَا أَشْرَاطٌ» ثُمَّ قَامَ فَذَهَبَ [ص: 391] ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَلِيَّ بِالرَّجُلِ» فَاتَّبَعُوهُ يَطْلُبُونَهُ فَلَمْ يَرَوْا شَيْئًا، فَرَجَعُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا اتَّبَعَنَا الرَّجُلَ فَطَلَبْنَاهُ فَمَا رَأَيْنَا شَيْئًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَتَدْرُونَ مَنْ ذَاكَ؟ ذَاكَ جِبْرِيلُ جَاءَكُمْ يُعَلِّمُكُمْ أَمْرَ دِينِكُمْ، أَمَا إِنَّهُ لَمْ يَأْتِنِي عَلَى حَالَةٍ أَنْكَرْتُهُ قَبْلَ الْيَوْمِ» الحديث: 381 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 389 382 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، ثنا أَبُو جَعْفَرٍ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: جَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صُورَةِ رَجُلٍ لَا نَعْرِفُهُ، وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ يَأْتِيهِ فِي صُورَةِ دِحْيَةَ، فَدَنَا مِنْهُ حَتَّى وَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ أَوْ مَنْكِبَيْهِ فَقَالَ: مَا الْإِسْلَامُ؟ قَالَ: «أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا تُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ» قَالَ: فَإِذَا فَعَلْتُ هَذَا فَقَدْ أَسْلَمْتُ؟ قَالَ: «نَعَمْ» قَالَ: فَصِفِ الْإِيمَانَ، قَالَ: «أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ، وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَلِقَائِهِ، وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَتُؤْمِنَ [ص: 392] بِالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ» قَالَ: فَإِذَا فَعَلْتُ هَذَا فَقَدْ آمَنْتُ؟ قَالَ: «نَعَمْ» قَالَ: فَمَا الْإِحْسَانُ؟ قَالَ: «أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ» قَالَ: فَإِذَا فَعَلْتُ هَذَا فَقَدْ أَحْسَنْتُ؟ قَالَ: «نَعَمْ» قَالَ: فَمَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ: " هِيَ فِي مَفَاتِيحِ خَمْسٍ مِنَ الْغَيْبِ، لَا يَعْلَمُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ} [لقمان: 34] ، إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، وَلَكِنْ أُبَيِّنُ لَكَ مِنْ شَرَائِطِهَا: إِذَا رَأَيْتَ كَذَا وَكَذَا فَاعْلَمْ أَنَّ السَّاعَةَ قَدِ اقْتَرَبَتْ " ثُمَّ وَلَّى، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَلِيَّ الرَّجُلَ» فَاتَّبَعُوهُ فَلَمْ يَجِدُوا أَحَدًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَذَا جِبْرِيلُ جَاءَكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ» الحديث: 382 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 391 تَفْسِيرُ حَدِيثِ جِبْرِيلَ فِي الْإِيمَانِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي تَفْسِيرِ حَدِيثِ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ هَذَا، فَقَالَ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا: قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْإِيمَانُ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ» وَمَا ذَكَرَ مَعَهُ كَلَامٌ جَامِعٌ مُخْتَصَرٌ لَهُ غَوْرٌ، وَقَدْ أَوْهَمَتِ الْمُرْجِئَةُ فِي تَفْسِيرِهِ فَتَأَوَّلُوهُ عَلَى غَيْرِ تَأْوِيلِهِ، قِلَّةَ مَعْرِفَةٍ مِنْهُمْ بِلِسَانِ الْعَرَبِ، وَغَوْرِ كَلَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الَّذِي قَدْ أُعْطِيَ جَوَامِعَ الْكَلِمِ وَفَوَاتِحُهُ، وَاخْتُصِرَ لَهُ الْحَدِيثُ اخْتِصَارًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. أَمَّا قَوْلُهُ: «الْإِيمَانُ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ» أَنْ تُوَحِّدَهُ وَتُصَدِّقَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 392 بِهِ بِالْقَلْبِ وَاللِّسَانِ، وَتَخْضَعَ لَهُ وَلِأَمْرِهِ، بِإِعْطَاءِ الْعَزْمِ لِلْأَدَاءِ لِمَا أَمَرَ، مُجَانِبًا لِلِاسْتِنْكَابِ وَالِاسْتِكْبَارِ وَالْمُعَانَدَةِ، فَإِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ لَزِمْتَ مَحَابَّهُ، وَاجْتَنَبْتَ مَسَاخِطَهُ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: «وَمَلَائِكَتِهِ» فَأَنْ تُؤْمِنَ بِمَنْ سَمَّى اللَّهُ لَكَ مِنْهُمْ فِي كِتَابِهِ، وَتُؤْمِنَ بِأَنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً سِوَاهُمْ لَا يَعْرِفُ أَسَامِيَهِمْ وَعَدَدَهُمْ إِلَّا الَّذِي خَلَقَهُمْ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: «وَكُتُبِهِ» فَأَنْ تُؤْمِنَ بِمَا سَمَّى اللَّهُ مِنْ كَتَبِهِ فِي كِتَابِهِ، مِنَ التَّوْرَاةِ، وَالْإِنْجِيلِ، وَالزَّبُورِ خَاصَّةً، وَتُؤْمِنَ بِأَنَّ لِلَّهِ سِوَى ذَلِكَ كُتُبًا أَنْزَلَهَا عَلَى أَنْبِيَائِهِ، لَا يَعْرِفُ أَسْمَاءَهَا وَعَدَدَهَا إِلَّا الَّذِي أَنْزَلَهَا، وَتُؤْمِنَ بِالْفُرْقَانِ، وَإِيمَانُكَ بِهِ غَيْرُ إِيمَانِكَ بِسَائِرِ الْكُتُبِ، إِيمَانُكَ بِغَيْرِهِ مِنَ الْكُتُبِ إِقْرَارُكَ بِهِ بِالْقَلْبِ وَاللِّسَانِ، وَإِيمَانُكَ بِالْفُرْقَانِ إِقْرَارُكَ بِهِ، وَاتِّبَاعُكَ بِمَا فِيهِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: «وَرُسُلِهِ» فَأَنْ تُؤْمِنَ بِمَنْ سَمَّى اللَّهُ فِي كِتَابِهِ مِنْ رُسُلِهِ، وَتُؤْمِنَ بِأَنَّ لِلَّهِ سِوَاهُمْ رُسُلًا وَأَنْبِيَاءَ، لَا يَعْلَمُ أَسْمَاءَهُمْ إِلَّا الَّذِي أَرْسَلَهُمْ، وَتُؤْمِنَ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِيمَانُكَ بِهِ غَيْرُ إِيمَانِكَ بِسَائِرِ الرُّسُلِ، إِيمَانُكَ بِسَائِرِ الرُّسُلِ إِقْرَارُكَ بِهِمْ، وَإِيمَانُكَ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِقْرَارُكَ بِهِ وَتَصْدِيقُكَ إِيَّاهُ، وَاتِّبَاعُكَ مَا جَاءَ بِهِ، فَإِذَا اتَّبَعْتَ مَا جَاءَ بِهِ أَدَّيْتَ الْفَرَائِضَ، وَأَحْلَلْتَ الْحَلَالَ، وَحَرَّمْتَ الْحَرَامَ، وَوَقَفَتْ عِنْدَ الشُّبُهَاتِ، وَسَارَعْتَ فِي الْخَيْرَاتِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: «وَالْيَوْمِ الْآخِرِ» فَأَنْ تُؤْمِنَ بِالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 393 ، وَالْحِسَابِ وَالْمِيزَانِ، وَالثَّوَابِ وَالْعِقَابِ، وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَبِكُلِّ مَا وَصَفَ اللَّهُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: «وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ كُلِّهِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ» فَأَنْ تُؤْمِنَ بِأَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ، وَأَنَّ مَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ، وَلَا تَقُلْ: لَوْلَا كَذَا وَكَذَا لَكَانَ كَذَا وَكَذَا، وَلَوْ كَانَ كَذَا وَكَذَا لَمْ يَكُنْ كَذَا وَكَذَا، قَالَ: فَهَذَا هُوَ الْإِيمَانُ بِاللَّهِ، وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَالْقَدَرِ، وَاسْتَدَلُّوا عَلَى أَنَّ الْإِيمَانَ هُوَ مَا ذَكَرُوهُ بِالْآيَاتِ الَّتِي تَلَوْنَاهَا عِنْدَ ذِكْرِ تَسْمِيَةِ اللَّهِ الصَّلَاةَ وَسَائِرَ الطَّاعَاتِ إِيمَانًا وَإِسْلًامَا وَدِينًا، وَاسْتَدَلُّوا أَيْضًا بِمَا قَصَّ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ مِنْ نَبَأِ إِبْلِيسَ حِينَ عَصَى رَبَّهُ فِي سَجْدَةٍ أُمَرَ أَنْ يَسْجُدَهَا لِآدَمَ فَأَبَاهَا، ثُمَّ قَالَ: {أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} [الأعراف: 12] ، قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ} [البقرة: 34] فَهَلْ جَحَدَ إِبْلِيسُ رَبَّهُ وَهُوَ يَقُولُ: {رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} [الحجر: 39] ، وَيَقُولُ: {رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يَبْعَثُونَ} [الحجر: 36] إِيمَانًا مِنْهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 394 بِالْبَعْثِ، وَإِيمَانًا بِنَفَاذِ قُدْرَتِهِ فِي إِنْظَارِهِ إِيَّاهُ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ، أَوْ هَلْ جَحَدَ أَحَدًا مِنْ أَنْبِيَائِهِ، وَأَنْكَرَ شَيْئًا مِنْ سُلْطَانِهِ وَهُوَ يَحْلِفُ بِعِزَّتِهِ؟ وَهَلْ كَانَ كُفْرُهُ إِلَّا بِتَرْكِ سَجْدَةٍ وَاحِدَةٍ أَمَرَهُ بِهَا فَأَبَاهَا، وَاسْتَدَلُّوا أَيْضًا بِمَا قَصَّ اللَّهُ عَلَيْنَا مِنْ نَبَأِ ابْنَيْ آدَمَ {إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ} [المائدة: 27] إِلَى قَوْلِهِ: {فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [المائدة: 30] إِلَّا بِرُكُوبِهِ مَا حُرِّمَ عَلَيْهِ مِنْ قَتْلِ أَخِيهِ، قَالُوا: وَهَلْ جَحَدَ رَبَّهُ، وَكَيْفَ يَجْحَدَهُ وَهُوَ يُقَرِّبُ لَهُ الْقُرْبَانَ؟ وَقَالُوا: قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ} [السجدة: 15] ، إِلَى قَوْلِهِ {جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة: 17] وَلَمْ يَقُلْ: إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِأَيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهِا أَقَرُّوا بِهَا فَقَطْ، وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ} [البقرة: 121] الجزء: 1 ¦ الصفحة: 395 383 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، أَنَا ابْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، " {يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ} [البقرة: 121] قَالَ: يَتَّبِعُونَهُ حَقَّ اتِّبَاعِهِ " الحديث: 383 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 395 384 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، " {يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ} [البقرة: 121] قَالَ: يَتَّبِعُونَهُ حَقَّ اتِّبَاعِهِ " الحديث: 384 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 396 385 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنَا عَتَّابُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: «يَعْمَلُونَ بِهِ حَقَّ عَمَلِهِ، أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ» الحديث: 385 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 396 386 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا أَسْبَاطُ بْنُ نَصْرٍ الْهَمْدَانِيُّ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: " {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ} [البقرة: 121] [ص: 397] قَالَ: يُحِلُّونَ حَلَالَهُ، وَيُحَرِّمُونَ حَرَامَهُ، وَلَا يُحَرِّفُونَهُ عَنْ مَوَاضِعَهُ " الحديث: 386 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 396 387 - حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ يَحْيَى بْنُ خَلَفٍ، ثنا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عِيسَى بْنِ مَيْمُونٍ، ثنا ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، " {يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ} [البقرة: 121] قَالَ: يَتَّبِعُونَهُ حَقَّ اتِّبَاعِهِ " الحديث: 387 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 397 388 - حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، " {يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ} [البقرة: 121] هَؤُلَاءِ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، آمَنُوا بِكِتَابِ اللَّهِ، وَصَدَّقُوا بِهِ، أَحِلُّوا حَلَالَهُ، وَحَرِّمُوا حَرَامَهُ، وَعَمِلُوا بِمَا فِيهِ " ذُكِرَ لَنَا أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ كَانَ يَقُولُ: وَاللَّهِ إِنَّ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أَنْ تُحِلَّ حَلَالَهُ، وَتُحَرِّمَ حَرَامَهُ، وَأَنْ تَقْرَأَ كَمَا [ص: 398] أَنْزَلَهُ اللَّهُ، وَلَا تُحَرِّفَ عَنْ مَوَاضِعَهُ الحديث: 388 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 397 389 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنَا وَكِيعٌ، عَنِ الْمُبَارَكِ، عَنِ الْحَسَنِ، " {يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ} [البقرة: 121] قَالَ: يَعْمَلُونَ بِمُحْكَمِهِ، وَيُؤْمِنُونَ بِمُتَشَابِهِهِ، وَيَكِلُونَ مَا أَشْكَلَ عَلَيْهِمْ إِلَى عَالِمِهِ " الحديث: 389 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 398 الْأَحَادِيثُ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَعْمَالَ دَاخِلَةٌ فِي الْإِيمَانِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 398 أَحَادِيثُ وَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ [ص: 399] قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: قَالُوا: فَإِنْ قِيلَ: فَهَلْ مَعَ مَا ذَكَرْتَ مِنْ سُنَّةٍ ثَابِتَةٍ تُبَيِّنُ مِنْ أَنَّ الْعَمَلَ دَاخِلٌ فِي الْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ؟ قِيلَ: نَعَمْ، عَامَّةُ السُّنَنِ وَالْآثَارِ تَنْطِقُ بِذَلِكَ مِنْهَا مَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 398 390 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذِ بْنِ مُعَاذٍ، ثنا أَبِي، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ، قَالَ: كُنْتُ قَاعِدًا مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ عَلَى سَرِيرِهِ فَقَالَ: " إِنَّ وَفْدَ عَبْدِ الْقَيْسِ أَتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَهُمْ بِأَرْبَعٍ، وَنَهَاهُمْ عَنْ أَرْبَعٍ، أَمَرَهُمْ بِالْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَحْدَهُ، ثُمَّ قَالَ: «هَلْ تَدْرُونَ مَا الْإِيمَانُ بِاللَّهِ وَحْدَهُ؟» قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامُ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ، وَصَوْمُ رَمَضَانَ، وَأَنْ تُعْطُوا مِنَ الْغَنَائِمِ الْخُمُسَ» الحديث: 390 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 399 391 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ، ثنا أَبِي، ثنا قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ، قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: إِنَّ جَدَّةً لِي تَنْبِذُ نَبِيذًا حُلْوًا فِي جَرَّةٍ، قَالَ: قَدِمَ وَفْدُ عَبْدِ الْقَيْسِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «مَرْحَبًا بِالْوَفْدِ، غَيْرِ الْخَزَايَا وَلَا النَّدَامَى» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ مُضَرَ، وَإِنَّا لَا نَصِلُ إِلَيْكَ إِلَّا فِي أَشْهُرِ الْحُرُمِ، فَحَدِّثْنَا بِمُجْمَلٍ مِنَ الْأَمْرِ، إِنْ عَمِلْنَا بِهَا دَخَلْنَا الْجَنَّةَ، وَنَدْعُو بِهَا مَنْ وَرَاءَنَا، قَالَ: «آمُرُكُمْ بِالْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَحْدَهُ» وَقَالَ: «هَلْ تَدْرُونَ مَا الْإِيمَانُ بِاللَّهِ وَحْدَهُ؟» قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا [ص: 401] اللَّهُ، وَإِقَامُ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ، وَأَنْ تُعْطُوا مِنَ الْغَنَائِمِ الْخُمُسَ، وَأَنْهَاكُمْ عَمَّا يُنْتَبَذُ فِي الْحَنْتَمِ وَالدُّبَّاءِ وَالنَّقِيرِ وَالْمُزَفَّتِ» قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: قَالُوا: فَهَذَا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ الَّذِي جَاءَ بِالْإِيمَانِ وَدَعَا إِلَيْهِ، سَأَلَهُ الْوَفْدُ عَنْ أَمْرٍ يُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ، وَيُنَجِّيهِمْ مِنَ النَّارِ، فَأَمَرَهُمْ بِالْإِيمَانِ بِاللَّهِ، ثُمَّ قَالَ لَهُمْ مَخَافَةَ أَنْ يَحْمِلُوا ذَلِكَ عَلَى غَيْرِ وَجْهِهِ: «أَتَدْرُونَ مَا الْإِيمَانُ بِاللَّهِ؟» ثُمَّ فَسَّرَهُ لَهُمْ، فَجَعَلَهُ تَوْحِيدَهُ، وَالْإِقْرَارَ بِرَسُولِهِ، وَإِقَامَ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ، وَإِيتَاءَ الْخُمُسِ مِنَ الْغَنَائِمِ، فَهَذَا مِمَّا يُبَيِّنُ لَكَ أَنَّ الْإِيمَانَ بِاللَّهِ إِنَّمَا هُوَ تَوْحِيدُهُ وَعِبَادَتُهُ الحديث: 391 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 400 392 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ حِسَابٍ، ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، ثنا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ رَجُلٍ، مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: «أَسْلِمْ تَسْلَمْ» قَالَ: وَمَا الْإِسْلَامُ؟ قَالَ: «أَنْ تُسْلِمَ قَلْبَكَ لِلَّهِ، وَيَسْلَمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِكَ وَيَدِكَ» قَالَ: فَأَيُّ الْإِسْلَامِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «الْإِيمَانُ» [ص: 402] قَالَ: وَمَا الْإِيمَانُ؟ قَالَ: «أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ، وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَبِالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ» قَالَ: فَأَيُّ الْإِيمَانِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «الْهِجْرَةُ» قَالَ: وَمَا الْهِجْرَةُ؟ قَالَ: «أَنْ تَهْجُرَ السُّوءَ» قَالَ: فَأَيُّ الْهِجْرَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «الْجِهَادُ» قَالَ: وَمَا الْجِهَادُ؟ قَالَ: " أَنْ تُجَاهِدَ، أَوْ قَالَ: تُقَاتِلَ، الْكُفَّارَ إِذَا لَقِيتَهُمْ، وَلَا تَغُلَّ، وَلَا تَجْبُنَ " ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِصْبَعَيْهِ: «ثُمَّ عَمَلَانِ هُمَا أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ، أَلَا مَنْ عَمِلَ بِمِثْلِهِمَا، قَالَهَا ثَلَاثًا، حَجَّةٌ مَبْرُورَةٌ، أَوْ عُمْرَةٌ» قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: أَوَلَسْتَ تَرَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: «أَسْلِمْ تَسْلَمْ» فَجَعَلَ دُعَاءَهُ إِلَى الْإِسْلَامِ كَلِمَةً وَاحِدَةً جَامِعَةً، أَيْ إِنَّكَ إِذَا أَسْلَمْتَ سَلِمْتَ مِنْ كُلِّ سُوءٍ، فَلَمَّا سَأَلَهُ: مَا الْإِسْلَامُ؟ قَالَ: «أَنْ تُسْلِمَ قَلْبَكَ لِلَّهِ، وَأَنْ يَسْلَمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِكَ وَيَدِكَ» فَزَادَهُ تَفْسِيرًا وَبَيَانًا، فَلَمَّا قَالَ لَهُ: أَيُّ الْإِسْلَامِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «الْإِيمَانُ» فَجَعَلَ الْإِيمَانَ مِنَ الْإِسْلَامِ، فَلَمَّا قَالَ لَهُ: وَمَا الْإِيمَانُ؟ قَالَ: «أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ، وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ» وَسَكَتَ لَهُ عَنْ ذِكْرِ الْعَمَلِ، فَكَأَنَّ الرَّجُلَ عَلِمَ أَنَّ الْعَمَلَ قَدْ دَخَلَ فِي ذَلِكَ فَقَالَ لَهُ: فَأَيُّ الْإِيمَانِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «الْهِجْرَةُ» [ص: 403] فَجَعَلَهَا كَلِمَةً وَاحِدَةً جَامِعَةً، فَلَمَّا قَالَ لَهُ: فَمَا الْهِجْرَةُ؟ قَالَ: «أَنْ تَهْجُرَ السُّوءَ» فَزَادَهُ تَفْسِيرًا وَبَيَانًا، فَلَمَّا قَالَ لَهُ: فَأَيُّ الْهِجْرَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» وَقَدْ قَالَ لَهُ قَبْلَ ذَلِكَ: «الْهِجْرَةُ أَنْ تَهْجُرَ السُّوءَ» أَيْ إِنَّكَ إِذَا هَجَرْتَ السُّوءَ رَغِبْتَ فِي الْخَيْرِ، وَمِنْ خَيْرِ مَا أَنْتَ رَاغِبٌ فِيهِ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، ثُمَّ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ مِنَ الْإِيمَانِ، وَقَدْ بَدَأَ قَبْلَ ذَلِكَ فَأَخْبَرَهُ أَنَّ الْإِيمَانَ إِنَّمَا هُوَ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ، وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، فَفِي ذَلِكَ بَيَانُ مَا قُلْنَا إِنَّ الْإِيمَانَ بِكِتَابِ اللَّهِ إِنَّمَا هُوَ اتِّبَاعُ مَا فِيهِ، فَقَدْ أَمَرَ فِيهِ بِالْهِجْرَةِ، وَالْحَجِّ، وَالْعُمْرَةِ، وَالْجِهَادِ، وَاجْتِنَابِ السُّوءِ الحديث: 392 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 401 393 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَسَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ أَبُو عُثْمَانَ، قَالَا: أَنَا جَرِيرٌ، عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «أَتَدْرُونَ أَيُّ عُرَى الْإِيمَانِ أَوْثَقُ؟» قَالُوا: الصَّلَاةُ، قَالَ: «إِنَّ الصَّلَاةَ لَحَسَنَةٌ وَمَا هِيَ بِهِ» قَالُوا: الزَّكَاةُ، قَالَ: «إِنَّ الزَّكَاةَ لَحَسَنَةٌ وَمَا هِيَ بِهِ» قَالُوا: الْحَجُّ، قَالَ: «إِنَّ الْحَجَّ لَحَسَنٌ وَمَا هُوَ بِهِ» قَالُوا: الْجِهَادُ، قَالَ: «إِنَّ الْجِهَادَ لَحَسَنٌ وَمَا هُوَ بِهِ» فَلَمَّا رَآهُمْ يَذْكُرُونَ شَرَائِعَ الْإِسْلَامِ وَلَا يُصِيبُونَ قَالَ لَهُمْ: «أَوْثَقُ عُرَى الْإِيمَانِ [ص: 404] الْحُبُّ فِي اللَّهِ، وَالْبُغْضُ فِي اللَّهِ» قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: قَالُوا: فَجَعَلَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةَ وَالزَّكَاةَ وَالصِّيَامَ وَالْحَجَّ وَالْجِهَادَ مِنَ الْإِيمَانِ، وَجَعَلَ أَوْثَقَ عُرَى الْإِيمَانِ الْحُبَّ فِي اللَّهِ، وَالْبُغْضَ فِي اللَّهِ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ أَمَرَ بِهِمَا، وَوَكَّدَهُمَا فِي كِتَابِهِ فَقَالَ فِي الْحُبِّ فِيهِ: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [التوبة: 71] وَقَالَ: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا} [المائدة: 55] وَقَالَ فِي الْبُغْضِ لِلَّهِ: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المجادلة: 22] وَقَالَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوِّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ} [الممتحنة: 1] ، وَقَالَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينُ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ} [الممتحنة: 13] ، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَاللَّهِ لَا تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا» الحديث: 393 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 403 394 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَنَا جَرِيرٌ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَفْضَلُ الْعَمَلِ الْحُبُّ فِي اللَّهِ وَالْبُغْضُ فِي اللَّهِ» الحديث: 394 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 405 395 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَزَّازُ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ، ثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي مَرْحُومٍ عَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ الْجُهَنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ أَعْطَى لِلَّهِ، وَمَنَعَ لِلَّهِ، وَأَنْكَحَ لِلَّهِ، وَأَحَبَّ لِلَّهِ، وَأَبْغَضَ لِلَّهِ، فَقَدِ اسْتَكْمَلَ إِيمَانَهُ» الحديث: 395 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 405 396 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، ثنا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: قَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ: " يَا مُجَاهِدُ، أَحِبَّ فِي اللَّهِ، وَأَبْغِضْ فِي اللَّهِ، وَوَالِ فِي اللَّهِ، وَعَادِ فِي اللَّهِ، فَإِنَّمَا تَنَالُ مَا عِنْدَ اللَّهِ بِذَلِكَ، وَلَنْ يَجِدَ عَبْدٌ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ وَإِنْ كَثَّرَ صَلَاتَهُ وَصِيَامَهُ حَتَّى يَكُونَ كَذَلِكَ، وَقَدْ صَارَتْ مُؤَاخَاةُ النَّاسِ الْيَوْمَ أَوْ عَامَّتِهِمْ فِي الدُّنْيَا، وَذَلِكَ لَا يُجْزِئُ عَنْ أَهْلِهِ شَيْئًا، ثُمَّ قَرَأَ {الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ} [الزخرف: 67] وَقَرَأَ {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المجادلة: 22] " الحديث: 396 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 406 397 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَنَا عَبْثَرٌ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ كَعْبٍ، قَالَ: «مَنْ أَحَبَّ فِي اللَّهِ، وَأَبْغَضَ فِي اللَّهِ، وَأَعْطَى فِي اللَّهِ، وَمَنَعَ فِي اللَّهِ، فَقَدِ اسْتَكْمَلَ الْإِيمَانَ» الحديث: 397 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 407 398 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، ثنا الْوَلِيدُ بْنُ أَبِي ثَوْرٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «مَنْ أَقَامَ الصَّلَاةَ، وَآتَى الزَّكَاةَ، وَسَمِعَ وَأَطَاعَ، فَقَدْ تَوَسَّطَ الْإِيمَانَ، وَمَنْ أَحَبَّ فِي اللَّهِ، وَأَبْغَضَ فِي اللَّهِ، وَأَعْطَى فِي اللَّهِ، وَمَنَعَ فِي اللَّهِ، فَقَدِ اسْتَكْمَلَ الْإِيمَانَ» الحديث: 398 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 407 399 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، ثنا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا، عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ، عَنْ زُبَيْدٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: «إِنَّ أَوْثَقَ عُرَى الْإِيمَانِ الْحُبُّ فِي اللَّهِ، وَالْبُغْضُ فِي اللَّهِ» الحديث: 399 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 407 400 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُوسَى الْأَنْصَارِيُّ، ثنا مَعْنٌ، ثنا مَالِكٌ، عَنْ عَمِّهِ أَبِي سُهَيْلِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَمِعَ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: " جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَهْلِ نَجْدَ، ثَائِرَ الرَّأْسِ، يُسْمَعُ دَوِيُّ صَوْتِهِ، وَلَا يُفْقَهُ مَا يَقُولُ، حَتَّى دَنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِذَا هُوَ يَسْأَلُ عَنِ الْإِسْلَامِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ» فَقَالَ: فَهَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُنَّ؟ قَالَ: «لَا، إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ» قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَصِيَامُ رَمَضَانَ» قَالَ: فَهَلْ عَلِيَّ غَيْرُهُ؟ قَالَ: «لَا، إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ» وَذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الزَّكَاةَ، فَقَالَ: هَلْ عَلِيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: «، لَا إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ» فَأَدْبَرَ الرَّجُلُ وَهُوَ يَقُولُ: لَا أَزِيدُ عَلَى هَذَا وَلَا أَنْقُصُ مِنْهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ» الحديث: 400 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 408 401 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، ثنا بَهْزُ بْنُ حَكِيمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ حَيْدَةَ الْقُشَيْرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي حَلَفْتُ أَنْ لَا آتِيَكَ وَلَا آتِيَ دِينَكَ وَقَدْ جِئْتُ أَمْرًا لَا أَعْقِلُ مِنْهُ شَيْئًا، إِلَّا مَا عَلَّمَنِي اللَّهُ مِنْهُ وَرَسُولُهُ، وَإِنِّي أَسْأَلُكَ بِوَجْهِ اللَّهِ: بِمَ بَعَثَكَ إِلَيْنَا رَبُّكَ؟ فَقَالَ: «بِالْإِسْلَامِ» فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا آيَاتُ الْإِسْلَامِ؟ قَالَ: " أَنْ تَقُولَ: أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَتَخَلَّيْتُ، وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ، وَكُلُّ مُسْلِمٍ عَنْ مُسْلِمٍ مُحَرَّمٌ، أَخَوَانِ نَصِيرَانِ، لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِمَّنْ أَشْرَكَ بَعْدَ إِسْلَامِهِ عَمَلًا، أَلَا إِنِّي مُمْسِكٌ بِحُجَزِكُمْ عَنِ النَّارِ، أَلَا وَإِنَّ رَبِّي دَاعِنِي، وَإِنَّهُ سَائِلِي: هَلْ بَلَّغْتَ عِبَادِي؟ وَإِنِّي قَائِلٌ: أَيْ رَبِّ قَدْ بَلَّغْتُهُمْ، فَلْيُبَلِّغْ شَاهِدُكُمْ غَائِبَكُمْ " قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا دِينُنَا؟ فَقَالَ: «هَذَا دِينُكُمْ، وَأَيْنَمَا تُحْسِنُ يَكْفِكَ» [ص: 410] 402 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، ثنا بَهْزُ بْنُ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَتَيْتُكَ حَتَّى حَلَفْتُ أَكْثَرَ مِنْ عَدَدِ أُولَاءِ، وَقَالَ بِكَفِّهِ عَلَى الْأُخْرَى، أَنْ لَا آتِيَكَ، وَلَا آتِيَ فِي دِينِكَ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ الحديث: 401 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 409 403 - حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْبِسْطَامِيُّ، ثنا أَبُو النُّعْمَانِ، ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، ثنا أَبُو قَزَعَةَ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أَتِيتُكَ حَتَّى حَلَفْتُ عَدَدَ أَصَابِعِي هَذِهِ الثَّلَاثِ، أَنْ لَا آتِيَكَ، فَبِالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا بَعَثَكَ بِهِ؟ فَقَالَ: «الْإِسْلَامُ» قَالَ: وَمَا الْإِسْلَامُ؟ قَالَ: «أَنْ تُسْلِمَ قَلْبَكَ لِلَّهِ، وَأَنْ تُوَجِّهَ وَجْهَكَ إِلَى اللَّهِ، وَأَنْ تُصَلِّيَ الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ، أَخَوَانِ نَصِيرَانِ، لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْ عَبْدٍ أَشْرَكَ بَعْدَ إِسْلَامِهِ» الحديث: 403 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 410 404 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا النُّفَيْلِيُّ، ثنا زُهَيْرٌ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ، حَدَّثَنِي الْحَجَّاجُ الْبَاهِلِيُّ، ثنا سُوَيْدُ بْنُ حُجَيْرٍ، وَهُوَ أَبُو قَزَعَةَ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: إِنِّي حَلَفْتُ [ص: 411] عَدَدَ أَصَابِعِي هَؤُلَاءِ وَأَوْمَأَ إِلَى أَصَابِعِهِ، وَهُنَّ عَشْرُ، أَلَّا أَتَّبِعَكَ، وَلَا أَتَّبِعَ مَا جِئْتَ بِهِ، فَأَنْشُدُكَ اللَّهَ مَا دِينُكَ الَّذِي بَعَثَكَ اللَّهُ بِهِ؟ قَالَ: «بَعَثَنِي اللَّهُ بِالْإِسْلَامِ» فَقُلْتُ: وَمَا الْإِسْلَامُ؟ قَالَ: " تَقُولُ: أَسْلَمْتُ نَفْسِي لِلَّهِ، وَخَلَّيْتُ وَجْهِي إِلَيْهِ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ، أَخَوَانِ نَصِيرَانِ، لَا يَقْبَلُ اللَّهُ فِي أَحَدٍ أَشْرَكَ بَعْدَ إِسْلَامِهِ " الحديث: 404 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 410 405 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، ثنا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، ثنا ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ لِلْإِسْلَامِ صُوًى وَمَنَارًا كَمَنَارِ الطَّرِيقِ، مِنْ ذَلِكَ أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا تُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا، وَأَنْ تُقِيمَ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ، وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَتَسْلِيمُكَ عَلَى بَنِي آدَمَ إِذَا لَقِيتَهُمْ، فَإِنْ رَدُّوا عَلَيْكَ رَدَّتْ عَلَيْكَ وَعَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ، وَإِنْ لَمْ يَرُدُّوا عَلَيْكَ رَدَّتْ عَلَيْكَ الْمَلَائِكَةُ، وَلَعَنَتْهُمْ أَوْ سَكَتَتْ عَنْهُمْ، وَتَسْلِيمُكَ عَلَى أَهْلِ بَيْتِكَ إِذَا دَخَلْتَ عَلَيْهِمْ، فَمَنِ انْتَقَصَ مِنْهُنَّ شَيْئًا [ص: 412] فَهُوَ سَهْمٌ مِنَ الْإِسْلَامِ تَرَكَهُ، وَمَنْ تَرَكَهُنَّ فَقَدْ نَبَذَ الْإِسْلَامَ وَرَاءَ ظَهْرِهِ» الحديث: 405 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 411 406 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى الْقَطَّانُ، أَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى الْعَبْسِيُّ، ثنا أَبُو حَمْزَةَ الثُّمَالِيُّ، عَنْ أَبِي الْيَقْظَانِ [ص: 413] عُثْمَانَ بْنِ عُمَيْرٍ الْبَجَلِيِّ، عَنْ زَاذَانَ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَوَاحِلِنَا وَهِيَ آكِلَةٌ النَّوَى مِنَ الْمَدِينَةِ، فَرُفِعَ لَهُ شَخْصٌ، فَقَالَ: «هَذَا رَجُلٌ لَا عَهْدَ لَهُ بِأُنَيْسً مُنْذُ كَذَا وَكَذَا، وَإِيَّايَ يُرِيدُ» فَأَسْرَعَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَسْرَعْنَا حَتَّى اسْتَقْبَلَهُ، فَإِذَا فَتًى شَابٌّ قَدِ انْسَلَقَتْ شَفَتَاهُ مِنْ أَكْلِ لُحَيِّ الشَّجَرِ، فَسَأَلَهُ: «مِنْ أَيْنَ أَقْبَلْتَ؟» فَحَدَّثَهُ قَالَ: وَأَنَا أُرِيدُ يَثْرِبَ وَأُرِيدُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُبَايعَهُ، قَالَ: «فَأَنَا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ» قَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، صِفْ لِي الْإِسْلَامَ، قَالَ: «تَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَتُقِرُّ بِمَا جَاءَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَتَصُومُ رَمَضَانَ، وَتَحُجُّ الْبَيْتَ» قَالَ: أَقْرَرْتُ، ثُمَّ انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ جَرِيرٌ: وَازْدَحَمْنَا عَلَيْهِ حِينَ أَنْشَأَ يَصِفُ الْإِسْلَامَ نَنْظُرُ إِلَى أَيِّ شَيْءٍ يَنْتَهِي صِفَتُهُ، وَكُنَّا نَهَابُهُ أَنْ نَسْأَلَهُ، وَجَعَلْنَا إِذَا زَحَمْنَا بَكْرَهُ رَغَا، وَنَحَرَ عَلَى أُكْلِهِ نَوًا ثُمَّ انْصَرَفَ فَانْصَرَفْنَا مَعَهُ، وَتَقَعُ يَدُ بَكْرِهِ فِي أَخَافِيقِ الْجِرْذَانِ، فَانْثَنَتْ عُنُقُهُ فَمَاتَ، فَقَالُوا: قَدْ مَاتَ، فَالْتَفَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «عَلِيَّ الرَّجُلَ» فَانْحَطَّ عَمَّارٌ وَحُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ فَوَجَدَاهُ قَدِ انْثَنَتْ عُنُقُهُ فَمَاتَ، قَالُوا: قَدْ مَاتَ، فَأَتَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَظَرَ إِلَيْهِ، ثُمَّ أَعْرَضَ بِوَجْهِهِ عَنْهُ وَقَالَ: «احْمِلُوهُ إِلَى الْمَاءِ» فَأَمَرَنَا فَغَسَّلْنَاهُ وَكَفَّنَّاهُ وَحَنَّطْنَاهُ، ثُمَّ قَالَ: «احْفِرُوا لَهُ [ص: 414] ، وَأَلْحِدُوا لَهُ، وَلَا تَشُقُّوا، فَإِنَّ اللَّحْدَ لَنَا، وَالشَّقُّ لِأَهْلِ الْكِتَابِ» وَجَلَسَ عَلَى قَبْرِهِ لَا يُحَدِّثُنَا بِشَيْءٍ، ثُمَّ قَالَ: " أَلَا أُحَدِّثُكُمْ حَدِيثَ هَذَا الرَّجُلِ؟ هَذَا مِمَّنْ عَمِلَ قَلِيلًا وَأُجِرَ كَثِيرًا، هَذَا مِمَّنْ قَالَ اللَّهُ: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الأنعام: 82] إِنِّي أَعْرَضْتُ عَنْهُ آنِفًا وَمَلَكَانِ يَدُسَّانِ فِي شِدْقِهِ مِنْ ثِمَارِ الْجَنَّةِ «يُعَرِّفُنَا أَنَّ الرَّجُلَ كَانَ جَائِعًا» الحديث: 406 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 412 407 - حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُسْنَدِيُّ، ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَتُنْقَضَنَّ عُرَى الْإِسْلَامِ عُرْوَةً عُرْوَةً، كُلَّمَا انْتَقَضَتْ عُرْوَةٌ تَشَبَّثَ النَّاسُ بِالَّتِي تَلِيهَا، فَأَوَّلُهُنَّ نَقْضًا الْحُكْمُ، وَآخِرُهُنَّ الصَّلَاةُ» الحديث: 407 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 415 408 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ، وَالْمُلَائِيُّ، قَالَا: ثنا الْمَسْعُودِيُّ، عَنِ الْقَاسِمِ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى أَبِي ذَرٍّ فَسَأَلَهُ عَنِ الْإِيمَانِ، فَقَرَأَ {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [البقرة: 177] إِلَى قَوْلِهِ {أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} [البقرة: 177] قَالَ الرَّجُلُ: لَيْسَ عَنِ الْبِرِّ سَأَلْتُكَ، فَقَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ عَنِ الَّذِي سَأَلْتَنِي عَنْهُ، فَقَرَأَ عَلَيْهِ الَّذِي قَرَأْتُ عَلَيْكَ، فَقَالَ لَهُ الَّذِي قُلْتَ لِي، فَلَمَّا أَبَى أَنْ يَرْضَى قَالَ لَهُ: «إِنَّ الْمُؤْمِنَ الَّذِي إِذَا عَمِلَ الْحَسَنَةَ سَرَّتْهُ، وَرَجَا ثَوَابَهَا، وَإِذَا عَمِلَ السَّيِّئَةَ سَاءَتْهُ وَخَافَ [ص: 417] عِقَابَهَا» الحديث: 408 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 416 409 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، ثنا مَعْمَرٌ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ، عَنْ مُجَاهِدٍ، أَنَّ أَبَا ذَرٍّ، سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْإِيمَانِ فَقَرَأَ " {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ} [البقرة: 177] تَلَا إِلَى آخِرِ الْآيَةِ " الحديث: 409 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 417 410 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنَا سُفْيَانُ بْنُ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الرَّحَبِيِّ حُسَيْنِ بْنِ قَيْسٍ - قَالَ إِسْحَاقُ: وَكَانَ التَّيْمِيُّ يُسَمِّيهِ: حَنَشٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: سُئِلَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ مَقْبَلَهُ مِنَ الشَّامِ عَنِ الْإِيمَانِ، فَقَرَأَ " {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ} [البقرة: 177] " الحديث: 410 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 417 وَصْفُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْإِيمَانَ بِمَا وَصَفَ بِهِ الْإِسْلَامَ، وَالْإِسْلَامَ بِمَا وَصَفَ بِهِ الْإِيمَانَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: قَالُوا: فَقَدْ وَصَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْإِسْلَامَ بِمَا وَصَفَ بِهِ الْإِيمَانَ، وَوَصَفَ الْإِيمَانَ بِمَا وَصَفَ بِهِ الْإِسْلَامَ، مِنَ الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ جَمِيعًا، أَلَا تَرَاهُ وَصَفَهُ بِالْإِقْرَارِ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ، وَحَجِّ الْبَيْتِ، وَالْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ، وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ، وَأَخْبَرَ أَنَّ الْإِسْلَامَ بُنِيَ مِنْ ذَلِكَ وَغَيْرِهِ عَلَى خَمْسٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 418 أَحَادِيثُ بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 418 411 - حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، ثنا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، ثنا عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِيَ يُحَدِّثُ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ، وَحَجِّ الْبَيْتِ " الحديث: 411 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 418 412 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ عَطِيَّةَ، مَوْلًى لِبَنِي عَامِرٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ بِشْرٍ السَّكْسَكِيِّ، قَالَ: بَعَثَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِلَى الْكَعْبَةِ بِكِسْوَةٍ [ص: 419] ، فَلَمَّا قَدِمَتِ الْمَدِينَةَ دَخَلَتْ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: " إِنَّ الْإِيمَانَ بُنِيَ عَلَى خَمْسٍ: تَعْبُدُ اللَّهَ، وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَتَحُجُّ الْبَيْتَ، وَتَصُومُ رَمَضَانَ «كَذَلِكَ حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» الحديث: 412 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 418 413 - حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى إِسْحَاقُ بْنُ مُوسَى الْأَنْصَارِيُّ، ثنا ابْنُ فُضَيْلٍ، ثنا أَبُو مَالِكٍ الْأَشْجَعِيُّ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِثْلَ حَدِيثِ الْعَلَاءِ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: «بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسِ دَعَائِمَ» وَقَالَ: كَذَلِكَ سَمِعْنَاهُ مِنْ فِي رَسُولِ اللَّهِ " الحديث: 413 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 419 414 - حَدَّثَنِي أَبُو عَلِيٍّ الْبِسْطَامِيُّ الْحُسَيْنُ بْنُ عِيسَى، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ، ثنا حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ، أَنَّ رَجُلًا، قَالَ لِابْنِ عُمَرَ: أَلَا نَغْزُو؟ قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَحَجِّ الْبَيْتِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ " الحديث: 414 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 420 415 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ رَاشِدٍ الْأَدَمِيُّ، ثنا حَجَّاجُ بْنُ نُصَيْرٍ، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ الْعُمَرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، قَالَ: " بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا، إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَحَجِّ الْبَيْتِ، وَصَوْمِ [ص: 421] رَمَضَانَ " 416 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ رَاشِدٍ، ثنا حَجَّاجُ بْنُ نُصَيْرٍ، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي وَحْشِيَّةَ، عَنِ الْحَوَارِيِّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، مِثْلَ ذَلِكَ الحديث: 415 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 420 417 - حَدَّثَنِي فُضَيْلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَرْوَزِيُّ، ثنا الْحُمَيْدِيُّ، ثنا سُفْيَانُ، ثنا سُعَيْرُ بْنُ الْخُمُسِ التَّمِيمِيُّ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ، وَحَجِّ الْبَيْتِ " قَالَ الْحُمَيْدِيُّ: وَثَنًا سُفْيَانُ مَرَّةً وَاحِدَةً، عَنْ سُعَيْرٍ وَمِسْعَرٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، ثُمَّ لَمْ أَسْمَعْ سُفْيَانَ يَذْكُرُ مِسْعَرًا بَعْدَ ذَلِكَ الحديث: 417 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 421 418 - حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَمَّارٍ الرَّازِيُّ، ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، قَالَ: أَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ عَطِيَّةَ الْعَامِرِيِّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ بَشِيرٍ الْجُرَشِيِّ، قَالَ: بَعَثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ بِكِسْوَةِ الْكَعْبَةِ، فَأَتَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ فَكُنْتُ عِنْدَهُ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، آثَرْتَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ عَلَى الْجِهَادِ؟ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَقَالَ: وَيْلَكَ، " إِنَّ الْإِيمَانَ بُنِيَ عَلَى خَمْسٍ: أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ لَا تُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ، وَتَحُجَّ الْبَيْتَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ "، فَقَالَ الرَّجُلُ: تَصُومُ رَمَضَانَ، وَتَحُجُّ الْبَيْتَ؟ فَقَالَ: لَا، بَلْ تَحُجُّ الْبَيْتَ، وَتَصُومُ رَمَضَانَ، هَكَذَا حَدَّثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " الحديث: 418 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 422 419 - حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ مَسْعُودٍ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَحَجِّ الْبَيْتِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ " الحديث: 419 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 422 420 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَزَّازُ، ثنا مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا دَاوُدُ بْنُ يَزِيدَ الْأَوْدِيُّ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَحَجِّ الْبَيْتِ، وَصِيَامِ رَمَضَانَ " 421 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، ثنا دَاوُدُ يَعْنِي ابْنَ يَزِيدَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَرِيرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِمِثْلِهِ الحديث: 420 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 423 422 - حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعِ بْنِ الْجَرَّاحِ، ثنا أَبِي، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ جَرِيرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَحَجِّ الْبَيْتِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ " الحديث: 422 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 423 شُعَبُ الْإِيمَانِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: فَقَدْ دَلَّ ذَلِكَ مَنْ عَقَلَ عَلَى أَنَّ الْإِسْلَامَ كَثِيرٌ، لِأَنَّ الْبُنْيَانَ أَكْثَرُ مِنَ الْأَصْلِ، إِنَّمَا هُوَ بَيَاضٌ، وَالْبُنْيَانُ يَكُونُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 423 الْحِيطَانَ وَالْبُيُوتَ وَالْعَلَالِيَ وَالْغُرُفَ وَالْأَبْوَابَ وَالْجُذُوعَ وَالصَّفَائِحَ، وَغَيْرَ ذَلِكَ، وَقَدْ حُفِظَ فِي بَعْضِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ مِنْ شَرَائِعِ الْإِسْلَامِ مَا لَمْ يُحْفَظْ فِي بَعْضٍ، فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الَّذِينَ قَصَّرُوا عَنْ حِفْظِهَا كُلِّهَا تَعَلَّمُوا الْإِسْلَامَ قَبْلَ أَنْ يُفْرَضَ مِنْ شَرَائِعِهِ مَا حَفِظَ غَيْرُهُمْ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونُوا حَفِظُوهُ فَبَدَأُوا أَسَاسَهُ وَعُمُدَهُ وَمَعَالِمَهُ وَسَكَتُوا عَمَّا يَتْبَعُ ذَلِكَ، غَيْرَ أَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ شَرَائِعِ الْإِسْلَامِ الَّتِي حَفِظَهَا غَيْرُهُمْ مِنَ الْإِسْلَامِ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ: لَيْسَ الْإِسْلَامُ إِلَّا مَا فِي حَدِيثِ فُلَانٍ دُونَ غَيْرِهِ مِنَ الْأَحَادِيثِ، حَتَّى تُقِرَّ بِهَا كُلِّهَا، وَكَذَلِكَ الْإِيمَانُ لَمْ يَأْتِ مُفَسَّرًا بِكَمَالِهِ فِي آيَةٍ وَلَا آيَتَيْنِ، وَلَا حَدِيثٍ وَلَا حَدِيثَيْنِ، وَكَذَلِكَ الصَّلَاةُ وَالزَّكَاةُ وَالْحَجُّ وَالصَّوْمُ، لَمْ يَأْتِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ بِكَمَالِهِ فِي آيَةٍ وَلَا آيَتَيْنِ، وَلَا حَدِيثٍ وَلَا حَدِيثَيْنِ، أَلَا تَرَى إِلَى مَا يَكْتُبُ النَّاسُ مِنَ الْأَحَادِيثِ فِي سُنَنٍ كَشَرِيعَةٍ مِنْهَا وَوُجُوهِهَا، فَكَذَلِكَ الْأَحَادِيثُ الَّتِي تُرْوَى فِي الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ، كُلُّهَا مِنَ الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ، لَا يَجُوزُ جُحُودُ شَيْءٍ مِنْهَا، وَلَا دَفْعُهُ، لِأَنَّ الَّذِي يَجْحَدُ مِنْهَا وَيَدْفَعُهُ إِنَّمَا هُوَ عَنِ الَّذِي يَقْبَلُ مِنْهُ وَيَأْتَمِنُهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الَّذِي فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكَ طَاعَتَهُ، وَأَمَرَكَ بِاتِّبَاعِهِ، فَالْإِسْلَامُ مِنَ الْإِيمَانِ، وَالْإِيمَانُ مِنَ الْإِسْلَامِ، وَيُسَمَّى الْإِسْلَامُ إِيمَانًا، وَالْإِيمَانُ إِسْلَامًا، وَدِينًا وَمِلَّةً، وَبِرًّا وَتَقْوًى، وَإِحْسَانًا وَطَاعَةً، كُلُّ هَذِهِ الْأَسَامِي لَازِمٌ لَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 424 طُرُقُ حَدِيثِ شُعَبِ الْإِيمَانِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 425 423 - حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، ثنا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسِتُّونَ، أَوْ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ، بَابًا، فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الْإِيمَانِ " الحديث: 423 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 425 424 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنَا جَرِيرٌ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسِتُّونَ، أَوْ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً، فَأَرْفَعُهَا قَوْلُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الْإِيمَانِ " [ص: 426] 425 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، مِثْلَهُ، وَقَالَ: سِتُّونَ أَوْ سَبْعُونَ أَوْ بِضْعُ أَحَدِ الْعَدَدَيْنِ 426 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا الْحَدِيثِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: هُوَ عِنْدِي غَلَطٌ، الْحَدِيثُ حَدِيثُ أَبِي خَالِدٍ الحديث: 424 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 425 427 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنَا وَكِيعٌ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الْإِيمَانُ بِضْعٌ [ص: 427] وَسَبْعُونَ شُعْبَةً، فَأَرْفَعُهَا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ " الحديث: 427 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 426 428 - حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْبِسْطَامِيُّ، ثنا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، ثنا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسِتُّونَ، أَوْ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ، أَفْضَلُهَا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الْإِيمَانِ " الحديث: 428 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 429 429 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُسْنَدِيُّ، ثنا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الْإِيمَانُ تِسْعَةٌ، أَوْ سَبْعَةٌ، وَسَبْعُونَ شُعْبَةً، أَعْظَمُ ذَلِكَ قَوْلُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَدْنَى ذَلِكَ كَفُّ الْأَذَى عَنْ طَرِيقِ النَّاسِ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الْإِيمَانِ " الحديث: 429 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 429 430 - حَدَّثَنِي أَبُو عَلِيٍّ الْبِسْطَامِيُّ، ثنا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ [ص: 430] أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا الْحَدِيثِ: «مَا ابْتُلِيَ أَحَدٌ بِهَذَا الدِّينِ فَقَامَ بِهِ كُلِّهِ إِلَّا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ» الحديث: 430 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 429 431 - حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، ثنا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، ح وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، أَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " مَا ابْتُلِيَ أَحَدٌ بِهَذَا الدِّينِ فَقَامَ بِهِ كُلِّهِ غَيْرُ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ابْتُلِيَ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ، فَكَتَبَ اللَّهُ لَهُ الْبَرَاءَةَ، فَقَالَ: {وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى} [النجم: 37] ، فَذَكَرَ عَشْرَ آيَاتٍ فِي بَرَاءَةَ {التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ} [التوبة: 112] وَعَشْرَ آيَاتٍ فِي الْأَحْزَابِ {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ} [الأحزاب: 35] الْآيَةَ، وَعَشْرًا فِي الْمُؤْمِنِينَ إِلَى قَوْلِهِ {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} [المؤمنون: 9] وَعَشْرًا فِي سَأَلَ سَائِلٌ " الحديث: 431 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 430 فَضَائِلُ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 430 432 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَنَا حَمَّادٌ الْأَبَحُّ أَبُو بَكْرٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيِّ، عَنْ جُرَيٍّ النَّهْدِيِّ، عَنْ رَجُلٍ، مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ قَالَ: عَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كَفِّهِ خَمْسًا: «سُبْحَانَ اللَّهِ نِصْفُ الْمِيزَانِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَأُ الْمِيزَانَ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ تَمْلَأُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، وَالْوضُوءُ نِصْفُ الْإِيمَانِ، وَالصَّوْمُ نِصْفُ الصَّبْرِ» [ص: 431] 433 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، ثنا أَبِي، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ جُرَيٍّ النَّهْدِيِّ، عَنْ رَجُلٍ، مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَقَدَ فِي يَدِهِ، فَذَكَرَ بِمِثْلِهِ الحديث: 432 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 430 434 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، ثنا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ جُرَيًّا النَّهْدِيَّ، قَالَ: يَا أَبَا إِسْحَاقَ، لَقِيتُ شَيْخًا مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ بِالْكُنَاسَةِ فَحَدَّثَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَدَّ خَمْسًا فِي يَدِهِ فَقَالَ: «الطُّهُورُ نِصْفُ الْإِيمَانِ» الحديث: 434 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 432 الطُّهُورُ شَطْرُ الْإِيمَانِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 433 435 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، ثنا حَبَّانُ بْنُ هِلَالٍ، ثنا أَبَانُ، ثنا يَحْيَى، أَنَّ زَيْدًا، حَدَّثَهُ، أَنَّ أَبَا سَلَّامٍ حَدَّثَهُ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الطُّهُورُ شَطْرُ الْإِيمَانِ» الحديث: 435 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 433 436 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْأَزْدِيُّ، ثنا أَبَانُ، ثنا يَحْيَى، عَنْ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي سَلَّامٍ يَعْنِي جَدَّهُ، مَمْطُورًا الْحَبَشِيَّ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ، أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الطُّهُورُ شَطْرُ الْإِيمَانِ» الحديث: 436 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 434 إِسْبَاغُ الْوضُوءِ شَطْرُ الْإِيمَانِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 434 437 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَّامٍ، عَنْ أَخِيهِ زَيْدِ بْنِ سَلَّامٍ، عَنْ جَدِّهِ أَبِي سَلَّامٍ الْحَبَشِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ، أَنَّ أَبَا مَالِكٍ حَدَّثَهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِسْبَاغُ الْوضُوءِ شَطْرُ الْإِيمَانِ» الحديث: 437 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 434 الْوضُوءُ نِصْفُ الْإِيمَانِ 438 - قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: قَالَ إِسْحَاقُ: قَالَ يَحْيَى بْنُ آدَمَ: وَذُكِرَ لِأَبِي حَنِيفَةَ هَذَا الْحَدِيثُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْوضُوءُ نِصْفُ الْإِيمَانِ» قَالَ: فَلْيَتَوَضَّأْ مَرَّتَيْنِ حَتَّى يَسْتَكْمِلَ الْإِيمَانَ. 439 - قَالَ إِسْحَاقُ: وَقَالَ يَحْيَى بْنُ آدَمَ: الْوضُوءُ نِصْفُ الْإِيمَانِ يَعْنِي نِصْفَ الصَّلَاةِ، لِأَنَّ اللَّهَ سَمَّى الصَّلَاةَ إِيمَانًا، فَقَالَ: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [البقرة: 143] يَعْنِي صَلَاتَكُمْ. 440 - وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تُقْبَلُ صَلَاةٌ إِلَّا بِطَهُورٍ، فَالطُّهُورُ نِصْفُ الْإِيمَانِ» عَلَى هَذَا الْمَعْنَى إِذْ كَانَتِ الصَّلَاةُ لَا تَتِمُّ إِلَّا بِهِ الحديث: 438 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 435 حِكَايَةُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي: لَا أَدْرِي، نِصْفُ الْعِلْمِ 441 - قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: قَالَ إِسْحَاقُ: قَالَ يَحْيَى بْنُ آدَمَ: ذُكِرَ لِأَبِي حَنِيفَةَ قَوْلُ مَنْ قَالَ: لَا أَدْرِي، نِصْفُ الْعِلْمِ، قَالَ: فَلْيَقُلْ مَرَّتَيْنِ: لَا أَدْرِي، حَتَّى يَسْتَكْمِلَ الْعِلْمَ. 442 - قَالَ يَحْيَى: وَتَفْسِيرُ قَوْلِهِ: لَا أَدْرِي، نِصْفُ الْعِلْمِ، أَنَّ الْعِلْمَ إِنَّمَا هُوَ: أَدْرِي، وَلَا أَدْرِي، فَأَحَدُهُمَا نِصْفُ الْآخَرِ الحديث: 441 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 435 سِتٌّ مَنْ كُنَّ فِيهِ بَلَغَ حَقِيقَةَ الْإِيمَانِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 436 حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ، ثنا مَنْصُورُ بْنُ بَشِيرٍ، ثنا أَبُو مَعْشَرٍ الْمَدَنِيُّ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ أَبِي زَيْنَبَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ شَبَّةَ، قَالَ: دَخَلُوا عَلَى أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فَقَالُوا: حَدِّثْنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا لَيْسَ فِيهِ اخْتِلَافٌ، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " سِتٌّ مَنْ كُنَّ فِيهِ بَلَغَ حَقِيقَةَ الْإِيمَانِ: ضَرْبُ أَعْدَاءِ اللَّهِ بِالسَّيْفِ، وَابْتِدَارُ الصَّلَاةِ فِي الْيَوْمِ الدَّجْنِ، وَإِسْبَاغُ الْوضُوءِ عِنْدَ الْمَكَارِهِ، وَصِيَامٌ فِي الْحَرِّ، وَصَبْرٌ عِنْدَ الْمَصَائِبِ، وَتَرْكُ الْمِرَاءِ وَأَنْتَ صَادِقٌ " الجزء: 1 ¦ الصفحة: 436 الْحَيَاءُ مِنَ الْإِيمَانِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 436 444 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِرَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ وَهُوَ يَعِظُ أَخَاهُ فِي الْحَيَاءِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «دَعْهُ فَإِنَّ الْحَيَاءَ مِنَ الْإِيمَانِ» الحديث: 444 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 436 445 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ يَعِظُ أَخَاهُ فِي الْحَيَاءِ فَقَالَ: «دَعْهُ فَإِنَّ الْحَيَاءَ مِنَ الْإِيمَانِ» الحديث: 445 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 437 فَضْلُ الْحَيَاءِ وَالْعِيِّ، وَضَرَرُ الْبَذَاءِ وَالْبَيَانِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 437 446 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ، عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْحَيَاءُ وَالْعِيُّ شُعْبَتَانِ مِنَ الْإِيمَانِ، وَالْبَذَاءُ وَالْبَيَانُ شُعْبَتَانِ مِنَ النِّفَاقِ» الحديث: 446 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 437 447 - حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، ثنا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْحَيَاءُ مِنَ الْإِيمَانِ، وَالْإِيمَانُ فِي الْجَنَّةِ، وَالْبَذَاءُ [ص: 438] مِنَ الْجَفَاءِ، وَالْجَفَاءُ فِي النَّارِ» الحديث: 447 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 437 448 - حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ النَّرْسِيُّ، ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، ثنا أَبُو سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْحَيَاءُ مِنَ الْإِيمَانِ، وَالْإِيمَانُ فِي الْجَنَّةِ، وَالْبَذَاءُ مِنَ الْجَفَاءِ، وَالْجَفَاءُ فِي النَّارِ» الحديث: 448 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 438 449 - حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، أَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْحَيَاءُ مِنَ الْإِيمَانِ، وَالْإِيمَانُ فِي الْجَنَّةِ، وَالْبَذَاءُ مِنَ الْجَفَاءِ، وَالْجَفَاءُ فِي النَّارِ» الحديث: 449 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 438 تَفْسِيرُ: الْحَيَاءُ مِنَ اللَّهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 439 450 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، ثنا أَبَانُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ الصَّبَّاحِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ ذَاتَ يَوْمٍ لِأَصْحَابِهِ: «اسْتَحْيُوا مِنَ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا لَنَسْتَحْيِي وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، قَالَ: «لَيْسَ ذَاكَ، وَلَكِنْ مَنِ اسْتَحْيَى مِنَ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ فَلْيَحْفَظِ الرَّأْسَ وَمَا وَعَى، وَالْبَطْنَ وَمَا حَوَى، وَلْيَذْكُرِ الْمَوْتَ وَالْبِلَى، وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ تَرَكَ زِينَةَ الدُّنْيَا، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدِ اسْتَحْيَى مِنَ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ» قَالَ يَعْلَى: كَانَ أَبَانُ بْنُ إِسْحَاقَ فِي بَنِي أَسَدٍ، وَمَا رَأَيْنَا أَحَدًا ذَكَرَ إِلَّا خَيْرًا الحديث: 450 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 439 الْمُبَايَعَةُ عَلَى الْجِهَادِ وَالصَّدَقَةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 440 451 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَسْعُودٍ، ثنا زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ، ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، قَالَ: ثنا جَبَلَةُ بْنُ سُحَيْمٍ، عَنْ أَبِي الْمُثَنَّى الْعَبْدِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ السَّدُوسِيَّ يَعْنِي ابْنَ الْخَصَاصِيَةِ، قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُبَايعَهُ، فَاشْتَرَطَ عَلِيَّ شَهَادَةَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنْ أُصَلِّيَ الْخَمْسَ، وَأَصُومَ رَمَضَانَ، وَأَحُجَّ الْبَيْتَ، وَأُوَدِّيَ الزَّكَاةَ، وَأُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، قَالَ: فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَمَّا اثْنَتَانِ فَمَا أُطِيقُهُمَا: الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَإِنَّهُمْ زَعَمُوا أَنَّهُ مَنْ وَلَّى الدُّبُرَ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ، وَأَخْشَى إِنْ حَضَرْتُ ذَلِكَ خَشَعَتْ نَفْسِي، وَكَرِهْتُ الْمَوْتَ، وَالصَّدَقَةُ، فَمَا لِي إِلَّا غُنَيْمَةٌ وَعَشْرُ ذَوْدٍ هُنَّ رُسُلُ أَهْلِي وَحُمُولَتُهُنَّ، قَالَ: فَقَبَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ فَقَالَ: «لَا جِهَادَ وَلَا صَدَقَةَ، فَبِمَ تَدْخُلُ الْجَنَّةَ؟» قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَا أُبَايعُكُ، فَبَايَعْتُهُ عَلَيْهِنَّ كُلِّهِنَّ " الحديث: 451 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 440 452 - حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ النَّرْسِيُّ، ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، ثنا مُحَمَّدٌ، قَالَ: ثنا أَبُو سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا، وَخِيَارُكُمْ خِيَارُكُمْ لِنِسَائِهِمْ» الحديث: 452 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 441 453 - حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْبِسْطَامِيُّ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ، عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا» الحديث: 453 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 441 454 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ بْنِ صَالِحٍ السَّهْمِيُّ، ثنا أَبِي، ثنا ابْنُ لَهِيعَةَ، حَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ سِيلَانَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحَاسِنُهُمْ أَخْلَاقًا، وَإِنَّ الْمَرْءَ لِيَكُونُ مُؤْمِنًا وَإِنَّ فِي خُلُقِهِ شَيْئًا فَيُنْقِصُ ذَلِكَ مِنْ إِيمَانِهِ» الحديث: 454 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 442 455 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُسْنَدِيُّ، قَالَا: ثنا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ الْوَهْبِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «أَكْمَلُكُمْ إِيمَانًا أَحْسَنُكُمْ خُلُقًا» الحديث: 455 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 442 456 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورِ بْنِ سَيَّارٍ الرَّمَادِيُّ، ثنا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا أَبُو أُوَيْسٍ، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَكْمَلِكُمْ إِيمَانًا أَحَاسِنُكُمْ أَخْلَاقًا، الْمُوَطَّئُونَ أَكْنَافًا، الَّذِينَ يَأْلَفُونَ وَيُؤْلَفُونَ» الحديث: 456 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 443 457 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَفْصِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ الْحَجَّاجِ الْبَاهِلِيِّ الْبَصْرِيِّ، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ حُجَيْرٍ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ زِيَادٍ، قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ: أَيُّ الْمُؤْمِنِينَ أَفْضَلُ إِيمَانًا؟ قَالَ: «أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا» قَالَ: أَنْتَ قُلْتَهُ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، أَمْ رَسُولُ اللَّهِ قَالَهُ؟ قَالَ: بَلْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَهُ " الحديث: 457 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 444 لَا يَجْتَمِعُ الْبُخْلُ وَسُوءُ الْخُلُقِ فِي مُؤْمِنٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 445 458 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَزَّازُ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، عَنْ صَدَقَةَ بْنِ مُوسَى، ثنا مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ غَالِبٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " خَصْلَتَانِ لَا تَجْتَمِعَانِ فِي مُؤْمِنٍ: الْبُخْلُ وَسُوءُ خُلُقٍ " الحديث: 458 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 445 459 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ صَفْوَانَ، عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ اللَّجْلَاجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَجْتَمِعُ الشُّحُّ وَالْإِيمَانُ فِي قَلْبِ عَبْدٍ أَبَدًا» الحديث: 459 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 445 460 - حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، أَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ أَبِي يَزِيدَ، عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ اللَّجْلَاجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَجْتَمِعُ غُبَارٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَدُخَانُ جَهَنَّمَ فِي جَوْفِ عَبْدٍ أَبَدًا، وَلَا يَجْتَمِعُ الشُّحُّ وَالْإِيمَانُ فِي قَلْبِ عَبْدٍ أَبَدًا» الحديث: 460 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 447 461 - حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، ثنا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يُحَدِّثُ، أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ» الحديث: 461 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 447 إِفْشَاءُ السَّلَامِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 448 462 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَا تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَوَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى أَمْرٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ؟» قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ» 463 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنَا عُمَرُ بْنُ عُبَيْدٍ، وَأَبُو مُعَاوِيَةَ، وَوَكِيعٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِمِثْلِهِ [ص: 449] 464 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، أَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، أَنَا عَاصِمُ بْنُ أَبِي النَّجُودِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِمِثْلِهِ الحديث: 462 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 448 465 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ حَرْبِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَعِيشُ بْنُ الْوَلِيدِ، أَنَّ مَوْلًى لِآلِ الزُّبَيْرِ حَدَّثَهُ، أَنَّ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ حَدَّثَهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " دَبَّ إِلَيْكُمْ دَاءُ الْأُمَمِ قَبْلَكُمُ: الْحَسَدُ وَالْبَغْضَاءُ، وَالْبَغْضَاءُ هِيَ الْحَالِقَةُ، لَا أَقُولُ: تَحْلِقُ الشَّعْرَ، وَلَكِنْ تَحْلِقُ الدِّينَ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَا تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَفَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يُثَبِّتُ ذَلِكَ؟ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ " [ص: 450] 466 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، ثنا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَعِيشُ بْنُ الْوَلِيدِ، أَنَّ مَوْلًى لِآلِ الزُّبَيْرِ حَدَّثَهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَهُ بِمِثْلِهِ الحديث: 465 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 449 حَلَاوَةُ الْإِيمَانِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 451 467 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذِ بْنِ مُعَاذٍ، ثنا أَبِي، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بَلْجٍ، سَمِعَ عَمْرَو بْنَ مَيْمُونٍ، سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَجِدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ فَلْيُحِبَّ الْعَبْدَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ» الحديث: 467 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 451 468 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، أَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَنَا مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنِي أَبُو الْحُوَيْرِثِ [ص: 452] ، قَالَ: أَخْبَرَنِي نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُجْمِرُ، أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، أَخْبَرَهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ فَقَدْ ذَاقَ طَعْمَ الْإِيمَانِ: مَنْ كَانَ لَا شَيْءَ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَ لَأَنْ يُحْرَقَ بِالنَّارِ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يَرْتَدَّ عَنْ دِينِهِ، وَمَنْ كَانَ يُحِبُّ لِلَّهِ وَيُبْغِضُ فِي اللَّهِ " الحديث: 468 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 451 469 - حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ زَنْجُوَيْهِ النَّسَوِيُّ، ثنا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ الدِّمَشْقِيُّ، ثنا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاتِكَةِ [ص: 453] الْأَزْدِيُّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ الْأَلْهَانِيِّ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: «لَا يَطْعَمُ أَحَدُكُمْ طَعْمَ الْإِيمَانِ حَتَّى أَكُونَ أَنَا أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ، وَنَفْسِهِ الَّتِي بَيْنَ جَنْبَيْهِ، وَمِنَ النَّاسِ أَجْمَعِينَ» الحديث: 469 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 452 470 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنَا جَرِيرٌ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ رَبِيعَةَ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَهُ الْعَبَّاسُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا بَالُ قُرَيْشٍ إِذَا لَقِيَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا لَقَوْهُ بِوُجُوهٍ مُشْرِفَةٍ، وَيَلْقَوْنَا بِوُجُوهٍ غَيْرِ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَدْخُلُ قَلْبَ أَحَدِهِمُ الْإِيمَانُ حَتَّى يُحِبَّكُمْ لِلَّهِ وَلِقَرَابَتِي» وَقَالَ: «لَا تُؤْذُونِي فِي عَمِّي، فَإِنَّ عَمَّ الرَّجُلِ صِنْوُ أَبِيهِ» الحديث: 470 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 453 471 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنِ الْعَبَّاسِ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِذَا لَقِيَ قُرَيْشٌ بَعْضُهُمْ بَعْضًا لَقِيَ بِالْبِشَارَةِ وَيَلْقَوْنَا بِوُجُوهٍ غَيْرِ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَا يَدْخُلُ [ص: 455] قَلْبَ رَجُلٍ الْإِيمَانُ حَتَّى يُحِبَّكُمْ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ» الحديث: 471 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 454 حُبُّ الْأَنْصَارِ مِنَ الْإِيمَانِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 455 472 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي شُمَيْلَةَ، عَنْ سَعِيدٍ الصَّوَّافِ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْأَنْصَارُ مَجَنَّةٌ، حُبُّهُمْ إِيمَانٌ، وَبُغْضُهُمْ نِفَاقٌ» الحديث: 472 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 455 473 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، ثنا أَبِي، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ، يُحَدِّثُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ فِي الْأَنْصَارِ: «لَا يُحِبُّهُمْ إِلَّا مُؤْمِنٌ، وَلَا يُبْغِضُهُمْ إِلَّا مُنَافِقٌ، مَنْ أَحَبَّهُمْ أَحَبَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ أَبْغَضَهُمْ أَبْغَضَهُ اللَّهُ» قَالَ شُعْبَةُ: فَقُلْتُ لِعَدِيٍّ: سَمِعْتَهُ مِنَ الْبَرَاءِ؟ قَالَ: إِيَّايَ حَدَّثَ الحديث: 473 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 456 474 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ سَعْدِ بْنِ الْمُنْذِرِ بْنِ أَبِي حُمَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ أَبِي أُسَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ زِيَادٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ أَحَبَّ الْأَنْصَارَ أَحَبَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ أَبْغَضَ الْأَنْصَارَ أَبْغَضَهُ اللَّهُ حَتَّى يَوْمِ يَلْقَاهُ» الحديث: 474 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 457 475 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثنا ابْنُ الْغَسِيلِ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ أَبِي أُسَيْدٍ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ زِيَادٍ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُبَايعُ النَّاسَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ عَلَى الْهِجْرَةِ، فَقُلْتُ: بَايَعَ هَذَا؟ قَالَ: «وَمَنْ هَذَا؟» فَقُلْتُ: ابْنُ عَمِّي، فَقَالَ: «إِنَّكُمْ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ لَا تُهَاجِرُونَ إِلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ النَّاسَ يُهَاجِرُونَ إِلَيْكُمْ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يُحِبُّ الْأَنْصَارَ رَجُلٌ حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ وَهُوَ يُحِبُّهُمْ إِلَّا أَحَبَّهُ اللَّهُ، وَلَا يُبْغِضُ الْأَنْصَارَ أَحَدٌ حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ وَهُوَ يُبْغِضُهُمْ إِلَّا أَبْغَضَهُ اللَّهُ» الحديث: 475 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 458 476 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو، أَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «لَا يُبْغِضُ الْأَنْصَارَ رَجُلٌ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ» الحديث: 476 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 459 477 - حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَمَّارٍ، ثنا الْأَصْبَهَانِيُّ، عَنْ جَرِيرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، وَعَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يُبْغِضُ الْأَنْصَارَ رَجُلٌ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ» الحديث: 477 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 459 478 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُسْنَدِيُّ، ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ مِينَاءٍ، أَنْ يَزِيدَ بْنِ جَارِيَةَ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ، كَانَ جَالِسًا فِي نَفَرٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، وَأَنَّ مُعَاوِيَةَ خَرَجَ عَلَيْهِمْ فَسَأَلَهُمْ عَنْ حَدِيثِهِمْ فَقَالُوا: كُنَّا فِي حَدِيثٍ مِنْ حَدِيثِ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: أَلَا أَزِيدُكُمْ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالُوا: بَلَى، يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ أَحَبَّ الْأَنْصَارَ أَحَبَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ أَبْغَضَ الْأَنْصَارَ أَبْغَضَهُ اللَّهُ» الحديث: 478 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 460 479 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، حَدَّثَنِي أَخِي، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [ص: 461] قَالَ: «لَا يُبْغِضُ الْأَنْصَارَ إِلَّا مُنَافِقٌ» الحديث: 479 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 460 480 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا حَمَّادٌ، ثنا أَفْلَحُ الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «حُبُّ الْأَنْصَارِ إِيمَانٌ، وَبُغْضُهُمْ نِفَاقٌ» الحديث: 480 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 461 481 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ رَاشِدٍ، ثنا صَدَقَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي: أَرَاكَ تَصْنَعُ بِهَؤُلَاءِ الْأَنْصَارِ شَيْئًا مَا تَصْنَعُهُ بِغَيْرِهِمْ؟ فَقَالَ لِي أَبِي: بُنَيَّ، هَلْ تَجِدُ فِي نَفْسِكَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا؟ قُلْتُ: لَا، وَلَكِنِّي أَعْجَبُ مِنْ صَنِيعِكَ إِلَيْهِمْ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا يُحِبُّهُمْ إِلَّا مُؤْمِنٌ، وَلَا يُبْغِضُهُمْ إِلَّا مُنَافِقٌ» الحديث: 481 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 461 482 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ، ثنا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ، عَنْ أَبِي ثِفَالٍ الْمُرِّيِّ، عَنْ رَبَاحِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حُوَيْطِبٍ، أَنَّهُ سَمِعَ جَدَّتَهُ، تُحَدِّثُ، عَنْ أَبِيهَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِي، وَلَا يُؤْمِنُ بِي مَنْ لَا يُحِبُّ الْأَنْصَارَ» الحديث: 482 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 462 483 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُسْنَدِيُّ، ثنا حَبَّانُ، ثنا وهَيْبٌ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَرْمَلَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا ثِفَالِ، قَالَ: حَدَّثَنِي رَبَاحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حُوَيْطِبٍ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي جَدَّتِي، أَنَّهَا سَمِعْتُ أَبَاهَا، يَقُولُ: أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِي، وَلَا يُؤْمِنُ بِي مَنْ لَا يُحِبُّ الْأَنْصَارَ» الحديث: 483 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 463 الْبَذَاذَةُ مِنَ الْإِيمَانِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 463 484 - حَدَّثَنَا الْبِسْطَامِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُمْرَانَ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ، أَنَّهُ أَتَى أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ قُلْتُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ثَعْلَبَةَ، قَالَ: هَلْ سَمِعْتَ أَبَاكَ يُحَدِّثُ حَدِيثًا حَدَّثَنَاهُ عَنْ رَسُولِ [ص: 464] اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قُلْتُ: مَا هُوَ؟ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَاكَ يُحَدِّثُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ الْبَذَاذَةَ مِنَ الْإِيمَانِ» يَعْنِي التَّقَشُّفَ الحديث: 484 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 463 485 - حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْبِسْطَامِيُّ، ثنا أَبُو النُّعْمَانِ، ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَلَا تَسْمَعُونَ، أَلَا إِنَّ الْبَذَاذَةَ مِنَ الْإِيمَانِ» قَالَ أَبُو سَلَمَةَ: الْبَذَاذَةُ الْهَيْئَةُ الرَّثَّةُ [ص: 466] قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: هَذَا قَدْ غَلِطَ فِي قَوْلِهِ: أَبُو أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ، وَلَيْسَ هُوَ بِالْبَاهِلِيِّ الحديث: 485 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 465 486 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُنِيبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ ثَعْلَبَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي قَالَ،: انْصَرَفْتُ مِنَ الْمَسْجِدِ، فَإِذَا بِرَجُلٍ عَلَيْهِ ثِيَابٌ [ص: 467] بَيَاضٌ، قَمِيصٌ وَرِدَاءٌ سَابِغٌ، وَعِمَامَةٌ بِغَيْرِ قَلَنْسُوَةٍ، قَدْ أَرْخَى مِنْ وَرَائِهِ مِثْلَ مَا بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: أَخْبَرَنِي جَدُّكَ أَبُو أُمَامَةَ بْنُ ثَعْلَبَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ الْبَذَاذَةَ مِنَ الْإِيمَانِ، إِنَّ الْبَذَاذَةَ مِنَ الْإِيمَانِ» الحديث: 486 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 466 487 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَرَوِيُّ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنِيبٍ، عَنْ أَبِيهِ مُنِيبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّهُ لَقِيَ رَجُلًا بِالسُّوقِ عَلَيْهِ ثِيَابٌ بِيضٌ، فَأَخَذَ بِيَدِي فَقَالَ: مَنْ أَنْتَ؟ فَقُلْتُ: أَنَا الْمُنِيبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي جَدُّكَ أَبُو أُمَامَةَ بْنُ ثَعْلَبَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ زَارَهُمْ فِي الرَّعْلِ خَبَرًا، لَأَنْ أَكُونَ حَفِظْتُهُ كُلَّهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا أَمْسَتِ الْبَيْتُ تَحُوزُ، أَوْ مَا أَمْسَتْ بَنُو عَبْدِ الْأَشْهَلِ تَحُوزُ، قَالَ: وَكَانَ مِمَّا حَفِظْتُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ الْبَذَاذَةَ مِنَ الْإِيمَانِ، إِنَّ الْبَذَاذَةَ مِنَ الْإِيمَانِ، إِنَّ الْبَذَاذَةَ مِنَ الْإِيمَانِ» فَقُلْتُ: يَا عَمِّ، مَا أَرَاكَ مُتَبَذِّذًا؟ فَغَمَزَ يَدِي غَمْزَةً شَدِيدَةً [ص: 468] ، فَقَالَ: أَكْثَرَ اللَّهُ فِينَا مِنْ أَمْثَالِكَ، فَسَأَلْتُ عَنْهُ، فَقِيلَ: هَذَا مَحْمُودُ بْنُ لَبِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ الحديث: 487 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 467 488 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، أَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، أَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أُمَامَةَ أَخْبَرَهُ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْبَذَاذَةُ مِنَ الْإِيمَانِ» قَالَهَا ثَلَاثَ مِرَارٍ الحديث: 488 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 468 489 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، أَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أُمَامَةَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْبَذَاذَةُ مِنَ الْإِيمَانِ» الحديث: 489 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 469 الْغَيْرَةُ مِنَ الْإِيمَانِ، وَعَدَمُهَا مِنَ النِّفَاقِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 469 490 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الرَّبِيعِ الْجُرْجَانِيُّ، ثنا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، ثنا أَبُو مَرْحُومٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْغَيْرَةُ مِنَ الْإِيمَانِ، وَالْبَذَاءُ مِنَ النِّفَاقِ» قَالَ: قُلْتُ: وَمَا الْبَذَاءُ؟ قَالَ: «الَّذِي لَا يَغَارُ» [ص: 470] 491 - حَدَّثَنَا الْمُسْنَدِيُّ، ثنا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، ثنا أَبُو مَرْحُومٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: قُلْتُ لِزَيْدٍ الحديث: 490 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 469 492 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، ثنا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ كَرْدَمِ بْنِ أَبِي أَرْطَبَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ أَسْلَمَ، يَقُولُ: ثنا عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْغَيْرَةُ مِنَ الْإِيمَانِ، وَالْبَذَاءُ مِنَ النِّفَاقِ» فَقَالَ لَهُ إِنْسَانٌ: يَا أَبَا أُسَامَةَ، أَيُّ شَيْءٍ الْبَذَاءُ؟ فَقَالَ: يَا عِرَاقِيُّ الَّذِي لَا يَغَارُ الحديث: 492 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 470 الْأَمَانَةُ وَالْعَهْدُ مِنَ الْإِيمَانِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 470 493 - حَدَّثَنَا يَسَارُ بْنُ أَبِي شَبِيبٍ الْأَيْلِيُّ، ثنا أَبُو هِلَالٍ، ثنا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَلَّ مَا خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا قَالَ [ص: 471] : «لَا إِيمَانَ لِمَنْ لَا أَمَانَةَ لَهُ، وَلَا دِينَ لِمَنْ لَا عَهْدَ لَهُ» الحديث: 493 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 470 494 - حَدَّثَنَا الْمُسْنَدِيُّ أَبُو جَعْفَرٍ، ثنا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، أَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ زِيَادٍ الثَّقَفِيُّ، سَمِعَ أَنَسًا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا إِيمَانَ لِمَنْ لَا أَمَانَةَ لَهُ، وَلَا دِينَ لِمَنْ لَا عَهْدَ لَهُ» الحديث: 494 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 471 495 - حَدَّثَنَا الْبِسْطَامِيُّ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، ثنا الْأَعْمَشُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثَيْنِ، حَدَّثَنَا أَنُّ " الْأَمَانَةَ نَزَلَتْ فِي جَذْرِ قُلُوبِ [ص: 472] الرِّجَالِ، ثُمَّ نَزَلَ الْقُرْآنُ، فَعَلِمُوا مِنَ الْقُرْآنِ، وَعَلِمُوا مِنَ السُّنَّةِ، ثُمَّ حَدَّثَنَا عَنْ رَفْعِهَا، فَيَنَامُ الرَّجُلُ النَّوْمَةَ فَتُقْبَضُ الْأَمَانَةَ مِنْ قَلْبِهِ، فَيَظَلُّ أَثَرُهَا مِثْلَ أَثَرِ الْمَجْلِ، كَجَمْرٍ دَحْرَجْتَهُ عَلَى رِجْلِكَ فَنَفِطَ، فَتَرَاهُ مُنْتَبِرًا وَلَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ، وَلَقَدْ كُنْتُ وَمَا أُبَالِي أَيَّكُمْ بَايَعْتُ، لَئِنْ كَانَ مُسْلِمًا لَيَرُدَّنَّهُ عَلَيَّ دِينُهُ، وَلَئِنْ كَانَ نَصْرَانِيًّا لَيَرُدَّنَّهُ عَلَيَّ سَاعِيهِ، فَأَمَّا الْيَوْمَ فَلَمْ أَكُنْ لِأُبَايعَ مِنْكُمْ إِلَّا فُلَانًا وَفُلَانًا، فَيُصْبِحُ النَّاسُ يَتَبَايَعُونَ، مَا يَكَادُ أَحَدٌ يُؤَدِّي الْأَمَانَةَ حَتَّى يُقَالَ: إِنَّ فِي بَنِي فُلَانٍ رَجُلًا أَمِينًا، وَحَتَّى يُقَالَ لِلرَّجُلِ: مَا أَخْلَدَهُ وَأَطْرَفَهُ وَأَعْقَلَهُ، وَمَا فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلِ مِنْ إِيمَانٍ " الحديث: 495 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 471 496 - حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مَنْصُورٍ، ثنا وَكِيعٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ: «لَا يَغُرَّنَا صَلَاةُ امْرِئٍ وَلَا صِيَامُهُ، مَنْ شَاءَ صَامَ وَصَلَّى، لَا دِينَ لِمَنْ لَا أَمَانَةَ لَهُ» قَالَ وَكِيعٌ: زَادَ فِيهِ سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: «مَا نَقَصَتْ أَمَانَةُ عَبْدٍ إِلَّا نَقَصَ مِنْ إِيمَانِهِ» الحديث: 496 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 473 497 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبَانَ الْبَلْخِيُّ، ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «مَا نَقَصَتْ أَمَانَةُ عَبْدٍ قَطِّ إِلَّا نَقَصَ مِنْ إِيمَانِهِ» الحديث: 497 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 473 تَفْسِيرُ الْأَمَانَةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 473 498 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " قَالَ اللَّهُ لِآدَمَ: يَا آدَمُ إِنِّي عَرَضْتُ الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَلَمْ يُطِقْنَهَا، فَهَلْ أَنْتَ حَامِلُهَا بِمَا [ص: 474] فِيهَا؟ قَالَ: وَمَا فِيهَا يَا رَبِّ؟ قَالَ: إِنْ حَمَلْتَهَا أُجِرْتَ، وَإِنْ ضَيَّعْتَهَا عُذِّبْتَ، قَالَ: فَأَنَا أَحْمِلُهَا بِمَا فِيهَا، قَالَ: فَلَمْ يَلْبَثْ فِي الْجَنَّةِ إِلَّا قَدْرَ مَا بَيْنَ صَلَاةِ الْأُولَى إِلَى الْعَصْرِ حَتَّى أَخْرَجَهُ الشَّيْطَانُ مِنْهَا " قَالَ: «وَالْأَمَانَةُ هِيَ الْفَرَائِضُ الَّتِي ائْتَمَنَ اللَّهُ عَلَيْهَا الْعِبَادَ» الحديث: 498 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 473 499 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، " {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ} قَالَ: الْأَمَانَةُ الْفَرَائِضُ، عَرَضَهَا اللَّهُ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ، إِنْ أَدَّوْهَا أَثَابَهُمْ، وَإِنْ ضَيَّعُوهَا عَذَّبَهُمْ، فَكَرِهُوا ذَلِكَ وَأَشْفَقُوا مِنْ غَيْرِ مَعْصِيَةٍ، وَلَكِنْ تَعْظِيمًا لِدِينِ اللَّهِ أَنْ يَقُومُوا بِهِ، {وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} [الأحزاب: 72] غِرًّا بِأَمْرِ اللَّهِ " الحديث: 499 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 475 500 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَهْزَادِ، ثنا أَبُو مُعَاذٍ الْفَضْلُ بْنُ خَالِدٍ النَّحْوِيُّ، ثنا عُبَيْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْبَاهِلِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ بْنَ مُزَاحِمٍ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ} [الأحزاب: 72] الْآيَةَ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ: قَالَ اللَّهُ لِآدَمَ يَوْمَ خَلَقَهُ: إِنِّي عَرَضْتُ الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَلَمْ يُطِقْنَ [ص: 476] احْتِمَالَهَا، فَهَلْ أَنْتَ يَا آدَمُ آخِذُهَا بِمَا فِيهَا؟ قَالَ آدَمُ: وَمَا فِيهَا يَا رَبِّ؟ قَالَ: إِنْ أَحْسَنْتَ أُجِرْتَ، وَإِنْ أَسَأْتَ عُوقِبْتَ، قَالَ: قَدْ تَحَمَّلْتُهَا، قَالَ اللَّهُ: قَدْ حَمَّلْتُكَهَا، فَمَا مَكَثَ آدَمُ إِلَّا مَا بَيْنَ الْأُولَى إِلَى الْعَصْرِ حَتَّى أَخْرَجَهُ إِبْلِيسُ مِنَ الْجَنَّةِ، وَالْأَمَانَةُ الطَّاعَةُ " الحديث: 500 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 475 501 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنَا الْمَخْزُومِيُّ، ثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، ثنا أَبُو رَوْقٍ عَطِيَّةُ بْنُ الْحَارِثِ قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: " {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ} قَالَ: لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَالْجِبَالَ عَرَضَ عَلَيْهِنَّ الْأَمَانَةَ وَهُوَ الْعَمَلُ، إِنْ أَحْسَنْتُنَّ جُزِيتُنَّ، وَإِنْ أَسَأْتُنَّ عُوقِبْتُنَّ {فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا} [الأحزاب: 72] فَلَمَّا خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ عَرَضَ ذَلِكَ عَلَيْهِ فَحَمَلَهَا {إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} [الأحزاب: 72] قَالَ: ظَالِمًا فِي خَطِيئَتِهِ، جَاهِلًا بِمَا حَمَّلَ وَلَدَهُ " الحديث: 501 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 476 502 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنَا وَكِيعٌ، ثنا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، قَالَ: " الْأَمَانَةُ مَا أُمِرُوا بِهِ، وَمَا نُهُوا عَنْهُ {فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا} [الأحزاب: 72] قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ فِي بَعْضِ الْقِرَاءَةِ: لَمْ يُطِقْهَا {وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} [الأحزاب: 72] " الحديث: 502 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 477 503 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ عَرَبِيٍّ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: " {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ} قَالَ: قَالَ آدَمُ: وَمَا هِيَ؟ قَالَ: إِنْ أَحْسَنْتَ أُجِرْتَ، وَإِنْ أَسَأْتَ عُذِّبْتَ، قَالَ: فَقَدْ تَحَمَّلْتُهَا، فَمَا كَانَ بَيْنَ أَنْ تَحَمَّلَهَا وَبَيْنَ أَنْ أُخْرِجَ مِنَ الْجَنَّةِ إِلَّا كَمَا بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ " الحديث: 503 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 477 504 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثنا مُحْرِزٌ، قَالَ: سَأَلْتُ الْحَسَنَ عَنْ قَوْلِهِ: " {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ} [الأحزاب: 72] الْآيَةَ، فَقَالَ: «هِيَ عَلَى الْعَبْدِ فِي دِينِهِ كُلِّهِ» الحديث: 504 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 477 505 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنَا وَكِيعٌ، ثنا النَّضْرُ بْنُ عَرَبِيٍّ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: " لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ الْأَمَانَةَ عَرَضَهَا عَلَى [ص: 478] السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ {فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا} [الأحزاب: 72] فَلَمَّا خَلَقَ آدَمَ عَرَضَهَا عَلَيْهِ قَالَ: يَا رَبِّ وَمَا هِيَ؟ قَالَ: هِيَ إِنْ أَحْسَنْتَ أَجَرْتُكَ وَجَزَيْتُكَ، وَإِنْ أَسَأْتَ عَذَّبْتُكَ، قَالَ: فَقَدْ تَحَمَّلْتُهَا، قَالَ: فَمَا كَانَ بَيْنَ أَنْ تَحَمَّلَهَا وَبَيْنَ أَنْ أُخْرِجَ مِنَ الْجَنَّةِ إِلَّا كَمَا بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ " الحديث: 505 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 477 506 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنَا رَوْحٌ، ثنا هِشَامٌ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: «لَبِثَ آدَمُ فِي الْجَنَّةِ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، تِلْكَ السَّاعَةُ ثَلَاثُونَ وَمِائَةُ سَنَةٍ مِنْ أَيَّامِ الدُّنْيَا» الحديث: 506 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 478 507 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الْحَسَنِ، وَقَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: " {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ} [الأحزاب: 72] قَالَا: هِيَ فَرَائِضُ اللَّهِ الَّتِي عَرَضَهَا {عَلَى السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ} ، إِلَى آخِرِ السُّورَةِ " الحديث: 507 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 478 508 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، ثنا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا شَيْبَانُ، عَنْ قَتَادَةَ، " {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ} [الأحزاب: 72] قَالَ: يَعْنِي الْفَرَائِضَ الَّتِي افْتَرَضَ وَالْحُدُودَ {فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا} [الأحزاب: 72] قَالَ: وَايْمُ اللَّهِ، مَا بِهِنَّ مَعْصِيَةٌ، وَلَكِنْ قِيلَ لَهُنَّ: تُؤَدِّينَ حَقَّهَا؟ فَقُلْنَ: لَا نُطِيقُ [ص: 479] ذَلِكَ {وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ} [الأحزاب: 72] قِيلَ لَهُ: أَتَحْمِلُهَا؟ قَالَ: نَعَمْ، قِيلَ لَهُ: أَتُؤَدِّي حَقَّهَا؟ قَالَ: نَعَمْ، قَوْلُهُ: {إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} [الأحزاب: 72] قَالَ: ظَلُومٌ بِحَقِّهَا، جَهُولٌ عَنْ أَمْرِهَا، {لَيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ} [الأحزاب: 73] هَذَانِ اللَّذَانِ ظَلَمَاهَا، {وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [الأحزاب: 73] قَالَ: هَذَانِ اللَّذَانِ أَدَّيَا حَقَّهَا " الحديث: 508 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 478 509 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْأَمَانَةُ الصَّلَاةُ وَالصِّيَامُ وَالْجَنَابَةُ» الحديث: 509 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 479 510 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ أَعْيَنَ، ثنا أَبِي، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ، " {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا} فَلَمَّا أَبْيَنَ عَرَضَهَا عَلَى آدَمَ، قَالَ: وَمَا الْأَمَانَةُ يَا رَبِّ؟ قَالَ: إِنْ أَحْسَنْتَ أُجِرْتَ، وَإِنْ [ص: 480] أَسَأْتَ عُوقِبْتَ، فَقَالَ: نَعَمْ، فَقَبِلَهَا " الحديث: 510 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 479 511 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا الْهَيْثَمُ بْنُ خَارِجَةَ، ثنا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، عَنْ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي طَلْحَةُ بْنُ نَافِعٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَالْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ، وَأَدَاءُ الْأَمَانَةِ كَفَّارَةُ مَا بَيْنَهَا» فَقُلْتُ لَهُ: وَمَا أَدَاءُ الْأَمَانَةِ؟ قَالَ: «غُسْلُ الْجَنَابَةِ، فَإِنَّ تَحْتَ كُلِّ شَعْرَةٍ جَنَابَةً» الحديث: 511 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 480 512 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ لَيْثٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قَالَ: " إِنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنَ الْإِنْسَانِ أَوْ آدَمَ فَرْجُهُ، ثُمَّ قَالَ: هَذِهِ أَمَانَةٌ اسْتَوْدَعْتُكَهَا، فَالْفَرْجُ أَمَانَةٌ، وَالسَّمْعُ أَمَانَةٌ، وَالْقَلْبُ أَمَانَةٌ، وَاللِّسَانُ أَمَانَةٌ، وَالْبَصَرُ أَمَانَةٌ، وَلَا إِيمَانَ لِمَنْ لَا أَمَانَةَ لَهُ " الحديث: 512 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 481 513 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَنَا فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ [ص: 482] كَعْبٍ، قَالَ: «إِنَّ الْأَمَانَةَ أَنِ ائْتُمِنَتِ، الْمَرْأَةُ عَلَى فَرْجِهَا» 514 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، أَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، مِثْلَهُ الحديث: 513 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 481 الصَّوْمُ وَالصَّلَاةُ وَغُسْلُ الْجَنَابَةِ سَرَائِرُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 482 515 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، أَنَا أَبُو صَالِحٍ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ: " {يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ} [الطارق: 9] إِنَّ ذَلِكَ الصَّوْمُ وَالصَّلَاةُ وَغُسْلُ الْجَنَابَةِ، وَهُنَّ السَّرَائِرُ، لَوْ شَاءَ الْمَرْءُ أَنْ يَقُولَ: قَدْ صُمْتُ، وَلَيْسَ بِصَائِمٍ، وَقَدْ صَلَّيْتُ، وَلَمْ يُصَلِّ، وَقَدِ [ص: 483] اغْتَسَلْتُ، وَلَمْ يَغْتَسِلْ " الحديث: 515 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 482 516 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، قَالَ: «السَّرَائِرُ الصَّوْمُ وَالصَّلَاةُ وَالْغُسْلُ مِنَ الْجَنَابَةِ» الحديث: 516 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 483 517 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ حَكِيمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، قَالَ: " سَمِعْتُ بِالثَّلَاثِ الَّتِي، يَذْكُرُ الْمُنَافِقَ: إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، قَالَ: فَالْتَمَسْتُهَا فِي الْكِتَابِ زَمَانًا حَتَّى سَقَطْتُ عَلَيْهَا بَعْدَ حِينٍ، وَجَدْتُ اللَّهَ يَذْكُرُ فِيهِ {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ} [التوبة: 75] إِلَى قَوْلِهِ {فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ} [التوبة: 77] وَوَجَدْتُ فِي الْأَحْزَابِ {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} " الحديث: 517 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 483 518 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدَةَ، ثنا أَبُو وَهْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُزَاحِمٍ، ثنا بُكَيْرُ بْنُ مَعْرُوفٍ، عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ، فِي قَوْلِهِ: " {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} بَلَغَنَا أَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَزَّ حِينَ خَلَقَ خَلْقَهُ جَمَعَ مِنْ خَلْقِهِ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالسَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ، فَبَدَأَ بِالسَّمَوَاتِ فَعَرَضَ عَلَيْهِنَّ الْأَمَانَةَ وَهِيَ الطَّاعَةُ فَقَالَ لَهُنَّ: أَتَحْمِلْنَ هَذِهِ الْأَمَانَةَ وَيَكُنْ عَلَيَّ الْفَضْلُ وَالْكَرَامَةُ وَالثَّوَابُ فِي الْجَنَّةِ؟ فَقُلْنَ: يَا رَبِّ، إِنَّا لَا نَسْتَطِيعُ هَذَا الْأَمْرَ، وَلَيْسَتْ بِنَا قُوَّةٌ، وَلَكِنَّا لَكَ مُطِيعِينَ، ثُمَّ عَرَضَ الْأَمَانَةَ عَلَى الْأَرَضِينَ فَقَالَ لَهُنَّ: أَتَحْمِلْنَ هَذِهِ الْأَمَانَةَ وَتَقْبَلْنَهَا مِنِّي، وَأُعْطِيكُنَّ الْفَضْلَ وَالْكَرَامَةَ فِي الْجَنَّةِ؟ فَقُلْنَ: لَا صَبْرَ لَنَا عَلَى هَذَا يَا رَبِّ وَلَا نُطِيقُهُ، وَلَكِنَّا لَكَ سَامِعِينَ مُطِيعِينَ، وَلَا نَعْصِيكَ فِي شَيْءٍ تَأْمُرُنَا بِهِ، ثُمَّ قُرِّبَتِ الْجِبَالُ كُلُّهَا فَقُلْنَ لَهَا مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ قُرِّبَ آدَمُ فَقَالَ لَهُ: أَتَحْمِلُ هَذِهِ الْأَمَانَةَ وَتَرْعَاهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا؟ فَقَالَ عِنْدَ ذَلِكَ آدَمُ: مَا لِي عِنْدَكَ؟ قَالَ: يَا آدَمُ، إِنْ أَحْسَنْتَ وَأَطَعْتَ وَرَعَيْتَ الْأَمَانَةَ فَلَكَ عِنْدِي الْكَرَامَةُ وَالْفَضْلُ وَحُسْنُ الثَّوَابِ فِي الْجَنَّةِ، وَإِنْ عَصَيْتَ وَلَمْ تَرْعَهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا، وَأَسَأْتَ فَإِنِّي مُعَذِّبُكَ [ص: 485] وَمُعَاقِبُكَ، وَأُنْزِلُكَ النَّارَ، فَقَالَ: قَدْ رَضِيتُ رَبِّ وَتَحَمَّلْتُهَا، فَقَالَ اللَّهُ عِنْدَ ذَلِكَ: قَدْ حَمَّلْتُكَهَا، فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} [الأحزاب: 72] يَقُولُ: ظَلُومًا لِنَفْسِهِ فِي خَطِيئَتِهِ، جَهُولًا بِعَاقِبَةِ مَا يَحْمِلُ مِنَ الْأَمَانَةِ قَوْلُهُ: {لَيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ} [الأحزاب: 73] بِمَا خَانُوا الْأَمَانَةَ، وَكَذَّبُوا الرُّسُلَ، وَنَقَضُوا الْعَهْدَ وَالْمِيثَاقَ الَّذِي أَخَذَ عَلَيْهِمْ حِينَ أَخْرَجَهُمْ مِنْ صُلْبِ آدَمَ، {وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [الأحزاب: 73] بِأَنَّهُمْ أَدَّوُا الْأَمَانَةَ، وَلَمْ يُكَذِّبُوا الرُّسُلَ، وَوَفَّوْا بِالْعَهْدِ وَالْمِيثَاقِ الحديث: 518 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 484 519 - حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ زَنْجُوَيْهِ، وَأَحْمَدُ بْنُ الْأَزْهَرِ، قَالَا: ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ هِلَالٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّمَا الْإِيمَانُ مِنْ أَرْبَعَةٍ: لَا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ، وَلَا تَزْنُوا، وَلَا تَسْرِقُوا " زَادَ حُمَيْدٌ: فَمَا أَنَا الْيَوْمَ بِأَشَحَّ عَلَيْهِنَّ مِنِّي إِذْ سَمِعْتُهُنَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحديث: 519 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 485 بَابُ لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 487 طُرُقُ حَدِيثِ: لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 487 520 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، كُلُّهُمْ يُحَدِّثُونَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَنْتَهِبُ نُهْبَةً ذَاتَ شَرَفٍ يَرْفَعُ الْمُسْلِمُونَ إِلَيْهَا أَبْصَارَهُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ» فَقُلْتُ لِلزُّهْرِيِّ: مَا هَذَا؟ فَقَالَ: عَلَى رَسُولِ اللَّهِ الْبَلَاغُ، وَعَلَيْنَا التَّسْلِيمُ [ص: 488] 521 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا أَبُو الْمُغِيرَةِ، ثنا الْأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَأَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ [ص: 489] 522 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا أَبُو صَالِحٍ، ثنا اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي عَقِيلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ " فَذَكَرَ مِثْلَهُ الحديث: 520 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 487 523 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، ثنا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَابْنَ الْمُسَيِّبِ، يَقُولَانِ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ» [ص: 490] قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ يُحَدِّثُهُمْ هَؤُلَاءِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، ثُمَّ يَقُولُ: كَانَ أَبُو بَكْرٍ يَلْحَقُ مَعَهُنَّ: «وَلَا يَنْتَهِبُ نُهْبَةً ذَاتَ شَرَفٍ يَرْفَعُ النَّاسُ فِيهَا أَبْصَارَهُمْ حِينَ يَنْتَهِبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ» الحديث: 523 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 489 524 - حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ الْفُضَيْلُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْجَحْدَرِيُّ، ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَزْنِي الزَّانِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ» الحديث: 524 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 490 525 - حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْبِسْطَامِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَا: ثنا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، ثنا شُعْبَةُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ [ص: 491] مُؤْمِنٌ، وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَالتَّوْبَةُ مَعْرُوضَةٌ بَعْدُ» 526 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، ثنا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ ذَكْوَانَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أُرَاهُ رَفَعَهُ بِمِثْلِهِ الحديث: 525 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 490 527 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَيُنْزَعُ الْإِيمَانُ مِنْ قَلْبِهِ، فَإِنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ» الحديث: 527 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 492 528 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدَةَ بْنِ الْحَكَمِ، ثنا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ، ثنا أَبُو حَمْزَةَ مُحَمَّدُ بْنُ مَيْمُونٍ السُّكَّرِيُّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَوْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَزْنِي الرَّجُلُ حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ» بِمِثْلِ حَدِيثِ شُعْبَةَ الحديث: 528 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 492 529 - وَحَدَّثَنِي ابْنُ الْقَهْزَادِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدَةَ، قَالَا: ثنا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا أَبُو حَمْزَةَ السُّكَّرِيُّ، ثنا عَاصِمٌ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَزْنِي الرَّجُلُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ» بِمِثْلِهِ [ص: 493] ، وَقَالَ: «يُنْزَعُ مِنْهُ الْإِيمَانُ حَتَّى يَتُوبَ، فَإِذَا تَابَ عَادَ إِلَيْهِ» الحديث: 529 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 492 530 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، ثنا أَبُو بَكْرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَزْنِي الزَّانِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَسْرِقُ السَّارِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، ثُمَّ التَّوْبَةُ مَعْرُوضَةٌ بَعْدُ» قَالَ مُحَمَّدٌ: قَالَ أَحْمَدُ: هَكَذَا مَعْرُوضَةٌ الحديث: 530 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 493 531 - حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْبِسْطَامِيُّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، ثنا أَبُو شِهَابٍ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَزْنِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ وَهُوَ مُؤْمِنٌ» فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَكَيْفَ يَصْنَعُ مَنْ وَاقَعَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ؟ قَالَ: «إِنْ رَجَعَ رَاجَعَهُ الْإِيمَانُ، وَإِنْ ثَبَتَ لَمْ يَكُنْ مُؤْمِنًا» الحديث: 531 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 493 532 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ، ثنا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ، ثنا أَبُو هَارُونَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَزْنِي الزَّانِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ وَهُوَ مُؤْمِنٌ» 533 - وَقَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ، ثنا حَبِيبُ بْنُ الشَّهِيدِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ قَوْلِ [ص: 494] أَبِي هَارُونَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الحديث: 532 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 493 534 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، ثنا مَعْمَرٌ، أَنَا هَمَّامُ بْنُ مُنَبِّهٍ، قَالَ: ثنا أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَزْنِي أَحَدُكُمْ حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ وَهُوَ حِينَ يَشْرَبُهَا مُؤْمِنٌ، وَلَا يَنْتَهِبُ نُهْبَةً يَرْفَعُ الْمُؤْمِنُونَ إِلَيْهِ أَعْيُنَهُمْ وَهُوَ حِينَ يَنْتَهِبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَغُلُّ أَحَدُكُمْ وَهُوَ حِينَ يَغُلُّ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، فَإِيَّاكُمْ إِيَّاكُمْ» الحديث: 534 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 494 535 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنِي بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ، حَدَّثَنِي الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ مَكْحُولٍ، وَالزُّهْرِيِّ، قَالَا: «اقْرَأُوا أَحَادِيثَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمِرُّوهَا عَلَى مَا جَاءَتْ» قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: كَانَ إِسْحَاقُ إِذَا أَمْلَى حَدِيثَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ يُمْلِي حَدِيثَ بَقِيَّةَ عَلَى إِثْرِهِ الحديث: 535 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 494 536 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَنَا نَافِعُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ الْهَادِ، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيَّ حَدَّثَهُ، أَنَّهُ، سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا زَنَى الرَّجُلُ خَرَجَ مِنْهُ الْإِيمَانُ، وَكَانَ عَلَيْهِ كَالظُّلَّةِ، فَإِذَا انْقَلَعَ رَجَعَ إِلَيْهِ الْإِيمَانُ» الحديث: 536 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 494 537 - حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ، ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعَامِرِيُّ، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْمُطَّلِبِ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، وَحُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَنْتَهِبُ نُهْبَةً ذَاتَ شَرَفٍ حِينَ يَنْتَهِبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ» الحديث: 537 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 495 538 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ، ثنا عَمْرُو بْنُ عَبْدِ الْغَفَّارِ، ثنا الْعَوَّامُ بْنُ حَوْشَبٍ، حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ مُدْرِكٍ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الْإِيمَانَ سِرْبَالٌ يُسَرْبِلُهُ اللَّهُ مَنْ شَاءَ، فَإِذَا زَنَى الْعَبْدُ نُزِعَ مِنْهُ سِرْبَالُ الْإِيمَانِ، فَإِنْ تَابَ رُدَّ عَلَيْهِ» الحديث: 538 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 496 539 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ عَجْلَانَ، أَنَّ الْقَعْقَاعَ أَخْبَرَهُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَسُئِلَ، عَنْ قَوْلِهِ: «لَا يَزْنِي الزَّانِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ» فَأَيْنَ يَكُونُ الْإِيمَانُ مِنْهُ؟ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: «سَيَكُونُ عَلَيْهِ هَكَذَا، وَقَالَ بِكَفِّهِ، فَإِنْ نَزَعَ وَتَابَ رَجَعَ إِلَيْهِ الْإِيمَانُ» الحديث: 539 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 496 540 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عُمَرَ قَالُوا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَزْنِي الرَّجُلُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَغُلُّ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَنْتَهِبُ نُهْبَةً ذَاتَ شَرَفٍ وَهُوَ مُؤْمِنٌ» الحديث: 540 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 497 541 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ الْأَزْرَقُ، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَزْنِي الْعَبْدُ حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُومُؤْمِنٌ، وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُ وَهُوَ [ص: 498] مُؤْمِنٌ، وَلَا يَقْتُلُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ» حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، ثنا فُضَيْلٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، بِهَذَا الْحَدِيثِ الحديث: 541 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 497 542 - حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عِيسَى الْبِسْطَامِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَا: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ الْمُلَائِيُّ، ثنا أَبُو أُسَامَةَ يَعْنِي زَيْدًا وَهُوَ الْحَجَّامُ، حَدَّثَنِي عِكْرِمَةُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «لَا يَزْنِي الزَّانِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَسْرِقُ السَّارِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ وَهُوَ مُؤْمِنٌ» حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ الْبِسْطَامِيُّ، ثنا جُنَيْدٌ الْحَجَّامُ، ثنا زَيْدُ أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِهَذَا الْحَدِيثِ الحديث: 542 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 498 543 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا أَبُو النُّعْمَانِ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَا: ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَزْنِي الْعَبْدُ حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ» الحديث: 543 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 498 544 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا مُحَاضِرٌ، ثنا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «لَا يَزْنِي الْعَبْدُ حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ» الحديث: 544 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 498 546 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا أَيُّوبُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْمُطَّلِبِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: حَفِظْتُ هَاتَيْنِ الْخَصْلَتَيْنِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: «لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ» الحديث: 545 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 499 548 - حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ الْبِسْطَامِيُّ، ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ عَائِشَةَ، فَمَرُّوا عَلَى بَابِهَا بِرَجُلٍ قَدْ ضُرِبَ فِي الْخَمْرِ فَقَالَتْ: أَعُوذُ بِاللَّهِ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا يَشْرَبُ الرَّجُلُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَزْنِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَنْتَهِبُ نُهْبَةً يَرْفَعُ النَّاسُ إِلَيْهِ فِيهَا أَبْصَارَهُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، فَإِيَّاكُمْ إِيَّاكُمْ» الحديث: 548 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 500 549 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ، ثنا يَحْيَى الْقَطَّانُ، ثنا شُعْبَةُ، ثنا فِرَاسٌ، عَنْ مُدْرِكِ بْنِ عُمَارَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ [ص: 501] وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَنْتَهِبُ نُهْبَةً ذَاتَ سَرَفٍ أَوْ شَرَفٍ وَهُوَ مُؤْمِنٌ» الحديث: 549 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 500 550 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَزَّازُ، ثنا أَبِي، ثنا أَبُو دَاوُدَ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ رَجُلٍ، سَمِعَ ابْنَ أَبِي أَوْفَى، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ، وَزَادَ فِيهِ: «وَلَا يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ» الحديث: 550 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 501 552 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنَا جَرِيرٌ، عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنْ مُدْرِكِ بْنِ عُمَارَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَنْتَهِبُ نُهْبَةً ذَاتَ شَرَفٍ يَرْفَعُ إِلَيْهَا الْمُسْلِمُونَ رُءُوسَهُمْ حِينَ يَنْتَهِبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ» حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، ثنا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، أَنَّ رَجُلًا، مِنْ أَسْلَمَ حَدَّثَهُ، عَنِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِمِثْلِهِ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، ثنا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ رَجُلٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَحْوَهُ الحديث: 551 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 501 554 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ، ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ حُرَيْثِ بْنِ أَبِي مَطَرٍ، عَنْ مُدْرِكِ بْنِ عُمَارَةَ، عَنْ رِيَاحِ بْنِ الْحَارِثِ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ [ص: 503] ، وَلَا يَنْتَهِبُ نُهْبَةً ذَاتَ شَرَفٍ يَرْفَعُ النَّاسُ إِلَيْهَا أَعْيُنَهُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ» الحديث: 554 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 502 555 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا حَسَنُ بْنُ بِشْرٍ، ثنا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُدْرِكٍ، عَنْ زَاجٍ الْعِجْلِيِّ، عَنِ ابْنِ مُغَفَّلٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَنْتَهِبُ نُهْبَةً تُشْرِفُ أَعْيُنُ النَّاسِ إِلَيْهِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ» الحديث: 555 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 503 556 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يُسَمِّي غِلْمَانَهُ أَسْمَاءَ الْعَرَبِ، وَكَانَ يَقُولُ لَهُمْ: «تَزَوَّجُوا فَإِنَّ الرَّجُلَ إِذَا زَنَى نُزِعَ مِنْهُ نُورُ الْإِيمَانِ، فَإِنْ شَاءَ اللَّهُ أَعْطَاهُ بَعْدُ، وَإِنْ شَاءَ مَنَعَهُ» الحديث: 556 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 503 557 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنَا سُفْيَانُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ [ص: 504] يَعْرِضُ عَلَى مَمْلُوكِهِ الْبَاءَةَ وَيَقُولُ: «مَنْ أَرَادَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ زَوَّجْتُهُ، فَإِنَّهُ لَا يَزْنِي زَانٍ إِلَّا نَزَعَ اللَّهُ مِنْهُ نُورَ الْإِيمَانِ، فَإِنْ شَاءَ أَنْ يَرُدَّهُ رَدَّهُ، وَإِنْ شَاءَ أَنْ يَمْنَعُهُ مَنَعَهُ» الحديث: 557 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 503 558 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، ثنا فُضَيْلٌ يَعْنِي ابْنَ غَزْوَانَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي صَفِيَّةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ لِغِلْمَانِهِ: يَا فُلَانُ أُزَوِّجُكَ؟ يَا فُلَانُ أُزَوِّجُكَ؟ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ زَانِ يَزْنِي إِلَّا نَزَعَ اللَّهُ مِنْهُ نُورَ الْإِيمَانِ " الحديث: 558 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 504 559 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سُفْيَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، أَنَّهُ ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ: «لَا يَزْنِي الزَّانِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ» فَقَالَ فِيهِ قَائِلٌ: مَا هَذَا عَلَى مَعْنَى الْإِنْكَارِ، فَغَضِبَ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَقَالَ: يَمْنَعُنَا هَؤُلَاءِ الْأَنَّانُ أَنْ نُحَدِّثَ بِحَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كُلَّمَا جَهِلْنَا مَعْنَى حَدِيثٍ تَرَكْنَاهُ، لَا بَلُ نَرْوِيهِ كَمَا سَمِعْنَا، وَنُلْزِمُ الْجَهْلَ أَنْفُسَنَا الحديث: 559 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 504 مَبْحَثُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي تَفْسِيرِ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ» فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ: إِنَّمَا أَرَادَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِزَالَةَ اسْمِ الْإِيمَانِ عَنْهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُخْرِجَهُ مِنَ الْإِسْلَامِ وَلَا يُزِيلُ عَنْهُ اسْمَهُ وَفَرَّقُوا بَيْنَ الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ وَقَالُوا: إِذَا زَنَى فَلَيْسَ بِمُؤْمِنٍ , وَهُوَ مِسْلِمٌ , وَاحْتَجُّوا لِتَفْرِيقِهِمْ بَيْنَ الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ بِقَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} [الحجرات: 14] فَقَالُوا الْإِيمَانُ خَاصٌ يَثْبُتُ الِاسْمُ بِهِ بِالْعَمَلِ بِالتَّوْحِيدِ , وَالْإِسْلَامُ عَامٌّ يَثْبُتُ الِاسْمُ بِهِ بِالتَّوْحِيدِ وَالْخُرُوجُ مِنْ مِلَلِ الْكُفْرِ وَاحْتجُّوا بِحَدِيثِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ الَّذِي: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 506 560 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أنا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَعْطَى رِجَالًا وَلَمْ يُعْطِ رَجُلًا مِنْهُمْ شَيْئًا فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعْطَيْتَ فُلَانًا وَفُلَانًا وَلَمْ [ص: 507] تُعْطِ فُلَانًا وَهُوَ مُؤْمِنٌ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَوَ مُسْلِمٌ؟ حَتَّى أَعَادَهَا سَعْدٌ ثَلَاثًا وَالنَّبِيُّ يَقُولُ أَوَ مُسْلِمٌ؟ ثُمَّ قَالَ: إِنِّي أُعْطِي رِجَالًا وَأَمْنَعُ آخَرِينَ هُمْ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُمْ مَخَافَةَ أَنْ يُكَبُّوا عَلَى وُجُوهِهِمْ فِي النَّارِ ". قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَنَرَى أَنَّ الْإِسْلَامَ الْكَلِمَةُ وَالْإِيمَانَ الْعَمَلُ 561 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا مُسَدَّدٌ، ثنا مُعْتَمِرٌ، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرِ بْنِ رَاشِدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ [ص: 508] عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، بِهَذِهِ الْقِصَّةِ. 562 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَمِّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَامِرُ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهِ، بِهَذَا الْحَدِيثِ [ص: 509] . قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَاحْتَجُّوا بِإِنْكَارِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَلَى مَنْ شَهِدَ لِنَفْسِهِ بِالْإِيمَانِ فَقَالَ: أَنَا مُؤْمِنٌ مِنْ غَيْرِ اسْتِثْنَاءٍ، وَكَذَلِكَ أَصْحَابُهُ مِنْ بَعْدِهِ، وَجُلُّ عُلَمَاءِ أَهْلِ الْكُوفَةِ عَلَى ذَلِكَ، وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: «يَخْرُجُ مِنْهُ الْإِيمَانُ فَإِنْ رَجَعَ رَجَعَ إِلَيْهِ» وَبِمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْأَخْبَارِ، وَبِمَا رَوَى الْحَسَنُ وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ أَنَّهُمَا كَانَا يَقُولَانِ: «مُسْلِمٌ وَيَهَابَانِ مُؤْمِنٌ» وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِ أَبِي جَعْفَرٍ الَّذِي: الحديث: 560 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 506 563 - حَدَّثَنَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أنا وَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ [ص: 510] ، وَلَا يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ» فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: " هَذَا الْإِسْلَامُ وَدَوَّرَ دَارَةً وَاسِعَةً وَقَالَ: هَذَا الْإِيمَانُ وَدَوَّرَ دَارَةً صَغِيرَةً فِي وَسَطِ الْكَبِيرَةِ قَالَ: وَالْإِيمَانُ مَقْصُورٌ فِي الْإِسْلَامِ فَإِذَا زَنَى أَوْ سَرَقَ خَرَجَ مِنَ الْإِيمَانِ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَلَا يُخْرِجُهُ مِنَ الْإِسْلَامِ إِلَّا الْكُفْرُ بِاللَّهِ " قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} [الحجرات: 14] الحديث: 563 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 509 564 - فَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أنا جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، قَالَ: أَتَيْتُ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيَّ فَقُلْتُ: إِنَّ رَجُلًا خَاصَمَنِي يُقَالُ لَهُ: سَعِيدٌ الْعَنَزِيُّ، فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: لَيْسَ بِالْعَنْزِيِّ وَلَكِنَّهُ زُبَيْدِيُّ، قَوْلُهُ: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} [الحجرات: 14] فَقَالُوا: هُوَ الِاسْتِسْلَامُ، فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: لَا هُوَ الْإِسْلَامُ " 565 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: لَا، هُوَ الْإِسْلَامُ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَاحْتَجُّوا بِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «أَسْلَمَ النَّاسُ وَآمَنَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ» الحديث: 564 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 510 566 - حَدَّثَنَا بِذَلِكَ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أنا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ مِشْرَحِ بْنِ هَاعَانَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَسْلَمَ النَّاسُ وَآمَنَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ» الحديث: 566 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 511 567 - حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مَنْصُورٍ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، ثنا مُؤَمَّلٌ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ هِشَامًا، يَقُولُ: كَانَ الْحَسَنُ وَمُحَمَّدٌ يَقُولَانِ: مُسْلِمٌ، وَيَهَابَانِ مُؤْمِنٌ " الحديث: 567 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 511 568 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، ثنا أَبُو سَلَمَةَ الْحَرَّانِيُّ، قَالَ: قَالَ مَالِكٌ، وَشَرِيكٌ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: «الْإِيمَانُ الْمَعْرِفَةُ، وَالْإِقْرَارُ، وَالْعَمَلُ إِلَّا أَنَّ حَمَّادَ بْنَ زَيْدٍ يُفَرِّقُ بَيْنَ الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ يَجْعَلُ الْإِيمَانَ خَاصًّا وَالْإِسْلَامَ عَامًّا» قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: قَالُوا: فَلَنَا فِي هَؤُلَاءِ أُسْوَةٌ، وَبِهِمْ قُدْوَةٌ مَعَ مَا يُثْبِتُ ذَلِكَ مِنَ النَّظَرِ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ جَعَلَ اسْمَ الْمُؤْمِنِ اسْمَ ثَنَاءٍ وَتَزْكِيَةٍ وَمِدْحَةٍ أَوْجَبَ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ فَقَالَ: {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَّامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا} [الأحزاب: 44] وَقَالَ: {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ} [يونس: 2] وَقَالَ: {يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ} [الحديد: 12] الْآيَةَ، وَقَالَ: {يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ} [التحريم: 8] [ص: 513] وَقَالَ: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} [البقرة: 257] وَقَالَ: {وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} [التوبة: 72] قَالَ: ثُمَّ أَوْجَبَ اللَّهُ النَّارَ عَلَى الْكَبَائِرِ فَدَلَّ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ اسْمَ الْإِيمَانِ زَائِلٌ عَنْ مَنْ أَتَى كَبِيرَةً، قَالُوا: وَلَمْ نَجِدِ اللَّهَ أَوْجَبَ الْجَنَّةَ بِاسْمِ الْإِسْلَامِ فَثَبَتَ أَنَّ اسْمَ الْإِسْلَامِ لَهُ ثَابِتٌ عَلَى حَالِهِ، وَاسْمَ الْإِيمَانِ زَائِلٌ عَنْهُ. فَإِنْ قِيلَ لَهُمْ فِي قَوْلِهِمْ هَذَا: لَيْسَ الْإِيمَانُ ضِدَّ الْكُفْرِ. قَالُوا: الْكُفْرُ ضِدٌّ لِأَصْلِ الْإِيمَانِ لِأَنَّ لِلْإِيمَانِ أَصْلًا وَفَرْعًا، فَلَا يَثْبُتُ الْكُفْرُ حَتَّى يَزُولَ أَصْلُ الْإِيمَانِ الَّذِي هُوَ ضِدُّ الْكُفْرِ. فَإِنْ قِيلَ لَهُمْ: فَالَّذِي زَعَمْتُمْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَزَالَ عَنْهُ اسْمَ الْإِيمَانِ، هَلْ فِيهِ مِنَ الْإِيمَانِ شَيْءٌ؟ قَالُوا: نَعَمْ أَصْلُهُ ثَابِتٌ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَكَفَرَ، أَلَمْ تَسْمَعْ إِلَى ابْنِ مَسْعُودٍ أَنْكَرَ عَلَى الَّذِي شَهِدَ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ، ثُمَّ قَالَ: لَكِنَّا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ، وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، يُخْبِرُكَ أَنَّهُ قَدْ آمَنَ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ قَدْ صَدَّقَ، وَأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ اسْمَ الْمُؤْمِنِ إِذْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ مُقَصِّرٌ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ هَذَا الِاسْمَ عِنْدَهُ إِلَّا مَنْ أَدَّى مَا وَجَبَ، وَانْتَهَى عَمَّا حُرِّمَ عَلَيْهِ مِنَ الْمُوجِبَاتِ لِلنَّارِ الَّتِي هِيَ الْكَبَائِرُ. قَالُوا: فَلَمَّا أَبَانَ اللَّهُ أَنَّ هَذَا الِاسْمَ يَسْتَحِقُّهُ مَنْ قَدِ اسْتَحَقَّ [ص: 514] الْجَنَّةَ، وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَوْجَبَ الْجَنَّةَ عَلَيْهِ، وَعَلِمْنَا أَنَّا قَدْ آمَنَّا وَصَدَّقْنَا لِأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ مِنَ التَّكْذِيبِ إِلَّا بِالتَّصْدِيقِ وَلَسْنَا بِشَاكِّينَ وَلَا مُكَذِّبِينَ وَعَلِمْنَا أَنَّا لَهُ عَاصُونَ مُسْتَوْجِبُونَ لِلْعَذَابِ وَهُوَ ضِدُّ الثَّوَابِ الَّذِي حَكَمَ اللَّهُ بِهِ لِلْمُؤْمِنِينَ عَلَى اسْمِ الْإِيمَانِ، عَلِمْنَا أَنَّا قَدْ آمَنَّا وَأَمْسَكْنَا عَنِ الِاسْمِ الَّذِي أَثْبَتَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْحُكْمَ بِالْجَنَّةِ وَهُوَ مِنَ اللَّهِ اسْمُ ثَنَاءٍ وَتَزْكِيَةٍ، وَقَدْ نَهَانَا اللَّهُ أَنْ نُزَكِّيَ أَنْفُسَنَا، وَأَمَرَنَا بِالْخَوْفِ عَلَى أَنْفُسِنَا، وَأَوْجَبَ لَنَا الْعَذَابَ بِعِصْيَانِنَا، فَعَلِمْنَا أَنَّا لَسْنَا بِمُسْتَحِقِّينَ بِأَنْ نَتَسَمَّى مُؤْمِنِينَ إِذْ أَوْجَبَ اللَّهُ عَلَى اسْمِ الْإِيمَانِ الثَّنَاءَ، وَالتَّزْكِيَةَ، وَالرَّحْمَةَ، وَالرَّأْفَةَ، وَالْمَغْفِرَةَ، وَالْجَنَّةَ، وَأَوْجَبَ عَلَى الْكَبَائِرِ النَّارَ، وَهَذَانِ حُكْمَانِ يَتَضَادَّانِ. فَإِنْ قِيلَ: فَكَيْفَ أَمْسَكْتُمْ عَنِ اسْمِ الْإِيمَانِ أَنْ تُسَمَّوْا بِهِ، وَأَنْتُمْ تَزْعُمُونَ أَنَّ أَصْلَ الْإِيمَانِ فِي قُلُوبِكُمْ وَهُوَ التَّصْدِيقُ بِأَنَّ اللَّهَ حَقٌّ، وَمَا قَالَهُ صِدْقٌ؟ . قَالُوا: إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَجَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ سَمَّوُا الْأَشْيَاءَ بِمَا غَلَبَ عَلَيْهَا مِنَ الْأَسْمَاءِ فَسَمَّوُا الزَّانِيَ فَاسِقًا، وَالْقَاذِفَ فَاسِقًا، وَشَارِبَ الْخَمْرِ فَاسِقًا، وَلَمْ يُسَمُّوا وَاحِدًا مِنْ هَؤُلَاءِ مُتَّقِيًا وَلَا وَرِعًا، وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ أَنَّ فِيهِ أَصْلَ التُّقَى وَالْوَرَعِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ يَتَّقِي أَنْ يَكْفُرَ أَوْ يُشْرِكَ بِاللَّهِ شَيْئًا، وَكَذَلِكَ يَتَّقِي اللَّهَ أَنْ يَتْرُكَ الْغُسْلَ مِنَ الْجَنَابَةِ أَوِ الصَّلَاةِ، وَيَتَّقِي أَنْ يَأْتِيَ أُمَّهُ فَهُوَ فِي [ص: 515] جَمِيعِ ذَلِكَ مُتَّقٍ، وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ مِنَ الْمُخَالِفِينَ وَالْمُوَافِقِينَ أَنَّهُمْ لَا يُسَمُّونَهُ مُتَّقِيًا وَلَا وَرِعًا إِذَا كَانَ يَأْتِي بِالْفُجُورِ، فَلَمَّا أَجْمَعُوا أَنَّ أَصْلَ التُّقَى وَالْوَرَعِ ثَابِتٌ فِيهِ، وَأَنَّهُ قَدْ يَزِيدُ فِيهِ فُرُوعًا بَعْدَ الْأَصْلِ كَتَوَرُّعِهِ عَنْ إِتْيَانِ الْمَحَارِمِ ثُمَّ لَا يُسَمُّونَهُ مُتَّقِيًا وَلَا وَرِعًا مَعَ إِتْيَانِهِ بَعْضَ الْكَبَائِرِ، وَسَمُّوهُ فَاسِقًا وَفَاجِرًا مَعَ عِلْمِهِمْ أَنَّهُ قَدْ أَتَى بَعْضَ التُّقَى وَالْوَرَعِ، فَمَنَعَهُمْ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ اسْمَ التُّقَى اسْمَ ثَنَاءٍ وَتَزْكِيَةٍ، وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَوْجَبَ عَلَيْهِ الْمَغْفِرَةَ وَالْجَنَّةَ. قَالُوا: فَكَذَلِكَ لَا نُسَمِّيهِ مُؤْمِنًا، وَنُسَمِّيهِ فَاسِقًا زَانِيًا، وَإِنْ كَانَ أُصِّلَ فِي قَلْبِهِ اسْمُ الْإِيمَانِ لِأَنَّ الْإِيمَانَ اسْمٌ أَثْنَى اللَّهُ بِهِ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ، وَزَكَّاهُمْ بِهِ فَأَوْجَبَ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ، فَمِنْ ثَمَّ قُلْنَا: مُسْلِمٌ، وَلَمْ نَقُلْ: مُؤْمِنٌ. قَالُوا: وَلَوْ كَانَ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ الْمُوَحِّدِينَ يَسْتَحِقُّ أَنْ لَا يَكُونَ فِي قَلْبِهِ إِيمَانٌ وَلَا إِسْلَامٌ مِنَ الْمُوَحِّدِينَ لَكَانَ أَحَقُّ النَّاسِ بِذَلِكَ أَهْلَ النَّارِ الَّذِينَ دَخَلُوهَا، فَلَمَّا وَجَدْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخْبِرُ أَنَّ اللَّهَ يَقُولُ: «أَخْرِجُوا مِنَ النَّارِ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ مِنْ إِيمَانٍ» ثَبَتَ أَنَّ شَرَّ الْمُسْلِمِينَ فِي قَلْبِهِ [ص: 516] إِيمَانٌ، وَلَمَّا وَجَدْنَا الْأُمَّةَ يُحْكَمُ عَلَيْهِمْ بِالْأَحْكَامِ الَّتِي أَلْزَمَهَا اللَّهُ الْمُسْلِمِينَ وَلَا يُكَفِّرُونَهُمْ، وَلَا يَشْهَدُونَ لَهُمْ بِالْجَنَّةِ ثَبَتَ أَنَّهُمْ مُسْلِمُونَ إِذْ أَجْمَعُوا أَنْ يُمْضُوا عَلَيْهِمْ أَحْكَامَ الْمُسْلِمِينَ، وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَحِقُّونَ أَنْ يُسَمَّوْا مُؤْمِنِينَ، إِذْ كَانَ الْإِسْلَامُ ثَبْتًا لِلْمِلَّةِ الَّتِي يَخْرُجُ بِهَا الْمُسْلِمُ مِنْ جَمِيعِ الْمِلَلِ فَتَزُولُ عَنْهُ أَسْمَاءُ الْمِلَلِ إِلَّا اسْمَ الْإِسْلَامِ وَتَثْبُتُ أَحْكَامُ الْإِسْلَامِ عَلَيْهِ، وَتَزُولُ عَنْهُ أَحْكَامُ جَمِيعِ الْمِلَلِ. فَإنْ قَالَ لَهُمْ قَائِلٌ: لِمَ لَمْ تَقُولُوا: كَافِرُونَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، تُرِيدُونَ بِهِ كَمَالَ الْكُفْرِ، كَمَا قُلْتُمْ: مُؤْمِنِينَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تُرِيدُونَ بِهِ كَمَالَ الْإِيمَانِ؟ . قَالُوا: لِأَنَّ الْكَافِرَ مُنْكِرٌ لِلْحَقِّ، وَالْمُؤْمِنَ أَصْلُ الْإِقْرَارِ وَالْإِنْكَارِ لَا أَوَّلَ لَهُ وَلَا آخِرَ فَيَنْتَظِرُ بِهِ الْحَقَائِقَ. وَالْإِيمَانُ أَصْلُهُ التَّصْدِيقُ، وَالْإِقْرَارُ يَنْتَظِرُ بِهِ حَقَائِقَ الْأَدَاءِ لِمَا أَقَرَّ وَالتَّحْقِيقُ لِمَا صَدَّقَ، وَمَثَلُ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلَيْنِ عَلَيْهِمَا حَقٌّ لِرَجُلٍ فَسَأَلَ أَحَدُهُمَا حَقَّهُ فَقَالَ: لَيْسَ لَكَ عِنْدِي حَقٌّ فَأَنْكَرَ وَجَحَدَ فَلَمْ تَبْقَ لَهُ مَنْزِلَةٌ يُحَقِّقُ بِهَا مَا قَالَ إِذْ جَحَدَ وأَنْكَرَ وَسَأَلَ الْآخَرَ حَقَّهُ، فَقَالَ: نَعَمْ، لَكَ عَلَيَّ كَذَا وَكَذَا، فَلَيْسَ إِقْرَارُهُ بِالَّذِي [ص: 517] يَصِلُ إِلَيْهِ بِذَلِكَ حَقُّهُ دُونَ أَنْ يُوَفِّيَهُ، وَهُوَ مُنْتَظِرٌ لَهُ أَنْ يُحَقِّقَ مَا قَالَ إِلَّا بِأَدَائِهِ، وَيَصْدُقُ إِقْرَارُهُ بِالْوَفَاءِ، وَلَوْ أَقَرَّ ثُمَّ لَمْ يُؤَدِّ حَقَّهُ كَانَ كَمَنْ جَحَدَهُ فِي الْمَعْنَى، إِذَا اسْتَوَيَا فِي التَّرْكِ لِلْأَدَاءِ فَتَحْقِيقُ مَا قَالَ أَنْ يُؤَدِّيَ إِلَيْهِ حَقَّهُ، فَإِنْ أَدَّى جُزْءًا مِنْهُ حَقَّقَ بَعْضَ مَا قَالَ وَوَفَى بِبَعْضِ مَا أَقَرَّ بِهِ، وَكُلَّمَا أَدَّى جُزْءًا ازْدَادَ تَحْقِيقًا لِمَا أَقَرَّ بِهِ، وَعَلَى الْمُؤْمِنِ الْأَدَاءُ أَبَدًا لِمَا أَقَرَّ بِهِ حَتَّى يَمُوتَ فَمِنْ ثَمَّ قُلْنَا مُؤْمِنٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَلَمْ يَقُلْ: كَافِرٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ الحديث: 568 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 512 قَوْلُ طَائِفَةٍ ثَانِيَةٍ فِي مُغَايَرَةِ الْإِيمَانِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَقَالَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى أَيْضًا مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ بِمِثْلِ مَقَالَةِ هَؤُلَاءِ، إِلَّا أَنَّهُمْ سَمَّوْهُ مُسْلِمًا لِخُرُوجِهِ مِنْ مِلَلِ الْكُفْرِ، وَلِإِقْرَارِهِ بِاللَّهِ وَبِمَا قَالَ، وَلَمْ يُسَمُّوهُ مُؤْمِنًا وَزَعَمُوا أَنَّهُ مَعَ تَسْمِيَتِهِمْ إِيَّاهُ بِالْإِسْلَامِ كَافِرٌ لَا كَافِرٌ بِاللَّهِ، وَلَكِنْ كَافِرٌ مِنْ طَرِيقِ الْعَمَلِ، وَقَالُوا: كُفْرٌ لَا يَنْقُلُهُ عَنِ الْمِلَّةِ، وَقَالُوا: مُحَالٌ أَنْ يَقُولَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ» وَالْكُفْرُ ضِدُّ الْإِيمَانِ فَيُزِيلُ عَنْهُ اسْمَ الْإِيمَانِ إِلَّا وَاسْمُ الْكُفْرِ لَازِمٌ لَهُ لِأَنَّ الْكُفْرَ ضِدُّ الْإِيمَانِ إِلَّا أَنَّ الْكُفْرَ كُفْرَانِ: كُفْرٌ هُوَ جَحْدٌ بِاللَّهِ وَبِمَا قَالَ فَذَلِكَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 517 ضِدُّهُ الْإِقْرَارُ بِاللَّهِ وَالتَّصْدِيقُ بِهِ وَبِمَا قَالَ، وَكُفْرٌ هُوَ عَمَلٌ ضِدُّ الْإِيمَانِ الَّذِي هُوَ عَمَلٌ، أَلَا تَرَى مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «لَا يُؤْمِنُ مَنْ لَا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ» قَالُوا: فَإِذَا لَمْ يُؤْمِنْ فَقَدْ كَفَرَ، وَلَا يَجُوزُ غَيْرُ ذَلِكَ إِلَّا أَنَّهُ كُفْرٌ مِنْ جِهَةِ الْعَمَلِ إِذْ لَمْ يُؤْمِنْ مِنْ جِهَةِ الْعَمَلِ، لِأَنَّهُ لَا يُضَيِّعُ الْمُفْتَرَضَ عَلَيْهِ، وَيَرْكَبُ الْكَبَائِرَ إِلَّا مِنْ خَوْفِهِ، وَإِنَّمَا يَقِلُّ خَوْفُهُ مِنْ قِلَّةِ تَعْظِيمِهِ لِلَّهِ، وَوَعِيدِهِ فَقَدْ تَرَكَ مِنَ الْإِيمَانِ التَّعْظِيمَ الَّذِي صَدَرَ عَنْهُ الْخَوْفُ وَالْوَرَعُ عَنِ الْخَوْفِ فَأَقْسَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ: «لَا يُؤْمِنُ إِذَا لَمْ يَأْمَنْ جَارُهُ بَوَائِقَهُ» ثُمَّ قَدْ رَوَى جَمَاعَةٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «قِتَالُ الْمُسْلِمِ كُفْرٌ» وَأَنَّهُ قَالَ: " إِذَا قَالَ الْمُسْلِمُ لِأَخِيهِ يَا كَافِرُ وَلَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَقَدْ بَاءَ بِالْكُفْرِ، فَقَدْ سَمَّاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقِتَالِهِ أَخَاهُ كَافِرًا، وَبِقَوْلِهِ لَهُ: يَا كَافِرُ كَافِرًا وَهَذِهِ الْكَلِمَةُ دُونَ الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ. قَالُوا: وَأَمَّا قَوْلُ مَنِ احْتَجَّ عَلَيْنَا فَزَعَمَ أَنَّا إِذَا سَمَيْنَاهُ كَافِرًا لَزِمَنَا أَنْ نَحْكُمَ عَلَيْهِ بِحُكْمِ الْكَافِرِينَ بِاللَّهِ فَنَسْتَتِيبُهُ وَنُبْطِلُ الْحُدُودَ عَنْهُ لِأَنَّهُ إِذَا كَفَرَ فَقَدْ زَالَتْ عَنْهُ أَحْكَامُ الْمُؤْمِنِينَ وَحُدُودِهِمْ وَفِي ذَلِكَ إِسْقَاطُ الْحُدُودِ وَأَحْكَامِ الْمُؤْمِنِينَ عَنْ كُلِّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 518 مَنْ أَتَى كَبِيرَةً فَإِنَّا لَمْ نَذْهَبُ فِي ذَلِكَ إِلَى حَيْثُ ذَهَبُوا، وَلَكِنَّا نَقُولُ: لِلْإِيمَانِ أَصْلٌ وَفَرْعٌ، وَضِدُّ الْإِيمَانِ الْكُفْرُ فِي كُلِّ مَعْنًى فَأَصْلُ الْإِيمَانِ الْإِقْرَارُ وَالتَّصْدِيقُ وَفَرْعُهُ إِكْمَالُ الْعَمَلِ بِالْقَلْبِ وَالْبَدَنِ، فَضِدُّ الْإِقْرَارِ وَالتَّصْدِيقِ الَّذِي هُوَ أَصْلُ الْإِيمَانِ الْكُفْرُ بِاللَّهِ وَبِمَا قَالَ وَتَرْكُ التَّصْدِيقِ بِهِ وَلَهُ، وَضِدُّ الْإِيمَانِ الَّذِي هُوَ عَمَلٌ وَلَيْسَ هُوَ إِقْرَارٌ كُفْرٌ لَيْسَ بِكُفْرٍ بِاللَّهِ يَنْقُلُ عَنِ الْمِلَّةِ، وَلَكِنْ كُفْرٌ يُضَيِّعُ الْعَمَلَ كَمَا كَانَ الْعَمَلُ إِيمَانًا، وَلَيْسَ هُوَ الْإِيمَانُ الَّذِي هُوَ إِقْرَارٌ بِاللَّهِ فَكَمَا كَانَ مَنْ تَرَكَ الْإِيمَانَ الَّذِي هُوَ إِقْرَارٌ بِاللَّهِ كَافِرًا يُسْتَتَابُ وَمَنْ تَرَكَ الْإِيمَانَ الَّذِي هُوَ عَمَلٌ مِثْلُ الزَّكَاةِ وَالْحَجِّ وَالصَّوْمِ أَوْ تَرَكَ الْوَرَعَ عَنْ شُرْبِ الْخَمْرِ وَالزِّنَا فَقَدْ زَالَ عَنْهُ بَعْضُ الْإِيمَانِ، وَلَا يَجِبُ أَنْ يُسْتَتَابَ عِنْدَنَا وَلَا عِنْدَ مَنْ خَالَفَنَا مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَأَهْلِ الْبِدَعِ مِمَّنْ قَالَ: إِنَّ الْإِيمَانَ تَصْدِيقٌ وَعَمَلٌ إِلَّا الْخَوَارِجَ وَحْدَهَا فَكَذَلِكَ لَا يَجِبُ بِقَوْلِنَا كَافِرٌ مِنْ جِهَةِ تَضْيِيعِ الْعَمَلِ أَنْ يُسْتَتَابَ، وَلَا يَزُولُ عَنْهُ الْحُدُودُ وَكَمَا لَمْ يَكُنْ بِزَوَالِ الْإِيمَانِ الَّذِي هُوَ عَمَلٌ اسْتِتَابِتُهُ، وَلَا إِزَالَةُ الْحُدُودِ عَنْهُ إِذْ لَمْ يَزُلْ أَصْلُ الْإِيمَانِ عَنْهُ، فَكَذَلِكَ لَا يَجِبُ عَلَيْنَا اسْتِتَابَتُهُ وإِزَالَةُ الْحُدُودِ وَالْأَحْكَامِ عَنْهُ بِإِثْبَاتِنَا لَهُ اسْمَ الْكُفْرِ مِنْ قِبَلِ الْعَمَلِ إِذْ لَمْ يَأْتِ بِأَصْلِ الْكُفْرِ الَّذِي هُوَ جَحَدٌ بِاللَّهِ، أَوْ بِمَا قَالَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 519 قَالُوا: وَلَمَّا كَانَ الْعِلْمُ بِاللَّهِ إِيمَانًا، وَالْجَهْلُ بِهِ كُفْرًا، وَكَانَ الْعَمَلُ بِالْفَرَائِضِ إِيمَانًا، وَالْجَهْلُ بِهَا قَبْلَ نُزُولِهَا لَيْسَ بِكُفْرٍ وَبَعْدَ نُزُولِهَا مَنْ لَمْ يَعْمَلْهَا لَيْسَ بِكُفْرٍ لِأَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَقَرُّوا بِاللَّهِ فِي أَوَّلِ مَا بَعَثَ اللَّهُ رَسُولَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ، وَلَمْ يَعْمَلُوا الْفَرَائِضَ الَّتِي افْتُرِضَتْ عَلَيْهِمْ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَمْ يَكُنْ جَهْلُهُمْ ذَلِكَ كُفْرًا، ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ هَذِهِ الْفَرَائِضَ فَكَانَ إقْرَارُهُمْ بِهَا وَالْقِيَامُ بِهَا إِيمَانًا، وَإِنَّمَا يَكْفُرُ مَنْ جَحَدَهَا لِتَكْذِيبِهِ خَبَرَ اللَّهِ، وَلَوْ لَمْ يَأْتِ خَبَرٌ مِنَ اللَّهِ مَا كَانَ بِجَهْلِهَا كَافِرًا، وَبَعْدَ مَجِئِ الْخَبَرِ مَنْ لَمْ يَسْمَعْ بِالْخَبَرِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، لَمْ يَكُنْ بِجَهْلِهَا كَافِرًا، وَالْجَهْلُ بِاللَّهِ فِي كُلِّ حَالٍ كُفْرٌ قَبْلَ الْخَبَرِ وَبَعْدَ الْخَبَرِ قَالُوا: فَمِنْ ثَمَّ قُلْنَا: إنَّ تَرْكَ التَّصْدِيقِ بِاللَّهِ كُفْرٌ بِهِ، وَإنَّ تَرْكَ الْفَرَائِضِ مَعَ تَصْدِيقِ اللَّهِ أَنَّهُ أَوْجَبَهَا كُفْرٌ لَيْسَ بِكُفْرٍ بِاللَّهِ إِنَّمَا هُوَ كُفْرٌ مِنْ جِهَةِ تَرْكِ الْحَقِّ كَمَا يَقُولُ الْقَائِلُ: كَفَرْتَنِي حَقِّي وَنِعْمَتِي، يُرِيدُ ضَيَّعْتَ حَقِّي، وَضَيَّعْتَ شُكْرَ نِعْمَتِي، قَالُوا: وَلَنَا فِي هَذَا قُدْوَةٌ بِمَنْ رَوَى عَنْهُمْ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالتَّابِعِينَ إِذْ جَعَلُوا لِلْكُفْرِ فُرُوعًا دُونَ أَصْلِهِ، لَا تَنْقُلُ صَاحِبَهُ عَنْ مِلَّةِ الْإِسْلَامِ كَمَا ثَبَتُوا لِلْإِيمَانِ مِنْ جِهَةِ الْعَمَلِ فَرَعًا لِلْأَصْلِ لَا يَنْقُلُ تَرْكُهُ عَنْ مِلَّةِ الْإِسْلَامِ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: 44] الجزء: 2 ¦ الصفحة: 520 569 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، ثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ هِشَامٍ يَعْنِي ابْنَ حُجَيْرٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،: " {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: 44] لَيْسَ بِالْكُفْرِ الَّذِي يَذْهَبُونَ إِلَيْهِ " الحديث: 569 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 521 570 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَا: ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أنا مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ قَوْلِهِ: " {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: 44] قَالَ هِيَ بِهِ كُفْرٌ " قَالَ ابْنُ طَاوُسٍ: وَلَيْسَ كَمَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ، وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ الحديث: 570 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 521 571 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «هُوَ بِهِ كُفْرُهُ، وَلَيْسَ كَمَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ، وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ» الحديث: 571 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 521 572 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: " مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَهُوَ كَافِرٌ؟ قَالَ: هُوَ بِهِ كُفْرُهُ، وَلَيْسَ كَمَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ، وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ " الحديث: 572 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 522 573 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «كُفْرٌ لَا يَنْقُلُ عَنِ الْمِلَّةِ» الحديث: 573 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 522 574 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَكِّيِّ، عَنْ طَاوُسٍ، قَالَ: «لَيْسَ بِكُفْرٍ يَنْقُلُ عَنِ الْمِلَّةِ» الحديث: 574 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 522 575 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: «كُفْرٌ دُونَ كُفْرٍ، وَظُلْمٌ دُونَ ظُلْمٍ، وَفِسْقٌ دُونَ فِسْقٍ» [ص: 523] قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: قَالُوا: وَقَدْ صَدَقَ عَطَاءٌ قَدْ يُسَمَّى الْكَافِرُ ظَالِمًا، وَيُسَمَّى الْعَاصِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ظَالِمًا، فَظُلْمٌ يَنْقُلُ عَنْ مِلَّةِ الْإِسْلَامِ، وَظُلْمٌ لَا يَنْقُلُ. قَالَ اللَّهُ: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الأنعام: 82] وَقَالَ: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13] الحديث: 575 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 522 576 - فَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أنا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: " لَمَّا نَزَلَتِ: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الأنعام: 82] شَقَّ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا: أَيُّنَا لَمْ يَلْبِسْ إِيمَانَهُ بِظُلْمٍ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَيْسَ بِذَلِكَ أَلَا تَسْمَعُونَ إِلَى قَوْلِ لُقْمَانَ: {إِنَّ الشِّرْكَ} [لقمان: 13] لَظُلْمٌ عَظِيمٌ " [ص: 524] 577 - قَالَ إِسْحَاقُ: أنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، وَوَكِيعٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، بِهَذَا الْحَدِيثِ وَقَالَ: إِنَّمَا هُوَ الشِّرْكُ الحديث: 576 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 523 578 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا الْحَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ، عَنْ [ص: 525] حَمَّادٍ يَعْنِي ابْنَ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مِهْرَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، كَانَ إِذَا دَخَلَ بَيْتَهُ نَشَرَ الْمُصْحَفَ فَقَرَأَ، فَدَخَلَ ذَاتَ يَوْمٍ فَقَرَأَ فَأَتَى عَلَى هَذِهِ الْآيَةِ: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الأنعام: 82] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، فَانْتَعَلَ وَأَخَذَ رِدَاءَهُ ثُمَّ أَتَى أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ فَقَالَ: يَا أَبَا الْمُنْذِرِ أَتَيْتُ قَبْلُ عَلَى هَذِهِ الْآيَةِ {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الأنعام: 82] وَقَدْ تَرَى أَنَّا نَظْلِمُ وَنَفْعَلُ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ هَذَا لَيْسَ بِذَلِكَ، يَقُولُ اللَّهُ: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13] إِنَّمَا ذَلِكَ الشِّرْكُ " 579 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ حِسَابٍ، ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ عُمَرَ، أَتَى عَلَى هَذِهِ الْآيَةِ: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الأنعام: 82] فَذَكَرَ الْحَدِيثَ الحديث: 578 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 524 أَنْوَاعُ الْفِسْقِ، وَالشِّرْكِ، وَالْكُفْرِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: قَالُوا: وَكَذَلِكَ الْفِسْقُ فِسْقَانِ فِسْقٌ يَنْقُلُ عَنِ الْمِلَّةِ، وَفِسْقٌ لَا يَنْقُلُ عَنِ الْمِلَّةِ فَيُسَمَّى الْكَافِرُ فَاسِقًا، وَالْفَاسِقُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَاسِقًا، ذَكَرَ اللَّهُ إِبْلِيسَ، فَقَالَ: {فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ} [الكهف: 50] وَكَانَ ذَلِكَ الْفِسْقُ مِنْهُ كُفْرًا وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ} [السجدة: 20] يُرِيدُ الْكُفَّارَ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ: {كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ} [السجدة: 20] وَسُمِّيَ الْقَاذِفُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَاسِقًا، وَلَمْ يُخْرِجْهُ مِنَ الْإِسْلَامِ، قَالَ اللَّهُ: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا، وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور: 4] وَقَالَ اللَّهُ: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [البقرة: 197] فَقَالَتِ الْعُلَمَاءُ فِي تَفْسِيرِ الْفُسُوقِ هَهُنَا: هِيَ الْمَعَاصِي قَالُوا: فَكَمَا كَانَ الظُّلْمُ ظُلْمَيْنِ، وَالْفُسُوقُ فِسْقَيْنِ، كَذَلِكَ [ص: 527] الْكُفْرُ كُفْرَانِ: أَحَدُهُمَا يَنْقُلُ عَنِ الْمِلَّةِ، وَالْآخَرُ لَا يَنْقُلُ عَنْهَا فَكَذَلِكَ الشِّرْكُ شِرْكَانِ شِرْكٌ فِي التَّوْحِيدِ يَنْقُلُ عَنِ الْمِلَّةِ، وَشِرْكٌ فِي الْعَمَلِ لَا يَنْقُلُ عَنِ الْمِلَّةِ وَهُوَ الرِّيَاءُ، قَالَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف: 110] يُرِيدُ بِذَلِكَ الْمُرَاءَاةَ بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الطِّيَرَةُ شِرْكٌ» قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: فَهَذَانِ مَذْهَبَانِ هُمَا فِي الْجُمْلَةِ مَحْكِيَّانِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فِي مُوَافِقِيهِ مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ 580 - حَكَى الشَّالِنْجِيُّ إِسْمَاعِيلُ بْنُ سَعِيدٍ أَنَّهُ سَأَلَ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ عَنِ الْمُصِرِّ، عَلَى الْكَبَائِرِ يَطْلُبُهَا بِجُهْدِهِ إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَتْرُكِ الصَّلَاةَ وَالزَّكَاةَ وَالصَّوْمَ هَلْ يَكُونُ مُصِرًّا مَنْ كَانَتْ هَذِهِ حَالُهُ؟ قَالَ: هُوَ مُصِرٌّ مِثْلَ قَوْلِهِ: «لَا يَزْنِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ» يَخْرُجُ مِنَ الْإِيمَانِ، وَيَقَعُ فِي الْإِسْلَامِ وَمِنْ نَحْوِ قَوْلِهِ: «لَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ» ، وَمِنْ نَحْوِ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: 44] [ص: 528] فَقُلْتُ لَهُ: مَا هَذَا الْكُفْرُ؟ قَالَ: كُفْرٌ لَا يَنْقُلُ عَنِ الْمِلَّةِ مِثْلُ الْإِيمَانِ بَعْضُهُ دُونَ بَعْضٍ، فَكَذَلِكَ الْكُفْرُ حَتَّى يَجِيءَ مِنْ ذَلِكَ أَمْرٌ لَا يُخْتَلَفُ فِيهِ 581 - وَقَالَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ: «لَا يَزْنِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ» ، لَا يَكُونُ مُسْتِكْمِلَ الْإِيمَانِ يَكُونُ نَاقِصًا مِنْ إِيمَانِهِ 582 - قَالَ: وَسَأَلْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ عَنِ الْإِسْلَامِ، وَالْإِيمَانِ، فَقَالَ: الْإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ، وَالْإِسْلَامُ إِقْرَارٌ، قَالَ: وَبِهِ قَالَ أَبُو خَيْثَمَةَ 583 - وَقَالَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ: لَا يَكُونُ الْإِسْلَامُ إِلَّا بِإِيمَانٍ، وَلَا إِيمَانَ إِلَّا بِإِسْلَامٍ، وَإِذَا كَانَ عَلَى الْمُخَاطَبَةِ فَقَالَ: قَدْ قَبِلْتُ الْإِيمَانَ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي الْإِسْلَامِ، وَإِذَا قَالَ: قَدْ قَبِلْتُ الْإِسْلَامَ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي الْإِيمَانِ 584 - قَالَ: وَحَكَى الْمَيْمُونِيُّ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ أَنَّهُ سَأَلَ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ عَنْ رَأْيِهِ، فِي مُؤْمِنٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَقَالَ: أَقُولُ: مُؤْمِنٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَأَقُولُ: مُسْلِمٌ، وَلَا أَسْتَثْنِي 585 - وَقَالَ: قُلْتُ لِأَحْمَدَ: يُفَرَّقُ بَيْنَ الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ؟ فَقَالَ لِي: نَعَمْ، قُلْتُ لَهُ: بِأَيِّ شَيْءٍ تَحْتَجُّ؟ قَالَ لِي: قَالَ اللَّهُ: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} [الحجرات: 14] وَذَكَرَ أَشْيَاءَ [ص: 529] 586 - وَقَالَ الشَّالِنْجِيُّ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ عَنْ مَنْ، قَالَ: أَنَا مُؤْمِنٌ، عِنْدَ نَفْسِي مِنْ طَرِيقِ الْأَحْكَامِ وَالْمَوَارِيثِ وَلَا أَعْلَمُ مَا أَنَا عِنْدَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: لَيْسَ هَذَا بِمُرْجِئٍ 587 - وَقَالَ أَبُو أَيُّوبَ: الِاسْتِثْنَاءُ جَائِزٌ قَالَ: أَنَا مُؤْمِنٌ، وَلَمْ يَقُلْ عِنْدَ اللَّهِ وَلَمْ يَسْتَثْنِ فَذَلِكَ عِنْدِي جَائِزٌ وَلَيْسَ بِمُرْجِئٍ وَبِهِ قَالَ أَبُو خَيْثَمَةَ، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ 588 - وَحَكَى غَيْرُ هَؤُلَاءِ أَنَّهُ سَأَلَ أَحْمَدَ عَنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ» فَقَالَ: مِنْ أَيِّ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ أَوْ مِثْلِهِنَّ أَوْ فَوْقِهِنَّ فَهُوَ مُسْلِمٌ، وَلَا أُسَمِّيهِ مُؤْمِنًا، وَمَنْ أَتَى دُونَ ذَلِكَ يُرِيدُ دُونَ الْكَبَائِرِ سَمَّيْتُهُ مُؤْمِنًا نَاقِصَ الْإِيمَانِ الحديث: 580 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 526 قَوْلُ طَائِفَةٍ ثَالِثَةٍ بِاتِّحَادِ الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَقَالَتْ طَائِفَةٌ ثَالِثَةٌ وَهُمُ الْجُمْهُورُ الْأَعْظَمُ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ وَأَصْحَابِ الْحَدِيثِ: الْإِيمَانُ الَّذِي دَعَا اللَّهُ الْعِبَادَ إِلَيْهِ، وَافْتَرَضَهُ عَلَيْهِمْ هُوَ الْإِسْلَامُ الَّذِي جَعَلَهُ دِينًا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 529 ، وَارْتَضَاهُ لِعِبَادِهِ وَدَعَاهُمْ إِلَيْهِ، وَهُوَ ضِدُّ الْكُفْرِ الَّذِي سَخِطَهُ فَقَالَ: {وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ} [الزمر: 7] وَقَالَ: {وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3] وَقَالَ: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ} [الأنعام: 125] وَقَالَ: {أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ} [الزمر: 22] فَمَدَحَ اللَّهُ الْإِسْلَامَ بِمِثْلِ مَا مَدَحَ بِهِ الْإِيمَانَ، وَجَعَلَهُ اسْمَ ثَنَاءٍ وَتَزْكِيَةٍ، فَأَخْبَرَ أَنَّ مَنْ أَسْلَمَ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ، وَهُدَىً، وَأَخْبَرَ أَنَّهُ دِينُهُ الَّذِي ارْتَضَاهُ، فَقَدْ أَحَبَّهُ وَامْتَدَحَهُ، أَلَا تَرَى أَنَّ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ وَرُسُلَهُ رَغِبُوا فِيهِ إِلَيْهِ، وَسَأَلُوهُ إِيَّاهُ، فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ خَلِيلُ الرَّحْمَنِ، وَإِسْمَاعِيلُ ذَبِيحُهُ: {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ} [البقرة: 128] . وَقَالَ يُوسُفُ: {تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} [يوسف: 101] وَقَالَ: {وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [البقرة: 132] وَقَالَ: {وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا} [آل عمران الجزء: 2 ¦ الصفحة: 530 : 20] . وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ} [البقرة: 136] . إِلَى قَوْلِهِ: {وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا} [البقرة: 137] . فَحَكَمَ اللَّهُ بِأَنَّ مَنْ أَسْلَمَ فَقَدِ اهْتَدَى، وَمَنْ آمَنَ فَقَدِ اهْتَدَى فَقَدْ سَوَّى بَيْنَهُمَا قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَقَدْ ذَكَرْنَا تَمَامَ الْحُجَّةِ فِي أَنَّ الْإِسْلَامَ هُوَ الْإِيمَانُ وَأَنَّهُمَا لَا يَفْتَرِقَانِ، وَلَا يَتَبَايَنَانِ مِنَ الْكِتَابِ وَالْأَخْبَارِ الدَّالَّةِ عَلَى ذَلِكَ فِي مَوْضِعٍ غَيْرِ هَذَا، فَتَرَكْنَا إِعَادَتَهُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ كَرَاهِيَةَ التَّطْوِيلِ وَالتَّكْرِيرِ غَيْرَ أَنَّا سَنَذْكُرُ هَهُنَا مِنَ الْحُجَّةِ فِي ذَلِكَ مَا لَمْ نَذْكُرُهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، وَنُبَيِّنُ خَطَأَ تَأْوِيلِهِمْ، وَالْحُجَجَ الَّتِي احْتَجُّوا بِهَا مِنَ الْكِتَابِ وَالْأَخْبَارِ الَّتِي اسْتَدَلُّوا بِهَا عَلَى التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [الحجرات: 17] فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْإِسْلَامَ هُوَ الْإِيمَانُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 531 589 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، أنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أنا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: {لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ} [الحجرات: 17] قَالَ: مَنُّوا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ جَاءُوا فَقَالُوا: إِنَّا أَسْلَمْنَا بِغَيْرِ قِتَالٍ، لَمْ نُقَاتِلْكَ كَمَا قَاتَلَكَ بَنُو فُلَانٍ وَبَنُو فُلَانٍ، وَقَالَ اللَّهُ لِنَبِيِّهِ: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ} [الحجرات: 17] " الحديث: 589 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 531 590 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدَةَ، ثنا أَبُو وَهْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُزَاحِمٍ، ثنا بُكَيْرُ بْنُ مَعْرُوفٍ، عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا} [الحجرات: 17] [ص: 532] ، إِنَّهُمْ أَعْرَابُ بَنِي أَسَدِ بْنِ خُزَيْمَةَ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَيْنَاكَ بِغَيْرِ قِتَالٍ، وَتَرَكْنَا الْعَشَائِرَ وَالْأَمْوَالَ، وَكُلُّ قَبِيلَةٍ مِنَ الْأَعْرَابِ قَاتَلَتْكَ حَتَّى دَخَلُوا فِي الْإِسْلَامِ كَرْهًا، فَلَنَا عَلَيْكَ حَقٌّ فَأَنْزَلَ اللَّهُ [ص: 533] : {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ} [الحجرات: 17] فَلَهُ لِذَلِكَ الْمَنُّ عَلَيْكُمْ {إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [البقرة: 23] وَفِيهِمْ أُنْزِلَتْ: {وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 33] وَيُقَالُ فِي الْكَبَائِرِ الَّتِي حَتَمَتْ بِنَارٍ: كُلُّ مُوجِبَةٍ مَنْ رَكِبَهَا وَمَاتَ عَلَيْهَا لَمْ يَتُبْ مِنْهَا " قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [البينة: 5] الآية وَقَالَ: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [آل عمران: 19] فَسَمَّى إِقَامَ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ دِينًا قَيِّمًا، وَسَمَّى الدِّينَ إِسْلَامًا، فَمَنْ لَمْ يُؤَدِّ الزَّكَاةَ فَقَدْ تَرَكَ مِنَ الدِّينِ الْقَيِّمِ الَّذِي أَخْبَرَ اللَّهُ أَنَّهُ عِنْدَهُ الدِّينُ وَهُوَ الْإِسْلَامُ بَعْضًا. وَقَدْ جَامَعَتْنَا هَذِهِ الطَّائِفَةُ الَّتِي فَرَّقَتْ بَيْنَ الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ عَلَى أَنَّ الْإِيمَانَ قَوْلٌ وَعَمَلٌ، وَأَنَّ الصَّلَاةَ وَالزَّكَاةَ مِنَ الْإِيمَانِ، وَقَدْ سَمَّاهُمَا اللَّهُ دِينًا وَأَخْبَرَ أَنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ، فَقَدْ سَمَّى اللَّهُ الْإِسْلَامَ بِمَا سَمَّى بِهِ الْإِيمَانَ، وَسَمَّى الْإِيمَانَ بِمَا سَمَّى بِهِ الْإِسْلَامَ، وَبِمِثْلِ ذَلِكَ جَاءَتِ الْأَخْبَارُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَنْ زَعَمَ أَنَّ الْإِسْلَامَ هُوَ الْإِقْرَارُ، وَأَنَّ الْعَمَلَ لَيْسَ مِنْهُ فَقَدْ خَالَفَ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُرْجِئَةِ إِذْ زَعَمَتْ أَنَّ الْإِيمَانَ إِقْرَارٌ [ص: 534] بِمَا عَمِلَ. فَقَدْ بَيَّنَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ، وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الْإِسْلَامَ وَالْإِيمَانَ لَا يَفْتَرِقَانِ فَمَنْ صَدَّقَ اللَّهَ فَقَدْ آمَنَ بِهِ، وَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ فَقَدْ خَضَعَ لِلَّهِ، وَقَدْ أَسْلَمَ لِلَّهِ، وَمَنْ صَامَ، وَصَلَّى، وَقَامَ بِفَرَائِضِ اللَّهِ، وَانْتَهَى عَمَّا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ فَقَدِ اسْتَكْمَلَ الْإِيمَانَ وَالْإِسْلَامَ الْمُفْتَرَضَ عَلَيْهِ، وَمَنْ تَرَكَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَلَنْ يَزُولَ عَنْهُ اسْمُ الْإِيمَانِ، وَلَا [ص: 535] الْإِسْلَامِ إِلَّا أَنَّهُ أَنْقَصُ مِنْ غَيْرِهِ فِي الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ مِنْ غَيْرِ نُقْصَانٍ مِنَ الْإِقْرَارِ بِأَنَّ اللَّهَ وَمَا قَالَ حَقٌّ لَا بَاطِلٌ، وَصِدْقٌ لَا كَذِبٌ، وَلَكِنْ يَنْقُصُ مِنَ الْإِيمَانِ الَّذِي هُوَ تَعْظِيمٌ لِلْقَدْرِ خُضُوعٌ لِلْهَيْبَةِ وَالْجَلَالِ، وَالطَّاعَةِ لِلْمُصَدِّقِ بِهِ وَهُوَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَمِنْ ذَلِكَ يَكُونُ النُّقْصَانُ لَا مِنْ إقْرَارِهِمْ بِأَنَّ اللَّهَ حَقٌّ وَمَا قَالَهُ صِدْقٌ. قَالُوا: وَمِمَّا يَدُلُّكُ عَلَى تَحْقِيقِ قَوْلِنَا أَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ قَدْ جَامَعَنَا أَنَّ مَنْ أَتَى الْكَبَائِرَ الَّتِي اسْتَوْجَبَ النَّارَ بِرُكُوبِهَا لَنْ يَزُولَ عَنْهُ اسْمُ الْإِسْلَامِ، وَشَرٌّ مِنَ الْكَبَائِرِ وَأَعْظَمُهُمْ رُكُوبًا لَهَا مَنْ أَدْخَلَهُ اللَّهُ النَّارَ، فَهُمْ يَرْوُونَ الْحَدِيثَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُثْبِتُونَهُ أَنَّ اللَّهَ يَقُولُ: «أَخْرِجُوا مِنَ النَّارِ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ خَرْدَلَةٍ مِنْ إِيمَانٍ، وَمِثْقَالُ بُرَّةٍ وَمِثْقَالُ شَعِيرَةٍ» فَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّ فِيَ قُلُوبِهِمْ إِيمَانًا أُخْرِجُوا بِهَا مِنَ النَّارِ، وَهُمْ أَشَرُّ أَهْلِ التَّوْحِيدِ الَّذِينَ لَا يَزُولُ فِي قَوْلِنَا وَفِي قَوْلِ مَنْ خَالَفَنَا عَنْهُمُ اسْمُ الْإِسْلَامِ، وَلَا جَائِزَ أَنْ يَكُونَ مَنْ فِي قَلْبِهِ إِيمَانٌ يَسْتَوْجِبُ بِهِ الْخُرُوجَ مِنَ الْإِيمَانِ، وَدُخُولَ الْجَنَّةِ لَيْسَ بِمُؤْمِنٍ بِاللَّهِ إِذْ لَا جَائِزَ أَنْ يَفْعَلَ الْإِيمَانَ الَّذِي يُثَابُ عَلَيْهِ بِقَلْبِهِ مَنْ لَيْسَ بِمُؤْمِنٍ، كَمَا لَا جَائِزَ أَنْ يَفْعَلَ الْكُفْرَ بِقَلْبِهِ مَنْ لَيْسَ بِكَافِرٍ الحديث: 590 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 531 أَجْوِبَةُ أَدِلَّةِ الْقَائِلِينَ بِتَغَايُرِ الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ وَأَمَّا مَا احْتَجُّوا بِهِ مِمَّا رُوِيَ فِي بَعْضِ الْحَدِيثِ فِي الزَّانِي أَنَّهُ يَخْرُجُ مِنَ الْإِيمَانِ، وَيُنْزَعُ مِنْهُ الْإِيمَانُ وَنَحْوَ ذَلِكَ، فَقَدْ رُوِّينَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 535 عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: يُنْزَعُ مِنْهُ نُورُ الْإِيمَانِ وَنُورُ الْإِيمَانِ لَيْسَ هُوَ كُلُّ الْإِيمَانِ فَإِنَّمَا أَرَادَ بِقَوْلِهِ: «يُنْزَعُ مِنْهُ الْإِيمَانُ» بَعْضَ الْإِيمَانِ لَا كُلَّ الْإِيمَانِ حَتَّى لَا يَبْقَى فِيهِ شَيْءٌ مِنَ الْإِيمَانِ فَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَكَانَ كَافِرًا إِذْ زَالَ عَنْهُ اسْمُ الْإِيمَانِ بِأَسْرِهِ، فَلَمَّا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: «أَخْرِجُوا مِنَ النَّارِ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ خَرْدَلَةٍ مِنْ إِيمَانٍ» لِأَنَّ مَنْ دَخَلَ النَّارَ فَقَدْ لَقِيَ اللَّهَ بِالْكَبَائِرِ، وَقَدْ أَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ فِيَ قُلُوبِهِمْ أَجْزَاءَ مِنَ الْإِيمَانِ اسْتَحَقُّوا بِذَلِكَ اسْمَ الْإِيمَانِ، وَوَجَبَ لَهُمْ عَلَيْهِ الثَّوَابُ لَوْلَا ذَلِكَ مَا دَخَلُوا الْجَنَّةَ لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنَ الْبَالِغِينَ الْعَاقِلِينَ مَنْ لَيْسَ بِمُؤْمِنٍ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ فِي كِتَابِهِ: {وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ} [الحديد: 21] وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا نَفْسٌ مُؤْمِنَةٌ» وَفِي بَعْضِ الْحَدِيثِ: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ» وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمُتَنَاقِضٍ وَلَا مُخْتَلِفٍ لِأَنَّ مَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ، وَلِمَا أَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ اللَّهَ يُخْرِجُ مِنَ النَّارِ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ خَرْدَلَةٍ مِنْ إِيمَانٍ فَيُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ عَلِمْنَا أَنَّهُ لَمْ يُدْخِلْهُ الْجَنَّةَ إِلَّا وَهُوَ مُسْلِمٌ مُؤْمِنٌ. قَالُوا: وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى بُطْلَانِ قَوْلِ مَنْ خَالَفَنَا فَفَرَّقَ بَيْنَ الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ، وَتَحْقِيقُ قَوْلِنَا: أَنَّا وَجَدْنَا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ افْتَرَضَ الْفَرَائِضَ، وَأَحَلَّ الْحَلَالَ، وَحَرَّمَ الْحَرَامَ، وَوَضَعَ الْأَحْكَامَ وَالْحُدُودَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى اسْمِ الْإِيمَانِ لَا عَلَى اسْمِ الْإِسْلَامِ فَزَعَمَ هَؤُلَاءِ أَنَّ مَنْ أَتَى كَبِيرَةً فَهُوَ خَارِجٌ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 536 مِنَ الْإِيمَانِ، وَلَيْسَ بِمُؤْمِنٍ ثُمَّ حَكَمُوا عَلَيْهِ وَلَهُ بِأَحْكَامِ الْمُؤْمِنِينَ، وَلَوْ كَانَ الْأَمْرُ كَمَا قَالُوا فِيمَنْ أَتَى كَبِيرَةً لَلَزِمَ إِسْقَاطُ عَامَّةِ الْفَرَائِضِ وَالْأَحْكَامِ وَالْحُدُودِ الَّتِي أَوْجَبَهَا عَلَى الْمُؤْمِنِينَ عَنْ مَنْ أَتَى كَبِيرَةً لِأَنَّ اسْمَ الْإِيمَانِ قَدْ زَالَ عَنْهُ، وَفِي ذَلِكَ خُرُوجٌ مِنْ أَحْكَامِ الْكِتَابِ وَمِمَّا أَجْمَعَتْ عَلَيْهِ الْأُمَّةُ. فَإنْ قَالُوا: إِنَّمَا أَجْرَيْنَا عَلَيْهِ أَحْكَامَ الْمُؤْمِنِينَ لِأَنَّهُ مُسْلِمٌ عِنْدَنَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُؤْمِنًا. قِيلَ لَهُمْ: فَإِنَّمَا أَوْجَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْفَرَائِضَ وَالْحَلَالَ وَالْحَرَامَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ بِاسْمِ الْإِيمَانِ لَا بِاسْمِ الْإِسْلَامِ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة: 6] الْآيَةَ، وَقَالَ: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء: 103] . وَقَالَ: {قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ} [إبراهيم: 31] . وَقَالَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: 9] . وَقَالَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} [البقرة: 183] . وَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 537 {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} [البقرة: 267] الآية وَ {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ} [الأنفال: 65] . وَقَالَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً} [آل عمران: 130] . وَ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجْلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} [البقرة: 282] . وَ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} [المائدة: 95] . وَقَالَ: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ} [النور: 30] . {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} [النور: 31] وَقَالَ: {الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً} [النور: 3] إِلَى قَوْلِهِ: {وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [النور: 3] . وَقَالَ: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ} [النور: 31] . قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: فَإِنَّمَا أَمَرَهُمْ بِأَنْ يَتُوبُوا مِنْ ذُنُوبٍ أَحْدَثُوهَا لَيْسَتْ بِكُفْرٍ، وَلَا شِرْكٍ، وَلَوْ كَانَتِ الذُّنُوبُ أَخْرَجَتْهُمْ مِنَ الْإِيمَانِ لَمَا سَمَّاهُمُ اللَّهُ مُؤْمِنِينَ، وَلَكِنْ سَمَّاهُمْ مُؤْمِنِينَ، وَافْتَرَضَ عَلَيْهِمُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 538 التَّوْبَةَ مِنَ الذُّنُوبِ فَمَنْ زَعَمَ أَنَّ مَنْ أَتَى كَبِيرَةً زَالَ عَنْهُ اسْمُ الْإِيمَانِ لَزِمَهُ أَنْ يُسْقِطَ عَنْهُ هَذِهِ الْفَرَائِضَ كُلَّهَا لِأَنَّ اللَّهَ إِنَّمَا أَوْجَبَهَا عَلَى الْمُؤْمِنِينَ بِاسْمِ الْإِيمَانِ، وَقَالَ اللَّهُ: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [البقرة: 221] ، {وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا} [البقرة: 221] ثُمَّ خَصَّ الْمُحْصَنَاتِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَأَحَلَّ نِكَاحَهُنَّ وَقَالَ: {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوُا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ، وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ، وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ، وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [المائدة: 5] فَلَوْ أَنَّ مُسْلِمَةً سَرَقَتْ أَوْ شَرِبَتْ جَرْعَةً مِنْ خَمْرٍ لَكَانَ اسْمُ الْإِيمَانِ قَدْ زَالَ عَنْهَا فِي قَوْلِ هَؤُلَاءِ، فَوَجَبَ تَحْرِيمُ نِكَاحِهَا عَلَيْهِمْ لِأَنَّ اللَّهَ إِنَّمَا أَبَاحَ نِكَاحَ الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ، وَالْمُحْصَنَاتِ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَلَيْسَتْ هَذِهِ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَلَا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ. وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} [النساء: 25] . فَيَسْأَلُونَ عَنْ مَنْ لَا يَسْتَطِيعُ طَوْلًا لِنِكَاحِ الْمُحْصَنَةِ، وَخَافَ الْعَنَتَ فَأَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَمَةً مُسْلِمَةً تَصُومُ وَتُصَلِّي إِلَّا أَنَّهَا قَدْ سَرَقَتْ دِرْهَمًا أَيَحِلُّ لَهُ نِكَاحُهَا؟ فَإِنْ أَبَاحُوا نِكَاحَهَا، وَلَيْسَتْ عِنْدَهُمْ بِمُؤْمِنَةٍ خَرَجُوا مِنْ حُكْمِ الْكِتَابِ، وَإِنْ حَرَّمُوا نِكَاحَهَا خَرَجُوا مِنْ لِسَانِ الْأُمَّةِ إِلَّا طَائِفَةً مِنَ الْخَوَارِجِ، وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 539 : {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} الْآيَةَ، فَيَسْأَلُونَ عَنْ رَجُلٍ أَتَى كَبِيرَةً فَقَتَلَهُ رَجُلٌ خَطَأً أَعَلَيْهِ عِتْقُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ؟ فَإِنْ قَالُوا نَعَمْ، قِيلَ لَهُمْ: فَمِنْ أَيْنَ أَوْجَبْتُمْ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا أَوْجَبَ اللَّهُ عِتْقَ الرَّقَبَةِ وَالدِّيَةِ عَلَى مَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا وَهَذَا الْمَقْتُولُ لَيْسَ بِمُؤْمِنٍ مِنْ عِنْدِكُمْ وَلَا هُوَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ الَّذِينَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَى قَاتِلِهِ عِنْدَكُمْ دِيَةٌ وَلَا عِتْقُ رَقَبَةٍ، وَقَالَ اللَّهُ: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: 92] فَمَا تَقُولُونَ فِي أَمَةٍ أَوْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يَصُومُ وَيُصَلِّي وَيُؤَدِّي الْفَرَائِضَ إِلَّا أَنَّهَا سَرَقَتْ أَوْ شَرِبَتْ خَمْرًا هَلْ يَجُوزُ عِتْقُهَا عَنْ مَنْ عَلَيْهِ عِتْقُ رَقَبَةٍ؟ . فَإِنْ أَجَازُوا عِتْقَهَا فَقَدْ أَثْبَتُوا لَهَا اسْمَ الْإِيمَانِ وَتَرَكُوا قَوْلَهُمْ، وَإِنْ قَالُوا: لَيْسَتْ بِمُؤْمِنَةٍ، وَعِتْقُهَا جَائِزٌ خَالَفُوا حُكْمَ الْكِتَابِ، وَإِنْ زَعَمُوا أَنَّ عِتْقَهَا لَيْسَ بِجَائِزٍ خَرَجُوا مِنْ لِسَانِ الْأُمَّةِ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْأَمَةِ السَّوْدَاءِ حِينَ امْتَحَنَهَا بِالشَّهَادَتَيْنِ فَأَقَرَّتْ: «أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ» وَلَمْ يَقُلْ إِنَّهَا مُسْلِمَةٌ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 540 قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَيَسْأَلُونَ عَنْ نِكَاحِ الْوَثَنِيَّاتِ وَالْمَجُوسِيَّاتِ هَلْ يَحْلِلْنَ؟ فَمِنْ قَوْلِهِمْ إِنَّهُنَّ لَا يَحْلِلْنَ. وَيُقَالُ لَهُمْ: فَإِنْ وَثَنِيَّةٌ دَخَلَتْ فِي الْإِسْلَامِ، وَتَبَرَّأَتْ مِنْ دِينِهَا فَأَقَرَّتْ بِجَمِيعِ مَا جَاءَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَصَدَّقَتْ بِهِ غَيْرَ أَنَّهَا قَدْ كَانَتْ سَرَقَتْ فِي شِرْكِهَا سَرِقَةً فَلَمْ تَتُبْ مِنَ السَّرِقَةِ غَيْرَ أَنَّهَا قَدْ عَرَفَتْ أَنَّ السَّرِقَةَ حَرَامٌ، وَأَقَرَّتْ بِهِ هَلْ تَكُونُ مُؤْمِنَةً؟ . فَإِنْ قَالُوا: لَيْسَتْ بِمُؤْمِنَةٍ، وَلَكِنَّهَا مُسْلِمَةٌ قِيلَ: فَهَلْ يَحِلُّ نِكَاحُهَا لِلْمُسْلِمِينَ وَهِيَ تُصَلِّي، وَتَصُومُ، وَتُؤَدِّي الْفَرَائِضَ إِلَّا أَنَّهَا لَمْ تَتُبْ مِنَ السَّرِقَةِ، أَوْ مِنْ شُرْبِ الْخَمْرِ؟ فَإِنْ أَحَلُّوا نِكَاحَهَا خَالَفُوا كِتَابَ اللَّهِ عَلَى مَذْهَبِهِمْ لِأَنَّهُ قَالَ: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [البقرة: 221] وَهَذِهِ أَسْلَمَتْ وَلَمْ تُؤْمِنْ فِي مَذْهَبِهِمْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 541 ، وَإِنْ حَرَّمُوا نِكَاحَهَا خَرَجُوا مِنْ قَوْلِ أَهْلِ الْعِلْمِ. قَالَ: وَيُقَالُ لَهُمْ مَا تَقُولُونَ فِي يَهُودِيَّةٍ تَمَجَّسَتْ أَيَحِلُّ نِكَاحُهَا؟ فَإِنْ قَالُوا: لَا لِأَنَّهُ قَدْ زَالَ عَنْهَا اسْمُ أَهْلِ الْكِتَابِ. قِيلَ لَهُمْ: فَإِنْ شَرِبَتْ مُؤْمِنَةٌ خَمْرًا أَلَيْسَ قَدْ خَرَجَتْ مِنَ الْإِيمَانِ كَمَا خَرَجَتِ الْيَهُودِيَّةُ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ حِينَ تَمَجَّسَتْ؟ فَإِنْ قَالُوا: نَعَمْ، قِيلَ: فَهَلْ حُرِّمَتْ عَلَى زَوْجِهَا، أَوْ هَلْ يَحِلُّ نِكَاحُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا زَوْجٌ؟ . فَإِنْ قَالُوا: لَا تُحَرَّمُ عَلَى زَوْجِهَا، وَلَا يُحَرَّمُ نِكَاحُهَا عَلَى الْمُؤْمِنِينَ. قِيلَ لَهُمْ: وَكَيْفَ؟ وَقَدْ زَالَ عَنْ هَذِهِ اسْمُ الْإِيمَانِ كَمَا زَالَ عَنْ تِلْكَ اسْمُ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَإِنَّمَا أَبَاحَ اللَّهُ نِكَاحَ الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ، وَالْمُحْصَنَاتِ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ، وَهَذِهِ لَيْسَتْ مِنْ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ الصِّنْفَيْنِ فَفِي إِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّ نِكَاحَ هَذِهِ حَلَالٌ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ شَارِبَةَ الْخَمْرِ وَالسَّارِقَةَ مُؤْمِنَةٌ فِي الْحُكْمِ وَالِاسْمِ لَا مُؤْمِنَةٌ مُسْتَكْمِلَةُ الْإِيمَانِ وَمُسْتَحِقَّةُ ثَوَابَ الْمُؤْمِنِينَ لِأَنَّ اللَّهَ أَحَلَّ نِكَاحَ تِلْكَ عَلَى اسْمِ الْإِيمَانِ لَا عَلَى اسْمِ الْإِسْلَامِ، وَهَذِهِ حُجَّةٌ لَازِمَةٌ لَهُمْ لَا سَبِيلَ لَهُمْ إِلَى الْخُرُوجِ مِنْهَا إِلَّا بِالشَّغَبِ وَالْمُكَابَرَةِ أَوِ الرُّجُوعِ إِلَى الْحَقِّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 542 وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} [الحجرات: 9] إِلَى قَوْلِهِ: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} [الحجرات: 10] فَسَمَّاهُمْ مُؤْمِنِينَ، وَقَدِ اقْتَتَلُوا وَأَمَرَ بِالْإِصْلَاحِ بَيْنَهُمْ، وَجَعَلَهُمْ إِخْوَةً فِي الدِّينِ. وَقَدْ وَلِيَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قِتَالَ أَهْلِ الْبَغْيِ، وَرُوِي عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِمْ مَا رُوِي وَسَمَّاهُمْ مُؤْمِنِينَ، وَحَكَمَ فِيهِمْ بِأَحْكَامِ الْمُؤْمِنِينَ، وَكَذَلِكَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 543 591 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أنا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، ثنا مُفَضَّلُ بْنُ مُهَلْهَلٍ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، قَالَ: " كُنْتُ عِنْدَ عَلِيٍّ حِينَ فَرَغَ مِنْ قِتَالِ أَهْلِ النَّهْرَوَانِ فَقِيلَ لَهُ: أَمُشْرِكُونَ هُمْ؟ قَالَ: «مِنَ الشِّرْكِ فَرُّوا» ، فَقِيلَ: مُنَافِقُونَ؟ قَالَ: «الْمُنَافِقُونَ لَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا» ، قِيلَ: فَمَا هُمْ؟ قَالَ: «قَوْمٌ بَغَوْا عَلَيْنَا فَقَاتَلْنَاهُمْ» الحديث: 591 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 543 592 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أنا وَكِيعٌ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ شَقِيقٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: " مَنْ دَعَا إِلَى الْبَغْلَةِ الشَّهْبَاءِ يَوْمَ قَتْلِ الْمُشْرِكِينَ؟ فَقَالَ عَلِيٌّ: «مِنَ الشِّرْكِ فَرُّوا» ، قَالَ: الْمُنَافِقُونَ؟ قَالَ: «إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا» ، قَالَ: فَمَا هُمْ؟ قَالَ: قَوْمٌ بَغَوْا عَلَيْنَا فَقَاتَلْنَاهُمْ فَنُصِرْنَا عَلَيْهِمْ " الحديث: 592 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 543 593 - وَحَدَّثَنَا وَكِيعٌ، ثنا ابْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ جَابِرٍ، قَالَ: قَالُوا لِعَلِيٍّ حِينَ قَتَلَ أَهْلَ النَّهْرَوَانِ: أَمُشْرِكُونَ هُمْ؟ قَالَ: «مِنَ الشِّرْكِ فَرُّوا» ، قِيلَ: فَمُنَافِقُونَ؟ قَالَ: «الْمُنَافِقُونَ لَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا» ، قِيلَ: فَمَا هُمْ؟ قَالَ: «قَوْمٌ حَارَبُونَا فَحَارَبْنَاهُمْ، وَقَاتَلُونَا فَقَاتَلْنَاهُمْ» الحديث: 593 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 544 594 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أنا أَبُو نُعَيْمٍ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعَ عَلِيٌّ، يَوْمَ الْجَمَلِ أَوْ يَوْمَ صِفِّينَ رَجُلًا يَغْلُو فِي الْقَوْلِ فَقَالَ: «لَا تَقُولُوا إِنَّمَا هُمْ قَوْمٌ زَعَمُوا أَنَّا بَغَيْنَا عَلَيْهِمْ، وَزَعَمْنَا أَنَّهُمْ بَغَوْا عَلَيْنَا فَقَاتَلْنَاهُمْ» ، فَذَكَرَ لِأَبِي جَعْفَرٍ أَنَّهُ أَخَذَ مِنْهُمُ السِّلَاحَ، فَقَالَ: مَا كَانَ أَعْنَاهُ عَنْ ذَلِكَ " الحديث: 594 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 544 595 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ، عَنْ مَكْحُولٍ، أَنَّ أَصْحَابَ عَلِيٍّ سَأَلُوهُ عَنْ مَنْ، قُتِلَ مِنْ أَصْحَابِ مُعَاوِيَةَ مَا هُمْ؟ قَالَ: «هُمُ الْمُؤْمِنُونَ» الحديث: 595 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 545 596 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ، ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ أَبِي عَوْنٍ، قَالَ: مَرَّ عَلِيٌّ وَهُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى الْأَشْتَرِ عَلَى قَتْلَى صِفِّينَ، فَإِذَا حَابِسٌ الْيَمَانِيُّ مَقْتُولٌ، فَقَالَ الْأَشْتَرُ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، حَابِسٌ الْيَمَانِيُّ مَعَهُمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ عَلَامَةُ مُعَاوِيَةَ، أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ عَهِدْتُهُ مُؤْمِنًا، فَقَالَ عَلِيُّ: «وَالْآنَ هُوَ مُؤْمِنٌ» ، قَالَ: وَكَانَ حَابِسٌ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ مِنْ أَهْلِ الْعِبَادَةِ وَالِاجْتِهَادِ " الحديث: 596 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 545 597 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، ثنا مُخْتَارُ بْنُ نَافِعٍ، عَنْ أَبي مَطَرٍ، قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ: «مَتَى يَنْبَعِثُ أَشْقَاهَا؟» قِيلَ: مَنْ أَشْقَاهَا؟ قَالَ: الَّذِي يَقْتُلُنِي، فَضَرَبَهُ ابْنُ مُلْجِمٍ بِالسَّيْفِ فَوَقَعَ بِرَأْسِ عَلِيٍّ، وَهَمَّ الْمُسْلِمُونَ بِقَتْلِهِ، قَالَ: لَا تَقْتُلُوا الرَّجُلَ فَإِنْ بَرِئْتُ فَالْجُرُوحُ قِصَاصٌ، وَإِنْ مُتُّ فَاقْتُلُوهُ، فَقَالَ: إِنَّكَ مَيِّتٌ، قَالَ: وَمَا يُدْرِيكَ؟ قَالَ: كَانَ سَيْفِي مَسْمُومًا " الحديث: 597 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 545 598 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، ثنا الْحَسَنُ، وَهُوَ ابْنُ الْحَكَمِ النَّخَعِيُّ، عَنْ رِيَاحِ بْنِ الْحَارِثِ، قَالَ: إِنَّا بِوَادِي الظَّبْيِ، وَإِنَّ رُكْبَتِي لَتَكَادُ تَمَسُّ رُكْبَةَ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ فَأَتَى رَجُلٌ فَقَالَ: كَفَرَ وَاللَّهِ أَهْلُ الشَّامِ، فَقَالَ عَمَّارٌ: «لَا تَقُلْ ذَلِكَ قِبْلَتُنَا وَاحِدَةٌ، وَنَبِيُّنَا وَاحِدٌ، وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ مَفْتُونُونَ فَحَقَّ عَلَيْنَا قِتَالُهُمْ حَتَّى يَرْجِعُوا إِلَى الْحَقِّ» الحديث: 598 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 546 599 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا قَبِيصَةُ، ثنا سُفْيَانُ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ رِيَاحِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، قَالَ: «دِينُنَا وَاحِدٌ، وَقِبْلَتُنَا وَاحِدَةٌ، وَدَعْوَتُنَا وَاحِدَةٌ، وَلَكِنْ قَوْمٌ بَغَوْا عَلَيْنَا فَقَاتَلْنَاهُمْ» الحديث: 599 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 546 600 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا يَعْلَى، ثنا مِسْعَرٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رِيَاحٍ، عَنْ رِيَاحِ بْنِ الْحَارِثِ، قَالَ: قَالَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ: " لَا تَقُولُوا كَفَرَ أَهْلُ الشَّامِ، قُولُوا: فَسَقُوا، قُولُوا: ظَلَمُوا ". قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْخَبَرَ الَّذِي رُوِيَ عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرِ أَنَّهُ قَالَ لِعُثْمَانَ: هُوَ كَافِرٌ، خَبَرٌ بَاطِلٌ لَا يَصِحُّ، لِأَنَّهُ إِذَا أَنْكَرَ كُفْرَ أَصْحَابِ مُعَاوِيَةَ وَهُمْ إِنَّمَا كَانُوا يُظْهِرُونَ أَنَّهُمْ يُقَاتِلُونَ عَنْ دَمِ عُثْمَانَ فَهُوَ لِتَكْفِيرِ عُثْمَانَ أَشَدُّ إِنْكَارًا الحديث: 600 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 546 601 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، ثنا مِسْعَرٌ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ أَبِي الْهُذَيْلِ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ عَنْ أَصْحَابِ الْجَمَلِ، فَقَالَ: مُؤْمِنُونَ أَوْ قَالَ: لَيْسُوا كُفَّارًا ". 602 - حَدَّثَنَا هَارُونُ، ثنا يَعْلَى، ثنا مِسْعَرٌ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ أَبِي الْهُذَيْلِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، نَحْوَهُ الحديث: 601 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 547 603 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا يَعْلَى، ثنا مِسْعَرٌ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ أَبِي الْهُذَيْلِ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ عَنْ أَصْحَابِ الْجَمَلِ، فَقَالَ: «مُؤْمِنُونَ وَلَيْسُوا بِكُفَّارٍ» . . قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَقَالَ اللَّهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى} [البقرة: 178] فَأَوْجَبَ بَيْنَهُمُ الْقِصَاصَ بِاسْمِ الْإِيمَانِ، وَالْقِصَاصُ لَا يَجِبُ إِلَّا عَلَى مَنْ قَتَلَ مُتَعَمِّدًا، ثُمَّ قَالَ: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ، وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 178] فَجَعَلَ الْقَاتِلَ أَخَا الْمَقْتُولِ فِي الْإِيمَانِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُمَا جَمِيعًا مُؤْمِنَانِ فِي الِاسْمِ وَالْحُكْمِ الحديث: 603 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 547 604 - حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ: قَوْلُهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى} [البقرة: 178] قَالَ: كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ فِيهِمْ بَغْيٌ وَطَاعَةٌ لِلشَّيْطَانِ، فَكَانَ الْحَيُّ مِنْهُمْ إِذَا كَانَ فِيهِمْ عِدَّةٌ وَمَنَعَةٌ فَقَتَلَ عَبْدُ قَوْمٍ آخَرِينَ عَبْدًا لَهُمْ، قَالُوا: لَا نَقْتُلُ بِهِ إِلَّا حُرًّا تَعَزُّزًا بِفَضْلِهِمْ عَلَى غَيْرِهِمْ فِي أَنْفُسِهِمْ، فَإِذَا قُتِلَتْ لَهُمُ امْرَأَةٌ قَتَلَتْهَا امْرَأَةُ قَوْمٍ آخَرِينَ، قَالُوا: لَا نَقْتُلُ بِهَا إِلَّا رَجُلًا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ: {الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى} [البقرة: 178] وَنَهَاهُمْ عَنِ الْبَغْيِ، ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ بَعْدَ ذَلِكَ: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: 45] " الحديث: 604 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 548 قَوْلُهُ: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 178] [ص: 549] يَقُولُ: مَنْ قَتَلَ عَمْدًا فَعُفِيَ عَنْهُ، وَقُبِلَتْ مِنْهُ الدِّيَةُ، يَقُولُ: {فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 178] فَأَمَرَ الْمُتَّبِعَ أَنْ يَتَّبِعَ بِمَعْرُوفٍ وَأَمَرَ الْمُؤَدِّيَ أَنْ يُؤَدِّيَ بِإِحْسَانٍ، وَالْعَمْدُ قَوَدُ الْيَدِ قِصَاصٌ لَا عَقْلَ فِيهِ إِلَّا أَنْ يَرْضَوْا بِذَلِكَ " الجزء: 2 ¦ الصفحة: 548 قَوْلُهُ: {تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ} [البقرة: 178] وَإِنَّمَا هِيَ رَحْمَةٌ رَحِمَ اللَّهُ بِهَا هَذِهِ الْأُمَّةَ، أَطْعَمَهُمُ الدِّيَةَ وَأَحَلَّهَا لَهُمْ، وَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلَهُمْ، فَكَانَ فِي التَّوْرَاةِ إِنَّمَا هُوَ قِصَاصٌ أَوْ عَفْوٌ لَيْسَ بَيْنَهُمَا أَرْشٌ، وَكَانَ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ إِنَّمَا هُوَ عَفْوٌ أُمِرُوا بِهِ، وَجَعَلَ اللَّهُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ الْعَفْوَ، أَوِ الْقَوَدَ، أَوِ الدِّيَةَ إِنْ شَاءُوا، وَأَحَلَّهَا لَهُمْ وَلَمْ تَكُنْ لَأُمَّةٍ قَبْلَهُمْ " الجزء: 2 ¦ الصفحة: 549 " {فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [المائدة: 94] يَقُولُ: مَنِ اعْتَدَى بَعْدَ أَخْذِهِ الدِّيَةَ فَقَتَلَ {فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [المائدة: 94] " الجزء: 2 ¦ الصفحة: 549 قَوْلُهُ: " {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 179] جَعَلَ اللَّهُ هَذَا الْقِصَاصَ حَيَاةً، وَنَكَالًا، وَعِظَةً لِأَهْلِ السَّفَهِ وَالْجَهْلِ، كَمْ مِنْ رَجُلٍ قَدْ هَمَّ بِدَاهِيَةٍ لَوْلَا مَخَافَةُ الْقِصَاصِ لَوَقَعَ بِهَا، وَلَكِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى حَجَزَ بِالْقِصَاصِ بَعْضَهُمْ عَنْ بَعْضٍ، وَمَا أَمَرَ اللَّهُ بِأَمْرٍ قَطُّ إِلَّا وَهُوَ أَمْرُ صَلَاحٍ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَلَا نَهَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْ أَمْرٍ إِلَّا وَهُوَ أَمْرُ فَسَادٍ فِي الدُّنْيَا وَفِي الدِّينِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالَّذِي [ص: 550] يُصْلِحُ خَلْقَهُ " الجزء: 2 ¦ الصفحة: 549 605 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَا: ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ، قَالَ: انْطَلَقْتُ أَنَا وَالْأَشْتَرُ، إِلَى عَلِيٍّ فَقُلْنَا: هَلْ عَهِدَ إِلَيْكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا لَمْ يَعْهَدْهُ إِلَى النَّاسِ عَامَّةً؟ قَالَ: لَا إِلَّا مَا كَانَ فِي كِتَابِي هَذَا فَأَخْرَجَ كِتَابًا مِنْ قِرَابِ سَيْفِهِ، فَإِذَا فِيهِ: «الْمُؤْمِنُونَ تَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ، وَلَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ [ص: 551] بِكَافِرٍ، وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ» . [ص: 552] 606 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ، أَنَّهُ دَخَلَ هُوَ وَالْأَشْتَرُ عَلَى عَلِيٍّ زَمَنَ الْجَمَلِ فَذَكَرَ مِثْلَهُ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: فَيُقَالُ لِهَؤُلَاءِ: مَا تَقُولُونَ فِي مُسْلِمٍ شَرِبَ خَمْرًا أَوْ سَرَقَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فَقَتَلَهُ مُسْلِمٌ مُتَعَمِّدًا أَهَلْ يُقْتَصُّ لَهُ مِنْهُ؟ فَإِنْ زَعَمُوا أَنَّهُ يُقْتَصُّ لَهُ مِنْهُ فَيُقْتَلُ بِهِ فَقَدْ جَعَلُوا الْقِصَاصَ بَيْنَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَجَعَلُوا دَمَ مَنْ لَيْسَ بِمُؤْمِنٍ كَحَقْنِ دَمِ الْمُؤْمِنِ، وَخَالَفُوا الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ، وَإِنْ قَالُوا: لَا يُقْتَصُّ مِنْهُمَا لِأَنَّهُمَا لَيْسَا بِمُتَكَافِئَيْنِ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْمُؤْمِنُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ» وَهَذَانِ أَحَدُهُمَا مُؤْمِنٌ، وَالْآخَرُ غَيْرُ مُؤْمِنٍ خَرَجُوا مِنْ قَوْلِ أَهْلِ الْعِلْمِ الحديث: 605 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 550 حِكَايَةُ قَوْلِ الْمُعْتَزِلَةِ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَهَذِهِ الْحُجَجُ الَّتِي كَتَبْنَاهَا هِيَ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمُعْتَزِلَةِ وَذَلِكَ أَنَّهَا زَعَمَتْ أَنَّ كُلَّ مَنْ أَتَى كَبِيرَةً فَقَدْ خَرَجَ مِنَ الْإِيمَانِ، وَإِذَا خَرَجَ مِنَ الْإِيمَانِ فَقَدْ خَرَجَ مِنَ الْإِسْلَامِ، لِأَنَّ الْإِيمَانَ وَالْإِسْلَامَ عِنْدَهُمْ وَاحِدٌ فَهُوَ عِنْدَهُمْ غَيْرُ مُؤْمِنٍ وَلَا مُسْلِمٍ، وَلَكِنَّهُ مُوَحِّدٌ زَانٍ فَاسِقٌ غَيْرُ مُسْلِمٍ وَلَا كَافِرٍ وَاحْتَجُّوا نَحْوَ مَا حَكَيْنَا عَنْ هَؤُلَاءِ مِنَ الْحُجَجِ، وَقَالُوا: قَالَ اللَّهُ: {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا} [الأحزاب: 43] فَوَصَفَ نَبِيَّهُ بِالرَّأْفَةِ وَالرَّحْمَةِ بِالْمُؤْمِنِينَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 552 ، فَقَالَ: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} وَقَالَ فِي الزَّانِيَيْنِ: {وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ} [النور: 2] قَالُوا: فَلَوْ كَانَا مُؤْمِنَيْنِ لَمَا أَمَرَ بِتَرْكِ الرَّأْفَةِ بِهِمَا، وَكَيْفَ يَصِفُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالرَّأْفَةِ بِالْمُؤْمِنِينَ، وَيَأْمُرُهُ أَنْ لَا يَأْخُذَهُ رَأْفَةٌ بِالزَّانِيَيْنِ لَوْلَا أَنَّ الزَّانِيَيْنِ لَيْسَا بِمُؤْمِنَيْنِ لِأَنَّهُمَا لَوْ كَانَا مُؤْمِنَيْنِ لَكَانَ الَّذِي وَصَفَهُ بِهِ مِنَ الَّذِي نَهَاهُ عَنْهُ، وَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَصِفَهُ بِصِفَةٍ وَيَنْهَاهُ عَنْهَا لِأَنَّ ذَلِكَ يَتَضَادُّ وَيَخْتَلِفُ، قَالُوا: فَدَلَّ مَا وَصَفْنَا عَلَى أَنَّ الزَّانِيَيْنِ لَيْسَا بِمُؤْمِنَيْنِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 553 حِكَايَةُ قَوْلِ الرَّافِضَةِ فِيهَا وَقَالَتِ الرَّافِضَةُ بِمِثْلِ قَوْلِ الْمُعْتَزِلَةِ إِلَّا طَائِفَةً مِنْهَا ذَهَبَتْ إِلَى مَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ أَبِي جَعْفَرٍ أَنَّهُ يَخْرُجُ مِنَ الْإِيمَانِ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَأَجْمَعَ هَؤُلَاءِ كُلُّهُمْ عَلَى أَنَّ أَحْكَامَ الْمُؤْمِنِينَ جَائِزَةٌ عَلَيْهِمْ مَعَ نَفْيِهِمُ اسْمَ الْإِيمَانِ عَنْهُمْ، وَفِي هَذَا مِنَ التَّنَاقُضِ وَاخْتِلَافِ الْقَوْلِ مَا قَدْ بَيَّنَّاهُ. وَأَمَّا احْتِجَاجُهُمْ بِقَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} [الحجرات: 14] وَبِحَدِيثِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّهُ قَالَ لِرَجُلٍ: أُرَاهُ مُؤْمِنًا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَوْ مُسْلِمٌ؟» فَإِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِخِلَافِ مَذْهَبِنَا، وَذَلِكَ أَنَّا نَقُولُ: إِنَّ الرَّجُلَ قَدْ يُسَمَّى مُسْلِمًا عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَخْضَعَ لِلَّهِ بِالْإِيمَانِ وَالطَّاعَةِ تَدَيُّنًا بِذَلِكَ يُرِيدُ اللَّهَ بِإِخْلَاصِ نِيَّةٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 553 ، وَالْجِهَةُ الْأُخْرَى أَنْ يَخْضَعَ وَيَسْتَسْلِمَ لِلرَّسُولِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ خَوْفًا مِنَ الْقَتْلِ وَالسَّبْيِ فَيُقَالُ: قَدْ أَسْلَمَ أَيْ خَضَعَ خَوْفًا وَتَقِيَّةً، وَلَمْ يُسْلِمْ لِلَّهِ، وَلَيْسَ هَذَا بِالْإِسْلَامِ الَّذِي اصْطَفَاهُ اللَّهُ وَارْتَضَاهُ الَّذِي هُوَ الْإِيمَانُ الَّذِي دَعَا اللَّهُ الْعِبَادَ إِلَيْهِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ: {قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} [الحجرات: 14] يُرِيدُ وَلَمْ يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ، نَظِيرُ ذَلِكَ قَوْلُهُ: {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ} [الجمعة: 3] يُرِيدُ: لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ، وَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُخْبِرَ اللَّهُ عَنْ مَنْ أَتَى بِالْإِسْلَامِ الَّذِي هُوَ دِينُ اللَّهِ الَّذِي لَا يَقْبَلُ دِينًا غَيْرَهُ، وَلَا يَقْبَلُ عَمَلًا إِلَّا بِهِ أَنَّ الْإِيمَانَ لَمْ يَدْخُلْ قَلْبَهُ لِأَنَّ مَنْ لَمْ يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قَلْبِهِ وَهُوَ كَافِرٌ بِاللَّهِ فَكَيْفَ يَكُونُ كَافِرًا بِاللَّهِ مُسْلِمًا لِلَّهِ؟ هَذَا مِنَ الْمُحَالِ الَّذِي لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فَثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَاهُ أَنَّ قَوْلَهُ: {أَسْلَمْنَا} [الحجرات: 14] إِنَّمَا هُوَ اسْتَسْلَمْنَا لِلنَّاسِ مَخَافَةَ السَّبْيِ وَالْقَتْلِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 554 607 - وَكَذَلِكَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: " {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} [الحجرات: 14] قَالَ: «اسْتَسْلَمْنَا خَوْفَ السَّبْيِ وَالْقَتْلِ» [ص: 555] . قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: فَإِذَا ثَبَتَ بِالدَّلِيلِ الَّذِي ذَكَرْنَا أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَأْمُرْهُمْ أَنْ يَقُولُوا: {أَسْلَمْنَا} [الحجرات: 14] يُرِيدُ الْإِسْلَامَ الَّذِي اصْطَفَاهُ وَارْتَضَاهُ الَّذِي هُوَ خُضُوعٌ لِلَّهِ بِالطَّاعَةِ تَصْدِيقًا بِهِ، وَإِخْلَاصًا لَهُ، فَكَذَلِكَ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِسَعْدٍ: «أَوَمُسْلِمٌ؟» إِنَّمَا يُرِيدُ الْإِسْلَامَ الَّذِي هُوَ اسْتِسْلَامٌ مِنْ مَخَافَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْمُسْلِمِينَ، وَذَلِكَ إِسْلَامُ الْمُنَافِقِينَ وَلَيْسَ بِإِسْلَامِ الْمُؤْمِنِينَ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَهَلْ كَانَ قَوْلُ هَؤُلَاءِ: {أَسْلَمْنَا} [الحجرات: 14] طَاعَةً لِلَّهِ؟ قِيلَ لَهُ: إِنَّ اللَّهَ لَمْ يُخْبِرْنَا عَنْ هَؤُلَاءِ أَنَّهُمْ قَالُوا: {أَسْلَمْنَا} [الحجرات: 14] بَعْدَ أَنْ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَهُمْ: {قُولُوا أَسْلَمْنَا} [الحجرات: 14] وَلَوْ قَالُوا: غَيْرُ مُخْلِصِينَ لَهُ وَلَا مُؤْمِنِينَ بِهِ لَمْ يَكُونُوا مُطِيعِينَ لِأَنَّ الطَّاعَةَ لَا تَكُونُ طَاعَةً إِلَّا بِالتَّقَرُّبِ إِلَى اللَّهِ وَالْإِخْلَاصِ لَهُ، وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْ هَؤُلَاءِ أَنَّ الْإِيمَانَ لَمْ يَدْخُلْ قُلُوبَهُمْ، وَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَتَقَرَّبَ إِلَى اللَّهِ بِالطَّاعَةِ مَنْ لَمْ يُؤْمِنُ بِهِ، وَقَدْ قَالُوا: آمَنَّا، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْهُمْ طَاعَةً لِأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا آمَنُوا، وَالْقَوْلُ لَا يَكُونُ طَاعَةً وَلَا إِيمَانًا وَلَا إِسْلَامًا إِلَّا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ} [البقرة: 8] وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا [ص: 556] أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطَ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} فَهَؤُلَاءِ قَوْمٌ مُؤْمِنُونَ مُسْلِمُونَ قَدْ آمَنُوا بِاللَّهِ بِقُلُوبِهِمْ وَأَسْلَمُوا لَهُ فَأَمَرَهُمُ اللَّهُ أَنْ يُعَبِّرُوا عَنْ إِيمَانِهِمْ وَإِسْلَامِهِمْ بِأَلْسِنَتِهِمْ أَمْرَ تَعَبُّدٍ، تَعَبَّدَهُمْ بِهِ فَكَانَتْ تِلْكَ الْعِبَادَةُ مِنْهُمْ طَاعَةً لِلَّهِ، أَلَا تَرَاهُ كَيْفَ أَمَرَهُمْ فِي آخِرِ مَا أَمَرَهُمْ أَنْ يَقُولُوا: {وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [العنكبوت: 46] لِيَدُلَّ عَلَى أَنَّ الْإِسْلَامَ الْمُخْلَصَ لِلَّهِ الَّذِي هُوَ الْإِيمَانُ، وَلَمْ يَقُلْ لِأُولَئِكَ الْأَعْرَابِ: قُولُوا: أَسْلَمْنَا لِلَّهِ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا أَسْلَمُوا لِلَّهِ، وَإِنَّمَا أَسْلَمُوا لِلنَّاسِ، فَكَانُوا مُنَافِقِينَ غَيْرَ مُؤْمِنِينَ بِاللَّهِ وَلَا مُسْلِمِينَ لَهُ. وَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ النَّظَرِ: لَيْسَ قَوْلُهُ لِهَؤُلَاءِ: {قُولُوا أَسْلَمْنَا} [الحجرات: 14] أَمْرَ تَعَبُّدٍ يَكُونُوا مُطِيعِينَ بِهِ لَوْ قَالُوهُ، إِنَّمَا هُوَ نَظِيرُ قَوْلِهِ فِي الْمُنَافِقِينَ: {وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ} [التوبة: 46] الحديث: 607 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 554 الْأَمْرُ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ عَلَى وُجُوهٍ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَالْأَمْرُ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ قَدْ يَتَّجِهُ عَلَى وُجُوهٍ: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 556 أَمْرُ التَّكْوِينِ: فَوَجْهٌ مِنْهُ أَمْرُ تَكْوِينٍ لِلشَّيْءِ، قَالَ اللَّهُ: {وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ} [القمر: 50] فَهَذَا أَمْرُ التَّكْوِينِ الَّذِي لَا يَأْمُرُ اللَّهُ بِهِ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً حَتَّى يَكُونَ الْمَأْمُورُ بِهِ كَمَا أَرَادَ اللَّهُ مِنْ غَيْرِ إِبَاءٍ، وَلَا امْتِنَاعٍ لِأَنَّ اللَّهَ يَتَوَلَّى تَكَوُّنَهُ بِقُدْرَتِهِ، قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [النحل: 40] . وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ لِلَّذِينَ اعْتَدَوْا: {كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ} [البقرة: 65] فَكَانُوا قِرَدَةً وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِي كَوْنِهِمْ قِرَدَةً نِيَّةٌ، وَلَا إِرَادَةٌ، وَلَا كَانُوا مُطِيعِينَ طَاعَةً يَسْتَوْجِبُونَ بِهَا ثَوَابًا، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ: {إنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ} [آل عمران: 60] فَكَانَ آدَمُ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ بِذَلِكَ مُطِيعًا طَاعَةً يَسْتَوْجِبُ بِهَا ثَوَابًا لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنْهُ فِي كَوْنِهِ كَمَا أَرَادَ اللَّهُ نِيَّةٌ وَلَا إِرَادَةٌ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 557 أَمْرُ التَّعَبُّدِ وَمِنْهُ أَمْرُ التَّعَبُّدِ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ} [النساء: 135] فَهَذَا الْأَمْرُ بِخِلَافِ الْأَمْرِ الْأَوَّلِ، هَذَا أَمْرُ تَعَبُّدٍ يَكُونُ الْمَأْمُورُ بِهِ بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِنْ عَمِلَ بِمَا أَمَرَهُ اللَّهُ بِنِيَّةٍ وَإِرَادَةٍ كَانَ مُطِيعًا لِلَّهِ عَامِلًا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 557 لَهُ، وَإِنْ تَرَكَ أَمْرَهُ قَاصِدًا لِذَلِكَ كَانَ عَاصِيًا لِلَّهِ، وَذَلِكَ بِتَقْدِيرِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ، وَالْأَمْرُ الْأَوَّلُ هُوَ أَمْرُ التَّكْوِينِ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمَأْمُورِ بِهِ خِلَافُ مَا أُمِرَ بِهِ، وَالْمَأْمُورُونَ بِأَمْرِ التَّعَبُّدِ يَخْتَلِفُ أَفْعَالُهُمْ فَيُطِيعُ بَعْضُهُمْ وَيَعْصِي بَعْضٌ، وَأَمْرُ التَّعَبُّدِ يُعِيدُهُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى، وَيُكَرِّرُهُ وَيَعِدُ عَلَى الْعَمَلِ بِهِ، وَيُوعِدُ عَلَى تَرْكِ الْعَمَلِ بِهِ، وَأَمْرُ التَّكْوِينِ لَا يَكُونُ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً وَلَا وَعْدَ فِيهِ وَلَا وَعِيدَ، ثُمَّ أَمْرُ التَّعَبُّدِ يَكُونُ عَلَى وَجْهَيْنِ أَمْرُ افْتِرَاضٍ وَإِيجَابٍ، وَأَمْرُ نَدْبٍ وَاخْتِيَارٍ، فَأَمْرُ الْإِيجَابِ نَحْوَ قَوْلِهِ: {آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَالدَّلِيلُ عَلَى إِيجَابِ هَذِهِ وَافْتِرَاضِهَا تَأْكِيدُ اللَّهِ إِيَّاهَا بِإِعْلَامِهِ افْتِرَاضَهَا، وَتَغْلِيظِهِ عَلَى تَارِكِيهَا بِالْوَعِيدِ وَأَمْرُ النَّدْبِ وَالِاخْتِيَارِ نَحْوَ قَوْلِهِ: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ} [ق: 40] ، {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ} [الطور: 49] . فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالتَّفْسِيرِ: أَدْبَارَ السُّجُودِ الرَّكَعَاتُ بَعْدَ الْمَغْرِبِ، وَأَدْبَارَ النُّجُومِ الرَّكَعَاتُ قَبْلَ الْفَجْرِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ التَّسْبِيحُ فِي أَدْبَارِ الصَّلَوَاتِ، وَكُلُّ ذَلِكَ تَطَوُّعٌ، وَقَالَ اللَّهُ: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ} [الإسراء: 79] فَأَمَرَ بِهِ وَأَعْلَمَهُ أَنَّهُ نَافِلَةٌ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 558 أَمْرُ الْإِبَاحَةِ وَالْإِحْلَالِ وَوَجْهٌ ثَالِثٌ مِنَ الْأَمْرِ مَخْرَجُهُ وَلَفْظُهُ لَفْظُ الْأَمْرِ، وَهُوَ فِي الْمَعْنَى إِبَاحَةٌ وَإِحْلَالٌ، مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [المائدة: 2] ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ حَظَرَ الصَّيْدَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ مَا دَامُوا حُرُمًا، ثُمَّ أَطْلَقَهُ لَهُمْ بَعْدَ الْإِحْلَالِ وَمِنْهُ قَوْلُهُ: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} [الجمعة: 10] وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَوْجَبَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ إِتْيَانَ الْجُمُعَةِ، وَحَظَرَ عَلَيْهِمُ الْبَيْعَ بِقَوْلِهِ: {وَذَرُوُا الْبَيْعَ} [الجمعة: 9] ثُمَّ أَطْلَقَ لَهُمْ إِذَا هُمْ قَضَوُا الصَّلَاةَ مَا كَانَ حَظَرَ عَلَيْهِمْ قَبْلَ ذَلِكَ فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ وُجُوهٍ لَهُ لِأَنَّ الْأَوَامِرَ وَاحِدَةٌ وَمَعَانِيهَا مُخْتَلِفَةٌ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 559 أَمْرُ الدُّعَاءِ وَنَوْعٌ خَامِسٌ: لَفْظُهُ لَفْظُ الْأَمْرِ وَمَعْنَاهُ مَعْنَى الدُّعَاءِ مِنْ ذَلِكَ دُعَاءُ الْعَبْدِ رَبَّهُ فَيَقُولُ: رَبِّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي، فَهَذَا لَفْظُهُ لَفْظُ الْأَمْرِ، وَإِنَّمَا هُوَ دُعَاءٌ وَمَسْأَلَةٌ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 559 أَمْرُ السُّؤَالِ. وَنَوْعٌ سَادِسٌ: لَفْظُهُ لَفْظُ الْأَمْرِ وَمَعْنَاهُ مَعْنَى السُّؤَالِ، وَلَا يُسَمَّى دُعَاءً، مِنْ ذَلِكَ سُؤَالُ الرَّجُلِ أَخَاهُ الشَّيْءَ [ص: 560] فَيَقُولُ: أَعْطِنِي كَذَا، تَصَدَّقْ عَلَيَّ بِكَذَا، هَبْ لِي بِكَذَا، فَهَذَا لَفْظُهُ لَفْظُ أَمْرٍ، وَإِنَّمَا هُوَ مَسْأَلَةٌ، وَمِنْ ذَلِكَ سُؤَالُ الرَّجُلِ أَخَاهُ عَنْ حَالِهِ فَيَقُولُ: أَنَا بِخَيْرٍ، فَيَقُولُ: كُنْ بِخَيْرٍ جَعَلَكَ اللَّهُ بِخَيْرٍ، فَقَوْلُهُ: كُنْ بِخَيْرٍ لَفْظُهُ لَفْظُ الْأَمْرِ، وَمَعْنَاهُ الدُّعَاءُ لَهُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 559 أَمْرٌ مَعْنَاهُ الْخَبَرُ. وَنَوْعٌ آخَرُ لَفْظُهُ لَفْظُ الْأَمْرِ، وَمَعْنَاهُ الْخَبَرُ مِنْ ذَلِكَ حَدِيثُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ الْأُولَى إِذَا لَمْ تَسْتَحْيِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ» قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: إِنَّمَا هُوَ مَنْ لَمْ يَسْتَحْيِ صَنَعَ مَا شَاءَ عَلَى جِهَةِ الذَّمِّ لِتَرْكِ الْحَيَاءِ، وَلَمْ يُرِدْ بِقَوْلِهِ: «فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ» أَنْ يَأْمُرَهُ بِذَلِكَ أَمْرًا، وَلَكِنَّهُ أُمِرَ بَعْضَ الْخَبَرِ، أَلَمْ تَسْمَعْ حَدِيثَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» لَيْسَ وَجْهُهُ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِذَلِكَ، إِنَّمَا مَعْنَاهُ مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا تَبَوَّأَ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ، إِنَّمَا لَفْظُهُ أَمْرٌ عَلَى مَعْنَى الْخَبَرِ، وَتَأْوِيلِ الْجَزَاءِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [البقرة: 279] فَقَوْلُهُ: {فَأْذَنُوا} [البقرة: 279] هُوَ فِي اللَّفْظِ عَلَى مَخْرَجِ الْأَمْرِ، وَتَأْوِيلُهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 560 : فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَآذَنْتُمْ بِالْحَرْبِ أَيْ كُنْتُمْ أَهْلَ حَرْبٍ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 561 أَمْرٌ مَعْنَاهُ الِاسْتِثْنَاءُ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَنَوْعٌ آخَرُ لَفْظُهُ لَفْظُ أَمْرٍ عَلَى مَعْنَى الِاسْتِثْنَاءِ وَلَيْسَ هُوَ بِأَمْرِ تَعَبُّدٍ فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ: {لَنْ نُؤْثِرُكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} [طه: 72] فَلَمْ يَكُنْ أَمْرُهُمْ إِيَّاهُ بِأَنْ تَقْضِي مَا هُوَ قَاضٍ عَلَى مَعْنَى التَّكْذِيبِ، وَلَا عَلَى الْإِبَاحَةِ لِأَنْ يَفْعَلَ بِهِمْ مَا قَدْ تَوَاعَدَهُمْ وَلَكِنَّهُمْ أَعْلَمُوهُ أَنَّهُمْ قَدِ اسْتَعَدُّوا لَهُ بِالصَّبْرِ عَلَى مَا حَلَّ بِهِمْ مِنْ عَذَابِهِ، وَأَنَّهُمْ غَيْرُ تَارِكِينَ لِدِينِهِمْ جَزَعًا مِمَّا تَوَاعَدَهُمْ بِهِ فَلْيَفْعَلْ مَا هُوَ فَاعِلٌ، فَإِنَّهُمْ يَسْتَقِلُّونَ ذَلِكَ فِي جَنْبِ مَا يَتَوَقَّعُونَهُ مِنْ ثَوَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَمَا يَرْجُونَ أَنْ يَصْرِفَهُ اللَّهُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهِ ثَوَابًا عَلَى بَذْلِهِمْ أَنْفُسَهُمْ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 561 وَجْهٌ آخَرُ مِنَ الْأَمْرِ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَوَجْهٌ آخَرُ مِنَ الْأَمْرِ مَخْرَجُهُ مَخْرَجُ أَمْرِ التَّعَبُّدِ وَلَيْسَ بِهِ، وَذَلِكَ كَقَوْلِ نُوحٍ لِقَوْمِهِ: {إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً، ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 561 تُنْظِرُونِ} [يونس: 71] فَهَذَا ظَاهِرُهُ أَمْرٌ وَهُوَ فِي الْمَعْنَى نَهْيٌ، لِأَنَّهُمْ لَوْ فَعَلُوا مَا أَمَرَهُمْ بِهِ كَانُوا عَاصِينَ لِلَّهِ، وَلَهُ، وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ بِذَلِكَ لِيُطِيعُوهُ وَلَكِنْ أَخْبَرَهُمْ بِهَوَانِهِمْ عَلَيْهِ، وَصِغَرِ قُدْرَتِهِمْ عِنْدَهُ، وَأَنَّهُمْ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى ضُرِّهِ، وَلَا إِيذَائِهِ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّهِ، وَذَلِكَ لِقُوَّةِ تَوَكُّلِهِ عَلَى رَبِّهِ، وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى تَفَاضُلِ الْمُؤْمِنِينَ وَالصَّالِحِينَ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَغَيْرِهِمْ فِي التَّوَكُّلِ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِ لُوطٍ لَمَّا أَرَادَهُ قَوْمُهُ وَقَصَدُوا لَهُ بِالْأَذَى: {لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ} [هود: 80] قِيلَ فِي التَّفْسِيرِ: إِلَى جَمْعٍ وَعَشِيرَةٍ، رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَى أَخِي لُوطٍ إِنْ كَانَ لَيَأْوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ» وَقَدْ كَانَ مَعَهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 562 جِبْرِيلُ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ وَلَوْ لَمْ يَكُونُوا مَعَهُ لَكَانَ فِي كَوْنِ اللَّهِ مَعَهُ كِفَايَةٌ وَقَدْ كَانَ بِاللَّهِ وَاثِقًا عَلَيْهِ مُتَوَكِّلًا وَلَكِنَّهَا حَالَاتٌ يَخُصُّ اللَّهُ عِبَادَهُ الْعَارِفِينَ بِمَا يَشَاءُ مِنْ تَأْيِيدِهِ، وَلَقَدْ كَانَ بَايَنَ قَوْمَهُ غَضَبًا لِلَّهِ أَنْ يَعْصِيَ، وَيُخَالِفَ أَمْرَهُ تَوَكُّلًا عَلَى اللَّهِ غَيْرَ أَنَّ الَّذِيَ حَكَى اللَّهُ عَنْ نُوحٍ وَهُودٍ يَدُلُّ عَلَى فَضْلِ تَوَكُّلِهِمَا وَقُوَّتِهِمَا، وَحَكَى عَنْ نُوحٍ مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ وَعَنْ هُودٍ أَنَّهُ قَالَ لِقَوْمِهِ وَهُمْ يُرِيدُونَهُ قَدْ بَايَنُوهُ بِالْعَدَاوَةِ، فَقَالَ لَهُمْ: {إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ مِنْ دُونِهِ} [هود: 55] ثُمَّ أَخْبَرَهُمْ بِهَوَانِهِمْ عَلَيْهِ، كَمَا فَعَلَهُ نُوحٌ فَقَالَ: {فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ} [هود: 55] أَيْ أَعْجَلُوا عَلَيَّ، ثُمَّ أَخْبَرَهُمْ بِالَّذِي حَمَلَهُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ، وَقَوْلِهِ عَلَيْهِمْ، وَهَوْنِ شَأْنِهِمْ عِنْدَهُ حَتَّى سَأَلَهُمْ أَنْ يَجْتَمِعُوا لَهُ، وَلَا يُنْظِرُوهُ، وَذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ، وَمُخَاطَبَاتِهِمْ إِذَا هَانَ الْقَوْمُ عَلَى الْقَوْمِ قَالُوا لَهُمُ: اجْتَمِعُوا وَاجْتَهِدُوا وَلَا تُخْزُوا مَا تُرِيدُونَ، فَأَخْبَرَهُمْ مَا الَّذِي شَجَّعَ قَلْبَهُ، وَهَوَّنَ عَلَيْهِ كَيْدَهُمْ، فَقَالَ عَلَى إِثْرِ قَوْلِهِ هَذَا: {إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ} [هود: 56] ثُمَّ أَخْبَرَ بِالَّذِي أَوْرَثَ قَلْبَهُ التَّوَكُّلَ وَثَبَّتَهُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: {مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا} [هود: 56] فَلَمْ يُخْبِرْ أَنَّهُ شَجَّعَ قَلْبَهُ قُوَّةُ بَدَنِهِ، وَلَا نَاصِرٌ مِنَ الْخَلْقِ يَرْجُو نَصَرَهُ، وَلَكِنْ تَوَكُّلًا عَلَى رَبِّهِ، وَأَنَّ الَّذِي بَعَثَهُ عَلَى التَّوَكُّلِ مَعْرِفَتَهُ بِرَبِّهِ، وَأَنَّ النَّوَاصِيَ كُلَّهَا بِيَدِهِ، وَأَنَّهُ لَا يَكُونُ شَيْءٌ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 563 إِلَّا بِإِرَادَتِهِ، وَنَحْوَ ذَلِكَ قَوْلُ مُوسَى لِلسَّحَرَةِ: {أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ} [يونس: 80] أَيِ الْعَاقِبَةُ يَكُونُ لِي، وَعَلَيْكُمْ يَكُونُ الدَّائِرَةُ ثِقَةً مِنْهُ بِرَبِّهِ وَتَوَكُّلًا عَلَيْهِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 564 أَمْرُ التَّهَدُّدِ وَالْوَعِيدِ. وَوَجْهٌ آخَرُ لَفْظُهُ لَفْظُ الْأَمْرِ، وَالْمُرَادُ بِهِ التَّهَدُّدُ وَالْوَعِيدُ، مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ: {قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي فَاعَبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ} [الزمر: 15] . وَقَوْلُهُ: {قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ} وَقَوْلُهُ لِإِبْلِيسَ: {وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا} [الإسراء: 64] . وَقَوْلُهُ: {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} [الكهف: 29] كُلُّ هَذَا عَلَى الْوَعِيدِ، وَالتَّغْلِيظِ تَحْذِيرًا، وَتَهْدِيدًا لَا عَلَى أَمْرِ التَّعَبُّدِ، وَلَا عَلَى الْإِبَاحَةِ وَمِنْهُ حَدِيثُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ بَاعَ الْخَمْرَ فَلْيُشَقِّصِ الْخَنَازِيرَ» . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 564 608 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أنا وَكِيعٌ، ثنا طَعْمَةُ الْجَعْفَرِيُّ، عَنْ [ص: 565] عُمَرَ بْنِ بَيَانٍ التَّغْلِبِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ بَاعَ الْخَمْرَ فَلْيُشَقِّصِ الْخَنَازِيرَ» قَالَ وَكِيعٌ: يُقَصِّبُهَا. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: قَوْلُهُ فَلْيُشَقِّصِ الْخَنَازِيرَ ظَاهِرُهُ أَمْرٌ، وَبَاطِنُهُ نَهْيٌ، فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {قُولُوا أَسْلَمْنَا} [الحجرات: 14] لَيْسَ هُوَ أَمْرُ تَعَبُّدٍ لَهُمْ بِأَنْ يَقُولُوا أَسْلَمْنَا لِغَيْرِ اللَّهِ، وَلَوْ قَالُوهُ مَا كَانُوا مُطِيعِينَ وَكَانُوا كَالَّذِينَ قَالَ: {وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ} [التوبة: 46] فَقَعَدُوا وَلَمْ يَكُونُوا مُطِيعِينَ بِالْقُعُودِ لِأَنَّ قُعُودَهُمْ لَمْ يَكُنْ لِلَّهِ، وَكَذَلِكَ أُولَئِكَ لَمْ يَكُنْ إِسْلَامُهُ لِلَّهِ، وَلَوْ كَانُوا أَسْلَمُوا [ص: 566] لِلَّهِ مُخْلِصِينَ لَهُ دِينَهُمْ، ثُمَّ قَالُوا: أَسْلَمْنَا لَكَانُوا مُطِيعِينَ لِلَّهِ مُؤْمِنِينَ بِهِ، لِأَنَّ الْإِيمَانَ بِاللَّهِ وَالْإِسْلَامَ لِلَّهِ لَا يَفْتَرِقَانِ الحديث: 608 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 564 609 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا أَبُو صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ دِينَارٍ الْهُذَلِيِّ أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ، كَتَبَ إِلَى سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فَأَجَابَهُ: " سَأَلْتَ عَنِ الْإِسْلَامِ، فَالْإِسْلَامُ الْإِخْلَاصُ، قَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِإِبْرَاهِيمَ: {أَسْلِمْ} [البقرة: 112] يَقُولُ: أَخْلِصْ {مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ} [البقرة: 112] يَقُولُ: مَنْ أَخْلَصَ دِينَهُ لِلَّهِ، وَتَسْأَلُ عَنِ الْإِخْلَاصِ؟ فَالْإِخْلَاصُ أَنْ يُخْلِصَ الْعَبْدُ دِينَهُ وَعَمَلَهُ لِلَّهِ فَلَا يُرَائِي بِعَمَلِهِ أَحَدًا، وَيَكُونُ ذَلِكَ فِي سَبِيلِ الْحَقِّ كُلِّهِ فَذَلِكَ الْإِخْلَاصُ " 610 - حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْبِسْطَامِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ الْمَكِّيُّ، ثنا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ دِينَارٍ الْهُذَلِيِّ، بِمِثْلِهِ الحديث: 609 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 566 611 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أنا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: " {لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} [الحجرات: 14] قَالَ: لَمْ يَعْنِ بِهَذِهِ الْأَعْرَابَ إِنَّ {مِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ} [التوبة: 99] وَلَكِنَّهَا لِطَوَائِفَ مِنَ الْأَعْرَابِ " الحديث: 611 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 566 بَقِيَّةُ الْجَوَابِ عَنِ الْقَائِلِينَ بِمُغَايَرَةِ الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَأَمَّا احْتِجَاجُهُمْ بِأَنَّ اللَّهَ جَعَلَ اسْمَ مُؤْمِنٍ اسْمَ ثَنَاءٍ وَتَزْكِيَةٍ، وَأَوْجَبَ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ ثُمَّ أَوْجَبَ النَّارَ عَلَى الْكَبَائِرِ فَدَلَّ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ اسْمَ الْإِيمَانِ زَائِلٌ عَنْ كُلِّ مَنْ أَتَى كَبِيرَةً، فَإِنَّا نَقُولُ: إِنَّ اسْمَ الْمُؤْمِنِ قَدْ يُطْلَقُ عَلَى وَجْهَيْنِ: اسْمٌ بِالْخُرُوجِ مِنْ مِلَلِ الْكُفْرِ وَالدُّخُولِ فِي الْإِسْلَامِ وَبِهِ تَجِبُ الْفَرَائِضُ الَّتِي أَوْجَبَهَا اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَيَجْرِي عَلَيْهِ الْأَحْكَامُ وَالْحُدُودُ الَّتِي جَعَلَهَا اللَّهُ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَاسْمٌ يَلْزَمُ بِكَمَالِ الْإِيمَانِ وَهُوَ اسْمُ ثَنَاءٍ وَتَزْكِيَةٍ يَجِبُ بِهِ دُخُولُ الْجَنَّةِ وَالْفَوْزُ مِنَ النَّارِ، فَالْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ خَاطَبَهُمُ اللَّهُ بِالْفَرَائِضِ وَالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ وَالْأَحْكَامِ وَالْحُدُودِ الَّذِينَ لَزِمَهُمُ الِاسْمُ بِالدُّخُولِ فِي الْإِسْلَامِ بِالْإِقْرَارِ وَالتَّصْدِيقِ وَالْخُرُوجِ مِنْ مِلَلِ الْكُفْرِ، وَالْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ زَكَّاهُمْ وَأَثْنَى عَلَيْهِمْ، وَوَعَدَهُمُ الْجَنَّةَ هُمُ الَّذِينَ أَكْمَلُوا إِيمَانَهُمْ بِاجْتِنَابِ كُلِّ الْمَعَاصِي وَاجْتِنَابِ الْكَبَائِرِ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ نَعَتَ فِيهَا الْمُؤْمِنِينَ ثُمَّ وَعَدَهُمُ الْجَنَّةَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 567 عَلَى تِلْكَ النُّعُوتِ، قَالَ اللَّهُ: {بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ} [التوبة: 71] . ثُمَّ قَالَ: {وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} [التوبة: 72] يُرِيدُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ نَعَتَهُمْ بِهَذِهِ النُّعُوتِ. وَقَالَ: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ} [الأنفال: 3] فَوَصَفَهُمْ بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ ثُمَّ أَوْجَبَ لَهُمُ الْجَنَّةَ، وَقَالَ: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} [المؤمنون: 1] إِلَى قَوْلِهِ: {أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [المؤمنون: 10] فَأَوْجَبَ لَهُمُ الْجَنَّةَ بَعْدَمَا وَصَفَهُمْ بِالْأَعْمَالِ الَّتِي بِهَا يَكْمُلُ الْإِيمَانُ، وَقَالَ: {وَيُبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا} [الكهف: 2] . وَقَالَ: {وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى} [طه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 568 : 75] يُرْوَى عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ: {وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ} [طه: 75] قَدْ أَكْمَلَ إِيمَانَهُ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: فَكُلُّ آيَةٍ وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ فِيهَا الْجَنَّةَ وَبَشَّرَهُمْ بِهَا فَإِنَّمَا أَرَادَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ عَمِلُوا الصَّالِحَاتِ اسْتِدْلَالًا بِهَذِهِ الْآيَاتِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ كَذَلِكَ لَلَزِمَنَا أَنْ نُثْبِتَ الشَّهَادَةَ بِالْجَنَّةِ لِكُلِّ مَنْ لَزِمَهُ اسْمُ الْإِيمَانِ وَجَرَتْ عَلَيْهِ الْأَحْكَامُ الَّتِي أَجْرَاهَا اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ عَلَى أَيِّ حَالٍ مَاتَ مِنْ تَضْيِيعِ الْفَرَائِضِ وَارْتِكَابِ الْمَحَارِمِ بَعْدَ أَنْ لَا يَكْفُرَ بِاللَّهِ، فَأَمَّا تَفْرِقَتُهُمْ بَيْنَ قَوْلِ الرَّجُلِ: أَنَا مُؤْمِنٌ، وَبَيْنَ قَوْلِهِ: آمَنْتُ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ 0 فَقَالُوا: لَا يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ: أَنَا مُؤْمِنٌ حَتَّى يُسْتَثْنَى فَإِنَّهُ إِنْ قَالَ: أَنَا مُؤْمِنٌ بِلَا اسْتِثْنَاءِ لَزِمَهُ أَنْ يَشْهَدَ أَنَّهُ فِي الْجَنَّةِ، وَلَكِنَّهُ يَقُولُ: آمَنْتُ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ. قُلْنَا: لَمْ نَجِدْ بَيْنَ قَوْلِهِ: أَنَا مُؤْمِنٌ وَبَيْنَ قَوْلِهِ: آمَنْتُ بِاللَّهِ فَرْقًا فِي الْمَعْنَى سَوَاءٌ عَلَيْهِ قَالَ: آمَنْتُ بِاللَّهِ أَوْ أَنَا مُؤْمِنٌ بِاللَّهِ لِأَنَّ مَعْنَى آمَنْتُ فَعَلْتُ الْإِيمَانَ، وَأَنَا مُؤْمِنٌ أَنَا فَاعِلٌ الْإِيمَانَ فَهُوَ مُؤْمِنٌ. فَإِنْ قَالُوا: مَنْ قَالَ: أَنَا مُؤْمِنٌ لَزِمَهُ أَنْ يَقُولَ: إِنِّي فِي الْجَنَّةِ لِأَنَّ اللَّهَ وَعَدَ الْمُؤْمِنِينَ الْجَنَّةَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 569 قِيلَ: وَكَذَلِكَ مَنْ قَالَ: آمَنْتُ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ لَزِمَهُ أَنْ يَقُولَ: إِنِّي فِي الْجَنَّةِ لِأَنَّ اللَّهَ وَعَدَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ الْجَنَّةَ كَمَا وَعَدَ الْمُؤْمِنِينَ الْجَنَّةَ، قَالَ اللَّهُ: {وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ} [الحديد: 21] وَقَالَ: {يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ} [الحديد: 12] قَالَ: {يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ} [التحريم: 8] وَقَالَ: {وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا} [الأحزاب: 47] وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ} [يونس: 2] فَبَشَّرَ الَّذِينَ آمَنُوا كَمَا بَشَّرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَوَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ كَمَا وَعَدَ الْمُؤْمِنِينَ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ فِي كِتَابٍ، وَلَا سُنَّةٍ، وَلَا لُغَةٍ، وَلَا مَعْقُولٍ. فَإِنْ قَالُوا: فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يُرِدْ بِإِيجَابِهِ الْجَنَّةَ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ كُلَّ مَنْ لَزِمَهُ هَذَا الِاسْمُ. قِيلَ لَهُمْ: قَدْ أَطْلَقَ اللَّهُ لَهُمُ الْوَعْدَ عَلَى هَذَا الِاسْمِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 570 فَمَنْ ثَبَتَ لَهُ هَذَا الِاسْمُ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ لَزِمَكُمْ أَنْ تُوجِبُوا لَهُ الْجَنَّةَ عَلَى ظَاهِرِ دَعْوَاكُمْ فِي الْمُؤْمِنِينَ. فَإِنْ قُلْتُمْ: إِنَّمَا عَنَى اللَّهُ مَنْ لَمْ يَأْتِ بِكَبِيرَةٍ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ. قِيلَ لَهُمْ: وَكَذَلِكَ عَنَى بِقَوْلِهِ: {وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} [البقرة: 223] و {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [النور: 55] بِوَرَعِهِمْ عَنِ الْكَبَائِرِ، وَقِيَامِهِمْ بِوَاجِبِ حَقِّ اللَّهِ فَكَمُلَ لَهُمُ الْإِيمَانُ بِذَلِكَ فَوَجَبَ لَهُمُ الْجَنَّةُ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَأَمَّا احْتِجَاجُ مَنِ احْتَجَّ بِأَنَّ اللَّهَ وَصَفَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالرَّأْفَةِ وَالرَّحْمَةِ لِلْمُؤْمِنِينَ، ثُمَّ قَالَ: {وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ} [النور: 2] فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَوْجَبَ عَلَى الزَّانِيَيْنِ الْحَدَّ وَأَمَرَ بِإِقَامَتِهِ عَلَيْهِمَا، وَنَهَاهُمْ أَنْ يَأْخُذَ بِهِمَا رَأْفَةٌ فَيُعَطِّلُوا عَنْهُمَا الْحَدَّ الَّذِي أَوْجَبَهُ اللَّهُ عَلَيْهِمَا رَأْفَةً مِنْهُمْ بِهِمَا، فَالرَّأْفَةُ عَلَى وَجْهَيْنِ: رَأْفَةٌ تَدْعُو إِلَى تَعْطِيلِ الْحَدِّ وَهِيَ الْمَنْهِيُّ عَنْهَا، وَرَأْفَةٌ تَدْعُو إِلَى إِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِمَا شَفَقَةً عَلَيْهِمَا مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ فَهَذِهِ غَيْرُ مَنْهِيٍّ عَنْهَا، فَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ كَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفًا رَحِيمًا، وَكَانَتْ رَأْفَتُهُ بِهِمْ لَا تَحْمِلُهُ عَلَى تَعْطِيلِ الْحُدُودِ عَنْهُ، فَالرَّأْفَةُ الَّتِي تَدْعُو إِلَى تَعْطِيلِ الْحَدِّ مَنْهِيَّةٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالرَّأْفَةُ الَّتِي وَجَبَتْ لِلْمُؤْمِنِينَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 571 بِالْإِيمَانِ هُوَ مَوْصُوفٌ بِهَا أَلَا تَرَاهُ كَانَ يُقِيمُ الْحُدُودَ عَلَيْهِمْ مَعَ ظُهُورِ شِدَّةِ ذَلِكَ وَمَشَقَّتِهِ عَلَيْهِ، وَلَوْلَا رَحْمَتُهُ وَرَأْفَتُهُ لَمَّا شَقَّ عَلَيْهِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 572 613 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أنا جَرِيرٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي مَاجِدٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: إِنَّ اللَّهَ عَفُوٌّ يُحِبُّ الْعَفْوَ، وَلَا يَنْبَغِي لِوَالٍ أَنْ يُؤْتَى بِحَدٍّ إِلَّا أَقَامَهُ، ثُمَّ أَنْشَأَ يُحَدِّثُ قَالَ: إِنَّ أَوَّلَ رَجُلٍ جِيءَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمُسْلِمِينَ أَوْ قَالَ فِي الْإِسْلَامِ لَرَجُلٌ أُتِيَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقِيلَ: سَرَقَ هَذَا، قَالَ: فَقَالَ: «اذْهَبُوا بِهِ فَاقْطَعُوهُ» قَالَ: وَكَأَنَّمَا سُفَّ فِي وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَمَادٌ، فَقَالَ لَهُ بَعْضُ جُلَسَائِهِ: كَأَنَّ هَذَا قَدْ شَقَّ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: " وَمَا يَمْنَعُنِي أَنْ تَكُونُوا أَعْوَانَ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِوَالٍ أَنْ يُؤْتَى بِحَدٍّ إِلَّا أَقَامَهُ وَاللَّهُ عَفُوٌّ يُحِبُّ الْعَفْوَ ثُمَّ قَرَأَ: {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا، أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ} [النور: 22] [ص: 573] ". 614 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، حَدَّثَنَا النَّضْرُ يَعْنِي ابْنَ شُمَيْلٍ، ثنا شُعْبَةُ، ثنا يَحْيَى، عَنْ رَجُلٍ، مِنَ التَّيْمِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مَاجِدٍ، رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ مَسْعُودٍ فَجَاءَ رَجُلٌ بِابْنِ أَخِيهِ فَذَكَرَ نَحْوَهُ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: أَفَلَا تَرَى إِلَى مَشَقَّةِ هَذَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى ظَهَرَ ذَلِكَ فِي لَوْنِهِ، وَلَوْلَا رَأْفَتُهُ بِهِ وَرَحْمَتُهُ إِيَّاهُ لَمَا شَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ، قَدْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَؤُوفًا رَحِيمًا، وَلَمْ يَكُنْ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَةَ الَّتِي تَدَعُوهُ إِلَى تَعْطِيلِ الْحُدُودِ، وَذَلِكَ الَّذِي نَهَى عَنْهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَأَمَّا مَا احْتَجُّوا بِهِ مِمَّا رُوِيَ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ أَنَّهُ يُنْزَعُ مِنْهُ الْإِيمَانُ، وَيُتَنَحَّى عَنْهُ الْإِيمَانُ أَيِ الْإِيمَانُ الَّذِي هُوَ عَمَلٌ بِالْقَلْبِ وَالْبَدَنِ زِيَادَةً عَلَى التَّصْدِيقِ وَالْإِقْرَارِ بَلْ غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَكُونُوا أَرَادُوا الْإِيمَانَ بِأَسْرِهِ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ إِبْطَالَ الْأَحْكَامِ وَحُدُودِهِ عَنْهُمْ عَلَى مَا بَيَّنَّا، وَلَوْ زَالَ عَنْهُمُ الْإِيمَانُ بِأَسْرِهِ لَوَجَبَ اسْتِتَابَتُهُمْ أَوِ الْقَتْلُ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» وَمَنْ تَرَكَ الْإِيمَانَ [ص: 574] بِأَسْرِهِ فَقَدْ بَدَّلَ دِينَهُ، وَذَلِكَ يُوجِبُ مُخَالَفَةَ الْكِتَابِ، وَالْخُرُوجَ مِنْ قَوْلِ الْعُلَمَاءِ، فَمَعْنَاهُمْ عِنْدَنَا فِي هَذَا الْقَوْلِ مُوَافِقٌ لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: يُنْزَعُ مِنْهُ نُورُ الْإِيمَانِ إِلَّا أَنَّهُ حِينَ يَزْنِي وَيَسْرِقُ وَيَشْرَبُ الْخَمْرَ فَلَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ إِلَّا مِنْ قِلَّةِ خَوْفِهِ مِنَ اللَّهِ، وَلَوْ كَانَ لِلَّهِ مُطِيعًا مُجِلًّا، وَلِعِقَابِهِ مُعَظِّمًا لَخَافَ اللَّهَ أَنْ يَرْكَبَ مَعَاصِيهِ، أَوْ يَأْتِيَ مَا يُوجِبُ غَضَبَهُ فَإِذَا أَتَى ذَلِكَ كَانَ تَارِكًا لِلْخَوْفِ وَالْوَرَعِ اللَّذَيْنِ هُمَا مِنَ الْإِيمَانِ فَجَائِزٌ أَنْ يَكُونُوا عَنَوْا بِهِ مِنْهُ هَذَا الْإِيمَانَ الَّذِي هُوَ زِيَادَةٌ عَلَى الْإِقْرَارِ، وَلَا جَائِزَ أَنْ يَظُنَّ بِهِمْ غَيْرَ ذَلِكَ، وَمَنْ نَسَبَهُمْ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَقَدْ نَسَبَهُمْ إِلَى أَنَّهُمْ خَالَفُوا أَحْكَامَ اللَّهِ فِي كِتَابِهِ، وَخَرَجُوا مِنْ قَوْلِ جَمِيعِ الْعُلَمَاءِ. وَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ وَابْنِ سِيرِينَ أَنَّهُمَا كَانَا يَقُولَانِ: مُسْلِمٌ وَيَهَابَانِ مُؤْمِنٌ فَإِنَّ هَذَا حَدِيثٌ لَمْ يَرْوِهِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ غَيْرُ الْمُؤَمَّلِ، وَإِذَا انْفَرَدَ بِحَدِيثٍ وَجَبَ أَنْ تُوقَفَ، وَيُتَثَبَّتُ فِيهِ لِأَنَّهُ كَانَ سَيِّئَ الْحِفْظِ، كَثِيرَ الْغَلَطِ الحديث: 613 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 572 615 - وَقَدْ حَدَّثَنَا الدَّوْرَقِيُّ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا أَبُو السَّرِيِّ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ، يَقُولُ [ص: 575] : «الْإِسْلَامُ، وَمَا الْإِسْلَامُ السِّرُّ وَالْعَلَانِيَةُ فِيهِ مُسْتَوِيَةٌ، وَأَنْ تُسْلِمَ قَلْبَكَ لِلَّهِ، وَيَسْلَمُ مِنْكَ كُلُّ مُسْلِمٍ وَذِي عَهْدٍ» قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَهَلْ يُوصَفُ الْإِيمَانُ بِأَكْثَرَ مِمَّا وُصِفَ بِهِ الْحَسَنُ بِالْإِسْلَامِ مَعَ أَخْبَارٍ سِوَى هَذَا، قَدْ رُوِيَتْ عَنْهُ تُحَقِّقُ هَذَا قَدْ ذَكَرْنَاهَا فِي مَوْضِعٍ غَيْرِ هَذَا وَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ أَنَّهُ دَوَّرَ دَوَّارَةً وَأُخْرَى فِي وَسَطِهَا صَغِيرَةً فَإِنَّ فُضَيْلَ بْنَ يَسَارٍ الرَّاوِي لِهَذَا الْحَدِيثِ كَانَ رَافِضِيًّا كَذَّابًا لَيْسَ مِمَّنْ يُحْتَجُّ بِهِ وَلَا مِمَّنْ يُعْتَمَدُ بِحَدِيثِهِ وَلَا نَعْلَمُهُ رُوِيَ عَنْهُ حَدِيثٌ غَيْرُ هَذَا. الحديث: 615 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 574 616 - حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ، ثنا أَبُو سَلَمَةَ مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ التَّبُوذَكِيُّ قَالَ: " كَانَ فُضَيْلُ بْنُ يَسَارٍ هَذَا الَّذِي رَوَى عَنْهُ، جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ رَجُلَ سَوْءٍ كَانَ يَقُولُ: عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ خَيْرٌ مِنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَكَانَ يَقُولُ: إِنَّ نَبِيلًا خَيْرٌ مِنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ " [ص: 576] فَالَّذِي صَحَّ عِنْدَنَا فِي مَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ» وَمَا رُوِيَ عَنْهُ مِنَ الْأَخْبَارِ مِمَّا يُشْبِهُ هَذَا أَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ كُلِّهِ أَنَّ مَنْ فَعَلَ تِلْكَ الْأَفْعَالِ لَا يَكُونُ مُؤْمِنًا مُسْتَكْمِلَ الْإِيمَانِ لِأَنَّهُ قَدْ تَرَكَ بَعْضَ الْإِيمَانِ نَفَى عَنْهُ الْإِيمَانَ، يُرِيدُ بِهِ الْإِيمَانَ الْكَامِلَ وَلَا جَائِزَ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ غَيْرَ ذَا قُلْنَا: لِأَنَّ فِي إِزَالَةِ الْإِيمَانِ بِأَسْرِهِ عَنْهُ حَتَّى لَا يَبْقَى فِيهِ مِنْهُ شَيْءٌ إِزَالَةٌ لِاسْمِ الْإِيمَانِ عَنْهُ وَفِي إِزَالَةِ اسْمِ الْإِيمَانِ عَنْهُ إِسْقَاطُ الْفَرَائِضِ وَالْأَحْكَامِ الَّتِي أَوْجَبَهَا اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَإِسْقَاطُ الْحُدُودِ عَنْهُ. وَفِي اتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى وُجُوبِ الْفَرَائِضِ الَّتِي أَوْجَبَهَا اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ، وَإِحْلَالِ الْحَلَالِ وَتَحْرِيمِ الْحَرَامِ الَّذِي أَحَلَّهُ اللَّهُ وَحَرَّمَهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ وَلَهُ، وَإِقَامَةِ الْحُدُودِ عَلَيْهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْإِيمَانَ لَمْ يَزُلْ كُلُّهُ عَنْهُ وَلَا اسْمُهُ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَوَجَبَ اسْتِتَابَتُهُ وَقَتْلُهُ، وَسَقَطَتْ عَنْهُ الْحُدُودُ، وَإِذَا زَالَ عَنْهُ الْإِيمَانُ مِنَ الْمُدْرِكِينَ الْعَاقِلِينَ فَهُوَ كَافِرٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَ الْإِيمَانِ وَالْكُفْرِ مَنْزِلَةٌ ثَالِثَةٌ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَالْمُنَافِقُ مَا هُوَ؟ قِيلَ لَهُ: الْمُنَافِقُ الَّذِي يُنَافِقُ فِي التَّوْحِيدِ هُوَ كَافِرٌ عِنْدَ [ص: 577] اللَّهِ فِي كِتَابِهِ لَا اخْتِلَافَ بَيْنَ الْأُمَّةِ فِي ذَلِكَ وَهَكَذَا فَسَّرَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ رَحِمَهُ اللَّهُ هَذِهِ الْأَخْبَارَ فِي كِتَابِهِ الْمَنْسُوبِ إِلَيْهِ فِي الْإِيمَانِ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَالَّذِي عِنْدَنَا أَنَّ الْمَعَاصِيَ لَا تُزِيلُ الْإِيمَانَ، وَلَا تُوجِبُ الْكُفْرَ، وَلَكِنَّهَا تَنْفِي حَقَائِقَ الْإِيمَانِ الَّذِي نَعَتَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِهَا أَهْلَهُ فِي مَوَاضِعَ مِنْ كِتَابِهِ مِنْهَا قَوْلُهُ: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} [الأنفال: 2] إِلَى قَوْلِهِ: {أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا} [الأنفال: 4] وَقَوْلُهُ: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} [المؤمنون: 1] إِلَى قَوْلِهِ: {أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ} [المؤمنون: 10] وَقَوْلُهُ: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ} [التوبة: 111] الْآيَةَ، قَالَ: فَهَذِهِ الْآيَاتُ الَّتِي هِيَ شَرَحَتِ الْإِيمَانَ، وَأَبَانَتْ سُبُلَهُ الَّتِي وَصَفَ اللَّهُ أَه ْلَهُ بِهَا، وَنَفَى عَنْهُ الْمَعَاصِي الَّتِي نَزَّهَهُ الْإِيمَانُ عَنْهُ، فَلَمَّا خَالَطَتْ ذَلِكَ الْإِيمَانَ الْمَنْعُوتَ [ص: 578] عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَعِنْدَ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْبُعْدِ مِنَ الْأَدْنَاسِ وَالذُّنُوبِ وَالْمَعَاصِي قِيلَ لِأَهْلِهِ لَيْسَتْ هَذِهِ الْخِلَالُ مِنَ الشَّرَائِطِ الَّتِي نَعَتَ اللَّهُ بِهَا الْمُؤْمِنِينَ، وَلَا الَأَمَارَاتِ الَّتِي يُعْرَفُ بِهَا أَهْلُهَا فَنَفَتْ عَنْهُمْ حَقِيقَتَهُ، وَلَمْ يُزَائِلُهُمُ اسْمُهُ. فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ يُقَالُ: لَيْسَ بِمُؤْمِنٍ وَاسْمُ الْإِيمَانِ لَازِمٌ لَهُ؟ قِيلَ: هَذَا كَلَامُ الْعَرَبِ الْمُسْتَفِيضُ عَنْهَا غَيْرُ الْمُسْتَنْكَرِ عِنْدَهَا قَدْ وَجَدْنَاهُ فِي الْآثَارِ وَغَيْرِهَا. مِنْ ذَلِكَ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلَّذِي لَمْ يُتِمَّ صَلَاتَهُ: «ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ» فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ، وَقَدْ رَآهُ يُصَلِّيَهَا وَلَكِنَّهُ لَمَّا لَمْ يُكْمِلْهَا جَعَلَهُ غَيْرَ مُصَلٍّ، وَكَذَلِكَ [ص: 579] حِينَ سُئِلَ عَنْ مَنْ صَامَ الدَّهْرَ؟ فَقَالَ: «مَا صَامَ وَلَا أَفْطَرَ» فَجَعَلَهُ غَيْرَ صَائِمٍ وَقَدْ زَادَ عَلَى صِيَامِ النَّاسِ، وَلَكِنَّهُ لَمَّا أَخْطَأَ بِهِ مَوْضِعَهُ جَعَلَهُ غَيْرَ صَائِمٍ. قَالَ: وَكَذَلِكَ كَلَامُ الْعَرَبِ أَلَا تَرَاهُمْ يَقُولُونَ لِلْصَانِعِ إِذَا كَانَ غَيْرَ حَاذِقٍ بِعَمَلِهِ وَلَا مُتْقِنٍ لَهُ فُلَانٌ لَيْسَ بِصَانِعٍ، وَهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ يُعَالِجُ ذَلِكَ الْعِلَاجَ، وَأَنَّهُ مِنْ أَهْلِهِ غَيْرَ أَنَّهُمْ إِنَّمَا نَفَوْا عَنْهُ تَجْوِيدَ الْعَمَلِ لَا الصِّنَاعَةَ بِرُمَّتِهَا، وَكَذَلِكَ يَقُولُ الرَّجُلُ لِصَاحِبِهِ إِذَا عَمِلَ عَمَلًا غَيْرَ إِحْكَامٍ أَوْ تَكَلَّمَ بِكَلَامٍ لَمْ يَقُمْ فِيهِ بِحُجَّتِهِ مَا صَنَعْتَ شَيْئًا، وَلَوْ سُئِلُوا عَنْهُ لَكَانَ تَارِكًا لِلْعَمَلِ أَوِ الْكَلَامِ؟ لَقَالُوا: لَا وَلَكِنَّهُ تَرَكَ مَوْضِعَ الْإِصَابَةِ فِيهِ، فَكَثُرَ هَذَا فِي أَلْفَاظِهِمْ حَتَّى تَكَلَّمُوا بِهَذِهِ [ص: 580] الْمَعَانِي فِيمَا هُوَ أَعْجَبُ مِمَّا ذَكَرْنَا. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَذَلِكَ مِثْلُ قَوْلِهِمْ لِلرَّجُلِ يَعُقُّ وَالِدَيْهِ وَيُدْخِلُ عَلَيْهِمُ الْأَذَى، وَيُجَرِّمُ عَلَيْهَا الْجَرَائِمَ لَيْسَ ذَاكَ بِوَلَدٍ إِنَّمَا هُوَ عَدُوٌّ، وَكَذَلِكَ قُولُ الرَّجُلِ لِمَمْلُوكِهِ إِذَا كَانَ مُضَارًّا لَهُ مَا أَنْتَ بِعَبْدٍ وَهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّ ذَلِكَ ابْنُ هَذَا لِصُلْبِهِ، وَأَنَّ هَذَا مِلْكُ يَمِينِهِ، وَلَكِنَّهُ لَمَّا كَانَ أَكْبَرَ مِنَ الْحُقُوقِ الْوَاجِبَةِ عَلَى الْوَلَدِ، وَكَانَ عَلَى الْمَمْلُوكِ الطَّاعَةُ أَزَالَ ذَلِكَ عَنْهُمْ أَمْكَنَهُمْ أَنْ يَصِفُوهُمَا بِزَوَالِ الْبُنُوَّةِ وَالْعُبُودِيَّةِ فِي الْمَنْطِقِ، فَإِذَا صَارُوا فِي الْأَحْكَامِ رُدَّتِ الْأَشْيَاءُ إِلَى أُصُولِهَا فَجَرَتْ بَيْنَهُمُ الْمُوَارَثَةُ فِي النَّسَبِ وَغَيْرِهِ، وَكَذَلِكَ الْعِتْقُ وَالْبَيْعُ وَنَحْوُهُ فِي الْمَمْلُوكِ، فَكَذَلِكَ هَذِهِ الذُّنُوبُ الَّتِي يَنْفِي بِهَا أَهْلَهَا مِنَ الْإِيمَانِ، فَقِيلَ: لَيْسَ بِمُؤْمِنٍ مَنْ فَعَلَ كَذَا إِنَّمَا أَحْبَطَتِ الذُّنُوبُ عِنْدَنَا حَقَائِقَ الْإِيمَانِ، وَنَفَتِ اسْمَ اسْتِكْمَالِهِ الَّتِي نَعَتَ اللَّهُ بِهَا أَهْلَهُ فَهُمْ فِي الْأَسْمَاءِ وَالْأَحْكَامِ مُؤْمِنِينَ، وَهُمْ فِي الْحَقَائِقِ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ كَالَّذِي مَثَّلْتُ لَكَ فِي الصَّانِعِ وَالْوَلَدِ وَالْمَمْلُوكِ. قَالَ: وَقَدْ وَجَدْنَا لِمَذْهَبِنَا بَيَانًا فِي التَّنْزِيلِ وَالسُّنَّةِ، قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ} [آل عمران: 187] [ص: 581] قَالَ الشَّعْبِيُّ: أَمَا إِنَّهُ كَانَ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَلَكِنَّهُمْ نَبَذُوا الْعَمَلَ بِهِ فَجَعَلَهُمْ فِي الْحَقِيقَةِ نَابِذِينَ لَهُ ثُمَّ قَدْ أَحَلَّ لَنَا ذَبَائِحَهُمْ، وَنِكَاحَ نِسَائِهِمْ إِذْ كَانُوا بِالْأَلْسِنَةِ لَهُ مُنْتَحِلِينَ وَبِهِ مُقِرِّينَ، وَفِي الْحَقِيقَةِ لِلْكِتَابِ مُفَارِقِينَ، وَهُمْ بِالْأَحْكَامِ وَالْأَسْمَاءِ فِيهِ دَاخِلُونَ. قَالَ: وَأَمَّا السُّنَّةُ فَحَدِيثُهُ فِي صَلَاةِ الْمَرْأَةِ الْعَاصِيَةِ لِزَوْجِهَا، وَالْعَبْدِ الْآبِقِ وَالْمُصَلِّي بِالْقَوْمِ الْكَارِهِينَ لَهُ أَنَّهَا غَيْرُ مَقْبُولَةٍ، وَمِنْهُ حَدِيثُهُ فِي شَارِبِ الْخَمْرِ أَنَّ صَلَاتَهُ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ [ص: 582] . وَقَوْلُ عَلِيٍّ: لَا صَلَاةَ لِجَارِ الْمَسْجِدِ إِلَّا فِي الْمَسْجِدِ. وَقَوْلُ عُمَرَ: مَنْ قَدَّمَ ثِقَلَهُ لَيْلَةَ النَّفْرِ فَلَا حَجَّ لَهُ. فَكُلُّ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ إِنَّمَا مَعْنَاهَا عِنْدَنَا لَا عَلَى إِبْطَالِ الْحَقَائِقِ وَالِاسْتِكْمَالِ، فَأَمَّا الْأَسْمَاءُ وَالْأَحْكَامُ فَإِنَّ لَهُمْ فِي ذَلِكَ مِثْلَمَا لِغَيْرِهِمْ إِلَى هَهُنَا كَلَامُ أَبِي عُبَيْدٍ [ص: 583] . قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَنَظِيرُ مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْأَخْبَارِ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ الصِّيَامُ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ فَقَطْ وَلَكِنَّ الصِّيَامَ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ» يَقُولُ: الصِّيَامُ التَّامُّ الْكَامِلُ الْمُتَقَبَّلُ الْإِمْسَاكُ عَنْ هَذِهِ الْمَعَانِي، كَمَا قَالَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ: «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ [ص: 584] وَشَرَابَهُ» لِأَنَّ اللَّهَ قَدْ عَفَى عَنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ فَإِذَا ارْتَكَبَ فِي صَوْمِهِ بَعْضَ مَا نُهِيَ عَنْهُ كَانَ تَارِكًا لِبَعْضِ الصِّيَامِ، وَإِذَا تَرَكَ بَعْضَ الصِّيَامِ جَازَ أَنْ يُقَالَ: لَيْسَ بِصَائِمٍ يُرَادُ لَيْسَ بِصَائِمٍ صَوْمًا كَامِلًا، وَذَلِكَ تَأْوِيلُ قَوْلِهِ: «مَا صَامَ مَنْ ظَلَّ يَأْكُلُ لُحُومَ النَّاسِ» يَقُولُ: لَمْ يَصُمْ صِيَامًا كَامِلًا. وَمِمَّا يُشْبِهُ ذَلِكَ قَوْلُهُ: «لَيْسَ الْمِسْكِينُ بِالطَّوَّافِ الَّذِي تَرُدُّهُ اللُّقْمَةُ وَاللُّقْمَتَانِ، وَلَكِنَّ الْمِسْكِينَ الْمُتَعَفِّفَ الَّذِي لَا يَسْأَلُ النَّاسَ، وَلَا يُتَفَطَّنُ لَهُ فَيُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ» يُرِيدُ أَنَّ [ص: 585] مَنْ كَانَ ذَا مَالٍ كَثِيرٍ لَيْسَ بِغَنِيِّ النَّفْسِ لَا يُسَمَّى غَنِيًّا فِي اللُّغَةِ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ مَا أَوْجَبَ اللَّهُ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ فِي أَمْوَالِهِمْ مِنَ الزَّكَوَاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَلَا أَنَّ الَّذِي تَرُدُّهُ اللُّقْمَةُ وَاللُّقْمَتَانِ لَا يَجُوزُ أَنْ يُسَمَّى مِسْكِينًا فِي اللُّغَةِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَحْكُمَ لَهُ بِحُكْمِ الْمَسَاكِينِ فِي التَّصَدُّقِ عَلَيْهِ مِنَ الزَّكَوَاتِ وَكَفَّارَاتِ الْإِيمَانِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَلَكِنَّهُ يُرِيدُ أَنَّ الْغِنَى الْمَمْدُوحُ، وَالْمَسْكَنَةُ الْمَمْدُوحَةُ الْمَرْغُوبُ فِيهِمَا لَيْسَا بِهَذَيْنِ وَلَكِنَّهُمَا اللَّذَانِ وَصَفَهُمَا. وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِبَعْضِهِمْ: لَا جُمُعَةَ لَكَ لِأَنَّهُ تَكَلَّمَ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ فَأُخْبِرَ بِذَلِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: صَدَقَ وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِأَنْ يُصَلِّيَ [ص: 586] الظُّهْرَ، وَقَدِ اتَّفَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ أَنَّ صَلَاتَهُ جَائِزَةٌ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ الظُّهْرَ الحديث: 616 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 575 617 - حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عِيسَى، أنا ابْنُ الْمُبَارَكِ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ عُلَاثَةَ، قَالَ: سَأَلْتُ الزُّهْرِيَّ عَنِ الرَّجُلِ، يَتَكَلَّمُ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَالَ: " لَا جُمُعَةَ لَهُ، قُلْتُ: فَيُصَلِّي ظُهْرًا أَرْبَعًا أَوْ يَقْتَدِي بِالْإِمَامِ؟ قَالَ: «يَقْتَدِي بِالْإِمَامِ وَيَسْتَغْفِرُ رَبَّهُ» الحديث: 617 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 586 618 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، ثنا مُؤَمَّلٌ، ثنا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: «إِنْ تَكَلَّمَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ وَلَا حَظَّ لَهُ فِي أَجْرِ الْجُمُعَةِ» الحديث: 618 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 586 619 - حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عِيسَى، أنا ابْنُ الْمُبَارَكِ، أنا الْمُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي الرَّجُلِ يَتَكَلَّمُ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ، قَالَ: «لَا جُمُعَةَ لَهُ وَيُصَلِّي الْجُمُعَةَ مَعَ الْإِمَامِ» . قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَنَظِيرُ ذَلِكَ قَوْلُهُ: «مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا» فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا شَرِبَ الْخَمْرَ ثُمَّ جَاءَ يَسْتَفْتِي لَمْ يَجُزْ أَنْ يُقَالَ لَهُ دَعِ الصَّلَاةَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، فَإِنَّكَ إِنْ صَلَّيْتَ لَمْ تُقْبَلْ مِنْكَ، بَلْ قَدْ أَجْمَعُوا أَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ، وَأَنَّهُ إِذَا صَلَّى فَصَلَاتُهُ جَائِزَةٌ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُعِيدَ صَلَاةَ أَرْبَعِينَ [ص: 588] يَوْمًا، وَتَأَوَّلَ قَوْلَهُ: «لَا تُقْبَلُ لَهُ صَلَاةٌ» أَيْ لَا يُثَابَ عَلَى صَلَاتِهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا عُقُوبَةً لِشُرْبِهِ الْخَمْرَ، كَمَا قَالُوا فِي الْمُتَكَلِّمِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ إِنَّهُ يُصَلِّي الْجُمُعَةَ وَلَا جُمُعَةَ لَهُ يَعْنُونَ أَنَّهُ لَا يُعْطَى ثَوَابَ الْجُمُعَةِ عُقُوبَةً لِذَنْبِهِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا وَلَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ» الحديث: 619 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 587 620 - حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، ثنا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يُحَدِّثُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ» الحديث: 620 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 588 621 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أنا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، ثنا حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يُؤْمِنُ عَبْدٌ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مِنَ الْخَيْرِ مَا يُحِبُّ [ص: 589] لِنَفْسِهِ» قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: يُرِيدُ لَا يُؤْمِنُ الْإِيمَانَ كُلَّهُ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: «لَا إِيمَانَ لِمَنْ لَا أَمَانَةَ لَهُ، وَلَا دِينَ لِمَنْ لَا عَهْدَ لَهُ» [ص: 590] ، وَقَوْلُهُ: «لَيْسَ بِمُؤْمِنٍ مَنْ لَا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ» يَقُولُ: لَيْسَ بِمُؤْمِنٍ كَامِلِ الْإِيمَانِ، وَقَوْلُهُ: «الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالْمُؤْمِنُ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ» ، يَقُولُ: الْمُسْلِمُ الْمُكَمِّلُ لِإِسْلَامِهِ الْمُحْسِنُ فِيهِ مَنْ كَانَ كَذَلِكَ أَلَا تَرَاهُ قَالَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ: «أَفْضَلُ الْمُسْلِمِينَ إِسْلَامًا مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ» ، وَقَوْلُهُ: «لَا يُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ مَرَّتَيْنِ» يُرِيدُ الْمُؤْمِنُ الْكَيِّسُ الْمُتَيَقِّظُ الْمُتَعَاهِدُ لِإِيمَانِهِ. وَسَنَذْكُرُ الْأَخْبَارَ الْمَرْوِيَّةَ عَلَى هَذَا الْمِثَالِ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ خَاصَّةً مِنْ ذَلِكَ مَا الحديث: 621 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 588 622 - حَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ الْخَوْلَانِيُّ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " وَاللَّهِ لَا يُؤْمِنُ، وَاللَّهِ لَا يُؤْمِنُ، وَاللَّهِ لَا يُؤْمِنُ، قَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: جَارٌ لَا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ " الحديث: 622 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 590 623 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أنا جَرِيرٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يُؤْمِنُ عَبْدٌ حَتَّى يَأْمَنَ جِوَارُهُ بَوَائِقَهُ» الحديث: 623 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 590 624 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أنا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، ثنا أَبَانُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ الصَّبَّاحِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُؤْمِنَ قَلْبُهُ وَلَا يُؤْمِنَ قَلْبُهُ حَتَّى يَأْمَنَ جَارُهُ بَوَائِقَهُ» قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا بَوَائِقُهُ؟ قَالَ: «غَشْمُهُ وَظُلْمُهُ» الحديث: 624 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 591 625 - حَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ الْخَوْلَانِيُّ، ثنا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ سِنَانِ بْنِ سَعْدٍ الْكِنْدِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَيْسَ بِمُؤْمِنٍ مَنْ لَا يَأْمَنُ جَارُهُ غَوَائِلَهُ» الحديث: 625 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 591 626 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ الْوَاهِبِيُّ، ثنا ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ سِنَانِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا يُؤْمِنُ مَنْ لَا يَأْمَنُ جَارُهُ غَوَائِلَهُ» الحديث: 626 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 592 627 - حَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ الْخَوْلَانِيُّ، ثنا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ سِنَانِ بْنِ سَعْدٍ الْكِنْدِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَيْسَ بِمُؤْمِنٍ مَنْ لَا يَأْمَنُ جَارُهُ غَوَائِلَهُ» الحديث: 627 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 592 628 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، أنا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: دَخَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ فَقَالَ لَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ: أَنْتَ الَّذِي تُؤَنِّبُنِي وَتُبَخِّلُنِي؟ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: نَعَمْ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ الْمُسْلِمَ الَّذِي يَشْبَعُ وَيَجُوعُ جَارُهُ لَيْسَ بِمُؤْمِنٍ» الحديث: 628 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 593 629 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أنا عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي بَشِيرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُسَاوِرِ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ، وَهُوَ يُبَخِّلُ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَيْسَ الْمُسْلِمُ مَنْ شَبِعَ وَجَارُهُ جَائِعٌ إِلَى جَنْبِهِ» الحديث: 629 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 593 630 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أنا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ عَامِرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الْمُسْلِمَ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالْمُهَاجِرَ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ» الحديث: 630 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 594 631 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، أنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ دَاوُدَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو، يَقُولُ: وَرَبِّ هَذِهِ الْبَنِيَّةِ لَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «الْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ السَّيِّئَاتِ، وَالْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ» الحديث: 631 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 594 632 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أنا جَرِيرٌ، عَنِ الْمُغِيرَةِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ رَجُلًا، قَالَ لَهُ: مَا نَحْنُ مِنْ أَحَادِيثِكَ فِي شَيْءٍ، لَا تُحَدِّثْنَا إِلَّا بِشَيْءٍ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوَجَمَ لَهَا سَاعَةً ثُمَّ قَالَ: هَا وَرَبِّ الْكَعْبَةِ لَا أُحَدِّثُكَ إِلَّا بِشَيْءٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ السُّوءَ» وَرُبَّمَا قَالَ: «مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ» الحديث: 632 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 595 633 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أنا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، أَنَّ رَجُلًا، قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: حَدِّثْنِي بِشَيْءٍ، سَمِعْتَهُ مِنْ، رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ» الحديث: 633 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 595 634 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أنا الْمُقْرِئُ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادِ بْنِ أَنْعَمَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ رَجُلًا، سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: مَنِ الْمُسْلِمُ؟ قَالَ: «مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ» قَالَ: فَمَنِ الْمُؤْمِنُ؟ قَالَ: «مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ» قَالَ: فَمَنِ الْمُهَاجِرُ؟ قَالَ: «مَنْ هَجَرَ السَّيِّئَاتِ» قَالَ: فَمَنِ الْمُجَاهِدُ؟ قَالَ: «مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ لِلَّهِ» الحديث: 634 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 596 635 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ، وَأَبُو دَاوُدَ قَالَا: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، وَكَانَ، مُعَلِّمًا، عَنْ أَبِي كَثِيرٍ الزُّبَيْدِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِيَّاكُمْ وَالظُّلْمَ فَإِنَّ الظُّلْمَ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَإِيَّاكُمْ وَالْفُحْشَ، فِإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفُحْشَ وَالتَّفَحُّشَ، وَإِيَّاكُمْ وَالشُّحَّ فَإِنَّهُ أَهْلَكَ مَنْ قَبْلَكُمْ أَمَرَهُمْ بِالْقَطِيعَةِ فَقَطَعُوا أَرْحَامَهُمْ، وَأَمَرَهُمْ بِالْفُجُورِ فَفَجَرُوا وَأَمَرَهُمْ بِالْبُخْلِ فَبَخِلُوا فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْمُسْلِمِينَ أَفْضَلُ أَوْ قَالَ أَيُّ الْإِسْلَامِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «أَنْ يَسْلَمَ الْمُسْلِمُونَ [ص: 597] مِنْ لِسَانِكَ وَيَدِكَ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَيُّ الْهِجْرَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «أَنْ تَهْجُرَ مَا كَرِهَ اللَّهُ» قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْهِجْرَةُ هِجْرَتَانِ هِجْرَةُ الْبَادِي وَهِجْرَةُ الْحَاضِرِ أَمَّا الْبَادِي فَيُجِيبُ إِذَا دُعِيَ وَيُطِيعُ إِذَا أُمِرَ فَأَمَّا الْحَاضِرُ فَهُوَ أَعْظَمُهَا بَلِيَّةً وَأَعْظَمُهَا أَجْرًا» [ص: 598] 636 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أنا الْمُلَائِيُّ، ثنا الْمَسْعُودِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي كَثِيرٍ الزُّبَيْدِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ فِي الْمَعْنَى الحديث: 635 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 596 637 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أنا اللَّيْثُ، ثنا ابْنُ عَجْلَانَ، عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالْمُؤْمِنُ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ» الحديث: 637 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 599 638 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أنا جَرِيرٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ الْإِسْلَامِ أَفْضَلُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ» الحديث: 638 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 600 639 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَفْصِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ حُجَيْرٍ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ زِيَادٍ، قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَقَالَ: أَيُّ الْمُؤْمِنِينَ أَفْضَلُ إِسْلَامًا؟ قَالَ: «مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ» ، قَالَ: فَأَيُّ الْجِهَادِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ فِي ذَاتِ اللَّهِ» ، قَالَ: فَأَيُّ الْمُهَاجِرِينَ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «مَنْ جَاهَدَ لِنَفْسِهِ وَهَوَاهُ فِي ذَاتِ اللَّهِ» ، قَالَ: أَنْتَ قُلْتَهُ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو أَوْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: قَالَ: «بَلْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَهُ» الحديث: 639 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 600 640 - حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَمِّي، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو هَانِئٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ فَضَالَةَ بْنَ عُبَيْدٍ حَدَّثَهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ: «سَأُخْبِرُكُمْ مَنِ الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالْمُؤْمِنُ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ، وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ الْخَطَايَا وَالذُّنُوبَ، وَالْمُجَاهِدُ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ وَهَوَاهُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ» الحديث: 640 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 601 641 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا أَبُو صَالِحٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي أَبُو هَانِئٍ الْخَوْلَانِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَالِكٍ الْجَنْبِيِّ، عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِالْمُؤْمِنِ؟ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ، وَالْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ النَّاسُ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالْمُجَاهِدُ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ، وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ الْخَطَايَا وَالذُّنُوبَ» الحديث: 641 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 602 642 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَبِيبٍ، وَأَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ قَالَا: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ الْجَدْعَانِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مَالِكٍ كَعْبَ بْنَ عَاصِمٍ الْأَشْعَرِيَّ يَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فِي أَوْسَطِ أَيَّامِ الْأَضْحَى: «أَلَيْسَ هَذَا يَوْمٌ حَرَامٌ؟» قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «فَإِنَّ حُرْمَتَكُمْ بَيْنَكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كَحُرْمَةِ هَذَا الْيَوْمِ، ثُمَّ أُنَبِّئُكُمْ مَنِ الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَأُنَبِّئُكُمْ مَنِ الْمُؤْمِنُ مَنْ أَمِنَهُ الْمُؤْمِنُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ، وَأُنَبِّئُكُمْ مَنِ الْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ السَّيِّئَاتِ وَهَجَرَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَالْمُؤْمِنُ حَرَامٌ عَلَى الْمُؤْمِنِ كَحُرْمَةِ هَذَا الْيَوْمِ لَحْمُهُ عَلَيْهِ حَرَامٌ أَنْ يَأْكُلَهُ أَوْ يَغْتَابَهُ بِالْغَيْبِ، وَعِرْضُهُ عَلَيْهِ حَرَامٌ أَنْ يَخْرِقَهُ، وَوَجْهُهُ عَلَيْهِ حَرَامٌ أَنْ يَلْطِمَهُ، وَدَمُهُ عَلَيْهِ حَرَامٌ أَنْ يَسْفِكَهُ، وَحَرَامٌ عَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَهُ دَفْعَةً يُغْشِهِ» الحديث: 642 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 603 643 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، ثنا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِيلَ لَهُ: مَا الْإِسْلَامُ؟ قَالَ: «إِطْعَامُ الطَّعَامِ وَطِيبُ الْكَلَامِ» قِيلَ: فَمَا الْإِيمَانُ؟ قَالَ: «السَّمَاحَةُ وَالصَّبْرُ» قِيلَ: فَمَنْ أَفْضَلُ الْمُسْلِمِينَ إِسْلَامًا؟ قَالَ: «مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ» قِيلَ: فَمَنْ أَفْضَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا؟ قَالَ: «أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا» ، قِيلَ: فَمَا أَفْضَلُ الْهِجْرَةِ؟ قَالَ: مَنْ هَجَرَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ " الحديث: 643 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 604 644 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، ثنا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ، عَنْ حَجَّاجِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ ذَكْوَانَ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ، قَالَ: أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ فَقَالَ: مَا الْإِسْلَامُ؟ قَالَ: «طِيبُ الْكَلَامِ، وَإِطْعَامُ الطَّعَامِ» قَالَ: فَمَا الْإِيمَانُ؟ قَالَ: «الصَّبْرُ وَالسَّمَاحَةُ» قَالَ: أَيُّ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «طُولُ الْقُنُوتِ» قَالَ: أَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «جَهْدٌ مِنْ مُقِلٍّ» قَالَ: أَيُّ الْهِجْرَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «أَنْ تَهْجُرَ مَا كَرِهَ اللَّهُ» قَالَ: أَيُّ الْجِهَادِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «أَنْ تُجَاهِدَ بِمَالِكَ وَنَفْسِكَ فَيُعْقَرَ جَوَادُكَ وَيُهْرَاقَ دَمُكَ» قَالَ: أَيُّ السَّاعَاتِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «جَوْفُ اللَّيْلِ الْغَابِرِ» الحديث: 644 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 604 645 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، ثنا حَبَّانُ بْنُ هِلَالٍ، ثنا سُوَيْدٌ أَبُو حَاتِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْإِسْلَامُ؟ قَالَ: «إِطْعَامُ الطَّعَامِ، وَلِينُ الْكَلَامِ» قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْإِيمَانُ؟ قَالَ: «السَّمَاحَةُ وَالصَّبْرُ» قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَيُّ الْإِسْلَامِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ» قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْمُؤْمِنِينَ أَكْمَلُ إِيمَانًا؟ قَالَ: «أَحْسَنُهُمْ [ص: 606] خُلُقًا» قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْقَتْلِ أَشْرَفُ؟ قَالَ: «مَنْ أُرِيقَ دَمُهُ وَعُقِرَ جَوَادُهُ» قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَيُّ الْجِهَادِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «الَّذِينَ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «جَهْدُ الْمُقِلِّ» قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَيُّ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «طُولُ الْقُنُوتِ» قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَيُّ الْهِجْرَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «مَنْ هَجَرَ السُّوءَ» الحديث: 645 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 605 646 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْإِسْلَامِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ» قِيلَ: فَأَيُّ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «طُولُ الْقُنُوتِ» قِيلَ: فَأَيُّ الْجِهَادِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «مَنْ عُقِرَ جَوَادُهُ وَأُهْرِيقَ دَمُهُ» قِيلَ: فَأَيُّ الْهِجْرَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «أَنْ تَهْجُرَ مَا كَرِهَ رَبُّكَ» الحديث: 646 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 606 647 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، ثنا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْإِسْلَامِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ» قِيلَ: فَأَيُّ الْإِيمَانِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «الصَّبْرُ وَالسَّمَاحَةُ» قِيلَ: فَأَيُّ الْمُؤْمِنِينَ أَكْمَلُ إِيمَانًا؟ قَالَ: «أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا» قِيلَ: فَأَيُّ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «طُولُ الْقُنُوتِ» قِيلَ: فَأَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «جَهْدُ الْمُقِلِّ» قِيلَ: فَأَيُّ الْهِجْرَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «أَنْ تَهْجُرَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْكَ» الحديث: 647 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 607 648 - حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ زَنْجُوَيْهِ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ صَالِحٍ، ثنا ابْنُ لَهِيعَةَ، حَدَّثَنِي دَرَّاجٌ، عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْمُؤْمِنُونَ فِي الدُّنْيَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَجْزَاءٍ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، ثُمَّ الَّذِي يَأْمَنُهُ النَّاسُ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ، ثُمَّ الَّذِي أَشْرَفَ عَلَى طَمَعٍ تَرَكَهُ» الحديث: 648 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 608 649 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أنا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، ثنا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، عَنْ طَيْسَلَةَ بْنِ عَلِيٍّ أَبِي مُدْرِكٍ، قَالَ: أَتَيْتُ ابْنَ عُمَرَ بِعَرَفَةَ فَسَأَلَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ مَنِ الْمُؤْمِنُ؟ قَالَ: «الْمُؤْمِنُ الَّذِي إِذَا حَدَّثَ صَدَقَ، وَإِذَا وَعَدَ أَنْجَزَ، وَإِذَا ائْتُمِنَ أَدَّى وَمَا مِنْ آمِنٍ أَمْسَى بِعُقُوبَةِ بَوَائِقِهِ مِنْ عَارِفٍ أَوْ مُنْكِرٍ» الحديث: 649 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 609 650 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، ثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ، أنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ الْخُزَاعِيُّ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ أَبِي سُلَيْمَانَ اللَّيْثِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِ وَمَثَلُ الْإِيمَانِ كَمَثَلِ الْفَرَسِ فِي آخِيَّتِهِ يَجُولُ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى آخِيَّتِهِ، وَأَنَّ الْمُؤْمِنَ يَسْهُو ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى الْإِيمَانِ فَأَطْعِمُوا طَعَامَكُمُ الْأَتْقِيَاءَ، وَأَوْلُوا مَعْرُوفَكُمُ الْمُؤْمِنِينَ» الحديث: 650 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 609 651 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، ثنا أَبِي، ثنا ابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَمِّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ» الحديث: 651 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 610 652 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا مُعَلَّى بْنُ مَنْصُورٍ الرَّازِيُّ، ثنا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ عَقِيلٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ مَرَّتَيْنِ» الحديث: 652 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 611 653 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، ثنا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يُلْدَغُ الْمُسْلِمُ مِنْ جُحْرٍ مَرَّتَيْنِ» الحديث: 653 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 611 654 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ، ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ مَرَّتَيْنِ» الحديث: 654 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 611 أَدِلَّةٌ أُخْرَى عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِنَفْيِ الْإِيمَانِ عَنْ مُرْتَكِبِ الْمَعَاصِي نَفْيُ اسْتِكْمَالِ الْإِيمَانِ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ تَأْوِيلَ هَذِهِ الْأَخْبَارِ الَّتِي فِيهَا نَفْيُ الْإِيمَانِ عَنْ مَنِ ارْتَكَبَ الْمَعَاصِي الْمَذْكُورَةَ فِيهَا إِلَيْهِ مَا ذَهَبْنَا مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا نَفْيُ اسْتِكْمَالِ الْإِيمَانِ لَا نَفْيَ الْإِيمَانِ كُلِّهِ بِأَسْرِهِ حَتَّى لَا يَبْقَى مِنْهُ شَيْءٌ مَا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 612 655 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أنا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ عَايِذُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: " تُبَايِعُونِي عَلَى أَنْ لَا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلَا تَسْرِقُوا، وَلَا تَزْنُوا، وَتَلَا سُفْيَانُ: {يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ} [الممتحنة: 12] الْآيَةَ كُلَّهَا، ثُمَّ قَالَ: «مَنْ وَفَّى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَسَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ فَهُوَ إِلَى اللَّهِ إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ» [ص: 613] 656 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أنا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، قَالَ: بَايَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفَرًا أَنَا فِيهِمْ، وَتَلَا آيَةَ النِّسَاءِ فَذَكَرَ مِثْلَهُ. 657 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أنا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، ثنا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْأَشْعَثَ الصَّنْعَانِيِّ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، قَالَ: أَخَذَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِتًّا كَمَا أَخَذَ عَلَى النِّسَاءِ مِثْلَهُ، وَزَادَ: «لَا يَعْضَهْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، وَلَا تَعْصُونِي فِي مَعْرُوفٍ آمُرُكُمْ بِهِ» قَالَ إِسْحَاقُ: لَا يَعْضَهْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا لَا يَبْهَتْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا. [ص: 614] 658 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أنا سُفْيَانُ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ نَحْوَهُ الحديث: 655 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 612 659 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَنَا فِي مَجْلِسٍ: «تُبَايِعُونِي عَلَى أَنْ لَا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلَا تَسْرِقُوا، وَلَا تَزْنُوا، وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ، وَلَا تَأْتُوا بِبُهْتَانٍ تَفْتَرُونَهُ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ، وَلَا تَعْصُونِي فِي مَعْرُوفٍ فَمَنْ وَفَّى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَسَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا فَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ إِنْ شَاءَ عَاقَبَهُ وَإِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ» قَالَ: فَبَايَعْنَاهُ عَلَى ذَلِكَ الحديث: 659 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 614 660 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا أَبُو سُفْيَانَ سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى الْوَاسِطِيُّ، ثنا سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ يُبَايِعُنِي عَلَى هَؤُلَاءِ الْآيَاتِ الثَّلَاثِ: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ} [الأنعام: 151] حَتَّى انْتَهَى إِلَى آخِرِهِنَّ، ثُمَّ قَالَ: مَنْ وَفَّاهُنَّ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ، وَمَنِ انْتَقَصَ مِنْهُنَّ شَيْئًا فَعُوقِبَ فِي الدُّنْيَا كَانَ كَفَّارَتَهُ فِي الْآخِرَةِ، وَمَنْ لَمْ يُعَاقَبْ فِي الدُّنْيَا فَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ إِنْ شَاءَ أَخَذَ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ " الحديث: 660 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 615 661 - حَدَّثَنَا عَبَّاسٌ النَّرْسِيُّ، ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، ثنا خَالِدٌ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ الرَّحَبِيِّ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، قَالَ: أَخَذَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا أَخَذَ عَلَى النِّسَاءِ سِتًّا، وَقَالَ: «مَنْ أَصَابَ مِنْكُمْ مِنْهُنَّ فَعُجِّلَتْ عُقُوبَتُهُ فَهُوَ كَفَّارَةٌ، وَمَنْ أُخِّرَ عَنْهُ فَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ وَإِنْ شَاءَ رَحِمَهُ» الحديث: 661 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 615 662 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ، أنا زِيَادٌ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: ثنا ابْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ، عَنْ عَايِذِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْخَوْلَانِيِّ أَبِي إِدْرِيسَ، أَنَّ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ، يُحَدِّثُ قَالَ: بَايَعَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ الْأُولَى عَلَى «أَنْ لَا نُشْرِكَ بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلَا نَسْرِقَ، وَلَا نَزْنِيَ، وَلَا نَقْتُلَ أَوْلَادَنَا، وَلَا نَأْتِيهِ بِبُهْتَانٍ نَفْتَرِيهِ بَيْنَ أَيْدِينَا وَأَرْجُلِنَا، وَلَا نَعْصِهِ فِي مَعْرُوفٍ فَإِنْ وَفَّيْتُمْ فَلَكُمُ الْجَنَّةَ، وَإِنْ غَشِيتُمْ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَأُخِذْتُمْ بِحَدِّهِ فِي الدُّنْيَا فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ، وَإِنْ سُتِرْتُمْ عَلَيْهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَأَمْرُكُمْ إِلَى اللَّهِ إِنْ شَاءَ عَذَّبَ وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ» الحديث: 662 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 615 663 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أنا جَرِيرٌ، عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلَى مَا تُبَايِعْنَا؟ قَالَ: «عَلَى أَنْ لَا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ، وَلَا تَسْرِقُوا، وَلَا تَزْنُوا فَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَأُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ فَالْحَدُّ كَفَّارَةٌ لَهُ، وَمَنْ أَتَى مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَسَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ فَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ، وَمَنْ لَمْ يَأْتِ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا ضَمِنْتُ لَهُ الْجَنَّةَ» قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلَالَتَانِ عَلَى أَنَّ السَّارِقَ وَالزَّانِيَ وَمَنْ ذُكِرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ غَيْرُ خَارِجِينَ مِنَ الْإِيمَانِ بِأَسْرِهِ إِحْدَاهُمَا قَوْلُهُ: «فَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعُوقِبَ فِي الدُّنْيَا فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ» وَالْحُدُودُ لَا تَكُونُ كَفَّارَاتٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِينَ، أَلَا تَرَى قَوْلَهُ: «مَنْ [ص: 617] سَتَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ إِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ، وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ» فَإِذَا غَفَرَ لَهُ أَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ، وَلَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنَ الْبَالِغِينَ الْمُكَلَّفِينَ إِلَّا مُؤْمِنٌ. وَقَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ» هُوَ نَظِيرُ قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48] فَحَكَمَ بِأَنَّ الشِّرْكَ غَيْرَ مَغْفُورٍ لِلْمُشْرِكِ يَعْنِي إِذَا مَاتَ غَيْرَ تَائِبٍ مِنْهُ لِقَوْلِهِ: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: 38] مَعَ آيَاتٍ غَيْرِ هَذِهِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّائِبَ مِنَ الشِّرْكِ مَغْفُورٌ لَهُ شِرْكُهُ، فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ الشِّرْكَ الَّذِي أَخْبَرَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا يَغْفِرُهُ هُوَ الشِّرْكُ الَّذِي لَمْ يُتَبْ مِنْهُ، وَأَنَّ التَّائِبَ مَغْفُورٌ لَهُ شِرْكُهُ، وَأَخْبَرَ أَنَّهُ يَغْفِرُ مَا دُونَ الشِّرْكِ لِمَنْ يَشَاءُ يَعْنِي لِمَنْ أَتَى مَا دُونَ الشِّرْكِ فَلَقِيَ اللَّهَ غَيْرَ تَائِبٍ مِنْهُ لِأَنَّهُ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَغْفِرَ مَا دُونَ الشِّرْكِ لِلْتَائِبِ دُونَ مَنْ لَمْ يَتُبْ لَكَانَ قَدْ سَوَّى بَيْنَ الشِّرْكِ وَمَا دُونَهُ، وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لِفَصْلِهِ بَيْنَ الشِّرْكِ وَمَا دُونَهُ مَعْنًى، فَفَصْلُهُ بَيْنَهُمَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الشِّرْكَ لَا يَغْفِرُهُ لَوْ مَاتَ وَهُوَ غَيْرُ تَائِبٍ مِنْهُ، وَأَنْ يَغْفِرَ مَا دُونَ ذَلِكَ الشِّرْكِ لِمَنْ يَشَاءُ مِمَّنْ مَاتَ وَهُوَ غَيْرُ تَائِبٍ، وَلَا جَائِزَ أَنْ يَغْفِرَ لَهُ وَيُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ إِلَّا وَهُوَ مُؤْمِنٌ، كَذَلِكَ [ص: 618] أَخْبَرَ الْمُصْطَفَى رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا مُؤْمِنٌ الحديث: 663 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 616 664 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ بِشْرِ بْنِ سُحَيْمٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ مُنَادِيًا فَنَادَى: «إِنَّ الْجَنَّةَ لَا يَدْخُلُهَا إِلَّا نَفْسٌ مُؤْمِنَةٌ» الحديث: 664 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 618 665 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَا: أنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أنا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِلَالًا فَنَادَى: «إِنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ، وَإِنَّ اللَّهَ يُؤَيِّدُ هَذَا الدِّينَ بِالرَّجُلِ الْفَاجِرِ» 666 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، أنا أَبُو الْيَمَانِ، أَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِهِ الحديث: 665 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 619 667 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أنا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، وَأَبُو النَّضْرِ هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَا: ثنا عِكْرِمَةُ، وَهُوَ ابْنُ عَمَّارٍ الْيَمَانِيُّ، عَنْ أَبِي زُمَيْلٍ سِمَاكٍ الْحَنَفِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ خَيْبَرَ قُتِلَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَعَلُوا يَقُولُونَ قُتِلَ فُلَانٌ شَهِيدًا، وَفُلَانٌ شَهِيدًا، حَتَّى ذَكَرُوا رَجُلًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اخْرُجْ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ فَنَادِ فِي النَّاسِ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا مُؤْمِنٌ» فَخَرَجْتُ فَنَادَيْتُ " الحديث: 667 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 619 668 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أنا هُشَيْمٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ عَامِرٍ، عَنِ الْمُحَرَّرِ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ حَيْثُ نَادَى بِبَرَاءَةَ فَكَانَ يُنَادِي بِهَا فَإِذَا ثَقُلَ صَوْتُهُ أَمَرَنِي فَنَادَيْتُ، فَقُلْتُ: يَا أَبَهْ مَا كُنْتُمْ تُنَادُونَ بِهِ قَالَ: كُنَّا نُنَادِي أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا مُؤْمِنٌ، وَلَا يَحُجُّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ، وَلَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانُ " الحديث: 668 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 620 669 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ، أنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أُثَيْعٍ، سَأَلْنَا عَلِيًّا بِأَيِّ شَيْءٍ بُعِثْتَ قَالَ: «بِأَرْبَعٍ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا نَفْسٌ مُؤْمِنَةٌ، وَلَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانُ، وَمَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهْدٌ فَأَجَلُهُ إِلَى مُدَّتِهِ، وَلَا يَجْتَمِعُ الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا» 670 - حَدَّثَنَا أَبُو قُدَامَةَ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أُثَيْعٍ، سَأَلْنَا عَلِيًّا بِأَيِّ شَيْءٍ بُعِثْتَ؟ قَالَ سُفْيَانُ: حِينَ بَعَثَهُ إِلَى مَكَّةَ حِينَ حَجَّ بِالنَّاسِ أَبُو بَكْرٍ قَالَ: بُعِثْتُ بِأَرْبَعٍ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا نَفْسٌ مُؤْمِنَةٌ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ الحديث: 669 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 621 671 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمَّارٍ الرَّازِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْبَزَّازُ، ثنا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، ثنا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ أَبَا بَكْرٍ ثُمَّ أَتْبَعَهُ عَلِيًّا فَدَفَعَ إِلَيْهِ كِتَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَّرَهُ عَلَى الْمَوْسِمِ، وَأَمَرَ عَلَيْنَا أَنْ نُنَادِيَ بِهَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ فَانْطَلَقْنَا فَحَجَجْنَا فَقَامَ عَلِيٌّ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ فَنَادَى: «ذِمَّةُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ بَرِيَّةٌ مِنْ كُلِّ مُشْرِكٍ فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، وَلَا يَحُجُّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ، وَلَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانُ، وَلَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا مُؤْمِنٌ، وَكَانَ عَلِيٌّ يُنَادِي بِهَذَا فَإِذَا بُحَّ، قَامَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَيُنَادِي بِهِنَّ» الحديث: 671 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 622 672 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ، ثنا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ قَرْمٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ أَبَا بَكْرٍ بِبَرَاءَةَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ عَلِيًّا فَكَانَ الَّذِي بُعِثَ بِهِ عَلِيٌّ أَرْبَعٌ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ، وَلَا يَحُجُّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ، وَلَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانُ وَمَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهْدٌ فَهُوَ إِلَى مُدَّتِهِ " الحديث: 672 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 622 673 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَسْعُودٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنِ ابْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَهُ وَأَوْسُ بْنُ الْحَدَثَانِ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَنَادَيَا: «أَلَّا يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مُؤْمِنٌ وَأَيَّامَ مِنًى أَيَّامَ أَكْلٍ وَشُرْبٍ» قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: فَثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْمُصِرَّ عَلَى مَا دُونَ الشِّرْكِ حَتَّى يَمُوتَ مُؤْمِنٌ غَيْرُ كَافِرٍ وَلَا مُشْرِكٍ وَهُوَ بَيْنَ خَوْفٍ وَرَجَاءٍ يَخَافُ أَنْ يُعَاقِبَهُ اللَّهُ عَلَى مَعْصِيَتِهِ إِيَّاهُ بِمَا اسْتَحَقَّ مِنَ الْعُقُوبَةِ، وَنَرْجُو أَنْ يَتَفَضَّلَ اللَّهُ عَلَيْهِ فَيَعْفُوَ عَنْهُ وَيَغْفِرَ لَهُ ذَنْبَهُ الحديث: 673 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 623 غُلُوُّ الْخَوَارِجِ وَالْمُعْتَزِلَةِ وَالرَّافِضَةِ فِي تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ الَّتِي وَرَدَتْ فِي نَفْيِ الْإِيمَانِ عَمَّنِ ارْتَكَبَ الْكَبِيرَةَ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَقَدْ غَلَتْ فِي تَأْوِيلِ هَذِهِ الْأَخْبَارِ الَّتِي جَاءَتْ فِي نَفْيِ الْإِيمَانِ عَنْ مَنِ ارْتَكَبَ الْكَبَائِرَ طَوَائِفُ مِنْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ وَالْبِدَعِ مِنْهُمُ الْخَوَارِجُ وَالْمُعْتَزِلَةُ وَالرَّافِضَةُ. فَأَمَّا الْخَوَارِجُ فَتَأَوَّلَتْهَا عَلَى إِكْفَارِ الْمُسْلِمِينَ بِالْمَعَاصِي، وَسَفْكِ دِمَائِهِمْ. قَالُوا: تَأْوِيلُ قَوْلِهِ: «لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ» أَنَّهُ كَافِرٌ بِاللَّهِ لِأَنَّ الْإِيمَانَ ضِدُّ الْكُفْرِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ مُؤْمِنًا فَهُوَ كَافِرٌ لِأَنَّهُمَا فِعْلَانِ مُتَضَادَّانِ أَحَدُهُمَا يَنْفِي الْآخَرَ، فَإِذَا فَعَلَ الْإِيمَانَ قِيلَ مُؤْمِنٌ لِفِعْلِهِ الْإِيمَانَ، وَإِذَا فَعَلَ الْكُفْرَ قِيلَ هُوَ كَافِرٌ لِفِعْلِهِ الْكُفْرَ. قَالُوا: فَسَوَاءٌ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَزْنِي الزَّانِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ» أَوْ قَالَ: «لَا يَزْنِي إِلَّا وَهُوَ كَافِرٌ» لَا يَصِحُّ فِي الْقَوْلِ غَيْرُ ذَلِكَ. قَالُوا: وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى} [الليل: 16] فَأَخْبَرَ أَنَّهُ لَا يَصْلَى النَّارَ إِلَّا مُكَذِّبٌ، ثُمَّ قَالَ: {لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضِ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا} [النساء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 624 : 29] . وَقَالَ: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا} [النساء: 10] فَأَوْجَبَ فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ النَّارَ لِمَنِ ارْتَكَبَ الْكَبَائِرَ نَحْوَ الْقَاتِلِ وَالزَّانِي وَغَيْرِهِمَا، وَجَاءَتِ الْأَخْبَارُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِيجَابِ النَّارِ لِشَارِبِ الْخَمْرِ، وَغَيْرِهِ مِمَّنِ ارْتَكَبَ الْكَبَائِرَ فَقَالَ: «مَنِ اقْتَطَعَ مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَأَوْجَبَ لَهُ النَّارَ» الجزء: 2 ¦ الصفحة: 625 وَقَالَ: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَتَّاتٌ، وَلَا قَاطِعُ رَحِمٍ» وَقَالَ: «مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ» وَنَحْوَ هَذِهِ الْأَخْبَارِ. قَالُوا: فَلَمَّا أَخْبَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهُ لَا يَصْلَى النَّارَ إِلَّا مُكَذِّبٌ، ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّهُ يَصْلَاهَا هَؤُلَاءِ عَلِمْنَا أَنَّهُمْ كُفَّارٌ مُكَذِّبُونَ قَالُوا: وَمَنْ لَمْ يَقْطَعْ بِذَلِكَ وَيَشْهَدْ بِهِ كَذَّبَ بِأَخْبَارِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ أَوْ شَكَّ فِيهِمَا. وَأَمَّا الْمُعْتَزِلَةُ وَالرَّافِضَةُ فَقَالُوا: كُلُّ مَنِ ارْتَكَبَ كَبِيرَةً فَهُوَ خَارِجٌ مِنَ الْإِيمَانِ فَلَيْسَ بِكَافِرٍ وَلَا مُؤْمِنٍ وَلَكِنَّهُ فَاسِقٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ مُنَافِقٌ، وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا» مَعَ سَائِرِ الْأَخْبَارِ الَّتِي رُوِيَتْ فِي ذِكْرِ النِّفَاقِ بِالْأَعْمَالِ مِنْهَا مَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 626 674 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أنا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَرْبَعُ خِلَالٍ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ فَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ فَفِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا» الحديث: 674 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 626 675 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ النَّرْسِيُّ، ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ فَهُوَ مُنَافِقٌ وَإِنْ صَامَ وَصَلَّى وَزَعَمَ أَنَّهُ مُسْلِمٌ: «مَنْ إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا ائْتُمِنَ خَانَ» فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ مَضَتِ اثْنَتَانِ وَبَقِيَتْ وَاحِدَةٌ؟ قَالَ: فَإِنَّ فِي قَلْبِهِ شُعْبَةً مِنَ النِّفَاقِ مَا بَقِيَ فِيهِ مِنْهُنَّ شَيْءٌ " حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْبِسْطَامِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ، ثنا أَبُو جَعْفَرٍ عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِهِ الحديث: 675 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 627 677 - حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عِيسَى، ثنا يَحْيَى بْنُ عِيسَى الرَّمْلِيُّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: اعْتَبَرُوا الْمُنَافِقَ بِثَلَاثٍ: إِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، ثُمَّ قَالَ: اقْرَءُوا: {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ، فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ} [التوبة: 76] " الحديث: 677 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 628 678 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أنا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، ثنا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ الْيَمَانِيُّ، عَنْ طَيْسَلَةَ بْنِ عَلِيٍّ النَّهْدِيِّ، قَالَ: أَتَيْتُ ابْنَ عُمَرَ وَعِنْدَهُ عِرَاقِيُّ فَقَالَ لَهُ الْعِرَاقِيُّ: مَا الْمُنَافِقُ؟ قَالَ: «الْمُنَافِقُ الَّذِي إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا ائْتُمِنَ خَانَ، وَذَنْبٌ بِاللَّيْلِ، وَذَنْبٌ بِالنَّهَارِ» الحديث: 678 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 629 679 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ هَارُونَ بْنِ رِئَابٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو قَالَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ: «إِنِّي قُلْتُ لِفُلَانٍ قَوْلًا شَبِيهًا بِالْعِدَةِ أَنْ أُنْكِحَهُ ابْنَتِي فَأَنْكِحُوهَا فَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ أَلْقَى اللَّهَ بِثُلُثِ النِّفَاقِ» الحديث: 679 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 629 680 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: «الْغِنَاءُ يُنْبِتُ النِّفَاقَ فِي الْقَلْبِ» الحديث: 680 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 629 681 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَرِيبٍ الْهَمْدَانِيِّ، قَالَ: قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ إِنَّا إِذَا دَخَلْنَا عَلَى الْأُمَرَاءِ زَكَّيْنَاهُمْ بِمَا لَيْسَ فِيهِمْ، فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِهِمْ دَعَوْنَا اللَّهَ عَلَيْهِمْ، قَالَ: كُنَّا نَعُدُّ ذَلِكَ النِّفَاقَ " الحديث: 681 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 630 682 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أنا وَكِيعٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي الْمِقْدَامِ، عَنْ أَبِي يَحْيَى، قَالَ: سُئِلَ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ مَنِ الْمُنَافِقُ؟ قَالَ: «الَّذِي يَصِفُ الْإِسْلَامَ وَلَا يَعْمَلُ بِهِ» الحديث: 682 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 631 683 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أنا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ زِيَادٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، وَهُوَ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ أَكْثَرَ مِنْ عَدَدِ أَصَابِعِي هَذِهِ: " إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ الْمُنَافِقَ الْعَلِيمَ، قَالُوا: كَيْفَ يَكُونُ مُنَافِقًا عَلِيمًا؟ قَالَ: عَالِمُ اللِّسَانِ، جَاهِلُ الْقَلْبِ وَالْعَقْلِ " الحديث: 683 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 632 684 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي سُوَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: لَمَّا قَدِمَ وَفْدُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِيهِمُ الْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ سَرَّحَهُمْ وَحَبَسَهُ عِنْدَهُ، ثُمَّ قَالَ: أَتَدْرِي لِمَ حَبَسْتُكَ؟ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «حَذَّرَنَا كُلَّ مُنَافِقٍ عَالِمِ اللِّسَانِ وَإِنِّي أَتَخَوَّفُ أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ، وَأَرْجُو أَنْ لَا تَكُونَ مِنْهُمْ، فَافْرُغْ مِنْ صَنْعَتِكَ وَالْحَقْ بِأَهْلِكَ» الحديث: 684 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 632 685 - قَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: قَالَ مَيْمُونٌ الْكُرْدِيُّ: عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، يَخْطُبُ وَأَنَا بِجَنْبِ الْمِنْبَرِ، عَدَدَ أَصَابِعِي هَذِهِ وَهُوَ يَقُولُ: " إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمُ الْمُنَافِقَ الْعَلِيمَ، قَالُوا: وَكَيْفَ يَكُونُ الْمُنَافِقُ عَلِيمًا؟ قَالَ: يَتَكَلَّمُ بِالْحِكْمَةِ وَيَعْمَلُ بِالْجَوْرِ أَوْ قَالَ الْمُنْكَرِ " الحديث: 685 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 633 686 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، أنا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنِ الْجَعْدِ أَبِي عُثْمَانَ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيِّ يَا أَبَا رَجَاءٍ أَرَأَيْتَ مَنْ أَدْرَكْتَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكَانُوا يَخَافُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ؟ فَقَالَ: " أَمَا إِنِّي بِحَمْدِ اللَّهِ قَدْ أَدْرَكْتُ مِنْهُمْ صَدْرًا حَسَنًا، قَالَ: نَعَمْ شَدِيدًا " الحديث: 686 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 634 687 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، أنا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنِ الْمُعَلَّى بْنِ زِيَادٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ، يَحْلِفُ بِاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ: «مَا مَضَى مُؤْمِنٌ قَطُّ وَلَا بَقَى إِلَّا وَهُوَ مِنَ النِّفَاقِ مُشْفِقٌ، وَلَا مَضَى مُنَافِقٌ قَطُّ وَلَا بَقَى إِلَّا وَهُوَ مِنَ النِّفَاقِ آمِنٌ» الحديث: 687 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 634 688 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو، ثنا بَهْزُ بْنُ أَسَدٍ، عَنِ الصَّلْتِ بْنِ دِينَارٍ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: " أَدْرَكْتُ زِيَادَةً عَلَى خَمْسِينَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مَاتَ أَحَدٌ مِنْهُمْ إِلَّا وَهُوَ يَخَافُ النِّفَاقَ عَلَى نَفْسِهِ، قَالَ: فَمَا رَضَى أَحَدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ حَتَّى قَالَ: إِنَّهُ عَلَى إِيمَانِ جِبْرِيلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا كَانَ يَتَفَوَّهُ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ " الحديث: 688 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 634 689 - حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرِ بْنُ الْمُنَادِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، ثنا شَبَابَةُ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ الْخَطَّابِ الْمَدِينِيُّ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ثَلَاثٌ مِنَ النِّفَاقِ إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا ائْتُمِنَ خَانَ» الحديث: 689 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 635 690 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الْمَرْوَزِيُّ، يُلَقَّبُ بِزَاجٍّ، ثنا سَلَمَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: " جَاءَ نَاسٌ فَوَقَعُوا فِي رَجُلٍ قَالَ: مَا تَقُولُونَ لَهُ إِذَا شَهِدْتُمُوهُ قَالَ: نُثْنِي عَلَيْهِ فِي وَجْهِهِ، قَالَ: «ذَلِكُمُ النِّفَاقُ» الحديث: 690 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 635 691 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دُكَيْنٍ، عَنْ فِرَاسِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: «إِنَّ الْغِنَاءَ يُنْبِتُ النِّفَاقَ فِي الْقَلْبِ كَمَا يُنْبِتُ الْمَاءُ الزَّرْعَ، وَإِنَّ الذِّكْرَ يُنْبِتُ الْإِيمَانَ فِي الْقَلْبِ كَمَا يُنْبِتُ الْمَاءُ الزَّرْعَ» قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: فَاحْتَجُّوا بِهَذِهِ الْأَخْبَارِ وَمَا أَشْبَهَهَا، وَقَالُوا: كُلُّ مَنْ أَتَى كَبِيرَةً فَهُوَ مُنَافِقٌ، كَمَا رَوَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ. وَأَخْبَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: أَنَّ الْغِنَاءَ يُنْبِتُ النِّفَاقَ فِي الْقَلْبِ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: يَبْدَأُ النِّفَاقُ لُمْظَةً سَوْدَاءَ فِي الْقَلْبِ، فَكُلَّمَا ازْدَادَ النِّفَاقُ ازْدَادَتِ اللُّمْظَةُ حَتَّى يَكْمُلَ النِّفَاقُ، وَلَمْ يُرِدِ الرَّيْبَ لِأَنَّ الرَّيْبَ لَا أَوَّلَ لَهُ وَلَا آخِرَ إِنَّمَا هُوَ شَكٌّ، وَإِنَّمَا أَرَادُوا الْأَعْمَالَ بِالْقَلْبِ لِأَنَّهُ جَزَّأَ النِّفَاقَ لُمْظَاتٍ فِي الْقَلْبِ، كَمَا جَزَّأَ الْإِيمَانَ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ» فَذَلِكَ قَوْلُهُ: هَذَا أَنَّهُ يُرِيدُ الْعَمَلَ وَلَا يُرِيدُ الشَّكَّ لِأَنَّ الشَّكَّ لَا أَوَّلَ لَهُ وَلَا آخِرَ فَيَتَفَرَّقُ خِصَالًا [ص: 637] . وَاحْتَجُّوا بِهَذِهِ الْأَخْبَارِ وَزَعَمُوا أَنَّهُ مُنَافِقٌ مُخَلَّدٌ فِي النَّارِ، وَقَدْ وَافَقَهُمْ عَلَى ذَلِكَ فِرْقَةٌ مِمَّنْ يَقُولُ بِالْحَدِيثِ فَزَعَمُوا أَنَّهُ مُنَافِقٌ لِمَا جَاءَ فِيهِ مِنَ الْأَخْبَارِ عَلَى غَيْرِ تَلْخِيصٍ وَلَا شُهُودٍ عَلَيْهِ بِالنَّارِ، وَلَكِنِ اتِّبَاعًا لِلْأَخْبَارِ عَلَى مَا جَاءَتْ يُسَمُّونَهُ بِالنِّفَاقِ، وَلَا يُسَمُّونَهُ مُؤْمِنًا، وَلَا مُسْلِمًا، وَلَا كَافِرًا قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَقَدِ اتَّفَقَتْ هَذِهِ الْفِرَقُ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ مَعَ اخْتِلَافِهَا فِي اسْمِ مَنِ ارْتَكَبَ الْكَبَائِرَ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَنِ ارْتَكَبَ كَبِيرَةً فَمَاتَ غَيْرَ تَائِبٍ مِنْهَا فَهُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ خَالِدًا مُخَلَّدًا لَا يَخْرُجُ مِنْهَا أَبَدًا، وَأَيَّسُوهُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ، وَجَمِيعُ مَا كَتَبْنَاهُ مِنَ الْحُجَجِ عَلَى الطَّائِفَتَيْنِ اللَّتَيْنِ ذَكَرْنَا خِلَافَهُمْ لَنَا مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ فَهِيَ دَاخِلَةٌ عَلَى هَؤُلَاءِ وَلَازِمَةٌ لَهُمْ الحديث: 691 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 636 أَدِلَّةٌ أُخْرَى عَلَى ضَلَالَةِ الْخَوَارِجِ وَفَسَادِ مَذْهَبِهِمْ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى ضَلَالَةِ الْخَوَارِجِ سِوَى مَا ذَكَرْنَا مُخَالَفَتَهُمْ لِجَمَاعَةِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، اقْتَتَلَ الْمُسْلِمُونَ يَوْمَ الْجَمَلِ، وَيَوْمَ صِفِّينَ، وَأَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ مُتَوَافِرُونَ فَقُتِلَ بَيْنَهُمْ خَلْقٌ كَثِيرٌ لَمْ يَشْهَدْ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ بِالْكُفْرِ، وَلَا اسْتَحَلَّ بَعْضُهُمْ مَالَ بَعْضٍ، وَقَعَدَ عَنِ الْفَرِيقَيْنِ جَمِيعًا جَمَاعَةٌ مِنْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 637 أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَشْهَدِ الْقَاعِدُونَ عَلَيْهِمْ بِالْكُفْرِ وَلَا شَهِدُوا أُولَئِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ بِالْكُفْرِ، وَلَمْ يَحْجُبْ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَنْ أَحَدٍ صَلَاتَهُ وَاسْتِغْفَارَهُ تَأَثُّمًا مِنْ ذَلِكَ، وَلَا حَرَّمَ أَحَدٌ امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا بِذَنْبٍ أَصَابَهُ، وَظَهَرَ عَلِيُّ عَلَى أَهْلِ النَّهْرَوَانِ، وَلَمْ يَحْكُمْ عَلَيْهِمْ وَفِيهِمْ بِحُكْمِ الْكُفَّارِ بَلْ حَكَمَ عَلَيْهِمْ بِأَحْكَامِ الْمُسْلِمِينَ مَعَ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: فِي الَّذِي قَتَلَ نَفْسَهُ: «أَمَّا أَنَا فَلَا أُصَلِّي عَلَيْهِ» مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَنْهَ النَّاسَ عَنِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ، وَقَالَ فِي الَّذِي غَلَّ مِنَ الْغَنَائِمِ: «صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ» . وَقَدْ ذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ إِلَى أَنَّ الْقَاتِلَ نَفْسَهُ، وَالْغَالَّ وَمَنْ أَشْبَهَهُمَا إِذَا مَاتَ وَلَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ تَوْبَةٌ فَإِنَّ إِمَامَ الْمُسْلِمِينَ يَمْتَنِعُ مِنَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ عُقُوبَةً لَهُ وَمَوْعِظَةً لِغَيْرِهِ وَيُصَلِّي عَلَيْهِ سَائِرُ الْمُسْلِمِينَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 638 692 - حَدَّثَنَا بِذَلِكَ، إِسْحَاقُ، ثنا الْمُلَائِيُّ، ثنا زُهَيْرٌ أَبُو خَيْثَمَةَ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، أَنَّ رَجُلًا، قَتَلَ نَفْسَهُ بِمِشْقَصٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَّا أَنَا فَلَا أُصَلِّي عَلَيْهِ» الحديث: 692 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 638 693 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ، عَنْ أَبِي عَمْرَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ، أَنَّ رَجُلًا، مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَاتَ فَرَجَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ خَيْبَرَ فَآذَنُوا بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ» فَتَغَيَّرَتْ أَلْوَانُ وُجُوهِهِمْ فَلَمَّا رَأَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا قَدْ لَقُوا، قَالَ: «صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ فَإِنَّ صَاحِبَكُمْ قَدْ غَلَّ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَفَتَّشُوا مَتَاعَهُ فَوَجَدُوا خَرَزًا مِنْ خَرَزِ الْيَهُودِ لَا يُسَاوِي دِرْهَمَيْنِ» الحديث: 693 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 639 694 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أنا سُفْيَانُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ، عَنْ أَبِي عَمْرَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ، أَنَّ رَجُلًا، تُوُفِّيَّ بِخَيْبَرَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ» فَإِنَّهُ قَدْ غَلَّ فَنَظَرُوا فَوَجَدُوا فِي مَتَاعِهِ خَرَزًا مِنْ خَرَزِ الْيَهُودِ مَا يُسَاوِي دِرْهَمَيْنِ " الحديث: 694 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 640 695 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أنا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ يَحْيَى، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي عَمْرَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ، أَنَّ رَجُلًا، مِنْ أَشْجَعَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُوُفِّيَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ فَإِنَّهُ قَدْ غَلَّ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» قَالَ: فَفَتَّشْنَا مَتَاعَهُ فَوَجَدْنَا فِيهِ خَرَزًا مِنْ خَرَزِ الْيَهُودِ مَا يُسَاوِي دِرْهَمَيْنِ " قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: فَأَمْرُهُ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ [ص: 641] بِكَافِرٍ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَأْمُرَ بِالصَّلَاةِ عَلَى كَافِرٍ فَفِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا دَلِيلٌ عَلَى ضَلَالَةِ الْخَوَارِجِ وَغُلُوِّهِمْ وَمُرُوقِهِمْ مِنَ الدِّينِ، وَبِذَلِكَ وَصَفَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا تَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ» فَغَلَا هَؤُلَاءِ بِتَأْوِيلِ هَذِهِ الْأَخْبَارِ عَلَى مَا بَيَّنَّا، وَقَصَّرَتِ الْمُرْجِئَةُ عَنْهُ وَافْتَرَقَتْ فِيهِ ثَلَاثُ فِرَقٍ الحديث: 695 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 640 فِرَقُ الْمُرْجِئَةِ وَفَسَادُ مَذْهَبِهِمْ. فَفِرْقَةٌ مِنْ أَهْلِ الْجَهْلِ مِنْهُمْ وَالْمُعَانَدَةِ أَنْكَرَتْ هَذِهِ الْأَخْبَارَ وَرَدَّتْهَا، وَذَلِكَ لِقِلَّةِ مَعْرِفَتِهِمْ بِالْآثَارِ، وَجَهْلِهِمْ بِتَأْوِيلِهَا، وَذَلِكَ لِقِلَّةِ اتِّسَاعِهِمْ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ، وَمَذَاهِبِهَا، وَاتِّبَاعِهِمْ أَهْوَاءَهُمْ فَلَمَّا لَمْ تُوَافِقْ مَذَاهِبَهُمْ وَرَأَوْا أَنَّهُمْ إِنْ أَقَرُّوا بِهَا لَزِمَتْهُمُ الْحُجَّةُ وَوَجَبَ عَلَيْهِمُ الِانْتِقَالُ عَنْ مَذَاهِبِهِمْ لَمْ يَجِدُوا أَمْرًا أَسْهَلَ عَلَيْهِمْ مِنْ جُحُودِهَا وَالْكُفْرِ بِهَا وَفِرْقَةٌ مِنْهُمْ كَرِهُوا أَنْ يُنْسَبُوا إِلَى مُخَالَفَةِ الْآثَارِ وَالتَّكْذِيبِ بِهَا فَأَقَرُّوا بِهَا وَحَرَّفُوهَا فَتَأَوَّلُوهَا عَلَى غَيْرِ تَأْوِيلِهَا فَقَالُوا: لَيْسَ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ» خَبَرًا إِنَّمَا هُوَ نَهْيٌ لَا خَبَرٌ، فَقَالُوا: «لَا يَزْنِي» أَيْ لَا يَأْتِي الزِّنَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ عَلَى مَعْنَى النَّهْيِ، كَمَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 641 قَالَ: «لَا يُصَلِّي أَحَدُكُمْ وَهُوَ يُدَافِعُ الْأَخْبَثَيْنِ» يَنْهَاهُ أَنْ يُصَلِّيَ وَهُوَ حَاقِنٌ لِلْبَوْلِ مُمْسِكٌ لِلْغَائِطِ يُدَافِعُهُ، وَكَذَلِكَ نَهَى أَنْ يَزْنِيَ وَهُوَ مُؤْمِنٌ تَنْزِيهًا لِلْإِيمَانِ، وَتَعْظِيمًا لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَأْتِيَ بِالزِّنَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 642 696 - وَقَدْ حَدَّثَ مَحْمُودُ بْنُ آدَمَ، ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، قَالَ: " إِنَّمَا كَانَتْ هَذِهِ الرِّوَايَةُ نَهْيًا لَا يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَزْنِيَ وَلَا يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَسْرِقَ، فَوَضَعَهَا النَّاسُ عَلَى غَيْرِ وَجْهِهَا فَقَالُوا: لَا يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ " الحديث: 696 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 642 697 - حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ بَكْرِ بْنِ سَيْفٍ، ثنا أَبُو وَهْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُزَاحِمٍ، ثنا بُكَيْرُ بْنُ مَعْرُوفٍ، عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ الْعَبْدِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: بَلَغَهُ أَنَّ الْحُسَيْنَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَزْنِي مُؤْمِنٌ، وَلَا يَسْرِقُ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ مُؤْمِنٌ» قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: رَحِمَ اللَّهُ الْحُسَيْنَ سَمِعَ، وَلَيْسَ هَكَذَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِنَّمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [ص: 643] : «لَا يَزْنِيَنَّ مُؤْمِنٌ وَلَا يَسْرِقَنَّ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَشْرَبَنَّ الْخَمْرَ مُؤْمِنٌ» . قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَهَذَا الْمَذْهَبُ شَبِيهًا بِمَذْهَبِ الْفِرْقَةِ الْأُولَى، إِنَّمَا هُوَ إِنْكَارٌ لِلْخَبَرِ، وَتَكْذِيبٌ بِهِ، وَالْخَبَرُ إِذَا ثَبَتَ بِرِوَايَةِ أَهْلِ الْعَدْلِ وَالْحِفْظِ وَالْإِتْقَانِ لَمْ يَبْطُلْ بِإِنْكَارِ مَنْ أَنْكَرَهُ، وَهَذَا خَبَرٌ قَدِ اشْتَهَرَ، وَاسْتَفَاضَ بِرِوَايَةِ الْعُدُولِ وَالْحُفَّاظِ مِنْ عُلَمَاءِ أَهْلِ الْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ جَمِيعًا بِأَلْفَاظٍ مُفَسِّرَةٍ لَا يَحْتَمِلُ النَّهْيَ لِأَنَّ الْخَبَرَ مَعْقُولٌ، وَالنَّهْيَ مَعْقُولٌ وَأَنْتَ إِذَا قَرَأْتَ الْأَخْبَارَ الْمَرْوِيَّةَ فِي هَذَا الْبَابِ فَهِمْتَهَا وَعَلِمْتَ أَنَّهَا خَبَرٌ وَلَا يَحْتَمِلُ النَّهْيَ، وَهَكَذَا كَمَا رَوَوْا عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ: قَوْلُهُمْ: «كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ» خَطَأٌ إِنَّمَا هُوَ كُلُّ سُكْرٍ حَرَامٌ، فَزَادَ النَّاسُ مِيمًا. وَهَذِهِ زَلَّةٌ مِنْهُمْ تَدُلُّ عَلَى قِلَّةِ مَعْرِفَتِهِمْ بِالْأَخْبَارِ لِأَنَّ الْأَخْبَارَ قَدِ اسْتَفَاضَتْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْأَسَانِيدِ الثَّابِتَةِ الَّتِي رَوَتْهَا الثِّقَاتُ الْعُدُولُ مِنْ أَهْلِ الْحِفْظِ وَالْإِتْقَانِ الَّذِينَ لَا يَجُوزُ اتِّهَامُهُمْ بِأَلْفَاظٍ مُفَسِّرَةٍ مُبَيِّنَةٍ أَنَّهُ قَالَ: «كُلُّ مُسْكِرٍ [ص: 644] حَرَامٌ وَكُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ» ، «وَمَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ» ، «وَمَا أَسْكَرَ الْفَرْقُ مِنْهُ فَمِلْءُ الْكَفِّ مِنْهُ حَرَامٌ» وَفِرْقَةٌ ثَالِثَةٌ مِنَ الْمُرْجِئَةِ كَانَتْ أَشَدَّ اتِّسَاعًا فِي مَعْرِفَةِ الْأَخْبَارِ فَلَمْ يُمْكِنْهَا جُحُودُ الْأَخْبَارِ وَإِنْكَارُهَا لِعِلْمِهَا بِاسْتِفَاضَتِهَا وَشُهْرَتِهَا عِنْدَ الْعُلَمَاءِ فَأَقَرَّتْ بِهَا وَتَأَوَّلَتْهَا عَلَى غَيْرِ تَأْوِيلِهَا فَادَّعَتْ أَنَّ قَوْلَهُ: «لَا يَزْنِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ» إِنَّمَا هُوَ أَنْ يَزْنِيَ مُسْتَحِلًّا لِلزِّنَا غَيْرَ مُقِرٍّ بِتَحْرِيمِهِ، فَأَمَّا مَنْ زَنَى وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ الزِّنَا عَلَيْهِ حَرَامٌ وَيُقِرُّ بِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ مُسْتَكْمِلُ الْإِيمَانِ لَيْسَ يُنْقِصُ زِنَاهُ وَلَا سَرِقَتُهُ مِنْ إِيمَانِهِ قَلِيلًا وَلَا كَثِيرًا، وَإِنْ مَاتَ مُضَيِّعًا لِلْفَرَائِضِ مُرْتَكِبًا لِلْكَبَائِرِ مُصِرًّا عَلَى ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ لَا يَجْحَدَهَا لَقِيَ اللَّهَ مُؤْمِنًا مُسْتَكْمِلَ الْإِيمَانِ، مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَسَنَدُلُّ عَلَى إِفْسَادِ هَذَا التَّأْوِيلِ وَاسْتِحَالَتِهِ فِيمَا بَعْدُ فِي بَابِ الْإِكْفَارِ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ [ص: 645] قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: فَغَلَتِ الْخَوَارِجُ، وَالْمُعْتَزِلَةُ، وَالرَّافِضَةُ فِي تَأْوِيلِ هَذِهِ الْأَخْبَارِ، وَكَفَرَتْ بِهَا الْمُرْجِئَةُ شَكًّا مِنْهُمْ فِي قَوْلِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ تَكْذِيبًا مِنْهُمْ لِمَنْ رَوَاهَا مِنَ الْأَئِمَّةِ الَّذِينَ لَا يَجُوزُ اتِّهَامُهُمْ وَلَا الطَّعْنُ عَلَيْهِمْ، جَعْلًا مِنْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ، وَهَكَذَا عَامَّةُ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ وَالْبِدَعِ إِنَّمَا هُمْ بَيْنَ أَمْرَيْنِ غُلُوًّا فِي دِينِ اللَّهِ وَشِدَّةَ ذَهَابٍ فِيهِ حَتَّى يَمْرُقُوا مِنْهُ بِمُجَاوَزَتِهِمُ الْحُدُودَ الَّتِي حَدَّهَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَوْ إِحْفَاءً وَجُحُودًا بِهِ حَتَّى يُقَصِّرُوا عَنْ حُدُودِ اللَّهِ الَّتِي حَدَّهَا، وَدِينُ اللَّهِ مَوْضُوعٌ فَوْقَ التَّقْصِيرِ، وَدُونَ الْغُلُوِّ، فَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْمُؤْمِنُ الْمُذْنِبُ خَائِفًا لِمَا وَعَدَ اللَّهُ مِنَ الْعِقَابِ عَلَى الْمَعَاصِي رَاجِيًا لِمَا وَعَدَ، يَخَافُ أَنْ يَكُونَ الْمَعَاصِي الَّتِي ارْتَكَبَهَا قَدْ أَحْبَطَتْ أَعْمَالَهُ الْحَسَنَةَ فَلَا يَتَقَبَّلُهَا اللَّهُ مِنْهُ عُقُوبَةً لَهُ عَلَى مَا ارْتَكَبَ مِنْ مَعَاصِيهِ، وَنَرْجُو أَنْ يَتَفَضَّلَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِطَوْلِهِ فَيَعْفُوَ لَهُ عَمَّا أَتَى بِهِ مِنْ سَيِّئَةٍ، وَيَتَقَبَّلَ مِنْهُ حَسَنَاتِهِ الَّتِي تَقَرَّبَ بِهَا إِلَيْهِ فَيُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ فَلَا يَزَالُ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ وَهُوَ بَيْنَ رَجَاءٍ وَخَوْفٍ الحديث: 697 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 642 698 - حَدَّثَنَا أَبُو قُدَامَةَ، ثنا وَكِيعٌ، ثنا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، قَالَ: " كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرَوْنَ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ مَعَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ذَنْبٌ، كَمَا لَا يَنْفَعُ مَعَ الشِّرْكِ عَمَلٌ، فَنَزَلَتْ: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 33] فَخَافُوا أَنْ يُبْطِلَ الذَّنْبُ الْعَمَلَ " الحديث: 698 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 645 699 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَهْزَاذِ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو جَمِيلٍ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، أنا بُكَيْرُ بْنُ مَعْرُوفٍ، عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: " كُنَّا مَعْشَرَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَرَى أَنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ مِنْ حَسَنَاتِنَا إِلَّا مَقْبُولٌ حَتَّى نَزَلَتْ: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 33] فَقُلْنَا: مَا هَذَا الَّذِي يُبْطِلُ أَعْمَالَنَا؟ فَقُلْنَا: الْكَبَائِرُ الْمُوجِبَاتُ، وَالْفَوَاحِشُ حَتَّى نَزَلَتْ: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48] فَلَمَّا نَزَلَتْ كَفَفْنَا عَنِ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ فَكُنَّا نَخَافُ عَلَى مَنْ أَصَابَ الْكَبَائِرَ وَالْفَوَاحِشَ، وَنَرْجُو لِمَنْ لَمْ يُصِبْهَا " الحديث: 699 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 646 700 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ، يَقُولُ: «النَّاسُ مُسْلِمُونَ مُؤْمِنُونَ فِي أَحْكَامِهِمْ وَمَوَارِيثِهِمْ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ وَالصَّلَاةِ خَلْفَهُمْ لَا يُحَاسَبُ الْأَحْيَاءُ وَلَا يُقْضَى عَلَى الْأَمْوَاتِ فَنَسْمَعُ بِالشَّدِيدِ فَنَخْشَاهُ، وَنَسْمَعُ بِاللَّيِّنِ فَنَرْجُوهُ، وَنَكِلُ عِلْمَ مَا لَا نَعْلَمُ إِلَى اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى» الحديث: 700 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 647 701 - حَدَّثَنِي ابْنُ الْقَهْزَاذِ، حَدَّثَنِي أَبُو الْوَزِيرِ، قَالَ: قَالَ مَحْمُودٌ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِنَّ هَؤُلَاءِ يَسْأَلُونَا مَا أَنْتُمْ؟ فَمَا تَقُولُ: قَالَ: " قُلْ آمَنْتُ بِاللَّهِ، وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَمَا جَاءَ مِنْ عِنْدِهِ، قَالَ: لَا يَرْضَوْنَ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: لَا رَضُوا " 702 - وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ إِنَّ الْمُرْجِئَةَ يَقُولُونَ: حَسَنَاتُنَا مُتَقَبَّلَةٌ وَأَنَا لَا أَجْتَرِئُ عَلَيْهِ، وَلَا آمَنُ أَنْ أُخَلَّدَ فِي النَّارِ، وَيَقُولُونَ هِيَ فِي الْجَنَّةِ، وَيَقُولُونَ: إِيمَانُنَا مِثْلُ إِيمَانِ جِبْرِيلَ، وَمِيكَائِيلَ، وَإِسْرَافِيلَ كَيْفَ أَجْتَرِئُ أَنْ أَقُولَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَبَلَغَنِي أَنَّ إِسْرَافِيلَ قَدَمَاهُ تَحْتَ الْأَرَضِينَ السَّابِعَةِ عَلَى الصَّخْرَةِ الَّتِي عَلَيْهَا قَرَارُ الْأَرْضِ، وَقَدْ نَفَذَ جَمِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْعَرْشِ عَلَى كَاهِلِهِ قَالَ: وَقَالَ رَجُلٌ لِعَبْدِ اللَّهِ: إِنِّي قَتَلْتُ نَفْسًا فَهَلْ لِي مِنْ تَوْبَةٍ؟ قَالَ: أَلَكَ أَبَوَانِ؟ قَالَ: أُمِّي حَيَّةٌ، قَالَ: الْزَمْهَا وَبِرَّهَا، وَاجْعَلِ التُّرَابَ عَلَى رَأْسِكَ، وَابْكِ عَلَى نَفْسِكَ مَا بَقِيتَ، وَإِيَّاكَ أَنْ تَيْأَسَ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ فَإِنَّكَ إِنْ [ص: 649] أَيِسْتَ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ كَانَ أَعْظَمَ عَلَيْكَ مِنْ هَذَا الذَّنْبِ الَّذِي رَكِبْتَهُ. الحديث: 701 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 648 703 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَيَّارٍ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ غَزْوَانَ، وَهُوَ ابْنُ أَبِي رِزْمَةَ، ثنا أَبُو الْوَزِيرِ، قَالَ: جَاءَ شَيْبَانُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِنَّ هَؤُلَاءِ الْمُرْجِئَةِ أَهْلَكُوا النَّاسَ، وَيَقُولُونَ كَذَا، وَيَقُولُونَ كَذَا، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: إِنَّ الْمُرْجِئَةَ لَا تَقْبَلُنِي، إِنَّ الْمُرْجِئَةَ تَقُولُ: إِنَّ حَسَنَاتَنَا مُتَقَبَّلَةٌ، وَأَنَا لَا آمَنُ أَنْ أُخَلَّدَ فِي النَّارِ، وَيَقُولُونَ: إِيمَانُنَا مِثْلُ إِيمَانِ جِبْرِيلَ، وَمِيكَائِيلَ، وَإِسْرَافِيلَ كَيْفَ أَجْتَرِئُ أَنْ أَقُولَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَبَلَغَنِي أَنَّ إِسْرَافِيلَ قَدَمَاهُ تَحْتَ الْأَرْضِ السَّابِعَةِ عَلَى الصَّخْرَةِ الَّتِي عَلَيْهَا قَرَارُ الْأَرْضِ وَقَدْ نَفَذَ جَمِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْعَرْشِ عَلَى كَاهِلِهِ، وَأَنَّهُ لَيُضَالُّ الْأَحْمَانِ مِنْ عَظَمَةِ اللَّهِ حَتَّى يَصِيرَ مِثْلَ الْوَضْعِ، وَالْوَضْعُ الْعُصْفُورُ الصَّغِيرُ حَتَّى مَا يَحْمِلُ عَرْشُهُ إِلَّا عَظَمَتَهُ وَبَلَغَنِي أَنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةَ قِيَامٍ، وَمَلَائِكَةَ رُكُوعٍ، وَمَلَائِكَةَ سُجُودٍ، لَمْ يَرْفَعُوا رُءُوسَهُمْ، وَلَمْ تَشُقَّ ظُهُورُهُمْ مُنْذُ خَلَقَهُمُ اللَّهُ، وَلَا يَرْفَعُونَ رُءُوسَهُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ يَقُولُونَ: يَا رَبَّنَا مَا عَبَدْنَاكَ كُنْهَ عِبَادَتِكَ، وَمَا يَنْبَغِي لَكَ أَنْ نَعْبُدَ [ص: 650] ، قَالَ: وَبَلَغَنِي أَنَّ لِلَّهَ مَلَائِكَةً يَطُوفُونَ حَوْلَ الْعَرْشِ فَإِذَا نَظَرُوا إِلَى إِسْرَافِيلَ خَفَضُوا أَبْصَارَهُمْ هَيْبَةً لَهُ فَكَيْفَ أَجْتَرِئُ أَنْ أَقُولَ إِيمَانِي مِثْلَ إِيمَانِ جِبْرِيلَ الحديث: 703 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 649 704 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَيَّارٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي وَهْبُ بْنُ زَمْعَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَعْيَنَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ، يَقُولُ: " الْمُرْجِئَةُ تَقُولُ حَسَنَاتُنَا مُتَقَبَّلَةٌ، وَأَنَا لَا أَدْرِي تُقْبَلُ مِنِّي حَسَنَةٌ أَمْ لَا، وَيَقُولُونَ إِنَّهُمْ فِي الْجَنَّةِ، وَأَنَا أَخَافُ أَنْ أُخَلَّدَ فِي النَّارِ، وَتَلَا عَبْدُ اللَّهِ هَذِهِ الْآيَةَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى} [البقرة: 264] ، وَتَلَا أَيْضًا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} [الحجرات: 2] إِلَى قَوْلِهِ: {أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ} [الحجرات: 2] وَمَا يُومَنِي ". قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: قَدْ أَتَيْنَا عَلَى حِكَايَةِ اخْتِلَافِ النَّاسِ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ» وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْأَخْبَارِ، وَبَيَّنَّا مَا اخْتَرْنَا مِنْ ذَلِكَ وَاحْتَجَجْنَا لِمَذْهَبِنَا احْتِجَاجًا مُخْتَصَرًا، وَقَدْ بَيَّنَّا كَلَامًا وَحُجَجًا كَثِيرَةً مِنَ الْخَبَرِ، وَالنَّظَرِ جَمِيعًا لَمْ نَذْكُرُهَا كَرَاهَةً [ص: 652] لِلْتَطْوِيلِ وَفِي مِقْدَارِ مَا ذَكَرْنَا كِفَايَةٌ لِأَهْلِ الْفَهْمِ وَالدِّيَانَةِ الحديث: 704 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 651 عَوْدَةٌ إِلَى الِاحْتِجَاجِ لِمَنْ فَسَّرَ: «الْإِيمَانُ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ» عَلَى اسْتِكْمَالِ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ بِالْقَلْبِ وَاللِّسَانِ وَسَائِرِ الْجَوَارِحِ. ثُمَّ نَعُودُ الْآنَ إِلَى مَا كُنَّا فِيهِ مِنَ الِاحْتِجَاجِ لِمَنْ فَسَّرَ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ جِبْرِيلَ: «الْإِيمَانُ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ» عَلَى اسْتِكْمَالِ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ بِالْقَلْبِ وَاللِّسَانِ وَسَائِرِ الْجَوَارِحِ، قَالُوا: قَدْ تَوَاتَرَتِ الْأَخْبَارُ، وَاسْتَفَاضَتْ عَنِ الْمُصْطَفَى رَسُولِ رَبِّ الْعَالَمِينَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ وَإِمَامِ الْمُتَّقِينَ بِمَا يَدُلُّ عَلَى جَمِيعِ الطَّاعَاتِ الَّتِي يُتَكَلَّفُ بِجَمِيعِ الْجَوَارِحِ، وَالْإِمْسَاكِ عَنْ جَمِيعِ الْمَحَارِمِ مِنَ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ، وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَأَنَّ الذُّنُوبَ وَارْتِكَابَ الْمَحَارِمِ تُوهِنُ الْإِيمَانَ وَتُنْقِصُهُ، وَتَذْهَبُ بِحَقَائِقِهِ، وَأَنَّ أَعْمَالَ الْبِرِّ يَزِيدُ فِيهِ، وَكُلُّ ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْأَسَانِيدِ الثَّابِتَةِ الَّتِي لَا اخْتِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي صِحَّتِهَا وَثَبَاتِهَا، فَمَنْ دَانَ بِدِينِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلْيَقْبَلْ مَا أَتَاهُ عَلَى مَا وَافَقَ رَأْيَهُ أَوْ خَالَفَهُ، وَلَا يَشُكَّنَّ فِي شَيْءٍ مِنْ قَوْلِهِ، فَإِنَّ الشَّكَّ فِي قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُفْرٌ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 652 أَدِلَّةُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ عَلَى أَنَّ الْإِيمَانَ بِالرَّسُولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ إِنَّمَا هُوَ بِتَصْدِيقِهِ، وَاتِّبَاعِ مَا جَاءَ بِهِ. فَإِنْ قِيلَ: فَمَا الْحُجَّةُ فِي أَنَّ الْإِيمَانَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا هُوَ بِتَصْدِيقِهِ وَاتِّبَاعِ مَا جَاءَ بِهِ؟ قِيلَ: كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَسُنَّةُ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: 65] . وَقَالَ: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: 63] . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 653 705 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أنا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: خَاصَمَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ الزُّبَيْرَ فِي شَرْجٍ مِنَ الْحَرَّةِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اسْقِ يَا زُبَيْرُ ثُمَّ أَرْسِلِ الْمَاءَ إِلَى جَارِكَ» فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوَ أَنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ، فَتَلَوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ: «اسْقِ يَا زُبَيْرُ ثُمَّ احْبِسِ الْمَاءَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى الْجَدْرِ ثُمَّ أَرْسِلِ الْمَاءَ إِلَى جَارِكَ» قَالَ: وَكَانَ أَشَارَ [ص: 654] عَلَيْهِمْ قَبْلَ ذَلِكَ بِأَمْرٍ كَانَ لَهُمَا فِيهِ سَعَةٌ، قَالَ الزُّبَيْرُ: فَمَا أَحْسِبُ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ إِلَّا فِي ذَلِكَ: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: 65] " قَالَ مَعْمَرٌ: وَسَمِعْتُ غَيْرَ الزُّهْرِيِّ يَقُولُ: نُظِرَ فِي قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «حَتَّى يَرْجِعَ الْمَاءُ إِلَى الْجَدْرِ» فَكَانَ ذَلِكَ إِلَى الْكَعْبَيْنِ الحديث: 705 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 653 706 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أنا أَبُو الْوَلِيدِ، ثنا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ، حَدَّثَهُ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ خَاصَمَ الزُّبَيْرَ فِي شِرَاجِ الْحَرَّةِ الَّتِي يَسْقِي بِهَا النَّخْلَةَ، فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ: سَرِّحِ الْمَاءَ يَمُرُّ فَأَبَى عَلَيْهِ الزُّبَيْرُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اسْقِ يَا زُبَيْرُ ثُمَّ أَرْسِلْ إِلَى جَارِكَ» فَغَضِبَ الْأَنْصَارِيُّ وَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ، فَتَلَوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ: «يَا زُبَيْرُ اسْقِ ثُمَّ احْبِسِ الْمَاءَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى الْجَدْرِ» قَالَ الزُّبَيْرُ: فَوَاللَّهِ إِنِّي لَأَحْسِبُ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي ذَلِكَ: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ} [النساء: 65] الْآيَةَ " الحديث: 706 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 654 707 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا أَبُو الْيَمَانِ، أنا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ الزُّبَيْرَ، كَانَ يُحَدِّثُهُ أَنَّهُ خَاصَمَ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شِرَاجٍ مِنَ الْحَرَّةِ كَانَا يَسْقِيَانِ بِهَا كِلَاهُمَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلزُّبَيْرِ: «اسْقِ ثُمَّ أَرْسِلْ إِلَى جَارِكَ» فَغَضِبَ الْأَنْصَارِيُّ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ، فَتَلَوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لِلزُّبَيْرِ: اسْقِ [ص: 656] ثُمَّ احْبِسِ الْمَاءَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى الْجَدْرِ " فَاسْتَوْعَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَئِذٍ لِلزُّبَيْرِ حَقَّهُ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ ذَلِكَ أَشَارَ عَلَى الزُّبَيْرِ بِرَأْيٍ فِيهِ أَرَادَ سَعَةً لَهُ وَلِلْأَنْصَارِيِّ، فَلَمَّا أَحْفَظَ الْأَنْصَارِيُّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَوْعَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلزُّبَيْرِ حَقَّهُ فِي صَرِيحِ الْحُكْمِ. قَالَ عُرْوَةُ: قَالَ الزُّبَيْرُ: فَمَا أَحْسِبُ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ إِلَّا فِي ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} [النساء: 65] الْآيَةَ " قَالَ شُعَيْبٌ: وَالشِّرَاجُ اتِّحَادُ الْمَاءِ كَالْمَقَارِيِّ الحديث: 707 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 655 708 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدَةَ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، ثنا سُفْيَانُ، ثنا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ سَلَمَةَ، رَجُلٍ مِنْ وَلَدِ أُمِّ سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، أَنَّ رَجُلًا، خَاصَمَ الزُّبَيْرَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَضَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلزُّبَيْرِ فَقَالَ الرَّجُلُ: إِنَّمَا قَضَى لَهُ لِأَنَّهُ ابْنُ عَمَّتِهِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ} [النساء: 65] الْآيَةَ " الحديث: 708 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 656 709 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ،: " {حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ} [النساء: 65] قَالَ: إِثْمًا " الحديث: 709 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 657 710 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ خَلَفٍ أَبُو سَلَمَةَ، ثنا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عِيسَى بْنِ مَيْمُونٍ الْمَكِّيِّ، ثنا ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ،: " {حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ} [النساء: 65] قَالَ: شَكًّا " الحديث: 710 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 657 711 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ، أنا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: " كَانَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ مِمَّنْ يَزْعُمُ أَنَّهُ مُسْلِمٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَجُلٍ مِنَ الْيَهُودِ خُصُومَةٌ، فَجَعَلَ الَّذِي مِنَ الْأَنْصَارِ يَدْعُو الْيَهُودِيَّ إِلَى أَنْ يُحَاكِمَهُ إِلَى أَهْلِ دِينِهِ، لِأَنَّهُ قَدْ عَلِمَ أَنَّهُمْ يَأْخُذُونَ الرِّشْوَةَ فِي الْحُكْمِ وَكَانَ الْيَهُودِيُّ يَدْعُوهُ إِلَى أَنْ يُحَاكَمَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ قَالَ: إِلَى الْمُسْلِمِينَ لِأَنَّهُ قَدْ عَلِمَ أَنَّهُمْ لَا يَأْخُذُونَ الرِّشْوَةَ فِي الْحُكْمِ فَاتَّفَقَا عَلَى أَنْ يَتَحَاكَمَا إِلَى كَاهِنٍ مِنْ جُهَيْنَةَ فَنَزَلَتْ: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ} [النساء: 60] أَيْ إِلَى الْكَاهِنِ {وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ} [النساء: 60] قَالَ: أَمْرُ هَذَا فِي كِتَابِهِ، وَأَمْرُ هَذَا فِي كِتَابِهِ، {وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا} [النساء: 60] حَتَّى بَلَغَ: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} [النساء: 65] الْآيَةَ ". قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: قَالُوا: فَهَذَا الَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَالَ إِلَى الزُّبَيْرِ لِقَرَابَتِهِ مِنْهُ فَخَرَجَ بِذَلِكَ مِنْ إِيمَانِهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِيهِ الْقُرْآنَ، فَكَيْفَ يَكُونُ بِهِ مُؤْمِنًا مَنْ يَرُدُّ عَلَيْهِ [ص: 659] السُّنَّةَ الثَّابِتَةَ الْمَعْرُوفَةَ بِرَأْيهِ أَوْ بِرَأْيِ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ بَعْدَهُ تَعَمُّدًا لِذَلِكَ أَوْ شَكًّا فِيهَا، أَوْ إِنْكَارًا لَهَا حِينَ لَمْ تُوَافِقْ هَوَاهُ، ثُمَّ يَزْعُمُ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ عِنْدَ اللَّهِ، مُسْتَكْمِلُ الْإِيمَانِ مِنْ ثَابِتَةِ الْأَخْبَارِ الَّتِي رَوَتْهَا عُلَمَاءُ الْأُمَّةِ بِالْأَسَانِيدِ الثَّابِتَةِ عَنْ رَسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ جَعَلَ الْعَمَلَ مِنَ الْإِيمَانِ فَيَقُولُ: هُوَ لَيْسَ كَذَلِكَ جُحُودًا بِذَلِكَ أَوْ شَكًّا فِيهِ أَوْ كَيْفَ يَكُونُ بِهِ مُؤْمِنًا مَنْ يَأْتِيَهُ الْخَبَرُ الثَّابِتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَمَرَ بِكَذَا أَوْ نَهَى عَنْ كَذَا، فَيَقُولُ: قَالَ أَبُو فُلَانٍ كَذَا خِلَافًا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَدًّا لِسُنَّتِهِ أَمْ كَيْفَ يَكُونُ بِهِ مُؤْمِنًا مِنْ تُعْرَضُ سُنَّتُهُ عَلَى رَأْيِهِ فَمَا وَافَقَ مِنْهَا قَبِلَ، وَمَا لَمْ يُوَافِقُهُ مِنْهَا احْتَالَ لِرَدِّهَا أَلَا يَنْظُرُ الشَّقِيُّ عَلَى مَنِ اجْتَرَأَ وَبَيْنَ يَدَيْ مَنْ تَقَدَّمَ؟ . قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سُمَيْعٌ عَلِيمٌ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ} [الحجرات: 2] [ص: 660] . وَقَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} [النور: 63] . فَنَهَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَتَقَدَّمُوا بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَهَاهُمْ أَنْ يَرْفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ يَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ إِعْظَامًا لَهُ وَإِجْلَالًا وَأَعْلَمَ أَنَّ ذَلِكَ يُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ، فَكَيْفَ بِمَنْ جَعَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيْرَهُ فِي دِينِ اللَّهِ وَأَحْكَامِهِ مِلَّتَيْنِ، ثُمَّ يُؤَخِّرُ حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُقَدِّمُهُ إِذَا حُدِّثَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا لَا يُوَافِقُهُ، قَالَ: هَذَا مَنْسُوخٌ فَإِذَا حُدِّثَ عَنْهُ بِمَا لَا يَعْرِفُهُ قَالَ: هَذَا شَاذُّ. فَمِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَنْسُوخُ وَمِنْهُ النَّاسِخُ، ثُمَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشَّاذُّ وَمِنْهُ الْمَعْرُوفُ وَمِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَتْرُوكُ وَمِنْهُ الْمَأْخُوذُ الحديث: 711 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 658 712 - وَقَدْ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أنا عَفَّانُ، ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي.» [ص: 661] 713 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أنا عَبْدُ الصَّمَدِ، ثنا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ الحديث: 712 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 660 714 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ زُرَارَةَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْهَمْدَانِيُّ، عَنْ عَبَّادٍ الْمِنْقَرِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ أَحْيَا سُنَّتِي فَقَدْ أَحَبَّنِي، وَمَنْ أَحَبَّنِي كَانَ مَعِي فِي الْجَنَّةِ» الحديث: 714 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 661 715 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، " قَوْلُهُ: {لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [الحجرات: 1] قَالَ: لَا تَقُولُوا خِلَافَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ الحديث: 715 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 661 716 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أنا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ،: " {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [الحجرات: 1] قَالَ: إِنَّ نَاسًا كَانُوا يَقُولُونَ: لَوْلَا أُنْزِلَ فِي كَذَا، لَوْلَا أُنْزِلَ فِي كَذَا " الحديث: 716 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 662 قَالَ مَعْمَرٌ: وَقَالَ الْحَسَنُ: «هُمْ قَوْمٌ ذَبَحُوا قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَهُمْ فَأَعَادُوا الذَّبْحَ» الجزء: 2 ¦ الصفحة: 662 717 - حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ يَحْيَى بْنُ خَلَفٍ، ثنا أَبُو عَاصِمٍ، ثنا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، " فِي قَوْلِهِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينُ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [الحجرات: 1] قَالَ: لَا تَفْتَئِتُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ بِشَيْءٍ حَتَّى يَقْضِيَهُ اللَّهُ عَلَى لِسَانِهِ. قَوْلُهُ: {كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ} [الحجرات: 2] قَالَ: لَا تُنَادُوهُ نِدَاءً، وَلَكِنْ قُولُوا قَوْلًا لَيِّنًا: يَا رَسُولَ اللَّهِ {امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى} [الحجرات: 3] قَالَ: أَخْلَصَ " الحديث: 717 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 662 718 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ خَلَفٍ، ثنا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ،: " {كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} [النور: 63] أَمَرَهُمْ أَنْ يَدْعُوهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فِي لِينٍ وَتَوَاضُعٍ، وَلَا يَقُولُوا: يَا مُحَمَّدُ فِي تَجَهُّمٍ " الحديث: 718 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 663 719 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أنا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ،: " {لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} [الحجرات: 2] قَالَ: كَانُوا يَرْفَعُونَ، وَيَجْهَرُونَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوُعِظُوا وَنُهُوا عَنْ ذَلِكَ " الحديث: 719 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 663 720 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، قَالَ: أنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أنا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: " {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} [النور: 63] قَالَ: أَمَرَهُمُ اللَّهُ أَنْ يُفَخِّمُوهُ وَيُشَرِّفُوهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " الحديث: 720 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 664 721 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، ثنا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ،: " {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} [النور: 63] قَالَ: أَمَرَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنْ يُهَابَ نَبِيُّهُ، وَأَنْ يُعَظَّمَ، وَأَنْ يُبَجَّلَ، وَأَنْ يُسَوَّدَ وَقَوْلُهُ: {قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا} [النور: 63] قَالَ قَتَادَةُ: عَنْ نَبِيِّ اللَّهِ، وَعَنْ كِتَابِهِ: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: 63] " الحديث: 721 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 664 722 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَهْزَاذِ، ثنا أَبُو مُعَاذٍ الْفَضْلُ بْنُ خَالِدٍ النَّحْوِيُّ، قَالَ: ثنا عُبَيْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْبَاهِلِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ بْنَ مُزَاحِمٍ، " فِي قَوْلِهِ: {لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} [الحجرات: 2] هُوَ كَقَوْلِهِ: {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} [النور: 63] نَهَاهُمُ اللَّهُ أَنْ يُنَادُوهُ كَمَا يُنَادِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يُشَرِّفُوهُ، وَأَنْ يُعَظِّمُوهُ وَيَدْعُوهُ إِذَا دَعَوْهُ بِاسْمِ النُّبُوَّةِ " الحديث: 722 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 664 723 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، وَحُسَيْنُ بْنُ الْأَسْوَدِ، قَالَا: أنا عَمْرٌو يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ، ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ سَالِمٍ الْأَفْطَسِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ،: " {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} [النور: 63] قَالَ: لَا تَقُولُوا: يَا مُحَمَّدُ وَلَكِنْ قُولُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بِآبَائِنَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ " الحديث: 723 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 665 724 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، وَحُسَيْنٌ، قَالَا: أنا عَمْرٌو، عَنْ أَسْبَاطٍ، عَنِ السُّدِّيِّ،: " {قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا} [النور: 63] قَالَ: يَلُوذُ بِالشَّيْءِ: يَسْتَتِرُ بِهِ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ} [النور: 63] الشِّرْكُ {أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: 63] قَالَ: الْقَتْلُ بِالسَّيْفِ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " الحديث: 724 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 665 725 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثنا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، " فِي قَوْلِهِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [الحجرات: 1] قَالَ: لَا تَفْتَئِتُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَيْءٍ حَتَّى يَقْضِيَهُ اللَّهُ عَلَى لِسَانِهِ، وَفِي قَوْلِهِ: {لَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ} [الحجرات: 2] لَا تُنَادُوا نِدَاءً، لَا تَقُولُوا: يَا مُحَمَّدُ وَلَكِنْ قُولُوا قَوْلًا لَيِّنًا: يَا رَسُولَ اللَّهِ {أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى} [الحجرات: 3] قَالَ: أَخْلَصَ " الحديث: 725 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 666 726 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أنا رَوْحٌ، ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ،: " {كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} [النور: 63] قَالَ: أُمِرُوا أَنْ يَدْعُوهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فِي لِينٍ وَتَوَاضُعٍ، وَلَا يَقُولُوا: يَا مُحَمَّدُ فِي تَجَهُّمٍ " الحديث: 726 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 666 727 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدَةَ، ثنا أَبُو وَهْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُزَاحِمٍ، ثنا بُكَيْرُ بْنُ مَعْرُوفٍ، عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ، " فِي قَوْلِهِ: {يَا أَيُّهَا [ص: 667] الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [الحجرات: 1] يَعْنِي بِذَلِكَ فِي شَأْنِ الْقِتَالِ، وَمَا يَكُونُ مِنْ شَرَائِعِ دِينِهِمْ يَقُولُ: لَا تَقْضُوا فِي ذَلِكَ شَيْئًا إِلَّا بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا تَقْطَعُوا دُونَهُ أَمْرًا قَوْلُهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ} [الحجرات: 2] نَزَلَتْ فِي ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ الْأَنْصَارِيِّ كَانَ إِذَا جَلَسَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَفَعَ صَوْتَهُ إِذَا تَكَلَّمَ فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ انْطَلَقَ مَهْمُومًا حَزِينًا فَمَكَثَ فِي بَيْتِهِ أَيَّامًا مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ قَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ، وَكَانَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ الْأَنْصَارِيُّ جَارَهُ، فَانْطَلَقَ سَعْدٌ حَتَّى أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ أَنَّ ثَابِتًا يَقُولُ: إِنَّهُ قَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ، وَهُوَ فِي النَّارِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اذْهَبْ فَأَخْبِرْ ثَابِتَ بْنَ قَيْسٍ أَنَّكَ لَمْ تُعْنَ بِهَذِهِ الْآيَةِ، وَلَسْتَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، بَلْ أَنْتَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ» فَفَرِحَ ثَابِتٌ بِذَلِكَ، ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا أَبْصَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَرْحَبًا بِرَجُلٍ يَزْعُمُ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ بَلْ غَيْرُكَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ وَأَنْتَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ» فَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ إِذَا جَلَسَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَفَضَ صَوْتَهُ حَتَّى مَا يَكَادُ يَسْمَعُ الَّذِي يَلِيهِ فَنَزَلَتْ فِيهِ: {إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى} [الحجرات: 3] [ص: 668] يَقُولُ: أَخْلَصَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى: {لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ} [المائدة: 9] مَغْفِرَةٌ لِذُنُوبِهِمْ، وَأَجْرٌ عَظِيمٌ الْجَنَّةُ ثَوَابَ أَعْمَالِهِمْ " قَالَ ثَابِتٌ: مَا يَسُرُّنِي أَنِّي لَمْ أَجْهَرْ بِصَوْتِي عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا امْتَحَنَ اللَّهُ قَلْبِيَ لِلتَّقْوَى فَقُتِلَ " الحديث: 727 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 666 728 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ، ثنا بِشْرٌ يَعْنِي ابْنَ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي رَوْقٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،: " {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} [النور: 63] قَالَ: كَانُوا يَقُولُونَ: يَا مُحَمَّدُ، وَيَا أَبَا الْقَاسِمِ فَنَهَاهُمُ اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ، قَالَ: قُولُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، يَا نَبِيَّ اللَّهِ " الحديث: 728 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 668 729 - حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الْجَمَّالُ، ثنا حُصَيْنُ بْنُ عُمَرَ، ثنا الْمُخَارِقُ، عَنْ طَارِقٍ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، قَالَ: " لَمَّا نَزَلَتْ: {إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ} [الحجرات: 3] قَالَ أَبُو بَكْرٍ: عَزَمْتُ عَلَى نَفْسِي أَنْ لَا أُكَلِّمَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا كَأَخِي السِّرَارِ " الحديث: 729 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 668 730 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: قَالَ سُفْيَانُ " فِي قَوْلِهِ: {لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [الحجرات: 1] لَا تَقْضُوا أَمْرًا دُونَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " الحديث: 730 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 669 731 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْأَعْيَنُ، ثنا أَبُو سَلَمَةَ يَعْنِي الْخُزَاعِيَّ، قَالَ: كَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ، لَيُحَدِّثَ تَوَضَّأَ وضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ وَلَبِسَ أَحْسَنَ ثِيَابِهِ، وَلَبِسَ قَلَنْسُوَةً، وَمَشَطَ لِحْيَتَهُ، فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ؟ فَقَالَ: «أُوَقِّرُ بِهِ حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» الحديث: 731 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 669 قَالَ الْأَعْيَنُ: وَسَمِعْتُ إِسْحَاقَ بْنَ الطَّبَّاعِ يَقُولُ: سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ يَقُولُ: «أَفَكُلُّ مَا جَاءَ رَجُلٌ أَجْدَلُ مِنْ رَجُلٍ أَرَدْنَا أَنْ نَرُدَّ مَا جَاءَ بِهِ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» الجزء: 2 ¦ الصفحة: 670 732 - حَدَّثَنِي ابْنُ الْقَهْزَاذِ، قَالَ: سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ حَرْبٍ، يَقُولُ: كَانَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ إِذَا حَدَّثَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَمِعَ النَّاسَ، يَتَكَلَّمُونَ كَفَّ وَيَقُولُ: " أَخَافُ أَنْ نَدْخُلَ فِي قَوْلِهِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} [الحجرات: 2] قَالَ سُلَيْمَانُ: فَذَكَرْتُهُ لِابْنِ عُيَيْنَةَ فَأَعْجَبَهُ " الحديث: 732 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 671 733 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أنا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: «لَقَدْ كَانَ يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا تُقْرَأَ الْأَحَادِيثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا عَلَى وُضُوءٍ» [ص: 672] 734 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، أنا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، ثنا مَعْمَرٌ، عَنْ صَدَقَةَ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّ ابْنَ الْمُسَيِّبِ، سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ، فَلَمْ يَرَ بِهِ بَأْسًا الحديث: 733 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 671 735 - قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَسَمِعْتُ إِسْحَاقَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ، يَقُولُ: قَالَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ: «إِذَا أَخَذْتُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاخْرَسُوا» الحديث: 735 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 672 736 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أنا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، " فِي قَوْلِهِ: (لِيُعَزِّرُوهُ) قَالَ: لِيَنْصُرُوهُ (وَيُوَقِّرُوهُ) ، قَالَ: لِيُعَظِّمُوهُ، قَالَ قَتَادَةُ: وَفِي بَعْضِ الْحُرُوفِ: (وَيُسَبِّحُوا اللَّهَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا) " الحديث: 736 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 672 737 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نَيْزَكَ، ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، " قَوْلُهُ: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا} [الأحزاب: 45] أَيْ شَاهِدًا عَلَى أُمَّتِكَ، وَشَاهِدًا عَلَى الْأَنْبِيَاءِ أَنَّهُمْ قَدْ بَلَّغُوا، {وَمُبَشِّرًا} [الأحزاب: 45] يُبَشِّرُ بِالْجَنَّةِ مَنْ أَطَاعَهُ، {وَنَذِيرًا} [البقرة: 119] يُنْذِرُ بِالنَّارِ مَنْ عَصَاهُ قَوْلُهُ: {لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ} [الفتح: 9] أَمَرَ اللَّهُ بِتَفْخِيمِهِ، وَتَسْوِيدِهِ، وَتَشْرِيفِهِ، وَتَعْظِيمِهِ، وَكَانَ فِي بَعْضِ الْقِرَاءَةِ: (وَيُسَبِّحُوا اللَّهَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا) " الحديث: 737 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 673 738 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدَةَ، ثنا أَبُو وَهْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُزَاحِمٍ، ثنا بُكَيْرُ بْنُ مَعْرُوفٍ، عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ،: " {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا} [الأحزاب: 45] عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ {وَمُبَشِّرًا} [الأحزاب: 45] بِالْجَنَّةِ وَالنَّصْرِ فِي الدُّنْيَا {وَنَذِيرًا} [البقرة: 119] مِنَ النَّارِ، قَوْلُهُ: {وَتُعَزِّرُوهُ} [الفتح: 9] يَقُولُ: تَنْصُرُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالسُّيُوفِ، {وَتُوَقِّرُوهُ} [الفتح: 9] يَقُولُ: تُعَظِّمُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتُشَرِّفُوهُ، وَتُجِلُّوهُ، وَتُسَبِّحُوهُ، يَقُولُ: وَتُسَبِّحُوا اللَّهَ، يَقُولُ: وَتُصَلُّوا لِلَّهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا يَعْنِي الْغَدَاةَ وَالْعَشِيَّ " الحديث: 738 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 673 739 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا قَبِيصَةُ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ، قَالَ: نِعْمَ الْمَرْءُ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ ضَالًّا فَهَدَاهُ اللَّهُ، وَكَانَ عَائِلًا فَأَغْنَاهُ اللَّهُ، وَكَانَ يَتِيمًا فَآوَاهُ اللَّهُ، شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ، وَوَضَعَ عَنْهُ وِزْرَهُ، وِزْرًا أَنْقَضَ ظَهْرَهُ، وَعَفَا عَنْهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ إِذْ يَقُولُ: {عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ} [التوبة: 43] ثُمَّ يَقُولُ حَرْفٌ، وَأَيُّمَا حَرْفٌ: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء: 80] فَفَوَّضَ إِلَيْهِ فَلَا يَأْمُرُ إِلَّا بِخَيْرٍ " الحديث: 739 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 674 740 - حَدَّثَنَا أَبُو قُدَامَةَ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي حَفْصَةَ، عَنْ مُنْذِرٍ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ، قَالَ: " نِعْمَ الْمَرْءُ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: كَانَ ضَالًّا فَهَدَاهُ اللَّهُ، وَكَانَ عَائِلًا فَأَغْنَاهُ اللَّهُ، شَرَحَ لَهُ صَدْرَهُ، وَيَسَّرَ لَهُ أَمْرَهُ، ثُمَّ يَقُولُ: حَرْفٌ وَأَيُّمَا حَرْفٍ: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء: 80] فَوَّضَ إِلَيْهِ فَلَا يَأْمُرُ إِلَّا بِخَيْرٍ " الحديث: 740 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 674 741 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، ثنا أَبُو مَعْمَرٍ، ثنا عَبْدُ الْوَارِثِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ذَكْوَانَ، قَالَ: " غَدَوْتُ يَوْمَ السَّبْتِ فَصَلَّيْتُ الْغَدَاةَ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ، وَإِذَا النَّضْرُ بْنُ عَمْرٍو قَاصٌّ مِنْ قَصَّاصِ أَهْلِ الشَّامِ يَقُصُّ عَلَيْهِمْ، فَلَمَّا فَرَغَ تَكَلَّمَ الْحَسَنُ فَجَمَعَ الْقَوْلَ وَاخْتَصَرَ، ثُمَّ سَكَتَ فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ النَّضْرُ بْنُ عَمْرٍو فَقَالَ: يَا أَبَا سَعِيدٍ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى خَلَقَ الدُّنْيَا، وَخَلَقَ مَا فِيهَا، فَلَمْ يَخْلُقْ مَا فِيهَا مِنْ رِئَاسَتِهَا، وَبَهْجَتِهَا، وَزِينَتِهَا إِلَّا لِعِبَادِهِ، فَقَالَ: {كُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأعراف: 31] ، وَقَالَ: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ} [الأعراف: 32] فَأَخَذَ فِي هَذَا النَّحْوِ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ قَوْلِهِ أَهْوَى الْحَسَنُ بِيَدِهِ إِلَى رُكْبَةِ النَّضْرِ فَجَعَلَ يَهُزَّهَا وَقَالَ: أَيُّهَا الرَّجُلُ اتَّقِ اللَّهَ فِي نَفْسِكَ، وَلَا تُوفِكْ وَلَا تُهْلِكْ، وَإِيَّاكَ وَهَذِهِ الْأَمَانِيَّ أَنْ تَرْجَحَ فِيهَا فَإِنَّ أَحَدًا لَمْ يُعْطَ بِأُمْنِيَتِهِ خَيْرًا مِنْ خَيْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، إِنَّ اللَّهَ اخْتَارَ [ص: 676] نَبِيَّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِنَفْسِهِ، وَبَعَثَهُ بِرِسَالَاتِهِ، وَجَعَلَهُ رَسُولًا إِلَى خَلْقِهِ، ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْهِ كِتَابَهُ، ثُمَّ وَضَعَهُ مِنَ الدُّنْيَا مَوْضِعًا، وَقَوَّتَ لَهُ فِيهَا قُوتًا، حَتَّى إِذَا نَظَرَ أَهْلُ الدُّنْيَا إِلَى مَكَانِهِ مِنَ الدُّنْيَا، وَمَكَانِ الدُّنْيَا مِنْهُ قَالَ: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21] هَاهُنَا أَمَرَنَا أَنْ نَأْخُذَ بِأَمْرِهِ، وَأَنْ نَقْتَدِيَ بِهَدْيِهِ، وَأَنْ نَسْلُكَ طَرِيقَهُ، وَأَنْ نَعْمَلَ بِسُنَّتِهِ فَمَا بَلَغْنَا فَبِمَنِّ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ، وَمَا قَصَّرْنَا اسْتَغْفَرْنَا فَذَاكَ بَابُ مَخْرَجِنَا، فَأَمَّا الْأَمَانِيُّ فَلَا خَيْرَ فِيهَا، وَلَا فِي أَحَدٍ مِنْ أَهْلِهَا. قَالَ النَّضْرُ عِنْدَ ذَلِكَ: يَا أَبَا سَعِيدٍ وَاللَّهِ إِنَّا عَلَى مَا كَانَ فِينَا لَنُحِبُّ رَبَّنَا. قَالَ الْحَسَنُ: قَدْ قَالَ ذَلِكَ قَوْمٌ عَلَى عَهْدِ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ وَاللَّهِ إِنَّا لَنُحِبُّ رَبَّنَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران: 31] فَجَعَلَ اللَّهُ اتِّبَاعَ سَنَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَمًا لِحُبِّهِ، وَأَكْذَبَ مَنْ خَالَفَهَا أَيُّهَا الرَّجُلُ: اتَّقِ اللَّهَ فِي نَفْسِكَ، فَإِنِّي قَدْ أَدْرَكْتُ أَقْوَامًا كَانُوا قَبْلَكَ فِي صَدْرِ هَذِهِ الْأُمَّةِ كَانُوا مُوَافِقِينَ لِكِتَابِ رَبِّهِمْ، وَلِسُنَّةِ نَبِيِّهِمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا جَنَّتْهُمُ اللَّيْلُ قِيَامًا عَلَى أَطْرَافِهِمْ يَفْتَرِشُونَ وُجُوهَهُمْ يُنَاجُونَ الَّذِي خَلَقَهُمْ فِي [ص: 677] فِكَاكِ رِقَابِهِمْ، إِنْ عَمِلُوا حَسَنَةً دَأَبُوا فِي شُكْرِهَا، وَسَأَلُوا اللَّهَ أَنْ يَتَقَبَّلَهَا، وَإِنْ عَمِلُوا سَيِّئَةً بَكَّتْهُمْ، وَسَأَلُوا اللَّهَ أَنْ يَغْفِرَهَا، إِذَا أَشْرَفَ لَهُمْ شَيْءٌ مِنَ الدُّنْيَا أَخَذُوا مِنْهُ قُوتَهُمْ، وَوَضَعُوا الْعَقْلَ مَعَادَهُمْ وَإِنْ زَوَى عَنْهُمْ قَالُوا: هَذَا نَظَرٌ مِنَ اللَّهِ وَخِيَارٌ فَكَانُوا كَذَلِكَ، وَعَلَى ذَلِكَ وَاللَّهِ مَا سَلِمُوا مِنَ الذُّنُوبِ، وَلَا بَلَغُوا إِلَّا بِالْمَغْفِرَةِ وَأَصْبَحْتَ أَيُّهَا الرَّجُلُ مُخَالِفًا لِلْقَوْمِ فِي زِيِّهِمْ، وَخَوْفِهِمْ، وَجَدِّهِمْ وَاجْتِهَادِهِمْ، فَاللَّهَ اللَّهَ فِي نَفْسِكَ فَإِنِّي قَدْ رَأَيْتُ أَقْوَامًا كَانُوا قَبْلَكَ بِمِثْلِ مَكَانِكَ يَخْطُبُونَ عَلَى هَذَا الْخَشَبِ تَهْتَزُّ بِهِمُ الدَّوَابُّ، وَيَصُونُونَ الْخَرْقَ وَيُشَيِّدُونَ الْمُدُنَ، خَرَجُوا مِنْ سُلْطَانِهِمْ، وَمِنْ دُنْيَاهُمْ فَقَدِمُوا عَلَى رَبِّهِمْ، وَنَزَلُوا عَلَى أَعْمَالِهِمْ فَاللَّهَ اللَّهَ اعْمَلْ فِي نَفْسِكَ، اعْمَلْ لَهَا وَاحْذَرْ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ لَكَ حَاجَةٌ فِيهَا " الحديث: 741 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 675 742 - حَدَّثَنَا الدَّوْرَقِيُّ أَحْمَدُ، ثنا أَبُو النَّضْرِ، ثنا الْأَشْجَعِيُّ، ثنا خَلَفُ بْنُ حَوْشَبٍ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: " إِنَّ اللَّهَ لَمَّا بَعَثَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: هَذَا نَبِيِّي، هَذَا خِيَارِي ائْتَسُوا بِهِ خُذُوا فِي سُنَّتِهِ وَسَبِيلِهِ، أَمَا وَاللَّهِ مَا كَانَتِ الْأَبْوَابُ تُغْلَقُ دُونَهُ، وَلَا يَكُونُ دُونَهُ الْحِجَابُ كَانَ يَجْلِسُ بِالْأَرْضِ، وَيُوضَعُ طَعَامُهُ بِالْأَرْضِ، وَيَرْكَبُ الْحِمَارَ، وَيَرْدِفُ خَلْفَهُ، وَكَان - وَاللَّهِ - يَلْعَقُ يَدَهُ، وَلَمْ يَكُنْ يُغْدَى عَلَيْهِ وَيُرَاحُ بِالْجِفَانِ، وَكَانَ يَقُولُ: «مَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي» فَمَا أَكْثَرَ التَّارِكِينَ لِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا أَكْثَرَ الرَّاغِبِينَ عَنْهَا " الحديث: 742 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 677 743 - حَدَّثَنِي أَبُو عَلِيٍّ الْبِسْطَامِيُّ، ثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ الْمُبَارَكِ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: «اعْلَمُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ أَنَّ أَهْلَ السُّنَّةِ كَانُوا أَقَلَّ النَّاسِ فِيمَا مَضَى، وَهُمْ أَقَلُّ النَّاسِ فِيمَا بَقَى، الَّذِينَ لَمْ يَذْهَبُوا مَعَ أَهْلِ الْأَتْرَافِ فِي أَتْرَافِهِمْ، وَلَا مَعَ أَهْلِ الْبِدَعِ فِي بِدَعِهِمْ، وَصَبَرُوا عَلَى سُنَّتِهِمْ حَتَّى لَقُوا رَبَّهُمْ فَكَذَلِكَ فَكُونُوا إِنْ شَاءَ اللَّهُ» الحديث: 743 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 678 744 - حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ، ثنا إِسْحَاقُ يَعْنِي ابْنَ سُلَيْمَانَ الرَّازِيَّ، ثنا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ بَعْضِ، أَصْحَابِهِ قَالَ: «عَلَامَةُ حُبِّ اللَّهِ كَثْرَةُ ذِكْرِهِ، وَعَلَامَةُ الدِّينِ الْإِخْلَاصُ لِلَّهِ، وَعَلَامَةُ الْعِلْمِ الْخَشْيَةُ لِلَّهِ، وَعَلَامَةُ الشُّكْرِ الرِّضَا بِقَضَاءِ اللَّهِ وَالتَّسْلِيمِ لِقَدَرِهِ» الحديث: 744 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 678 745 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ، قَالَ: " خَمْسٌ كَانَ عَلَيْهَا أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالتَّابِعِينَ بِإِحْسَانٍ: اتِّبَاعُ السُّنَّةِ، وَلُزُومُ الْجَمَاعَةِ، وَتِلَاوَةُ الْقُرْآنِ، وَالْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ " قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَأَظُنُّ قَالَ: وَعِمَارَةُ الْمَسَاجِدِ الحديث: 745 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 679 746 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الْقَهْزَاذِ، ثنا حَاتِمُ بْنُ الْعَلَاءِ الْجَلَّابُ، ثنا إِسْمَاعِيلُ يَعْنِي ابْنَ عَيَّاشٍ، ثنا عَمْرُو بْنُ مُهَاجِرٍ الْأَنْصَارِيُّ، وَبِشْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَيَّارٍ السُّلَمِيُّ، وَسَوَادَةُ بْنُ زِيَادٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ إِلَى النَّاسِ أَنَّهُ لَا رَأْيَ لِأَحَدٍ مَعَ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " الحديث: 746 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 679 بَابٌ فِي شَرْحِ حَدِيثِ: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ» . قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَهَذَا بَابٌ جَامِعٌ مُخْتَصَرٌ مِنْ نَفْسِ تَفْسِيرِ الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ شَبِيهٌ بِحَدِيثِ جِبْرِيلَ عَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ الَّذِي حَكَيْنَاهُ وَهُوَ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا الدِّينُ النَّصِيحَةُ» بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ جَامِعَةٍ، فَلَمَّا قِيلَ: لِمَنْ؟ قَالَ: «لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ، وَلِرَسُولِهِ، وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ» . فَجَمَعَتْ هَذِهِ الْكَلِمَةُ كُلَّ خَيْرٍ يُبْتَغَى وَيُؤْمَرُ بِهِ، وَكُلَّ شَرٍّ يُتَّقَى وَيُنْهَى عَنْهُ، وَسَنَذْكُرُ تَفْسِيرَهَا بَعْدَ ذِكْرِ الْأَخْبَارِ فِيهَا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 681 طُرُقُ حَدِيثِ: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ» . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 681 747 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ، أنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ سُهَيْلًا، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَطَاءَ بْنَ يَزِيدَ اللَّيْثِيَّ، يُحَدِّثُ عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا الدِّينُ النَّصِيحَةُ» ، قَالُوا: لِمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «لِلَّهِ، وَلِرَسُولِهِ، وَلِكِتَابِهِ، وَأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ» الحديث: 747 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 681 748 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى، ثنا ابْنُ عَجْلَانَ، عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ لِمَنْ؟ قَالَ: «لِلَّهِ، وَلِكِتَابِهِ، وَلِرَسُولِهِ، وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ» [ص: 683] 749 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ، وَقَالَ: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ» ثَلَاثًا الحديث: 748 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 682 750 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أنا جَرِيرٌ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلَاثًا يَرْضَى لَكُمْ أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا، وَأَنْ تُنَاصِحُوا مَنْ وَلَّى اللَّهُ أَمَرَكُمْ» الحديث: 750 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 684 قَالَ سُهَيْلٌ: فَحَدَّثَنَا عِنْدَ ذَلِكَ عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ اللَّيْثِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ تَمِيمًا الدَّارِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّمَا الدِّينُ النَّصِيحَةَ إِنَّمَا الدِّينُ النَّصِيحَةَ» ثَلَاثًا، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لِمَنْ؟ قَالَ: «لِلَّهِ، وَلِكِتَابِهِ، وَلِرُسُلِهِ، وَأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ» أَوْ قَالَ: «أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ» قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَحَدِيثُ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنِ [ص: 685] الْقَعْقَاعِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ غَلَطٌ، إِنَّمَا حَدَّثَ أَبُو صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا الْحَدِيثِ: «إِنَّ اللَّهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلَاثًا» وَعَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ حَاضِرٌ ذَلِكَ، فَحَدَّثَهُمْ عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا الدِّينُ النَّصِيحَةُ» الجزء: 2 ¦ الصفحة: 684 751 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهَرَوِيُّ، ثنا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، سَمِعْتُ مِنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ، عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الدِّينَ النَّصِيحَةُ، إِنَّ الدِّينَ النَّصِيحَةُ، إِنَّ الدِّينَ النَّصِيحَةُ» قَالُوا: لِمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «لِلَّهِ، وَلِكِتَابِهِ وَلِنَبِيِّهِ، وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ» قَالَ سُفْيَانُ: كَانَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ أَخْبَرَنَا عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، فَلَقِيتُ سُهَيْلًا فَقُلْتُ: كَيْفَ كَانَ يُحَدِّثُهُ أَبُوكَ؟ قَالَ: أَنَا سَمِعْتُهُ مِمَّنْ كَانَ يَرْوِيهِ أَبِي عَنْهُ الحديث: 751 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 685 752 - حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، أنا خَالِدٌ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ اللَّهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلَاثًا، وَيَكْرَهُ لَكُمْ ثَلَاثًا يَرْضَى لَكُمْ أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا، وَأَنْ تُنَاصِحُوا مَنْ وَلَّى اللَّهُ أَمَرَكُمْ، وَيَكْرَهُ لَكُمْ: قِيلٌ وَقَالٌ، وَكَثْرَةُ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةُ الْمَالِ " الحديث: 752 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 686 753 - حَدَّثَنَا وَهْبٌ، أنا خَالِدٌ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الدِّينَ النَّصِيحَةُ، إِنَّ الدِّينَ النَّصِيحَةُ» قَالُوا: لِمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ» أَوْ قَالَ: «الْمُؤْمِنِينَ وَعَامَّتِهِمْ» الحديث: 753 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 686 754 - حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ زَنْجُوَيْهِ، ثنا ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ الْكِنَانِيِّ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مِقْسَمٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ الدِّينَ النَّصِيحَةُ، إِنَّ الدِّينَ النَّصِيحَةُ، إِنَّ الدِّينَ النَّصِيحَةُ» قَالُوا: لِمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «لِلَّهِ، وَلِكِتَابِهِ، وَلِرَسُولِهِ، وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ» الحديث: 754 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 686 755 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، أنا أَبُو صَالِحٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ، عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ، الدِّينُ النَّصِيحَةُ، الدِّينُ النَّصِيحَةُ» قَالُوا: لِمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «لِلَّهِ، وَلِكِتَابِهِ، وَلِرَسُولِهِ، وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ» الحديث: 755 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 687 756 - حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عِيسَى، أنا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا الدِّينُ النَّصِيحَةُ» قُلْنَا: لِمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «لِلَّهِ، وَلِرَسُولِهِ، وَلِكِتَابِهِ، وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ» حَدَّثَنَا الْبِسْطَامِيُّ، أنا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، ثنا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَنَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ الحديث: 756 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 687 758 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، ثنا هِشَامُ بْنُ زَيْدٍ، ثنا نَافِعٌ، وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ» قُلْنَا: لِمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «لِلَّهِ، وَلِرَسُولِهِ، وَلِكِتَابِهِ، وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ» الحديث: 758 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 688 759 - حَدَّثَنَا هَارُونُ الْبَزَّازُ، ثنا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، ثنا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «خَمْسٌ مَنْ جَاءَ بِهِنَّ لَمْ يُصَدَّ وَجْهُهُ عَنِ الْجَنَّةِ النُّصْحُ لِلَّهِ وَلِدِينِهِ، وَلِكِتَابِهِ، وَلِنَبِيِّهِ، وَلِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ» الحديث: 759 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 688 760 - حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، ثنا أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ، عَنْ أُمَيَّةَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي مُصَبَّحٍ الْحِمْصِيِّ، عَنْ ثَوْبَانَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رَأْسُ الدِّينِ النَّصِيحَةُ» قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ لِمَنْ؟ قَالَ: «لِلَّهِ، وَلِدِينِهِ، وَلِكِتَابِهِ، وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَلِلْمُسْلِمِينَ عَامَّةً» الحديث: 760 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 688 761 - حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، أنا خَالِدٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: «بَايَعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى إِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ» الحديث: 761 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 689 762 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ، أنا هُشَيْمٌ، أنا سَيَّارٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَرِيرٍ، قَالَ: «بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فَلَقَّنَنِي فِيمَا اسْتَطَعْتُ، وَالنُّصْحَ لِكُلِّ مُسْلِمٍ» الحديث: 762 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 689 763 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أنا سُفْيَانُ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: «بَايَعَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى النُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ فَإِنِّي لَكُمْ لَنَاصِحٌ» الحديث: 763 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 689 764 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أنا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ أَبِي نُخَيْلَةَ الْبَجَلِيِّ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: " أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَايَعْتُ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ابْسُطْ يَدَكَ أُبَايِعْكَ، وَأَشْرِطْ عَلَيَّ فَإِنَّكَ أَبْصَرُ بِالشَّرْطِ مِنِّي فَقَالَ: «تَعْبُدُ اللَّهَ، وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَتُنَاصِحُ الْمُسْلِمِينَ، وَتُفَارِقُ الشِّرْكَ» الحديث: 764 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 690 765 - حَدَّثَنَا هَارُونُ الْبَزَّازُ، ثنا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، ثنا الْمَسْعُودِيُّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُتْبَةَ، أَنَّ جَرِيرًا كَتَبَ إِلَى مُعَاوِيَةَ: «إِنِّي بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَأَمْسَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ وَأَشْرَطَ عَلَيَّ النُّصْحَ لِكُلِّ مُسْلِمٍ» الحديث: 765 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 691 جِمَاعُ تَفْسِيرِ النَّصِيحَةِ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: جِمَاعُ تَفْسِيرِ النَّصِيحَةِ هُوَ عِنَايَةُ الْقَلْبِ لِلْمَنْصُوحِ لَهُ مَنْ كَانَ، وَهِيَ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا فَرْضٌ، وَالْآخَرُ نَافِلَةٌ، فَالنَّصِيحَةُ الْمُفْتَرَضَةُ لِلَّهِ هِيَ شِدَّةُ الْعِنَايَةِ مِنَ النَّاصِحِ بِاتِّبَاعِ مَحَبَّةِ اللَّهِ فِي أَدَاءِ مَا افْتَرَضَ، وَمُجَانَبَةِ مَا حَرَّمَ، وَأَمَّا النَّصِيحَةُ الَّتِي هِيَ نَافِلَةٌ فَهِيَ إِيثَارُ مَحَبَّتِهِ عَلَى مَحَبَّةِ نَفْسِهِ، وَذَلِكَ أَنْ يَعْرِضَ أَمْرَانِ أَحَدُهُمَا لِنَفْسِهِ وَالْآخَرُ لِرَبِّهِ فَيَبْدَأُ بِمَا كَانَ لِرَبِّهِ، وَيُؤَخِّرُ مَا كَانَ لِنَفْسِهِ فَهَذِهِ جُمْلَةُ تَفْسِيرِ النَّصِيحَةِ لَهُ، الْفَرْضُ مِنْهُ، وَالنَّافِلَةُ وَكَذَلِكَ تَفْسِيرٌ سَنَذْكُرُ بَعْضَهُ لِيَفْهَمَ بِالتَّفْسِيرِ مَنْ لَا يَفْهَمَ الْجُمْلَةَ فَالْفَرْضُ مِنْهَا مُجَانَبَةُ نَهْيِهِ، وَإِقَامَةُ فَرَضِهِ بِجَمِيعِ جَوَارِحِهِ مَا كَانَ مُطِيعًا لَهُ، فَإِنْ عَجَزَ عَنِ الْقِيَامِ بِفَرْضِهِ لِآفَةٍ حَلَّتْ بِهِ مِنْ مَرَضٍ أَوْ حَبْسٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 691 أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، عَزَمَ عَلَى أَدَاءِ مَا افْتُرِضَ عَلَيْهِ مَتَى زَالَتْ عَنْهُ الْعِلَّةُ الْمَانِعَةُ لَهُ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ} [التوبة: 91] فَسَمَّاهُمْ مُحْسِنِينَ نَصِيحَتُهُمْ لِلَّهِ بِقُلُوبِهِمْ لَمَّا مُنِعُوا مِنَ الْجِهَادِ بِأَنْفُسِهِمْ، وَقَدْ يَرْفَعُ الْأَعْمَالَ كُلَّهَا عَنِ الْعَبْدِ فِي بَعْضِ الْحَالَاتِ، وَلَا يَرْفَعُ عَنْهُمُ النُّصْحَ لِلَّهِ لَوْ كَانَ مِنَ الْمَرَضِ بِحَالٍ لَا يُمْكِنُهُ عَمَلٌ بِشَيْءٍ مِنْ جَوَارِحِهِ بِلِسَانٍ وَلَا غَيْرِهِ، غَيْرَ أَنَّ عَقْلَهُ ثَابِتٌ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ النُّصْحَ لِلَّهِ بِقَلْبِهِ وَهُوَ أَنْ يَنْدَمَ عَلَى ذُنُوبِهِ، وَيَنْوِي إِنْ يَصِحَّ أَنْ يَقُومَ بِمَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَيَتَجَنَّبُ مَا نَهَاهُ عَنْهُ، وَإِلَّا كَانَ غَيْرَ نَاصِحٍ لِلَّهِ بِقَلْبِهِ، وَكَذَلِكَ النُّصْحُ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ فِيمَا أَوْجَبَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى أَمْرِ رَبِّهِ. وَمِنَ النُّصْحِ الْوَاجِبِ لِلَّهِ أَنْ لَا يَرْضَى بِمَعْصِيَةِ الْعَاصِي، وَيُحِبُّ طَاعَةَ مَنْ أَطَاعَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَأَمَّا النَّصِيحَةُ الَّتِي هِيَ نَافِلَةٌ لَا فَرْضٌ: فَبَذْلُ الْمَحْمُودِ بِإِيثَارِ اللَّهِ عَلَى كُلِّ مَحْبُوبٍ بِالْقَلْبِ، وَسَائِرِ الْجَوَارِحِ حَتَّى لَا يَكُونَ فِي النَّاصِحِ فَضْلًا عَنْ غَيْرِهِ لِأَنَّ النَّاصِحَ إِذَا اجْتَهَدَ لِمَنْ يَنْصَحُهُ لَمْ يُؤْثِرْ نَفْسَهُ عَلَيْهِ، وَقَامَ بِكُلِّ مَا كَانَ فِي الْقِيَامِ بِهِ سُرُورُهُ، وَمَحَبَّتُهُ فَكَذَلِكَ النَّاصِحُ لِرَبِّهِ، وَمَنْ تَنَفَّلَ لِلَّهِ بِدُونِ الِاجْتِهَادِ فَهُوَ نَاصِحٌ عَلَى قَدْرِ عَمَلِهِ غَيْرُ مُحِقٍّ لِلْنُصْحِ بِالْكَمَالِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 692 وَأَمَّا النَّصِيحَةُ لِكِتَابِ اللَّهِ فَشِدَّةُ حُبِّهِ وَتَعْظِيمُ قَدْرِهِ إِذْ هُوَ كَلَامُ الْخَالِقِ، وَشِدَّةُ الرَّغْبَةِ فِي فَهْمِهِ، ثُمَّ شِدَّةُ الْعِنَايَةِ فِي تَدَبُّرِهِ، وَالْوُقُوفِ عِنْدَ تِلَاوَتِهِ لِطَلَبِ مَعَانِي مَا أَحَبَّ مَوْلَاهُ أَنْ يَفْهَمَهُ عَنْهُ وَيَقُومُ لَهُ بِهِ بَعْدَ مَا يَفْهَمُهُ، وَكَذَلِكَ النَّاصِحُ مِنَ الْقَلْبِ يَتَفَهَّمُ وَصِيَّةَ مَنْ يَنْصَحُهُ وَإِنْ وَرَدَ عَلَيْهِ كِتَابٌ مِنْهُ عَنَى بِفَهْمِهِ لَيَقُومَ عَلَيْهِ بِمَا كَتَبَ بِهِ فِيهِ إِلَيْهِ، فَكَذَلِكَ النَّاصِحُ لِكِتَابِ اللَّهِ يَعْنِي يَفْهَمُهُ لَيَقُومَ لِلَّهِ بِمَا أَمَرَ بِهِ كَمَا يُحِبُّ وَيَرْضَى، ثُمَّ يَنْشُرُ مَا فَهِمَ مِنَ الْعِبَادِ وَيُدِيمُ دِرَاسَتَهُ بِالْمَحَبَّةِ لَهُ، وَالتَّخَلُّقِ بِأَخْلَاقِهِ وَالتَّأَدُّبِ بِآدَابِهِ. وَأَمَّا النَّصِيحَةُ لِلرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَيَاتِهِ فَبَذْلُ الْمَجْهُودِ فِي طَاعَتِهِ، وَنُصْرَتِهِ، وَمُعَاوَنَتِهِ، وَبَذْلُ الْمَالِ إِذَا أَرَادَهُ، وَالْمُسَارَعَةُ إِلَى مَحَبَّتِهِ، وَأَمَّا بَعْدَ وَفَاتِهِ فَالْعِنَايَةُ بِطَلَبِ سُنَّتِهِ، وَالْبَحْثِ عَنْ أَخْلَاقِهِ وَآدَابِهِ، وَتَعْظِيمِ أَمْرِهِ وَلُزُومِ الْقِيَامِ بِهِ، وَشِدَّةِ الْغَضَبِ وَالْإِعْرَاضِ عَنْ مَنْ يَدِينُ بِخِلَافِ سُنَّتِهِ، وَالْغَضَبِ عَلَى مَنْ ضَيَّعَهَا لِأَثَرَةِ دُنْيَا، وَإِنْ كَانَ مُتَدَيِّنًا بِهَا، وَحُبِّ مَنْ كَانَ مِنْهُ بِسَبِيلٍ مِنْ قَرَابَةٍ أَوْ صِهْرٍ أَوْ هِجْرَةٍ أَوْ نُصْرَةٍ أَوْ صُحْبَةِ سَاعَةٍ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ عَلَى الْإِسْلَامِ وَالتَّشَبُّهِ بِهِ فِي زِيِّهِ وَلِبَاسِهِ. وَأَمَّا النَّصِيحَةُ لِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ فَحُبُّ طَاعَتِهِمْ وَرُشْدِهِمْ، وَعَدْلِهِمْ، وَحُبُّ اجْتِمَاعِ الْأُمَّةِ كُلِّهِمْ وَكَرَاهِيَةُ افْتِرَاقِ الْأُمَّةِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 693 عَلَيْهِمْ، وَالتَّدَيُّنُ بِطَاعَتِهِمْ فِي طَاعَةِ اللَّهِ، وَالْبُغْضُ لِمَنْ رَأَى الْخُرُوجَ عَلَيْهِمْ وَحُبُّ إِعْزَازِهِمْ فِي طَاعَةِ اللَّهِ. وَأَمَّا النَّصِيحَةُ لِلْمُسْلِمِينَ: فَأَنْ يُحِبَّ لَهُمْ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ، وَيَكْرَهُ لَهُمْ مَا يَكْرَهُ لِنَفْسِهِ، وَيُشْفِقُ عَلَيْهِمْ وَيَرْحَمُ صَغِيرَهُمْ، وَيُوَقِّرُ كَبِيرَهُمْ، وَيَحْزَنُ لِحُزْنِهِمْ، وَيَفْرَحُ لِفَرَحِهِمْ، وَإِنْ ضَرَّهُ ذَلِكَ فِي دُنْيَاهُ كَرُخْصِ أَسْعَارِهِمْ، وَإِنْ كَانَ فِي ذَلِكَ رِبْحُ مَا يَبِيعُ مِنْ تِجَارَتِهِ، وَكَذَلِكَ جَمِيعُ مَا يَضُرُّهُمْ عَامَّةً وَيُحِبُّ صَلَاحَهُمْ، وَأُلْفَتَهُمْ، وَدَوَامَ النِّعَمِ عَلَيْهِمْ، وَنَصْرَهُمْ عَلَى عَدُوِّهِمْ، وَدَفْعَ كُلِّ أَذًى وَمَكْرُوهٍ عَنْهُمْ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ رَحِمَهُ اللَّهُ: فَهَذِهِ مَقَالَةُ مَنْ ذَهَبَ مِنْ أَصْحَابِنَا إِلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَرَادَ بِقَوْلِهِ لِجِبْرِيلَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا: «الْإِيمَانُ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ، وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ» الْإِيمَانَ الْكَامِلَ. قَالَ: وَقَوْلُهُ: «فَإِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ فَقَدْ آمَنْتَ» يُرِيدُ اسْتَكْمَلْتَ الْإِيمَانَ الْمُفْتَرَضَ كُلَّهُ، قَالُوا: وَذَلِكَ لَا تَكُونُ إِلَّا بِأَدَاءِ الْفَرَائِضِ، وَاجْتِنَابِ الْمَحَارِمِ وَاحْتَجُّوا بِالْأَخْبَارِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا، وَالْحُجَجِ الَّتِي قَدَّمْنَاهَا، قَالُوا: وَالْإِسْلَامُ هُوَ الْخِصَالُ الَّتِي ذُكِرَتْ فِي حَدِيثِ جِبْرِيلَ، وَجَعَلُوا الْإِيمَانَ دَرَجَةً فَوْقَ الْإِسْلَامِ. وَقَالَتْ جَمَاعَةٌ أُخْرَى مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ: إِنَّ مُرَادَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ: «أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ» كَمَالُ الْإِيمَانِ، وَلَكِنَّهُ أَرَادَ الدُّخُولَ فِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 694 الْإِيمَانِ الَّذِي يَخْرُجُ بِهِ مِنْ مِلَلِ الْكُفْرِ وَيَلْزَمُ مَنْ أَتَى بِهِ اسْمُ الْإِيمَانِ، وَحُكْمُهُ مِنْ غَيْرِ اسْتِكْمَالٍ مِنْهُ لِلْإِيمَانِ كُلِّهِ، وَهُوَ التَّصْدِيقُ الَّذِي عَنْهُ يَكُونُ سَائِرُ الْأَعْمَالِ، فَقَالُوا: قَالَ اللَّهُ: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [آل عمران: 19] وَقَالَ: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} [آل عمران: 85] وَقَالَ: {وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3] قَالُوا: فَالْإِسْلَامُ الَّذِي رَضِيَهُ اللَّهُ هُوَ الْإِيمَانُ، وَالْإِيمَانُ هُوَ الْإِسْلَامُ بِقَوْلِهِ: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} [آل عمران: 85] فَلَوْ كَانَ الْإِيمَانُ غَيْرَ الْإِسْلَامِ لَكَانَ مَنْ دَانَ اللَّهُ بِالْإِيمَانِ غَيْرَ مَقْبُولٍ مِنْهُ. قَالُوا: وَالْإِيمَانُ فِي اللُّغَةِ هُوَ التَّصْدِيقُ، وَالْإِسْلَامُ فِي اللُّغَةِ هُوَ الْخُضُوعُ، فَأَصْلُ الْإِيمَانِ هُوَ التَّصْدِيقُ بِاللَّهِ، وَمَا جَاءَ مِنْ عِنْدِهِ وَإِيَّاهُ أَرَادَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ: «الْإِيمَانُ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ» وَعَنْهُ يَكُونُ الْخُضُوعُ لِلَّهِ لِأَنَّهُ إِذَا صَدَّقَ بِاللَّهِ خَضَعَ لَهُ، وَإِذَا خَضَعَ أَطَاعَ فَالْخُضُوعُ عَنِ التَّصْدِيقِ، وَهُوَ أَصْلُ الْإِسْلَامِ وَمَعْنَى التَّصْدِيقِ هُوَ الْمَعْرِفَةُ بِاللَّهِ، وَالِاعْتِرَافُ لَهُ بِالرُّبُوبِيَّةِ بِوَعْدِهِ وَوَعِيدِهِ، وَوَاجِبِ حَقِّهِ، وَتَحْقِيقِ مَا صَدَّقَ بِهِ مِنَ الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ، وَالتَّحْقِيقُ فِي اللُّغَةِ تَصْدِيقُ الْأَصْلِ فَمِنَ التَّصْدِيقِ بِاللَّهِ يَكُونُ الْخُضُوعُ لِلَّهِ وَعَنِ الْخُضُوعِ تَكُونُ الطَّاعَاتُ، فَأَوَّلُ مَا يَكُونُ عَنْ خُضُوعِ الْقَلْبِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 695 لِلَّهِ الَّذِي أَوْجَبَهُ التَّصْدِيقُ مِنْ عَمَلِ الْجَوَارِحِ الْإِقْرَارُ بِاللِّسَانِ لِأَنَّهُ لَمَّا صَدَّقَ بِأَنَّ اللَّهَ رَبَّهُ خَضَعَ لِذَلِكَ الْعُبُودِيَّةِ مُخْلِصًا، ثُمَّ ابْتَدَأَ الْخُضُوعُ بِاللِّسَانِ، فَأَقَرَّ بِالْعُبُودِيَّةِ مُخْلِصًا كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِإِبْرَاهِيمَ: {أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ} [البقرة: 131] أَيْ أَخْلَصْتُ بِالْخُضُوعِ لَكَ. قَالُوا: وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ مَا وَصَفَ اللَّهُ عَنْ إِبْلِيسَ بِقَوْلِهِ: {خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ} [الأعراف: 12] ، وَقَوْلِهِ {فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} [ص: 82] فَأَخْبَرَ أَنَّهُ قَدْ عَرَفَ أَنَّ اللَّهَ قَدْ خَلَقَهُ، وَلَمْ يَخْضَعْ لِأَمْرِهِ فَيَسْجُدَ لِآدَمَ كَمَا أَمَرَهُ فَلَمْ يَنْفَعْهُ مَعْرِفَتُهُ إِذْ زَايَلَهُ الْخُضُوعُ، وَلَمْ تَكُنْ مَعْرِفَتُهُ إِيمَانًا إِذْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا خُضُوعٌ بِالطَّاعَةِ فَسَلَبَهُ اللَّهُ اسْمَ الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ إِذْ لَمْ يَخْضَعْ لَهُ فَيُطِيعُهُ بِالسُّجُودِ فَأَبَى وَعَانَدَ، وَلَوْ عَرَفَ اللَّهَ بِالْمَعْرِفَةِ الَّتِي هِيَ إِيمَانٌ لَخَضَعَ لِجَلَالِهِ، وَانْقَادَ لِطَاعَتِهِ، وَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ أَمْرَهُ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا شَهَادَةُ اللَّهِ عَلَى قُلُوبِ بَعْضِ الْيَهُودِ أَنَّهُمْ يَعْرِفُونَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ فَلَا أَحَدٌ أَصْدَقُ شَهَادَةً عَلَى مَا فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ اللَّهِ إِذْ يَقُولُ لِنَبِيِّهِ: {فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ} [البقرة: 89] وَقَالَ: {يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ} [البقرة: 146] وَقَالَ: {لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [البقرة: 146] فَشَهِدَ عَلَى قُلُوبِهِمْ بِأَنَّهَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 696 عَارِفَةٌ عَالِمَةٌ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثُمَّ أَكَفَرْتُمْ مَعَ ذَلِكَ، وَلَمْ يُوجِبْ لَهُمُ اسْمَ الْإِيمَانِ بِمَعْرِفَتِهِمْ، وَعِلْمِهِمْ بِالْحَقِّ إِذْ لَمْ يُقَارِنْ مَعْرِفَتَهُمُ التَّصْدِيقُ، وَالْخُضُوعُ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ بِالتَّصْدِيقِ لَهُ وَالطَّاعَةِ لِأَنَّ مَنْ صَدَّقَ خَضَعَ قَلْبُهُ وَمَنْ خَضَعَ قَلْبُهُ أَقَرَّ وَصَدَّقَ بِلِسَانِهِ وَأَطَاعَ بِجَوَارِحِهِ. وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَصْلَ الْإِسْلَامِ هُوَ الْخُضُوعُ فِي اللُّغَةِ قَوْلُ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا} [آل عمران: 83] أَيْ خَضَعَ لَهُ فَالْمُؤْمِنُ خَضَعَ بِالطَّوْعِ وَالتَّدَيُّنِ، وَالْكَافِرُ خَضَعَ بِالِاضْطِرَارِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ الْخُضُوعُ لِلَّهِ إِيمَانًا إِلَّا أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ اسْمَ الْإِسْلَامِ هُوَ الْخُضُوعُ وَعَلَى ذَلِكَ أُضِيفَتِ الْأَعْمَالُ إِلَى الْإِسْلَامِ وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ سَأَلَهُ جِبْرِيلُ مَا الْإِيمَانُ؟ فَقَالَ: «أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ» يَعْنِي أَنْ تُصَدِّقَ، وَقَالَ: مَا الْإِسْلَامُ؟ قَالَ: «شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» فَأَخْبَرَ أَنَّ الْإِسْلَامَ خُضُوعٌ بِالْإِقْرَارِ لِلْإِخْلَاصِ لِلَّهِ بِالرُّبُوبِيَّةِ، وَالْوَحْدَانِيَّةِ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ إِلَّا عَنْ خُضُوعِ الْقَلْبِ بِالتَّصْدِيقِ فَكُلُّ خُضُوعٍ عَنْ خُضُوعِ الْقَلْبِ فَهُوَ إِسْلَامٌ، وَكُلُّ خُضُوعٍ مِنَ الْقَلْبِ فَهُوَ مِنَ الْإِيمَانِ لِأَنَّ التَّصْدِيقَ كُلَّمَا ازْدَادَ صَاحِبُهُ تَصْدِيقًا، وَيَقِينًا، وَبَصِيرَةً ازْدَادَ إِجْلَالًا لِلَّهِ وَهَيْبَةً فَإِذَا ازْدَادَ إِجْلَالًا وَهَيْبَةً ازْدَادَ خُضُوعًا وَطُمَأْنِينَةَ قَلْبٍ إِلَى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 697 كُلِّ مَا قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى حَتَّى كَأَنْ لَمْ يُعَايِنْهُ، أَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِإِبْرَاهِيمَ: {أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} [البقرة: 260] فَأَخْبَرَ أَنَّهُ قَدْ صَدَّقَ وَأَرَادَ أَنْ يَزْدَادَ تَصْدِيقًا وَبَصِيرَةً وَيَقِينًا لِيَزْدَادَ قَلْبُهُ طُمَأْنِينَةً، فَلَمَّا عَايَنَ ذَلِكَ ازْدَادَ يَقِينًا وَطُمَأْنِينَةً مِنْ غَيْرِ شَكٍّ كَانَ مِنْهُ بِأَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْمَوْتَى، وَكَذَلِكَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ الْخَبَرُ كَالْمُعَايَنَةِ» . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 698 766 - حَدَّثَنَا بِذَلِكَ، عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ، أنا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَيْسَ الْخَبَرُ كَالْمُعَايَنَةِ.» قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: فَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ عَنِ الْقِيَامَةِ فَصَدَّقُوا، وَلَمْ يَشُكُّوا فَإِذَا عَايَنُوهَا كَانُوا بِهَا أَعْظَمَ إِيمَانًا وَيَقِينًا، وَلَمْ يَكُنْ يَدْخُلُهُمُ الشَّكُّ فِي دُنْيَاهُمْ قَبْلَ ذَلِكَ [ص: 699] وَلَكِنْ لَمَّا عَايَنُوا الْأَمْرَ عَظُمَ فِي قُلُوبِهِمْ أَكْثَرَ مِمَّا كَانُوا يُصَدِّقُونَ بِهِ فِي الْجُمْلَةِ حَتَّى ذَهِلَتْ عُقُولُ الرُّسُلِ فَمَنْ دُونَهُمْ، وَأَنَّ ذَلِكَ لَمَوْجُودٌ فِي فِطَرِنَا يَأْتِينَا الصَّادِقُ بِالْخَبَرِ بِأَنَّ حَبِيبَ أَحَدِنَا قَدْ مَاتَ فَنُصَدِّقُهُ وَنَسْتَثِيرُ مِنْهُ الْحُزْنَ ثُمَّ نُتَابِعُ الْأَخْبَارَ عَلَيْهِ، فَكُلُّ مَا أَخْبَرَهُ مُخْبِرٌ ازْدَادَ يَقِينًا وَتَصْدِيقًا مِنْ غَيْرِ شَكٍّ مِنْهُ فِي الْخَبَرِ الْأَوَّلِ فَإِذَا عَايَنَهُ امْتَلَأَ قَلْبُهُ يَقِينًا بِأَنَّهُ قَدْ مَاتَ، ثُمَّ أَثَارَ مِنْ قَلْبِهِ مِنَ الْحُزْنِ مَا لَمْ يَكُنْ مِنْ قَبْلُ حَتَّى كَأَنَّهُ كَانَ شَاكًّا فِي خَبَرِ الْمُخْبِرِينَ، فَكَذَلِكَ يَزْدَادُ الْعَبْدُ بَصِيرَةً وَيَقِينًا وَتَصْدِيقًا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ دَخَلَ فِي أَصْلِ تَصْدِيقِهِ شَكٌّ، وَعَنْ ذَلِكَ يَكُونُ الْإِجْلَالُ وَالْهَيْبَةُ، وَعَنِ الْإِجْلَالِ وَالْهَيْبَةِ يَزْدَادُ خُضُوعًا بِالطَّاعَةِ، وَمُسَارَعَةً إِلَى رِضَا طَلَبِ رِضَا الْمَوْلَى الحديث: 766 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 698 767 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، أنا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: وَأَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بُزُرْجٍ، سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي إِلَّا ضَعْفَ الْيَقِينِ» الحديث: 767 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 699 768 - قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَأَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَشِيطٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قَالَ: " مِنَ الْيَقِينِ يَقِينٌ تَجِدُهُ شَدِيدًا صَلْبًا لَا يُغَيِّرُهُ شَيْءٌ وَلَا يَشْرَكُهُ الشَّيْطَانُ، وَمِنَ الْيَقِينِ يَقِينٌ تَجِدُ فِيهِ ضَعْفًا قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَقَدْ جَامَعَتْنَا فِي هَذَا الْمُرْجِئَةُ كُلُّهَا عَلَى أَنَّ الْإِقْرَارَ بِاللِّسَانِ مِنَ الْإِيمَانِ إِلَّا فِرْقَةً مِنَ الْجَهْمِيَّةِ كَفَرَتْ عِنْدَنَا، وَعِنْدَ الْمُرْجِئَةِ بِزَعْمِهِمْ أَنَّ الْإِيمَانَ هُوَ الْمَعْرِفَةُ فَقَطْ بَعْدَ شَهَادَةِ اللَّهِ عَلَى قُلُوبِ مَنْ سَمَّاهُمْ كَافِرِينَ بِأَنَّهُمْ عَارِفُونَ فَضَادُّوا خَبَرَ اللَّهِ، وَسَمَّوُا الْجَاحِدَ بِلِسَانِهِ الْعَارِفَ بِقَلْبِهِ مُؤْمِنًا، وَأَقَرَّتِ الْمُرْجِئَةُ إِلَّا هَذِهِ الْفِرْقَةَ أَنَّ الْإِقْرَارَ مِنَ الْإِيمَانِ وَلَيْسَ هُوَ مِنْهُ عَمَلُ الْقَلْبِ، وَقَدْ تَتَابَعَتِ الْأَخْبَارُ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَنْ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ سَمَّى الْإِقْرَارَ بِاللِّسَانِ إِسْلَامًا كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [آل عمران: 19] فَجَعَلَ شَهَادَتَهُمْ دِينَ الْإِسْلَامِ، وَقَالَ لِإِبْرَاهِيمَ: {أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [البقرة: 131] وَقَالَ يَعْقُوبُ لِبَنِيهِ: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [البقرة: 132] [ص: 701] يَعْنِي مُخْلِصِينَ لِلَّهِ بِالْقَلْبِ وَاللِّسَانِ خُضُوعًا لَهُ بِالْعُبُودِيَّةِ، وَقَالَ جِبْرِيلُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا الْإِسْلَامُ؟ قَالَ: «شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» وَلَا يَمْتَنِعُ جَمِيعُ الْأُمَّةِ أَنْ يَقُولُوا لِلْكَافِرِ إِذَا أَقَرَّ بِلِسَانِهِ فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ قَدْ أَسْلَمَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ وَقَبْلَ أَنْ يَصُومَ فَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى يَدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا كَانَ بُدُوُّ إِسْلَامِهِ الشَّهَادَتَيْنِ، وَلَا تَدَافُعَ بَيْنَ أَهْلِ اللُّغَةِ فِي أَنْ يُسَمُّوا كُلَّ مَنْ شَهِدَ بِذَلِكَ مُسْلِمًا فِي وَقْتِهِ ذَلِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ وَقْتُ صَلَاةٍ وَلَا صَوْمٍ فَلمَا أَقَرَّتِ الْمُرْجِئَةُ بِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِاللِّسَانِ هُوَ إِيمَانٌ يَكْمُلُ بِهِ تَصْدِيقُ الْقَلْبِ وَلَا يَتِمُّ إِلَّا بِهِ ثُمَّ بَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى لَنَا وَالرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَوَّلُ الْإِسْلَامِ ثَبَتَ أَنَّ جَمِيعَ الْإِسْلَامِ مِنَ الْإِيمَانِ، فَإِنْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنَ الْإِسْلَامِ لَيْسَ مِنَ الْإِيمَانِ فَالْإِقْرَارُ الَّذِي هُوَ أَوَّلُ الْإِسْلَامِ لَيْسَ مِنَ الْإِيمَانِ فَبِإِيجَابِهِمْ أَنَّ أَوَّلَ الْإِسْلَامِ بِجَارِحَةِ اللِّسَانِ هُوَ مِنَ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ يَلْزَمُهُمْ أَنْ يَجْعَلُوا كُلَّمَا بَقَى مِنَ الْإِسْلَامِ مِنَ الْإِيمَانِ بَعْدَ مَا سَمَّى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَالرَّسُولُ الْإِقْرَارَ بِاللِّسَانِ إِيمَانًا، ثُمَّ شَهِدَتِ الْمُرْجِئَةُ أَنَّ الْإِقْرَارَ الَّذِي سَمَّاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِسْلَامًا هُوَ إِيمَانٌ فَمَا بَالُ سَائِرِ الْإِسْلَامِ [ص: 702] لَا يَكُونُ مِنَ الْإِيمَانِ فَهُوَ فِي الْأَخْبَارِ مِنَ الْإِيمَانِ، وَفِي اللُّغَةِ وَالْمَعْقُولِ كَذَلِكَ إِذْ هُوَ خُضُوعٌ بِالْإِخْلَاصِ إِلَّا أَنَّ لَهُ أَصْلًا وَفَرْعًا، فَأَصْلُهُ الْإِقْرَارُ بِالْقَلْبِ عَنِ الْمَعْرِفَةِ وَهُوَ الْخُضُوعُ لِلَّهِ بِالْعُبُودِيَّةِ، وَالْخُضُوعُ لَهُ بِالرُّبُوبِيَّةِ، وَكَذَلِكَ خُضُوعُ اللِّسَانِ بِالْإِقْرَارِ بِالْإِلَهِيَّةِ بِالْإِخْلَاصِ لَهُ مِنَ الْقَلْبِ وَاللِّسَانِ أَنَّهُ وَاحِدٌ لَا شَرِيكَ لَهُ، ثُمَّ فُرُوعُ هَذَيْنِ الْخُضُوعُ لَهُ بِأَدَاءِ الْفَرَائِضِ كُلِّهَا أَلَمْ تَسْمَعْ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْإِسْلَامُ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامُ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ» وَمَا عَدَا مِنَ الْفَرَائِضِ فَلِمَ جَعَلَتِ الْمُرْجِئَةُ الشَّهَادَةَ إِيمَانًا وَلَمْ تَجْعَلْ جَمِيعَ مَا جَعَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِسْلَامًا إِيمَانًا؟، وَكَيْفَ جَعَلَتْ بَعْضَ مَا سَمَّاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِسْلَامًا إِيمَانًا، وَلَمْ تَجْعَلْ جَمِيعَهُ إِيمَانًا، وَتَبْدَأُ بِأَصْلِهِ وَتُتْبِعُهُ بِفُرُوعِهِ، وَتَجْعَلُهُ كُلُّهُ إِيمَانًا؟ . قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: زَعَمَ بَعْضُ الْمُرْجِئَةِ أَنَّا إِذَا قُلْنَا: إِنَّ الْإِيمَانَ اسْمٌ لِجَمِيعِ الطَّاعَاتِ لَزِمَنَا أَنْ نُكَفِّرَ الْعَاصِي عِنْدَ أَوَّلِ مَعْصِيَةٍ يَفْعَلُهَا لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ إِنَّمَا يُسَمَّى إِيمَانًا لِاجْتِمَاعِ مَعَانِي، فَمَتَى مَا نَقَصَ مِنْ تِلْكَ الْمَعَانِي مِثْقَالُ خَرْدَلَةٍ زَالَ عَنْهُ الِاسْمُ، وَضَرَبُوا لِذَلِكَ مَثَلًا، فَقَالُوا: وَمَثَلُ ذَلِكَ مَثَلُ قَوْلِ الْقَائِلِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ، فَإِذَا نَقَصَ [ص: 703] دَانِقٌ لَمْ تُسَمَّ عَشْرَةً إِلَّا عَلَى النُّقْصَانِ فَإِنْ نَقَصَ دِرْهَمٌ لَمْ تُسَمَّ عَشَرَةً أَبَدًا. فَقِيلَ لَهُمْ إِنَّكُمْ ضَرَبْتُمُ الْمَثَلَ عَلَى غَيْرِ أَصْلٍ وَقَدْ غَلَطْتُمْ عَلَيْنَا، وَلَمْ تَفْهَمُوا مَعْنَانَا، وَذَلِكَ أَنَّا نَقُولُ إِنَّ الْإِيمَانَ أَصْلٌ مَنْ نَقَصَ مِنْهُ مِثَالُ ذَرَّةٍ زَالَ عَنْهُ اسْمُ الْإِيمَانِ، وَمَنْ لَمْ يَنْقُصْ مِنْهُ لَمْ يَزُلْ عَنْهُ اسْمُ الْإِيمَانِ، وَلَكِنَّهُ يَزْدَادُ بَعْدَهُ إِيمَانًا إِلَى إِيمَانِهِ، فَإِنْ نَقَصَتِ الزِّيَادَةُ الَّتِي بَعْدَ الْأَصْلِ لَمْ يَنْقُصِ الْأَصْلُ الَّذِي هُوَ إِقْرَارٌ بِأَنَّ اللَّهَ حَقٌّ وَمَا قَالَهُ صِدْقٌ لِأَنَّ النَّقْصَ مِنْ ذَلِكَ شَكٌّ فِي اللَّهِ أَحَقٌّ هُوَ أَمْ لَا، وَفِي قَوْلِهِ أَصِدْقٌ هُوَ أَمْ كَذِبٌ؟ وَنَقْصٌ مِنْ فُرُوعِهِ وَذَلِكَ كَنَخْلَةٍ قَائِمَةٍ ذَاتِ أَغْصَانٍ وَوَرَقٍ فَكُلَّمَا قُطِعَ مِنْهَا غُصْنٌ لَمْ يَزُلْ عَنْهَا اسْمُ الشَّجَرَةِ وَكَانَتْ دُونَ مَا كَانَتْ عَلَيْهِ مِنَ الْكَمَالِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقَلِبَ اسْمُهَا إِلَّا أَنَّهَا شَجَرَةٌ نَاقِصَةٌ مِنْ أَغْصَانِهَا وَغَيْرِهَا مِنَ النَّخْلِ مِنْ أَشْكَالِهَا أَكْمَلُ مِنْهَا لِتَمَامِهَا بِسَعَفِهَا وَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ} [إبراهيم: 24] الْآيَةَ، فَجَعَلَهَا مَثَلًا لَكَلِمَةِ الْإِيمَانِ، وَجَعَلَ لَهَا أَصْلًا وَفَرْعًا وَثَمَرًا تُؤْتِيهِ، فَسَأَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ عَنْ مَعْنَى هَذَا الْمَثَلِ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَوَقَعُوا فِي شَجَرِ الْبَوَادِي، قَالَ ابْنُ عُمَرَ [ص: 704] : فَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ فَاسْتَحْيَيْتُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هِيَ النَّخْلَةُ» الحديث: 768 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 700 769 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، أنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةً لَا يَسْقُطُ وَرَقُهَا فَإِنَّهَا مَثَلٌ لِلْمُسْلِمِ فَحَدِّثُونِي مَا هِيَ؟» فَوَقَعَ النَّاسُ فِي شَجَرِ الْبَوَادِي قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: وَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ فَاسْتَحْيَيْتُ، ثُمَّ قَالُوا: حَدِّثْنَا مَا هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «هِيَ النَّخْلَةُ» الحديث: 769 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 704 770 - حَدَّثَنَا أَبُو قُدَامَةَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَخْبِرُونِي عَنْ شَجَرَةٍ هِيَ مَثَلُ الْمُسْلِمِ تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا لَا يَتَحَاتُّ وَرَقُهَا» قَالَ: فَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ، فَكَرِهْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ، وَثَمَّ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرَ فَلَمَّا لَمْ يَتَكَلَّمُوا، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هِيَ النَّخْلَةُ» فَلَمَّا رَجَعْتُ مَعَ أَبِي [ص: 705] قُلْتُ: يَا أَبَتَاهُ وَقَعَتْ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ قَالَ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَقُولَهَا لَوْ كُنْتَ قُلْتَهَا كَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ كَذَا وَكَذَا قُلْتُ: مَنَعَنِي أَنْ أَتَكَلَّمَ أَنِّي لَمْ أَرَكَ، وَلَا أَبَا بَكْرٍ تَكَلَّمْتُمَا فَكَرِهْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ وَلَمْ تُكَلِّمَا " الحديث: 770 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 704 771 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ النَّرْسِيُّ، ثنا حَمَّادُ بْنُ شُعَيْبٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: أَتَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِجُمَّارٍ فَقَالَ: «إِنَّ مِنَ الشَّجَرَةِ مَا بَرَكَتُهُ كَبَرَكَةِ الْمُسْلِمِ» قَالَ: فَأَرَدْتُ أَنْ أَقُولَ هِيَ النَّخْلَةُ فَنَظَرْتُ فَإِذَا أَنَا عَاشِرُ عَشْرَةٍ وَكَرِهْتُ أَنْ أَقُولَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هِيَ النَّخْلَةُ» الحديث: 771 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 705 حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَسَنِ الْعَلَّافُ، ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ [ص: 706] أَبِي بِشْرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَأْكُلُ جُمَّارَ نَخْلٍ، فَقَالَ: " إِنَّ مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةً كَالرَّجُلِ الْمُؤْمِنِ وَأَرَدْتُ أَنْ أَقُولَ هِيَ النَّخْلَةُ فَنَظَرْتُ فِي وُجُوهِ الْقَوْمِ فَإِذَا أَنَا أَحَدَثُهُمْ، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هِيَ النَّخْلَةُ» الجزء: 2 ¦ الصفحة: 705 773 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ حِسَابٍ، ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، ثنا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا لِأَصْحَابِهِ: «أَخْبِرُونِي عَنْ شَجَرَةٍ مَثَلُهَا مَثَلُ الْمُؤْمِنِ» فَجَعَلَ الْقَوْمُ يَذْكُرُونَ شَجَرًا مِنْ شَجَرِ الْبَوَادِي، قَالَ ابْنُ عُمَرَ: وَأُلْقِيَ فِي نَفْسِي أَوْ رُوعِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ فَجَعَلْتُ أُرِيدُ أَنْ أَقُولَهَا فَأَرَى أَسْنَانَ الْقَوْمِ فَأَهَابُ أَنْ أَتَكَلَّمَ فَلَمَّا سَكَتُوا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هِيَ النَّخْلَةُ» قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: ثُمَّ فَسَّرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسُنَّتِهِ الْإِيمَانَ إِذْ فُهِمَ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِثْلَهُ فَأَخْبَرَ أَنَّ الْإِيمَانَ ذُو شُعَبٍ أَعْلَاهَا شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَجَعَلَ أَصْلَهُ الْإِقْرَارَ [ص: 707] بِالْقَلْبِ وَاللِّسَانِ، وَجَعَلَ شُعْبَةَ الْإِيمَانِ ثُمَّ جَعَلَ فِي غَيْرِ حَدِيثٍ الْأَعْمَالَ شُعَبًا مِنَ الْإِيمَانِ فَاسْتَعْجَمَ عَلَى الْمُرْجِئِ الْفَهْمُ فَضَرَبَ الْمَثَلَ بِخِلَافِ مَا ضَرَبَهُ اللَّهُ وَالرَّسُولُ، وَقَالَ: «مِثْلَ عَشْرَةِ دَرَاهِمَ» لِيُبْطِلَ سُنَّةَ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَجْعَلُ قَوْلَهُ هُوَ الْحَقُّ بِخِلَافِ الْآثَارِ، لِأَنَّ الَّذِي سَمَّى الْإِيمَانَ التَّصْدِيقَ هُوَ الَّذِي أَخْبَرَ أَنَّ الْإِيمَانَ ذُو شُعَبٍ فَمَنْ لَمْ يُسَمِّ الْأَعْمَالَ شُعَبًا كَمَا جَعَلَهُ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَمَا ضَرَبَ اللَّهُ الْمَثَلَ بِهِ فَقَدْ خَالَفَ سُنَّةَ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ صِفَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْإِيمَانِ فَيُؤْمِنُ بِبَعْضِهَا، وَيَكْفُرُ بِبَعْضِهَا لِأَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ سَأَلَهُ جِبْرِيلُ: مَا الْإِيمَانُ؟ قَالَ: «أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ» إِلَى آخِرِ الْقَوْلِ، ثُمَّ قَالَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ لِوَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ: «آمُرُكُمْ بِالْإِيمَانِ» ثُمَّ قَالَ: «أَتَدْرُونَ مَا الْإِيمَانُ بِاللَّهِ؟ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» فَبَدَأَ بِأَصْلِهِ، وَالشَّاهِدُ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ هُوَ الْمُصَدِّقُ الْمُقِرُّ بِقَلْبِهِ يَشْهَدُ بِهَا لِلَّهِ بِقَلْبِهِ وَلِسَانِهِ، يَبْتَدِئُ بِشَهَادَةِ قَلْبِهِ وَالْإِقْرَارِ بِهِ، ثُمَّ يُثَنِّي بِالشَّهَادَةِ بِلِسَانِهِ، وَالْإِقْرَارِ بِهِ كَمَا قَالَ مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَرْجِعُ بِهَا إِلَى الْقَلْبِ مُخْلِصًا يَعْنِي مُخْلِصًا بِالشَّهَادَةِ قَلْبُهُ لَيْسَ كَمَا شَهِدَتِ الْمُنَافِقُونَ إِذْ: {قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ} [المنافقون: 1] قَالَ اللَّهُ: {وَاللَّهُ [ص: 708] يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} [المنافقون: 1] ، فَلَمْ يُكَذِّبْ قُلُوبَهُمْ أَنَّهُ حَقٌّ فِي عَيْنِهِ، وَلَكِنْ كَذَّبَهُمْ مِنْ قَوْلِهِمْ، فَقَالَ: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ} [المنافقون: 1] أَيْ كَمَا قَالُوا، ثُمَّ قَالَ: {وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} [المنافقون: 1] فَكَذَّبَهُمْ مِنْ قَوْلِهِمْ لَا أَنَّهُمْ قَالُوا بِأَلْسِنَتِهِمْ بَاطِلًا وَلَا كَذِبًا، وَكَذَلِكَ حِينَ أَجَابَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جِبْرِيلَ بِقَوْلِهِ: «الْإِسْلَامُ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» لَمْ يُرِدْ شَهَادَةً بِاللِّسَانِ كَشَهَادَةِ الْمُنَافِقِينَ، وَلَكِنْ أَرَادَ شَهَادَةً بَدْؤُهَا مِنَ الْقَلْبِ بِالتَّصْدِيقِ بِاللَّهِ بِأَنَّهُ وَاحِدٌ. وَلَيْسَ هَذَا مِمَّا يُنْقِصُ قَوْلَهُ: «تُؤْمِنُ بِاللَّهِ» لِأَنَّهُ بَدَأَهُ بِأَوَّلِ الْإِيمَانِ فَقَالَ: أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ ثُمَّ تُقِرَّ بِقَلْبِكَ، وَلِسَانِكَ فَتَشْهَدُ لَهُ بِذَلِكَ، فَابْتَدَأَ الْإِسْلَامَ بِالشَّهَادَةِ، وَالْإِيمَانَ بِالتَّصْدِيقِ، وَهُمْ مُجَامِعُونَا أَنَّهُمَا جَمِيعًا إِيمَانٌ لَا يُفَرِّقُونَ بَيْنَ الشَّهَادَةِ الَّتِي جَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَّلَ الْإِسْلَامِ، وَبَيْنَ التَّصْدِيقِ الَّذِي سَمَّاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِسْلَامًا، فَهُمْ يَجْعَلُونَهُمَا جَمِيعًا إِيمَانًا فَمَا بَالُ مَا بَقِيَ لِمَا سَمَّاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِسْلَامًا لَا يَكُونُ إِيمَانًا كَيْفَ نَقَصُوهُ فَأَضَافُوا بَعْضَ الْإِسْلَامِ إِلَى الْإِيمَانِ، وَنَفَوْا بَاقِيهِ عَنِ الْإِيمَانِ، وَقَدْ سَمَّاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِسْلَامًا كُلَّهُ، ثُمَّ أَكَّدَ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ لِوَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ: «أَتَدْرُونَ مَا الْإِيمَانُ بِاللَّهِ وَحْدَهُ» يُنَبِّئُهُمْ [ص: 709] لِلْفَهْمِ عَنْهُ، ثُمَّ قَالَ: «شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» وَمَا ذَكَرَ مَعَهَا مِنَ الْإِيمَانِ ثُمَّ فَسَّرَ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فَقَالَ: «الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً» فَالْعَجَبُ لِمَنْ طَلَبَ الْحَدِيثَ مِنْهُمْ أَوْ سَمِعَ الْآثَارَ، وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْهَا كَيْفَ يَسْمَعُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَفَ الْإِيمَانَ بِصِفَاتٍ ثُمَّ يُفَرِّقُ بَيْنَهَا فَيُؤْمِنُ بِبَعْضِ صِفَاتِهِ وَيَجْحَدُ بَعْضًا، وَلَيْسَتِ التَّفْرِقَةُ بِالَّذِي يُزِيلُ الِاسْمَ لَأَنَّا قَدْ وَجَدْنَا اللَّهَ وَالرَّسُولَ يُفَرِّقَانِ الصِّفَةَ فِي أَشْيَاءَ، وَيُوجِبَانِ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَجْمَعُوهَا لِمَنْ سَمَّى بِهَا بِاسْمٍ وَاحِدٍ. مِنْ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ} [الحديد: 19] وَلَمْ يَذْكُرْ عَمَلًا. وَقَالَ: {وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ} [الحديد: 21] وَلَمْ يَذْكُرْ عَمَلًا. وَقَالَ: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} [الأنفال: 2] إِلَى قَوْلِهِ: {لَهُمْ دَرَجَاتٌ} [الأنفال: 4] فَذَكَرَ الْوَجَلَ، وَإِقَامَ الصَّلَاةِ، وَالْإِيمَانَ لِلَّهِ، وَالْإِنْفَاقَ لِلَّهِ، وَالتَّوَكُّلَ عَلَيْهِ، وَأَوْجَبَ لَهُمُ الْجَنَّةَ بِذَلِكَ [ص: 710] . وَقَالَ: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} [المؤمنون: 2] إِلَى قَوْلِهِ: {أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [المؤمنون: 10] فَأَوْجَبَ لَهُمُ الْجَنَّةَ بِالْأَعْمَالِ الَّتِي ذَكَرَهَا وَلَمْ يَذْكُرْ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْوَجَلَ، وَالتَّوَكُّلَ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْآيَةِ الَّتِي فِي الْأَنْفَالِ كُلَّ مَا ذَكَرَ فِي هَذِهِ مِنَ الْأَعْمَالِ. وَقَالَ: {وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا} [الأحزاب: 47] وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: {وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ} [الإسراء: 9] فَعَمَّ الْأَعْمَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ. وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ} [فاطر: 36] وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: {الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [النساء: 167] وَقَالَ: {وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} [فصلت: 6] وَقَالَ: {الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} [ص: 711] فَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّ الْكَافِرِينَ فِي النَّارِ وَإِنَّ لَمْ يُصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ. وَقَالَ: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ} [المدثر: 42] فَالْكَافِرُ فِي النَّارِ وَيَزْدَادُ عَذَابًا بِهَذِهِ الْأَفْعَالِ فَهَذِهِ صِفَاتُ أَهْلِ النَّارِ وَأَعْمَالُهُمْ، وَتِلْكَ صِفَاتُ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَإِنِ اخْتَلَفَتْ، فَكَذَلِكَ وَصَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْإِيمَانَ بِصِفَاتٍ فَكُلُّهَا صِفَاتُ الْإِيمَانِ، وَإِنِ اخْتَلَفَتْ فَلَوْ قَالَ قَائِلٌ: لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ أَحَدٌ إِلَّا مَنْ جَمَعَ هَذِهِ الْأَعْمَالَ كُلَّهَا أَوْ قَالَ: لَيْسَتْ هَذِهِ بِأَعْمَالٍ يَسْتَحِقُّ بِهَا الْجَنَّةَ لِأَنَّهُ قَدْ فَرَّقَهَا فَيَرْجِعْ إِلَى الْأَصْلِ يَشْهَدُ أَنَّ مَنْ صَدَّقَ بِاللَّهِ وَبِصِفَاتِهِ كُلِّهَا فَهُوَ فِي الْجَنَّةِ فَيَشْهَدُ بِالْأَصْلِ وَيَدَعُ الْفُرُوعَ لَكَانَ رَادًّا عَلَى اللَّهِ قَائِلًا بِغَيْرِ الْحَقِّ إِذَا اقْتَصَرَ عَلَى الْأَصْلِ وَأَلْقَى الْفُرُوعَ. فَكَذَلِكَ مَنْ شَهِدَ بِأَنَّ الْإِيمَانَ هُوَ الْأَصْلُ الَّذِي قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَلْقَى سَائِرَهُ فَلَمْ يَشْهَدْ أَنَّهُ إِيمَانٌ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ سَمَّى الْإِيمَانَ بِالْأَصْلِ وَبِالْفُرُوعِ وَهُوَ الْإِقْرَارُ وَالْأَعْمَالُ فَسَمَّاهُ فِي حَدِيثِ جِبْرِيلَ بِالتَّصْدِيقِ، وَسَمَّى الشَّهَادَةَ، وَالْقِيَامَ بِمَا أَسْمَى مِنَ الْفَرَائِضِ إِسْلَامًا وَسَمَّى [ص: 712] فِيمَا قَالَ لِوَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ الشَّهَادَةَ وَمَا سَمَّى مَعَهَا مِنَ الْفَرَائِضِ إِيمَانًا ثُمَّ فَسَّرَ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فَجَعَلَ أَصْلَ الْإِيمَانِ الشَّهَادَةَ، وَسَائِرَ الْأَعْمَالِ شُعَبًا ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّ الْإِيمَانَ يَكْمُلُ بَعْدَ أَصْلِهِ بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، فَقَالَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ: «أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا» فِي الْإِيمَانِ كَأَحْسَنِهِمْ خُلُقًا فَإِنَّهُ مُسَاوِيَةٌ فِي الْكَمَالِ فَقَدْ عَانَدَ سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَلَّبَ مَا شَهِدَ بِهِ بِأَحْسَنِ الْمُؤْمِنِينَ خُلُقًا فَجَعَلَهُ لِأَسْوَئِهِمْ خُلُقًا لَوْ كَانَ كَمَا قَالَ لَكَانَ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا لَا مَعْنَى لَهُ، وَهُوَ أَعْلَمُ بِاللَّهِ مِنْ ذَلِكَ، ثُمَّ حَدَّ الْإِيمَانَ فِي قُلُوبِ أَهْلِ النَّارِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَأَخْبَرَ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهُ يَقُولُ: «أَخْرِجُوا مَنْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ دِينَارٍ مِنْ إِيمَانٍ، مِثْقَالَ نِصْفِ دِينَارٍ مِثْقَالَ شَعِيرَةٍ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ مِثْقَالَ خَرْدَلَةٍ» . فَمَنْ زَعَمَ أَنَّ مَا كَانَ فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ الْإِيمَانِ مُسْتَوِيًا فِي الْوَزْنِ فَقَدْ عَارَضَ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالرَّدِّ وَمَنْ قَالَ: الَّذِي فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ لَيْسَ بِمُؤْمِنٍ وَلَا مُسْلِمٍ فَقَدْ رَدَّ عَلَى اللَّهِ وَعَلَى رَسُولِهِ إِذْ يَقُولُ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ مُؤْمِنَةٌ» فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ الْجَنَّةَ عَلَى الْكَافِرِينَ، وَقَدْ جَزَّأَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ الْإِيمَانِ بِالْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ، ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّ أَقَلَّهُمْ إِيمَانًا قَدْ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ [ص: 713] ، فَثَبَتَ لَهُ بِذَلِكَ اسْمُ الْإِيمَانِ، فَإِذَا كَانَ أَقَلُّهُمْ إِيمَانًا يَسْتَحِقُّ الِاسْمَ، وَالْآخَرُونَ أَكْثَرُ مِنْهُ إِيمَانًا دَلَّ ذَلِكَ أَنَّ لَهُ أَصْلًا وَفَرْعًا يَسْتَحِقُّ اسْمُهُ مَنْ يَأْتِي بِأَصْلِهِ وَيَتَأَوَّلُونَ فِي الزِّيَادَةِ بَعْدَ أَصْلِهِ فَتَرَكُوا أَنْ يَضْرِبُوا النَّخْلَةَ مَثَلًا لِلْإِيمَانِ مَثَلًا كَمَا ضَرَبَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَيَجْعَلُ الْإِيمَانَ لَهُ شُعَبًا كَمَا جَعَلَهُ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَشْهَدُوا بِالْأَصْلِ وَبِالْفُرُوعِ وَيَشْهَدُوا بِالزِّيَادَةِ إِذَا أَتَى بِالْأَعْمَالِ، كَمَا أَنَّ النَّخْلَةَ فُرُوعَهَا وَشُعَبَهَا أَكْمَلُ لَهَا وَهِيَ مُزْدَادَةٌ بَعْدَ مَا ثَبَتَ الْأَصْلُ شُعَبًا وَفَرْعًا، فَقَدْ كَانَ يَحِقُّ عَلَيْهِمْ أَنْ يُنْزِلُوا الْمُؤْمِنَ بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ فَيَشْهَدُوا لَهُ بِالْإِيمَانِ إِذْ أَتَى بِالْإِقْرَارِ بِالْقَلْبِ وَاللِّسَانِ وَيَشْهَدُوا لَهُ بِالزِّيَادَةِ كُلَّمَا ازْدَادَ عَمَلًا مِنَ الْأَعْمَالِ الَّتِي سَمَّاهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شُعَبًا لِلْإِيمَانِ، وَكَانَ كُلَّمَا ضَيَّعَ مِنْهَا شُعْبَةً عَلِمُوا أَنَّهُ مِنَ الْكَمَالِ أَنْقُصُ مِنْ غَيْرِهِ مِمَّنْ قَامَ بِهَا فَلَا يُزِيلُوا عَنْهُ اسْمَ الْإِيمَانِ حَتَّى يَزُولَ الْأَصْلُ، وَلَيْسَتِ الْعَشَرَةُ مِثْلَ الْإِيمَانِ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهَا أَصْلٌ إِلَّا كَالْفَرْعِ: الْعَاشِرُ دِرْهَمٌ، وَالْأَوَّلُ دِرْهَمٌ فَإِنَّمَا مَثَلُ أَصْلِهَا مَثَلُ الْفِضَّةِ، وَالْفِضَّةُ كَمَثَلِ التَّصْدِيقِ فَلَوْ كَانَتْ نَقْرَةٌ فِيهَا عَشْرَةٌ ثُمَّ نَقَصَتْ حَبَّةٌ لَسُمِّيَتْ فِضَّةً لِأَنَّ الْفِضَّةَ جَامِعٌ لِاسْمِهَا، قَلَّتْ أَمْ كَثُرَتْ لِأَنَّهَا أَصْلٌ قَائِمٌ أَبَدًا مَا دَامَ مِنْهَا شَيْءٌ وَلَيْسَتِ [ص: 714] الْعَشَرَةُ كَذَلِكَ لَيْسَ أَوَّلُهَا بِأَوْلَى مِنْ أَنْ يَكُونَ أَصْلًا لَهَا مِنْ آخِرِهَا لِأَنَّهَا أَجْزَاءٌ مُتَفَرِّقَةٌ فَكَمَا بُدِئَ بِالدِّرْهَمِ الْأَوَّلِ بِالْعَدَدِ فَيُجْعَلُ الْأَوَّلُ هُوَ الْعَاشِرُ فَلَيْسَ بَعْضُهَا بِأَحَقَّ بِأَنْ يَكُونَ أَصْلًا لِبَعْضٍ مِنَ الْآخَرِ إِنَّمَا أَصْلُهَا الْفِضَّةُ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَالْأَخْبَارُ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ الْإِيمَانَ وَالْإِسْلَامَ يَفْتَرِقَانِ لِأَنَّهُ دَلَّ عَلَى الْإِيمَانِ بِمَا دَلَّ عَلَى الْإِسْلَامِ، قَالَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ لِجِبْرِيلَ حِينَ سَأَلَهُ عَنِ الْإِسْلَامِ: الْإِسْلَامُ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ " وَمَا ذَكَرَ مَعَ الشَّهَادَتَيْنِ مِنَ الْفَرَائِضِ. وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: وَجَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ» ثُمَّ قَالَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ لِوَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ: «أَتَدْرُونَ مَا الْإِيمَانُ» فَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وَقَالَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ» فَسَمَّى الْإِسْلَامَ بِمَا سَمَّى بِهِ [ص: 715] الْإِيمَانَ، وَسَمَّى الْإِيمَانَ بِمَا سَمَّى بِهِ الْإِسْلَامَ وَمِمَّا يَزِيدُ ذَلِكَ بَيَانًا قَوْلُهُ: لَا يُؤْمِنُ مَنْ لَا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ وَقَالَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ: «الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ» وَالْبَوَائِقُ لَا تَكُونُ إِلَّا بِاللِّسَانِ، وَالْيَدِ فَسَمَّى الْإِيمَانَ بِمَا سَمَّى بِهِ الْإِسْلَامَ لِأَنَّ مَنْ أَمِنَ جَارُهُ بَوَائِقَهُ فَقَدْ سَلِمَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَمَنْ لَا يَسْلَمُ جَارُهُ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ لَا يَأْمَنُ بَوَائِقَهُ، وَقَالَ: «الْمُؤْمِنُ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ فَمَنْ سَلِمَ النَّاسُ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ أَمِنُوهُ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ» فَدَلَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسُنَّتِهِ عَلَى أَنَّ الْإِيمَانَ وَالْإِسْلَامَ لَا يَفْتَرِقَانِ، وَأَنَّ الْمُسْلِمَ هُوَ الْمُؤْمِنُ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ اسْمَيْنِ دَلَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ يَجْعَلُهُمَا مَعْنَيَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ وَمَنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا فَقَدْ عَارَضَ سُنَّةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالرَّدِّ إِلَّا أَنَّ أَحَدَهُمَا أَصْلٌ لِلْآخَرِ لَا يَنْفَكُّ أَحَدُهُمَا عَنِ الْآخَرِ لِأَنَّ أَصْلَ الْإِيمَانِ هُوَ التَّصْدِيقُ وَعَنْهُ يَكُونُ الْخُضُوعُ فَلَا يَكُونُ مُصَدِّقًا إِلَّا [ص: 716] خَاضِعًا وَلَا خَاضِعًا إِلَّا مُصَدِّقًا، وَعَنْهُمَا تَكُونُ الْأَعْمَالُ الَّتِي وَصَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْإِسْلَامَ وَتَسَمَّى مَنْ قَامَ بِهَا بِالْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ الحديث: 773 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 706 774 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ، عَنْ بِشْرِ بْنِ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي رَوْقٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: " {كَانَ أُمَّةً قَانِتًا} [النحل: 120] قَالَ: كَانَ عَلَى الْإِسْلَامِ وَهُوَ الْإِيمَانُ بِاللَّهِ وَلَمْ يَكُنْ فِي زَمَانِهِ فِي قَوْمِهِ أَحَدٌ عَلَى الْإِسْلَامِ غَيْرُهُ، فَلِذَلِكَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {كَانَ أُمَّةً قَانِتًا} [النحل: 120] قَالَ: كَانَ مُطِيعًا. " قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَمِنْ أَعْظَمِ حُجَجِ الْمُرْجِئَةِ الَّتِي يَقُولُونَ بِهَا عِنْدَ أَنْفُسِهِمُ: اللُّغَةُ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ زَعَمُوا أَنَّ الْإِيمَانَ لَا يُعْرَفُ فِي اللُّغَةِ إِلَّا بِالتَّصْدِيقِ، وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ التَّصْدِيقَ لَا يَكُونُ إِلَّا بِالْقَلْبِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَكُونُ إِلَّا بِالْقَلْبِ وَاللِّسَانِ، وَقَدْ وَجَدْنَا الْعَرَبَ فِي لُغَتِهَا تُسَمِّي كُلَّ عَمَلٍ حَقَّقَتْ بِهِ عَمَلَ الْقَلْبِ وَاللِّسَانِ تَصْدِيقًا فَيَقُولُ الْقَائِلُ [ص: 717] فُلَانٌ يَصْدُقُ فِعْلُهُ قَوْلَهُ يَعْنُونَ يُحَقِّقُ قَوْلَهُ بِفِعْلِهِ، وَيَصْدُقُ سَرِيرَتُهُ عَلَانِيَتَهُ، وَفُلَانٌ يَكْذِبُ فِعْلُهُ قَوْلَهُ، وَقَالَ الشَّاعِرُ: [البحر الخفيف] صَدِّقِ الْقَوْلَ بِالْفِعَالِ فَإِنِّي ... لَسْتُ أَرْضَى بِوَصْفِ قَالَ وَقِيلَ وَقَالَ كُثَيِّرٌ وَهُوَ يَمْدَحُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَحِمَهُ اللَّهُ: [البحر الطويل] وُلِّيتَ فَلَمْ تَشْتُمْ عَلِيًّا وَلَمْ تُخِفْ ... بَرِيئًا فَأَمْسَى سَاخِطًا كُلُّ مُجْرِمٍ وَقُلْتَ فَصَدَّقْتَ الَّذِي قُلْتَ بِالَّذِي ... فَعَلْتَ فَأَمْسَى رَاضِيًا كُلُّ مُسْلِمٍ . وَيَقُولُ الْعَرَبُ إِذَا حَمَلَ الرَّجُلُ عَلَى الْقَوْمِ فِي الْحَرْبِ فَلَمْ يَرْجِعْ قَالُوا: صَدَقَ الْحَمْلَةَ أَيْ حَقَّقَهَا أَيْ لَمْ يَقْتَصِرْ دُونَ أَنْ يَبْلَى، وَإِذَا رَجَعَ قِيلَ كَذَبَ الْحَمْلَةَ. وَيُقَالُ لِلْمُرْجِئَةِ أَخْبِرُونَا عَنِ الْآمِنِ مِنَ اللَّهِ حَتَّى [ص: 718] لَا يَخَافُهُ فِي حَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ فَلَا يَلْزَمُ قَلْبَهُ الْخَوْفُ أَيَكُونُ مُؤْمِنًا مَنْ كَانَ كَذَلِكَ؟ فَإِنْ قَالُوا: نَعَمْ قِيلَ لَهُمْ فَإِذَا زَعَمْتُمْ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ بِاللَّهِ أَنَّهُ الْجَلِيلُ الْعَظِيمُ فَإِنَّ الْقُدْرَةَ عَلَيْهِ نَافِذَةٌ وَأَنَّهُ عَظِيمُ الْغَضَبِ شَدِيدُ الْعِقَابِ، ثُمَّ هُوَ لَا يَخَافُهُ وَلَا يَهَابُهُ وَلَا يُجِلُّهُ فِي حَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ فَهَلْ فَرَّقَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ بَيْنَ مَنْ لَا هَيْبَةَ لَهُ، وَلَا إِجْلَالَ، وَلَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَيْهِ كَالْأَصْنَامِ إِذْ عَرَفَ أَنَّ الْأَصْنَامَ فِي أَنْفُسِهَا أَصْنَامٌ، وَعَرَفَ فِي نَفْسِهِ وَأَقَرَّ بِلِسَانِهِ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْإِلَهُ ثُمَّ لَمْ يَخَفْهُ وَلَمْ يُجِلَّهُ وَلَمْ يَهَبْهُ وَلَمْ يَرْجُهُ فِي مَعْنًى مِنَ الْمَعَانِي هَلْ جَعَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَصْنَامِ فَرْقًا فِي التَّصْدِيقِ بِهَا لِأَنَّهُ لَا يَعْمَلُ أَحَدٌ إِلَّا لِأَحَدِ أَمْرَيْنِ رَغْبَةٍ أَوْ رَهْبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَخَفْهُ وَلَمْ يَرْجُهُ فَقَدْ أَنْزَلَهُ مَنْزِلَةَ مَنْ لَا يَضُرُّ وَلَا يَنْفَعُ، وَمَنْ كَانَ كَذَلِكَ فَلَيْسَ بِأَهْلٍ أَنْ يُتَّقَى فَكَيْفَ يَكُونُ مُؤْمِنًا مَنْ سَوَّى بَيْنَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَبَيْنَ الْأَصْنَامِ الَّتِي لَا تُخَافُ وَلَا تُهَابُ وَلَا تُجَلُّ وَلَا تُرْهَبُ وَلَا تُرْجَأُ لِأَنَّهَا لَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ فَإِنْ قَالُوا: لَا يَكُونُ مُؤْمِنًا مَنْ كَانَ هَكَذَا، وَلَا يَكُونُ مُؤْمِنًا حَتَّى يَكُونَ لِلَّهِ خَائِفًا وَمُجِلًّا وَهَائِبًا قِيلَ لَهُمْ فَإِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مَنْ كَانَ كَذَلِكَ [ص: 719] مُؤْمِنًا، وَإِنَّمَا يُخْرِجُهُ مِنَ الْإِيمَانِ الْكُفْرُ فَقَدْ أَثْبَتُّمْ أَنَّ الْخَوْفَ إِيمَانٌ، وَالْأَمْنَ كُفْرٌ. فَإِنْ قَالُوا: إِنَّ الْخَوْفَ عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا إِيمَانٌ وَذَلِكَ خَوْفُ الْإِقْرَارِ وَهُوَ إِقْرَارٌ فِي غَيْبِهِ، وَذَلِكَ خَوْفُ يَقِينٍ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ} [الأنعام: 51] فَإِنَّمَا يَعْنِي أَنَّهُمْ مُؤْمِنُونَ، وَقَالَ: {إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا} [يونس: 7] يَعْنِي لَا يُؤْمِنُونَ، وَالْوَجْهُ الْآخَرُ مِنَ الْخَوْفِ هُوَ الْمُزْعِجُ عَنِ الْمَعَاصِي، وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنَ الْإِيمَانِ، وَلَكِنَّ الْإِيمَانَ سَبَبٌ لَهُ. قِيلَ لَهُمْ: أَمَّا وَاحِدَةٌ فَقَدْ خَرَجْتُمْ مِنَ اللُّغَةِ الَّتِي عَلَيْهَا اعْتَمَدْتُمْ لِأَنَّكُمْ لَمْ تَجِدُوا فِي اللُّغَةِ أَنَّ الْخَوْفَ إِيمَانٌ وَلَا أَنَّ الْأَمْنَ كُفْرٌ. وَالثَّانِيَةُ أَنَّهُ إِنْ كَانَ مَعْنَى الْخَوْفِ مِنَ اللَّهِ إِيمَانًا فَكُلُّ خَوْفٍ مِنَ اللَّهِ مُزْعِجًا عَنِ الْمَعَاصِي إِيمَانٌ، وَمَنْ لَمْ يَفْعَلِ الْخَوْفَ كُلَّهُ إِيمَانًا فَجَعَلَ أَوَّلَهُ إِيمَانًا، وَآخِرَهُ لَا إِيمَانَ فَقَدْ نَاقَضَ، لِأَنَّهُ جَائِزٌ أَنْ يَكُونَ تَصْدِيقٌ إِيمَانًا، وَتَصْدِيقٌ لَا إِيمَانَ فَكَمَا كَانَ كُلُّ تَصْدِيقٍ إِيمَانًا فَكَذَلِكَ كُلُّ خَوْفٍ إِيمَانٌ. فَإِنْ قَالُوا: إِنَّا لَا نَقُولُ إِنَّ الْخَوْفَ جُزْءٌ مِنَ الْإِيمَانِ [ص: 720] وَلَكِنَّا نَقُولُ: لَا يُفَارِقُ الْإِيمَانَ قِيلَ لَهُمْ إِنَّ قَوْلَكُمْ لَا يُفَارِقُ الْإِيمَانَ لَا يَخْلُو مِنْ وَجْهَيْنِ أَنْ تَكُونُوا تَعْنُونَ أَنَّهُ لَا يُفَارِقُ الْإِيمَانَ لِأَنَّهُ مِنَ الْإِيمَانِ أَوْ تَكُونُوا تَعْنُونَ الْإِيمَانَ لَا يَكُونُ إِيمَانًا إِلَّا بِهِ، فَكِلَا الْوَجْهَيْنِ يُثْبِتُ أَنَّهُ إِيمَانٌ لَازِمًا لَا يَكُونُ الْإِيمَانُ إِلَّا بِهِ فَهُوَ إِيمَانٌ فَإِنْ كَانَ جَائِزًا أَنْ يَكُونَ الْإِيمَانُ وَلَا يَكُونُ فَقَدْ أَثْبَتُّمْ أَنَّ الْمُؤْمِنَ يَسْتَوِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي قَلْبِهِ وَالْأَصْنَامُ الَّتِي لَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ. فَإِنْ قَالُوا: لَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَوِيَ ذَلِكَ فِي قَلْبِهِ. قِيلَ لَهُمْ: فَقَدْ ثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ الْخَوْفَ وَالْإِجْلَالَ وَالْهَيْبَةَ لِلَّهِ إِيمَانٌ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَصْنَامِ فَرْقٌ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: يُقَالُ لَهُمْ أَخْبِرُونَا عَنْ قَوْلِكُمْ إِنَّهُ لَا بُدَّ مِنَ الْخَوْفِ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَزَالَ عَنْ إِيمَانٍ، أَخْبِرُونَا إِذَا خَطَرَ بِقَلْبِهِ خَوَاطِرُ الشِّرْكِ مِنَ الْعَدُوِّ أَوْ حَاجَّ مَخْلُوقًا مِنَ النَّاسِ حَتَّى كَادَ يَزُولُ عَنْ إِيمَانِهِ، بِهَا يَنْفِي؟ فَإِنْ قَالُوا بِالْكَرَاهَةِ، قِيلَ: وَمَا الَّذِي يَبْعَثُهُ عَلَى الْكَرَاهَةِ؟ فَإِنْ قَالُوا: الْخَوْفُ، قِيلَ: خَوْفٌ مِنْ مَاذَا؟ [ص: 721] فَإِنْ قَالُوا: خَوْفٌ مِنَ اللَّهِ أَنْ يُشْرِكَ بِهِ، قِيلَ: فَلَوْلَا الْخَوْفُ وَالْكَرَاهَةُ لَقَبِلَ الشِّرْكَ، وَاعْتَقَدَهُ فَإِنَّمَا نَفَى الشِّرْكَ بِالْخَوْفِ وَالْكَرَاهَةِ. فَإِنْ قَالُوا: نَعَمْ قِيلَ لَهُمْ: وَلَا يُنْفَى الشَّيْءُ إِلَّا بِضِدِّهِ، وَقَدْ ثَبَتُّمْ أَنَّ الْكَرَاهَةَ لِلْكُفْرِ، وَالْخَوْفُ مِنَ اللَّهِ أَنْ يَقْبَلَهُ الْعَبْدُ إِيمَانٌ فَإِنَّهُ لَا يَنْفِي الْكُفْرَ إِلَّا بِالْإِيمَانِ وَقَدْ بَيَّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ بِسُنَّتِهِ الحديث: 774 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 716 775 - حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، أنا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: جَاءَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نَجِدُ فِي أَنْفُسِنَا الشَّيْءَ نَتَعَاظَمُ أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهِ؟ فَقَالَ: «أَوَقَدْ وَجَدْتُمُوهُ؟» قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: «ذَاكَ صَرِيحُ الْإِيمَانِ» الحديث: 775 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 721 776 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أنا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نَجِدُ فِي أَنْفُسِنَا شَيْئًا مَا نُحِبُّ أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهِ وَأَنَّ لَنَا مَا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ذَاكَ صَرِيحُ الْإِيمَانِ» الحديث: 776 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 721 777 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، أنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ بَعْضِ، أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: الرَّجُلُ مِنَّا يُحَدِّثُ نَفْسَهُ بِالشَّيْءِ لَأَنْ يَخِرَّ مِنَ السَّمَاءِ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يَفُوهَ بِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ذَاكَ صَرِيحُ الْإِيمَانِ» الحديث: 777 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 722 778 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أنا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، ثنا يَحْيَى بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِيَ يَقُولُ،: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: شَكَى أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَسْوَسَةَ فِي الصَّلَاةِ، فَقَالَ: «اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ قَدْ أَيِسَ عَدُوُّ اللَّهِ أَنْ يُعْبَدَ فَرَضِيَ مِنْكُمْ بِالْوَسْوَسَةِ هَذَا مَحْضُ الْإِيمَانِ» الحديث: 778 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 722 779 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، وَإِسْحَاقُ، قَالَا: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ ذَرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنَّ أَحَدَنَا يُحَدِّثُ نَفْسَهُ بِالشَّيْءِ يَعْرِضُ لَهُ لَأَنْ يَكُونَ حُمَمَةً أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي رَدَّ كَيْدَهُ إِلَى الْوَسْوَسَةِ» 780 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أنا أَبُو دَاوُدَ الْحَفَرِيُّ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ الحديث: 779 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 723 781 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، وَسُلَيْمَانَ، قَالَا: سَمِعْنَا ذَرًّا، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نُحَدِّثُ أَنْفُسَنَا بِالشَّيْءِ لَأَنْ يَكُونَ أَحَدُنَا حُمَمَةً أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمُ بِهِ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَقْدِرْ مِنْكُمْ إِلَّا عَلَى الْوَسْوَسَةِ، وَقَالَ الْآخَرُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي رَدَّ أَمْرَهُ إِلَى الْوَسْوَسَةِ " الحديث: 781 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 723 782 - حَدَّثَنِي أَبُو زُرْعَةَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْعَبْدِيُّ، ثنا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ شَهْرٍ، عَنْ خَالِهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهُمْ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَحَدَنَا لَيُحَدِّثُ نَفْسَهُ بِالشَّيْءِ مِنْ أَمْرِ الرَّبِّ عَزَّ وَجَلَّ لَأَنْ يَسْقُطَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ قَالَ: «وَقَدْ وَجَدْتُمُوهُ؟» قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: «ذَاكَ مَحْضُ الْإِيمَانِ» الحديث: 782 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 724 783 - قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ عَثَّامٍ، عَنْ سُعَيْرِ بْنِ الْخِمْسِ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْوَسْوَسَةِ فَقَالَ: «تِلْكَ صَرِيحُ الْإِيمَانِ» الحديث: 783 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 724 784 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يُوسُفَ الْقُرَشِيُّ أَبُو زَكَرِيَّا، ثنا عَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ الْمُهَلَّبِيُّ، عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا لَنُحَدِّثُ أَنْفُسَنَا بِأَشْيَاءَ لَأَنْ يَخِرَّ أَحَدُنَا مِنَ السَّمَاءِ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ؟ قَالَ: «ذَاكَ مَحْضُ الْإِيمَانِ» الحديث: 784 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 725 785 - حَدَّثَنَا أَبُو قُدَامَةَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ الْمَازِنِيِّ، عَنْ عَمِّهِ، أَنَّ النَّاسَ، سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْوَسْوَسَةِ الَّتِي يَجِدُهَا أَحَدُهُمْ لَأَنْ يَسْقُطَ مِنْ عِنْدِ الثُّرَيَّا أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ذَاكَ صَرِيحُ الْإِيمَانِ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْتِي الْعَبْدَ فِيمَا دُونَ [ص: 726] ذَلِكَ فَإِذَا عَصَمَ مِنْهُ وَقَعَ فِيمَا هُنَالِكَ» قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: لَيْسَ يَعْنِي أَنَّ الْوَسْوَسَةَ فِي نَفْسِهَا هِيَ صَرِيحُ الْإِيمَانِ، إِنَّمَا يَعْنِي مَا أَظْهَرُوا لَهُ مِنَ الْكَرَاهَةِ عَنِ الْخَوْفِ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، إِذِ اخْتَارُوا لِأَنْ يَخِرُّوا مِنَ السَّمَاءِ عَلَى أَنْ يَتَكَلَّمُوا بِهِ وَلَا تَطِيبُ نَفْسُ أَحَدٍ بِأَنْ تَخِرَّ مِنَ السَّمَاءِ وَأَنْ تَصِيرَ حُمَمَةً إِلَّا مِنْ شِدَّةِ الْخَوْفِ، فَذَلِكَ الْخَوْفُ هُوَ صَرِيحُ الْإِيمَانِ، لِأَنَّهُ إِذَا وَجَدَ الْوَسْوَسَةَ مِنْ طَرِيقِ الشِّرْكِ نَظَرَ إِلَى مَا أَعَدَّ اللَّهُ لِأَهْلِ الشِّرْكِ مِنَ الْعَذَابِ، وَطَابَتْ نَفْسُهُ أَنْ تَكُونَ حُمَمَةً لِأَنَّ مَنْ نَظَرَ إِلَى شَيْءٍ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ بِالْيَقِينِ كَانَ مَا دُونَهُ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَأَخَفُّ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَيُقَالُ لَهُمْ: أَمَّا قَوْلُكُمْ إِنَّ الْخَوْفَ عَلَى قِسْمَيْنِ: أَحَدُهُمَا يَقِينٌ، وَالْآخَرُ شَكٌّ، وَكَذَلِكَ الرَّجَاءُ، وَمَا كَانَ مِنْهُ يَقِينٌ فَهُوَ إِقْرَارٌ وَتَصْدِيقٌ، وَمَا كَانَ مِنْهُ شَكٌّ فَهُوَ طَاعَةٌ لَا إِيمَانَ فَقَدْ أَخْطَأْتُمْ عَلَى اللُّغَةِ أَيْنَ وَجَدْتُمُ الْخَوْفَ إِقْرَارًا فِي لُغَةٍ أَوْ تَصْدِيقًا؟ فَأَمَّا قَوْلُكُمْ: يَقِينٌ فَلَعَمْرِي إِنَّ الْيَقِينَ يُوجِبُ الْخَوْفَ، وَإِنَّ الْخَوْفَ الَّذِي هُوَ شَكٌّ مَا أَوْجَبَهُ إِلَّا الْيَقِينُ [ص: 727] لَوْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِأَنَّ اللَّهَ حَقٌّ وَأَنَّ لَهُ عَذَابًا يُعَذِّبُ بِهِ مَنْ عَصَاهُ، مَا خَافُوهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمُ فَإِنَّمَا أَوْجَبَ هَذَا الْيَقِينَ بِمَا يَخَافُ، وَكَذَلِكَ الرَّجَاءُ. فَأَمَّا قَوْلُهُ: {يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ} [الأنعام: 51] فَقَدْ أَيْقَنُوا بِالْحَشْرِ لَكِنَّهُمْ يَخَافُونَ مَا يَقَعُ فِي الْحَشْرِ فَخَوْفُهُمْ عَنْ يَقِينِ، وَلِذَلِكَ يَرْجُونَ لِقَاءَ رَبِّهِمْ عَنْ يَقِينِ، إِنَّمَا يَرْجُونَ أَنْ يَرْحَمَهُمْ عِنْدَ لِقَائِهِ لَا أَنَّ الْخَوْفَ فِي نَفْسِهِ يَقِينٌ، وَلَا أَنَّ الرَّجَاءَ يَقِينٌ، وَلَكِنَّهَا عَنْ يَقِينِ فَإِنْ سَمَّيْتُمُوهَا إِيمَانًا فَكَذَلِكَ كُلُّ خَوْفٍ وَرَجَاءٍ عَنْ يَقِينِ فَهُوَ إِيمَانٌ، وَلَوْ جَازَ مَا قُلْتُمْ لَجَازَ أَنْ يَكُونَ أَهْلُ النَّارِ يَخَافُونَ النَّارَ، وَهُمْ فِيهَا لِأَنَّهُمْ قَدْ أَيْقَنُوا بِالْعَذَابِ أَنَّهُ قَدْ وَقَعَ بِهِمْ، وَكَذَلِكَ أَهْلُ الْجَنَّةِ يَرْجُونَ الْجَنَّةَ وَهُمْ فِيهَا وَهَذَا خَطَأٌ فِي الْمَعْقُولِ وَاللُّغَةِ إِذَا وَقَعَ الْعَذَابُ زَالَ الْخَوْفُ، وَإِذَا وَقَعَ الظَّفَرُ زَالَ الرَّجَاءُ. لَوْ قَالَ قَائِلٌ: إِنِّي قَدْ أَرْجُو أَنْ يُنْجِزَ اللَّهُ وَعْدَهُ لَا يَذْهَبُ فِي ذَلِكَ إِلَى تَقْصِيرٍ مِنْ نَفْسِهِ لِأَنَّهُ إِنْ ذَهَبَ إِلَى تَقْصِيرٍ مِنْ نَفْسِهِ مِنْ أَجْلِ ذُنُوبِهِ وَقَعَ الشَّكُّ لِأَنَّهُ لَا يُسَاهِلُ الْوَعْدَ، وَإِنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّهُ يَرْجُو أَنَّ اللَّهَ يَفِي بِمَا قَالَ وَوَعَدَ فَقَدْ ذَهَبَ إِلَى أَمْرٍ عَظِيمٍ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ قَائِلٌ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُعَذِّبَ اللَّهُ فِرْعَوْنَ [ص: 728] ، وَإِنِّي أَرْجُو أَنْ يُدْخِلَ اللَّهُ مُحَمَّدًا الْجَنَّةَ لَكَانَ هَذَا حُمْقًا، يَسْتَعْمِلُ الْخَوْفَ فِيمَا قَدْ أَخْبَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهُ فَاعِلُهُ لَا مَحَالَةَ، وَكَذَلِكَ الرَّجَاءُ وَقَدْ بَيَّنَ أَنَّ الْخَوْفَ وَالرَّجَاءَ اللَّذَيْنِ سَمَّيْتُمُوهُمَا إِيمَانًا لَيْسَا يَقِينًا، وَلَكِنَّهُمَا إِشْفَاقٌ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَأَمَلٌ يَبْعَثَانِ عَلَى طَاعَتِهِ، وَيُزْعِجَانِ عَنْ مَعْصِيَتِهِ، وَكَذَلِكَ كُلُّ إِشْفَاقٍ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَمَلٍ لَهُ يَبْعَثَانِ عَلَى الطَّاعَةِ وَيُزْعِجَانِ عَنِ الْمَعْصِيَةِ لَا فُرْقَانَ بَيْنَ ذَلِكَ الحديث: 785 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 725 786 - حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ عَاصِمٍ الْأَنْطَاكِيَّ، يَقُولُ: «مَنْ كَانَ بِاللَّهِ أَعْرَفَ كَانَ مِنَ اللَّهِ أَخْوَفَ» ، قَالَ أَحْمَدُ: صَدَقَ وَاللَّهِ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَيُقَالُ لَهُمْ أَخْبِرُونَا عَنِ الْحُبِّ لِلَّهِ إِيمَانٌ هُوَ؟ فَإِنْ قَالُوا: لَا، قِيلَ لَهُمْ: فَمَا ضِدُّ الْحُبِّ؟ فَإِنْ قَالُوا: الْبُغْضُ، وَلَابُدَّ لَهُمْ مِنْ ذَلِكَ، قِيلَ لَهُمْ: فَالْبُغْضُ لِلَّهِ إِذًا لَيْسَ بِكُفْرٍ لِأَنَّ الْكُفْرَ ضِدُّ الْإِيمَانِ، وَمَا لَيْسَ بِكُفْرٍ لَيْسَ ضِدُّهُ إِيمَانًا لِأَنَّ اسْمَ [ص: 729] الطَّاعَةِ عِنْدَكُمْ يَجْمَعُ الْأَعْمَالَ كُلَّهَا الْمُفْتَرَضَةَ وَغَيْرِهَا فَاسْمُ الْإِيمَانِ طَاعَةٌ، وَضِدُّهُ مَعْصِيَةُ كُفْرٍ وَالْفَرَائِضُ طَاعَةٌ وَضِدُّهَا مَعْصِيَةٌ لَا كُفْرٌ، وَالنَّوَافِلُ طَاعَةٌ وَضِدُّهَا نَقْصٌ لَا مَعْصِيَةٌ وَلَا بُدَّ لَهُمْ مِنْ ذَلِكَ، قِيلَ لَهُمْ: فَالْبُغْضُ لِلَّهِ إِذًا لَيْسَ بِكُفْرٍ لِأَنَّ الْكُفْرَ ضِدُّ الْإِيمَانِ، وَمَا لَيْسَ بِكُفْرٍ لَيْسَ ضِدُّهُ إِيمَانًا لِأَنَّ اسْمَ الطَّاعَةِ عِنْدَكُمْ يَجْمَعُ الْأَعْمَالَ كُلَّهَا الْمُفْتَرَضَةَ وَغَيْرِهَا فَاسْمُ الْإِيمَانِ طَاعَةٌ، وَضِدُّهُ مَعْصِيَةُ كُفْرٍ وَالْفَرَائِضُ طَاعَةٌ وَضِدُّهَا مَعْصِيَةٌ لَا كُفْرٌ، وَالنَّوَافِلُ طَاعَةٌ وَضِدُّهَا نَقْصٌ لَا مَعْصِيَةٌ وَلَا كُفْرٌ، فَإِذَا كَانَ الْحَبُّ طَاعَةً لَا إِيمَانًا فَالْبُغْضُ لِلَّهِ مَعْصِيَةٌ لَا كُفْرٌ. فَإِنْ قَالُوا: لَيْسَ بُغْضُ اللَّهِ كُفْرًا فَقَدْ خَرَجُوا مِنْ قَوْلِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ، وَزَعَمُوا أَنَّ مَنْ أَبْغَضَ اللَّهَ كَانَ مُؤْمِنًا فَكُلُّ مُؤْمِنٍ وَإِنْ أَصَابَ الْمَعَاصِي فَهُمْ يَرْجُونَ لَهُ الْعَفْوَ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالرَّحْمَةَ فَمَنْ أَبْغَضَ لِلَّهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ يَرْجُونَ لَهُ أَنْ يَدْخُلَ جَنَّتَهُ وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: {يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [المائدة: 54] فَأَخْبَرَ أَنَّ أَوْلِيَاءَهُ لَهُ مُحِبُّونَ وَهُمْ يَرْجُونَ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَوْلِيَائِهِ مَنْ أَبْغَضَهُ بَعْدَ أَنْ يُقَرِّبَهُ وَبِمَا قَالَ. وَإِنْ قَالُوا: مَنْ أَبْغَضَ اللَّهَ فَهُوَ كَافِرٌ، قِيلَ لَهُمْ: فَقَدْ أَثْبَتُّمُ الْبُغْضَ كُفْرًا فَكَذَلِكَ الْحَبُّ إِيمَانٌ لِأَنَّ الْإِيمَانَ ضِدُّ الْكُفْرِ فَمَا نَفَى الْكُفْرَ فَهُوَ إِيمَانٌ وَمَا نَفَى الْإِيمَانَ فَهُوَ كُفْرٌ، فَإِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّ الْكُفْرَ يَنْفِي مَا لَيْسَ بِإِيمَانٍ فَإِنَّ الْإِيمَانَ يَنْفِي مَا لَيْسَ بِكُفْرٍ فَإِذَا كَانَ كَافِرًا بِبَعْضِ الْمَعَانِي ثُمَّ أَتَى بِالْإِيمَانِ لَمْ يَنْتِفِ مِنْهُ الْكُفْرَ وَكَانَ مُؤْمِنًا بَعْدَ الْكُفْرِ [ص: 730] ، وَكَذَلِكَ إِنْ أَتَى بِالْكُفْرِ لَمْ يَنْتِفِ مِنْهُ الْإِيمَانَ وَكَانَ كَافِرًا مُؤْمِنًا وَهَذَا التَّنَاقُضَ وَالْإِحَالَةَ لِأَنَّ الْإِيمَانَ فِي قَوْلِكُمْ لَا يَخْرُجُ الْمُؤْمِنُ مِنْهُ إِلَّا بِتَرْكِهِ وَلَا يَتْرُكُهُ إِلَّا بِأَخَفِّ ضِدِّهِ وَهُوَ الْكُفْرُ. فَإِنْ زَعَمُوا أَنَّ الْحُبَّ لِلَّهِ إِيمَانٌ وَالْبُغْضَ لَهُ كُفْرٌ قِيلَ لَهُمْ: فَقَدْ أَضَفْتُمْ إِلَى التَّصْدِيقِ وَالْإِقْرَارِ ثَالِثًا وَهُوَ حُبُّ اللَّهِ فَزَعَمْتُمْ أَنَّهُ إِيمَانٌ ثُمَّ أَزَلْتُمُ التَّصْدِيقَ وَالْإِقْرَارَ بِزَوَالِ الْحُبِّ فَقَدْ جَعَلْتُمُ الْحُبَّ تَصْدِيقًا وَإِقْرَارًا، وَالْبُغْضَ جَحْدًا لِأَنَّهُ لَا يُكَفِّرُ الْعَبْدَ إِلَّا بِالْجَحْدِ عِنْدَكُمْ، وَلَا يُؤْمِنُ إِلَّا بِالتَّصْدِيقِ وَقَدْ كَفَرَ بِالْبُغْضِ وَهُوَ جَحْدٌ عَلَى قَوْلِكُمْ، وَآمَنَ بِالْحُبِّ فَقَدْ ثَبَتَ عَلَى قَوْلِكُمْ إِنَّ الْحُبَّ تَصْدِيقٌ وَالْبُغْضَ جَحْدٌ فَقَدْ خَرَجْتُمْ مِنَ اللُّغَةِ وَالْمَعْقُولِ فَأَيْنَ اللُّغَةُ الَّتِي بِهَا اعْتَلَلْتُمْ؟ فَإِنْ قَالُوا: مُحَالٌ أَنْ يَعْرِفَ اللَّهَ فَلَا يَكُونُ لَهُ مُحِبًّا لِأَنَّهُ يُصَدِّقُ بِهِ بِمَعْرِفَتِهِ أَنَّهُ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ فَلَا يَمْتَنِعُ مِنْ حُبِّهِ وَلَا يَعْرِضُ فِي قَلْبِهِ الْبُغْضَ، وَذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي فِطَرِنَا إِنَّا نَعْرِفُ مِنْ دُونِ اللَّهِ بِالْقُدْرَةِ، وَالْحِلْمِ، وَالْكَرَمِ، وَالْجُودِ وَالتَّفَضُّلِ عَلَيْنَا، وَالْإِحْسَانِ إِلَيْنَا، وَالْعِلْمِ، وَالْحِكْمَةِ فِي نَفْسِهِ فَلَا تَمْتَنِعُ [ص: 731] قُلُوبُنَا أَنْ نُحِبَّ مَنْ كَانَ كَذَلِكَ، وَمُحَالٌ أَنْ يُسَاوِي اللَّهَ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِهِ فِي صِفَاتِهِ وَمَدْحِهِ فَإِذَا كَانَتْ فِطَرُنَا لَا يَمْتَنِعُ مِنْ حُبِّ مَنْ هُوَ دُونَ اللَّهِ مِنَ الْخَلْقِ إِذَا عَرَفْنَا بِبَعْضِ الْمَدْحِ وَكَانَ إِلَيْنَا مُحْسِنًا فَمُحَالٌ أَنْ يَمْتَنِعَ قَلْبُ مَنْ عَرَفَ اللَّهَ وَصَدَّقَ بِهِ وَأَنَّهُ الْمُحْسِنُ إِلَيْهِ وَأَنْ لَمْ يَصِلْ إِلَيْهِ إِحْسَانٌ قَطُّ إِلَّا مِنْهُ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ حُبِّهِ فَمَسْأَلَتُكُمْ إِيَّانَا مُحَالٌ إِذْ سَأَلْتُمُونَا عَنْ مَنْ أَبْغَضَ اللَّهَ وَصَدَّقَ بِهِ فَأَوْجَدْنَاكُمْ أَنَّ ذَلِكَ مُحَالٌ فَإِنَّ قَوْلَكُمْ صَدَقَ وَهُوَ مُبْغِضٌ مُتَنَاقِضٌ يَنْقُضُ بَعْضُهُ بَعْضًا كَأَنَّكُمْ قُلْتُمْ صَدَقَ وَهُوَ مُكَذِّبٌ لِأَنَّ الْبُغْضَ لَا يَكُونُ مِنْ مُكَذِّبٍ، وَمُحَالٌ أَنْ يَكُونَ الْبُغْضُ مِنْ مُصَدِّقٍ لِحَالَتَيْنِ إِحْدَاهُمَا أَنَّا لَمْ نَرَ وَلَمْ نَسْمَعْ مُؤْمِنًا كَذَلِكَ وَلَمْ نَجِدْهُ فِي فِطَرِ عُقُولِنَا أَنَّا لَا نَمْتَنِعُ مِنْ حُبِّ مَنْ أَحْسَنَ إِلَيْنَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي نَفْسِهِ أَهْلًا لِلْحُبِّ فَكَيْفَ مَنْ كَانَ فِي نَفْسِهِ أَهْلًا لِأَنْ يُحِبَّ بَلْ لَا تَمْتَنِعُ قُلُوبُنَا مِمَّنْ هُوَ أَهْلٌ أَنْ نُحِبَّ وَإِنْ لَمْ يُحْسِنْ إِلَيْنَا، بَلْ نَبْذُلَ لَهُ مِنْ أَمْوَالِنَا وَنُؤْثِرُهُ عَلَى أَنْفُسِنَا فَإِذَا اجْتَمَعَتْ فِيهِ الْخِصَالُ: الْكَرَمُ، وَالْعِلْمُ، وَالتُّقَى، وَالنَّزَاهَةُ مِنْ كُلِّ [ص: 732] مَكْرُوهٍ، وَكَانَ إِلَيْنَا مُحْسِنًا كَانَ حُبُّهُ فِي قُلُوبِنَا كَامِلًا لِمَا عَرَفْنَاهُ بِهِ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُسَاوِي اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فِي كَرَمِهِ وَجُودِهِ وَحِلْمِهِ وَعِلْمِهِ بَلْ لَا يُشْبِهُهُ أَحَدٌ، وَكُلُّ إِحْسَانٍ فَمِنْهُ وَإِنْ جَرَى عَلَى أَيْدِي الْخَلَائِقِ فَمُحَالٌ أَنْ يَجْتَمِعَ التَّصْدِيقُ لِلَّهِ وَالْبُغْضُ لَهُ، وَمُحَالٌ أَنْ يُزِيلَ التَّصْدِيقُ الْحُبَّ قِيلَ لَهُمْ إِنَّكُمْ أَجَبْتُمُونَا بِجَوَابٍ يَلْزَمُكُمْ فِي مَعْنَى جَوَابِكُمْ هَذَا أَنْ تَقُولُوا بِقَوْلِنَا قَدْ وَافَقْتُمُونَا مِنْ حَيْثُ لَا تَعْلَمُونَ لِأَنَّكُمْ وَصَفْتُمُ الْمَعْرِفَةَ وَالتَّصْدِيقَ ثُمَّ زَعَمْتُمْ أَنَّ الْعَارِفَ الْمُصَدِّقَ لَا يَمْتَنِعُ مِنَ الْحُبِّ لِلَّهِ وَتَرْكِ الْبُغْضِ لَهُ وَأَنَّ ذَلِكَ مِنَ الْإِيمَانِ فَجَعَلْتُمْ مَا يَكُونُ عَنِ التَّصْدِيقِ إِيمَانًا وَهَذَا الَّذِي خَالَفْتُمُونَا مِنْ أَجْلِهِ لِأَنَّكُمُ اعْتَلَلْتُمْ بِاللُّغَةِ، وَأَهْلُ اللُّغَةِ لَا يُسَمُّونَ الْحُبَّ تَصْدِيقًا وَلَا إِيمَانًا، وَلَا الْبُغْضَ كُفْرًا لِأَنَّ الْحُبَّ عَنِ التَّصْدِيقِ يَكُونُ، وَالْبُغْضَ عَنِ الْإِنْكَارِ وَالْجَحْدِ فَقَدْ أَضَفْتُمْ إِلَى الْإِيمَانِ مَا أَوْجَبَهُ الْإِيمَانُ وَكَانَ عَنْهُ وَكَذَلِكَ كُلَّمَا أَوْجَبَهُ الْإِيمَانُ وَكَانَ عَنْهُ فَهُوَ إِيمَانٌ لَا فَرْقَ بَيْنَ ذَلِكَ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّكَ إِذَا أَصْدَرْتَ اللُّغَةَ بِالْعِبَارَةِ عَنْهُمَا أَنَّهُمَا مُوجِبٌ لِلْآخَرِ عَرَفْتَ أَنَّ الْمَعْرِفَةَ مُتَقَدِّمَةٌ لِلْحُبِّ بِالْبُغْضِ [ص: 733] . قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ الْقَائِلِ عَرَفْتُ فُلَانًا بِالشَّرِّ وَالْإِسَاءَةِ فَأَبْغَضْتُهُ، وَعَرَفْتُ فُلَانًا بِالْكَرَمِ وَالْإِحْسَانِ فَأَحْبَبْتُهُ، وَلَا يَقُولُ الْعَرَبُ أَبْغَضْتُهُ وَعَرَفَتُهُ بِالْإِسَاءَةِ وَالشَّرِّ وَلَا أَحْبَبْتُهُ وَعَرَفَتْهُ بِالْخَيْرِ وَالْإِحْسَانِ هَذَا مُحَالٌ فِي لُغَتِهَا لِأَنَّ الْمَعْرِفَةَ تَتَقَدَّمُهَا وَلَيْسَتْ بِهَا فَقَدْ جَعَلْتُمْ مَا كَانَ الْإِيمَانُ سَبَبَهُ إِيمَانًا فَكَذَلِكَ كُلُّ مَا كَانَ الْإِيمَانُ سَبَبُهُ مِنْ عَمَلِ الْقَلْبِ أَوْ جَارِحِهِ فَهُوَ إِيمَانٌ وَقَدْ خَرَجْتُمْ مِنَ اللُّغَةِ الَّتِي بِهَا اعْتَلَلْتُمْ وَوَافَقْتُمْ مُخَالِفِيكُمْ فِي مَعْنَى الْجَوَابِ الَّذِي بِهِ أَجَبْتُمْ. فَإِنْ قُلْتُمْ إِنَّ الْمُبْغِضَ لَا يُبْغِضُ مُبْغِضًا إِلَّا لِخِصَالٍ ثَلَاثٍ إِمَّا لِمَعْرِفَتِهِ بِالشَّرِّ مِنْهُ، وَأَنَّهُ فِي نَفْسِهِ خَبِيثٌ يَسْتَحِقُّ الْبُغْضَ لِأَفْعَالِهِ الْخَبِيثَةِ وَلِطَبْعِهِ اللَّئِيمِ. وَالْخَصْلَةُ الثَّانِيَةُ أَنْ يَكُونَ وَإِنْ كَانَ لَيْسَ بِلَئِيمٍ فِي طَبْعِهِ قَدْ أَسَاءَ إِلَيْهِ، وَآذَاهُ وَظَلَمَهُ فَيُبْغِضُهُ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ أَوْ حَسَدَهُ فَيُوَرِّثُهُ الْحَسَدُ لَهُ الْبُغْضَ، وَمُحَالٌ أَنْ يَكُونَ الْمُؤْمِنُ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْخِصَالِ لِلَّهِ لِأَنَّهُ إِذَا اعْتَقَدَ أَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِكَرِيمٍ وَلَا يَسْتَحِقُّ الْمَدْحَ الْحَسَنَ فَقَدِ اعْتَقَدَ الْكُفْرَ وَلَمْ يَعْرِفْ، وَكَذَلِكَ إِنِ اعْتَقَدَ أَنَّهُ قَدْ ظَلَمَهُ وَجَارَ عَلَيْهِ فَهُوَ كَافِرٌ لَمْ يَعْرِفِ اللَّهَ لِأَنَّ الْجَائِرَ [ص: 734] الظَّالِمَ الْمُعْتَدِي هُوَ الْمُحْتَاجُ الْعَاجِزُ الْمَنْقُوصُ إِذَا احْتَاجَ إِلَى الظُّلْمِ لِأَنَّ الظُّلْمَ لَا يَكُونُ إِلَّا لَخَصْلَتَيْنِ اجْتِرَارُ مَنْفَعَةٍ أَوْ دَفَعُ مَضَرَّةٍ مِنْ شَيْءٍ عَنْهُ لَا يَمْلِكُهُ أَوْ دَفْعُ أَذَى مَنْ يَخَافُهُ مِمَّنْ ظَلَمَهُ فَيُبَادِرُهُ بِالظُّلْمِ بِأَنْ يَدْفَعُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَجَلَّ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَنْ هَذِهِ الصِّفَةِ فَمَنِ اعْتَقَدَ ذَلِكَ فَهُوَ كَافِرٌ، وَأَمَّا الْحَسَدُ فَإِنَّ الْعَبْدَ لَا يَحْسِدُ إِلَّا مَخْلُوقًا مِثْلَهُ يُقَاسُهُ عَلَيْهِ إِذْ صَارَ إِلَى خَيْرٍ مِنْ دِينٍ أَوْ دُنْيَا لَمْ يَصِلْ هُوَ إِلَيْهِ، أَوْ عَدَاوَةٌ مُتَقَدِّمَةٌ وَلَيْسَ الْخَلْقُ فِي الْإِلَهِيَّةِ مَعْنًى يُعَظِّمُونَ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَنَالُوا مِنْهَا بَلْ هُمْ مُضْطَرُّونَ إِلَى رَبِّهِمْ مَصْنُوعُونَ مُحْدَثُونَ فَالْحَسَدُ بَيْنَ الْخَلْقِ وَالْخَالِقِ خَارِجٌ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ، وَأَمَّا الْحَسَدُ عَنِ الْعَدَاوَةِ فَإِنَّ الْعَدَاوَةَ لِلَّهِ كُفْرٌ لِأَنَّ الْعَدَاوَةَ مُضَادَّةٌ وَمُعَانَدَةٌ وَذَلِكَ كُفْرٌ كُلُّهُ قِيلَ لَهُمْ إِنَّكُمْ قَدْ صَدَقْتُمْ فِي جَوَابِكُمْ أَنَّ الْبُغْضَ لَا يَكُونُ إِلَّا عَنْ ذَلِكَ وَأَشْبَاهِهِ فَلَمْ نَسْأَلْكُمْ عَنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ مَنْ أَنْزَلَ اللَّهَ بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ فَلَمْ يَعْرِفُهُ وَلَكِنْ سَأَلْنَاكُمْ عَنِ الْبُغْضِ الَّذِي أَوْجَبَتْهُ هَذِهِ الْخَلَّالُ الَّتِي هِيَ جَحْدٌ وَكُفْرٌ فَجَعَلْتُمُ الْبُغْضَ كُفْرًا وَلَيْسَ هَذِهِ الْخِلَالُ بِبُغْضٍ فِي عَيْنِهِ وَلَكِنَّ الْبُغْضَ عَنْهَا يَكُونُ وَهِيَ سَبَبٌ لِلْبُغْضِ فَقَدْ خَرَجْتُمْ مِنَ اللَّهِ، وَأَضَفْتُمْ إِلَى الْكُفْرِ عَلَى دَعْوَاكُمْ مَا [ص: 735] كَانَ الْكُفْرُ سَبَبًا لَهُ وَعَنْهُ لَا يَكُونُ هُوَ فِي عَيْنِهِ فَقَدْ وَافَقْتُمْ مُخَالِفِيكُمْ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَيَلْزَمُكُمْ أَيْضًا مَا ادَّعَيْتُمْ أَنْ كَانَ مَا أَوْجَبَهُ كُفْرًا فَكَذَلِكَ مَا أَوْجَبَتْهُ أَضْدَادُهَا إِيمَانٌ لِأَنَّ أَضْدَادَهَا مَعْرِفَةٌ بِاللَّهِ إِنَّهُ الْكَرِيمُ ذُو الْإِحْسَانِ وَالْجُودِ، وَإِنَّهُ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، وَإِنَّهُ الْعَادِلُ الَّذِي لَا يَجُورُ وَلَا يَظْلِمُ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ صِفَاتِهِ وَإِنَّهُ مُتَفَضِّلٌ عَلَى مَنْ أَرَادَ، وَعَادِلٌ عَلَى مَنْ يَسْتَحِقُّ الْعَدْلَ لَا يَنْصَرِفُ مِنْ عَدْلٍ إِلَى جَوْرٍ أَبَدًا فَهَذِهِ الْخِلَالُ الْمُوجِبَةُ لِلْحُبِّ لِلَّهِ فَكَذَلِكَ الْحَبُّ لِلَّهِ إِيمَانٌ بِهِ كَمَا كَانَ الْبُغْضُ كُفْرًا عَنِ الْكُفْرِ الَّذِي أَوْجَبَهُ لَا فُرْقَانَ بَيْنَ ذَلِكَ. فَإِنْ قَالُوا: فَإِنَّ الْحُبَّ لِلَّهِ لَيْسَ بِإِيمَانٍ، وَالْبُغْضَ لَهُ لَيْسَ بِكُفْرٍ وَلَكِنَّهُمَا خَلْقَانِ عَنِ الْكُفْرِ أَوِ الْإِيمَانِ وَلَا يَكُونُ الْبُغْضُ إِلَّا مِنْ كَافِرٍ وَلَا يَكُونُ الْحُبُّ إِلَّا مِنْ مُؤْمِنٍ. قِيلَ لَهُمْ: فَالْبُغْضُ لِلَّهِ لَيْسَ بِكُفْرٍ فِي عَيْنِهِ وَلَكِنَّهُ مَعْصِيَةٌ لَا كُفْرٌ فَمَنْ أَبْغَضَ اللَّهَ لَمْ يَكْفُرْ لِبُغْضِهِ. فَإِنْ قَالُوا: إِنَّهُ لَا يَكُونُ إِلَّا مِنْ كَافِرٍ. قِيلَ لَهُمْ: لَمْ نَسْأَلْكُمْ عَنْ مَا أَوْجَبَهُ وَلَا مِمَّنْ يَكُونُ وَلَكِنْ سَأَلْنَاكُمْ عَنِ الْبُغْضِ هَلْ هُوَ فِي عَيْنِهِ كُفْرٌ أَوْ غَيْرُ كُفْرٍ؟ [ص: 736] . فَإِنْ قَالُوا: لَيْسَ هُوَ فِي عَيْنِهِ كُفْرٌ. قِيلَ لَهُمْ: فَكُلُّ مَا لَيْسَ بِكُفْرٍ فَجَائِزٌ لِلَّهِ أَنْ يُبِيحَهُ لِأَنَّ كُلَّ مَعْصِيَةٍ سِوَى الْكُفْرِ فَجَائِزٌ أَنْ يُبِيحَهَا اللَّهُ فِي بَعْضِ الْأَزْمِنَةٍ، وَيُحِلَّهُ وَيَتَعَبَّدُ خَلْقَهُ بِمَا يَشَاءُ. فَإِنْ قَالُوا: لَيْسَتْ كُلُّ الْمَعَاصِي يَجُوزُ فِيهَا النَّسْخُ قِيلَ لَهُمْ: مِثْلُ مَاذَا؟ فَإِنْ قَالُوا: كَالظُّلْمِ مِنَ الْقَتْلِ وَغَيْرِهِ. قِيلَ لَهُمْ: قَدْ أَكْذَبَكُمُ الْكِتَابُ فَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ سَمَّى إِخْوَةَ يُوسُفَ عُصَاةً خَاطِئِينَ بِتَغَيُّبِهِمْ يُوسُفَ عَنْ أَبِيهِ، وَكَادَ لِيُوسُفَ عَنْ أَخِيهِ بِمَا احْتَالَ بِالْصُوَاعِ إِذْ دَسَّ الصُّوَاعَ فِي وِعَاءِ أَخِيهِ لِيَقْطَعَهُ عَنْهُمْ وَيَحْبِسَهُ عَنْ أَبِيهِ وَيَرْجِعُوا إِلَيْهِ، وَلَيْسَ هُوَ مَعَهُمْ فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [يوسف: 76] فَأَظْهَرَ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَدْ سَرَقَ وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ إِخْوَتِهِ وَحَبَسَهُ عَنْ أَبِيهِ فَازْدَادَ لِذَلِكَ حُزْنًا وَلَمْ يُسَمِّ اللَّهُ يُوسُفَ بِذَلِكَ عَاصِيًا بَلْ أَخْبَرَ أَنَّهُ وَلِيَ لَهُ كَيْدَ ذَلِكَ حَقٌّ لَهُ بِأَنْ [ص: 737] ضَمَّ أَخَاهُ، وَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْنَا أَنْ نَقْتُلَ أَنْفُسَنَا فَقَالَ: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا} [النساء: 30] فَحَرَّمَ عَلَيْنَا أَنْ نَقْتُلَ أَنْفُسَنَا، وَأَنْ يَقْتُلَ بَعْضُنَا بَعْضًا ثُمَّ أَخْبَرَنَا أَنَّهُ جَعَلَ تَوْبَةَ بَنِي إِسْرَائِيلَ الَّتِي يَغْفِرُ لَهُمْ بِهَا وَيَقْبَلُهُمْ قَتْلَ بَعْضِهِمْ بَعْضًا فَقَالَ: {تُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} الحديث: 786 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 728 787 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أنا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، ثنا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: " قَالُوا: يَا مُوسَى سَلْ رَبَّكَ: مَا تَوْبَتُنَا؟ فَسَأَلَ رَبَّهُ، فَقَالَ: تَوْبَتُهُمْ أَنْ يَقْتُلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، فَقَالُوا: هَذَا وَلَكِنْ أَمْرٌ أَهْوَنُ مِنْ هَذَا؟ فَقَالَ: مَا هُوَ غَيْرُهُ، فَقَتَلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِالْخَنَاجِرِ، مَا يُبَالِي الرَّجُلُ مَنْ قَتَلَ أَبَاهُ أَوِ ابْنَهُ أَوْ أَخَاهُ حَتَّى قُتِلَ سَبْعُونَ أَلْفًا، وَمُوسَى قَائِمٌ يَنْظُرُ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ أَنْ مُرْهُمْ أَنْ يَرْفَعُوا أَيْدِيَهُمْ فَقَدْ غُفِرَ لِمَنْ قُتِلَ، وَتُبْتُ عَلَى مَنْ بَقِيَ مِنْهُمْ فَكَفُّوا أَيْدِيَهُمْ " الحديث: 787 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 737 788 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، وَالزَّعْفَرَانِيُّ، قَالَا: أنا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: قَالَ لِي عَطَاءٌ: " {فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [البقرة: 54] سَمِعْتُ عُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ يَقُولُ: قَامَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ يَقْتُلُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِالْخَنَاجِرِ مَا يُبَالِي الرَّجُلُ قَتَلَ أَبَاهُ أَوْ قَتَلَ أَخَاهُ أَوْ قَتَلَ ابْنَهُ وَلَا أَحَدًا حَتَّى نَزَلَتِ التَّوْبَةُ " زَادَ إِسْحَاقُ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: فَأَخْبَرَنِي الْقَاسِمُ بْنُ أَبِي بَزَّةَ أَنَّهُ سَمِعَ مُجَاهِدًا وَسَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ قَالَا: «قَامَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ يَقْتُلُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِالْخَنَاجِرِ لَا يَحِنُّ رَجُلٌ عَلَى قَرِيبٍ وَلَا بَعِيدٍ حَتَّى أَلْوَى مُوسَى بِيَدِهِ فَطَرَحُوا مَا بِأَيْدِيهِمْ فَيُكْشَفُ عَنْ سَبْعِينَ أَلْفِ قَتِيلٍ» الحديث: 788 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 738 789 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى أَبِي قُرَّةَ فِي تَفْسِيرِ ابْنِ جُرَيْجٍ: " {تُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} كَانَ قَتَلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، إِنَّ اللَّهَ عَلِمَ أَنَّ نَاسًا مِنْهُمْ عَلِمُوا أَنَّ الْعِجْلَ بَاطِلٌ فَلَمْ يَمْنَعُهُمْ أَنْ يُنْكِرُوا إِلَّا مَخَافَةَ الْقِتَالِ، فَلِذَلِكَ أُمِرُوا أَنْ يَقْتُلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فَجَعَلَ اللَّهُ الْقَتْلَ لِمَنْ قُتِلَ مِنْهُمْ شَهَادَةً، وَكَانَ تَوْبَةً لِمَنْ بَقِيَ مِنْهُمْ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: بَلَغَ قَتْلُهُمْ سَبْعِينَ أَلْفًا، ثُمَّ رَفَعَ اللَّهُ الْقَتْلَ عَنْهُمْ، وَتَابَ عَلَيْهِمْ الحديث: 789 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 739 790 - حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمُ} [البقرة: 54] ابْتُلُوا - وَاللَّهِ - بِشَدِيدَةٍ مِنَ الْبَلَاءِ تَنَاحَرُوا بِالشِّفَارِ صَفَّيْنِ فَلَمَّا بَلَغَ مِنْهُمْ نِقْمَتَهُ سَقَطَتِ الشِّفَارُ مِنْ أَيْدِيهِمْ فَكَانَ لِلْمَقْتُولِ مِنْهُمْ شَهَادَةً وَلِلْحَيِّ تَوْبَةً " الحديث: 790 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 739 791 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، قَالَا: أنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أنا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، وَالزُّهْرِيِّ،: " {فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [البقرة: 54] قَالَ: قَامُوا صَفَّيْنِ فَقَتَلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا حَتَّى قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا. قَالَ قَتَادَةُ: فَكَانَتْ شَهَادَةً لِلْمَقْتُولِ، وَتَوْبَةً لِلْحَيِّ " الحديث: 791 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 739 792 - حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ يَحْيَى بْنُ خَلَفٍ، ثنا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عِيسَى، ثنا ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: " {بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ} [البقرة: 54] قَالَ: كَانَ مُوسَى أَمَرَ قَوْمَهُ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَنْ يَقْتُلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِالْخَنَاجِرِ فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَقْتُلُ أَبَاهُ وَيَقْتُلُ وَلَدَهُ فَتَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَالَ: وَالْعِجْلُ حُلِيُّ اسْتَعَارُوهُ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ فَقَالَ لَهُمْ هَارُونُ: أَحْرِقُوهُ فَأَحْرَقُوهُ، وَكَانَ السَّامِرِيُّ أَخَذَ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ فَرَسِ جِبْرِيلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ فَطَرَحَهَا فِيهِ فَانَسَبَكَ فَكَانَ لَهُ كَالْجَوْفِ تَهْوِي فِيهِ الرِّيحُ، فَقَالَ السَّامِرِيُّ: هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى ". 793 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أنا رَوْحٌ، ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ نَحْوَهُ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: فَإِنْ كَانَ الْبُغْضُ لَيْسَ بِكُفْرٍ فَجَائِزٌ [ص: 741] أَنْ يُبِيحَ اللَّهُ بُغْضَهُ لِمَنِ اعْتَقَدَ مَعْرِفَتَهُ. فَإِنْ قَالُوا: ذَلِكَ مُحَالٌ أَنْ يُفَارِقَ الْكُفْرُ الْبُغْضَ. قِيلَ لَهُمْ: وَكَذَلِكَ مُحَالٌ أَنْ يُفَارِقَ الْإِيمَانُ الْحُبَّ وَكَانَ عَزِيزًا أَنْ يُفَارِقَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، فَإِذَا لَمْ يَجُزْ أَنْ يُفَارِقَ الْبُغْضُ الْكُفْرَ، فَالْحُبُّ الْإِيمَانُ لَا غَيْرُهُ، وَالْبُغْضُ مِنَ الْكُفْرِ جُزْءٌ لَا غَيْرُهُ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَقَدْ زَعَمْتُمْ أَنَّ الْإِيمَانَ خَلَّتَانِ: الْمَعْرِفَةُ وَالْإِقْرَارُ ثُمَّ زَعَمْتُمْ أَنَّ الْعَارِفَ قَدْ يَعْرِفُ وَيَجْحَدُ، وَأَنَّ الْمَرْءَ قَدْ يُقِرُّ بِلِسَانِهِ وَيُنْكِرُ بِقَلْبِهِ، كَمَا وَصَفَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنِ الْمُنَافِقِينَ. فَإِنْ قَالَ مِنْهُمْ قَائِلٌ: لَيْسَ الْإِيمَانُ هُوَ الْمَعْرِفَةُ وَلَكِنَّهُ الْخُضُوعُ مَعَ الْمَعْرِفَةِ. قِيلَ لَهُمُ: الْمَسْأَلَةُ عَلَى حَالِهَا فِي الْخُضُوعِ كَالْمَسْأَلَةِ فِي الْحُبِّ إِذْ كَانَتِ الْمَعْرِفَةُ لَا يَكُونُ إِيمَانًا إِلَّا بِخُضُوعٍ، وَلَيْسَ الْخُضُوعُ هُوَ الْمَعْرِفَةُ وَقَدْ أَضَفْتُمُوهُ إِلَيْهَا فَكَذَلِكَ الْحُبُّ يَقُومُ بِالْخُضُوعِ، وَالْمَسْأَلَةُ عَلَى حَالِهَا وَلَوْ كَانَ الْحُبُّ لَيْسَ جُزْءًا مِنَ الْإِيمَانِ، وَلَا الْبُغْضُ جُزْءًا مِنَ الْكُفْرِ لَجَازَ أَنْ يَفْتَرِقَا فَيَكُونُ إِيمَانٌ بِلَا حُبٍّ، وَبُغْضٌ بِلَا كُفْرٍ، لِأَنَّكُمْ وَإِنِ ادَّعَيْتُمْ أَنَّ الْمَعْرِفَةَ لَا يَكُونُ إِيمَانًا إِلَّا [ص: 742] وَمَعَهَا خُضُوعٌ فَقَدْ زَعَمْتُمْ أَنَّ الْإِقْرَارَ يَكُونُ بِاللِّسَانِ لَيْسَ مَعَهُ مَعْرِفَةٌ وَلَا خُضُوعٌ، كَمَا وَصَفَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنِ الْمُنَافِقِينَ فَإِذَا كَانَ الْإِيمَانُ مَعْرِفَةً وَخُضُوعًا وإِقْرَارًا بِاللِّسَانِ، وَلَا يَتِمُّ الْمَعْرِفَةُ وَالْخُضُوعُ إِلَّا بِالْإِقْرَارِ بِاللِّسَانِ، وَالْإِقْرَارُ هُوَ إِيمَانٌ فِي عَيْنِهِ فَجَازَ أَنْ يُوجَدَ بَعْضُ الْإِيمَانِ فِي زَوَالِ بَعْضٍ فَكَذَلِكَ جَائِزٌ أَنْ يَزُولَ الْحُبُّ وَالْإِيمَانُ فِي الْقَلْبِ لِأَنَّ الْحُبَّ عَنِ الْإِيمَانِ، وَالْإِقْرَارُ فِي نَفْسِهِ إِيمَانٌ، وَكَمَا وُجِدَ إِقْرَارٌ بِلَا تَصْدِيقٍ فَكَذَلِكَ جَائِزٌ أَنْ يُوجَدَ تَصْدِيقٌ بِلَا حُبٍّ، فَإِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّ الْإِقْرَارَ فَرْعٌ مِنَ الْإِيمَانِ فَكَذَلِكَ الْحُبُّ فَرْعٌ مِنَ الْإِيمَانِ، وَكَمَا وُجِدَ فَرْعٌ بِلَا أَصْلٍ، فَجَائِزٌ أَنْ يُوجَدَ حُبٌّ بِلَا تَصْدِيقٍ. فَإِنْ قَالُوا: ذَلِكَ مُحَالٌ. قِيلَ لَهُمْ: فَقَدْ ثَبَتُّمْ أَنَّ الْحُبَّ لِلَّهِ أَوْجَبُ أَنْ يَكُونَ إِيمَانًا مِنَ الْإِقْرَارِ بِاللِّسَانِ إِذْ كَانَ الْإِقْرَارُ قَدْ يَنْفَرِدُ دُونَ التَّصْدِيقِ فَيَكُونُ إِقْرَارًا وَلَا تَصْدِيقٌ وَلَا يَنْفَرِدُ الْحُبُّ مِنَ الْإِيمَانِ، وَلَا يُفَارِقُهُ فَإِذَا كَانَ الْإِقْرَارُ يَنْفَرِدُ مِنَ التَّصْدِيقِ فَإِنْ يَقْدُمُهُ التَّصْدِيقُ صَارَ الْإِقْرَارُ إِيمَانًا، وَإِذَا انْفَرَدَ لَمْ يَصِرْ إِيمَانًا، فَالْحُبُّ أَوْلَى أَنْ يَكُونَ إِيمَانًا إِذْ لَا جَائِزَ أَنْ يَنْفَرِدَ مِنَ التَّصْدِيقِ، فَالْحُبُّ عَلَى دَعْوَاكُمْ أَوْكَدُ [ص: 743] مِنَ الْإِقْرَارِ بِاللِّسَانِ أَنْ يَكُونَ إِيمَانًا، وَكَذَلِكَ الْبُغْضُ أَوْكَدُ أَنْ يَكُونَ كُفْرًا، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ رَخَّصَ لِمَنْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ مِنَ الْعَدُوِّ أَنْ يُعْطِيَهُمُ الْجَحْدَ بِلِسَانِهِ فَيَكُونُ مُؤْمِنًا وَقَدْ أَتَى مَا يَجْحَدُ بِلِسَانِهِ وَبَقِيَ التَّصْدِيقُ فِي قَلْبِهِ، وَلَا يَكُونُ مُؤْمِنًا حَتَّى يُفَارِقَ الْبُغْضَ لِلَّهِ، وَقَدْ يَنْفَرِدُ الْجَحْدُ بِاللِّسَانِ عِنْدَ الرُّخْصَةِ مِنَ التَّصْدِيقِ فَلَا يَكُونُ كُفْرًا وَلَا يَنْفَرِدُ الْبُغْضُ مِنَ التَّصْدِيقِ إِلَّا كَانَ كُفْرًا نَاقِضًا لِلتَّصْدِيقِ فَالْجَحْدُ بِاللِّسَانِ لِلرُّخْصَةِ لَا يَنْقُضُ التَّصْدِيقَ، وَالْبُغْضُ لَا يَكُونُ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا إِلَّا كَانَ نَاقِضًا لِلتَّصْدِيقِ فَالْبُغْضُ أَوْلَى أَنْ يَكُونَ كُفْرًا فَقَدْ نَاقَضْتُمْ دَعْوَاكُمْ فِيهِ فِي دَعْوَاكُمْ مَعَ خُرُوجِكُمْ مِنْ قَوْلِ جَمِيعِ الْأُمَّةِ لِأَنَّ الْبُغْضَ لِلَّهِ فِي عَيْنِهِ لَيْسَ بِكُفْرٍ وَأَنَّ الْحُبَّ لَيْسَ بِإِيمَانٍ. فَإِنْ قَالُوا: الْحُبُّ لَيْسَ بِإِيمَانٍ، وَالْبُغْضُ كُفْرٌ لِأَنَّ الْبُغْضَ شَتْمٌ. قِيلَ لَهُمْ: وَكَذَلِكَ الْحُبُّ مَدْحٌ. فَإِنْ قَالُوا: إِنَّا قَدْ نُحِبُّ مَنْ يَسْتَأْهِلُ عِنْدَنَا وَلَا يَسْتَأْهِلُ، وَلَا نُبْغِضُ إِلَّا مَنْ يَسْتَأْهِلُ الْبُغْضَ فَالْبُغْضُ شَتْمٌ. قِيلَ لَهُمْ: وَكَذَلِكَ الْحُبُّ مَدْحٌ عَلَى قَوْلِكُمْ، وَلَا جَائِزٌ [ص: 744] لِلْعَاقِلِ أَنْ يُحِبَّ مَنْ لَا يَسْتَأْهِلُ الْحُبَّ فِي مَعْنًى مِنَ الْمَعَانِي، كَمَا لَا جَائِزَ أَنْ يُبْغِضَ إِلَّا مَنْ يَسْتَأْهِلُ الْبُغْضَ وَمَعَ ذَلِكَ إِنَّكُمْ قَدْ فَرَّقْتُمْ فَزَعَمْتُمْ أَنَّ اثْنَيْنِ مُتَضَادَّيْنِ أَحَدُهُمَا ضِدٌّ لِلْآخَرِ، وَأَحَدُهُمَا كُفْرٌ وَضِدُّهُ لَيْسَ بِإِيمَانٍ، فَإِذَا كَانَ قَدْ تَأْتِي بِالْحُبِّ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ مِنْهُ إِيمَانًا ضِدًّا لِلْكُفْرِ فَكَذَلِكَ جَائِزٌ أَنْ يَأْتِيَ بِالْبُغْضِ، وَلَا يَكُونُ الْإِيمَانُ يُخْرِجُهُ مِنْهُ فَإِنْ لَمْ يَجُزْ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْبُغْضُ كُفْرًا لَمْ يَجُزْ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْحُبُّ إِيمَانًا، لِأَنَّ الْإِيمَانَ ضِدُّهُ الْكُفْرُ وَأَحَدُهُمَا يَنْفِي الْآخَرَ فَإِذَا كَانَ الْبُغْضُ فِي عَيْنِهِ كُفْرًا يَنْفِي الْإِيمَانَ فَكَذَلِكَ الْحُبُّ فِي عَيْنِهِ إِيمَانٌ يَنْفِي الْكُفْرَ لَا فَرْقَ بَيْنَ ذَلِكَ عِنْدَ مَنْ يَفْهَمُ الْمَعْقُولَ وَيَعْقِلُ اللُّغَةَ. فَإِنْ قَالُوا: إِنَّ الْحُبَّ إِيمَانٌ، وَالْبُغْضَ كُفْرٌ. قِيلَ لَهُمْ: وَأَيْنَ وَجَدْتُمْ هَذَا فِي اللُّغَةِ أَنَّ الْحُبَّ تَصْدِيقٌ، وَأَنَّ الْبُغْضَ جَحْدٌ؟ فَإِنْ قَالُوا: وَإِنْ لَمْ نَجِدْهُ فِي اللُّغَةِ فَإِنَّ التَّصْدِيقَ لَا يُفَارِقُ الْحُبَّ وَلَا جَائِزٌ أَنْ يَكُونَ مُصَدِّقٌ إِلَّا مُحِبًّا، وَالْبُغْضُ لَا يُفَارِقُ الْكُفْرَ، وَلَا جَائِزَ أَنْ يَكُونَ مُبْغِضٌ إِلَّا كَافِرًا. قِيلَ لَهُمْ: فَقَدْ جَعَلْتُمْ مَا أَوْجَبَهُ الْإِيمَانُ إِيمَانًا، وَمَا [ص: 745] أَوْجَبَهُ الْكُفْرُ كُفْرًا، فَكَذَلِكَ كُلُّ مَا كَانَ عَنِ الْإِيمَانِ وَالْكُفْرِ، وَكَانَا سَبَبًا لَهُ فَهُوَ إِيمَانٌ أَوْ كُفْرٌ مِنْ عَمَلِ الْقَلْبِ وَالْجَوَارِحِ فَقَدْ خَرَجْتُمْ مِنَ اللُّغَةِ الَّتِي بِهَا اعْتَلَلْتُمْ، وَوَافَقْتُمْ مُخَالِفِيكُمْ فَإِنَّ الْفِرْقَةَ الَّتِي قَالَتْ: إِنَّ الْإِيمَانَ هُوَ الْخُضُوعُ مَعَ الْمَعْرِفَةِ فَكُلُّ خَاضِعٍ مُطِيعٌ. قِيلَ: وَأَيْنَ وَجَدْتُمُ الْخُضُوعَ فِي اللُّغَةِ إِيمَانًا؟ فَإِنْ قَالُوا: وَجَدْنَا اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى حَكَمَ لِمَنْ فَعَلَهُ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ، وَكَفَرَ مَنْ لَمْ يَخْضَعْ. قِيلَ لَهُمْ: فَلَمْ تَأْخُذُوا ذَلِكَ عَنِ اللُّغَةِ، وَإِنَّمَا أَخَذْتُمُوهُ عَنِ اللَّهِ فَإِنْ كَانَ الْخُضُوعُ مِنَ الْإِيمَانِ فَكُلُّ خُضُوعٍ إِيمَانٌ إِذَا اتَّبَعْتُمْ أَمْرَ اللَّهِ، وَخَرَجْتُمْ مِمَّا تَعْقِلُونَ مِنَ اللُّغَةِ فَالْخُضُوعُ بِالْقَلْبِ وَالْبَدَنِ أَلَا تَسْمَعُ إِلَى قَوْلِهِ: {فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ} [الشعراء: 4] فَثَبَتَ الْخُضُوعُ لِلْأَعْنَاقِ، فَحَيْثُ مَا يُوجَدْ خُضُوعٌ لِلَّهِ فَهُوَ إِيمَانٌ، وَحَيْثُ وُجِدَ إِبَاءٌ وَاسْتِكْبَارٌ أَوْ تَرْكٌ لِأَمْرِهِ فَهُوَ كُفْرٌ، فَالتَّرْكُ مَعَ الْإِبَاءِ كُفْرٌ كَمَا كَانَ الْفِعْلُ بِالْخُضُوعِ وَالْإِرَادَةِ إِيمَانًا، فَإِنْ كَانَتِ الْمُرْجِئَةُ إِنَّمَا قَالَتْ: إِنَّ الْإِقْرَارَ إِيمَانٌ مَعَ تَصْدِيقِ الْقَلْبِ لِأَنَّهُ تَحْقِيقٌ لِلتَّصْدِيقِ فَكَذَلِكَ عَمَلُ الْجَوَارِحِ كُلِّهَا لَوْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِرَجُلٍ: آمِنْ بِاللَّهِ وَاشْهَدْ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، أَوْ قَالَ: آمِنْ وَأَقِرَّ بِلِسَانِكَ، فَقَالَ [ص: 746] بِلِسَانِهِ: آمَنْتُ بِاللَّهِ مُعَبِّرًا عَمَّا فِي قَلْبِهِ لَكَانَ ذَلِكَ دَالًّا عَلَى تَحْقِيقِ مَا فِي قَلْبِهِ مِنَ الْمَعْرِفَةِ، وَإِنْ كَانَ اللَّهُ يَلِي عِلْمَ السَّرَائِرِ، كَذَلِكَ لَوْ قَالَ لِرَجُلٍ: آمِنْ بِاللَّهِ وَقُمْ فَصَلِّ فَبَادَرَ إِلَى الْوُضُوءِ فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى لَكَانَ ذَلِكَ مِنْهُ إِقْرَارًا، وَإِنْ لَمْ يُقِرَّ بِلِسَانِهِ، وَلَوْ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكَ أَنْ تُخْرِجَ مِنْ مَالِكَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَلَمْ يَقُلْ نَعَمْ فَبَادَرَ فَأَعْطَاهَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَكَانَ ذَلِكَ يَقُومُ مَقَامَ الْإِقْرَارِ مُحَقِّقًا لِمَعْرِفَتِهِ بِاللَّهِ إِذْ أَبْدَى الطَّاعَةَ وَسَارَعَ إِلَيْهَا كَمَا سَارَعَ إِلَيْهَا الْمُقِرُّ بِلِسَانِهِ فَقَدْ قَامَتِ الْجَوَارِحُ مَقَامَ اللِّسَانِ فِي التَّحْقِيقِ لِلْمَعْرِفَةِ، وَإِنْ كَانَ اللِّسَانُ أَعْظَمَ قَدْرًا عِنْدَ اللَّهِ بِالشَّهَادَةِ فَكُلٌّ يُحَقِّقُ لِلْمَعْرِفَةِ. قَالَ: وَيُقَالُ لَهُمْ: أَرَأَيْتُمْ رَجُلًا زِنْدِيقًا أَوْ نَصْرَانِيًّا كَانَ جَالِسًا فِي سَفِينَةٍ أَوْ رَأْسِ جُرُفٍ مُطِلًّا عَلَى الْمَاءِ فَتَدَبَّرَ وَتَفَكَّرَ فِي الْخَلْقِ فَعَرَفَ أَنَّ اللَّهَ وَاحِدٌ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِهِ عَلِمَ اللَّهُ صِدْقَ ذَلِكَ مِنْهُ فَزَلَّتْ قَدَمُهُ فَغَرِقَ قَبْلَ أَنْ يَتَشَهَّدَ بِلِسَانٍ هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ مُؤْمِنًا؟ فَإِنْ قَالُوا: نَعَمْ، قِيلَ لَهُمْ: مُسْتَكْمِلُ الْإِيمَانِ؟ [ص: 747] فَإِنْ قَالُوا: نَعَمْ، قِيلَ لَهُمْ: فَأَيْنَ الْإِقْرَارُ. فَإِنْ قَالُوا: لَمْ يَبْقَ إِلَى أَنْ يُؤَدِّي الْإِقْرَارَ. قِيلَ لَهُمْ: فَقَدْ شَهِدْتُمْ بِأَنَّ التَّصْدِيقَ بِلَا إِقْرَارَ إِيمَانٌ كَامِلٌ فَإِنْ أَمْكَنَهُ الْإِقْرَارَ فَلَمْ يُقِرَّ أَيَنْقُصُ الْإِيمَانُ الْكَامِلُ عِنْدَكُمْ؟ فَإِنْ أَقَرَّ كَمُلَ الْإِيمَانُ فَشَهِدْتُمْ لَهُ بِالْكَمَالِ فِي وَقْتٍ ثُمَّ زَعَمْتُمْ أَنَّهُ مُكْمِلٌ فِي وَقْتٍ ثَانٍ فَكَيْفَ يَكْمُلُ مَا قَدْ كَمُلَ؟ فَإِنْ قُلْتُمْ: إِنَّمَا كَمُلَ الْمُفْتَرَضُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَلَمْ يُفْتَرَضْ عَلَيْهِ الْإِقْرَارُ إِنْ لَمْ يَبْقَ فَإِنْ بَقِيَ فَأَقَرَّ زَادَ كَمَالًا إِلَى كَمَالِهِ لِأَنَّهُ كَانَ كَامِلًا مِنْ جِهَةِ الْوَاجِبِ فِي وَقْتِهِ كَامِلًا مِنْ جِهَةِ مَا أَتَى بِهِ غَيْرُهُ مِمَّنْ يَفِي فَصَدَّقَ وَأَقَرَّ. قِيلَ لَهُمْ: فَهَذَا الَّذِي زَعَمْتُمْ عَلَى أَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّ الْفَرْضَ مِنَ الْإِيمَانِ إِذَا لَزِمَ الْعَبْدُ فَأَدَّاهُ فِي وَقْتِهِ فَقَدْ أَدَّى مَا عَلَيْهِ وَلَمْ يَأْتِ بِبَاقِي الْفَرْضِ مِنَ الْإِيمَانِ الَّذِي لَزِمَ غَيْرَهُ فَإِنْ بَقَى إِلَى وَقْتٍ ثَانٍ فَأَدَّى مِنَ الْفَرْضِ مَا أَدَّى غَيْرُهُ كَانَ زِيَادَةً عَلَى إِيمَانِهِ الْأَوَّلِ كَمَا قُلْتُمْ فِي الْمُصَدِّقِ فِي الْوَقْتِ الْأَوَّلِ ثُمَّ عُوجِلَ بِالْمَوْتِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ وَقْتٌ ثَانٍ وَلَوْ أَتَى وَقْتٌ ثَانٍ فَشَهِدَ فِيهِ كَانَ زِيَادَةً عَلَى إِيمَانِهِ الْأَوَّلِ لَا فَرْقَ بَيْنَ ذَلِكَ [ص: 748] . فَإِنْ قَالُوا: إِنَّ الَّذِي صَدَقَ ثُمَّ عُوجِلَ بِالْمَوْتِ قَبْلَ أَنْ يُقِرَّ بِاللِّسَانِ إِنْ نَوَى أَنْ يُقِرَّ بِاللَّهِ وَيَشْهَدَ بِلِسَانِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ وَإِلَّا فَهُوَ كَافِرٌ قِيلَ لَهُمْ فَقَدْ ضَمِنْتُمْ إِلَى التَّصْدِيقِ النِّيَّةَ، وَلَيْسَتْ فِي اللُّغَةِ وَتَرَكْتُمْ قَوْلَكُمْ، أَرَأَيْتُمْ إِنْ صَدَقَ فِي أَوَّلِ وَقْتٍ فَعُوجِلَ قَبْلَ أَنْ يَنْوِيَ أَنْ يَتَشَهَّدَ فَمَاتَ أَمُؤْمِنٌ هُوَ؟ فَإِنْ قَالُوا: لَا فَالَّذِي نَوَى فَعُوجِلَ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ وَقْتُ الْإِقْرَارِ أَيْضًا لَيْسَ بِمُؤْمِنٍ فَإِنْ كَانَ مُؤْمِنًا إِذْ لَمْ يَأْتِ الْوَقْتُ الَّذِي يُمْكِنُهُ فِيهِ الْإِقْرَارَ قَبْلَ تَصْدِيقِهِ لِأَنَّهُ عَجَّلَ قَبْلَ ذَلِكَ فَكَذَلِكَ مَنْ عَرَفَ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ ثُمَّ عُوجِلَ قَبْلَ ذَلِكَ فَكَذَلِكَ مَنْ عَرَفَ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ ثُمَّ عُوجِلَ قَبْلَ أَنْ يَأْتِ وَقْتٌ يَنْوِي فِيهِ فَقَدْ جَعَلُوا الْإِيمَانَ تَصْدِيقًا بِالْقَلْبِ مَا لَمْ يَأْتِ وَقْتُ عَمَلِ جَارِحِهِ، فَإِذَا أَتَى وَقْتٌ يُمْكِنُهُ فِيهِ التَّشَهُّدَ كَانَ التَّشَهُّدُ فِيهِ إِيمَانًا إِلَى إِيمَانِهِ الْأَوَّلِ فَكَذَلِكَ جَمِيعُ عَمَلِ الْجَوَارِحِ إِذَا أَتَى أَوْقَاتُهَا فَأَمْكَنَهُ الْقِيَامُ بِهَا كَانَ قِيَامُهُ بِهَا زِيَادَةٌ عَلَى إِيمَانِهِ الْأَوَّلِ لَا فُرْقَانَ بَيْنَ ذَلِكَ. فَإِنْ زَعَمُوا أَنَّهُ إِذَا صَدَّقَ بِقَلْبِهِ بِأَنَّ اللَّهَ وَاحِدٌ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ثُمَّ عُوجِلَ بِالْمَوْتِ قَبْلَ أَنْ يُمْكِنَهُ التَّشَهُّدَ أَنَّهُ كَافِرٌ فَقَدْ كَفَّرُوا مَنْ هُوَ مُؤْمِنٌ فِي اللُّغَةِ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ لِإِبْرَاهِيمَ: {أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى} [البقرة: 260] [ص: 749] فَإِنَّمَا عَبَّرَ عَنْ إِيمَانٍ قَدْ كَانَ قَبْلَ الْعِبَادَةِ وَهُوَ التَّصْدِيقُ، وَقَالَ إِخْوَةُ يُوسُفَ: {وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا} [يوسف: 17] أَيْ مُصَدِّقٍ فَقَدْ خَرَجُوا مِنْ قَوْلِهِمْ، وَزَعَمُوا أَنَّ الْمُؤْمِنَ فِي اللُّغَةِ كَافِرٌ بِغَيْرِ تَرْكٍ مِنْهُ لِلْإِقْرَارِ وَهُوَ يُنْكِرُهُ فَكَفَّرُوهُ بِغَيْرِ جُحُودٍ وَلَا إِبَاءٍ لِلْإِقْرَارِ، وَلَا امْتِنَاعٍ مِنْهُ وَهُوَ الْخُرُوجُ مِنَ اللُّغَةِ وَمِنْ قَوْلِ جَمِيعِ الْأُمَّةِ إِذِ الْكُفْرُ لَا يَكُونُ إِلَّا جُحُودًا بِالْقَلْبِ أَوْ تَكْذِيبًا بِالْقَلْبِ أَوْ بِاللِّسَانِ أَوْ إِبَاءً أَوِ امْتِنَاعًا بِاسْتِكْبَارٍ وَاسْتِنْكَافٍ. فَكَذَلِكَ لَوْ أَنَّ عَبْدًا عِنْدَ الْبُلُوغِ وَهُوَ صَحِيحٌ مُسْلِمٌ اعْتَقَدَ بِقَلْبِهِ أَنَّ اللَّهَ وَاحِدٌ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَقٌّ ثُمَّ أَفْلَجَ قَبْلَ أَنْ يَجِئَ وَقْتُ الْإِقْرَارِ بِاللِّسَانِ فَيَبُسَتْ يَدَاهُ وَلِسَانُهُ فَمَكَثَ بِذَلِكَ عَشْرَ سِنِينَ مُصَدِّقًا بِقَلْبِهِ لَا يُمْكِنُهُ الْإِقْرَارُ بِاللِّسَانِ وَلَا الْإِشَارَةُ بِجَارِحِهِ فَيَلْزَمُهُمْ أَنْ يَقُولُوا إِنَّهُ عَاشَ كَافِرًا حَتَّى مَاتَ وَهَذَا الْخُرُوجُ مِنَ اللُّغَةِ، وَمِنْ قَوْلِ الْأُمَّةِ كُلِّهَا. فَإِنْ قَالُوا: هُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا فُرْقَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُصَدِّقِ وَالْمُعَاجِلِ بِالْفَرْضِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ وَقْتٌ يُمْكِنُهُ فِيهِ الْإِقْرَارَ، وَكَذَلِكَ إِنْ صَدَّقَ ثُمَّ جُنَّ فَزَالَ عَقْلُهُ مَعَ آخِرِ وَقْتِ التَّصْدِيقِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ وَقْتٌ يُمْكِنُهُ فِيهِ الْإِقْرَارَ لَا فُرْقَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُعَاجِلِ بِالْفَرْضِ فَقَدْ تَرَكُوا [ص: 750] قَوْلَهُمْ وَنَقَضُوا أَصْلَهُمْ، وَأَقَرُّوا بِزِيَادَةِ الْإِيمَانِ بَعْدَ مَا شَهِدُوا لَهُ بِالْكَمَالِ. وَأَمَّا قَوْلُ بَعْضُهُمْ إِنَّ الْإِيمَانَ يَزِيدُ فَهَذَا دَعْوَى ادَّعَوْهَا لِيُثْبِتُوا بِهَا عِنْدَ الْأُمَّةِ أَنَّهُمْ مُقِرُّونَ بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {زَادَتْهُمْ إِيمَانًا} [الأنفال: 2] و {لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ} [الفتح: 4] لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ: مُحَالٌ أَنْ يَكُونَ الزِّيَادَةُ إِلَّا بَعْدَ الْكَمَالِ، وَأَنَّ الْجُزْءَ الثَّانِي إِذَا ضُمَّ إِلَى الْأَوَّلِ فَلَيْسَ بِزِيَادَةٍ إِلَّا مِنْ جِهَةِ الْعَدَدِ لَا مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى الْمَعْرُوفِ لِأَنَّ الْإِيمَانَ مَعْلُومٌ فَإِذَا ضَمَّ جُزْءًا إِلَى جُزْءٍ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ زِيَادَةٌ فِي الْإِيمَانِ حَتَّى يُتِمَّ فَإِذَا تَمَّ جَارَتِ الزِّيَادَةُ عَلَى الْإِيمَانِ، وَهَذَا تَنَاقُضٌ مِنَ الْقَوْلِ لِأَنَّ الشَّيْءَ إِذَا تَمَّ ثُمَّ ضُمَّ إِلَيْهِ غَيْرُهُ لَمْ يَكُنْ مِنْهُ، وَإِنَّمَا يَكُونُ مِنْهُ مَا كَانَ جُزْءًا مِنْهُ لَا أَنْ يُضَمَّ إِلَيْهِ جُزْءٌ مِنْ غَيْرِهِ، فَإِذَا كَانُوا قَدْ أَتَوْا بِالْإِيمَانِ كَامِلًا ثُمَّ ازْدَادُوا مَعْرِفَةً فِيمَا ادَّعَوْا، ثُمَّ زَعَمُوا أَنَّهَا زِيَادَةٌ فِي الْإِيمَانِ فَكَيْفَ زَادَ فِيمَا هُوَ كَامِلٌ لَيْسَ مِنْ جِنْسِهِ مَا لَمْ يُسَمَّ بِهِ وَقَدْ زَعَمُوا أَنَّ الْمَعْرِفَةَ هِيَ إِيمَانٌ مَعَ الْإِقْرَارِ فَقَدْ جَاءُوا بِالْمَعْرِفَةِ وَالْإِقْرَارِ وَذَلِكَ هُوَ الْإِيمَانُ الْكَامِلُ عِنْدَهُمْ فَكَيْفَ جَاءَ بِمَعْرِفَةٍ وَقَدْ كَمُلَتِ الْمَعْرِفَةُ وَلَمْ تَبْقَ مِنْهَا شَيْءٌ يَأْتِي بِهَا الْعَارِفُ لِأَنَّ الْإِيمَانَ مَعْلُومٌ عِنْدَ اللَّهِ [ص: 751] وَعِنْدَهُمْ فَإِذَا كَمُلَ الْمَعْلُومُ ثُمَّ جِئَ بِثَانٍ بَعْدَهُ لَمْ يَكُنْ مِنَ الْإِيمَانِ الْمَعْلُومِ إِلَّا أَنْ يَزْعُمُوا أَنَّ الْإِيمَانَ فَرْضٌ وَنَافِلَةٌ، وَالنَّافِلَةُ تَرْكُهَا مُبَاحٌ، وَفِعْلُهَا قُرْبَةٌ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَالْكُفْرُ ضِدُّ الْإِيمَانِ فَإِنْ كَانَ الْإِيمَانُ مِنْهُ مُفْتَرَضٌ، وَمِنْهُ نَافِلَةٌ فَضِدُّهُمَا جَمِيعًا الْكُفْرُ فَكَمَا كَانَ تَرْكُ الْإِيمَانِ الَّذِي هُوَ فَرْضٌ بَعْدَ مَا يَتْرُكُ الْإِيمَانَ الَّذِي هُوَ نَافِلَةٌ مُبَاحٌ فَتَرْكُ الْإِيمَانِ الَّذِي هُوَ الْكُفْرُ عِنْدَهُمْ فَكُفْرٌ بِاللَّهِ مُبَاحٌ، وَكُفْرٌ مُحَرَّمٌ وَهَذَا لَا يَقُولُ بِهِ إِلَّا مُخْتَلِطٌ. فَإِنْ زَعَمُوا أَنَّهُمْ إِنَّمَا سَمَّوُا الزِّيَادَةَ فِيهِ لِأَنَّهُ أَتَى بِمَعْرِفَةٍ وَالْمَعْرِفَةُ هِيَ الْإِيمَانُ. قِيلَ لَهُمْ: قَدْ غَلَطْتُمْ مِنْ وَجْهَيْنِ أَمَّا أَحَدُهُمَا فَإِنَّ هَذِهِ الْمَعْرِفَةَ الزَّائِدَةَ لَا تَخْلُو مِنْ أَنْ تَكُونَ مُفْتَرَضَةً أَوْ غَيْرِ مُفْتَرَضَةٍ فَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مُفْتَرَضَةٍ فَهِيَ مَعْلُومَةٌ، وَذَلِكَ عِنْدَكُمْ مَا لَا يَزِيدُ وَإِنْ كَانَتْ لَيْسَتْ مُفْتَرَضَةً فَقَدْ ثَبَتُّمْ إِيمَانًا بِالْإِبَاحَةِ وَهَلْ أَبَاحَ اللَّهُ لِعِبَادِهِ تَرْكَ الْإِيمَانِ مِنْ جِهَةٍ مِنَ الْجِهَاتِ وَلَوْ كَانَ مُبَاحًا لَاسْتَحَالَ أَنْ يَكُونَ ضِدَّهُ وَكَانَ كُفْرٌ مُبَاحٌ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَيُقَالُ لَهُمْ: أَخْبِرُونَا هَلْ يُوصَلُ إِلَى هَيْبَةِ شَيْءٍ، وَتَعْظِيمِهِ، وَخَوْفِهِ، وَرَجَائِهِ، وَحُبِّهِ إِلَّا بِخَصْلَتَيْنِ إِمَّا بِمُعَايَنَةٍ وَإِمَّا بِإِيمَانٍ لَهُ بِخَبَرٍ صَادِقٍ أَوْ [ص: 752] دَلِيلٍ يَلْزَمُ؟ فَإِنْ قَالُوا: لَا يُوصَلُ إِلَى ذَلِكَ وَلَا يُنَالُ إِلَّا بِمَا ذَكَرْتَ. قُلْنَا لَهُمْ: فَقَدْ سَقَطَتِ الْمُعَايَنَةُ عَنِ الْعِبَادِ فَلَمْ يُعَايِنْ أَحَدٌ مِنْهُمُ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، وَلَمْ يَرَ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ إِلَّا مَا خَصَّ اللَّهُ بِهِ نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا سَقَطَتِ الْمُعَايَنَةُ لَمْ يَكُنْ لِلْعِبَادِ وَسِيلَةٌ يَنَالُوا بِهَا الْخَوْفَ، وَالرَّجَاءَ، وَالتَّعْظِيمَ، وَالْإِجْلَالَ إِلَّا الْإِيمَانَ فَلَمْ يُفَاوِتِ الْمُؤْمِنُونَ مِنْ صَدْرِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَآخِرِهَا فِي الطَّاعَاتِ مِنَ الْخَوْفِ، وَالرَّجَاءِ، وَالْهَيْبَةِ، وَالْحُبِّ، وَالْيَقِينِ، وَالتَّوَكُّلِ عَلَى اللَّهِ إِذْ زَالَ الْعِيَانُ، وَلَا وَسِيلَةَ لَهُمْ إِلَى هَذِهِ الْأَخْلَاقِ وَلَا أَصْلَ لَهَا يَنْبَعِثُ مِنْهُ، وَيَهِيجُ مِنْهُ إِلَّا الْإِيمَانُ وَلَا سَبِيلَ إِلَى مَعْنًى ثَالِثٍ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ لَا يُنَالُ خَوْفٌ وَلَا رَجَاءٌ، وَلَا حُبٌّ وَلَا غَيْرُ ذَلِكَ إِلَّا بِمُعَايَنَةٍ أَوْ إِيمَانٍ فَلَمْ يُفَاوِتُوا فِي هَذِهِ الْأَخْلَاقِ فَرَأَيْنَا بَعْضَهُمْ خَائِفًا مِنَ اللَّهِ مَرْعُوبًا مُجِلًّا لَهُ مُشْفِقًا رَاجِيًا لَهُ رَاغِبًا فِيمَا عِنْدَهُ قَدْ أَزْعَجَهُ خَوْفُهُ عَنْ كُلِّ مَعْصِيَةٍ وَحَمَلَهُ رَجَاؤُهُ وَرَغْبَتُهُ عَلَى الْقِيَامِ بِحَقِّ اللَّهِ. وَرَأَيْنَا آخَرِينَ مُقِرِّينَ لِلَّهِ بِوَحْدَانِيَّتِهِ لَا يُزَايِلُهُمُ الْإِقْرَارُ وَالتَّصْدِيقُ وَهُمْ فِي عَامَّةِ أُمُورِهِمْ آمِنُونَ لَا يَخَافُونَ اللَّهَ عِنْدَ مَعْصِيَةٍ يَرْكَبُونَهَا وَلَا يَبْذِلُونَ لِلَّهِ الْحَقَّ فِيمَا يَرْجُونَ [ص: 753] ثَوَابَهُ فَوَجَدْنَاهُمْ أَقَلَّ خَوْفًا وَرَجَاءً وَإِجْلَالًا لِلَّهِ وَهَيْبَةً مِنَ الْآخَرِينَ. وَكُلٌّ قَدْ يُفَارِقُهُمُ الْإِقْرَارُ وَالتَّصْدِيقُ فَلَمَّا وَجَدْنَاهُمْ كَذَلِكَ عَلِمْنَا أَنَّهُمْ جَمِيعًا قَدِ اسْتَحَقُّوا اسْمَ الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ زَايَلُوا بِهِ الْجَحْدَ وَالتَّكْذِيبَ، وَأَنَّهُمْ قَدْ تَفَاضَلُوا بَعْدَ اسْتِحْقَاقِ الِاسْمِ فِي كَثْرَةِ الْإِيمَانِ وَقِلَّتِهِ وَعَظِيمِ قَدْرِهِ فِي الْقُلُوبِ مِنْ تَعْظِيمِ مَعْرِفَتِهِمْ بِالتَّصْدِيقِ بِهِ الَّذِي آمَنُوا بِهِ إِذْ لَا تَبْلُغُ لَهُ غَايَةَ مَعْرِفَةٍ فَيُسَاوِيهِ بِالْعِلْمِ بِنَفْسِهِ جَلَّ عَنْ ذَلِكَ وَتَعَالَى فَدَلَّ تَبَايُنُهُمْ فِيمَا ذَكَرْنَا أَنَّهُمْ لَمْ يَتَبَايَنُوا الْإِيمَانَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاحِدًا إِذْ كَانُوا لَا يَنَالُونَ مَا تَبَايَنُوا فِيهِ إِلَّا بِالْإِيمَانِ إِذْ سَقَطَتِ الْمُعَايَنَةُ فَبَعْضُهُمْ أَفْضَلُ مِنْ بَعْضٍ فِي الْإِيمَانِ أَنَّهُمْ لَمْ يَتَبَايَنُوا فِي الْإِقْرَارِ بِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عِنْدَهُمْ حَقٌّ لَا بَاطِلٌ إِلَّا بِالْإِيمَانِ وَمَا قَالَ صِدْقٌ لَا كَذِبٌ وَبِمَا وَعَدَ وَتَوَعَّدَ مِنْ عِقَابِهِ وَثَوَابِهِ فَاسْتَوَوْا فِي الْإِقْرَارِ بِأَنَّ اللَّهَ حَقٌّ وَمَا قَالَ وَمَا تَوَاعَدَ وَوَعَدَ وَلَوْ دَخَلَ بَعْضُهُمُ الرَّيْبَ فِي ذَلِكَ لَكَفَرَ، وَالتَّفَاضُلُ لَا يَقَعُ بَيْنَ اثْنَيْنِ حَتَّى يَكُونَ فِي الْمَفْضُولِ مِنْهُمَا مَعْنًى يُسَاوِي بِهِ التَّفَاضُلَ يَسْتَحِقُّ بِهِ مَعَ الِاسْمِ ثُمَّ يَفْضُلُ بِهِ بِأَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ أَفْضَلَ مِمَّا عِنْدَ [ص: 754] الْأَخَرِ فَيُدْرِكُ بِفَضْلِهِ لِأَنَّهُ لَا جَائِزَ أَنْ يُقَالَ فُلَانٌ صَحِيحٌ أَقْوَى بَصَرًا مِنْ فُلَانٍ الْأَعْمَى، وَلَا فُلَانٌ السَّمِيعُ أَقْوَى سَمْعًا مِنْ فُلَانٍ الْأَصَمِّ فَكَذَلِكَ لَا يُقَالُ فُلَانٌ الْمُؤْمِنُ أَقْوَى إِيمَانًا مِنْ فُلَانٍ الْكَافِرِ هَذَا سَاقِطٌ فِي التَّفَاضُلِ لَا يَقُولُهُ ذُو لُغَةٍ وَلَا مَعْقُولٍ فَإِذَا كَانَ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ مَا يَسْتَحِقُّ بِهِ الِاسْمَ الَّذِي يُزَايِلُ بِهِ الْعَمَى الَّذِي هُوَ ضِدُّ الْبَصَرِ، وَلَوْ كَانَ أَقَلَّ قَلِيلِهِ بَعْدَ أَنْ يَسْتَحِقَّ بِهِ اسْمَ الْبَصَرِ فَيُزَايِلُ بِهِ اسْمَ الْعَمَى فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ جَازَ أَنْ يُقَالَ فُلَانٌ الْبَصِيرُ أَقْوَى بَصَرًا مِنْ فُلَانٍ إِذْ لِلْمَفْضُولِ مِنَ الْبَصَرِ مَا يَسْتَحِقُّ اسْمَ الْبَصَرِ وَكَذَلِكَ الْقُوَّةُ وَالسَّمْعُ وَلَا سَبِيلَ إِلَى اسْتِبَانَةِ الْأَشْيَاءِ وَإِبْصَارِهَا إِلَّا بِبَصَرٍ وَلَا حَمْلِ الْأَشْيَاءِ إِلَّا بِقُوَّةٍ وَلَا إِدْرَاكَ الْأَصْوَاتِ وَالتَّمْيِيزِ بَيْنَهَا إِلَّا بِسَمَاعٍ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلَيْنِ بَصِيرَيْنِ نَظَرَ أَحَدُهُمَا اسْتَبَانَ شَيْئًا عَلَى قَدْرِ مِيلٍ وَأَبْصَرَهُ بَيِّنًا وَلَا يَتَبَيَّنُ مَا فَوْقَ ذَلِكَ وَنَظَرَ الْآخَرُ إِلَيْهِ عَلَى رَأْسِ مِيلَيْنِ فَأَبْصَرَهُ وَتَبَيَّنَهُ وَأَبْصَرَ النَّظَرَ إِلَيْهِ فَلَمْ يَرَهُ لَشَهِدَتِ الْعُقُولُ اضْطِرَارًا عَلَى أَنَّ الْمُتَبَيِّنَ لِلشَّيْءِ عَلَى رَأْسِ مِيلَيْنِ أَقْوَى بَصَرًا مِنَ الَّذِي لَمْ يَسْتَبِنْ لَهُ الشَّيْءُ إِلَّا عَلَى رَأْسِ مِيلٍ، وَذَلِكَ مِثْلُ رَجُلٍ تَوَلَّى عَنْهُمَا فَجَعَلَا يَسْتَبِينَانِهِ جَمِيعًا [ص: 755] حَتَّى بَلَغَ رَأْسَ الْمِيلِ ثُمَّ خَفِيَ عَلَى أَحَدِهِمَا فَلَمْ يَرَهُ وَجَعَلَ الْآخَرُ يَتَبَيَّنُهُ حَتَّى رَآهُ عَلَى رَأْسِ مِيلَيْنِ لَشَهِدَتِ الْعُقُولُ أَنَّ هَذَا أَقْوَاهُمَا بَصَرًا إِذْ لَا سَبِيلَ لَهُمَا إِلَى الِاسْتِبَانَةِ إِلَّا بِبَصَرٍ. وَكَذَلِكَ لَوْ حَمَلَ أَحَدُهُمَا مِئَةَ رَطْلٍ فَزِيدَ عَلَيْهِ عَشَرَةٌ فَأَلْقَاهَا وَلَمْ يُطِقْهَا وَزِيدَ عَلَى الْآخَرِ خَمْسُونَ أُخْرَى لَشَهِدَتِ الْعُقُولُ بِأَنَّ هَذَا أَشَدُّهُمَا قُوَّةً وَإِنْ كَانَ عِنْدَ هَذَا مِنَ الْقُوَّةِ مَا زَايَلَ بِهِ الزَّمَانَةَ. وَكَذَلِكَ السَّمْعُ فَلَمَّا كَانَتِ الْأَبْصَارُ لَا يُنَالُ بِهَا اسْتِبَانَةُ الْأَشْيَاءِ إِلَّا بِقَدْرِ قُوَاهَا، وَلَا الْقَوِيُّ يَنَالُ بِهَذَا الْحِمْلِ إِلَّا بِقَدْرِ الْقُوَى. وَكَذَلِكَ إِدْرَاكُ الْأَصْوَاتِ لَا تُدْرَكُ إِلَّا بِقَدْرِ قُوَى الْأَسْمَاعِ فَلَمَّا تَفَاوَتُوا فِي ذَلِكَ شَهِدَتِ الْقُلُوبُ بِاضْطِرَارِ أَنَّهُمْ لَيْسُوا فِيهَا مُسْتَوِينَ، وَإِنْ كَانَ فِي أَوَّلِهَا لَا يَتَفَاوَتُونَ فَكَذَلِكَ شَهِدَتِ الْعُقُولُ إِذَا تَدَبَّرَتِ الْإِيمَانَ وَعَلِمَتْ أَنَّهُ إِذَا كَانَ لَا يُنَالُ خَوْفٌ وَلَا رَجَاءٌ لِلَّهِ وَلَا إِجْلَالٌ وَلَا هَيْبَةٌ وَلَا مُسَارَعَةٌ إِلَى طَاعَةٍ إِلَّا بِالْإِيمَانِ إِذْ سَقَطَتِ الْمُعَايَنَةُ فَكَانَ مَا يُنَالُ بِهِ هَذِهِ الْأَخْلَاقُ كُلِّهَا إِيمَانًا لَا غَيْرَهُ [ص: 756] فَإِذَا تَدَبَّرَتِ الْعُقُولُ ذَلِكَ شَهِدَتْ أَنَّهُمْ لَوْلَا أَنَّ الْخَائِفِينَ وَالْمُطِيعِينَ لِلَّهِ فَضُلُوا الْعَاصِينَ الَّذِينَ قَلَّ خَوْفُهُمْ مِنْهُ وَتَعْظِيمُهُمْ لَهُ فِي الْإِيمَانِ لَمَا تَفَاوَتُوا فِي هَذِهِ الْأَخْلَاقِ فَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ أَنَّهُمْ فِيهِ مُتَفَاوِتُونَ وَلَوْلَا ذَلِكَ مَا كَانُوا فِي الْخَوْفِ وَالرَّجَاءِ وَالتَّعْظِيمِ، وَالْإِجْلَالِ، وَالْهَيْبَةِ مُخْتَلِفَيْنِ فَلَوْ جَازَ أَنْ يَسْتَوُوا فِي الْإِيمَانِ وَلَا سَبِيلَ إِلَى هَذِهِ الْأَخْلَاقِ إِلَّا بِهِ وَمِنْهُ ثُمَّ يَتَفَاوَتُونَ فِي هَذِهِ الْأَخْلَاقِ لَجَازَ أَنْ يَسْتَوُوا فِي قُوَى الْأَبْصَارِ، ثُمَّ يَخْتَلِفُونَ فِي الِاسْتِبَانَةِ مِنَ الْقُرْبِ وَالْبُعْدِ وَيَسْتَوُوا فِي الْقُوَى وَيَخْتَلِفُوا فِي الْحَمْلِ وَالْكَثْرَةِ وَالْقِلَّةِ فَيَكُونَانِ جَمِيعًا فِي الْقُوَّةِ يَسْتَوِيَانِ، وَيَخْتَلِفَانِ فِي الْحَمْلِ فَيَحْمِلُ أَحَدُهُمَا خَمْسَمِائَةِ رَطْلٍ، وَالْآخَرُ لَا يُطِيقُ إِلَّا مِائَةً فَإِنِ اسْتَحَالَ ذَلِكَ فَكَذَلِكَ هُوَ فِي الْإِيمَانِ مُسْتَحِيلٌ لَا فُرْقَانَ بَيْنَهُمَا. فَإِنْ قَالَ جَاهِلٌ لَا يَعْرِفُ اللُّغَةَ وَلَا التَّمْيِيزَ بَيْنَ الْأَشْيَاءِ بِالْمَعْقُولِ وَلَا كَيْفَ أُصُولُ الطَّاعَاتِ فَقَالَ: إِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي هَذِهِ الْأَخْلَاقِ بِالتَّوْفِيقِ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَفَّقَ بَعْضَهُمْ وَلَمْ يُوَفِّقِ الْآخَرَ [ص: 757] . قِيلَ لَهُمْ: لَيْسَ فِي الْقَدْرِ نَازَعْنَاكُمْ وَقَدْ أَجْمَعْنَا أَنَّهُ بِالتَّوْفِيقِ وَلَكِنْ كَيْفَ وَفَّقَ مَنْ كَثُرَ خَوْفُهُ وَرَجَاؤُهُ وَقَوَّى تَعْظِيمَهُ وَثِقَتَهُ وَتَوَكُّلَهُ بِأَنْ أَلْزَمَ قَلْبَهُ ذَلِكَ كَمَا أَلْزَمَهُ نَاظِرَ عَيْنِهِ لَمْ يَكُنْ عَنْ مَعْرِفَةٍ بِمَا خُوِّفَ بِهِ وَلَا عَنْ ذِكْرٍ لِلَّهِ وَلَا هُوَ مُخْتَارٌ لَهُ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَلَيْسَ بِمُكْتَسِبٍ وَلَا عَامِلٍ إِلَّا وَفَّقَهُ بِأَنْ وَهَبَ لَهُ التَّذَكُّرَ وَالتَّفَكُّرَ فَعَقَلَ عَنْهُ مَا قَالَ فَعَظُمَتْ بِذَلِكَ مَعْرِفَتُهُ وَقَوِيَ بِهِ إِيمَانُهُ فَعَظُمَ خَوْفُهُ وَرَجَاؤُهُ. قَالُوا: جَائِزٌ أَنْ يَلْزَمَ ذَلِكَ قَلْبَهُ بِلَا تَذَكُّرٍ وَلَا عَنْ مَعْرِفَةٍ بِمَا خُوِّفَ بِهِ وَلَا اخْتِيَارٍ لَهُ كَالسَّحَرَةِ أَلْزَمَ قُلُوبَهُمُ الْخَوْفَ لَمْ يَتَقَدَّمْ ذَلِكَ طَلَبٌ مِنْهُمْ وَلَا مَعْرِفَةٌ وَلَا ذِكْرٌ وَلَا اخْتِيَارٌ. قِيلَ لَهُمْ: لَوْ كَانَ كَمَا تَقُولُونَ مَا كَانَ ذَلِكَ لَهُمْ عَمَلًا وَلَا مُدِحُوا بِهِ كَمَا لَا جَائِزَ أَنْ يَكُونَ جَمَالُ وُجُوهِهِمْ لَهُمْ عَمَلًا وَلَا صِحَّةُ أَجْسَامِهِمْ. فَإِنْ قَالُوا: كُلُّ حَسَنٍ يُلْزِمُهُ اللَّهُ الْعَبْدَ مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارٍ مِنْهُ لَيْسَ مِنَ الطَّاعَاتِ فَلَيْسَ هُوَ لَهُ بِعَمَلٍ وَلَا يُثَابُ عَلَيْهِ، وَكُلُّ مَا أُلْزِمَ مِنَ الطَّاعَةِ لِلَّهِ فَهُوَ لَهُ عَمَلٌ. قِيلَ لَهُمُ: الْعِلَّتَانِ وَاحِدَةٌ وَإِنَّمَا أَنْتُمْ تَدَّعُونَ وَلَمْ تَأْتُوا بِتَفْرِقَةٍ وَقَدْ دَلَّ الْكِتَابُ عَلَى خِلَافِ مَا قُلْتُمْ لِأَنَّ اللَّهَ [ص: 758] وَصَفَ الْخَائِفِينَ بِالتَّذَكُّرِ وَالتَّفَكُّرِ، وَأَخْرَجَ مِنْهُمْ مَنْ لَيْسَ بِمُتَذَكِّرٍ وَلَا مُتَفَكِّرٍ فَقَالَ: {لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الرعد: 3] فَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ مَنْ عَقَلَ وَلَمْ يَتَفَكَّرْ كَانَ اللَّهُ فِيمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ آيَةً فَقَدْ عَارَضَ اللَّهَ، وَمَا قَالَ بِرَدٍّ، وَقَدْ أَخْبَرَنَا عَنِ السَّحَرَةِ بِمَا يَدُلُّ عَلَى كَذِبِ دَعْوَاكُمْ لِقَوْلِهِمْ: {إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا} [طه: 73] فَلَا شَاهِدَ عَلَى قُلُوبِهِمْ أَصْدَقَ مِنَ اللَّهِ يُخْبِرُكَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِقَصْدٍ مِنْ قُلُوبِهِمْ وَاخْتِيَارٍ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ أَرَادَ مِنْهُمْ أَنْ يَغْفِرَ لَهُمْ ثُمَّ قَالُوا: {إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا} [طه: 74] فَعَبَّرُوا عَنْ عَقْلِهِمْ عَنِ اللَّهِ الْوَعْدَ وَالْوَعِيدَ فَهَذَا الِاكْتِسَابُ وَمَا سِوَاهُ اضْطِرَارًا. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: فَإِنْ قَالُوا: بَلْ وَفَّقَهُمْ بِأَنْ وَهَبَ لَهُمُ التَّذَكُّرَ وَالتَّفَكُّرَ فَعَقَلُوا عَنْهُ فَخَافُوهُ. قِيلَ: فَكَذَلِكَ وَفَّقَهُمْ حَتَّى عَقَلُوا عَنْهُ فَصَدَّقُوا بِهِ جَمِيعًا أَنَّهُ حَقٌّ ثُمَّ تَفَاوَتُوا فِي التَّصْدِيقِ حَتَّى كَانَ أَحَدُهُمْ كَأَنَّمَا يُعَايِنُ مَا صَدَّقَ. وَمِنْ ذَلِكَ مَا قَالَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ الحديث: 792 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 740 794 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أنا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيسَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: " كُنْتُ فِي الْمَسْجِدِ فَقَرَأَ رَجُلٌ قِرَاءَةً أَنْكَرْتُهَا وَقَرَأَ صَاحِبُهُ غَيْرَهَا، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اقْرَأَا» فَقَرَأَا، فَقَالَ: أَحْسَنْتُمَا وَأَصَبْتُمَا، فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ سَقَطَ فِي نَفْسِي شَيْءٌ وَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَلَمَّا رَأَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا قَدْ غَشِيَنِي ضَرَبَ بِيَدِهِ فِي صَدْرِي فَارْفَضَّيْتُ عَرَقًا وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى رَبِّي، ثُمَّ قَالَ لِي: «يَا أُبَيُّ إِنَّ رَبِّي أَرْسَلَ إِلَيَّ أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى حَرْفٍ» وَذَكَرَ الْحَدِيثَ ". [ص: 760] 795 - قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَسَأَلَ جِبْرِيلُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْإِحْسَانِ فَقَالَ: أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ.، 796 - وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحَارِثَةَ: كَيْفَ أَصْبَحْتَ؟ قَالَ: أَصْبَحْتُ مُؤْمِنًا حَقًّا، قَالَ: وَمَا حَقِيقَةُ إِيمَانِكَ؟ قَالَ: عَرَفْتُ نَفْسِي فِي الدُّنْيَا فَأَسْهَرْتُ لِيَلِي، وَأَظْمَأْتُ نَهَارِي فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى عَرْشِ رَبِّي بَارِزًا، وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى أَهْلِ الْجَنَّةِ يَتَزَاوَرُونَ فِيهَا وَإِلَى أَهْلِ النَّارِ فِي النَّارِ قَالَ: " أَبْصَرْتَ فَالْزَمْ، 797 - وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ قَالَ: عَبْدٌ نَوَّرَ اللَّهُ الْإِيمَانَ فِي قَلْبِهِ فَكَذَلِكَ يَتَفَاضَلُونَ فِي التَّصْدِيقِ. 798 - كَمَا رَوَى عَنِ الْحَسَنِ، وَذَكَرَ، هَذِهِ الْآيَاتِ: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا} [الفرقان: 63] قَالَ: إِنَّ الْمُؤْمِنِينَ لَمَّا جَاءَتْهُمْ هَذِهِ الدَّعْوَةُ مِنَ اللَّهِ صَدَّقُوا بِهَا فَوَصَلَ نَفْعُهَا إِلَى قُلُوبِهِمْ فَخَشَعَتْ لِذَلِكَ قُلُوبُهُمْ وَأَسْمَاعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ، فَكُنْتُ إِذَا رَأَيْتُهُمْ [ص: 761] رَأَيْتُ قَوْمًا كَأَنَّمَا يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ رَأَيَ الْمُتَّقِينَ أَفَلَا تَرَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْعُلَمَاءَ مِنْ بَعْدِهِ يَدُلُّونَ عَلَى أَنَّ التَّصْدِيقَ يَتَفَاوَتُ فِي شِدَّةِ الْيَقِينِ وَالْبَصَائِرِ وَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى تَحْقِيقِ الْمَثَلِ الَّذِي ضَرَبْنَا فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ: فَلِمَ لَا يُسَمَّى النَّظَرُ جُزْءًا مِنَ النَّاظِرِ، وَالِاسْتِمَاعُ جُزْءًا مِنَ السَّمْعِ وَالْحَمْلُ جُزْءًا مِنَ الْقُوَى قِيلَ لَهُمْ إِنَّمَا ضَرَبْنَا لَكَ مَثَلًا لِتَصْدِيقِ الَّذِي يَكُونُ عِنْدَ الْأَعْمَالِ فَلَا يَخْتَلِفُ أَهْلُ اللُّغَةِ أَنَّ النَّظَرَ مِنَ الْبَصَرِ، وَالطَّاقَةُ مِنَ الْقُوَى، وَالِاسْتِمَاعُ مِنَ السَّمْعِ فَكَذَلِكَ هَذِهِ الْأَخْلَاقُ مِنَ التَّصْدِيقِ وَكُلُّهَا تُضَافُ إِلَى الْإِيمَانِ فِي الِاسْمِ. فَإِنْ قَالُوا: فَلَيْسَ الِاسْتِمَاعُ فِي عَيْنِهِ غَيْرُ السَّمْعِ وَالنَّظَرُ غَيْرُ الْبَصَرِ لِأَنَّ الْبَصَرَ وَالسَّمْعَ فِعْلُ اللَّهِ، وَالِاسْتِمَاعُ وَالنَّظَرُ فِعْلُ الْعَبْدِ. قِيلَ لَهُمْ: هُوَ كَذَلِكَ إِلَّا أَنَّ الشَّيْءَ يَكُونُ مِنَ الشَّيْءِ عَلَى جِهَتَيْنِ وَإِنْ كَانَا غَيْرَيْنِ فَأَحَدُهُمَا لَا يُوجِبُ [ص: 762] الْآخَرَ جَائِزٌ أَنْ يَكُونَ وَلَا يَكُونَ الْآخَرُ، هَلِ الْكَلَامُ إِلَّا مِنَ اللِّسَانِ، وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ اللِّسَانُ وَلَا يَكُونُ الْكَلَامُ فَأَمَّا الْبَصَرُ الصَّحِيحُ إِذَا لَاقَتْهُ الْأَشْخَاصُ فَلَا جَائِزَ إِلَّا أَنْ يُوجِبَ نَظَرَ اسْتِبَانَةٍ، وَكَذَلِكَ الْأَسْمَاعُ إِذَا ظَهَرَتْ لَهَا الْأَصْوَاتُ فَلَا جَائِزَ إِلَّا أَنْ تُوجِبَ دَرَكًا لِلْأَصْوَاتِ كَالنَّارِ إِذَا لَاقَتِ الْمَاءَ فَلَا جَائِزَ إِلَّا أَنْ تُوجِبَ تَسْخِينًا، وَكَذَلِكَ الثَّلْجُ إِذَا لَاقَى الْأَشْيَاءَ الْقَابِلَةَ لِلْبَرْدِ فَلَا جَائِزَ إِلَّا أَنْ يُوجِبَ تَبْرِيدًا. فَإِنْ قَالُوا: قَدْ نَرَى مِنَ النَّارِ الْيَسِيرَ الَّذِي لَا يُوجِبُ مِثْلَهُ التَّسْخِينُ وَلَا الْإِحْرَاقُ وَكَذَلِكَ الثَّلْجُ قِيلَ لَهُمْ إِنَّهُ وَإِنْ قَلَّ كُلُّ جُزْءٍ مِنْهَا فَإِنَّهُ فِي نَفْسِهِ مُبَرِّدٌ وَمُسَخِّنٌ لِأَنَّهُ إِذَا ضُمَّ إِلَى الْآخَرِ الَّذِي مِنْ جِنْسِهِ سَخَّنَ أَوْ أَحْرَقَ أَوْ بَرَّدَ فَلَيْسَ مِنْهَا جُزْءٌ أَوْجَبَ التَّسْخِينَ وَالتَّبْرِيدَ دُونَ الْجُزْءِ الْآخَرِ، وَالَّذِي انْفَرَدَ لَمْ يَكُنْ مِنْهُ تَسْخِينٌ وَلَا تَبْرِيدٌ فَإِذَا ضُمَّ إِلَى الْأَجْزَاءِ الْمُسَخَّنَةِ وَالْمُبَرَّدَةِ أَخَذَ بِقِسْطِهِ مِنَ التَّسْخِينِ أَوِ التَّبْرِيدِ وَكُلُّهَا مُوجِبَةٌ لِلتَّسْخِينِ أَوِ التَّبْرِيدِ لَيْسَ مِنْهَا جُزْءٌ مُوجِبًا لِذَلِكَ دُونَ الْآخَرِ. فَإِنْ قَالُوا: أَلَيْسَ إِذَا انْفَرَدَ أَقَلُّ أَجْزَائِهَا عَلَى حَالٍ لَمْ يَكُنْ تَسْخِينٌ وَلَا إِحْرَاقٌ وَلَا تَبْرِيدٌ؟ [ص: 763] قُلْنَا: وَإِنْ لَمْ تُوجِبْ فَإِنَّ فِيهِ التَّسْخِينُ وَالْإِحْرَاقُ وَالتَّبْرِيدُ وَكَذَلِكَ أَقَلُّ قَلِيلِ الْإِيمَانِ لَا يُوجِبُ الْخَوْفَ الْمُزْعِجَ عَلَى تَرْكِ مَا كَرِهَ اللَّهُ وَلَا الرَّجَاءَ الْمُزْعِجَ عَلَى الْعَمَلِ بِمَا أَحَبَّ اللَّهُ فَإِذَا انْضَمَّتْ إِلَيْهِ أَجْزَاءٌ مِنْ جِنْسِهِ أَوْجَبَ الْخَوْفَ الْمُزْعِجَ عَنْ كُلِّ مَا كَرِهَ اللَّهُ لَا يَقْدِرُ صَاحِبُهُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ وَلَا يَتَمَالَكُ. فَكَذَلِكَ الرَّجَاءُ، وَالْحُبُّ، وَالْهَيْبَةُ وَالتَّعْظِيمُ وَالْإِجْلَالُ لِلَّهِ، وَالتَّوَكُّلُ عَلَيْهِ. فَإِنْ قَالُوا: فَقَدْ وَجَدْنَا أَقَلَّ قَلِيلِ الْإِيمَانِ إِنْ زَايَلَهُ أَقَلُّ قَلِيلِ الْخَوْفِ وَالرَّجَاءِ وَالْحُبِّ لِلَّهِ كَانَ كَافِرًا وَلَمْ يَكُنْ مُؤْمِنًا لِأَنَّ مَنْ لَمْ يُحِبَّ لِلَّهِ فَهُوَ كَافِرٌ، وَمَنْ لَا يَهَابُهُ فَهُوَ كَافِرٌ لِأَنَّهُ عَرَفَ رَبَّهُ وَاعْتَرَفَ بِهِ أَوْجَبَتْ مَعْرِفَتُهُ حُبَّهُ وَهَيْبَتَهُ وَرَجَاءَهُ وَخَوْفَهُ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ أُعْطِي الدُّنْيَا كُلَّهَا عَلَى أَنْ تَكْفُرَ بِهِ أَوْ تَكْذِبَ عَلَيْهِ مَا فَعَلَ وَإِنْ أَتَى بِكُلِّ الْعِصْيَانِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ لَوْلَا أَنَّهُ مُحِبٌّ مَا آثَرَهُ عَلَى كُلِّ مَحْبُوبٍ مِنَ الدُّنْيَا، وَكَذَلِكَ تَهَابُهُ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ مُعْتَقِدًا لِلْكُفْرِ يَقْبَلُهُ، أَوْ قَائِلٌ عَلَيْهِ بِلِسَانِهِ، وَمَنْ لَمْ يَهَبْ غَيْرُهُ مِنَ الْخَلْقِ فَقَدِ اسْتَخَفَّ بِهِ وَمَنْ لَمْ يُجِلَّهُ فَقَدْ صَغَّرَ [ص: 764] قَدْرَهُ فَكَذَلِكَ الْخَالِقُ مَنْ لَمْ يَهَبْهُ وَلَمْ يُجِلَّهُ وَلَمْ يَعْرِفْهُ. وَكَذَلِكَ أَقَلُّ أَجْزَاءِ النَّارَ أَوِ الثَّلْجِ قَدْ تُوجِبُ الْحَرْقَ وَالتَّسْخِينَ لَا مَحَالَةَ وَلَوْ لَمْ يُوجِبْهُ لَكَانَتِ النَّارُ مُتَقَلِّبَةً عَنْ شَبَحِ النَّارِيَّةِ، وَكَانَ الثَّلْجُ مُتَقَلِّبًا عَنْ شَبَحِ الثَّلْجِيَّةِ. فَإِنْ قَالُوا: فَلَسْنَا نَرَى ذَلِكَ، وَلَا نَعْرِفُهُ. قِيلَ: إِنَّمَا مَنَعَكُمْ مِنْ ذَلِكَ قِلَّةُ مَعْرِفَتِكُمْ بِالْأَشْيَاءِ كَيْفَ صَنَعَهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَنَحْنُ نُرِيكُمْ ذَلِكَ إِنَّمَا امْتَنَعَ الْأَبْصَارُ أَنْ تَرَى ذَلِكَ أَنَّ الْقَلِيلَ مِنَ النَّارِ إِذَا لَاقَى جُزْءًا مِنَ الْحَطَبِ أَقْوَى مِنْهُ لَمْ تُحْرِقْهُ وَغَلَبَهُ الْجُزْءُ مِنَ الْحَطَبِ فَأَطْفَأَهُ وَإِذَا لَاقَى جُزْءًا أَضْعَفَ مِنْهُ أَحْرَقَهُ أَوْ سَخَّنَهُ، وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ الشَّرَارَةَ الضَّعِيفَةَ إِذَا لَاقَتِ الْحَرِيرَ أَحْرَقَتْهُ، وَإِذَا لَاقَتْ مَا فَوْقَهُ مِنَ الْأَشْيَاءِ لَمْ تَعْمَلْ فِيهِ وَقَهَرَهَا بِقُوَّةِ طَبْعِهِ وَكَذَلِكَ الثَّلْجُ لَوْ أُلْقِيَتْ مِنْهُ حَبَّةٌ فِي مَاءٍ جَارٍ مَا وَجَدْتَ لَهُ تَبْرِيدًا، وَلَوْ أُلْقِيَتْ تِلْكَ الْحَبَّةُ عَلَى حَدَقَةِ الْإِنْسَانِ أَوْ عَلَى لِسَانِهِ لَأَحَسَّ تَبْرِيدَهَا فَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ طَبْعَهَا فِيهَا قَائِمٌ أَبَدًا، وَكَذَلِكَ [ص: 765] كُلُّ مُوجِبٌ لِشَيْءٍ لَا مَحَالَةَ فَهُوَ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ عَلَى التَّجْزِئَةِ فَإِنَّهُ مُضَافٌ إِلَيْهِ لَا يَمْتَنِعُ أَحَدٌ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يُضِيفُهُ إِلَيْهِ فَكَذَلِكَ التَّصْدِيقُ يُضَافُ إِلَيْهِ مَا هُوَ مُوجِبَةٌ لَا مَحَالَةَ وَأَنْتُمْ تَقُولُونَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ اضْطِرَارًا لِأَنَّكُمْ نَوْعَانِ نَوْعٌ مِنْكُمْ وَهُمْ جُمْهُورُكُمْ وَعَامَّتُكُمْ يَقُولُونَ إِنَّ الْمَعْرِفَةَ لَا يَكُونُ فِي عَيْنِهَا إِيمَانًا يَمْنَعُكُمْ مِنْ ذَلِكَ شَهَادَةُ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَى قُلُوبِ مَنْ سُمِّيَ بِالْكُفْرِ أَنَّهَا عَالِمَةٌ مُؤْقِنَةٌ فَزَعَمْتُمْ أَنَّ الْمَعْرِفَةَ لَيْسَتْ فِي عَيْنِهَا إِيمَانًا حَتَّى يَكُونَ مَعَهُ الْإِقْرَارُ. وَقَالَتْ فِرْقَةٌ: لَا تَكُونُ الْمَعْرِفَةُ إِيمَانًا حَتَّى يَكُونَ مَعَهُ الْخُضُوعُ. وَقَالَتْ فِرْقَةٌ: لَا تَكُونُ الْمَعْرِفَةُ إِيمَانًا حَتَّى يَكُونَ مَعَهَا الْخُضُوعُ وَالْإِقْرَارُ. ثُمَّ زَعَمَ مَنْ قَالَ مِنْكُمْ بِهَذِهِ الْمَقَالَةِ عَلَى تَعَرُّفِكُمْ أَنَّ الْخُضُوعَ إِيمَانٌ مَعَ الْمَعْرِفَةِ، وَالْإِقْرَارُ كَذَلِكَ، وَالتَّصْدِيقُ كَذَلِكَ، وَلَيْسَتِ الْمَعْرِفَةُ هِيَ الْخُضُوعُ وَلَا الْإِقْرَارُ وَلَا التَّصْدِيقُ وَلَكِنْ مَعْرِفَةٌ أَوْجَبَتْ ذَلِكَ كُلَّهُ. فَهَلْ تَجِدُونَ بَيْنَ مَا قُلْتُمْ وَبَيْنَ مَا قَالَ مُخَالِفُوكُمْ فُرْقَانًا [ص: 766] إِذْ سَمَّوْا إِيمَانًا مَا أَوْجَبُهُ التَّصْدِيقُ وَسَمَّيْتُمْ إِيمَانًا مَا أَوْجَبَتْهُ الْمَعْرِفَةُ بَلْ هُمْ قَدِ ادَّعَوُا الصِّدْقَ وَذَلِكَ أَنَّهُمْ إِنَّمَا جَعَلُوا الْأَعْمَالَ إِيمَانًا مِنَ الْمَعْرِفَةِ الْقَوِيَّةِ، وَالتَّصْدِيقُ الْقَوِيُّ يُوجِبُهُ الْعَمَلُ لَا مَحَالَةَ لِأَنَّ الْمَعْرِفَةَ عِنْدَهُمُ التَّصْدِيقُ يَتَفَاوَتُ، وَمَا ادَّعَيْتُمْ مِنَ الْمَعْرِفَةِ لَا يُوجِبُ التَّصْدِيقَ وَالْخُضُوعَ لَا مَحَالَةَ لِأَنَّكُمْ تَزْعُمُونَ أَنَّ الْمَعْرِفَةَ لَا يَتَفَاوَتُ وَقَدْ شَهِدَ اللَّهُ وَأَقْرَرْتُمْ بِذَلِكَ أَنَّ الْمَعْرِفَةَ فِي قُلُوبِ الْكُفَّارِ فَلَوْ كَانَتْ تُوجِبُ الْخُضُوعَ وَالتَّصْدِيقَ وَالْإِقْرَارَ مَا جَامَعَتِ الْكُفْرَ أَبَدًا، لِأَنَّ الْخُضُوعَ وَالْإِقْرَارَ وَالتَّصْدِيقَ فِي قَوْلِنَا وَقَوْلِكُمْ إِيمَانٌ وَهُوَ ضِدُّ الْكُفْرِ فَلَوْ كَانَتْ تُوجِبُ ذَلِكَ مَا قَارَنَهَا الْكُفْرُ أَبَدًا فَلَمَّا وَجَدْنَا عَارِفًا كَافِرًا، وَعَارِفًا مُؤْمِنًا عِنْدَنَا وَعِنْدَكُمُ اسْتَحَالَ أَنْ تُوجِبَ الْمَعْرِفَةُ الْإِيمَانَ إِذَا كَانَتْ لَا تَتَفَاوَتُ، وَلَا جَائِزَ أَنْ تُوجِبَ خُضُوعًا، وَلَا إِقْرَارًا أَبَدًا إِنْ كَانَتْ لَا تَتَفَاوَتُ فَقَدْ زَعَمْتُمْ أَنَّ أَصْلَ الْإِيمَانِ الْمَعْرِفَةَ فَإِذَا كَانَ مَعَهَا الْخُشُوعُ وَالتَّصْدِيقُ وَالْإِقْرَارُ كَانَ جَمِيعُ ذَلِكَ إِيمَانًا فَقَدْ ضَمَمْتُمْ إِلَى الْمَعْرِفَةِ مَا لَيْسَ جُزْءًا مِنْهَا وَلَا هِيَ مُوجِبَةٌ لَهُ فَدَعْوَى مُخَالِفِيكُمْ فِي إِضَافَتِهِمْ أَصْدَقُ وَأَبَيَنُ لِأَنَّ الْمَعْرِفَةَ عِنْدَهُمْ يَتَفَاوَتُ لَهَا أَوَّلٌ وَأَعْلَى، وَكَذَلِكَ التَّصْدِيقُ لَهُ أَوَّلٌ وَأَعْلَى فَإِذَا [ص: 767] عَظُمَتِ الْمَعْرِفَةُ أَوْجَبَتِ الْعَمَلَ لَا مَحَالَةَ فَجَعَلُوا مِنَ الْإِيمَانِ وَأَضَافُوا إِلَيْهِ مَا أَوْجَبَهُ عَظِيمُ الْمَعْرِفَةِ وَالتَّصْدِيقِ فَقَدْ وَافَقْتُمُوهُمْ عَلَى مِثْلِ مَا خَالَفُتُمُوهُمْ، وَيُصَدِّقُ دَعْوَاكُمْ وَلَمْ تَقُودُوا قَوْلَكُمْ. وَأَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْمَعْرِفَةَ عِنْدَكُمْ إِذَا انْفَرَدَتْ لَيْسَتْ بِإِيمَانٍ فَإِذَا جَامَعَهَا الْخُضُوعُ وَالْإِقْرَارُ وَالتَّصْدِيقُ صَارَتِ الْمَعْرِفَةُ إِيمَانًا فَكَانَتْ فِي عَيْنِهَا وَحْدَهَا لَا إِيمَانَ فَلَمَّا ضُمَّ إِلَيْهَا غَيْرُهَا انْقَلَبَتْ فَصَارَتْ إِيمَانًا؟ وَقَالَ مُخَالِفُوكُمُ: الْإِيمَانُ أَصْلٌ إِذَا ضُمَّ إِلَيْهِ ازْدَادَ بِهِ وَلَا يَتَقَلَّبُ. وَأَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ إِضَافَتُكُمْ إِلَى التَّصْدِيقِ بِالْقَلْبِ الْقَوْلَ الَّذِي لَيْسَ مِنَ الْمَعْرِفَةِ فِي شَيْءٍ لِأَنَّ الْقَوْلَ أَجْزَاءٌ مُؤَلَّفَةٌ فِي صَوْتٍ عَنْ حَرَكَةِ لِسَانٍ، وَالْمَعْرِفَةُ عَقْدٌ بِضَمِيرِ الْقَلْبِ لَيْسَتْ بِصَوْتٍ وَلَا حُرُوفٍ وَلَا حَرَكَةٍ فَأَضَفْتُمْ إِلَى الْمَعْرِفَةِ مَا لَيْسَ فِيهَا وَلَا يُشْبِهُهَا وَلَا هِيَ مُوجِبَةٌ لَهُ إِلَّا أَنَّ بَعْضَهُمْ يَزْعُمُ أَنَّ التَّصْدِيقَ يُوجِبُ الْقَوْلَ وَهُوَ وَإِنْ أَوْجَبَهُ فَلَيْسَ الْقَوْلُ مِنْ تَصْدِيقِ الْقَلْبِ فِي شَيْءٍ إِذِ الْقَوْلُ حُرُوفٌ مُؤَلَّفَةٌ فِي صَوْتٍ عَنْ حَرَكَةٍ وَلَيْسَ التَّصْدِيقُ بِالْقَلْبِ كَذَلِكَ فَأَضَفْتُمْ إِلَيْهِ مَا لَيْسَ مِنْهُ وَلَا يُشْبِهُهُ ثُمَّ زَعَمْتُمْ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُؤْمِنًا إِلَّا بِهِ فَهَذَا أَعْجَبُ مَنْ [ص: 768] قَوْلِ مُخَالِفِيكُمْ فَقَدْ قَايَسْنَاكُمْ عَلَى اللُّغَةِ وَالْمَعْقُولِ فَتَبَيَّنَ دَحْضُ حُجَّتِكُمْ وَبُطْلَانُ دَعْوَاكُمْ وَأَوْلَى بِالْحَقِّ اتِّبَاعِهِ مَنْ أَرَادَ اللَّهَ وَخَافَهُ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَزَعَمَتْ طَائِفَةٌ مِنَ الْمُرْجِئَةِ أَنَّ الْإِيمَانَ هُوَ الْمَعْرِفَةُ وَالْإِقْرَارُ، وَأَنَّ الْخَلْقَ كُلَّهُمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ فَمَنْ دُونَهُمْ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، وَأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَأْمُرْ أَحَدًا مِنَ الْإِيمَانِ بِشَيْءٍ إِلَّا أَمَرَ بِهِ غَيْرَهُ، وَلَمْ يَأْمُرْهُ مِنَ الْإِيمَانِ بِشَيْءٍ إِلَّا أَمَرَ بِهِ مَنْ كَانَ قَبْلَهُ، وَأَنَّ الْإِيمَانَ لَا يَلْزَمُ فَرْضُهُ إِلَّا جُمْلَةً، وَلَا يَحْدُثُ مِنْهُ شَيْءٌ بَعْدَ شَيْءٍ، وَلَا يَأْتِي أَحَدٌ مِنْهُ بِشَيْءٍ بَعْدَ شَيْءٍ إِلَّا كَانَ كَافِرًا. فَيُقَالُ لَهُمْ: خَبِّرُونَا عَنْ أَهْلِ زَمَانِ مُوسَى وَعِيسَى هَلْ كَانَ مِنْ إِيمَانِهِمْ أَنْ يَعْلَمُوا وَيَعْتَقِدُوا التَّصْدِيقَ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ مُحَمَّدًا رَسُولًا؟ فَإِنْ قَالُوا: لَمْ يَكُنْ مِنْ إِيمَانِهِمْ أَنْ يَعْلَمُوا وَيَعْتَقِدُوا أَنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ مُحَمَّدًا رَسُولًا، وَلَكِنْ كَانَ مِنْ إِيمَانِهِمْ أَنْ يَعْلَمُوا وَيَعْتَقِدُوا أَنَّ اللَّهَ سَيَبْعَثُ مُحَمَّدًا رَسُولًا. قِيلَ لَهُمْ: فَهَلْ مِنْ إِيمَانِنَا الْيَوْمَ أَنْ نَعْلَمَ، وَنَعْتَقِدَ أَنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ مُحَمَّدًا رَسُولًا؟ فَإِنْ قَالُوا: وَلَا بُدَّ لَهُمْ مِنْ ذَلِكَ فَقَدْ أَوْجَبُوا عَلَيْنَا مِنَ [ص: 769] الْإِيمَانِ مَا لَمْ يُوجِبُوهُ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَنَا فَهَذَا نَقْضٌ لِمَا بَنَوْا عَلَيْهِ أَصْلَهُمْ، وَخُرُوجٌ مِنْ جُمْلَةِ قَوْلِهِمْ. وَإِنْ قَالُوا: الْعِلْمُ وَالِاعْتِقَادُ بِأَنَّ اللَّهَ سَيَبْعَثُ مُحَمَّدًا رَسُولًا لِأَنَّا قَدْ عَلِمْنَا بِأَنَّهُ قَدْ بَعَثَهُ رَسُولًا، وَأَهْلُ الزَّمَانِ الْأَوَّلِ قَدْ كَانُوا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ مُحَمَّدًا رَسُولًا إِذْ كَانُوا قَدْ عَلِمُوا أَنَّهُ سَيَبْعَثُهُ رَسُولًا وَهَذَا هُوَ الْخُلْفُ مِنَ الْكَلَامِ، وَالتَّنَاقُضُ مِنَ الْمَقَالِ. وَيُقَالُ لَهُمْ: خَبِّرُونَا عَنْ مَنْ لَمْ يَسْمَعْ بِذِكْرِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ زَمَانِ مُوسَى وَعِيسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ آمَنَ بِمُوسَى وَعِيسَى وَجَمِيعِ مَا جَاءَ بِهِ جُمْلَةً هَلْ يَكُونُ مُؤْمِنًا؟ فَإِنْ قَالُوا: لَا، قِيلَ لَهُمْ: وَكَذَلِكَ مَنْ لَمْ يَسْمَعْ بِذِكْرِ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَالزَّكَاةِ وَجَمِيعِ مَا فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَجَمِيعِ مَا أَحَلَّ وَحَرَّمَ، فَجَهِلَ بِشَيْءٍ مِنْهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ بِهِ، وَلَمْ يَفْتَرِضْهُ اللَّهُ عَلَى أَهْلِ ذَلِكَ الزَّمَانِ لَا يَكُونُ مُؤْمِنًا وَهُوَ مُقِرٌّ مُصَدِّقٌ بِمُوسَى وَعِيسَى، وَبِجَمِيعِ مَا جَاءَا بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ. فَإِنْ قَالُوا: لَا يَكُونُ مُؤْمِنًا مَنْ لَمْ يَعْرِفْ مِنْهُمْ جَمِيعَ ذَلِكَ، وَلَمْ يُقِرَّ بِهِ خَرَجُوا مِنْ قَوْلِ أَهْلِ الصَّلَاةِ، وَلَا يَقُولُ [ص: 770] هَذَا مُسْلِمٌ. وَإِنْ قَالُوا: هُوَ مُؤْمِنٌ إِذْ آمَنَ بِمُوسَى وَعِيسَى وَبِمَا جَاءَا بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ بِذِكْرِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا جَاءَ بِهِ مِنَ الشَّرَائِعِ. قِيلَ لَهُمْ: فَإِنَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ قَامَتْ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ، وَعَلِمَ أَنَّ مُحَمَّدًا سَيُبْعَثُ أَوْ أَدْرَكَ زَمَانَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلِمَ وَأَقَرَّ بِهِ وَصَدَّقَ بِهِ هَلْ حَدَثَ لَهُ مِنَ الْإِيمَانِ شَيْءٌ لَمْ يَكُنْ قَبْلَ ذَلِكَ، أَوْ أَصَابَ مِنَ الْإِيمَانِ شَيْئًا لَمْ يَكُنْ أَصَابَهُ قَبْلَ ذَلِكَ؟ فَإِنْ قَالُوا: نَعَمْ فَقَدْ رَجَعُوا عَنْ قَوْلِهِمْ. وَإِنْ قَالُوا: لَمْ يُصِبْ بِعِلْمِهِ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِقْرَارِهِ بِهِ إِيمَانًا لَمْ يَكُنْ أَصَابَهُ قَبْلَ ذَلِكَ. قِيلَ لَهُمْ: فَإِنْ جَهِلَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ مَا بَعَثَهُ اللَّهُ أَوْ عَلِمَهُ فَلَمْ يُقِرَّ بِهِ، وَأَقَامَ عَلَى أَمْرِهِ الْأَوَّلِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ مُسْتَكْمِلُ الْإِيمَانِ؟ فَإِنْ قَالُوا: نَعَمْ خَرَجُوا مِنْ قَوْلِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ، وَلَيْسَ هَذَا قَوْلُهُمْ، وَإِنْ قَالُوا: إِذَا جَهِلَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ مَا بَعَثَهُ اللَّهُ أَوْ عَرَفَهُ فَلَمْ يُقِرَّ بِهِ فَهُوَ كَافِرٌ. قِيلَ لَهُمْ: فَهَلْ يَكُونُ كَافِرًا إِلَّا بِتَرْكِ الْإِيمَانِ؟ [ص: 771] فَإِنْ قَالُوا: لَا فَقَدْ أَقَرُّوا بِزِيَادَةِ الْإِيمَانِ، وَوَجَبَ عَلَيْهِمْ فَرْضُهُ بَعْدَ مَا بُعِثَ بِهِ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَيُقَالُ لَهُمْ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ، وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ} [النساء: 164] . خَبِّرُونَا عَنْ أُولَئِكَ الَّذِي أَرْسَلَ اللَّهُ إِلَيْهِمْ هَؤُلَاءِ الرُّسُلَ الَّذِينَ لَمْ يَقْصُصْهُمْ عَلَيْنَا، وَلَمْ يُخْبِرْنَا بِأَسْمَائِهِمْ هَلْ كَلَّفَهُمُ اللَّهُ الْمَعْرِفَةَ بِهَؤُلَاءِ الرُّسُلِ بِأَعْيَانِهِمْ وَأَسْمَائِهِمْ؟ فَإِنْ قَالُوا: نَعَمْ، وَلَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ قِيلَ لَهُمْ: فَقَدْ لَزِمَ أُولَئِكَ مِنْ فَرْضِ الْإِيمَانِ مَا لَزِمَ أُولَئِكَ وَلَزِمَ أُولَئِكَ مِنْ فَرْضِ الْإِيمَانِ مَا لَمْ يَلْزَمُنَا، لِأَنَّهُمْ أَدْرَكُوا أُولَئِكَ الرُّسُلَ وَعَايَنُوهُمْ وَأَخْبَرُونَا بِأَسْمَائِهِمْ فَوَجَبَ عَلَيْهِمْ مَعْرِفَتُهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ وَأَعْيَانِهِمْ، وَالْإِقْرَارُ وَالتَّصْدِيقُ بِأَنَّهُمْ رُسُلُ اللَّهِ وَلَمْ نُدْرِكْهُمْ نَحْنُ، وَلَمْ نُعَايِنْهُمْ، وَلَا أَخْبَرَنَا بِأَسْمَائِهِمْ وَلَمْ يَجِبْ عَلَيْنَا مِنَ الْإِيمَانِ بِأَسْمَائِهِمْ وَأَعْيَانِهِمْ مَا وَجَبَ عَلَى أُولَئِكَ، وَكَذَلِكَ مَنْ آمَنَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِالْفَرَائِضِ الَّتِي أَنْزَلَهَا اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَوْ يُنْزِلُهَا جُمْلَةً فِي أَوَّلِ مَا بَعَثَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مُؤْمِنًا، ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ الْفَرَائِضَ، وَفَسَّرَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [ص: 772] فَعَرَّفَهَا وَعَرَّفَ تَفْسِيرَهَا فَمَنْ آمَنَ بِهَا زَادَ إِيمَانًا إِلَى إِيمَانِهِ الْأَوَّلِ، وَكَذَلِكَ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} [التوبة: 124] وَذَلِكَ أَنَّ الْإِيمَانَ الْأَوَّلَ يَحْمِلُ الْفَرَائِضَ الَّتِي نَزَلَتْ وَيُنَزِّلُ كَانَ هُوَ الْإِيمَانُ مَا لَمْ يُكَلِّفُوا الْإِيمَانَ بِتَفْسِيرِ الْفَرَائِضِ الَّتِي نَزَلَتْ وَالَّتِي تَنْزِلُ فَإِذَا نَزَلَتِ الْفَرَائِضُ وَفُسِّرَتْ لَهُمْ وَجَبَ عَلَيْهِمُ الْإِيمَانَ بِتَفْسِيرِهَا كَمَا وَجَبَ عَلَيْهِمُ الْإِيمَانُ بِجُمْلَتِهَا وَصَارَ الْإِيمَانُ بِتَفْسِيرِهَا مَضْمُومًا إِلَى الْإِيمَانِ الْأَوَّلِ فَصَارَ إِيمَانُهُمْ أَكْمَلَ. فَجَمِيعُ مَا ذَكَرْنَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ النَّاسَ مُتَفَاوِتُونَ فِي الْإِيمَانِ غَيْرُ مُسْتَوِينَ إِذْ كَانَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَدِ افْتَرَضَ عَلَى الْأَوَّلِينَ مِنَ الْإِيمَانِ مَا لَمْ يَفْتَرِضُ عَلَى الْآخِرِينَ، وَافْتَرَضَ عَلَى الْآخِرِينَ مَا لَمْ يَفْتَرِضُ عَلَى الْأَوَّلِينَ نَحْوًا مِمَّا وَصَفْتُ لَكَ مِنْ مَعْرِفَةِ الرُّسُلِ بِأَعْيَانِهِمْ وَأَسْمَائِهِمْ وَحُدُودِ الْفَرَائِضِ الَّتِي افْتُرِضَتْ عَلَيْهِمْ، وَتَفْسِيرِهَا فَكُلُّ مَنْ أَدَّى مَا كُلِّفَ مِنَ الْإِيمَانِ وَالْفَرْضِ عَلَيْهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ مُسْتَكْمِلٌ لِمَا افْتُرِضَ عَلَيْهِ مِنَ الْإِيمَانِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ أَكْثَرَ إِيمَانًا [ص: 773] وَأَكْثَرَ مِنْهُ إِذْ كُلِّفَ مِنَ الْإِيمَانِ مَا لَمْ يُكَلَّفْ هُوَ. وَيُقَالُ لَهُمْ: مَا تَقُولُونَ فِي رَجُلٍ نَوَى أَنْ يَكْفُرَ غَدًا لِمِيرَاثٍ طَمِعَ أَنْ يُصِيبَهُ أَوْ غَيْرُهُ؟ فَإِنْ قَالُوا: هُوَ كَافِرٌ، قِيلَ لَهُمْ: فَكَيْفَ أَخَرَجْتُمُ الْمُؤْمِنَ مِنْ إِيمَانِهِ بِنِيَّتِهِ أَنْ يَكْفُرَ غَدًا فَهَلْ أَخَرَجْتُمُ الْكَافِرَ مِنْ كُفْرِهِ بِنِيَّتِهِ أَنْ يُؤْمِنَ غَدًا؟ فَإِنْ قَالُوا: بِأَنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا يَكْفُرُ غَدًا فَقَدْ تَرَكَ الْخُضُوعَ، وَالْإِنْكَارَ لِلَّهِ بِالطَّاعَةِ فَمِنْ ثَمَّ أَكْفَرْنَاهُ، وَالْكَافِرَ أَخَّرَ الْإِذْعَانَ لِلَّهِ وَالْخُضُوعَ لَهُ وَنَوَاهُ فَلَمْ يُخْرِجْهُ ذَلِكَ مِنْ كُفْرِهِ. قِيلَ لَهُمْ: أَمَّا الْمُؤْمِنُ فَفِي وَقْتِهِ مُذْعِنٌ خَاضِعٌ إِذْ لَمْ يَتَعَجَّلِ الْكُفْرَ فَيَعْتَقِدُهُ، وَإِنَّمَا أَخَّرَ الْكُفْرَ وَلَزِمَ الْخُضُوعُ لِلَّهِ فَلَمْ يَدَعْهُ، وَلَوْ زَايَلَهُ الْخُضُوعُ مَا أَخَّرَ الْكُفْرَ، وَكَذَلِكَ الْكَافِرُ لَوْلَا مُزَايَلَةُ الْخُضُوعِ لَهُ لَآمَنَ لِأَنَّهُ إِنَّمَا نَوَى أَنْ يَخْضَعَ بَعْدَ وَقْتِهِ فَإِنْ كَانَ نِيَّتُهُ أَنْ يَخْضَعَ بَعْدَ وَقْتِهِ لَا يُخْرِجُهُ مِنْ كُفْرِهِ فَكَذَلِكَ نِيَّةُ الْمُؤْمِنِ أَنْ لَا يَخْضَعَ بَعْدَ وَقْتِهِ لَا يُخْرِجُهُ مِنْ إِيمَانِهِ لِأَنَّ الْكَافِرَ أَوْرَدَ النِّيَّةَ بِخُضُوعٍ يَتَأَخَّرُ عَلَى أَنَّهَا لَازِمٌ، وَالْمُؤْمِنُ أَوْرَدَ لِلَّهِ تَائِبًا مُتَأَخِّرًا عَلَى خُضُوعٍ لَازِمٍ فَلَا فُرْقَانَ بَيْنَ ذَلِكَ، فَإِمَّا أَنْ يَحْكُمُوا عَلَيْهِمَا بِحَالَيْهِمَا فِي وَقْتَيْهِمَا اللَّذَيْنِ هُمَا فِيهِمَا أَوْ بِحَالَيْهِمَا اللَّذَيْنِ لَمْ يَأْتِيَا، وَلَا فُرْقَانَ بَيْنَ ذَلِكَ، وَأُخْرَى أَيْنَ وَجَدْتُمْ أَنَّ النِّيَّةَ فِي عَيْنِهَا إِيمَانٌ أَوِ الْخُضُوعُ فِي عَيْنِهِ إِيمَانٌ إِذَا كَانَ الْكَافِرُ مُنْكِرًا لِلَّهِ بِقَلْبِهِ وَلِسَانِهِ نَاو لَا يَكْذِبُ عَلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِهِ فَقَدْ ثَبَتُّمُ الْإِرَادَةَ وَالْخُضُوعَ إِيمَانًا وَزَوَالَهُمَا كُفْرًا، فَلَمْ يَنْفَعِ الْكَافِرَ إِذْ لَمْ يَتَعَجَّلْهَا فَهَلَّا نَفَعَتِ الْمُؤْمِنَ إِذْ تَعَجَّلَهَا فَقَدْ أَكْفَرْتُمْ مَعَ التَّصْدِيقِ بِالْقَلْبِ وَاللِّسَانِ بِالنِّيَّةِ لِأَنْ يَفْعَلَ شَيْئًا لَعَلَّهُ لَا يَفْعَلُهُ، وَقَدْ كَانَ يَجِبُ عَلَيْكُمْ فِي الْقِيَاسِ أَنْ شَهِدَ لِلْكَافِرِ بِالْإِيمَانِ بِنِيَّتِهِ الَّتِي قَدَّمَهَا كَمَا لَمْ يَنْفَعِ الْمُؤْمِنَ مَعْرِفَتُهُ وَقَوْلُهُ بِلِسَانِهِ، وَخَرَجَ مِنَ الْإِيمَانِ بِالنِّيَّةِ لِلْكُفْرِ. فَكَذَلِكَ لَا يُكَفِّرُ الْكَافِرَ إِنْكَارُهُ بِقَلْبِهِ وَتَكْذِيبُهُ بِلِسَانِهِ مَعَ النِّيَّةِ الَّتِي قَدَّمَهَا أَنْ يُؤْمِنَ غَدًا. فَإِنْ هُمْ سَأَلُونَا، فَقَالُوا: مَا تَقُولُونَ أَنْتُمْ فِي ذَلِكَ قِيلَ لَهُمْ: إِنَّ الْإِيمَانَ لَيْسَ هُوَ عِنْدَنَا الْمَعْرِفَةَ وَحْدَهَا، وَلَا الْقَوْلَ وَحْدَهُ لَأَنَّا قَدْ وَجَدْنَا الْمُنَافِقِينَ يُقِرُّونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ وَهُمْ كَافِرُونَ، وَوَجَدْنَا الْيَهُودَ قَدْ عَرَفُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ بِقُلُوبِهِمْ، وَهُمْ كَافِرُونَ فَلَمَّا كَانَتِ الْمَعْرِفَةُ فِي عَيْنِهَا إِذَا انْفَرَدَتْ لَا إِيمَانَ، وَكَانَ الْقَوْلُ إِذَا انْفَرَدَ لَا إِيمَانُ فَإِذَا ضُمَّا لَمْ يَكُونَا إِيمَانًا إِلَّا بِشَرِيطَةِ نِيَّتِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَيْئَيْنِ يَنْفَرِدَانِ خَارِجَيْنِ مِنْ بَعْضِ الْأَجْنَاسِ ثُمَّ يَجْتَمِعَانِ فَيَدْخُلَانِ فِي غَيْرِ جِنْسِهِمَا إِلَّا أَنْ يَزِيدَ فِيهِمَا مَعْنًى وَهُوَ أَنْ يَجُوزَ مَعْرِفَةٌ لَيْسَتْ بِمَعْرِفَةٍ تَسْبِقُ عَلَى كِتَابٍ سُمِعَ كَمَعْرِفَةِ الْيَهُودِ لَا مَعْرِفَةُ بَيَانٍ أَوْجَبَهَا الِاضْطِرَارُ فَإِبْلِيسُ عَايَنَ مَا لَمْ يَجِدْ لِلشَّكِّ فِيهِ مَسَاغًا يُعْرَفُ ثُمَّ أَبَى السُّجُودَ، وَإِنَّمَا الْمَعْرِفَةُ الَّتِي هِيَ إِيمَانٌ هِيَ مَعْرِفَةُ تَعْظِيمِ اللَّهِ وَجَلَالِهِ وَهَيْبَتِهِ، فَتَعَظُّمُ الْمَعْرِفَةِ تُعَظِّمُ الْقَدْرَ مَعْرِفَةٌ فَوْقَ مَعْرِفَةِ الْإِقْرَارِ فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَهُوَ الْمُصَدِّقُ الَّذِي لَا يَجِدُ مَحِيصًا عَنِ الْإِجْلَالِ وَالْخُضُوعِ لِلَّهِ بِالرُّبُوبِيَّةِ وَلَا تُطَاوِعُهُ نَفْسُهُ وَلَا يَصْفُو لِنَفْسِهِ رِيبَةَ الْكُفْرِ لِأَنَّ النِّيَّةَ فِي الْكُفْرِ اسْتِهَانَةٌ بِالرَّبِّ وَالِاسْتِهَانَةُ ضِدُّ التَّعْظِيمِ وَالْإِجْلَالِ وَالْهَيْبَةِ فَإِذَا عَظُمَتْ مَعْرِفَتُهُ تَعْظِيمَ قَدْرِهِ لَمْ تَبُحْ نَفْسُهُ بِنِيَّةِ الْكُفْرِ وَلَوْ قُطِعَ أَعْضَاؤُهُ فَمِنْ ثَمَّ كَانَ هَذَا الْمُؤْمِنُ لَمَّا نَوَى الْكُفْرَ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِ الْكُفْرَ وَيَعْتَقِدُهُ لَدَيْنَا، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ تَدَيُّنٍ حَتَّى صَغُرَ قَدْرُ الرَّبِّ عِنْدَهُ فَاسْتَهَانَ بِهِ، وَلَيْسَ هَذَا بِمُصَدِّقٍ وَلَا مُؤْمِنٍ لِأَنَّ التَّعْظِيمَ لَا يُقَارِنُ الِاسْتِهَانَةَ وَالتَّصْدِيقَ لَا يُقَارِنُ نِيَّةَ التَّكْذِيبِ وَكَيْفَ يَفْتَرِقَانِ وَهُمَا ضِدَّانِ وَكَذَلِكَ الْكَافِرُ لَوْ كَانَ بَعَثَهُ عَلَى نِيَّةِ الْإِيمَانِ مَعْرِفَتُهُ لِلَّهِ بِتَحْقِيقِهِ عَلَى مَا وَصَفْنَا مَا أَخَّرَ ذَلِكَ طَرْفَةَ عَيْنٍ فَفِي تَأْخِيرِهِ ذَلِكَ أَمْنٌ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَهَانَ بِهِ فَهُوَ كَافِرٌ لَا مَحَالَةَ وَكِلَاهُمَا كَافِرَانِ بِغَيْرِ الْجَوَابِ الَّذِي أَجَبْتُمْ. فَبِذَلِكَ ثَبَتَ أَنَّ الْإِيمَانَ يُوجِبُ الْإِجْلَالَ لِلَّهِ وَالتَّعْظِيمَ لَهُ، وَالْخَوْفَ مِنْهُ وَالتَّسَارُعَ إِلَيْهِ بِالطَّاعَةِ عَلَى قَدْرِ مَا وَجَبَ فِي الْقَلْبِ فِي عَظِيمِ الْمَعْرِفَةِ وَقَدْرِ الْمَعْرُوفِ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَيُقَالُ لَهُمْ: قَوْلُكُمْ إِنَّ الْقَوْلَ بِاللِّسَانِ إِيمَانٌ مَعَ الْمَعْرِفَةِ أَيُّهُمَا أَصْلٌ لِلْآخَرِ؟ فَإِنْ زَعَمُوا أَنَّ الْقَوْلَ بِاللِّسَانِ أصل للإيمان، فَقَدْ أَوْجَبُوا لِلْمُنَافِقِينَ أَصْلَ الْإِيمَانِ إِذْ يَشْهَدُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ، وَقَدْ أَكْذَبَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَأَخْبَرَ أَنَّهُمْ كَاذِبُونَ ثُمَّ أَخْبَرَ عَنِ الْأَعْرَابِ الَّذِينَ قَالُوا: آمَنَّا، فَقَالَ: {قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} [الحجرات: 14] فَأَخْبَرَ أَنَّ قَوْلَهُمْ ذَلِكَ لَيْسَ بِإِيمَانٍ، ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّ الْإِيمَانَ أَوَّلَهُ عَلَى الْقَلْبِ فَقَالَ: {وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} [الحجرات: 14] وَقَالَ: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ} [البقرة: 8] فَقَدْ دَلَّ الْقُرْآنُ عَلَى إِكْفَارِ مَنْ أَقَرَّ بِلِسَانِهِ وَقَلْبُهُ مُنْكِرٌ. وَإِنْ قَالُوا: إِنَّ الْمَعْرِفَةَ أَصْلُ الْإِيمَانِ. قِيلَ لَهُمْ: فَالْإِقْرَارُ أَصْلٌ ثَانٍ مُضَافٌ إِلَيْهِ أَوْ فَرْعٌ لَهُ؟ فَإِنْ قَالُوا: أَصْلٌ ثَانٍ، قِيلَ لَهُمْ: فَمَنْ جَاءَ بِالْمَعْرِفَةِ، وَلَمْ يَأْتِ بِالْأَصْلِ الثَّانِي لِطَلَبِ دُنْيَا أَوِ اسْتِكْبَارٍ عَنِ اتِّبَاعِ الْمُسْلِمِينَ لِئَلَّا يَزُولُ عَنْ رِيَاسَةٍ أَوْ غَيْرِهَا إِلَّا أَنَّهُ عَارِفٌ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَبِرَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَا حَالُهُ عِنْدَكُمْ؟ فَإِنْ قَالُوا: كَافِرٌ، قِيلَ لَهُمْ: كَافِرٌ لَيْسَ فِيهِ مِنَ الْإِيمَانِ شَيْءٌ أَوْ قَدْ جَاءَ بِأَحَدِ الْأَصْلَيْنِ؟ فَإِنْ قَالُوا: لَيْسَ فِيهِ مِنَ الْإِيمَانِ شَيْءٌ فَقَدْ زَعَمُوا أَنَّ مَعْرِفَةَ الْقَلْبِ هُوَ قَوْلُ اللِّسَانِ إِذْ كَانَ زَوَالُ الْمَعْرِفَةِ هُوَ تَرْكُ الْقَوْلِ، وَهَذَا التَّنَاقُضُ وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ كَانَ إِذَا أَقَرَّ بِاللِّسَانِ كَانَ عَارِفًا مِنْ قَبْلِ الْإِقْرَارِ بِاللِّسَانِ، وَإِنْ كَانَ مُنْكِرًا بِقَلْبِهِ فَإِنْ كَانَ قَدْ تَجَامَعَ الْإِنْكَارُ بِالْقَلْبِ الْقَوْلَ بِاللِّسَانِ فَكَذَلِكَ تُجَامِعُ الْمَعْرِفَةُ تَرْكَ الْقَوْلِ بِاللِّسَانِ، وَلَوْ كَانَ فِي زَوَالِ الْمَعْرِفَةِ زَوَالُ الْقَوْلِ وَكَانَ لَا يُقِرُّ بِاللِّسَانِ مُنْكَرًا كَمَا لَمْ يَعْرِفُ الْقَلْبُ مُنْكَرًا بِاللِّسَانِ أَبَدًا عَلَى قِيَاسِ مَا قُلْتُمْ. فَإِنْ قَالُوا: الْإِقْرَارُ فَرْعٌ لِأَصْلِ الْإِيمَانِ، وَهُوَ الْمَعْرِفَةُ. قِيلَ لَهُمْ: فَتَرْكُ الْفَرْعِ يَذْهَبُ بِالْأَصْلِ أَوْ يَبْقَى الْأَصْلُ عَلَى حَالِهِ، وَأَزَالَ الْفَرْعَ؟ فَإِنْ قَالُوا: يَذْهَبُ الْأَصْلُ، قِيلَ لَهُمْ: فَالْأَصْلُ أَوْلَى أَنْ يَكُونَ فِي زَوَالِهِ زَوَالُ الْفَرْعِ فَقَدْ وَجَدْنَاهُ مُقِرًّا مُنْكَرًافَكَذَلِكَ ثَبَتَ أَنَّهُ عَارِفٌ مُنْكِرٌ. فَإِنْ قَالُوا: هُوَ عَارِفٌ تَارِكٌ لِلْإِقْرَارِ بِلِسَانِهِ. قِيلَ: وَلَمْ يُسَمِّهِ اللَّهُ مُؤْمِنًا مَعَ تَرْكِ الْإِقْرَارِ بِلِسَانِهِ. وَقِيلَ لَهُمْ: إِبْلِيسُ إِنَّمَا كَفَرَ بِتَرْكِ الْفَرْعِ، وَلَمْ تَنْفَعْهُ الْمَعْرِفَةُ وَلَيْسَ الْقَوْلُ مِنَ الْمَعْرِفَةِ فِي شَيْءٍ لِأَنَّهُ فَرْعٌ مُضَافٌ إِلَيْهَا بِالِاسْمِ لَا مِنْ جِنْسِهَا، وَإِنَّمَا الْإِقْرَارُ بِاللِّسَانِ يَكُونُ عَنْهَا وَلَيْسَ هُوَ بِهَا، وَلَا مِنْ جِنْسِهَا لِأَنَّ الْأَصْوَاتَ، وَالْحُرُوفَ، وَالْحَرَكَاتِ لَيْسَتْ مِنْ جِنْسِ الضَّمِيرِ فِي شَيْءٍ وَإِنْ كَانَ الْإِيمَانُ لَا يَتِمُّ إِلَّا بِفَرْعٍ عَنِ الْمَعْرِفَةِ وَلَيْسَ مِنْ جِنْسِهَا، فَمَا أَنْكَرْتُمْ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْإِيمَانَ لَا يَتِمُّ إِلَّا بِالصَّلَاةِ وَلَيْسَتْ هِيَ مِنْ جِنْسِ الْمَعْرِفَةِ وَلَكِنْ عَنْهَا يَكُونُ. فَإِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّ بَيْنَهُمَا فُرْقَانًا، فَمَا الْفُرْقَانُ؟ اللُّغَةُ يَدْعُونَهَا فِي مَجَازِ اللُّغَاتِ أَوْ حَقِيقَةُ مَعْنًى؟ فَإِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّ الْعَرَبَ قَدْ يَقُولُ بَعْضُهَا لِبَعْضٍ: فُلَانٌ صَدَقَنِي بِلِسَانِهِ فَسَمَّوُا الْإِقْرَارَ تَصْدِيقًا. قِيلَ لَكُمْ: لَيْسَ يَخْلُو مَا ادَّعَيْتُمْ مِنْ قَوْلِ الْعَرَبِ مِنْ أَحَدِ مَعْنَيَيْنِ: إِمَّا أَنْ تَكُونَ تَعْنِي بِقَوْلِهَا صَدَقَنِي فُلَانٌ بِلِسَانٍ أَيْ أَنَّهُ آمَنَ بِقَوْلٍ بِلِسَانِهِ، وَقَلْبُهُ لَا يَعْرِفُ ذَلِكَ، أَوْ تَكُونَ تَعْنِي أَنَّهُ صَدَقَنِي بِقَلْبِهِ فَآمَنَ بِقَوْلِي ثُمَّ عَبَّرَ لِي عَمَّا فِي قَلْبِهِ أَنِّي صَادِقٌ عِنْدَهُ، فَإِنْ كَانَتْ تَعْنِي أَنَّهُ آمَنَ بِلِسَانِهِ دُونَ قَلْبِهِ فَقَدْ ثَبَتَ الْإِيمَانُ بِاللِّسَانِ، وَإِنْ كَانَ الْقَلْبُ مُنْكِرًا وَإِنْ كَانَتْ إِنَّمَا تَعْنِي أَنَّهُ إِنَّمَا عَبَّرَ عَمَّا فِي قَلْبِهِ فَقَدْ دَلَّلَ بِذَلِكَ أَنَّ الْعِبَارَةَ لَيْسَتْ بِالْمُعَبِّرَةِ عَنْهُ، وَإِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّهَا مَعْنًى ثَالِثٌ عَلَى أَحَدِ مَعْنَيَيْنِ أَحَدُهُمَا تَصْدِيقٌ بِالْقَلْبِ، وَالْآخَرُ تَحْقِيقٌ لِمَا فِي قَلْبِهِ. قِيلَ لَكُمْ: تَحْقِيقٌ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ قَدْ آمَنَ أَوِ الْإِيمَانُ قَائِمٌ فِي اللِّسَانِ؟ فَإِنْ قَالُوا: قَائِمٌ فِي اللِّسَانِ فَقَدْ فَرَغْنَا مِنْ ذَلِكَ. وَإِنْ قَالُوا: تَحْقِيقٌ لَهُ، وَلَا بُدَّ لَهُمْ مِنْ ذَلِكَ وَإِلَّا عَانَدُوا اللُّغَةَ وَخَالَفُوا الْفُرْقَانَ لِأَنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} [الحجرات: 14] فَأَخْبَرَ أَنَّهُ فِي الْقَلْبِ وَأَخْبَرَ أَنَّ قَوْلَهُمْ لَيْسَ بِإِيمَانٍ إِذْ قَالَ: لَمْ تُؤْمِنُوا. فَقَدْ دَلَّ أَنَّ قَوْلَ الْإِنْسَانِ لَيْسَ بِإِيمَانٍ فِي عَيْنِهِ حَتَّى يَكُونَ عِبَارَةً عَمَّا فِي الْقَلْبِ. وَأَمَّا اللُّغَةُ فَقَدْ أَجْمَعَ أَهْلُهَا أَنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ صَدَقْتَ فِي أَنَّ لَكَ عَلَيَّ حَقٌّ أَنَّهُ إِقْرَارٌ بِلِسَانِهِ وَلَا يَخْلُو مِنْ أَحَدِ مَعْنَيَيْنِ إِمَّا أَنْ يَكُونَ أَقَرَّ لَهُ لِرَهْبَةٍ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ وَهُوَ مُنْكِرٌ لِحَقِّهِ فَذَلِكَ مِنْهُ كَذِبٌ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُؤْمِنٍ بِمَا يَقُولُ أَوْ يَكُونُ عَارِفًا بِذَلِكَ بِقَلْبِهِ مُصَدِّقًا لَهُ، وَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّ ذَلِكَ عِبَارَةٌ عَمَّا فِي قَلْبِهِ تَحْقِيقُ إِيمَانِهِ بِقَلْبِهِ فَيَقُولُونَ قَدْ آمَنَ بِمَا قَالَ، وَصَدَّقَ بِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ طَلَبَ مِنْهُ حَقَّهُ فَقَالَ: لِي عَلَيْكَ أَلْفُ دِينَارٍ أَوْ هَذَا الثَّوْبُ الَّذِي عَلَيْكَ لِي فَخَلَعَهُ فَنَاوَلَهُ إِيَّاهُ أَوْ وَزَنَ لَهُ أَلْفَ دِينَارٍ فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ فَقَالُوا: قَدْ صَدَّقَهُ وَرَدَّ عَلَيْهِ حَقَّهُ، وَلَوْ لَمْ يُصَدِّقْهُ مَا أَعْطَاهُ فَإِنْ كَانَ الْإِقْرَارُ تَحْقِيقًا لِمَا فِي الْقَلْبِ يَدُلُّ بِهِ عَلَى أَنَّهُ مُصَدِّقٌ بِاللَّهِ وَبِمَا قَالَ فَكَذَلِكَ جَمِيعُ الطَّاعَاتِ الْمُفْتَرَضَةِ هِيَ مُحَقِّقَةٌ لِلتَّصْدِيقِ مُكَمِّلَةٌ لَهُ لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ إِنَّمَا يَكْمُلُ إِيمَانُهُ بِأَنْ يَرْفَعَ لِسَانَهُ وَيَضَعُهُ بِالتَّوْحِيدِ فَكَذَلِكَ يَكْمُلُ إِيمَانُهُ بِأَنْ يَضَعَ وَجْهَهُ لِلَّهِ فِي التُّرَابِ تَوْحِيدًا لَهُ بِذَلِكَ لَا يُرِيدُ غَيْرَهُمَا كِلَاهُمَا جَارِحَتَانِ غَيْرُ الْقَلْبِ وَغَيْرُ عَمَلِهِ وَلَا فُرْقَانَ بَيْنَ ذَلِكَ إِلَّا ادِّعَاءُ اللُّغَةِ الَّتِي قَدْ تَدَاوَلَتْهَا الْعَرَبُ بَيْنَهَا، يُرِيدُ بِهِ الْعِبَارَةَ بِعَيْنِهَا أَنَّ الْإِقْرَارَ عِبَارَةٌ عَنِ الْإِيمَانِ فِي الْقَلْبِ، وَقَدْ يُسَمَّى فِعْلُ الْجَوَارِحِ أَيْضًا تَصْدِيقًا، لَوْ قَالَ قَائِلٌ لِرَجُلٍ: إِنَّ فُلَانًا قَتَلَ وَلَدَكَ فَشَدَّ عَلَى قَاتِلِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقُولَ لِلْمُخْبِرِ لَهُ صَدَقْتَ لَشَهِدَتِ الْقُلُوبُ أَنَّهُ قَدْ صَدَّقَهُ بِفِعْلِهِ وَمَعَ شَهَادَتِهِمَا فَهِيَ عَالِمَةٌ أَنَّ ذَلِكَ الْفِعْلَ تَحْقِيقٌ لِتَصْدِيقِ قَلْبِهِ لَا أَنَّهُ فِي نَفْسِهِ إِيمَانٌ بِالْقَلْبِ وَمِنْ ذَلِكَ تَصْدِيقًا مِنْهُمْ تَحْقِيقًا لِمَا فِي قُلُوبِهِمْ مِنْ تَعْظِيمِ اللَّهِ وَطَاعَتِهِ، وَلَمْ يُخْبِرْنَا أَنَّهُمْ قَالُوا: صَدَقْتَ هُوَ عَلَيْنَا ثُمَّ سَجَدُوا، وَأَبَى إِبْلِيسُ أَنْ يَسْجُدَ وَلَمْ يَقُلْ إِنَّكَ لَمْ تَأْمُرْنِي بِالسُّجُودِ فَكَانَ إِبَاؤُهُ كُفْرًا لَا أَنَّهُ جَحَدَ بِلِسَانِهِ فَكَانَ سُجُودُهُمْ إِيمَانًا كَمَا كَانَ إِبَاؤُهُ كُفْرًا فَكَذَلِكَ الْمُؤْمِنُ إِذَا أَقَرَّ شَهِدَتِ الْقُلُوبُ أَنَّهُ مُصَدِّقٌ لِلظَّاهِرِ، وَإِنْ لَمْ يَقْطَعُوا بِالْغَيْبِ وَهُمْ عَارِفُونَ أَنَّ قَوْلَ اللِّسَانِ لَيْسَ هُوَ الْإِيمَانُ بِالْقَلْبِ وَإِنَّمَا هُوَ عِبَارَةٌ عَمَّا فِي الْقَلْبِ، وَلَنْ تَجِدُوا بَيْنَ ذَلِكَ فُرْقَانًا إِلَّا بِالْمُكَابَرَةِ. وَيُقَالُ لَهُمْ: أَرَأَيْتُمْ إِنْ سَوَّغْنَا لَكُمْ أَنَّ الْعِبَارَةَ عَمَّا فِي الْقَلْبِ بِالْإِقْرَارِ هُوَ فِي عَيْنِهِ إِيمَانٌ كَالْمَعْرِفَةِ بِالْقَلْبِ، أَرَأَيْتُمْ هَذَا الْإِقْرَارَ الَّذِي هُوَ إِيمَانٌ مَتَى يَكُونُ إِيمَانًا إِذَا كَانَ كَافِرًا قَبْلَ ذَلِكَ، فَإِذَا أَقَرَّ فَبَدَّلَ الْجَحْدَ الْأَوَّلَ أَوْ أَقَرَّ كَانَ إِيمَانًا أَوْ إِذَا جَاءَ بِالْإِقْرَارِ وَإِنْ كَانَ نَاسِيًا عَلَى غَيْرِ جَحْدٍ فَأَتَى بِالْإِقْرَارِ فِي وَقْتِ الْبُلُوغِ أَوْ خَلَقَهُ اللَّهُ بَالِغًا فَأَقَرَّ بَعْدَ الْبُلُوغِ؟ فَإِنْ قَالُوا: إِنَّمَا يَكُونُ الْإِقْرَارُ بِاللِّسَانِ إِيمَانًا فَمَنْ كَانَ جَاحِدًا مِنْ قَبْلُ فَقَدْ أَخْرَجُوا الْمَلَائِكَةَ وَآدَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَكُلَّ نَاشِئٍ عَلَى الْإِسْلَامِ مِنْ أَنْ يَكُونَ آمَنَ بِاللَّهِ قَطُّ، وَلَا يَقُولُ هَذَا أَحَدٌ. وَإِنْ زَعَمُوا أَنَّهُ إِيمَانٌ مِنْ كُلِّ أَحَدٍ جَاحِدًا كَانَ أَوْ نَاسِيًا أَوْ خُلِقَ بَالِغًا بِغَيْرِ طُفُولِيَّةٍ كَالْمَلَائِكَةِ وَغَيْرِهِمْ. قِيلَ لَهُمْ: فَإِذَا كَانَ هَكَذَا فَلَمْ يُسَمَّ إِقْرَارًا إِلَّا أَنَّهُ اعْتِرَافٌ لِلرَّبِّ بِوَحْدَانِيَّتِهِ وَبِمَا قَالَ، أَوْ لِأَنَّهُ اعْتِرَافٌ، وَهُوَ وَاجِبٌ؟ فَإِنْ قَالُوا: لِأَنَّهُ اعْتِرَافٌ فِي عَيْنِهِ لَا أَنَّهُ أَوْجَبَهُ. قِيلَ لَهُمْ: فَكُلَّمَا جَاءَ بِالِاعْتِرَافِ فَهُوَ إِيمَانٌ. وَإِنْ قَالُوا: لِأَنَّهُ اعْتِرَافٌ وَأَنَّ اللَّهَ أَوْجَبَهُ. قِيلَ لَهُمْ: فَكُلَّمَا جَاءَ بِهِ اعْتِرَافًا وَاجِبًا فَهُوَ إِيمَانٌ. فَإِنْ قَالُوا: لَا، نَاقَضُوا قَوْلَهُمْ. وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مِنْ قَلْبٍ صَادِقٍ فَقَدْ أَقَرَّ، وَمَعْنَى أَقَرَّ: اعْتَرَفَ، فَإِذَا كَانَ هَذَا إِيمَانًا فَكُلَّمَا وَحَّدَ اللَّهَ أَبَدًا إِلَى أَنْ يَمُوتَ بِلِسَانِهِ فَهُوَ مُعْتَرِفٌ عَنْ قَلْبٍ صَادِقٍ فَهُوَ فِي كُلِّ يَوْمٍ، وَفِي كُلِّ سَاعَةٍ يُوَحِّدُ فِيهَا يَزْدَادُ إِيمَانًا، وَكُلُّ وَقْتٍ يَشْتَغِلُ قَلْبُهُ بِالْمَعَاصِي فَلَا يَنْشَرِحُ لِلْقَوْلِ بِالِاعْتِرَافِ، وَلَا يَعْظُمُ فِي قَلْبِهِ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَيَفْزَعُ إِلَى تَوْحِيدِهِ فَهُوَ أَنْقَصُ مِنْهُ فِي الْحَالِ الْأُولَى الَّتِي عَظَّمَ بِقَلْبِهِ الْمُعْتَرِفِ بِهِ حَتَّى حَمَلَ ذَلِكَ عَلَى الْقَوْلِ بِلِسَانِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ نَقْصًا بِتَصْدِيقِهِ بِقَلْبِهِ، أَنَّ اللَّهَ حَقٌّ لَا بَاطِلٌ، وَلَكِنَّهُ نَقَصَ مِنْ تَرْكِهِ الِاعْتِرَافَ الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ وَاجِبٌ كَالتَّشَهُّدِ وَالذِّكْرِ فِي الصَّلَاةِ الَّذِي كَانَ يَأْتِي بِهِ الْيَوْمَ مِرَارًا كَثِيرَةً مِنْ تَعْظِيمٍ لِلَّهِ بِقَلْبِهِ. فَإِنْ قَالُوا: إِنَّ ذَلِكَ التَّكْرَارَ لِلتَّوْحِيدِ لَيْسَ هُوَ بِوَاجِبٍ عَلَيْهِ، وَلَا يَكُونُ مِنَ الْإِيمَانِ. قِيلَ لَهُمْ: فَقَدْ ثَبَتُّمْ عَنْ ضَمَائِرِكُمِ أَنَّ الِاعْتِرَافَ إِنَّمَا يَكُونُ تَوْحِيدًا وَإِيمَانًا مَعَ الْوُجُوبِ أَفَرَأَيْتُمُ التَّشَهُّدَ فِي الصَّلَاةِ وَالتَّوْحِيدَ فِي الْأَذَانِ أَتَوْحِيدٌ لَهُ؟ وَكَذَلِكَ الْإِخْلَاصُ لِلَّهِ بِالْحَمْدِ إِذَا قَرَأَ فِي صَلَاتِهِ فَقَالَ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2] فَقَدْ أَخْلَصَ لِلَّهِ بِالتَّوْحِيدِ وَأَقَرَّ أَنَّهُ رَبُّ الْخَلَائِقِ، وَكَذَلِكَ التَّشَهُّدُ فِي كُلِّ صَلَاةٍ مُفْتَرَضَةٍ، وَكَذَلِكَ التَّلْبِيَةُ أَوَّلَ مَا يُحْرِمُ لَا بُدَّ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا مَرَّةً فَكَذَلِكَ جَمِيعًا كُلُّهُ إِيمَانٌ إِنْ كَانَ كُلُّ اعْتِرَافٍ وَاجِبٍ يَكُونُ إِيمَانًا. فَإِنْ قَالُوا: لَيْسَ هُوَ إِيمَانًا لِأَنَّهُ وَاجِبٌ، وَلَكِنَّهُ اعْتِرَافٌ فِي عَيْنِهِ فِي أَوَّلِ مَا يُصَدِّقُ بِهِ. قِيلَ لَهُمْ: هَذِهِ دَعْوَى مِنْكُمْ فَمَا جَعَلَهُ أَوَّلًا إِيمَانًا وَآخِرًا لَا إِيمَانٌ، وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ؟ . فَإِنْ قَالُوا: وَجَدْنَا جَمِيعَ الْمُسْلِمِينَ إِذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ أَوَّلَ مَا يُسْلِمُ. قِيلَ: آمَنَ، وَإِذَا كَرَّرَهَا بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يُقَلْ: آمَنَ. قِيلَ لَهُمْ: فَقَدْ ثَبَتُّمْ أَنَّ مَعْنَاكُمْ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِكُمْ: إِنَّ الْإِقْرَارَ إِنَّمَا يَكُونُ إِيمَانًا فَمَنْ كَانَ جَاحِدًا مِنْ قَبْلُ فَقَطْ، وَهَذِهِ الشَّهَادَةُ عَلَى كُلِّ مَلَكٍ وَرَسُولٍ وَنَاشِئٍ عَلَى الْإِسْلَامِ أَنَّهُ لَمْ يُؤْمِنْ بِلِسَانِهِ قَطُّ؟ . فَإِنْ قَالُوا: لَسْنَا نَقُولُ ذَلِكَ، وَلَكِنَّا نَقُولُ لَهُ: إِنَّ الطِّفْلَ إِذَا بَلَغَ فَأَقَرَّ فِي وَقْتِ بُلُوغِهِ فَذَلِكَ مِنْهُ إِيمَانٌ فَإِنَّهُ وَجَبَ عَلَيْهِ إِيمَانٌ تِلْكَ السَّاعَةِ قِيلَ لَهُمْ فَهَلْ رَأَيْتُمُ الْمُسْلِمِينَ يَقُولُونَ لِطِفْلٍ إِذَا بَلَغَ فَيَشْهَدُ آمَنَ السَّاعَةَ؟ أَوْ يَعْمَلُونَ أَنَّهُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْإِيمَانُ إِلَّا تِلْكَ السَّاعَةُ ثُمَّ أَتَى بِمَا وَجَبَ عَلَيْهِ، وَلَا يَقُولُونَ إِنَّهُ آمَنَ السَّاعَةَ فَيُوهِمُونَ أَنَّهُ كَانَ كَافِرًا مِنْ قَبْلُ وَلَكِنْ يَقُولُونَ: الْآنَ وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِيمَانُ، وَقَدْ كَانَ مِنْ قَبْلُ أَنْ تَأْتِيَ بِهِ مُؤْمِنًا وَلَمْ يَكُنْ وَاجِبًا عَلَيْهِ وَهَذَا اعْتِرَافٌ فِي عَيْنِهِ أَوَّلَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَكُنِ اعْتِرَافٌ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ، وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ مَا كَانَ أَحَدٌ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَيَكُونُ ذَلِكَ اعْتِرَافًا وَخُضُوعًا لِلَّهِ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً، وَلَكِنَّهُ مَعْقُولٌ أَنَّهُ لَا يُزَايِلُهُ اسْمُ الِاعْتِرَافِ مَتَى أَتَى بِهِ لِأَنَّهُ اعْتِرَافٌ فِي عَيْنِهِ، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ مَا أَدَّاهُ فِي أَوَّلِ الْوُجُوبِ ثُمَّ هُوَ يُكَرِّرُهُ فِي الْفَرَائِضِ وَغَيْرِهَا، وَلَوْ كَانَ فِي عَيْنِهِ هُوَ الْإِيمَانُ لَا لِأَنَّهُ اعْتِرَافٌ عَمَّا فِي الْقَلْبِ لَكَانَ إِذَا سَكَتَ كَفَرَ لِأَنَّ ضِدَّ الْكَلَامِ السُّكُوتَ كَمَا أَنَّ ضِدُّ الْمَعْرِفَةِ الْإِنْكَارَ. وَإِنْ قُلْتُمْ: إِنَّمَا يَأْتِي بِضِدِّهِ إِذَا جَحَدَ بِلِسَانِهِ. قِيلَ: كَيْفَ يَأْتِي بِضِدِّهِ بَعْدَ مَا قَدْ نَقَضَ؟ وَهَلْ يَكُونُ لِلْفَانِي ضِدٌّ يُزِيلُهُ، وَكَيْفَ يُزِيلُ الْمُوجُودُ مَا لَيْسَ بِمَوْجُودٍ لِأَنَّهُ قَدْ فَنِيَ الْكَلَامُ الْأَوَّلُ وَأَعْقَبَهُ السُّكُوتُ، ثُمَّ جَاءَ بِالْجَحْدِ بِلِسَانِهِ فَزَالَ السُّكُوتُ، ثُمَّ زَعَمْتُمْ أَنَّهُ قَدْ زَالَ مَا كَانَ قَدْ زَالَ مِنْ قَبْلُ، وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَكَانَ النَّهَرُ إِذَا ذَهَبَ ثُمَّ جَاءَ اللَّيْلُ ثُمَّ جَاءَ الصُّبْحُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي كَانَ الْيَوْمُ الثَّانِي ضِدًّا لِلْأَوَّلِ فَأَزَالَ مَا قَدْ زَالَ، وَقَدْ كَانَتْ بَيْنَهُمَا وَاسِطَةٌ وَهُوَ اللَّيْلُ كَمَا كَانَ السُّكُوتُ بَيْنَ الْإِقْرَارِ وَالْجَحْدِ. فَإِنْ زَعَمُوا: أَنَّ الِاعْتِرَافَ كَانَ عَنْ خُضُوعٍ مِنَ الْقَلْبِ فَلَمَّا جَاءَ الْجَحْدُ لَمْ يَأْتِ حَتَّى زَالَ خُضُوعُ الْقَلْبِ قِيلَ: فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ الْإِيمَانَ هُوَ الْخُضُوعُ مَعَ الْمَعْرِفَةِ، وَأَنَّ الْقَوْلَ عِبَارَةٌ عَنْهُ، فَلَمَّا جَاءَ بِقَوْلٍ خِلَافَ ذَلِكَ لَمْ يَأْتِ بِهِ إِلَّا عَنْ زَوَالِ الْخُضُوعِ عَنِ الْقَلْبِ وَهُوَ الْإِبَاءُ أَنْ يُقِرَّ بِلِسَانِهِ لِاسْتِنْكَافٍ أَوْ طَمَعٍ فِي دُنْيَا أَوْ طَلَبِ رِيَاسَةٍ فَكَذَلِكَ كُلُّ مَا أَتَى بِالْقَوْلِ، وَالْخُضُوعُ فِي الْقَلْبِ عَلَى حَالِهِ فَإِنَّهُ يَزْدَادُ إِيمَانًا إِذَا كَانَ عِبَارَةً عَنِ الْخُضُوعِ فِي الْقَلْبِ لَمْ يَتَغَيَّرْ وَلَمْ يَتَقَلَّبْ إِلَّا زَالَهُ أَوْ لَا يَحِقُّ فِيهِ الْوُجُوبُ لَمْ يُكَرِّرْهُ وَاجِبًا، وَغَيْرُ وَاجِبٍ إِنَّ الْخُضُوعَ دَائِمٌ فِي الْقَلْبِ بِحَالِهِ، وَالْقَوْلُ كَالْقَوْلِ الْأَوَّلِ لَيْسَ بَيْنَ ذَلِكَ فُرْقَانٌ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً أَعْلَاهَا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» فَسَمَّى الشَّهَادَةَ إِيمَانًا فَمَتَى مَا وُجِدَتِ الشَّهَادَةُ مِنْ قَلْبٍ مُخْلِصٍ مُصَدِّقٍ فَهِيَ إِيمَانٌ، وَقَائِلُهَا مُزْدَادٌ إِيمَانًا إِلَى إِيمَانِهِ الحديث: 794 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 759 799 - وَقَدْ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا صَدَقَةُ أَبُو الْمُغِيرَةِ وَهُوَ ابْنُ مُوسَى الدَّقِيقِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ وَاسِعٍ، عَنْ سُمَيْرِ بْنِ نَهَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «جَدِّدُوا إِيمَانَكُمْ» قَالُوا: وَكَيْفَ نُجَدِّدُ إِيمَانَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «تَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» . قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: فَفِي هَذَا دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْمُؤْمِنَ مَتَى قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُخْلِصًا مُتَقَرِّبًا بِذَلِكَ إِلَى اللَّهِ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ إِيمَانًا. وَتَحْقِيقُ ذَلِكَ الْأَخْبَارُ الَّتِي رُوِّينَاهَا عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ بَعْضَهُمْ كَانَ يَقُولُ لِبَعْضٍ: اجْلِسْ بِنَا نُؤْمِنُ سَاعَةً، يَعْنِي نَذْكُرُ اللَّهَ. وَالذِّكْرُ مِنْ أَهْلِ الْإِيمَانِ إِيمَانٌ مَتَى أَتَوْا بِهِ ازْدَادُوا إِيمَانًا الحديث: 799 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 787 800 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ، ثنا بِشْرُ بْنُ السَّرِيِّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ الْحَكِيمِ الصَّنْعَانِيِّ، قَالَ: «ذُكِرَ لِي أَنَّ التَّلْبِيَةَ إِنَّمَا جُعِلَتْ يُجَدَّدُ بِهَا الْإِيمَانُ، وَيَثْبُتُ بِهَا الْإِسْلَامُ» . قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَزَعَمَ بَعْضُ الْمُرْجِئَةِ أَنَّ الْإِقْرَارَ بِاللِّسَانِ هُوَ التَّصْدِيقُ فَهُوَ وَتَصْدِيقُ الْقَلْبِ مَعْنًى وَاحِدٌ، وَإِنِ اخْتَلَفَا فِي أَعْيَانِهِمَا [ص: 789] . يُقَالُ لَهُمْ: كَيْفَ يَخْتَلِفُ شَيْئَانِ فِي أَعْيَانِهِمَا وَيَتَّفِقَانِ فِي الِاسْمِ مِنْ جِهَةِ مَا اخْتَلَفَا؟ فَإِنْ قَالُوا: ذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي اللُّغَةِ، كَمَا يَقُولُ الْقَائِلُ: دِينِي وَدِينُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاحِدٌ، وَفِعْلُ مُحَمَّدٍ غَيْرُ فِعْلِهِ لِأَنَّ ضَمِيرَهُ غَيْرَ ضَمِيرِهِ، وَقَوْلَهُ غَيْرَ قَوْلِهِ. فَيُقَالُ لَهُمْ: إِنَّمَا يَقُولُ الْقَائِلُ ذَلِكَ يُرِيدُ أَنَّ الدِّينَ الَّذِي شَرَعَهُ اللَّهُ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ دِينِي، وَلَا يُرِيدُ أَنَّ ضَمِيرَ مُحَمَّدٍ هُوَ ضَمِيرِي لِأَنَّ اسْمَ الْإِيمَانِ فِي مَجَازِ اللُّغَةِ يَقَعُ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا عَلَى الْأَمْرِ بِهِ وَالدَّلَالَةِ عَلَيْهِ فِي الظَّاهِرِ، وَالْآخَرُ حَقِيقَةٌ فِي الْمَعْنَى، فَأَمَّا الظَّاهِرُ فِي اللِّسَانِ الَّذِي هُوَ عَلَى الْمَجَازِ، فَقَوْلُ الْمُسْلِمِينَ: جَاءَنَا مُحَمَّدٌ بِالْإِيمَانِ، وَشَرَحَ لَنَا الْإِيمَانَ، وَجَاءَنَا بِالدِّينِ فَإِنَّمَا يَعْنُونَ بَيَانَ الْإِيمَانِ وَتَفْسِيرَهِ كَيْفَ هُوَ، لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَمَرَ بِالْإِيمَانِ، ثُمَّ فَسَّرَ لَنَا مَا الْإِيمَانُ فَسُمِّيَ تَفْسِيرُ الْإِيمَانِ إِيمَانًا، فَأَمَّا عَلَى الْحَقِيقَةِ فِي الْمَعْنَى فَإِنَّمَا الْإِيمَانُ فِعْلٌ مِنَ الْمُؤْمِنِ، وَلَا جَائِزَ أَنْ يَكُونَ كَلَامُ اللَّهِ فِعْلًا لِلْمُؤْمِنِينَ، وَسَمَّى اللَّهُ الدَّلَالَةَ عَلَى الْإِيمَانِ وَالْأَمْرِ بِهِ إِيمَانًا، وَالْإِيمَانُ فِي عَيْنِهِ فِعْلُ الْمُؤْمِنِ كَمَا يَقُولُ: جَاءَنَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالصَّلَاةِ، وَإِنَّمَا يُرِيدُ أَمَرَنَا بِالصَّلَاةِ وَاسْتَخْرَجَهَا لَنَا، وَالصَّلَاةُ فِي عَيْنِهَا لَيْسَتْ بِالْأَمْرِ [ص: 790] وَبِالشَّرْحِ، وَلَكِنَّهَا الْمَأْمُورُ بِهَا الْمَشْرُوحَةُ لِلْعِبَادِ لِأَنَّهَا فِي عَيْنِهَا افْتِتَاحٌ بِتَكْبِيرٍ، وَقِرَاءَةٌ، وَرُكُوعٌ، وَسُجُودٌ، وَذَلِكَ غَيْرُ الْأَمْرِ. فَقَوْلُ الْقَائِلِ: دِينِي وَدِينُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاحِدٌ يرِيدُ أَنِّي أَدِينُ بِالدِّينِ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ بِهِ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واحداً إِنَّمَا يَعْنِي أَنَّا قَدْ صَلَّيْنَا الصَّلَاةَ الَّتِي أَمَرَ بِهَا جَمِيعًا إِلَّا أَنَّ حَرَكَاتَهُ وَسُكُونَهُ فِي الصَّلَاةِ هِيَ حَرَكَاتِي وَسُكُونِي وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مَعْنًى وَاحِدًا لَكَانَ دِينِي وَدِينُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَعْنَى أَنَّ فِعْلَهُ فِعْلِي بِمَعْنًى وَاحِدٍ، لَكَانَ لِي مِنَ الْأَجْرِ مِثْلَ مَا لَهُ فَسَاوَيْتُهُ فِي الْأَجْرِ مِنَ اللَّهِ، وَلَا يَقُولُ هَذَا مُسْلِمٌ فَكَذَلِكَ لَمْ يَعْنِ أَنَّ التَّصْدِيقَ هُوَ الْقَوْلُ بِاللِّسَانِ بَلِ الْقَوْلُ فِي عَيْنِهِ حُرُوفٌ مُؤَلَّفَةٌ وَصَوْتٌ وَحَرَكَاتٌ، وَالتَّصْدِيقُ فِي الْقَلْبِ عَقْدُ ضَمِيرٍ لَا صَوْتٌ، وَلَا حُرُوفٌ، وَلَا حَرَكَاتٌ فَمُحَالٌ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا الْآخَرُ لَوْ جَازَ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ تَصْدِيقًا لَجَازَ أَنْ يَكُونَ التَّصْدِيقُ قَوْلًا، فَكَانَ مَنْ قَالَ بِلِسَانِهِ فَقَدْ صَدَّقَ بِقَلْبِهِ، وَقَدْ وَجَدْنَا الْمُنَافِقِينَ قَدْ قَالُوا بِأَلْسِنَتِهِمْ فَكَذَّبَهُمُ اللَّهُ، وَلَمْ يَجْعَلْهُ مِنْهُمْ تَصْدِيقًا. قَالَ: وَيُقَالُ لَهُمْ أَخْبِرُونَا عَنِ الْإِيمَانِ: هُوَ بِعَيْنِهِ لَا يَتَقَلَّبُ أَبَدًا أَمْ لِلطَّاعَةِ بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ؟ [ص: 791] فَإِنْ قَالُوا: بِعَيْنِهِ، قِيلَ لَهُمْ: فَلَا يَتَقَلَّبُ أَبَدًا مَا كَانَتِ الْعَيْنُ مَوْجُودَةً. فَإِنْ قَالُوا: نَعَمْ، قِيلَ لَهُمْ: فَهَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ السَّبْتَ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَشُحُومَ الْبُطُونِ وَكُلَّ ذِي ظُفُرٍ فَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ مُحَرَّمًا، وَكَانُوا بِالْإِيمَانِ بِهِ مُؤْمِنِينَ، ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَحَلَّهُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَوْ أَنَّ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ حَرَّمَتْهُ بَعْدَمَا أَحَلَّهُ اللَّهُ، مَا حُكْمُهُمْ عِنْدَكُمْ؟ فَإِنْ قَالُوا: كُفَّارًا، قِيلَ لَهُمْ: فَالْأَمْرُ الَّذِي كَانَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِيمَانًا لَوْ أَتَى بِهِ أُمَّةُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ كُفْرًا، فَقَدْ بَيَّنَ أَنَّ الْإِيمَانَ لَيْسَ بِعَيْنِهِ وَلَوْ كَانَ بِعَيْنِهِ لَمَا انْقَلَبَ أَبَدًا فَقَدْ ثَبَتَ أََنَّهُ لِِلطَّاعَةِ بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ لَا بِعَيْنِهِ. إِنْ كَانَ فِي حَالٍ مِنْهُمْ إِيمَانًا، ثُمَّ صَارَ فِي الْحَالِ الْأُخْرَى كُفْرًا فَقَدْ ثَبَتُوا أَنَّهُ بِعَيْنِهِ، وَأَنَّهُ كَيْفَ مَا قَلَبَهُمُ اللَّهُ بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُمْ إِيمَانًا، وَكَانَ تَرْكُهُ كُفْرًا. فَإِنْ قَالُوا: إِنَّ الْإِيمَانَ هُوَ التَّصْدِيقُ فَعَلَيْهِمْ أَنْ يُصَدِّقُوا فِي كُلِّ حَالٍ بِمَا يَأْمُرُهُمْ بِهِ. قِيلَ لَهُمْ: أَرَأَيْتُمْ لَوْ قَالُوا حِينَ حَوَّلَهُمُ اللَّهُ عَنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ إِلَى الْكَعْبَةِ: اللَّهُ صَادِقٌ بِهِمَا جَمِيعًا، وَقَدْ صَدَّقْنَا بِقَوْلِهِ فَآمَنَّا بِهِ، وَلَكِنَّا نُصَلِّي إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ كَمَا كُنَّا [ص: 792] أَوَّلًا مَخَافَةَ عَيْبِ النَّاسِ أَنْ يَقُولُوا بَدَّلَ دِينَهُمُ اللَّهَ صَادِقٌ، وَأَنَّهُ قَدْ نَسَخَهَا. فَإِنْ قَالُوا: هُمْ كُفَّارٌ، قِيلَ: وَلِمَ؟ . فَإِنْ قَالُوا: لِيُذْعِنُوا وَيَخْضَعُوا بِالطَّاعَةِ. قِيلَ لَهُمْ: وَأَيْنَ وَجَدْتُمْ ذَلِكَ فِي اللُّغَةِ إِيمَانًا، وَهُمْ يَقُولُونَ: نَعَمْ هُوَ عَلَيْنَا حَقٌّ نُقِرُّ بِهِ وَنُصَدِّقُ، وَلَكِنَّا نُصَلِّي إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ كَرَاهَةَ اللَّائِمَةِ. فَإِنْ قَالُوا: لَمْ يُقِرُّوا بَعْدُ، قِيلَ لَهُمْ: لَمْ يُقِرُّوا بِالْفِعْلِ، وَلَمْ يُقِرُّوا أَنَّهُ حَقٌّ وَاجِبٌ. فَإِنْ قَالُوا: لَمْ يُقِرُّوا بِالْفِعْلِ، قِيلَ لَهُمْ: فَالْإِقْرَارُ بِالْفِعْلِ إِنَّمَا هُوَ إِرَادَةٌ يُعَبِّرُوا عَنْهَا، أَنَّا نَفْعَلُ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا كَفَرُوا فِي قَوْلِكُمْ، فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ الْإِيمَانَ إِرَادَةٌ وَوَعْدٌ بِالْقَوْلِ أَنْ يَفْعَلُوا، وَهُنَا خِلَافُ مَا ادَّعَيْتُمْ فِي اللُّغَةِ. وَيُقَالُ لَهُمْ: مَا تَقُولُونَ فِي مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْخَمْرَ حَلَالٌ هَلْ كَفَرَ؟ فَإِنْ قَالُوا: نَعَمْ، قِيلَ لَهُمْ: فَهَلْ تَرَكَ إِيمَانًا بِتَحْلِيلِهِ الْخَمْرَ؟ فَإِنْ قَالُوا: نَعَمْ، قِيلَ لَهُمْ: فَهُوَ كَافِرٌ بِاللَّهِ وَبِالْقُرْآنِ؟ فَإِنْ قَالُوا: نَعَمْ، قِيلَ: فَمَا تَقُولُونَ فِي رَجُلٍ أَقَرَّ بِاللَّهِ [ص: 793] وَبِالرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِمَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَأَنَّ الْخَمْرَ عَلَيْهِ حَرَامٌ ثُمَّ اسْتَحَلَّهَا هَلْ كَفَرَ بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ أَمْ بِالْخَمْرِ؟ فَإِنْ قَالُوا: بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ، قِيلَ: فَمَا عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَسْتَتِيبَهُ مِنْهُ؟ أَيَسْتَتِيبُهُ مِنْ تَحْلِيلِ الْخَمْرِ أَمْ يَسْتَتِيبُهُ مِنَ الْجَحْدِ بِاللَّهِ حَتَّى يَشْهَدَ أَنَّ لَةِ بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ لَا بِعَيْنِهِ. إِنْ كَانَ فِي حَالٍ مِنْهُمْ إِيمَانًا، ثُمَّ صَارَ فِي الْحَالِ الْأُخْرَى كُفْرًا فَقَدْ ثَبَتُوا أَنَّهُ بِعَيْنِهِ، وَأَنَّهُ كَيْفَ مَا قَلَبَهُمُ اللَّهُ بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُمْ إِيمَانًا، وَكَانَ تَرْكُهُ كُفْرًا. فَإِنْ قَالُوا: إِنَّ الْإِيمَانَ هُوَ التَّصْدِيقُ فَعَلَيْهِمْ أَنْ يُصَدِّقُوا فِي كُلِّ حَالٍ بِمَا يَأْمُرُهُمْ بِهِ. قِيلَ لَهُمْ: أَرَأَيْتُمْ لَوْ قَالُوا حِينَ حَوَّلَهُمُ اللَّهُ عَنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ إِلَى الْكَعْبَةِ: اللَّهُ صَادِقٌ بِهِمَا جَمِيعًا، وَقَدْ صَدَّقْنَا بِقَوْلِهِ فَآمَنَّا بِهِ، وَلَكِنَّا نُصَلِّي إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ كَمَا كُنَّا أَوَّلًا مَخَافَةَ عَيْبِ النَّاسِ أَنْ يَقُولُوا بَدَّلَ دِينَهُمْ، وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ صَادِقٌ، وَأَنَّهُ قَدْ نَسَخَهَا. فَإِنْ قَالُوا: هُمْ كُفَّارٌ، قِيلَ: وَلِمَ؟ . فَإِنْ قَالُوا: لِيُذْعِنُوا وَيَخْضَعُوا بِالطَّاعَةِ. قِيلَ لَهُمْ: وَأَيْنَ وَجَدْتُمْ ذَلِكَ فِي اللُّغَةِ إِيمَانًا، وَهُمْ يَقُولُونَ: نَعَمْ هُوَ عَلَيْنَا حَقٌّ نُقِرُّ بِهِ وَنُصَدِّقُ، وَلَكِنَّا نُصَلِّي إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ كَرَاهَةَ اللَّائِمَةِ. فَإِنْ قَالُوا: لَمْ يُقِرُّوا بَعْدُ، قِيلَ لَهُمْ: لَمْ يُقِرُّوا بِالْفِعْلِ، وَلَمْ يُقِرُّوا أَنَّهُ حَقٌّ وَاجِبٌ. فَإِنْ قَالُوا: لَمْ يُقِرُّوا بِالْفِعْلِ، قِيلَ لَهُمْ: فَالْإِقْرَارُ بِالْفِعْلِ إِنَّمَا هُوَ إِرَادَةٌ يُعَبِّرُوا عَنْهَا، أَنَّا نَفْعَلُ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا كَفَرُوا فِي قَوْلِكُمْ، فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ الْإِيمَانَ إِرَادَةٌ وَوَعْدٌ بِالْقَوْلِ أَنْ يَفْعَلُوا، وَهُنَا خِلَافُ مَا ادَّعَيْتُمْ فِي اللُّغَةِ. وَيُقَالُ لَهُمْ: مَا تَقُولُونَ فِي مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْخَمْرَ حَلَالٌ هَلْ كَفَرَ؟ فَإِنْ قَالُوا: نَعَمْ، قِيلَ لَهُمْ: فَهَلْ تَرَكَ إِيمَانًا بِتَحْلِيلِهِ الْخَمْرَ؟ فَإِنْ قَالُوا: نَعَمْ، قِيلَ لَهُمْ: فَهُوَ كَافِرٌ بِاللَّهِ وَبِالْقُرْآنِ؟ فَإِنْ قَالُوا: نَعَمْ، قِيلَ: فَمَا تَقُولُونَ فِي رَجُلٍ أَقَرَّ بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِمَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَأَنَّ الْخَمْرَ عَلَيْهِ حَرَامٌ ثُمَّ اسْتَحَلَّهَا هَلْ كَفَرَ بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ أَمْ بِالْخَمْرِ؟ فَإِنْ قَالُوا: بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ، قِيلَ: فَمَا عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَسْتَتِيبَهُ مِنْهُ؟ أَيَسْتَتِيبُهُ مِنْ تَحْلِيلِ الْخَمْرِ أَمْ يَسْتَتِيبُهُ مِنَ الْجَحْدِ بِاللَّهِ حَتَّى يَشْهَدَ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَيُقِرُّ بِجَمِيعِ الْفَرَائِضِ؟ فَإِنْ قَالُوا: نَعَمْ زَعَمُوا أَنَّ الْإِقْرَارَ بِتَحْرِيمِ الْخَمْرِ الْإِقْرَارُ بِجَمِيعِ الدِّينِ، وَالْكُفْرَ بِهَا الْكُفْرُ بِجَمِيعِ الدِّينِ مَعَ خُرُوجِهِمْ مِنَ الْإِجْمَاعِ لِأَنَّهُمْ قَدْ أَجْمَعُوا أَنَّهُ لَا يُسْتَتَابُ مِنْ تَحْلِيلِ الْخَمْرِ. أَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ بِمَا سِوَاهَا فَقَدْ كَفَّرُوهُ وَفِيهِ أَكْثَرُ الْإِيمَانِ، لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ بَعْدَ اسْتِحْلَالِهِ الْخَمْرَ: الزِّنَا حَلَالٌ ازْدَادَ بِذَلِكَ كُفْرًا إِلَى كُفْرِهِ الْأَوَّلِ. فَإِنْ قَالُوا: إِنَّهُ يَزْدَادُ كُفْرًا وَلَا يَكُونُ بِازْدِيَادِهِ الْكُفْرَ تَارِكًا لِلْإِيمَانِ فَقَدْ أَصَابُوا لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ لَمْ يَتْرُكْ بِذَلِكَ إِيمَانًا فَهُوَ إِذَا رَجَعَ عَنْ تِلْكَ الْخَلَّةِ لَمْ يُصِبْ بِهَا إِيمَانًا. فَإِنْ قَالُوا: قَدْ يَزْدَادُ كُفْرًا إِلَى كُفْرٍ بِلَا تَرْكِ إِيمَانٍ قَدْ يَزْعُمُ أَنَّ الشَّمْسَ رَبَّهُ ثُمَّ يُضِيفُ إِلَيْهَا الْقَمَرَ فَيَزْدَادُ كُفْرًا، وَلَمْ يَتْرُكْ بِذَلِكَ إِيمَانًا [ص: 794] . قُلْنَا: لَيْسَ عَنْ كَافِرٍ لَمْ يُؤْمِنْ بِشَيْءٍ سَأَلْنَاكُمْ، إِنَّمَا سَأَلْنَاكُمْ عَنْ مَنْ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ رَبَّهُ ثُمَّ قَالَ: إِنَّ الشَّمْسَ أَيْضًا رَبَّهُ هَلْ تَرَكَ إِيمَانًا بِالتَّوْحِيدِ، وَلَمْ يُنْكِرِ الْخَالِقَ فَإِنَّمَا يُصَابُ الْإِيمَانُ بِتَرْكِ الْكُفْرِ وَإِنَّمَا عَلَيْهِ أَنْ يَنْفِي الشِّرْكَ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُقِرَّ أَنَّ اللَّهَ خَالِقُهُ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ بِذَلِكَ، وَلَكِنْ عَلَيْهِ أَنْ يُقِرَّ أَنَّ اللَّهَ خَالِقُهُ وَحْدَهُ وَيَنْفِي الشَّرِيكَ الَّذِي أَدْخَلَهُ، وَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ أَنَّ اللَّهَ خَالِقُهُ وَرَبُّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَلَمْ يُقِرَّ بِتَحْرِيمِ الزِّنَا وَإِنَّمَا عَلَيْهِ أَنْ يُقِرَّ بِتَحْرِيمِ الزِّنَا وَيُؤْمِنَ بِهِ، وَمِنْهُ يُسْتَتَابُ وَلَا يُقَالُ لَهُ: أَقِرَّ بِأَنَّ اللَّهَ خَالِقُكَ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَيُقَالُ لَهُمْ: خَبِّرُونَا عَمَّنِ اعْتَقَدَ أَنَّ لِلَّهَ وَلَدًا، ثُمَّ عَبَّرَ بِلِسَانٍ عَمَّا فِي قَلْبِهِ هَلِ الْعَقْدُ مِنْهُ كُفْرٌ مِنْهُ؟ فَإِنْ قَالُوا: نَعَمْ، قِيلَ لَهُمْ: فَهَلْ قَوْلُهُ: لِلَّهِ وَلَدٌ أَوْ شَرِيكٌ أَوْ لَيْسَ بِإِلَهٍ إِذَا قَالَهُ مُقِرًّا بِلِسَانِهِ عَمَّا فِي قَلْبِهِ هَلْ يَكُونُ الْعِبَارَةُ مِنْهُ بِذَلِكَ كُفْرًا؟ فَإِنْ قَالُوا: لَا، قِيلَ لَهُمْ: فَكَذَلِكَ إِقْرَارُهُ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَكُونُ إِيمَانًا. فَإِنْ قَالُوا: إِنَّ إِقْرَارَهُ الْأَوَّلَ إِيمَانٌ وَتَكْرَارَهُ لَيْسَ بِإِيمَانٍ [ص: 795] . قِيلَ لَهُمْ: وَكَذَلِكَ الْكُفْرُ. فَإِنْ قَالُوا: نَعَمْ، قِيلَ لَهُمْ: عِبَارَةٌ كَعِبَارَةٍ أَوَّلُهَا الْمُبْتَدَأُ بِهَا كُفْرٌ، وَالثَّانِي لَا كُفْرَ وَهَذَا التَّنَاقُضُ. فَإِنْ قَالُوا: إِنَّ جَمِيعَ ذَلِكَ إِيمَانٌ لِأَنَّهُ مِنْ جِنْسِ الْإِقْرَارِ، قِيلَ لَهُمْ: فَقَدِ ازْدَادَ الْعَبْدُ إِيمَانًا فَإِذَا أَمْسَكَ عَنِ التَّكْرَارِ وَكَرَّرَ غَيْرُهُ كَانَ هَذَا الْمُكَرِّرُ أَكْثَرَ إِيمَانًا مِنَ الَّذِي لَمْ يُكَرِّرْهُ، وَقَدْ دَخَلْتُمْ فِي أَعْظَمِ مِمَّا عِبْتُمْ عَلَى مُخَالِفِيكُمْ إِذْ زَعَمُوا أَنَّ الْفَرْضَ مِنَ الْإِيمَانِ، وَجَعَلْتُمْ أَنْتُمُ النَّافِلَةَ مِنَ الْإِيمَانِ، فَقَدْ ثَبَتُّمُ التَّطَوُّعَ إِيمَانًا فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ فِي قَوْلِهِ: تَرْكُهُ كُفْرٌ، إِذْ كَانَ ضِدُّهُ إِيمَانًا. فَإِنْ قَالُوا: إِنَّ تَكْرَارَهُ فِي الْفَرَائِضِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ إِيمَانٌ، وَلَا يَكُونُ التَّكْرَارُ فِي التَّطَوُّعِ إِيمَانًا. قِيلَ لَهُمْ: وَإِذَا جَاءَ بِفَرِيضَةٍ كَالصَّلَاةِ فِيهَا التَّشَهُّدُ وَالذِّكْرُ حَمَلَهُ عَلَى ذَلِكَ خَوْفُ اللَّهِ وَطَلَبُ رِضَاهُ ثُمَّ ضَيَّعَهَا مِنَ الْغَدِ أَيُضَيِّعُهَا وَهُوَ عَلَى خَوْفِهِ الْأَوَّلِ وَخُضُوعِهِ لِلَّهِ بِأَدَاءِ الْفَرَائِضِ؟ فَإِنْ قَالُوا: لَا، قِيلَ لَهُمْ: فَهَلْ نَقَصَ مِنْ إِيمَانِهِ إِذْ زَالَ خَوْفُهُ الْأَوَّلُ وَرَغْبَتُهُ الَّتِي هَاجَتْهُ عَلَى الصَّلَاةِ؟ فَإِنْ قَالُوا: لَيْسَ تَكْرَارُهُ مِنْ إِيمَانِهِ فِي فَرْضٍ وَلَا غَيْرِهِ [ص: 796] . قِيلَ لَهُمْ: فَكَذَلِكَ لَيْسَ تَكْرَارُ الْكَافِرِ الْجَحْدَ بِلِسَانِهِ وَإِضَافَتَهُ إِلَى اللَّهِ الْوَلَدَ وَالشَّرِيكَ مِنْ كُفْرِهِ. فَإِنْ قَالُوا: لَيْسَ هُوَ مِنْ كُفْرِهِ، قِيلَ لَهُمْ: فَمَا جَعَلَ أَوَّلَ الْجَحْدِ بِلِسَانِهِ كُفْرًا، وَلَمْ يَجْعَلِ الْجَحْدَ الثَّانِي بِلِسَانِهِ كُفْرًا وَهُمَا وَاحِدٌ فِي مَعْنَاهُمَا لَا يَخْتَلِفَانِ، وَالنَّهْيُ عَنْهُمَا ثَابِتٌ، وَإِنَّمَا هُمَا عِبَارَةٌ عَنِ الْجَحْدِ فَلَئِنْ كَانَ كِلَاهُمَا جَحْدًا، وَاحِدُهُمَا كُفْرٌ، وَالْآخَرُ لَيْسَ بِكُفْرٍ لَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَا كِلَاهُمَا كُفْرًا وَاحِدُهُمَا جَحْدٌ وَالْآخَرُ لَيْسَ بِجَحْدٍ، إِذْ لَا مَعْنَى لِلْكُفْرِ إِلَّا الْجَحْدُ، وَهَلْ يَخْتَلِفُ النَّاسُ فِي اللُّغَةِ أَنَّ رَجُلًا لَوْ جَحَدَ رَجُلًا حَقَّهُ ثُمَّ عَادَ إِلَيْهِ فَسَأَلَهُ فَجَحَدَهُ أَنْ يُقَالَ كُلَّمَا سَأَلَهُ حَقَّهُ جَحَدَهُ، وَكَذَلِكَ يُقَالُ كَفَرَهُ حَقَّهُ، فَلَا فُرْقَانَ بَيْنَ الْجَحْدَيْنِ. فَإِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّ الْأَوَّلَ كُفْرٌ، وَالثَّانِي لَيْسَ بِكُفْرٍ فَقَدْ خَرَجْتُمْ مِنَ اللُّغَةِ، وَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ تَأْتُوا بِحُجَّةٍ. فَإِنْ قَالُوا: إِنَّ الْأَوَّلَ، وَالْآخَرَ لَيْسَ بِكُفْرٍ فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ الْكُفْرَ عَقْدٌ فِي الْقَلْبِ، وَلَيْسَ الْجَحْدُ بِاللِّسَانِ مِنَ الْكُفْرِ فِي شَيْءٍ، فَكَذَلِكَ الْمَعْرِفَةُ بِالْقَلْبِ إِيمَانٌ وَلَيْسَ الْإِقْرَارُ بِاللِّسَانِ مِنَ الْإِيمَانِ فِي شَيْءٍ. فَإِنْ قَالُوا: بَيْنَهُمَا فُرْقَانٌ، سُئِلُوا عَنِ الْفُرْقَانِ، وَلَنْ يَأْتُوا بِهِ [ص: 797] . وَيُقَالُ لَهُمْ: أَخْبِرُونَا عَمَّنْ كَانَ يُوَحِّدُ اللَّهَ فِي الْفَتْرَةِ كَزَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ وَأَدْرَكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَآمَنَ بِهِ هَلِ ازْدَادَ إِيمَانًا؟ فَإِنْ قَالُوا: نَعَمْ، قِيلَ كَذَلِكَ مَنْ كَانَ يَكْفُرُ بِاللَّهِ قَبْلَ أَنْ يُبْعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَفَرَ بِهِ فَقَدِ ازْدَادَ كُفْرًا؟ فَإِنْ قَالُوا: نَعَمْ، كِلَاهُمَا يَزْدَادُ، هَذَا الْكَافِرُ يَزْدَادُ كُفْرًا، وَهَذَا الْمُؤْمِنُ يَزْدَادُ إِيمَانًا، لِأَنَّهُمَا لَمْ يَخْرُجَا مِنْ بَابِ تَصْدِيقٍ وَجَحْدٍ. قِيلَ لَهُمْ: أَلَيْسَ هُوَ جَحْدٌ بَعْدَ جَحْدٍ فَكَذَلِكَ إِذَا كَرَّرَ الْجَحْدَ فَتَكْرَارُهُ كُلُّهُ كُفْرٌ؟ فَإِنْ قَالُوا: إِذَا أَتَى بِجَحْدَيْنِ فِي أَوَّلِ الْبِدَايَةِ لِمَعْنَيَيْنِ مُفْتَرِقَيْنِ كَانَ كُفْرًا فَإِذَا أَتَى بِجَحْدَيْنِ لِمَعْنًى وَاحِدٍ كَانَتِ الْبِدَايَةُ كُفْرًا، وَالثَّانِي لَيْسَ بِكُفْرٍ. قِيلَ لَهُمْ: هَذَا تَحَكُّمٌ، فَأْتُوا بِلُغَةٍ أَوْ مَعْقُولٍ وَنَحْنُ مُوجِدُوهُمْ فِي اللُّغَةِ مِثْلَ ذَلِكَ أَنَّ الْعَامَّةَ إِذَا سَمِعَتِ النَّصْرَانِيَّ تَشْهَدُ أَنَّ لِلَّهَ وَلَدًا، قَالُوا لَهُ: تَكَلَّمْتَ بِالْكُفْرِ، وَهَذَا يَا عَدُوَّ اللَّهِ الْكُفْرُ، وَإِنْ كَانَ يُكَرِّرُهَا إِنْ بَلَغَ مِائَةَ سَنَةٍ فَهُوَ مُتَكَلِّمٌ بِالْكُفْرِ مُكَرِّرٌ فَكَذَلِكَ الْمُكَرِّرُ لِلشَّهَادَةِ لِلَّهِ بِالتَّوْحِيدِ وَلِرَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالرِّسَالَةِ يَتَكَلَّمُ بِالْإِيمَانِ أَبَدًا [ص: 798] . قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَحَكَى عَنْ بَعْضِ الْأَكَابِرِ مِنْ أُسْتَاذِي الْمُرْجِئَةِ: النُّعْمَانُ بْنُ ثَابِتٍ وَغَيْرُهُ أَنَّهُمْ قَالُوا: الْمَعْرِفَةُ وَالْإِقْرَارُ بِاللِّسَانِ كَالدَّابَّةِ الْبَلْقَاءِ لَا يُسَمَّى بَلْقَاءَ حَتَّى يَجْتَمِعَ فِيهَا اللَّوْنَانِ السَّوَادُ وَالْبَيَاضُ فَإِذَا انْفَرَدَ أَحَدُهُمَا لَمْ يُسَمِّ الدَّابَّةَ بَلْقَاءَ، وَلَا يُسَمَّى كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ اللَّوْنَيْنِ عَلَى الِانْفِرَادِ بَلْقَاءَ فَإِذَا اجْتَمَعَا فِي الدَّابَّةِ سُمِّيَا بَلْقَاءَ، فَكَذَلِكَ الْمَعْرِفَةُ وَالْإِقْرَارُ إِذَا انْفَرَدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَمْ يُسَمَّيَا إِيمَانًا وَلَا يُسَمَّى الْإِنْسَانُ بِهِ مُؤْمِنًا، فَإِذَا اجْتَمَعَا سُمِّيَا إِيمَانًا، وَيُسَمَّى الْمُؤْمِنُ بِاجْتِمَاعِهِمَا مُؤْمِنًا. قَالُوا: وَذَلِكَ أَيْضًا كَالنَّوْرَةِ وَالزَّرْنِيخِ لَا يَتَحَلَّقُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الِانْفِرَادِ، فَإِذَا اجْتَمَعَا حَلَقَا. فَيُقَالُ لَهُمْ: إِنَّ هَذَيْنِ الْمَثَلَيْنِ اللَّذَيْنِ ضَرَبْتُمُوهُمَا هُمَا عَلَيْكُمْ لَا لَكُمُ لِأَنَّ الدَّابَّةَ إِذَا انْفَرَدَتْ بِأَحَدِ اللَّوْنَيْنِ لَمْ تُسَمَّ بَلْقَاءَ أَبَدًا، وَلَا يُسَمَّى اللَّوْنُ بَلْقَاءَ عَلَى حَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ مَا لَمْ يَجْتَمِعَا فِي الدَّابَّةِ، وَأَنْتُمْ قَدْ تُسَمُّونَ الْمُؤْمِنَ مُؤْمِنًا إِذَا اعْتَقَدَ الْمَعْرِفَةَ وَالْإِيمَانَ بِالْقَلْبِ، وَإِنْ لَمْ يُقِرَّ بِلِسَانِهِ إِذَا كَانَ أَخْرَسَ أَوْ حِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَلَامِ وَيُسَمُّونَ ذَلِكَ الْفِعْلَ مِنْهُ إِيمَانًا [ص: 799] ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ بِلِسَانِهِ مَرَّةً ثُمَّ سَكَتَ عَنِ الْكَلَامِ فَلَمْ يَتَكَلَّمْ أَبَدًا لَكَانَ عِنْدَكُمْ مُؤْمِنًا، وَلَوْ أَنَّ الدَّابَّةَ الْبَلْقَاءَ زَالَ عَنْهَا الْبَيَاضُ وَبَقِيَ السَّوَادُ وَبَقِيَ الْبَيَاضُ لَزَالَ عَنْهَا اسْمُ الْبَلَقِ، فَلَمْ يُسَمَّ بَلْقَاءَ أَبَدًا، وَلَمْ يُسَمَّ اللَّوْنُ الْوَاحِدُ إِذَا بَقِيَ بَلْقَاءَ أَبَدًا، وَكَذَلِكَ الْمُؤْمِنُ الْمَوْلُودُ عَلَى الْإِيمَانِ النَّاشِئُ عَلَيْهِ الْمُعْتَقِدُ لِلْمَعْرِفَةِ، وَالتَّصْدِيقُ بِالْقَلْبِ هُوَ مُؤْمِنٌ عِنْدَكُمْ، وَإِنْ لَمْ يَتَكَلَّمْ بِلِسَانِهِ أَبَدًا وَلَوْ أَنَّ الدَّابَّةَ نُتِجَتْ وَلَوْنُهَا كُلُّهَا بَيَاضٌ لَا سَوَادَ فِيهِ أَوْ سَوَادٌ لَا بَيَاضَ فِيهِ لَمْ يُسَمَّ بَلْقَاءَ أَبَدًا، فَقَدْ بَطَلَ أَنْ يَكُونَ الدَّابَّةُ مَثَلًا لِلْمُؤْمِنِ، وَالْبَلَقُ مَثَلًا لِلْإِيمَانِ إِذَا افْتَرَقَ مَعْنَاهُمَا، وَلِأَنَّ الْمَعْرِفَةَ وَالْإِقْرَارَ فِعْلَانِ يَزُولُ أَحَدُهُمَا وَيَثْبُتُ الْآخَرُ، وَفِعْلُ الْقَلْبِ يُسَمَّى تَصْدِيقًا فِي اللُّغَةِ إِذَا كَانَ الْفَاعِلُ لَهُ مُعْتَقِدًا لِلْمَعْرِفَةِ وَالِاعْتِرَافِ بِالْقَلْبِ خَاضِعًا مُذْعِنًا، وَإِنْ لَمْ يَتَكَلَّمْ بِلِسَانِهِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ الْفِعْلُ مِنْهُ إِيمَانًا وَلَوْ أَقَرَّ بِلِسَانِهِ إِيمَاءً وَلَمْ يُعْلَمْ مَا فِي قَلْبِهِ يُسَمَّى مُؤْمِنًا وَيُسَمَّى ذَلِكَ الْإِقْرَارُ مِنْهُ إِيمَانًا، وَحُكِمَ لَهُ بِحُكْمِ الْإِيمَانِ، وَجَرَى عَلَى فَاعِلِهِ اسْمُ الْمُؤْمِنِ وَأَحْكَامِهِ فَكَانَ مُؤْمِنًا فِي الِاسْمِ وَالْحُكْمِ مَعًا، وَالدَّابَّةُ إِذَا ظَهَرَ فِيهَا أَحَدُ اللَّوْنَيْنِ [ص: 800] ، وَلَمْ يَظْهَرِ الْآخَرُ لَمْ يُسَمَّ بَلْقَاءَ، وَلَمْ يُسَمَّ ذَلِكَ اللَّوْنُ الْمُنْفَرِدُ بَلْقَاءَ أَبَدًا، فَقَدِ افْتَرَقَ مَعْنَى الْإِيمَانِ وَاسْمُهُ مِنْ مَعْنَى الْبَلَقِ فِي الدَّابَّةِ وَاسْمُهُ، وَفَارَقَ الْمُؤْمِنُ الدَّابَّةَ الْبَلْقَاءَ فِي الِاسْمِ وَالْمَعْنَى جَمِيعًا، فَبَطَلَ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا مِثْلُ الْآخَرِ. وَأَمَّا ضَرْبُكُمُ الْمَثَلَ بِالنَّوْرَةِ وَالزَّرْنِيخِ فَذَلِكَ أَبْعَدُ فِي الْمَثَلِ، وَلَيْسَ يَخْلُو ضَرْبُكُمُ الْمَثَلَ بِهِمَا مِنْ أَنْ تَكُونُوا مَثَّلْتُمُ النَّوْرَةَ وَالزَّرْنِيخَ بِالْإِيمَانِ أَوْ بِالْمُؤْمِنِ فَإِنْ كَانَ بِالْمُؤْمِنِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُؤْمِنُ جِسْمَيْنِ يَجْتَمِعَانِ فَيَكُونُ مِنْهُمَا الْإِيمَانُ كَالنَّوْرَةِ وَالزَّرْنِيخِ يَكُونُ مِنْهُمَا الْحَلْقُ وَهَذَا مُحَالٌ مِنَ الْكَلَامِ. وَإِنْ تَكُونُوا مَثَّلْتُمُوهُمَا بِالْإِيمَانِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا غَيْرُ جِنْسِ صَاحِبِهِ وَلَا جَوْهَرِهِ فَإِذَا اجْتَمَعَا وَهُمَا جِنْسَانِ مُخْتَلِفَانِ كَانَ مِنْهُمَا الْحَلْقُ فَإِنْ يَكُنِ الْحَلْقُ مَثَلًا لِلْإِيمَانِ فَالْإِيمَانُ إِذًا مَعْنًى مُتَوَلِّدٌ عَنِ الْإِقْرَارِ وَالْمَعْرِفَةِ، وَلَيْسَ الْإِقْرَارُ وَالْمَعْرِفَةُ بِإِيمَانٍ كَمَا أَنَّ الْحَلْقَ لَيْسَ بِزَرْنِيخٍ وَلَا نَوْرَةٍ. وَإِنْ تَكُونُوا مَثَّلْتُمُوهُمَا عَلَى الْإِيمَانِ لِأَنَّ الْحَلْقَ يَتَوَلَّدُ عَنْهُمَا كَالطَّاعَةِ يَتَوَلَّدُ عَنِ الْمَعْرِفَةِ وَالْإِقْرَارِ فَقَدْ جَعَلْتُمُ [ص: 801] اثْنَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فِي أَعْيَانِهِمَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا غَيْرُ الْآخَرِ يُسَمَّى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِاسْمٍ غَيْرِ اسْمِ الْآخَرِ، وَمَا تَوَلَّدَ مِنْهُمَا غَيْرُهُمَا، فَالْإِيمَانُ إِذًا اثْنَانِ يُوجِبَانِ الطَّاعَةَ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِكُمْ. فَإِنْ قُلْتُمْ: إِنَّمَا أَرَدْنَا أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَا يُسَمَّى حَالِقًا حَتَّى يَجْتَمِعَا فَكَذَلِكَ الْإِقْرَارُ وَالْمَعْرِفَةُ لَا يُسَمَّى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِيمَانًا حَتَّى يَجْتَمِعَا. قِيلَ لَهُمْ: إِنَّ الْحَلْقَ فِعْلٌ مُتَوَلِّدٌ عَنْهُمَا سُمِّيَا بِهِ حَالِقَانِ لَا لِأَعْيَانِهِمَا حِينَ اجْتَمَعَا، وَأَنْتُمْ تُسَمُّونَ الْإِقْرَارَ وَالْمَعْرِفَةَ إِيمَانًا فِي أَنْفُسِهِمَا وَإِنْ لَمْ يَتَوَلَّدْ عَنْهُمَا طَاعَةٌ. فَإِنْ قَالُوا: إِنَّهُمَا إِذَا اجْتَمَعَا كَانَ الْحَلْقُ مِنْ فِعْلِهِمَا وَإِنْ لَمْ يَحْلِقَا فَالِاسْمُ لَهُمَا ثَابِتٌ، فَكَذَلِكَ الْإِقْرَارُ وَالْمَعْرِفَةُ. قِيلَ لَهُمْ: إِنَّهُمَا لَا يَحْلِقَانِ، وَلَا يَكُونُ لَهُمَا الِاسْمُ ثَابِتًا حَتَّى يَجْتَمِعَا مَعَ الْمَاءِ وَهُوَ جِسْمٌ ثَالِثٌ، فَكَذَلِكَ الْإِقْرَارُ وَالْمَعْرِفَةُ لَا يُسَمَّيَانِ إِيمَانًا حَتَّى يَجْتَمِعَ مَعَهُمَا جِسْمٌ ثَالِثٌ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَيُقَالُ لَهُمْ: وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لِمُخَالِفِيكُمْ أَيْضًا أَنْ يَضْرِبُوا مَثَلًا لِقَوْلِهِمْ: إِنَّ الْإِيمَانَ اسْمٌ [ص: 802] لِطَاعَاتٍ كَثِيرَةٍ فَيَقُولُونَ: مَثَلُ ذَلِكَ كَمَثَلِ بَعْضِ الْأَدْوِيَةِ لِلْمَشْيِ وَغَيْرِهِ، أَنَّهُ لَا يُمْشَى وَلَا يَطْلِقُ الْبَطْنَ حَتَّى يَجْتَمِعَ فِيهِ أَخْلَاطٌ شَتَّى فَيُسَمَّى مُمْشِيًا، فَهَلْ تَجِدُونَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ فُرْقَانًا فِيمَا مَثَّلُوا وَمَثَّلْتُمْ؟ وَيُقَالُ لَهُمْ: أَخْبِرُونَا بِحَقِّ الْمَعْرِفَةِ وَالْإِقْرَارِ إِذَا أَتَى بِهِمَا فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ أَلَيْسَ يَكُونُ يُسَمَّى مُؤْمِنًا؟ فَإِنْ قَالُوا: نَعَمْ، قِيلَ لَهُمْ: فَهَلْ يُجْزِئُهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْإِيمَانِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ ثُمَّ يَتْرُكُهُ فِي الثَّانِي؟ فَإِنْ قَالُوا: لَا، حَتَّى يَدُومَ عَلَيْهِ إِلَى أَنْ يَتُوبَ. قِيلَ لَهُمْ: فَإِنْ عَرَضَتْ بِهِ الْعَوَارِضُ الْمُشَكِّكَةُ عَنْ عَوَارِضِ الشَّيْطَانِ أَوْ حِجَاجُ أَهْلِ الضَّلَالَةِ، هَلْ عَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَ ذَلِكَ، وَيَحْبِسَ نَفْسَهُ عَلَى إِيمَانِهِ، وَلَا يَدَعْ قَلْبَهُ يَرْكَنُ إِلَى زِينَةِ غُرُورٍ مِنْ حُجَّةِ عَدُوٍّ وَلَا تَزْيِينِ الشَّيْطَانِ، وَيَصْبِرُ عَلَى إِيمَانِهِ؟ فَإِنْ قَالُوا: نَعَمْ، قِيلَ لَهُمْ: فَلَوْ تَرَكَ الصَّبْرَ عَلَى إِيمَانِهِ، أَلَيْسَ كَانَ كَافِرًا؟ فَإِنْ قَالُوا: نَعَمْ: قِيلَ لَهُمْ فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ بِالصَّبْرِ عَلَى إِيمَانِهِ يَكُونُ مُؤْمِنًا كَمَا لَا يَثْبُتُ الْإِيمَانُ إِلَّا بِهِ فَهُوَ مِنَ الْإِيمَانِ لِأَنَّ الْإِيمَانَ إِنَّمَا يَقُومُ بِنَفْسِهِ لَا بِغَيْرِهِ [ص: 803] . فَإِنْ قَالُوا: قَدْ يَقُومُ بِالْمُؤْمِنِ وَهُوَ غَيْرُهُ. قِيلَ لَهُمْ: لَمْ نَسْأَلْكُمْ عَنْ قِيَامِ فِعْلٍ بِفَاعِلٍ إِنَّمَا سَأَلْنَاكُمْ عَنْ فِعْلٍ لَا يَكُونُ الْإِيمَانُ إِلَّا بِهِ فَهُوَ مِنَ الْإِيمَانِ كَمَا أَنَّ الصَّلَاةَ لَا يَكُونُ إِلَّا بِالصَّبْرِ فِيهَا عَنِ الْخُرُوجِ مِنْهَا إِلَى غَيْرِهَا، وَالصَّبْرُ هُوَ إِمْسَاكُ الْجَوَارِحِ عَنِ الْخُرُوجِ مِنْهَا إِلَى غَيْرِهَا مِنَ الْكَلَامِ وَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ فَذَلِكَ مِنْ صَلَوَاتِهِ لَا اخْتِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ إِقْبَالَهُ وَتَرْكَهُ الْإِدْبَارَ عَنِ الْقِبْلَةِ وَصَمْتَهُ عَنِ الْكَلَامِ مِنْ صَلَاتِهِ، وَلَوْ لَمْ يَصْبِرْ عَنْ ذَلِكَ كَانَ خَارِجًا مِنَ الصَّلَاةِ. فَكَذَلِكَ الصَّابِرُ عَنْ إِيمَانِهِ أَنْ يَزُولَ عَنْهُ فَيَعْتَقِدَ سِوَاهُ أَوْ يَتَكَلَّمَ بِغَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ عَارِفًا بِرَبِّهِ فَصَبْرُهُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ إِيمَانِهِ لَا فُرْقَانَ بَيْنَ ذَلِكَ. فَإِذَا كَانَ الصَّبْرُ عَلَى الْإِيمَانِ مِنَ الْإِيمَانِ فَكَذَلِكَ كُلُّ صَبْرٍ هُوَ لِلَّهِ طَاعَةٌ فَهُوَ إِيمَانٌ لِأَنَّهُ لَوْ جَازَ أَنْ يَكُونَ صَبْرٌ إِيمَانًا، وَصَبْرٌ لَا إِيمَانٌ، جَازَ أَنْ يَكُونَ تَصْدِيقٌ إِيمَانًا، وَتَصْدِيقٌ لَا إِيمَانٌ لِأَنَّ الشَّيْءَ إِذَا وَجَبَ لِاسْمٍ فَهُوَ وَاجِبٌ أَبَدًا مَا كَانَ الِاسْمُ يَثْبُتُ بِثُبُوتِهِ، وَيَزُولُ بِزَوَالِهِ، فَالصَّبْرُ لَهُ أَصْلٌ وَفَرْعٌ فَأَصْلُ الصَّبْرِ عَلَى إِمْسَاكِ الْإِيمَانِ، وَضِدُّهُ تَرْكُهُ، وَيَقَعُ بَدَلَهُ الْكُفْرُ، وَالْفَرْعُ عَلَى مَعْنَيَيْنِ فَمَعْنًى مِنْهُ الصَّبْرُ عَلَى أَدَاءِ [ص: 804] الْمَفْرُوضِ، وَتَرْكُهُ مَعْصِيَةٌ، وَلَا يَلْزَمُهُ بَعْضٌ، وَكَذَلِكَ الْيَقِينُ، وَالْحُبُّ، وَالرَّجَاءُ، وَالْخَوْفُ، وَالرِّضَا، وَالتَّوَكُّلُ فَالْجَوَابُ فِيهِ عَلَى مَا وَصَفْنَا. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: إِنْ سَأَلَ سَائِلٌ مِنَ الْمُرْجِئَةِ فَقَالَ: هَلْ لِلَّهِ دِينٌ مَنْ أَصَابَهُ كَانَ مُؤْمِنًا مُسْلِمًا؟ فَيُقَالُ لَهُ: نَعَمْ دِينُ اللَّهِ وَهُوَ الْإِسْلَامُ، وَهُوَ الْإِيمَانُ لَهُ أَصْلٌ مَنْ أَصَابَهُ كَانَ مُؤْمِنًا مُسْلِمًا بِالْخُرُوجِ مِنْ مِلَلِ الْكُفْرِ، وَالدُّخُولِ فِي مِلَّةِ الْإِسْلَامِ وَلِذَلِكَ الْأَصْلُ فَرْعٌ وَهُوَ الْقِيَامُ بِمَا أَقَرَّ بِهِ، وَكَمَالُ الْأَصْلِ أَنْ يَأْتِيَ بِالْقَائِمِ فَإِنْ ضَيَّعَ شَيْئًا مِنَ الْفَرَائِضِ فَقَدِ انْتَقَصَ مِنَ الْفَرْعِ وَلَمْ يَزَلِ الْأَصْلُ. فَإِنْ قَالَ: بَيِّنْ لَنَا الْأَصْلَ وَالْفَرْعَ؟ قِيلَ لَهُ: الْأَصْلُ: التَّصْدِيقُ بِاللَّهِ وَالْخُضُوعُ لِلَّهِ بِإِعْطَاءِ الْعَزْمِ لِلْأَدَاءِ بِمَا أَمَرَ بِهِ مُجَانِبًا لِلِاسْتِنْكَافِ، وَالِاسْتِكْبَارِ، وَالْمُعَانَدَةِ، وَالْفَرْعُ تَحْقِيقُ ذَلِكَ بِالتَّعْظِيمِ لِلَّهِ، وَالْخَوْفِ لَهُ وَالرَّجَاءِ الَّذِي أَوْجَبَهُ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِي يَبْعَثُهُمْ عَلَى أَدَاءِ الْفَرَائِضِ وَاجْتِنَابِ الْمَحَارِمِ فَإِذَا أَدُّوا الْفَرَائِضَ وَاجْتَنَبُوا الْمَحَارِمَ مِنْ قُلُوبِهِمْ وَأَبْدَانِهِمْ فَقَدِ اجْتَمَعَ أَهْلُ السُّنَّةِ عَلَى أَنَّ هَذَا هُوَ الْإِيمَانُ الْمُفْتَرَضُ [ص: 805] . ثُمَّ قَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ الْإِيمَانُ كُلُّهُ وَلَيْسَتِ النَّوَافِلُ مِنْهُ فِي شَيْءٍ وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ الْإِيمَانَ وَلَمْ يُبِحْ تَرْكَهُ، فَجَعَلَ جَحْدَهُ كُفْرًا. فَقَالُوا: مَنْ جَحَدَ بِفَرِيضَةٍ فَهُوَ كَافِرٌ، وَلَوْ جَحَدَ بِنَافِلَةٍ مِنَ النَّوَافِلِ لَمْ يَكُنْ كَافِرًا، وَالْكُفْرُ ضِدُّ الْإِيمَانِ فَثَبَتَ أَنَّ الْإِيمَانَ هُوَ الْمُفْتَرَضُ، وَأَنَّ النَّوَافِلَ لَيْسَتْ مِنَ الْإِيمَانِ وَلَوْ كَانَتْ مِنَ الْإِيمَانِ لَكَانَ مَنْ جَحَدَ بِهَا كَافِرًا. قَالُوا: وَأَمَّا مَنِ احْتَجَّ بِحَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً أَعْلَاهَا شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ» فَلَيْسَ هَذَا مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّوَافِلَ مِنَ الْإِيمَانِ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَى الْأُمَّةِ أَنْ يُمِيطُوا الْأَذَى عَنْ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ لَا يَحِلُّ لَهُمْ أَنْ يَحْفُرُوا الْآبَارَ وَيَتْرُكُوهَا مَفْتُوحَةً يَقَعُ فِيهَا الضَّعِيفُ وَالْمَكْفُوفُ وَالصَّبِيُّ، وَكَذَلِكَ لَا يَحِلُّ لَهُمْ أَنْ يَضَعُوا الْعُذْرَةَ عَلَى الطَّرِيقِ فَيَدُوسُهَا النَّاسُ وَيَتَأَذَّوْنَ بِهَا، وَكَذَلِكَ لَا يَحِلُّ لَهُمْ أَنْ يَضَعُوا السِّبَاعَ فِي الطَّرِيقِ يَنْهَشُ النَّاسَ وَيُجَرِّحُهُمْ. قَالُوا: فَإِنَّمَا عَنَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لَا يَفْعَلَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنْ أَذَى الْمُسْلِمِينَ [ص: 806] . وَقَالُوا: لَوْ كَانَ التَّنَفُّلُ مِنَ الْإِيمَانِ مَا كَمُلَ إِيمَانُ أَحَدٍ أَبَدًا، وَلَا مَلَكًا مُقَرَّبًا وَلَا نَبِيًّا مُرْسَلًا، فَكَانَ كُلُّ مَنْ لَقِيَ اللَّهَ مَنْ لَقِيَهُ لَقِيَهُ نَاقِصَ الْإِيمَانِ. قَالُوا: وَهَذَا شَتْمٌ لِرُسُلِ اللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ، وَإِيجَابُ أَنَّ الْإِيمَانَ لَيْسَ بِمَعْلُومٍ، وَلَا لَهُ نِهَايَةٌ، وَاللَّهُ لَا يَأْمُرُ بِمَا لَيْسَ لَهُ نِهَايَةٌ، وَلَيْسَ بِمَعْلُومٍ فَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ أَنَّ الْفَرَائِضَ مِنَ الْإِيمَانِ، وَلَيْسَتِ النَّوَافِلُ مِنْهُ فِي شَيْءٍ، وَلَكِنَّهَا بِرٌّ وَإِحْسَانٌ وَقُرْبَةٌ. وَقَالَ الْجُمْهُورُ الْأَعْظَمُ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ: الْإِيمَانُ وَاحِدٌ لَهُ أَصْلٌ وَفَرْعٌ فَأَصْلُهُ مُفْتَرَضٌ، وَفَرْعُهُ مِنْهُ مُفْتَرَضٌ، وَمِنْهُ لَا مُفْتَرَضٌ، فَأَمَّا الْمُفْتَرَضُ فَهُوَ مَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ عَلَى عِبَادِهِ بِقُلُوبِهِمْ وَجَوَارِحِهِمْ، وَذَلِكَ مَعْلُومٌ مَحْدُودٌ لِأَنَّ الْحُكْمَ لَا يُوجِبُ إِلَّا مَعْلُومًا يَسْتَوْجِبُ الثَّوَابَ مَنْ أَتَاهُ، وَيَسْتَوْجِبُ الذَّمَّ وَالْعِقَابَ مَنْ قَصَّرَ عَنْهُ بَعْدَ عِلْمٍ، وَالْبَاقِي مِنَ الْإِيمَانِ هُوَ نَافِلَةٌ لَمْ يَفْتَرِضْهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ. وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ الْإِيمَانُ أَنَّ الْفَرَائِضَ لَمْ يَقُمْ بِهَا الْمُؤْمِنُونَ إِلَّا عَنْ تَصْدِيقٍ بِاللَّهِ، وَبِمَا وَعَدَ وَتَوَعَّدَ فَكُلَّمَا عَظُمَ قَدْرُ اللَّهِ فِي قُلُوبِهِمْ، وَقَدْرُ وَعْدِهِ وَوَعِيدِهِ بَعَثَهُمْ ذَلِكَ عَلَى أَدَاءِ وَاجِبِ حَقِّهِ [ص: 807] ، وَكَذَلِكَ كُلَّمَا عَظُمَ فِي قُلُوبِهِمْ بَذَلُوا لَهُ الْمَجْهُودَ، وَتَقَرَّبُوا إِلَيْهِ بِكُلِّ مَا اسْتَطَاعُوا، لَا فُرْقَانَ بَيْنَ ذَلِكَ، وَمَنْ يَقُلْ بِهَذَا مِنْ أَصْحَابِنَا فَقَدْ نَاقَضَ أَنَّهُ إِنْ كَانَ شَيْءٌ مِنَ الطَّاعَةِ عَنِ التَّصْدِيقِ إِيمَانًا فَكُلُّ طَاعَةٍ عَنْ تَصْدِيقٍ إِيمَانٌ. وَإِنَّمَا خَالَفَتْنَا الْمُرْجِئَةُ بِأَنَّهُمْ زَعَمُوا أَنَّ الْإِيمَانَ اسْمٌ لِلتَّصْدِيقِ بِالْقَلْبِ وَاللِّسَانِ فَقَطْ، وَقُلْنَا: لَا، بَلْ هُوَ اسْمٌ لِلطَّاعَةِ، ثُمَّ نَاقَضَتْ مِنَّا فِرْقَةٌ، فَقَالُوا: هُوَ اسْمٌ لِبَعْضِ الطَّاعَةِ لَا لِكُلِّ الطَّاعَةِ، وَإِنَّمَا بِالْمُفْتَرَضِ يَخْرُجُ تَارِكُهَا، وَلَيْسَ مِنْ أَجْلِ أَنَّهَا فَرْضٌ كَانَتْ إِيمَانًا، وَإِنَّمَا كَانَتْ إِيمَانًا مِنْ أَجْلِ أَنَّهَا طَاعَةٌ لَا مِنْ أَجْلِ أَنَّهَا مُفْتَرَضَةٌ فَقَدْ نَاقَضَ مَنْ جَعَلَ طَاعَةً إِيمَانًا، وَطَاعَةً لَا إِيمَانَ، وَمَنْ تَدَبَّرَ الْإِيمَانَ عَلِمَ أَنَّهُ لَا غَايَةَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ الْمُفْتَرَضُ مِنْهُ لَهُ غَايَةٌ لِأَنَّ الَّذِي آمَنَ الْعِبَادُ بِهِ لَا غَايَةَ عِنْدَهُمْ فِي الْكَمَالِ وَالْإِجْلَالِ وَالْهَيْبَةِ، فَلَوْ آمَنُوا بِهِ كَمَا يَحِقُّ لَهُ لَعَرَفُوهُ كَمَا يَحِقُّ لَهُ، وَلَوْ عَرَفُوهُ كَمَا يَحِقُّ لَهُ لَسَاوَوْهُ بِالْعِلْمِ بِنَفْسِهِ، وَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُسَاوِيهِ مَا يَعْلَمُ بِنَفْسِهِ، فَإِذَا كَانُوا لَا يُسَاوُوهُ بِالْعِلْمِ بِنَفْسِهِ، فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ مَعْرِفَتَهُمْ لَيْسَتْ لَهَا غَايَةٌ. فَكَذَلِكَ الْإِيمَانُ لَيْسَ لَهُ غَايَةٌ لِأَنَّ الْمَعْرِفَةَ أَصْلُ [ص: 808] الْإِيمَانِ، وَلَكِنَّ اللَّهَ مِنْ رَأْفَتِهِ، وَرَحْمَتِهِ لَهُمُ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْإِيمَانِ مَا لَا يُجْهِدُهُمْ وَلَا يَسْتَفْرِغُ طَاقَتَهُمْ، وَلَوْ شَاءَ لَافْتَرَضَ عَلَيْهِمْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَوِ افْتَرَضَهُ عَلَيْهِمْ لَكَانَ إِيمَانًا مُفْتَرَضًا، وَلَوْ تَقَطَّعَ عِبَادُهُ مَا بَلَغُوا غَايَةَ الْمَعْرِفَةِ بِهِ، أَلَمْ تَسْمَعْ إِلَى قَوْلِ سَلْمَانَ لِحُجْرٍ: «لَوْ تَقَطَّعْتَ أَعْضَاءً مَا بَلَغْتَ الْإِيمَانَ» ، وَصَدَقَ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْمَعْرُوفِ غَايَةٌ عِنْدَ الْعَارِفِينَ فَيَكُونُ لِمَعْرِفَتِهِمْ بِهِ غَايَةٌ الحديث: 800 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 788 801 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، ثنا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: قَالَ سَلْمَانُ لِحَجَرٍ: «يَا ابْنَ أُمِّ حُجَيَّةَ لَوْ تَقَطَّعْتَ أَعْضَاءً مَا بَلَغْتَ الْإِيمَانَ» الحديث: 801 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 808 802 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا أَبُو صَالِحٍ، كَاتِبُ اللَّيْثِ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، وَرِشْدِينُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ أَنْعَمَ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ نُسَيٍّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ الْأَشْعَرِيِّ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّكُمْ لَوْ عَرَفْتُمُ اللَّهَ حَقَّ الْمَعْرِفَةِ لَمَشَيْتُمْ عَلَى الْبُحُورِ، وَلَزَالَ بِدُعَائِكُمُ الْجِبَالُ، وَلَوْ أَنَّكُمْ خِفْتُمُ اللَّهَ كَحَقِّ الْخَوْفِ لَعَلِمْتُمُ الْعِلْمَ الَّذِي لَيْسَ مَعَهُ جَهْلٌ، وَمَا بَلَغَ ذَلِكَ أَحَدٌ قَطُّ» قُلْتُ: وَلَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «وَلَا أَنَا» قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِنَّ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ كَمَا بَلَغَنَا قَدْ كَانَ [ص: 809] يَمْشِي عَلَى الْمَاءِ؟ قَالَ: «نَعَمْ، وَلَوِ ازْدَادَ يَقِينًا وَخَوْفًا لَمَشَى فِي الْهَوَاءِ» قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا كُنْتُ أَدْرِي أَنَّ الرُّسُلَ يُقَصِّرُوا فِي ذَلِكَ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ أَعْظَمُ وَأَجَلُّ مِنْ أَنْ يُدْرَكَ شَيْءٌ مِنْ أَمْرِهِ، وَلَا يَزْدَادُ أَحَدٌ مِنَ الْخَوْفِ وَالْيَقِينِ إِلَّا كَانَ مَا لَمْ يَبْلُغْ أَعْظَمَ وَأَكْثَرَ مِنَ الَّذِي يَبْلُغُ» . قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [الأنفال: 2] . وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُخْتَلِفُونَ لَوْ أَنَّ مُؤْمِنًا ذُكِرَ اللَّهُ عِنْدَهُ وَهُوَ مَشْغُولٌ بِبَعْضِ الْحَلَالِ فَلَمْ يَوْجَلْ قَلْبُهُ مَا كَانَ تَارِكًا فَرْضًا، وَلَوْ تُلِيَتْ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنَ الْقُرْآنِ فَلَمْ يَتَحَرَّكْ قَلْبُهُ لِشُغْلِهِ بِمَا هُوَ فِيهِ لَمْ يَتْرُكْ فَرْضًا، وَقَدْ سَمَّى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مَنْ وَجَلَ قَلْبُهُ عِنْدَ ذِكْرِهِ وَازْدَادَ إِيمَانًا بِتَحَرُّكِ قَلْبٍ عِنْدَ تِلَاوَةِ آيَاتِ اللَّهِ مُزْدَادًا مِنَ الْإِيمَانِ ثُمَّ خَتَمَ ذَلِكَ بِأَنْ جَعَلَ لَهُ حَقِيقَةَ الْإِيمَانِ بَعْدَ مَا وَصَفَهُ بِمَا قَدْ أَجْمَعُوا أَنَّهُ لَوْ تَرَكَهُ لَمْ يَكُنْ عَاصِيًا مِنَ الْوَجَلِ فَذَلِكَ أَنَّ ذَلِكَ إِيمَانُ [ص: 810] نَفْلٍ لَا فَرْضٍ، وَكَذَلِكَ إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً أَفْضَلُهَا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ» فَهَذِهِ دَعْوَى خُصُوصٍ دُونَ الْعُمُومِ، وَقَدْ عَمَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلَّ أَذًى، وَإِمَاطَتِهِ إِيمَانٌ حَتَّى تَأْتِي سُنَّةٌ ثَابِتَةٌ تَخُصُّ شَيْئًا دُونَ شَيْءٍ بَلْ ظَاهِرُ اللُّغَةِ وَالْمُتَعَارَفُ فِي الْكَلَامِ أَنَّهُ إِنَّمَا يُمَاطُ عَنِ الطَّرِيقِ مَا كَانَ فِيهِ مَلْقِيُّ، وَلَا تَمْتَنِعُ الْأُمَّةُ أَنْ تَقُولَ لِمَنْ نَحَّى شَوْكَةً عَنْ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ قَدْ أَمَاطَ أَذًى عَنِ الطَّرِيقِ. وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ الْحَدِيثُ الَّذِي رَوَى أَنَّ رَجُلًا وَجَدَ غُصْنَ شَوْكٍ عَلَى الطَّرِيقِ فَأَخَّرَهُ فَغَفَرَ لَهُ الحديث: 802 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 808 803 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ سُمَيٍّ، مَوْلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي بِطَرِيقٍ وَجَدَ غُصْنَ شَوْكٍ عَلَى الطَّرِيقِ فَأَخَّرَهُ شَكَرَ اللَّهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ» قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: فَفِي هَذَا دَلِيلٌ أَنَّ الرَّجُلَ لَمْ يَكُنْ هُوَ الْمُلْقِي لِلْغُصْنِ عَلَى الطَّرِيقِ فَيَكُونُ وَاجِبًا عَلَيْهِ أَنْ يُمِيطَهَا إِنَّمَا كَانَ مُتَطَوِّعًا بِإِمَاطَتِهَا، وَكَذَلِكَ الْأَخْبَارُ الَّتِي جَاءَتْ فِي إِمَاطَةِ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا فَضِيلَةٌ وَتَطَوُّعٌ مِنْ ذَلِكَ الحديث: 803 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 810 804 - مَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أنا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ: ثنا أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " كُلُّ سُلَامَى مِنَ النَّاسِ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ كُلُّ يَوْمٍ تَطْلُعُ فِيهِ الشَّمْسُ، قَالَ: يَعْدِلُ بَيْنَ اثْنَيْنِ صَدَقَةٌ، وَيُعِينُ الرَّجُلَ فِي دَابَّتِهِ وَيَحْمِلُهُ عَلَيْهَا أَوْ يَرْفَعُ لَهُ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ صَدَقَةٌ، وَالْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ خُطْوَةٍ يَمْشِيهَا إِلَى الصَّلَاةِ صَدَقَةٌ، وَيُمِيطُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ " الحديث: 804 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 811 805 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أنا جَرِيرٌ، عَنِ الْهَجَرِيِّ، عَنْ أَبِي عِيَاضٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِمَاطَتُكَ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ، وَإِرْشَادُكَ الرَّجُلَ الطَّرِيقَ صَدَقَةٌ، وَعِيَادَةُ الْمَرِيضِ صَدَقَةٌ، وَاتِّبَاعُكَ جِنَازَتَهُ صَدَقَةٌ، وَرَدُّكَ السَّلَامَ صَدَقَةٌ» الحديث: 805 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 811 806 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا عَاصِمُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُلُّ مِيسَمٍ مِنَ الْإِنْسَانِ عَلَيْهِ صَلَاةٌ كُلَّ يَوْمٍ أَوْ صَدَقَةٌ كُلَّ يَوْمٍ» فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: هَذَا مِنْ أَشَدِّ مَا أُتِينَا بِهِ قَالَ: «إِنْ أَمْرًا بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهْيًا عَنِ الْمُنْكَرِ صَلَاةٌ، أَوْ صَدَقَةٌ، وَحَمْلُكَ عَلَى الضَّعِيفِ صَلَاةٌ، وَإنْمَاؤُكَ الْقَذَرَ عَنِ الطَّرِيقِ صَلَاةٌ، وَكُلُّ خُطْوَةٍ يَخْطُوهَا إِلَى الصَّلَاةِ صَلَاةٌ» الحديث: 806 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 812 807 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أنا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ سَعِيدٍ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي السَّلِيلِ، عَنْ أَبِي تَمِيمَةَ الْهُجَيْمِيِّ، عَنْ رَجُلٍ، مِنْ قَوْمِهِ قَالَ: لَقِيتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْمَعْرُوفِ؟ قَالَ: «لَا تَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا وَلَوْ أَنْ تُعْطِيَ صِلَةَ الْحَبْلِ، وَلَوْ أَنْ تُعْطِيَ شِسْعَ النَّعْلِ، وَلَوْ أَنْ تُفْرِغَ مِنْ دَلْوِكَ فِي إِنَاءِ الْمُسْتَسْقِي، وَلَوْ أَنْ تُنَحِّيَ الشَّيْءَ عَنْ طَرِيقِ النَّاسِ يُؤْذِيهِمْ، وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ وَوَجْهُكَ إِلَيْهِ مُنْطَلِقٌ، وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ فَتُسَلِّمَ عَلَيْهِ، وَلَوْ أَنْ تُؤْنِسَ الْوَحْشَانَ بِنَفْسِكَ فِي الْأَرْضِ، وَإِنْ سَبَّكَ رَجُلٌ بِشَيْءٍ يَعْلَمُهُ فِيكَ، وَأَنْتَ تَعْلَمُ فِيهِ نَحْوَهُ فَلَا تَسُبَّهُ لِيَكُونَ لَكَ أَجْرُ ذَلِكَ، وَيَكُونَ عَلَيْهِ وِزْرُهُ، وَمَا سَرَّ أُذُنَكَ أَنْ يَسْمَعَهُ فَاعْمَلْهُ، وَمَا سَاءَتْكَ أَنْ تَسْمَعَهُ فَاجْتَنِبْهُ» الحديث: 807 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 813 808 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ الْحَبْحَابِ، عَنْ أَبِي الْوَازِعِ الرَّاسِبِيِّ، عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي لَا أَدْرِي لَعَسَى أَنْ تَمْضِيَ وَأَبْقَى بَعْدَكَ فَزَوِّدْنِي شَيْئًا يَنْفَعُنِي اللَّهُ بِهِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «افْعَلْ كَذَا وَافْعَلْ كَذَا - أَبُو بَكْرٍ نَسِيَهُ - وَأَمِطِ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ» الحديث: 808 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 814 809 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أنا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، عَنْ شَدَّادِ بْنِ سَعِيدٍ الرَّاسِبِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَمْرٍو أَبَا الْوَازِعِ، يَذْكُرُ أَنَّهُ أَخْبَرَهُمْ أَبُو بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيُّ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا أَبَا بَرْزَةَ أَمِطِ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ فَإِنَّ لَكَ بِذَلِكَ صَدَقَةٌ» الحديث: 809 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 814 810 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا أَبُو الْمُغِيرَةِ، ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي حُمَيْدُ بْنُ عُقْبَةَ بْنِ رُومَانَ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ زَحْزَحَ عَنْ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ شَيْئًا يُؤْذِيهِمْ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِهِ حَسَنَةً، وَمَنْ كَتَبَ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً أَدْخَلَهُ بِهَا الْجَنَّةَ» الحديث: 810 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 814 811 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ وَاصِلٍ، مَوْلَى أَبِي عُيَيْنَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي بَشَّارُ بْنُ أَبِي سَيْفٍ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ غُطَيْفٍ، قَالَ: مَرِضَ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ وَأَتَيْنَاهُ نَعُودُهُ فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ فَإِذَا هُوَ مُقْبِلٌ بِوَجْهِهِ عَلَى الْجِدَارِ وَإِذَا امْرَأَتُهُ بِجَنْبِهِ قَاعِدَةٌ فَقُلْنَا: كَيْفَ بَاتَ أَبُو عُبَيْدَةَ؟ فَقَالَتْ: بَاتَ بِأَجْرٍ، فَأَقْبَلَ إِلَيْنَا بِوَجْهِهِ، فَقَالَ: إِنَّهُ لَمْ يَبِتْ بِأَجْرٍ، فَسَكَتْنَا فَقَالَ: أَلَا تَسْأَلُونِي عَمَّا قُلْتُ؟ قَالَ: قُلْنَا مَا أَعْجَبَنَا الَّذِي قُلْتَ فَنَسْأَلُكَ عَنْهُ، قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ أَنْفَقَ نَفَقَةً فَاضِلَةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبِسَبْعِمِائَةٍ وَمَنْ أَنْفَقَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عَلَى أَهْلِهِ، أَوْ عَادَ [ص: 816] مَرِيضًا، أَوْ مَازَ أَذًى فَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، وَالصَّوْمُ جُنَّةٌ مَا لَمْ يَخْرِقْهَا وَمَنِ ابْتَلَاهُ اللَّهُ بِبَلَاءٍ فِي جَسَدِهِ فَهُوَ لَهُ حَظُّهُ» الحديث: 811 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 815 812 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ، قَالَ: ثنا عِكْرِمَةُ يَعْنِي ابْنَ عَمَّارٍ، عَنْ أَبِي زُمَيْلٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، يَرْفَعُهُ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: لَا أَعْلَمُ إِلَّا رَفَعَهُ، قَالَ: «إِفْرَاغُكَ مِنْ دَلْوِكَ فِي دَلْوِ أَخِيكَ صَدَقَةٌ، وَأَمْرُكَ بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهْيُكَ عَنِ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَتَبَسُّمُكَ فِي وَجْهِ أَخِيكَ صَدَقَةٌ، وَإِمَاطَتُكَ الْحَجَرَ وَالشَّوْكَ وَالْعَظْمَ عَنْ طَرِيقِ النَّاسِ لَكَ صَدَقَةٌ، وَهَدْيُكَ الرَّجُلَ فِي أَرْضِ الضَّالَّةِ لَكَ صَدَقَةٌ» الحديث: 812 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 817 813 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ السُّلَمِيُّ، ثنا النَّضْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا عِكْرِمَةُ، ثنا أَبُو زُمَيْلٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَبَسُّمُكَ فِي وَجْهِ أَخِيكَ صَدَقَةٌ، وَأَمْرُكَ بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهْيُكَ عَنِ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَإِرْشَادُكَ الرَّجُلَ فِي أَرْضِ الضَّالَّةِ صَدَقَةٌ، وَنَظَرُكَ لِلرَّجُلِ الرَّدِيءِ الْبَصَرِ صَدَقَةٌ، وَإِمَاطَتُكَ الْحَجَرَ وَالشَّوْكَةَ وَالْعَظْمَ عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ، وَإِفْرَاغُكَ فِي دَلْوِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ» [ص: 818] 814 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُبَارَكِ، ثنا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي بِشْرُ بْنُ الْعَلَاءِ بْنِ زَبْرٍ، أَنَّهُ سَمِعَ حَرَامَ بْنَ حَكِيمٍ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَعَلَى كُلِّ نَفْسٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ صَدَقَةٌ» وَسَاقَ الْحَدِيثَ الحديث: 813 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 817 815 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الرَّبِيعِ الْجُرْجَانِيُّ، ثنا أَبُو عَامِرٍ، ثنا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ [ص: 819] سَلَّامٍ، عَنْ أَبِي سَلَّامٍ، أَنَّ أَبَا ذَرٍّ، قَالَ: عَلَى كُلِّ نَفْسٍ كُلَّ يَوْمٍ طَلَعَتْ فِيهِ الشَّمْسُ صَدَقَةٌ مِنْهُ عَلَى نَفْسِهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مِنْ أَيْنَ نَتَصَدَّقُ، وَلَيْسَ لَنَا أَمْوَالٌ؟ قَالَ: «أَوَلَيْسَ مِنْ أَبْوَابِ الصَّدَقَةِ التَّكْبِيرُ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ، وَتَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ، وَتَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ، وَتَعْزِلُ الشَّوْكَةَ وَالْحَجَرَ عَنْ طَرِيقِ النَّاسِ، وَتُسْمِعُ الْأَصَمَّ وَالْأَبْكَمَ حَتَّى يَفْقَهُ، وَتَهْدِي الْأَعْمَى، وَتُدِلُّ الْمُسْتَدِلَّ عَلَى حَاجَةٍ لَهُ قَدْ عَلِمْتَ مَكَانَهَا، وَتَسْعَى بِشَدِّ سَاقَيْكَ إِلَى اللَّهْفَانِ الْمُسْتَغِيثِ، وَتَرْفَعُ بِشَدِّ ذِرَاعَيْكَ مَعَ الضَّعِيفِ كُلُّ ذَلِكَ مِنْ أَبْوَابِ الصَّدَقَةِ مِنْكَ عَلَى نَفْسِكَ، وَلَكَ فِي جِمَاعِكَ زَوْجَتِكَ أَجْرٌ» قَالَ أَبُو ذَرٍّ: كَيْفَ يَكُونُ لِي أَجْرٌ فِي شَهْوَتِي؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ لَكَ وَلَدٌ فَأَدْرَكَ وَرَجَوْتَ خَيْرَهُ ثُمَّ مَاتَ أَكُنْتَ تَحْتَسِبَهُ؟» قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «فَأَنْتَ خَلَقْتَهُ؟» قُلْتُ: بَلِ اللَّهَ خَلَقَهُ، قَالَ: «فَأَنْتَ هَدَيْتَهُ؟» قُلْتُ: بَلِ اللَّهُ هَدَاهُ، قَالَ: «فَأَنْتَ كُنْتَ تَرْزُقُهُ؟» قُلْتُ: بَلِ [ص: 820] اللَّهُ كَانَ يَرْزُقُهُ، قَالَ: «فَكَذَاكَ فَضَعْهُ فِي حَلَالِهِ، وَجَنِّبْهُ حَرَامَهُ فَإِنْ شَاءَ اللَّهُ أَحْيَاهُ، وَإِنْ شَاءَ أَمَاتَهُ وَلَكَ أَجْرُهُ» الحديث: 815 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 818 816 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا مَعْمَرُ بْنُ يَعْمَرَ اللَّيْثِيُّ، ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَّامٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي زَيْدٌ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَلَّامٍ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ فَرُّوخَ، أَنَّهُ سَمِعَ عَائِشَةَ، تَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ خَلْقَ كُلَّ إِنْسَانٍ مِنْ بَنِي آدَمَ عَلَى سِتِّينَ وَثَلَاثِمِائَةِ مَفْصِلٍ فَمَنْ كَبَّرَ اللَّهَ، وَحَمِدَ اللَّهَ، وَهَلَّلَ اللَّهَ، وَسَبَّحَهُ، وَاسْتَغْفَرَهُ، وَعَزَلَ شَجَرًا عَنْ طَرِيقِ النَّاسِ، أَوْ عَزَلَ شَوْكًا عَنْ طَرِيقِ النَّاسِ، أَوْ عَزَلَ عَظْمًا عَنْ طَرِيقِ النَّاسِ أَوْ أَمَرَ بِمَعْرُوفٍ أَوْ نَهَى عَنْ مُنْكَرٍ عَدَدَ ذَلِكَ السِّتِّينَ وَالثَّلَاثِمِائَةٍ السُّلَامَى فَإِنَّهُ يُمْسِي يَوْمَئِذٍ وَقَدْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ» [ص: 821] 817 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْوَرَّاقُ، ثنا أَبُو سَلَمَةَ، ثنا أَبَانُ، ثنا يَحْيَى، أَنَّ زَيْدًا حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا سَلَّامٍ حَدَّثَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ فَرُّوخَ حَدَّثَهُ أَنَّ عَائِشَةَ حَدَّثَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مِثْلَهُ الحديث: 816 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 820 818 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ أَبَانَ بْنِ صَمْعَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْوَازِعِ، عَنْ أَبِي بَرْزَةَ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ؟ قَالَ: «أَمِطِ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ» الحديث: 818 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 821 819 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا أَبُو هِلَالٍ، ثنا أَبُو الْوَازِعِ، عَنْ أَبِي بَرْزَةَ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مُرْنِي بِعَمَلٍ إِذَا عَمِلْتُهُ أَدْخَلَنِي اللَّهُ بِهِ الْجَنَّةَ؟ قَالَ: «انْظُرْ مَا يُؤْذِي النَّاسَ فِي طَرِيقِهِمْ فَنَحِّهِ» الحديث: 819 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 821 820 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، ثنا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ، ثنا الْحُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فِي الْإِنْسَانِ ثَلَاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ مَفْصِلًا فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ عَنْ كُلِّ مَفْصِلٍ بِصَدَقَةٍ» قَالُوا: وَمَنْ يُطِيقُ هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «النُّخَاعَةُ يَرَاهَا فِي الْمَسْجِدِ فَيَدْفِنُهَا صَدَقَةٌ، وَالْأَذَى يُنَحِّيهِ عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ فَرَكْعَتَيِ الضُّحَى» الحديث: 820 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 822 821 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبِي سَمِينَةَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ، ثنا مِنْهَالُ بْنُ خَلِيفَةَ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: ثنا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحَدِيثٍ مَا فَرِحْنَا بِشَيْءٍ مُنْذُ عَرَفْنَا الْإِسْلَامَ فَرَحُنَا بِهِ قَالَ: «إِنَّ الْمُؤْمِنَ يُؤْجَرُ فِي هِدَايَتِهِ الْمُسْلِمَ، وَإِمَاطَتِهِ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ، وَفِي تَعْبِيرِ لِسَانِهِ عَنِ الْأَعْجَمِيِّ وَإِنَّهُ لَيُؤْجَرُ فِي إِتْيَانِهِ أَهْلِهِ حَتَّى إِنَّهُ لَيُؤْجَرُ فِي السِّلْعَةِ فَتَكُونُ فِي طَرَفِ الثَّوْبِ فَيَلْتَمِسَهَا فَيُخْطِئُهَا كَفُّهُ فَيُخْفِقُ لَهَا فُؤَادُهُ فَيَرُدُّ عَلَيْهِ فَيُكْتَبُ لَهُ أَجْرُهَا» الحديث: 821 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 822 822 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْعَوَّامِ بْنِ جُوَيْرِيَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «أَكْثَرُهَا، فَأَكْثَرُهَا، فَأَكْثَرُهَا» ، قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِي مَالٌ؟ قَالَ: «فَمِنْ عَفْوِ مَالِكَ» قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ أَفْعَلْ؟ قَالَ: «فَمِنْ عَفْوِ طَعَامِكَ» ، قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ أَفْعَلْ؟ قَالَ: «اتَّقِ النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ التَّمْرِ» قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ أَفْعَلْ؟ قَالَ: «فَأَمِطِ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ» قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ أَفْعَلْ؟ قَالَ: «الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ» قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ أَفْعَلْ؟ قَالَ: «فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ يَا أَبَا ذَرٍّ فَدَعِ النَّاسَ مِنَ الشَّرِّ فَإِنَّهَا صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ بِهَا عَلَى نَفْسِهِ» [ص: 824] قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ أَفْعَلْ؟ قَالَ: فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا تُرِيدُ يَا أَبَا ذَرٍّ تَدَعُ فِيكَ مِنَ الْخَيْرِ شَيْئًا " قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: فَقَدْ بَيَّنَ أَنَّ إِمَاطَةَ الْأَذَى لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا عَلَيْهِ، إِذْ قَالَ: فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ، قَالَ: فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ، ثُمَّ قَالَ: فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ؟ قَالَ: فَدَعِ النَّاسَ مِنَ الشَّرِّ فَلَوْ كَانَ إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ وَاجِبًا لَمَا رَخَّصَ لَهُ فِي تَرْكِهِ، وَلَقَالَ لَهُ عَلَيْكَ أَنْ تَفْعَلَهُ، وَلَكِنْ لَمَّا لَمْ يَكُنْ فَرْضًا عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ: فَإِنْ لَمْ أَفْعَلْهُ أَبْدَلَهُ مَكَانَهُ شَيْئًا هُوَ أَسْهَلُ عَلَيْهِ مِنْهُ، فَلَمَّا قَالَ: فَإِنْ لَمْ أَفْعَلْ لَمْ يُرَخِّصْ لَهُ فِي تَرْكِهِ كَفَّ الشَّرِّ إِذْ كَانَ ذَلِكَ وَاجِبًا عَلَيْهِ، فَأَبَانَ أَنَّ إِمَاطَةَ الْأَذَى مِنَ النَّوَافِلِ الحديث: 822 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 823 823 - حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: «مَنْ مَشَى بِدَيْنِهِ إِلَى غَرِيمِهِ يَقْضِيَهُ فَلَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ صَدَقَةٌ، وَمَنْ هَدَى زُقَاقًا فَلَهُ بِهِ صَدَقَةٌ، وَمَنْ أَعَانَ ضَعِيفًا عَلَى حَمْلِ دَابَّةٍ فَلَهُ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ، وَمَنْ أَمَاطَ أَذًى عَنِ الطَّرِيقِ فَلَهُ صَدَقَةٌ» قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ: «الْبَذَاذَةُ مِنَ الْإِيمَانِ» يُرِيدُ التَّقَشُّفَ، وَلَيْسَ التَّقَشُّفُ بِغَرَضٍ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ: «الْحَيَاءُ مِنَ الْإِيمَانِ» الحديث: 823 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 824 824 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا يَعِظُ أَخَاهُ فِي الْحَيَاءِ فَقَالَ: «إِنَّ الْحَيَاءَ مِنَ الْإِيمَانِ» . قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَالْحَيَاءُ حَيَاءَانِ حَيَاءٌ مِنَ اللَّهِ، وَحَيَاءٌ مِنَ النَّاسِ، وَالَّذِي هُوَ أَوْلَى بِالْعَبْدِ الْحَيَاءُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَلَوْلَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ الْحَيَاءَ مِنْ خَلْقِهِ خُلُقًا كَرِيمًا لَمَا كَانَ أَحَدٌ غَيْرُ اللَّهِ يَسْتَوْجِبُ أَنْ يُسْتَحَى مِنْهُ إِذْ لَا مَالِكَ لِنَفْعٍ، وَلَا ضُرٍّ غَيْرَهُ، وَلَكِنَّهُ أَحَبَّ أَنْ يَسْتَحِيَ خَلْقُهُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ فَيَسْتُرُوا عُيُوبَهُمْ مِنْهُمْ، فَلَا يَفْتَضِحُ بَعْضُهُمْ عِنْدَ بَعْضٍ، فَمِنَ الْحَيَاءِ مِنَ اللَّهِ مَا هُوَ [ص: 826] فَرْضٌ، وَمِنْهُ فَضِيلَةٌ وَنَافِلَةٌ، وَهُوَ هَائِجٌ عَنِ الْمَعْرِفَةِ بِعَظَمَةِ اللَّهِ وَجَلَالِهِ وَقُدْرَتِهِ، لِأَنَّهُ إِذَا ثَبَتَ تَعْظِيمُ اللَّهِ فِي قَلْبِ الْعَبْدِ أَوْرَثَهُ الْحَيَاءَ مِنَ اللَّهِ وَالْهَيْبَةِ لَهُ فَغَلَبَ عَلَى قَلْبِهِ ذِكْرُ اطِّلَاعِ اللَّهِ الْعَظِيمِ وَنَظَرِهِ بِعَظَمَتِهِ وَجَلَالِهِ إِلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَجَوَارِحِهِ، وَذِكْرُ الْمَقَامِ غَدًا بَيْنَ يَدَيْهِ وَسُؤَالِهِ إِيَّاهُ عَنْ جَمِيعِ أَعْمَالِ قَلْبِهِ وَجَوَارِحِهِ، وَذِكْرُ دَوَامِ إِحْسَانِهِ إِلَيْهِ، وَقِلَّةِ الشُّكْرِ مِنْهُ لِرَبِّهِ فَإِذَا غَلَبَ ذِكْرُ هَذِهِ الْأُمُورِ عَلَى قَلْبِهِ هَاجَ مِنْهُ الْحَيَاءُ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَحَى اللَّهَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَى قَلْبِهِ وَهُوَ مُعْتَقِدٌ لِشَيْءٍ مِمَّا يَكْرَهُ، أَوْ عَلَى جَارِحَةٍ مِنْ جَوَارِحِهِ، يَتَحَرَّكُ بِمَا يَكْرَهُ فَطَهَّرَ قَلْبَهُ مِنْ كُلِّ مَعْصِيَةٍ، وَمَنَعَ جَوَارِحَهُ مِنْ جَمِيعِ مَعَاصِيهِ إِذْ فَهِمَ عَنْهُ قَوْلَهُ: {ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لَنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ} [يونس: 14] وَقَالَ: {وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ} [يونس: 61] وَقَالَ: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} [التوبة: 105] وَقَالَ مُنْكِرًا عَلَى مَنِ اسْتَخَفَّ بِنَظَرِهِ: {أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى} [العلق: 14] الحديث: 824 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 825 825 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ عُفَيْرٍ، حَدَّثَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَهُ إِلَى قَوْمٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْصِنِي قَالَ: «أَفْشِ السَّلَامَ، وَابْذُلِ الطَّعَامَ، وَاسْتَحِ مِنَ اللَّهِ اسْتِحْيَاءَكَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِكَ وَإِذَا أَسَأْتَ فَأَحْسِنْ، وَلْتُحَسِّنْ خُلُقَكَ مَا اسْتَطَعْتَ» الحديث: 825 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 827 826 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا أَبُو الْوَلِيدِ، ثنا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ، سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ يَزِيدَ، أَنَّ رَجُلًا، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْصِنِي؟ قَالَ: «أُوصِيكَ أَنْ تَسْتَحِيَ اللَّهَ كَمَا تَسْتَحِي رَجُلًا صَالِحًا مِنْ قَوْمِكَ» الحديث: 826 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 827 827 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا أَبُو صَالِحٍ، ثنا اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَزِيدَ، أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: إِنَّ رَجُلًا قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْصِنِي؟ قَالَ: «أُوصِيكَ أَنْ تَسْتَحِيَ اللَّهَ كَمَا تَسْتَحِي رَجُلًا صَالِحًا مِنْ قَوْمِكَ» قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: أَلَسْتَ تَرَى أَنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا عَلِمَ أَنَّ رَجُلًا صَالِحًا يَنْظُرُ إِلَيْهِ أَوْ يَسْمَعُ كَلَامَهُ أَمْسَكَ عَنْ كُلِّ مَا يَخَافُ أَنْ يَمْقُتَهُ عَلَيْهِ، أَوْ يَضَعُ مِنْ قَدْرِهِ عِنْدَهُ، وَلَوْ عَلِمَ أَنَّهُ يَطَّلِعُ عَلَى مَا فِي ضَمِيرِهِ لَمَا أَضْمَرَ إِلَّا عَلَى مَا يَعْلَمُ أَنَّهُ يُحَسِّنُهُ عِنْدَهُ وَيُجَمِّلُ، وَكَذَلِكَ يَسْتَحِي مِنَ الرَّجُلِ الصَّالِحِ مِنْ كُلِّ نَقْصٍ فِي فَضْلٍ إِلَّا لِمَرَضٍ، فَأَجْمَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَفْسِيرَ الْحَيَاءِ مِنَ اللَّهِ فِي هَذِهِ الْكَلِمَةِ فَمَنِ اسْتَحْيَى مِنَ اللَّهِ فِيمَا يُظْهِرُ وَكُلُّ شَيْءٍ ظَاهِرٌ لَهُ كَمَا يَسْتَحِي مِنَ الرَّجُلِ الصَّالِحِ فَقَدِ اسْتَحْيَى مِنَ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ لِأَنَّهُ عَالِمٌ بِأَنَّ اللَّهَ مُطَّلِعٌ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ فَلَا يَدَعُ قَلْبَهُ يُضْمِرُ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا يَكْرَهُ إِنْ عَرَضَ لَهُ رِيَاءٌ فِي عَمَلٍ [ص: 829] ، أَوْ عُجْبٌ، أَوْ كِبْرٌ ذَكَرَ نَظَرَ اللَّهِ إِلَيْهِ فَاسْتَحْيَى مِنْهُ أَنْ يَرَى ذَلِكَ فِي قَلْبِهِ فَتَرَكَهُ، وَاسْتَحْيَى أَيْضًا مِنْ كُلِّ نَقْصٍ يَدْخُلُ فِيهِ مِنْ فُضُولِ الدُّنْيَا، أَوْ مِنْ فُضُولِ الْكَلَامِ، وَإِنْ كَانَ مُبَاحًا لِأَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ قَدْ زَهَّدَهُ فِي ذَلِكَ وَرَغَّبَهُ فِي تَرْكِهِ فَهُوَ يَسْتَحِي أَنْ يَرَاهُ رَاغِبًا فِيمَا زَهَّدَهُ فِيهِ، وَكَذَلِكَ إِنْ خَافَ غَيْرَهُ اسْتَحْيَى مِنْهُ أَنْ يَرَاهُ يَخَافُ غَيْرَهُ أَوْ يَرْجُوهُ أَوْ يَطْمَعُ فِيهِ، وَهَذِهِ فَضِيلَةٌ لَيْسَتْ بِفَرْضٍ مِنْ ذَلِكَ الحديث: 827 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 828 828 - مَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ يُونُسَ الْأَيْلِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ، يَخْطُبُ النَّاسَ وَهُوَ يَقُولُ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ اسْتَحْيُوا مِنَ اللَّهِ فَإِنِّي لَأَظَلُّ إِذَا أَتَيْتُ الْخَلَاءَ أُغَطِّي رَأْسِي اسْتِحْيَاءً مِنْ رَبِّي» الحديث: 828 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 829 829 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو مُوسَى: «إِنِّي لَأَغْتَسِلُ فِي الْبَيْتِ الْمُظْلِمِ فَمَا أُقِيمُ صُلْبِي حَيَاءً مِنْ رَبِّي حَتَّى آخُذُ ثَوْبِي» الحديث: 829 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 829 830 - حَدَّثَنِي الدَّوْرَقِيُّ، ثنا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، ثنا سَالِمٌ أَبُو جُمَيْعٍ، ثنا الْحَسَنُ، وَذَكَرَ، عُثْمَانَ وَشِدَّةَ حَيَائِهِ فَقَالَ: «إِنْ كَانَ لِيَكُونُ فِي الْبَيْتِ وَالْبَابُ عَلَيْهِ مُغْلَقٌ فَمَا يَضَعُ عَنْهُ الثَّوْبَ لِيُفِيضَ عَلَيْهِ الْمَاءَ يَمْنَعُهُ الْحَيَاءُ أَنْ يُقِيمَ صُلْبَهُ» الحديث: 830 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 830 831 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، ثنا الْأَعْمَشُ، عَنْ شَقِيقٍ، قَالَ: " كُنْتُ فِي جَيْشٍ فَمَرَرْنَا بِأَجَمَةٍ مُخِيفَةٍ فَإِذَا رَجُلٌ فِيهَا نَائِمٌ عَلَى فِرَاشِهِ وَفَرَسُهُ حَوْلَهُ تَدُورُ فَأَيْقَظْنَاهُ فَقُلْنَا: مَا تَخَافُ فِي هَذِهِ الْأَجَمَةِ؟ فَقَالَ: إِنِّي لَأَسْتَحِي مِنْ ذِي الْعَرْشِ أَنْ يَعْلَمَ أَنِّي أَخَافُ أَحَدًا دُونَهُ " الحديث: 831 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 830 832 - حَدَّثَنَا الدَّوْرَقِيُّ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى أَبُو جَعْفَرٍ، ثنا فَضَالَةُ بْنُ حُسَيْنٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ نَعَامَةَ، قَالَ: لَمَّا سُيِّرَ عَامِرٌ إِلَى الشَّامِ وَنَزَلُوا بِطَرِيقِ الشَّامِ بِمَاءٍ فَإِذَا الْأَسَدُ قَدْ حَالَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمَاءِ، وَجَاءَ عَامِرٌ حَتَّى أَصَابَ حَاجَتَهُ مِنَ الْمَاءِ فَقَالُوا لَهُ: لَقَدْ خَاطَرْتَ بِنَفْسِكَ، فَقَالَ: وَاللَّهِ إِنْ كُنْتُ لَأَسْتَحِي أَنْ يَعْلَمَ اللَّهُ أَنِّي أَخَافُ أَحَدًا غَيْرَهُ " الحديث: 832 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 830 833 - حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عِيسَى، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: أُنْبِئْتُ أَنَّ عَامِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْقَيْسِيَّ، تَخَلَّفَ عَنْ أَصْحَابِهِ، فَقِيلَ لَهُ: هَذِهِ الْأَجَمَةُ فِيهَا الْأَسَدُ وَإِنَّا نَخْشَى عَلَيْكَ، فَقَالَ: إِنِّي لَأَسْتَحِي رَبِّي أَنْ أَخْشَى شَيْئًا دُونَهُ " الحديث: 833 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 831 834 - حَدَّثَنَا الدَّوْرَقِيُّ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا الْحَكَمُ بْنُ عَطِيَّةَ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ، يَقُولُ: مَرَّ عَامِرٌ بِالْحُرَّاسِ لَيْلَةً فَكَلَّمُوهُ فَلَمْ يُكَلِّمْهُمْ ثُمَّ كَلَّمُوهُ فَتَكَلَّمَ، فَقَالُوا: لَقَدْ سَكَتَّ حَتَّى خِفْنَاكَ فَقَالَ: " لَأَنْ تَخْتَلِفَ الْأَسِنَّةُ فِي جَوْفِي أَحَبُّ مِنْ أَنْ يَعْلَمَ اللَّهُ مِنْ قَلْبِي أَنِّي أَخَافُ سِوَاهُ، قَالَ الْحَسَنُ: قَدْ خَافَ مَنْ كَانَ خَيْرًا مِنْ عَامِرٍ خَافَ مُوسَى نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحديث: 834 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 831 835 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ الدَّوْرَقِيُّ، ثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا عُمَارَةُ بْنُ أَبِي شُعَيْبٍ الْقَسْمَلِيُّ، ثنا مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ، قَالَ: مَرَّ عَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَيْسِيُّ فَإِذَا قَافِلَةٌ قَدِ احْتَبَسَتْ، فَقَالَ لَهُمْ: «مَا لَكُمْ؟» قَالُوا: الْأَسَدُ حَالَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الطَّرِيقِ قَالَ: «إِنَّمَا ذَا كَلْبٌ مِنْ كِلَابِ اللَّهِ فَمَرَّ بِهِ حَتَّى أَصَابَ ثَوْبَهُ فَمُ الْأَسَدِ» الحديث: 835 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 832 836 - حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عِيسَى، أنا ابْنُ الْمُبَارَكِ، أنا الْمُسْتَلِمُ بْنُ سَعِيدٍ الْوَاسِطِيُّ، ثنا حَمَّادٌ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ زَيْدٍ، أَنَّ أَبَاهُ، أَخْبَرَهُ قَالَ: خَرَجْنَا فِي غَزْوَةٍ إِلَى كَابُلَ وَفِي الْجَيْشِ صِلَةُ بْنُ أَشْيَمَ فَنَزَلَ النَّاسُ عِنْدَ الْعَتْمَةِ، فَقُلْتُ: لَأَرْمُقَنَّ عَمَلَهُ وَأَنْظُرُ مَا يَذْكُرُ النَّاسُ مِنْ عِبَادَتِهِ، فَصَلُّوا الْعَتْمَةَ، ثُمَّ اضْطَجَعَ فَالْتَمَسَ غَفْلَةَ النَّاسِ حَتَّى إِذَا قُلْتُ: هَدَأَتِ الْعُيُونُ وَثَبَ فَدَخَلَ غَيْصَةً قَرِيبًا مِنْهُ وَدَخَلْتُ فِي إِثْرِهِ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي، فَافْتَتَحَ وَجَاءَ الْأَسَدُ حَتَّى دَنَا مِنْهُ، وَصَعِدْتُ فِي شَجَرَةٍ قَالَ: فَنَرَاهُ الْتَفَتَ أَوْ عَدَّهُ جُرَذًا حَتَّى سَجَدَ، فَقُلْتُ [ص: 833] : الْآنَ يَفْتَرِسُهُ فَلَا يَنْثَنِي، فَجَلَسَ ثُمَّ سَلَّمَ فَقَالَ: «أَيُّهَا السَّبُعُ، اطْلُبِ الرِّزْقَ مِنْ مَكَانٍ آخَرَ» ، فَوَلَّى وَإِنَّ لَهُ أَزِيزًا أَقُولُ تَصَدَّعَتِ الْجِبَالُ مِنْهُ، فَمَا زَالَ كَذَلِكَ يُصَلِّي حَتَّى لَمَّا كَانَ عِنْدَ الصُّبْحِ جَلَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ بِمَحَامِدَ لَمْ أَسْمَعْ بِمِثْلِهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ قَالَ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ أَنْ تُجِيرَنِيَ مِنَ النَّارِ، أَوَمِثْلِي يَجْتَرِئُ أَنْ يَسْأَلَكَ الْجَنَّةَ؟» ، ثُمَّ رَجَعَ فَأَصْبَحَ كَأَنَّهُ بَاتَ عَلَى الْحَشَايَا وَأَصْبَحْتُ وَبِي مِنَ الْفَتْرَةِ مَا اللَّهُ بِهِ عَلِيمٌ فَلَمَّا دَنَوْا مِنْ أَرْضِ الْعَدُوِّ، وَقَالَ الْأَمِيرُ لَا يَشِذَّنَّ أَحَدٌ مِنَ الْعَسْكَرِ فَذَهَبَتْ بَغْلَتُهُ بِثِقَلِهَا فَأَخَذَ يُصَلِّي فَقِيلَ لَهُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ ذَهَبُوا قَالَ: «دَعُونِي أُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ» ، قَالُوا: إِنَّ النَّاسَ قَدْ ذَهَبُوا، قَالَ: «إِنَّمَا هُمَا خَفِيفَتَانِ» ، قَالَ: فَدَعَا، ثُمَّ قَالَ: «إِنِّي أُقْسِمُ عَلَيْكَ أَنْ تَرُدَّ عَلَيَّ بَغْلَتِي وَثِقْلِهَا» ، قَالَ: فَجَاءَتْ حَتَّى قَامَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ، قَالَ: فَلَمَّا لَقِيَهُ الْعَدُوُّ حَمَلَ هُوَ وَهِشَامُ بْنُ عَامِرٍ فَطَعَنَّا بِهِمْ طَعْنًا وَضَرْبًا وَقَتْلًا قَالَ: فَكَسَرَا ذَلِكَ الْعَدُوَّ، وَقَالُوا: رَجُلَانِ مِنَ الْعَرَبِ صَنَعَا هَذَا فَكَيْفَ لَوْ قَاتَلُونَا فَأَعْطَوُا الْمُسْلِمِينَ حَاجَاتِهِمْ، فَقِيلَ لِأَبِي هُرَيْرَةَ: إِنَّ هِشَامَ بْنَ [ص: 834] عَامِرٍ وَكَانَ يُجَالِسُهُ أَلْقَى بِيَدِهِ إِلَى التَّهْلُكَةَ وَأُخْبِرَ بِخَبَرِهِ، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: لَا، وَلَكِنَّهُ الْتَمَسَ هَذِهِ الْآيَةَ: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ} " الحديث: 836 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 832 837 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْأَزْدِيُّ النَّصْرِيُّ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ صَالِحٍ، قَالَ: «كَانَ عَمْرُو بْنُ عُتْبَةَ يَرْعَى رِكَابًا لِأَصْحَابِهِ وَغَمَامَةٌ تُظِلُّهُ» الحديث: 837 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 834 838 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ، عَنْ مُبَخَّلٍ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، قَالَ: «قَدِمْتُ الْكُوفَةَ فَمَا حَدَّثَتُهُمْ عَنْ عَامِرٍ الْقَيْسِيِّ، بِشَيْءٍ إِلَّا حَدَّثُونِي عَنْ عَمْرِو بْنِ عُتْبَةَ، بِمِثْلِهِ، أَوْ مَا حَدَّثُونِي عَنْ عَمْرِو بْنِ عُتْبَةَ، بِشَيْءٍ إِلَّا حَدَّثْتُهُمْ عَنْ عَامِرٍ، مِثْلَهُ» الحديث: 838 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 834 839 - حَدَّثَنِي الدَّوْرَقِيُّ، ثنا غَسَّانُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، قَالَ: قَالَ لِي وُهَيْبٌ: " بَيْنَمَا أَنَا فِي السُّوقِ، إِذْ أُخِذَ بِقَفَايَ فَقَالَ: يَا وُهَيْبُ خَفِ اللَّهَ فِي قُدْرَتِهِ عَلَيْكَ، وَاسْتَحِ مِنَ اللَّهِ فِي قُرْبِهِ مِنْكَ فَالْتَفَتُّ فَلَمْ أَرَ شَيْئًا " الحديث: 839 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 835 840 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ النَّوَا، وَكَانَ مِنَ الْعَابِدِينَ قَالَ: قِيلَ لِوُهَيْبٍ الْمَكِّيِّ مِنْ أَيْنَ أَخَذْتَ هَذَا؟ قَالَ: " كُنْتُ رَجُلًا تَاجِرًا فَبَيْنَمَا أَنَا قَاعِدٌ إِذْ جَاءَنِي رَجُلٌ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى مَنْكِبِي فَقَالَ لِي: يَا وُهَيْبُ اسْتَحِ مِنَ اللَّهِ لِقُرْبِهِ مِنْكَ، وَخَفِ اللَّهَ لِقُدْرَتِهِ عَلَيْكَ، ثُمَّ ذَهَبَ فَنَظَرْتُ بَيْنَ يَدَيَّ وَمِنْ خَلْفِي فَلَمْ أَرَ أَحَدًا " الحديث: 840 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 835 841 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْأَزْدِيُّ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنِي أَبُو جَعْفَرٍ السَّائِحُ، أَنَّ الْهَيْثَمَ بْنَ جَمَّازٍ قَالَ: " كَانَتْ لِي امْرَأَةٌ لَا تَنَامُ بِاللَّيْلِ، وَكُنْتُ لَا أَصْبِرُ مَعَهَا عَلَى السَّهَرِ فَكُنْتُ إِذَا تَرُشُّ عَلَيَّ الْمَاءَ وَتُنَبِّهُنِي بِرِجْلِهَا وَتَقُولُ: مَا تَسْتَحِي مِنَ اللَّهِ إِلَى كَمْ هَذَا الْغَطِيطُ، قَالَ: فَوَاللَّهِ إِنْ كُنْتُ لَأَسْتَحِي مِمَّا تَصْنَعُ " الحديث: 841 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 835 842 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الْبَهْرَانِيُّ، قَالَ: قِيلَ لِرَابِعَةَ: لَوْ كَتَبْتِ إِلَى عُمَرَ بْنِ مِهْرَانَ لِرَجُلٍ فِي حَاجَةٍ؟ فَقَالَتْ: «إِنِّي لَأَسْتَحِي مِمَّنْ يَمْلِكُ الدُّنْيَا أَنْ أَسْأَلَهُ مِنْهَا شَيْئًا فَكَيْفَ أَسْأَلُ مَنْ لَا يَمْلِكُ مِنْهَا شَيْئًا لَيْسَ لِي إِلَى مَخْلُوقٍ حَاجَةٌ» الحديث: 842 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 836 843 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، قَالَ: مَرِضَ دَاوُدُ الطَّائِيُّ فَلَزِمَ جَوْفَ بَيْتِهِ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ فَقِيلَ لَهُ: لَوْ خَرَجْتَ إِلَى صَحْنِ الدَّارِ؟ قَالَ: إِنِّي لَأَسْتَحِي مِنَ اللَّهِ أَنْ يَرَانِيَ فِي رَاحَةٍ بَدَنِي " الحديث: 843 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 836 844 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أنا عَرْعَرَةُ بْنُ الْبِرِنْدِ الشَّامِيُّ، ثنا زِيَادُ بْنُ الْخَصَاصِ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى ثَلَاثَةً يَغْتَسِلُونَ مِنْ حَوْضٍ عُرَاةً فَقَالَ: «أَمَا تَسْتَحْيُونَ اللَّهَ، أَمَا تَسْتَحْيُونَ الْحَفَظَةَ الْكِرَامَ الْكَاتِبِينَ، أَمَا يَسْتَحِي بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ» الحديث: 844 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 836 قَالَ زُرَارَةُ بْنُ أَوْفَى: وَرَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجِيرًا لَهُ فِي غَنَمِ الصَّدَقَةِ قَائِمًا عُرْيَانًا فَقَالَ: «كَمْ عَمِلْتَ لَنَا؟» قَالَ: وَلِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «مَا أُرِيدُ أَنْ يَلِيَ لِي عَمَلًا مَنْ لَا يَسْتَحِي مِنَ اللَّهِ إِذَا خَلَا» . [ص: 837] 845 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَطِيَّةَ، أَنَّ رَجُلًا، كَانَ يَرْعَى لِآلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَآهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُرْيَانًا فَذَكَرَ مِثْلَهُ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: فَكَانَ الْحَيَاءُ الَّذِي حَمَلَ هَؤُلَاءِ عَلَى هَذِهِ الْأَفْعَالِ غَيْرَ فَرْضٍ عَلَيْهِمْ، وَلَكِنَّهُ نَافِلَةٌ مِنَ [ص: 838] النَّوَافِلِ وَفَضِيلَةٌ وَهُوَ مِنَ الْإِيمَانِ، وَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا هِيَ عَلَامَاتُ الْحَيَاءِ الَّذِي يُهِيجُهُ ذِكْرُ اطِّلَاعِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَجَوَارِحِهِ، وَأَمَّا الْحَيَاءُ الَّذِي يَهِيجُ عَنْ ذِكْرِ الْوُقُوفِ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ تَعَالَى وَرَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ يُوَرِّثُ الِاسْتِعْدَادَ لِجَوَابِ اللَّهِ تَعَالَى عَمَّا يُسَائِلُهُ إِذَا سَأَلَهُ عَنْ جَمِيعِ أَعْمَالِهِ الَّتِي عَمِلَهَا لِمَنْ عَمِلَهَا، وَيُوَرِّثُهُ الِاسْتِعْدَادَ بِالِاعْتِذَارِ، كَيْفَ يَعْتَذِرُ مِنِ ارْتِكَابِهِ لِمَا نَهَاهُ عَنْهُ، وَلِمَنْ تَابَ، وَمَا أَرَادَ بِالتَّوْبَةِ، وَمَا أَرَادَ بِالنَّوَافِلِ وَلِمَنْ عَمِلَهَا؟ فَإِذَا أَرَادَ الِاسْتِعْدَادَ لِهَذِهِ الْأُمُورِ تَطَهَّرَ مِنَ الْأَدْنَاسِ وَكَمَّلَ الْفُرُوضَ فَأَدَّاهَا كَامِلَةً، وَأَخْلَصَ الطَّاعَاتِ بِصِدْقٍ لَا يَشُوبُهُ رِيَاءٌ، وَإِنَّمَا يُعِدُّ الْجَوَابَ لِمَنْ لَا تَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَةٌ، وَأَعْلَمُ بِسِرِّهِ وَعَلَانِيَتِهِ مِنْ نَفْسِهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ فَلْنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ} [الأعراف: 7] وَقَالَ تَعَالَى: {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الحجر: 92] . وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «لَا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ مِنِ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ حَتَّى يَسْأَلُهُ عَنْ شَبَابِهِ فِيمَا أَبْلَاهُ، وَعُمْرِهِ فِيمَا [ص: 839] أَفْنَاهُ، وَمَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَا أَنْفَقَهُ، وَعِلْمِهِ مَاذَا عَمِلَ فِيهِ» الحديث: 845 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 836 846 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حِبَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مِحْصَنٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ وَهُوَ ابْنُ قَيْسٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَنْ تَزُولَ قَدَمَا عَبْدٍ بَيْنَ يَدَيْ رَبِّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ خَمْسِ خِصَالٍ عَنْ عُمْرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ، وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَا أَبْلَاهُ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ أَصَابَهُ وَفِيمَا أَنْفَقَهُ وَمَاذَا عَمِلَ فِيمَا عَلِمَ» الحديث: 846 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 839 847 - حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ مُكْرَمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ الْجَارُودِ، عَنْ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ أَرْبَعٍ مَالِهِ مِمَّا اكْتَسَبَهُ وَفِيمَا أَنْفَقَهُ، وَعَنْ جَسَدِهِ فِيمَا أَبْلَاهُ، وَعَنْ عُمْرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ» قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَكَذَلِكَ كَانَ الْعُلَمَاءُ بِاللَّهِ تَعَالَى يَعُدُّونَ مِنَ اللَّهِ وَخَوْفًا لَهُ مِنْ ذَلِكَ. الحديث: 847 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 840 848 - مَا حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ هِلَالِ بْنِ أَبِي حُمَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: وَبَدَأَ بِالْيَمِينِ قَبْلَ أَنْ يُحَدِّثَنَا قَالَ: " وَاللَّهِ مَا مِنْكُمْ مِنْ إِنْسَانٍ إِلَّا أَنَّ رَبَّهُ سَيْخَلُو بِهِ كَمَا يَخْلُو بِالْقَمَرِ لَيْلَتَهُ فَيَقُولُ: يَا ابْنَ آدَمَ مَا غَرَّكَ بِي ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ يَقُولُ: مَاذَا أَجَبْتَ الْمُرْسَلِينَ؟ كَيْفَ عَمِلْتَ فِيمَا عَلِمْتَ؟ " الحديث: 848 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 840 849 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا فَرَجُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنْ لُقْمَانَ، قَالَ: قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: " إِنَّمَا أَخْشَى مِنْ رَبِّي أَنْ يَدْعُونِيَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رُؤُسِ الْخَلَائِقِ فَيَقُولُ: يَا عُوَيْمِرُ فَأَقُولُ: لَبَّيْكَ رَبِّي، فَيَقُولُ: مَا عَمِلْتَ فِيمَا عَلِمْتَ؟ " قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: [ص: 842] 850 - وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حِينَ عُوتِبَ فِي اسْتِخْلَافِهِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ: هَلْ تُخَوِّفُونِي إِلَّا بِاللَّهِ فَإِنِّي أَقُولُ لِرَبِّي إِذَا سَأَلَنِي اسْتَخْلَفْتَ عَلَيْهِمْ خَيْرَ أَهْلِكَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: فَالْمُسْتَحِي مِنْ سُؤَالِ اللَّهِ تَعَالَى غَدًا يُعِدُّ الْجَوَابَ وَالتَّطَهُّرَ مِنْ كُلِّ مَا يَكْرَهُ اللَّهُ ثُمَّ لَا يُفَارِقُهُ الْحَيَاءُ مَعَ الطَّهَارَةِ إِذْ قَدْ عَلِمَ أَنَّمَا تَرَكَ مِنَ الذُّنُوبِ وَتَابَ مِنْهُ لَنْ يَنْجُوَ مِنَ اللَّهِ أَوْ يَسْأَلُهُ عَنْهُ 851 - كَمَا رُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهُ أَنَّ رَجُلًا، سَأَلَهُ فَقَالَ: الْعَبْدُ إِذَا تَابَ مِنَ الذَّنْبِ أَيُغْفَرُ لَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَيَمْحُوهُ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: لَا وَاللَّهِ حَتَّى يُوقِفَهُ عَلَيْهِ، وَيُسَائِلُهُ عَنْهُ، ثُمَّ بَكَى الْحَسَنُ فَقَالَ: لَوْ لَمْ يَبْكِ الْعَبْدُ إِلَّا لِلْحَيَاءِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لَكَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَبْكِيَ الحديث: 849 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 841 852 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ ذَكْوَانَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: " كَانَ أَبُوكُمْ آدَمُ طُوَالًا كَالنَّخْلَةِ السَّحُوقِ سِتِّينَ ذِرَاعًا، فَلَمَّا أَصَابَ الْخَطِيئَةَ بَدَتْ لَهُ سَوْأَتُهُ فَخَرَجَ هَارِبًا فِي الْجَنَّةِ فَتَلَقَّتْهُ شَجَرَةٌ فَأَخَذَتْ بِشَعَرِهِ فَنَادَاهُ رَبُّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَفِرَارًا مِنِّي يَا آدَمُ؟ فَقَالَ: لَا، وَاللَّهِ يَا رَبِّ وَلَكِنْ حَيَاءً مِنْكَ وَمِمَّا جِئْتُ بِهِ فَأُهْبِطَ إِلَى الْأَرْضِ " الحديث: 852 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 842 853 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، قَالَ: إِنَّ أَوَّلَ عَمَلٍ عَمَلَهُ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ حِينَ أُهْبِطَ طَافَ بِالْبَيْتِ فَلَقِيَتْهُ الْمَلَائِكَةُ فَقَالُوا: يَا آدَمُ قَدْ طُفْنَا بِهَذَا الْبَيْتِ قَبْلَكَ بِأَلْفَيْ عَامٍ فَمَكَثَ آدَمُ فِي الْأَرْضِ أَرْبَعِينَ سَنَةً مَا يُبْدِي عَنْ وَاضِحَةٍ وَلَا يَرْقَأُ دَمْعُهُ فَقَالَتْ لَهُ حَوَّاءُ قَدِ اسْتَوْحَشْنَا إِلَى أَصْوَاتِ الْمَلَائِكَةِ فَادْعُ رَبَّكَ يُسْمِعُنَا أَصْوَاتَهُمْ، فَقَالَ: مَا زِلْتُ مُسْتَحِيًا مِنْ رَبِّي أَنْ أَرْفَعَ طَرْفِي إِلَى أَدِيمِ السَّمَاءِ مِمَّا صَنَعْتُ " 854 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَاقِدٍ أَبِي رَجَاءٍ الْهَرَوِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، بِهَذَا الْحَدِيثِ، وَقَالَ: مَا رَفَعْتُ طَرْفِي إِلَى السَّمَاءِ حَيَاءً مِنَ اللَّهِ تَعَالَى مُنْذُ صَنَعْتُ مَا صَنَعْتُ الحديث: 853 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 843 855 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ عَوْفٍ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَا [ص: 844] : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْجَدَلِيِّ، قَالَ: «مَا رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ حَتَّى مَاتَ حَيَاءً مِنْ رَبِّهِ يَعْنِي دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ» . قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَأَمَّا مَا يَهِيجُ مِنَ الْحَيَاءِ عِنْدَ ذِكْرِ دَوَامِ النِّعَمِ وَكَثْرَةِ الْإِحْسَانِ، وَتَضْيِيعِ الشُّكْرِ وَذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي الْفِطَرِ أَنَّ مَنْ دَامَ إِحْسَانُهُ إِلَيْكَ وَكَثُرَتْ أَيَادِيهِ عِنْدَكَ وَقَلَّتْ مُكَافَأَتُكَ لَهُ غَضَضْتَ طَرْفَكَ إِذَا رَأَيْتَهُ حَيَاءً مِنْهُ فَكَيْفَ بِمَنْ خَلَقَكَ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا، وَلَمْ يَزَلْ مُحْسِنًا إِلَيْكَ مُنْذُ خَلَقَكَ يَتَبَغَّضُ إِلَيْهِ الْعَبْدُ، وَيَتَهَتَّكُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ، وَهُوَ يَسْتُرُ عَلَيْهِ حَتَّى كَأَنَّهُ لَا ذَنْبَ لَهُ لَمْ يَتَهَاوَنْ بِنَظَرِهِ، وَإِنْ تَغَيَّرَ الْعَبْدُ أَوْ لَمْ يَتَغَيَّرْ فَنِعَمُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ دَائِمَةٌ وَإِحْسَانُهُ إِلَيْهِ مُتَوَاصِلٌ، وَذَلِكَ كُلُّهُ مَعَ تَضْيِيعِ الشُّكْرِ بَلْ مَا رَضَى بِالتَّقْصِيرِ عَنِ الشُّكْرِ حَتَّى نَالَ مَعَاصِيَ رَبِّهِ بِنِعَمِهِ، وَاسْتَعَانَ عَلَى مُخَالَفَتِهِ بِأَيَادِيهِ فَإِذَا ذَكَرَ الْمُسْتَحِي دَوَامَ النِّعَمِ، وَتَضْيِيعَ الشُّكْرِ، وَكَثْرَةَ الْإِسَاءَةِ مَعَ فَقْرِهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَإِحْسَانَ [ص: 845] اللَّهِ تَعَالَى إِلَيْهِ هَاجَ مِنْهُ الْحَيَاءَ وَالْحَصْرَ مِنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ حَتَّى كَادَ أَنْ يَذُوبَ حَيَاءً مِنْهُ فَإِذَا هَاجَ ذَلِكَ مِنْهُ اسْتَعْظَمَ كُلَّ نِعْمَةٍ وَإِنْ صَغُرَتْ إِذْ عَرَفَ تَضْيِيعَهُ لِلشُّكْرِ فَيَسْتَكْثِرُ وَيَسْتَعْظِمُ أَقَلَّ النِّعَمِ لَهُ إِذْ عَلِمَ أَنَّهُ أَهْلٌ أَنْ يُزَالَ عَنْهُ النِّعَمُ فَكَيْفَ بِأَنْ يُدَامَ عَلَيْهِ، وَيَزْدَادَ فِيهَا لِأَنَّ مَنْ أَسَأْتَ إِلَيْهِ فَعَلِمْتَ أَنَّكَ قَدِ اسْتَأْهَلْتَ مِنْهُ الْغَضَبَ فَأَلْطَفَكَ لِكَلِمَةٍ اسْتَكْثَرْتَهَا لِعِلْمِكَ بِمَا قَدِ اسْتَوْجَبْتَ مِنْهُ مِنَ الْغَضَبِ وَالْعُقُوبَةِ فَإِنْ سَأَلَ اللَّهَ تَعَالَى دَوَامَ النِّعَمِ وَالزِّيَادَةِ فِيهَا سَأَلَهُ بِحَيَاءٍ وَانْكِسَارِ قَلْبٍ، لَوْلَا مَعْرِفَتُهُ بِجُودِهِ وَكَرَمِهِ وَتَفَضُّلِهِ مَا سَأَلَهُ فَيَكَادُ أَنْ يَنْقَطِعَ عَنِ الدُّعَاءِ حَيَاءً مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ثُمَّ يَذْكُرُ تَفَضُّلَهُ وَجُودَهُ وَكَرَمَهُ فَيَدْعُوهُ بِقَلْبٍ مُنْكَسِرٍ مِنَ الْحَيَاءِ خَوْفًا أَنْ لَا يُجَابَ وَيَبْعَثُهُ ذَلِكَ عَلَى الشُّكْرِ لَمَّا لَزِمَ قَلْبَهُ الْحَيَاءُ مِنْ تَضْيِيعِ الشُّكْرِ فَإِذَا لَزِمَتْ هَذِهِ الذُّكُورُ قَلْبَهُ، وَأَهْجَنَ الْحَيَاءُ مِنْهُ فَاسْتَعْمَلَهُنَّ كَمَا وَصَفْتُ لَكَ فَقَدِ اسْتَحْيَى مِنَ اللَّهِ تَعَالَى بِحَقِيقَةِ الْحَيَاءِ، وَإِنْ كَانَ لَا غَايَةَ لِحَقِيقَةِ الْحَيَاءِ إِذِ الْمُسْتَحْيَى مِنْهُ لَا غَايَةَ لِعَظَمَتِهِ عِنْدَ الْمُسْتَحْيِي مِنْهُ أَلَا [ص: 846] تَرَى إِلَى، 856 - مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «اسْتَحْيُوا مِنَ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ» قَالُوا: إِنَّا لَنَسْتَحِي وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، فَقَالَ: «لَيْسَ ذَاكَ» فَدَلَّ أَنَّ لِلْحَيَاءِ حَقِيقَةً فَوْقَ مَا أُوتُوا مِنَ الْحَيَاءِ، فَقَالَ: لَيْسَ ذَاكَ حَقُّ الْحَيَاءِ، وَلَكِنَّهُ حَيَاءٌ دُونَ الْحَقِيقَةِ، ثُمَّ قَالَ: «وَلَكِنَّ الْحَيَاءَ مِنَ اللَّهِ حَقُّ الْحَيَاءِ أَنْ لَا تَنْسُوا الْمَقَابِرَ وَالْبِلَى» فَأَخْبَرَ أَنَّ الْحَيَاءَ حَقَّ الْحَيَاءِ أَنْ يَسْتَحِيَ الْعَبْدُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يَرَاهُ نَاسِيًا لِلْمَقَابِرِ وَالْبِلَى، فَإِذَا اسْتَحْيَى مِنْ ذَلِكَ دَامَ مِنْهُ الذِّكْرُ لِلْمَقَابِرِ وَالْبِلَى لَا يَنْسَى ذَلِكَ حَيَاءً مِنْ رَبِّهِ تَعَالَى، وَقَالَ: «وَلْيَحْفَظِ الرَّأْسَ وَمَا وَعَى» يَعْنِي مَا احْتَوَى عَلَيْهِ الرَّأْسُ مِنْ سَمْعٍ وَبَصَرٍ وَلِسَانٍ «وَلْيَحْفَظِ الْبَطْنَ وَمَا حَوَى» ، وَقَالَ بَعْضُهُمُ: «الْجَوْفُ وَمَا وَعَى» وَذَلِكَ يَجْمَعُ كُلَّ مَا أَضْمَرَ عَلَيْهِ الْعَبْدُ، وَكُلَّ مَا دَخَلَ جَوْفَهُ فَقَدِ اجْتَمَعَ فِي الْحَيَاءِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى الْخَيْرُ كُلُّهُ مِنَ الْفَرْضِ وَالتَّطَوُّعِ جَمِيعًا، وَذَلِكَ كُلُّهُ مِنَ الْإِيمَانِ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَأَمَّا الْحَيَاءُ مِنَ النَّاسِ الحديث: 855 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 843 857 - فَإِنَّ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا قَالَ: أَخْبَرَنَا النَّضْرُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نَعَامَةَ الْعَدَوِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ حُجَيْرَ بْنَ الرَّبِيعِ الْعَدَوِيَّ، يَقُولُ: قَالَ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «الْحَيَاءُ كُلُّهُ خَيْرٌ، أَوِ الْحَيَاءُ لَا يَأْتِي إِلَّا بِالْخَيْرِ» فَقَالَ بَشِيرُ بْنُ كَعْبٍ: إِنَّا نَجِدُ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى: مِنْهُ وَقَارٌ وَمِنْهُ ضَعْفٌ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا يَا حُجَيْرُ؟ فَقُلْتُ: لَا بَأْسَ بِهِ رَجُلٌ مِنَّا، فَقَالَ: يَسْمَعُنِي أُحَدِّثُهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيُحَدِّثُنِي عَنِ الْكُتُبِ لَا أُحَدِّثُكُمُ الْيَوْمَ حَدِيثًا الحديث: 857 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 846 858 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سُوَيْدٍ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَعِنْدَهُ بَشِيرُ بْنُ كَعْبٍ الْعَدَوِيُّ فَقَالَ عِمْرَانُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْحَيَاءُ خَيْرٌ كُلُّهُ» فَقَالَ بَشِيرٌ: إِنَّ مِنْهُ سَكِينَةً وَوَقَارًا، وَمِنْهُ ضَعْفٌ، كَذَلِكَ نَجِدُ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى فَأَعَادَ عِمْرَانُ الْحَدِيثَ فَأَعَادَ بَشِيرٌ [ص: 848] قَوْلَهُ فَغَضِبَ عِمْرَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَتَّى احْمَرَّتْ عَيْنَاهُ وَقَالَ يَرَانِي أُحَدِّثُهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُحَدِّثُنِي عَنْ كُتُبِهِ فَقَالَ: فَقُلْنَا لَهُ: إِنَّهُ، إِنَّهُ، إِنَّهُ الحديث: 858 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 847 859 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، وَمُحَمَّدٌ، قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا السَّوَّارِ الْعَدَوِيَّ، أَنَّهُ سَمِعَ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْحَيَاءُ لَا يَأْتِي إِلَّا بِخَيْرٍ» فَقَالَ بَشِيرُ بْنُ كَعْبٍ: مَكْتُوبٌ فِي الْحِكْمَةِ أَنَّ مِنْهُ سَكِينَةً، وَمِنْهُ ضَعْفٌ، فَقَالَ عِمْرَانُ: أُحَدِّثُكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتُحَدِّثُنِي عَنْ صُحُفِكَ الحديث: 859 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 848 860 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ رَبَاحٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا السَّوَّارِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْحَيَاءُ خَيْرٌ كُلُّهُ» فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: إِنَّ فِي الْحِكْمَةِ مَكْتُوبًا أَنَّ مِنْهُ وَقَارًا لِلَّهِ، وَمِنْهُ ضَعْفٌ، فَقَالَ: أَلَا أُرَانِي أُحَدِّثُكُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتُحَدِّثُونِي عَنِ الْكُتُبِ، وَقَالَ أَبُو عَاصِمٍ مَرَّةً: وَتُحَدِّثُونِي عَنِ الصُّحُفِ، لَا أُحَدِّثُكُمُ الْيَوْمَ حَدِيثًا الحديث: 860 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 848 861 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ يَحْيَى، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ لِكُلِّ دِينٍ خُلُقًا وَإِنَّ خُلُقَ هَذَا الدِّينِ الْحَيَاءُ» الحديث: 861 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 849 862 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا [ص: 851] مَعْمَرٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا كَانَ الْفُحْشُ فِي شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ، وَلَا كَانَ الْحَيَاءُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ» . قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: فَالْحَيَاءُ خَيْرٌ كُلُّهُ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرَ أَنَّهُ أَمْرٌ يَدَّعِيهِ الصَّادِقُ وَالْكَاذِبُ، وَأَصْلُهُ فِعْلٌ مِنَ الطَّبِيعَةِ الْكَرِيمَةِ غَرِيزَةُ خَيْرٍ يَخْتَصُّ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ خَلْقِهِ، يَنْفَعُ الْعَاصِيَ وَالْمُطِيعَ، أَمَّا الْمُطِيعُ فَقَدْ زَالَ كُلَّ خُلُقٍ دَنِيٍّ، وَأَمَّا الْفَاسِقُ فَلَمْ يَجْمَعْ مَعَ فِسْقِهِ تَهَتُّكًا، وَإِذَا هَاجَ الْحَيَاءُ مِنَ الْمُطِيعِ وَجَدَ الْعَدُوُّ سَبِيلًا إِلَى الدُّعَاءِ إِلَى الرِّيَاءِ فَإِنْ أَطَاعَهُ الْعَبْدُ اعْتَقَدَ الرِّيَاءَ، وَاعْتَلَّ بِالْحَيَاءِ وَصَدَّقَ هَاجَهُ أَوَّلًا الْحَيَاءُ، ثُمَّ أَخْطَرَ الْعَدُوَّ بِالرِّيَاءِ، وَلَمْ يَفْطِنْ لَهُ بِقَلْبِهِ فَصَارَ مُرَائِيًا [ص: 852] . وَقَدْ يَهِيجُهُ الْحَيَاءُ عَلَى أَنْ يُرِيدَ اللَّهَ تَعَالَى فَيَضُمُّ الْإِخْلَاصَ إِلَى الْحَيَاءِ، فَإِنْ فَعَلَ الْفِعْلَ لِلْحَيَاءِ وَتَرَكَهُ لِغَيْرِ ذِكْرِ إِخْلَاصٍ وَلَا رِيَاءٍ فَهُوَ دِينٌ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ الْحَيَاءُ مِنَ اللَّهِ أَوْلَى بِهِ فِيهِ» . وَذَلِكَ أَنْ يَسْتَحِيَ الْعَبْدُ مِنْ إِظْهَارِ الْمَعَاصِي فَيَسْتَتِرُ حَيَاءً مِنَ النَّاسِ، وَالْحَيَاءُ مِنَ اللَّهِ أَوْلَى بِهِ فَضَيَّعَ الْحَيَاءَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى فِي سَرِيرَتِهِ وَاسْتَحْيَى مِنَ النَّاسِ، وَالْحَيَاءُ الَّذِي أَدَّاهُ إِلَى السِّتْرِ خَيْرٌ لَهُ مِنَ التَّهَتُّكِ لِأَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا سَتَرَ اللَّهُ عَلَى عَبْدٍ فِي الدُّنْيَا إِلَّا سَتَرَ عَلَيْهِ فِي الْآخِرَةِ» فَهُوَ يَرْجُو إِذْ مَنَّ عَلَيْهِ بِالْحَيَاءِ فَاسْتَتَرَ أَنْ يَسْتُرَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ فِي الْآخِرَةِ، وَيَغْفِرُ لَهُ فَالْحَيَاءُ مُفَارِقٌ لِكُلِّ خُلُقٍ فِي دِينٍ أَوْ دُنْيَا، فَمَثَلُ ذَلِكَ مَثَلُ رَجُلٍ سَأَلَ رَجُلَيْنِ قَرْضًا أَوْ صِلَةً فَلَمْ يَكُنْ فِي قَلْبِ أَحَدِهِمَا كَبِيرُ حَيَاءٍ فَرَدَّهُ إِذَا لَمْ تَسْمَحْ نَفْسُهُ بِالْإِعْطَاءِ، وَسَأَلَ الْآخَرَ فَلَمْ تَسْمَحْ نَفْسُهُ إِلَّا بِالْإِعْطَاءِ، فَمِنْهُ الْحَيَاءُ مِنَ الْبُخْلِ، فَمَسَكَ عَنْ إِظْهَارِ الرِّيَاءِ وَبَادَرَ لِيَفْعَلَ فَوَجَدَ الْعَدُوَّ مَوْضِعَ دُعَاءٍ فَقَالَ: أَعْطِهِ، لَا يَقُولُ: مَا أَبْخَلَهُ، وَأَعْطِهِ لِيُثْنِي عَلَيْكَ بِهِ، وَيُعَظِّمُكَ بِهِ فَاعْتَقَدَ ذَلِكَ وَأَعْطَى، وَلَا شَكَّ فِي أَنَّهُ أَعْطَى لِلْحَيَاءِ لِبُدُوِّ هَيَجَانِ الْحَيَاءِ مِنْ نَفْسِهِ، فَإِنْ هُوَ لَمَّا خَطَرَ خَاطِرُ الرِّيَاءِ نَفَاهُ وَقَالَ: لَا بَلْ لِلَّهِ، أَوْ لَمَّا رَأَى نَفْسَهُ امْتَنَعَتْ مِنَ [ص: 853] الرَّدِّ مِنْ أَجْلِ الْحَيَاءِ ذَكَرَ ثَوَابَ اللَّهِ تَعَالَى فَأَزَادَهُ، وَلَوْلَا الْحَيَاءُ لَرَدَّ صَاحِبَهُ، وَلَوْ أَنَّهُ أَخْلَصَ الْإِعْطَاءَ شُكْرًا لِمَنْ جَعَلَ غَرِيزَتَهُ تَهِيجُ بِالْحَيَاءِ، وَلِمَنْ وَهَبَ لَهُ الْحَيَاءَ، وَلَمْ يَجْعَلْهُ كَمَنْ لَا يَسْتَحِي دُونَ طَلَبِ الثَّوَابِ لَكَانَ اللَّهُ تَعَالَى يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ، وَآخَرُ سُئِلَ فَهَاجَ مِنْهُ مِنَ الْحَيَاءِ مَا لَمْ يَمْلِكُهُ فَأَعْطَى عَلَيْهِ وَلَمْ يَقْبَلْ حَضَرَهُ رِيَاءً وَلَمْ يَذْكُرْ ثَوَابًا. وَمَا أَقَلُّ ذَلِكَ أَنْ يُعْطِيَ عَبْدًا أَوْ يَعْمَلَ أَوْ يَتْرُكَ إِلَّا لِرَغْبَةٍ أَوْ رَهْبَةٍ فَإِنْ أَعْطَى عَلَى ذَلِكَ الْحَيَاءِ فَهُوَ خَيْرٌ مَا لَمْ يَعْتَقِدِ الرِّيَاءَ وَمَنْ جَمَعَ مَعَ الْحَيَاءَ إِرَادَةَ اللَّهِ وَثَوَابَهُ فَذَلِكَ أَفْضَلُ لِأَنَّ الْحَيَاءَ عَنْ غَرِيزَةٍ كَرِيمَةٍ فَإِذَا هَاجَتْ تِلْكَ الْغَرِيزَةُ فَعِنْدَ ذَلِكَ يَعْتَقِدُ الْإِخْلَاصَ أَوِ الرِّيَاءَ أَوْ يَعْمَلْ عَلَيْهِمَا بِغَيْرِ عَقْدِ رِيَاءٍ وَلَا إِخْلَاصٍ، وَكُلُّ امْرِئٍ يُمْكِنُهُ أَنْ يَعْقِلَ بِالْحَيَاءِ وَقَدْ يُخَيَّلُ إِلَى بَعْضِ أَهْلِ الدُّنْيَا أَنَّهُ مُسْتَحِي، وَإِنَّمَا هُوَ مُرَاءٍ يَسْتَحِي مِنْ أَشْيَاءَ مُبَاحَةٍ كَالِاسْتِعْجَالِ بِالْمَشْيِ وَالسُّرْعَةِ إِلَيْهِ بِالْمَشْيِ وَغَيْرِهِ لِأَنَّهُ خُرُوجٌ إِلَى الْخِفَّةِ، فَيَصِيرُ رِيَاءً وَجَزَعًا مِنَ الزَّوَالِ عَنِ الْخُشُوعِ، أَوْ لِيُقَالَ مَا أَخْشَعَهُ وَأَسْكَنَهُ وَقَدْ تَأْتِي الشَّيْءَ اسْتِحْيَاءً مِنَ الْخَلْقِ، وَالْحَيَاءُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى فِي ذَلِكَ أَوْلَى بِهِ فَهُوَ كَخَيْرٍ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِ مِنَ الْخَيْرِ كَالرَّجُلِ يَرَى مِنْ شَيْخٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مُنْكَرًا فَيُرِيدُ أَنْ يَأْمُرَهُ فَيَسْتَحِي مِنْ شَبِيبَتِهِ فَالْحَيَاءُ مِنَ الشَّيْبَةِ، وَتَوْقِيرِ الْكَبِيرِ خَيْرٌ وَأَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ [ص: 854] أَنْ يَأْمُرَهُ وَيَنْهَاهُ، وَقَدْ جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «مِنْ إِجْلَالِ اللَّهِ تَعَالَى إِكْرَامُ ذِي الشَّيْبَةِ» وَالْحَيَاءُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى أَوْلَى بِهِ أَنْ نَسْتَحِيَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يَضَعَ أَمْرَهُ فِيهِ فَيَنْهَاهُ وَيَعْثُرَ عَلَيْهِ مَعْصِيَةً إِنْ رَآهَا مِنْهُ أَوْ يَدَعُهُ إِنْ أَظْهَرَهَا فَلْيُؤْثِرِ الْحَيَاءَ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى الْحَيَاءِ مِنَ الْخَلْقِ الحديث: 862 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 850 863 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا بَهْزُ بْنُ حَكِيمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ حَيْدَةَ الْقُشَيْرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهٍ رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهُ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ عَوْرَاتُنَا مَا نَأْتِي مِنْهَا أَمْ مَا نَذَرُ فَقَالَ: «احْفَظْ عَوْرَتَكَ إِلَّا مِنْ زَوْجَتِكَ أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ» فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِذَا كَانَ الْقَوْمُ بَعْضُهُمْ مَعَ بَعْضٍ؟ قَالَ: «إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ لَا يَرَاهَا أَحَدٌ فَلَا يَرَاهَا» ، قُلْتُ: فَإِذَا كَانَ أَحَدُنَا خَالِيًا؟ قَالَ: «فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ يُسْتَحَى مِنَ النَّاسِ» الحديث: 863 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 854 864 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ صِلَةَ، عَنْ حُذَيْفَةَ، ح وَإِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَا: «مَنْ صَلَّى صَلَاةً وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ فَإِذَا خَلَا فَلْيُصَلِّ مِثْلَهَا فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَإِنَّهَا اسْتِهَانَةٌ يَسْتَهِينُ بِهَا رَبَّهُ أَلَا يَسْتَحِي أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أَعْظَمَ فِي عَيْنِهِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى» الحديث: 864 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 855 865 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُسْلِمٍ الْهَجَرِيُّ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللهٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ حَسَّنَ صَلَاتَهُ حَيْثُ يَرَاهُ النَّاسُ، وَأَسَاءَهَا إِذَا خَلَا فَإِنَّمَا تِلْكَ اسْتِهَانَةُ يَسْتَهِينُ بِهَا رَبَّهُ» الحديث: 865 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 855 866 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ زِيَادٍ يَعْنِي فَيَّاضًا، قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ عُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ، يَقُولُ: آثِرِ الْحَيَاءَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْحَيَاءِ مِنَ النَّاسِ " قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: فَيَنْبَغِي لِلْعَاقِلِ أَنْ يَسْتَحِيَ مِنَ اللَّهِ [ص: 856] تَعَالَى أَنْ يَرَاهُ كَثِيرَ الْحَيَاءِ مِنَ الْخَلْقِ قَلِيلَ الْحَيَاءِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى فَلْيَكُنِ الْغَالِبَ عَلَيْهِ الْحَيَاءُ مِنَ اللَّهِ، وَأَفْضَلُ فِي الدِّينِ كَنَحْوِ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قِصَّةِ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا حِينَ بَنَى بِهَا، وَتَحَدَّثَ عِنْدَهُ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَخَرَجَ رَجَاءَ أَنْ يَقُومُوا، ثُمَّ رَجَعَ وَهُمْ عَلَى حَالِهِمْ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ فَاسْتَحَى أَنْ يَقُولَ لَهُمْ: قُومُوا، وَكَانَ كَرِيمًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَثِيرَ الْحَيَاءِ. رُوِيَ أَنَّهُ كَانَ أَشَدَّ حَيَاءً مِنَ الْعَذْرَاءِ فِي خِدْرِهَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ} [الأحزاب: 53] إِلَى قَوْلِهِ: {إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ} [الأحزاب: 53] فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ تَعَالَى آثَرَهُ وَأَرْخَى الْحِجَابَ وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «وَرَاءَكَ» ، وَكَانَ ذَلِكَ أَوْلَى بِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَذَلِكَ يَجِبُ عَلَى أَهْلِ الدِّينِ أَنْ يَفْعَلُوا الحديث: 866 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 855 867 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، وعَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عُتْبَةَ، مَوْلًى لِأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهُ قَالَ: كَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشَدَّ حَيَاءً مِنْ عَذْرَاءَ فِي خِدْرِهَا، وَكَانَ إِذَا كَرِهَ شَيْئًا رُئِيَ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ " [ص: 857] 868 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ مَوْلًى، لِأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ يُحَدِّثُهُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِثْلَهُ الحديث: 867 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 856 869 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، وَعَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: " شَهِدْتُ وَلِيمَةَ زَيْنَبَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَأُشْبِعَ النَّاسُ خُبْزًا وَلَحْمًا فَلَمَّا فَرَغَ قَامَ وَتَبِعْتُهُ فَتَخَلَّقَ رَجُلَانِ اسْتَأْنَسَ بِهِمَا الْحَدِيثُ فَلَمْ يَخْرُجَا فَجَعَلَ يَمُرُّ بِنِسَائِهِ يُسَلِّمُ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ: «سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَيْفَ أَصْبَحْتُمْ يَا أَهْلَ الْبَيْتِ» فَيَقُولُونَ بِخَيْرٍ يَا رَسُولَ [ص: 858] اللَّهِ كَيْفَ وَجَدْتَ أَهْلَكَ فَيَقُولُ: «بِخَيْرٍ» فَلَمَّا فَرَغَ رَجَعَ وَرَجَعْتُ مَعَهُ فَلَمَّا بَلَغَ الْبَابَ إِذَا هُوَ بِالرَّجُلَيْنِ قَدِ اسْتَأْنَسَ بِهِمَا الْحَدِيثَ فَلَمَّا رَأَيَاهُ قَدْ رَجَعَ قَامَا فَخَرَجَا فَوَاللَّهِ مَا أَدْرِي أَنَا أَخْبَرْتُهُ أَوْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ بِأَنَّهُمَا قَدْ خَرَجَا فَرَجَعَ وَرَجَعْتُ مَعَهُ فَلَمَّا وَضَعَ رِجْلَهُ فِي أُسْكُفَّةِ الْبَابِ أَرْخَى الْحِجَابَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ: {لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ} [الأحزاب: 53] " الحديث: 869 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 857 870 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّغَانِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو النَّضْرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ يَعْنِي ابْنَ الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: " لَمَّا انْقَضَتْ عِدَّةُ زَيْنَبَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِزَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «اذْهَبْ فَاذْكُرْهَا عَلَيَّ» فَانْطَلَقَ زَيْدٌ إِلَيْهَا فَإِذَا هِيَ تَجْمَعُ عَجِينَتَهَا قَالَ: فَلَمَّا رَأَيْتُهَا مَا اسْتَطَعْتُ أَنْ أَنْظُرَ إِلَيْهَا مِنْ عِظَمِهَا فِي صَدْرِي حِينَ عَرَفْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَهَا فَنَكَصْتُ عَلَى عَقِبِي فَوَلَّيْتُهَا ظَهْرِي، ثُمَّ قُلْتُ: يَا زَيْنَبُ أَبْشِرِي أَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُكِ قَالَتْ: مَا أَنَا بِصَانِعَةٍ شَيْئًا حَتَّى أُوَامِرَ رَبِّي فَقَامَتْ إِلَى مَسْجِدِهَا وَنَزَلَ الْقُرْآنُ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى دَخَلَ عَلَيْهَا بِغَيْرِ إِذْنٍ [ص: 859] ، قَالَ أَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَقَدْ رَأَيْتُنَا حِينَ دَخَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَطْعَمَنَا عَلَيْهَا الْخُبْزَ وَاللَّحْمَ حَتَّى امْتَدَّ النَّهَارُ فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَقِيَ رَهْطٌ يَتَحَدَّثُونَ بَعْدَ الطَّعَامِ فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَعَلَ يَتْبَعُ نِسَاءَهُ يُسَلِّمُ عَلَيْهِنَّ فَقُلْنَ كَيْفَ وَجَدْتَ أَهْلَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ أَنَسٌ: فَمَا أَدْرِي أَنَا أَخْبَرْتُهُ أَنَّ الْقَوْمَ قَدْ خَرَجُوا أَوْ أُخْبِرَ فَانْطَلَقَ حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى الْبَيْتِ فَوَجَدَهُمْ قَدْ خَرَجُوا فَذَهَبْتُ أَدْخُلُ مَعَهُ فَأَلْقَى بَيْنِي وَبَيْنَهُ السِّتْرَ قَالَ: وَنَزَلَ الْحِجَابُ وَوَعَظَ الْقَوْمَ بِمَا وُعِظُوا بِهِ: {لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ} [سورة: الأحزاب، آية رقم: 53] إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ} [سورة: الأحزاب، آية رقم: 53] " الحديث: 870 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 858 871 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «دَعَوْتُ الْمُسْلِمِينَ إِلَى وَلِيمَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَبِيحَةَ بَنَى بِزَيْنَبَ [ص: 860] بِنْتِ جَحْشٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَأَوْسَعَهُمْ خُبْزًا وَلَحْمًا، ثُمَّ رَجَعَ كَمَا كَانَ يَصْنَعُ فَأَتَى حُجَرَ نِسَائِهِ فَسَلَّمَ عَلَيْهِنَّ وَدَعَوْنَ لَهُ فَرَجَعَ إِلَى بَيْتِهِ وَأَنَا مَعَهُ، فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَى الْبَيْتِ إِذَا رَجُلَانِ قَدْ جَرَى بِهِمَا الْحَدِيثُ فِي نَاحِيَةِ الْبَيْتِ فَلَمَّا أَبْصَرَهُمَا وَلَّى رَاجِعًا فَلَمَّا رَأَى الرَّجُلَانِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَّى عَنْ بَيْتِهِ قَامَا مُسْرِعَيْنِ فَلَا أَدْرِي أَنَا أَخْبَرْتُهُ أَوْ أُخْبِرَ فَرَجَعَ إِلَى بَيْتِهِ، وَأَرْخَى السِّتْرَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ وَنَزَلَتْ آيَةُ الْحِجَابِ» الحديث: 871 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 859 872 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ سَلْمٍ الْعَلَوِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: " لَمَّا نَزَلَتْ آيَةُ الْحِجَابِ جِئْتُ أَدْخُلُ كَمَا كُنْتُ أَدْخُلُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَرَاءَكَ يَا بُنَيَّ» الحديث: 872 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 860 873 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ سَلْمٍ الْعَلَوِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: كُنْتُ أَخْدُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكُنْتُ أَدْخُلُ بِغَيْرِ إِذَنٍ فَجِئْتُ يَوْمًا لِأَدْخُلَ كَمَا كُنْتُ أَدْخُلُ فَقَالَ: «وَرَاءَكَ يَا بُنَيَّ فَقَدْ حَدَثَ بَعْدَكَ أَمْرٌ فَلَا تَدْخُلَنَّ إِلَّا بِإِذْنٍ» قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَمِنْ ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنِ الطُّفَيْلِ بْنِ سَخْبَرَةَ الحديث: 873 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 861 874 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ طُفَيْلِ بْنِ سَخْبَرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَخِي عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا لِأُمِّهَا قَالَ: " رَأَيْتُ رُؤْيَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُ بِهَا مَنْ أَخْبَرْتُ، ثُمَّ [ص: 862] أَخْبَرْتُ بِهَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «أَخْبَرْتُ بِهَا أَحَدًا؟» فَقُلْتُ: نَعَمْ رَأَيْتُ كَأَنَّنِي مَرَرْتُ بِرَهْطٍ مِنَ الْيَهُودِ فَقُلْتُ: مَنْ أَنْتُمْ فَقَالُوا: نَحْنُ الْيَهُودُ، فَقُلْتُ: أَنْتُمُ الْقَوْمُ لَوْلَا أَنْ تَقُولُوا عُزَيْرُ ابْنُ اللَّهِ فَقَالُوا: وَأَنْتُمُ الْقَوْمُ لَوْلَا أَنْ تَقُولُوا مَا شَاءَ اللَّهُ وَشَاءَ مُحَمَّدٌ ثُمَّ أَتَيْتُ عَلَى رَهْطٍ مِنَ النَّصَارَى فَقُلْتُ: مَا أَنْتُمْ؟ فَقَالُوا: نَحْنُ النَّصَارَى، فَقُلْتُ: إِنَّكُمْ لَأَنْتُمُ الْقَوْمُ لَوْلَا أَنَّكُمْ تَقُولُوا: الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ فَقَالُوا: وَأَنْتُمُ الْقَوْمُ لَوْلَا أَنَّكُمْ تَقُولُوا: مَا شَاءَ اللَّهُ وَشَاءَ مُحَمَّدٌ فَلَمَّا صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْرَ قَامَ خَطِيبًا فَحَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: «فَإِنَّ طُفَيْلًا رَأَى رُؤْيَةً أَخْبَرَ بِهَا مَنْ أَخْبَرَ مِنْكُمْ، وَإِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَقُولُونَ كَلِمَةً كَانَ يَمْنَعُنِي الْحَيَاءُ مِنْكُمْ أَنْ أَنْهَاكُمْ فَلَا تَقُولُوا مَا شَاءَ اللَّهُ وَشَاءَ مُحَمَّدٌ» [ص: 863] قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: فَدَلَّ قَوْلُهُ كَانَ يَمْنَعُنِي الْحَيَاءُ مِنْكُمْ أَنْ أَنْهَاكُمْ غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يُقَالَ ذَلِكَ وَيَسْتَحِي أَنْ يَنْهَاكُمْ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ جَاءَهُ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى نَهْيٌ عَنْ ذَلِكَ فَلَمَّا رَأَى طُفَيْلٌ الرُّؤْيَا اسْتَدَلَّ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ كَرِهَ ذَلِكَ فَنَهَاهُ عَنْهُ فَكَانَ إِمْسَاكُهُ عَنِ النَّهْيِ فِي الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا حَيَاءً مِنْهُمْ فِعْلًا حَسَنًا عَنْ خُلُقٍ كَرِيمٍ، ثُمَّ آثَرَ مَا هُوَ أَوْلَى بِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ التَّطَوُّعَ مِنَ الْإِيمَانِ قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا» الحديث: 874 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 861 875 - سَمِعْتُ إِسْحَاقَ، يَحْكِي عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكٍ رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهُ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ حُسْنِ الْخُلُقِ، مَا هُوَ؟ فَقَالَ: كَفُّ الْأَذَى، وَبَذْلُ الْمَعْرُوفِ، وَبَسْطُ الْوَجْهِ وَأَنْ لَا تَغْضَبَ " قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: 876 - وَقَالَ غَيْرُ ابْنِ الْمُبَارَكِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: حُسْنُ الْخُلُقِ: كَظْمُ الْغَيْظِ لِلَّهِ تَعَالَى، وَإِظْهَارُ الطَّلَاقَةِ وَالْبِشْرِ إِلَّا لِلْمُبْتَدِعِ وَالْفَاجِرِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فَاجِرًا إِذَا انْبَسَطَتْ إِلَيْهِ أَقْلَعَ وَاسْتَحْيَى، وَالْعَفْوُ عَنِ الزَّالِّينَ إِلَّا تَأْدِيبًا أَوْ إِقَامَةَ حَدٍّ، وَكُفُّ الْأَذَى عَنْ كُلِّ مُسْلِمٍ وَمُعَاهِدٍ إِلَّا تَغْيِيرًا عَنْ مُنْكَرٍ أَوْ أَخْذًا بِمَظْلَمَةٍ لِمَظْلُومٍ مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ الحديث: 875 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 863 877 - حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي الدَّوْرَقِيُّ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا الْفَيْضُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ الْفُضَيْلَ، يَقُولُ: إِذَا خَالَطْتَ فَخَالِطْ حَسَنَ الْخُلُقِ فَإِنَّهُ لَا يَدْعُو إِلَّا إِلَى خَيْرٍ ثُمَّ قَالَ: {الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا} [الفرقان: 63] قَالَ: بِالسَّكِينَةِ وَالْوَقَارِ {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا} [الفرقان: 63] قَالَ: إِنْ جُهِلَ عَلَيْهِ حَلُمَ، وَإِنْ أُسِيءَ إِلَيْهِ أَحْسَنَ، وَإِنْ حُرِمَ أَعْطَى، وَإِنْ قُطِعَ وَصَلَ أُولَئِكَ " الحديث: 877 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 864 878 - حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ بْنِ الشِّخِّيرٍ رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهُ أَنَّ رَجُلًا، أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قِبَلِ وَجْهِهِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «حُسْنُ الْخُلُقِ» ثُمَّ أَتَاهُ عَنْ شِمَالِهِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «حُسْنُ الْخُلُقِ» ثُمَّ أَتَاهُ مِنْ بَعْدِهِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟ فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «مَا لَكَ لَا تَفَقَهُ أَوْ مَا لَكَ لَا تَنْقَهُ حُسْنُ الْخُلُقِ هُوَ أَنْ لَا تَغْضَبَ إِنِ اسْتَطَعْتَ» الحديث: 878 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 864 879 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ ثَابِتٍ، قَالَ: قَالَ أَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ خَدَمْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرَ سِنِينَ كَانَ أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا مَا قَالَ لِي أُفٍّ قَطُّ، وَلَا قَالَ لِشَيْءٍ قَطُّ صَنَعْتُهُ لِمَ صَنَعْتَهُ، وَلَا قَالَ لِشَيْءٍ تَرَكْتُهُ لِمَ تَرَكْتَهُ " الحديث: 879 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 865 880 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مِنْ أَكْمَلِ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا وَأَلْطَفُهُمْ بِأَهْلِهِ» الحديث: 880 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 866 881 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْمُنْكَدِرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهٍ رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ، وَإِنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ» [ص: 867] قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَأَمَّا تَشْنِيعُ مَنْ شَنَّعَ فَقَالَ: لَوْ كَانَ النَّوَافِلُ مِنَ الْإِيمَانِ لَمَا أَصَابَ أَحَدٌ الْإِيمَانَ فَيُقَالُ لَهُ: أَمَّا الْإِيمَانُ لَمَّا أَصَابَ أَحَدٌ الْإِيمَانَ فَيُقَالُ لَهُ: أَمَّا الْإِيمَانُ الْمُفْتَرَضُ فَقَدْ أَصَابَهُ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَمَّا الَّذِي هُوَ تَطَوُّعٌ فَقَدْ أَصَابَ كَثِيرًا مِنْهُ الْأَقْوِيَاءُ مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ تَعَالَى مِنَ الرُّسُلِ وَغَيْرِهِمْ، وَمَنْ قَصَّرَ عَمَّا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ لَمْ يَسْتَحِقَّ الذَّمَّ، وَلَمْ يُسَمَّ مَنْقُوصًا، وَلَكِنْ يُسَمَّى كَامِلًا قَدْ أَدَّى مَا وَجَبَ عَلَيْهِ وَزَادَ أَضْعَافَ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ قَدْ فَصَّلَهُ، كَمَا أَنَّ مَنْ خَالَفَنَا يَزْعُمُ أَنَّ الْإِيمَانَ بِرٌّ وَإِحْسَانٌ وَقُرْبَةٌ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَأَنَّ النَّوَافِلَ كَذَلِكَ وَأَنَّهُ [ص: 868] لَا غَايَةَ لَهَا، فَإِنْ كَانَ مَنْ لَمْ يَأْتِ بِالْإِيمَانِ الَّذِي هُوَ نَافِلَةٌ كَمَا كَانَ مَنْقُوصًا كَانَ مَنْ لَمْ يَأْتِ بِالنَّوَافِلِ كُلِّهَا مَنْقُوصًا مِنَ الْبِرِّ وَالْإِحْسَانِ وَالْفَضْلِ. فَإِنْ قَالُوا: لَا يُسَمَّوْنَ مَنْقُوصِينَ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُقَصِّرُوا عَمَّا وَجَبَ عَلَيْهِمْ. قِيلَ: فَكَذَلِكَ لَا يُسَمَّوْنَ مَنْقُوصِينَ مِنَ الْإِيمَانِ إِذَا أَدُّوا مَا وَجَبَ عَلَيْهِمْ وَزَادُوا، وَلَا فُرْقَانَ بَيْنَ ذَلِكَ إِنْ لَحِقَهُمُ النَّقْصُ فِي الْإِيمَانِ لَحِقَهُمُ النَّقْصُ فِي الْبِرِّ وَالْإِحْسَانِ لَا فُرْقَانَ بَيْنَ ذَلِكَ الحديث: 881 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 866 882 - حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الدَّارِمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَبَّانُ بْنُ هِلَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُوَيْدٌ أَبُو حَاتِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ اللَّيْثِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْإِسْلَامُ؟ قَالَ: إِطْعَامُ الطَّعَامِ، وَلِينُ الْكَلَامِ " قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْإِيمَانُ؟ قَالَ: «السَّمَاحَةُ وَالصَّبْرُ» قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَيُّ الْإِسْلَامِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ» قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْمُؤْمِنِينَ أَكْمَلُ قَالَ [ص: 869] : «أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا» قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْقَتْلِ أَشْرَفُ قَالَ: «مَنْ أُهَرِيقَ دَمُهُ وَعُقِرَ جَوَادُهُ» قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «جَهْدُ الْمُقِلِّ» قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَيُّ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «طُولُ الْقُنُوتِ» قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَيُّ الْهِجْرَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «مَنْ هَجَرَ السُّوءَ» الحديث: 882 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 868 883 - حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ عُبَيْدٍ الْإِيَادِيُّ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَدَّثَهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «بَيْنَمَا أَنَا ذَاتَ يَوْمٍ قَاعِدٌ إِذْ أَتَانِي جِبْرِيلُ فَوَكَزَ بَيْنَ كَتِفَيَّ فَقُمْتُ فَإِذَا أَنَا [ص: 870] بِشَجَرَةٍ فِيهَا مِثْلُ وَكْرَيِ الطَّيْرِ فَقَعَدَ فِي وَاحِدَةٍ وَقَعَّدَنِي فِي الْأُخْرَى فَسَمَتْ فَارْتَفَعَتْ حَتَّى سَدَّتِ الْخَافِقَيْنِ وَلَوْ شِئْتُ لَمَسَسْتُ السَّمَاءَ وَأَنَا أَنْظُرُ أُقَلِّبُ بَصَرِي إِلَى السَّمَاءِ فَالْتَفَتَ إِلَيَّ جِبْرِيلُ كَأَنَّهُ حِلْسٌ لَاطِئٌ فَعَرَفْتُ فَضْلَ عَلِمِهِ بِاللَّهِ تَعَالَى عَلَى عِلْمِي فَفَتَحَ لَنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ فَرَأَيْتُ النُّورَ الْأَعْظَمَ، وَلُطَّ دُونِي بِحِجَابٍ وَرَفَرَفُهُ مِنْ يَاقُوتٍ فَأَوْحَى إِلَيَّ مَا شَاءَ أَنْ يُوحِيَ» الحديث: 883 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 869 884 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ يَعْلَى بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: «الْحَيَاءُ وَالْإِيمَانُ قُرِنَا جَمِيعًا فَإِذَا رُفِعَ أَحَدُهُمَا رُفِعَ الْآخَرُ» الحديث: 884 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 870 885 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ، وَمَنْزِلُهُ، فِي بَنِي عِجْلٍ وَكَانَ [ص: 871] يُجَالِسُ الْحَسَنَ بْنَ حَيٍّ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: «الْحَيَاءُ وَالْإِيمَانُ فِي قَرْنٍ فَإِذَا انْتُزِعَ أَحَدُهُمَا تَبِعَهُ الْآخَرُ» الحديث: 885 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 870 بَابُ ذِكْرِ إِكْفَارِ تَارِكِ الصَّلَاةِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 873 886 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكَ الصَّلَاةِ» الحديث: 886 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 873 887 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهٍ رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَيْنَ الْعَبْدِ وَالْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلَاةِ» الحديث: 887 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 873 888 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَيْسَ بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ إِلَّا تَرْكُ الصَّلَاةِ» الحديث: 888 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 874 889 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ الصَّنْعَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَقِيلِ بْنِ مَعْقِلِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِيهِ عَقِيلٍ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ: هَذَا مَا سَأَلْتُ عَنْهُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَأَخْبَرَنِي سَأَلْتُهُ فِي الْمُصَلِّينَ مِنْ طَوَاغِيتَ؟ قَالَ: لَا وَسَأَلْتُهُ: هَلْ فِيهِمْ مِنْ مُشْرِكٍ؟ قَالَ: لَا، وَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «بَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلَاةِ» وَسَأَلْتُهُ: أَكَانُوا يَدْعُونَ الذُّنُوبَ شِرْكًا؟ قَالَ: مَعَاذَ اللَّهِ وَلَمْ يَكُنْ يَدْعُونَ فِي الْمُصَلِّينَ مُشْرِكًا الحديث: 889 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 875 890 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهٍ رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهُمَا يَقُولُ: قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ الْكُفْرِ» أَوْ قَالَ الشِّرْكِ إِلَّا أَنْ يَدَعَ صَلَاةً مَكْتُوبَةً " الحديث: 890 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 876 891 - حَدَّثَنِي الْفَضْلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ: «بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلَاةِ» الحديث: 891 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 876 892 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الزَّهْرَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ الْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلَاةِ» الحديث: 892 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 876 893 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمِّي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبَانُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ مُجَاهِدِ بْنِ جَبْرٍ أَبِي الْحَجَّاجِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: قُلْتُ لَهُ: مَا كَانَ يُفَرِّقُ بَيْنَ الْكُفْرِ وَالْإِيمَانِ عِنْدَكُمْ مِنَ الْأَعْمَالِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: «الصَّلَاةُ» الحديث: 893 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 877 894 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمُ الصَّلَاةُ فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ» [ص: 878] 895 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ الشَّقِيقِيُّ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ الحديث: 894 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 877 896 - حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْبِسْطَامِيُّ، وَهَارُونُ الْحَمَّالُ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمُ الصَّلَاةُ فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ» الحديث: 896 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 879 897 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعْدٍ، عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ، قَالَ: قُلْتُ لِأَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِنَّ هَاهُنَا قَوْمًا يُكَذِّبُونَ بِالْحَوْضِ وَالشَّفَاعَةِ وَيَشْهَدُونَ عَلَيْنَا بِالْكُفْرِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «بَيْنَ الْعَبْدِ وَالْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلَاةِ فَإِذَا تَرَكَهَا فَقَدْ أَشْرَكَ» ثُمَّ ذَكَرَ أَمْرَ الْحَوْضِ وَالشَّفَاعَةِ الحديث: 897 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 879 898 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعْدٍ، عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ، قَالَ: قُلْتُ لِأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِنَّ هَاهُنَا قَوْمًا يَشْهَدُونَ عَلَيْنَا بِالْكُفْرِ وَيُكَذِّبُونَ بِالشَّفَاعَةِ وَالْحَوْضِ فَهَلْ سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ شَيْئًا؟ قَالَ: نَعَمْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «بَيْنَ الْعَبْدِ وَالْكُفْرِ وَالشِّرْكِ تَرْكُ الصَّلَاةِ فَإِذَا تَرَكَهَا فَقَدْ أَشْرَكَ» الحديث: 898 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 880 899 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُسْنَدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الرَّقَاشِيَّ، يَقُولُ: حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ الْكُفْرِ أَوِ الشِّرْكِ تَرْكُ الصَّلَاةِ فَإِذَا تَرَكَ الصَّلَاةَ فَقَدْ كَفَرَ» الحديث: 899 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 880 900 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ السُّلَمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قُلْتُ: يَا أَبَا حَمْزَةَ إِنَّ قَوْمًا يَشْهَدُونَ عَلَيْنَا بِالْكُفْرِ؟ قَالَ: أُولَئِكَ شَرُّ الْخَلْقِ وَالْخَلِيقَةِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «بَيْنَ الْعَبْدِ وَالْكُفْرِ وَالشِّرْكِ تَرْكُ الصَّلَاةِ فَإِذَا تَرَكَ الصَّلَاةَ كَفَرَ» الحديث: 900 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 880 901 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ الْحَسَنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَيْنَ الْعَبْدِ وَالْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلَاةِ» الحديث: 901 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 881 902 - حَدَّثَنَا أَبُو قُدَامَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْمَلِيحِ، قَالَ: كُنَّا مَعَ بُرَيْدَةَ فِي يَوْمٍ ذِي غَيْمٍ فَقَالَ: بَكِّرُوا بِالصَّلَاةِ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ تَرَكَ صَلَاةَ الْعَصْرِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ» 903 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَأَبُو قُدَامَةَ قَالَا: أَخْبَرَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ، عَنْ بُرَيْدَةَ، بِمِثْلِهِ. [ص: 882] 904 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ، عَنْ بُرَيْدَةَ الْأَسْلَمِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِهَذَا الْحَدِيثِ الحديث: 902 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 881 905 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْمُهَاجِرِ، عَنْ بُرَيْدَةَ الْأَسْلَمِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ تَرَكَ صَلَاةَ الْعَصْرِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ» الحديث: 905 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 882 906 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الَّذِي تَفُوتُهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ كَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ» الحديث: 906 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 883 907 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الَّذِي تَفُوتُهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ كَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ» [ص: 884] 908 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ. 909 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الثَّقَفِيُّ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ الحديث: 907 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 883 910 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ: «مَنْ تَرَكَ صَلَاةَ الْعَصْرِ حَتَّى تَفُوتَهُ فَكَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ» الحديث: 910 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 884 911 - حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ رَاشِدٍ أَبِي مُحَمَّدٍ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: أَوْصَانِي خَلِيلِي أَبُو الْقَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبْعٍ: «لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ شَيْئًا وَإِنْ قُطِّعْتَ أَوْ حُرِّقْتَ، وَلَا تَتْرُكْ صَلَاةً مَكْتُوبَةً مُتَعَمِّدًا فَمَنْ تَرَكَهَا عَمْدًا فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ، وَلَا تَشْرَبِ الْخَمْرَ فَإِنَّهَا مِفْتَاحُ كُلِّ شَرٍّ، وَأَطِعْ وَالِدَيْكَ وَإِنْ أَمَرَاكَ أَنْ تَخْرُجَ مِنْ دُنْيَاكَ فَاخْرُجْ لَهُمَا، وَلَا تُنَازِعْ وُلَاةَ الْأَمْرِ وَإِنْ رَأَيْتَ أَنَّكَ أَنْتَ، وَلَا تَفِرَّ مِنَ الزَّحْفِ وَإِنْ هَلَكْتَ، وَأَنْفِقْ مِنْ طَوْلِكَ عَلَى أَهْلِكَ، وَلَا تَرْفَعْ عَصَاكَ عَنْهُمْ وَأَخِفْهُمْ» الحديث: 911 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 884 912 - حَدَّثَنِي مَحْمُودُ بْنُ آدَمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفَضْلُ [ص: 886] بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو فَرْوَةَ الرَّهَاوِيُّ، عَنْ أَبِي يَحْيَى الْكَلَاعِيِّ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أُمَيْمَةَ، مَوْلَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: كُنْتُ أُوَضِّئُهُ يَوْمًا أُفْرِغُ عَلَى يَدَيْهِ الْمَاءَ إِذْ جَاءَهُ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: أَوْصِنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِنِّي أُرِيدُ اللُّحُوقَ بِأَهْلِي، قَالَ: «لَا تُشْرِكَنَّ بِاللَّهِ شَيْئًا وَإِنْ قُطِّعْتَ وَحُرِّقْتَ بِالنَّارِ، وَأَطِعْ وَالِدَيْكَ فِيمَا أَمَرَاكَ وَإِنْ أَمَرَاكَ أَنْ تُخَلِّيَ مِنْ دُنْيَاكَ وَأَهْلِكَ فَتَخَلَّى مِنْهَا، وَلَا تَدَعَنَّ صَلَاةً مُتَعَمِّدًا فَإِنَّهُ مَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ ذِمَّةُ اللَّهِ تَعَالَى وَذِمَّةُ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» الحديث: 912 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 885 913 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، وَأَبُو جَعْفَرٍ الْمُسْنَدِيُّ قَالَا: حَدَّثَنَا [ص: 887] أَبُو مُسْهِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ أُمِّ أَيْمَنَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: أَوْصَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْضَ أَهْلِهِ: «لَا تَتْرُكِ الصَّلَاةَ عَمْدًا فَإِنَّهُ مَنْ يَتْرُكِ الصَّلَاةَ عَمْدًا فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ ذِمَّةُ اللَّهِ تَعَالَى» الحديث: 913 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 886 914 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ مُتَعَمِّدًا فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ ذِمَّةُ اللَّهِ تَعَالَى» 915 - قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَأَخْبَرَنَا شَيْخٌ، مِنْ أَهْلِ الشَّامِ عَنْ مَكْحُولٍ، قَالَ: وَمَنْ بَرِئَتْ مِنْهُ ذِمَّةُ اللَّهِ فَقَدْ كَفَرَ. 916 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ الْفَضْلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أُمَيْمَةَ، مَوْلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا الْحَدِيثِ يَعْنِي حَدِيثَ أَبِي مُسْهِرٍ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى: هَذِهِ أُمُّ أَيْمَنَ، فَقَالَ أَبُو فَرْوَةَ: أُمَيْمَةُ الحديث: 914 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 888 917 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مَكْحُولٍ، قَالَ: أَوْصَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا أَوْصَى فَقَالَ: «لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ شَيْئًا وَإِنْ قُتِلْتَ أَوْ حُرِّقْتَ، وَلَا تَتْرُكِ الصَّلَاةَ عَمْدًا فَإِنَّهُ مَنْ تَرَكَهَا عَمْدًا بَرِئَتْ مِنْهُ ذِمَّةُ اللَّهِ تَعَالَى» [ص: 889] 918 - وَقَالَ جَرِيرٌ: وَقَالَ لَيْثٌ: عَنْ مَكْحُولٍ، يَرْفَعُهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ الحديث: 917 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 888 919 - وَقَالَ لَيْثٌ: وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ مُتَعَمِّدًا فَقَدْ كَفَرَ» الحديث: 919 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 889 920 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا نَافِعُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَيَّارُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ قَوْذَرٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ شُرَيْحٍ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: أَوْصَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبْعِ خِلَالٍ فَقَالَ: «لَا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا وَإِنْ قُطِّعْتُمْ، أَوْ حُرِّقْتُمْ، أَوْ صُلِّبْتُمْ، وَلَا تَتْرُكُوا الصَّلَاةَ مُتَعَمِّدِينَ فَمَنْ تَرَكَهَا مُتَعَمِّدًا فَقَدْ خَرَجَ مِنَ الْمِلَّةِ، وَلَا تَقْرَبُوا الْخَمْرَ فَإِنَّهَا رَأْسُ الْخَطَايَا» الحديث: 920 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 889 921 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ وَاقِدٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ حَلْبَسٍ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِي عَمَلًا إِذَا أَنَا عَمِلْتُهُ دَخَلْتُ الْجَنَّةَ قَالَ: «لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ شَيْئًا وَإِنْ عُذِّبْتَ أَوْ حُرِّقْتَ وَأَطِعْ وَالِدَيْكَ وَإِنْ أَخْرَجَاكَ مِنْ مَالِكَ وَكُلِّ شَيْءٍ هُوَ لَكَ، وَلَا تَتْرُكِ الصَّلَاةَ مُتَعَمِّدًا فَإِنَّهُ مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ مُتَعَمِّدًا بَرِئَتْ مِنْهُ ذِمَّةُ اللَّهِ تَعَالَى، لَا تَشْرَبِ الْخَمْرَ فَإِنَّهَا مِفْتَاحُ كُلِّ شَرٍّ، لَا تُنَازِعْ ذَا الْأَمْرِ أَمْرَهُ وَإِنْ كَانَ لَكَ، أَنْفِقْ مِنْ طَوْلِكَ عَلَى [ص: 891] أَهْلِكَ لَا تَرْفَعْ عَنْهُمْ عَصَاكَ أَخِفْهُمْ فِي اللَّهِ تَعَالَى، لَا تَغْلُلْ، وَلَا تَفِرَّ يَوْمَ الزَّحْفِ» ثُمَّ قَالَ لَهُ: «قُمْ» الحديث: 921 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 890 922 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الرَّازِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى بْنِ أَعْيَنَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، أَنَّهُ سَمِعَ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، يُخْبِرُ عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ سُكْرًا مَرَّةً وَاحِدَةً كَانَ كَأَنَّمَا كَانَتْ لَهُ الدُّنْيَا فَسُلِبَهَا، وَمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ أَرْبَعَ مِرَارٍ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ» قَالَ: وَمَا طِينَةُ الْخَبَالِ قَالَ: «عُصَارَةُ أَهْلِ جَهَنَّمَ» الحديث: 922 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 891 923 - حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِذْ طُعِنَ دَخَلَ عَلَيْهِ هُوَ وَابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فَلَمَّا أَصْبَحَ مِنْ غَدٍ فَزَّعُوهُ فَقَالُوا: الصَّلَاةَ فَفَزِعَ فَقَالَ: «نَعَمْ لَا حَظَّ فِي الْإِسْلَامِ لِمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ فَصَلَّى وَالْجُرْحُ يَثْعَبُ دَمًا» الحديث: 923 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 892 924 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: لَمَّا طُعِنَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ احْتَمَلْتُهُ أَنَا وَنَفَرٌ مِنَ الْأَنْصَارِ حَتَّى أَدْخَلْنَاهُ مَنْزِلَهُ فَلَمْ يَزَلْ فِي غَشْيَةٍ وَاحِدَةٍ حَتَّى أَسْفَرَ فَقُلْنَا: الصَّلَاةَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَفَتَحَ عَيْنَيْهِ فَقَالَ: «أَصَلَّى النَّاسُ؟» قُلْنَا: نَعَمْ، قَالَ: «أَمَا إِنَّهُ لَا حَظَّ فِي الْإِسْلَامِ لِأَحَدٍ تَرَكَ الصَّلَاةَ فَصَلَّى وَجُرْحُهُ يَثْعَبُ دَمًا» الحديث: 924 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 893 925 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، أَنَّهُ دَخَلَ مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَلَى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حِينَ طُعِنَ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ الصَّلَاةَ فَقَالَ: «أَجَلْ إِنَّهُ لَا حَظَّ فِي الْإِسْلَامِ لِمَنْ أَضَاعَ الصَّلَاةَ» الحديث: 925 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 893 926 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ حِسَابٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: " لَمَّا طُعِنَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَمَلْنَاهُ فَأَدْخَلْنَاهُ فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ فَجَعَلْنَا نُنَادِيهِ نُنَبِّهُهُ وَجَعَلَ لَا يَنْتَبِهُ فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: إِنْ كَانَ لَيْسَ يَنْتَبِهُ فَاذْكُرُوا لَهُ الصَّلَاةَ فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ الصَّلَاةَ الصَّلَاةَ فَفَتَحَ عَيْنَهُ وَقَالَ: «الصَّلَاةُ الصَّلَاةُ هَآ اللَّهِ إِذًا وَلَا حَظَّ فِي الْإِسْلَامِ لِمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ» الحديث: 926 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 894 927 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمِّي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: وَحَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ، قَالَا: لَمَّا طُعِنَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَمَلْنَاهُ إِلَى بَيْتِهِ فَلَمَّا أَسْفَرَ قُلْنَا: نُهِبُّهُ بِذِكْرِ الصَّلَاةِ فَقُلْنَا لَهُ: الصَّلَاةَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ: «نَعَمْ لَا حَظَّ فِي الْإِسْلَامِ لِمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ» الحديث: 927 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 895 928 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ، وَعَبَّاسٌ الْعَنْبَرِيُّ، قَالَا: أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهُوَ مُسَجًّى فَقَالُوا: الصَّلَاةَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ: «الصَّلَاةُ هَا اللَّهِ إِذًا وَلَا حَقَّ فِي الْإِسْلَامِ لِمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ فَصَلَّى وَجُرْحُهُ يَثْعَبُ دَمًا» الحديث: 928 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 896 929 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاذِ بْنِ يُوسُفَ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ الزُّهْرِيُّ، عَنْ عَمَّتِهِ أُمِّ بَكْرٍ بِنْتِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حِينَ طُعِنَ فَأَخَذَتْهُ غَشْيَةٌ فَقِيلَ لَهُ: الصَّلَاةَ فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: «الصَّلَاةَ وَلَا حَظَّ فِي الْإِسْلَامِ لِمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ فَصَلَّى وَالْجُرْحُ يَثْعَبُ دَمًا» الحديث: 929 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 896 930 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: «لَا إِسْلَامَ لِمَنْ لَمْ يُصَلِّ» قِيلَ لِشَرِيكٍ: عَلَى الْمِنْبَرِ؟ قَالَ: نَعَمْ الحديث: 930 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 897 931 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ الْهُذَلِيِّ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «لَا إِسْلَامَ لِمَنْ لَمْ يُصَلِّ الصَّلَاةَ» الحديث: 931 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 897 932 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، قَالَ: نُبِّئْتُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا كَانَ يُعَلِّمَانِ النَّاسَ: «الْإِسْلَامُ تَعْبُدُ اللَّهَ وَلَا تُشْرِكْ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ الَّتِي افْتَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى بِمَوَاقِيتِهَا فَإِنَّ فِي تَفْرِيطِهَا الْهَلَكَةَ» الحديث: 932 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 897 933 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَرْوَانُ الْفَزَارِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي إِسْمَاعِيلَ، عَنْ مَعْقِلٍ الْخَثْعَمِيِّ، أَنَّ رَجُلًا، سَأَلَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ امْرَأَةٍ، لَا تُصَلِّي فَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «مَنْ لَمْ يُصَلِّ فَهُوَ كَافِرٌ» الحديث: 933 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 898 934 - حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْبِسْطَامِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ يُوسُفَ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ، قَالَ: قَالَ عَلِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «مَنْ تَرَكَ صَلَاةً وَاحِدَةً مُتَعَمِّدًا فَقَدْ بَرِئَ مِنَ اللَّهِ وَبَرِئَ اللَّهُ مِنْهُ» الحديث: 934 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 898 935 - حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَاصِمِ ابْنِ بَهْدَلَةَ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُعْجِبُهُ أَنْ يَقْعُدَ حَيْثُ تُعْرَضُ الْمَصَاحِفُ فَجَاءَهُ ابْنُ الْحَضَارِمَةِ رَجُلٌ مِنْ ثَقِيفٍ فَقَالَ: أَيُّ دَرَجَاتِ الْإِسْلَامِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «الصَّلَاةُ عَلَى وَقْتِهَا مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ فَلَا دِينَ لَهُ» الحديث: 935 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 898 936 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُسْنَدِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: «مَنْ لَمْ يُصَلِّ فَلَا دِينَ لَهُ» الحديث: 936 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 899 937 - حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ عَبْدِ اللهٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ جُلُوسًا إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَيُّ دَرَجَاتِ الْإِسْلَامِ أَفْضَلُ؟ فَقَالَ: «الصَّلَاةُ مَنْ لَمْ يُصَلِّ فَلَا دِينَ لَهُ» الحديث: 937 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 899 938 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ، عَنِ الْمَسْعُودِيِّ، عَنِ الْقَاسِمِ، وَالْحَسَنِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَا: قِيلَ لِابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُكْثِرُ ذِكْرَ الصَّلَاةِ فِي الْقُرْآنِ: {الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ} [المعارج: 23] ، {عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} [الأنعام: 92] قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: ذَلِكَ عَلَى مَوَاقِيتِهَا قَالُوا: مَا كُنَّا نَرَى يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِلَّا عَلَى تَرْكِهَا؟ قَالَ: «تَرْكُهَا الْكُفْرُ» الحديث: 938 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 899 939 - حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ عِيسَى الْبِسْطَامِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: «مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ فَقَدْ كَفَرَ» الحديث: 939 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 900 940 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، قَالَ: كُنَّا مَعَ حُذَيْفَةَ جُلُوسًا فِي الْمَسْجِدِ إِذْ دَخَلَ رَجُلٌ مِنْ أَبْوَابِ كِنْدَةَ، فَقَامَ يُصَلِّي فَلَمْ يُتِمَّ الرُّكُوعَ وَلَا السُّجُودَ فَلَمَّا صَلَّى قَالَ حُذَيْفَةُ: «مُنْذُ كَمْ هَذِهِ صَلَاتُكَ؟» قَالَ: مُنْذُ أَرْبَعِينَ سَنَةً، قَالَ: «مَا صَلَّيْتَ مُنْذُ أَرْبَعِينَ سَنَةً لَوْ مُتَّ وَأَنْتَ تُصَلِّي هَذِهِ الصَّلَاةَ لَمُتَّ عَلَى غَيْرِ الْفِطْرَةِ الَّتِي فُطِرَ عَلَيْهَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» الحديث: 940 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 900 941 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا قَدْ خَفَّفَ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ لَهُ: «مُنْذُ كَمْ هَذِهِ صَلَاتُكَ؟» قَالَ: مُنْذُ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ: «مَا صَلَّيْتَ مُنْذُ أَرْبَعِينَ سَنَةً وَلَوْ مُتَّ وَأَنْتَ تُصَلِّي هَذِهِ الصَّلَاةَ لَمُتَّ عَلَى غَيْرِ فِطْرَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» الحديث: 941 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 901 942 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَسْعُودٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ وَاصِلٍ الْأَحْدَبِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، قَالَ: دَخَلَ حُذَيْفَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْمَسْجِدَ فَرَأَى رَجُلًا يُصَلِّي لَا يُتِمُّ الرُّكُوعَ وَلَا السُّجُودَ فَقَالَ لَهُ حُذَيْفَةُ: مُنْذُ كَمْ صَلَّيْتَ هَذِهِ الصَّلَاةَ قَالَ: مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَةً قَالَ: «مَا صَلَّيْتَ وَلَوْ مُتَّ مُتَّ عَلَى غَيْرِ الْفِطْرَةِ الَّتِي فَطَرَ اللَّهُ عَلَيْهَا مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» الحديث: 942 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 902 943 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنْ بَيَانِ بْنِ بِشْرٍ الْأَحْمَسِيِّ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ: رَأَى بِلَالٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رَجُلًا يُصَلِّي لَا يُتِمُّ رُكُوعًا وَلَا سُجُودًا فَقَالَ بِلَالٌ: «يَا صَاحِبَ الصَّلَاةِ لَوْ مُتَّ الْآنَ مَا مُتَّ عَلَى مِلَّةِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ» [ص: 903] 944 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، عَنْ مُفَضَّلِ بْنِ مُهَلْهَلٍ، عَنْ بَيَانٍ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ بِلَالٍ، مِثْلَهُ الحديث: 943 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 902 945 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بَكَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي زَكَرِيَّا، يُحَدِّثُ عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَالَ: «لَا إِيمَانَ لِمَنْ لَا صَلَاةَ لَهُ» الحديث: 945 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 903 946 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمِّي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ، أَنَّهُ حُدِّثَ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُمَارَةَ، أَخِي بَنِي [ص: 904] سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ أَنَّ رَجُلًا، قَالَ لَهُ: «عِظْنِي فِي نَفْسِي رَحِمَكَ اللَّهُ إِذَا أَنْتَ قُمْتَ إِلَى الصَّلَاةِ فَأَسْبِغِ الْوُضُوءَ فَإِنَّهُ لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَا وُضُوءَ لَهُ وَلَا إِيمَانَ لِمَنْ لَا صَلَاةَ لَهُ، ثُمَّ إِذَا صَلَّيْتَ فَصَلِّ صَلَاةَ مُوَدِّعٍ وَاتْرُكْ طَلَبَ كَثِيرٍ مِنَ الْحَاجَاتِ فَإِنَّهُ فَقْرٌ حَاضِرٌ وَأَجْمِعِ الْيَأْسَ مِمَّا عِنْدَ النَّاسِ فَإِنَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ، وَانْظُرْ إِلَى مَا تَعْتَذِرُ مِنْهُ مِنَ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ فَاجْتَنِبْهُ» الحديث: 946 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 903 947 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَسَأَلَهُ رَجُلٌ: أَكُنْتُمْ تَعُدُّونَ الذَّنْبَ فِيكُمْ شِرْكًا؟ قَالَ: لَا، قَالَ: وَسُئِلَ مَا بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ الْكُفْرِ قَالَ: تَرْكُ الصَّلَاةِ " الحديث: 947 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 904 948 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ حِسَابٍ، وَحُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، قَالَا: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: لَمْ يَكُنْ [ص: 905] أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرَوْنَ شَيْئًا مِنَ الْأَعْمَالِ تَرْكُهُ كُفْرٌ غَيْرَ الصَّلَاةِ " الحديث: 948 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 904 بَابُ ذِكْرِ النَّهْيِ عَنْ قَتْلِ الْمُصَلِّينَ، وَإِبَاحَةِ قَتْلِ مَنْ لَمْ يُصَلِّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 907 949 - حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ الْفُضَيْلُ بْنُ حُسَيْنٍ الْجَحْدَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ الْمُعَلَّى بْنِ زِيَادٍ، وَهِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ ضَبَّةَ بْنِ مِحْصَنٍ الْعَنَزِيِّ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِنَّهَا سَتَكُونُ عَلَيْكُمْ أَئِمَّةٌ تَعْرِفُونَ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُونَ فَمَنْ أَنْكَرَ فَقَدْ بَرِئَ، وَمَنْ كَرِهَ فَقَدْ سَلِمَ، وَلَكِنْ مَنْ رَضِيَ وَتَابَعَ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا نَقْتُلُهُمْ؟ قَالَ: «لَا، مَا صَلَّوْا» . [ص: 908] 950 - وَقَالَ الْحَسَنُ وَفَسَّرَهُ: فَمَنْ أَنْكَرَ بِلِسَانِهِ فَقَدْ بَرِئَ، فَقَدْ ذَهَبَ زَمَانُ هَذَا، وَمَنْ كَرِهَ بِقَلْبِهِ فَقَدْ سَلِمَ، وَقَدْ جَاءَ زَمَانُ هَذَا، قَالَ: وَلَكِنْ مَنْ رَضِيَ وَتَابَعَ، قَالَ الْحَسَنُ: فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ الحديث: 949 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 907 951 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ رُزَيْقِ بْنِ حَيَّانَ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ قَرَظَةَ، عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «خِيَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُحِبُّونَهُمْ وَيُحِبُّونَكُمْ، وَتُصَلُّونَ عَلَيْهِمْ، وَيُصَلُّونَ عَلَيْكُمْ، وَشِرَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُبْغِضُونَهُمْ وَيُبْغِضُونَكُمْ، وَتَلْعَنُونَهُمْ وَيَلْعَنُونَكُمْ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا نُنَابِذُهُمْ بِالسَّيْفِ؟ فَقَالَ: «لَا، مَا أَقَامُوا فِيكُمُ الصَّلَاةَ وَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْ وَالِيكُمْ شَيْئًا تَكْرَهُونَهُ فَاكْرَهُوا عَمَلَهُ وَلَا تَنْزِعُوا يَدًا مِنْ طَاعَةٍ» الحديث: 951 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 908 952 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا صَدَقَةُ، وَالْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنِ ابْنِ جَابِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي رُزَيْقٌ، مَوْلَى بَنِي فَزَارَةَ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ قَرَظَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَوْفَ بْنَ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «خِيَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُحِبُّونَهُمْ وَيُحِبُّونَكُمْ، وَتُصَلُّونَ عَلَيْهِمْ وَيُصَلُّونَ عَلَيْكُمْ، وَشِرَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُبْغِضُونَهُمْ وَيُبْغِضُونَكُمْ» قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا نُنَابِذُهُمْ؟ قَالَ: «لَا مَا أَقَامُوا فِيكُمُ الصَّلَاةَ» قَالَ الْوَلِيدُ عَنِ ابْنِ جَابِرٍ قُلْتُ لِرُزَيْقٍ: آللَّهِ لَسَمِعْتَهُ مِنْ مُسْلِمِ بْنِ قَرَظَةَ يُحَدِّثُ بِهِ عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ [ص: 910] : آللَّهِ لَسَمِعْتُهُ مِنْ مُسْلِمِ بْنِ قَرَظَةَ يُحَدِّثُ بِهِ عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحديث: 952 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 909 953 - حَدَّثَنَا أَبُو الْأَزْهَرِ أَحْمَدُ بْنُ الْأَزْهَرِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، أَنَّ رَبِيعَةَ بْنَ يَزِيدَ، حَدَّثَهُ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ قَرَظَةَ الْأَشْجَعِيِّ، عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «خِيَارُكُمْ وَخِيَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ يُحِبُّونَكُمْ وَتُحِبُّونَهُمْ وَتُصَلُّونَ عَلَيْهِمْ وَيُصَلُّونَ عَلَيْكُمْ، وَشِرَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُبْغِضُونَهُمْ [ص: 911] وَيُبْغِضُونَكُمْ، وَتَلْعَنُونَهُمْ وَيَلْعَنُونَكُمْ» قَالُوا: أَفَلَا نُنَابِذُهُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «لَا، مَا أَقَامُوا الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ أَلَا مَنْ وَلِيَهُ وَالٍ، فَرَآهُ يَأْتِي شَيْئًا مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى فَلْيَكْرَهْ مَا أَتَى مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا تَنْزِعُوا يَدًا مِنْ طَاعَةٍ» الحديث: 953 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 910 954 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ، عَنِ الْوَلِيدِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الْبَهِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَكُونُ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ تَطْمَئِنُّ إِلَيْهِمُ الْقُلُوبُ وَتَلِينُ لَهُمُ الْجُلُودُ، وَيَكُونُ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ تَقْشَعِرُّ مِنْهُمُ الْجُلُودُ وَتَشْمَئِزُّ مِنْهُمُ الْقُلُوبُ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَفَلَا نُقَاتِلُهُمْ بِالسَّيْفِ؟ قَالَ: «لَا، مَا صَلَّوْا» الحديث: 954 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 911 955 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ بَيْنَمَا هُوَ جَالِسٌ بَيْنَ ظَهْرَانَيِ النَّاسِ إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَسَارَّهُ فَإِذَا هُوَ يَسْتَأْذِنُهُ فِي قَتْلِ رَجُلٍ مِنَ الْمُنَافِقِينَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ جَهَرَ: «أَلَيْسَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ؟» قَالَ الرَّجُلُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا شَهَادَةَ لَهُ، قَالَ: «أَلَيْسَ يُصَلِّي» قَالَ: بَلَى وَلَا صَلَاةَ لَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أُولَئِكَ الَّذِينَ نَهَانِي اللَّهُ عَنْهُمْ» الحديث: 955 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 911 956 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ، عَنْ رَجُلٍ، مِنَ الْأَنْصَارِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَجْلِسِهِ فَسَارَّهُ يَسْتَأْذِنُهُ فِي قَتْلِ رَجُلٍ مِنَ الْمُنَافِقِينَ فَجَهَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «أَلَيْسَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؟» قَالَ الْأَنْصَارِيُّ: بَلَى وَلَا شَهَادَةَ لَهُ، قَالَ: «أَلَيْسَ يَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ؟» قَالَ الْأَنْصَارِيُّ: بَلَى وَلَا شَهَادَةَ لَهُ، قَالَ: «أَلَيْسَ يُصَلِّي؟» قَالَ: بَلَى وَلَا صَلَاةَ لَهُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أُولَئِكَ الَّذِينَ نُهِيتُ عَنْهُمْ» . [ص: 913] 957 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ بْنِ نَوْفَلٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَقَالَ: «أُولَئِكَ الَّذِينَ نُهِيتُ عَنْ قَتْلِهِمْ» الحديث: 956 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 912 958 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ بْنِ نَوْفَلٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَدِيٍّ الْأَنْصَارِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَمَا هُوَ جَالِسٌ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ أَصْحَابِهِ إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ يَسْتَأْذِنُهُ أَنْ يُسَارَّهُ فَأَذِنَ لَهُ فَسَارَّهُ فِي قَتْلِ رَجُلٍ مِنَ الْمُنَافِقِينَ فَقَالَ: «أَلَيْسَ يَقُولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؟» [ص: 914] قَالَ: بَلَى، وَلَكِنْ لَا شَهَادَةَ لَهُ، قَالَ: «أَلَيْسَ يَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟» قَالَ: بَلَى، وَلَكِنْ لَا شَهَادَةَ لَهُ، قَالَ: «أَلَيْسَ يُصَلِّي؟» قَالَ: بَلَى لَكِنْ لَا صَلَاةَ لَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أُولَئِكَ الَّذِينَ نُهِيتُ عَنْهُمْ» . 959 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ، أَنَّ رَجُلًا، مِنَ الْأَنْصَارِ حَدَّثَهُ أَنَّهُ، بَيْنَا هُوَ جَالِسٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ مَعْمَرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. 960 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبَى، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ أَخْبَرَهُ أَنَّ نَفَرًا مِنَ الْأَنْصَارِ أَخْبَرُوهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَمَا هُوَ جَالِسٌ بِهَذَا الْخَبَرِ الحديث: 958 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 913 961 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ مُكْرَمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ غَالِبٍ الْعَبَّادَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَامِرُ بْنُ يَسَافٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبَى عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: " لَمَّا أُصِيبَ عَتْبَانُ بْنُ مَالِكٍ فِي بَصَرِهِ وَكَانَ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ بَعَثَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنِّي أُحِبُّ أَنْ تَأْتِيَنِي فَتُصَلِّي فِي بَيْتِي أَوْ فِي بُقْعَةٍ مِنْ دَارِي وَتَدْعُو لَنَا بِالْبَرَكَةِ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَتَحَدَّثُوا بَيْنَهُمْ فَذَكَرُوا مَالِكَ بْنَ الدُّخْشُمِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ذَاكَ كَهْفُ الْمُنَافِقِينَ وَمَأْوَاهُمْ وَأَكْثَرُوا فِيهِ حَتَّى أَرْخَصَ لَهُمْ فِي قَتْلِهِ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَلْ يُصَلِّي؟» قَالُوا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَاةٌ لَا خَيْرَ فِيهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نُهِيتُ عَنِ الْمُصَلِّينَ، نُهِيتُ عَنِ الْمُصَلِّينَ، نُهِيتُ عَنِ الْمُصَلِّينَ» الحديث: 961 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 915 962 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُحَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ مُحَمَّدٌ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَأْخُذُ بِالْقَذْفِ وَلَا يُصَدِّقُ أَحَدًا عَلَى أَحَدٍ فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: إِنَّ فُلَانًا يَفْعَلُ وَيَفْعَلُ، قَالَ: «أَلَيْسَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهَ؟» قَالَ: بَلَى إِنَّهُ يَفْعَلُ وَيَفْعَلُ، قَالَ: أَلَيْسَ يَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: إِنَّهُ يَفْعَلُ وَيَفْعَلُ قَالَ: «أَلَيْسَ يُصَلِّي الْخَمْسَ؟» قَالَ: بَلَى، قَالَ: إِنَّهُ يَفْعَلُ وَيَفْعَلُ، قَالَ: «إِنِّي مِنْ أُولَئِكَ نُهِيتُ» الحديث: 962 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 916 963 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي أُسَامَةَ: أَحَدَّثَكُمُ الْمُفَضَّلُ بْنُ يُونُسَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ أَبَى يَسَارٍ الْقُرَشِيِّ، عَنْ أَبِي هَاشِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمُخَنَّثٍ قَدْ خَضَبَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ بِالْحِنَّاءِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا بَالُهُ؟» قَالُوا: يَتَشَبَّهُ بِالنِّسَاءِ فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنُفِيَ إِلَى النَّقِيعِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوَأَمَرْتَ بِقَتْلِهِ، فَقَالَ: " إِنِّي نُهِيتُ عَنْ قَتْلِ الْمُصَلِّينَ فَأَقَرَّ بِهِ أَبُو أُسَامَةَ، وَقَالَ: نَعَمْ الحديث: 963 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 917 964 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ سُلَيْمَانَ الْأَزْرَقُ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَصِيبٌ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ حِمَازٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ مُخَنَّثًا، أُتِيَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَخْضُوبُ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ فَقَالَ: «احْذَرُوا هَذَا عَلَى نِسَائِكُمْ» قَالُوا: أَفَلَا نَقْتُلُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «إِنِّي نُهِيتُ عَنْ قَتْلِ الْمُصَلِّينَ» الحديث: 964 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 918 965 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى خَيْبَرَ فَانْتَهَى إِلَيْهَا لَيْلًا، وَكَانَ إِذَا طَرَقَ لَيْلًا لَمْ يُغِرْ عَلَيْهِمْ حَتَّى يُصْبِحَ فَإِنْ سَمِعَ أَذَانًا أَمْسَكَ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا يُصَلُّونَ أَغَارَ عَلَيْهِمْ حِينَ يُصْبِحُ " الحديث: 965 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 919 966 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «كَانَ إِذَا عَشَى قَرْيَةً بَيَاتًا لَمْ يُغِرْ حَتَّى يُصْبِحَ فَإِنْ سَمِعَ تَأْذِينًا لِلصَّلَاةِ أَمْسَكَ، وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ تَأْذِينًا لِلصَّلَاةِ أَغَارَهَا» الحديث: 966 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 920 967 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ مُسَاحِقٍ، عَنِ ابْنِ عِصَامٍ الْمُزَنِيِّ، أَوِ الْغِفَارِيِّ عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: " بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ الْأَوْدِيَةِ فَقَالَ: «إِنْ رَأَيْتُمْ مَسْجِدًا أَوْ سَمِعْتُمْ مُؤَذِّنًا فَلَا تَقْتُلُنَّ أَحَدًا» الحديث: 967 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 920 968 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُسْنَدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا طَلْحَةُ بْنُ خَيْرٍ الْقُرَشِيُّ، عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ الْمُصْعَبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: " لَمَّا افْتَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ انْصَرَفَ إِلَى الطَّائِفِ فَحَاصَرَهَا ثَمَانَ عَشْرَةَ أَوْ تِسْعَ عَشْرَةَ ثُمَّ أَوْغَلَ غُدْوَةً أَوْ رَوْحَةً ثُمَّ هَجَرَ ثُمَّ قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيُقِيمَنَّ الصَّلَاةَ، وَلَيُؤَدِّيَنَّ الزَّكَاةَ، وَلَأَبْعَثَنَّ إِلَيْهِمْ رَجُلًا فَلَيَقْتُلَنَّ مُقَاتِلَتَهُمْ، وَلَيَسْبِيَنَّ ذَرَارِيَّهُمْ» الحديث: 968 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 921 969 - حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَمَّارٍ الرَّازِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ الرَّبَذِيُّ، عَنْ هُودِ بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَتْلِ الْمُصَلِّينَ» الحديث: 969 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 921 970 - حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي هُودُ بْنُ عَطَاءٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ضَرْبِ الْمُصَلِّينَ» الحديث: 970 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 922 971 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو غَالِبٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنِّي نُهِيتُ عَنْ ضَرْبِ أَهْلِ الصَّلَاةِ» [ص: 923] 972 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ الحديث: 971 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 922 973 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ الرَّازِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ، عَنِ الرَّبِيعِ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، قَالَ: كَانَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِذَا بَعَثَ جَيْشًا إِلَى أَهْلِ الرِّدَّةِ قَالَ: «اجْلِسُوا قَرِيبًا مِنْهُمْ فَإِنْ سَمِعْتُمْ أَذَانًا إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ وَإِلَّا فَأَغِيرُوا عَلَيْهِمْ» الحديث: 973 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 923 974 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ مِنْ عَهْدِهِ إِلَى جُيُوشِهِ فِي الرِّدَّةِ: «إِذَا عَشَيْتُمْ دَارًا مِنْ دُورِ الْعَرَبِ فَسَمِعْتُمْ أَذَانًا لِلصَّلَاةِ فَأَمْسِكُوا عَنْ أَهْلِهَا حَتَّى تَسْأَلُوهُمْ مَا الَّذِي نَقَمُوا، وَإِنْ لَمْ تَسْمَعُوا أَذَانًا لِلصَّلَاةِ فَشُنُّوا الْغَارَةَ وَحَرِّقُوا وَاقْتُلُوا» الحديث: 974 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 923 975 - حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ، حَدَّثَهُ عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ عَلِي بْنِ الْأَسْقَعِ الْأَسْلَمِيِّ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بَعَثَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَمَرَهُ أَنْ يُقَاتِلَ النَّاسَ عَلَى خَمْسٍ قَالَ: وَمَنْ تَرَكَ وَاحِدَةً مِنَ الْخَمْسِ فَقَاتِلْهُ كَمَا تُقَاتِلُ مَنْ تَرَكَ الْخَمْسَ: شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامُ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ، وَصَوْمُ رَمَضَانَ " الحديث: 975 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 923 976 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: لَمَّا قُتِلَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَبَايَعَ النَّاسُ لِابْنِهِ الْحَسَنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ جَاءَ زِيَادٌ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَقَالَ: أَتُرِيدُونَ أَنْ يَثْبُتَ لَكُمْ هَذَا الْأَمْرُ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَأَرْسِلْ إِلَى فُلَانٍ وَفُلَانٍ فَاضْرِبْ أَعْنَاقَهُمْ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ: «أَصَلَّوُا الْغَدَاةَ الْيَوْمَ؟» قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «فَلَا سَبِيلَ إِلَيْهِمْ إِذَا هُمْ فِي ذِمَّةِ اللَّهِ تَعَالَى» ، فَلَمَّا بَلَغَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا مَا صَنَعَ زِيَادٌ بَعْدُ قَالَ: «مَا أُرَاهُ إِلَّا مَا قَدْ أَشَارَ عَلَيْنَا بِالَّذِي هُوَ رَأْيُهُ» الحديث: 976 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 924 977 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْقِلُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْجَزَرِيُّ، قَالَ: قُلْتُ لِنَافِعٍ: رَجُلٌ أَقَرَّ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى وَبِمَا بَيَّنَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ: أَتْرُكُ الصَّلَاةَ وَأَنَا أَعْرِفُ أَنَّهَا حَقٌّ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، قَالَ: ذَاكَ كَافِرٌ، ثُمَّ انْتَزَعَ يَدَهُ مِنْ يَدِي غَضْبَانًا مُوَلِّيًا " [ص: 925] قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: قَدْ ذَكَرْنَا فِي كِتَابِنَا هَذَا مَا دَلَّ عَلَيْهِ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى وَسُنَّةُ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ تَعْظِيمِ قَدْرِ الصَّلَاةِ وَإِيجَابِ الْوَعْدِ بِالثَّوَابِ لِمَنْ قَامَ بِهَا وَالتَّغْلِيظِ بِالْوَعِيدِ عَلَى مَنْ ضَيَّعَهَا، وَالْفَرَقِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ سَائِرِ الْأَعْمَالِ فِي الْفَضْلِ وَعِظَمِ الْقَدْرِ، ثُمَّ ذَكَرْنَا الْأَخْبَارَ الْمَرْوِيَّةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي إِكْفَارِ تَارِكِهَا وَإِخْرَاجِهِ إِيَّاهُ مِنَ الْمِلَّةِ وَإِبَاحَةِ قِتَالِ مَنِ امْتَنَعَ مِنْ إِقَامَتِهَا، ثُمَّ جَاءَنَا عَنِ الصَّحَابَةٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ مِثْلَ ذَلِكَ، وَلَمْ يَجِئْنَا عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ خِلَافَ ذَلِكَ، ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ بَعْدَ ذَلِكَ فِي تَأْوِيلِ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ عَنِ الصَّحَابَةٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فِي إِكْفَارِ تَارِكِهَا وَإِيجَابِ الْقَتْلِ عَلَى مَنِ امْتَنَعَ مِنَ إِقَامَتِهَا الحديث: 977 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 924 978 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، قَالَ: «تَرْكُ الصَّلَاةِ كُفْرٌ لَا يُخْتَلَفُ فِيهِ» الحديث: 978 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 925 979 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ يَعْمَرَ بْنَ بِشْرٍ أَبَا عَمْرٍو، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْمُبَارَكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: " مَنْ أَخَّرَ صَلَاةً حَتَّى يَفُوتَ وَقْتُهَا مُتَعَمِّدًا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ كَفَرَ، ثُمَّ قَالَ: خَالَفَنِي سُفْيَانُ وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللَّهِ وَأَنْكَرُوهُ فَدَخَلُوا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بِالزُّبْدَ انْقَانَ فَأَخْبَرُوهُ أَنَّ يَعْمَرَ رَوَى عَلَيْكَ كَذَا وَكَذَا، وَلَمْ يُنْكِرْهُ، وَقَالَ: فَمَا قُلْتَ أَنْتَ؟ فَقَالَ سُفْيَانُ لِعَبْدِ اللَّهِ: إِنَّهُ رَوَى عَلَيْكَ كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ فَمَا قُلْتَ أَنْتَ: قَالَ: إِذَا تَرَكَهَا رَدًّا لَهَا فَقَالَ: لَيْسَ هَذَا قَوْلِي قِسْتَ عَلَيَّ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الحديث: 979 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 925 980 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَيَّارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ، يَقُولُ: " مَنْ قَالَ: إِنِّي لَا أُصَلِّي الْمَكْتُوبَةَ الْيَوْمَ فَهُوَ أَكْفَرُ مِنَ الْحِمَارِ " الحديث: 980 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 926 982 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَكِيمٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، قَالَ: قِيلَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ: إِنَّ هَؤُلَاءِ يَقُولُونَ: مَنْ لَمْ يَصُمْ وَلَمْ يُصَلِّ بَعْدَ أَنْ يُقِرَّ بِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ مُسْتَكْمِلُ الْإِيمَانِ؟ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: «لَا نَقُولُ نَحْنُ كَمَا يَقُولُ هَؤُلَاءِ، مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ مُتَعَمِّدًا مِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ حَتَّى أَدْخَلَ وَقْتًا فِي وَقْتٍ فَهُوَ كَافِرٌ» الحديث: 982 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 926 حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ الْجَوْزَجَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ، عَنْ مَنْ، تَرَكَ الصَّلَاةَ مُتَعَمِّدًا قَالَ: «لَا يُكَفَّرُ أَحَدٌ بِذَنْبٍ إِلَّا تَارِكُ الصَّلَاةِ عَمْدًا فَإِنْ تَرَكَ صَلَاةً إِلَى أَنْ يَدْخُلَ وَقْتُ صَلَاةٍ أُخْرَى يُسْتَتَابُ ثَلَاثًا» 983 - وَقَالَ أَبُو أَيُّوبَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْهَاشِمِيُّ: يُسْتَتَابُ إِذَا تَرَكَهَا مُتَعَمِّدًا حَتَّى يَذْهَبَ وَقْتُهَا، فَإِنْ تَابَ، وَإِلَّا قُتِلَ. وَبِهِ قَالَ أَبُو خَيْثَمَةَ الحديث: 983 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 927 984 - قَالَ إِسْمَاعِيلُ: وَسَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عِمْرَانَ الرَّازِيَّ، يَقُولُ: قَالَ وَكِيعٌ: " لَوْ خَرَجْتُ إِلَى صَلَاةِ الظُّهْرِ وَرَأَيْتُ رَجُلًا بِبَابِ الْمَسْجِدِ فَقُلْتُ لَهُ: أَصَلَّيْتَ الظُّهْرَ؟ فَقَالَ: لَا، وَلَكِنْ أُصَلِّي فَصَلَّيْتُ الظُّهْرَ ثُمَّ خَرَجْتُ فَقُلْتُ: أَصَلَّيْتَ الظُّهْرَ؟ فَقَالَ: لَا وَلَكِنْ أُصَلِّي، ثُمَّ أَذَّنُوا لِلْعَصْرِ فَخَرَجْتُ إِلَى الْعَصْرِ فَرَأَيْتُهُ فِي مَوْضِعِهِ جَالِسًا فَقُلْتُ لَهُ أَصَلَّيْتَ الظُّهْرَ؟ فَقَالَ: لَا، وَلَكِنْ أُصَلِّي فَدَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَصَلَّيْتُ الْعَصْرَ، فَخَرَجْتُ فَقُلْتُ: أَصَلَّيْتَ الظُّهْرَ فَقَالَ: لَا، وَلَكِنْ أُصَلِّي، قَالَ: اسْتَتِبْهُ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا ضَرَبْتُ عُنُقَهُ " [ص: 928] 985 - وَحَكَى سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعِ بْنِ الْجَرَّاحِ، عَنْ أَبِيهِ، فِي الرَّجُلِ يَحْضُرُهُ وَقْتُ صَلَاةٍ فَيُقَالُ لَهُ صَلِّ فَلَا يُصَلِّي، قَالَ: يُؤْمَرُ بِالصَّلَاةِ وَيُسْتَتَابُ ثَلَاثَ صَلَوَاتٍ فَإِنْ صَلَّى وَإِلَّا قُتِلَ 986 - وَقَالَ الشَّالِنْجِيُّ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ عَنْ مَنْ، تَرَكَ الصَّلَاةَ، وَالزَّكَاةَ، وَالصَّوْمَ، وَالْجُمُعَةَ وَالْحَجَّ عَمْدًا وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ ذَلِكَ مَرَضٌ وَلَا خَوْفٌ، قَالَ: أَمَّا فِي الصَّلَاةِ إِذَا تَرَكَهَا إِلَى أَنْ يَدْخُلَ وَقْتُ صَلَاةٍ أُخْرَى يُسْتَتَابُ ثَلَاثًا فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا، يَعْنِي قُتِلَ 987 - قَالَ: وَلَا يُصَلَّى خَلْفَ مَنْ تَرَكَ الْفَرْضَ مِنَ الصَّوْمِ، وَالزَّكَاةِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ، وَبِهِ قَالَ أَبُو أَيُّوبَ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ، وَأَبُو خَيْثَمَةَ 988 - وَقَالَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ فَقَدْ كَفَرَ، فَيُقَالُ لَهُ: ارْجِعْ عَنِ الْكُفْرِ فَإِنْ فَعَلَ وَإِلَّا قُتِلَ بَعْدَ أَنْ يُؤَجِلَهُ الْوَالِي ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ " الحديث: 984 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 927 989 - حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ سَيَّارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ صَدَقَةَ بْنَ الْفَضْلِ، وَسُئِلَ، عَنْ تَارِكِ الصَّلَاةِ،؟ فَقَالَ: «كَافِرٌ» ، فَقَالَ لَهُ السَّائِلُ: أَتَبِينُ مِنْهُ امْرَأَتُهُ؟ فَقَالَ صَدَقَةُ: «وَأَيْنَ الْكُفْرُ مِنَ الطَّلَاقِ لَوْ أَنَّ رَجُلًا كَفَرَ لَمْ تُطَلَّقِ امْرَأَتُهُ» ، قِيلَ لَهُ: إِنَّ ابْنَ الْمُبَارَكِ رَوَى فِي أَحَادِيثَ: إِنَّ الِارْتِدَادَ تَطْلِيقَةٌ، فَقَالَ: «يَكْذِبُ فِي ذَلِكَ فَمَا صَحَّ فِيهِ شَيْءٌ» 990 - قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: سَمِعْتُ إِسْحَاقَ، يَقُولُ: قَدْ صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ تَارِكَ الصَّلَاةِ كَافِرٌ، وَكَذَلِكَ كَانَ رَأْيُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ لَدُنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى يَوْمِنَا هَذَا أَنَّ تَارِكَ الصَّلَاةِ عَمْدًا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ حَتَّى يَذْهَبَ وَقْتُهَا كَافِرٌ، وَذَهَابُ الْوَقْتِ أَنْ يُؤَخِّرَ الظُّهْرَ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ، وَالْمَغْرِبَ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ وَإِنَّمَا جَعَلَ آخِرَ أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ مَا وَصَفْنَا لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ بِعَرَفَةَ وَالْمُزْدَلِفَةَ وَفِي السَّفَرِ [ص: 930] فَصَلَّى إِحْدَاهُمَا فِي وَقْتِ الْأُخْرَى فَلَمَّا جَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأُولَى مِنْهُمْ وَقْتًا لِلْأُخْرَى فِي حَالٍ، وَالْأُخْرَى وَقْتًا لِلْأُولَى فِي حَالٍ صَارَ وَقْتَاهُمَا وَقْتًا وَاحِدًا فِي حَالِ الْعُذْرِ، كَمَا أُمِرَتِ الْحَائِضُ إِذَا طَهُرَتْ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ أَنْ تُصَلِّيَ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَإِذَا طَهُرَتْ آخِرَ اللَّيْلِ أَنْ تُصَلِّيَ الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ. 991 - قَالَ إِسْحَاقُ: وَمِمَّا أَجْمَعُوا عَلَى تَكْفِيرِهِ وَحَكَمُوا عَلَيْهِ كَمَا حَكَمُوا عَلَى الْجَاحِدِ فَالْمُؤْمِنُ الَّذِي آمَنَ بِاللَّهِ تَعَالَى وَمِمَّا جَاءَ مِنْ عِنْدِهِ ثُمَّ قَتَلَ نَبِيًّا أَوْ أَعَانَ عَلَى قَتْلِهِ وَإِنْ كَانَ مُقِرًّا، وَيَقُولُ: قَتْلُ الْأَنْبِيَاءِ مُحَرَّمٌ فَهُوَ كَافِرٌ، وَكَذَلِكَ مَنْ شَتَمَ نَبِيًّا أَوْ رَدَّ عَلَيْهِ قَوْلَهُ مِنْ غَيْرِ تَقِيَّةٍ وَلَا خَوْفٍ. 992 - أَلَا تَرَى إِلَى مَا جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أَعْطَى الْأَعْرَابِيَّ ثُمَّ قَالَ لَهُ: «أَحْسَنْتُ» قَالَ: وَلَا أَجْمَلْتَ فَغَضِبَ أَصْحَابُهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ حَتَّى هَمُّوا بِقَتْلِهِ فَأَشَارَ إِلَيْهِمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْكَفِّ، وَقَالَ لِلْأَعْرَابِيِّ: «تَأْتِينَا» فَجَاءَهُ فِي بَيْتِهِ فَأَعْطَاهُ وَزَادَهُ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: أَحْسَنْتَ قَالَ أَيْ [ص: 931] وَاللَّهِ، وَأَجْمَلْتَ فَجَزَاكَ اللَّهُ مِنْ أَهْلٍ وَعَشِيرَةٍ خَيْرًا، ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ: " إِنَّ مَثَلِي وَمَثَلَ هَذَا وَمَثَلَكُمْ كَمَثَلِ رَجُلٍ كَانَتْ لَهُ نَاقَةٌ فَشَرَدَتْ عَلَيْهِ فَأَتْبَعَهَا النَّاسَ فَلَمْ يَزِيدُوهَا إِلَّا نُفُورًا، فَقَالَ صَاحِبُ النَّاقَةِ: خَلُّوا بَيْنِي وَبَيْنَ نَاقَتِي فَأَنَا أَعْلَمُ بِهَا وَأَرْفَقُ، فَأَخَذَ مِنْ ثُمَامِ الْأَرْضِ شَيْئًا، ثُمَّ جَاءَهَا مِنْ بَيْنِ يَدَيْهَا فَجَعَلَ يَقُولُ لَهَا: هَوَى هَوَى فَجَاءَتْ فَاسْتَنَاخَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ فَشَدَّ عَلَيْهَا رَحْلَهَا وَاسْتَوَى عَلَيْهَا، وَإِنِّي لَوْ أَطَعْتُكُمْ حِينَ قَالَ هَذَا مَا قَالَ فَقَتَلْتُهُ دَخَلَ النَّارَ " قَالَ إِسْحَاقُ رَحِمَهُ اللَّهُ: أَخْبَرَنِي بِذَلِكَ عِدَّةٌ مِنْهُمْ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَكَمِ بْنِ أَبَانَ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ أَبَانَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ أَبَى هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 993 - قَالَ إِسْحَاقُ: فَفِي هَذَا تَصْدِيقُ مَا وَصَفْنَا أَنَّهُ يَكْفُرُ بِالرَّدِّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَكِنْ كُلُّ مَنْ كَانَ كُفْرُهُ مِنْ جِهَةِ الْجَهْلِ وَغَيْرِ الِاسْتِهَانَةِ رُفِقَ بِهِ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى مَا أَنْكَرَهُ كَمَا رَفَقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْأَعْرَابِيِّ [ص: 932] ، وَقَوْلُهُ لِأَصْحَابِهِ: «إِنِّي لَوْ قَتَلْتُهُ حِينَ قَالَ مَا قَالَ دَخَلَ النَّارَ» دَلَّ أَنَّ نَبْوَتَهُ عَلَى قَوْلِهِ يَصِيرُ بِهِ كَافِرًا، وَإِنَّ كُلَّ مَنْ كَفَرَ فَرُجُوعُهُ إِلَى الْإِيمَانِ فِيهِ عَنْ ذَلِكَ، وَلَا يُدْعَى فِي رُجُوعِهِ عَنْ كُفْرِهِ إِلَى الْإِقْرَارِ بِالْإِيمَانِ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ لَمْ يَكُنْ جَاحِدًا فَكَذَلِكَ تَارِكُ الصَّلَاةِ يُدْعَى إِلَى الصَّلَاةِ فَإِذَا نَدِمَ وَرَاجَعَ زَالَ عَنْهُ الْكُفْرُ. 994 - قَالَ إِسْحَاقُ: وَكُلُّ شَيْءٍ مِنَ الْوَقِيعَةِ فِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَوْ فِي شَيْءٍ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى أَنْبِيَائِهِ فَهُوَ كُفْرٌ يُخْرِجُهُ مِنْ إِيمَانِهِ، وَإِنْ كَانَ مُقِرًّا بِكُلِّ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى. 995 - قَالَ إِسْحَاقُ: وَلَقَدْ جَعَلُوا لِلصَّلَاةِ مِنْ بَيْنَ سَائِرِ الشَّرَائِعِ كَالْإِقْرَارِ بِالْإِيمَانِ لِمَنْ يُعْرَفُ إِقْرَارُهُ، وَذَلِكَ بِأَنَّهُمْ بِأَجْمَعِهِمْ قَالُوا: مَنْ عُرِفَ بِالْكُفْرِ ثُمَّ رَأَوْهُ مُصَلِّيًا الصَّلَاةَ فِي وَقْتِهَا حَتَّى صَلَّى صَلَوَاتٍ ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ يَعْلَمُوا مِنْهُ إِقْرَارًا بِاللِّسَانِ أَنَّهُ يُحْكَمُ لَهُ بِحُكْمِ الْإِيمَانِ، وَلَمْ يَحْكُمُوا لَهُ فِي صَوْمِ رَمَضَانَ، وَلَا فِي الزَّكَاةِ، وَلَا فِي الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ بِمِثْلِ ذَلِكَ فَمَنْ كَانَ مَوْقِعُ الصَّلَاةِ مِنْ بَيْنَ سَائِرِ الْفَرَائِضِ عِنْدَهُ كَذَلِكَ أَنْ يَصِيرَ الْكَافِرُ بِصَلَاتِهِ خَارِجًا مِنْ كُفْرِهِ وَلَمْ يَرَ الْمُؤْمِنُ بِتَرْكِهِ الصَّلَوَاتِ عُمْرَهُ كَافِرًا إِذَا لَمْ يَجْحَدْ بِهَا فَقَدْ أَخْطَأَ وَصَارَ نَاقِضًا لِقَوْلِهِ بِقَوْلِهِ. [ص: 933] 996 - قَالَ إِسْحَاقُ: وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَكُونُ عَلَيْكُمْ أَئِمَّةٌ يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ عَنْ مِيقَاتِهَا حَتَّى يَخْنُقُوهَا إِلَى شَرَقِ الْمَوْتَى فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ فَلْيُصَلِّ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا، وَيَجْعَلْ صَلَاتَهُ مَعَهُمْ سُبْحَةً. قَالُوا: لَوْ كَانَ الْقَوْمُ بِتَضْيِيعِهِمُ الْوَقْتَ كَافِرًا لَمْ يَجُزْ لِلْمُقْتَدِي أَنْ يَقْتَدِيَ بِهِمْ، وَإِنْ كَانَ مُتَطَوِّعًا إِذَا كَانَ الْإِمَامُ كَافِرًا. وَقَالُوا: هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّرْكَ الْجُحُودَ وَأَخْطَاءُوا التَّأْوِيلَ لِأَنَّ الْأَئِمَّةَ لَمْ يُؤَخِّرُوا الْجُمُعَةَ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ إِنَّمَا كَانُوا يُؤَخِّرُونَهَا عَنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ، وَيَقْرَءُونَ كُتُبَهُمْ وَيَدَّعُونَ فِي ذَلِكَ أَنَّهُمْ مَشْغُولُونَ بِأَمْرِ الْأُمَّةِ، وَأَنَّ ذَلِكَ عُذْرٌ لَهُمْ فَهُمْ مُتَأَوِّلُونَ وَلَيْسَ فِي تَأْخِيرِ الْأَئِمَّةِ الَّذِي وَصَفَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيَانٌ أَنَّهُمْ كَانُوا يُؤَخِّرُونَهَا إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ وَطُلُوعِ الْفَجْرِ إِنَّمَا كَانُوا يُؤَخِّرُونَهَا عَنِ الْوَقْتِ الَّذِي وَقَّتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ رَضِيَ اللَّهِ عَنْهُمْ وَلَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يُكَفِّرَ أَحَدًا بِتَرْكِ الصَّلَاةِ حَتَّى يَصِيرَ التَّرْكُ إِلَى مَا وَصَفْنَا مِنْ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَطُلُوعِ الْفَجْرِ لِأَنَّ مَا دُونَهُمَا مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَلَا يَجُوزُ التَّكْفِيرُ إِلَّا بِإِجْمَاعِ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى ذَهَابِ الْوَقْتِ. [ص: 934] 997 - قَالَ إِسْحَاقُ: وَاجْتَمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ إِبْلِيسَ إِنَّمَا تَرَكَ السُّجُودَ لِآدَمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لِأَنَّهُ كَانَ فِي نَفْسِهِ خَيْرًا مِنْ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَاسْتَكْبَرَ عَنِ السُّجُودِ لِآدَمَ فَقَالَ: {أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} [الأعراف: 12] . فَالنَّارُ أَقْوَى مِنَ الطِّينِ فَلَمْ يَشُكَّ إِبْلِيسُ فِي أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَمَرَهُ وَلَا جَحَدَ السُّجُودَ فَصَارَ كَافِرًا بِتَرْكِهِ أَمْرَ اللَّهِ تَعَالَى وَاسْتِنْكَافُهُ أَنْ يَذِلَّ لِآدَمَ بِالسُّجُودِ لَهُ، وَلَمْ يَكُنْ تَرْكُهُ اسْتِنْكَافًا عَنِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا جُحُودًا مِنْهُ لِأَمْرِهِ فَاقْتَاسَ قَوْمٌ تَرْكَ الصَّلَاةِ عَلَى هَذَا. قَالُوا: تَارِكُ السُّجُودِ لِلَّهِ تَعَالَى وَقَدِ افْتَرَضَهُ عَلَيْهِ عَمْدًا، وَإِنْ كَانَ مُقِرًّا بِوُجُوبِهِ أَعْظَمَ مَعْصِيَةٍ مِنْ إِبْلِيسَ فِي تَرْكِهِ السُّجُودَ لِآدَمَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى افْتَرَضَ الصَّلَوَاتِ عَلَى عِبَادِهِ اخْتَصَّهَا لِنَفْسِهِ فَأَمَرَهُمْ بِالْخُضُوعِ لَهُمْ بِهَا دُونَ خَلْقِهِ، فَتَارِكُ الصَّلَاةِ أَعْظَمُ مَعْصِيَةً، وَاسْتِهَانَةً مِنْ إِبْلِيسَ حِينَ تَرَكَ السُّجُودَ لِآدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَكَمَا وَقَعَتِ اسْتِهَانَةُ إِبْلِيسَ وَتَكَبُّرِهِ عَنِ السُّجُودِ لِآدَمَ مَوْقِعَ الْحُجَّةِ فَصَارَ بِذَلِكَ كَافِرًا، فَكَذَلِكَ تَارِكُ الصَّلَاةِ عَمْدًا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ حَتَّى يَذْهَبَ وَقْتُهَا كَافِرٌ. 998 - قَالَ إِسْحَاقُ: وَقَدْ كُفِيَ أَهْلُ الْعِلْمِ مُؤْنَةَ الْقِيَاسِ فِي هَذَا عَنْ مَا سَنَّ لَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْخُلَفَاءُ مِنْ بَعْدِهِ جَعَلُوا حُكْمَ تَارِكِ الصَّلَاةِ عَمْدًا حُكْمَ الْكَافِرِ. [ص: 935] 999 - قَالَ إِسْحَاقُ: وَلَقَدْ قَالَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: إِذَا تَرَكَ الرَّجُلُ الصَّلَاةَ مُتَعَمِّدًا حَتَّى يَذْهَبَ وَقْتُهَا لَمْ يَكُنْ كَافِرًا حَتَّى يَمُوتَ عَلَى تَرْكِهَا فَحِينَئِذٍ تَبَيَّنَ كُفْرُهُ لِأَنَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَسْجُدْ لِلَّهِ السَّجْدَةَ الَّتِي أَمَرَهُ بِهَا بَعْدَ تَرْكِهِ إِيَّاهَا، فَكَذَلِكَ تَارِكُ الصَّلَاةِ إِذَا ثَبَتَ عَلَى تَرْكِهَا حَتَّى يَمُوتَ. 1000 - قَالَ إِسْحَاقُ: وَهَذَا الْقَوْلُ قَرِيبٌ مِنْ قَوْلِ الطَّائِفَةِ الَّتِي رَأَتِ التَّرْكَ الْجَحْدَ، وَكَيْفَ يَتَرَبَّصُ بِشَيْءٍ يَكُونُ بِهِ كَافِرًا بَعْدَ زَمَانٍ وَلَا يَتَبَيَّنُ كُفْرُهُ إِلَّا بِمَوْتِهِ فَلَئِنْ كَانَ كَافِرًا بِتَرْكِهَا فَقَدْ كَفَرَ حِينَ تَرَكَهَا وَإِلَّا فَإِنَّ الْمَوْتَ لَا يُحَقِّقُ لِأَحَدٍ كُفْرًا وَلَا إِيمَانًا إِلَّا مَا تَقَدَّمَ مِنْ فِعْلِهِ. 1001 - قَالَ: وَيَلْزَمُ قَائِلُ هَذَا أَنْ قَادَ كَلَامَهُ قَوْلًا قَبِيحًا أَنْ يَقُولَ: إِنَّ إِبْلِيسَ لَوْ سَجَدَ السَّجْدَةَ الَّتِي تَرَكَهَا قَبْلَ أَنْ يَلْقَى اللَّهَ أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ مُؤْمِنًا مِنْ حِينِ تَرْكِ السُّجُودِ إِلَى أَنْ سَجَدَ وَنَدِمَ فَلَيْسَ هَذَا بِقَوْلٍ. 1002 - قَالَ إِسْحَاقُ: وَهَذَا إِنَّمَا احْتَجَّ كَنَحْوِ مَنْ رَأَى التَّرْكَ [ص: 936] الْجُحُودَ فَاحْتَجَّ لِنَفْسِهِ أَنَّ إِبْلِيسَ تَرَكَ السُّجُودَ لِآدَمَ تَكَبُّرًا عَنِ السُّجُودِ الَّذِي أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَالتَّكَبُّرِ عَنْ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى رَدٌّ عَلَى اللَّهِ فَمَنْ تَكَبَّرَ عَنْ أَمْرِ اللَّهِ وَصَغَّرَ فَقَدْ جَحَدَهُ فَإِنَّمَا يُكَفَّرُ تَارِكُ الصَّلَاةِ عَمْدًا إِذَا تَرَكَهَا عَلَى هَذِهِ الْجِهَةِ عَلَى التَّصْغِيرِ لِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَالتَّكَبُّرِ عَنْهُ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: قَدْ حَكَيْنَا مَقَالَةَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَكْفَرُوا تَارِكَ الصَّلَاةِ مُتَعَمِّدًا، وَحَكَيْنَا جُمْلَةَ مَا احْتَجُّوا بِهِ، وَهَذَا مَذْهَبُ جُمْهُورِ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ، وَقَدْ خَالَفَتْهُمْ جَمَاعَةٌ أُخْرَى عَنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ فَأَبَوْا أَنْ يُكَفِّرُوا تَارِكَ الصَّلَاةِ إِلَّا أَنْ يَتْرُكَهَا جُحُودًا، أَوْ إِبَاءً، وَاسْتِكْبَارًا، وَاسْتِنْكَافًا، وَمُعَانَدَةً فَحِينَئِذٍ يَكْفُرُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: تَارِكُ الصَّلَاةِ كَتَارِكِ سَائِرِ الْفَرَائِضِ عَنِ الزَّكَاةِ، وَصِيَامِ رَمَضَانَ، وَالْحَجِّ، وَقَالُوا: الْأَخْبَارُ الَّتِي جَاءَتْ فِي الْإِكْفَارِ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ نَظِيرُ الْأَخْبَارِ الَّتِي جَاءَتْ فِي الْإِكْفَارِ بِسَائِرِ الذُّنُوبِ نَحْوَ قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ» . « 1003 - وَلَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ» . [ص: 937] 1004 - وَقَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ أَبِيهِ فَقَدْ كَفَرَ» . وَقَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ أَشْرَكَ» . «وَالطِّيَرَةُ شِرْكٌ» . " 1006 - وَمَا قَالَ مُسْلِمٌ لِمُسْلِمٍ: كَافِرٌ إِلَّا بَاءَ بِهِ [ص: 938] أَحَدُهُمَا " وَمِمَّا أَشْبَهَ هَذِهِ الْأَخْبَارَ. قَالُوا: وَقَدْ وَافَقَنَا جَمَاعَةُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ عَلَى مَنِ ارْتَكَبَ بَعْضَ هَذِهِ الذُّنُوبِ لَا يَكُونُ كَافِرًا مُرْتَدًّا يَجِبُ اسْتِتَابَتِهِ وَقَتْلِهِ عَلَى الْكُفْرِ إِنْ لَمْ يَتُبْ، وَتَأَوَّلُوا لِهَذِهِ الْأَخْبَارِ تَأْوِيلَاتٍ اخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيلَاتِهَا. قَالُوا: وَكَذَلِكَ الْأَخْبَارُ الَّتِي جَاءَتْ فِي إِكْفَارِ تَارِكِ الصَّلَاةِ يَحْتَمِلُ مِنَ التَّأْوِيلِ مَا احْتَمَلَهُ سَائِرُ الْأَخْبَارِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا وَاحْتَجُّوا مَعَ هَذَا لِتَرْكِهِمُ الْإِكْفَارَ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ بِأَخْبَارٍ اسْتَدَلُّوا بِهَا عَلَى أَنَّ تَارِكَ الصَّلَاةِ حَتَّى يَذْهَبَ وَقْتُهَا لَا يَكْفُرُ إِذَا لَمْ يَتْرُكُهَا إِبَاءً، وَلَا جُحُودًا، وَلَا اسْتِكْبَارًا الحديث: 989 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 929 بَابُ ذِكْرِ الْأَخْبَارِ الَّتِي احْتَجَّتْ بِهِ هَذِهِ الطَّائِفَةُ الَّتِي لَمْ تُكَفِّرْ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 939 1007 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الضُّبَعِيُّ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّهُ سَيَكُونُ بَعْدِي أُمَرَاءُ يُمِيتُونَ الصَّلَاةَ فَصَلِّ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا فَإِنْ صَلَّيْتَ لِوَقْتِهَا كَانَتْ لَكَ نَافِلَةً، وَإِلَّا كُنْتَ قَدْ أَحْرَزْتَ صَلَاتَكَ» الحديث: 1007 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 939 1008 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ حِسَابٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا أَبَا ذَرٍّ كَيْفَ أَنْتَ؟ إِذَا كَانَتْ عَلَيْكَ أُمَرَاءُ يُمِيتُونَ الصَّلَاةَ» أَوْ قَالَ: «يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا» قُلْتُ: مَا تَأْمُرُنِي؟ قَالَ: «صَلِّ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا فَإِذَا أَدْرَكْتَهَا مَعَهُمْ فَصَلِّ فَإِنَّهَا لَكَ نَافِلَةٌ» الحديث: 1008 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 939 1009 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَرْحُومُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْقُرَشِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَلِّ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا فَإِنْ أَتَيْتَ الْقَوْمَ قَدْ صَلُّوا كُنْتَ قَدْ أَحْرَزْتَ صَلَاتَكَ، وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا صَلُّوا صَلَّيْتَ مَعَهُمْ وَكَانَتْ لَكَ نَافِلَةً» الحديث: 1009 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 940 1010 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا النَّضْرُ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الصَّامِتِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «صَلِّ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا فَإِنْ أَنْتَ أَتَيْتَ الْقَوْمَ وَقَدْ صَلُّوا كُنْتَ قَدْ أَحْرَزْتَ صَلَاتَكَ، وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا صَلُّوا صَلَّيْتَ مَعَهُمْ، وَكَانَتْ لَكَ نَافِلَةً» الحديث: 1010 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 940 1011 - وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ الْبَرَاءِ، قَالَ: أَخَّرَ ابْنُ زِيَادٍ الصَّلَاةَ فَجَاءَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الصَّامِتِ فَأَلْقَيْتُ لَهُ كُرْسِيًّا فَقَعَدَ عَلَيْهِ فَذَكَرْتُ لَهُ صَنِيعَ ابْنِ زِيَادٍ فَعَضَّ عَلَى شَفَتَيْهِ وَضَرَبَ عَلَى فَخِذِي ثُمَّ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا ذَرٍّ كَمَا سَأَلْتَنِي فَضَرَبَ عَلَى فَخْدِي كَمَا ضَرَبْتُ عَلَى فَخِذَكَ وَقَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا سَأَلْتَنِي فَضَرَبَ عَلَى فَخِذِي كَمَا ضَرَبْتُ عَلَى فَخِذَكَ وَقَالَ: «صَلِّ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا فَإِنْ أَتَيْتَ الْقَوْمَ وَقَدْ صَلُّوا فَقَدْ أَحْرَزْتَ صَلَاتَكَ، وَإِنْ لَمْ يُصَلُّوا صَلَّيْتَ مَعَهُمْ وَلَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ إِنِّي صَلَّيْتُ فَلَا أُصَلِّي» الحديث: 1011 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 941 1012 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، قَالَ: سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الصَّامِتِ عَنِ الْأُمَرَاءِ، إِذَا أَخَّرُوا الصَّلَاةَ فَضَرَبَ رُكْبَتِي وَقَالَ: سَأَلْتُ أَبَا ذَرٍّ عَنْ ذَلِكَ فَفَعَلَ بِي كَمَا فَعَلْتُ بِكَ، وَحَدَّثَنِي أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَفَعَلَ بِهِ كَمَا فَعَلَ ضَرَبَ رُكْبَتَهُ كَمَا ضَرَبَ رُكْبَتِي وَقَالَ: «صَلِّ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا فَإِنْ أَدْرَكْتَهَا مَعَهُمْ فَصَلِّ، وَلَا يَقُولَنَّ أَحَدُهُمْ إِنِّي قَدْ صَلَّيْتُ وَلَا أُصَلِّي» الحديث: 1012 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 942 1013 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ بُدَيْلِ بْنِ مَيْسَرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْعَالِيَةِ الْبَرَاءَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رَفَعَهُ قَالَ: ضَرَبَ فَخِذِي وَقَالَ: «كَيْفَ أَنْتَ إِذَا بَقِيتَ فِي قَوْمٍ يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا؟» ثُمَّ قَالَ: «صَلِّ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا ثُمَّ اخْرُجْ، وَإِنْ كُنْتَ فِي الْمَسْجِدِ فَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَصَلِّ مَعَهُمْ» الحديث: 1013 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 942 1014 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَعَلَّكُمْ سَتُدْرِكُونَ أَقْوَامًا يُصَلُّونَ الصَّلَاةَ لِغَيْرِ وَقْتِهَا فَإِذَا أَدْرَكْتُمُوهُمْ فَصَلُّوا فِي بُيُوتِكُمْ لِلْوَقْتِ الَّذِي تَعْرِفُونَ، ثُمَّ صَلُّوا مَعَهُمْ، وَاجْعَلُوهَا سُبْحَةً» الحديث: 1014 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 942 1015 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَعَلْقَمَةُ، عَلَى عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ: أَصَلَّى هَؤُلَاءِ؟ قُلْنَا: لَا، قَالَ: قُومُوا فَصَلُّوا فَصَلَّى بِنَا بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ، فَلَمَّا صَلَّى قَالَ: هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ فَعَلَ، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّهَا سَتَكُونُ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ يُمِيتُونَ الصَّلَاةَ يَخْنُقُونَهَا إِلَى شَرَقِ الْمَوْتَى فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَلْيُصَلِّ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا وَيَجْعَلْ صَلَاتَهُ مَعَهُمْ سُبْحَةً» الحديث: 1015 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 943 1016 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ «يُصَلِّي مَعَهُمْ إِذَا أَخَّرُوا عَنِ الْوَقْتِ قَلِيلًا يَعْنِي أَوَّلَ الْوَقْتِ وَيَرَى أَنَّ مَأْثَمَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ» الحديث: 1016 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 944 1017 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطِ الْقُرَشِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ الْأَوْدِيِّ، قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي وَجْهِ السَّحَرِ رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَافِعًا صَوْتَهُ بِالتَّكْبِيرِ صَلِيُّ الصَّوْتِ فَوَقَعَتْ [ص: 945] عَلَيْهِ مَحَبَّتِي فَلَزِمْتُهُ فَمَا فَارَقْتُهُ حَتَّى حَثَوْتُ عَلَيْهِ التُّرَابَ، ثُمَّ نَظَرْتُ إِلَى أَفْقَهِ النَّاسِ بَعْدَهُ فَأَتَيْتُهُ فَلَزِمْتُهُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّهَا سَيَكُونُ وُلَاةٌ أَوْ أُمَرَاءُ يُصَلُّونَ الصَّلَاةَ لِغَيْرِ مِيقَاتِهَا فَصَلُّوا الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا وَاجْعَلُوا صَلَاتَكُمْ مَعَهُمْ سُبْحَةً» الحديث: 1017 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 944 1018 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ، عَنْ أَبِي الْمُثَنَّى ابْنِ أُخْتِ، عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «سَتَكُونُ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ تَشْغَلُهُمْ أَشْيَاءُ عَنِ الصَّلَاةِ حَتَّى يَذْهَبَ وَقْتُهَا فَصَلُّوا الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا» فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنُصَلِّي مَعَهُمْ؟ قَالَ: «نَعَمْ» [ص: 946] 1019 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ، عَنْ أَبِي الْمُثَنَّى، عَنْ أَبِي أُبَيٍّ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ. 1020 - قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ، عَنْ أَبِي الْمُثَنَّى الْحِمْصِيِّ، عَنْ أَبِي أُبَيٍّ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ. قَالَ إِسْحَاقُ: وَرَوَاهُ عِدَّةٌ عَنْ أَبِي أُبَيٍّ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ فِيهِ عُبَادَةُ الحديث: 1018 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 945 1021 - قَالَ: وَحَدَّثَنَا بُنْدَارٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ، عَنْ أَبِي الْمُثَنَّى، عَنِ ابْنِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «سَيَكُونُ أُمَرَاءُ تَشْغَلُهُمْ أَشْيَاءُ يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا فَاجْعَلُوا صَلَاتَكُمْ مَعَهُمْ تَطَوُّعًا» الحديث: 1021 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 947 1022 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ، قَالَا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَاصِمٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " سَيَكُونُ أُمَرَاءُ بَعْدِي يُصَلُّونَ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا وَيُؤَخِّرُونَهَا عَنْ وَقْتِهَا فَصَلُّوهَا مَعَهُمْ فَإِنْ صَلُّوا لِوَقْتِهَا فَصَلَّيْتُمُوهَا مَعَهُمْ فَلَكُمْ وَلَهُمْ، وَإِنْ أَخَّرُوهَا عَنْ وَقْتِهَا فَصَلَّيْتُمُوهَا مَعَهُمْ فَلَكُمْ وَعَلَيْهِمْ، وَمَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ مَاتَ مَيْتَةً جَاهِلِيَّةً وَمَنْ نَكَثَ الْعَهْدَ فَمَاتَ نَاكِثًا لِلْعَهْدِ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا حُجَّةَ لَهُ قُلْتُ: مَنْ أَخْبَرَكَ هَذَا الْخَبَرَ؟ قَالَ: أَخْبَرَنِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ أَبِيهِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ يُخْبِرُهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا لَفْظُ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ الحديث: 1022 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 947 1023 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَاصِمُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «سَتَكُونُ أُمَرَاءُ بَعْدِي يُصَلُّونَ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا وَيُؤَخِّرُونَهَا عَنْ وَقْتِهَا فَصَلُّوهَا مَعَهُمْ، فَإِنْ صَلُّوا لِوَقْتِهَا فَصَلَّيْتُمُوهَا مَعَهُمْ فَلَكُمْ وَعَلَيْهِمْ، وَإِنْ أَخَّرُوهَا عَنْ وَقْتِهَا فَصَلَّيْتُمُوهَا مَعَهُمْ فَلَكُمْ وَعَلَيْهِمْ، وَمَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ مَاتَ مَيْتَةً جَاهِلِيَّةً، وَمَنْ نَكَثَ الْعَهْدَ فَمَاتَ نَاكِثًا لِلْعَهْدِ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا حُجَّةَ لَهُ» الحديث: 1023 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 948 1024 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الصَّغَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْمُسَيَّبِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ قُدَامَةَ بْنِ مُوسَى الْجُمَحِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ حَسَنِ بْنِ حُسَيْنٍ، وَبَشِيرٍ، مَوْلَى الْمَدَنِيِّينَ قَالَا: دَخَلْنَا عَلَى جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ: اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى أَوَّلِ مَنْ أَخَّرَ وَقْتَ الصَّلَاةِ، وَهَلْ تَدْرِيَانِ مَنْ هُوَ؟ قَالَا: لَا، قَالَ الْحَجَّاجُ: إِنِّي مُحَدِّثُكُمَا حَدِيثًا فَاكْتُمَاهُ عَنِّي فَإِذَا مُتُّ فَلْيَنْبِشُوا قَبْرِي، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّهُ سَيَكُونُ بَعْدِي أَئِمَّةٌ يُؤَخِّرُونَ وَقْتَ الصَّلَاةِ فَصَلُّوا الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا، وَاجْعَلُوا صَلَاتَكُمْ مَعَهُمْ سُبْحَةً» الحديث: 1024 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 948 1025 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْعَلَاءِ بْنِ الضَّحَّاكِ الزُّبَيْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ الْعَنْسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَاشِدُ بْنُ دَاوُدَ الصَّنْعَانِيُّ، عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ الرَّحَبِيِّ، عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «سَيَكُونُ مِنْ بَعْدِي أَئِمَّةٌ يُمِيتُونَ الصَّلَاةَ عَنْ مَوَاقِيتِهَا فَصَلُّوا الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا، وَاجْعَلُوا صَلَاتَكُمْ مَعَهُمْ سُبْحَةً» فَلَمَّا كَانَ الْحَجَّاجُ أَخَّرَ الصَّلَاةَ عَنْ مَوَاقِيتِهَا فَكُنْتُ أُصَلِّي الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا وَأَجْعَلُ صَلَاتِي مَعَهُ سُبْحَةً الحديث: 1025 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 949 1026 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ السُّلَمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ يَعْنِي ابْنَ عَمَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ جُمْهَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سَيَكُونُ أَئِمَّةٌ يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا فَصَلُّوا الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا، وَاجْعَلُوا صَلَاتَكُمْ مَعَهُمْ سُبْحَةً فَإِذَا أَنْتَ قَدْ أَدَّيْتَ الْفَرِيضَةَ كَانَتْ صَلَاتُكَ مَعَهُمْ سُبْحَةً» 1027 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا حُذَيْفَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبَى، كَثِيرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُمْهَانَ، عَنْ أَنَسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا الْحَدِيثِ الحديث: 1026 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 950 1028 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو هَاشِمٍ، صَاحِبُ الزَّعْفَرَانِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي صَالِحُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ وَقَّاصٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَكُونُ عَلَيْكُمُ الْأُمَرَاءُ يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ فَهِيَ لَكُمْ، وَهَيَ عَلَيْكُمْ فَصَلُّوا مَعَهُمْ مَا صَلُّوا بِكُمُ الْقِبْلَةَ» . قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَمِنَ الْأَخْبَارِ الَّتِي احْتَجُّوا بِهَا فِي امْتِنَاعِهِمْ مِنْ إِكْفَارِ تَارِكِ الصَّلَاةِ حَدِيثُ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الَّذِي الحديث: 1028 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 950 1029 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، أَخْبَرَهُ أَنَّ ابْنَ مُحَيْرِيزٍ الْقُرَشِيَّ ثُمَّ الْجُمَحِيَّ أَخْبَرَهُ وَكَانَ، يَسْكُنُ الشَّامَ وَقَدْ أَدْرَكَ مُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ الْمُخْدَجِيَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي كِنَانَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ [ص: 952] كَانَ بِالشَّامِ، وَكَانَ لَهُ صُحْبَةٌ يُكَنَّى أَبَا مُحَمَّدٍ سَمِعَهُ يَذْكُرُ أَنَّ الْوِتْرَ وَاجِبٌ، فَرَاحَ الْمُخْدَجِيُّ إِلَى عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ عُبَادَةُ: كَذِبَ أَبُو مُحَمَّدٍ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُنَّ اللَّهُ عَلَى الْعِبَادِ مَنْ أَتَى بِهِنَّ لَمْ يُضَيِّعْ مِنْ حَقِّهِنَّ شَيْئًا اسْتِحْقَاقًا بِحَقِّهِنَّ كَانَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، وَمَنْ لَمْ يَأْتِ بِهِنَّ جَاءَ وَلَيْسَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ» الحديث: 1029 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 951 1030 - حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْنٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ بْنِ قَيْسٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ، عَنِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ، أَنَّ رَجُلًا، مِنْ بَنِي كِنَانَةَ يُدْعَى الْمُخْدَجِيَّ سَمِعَ رَجُلًا، بِالشَّامِ يُدْعَى أَبَا مُحَمَّدٍ [ص: 953] يَقُولُ: إِنَّ الْوِتْرَ وَاجِبٌ، قَالَ الْمُخْدَجِيُّ: فَرُحْتُ إِلَى عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ فَأَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ، فَقَالَ عُبَادَةُ: كَذَبَ أَبُو مُحَمَّدٍ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُنَّ اللَّهُ عَلَى الْعِبَادِ فَمَنْ جَاءَ بِهِنَّ لَمْ يُضَيِّعْ مِنْهُنَّ شَيْئًا اسْتِخْفَافًا بِحَقِّهِنَّ كَانَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، وَمَنْ لَمْ يَأْتِ بِهِنَّ فَلَيْسَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ» الحديث: 1030 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 952 1031 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ الْقَارِئُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا زَائِدَةُ بْنُ قُدَامَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى الْمَازِنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ، عَنِ ابْنِ مُحَيْرِيزِ الْجُمَحِيِّ، قَالَ: قِيلَ لِعُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ: إِنَّ أَبَا مُحَمَّدٍ يَزْعُمُ أَنَّ الْوِتْرَ، وَاجِبٌ، فَقَالَ عُبَادَةُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُنَّ اللَّهُ عَلَى عِبَادِهِ فَمَنْ لَمْ يُضَيِّعْ مِنْهُنَّ شَيْئًا كَانَ عَلَى اللَّهِ عَهْدٌ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، وَإِنْ ضَيَّعَهُنَّ فَلَيْسَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ، وَإِنْ شَاءَ رَحِمَهُ» الحديث: 1031 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 953 1032 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَبِيبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَخِي، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ ابْنِ حِبَّانَ، عَنِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ، عَنِ الْمُخْدجِيِّ، وَكَانَ، قَدْ لَزِمَ عُبَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَتَّى أَنْزَلَهُ مَنْزِلَةَ الْعَبْدِ كَانَ يُسَافِرُ مَعَهُ إِذَا سَافَرَ وَيَخْرُجُ مَعَهُ إِذَا خَرَجَ، قَالَ: قَالَ عُبَادَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهَا اللَّهُ عَلَى عِبَادِهِ مَنْ جَاءَ بِهَا لَمْ يَتْرُكْهَا وَلَمْ يُضَيِّعْهَا اسْتِخْفَافًا بِهَا كَانَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، وَمَنْ لَمْ يَأْتِ بِهِنَّ لَمْ يَكُنْ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ» الحديث: 1032 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 954 1033 - حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ ابْنُ عَثْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي نُعَيْمٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ، عَنِ [ص: 955] ابْنِ مُحَيْرِيزٍ، عَنْ أَبِي رُفَيْعٍ، قَالَ: تَذَاكَرْنَا الْوِتْرَ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ يُكَنَّى أَبَا مُحَمَّدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ: الْوِتْرُ وَاجِبٌ، فَلَقِيتُ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: كَذِبَ أَبُو مُحَمَّدٍ أَشْهَدُ لَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُنَّ اللَّهُ عَلَى الْعِبَادِ مَنْ جَاءَ بِهِنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَمْ يُضَيِّعْ مِنْهُنَّ شَيْئًا اسْتِخْفَافًا بِحَقِّهِنَّ كَانَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، وَمَنْ لَمْ يَأْتِ بِهِنَّ لَمْ يَكُنْ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ، وَإِنْ شَاءَ رَحِمَهُ» الحديث: 1033 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 954 1034 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الصُّنَابِحِيّ، قَالَ: زَعَمَ أَبُو مُحَمَّدٍ أَنَّ الْوِتْرَ، وَاجِبٌ، فَقَالَ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ: كَذَبَ أَبُو مُحَمَّدٍ، أَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «خَمْسُ صَلَوَاتٍ افْتَرَضَهُنَّ اللَّهُ مَنْ أَحْسَنَ وضُوءَهُنَّ وَصَلَّاهُنَّ [ص: 956] لِوَقْتِهِنَّ وَأَتَمَّ رُكُوعَهُنَّ وَخُشُوعَهُنَّ كَانَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ أَنْ يَغْفِرَ لَهُ، وَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ جَاءَ وَلَيْسَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ إِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ، وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ» قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَاحْتَجُّوا بِهَذِهِ الْأَخْبَارِ وَجَعَلُوهَا مُعَارِضَةً لِتِلْكَ الْأَخْبَارِ الَّتِي جَاءَتْ فِي إِكْفَارِ تَارِكِ الصَّلَاةِ. قَالُوا: فَهَذِهِ الْأَخْبَارُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ تَارِكَ الصَّلَاةِ حَتَّى تُجَاوِزَ وَقْتَهَا غَيْرَ كَافِرٍ. قَالُوا: وَفِي اتِّفَاقِ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ التَّارِكَ لِلصَّلَاةِ حَتَّى خَرَجَ وَقْتُهَا مُتَعَمِّدًا يُعِيدُهَا قَضَاءً، مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِكَافِرٍ لِأَنَّ الْكَافِرَ لَا يُؤْمَرُ بِقَضَاءِ مَا تَرَكَ مِنَ الصَّلَاةِ فِي قَوْلِ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ. وَكَانَ مِمَّنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ مِنْ عُلَمَاءِ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَصْحَابُهُ أَبُو ثَوْرٍ وَغَيْرُهُ، وَأَبُو عُبَيْدٍ فِي مُوَافِقِيهِمْ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الحديث: 1034 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 955 1035 - وَقَدْ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأُوَيْسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ، يَتْرُكُ الصَّلَاةَ؟ قَالَ: «إِنْ كَانَ إِنَّمَا تَرَكَهَا أَنَّهُ ابْتَدَعَ دِينًا غَيْرَ دِينِ الْإِسْلَامِ قُتِلَ، وَإِنْ كَانَ إِنَّمَا هُوَ فَاسِقٌ ضُرِبَ ضَرْبًا مُبَرِّحًا وَسُجِنَ» قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: فَقَالَ مَنِ احْتَجَّ لِلطَّائِفَةِ الْأُولَى لَيْسَ فِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ الَّتِي احْتَجَجْتُمْ بِهَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ تَارِكَ الصَّلَاةِ عَمْدًا حَتَّى يَخْرُجَ وَقْتُهَا لَا يَكْفُرُ مُتَعَمِّدِينَ لِتَرْكِهَا حَتَّى يَذْهَبَ وَقْتُهَا، إِنَّمَا قَالَ فِي حَدِيثِ عُبَادَةَ: «يَكُونُ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ يَشْغَلُهُمْ أَشْيَاءُ عَنِ الصَّلَاةِ» فَإِنَّمَا أَخَّرُوهَا عَنِ الْوَقْتِ الَّذِي كَانَ تُصَلَّى فِيهِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ وَهُوَ الْوَقْتُ الَّذِي نَخْتَارُ فَكَانُوا يُؤَخِّرُونَهَا عَنْ وَقْتِ الِاخْتِيَارِ إِلَى وَقْتِ أَصْحَابِ الْعُذْرِ اشْتِغَالًا مِنْهُمْ بِقِرَاءَةِ الْكُتُبِ الَّتِي كَانُوا يَقْرَءُونَهَا، وَمَنْ نِيَّتُهُمْ أَنْ يُصَلُّوهَا إِذَا فَرَغُوا مِنْ قِرَاءَةِ الْكُتُبِ فَكَانَتْ قِرَاءَةُ الْكُتُبِ تَشْغَلُهُمْ حَتَّى يَصِيرُوا إِلَى آخِرِ وَقْتِ أَصْحَابِ الْعُذْرِ، وَلَعَلَّهُمْ كَانُوا لَا يَعْلَمُونَ أَنَّهُمْ لَا يَفْرُغُونَ مِنْ قِرَاءَةِ الْكُتُبِ إِلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ وَكَانُوا يَتَأَوَّلُونَ أَنَّ لَهُمْ فِي ذَلِكَ عُذْرًا لِأَنَّهُمْ مَشْغُولُونَ بِأُمُورِ الرَّعِيَّةِ كَمَا رُوِي عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ صَلَّى بِالنَّاسِ الْمَغْرِبَ فَلَمْ يَقْرَأْ فَأُخْبِرَ بِذَلِكَ [ص: 958] بَعْدَ أَنْ فَرَغَ مِنَ الصَّلَاةِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّهُ قَدْ تَرَكَ الْقِرَاءَةَ اشْتِغَالًا مِنْهُ بِالتَّفَكُّرِ فِي أَمْرِ الرَّعِيَّةِ الحديث: 1035 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 957 1036 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ صَلَّى الْمَغْرِبَ فَلَمْ يَقْرَأْ فَلَمَّا انْصَرَفَ قِيلَ لَهُ، قَالَ: إِذْ حَدَّثْتُ نَفْسِي وَأَنَا فِي الصَّلَاةِ بَعِيرًا جَهَّزْتُهَا مِنَ الْمَدِينَةِ فَلَمْ أَزَلْ أُنْزِلُهَا حَتَّى دَخَلَتِ الشَّامَ فَأَعَادَ الصَّلَاةَ، وَأَعَادَ الْقِرَاءَةَ " قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَكَانُوا لَا يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْ وَقْتِ أَصْحَابِ الْعُذْرِ كُلِّهِ، أَلَا تَرَى إِلَى حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «سَتَكُونُ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ يُمِيتُونَ الصَّلَاةَ يَخْنُقُونَهَا إِلَى شَرَقِ الْمَوْتَى، وَشَرَقُ الْمَوْتَى إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ» الحديث: 1036 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 958 1037 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «سَيَكُونُ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ يُمِيتُونَ صَلَاةَ الْعَصْرِ حَتَّى يُقَالَ شَرِقَ الْمَوْتَى وَصَلُّوهَا لِوَقْتِهَا» الحديث: 1037 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 958 1038 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «إِنَّكُمْ فِي زَمَانٍ قَلِيلٍ خُطَبَاؤُهُ كَثِيرٍ عُلَمَاؤُهُ يُطِيلُونَ الصَّلَاةَ وَيَقْصُرُونَ الْخُطْبَةَ وَسَيَأْتِي عَلَيْكُمْ زَمَانٌ كَثِيرٌ خُطَبَاؤُهُ قَلِيلٌ عُلَمَاؤُهُ يُطِيلُونَ الْخُطْبَةَ وَيُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ حَتَّى يُقَالَ هَذَا شَرَقُ الْمَوْتَى فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ فَلْيُصَلِّهَا لِوَقْتِهَا فَإِنِ احْتَبَسَ فَلْيُصَلِّ مَعَهُمْ وَيَجْعَلْ صَلَاتَهُ وَحْدَهُ الْفَرِيضَةَ وَصَلَاتَهُ مَعَهُمْ تَطَوُّعًا» الحديث: 1038 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 958 1039 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ النُّعْمَانِ، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فَوَجَدْتُهُ قَائِمًا يُصَلِّي الْعَصْرَ فِي بَيْتِهِ بَعْدَ الْوَقْتِ فِيمَا أَظُنُّ فَقُلْتُ: أَنْتَ ابْنُ خَيْرِ هَذِهِ الْأُمَّةِ مَا شَأْنُ صَلَاتِكَ الْعَصْرَ هَذِهِ السَّاعَةَ قَدْ أَخَّرْتَهَا عَنْ وَقْتِهَا فِيمَا أَرَى، فَقَالَ: أَتَدْرِي مَا وَقْتُ الصَّلَوَاتِ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: فَأَخْبِرْنِي، قُلْتُ: تُصَلِّي الْمَغْرِبَ حِينَ تَغِيبُ الشَّمْسُ إِلَى أَنْ يَغِيبَ الشَّفَقُ [ص: 960] وَتُصَلِّي الْعِشَاءَ حِينَ يَغِيبُ الشَّفَقُ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ الْأَوَّلِ وَتُصَلِّي الصُّبْحَ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَى أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَتُصَلِّي الظُّهْرَ حِينَ يَفِيءُ الْفَيْءُ إِلَى اعْتِدَالِ الظِّلِّ، وَتُصَلِّي الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ بَيْضَاءُ نَقِيَّةٌ، فَقَالَ الْحَسَنُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَجَعَلْتَ الصَّلَوَاتَ كُلَّهُنَّ وَقْتَيْنِ اثْنَيْنِ إِلَّا الصَّلَاةَ الْوُسْطَى وَقْتًا وَاحِدًا لَا يَكُونُ هَذَا أَبَدًا، فَقُلْتُ: وَاللَّهِ مَا عِنْدِي فِيهَا إِلَّا هَذَا فَهَاتِ أَنْتَ مَا عِنْدَكَ فِيهَا، فَقَالَ: نَعَمْ، وَالشَّمْسُ بَيْضَاءُ نَقِيَّةٌ، كَمَا قُلْتَ إِلَى شَرَقِ الْمَوْتَى، فَقُلْتُ: وَمَا يُدْرِينِي مَا شَرَقُ الْمَوْتَى؟ فَقَالَ: أَنَا أُخْبِرُكَ عَنْ ذَلِكَ أَلَمْ تَرَ حِينَ تَسْقُطُ الشَّمْسُ عَنِ الْجَدْرِ فَتَرَاهَا عَلَى الْقُبُورِ كَأَنَّهَا لُجَّةٌ فِي هَيْئَتِهَا فَإِنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا يَدْعُونَ تِلْكَ السَّاعَةَ شَرَقَ الْمَوْتَى " الحديث: 1039 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 959 1040 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَيَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ يَعْلَى، عَنْ طَلْقِ بْنِ حَبِيبٍ، قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ الرَّجُلَ لِيُصَلِّي الصَّلَاةَ وَمَا فَاتَهُ وَلَمَا فَاتَهُ مِنْ وَقْتِهَا أَفْضَلُ مِنْ أَهْلِهِ وَمَالِهِ» الحديث: 1040 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 960 1041 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ يَعْلَى، عَنْ طَلْقٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَّ الرَّجُلَ لِيُصَلِّيَ الصَّلَاةَ وَمَا فَاتَهُ وَلَمَا فَاتَهُ مِنْ وَقْتِهَا أَفْضَلُ مِنْ أَهْلِهِ وَمَالِهِ» [ص: 961] 1042 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَيَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ طَلْقِ بْنِ حَبِيبٍ، قَالَ: كَانَ يُقَالُ بِهَذَا الْحَدِيثِ الحديث: 1041 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 960 1043 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ الرَّجُلَ لِيُصَلِّيَ الصَّلَاةَ وَمَا فَاتَهُ مِنْ وَقْتِهَا خَيْرٌ مِنْ أَهْلِهِ وَمَالِهِ» الحديث: 1043 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 961 1044 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُرَشِيِّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الرَّجُلَ لِيُصَلِّي الصَّلَاةَ وَمَا فَاتَهُ مِنْ وَقْتِهَا خَيْرٌ مِنْ أَهْلِهِ وَمَالِهِ» الحديث: 1044 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 961 1045 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الرُّومِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ وَهُوَ ابْنُ عَمَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ أَبِي الْأَخْضَرِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي خِلَافَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَهُوَ خَبِيثُ النَّفْسِ فَقُلْتُ لَهُ: إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ اللَّهُ أَخَّرَكَ أَنْ تَكُونَ شَهِيدًا عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ، فَقَالَ: وَإِنِّي أَشْهَدُ الْآنَ أَنَّهُمْ قَدْ أَصْبَحُوا، أَوْ قَالَ: قَدْ أَمْسَوْا وَهُمْ مُخَالِفُونَ لِمَنْ كَانَ قَبْلَهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ يُصَلُّونَ وَفِي الصَّلَاةِ تَأْخِيرٌ " قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَمِنْ قَوْلِ أَصْحَابِ الرَّأْيِ أَنَّ آخِرَ وَقْتِ الْعَصْرِ اصْفِرَارُ الشَّمْسِ، وَيَكْرَهُونَ تَأْخِيرَهَا إِلَى اصْفِرَارِ الشَّمْسِ، وَيَقُولُونَ: إِذَا صَلَّاهَا بَعْدَ اصْفِرَارِ الشَّمْسِ قَبْلَ غُرُوبِهَا لَمْ يَفُتْهُ وَجَازَتْ صَلَاتُهُ، وَيُفَرِّقُونَ بَيْنَ عَصْرِ يَوْمِهِ وَعَصْرِ أَمْسِهِ، فَيَقُولُونَ: إِذَا نَسِيَ صَلَاتَهُ ثُمَّ ذَكَرَهَا بَعْدَ اصْفِرَارِ الشَّمْسِ قَبْلَ غُرُوبِهَا فَإِنَّهُ يُصَلِّيَهَا لِأَنَّهُ لَمْ يَفُتْهُ وَقْتُ الْعَصْرِ بَعْدُ، وَإِنْ نَسِيَ عَصْرَ أَمْسِهِ فَذَكَرَهَا [ص: 963] فِي الْغَدِ بَعْدَ اصْفِرَارِ الشَّمْسِ قَبْلَ غُرُوبِهَا لَمْ يُصَلِّهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لِأَنَّهُ قَدْ فَاتَهُ وَقْتُهَا فَلَا يَقْضِيَهَا إِلَّا فِي وَقْتٍ تَحِلُّ الصَّلَاةُ فِيهِ، وَأَمَّا عَصْرُ يَوْمِهِ فَإِنَّهُمْ يَكْرَهُونَ تَأْخِيرَهَا إِلَى اصْفِرَارِ الشَّمْسِ فَيَلْزَمُونَ الْإِسَاءَةَ فِي تَأْخِيرِهَا وَيُجِيزُونَ صَلَاتَهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَلَا يُفْسِدُونَهَا لِأَنَّهُ عِنْدَهُمْ فِي وَقْتِ الْعَصْرِ، وَمَا لَمْ تَغْرُبِ الشَّمْسُ فَيُقْرِعُونَ بَيْنَ أَوَّلِ الْوَقْتِ وَآخِرِهِ، وَكَذَلِكَ يَقُولُونَ وَقْتُ الْمَغْرِبِ مِنْ حِينِ تَغْرُبُ الشَّمْسُ إِلَى أَنْ يَغِيبَ الشَّفَقُ، وَيَكْرَهُونَ تَأْخِيرَهَا بَعْدَ غُرُوبِ الشَّفَقِ، وَيَقُولُونَ: وَقْتُ الْعِشَاءِ إِذَا غَابَ الشَّفَقُ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ، وَيَكْرَهُونَ تَأْخِيرَهَا بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ، وَيَقُولُونَ: إِنْ صَلَّاهَا بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ جَازَ ذَلِكَ، وَلَا يَفُوتُهُ الْوَقْتُ عِنْدَهُمْ مَا لَمْ يَطْلُعِ الْفَجْرُ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: فَهَذَا قَوْلُ مَنْ ذَهَبَ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْأُمَرَاءِ الَّذِينَ وَصَفَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُونُوا يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ حَتَّى يَخْرُجَ الْوَقْتُ كُلُّهُ، إِنَّمَا كَانُوا يُؤَخِّرُونَهَا عَنْ وَقْتِ الِاخْتِيَارِ وَهُوَ الْوَقْتُ الَّذِي كَانَ يُصَلَّى فِيهِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ، وَيُصَلُّونَ فِي آخِرِ وَقْتِ الْعُذْرِ، وَذَلِكَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، فَلِذَلِكَ لَمْ يُثْبِتُوا عَلَيْهِمُ الْكُفْرَ [ص: 964] . قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَفِيهِ قَوْلٌ آخَرُ، قَالَ بَعْضُهُمْ: لَوْ كَانَ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةُ تَرَكُوا الصَّلَاةَ مُتَعَمِّدِينَ لِتَرْكِهَا إِلَى أَنْ خَرَجَ وَقْتُهَا لَكَانُوا قَدْ كَفَرُوا، وَلَيْسَ فِي الْأَحَادِيثِ الَّتِي احْتَجَجْتُمْ بِهَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُمْ لَمْ يَكْفُرُوا لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُخْبِرْ ذَلِكَ إِنَّمَا ادَّعَيْتُمْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا لَيْسَ فِيهِ وَتَأَوَّلْتُمُوهُ عَلَى غَيْرِ تَأْوِيلِهِ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: أَلَيْسَ قَالَ: «فَصَلُّوا مَعَهُمْ وَاجْعَلُوا صَلَاتَكُمْ مَعَهُمْ سُبْحَةً» فَيَأْمُرُ بِالصَّلَاةِ خَلْفَ كَافِرٍ؟ قِيلَ لَهُ: لَمْ يَقُلْ بِالصَّلَاةِ خَلْفَ كَافِرٍ بَلْ إِنَّمَا أَمَرَ بِالصَّلَاةِ خَلْفَ مُسْلِمٍ لِأَنَّهُمْ فِي حَالِ صَلَاتِهِمْ مُسْلِمُونَ لَا كُفَّارٌ، لَأَنَّ الرَّجُلَ إِذَا كَفَرَ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ فَإِنَّمَا يُسْتَتَابُ مِنْ كُفْرِهِ بِأَنْ يُدْعَى إِلَى الصَّلَاةِ فَإِذَا رَجِعَ إِلَى الصَّلَاةِ فَصَلَّى كَانَ رَاجِعًا إِلَى الْإِسْلَامِ لِأَنَّ كُفْرَهُ كَانَ بِتَرْكِهَا فَإِسْلَامُهُ يَكُونُ بِإِقَامَتِهَا، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِالْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ بِمَا جَاءَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَعَالَى مِنَ الْفَرَائِضِ وَالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ ثُمَّ كَفَرَ بِشَرِيعَةٍ مِنَ الشَّرَائِعِ أَوِ اسْتِحْلَالِ بَعْضِ مَا حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى فَإِنَّمَا يُسْتَتَابُ مِنَ الْكُفْرِ بِالشَّرِيعَةِ الَّتِي كَفَرَ بِهَا، فَإِذَا أَقَرَّ بِهَا عَادَ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَلَا يُمْتَحَنُ بِغَيْرِ ذَلِكَ، وَلَا يُسْأَلُ عَنْ سِوَاهُ [ص: 965] . وَكَذَلِكَ إِنْ قَالَ: الْخَمْرُ حَلَالٌ أَوْ لَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَهُوَ مُقِرٌّ بِجَمِيعِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ تَعَالَى وَحَرَّمَ سِوَى الْخَمْرِ أَوِ الْخِنْزِيرِ فَإِنَّمَا يُسْتَتَابُ مِنَ الْبَابِ الَّذِي كَفَرَ مِنْهُ مِنْ إِحْلَالِهِ الْخَمْرَ وَالْخِنْزِيرَ فَقَطْ لِأَنَّهُ مُؤْمِنٌ بِمَا سِوَى ذَلِكَ. وَهَذَا بَابٌ قَدْ مَرَّ شَرْحُهُ فِيمَا مَضَى مِنَ الْكِتَابِ، وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا نَشَأَ فِي الْكُفْرِ فَأَتَى عَلَيْهِ ثَلَاثُونَ سَنَةً يُعْرَفُ بِذَلِكَ ثُمَّ جَاءَ إِلَى مَسْجِدٍ مِنْ مَسَاجِدِ الْمُسْلِمِينَ فَأَمَرَ رَجُلًا فَأَذَّنَ وَأَقَامَ ثُمَّ تَقَدَّمَ فَصَلَّى بِالنَّاسِ جَمَاعَةً طَوْعًا مِنْ غَيْرِ كُرْهٍ وَلَا تَقِيَّةٍ فَصَلُّوا بِصَلَاتِهِ جَازَتْ صَلَاتُهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ مِنْ إِظْهَارٍ لِلْإِسْلَامِ فَإِنْ هُوَ رَجَعَ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى الْكُفْرِ اسْتُتِيبَ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ فِي قَوْلِ جَمَاعَةٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ، فَالْأَمِيرُ الَّذِي قَدْ عُرِفَ بِالْإِسْلَامِ وَنَشَأَ عَلَيْهِ إِذَا حَضَرَ الْجُمُعَةَ فَأُذِّنَ لَهُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ خَطَبَ النَّاسَ، وَافْتِتَاحُ الْخُطْبَةِ إِنَّمَا يَكُونُ بِالتَّوْحِيدِ وَالشَّهَادَةِ لِلرَّسُولِ بِالرِّسَالَةِ، ثُمَّ إِذَا هُوَ أَطَالَ الْخُطْبَةَ وَاشْتَغَلَ بِقِرَاءَةِ الْكُتُبِ حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ وَلَمْ يُصَلِّ مُتَعَمِّدًا لِتَرْكِ الصَّلَاةِ قَاصِدًا لِذَلِكَ وَهُوَ ذَاكِرٌ لِلصَّلَاةِ فَقَدْ كَفَرَ فِي قَوْلِ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَكْفَرُوا بِتَرْكِ الصَّلَاةِ [ص: 966] عَلَى مَا حَكَيْنَا عَنْهُمْ، ثُمَّ إِذَا هُوَ بَعْدَ غَيْبُوبَةِ الشَّمْسِ أَمَرَ بِإِقَامَةِ الصَّلَاةِ ثُمَّ نَزَلَ فَصَلَّى بِالنَّاسِ الْجُمُعَةَ أَوِ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ أَوْلَى وَأَحَقُّ بِأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْهُ رُجُوعًا عَنِ الْكُفْرِ إِلَى الْإِسْلَامِ وَصَلَاةُ النَّاسِ خَلْفَهُ جَائِزَةٌ وَمَعَ مَا ذَكَرْنَاهُ فَإِنَّ تَعَمُّدِهِ لِتَرْكِ الصَّلَاةِ عَلَى مَا وَصَفْنَا لَا يَعْلَمُهُ مِنْهُ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى عَزَّ وَجَلَّ ثُمَّ هُوَ فِي نَفْسِهِ فَأَمَّا سَائِرُ النَّاسِ فَلَا يَعْلَمُونَهُ لِأَنَّ تَأْخِيرَهُ الصَّلَاةَ قَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ سَهْوًا مِنْهُ وَاشْتِغَالًا بِمَا هُوَ فِيهِ عَلَى التَّأْوِيلِ مِنْهُ فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ لَهُ مَا دَامَ فِي الْوَقْتِ فَيَخْرُجُ الْوَقْتُ وَهُوَ غَيْرُ قَاصِدٍ لِتَأْخِيرِهَا إِلَى ذَهَابِ الْوَقْتِ فَإِذَا كَانَ فِعْلًا مُحْتَمِلًا لِمَا ذَكَرْنَا فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُثْبِتَ عَلَيْهِ الْكُفْرَ بِالشَّكِّ الحديث: 1045 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 962 1046 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ الْهُجَيْمِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ عُبَيْدَ اللَّهِ، يُسْأَلُ عَنْ يَهُودِيٍّ، صَلَّى بِقَوْمٍ صَلَوَاتٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ فَرَآهُ بِصَلَاتِهِ بِهِمْ مُسْلِمًا فَإِنْ أَبَى اسْتُتِيبَ وَاحْتَجَّ فِي هَذَا بِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ صَلَّى صَلَاتَنَا» وَسُئِلَ عَنْ صَلَاتِهِ بِهِمْ وَهُوَ جُنُبٌ أَوْ غَيْرُ مُتَوَضِّئٍ فَرَأَى أَنَّ صَلَاتَهُمْ مَاضِيَةٌ " الحديث: 1046 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 966 1047 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَمْرٍو: نَصْرَانِيُّ صَحِبَ مُسْلِمَيْنِ فِي سَفَرٍ مُشْتَبِهًا بِالْمُسْلِمِينَ فِي هَيْئَةٍ، فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَصَلَّى مَعَهُمْ، ثُمَّ قَالَ: خِفْتُكُمْ عَلَى نَفْسِي وَمَالِي، فَقَالَ: «لَا قَتْلَ عَلَيْهِ» ، قُلْتُ لِأَبِي عَمْرٍو: فَإِنَّهُ لَمَّا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ أَذَّنَ وَأَقَامَ وَصَلَّى بِهِمْ فَقَرَأَ وَأَقَامَ سُنَّةَ الصَّلَاةِ فَلَمْ يَرَ عَلَيْهِ قَتْلًا لِتَقِيَّتِهِ عَلَى نَفْسِهِ، وَيُعِيدُونَ صَلَاتَهُمْ " 1048 - قَالَ: وَسَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ، مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ فَلَمْ يَرَ عَلَيْهِ قَتْلًا، وَقَالَ: يُعِيدُونَ صَلَاتَهُمْ. 1049 - وَسَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ، سَعِيدَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَقَالَ: أَذَانُهُ وَإِقَامَتُهُ وَصَلَاتُهُ بِهِمْ مِنْهُ إِسْلَامٌ وَيُسْتَتَابُ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ، قُلْتُ: فَكَيْفَ بِصَلَاتِهِمْ مَعَهُ؟ قَالَ: مَضَتْ صَلَاتُهُمْ 1050 - قَالَ الْوَلِيدُ: وَسَأَلْتُ اللَّيْثَ بْنَ سَعْدٍ فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَأَمَّا احْتِجَاجُهُمْ بِحَدِيثِ عُبَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «خَمْسُ صَلَوَاتٍ افْتَرَضَهُنَّ [ص: 968] اللَّهُ عَلَى عِبَادِهِ مَنْ أَتَى بِهِنَّ لَمْ يُضَيِّعْ مِنْ حَقِّهِنَّ شَيْئًا كَانَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ، وَمَنْ لَمْ يَأْتِ بِهِنَّ جَاءَ وَلَيْسَ عِنْدَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ» قَالُوا: فَقَدْ أَطْمَعَهُ فِي دُخُولِ الْجَنَّةِ، إِذَا هُوَ لَمْ يَأْتِ بِهِنَّ، وَلَوْ كَانَ كَافِرًا لَمْ يُطْمِعْهُ فِي دُخُولِ الْجَنَّةِ فَإنَّ قَوْلَهُ لَمْ يَأْتِ بِهِنَّ إِنَّمَا يَقَعُ مَعْنَاهُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِهِنَّ عَلَى الْكَمَالِ، إِنَّمَا أَتَى بِهِنَّ نَاقِصَاتٍ مِنْ حُقُوقِهِنَّ نُقْصَانًا لَا يُبْطِلُهُنَّ، وَلَمْ يَقُلْ ذَلِكَ. قُلْنَا: بَلْ رُوِّينَا مِنْ طُرُقٍ، عَنْ عُبَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مُفَسَّرًا الحديث: 1047 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 967 1051 - حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ النَّرْسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ، عَنِ ابْنِ مُحَيْرِيزِ الْجُمَحِيِّ، عَنِ الْمُخْدَجِيِّ، أَنَّهُ أَتَى عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ: يَا أَبَا الْوَلِيدِ إِنَّ أَبَا مُحَمَّدٍ يَزْعُمُ أَنَّ الْوِتْرَ، وَاجِبٌ، فَقَالَ: كَذَبَ أَبُو مُحَمَّدٍ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ جَاءَ بِالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ قَدْ أَكْمَلَهُنَّ لَمْ يَنْتَقِصْ مِنْ حَقِّهِنَّ شَيْئًا جَاءَ لَهُ وَعِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ أَنْ لَا يُعَذِّبُهُ، وَمَنْ جَاءَ بِهِنَّ وَقَدِ انْتَقَصَ مِنْ حَقِّهِنَّ شَيْئًا جَاءَ وَلَيْسَ لَهُ عِنْدَ [ص: 969] اللَّهِ عَهْدٌ إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ وَإِنْ شَاءَ رَحِمَهُ» قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: فَقَالَ مَنْ جَاءَ بِهِنَّ قَدِ انْتَقَصَ مِنْ حَقِّهِنَّ، فَأَخْبَرَ أَنَّهُ قَدْ أَتَى بِهِنَّ نَاقِصَاتٍ مِنْ حُقُوقِهِنَّ الحديث: 1051 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 968 1052 - وَكَذَلِكَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ، عَنِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ، عَنِ الْمُخْدَجِيِّ، قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ أَبَا مُحَمَّدٍ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ عَنِ الْوِتْرِ،؟ فَقَالَ: الْوِتْرُ وَاجِبٌ كَوُجُوبِ الصَّلَاةِ، فَأَتَى عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ: كَذَبَ أَبُو مُحَمَّدٍ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «خَمْسُ صَلَوَاتٍ افْتَرَضَهُنَّ اللَّهُ عَلَى عِبَادِهِ مَنْ جَاءَ بِهِنَّ لَمْ يَنْتَقِصْ مِنْهُنَّ شَيْئًا اسْتِخْفَافًا بِحَقِّهِنَّ فَإِنَّ اللَّهَ جَاعِلٌ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَهْدًا أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، وَمَنْ جَاءَ بِهِنَّ قَدِ انْتَقَصَ مِنْهُنَّ شَيْئًا اسْتِخْفَافًا بِحَقِّهِنَّ لَمْ يَكُنْ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ، وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ» الحديث: 1052 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 969 1053 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا النُّعْمَانُ، نَسَبُهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ، فَقَالَ [ص: 970] : ابْنُ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ، عَنْ أَبِيهِ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ، أَنَّهُ امْتَرَى رَجُلَانِ مِنَ الْأَنْصَارِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا: الْوِتْرُ بَعْدَ الْعِشَاءِ بِمَنْزِلَةِ الْفَرِيضَةِ، وَقَالَ الْآخَرُ: هُوَ سُنَّةٌ فَلَقِيَنَا عُبَادَةُ فَذَكَرْنَا لَهُ الَّذِي امْتَرَيْنَا فِيهِ فَقَالَ: أَشْهَدُ لَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «افْتَرَضَ اللَّهُ خَمْسَ صَلَوَاتٍ عَلَى خَلْقِهِ مَنْ أَدَّاهُنَّ كَمَا افْتَرَضَ عَلَيْهِ لَمْ يَنْتَقِصْ مِنْ حَقِّهِنَّ شَيْئًا اسْتِخْفَافًا بِهِ لَقِيَ اللَّهَ وَلَهُ عِنْدَهُ عَهْدٌ يُدْخِلُهُ بِهِ الْجَنَّةَ، وَمَنِ انْتَقَصَ مِنْ حَقِّهِنَّ شَيْئًا اسْتِخْفَافًا لَقِيَ اللَّهَ وَلَا عَهْدَ لَهُ إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ، وَلَكِنَّهَا سُنَّةٌ لَا يَنْبَغِي تَرْكُهَا» الحديث: 1053 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 969 1054 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَامِرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا زَمْعَةُ وَهُوَ ابْنُ صَالِحٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ، قَالَ: جَلَسْتُ إِلَى أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِمْ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ فَذَكَرُوا الْوِتْرَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ سُنَّةٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ وَاجِبٌ، فَقَالَ عُبَادَةُ: لَا أَدْرِي مَا تَقُولُ غَيْرَ أَنِّي أَشْهَدُ لَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " أَتَانِي جِبْرِيلُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَعَالَى وَقَالَ: إِنَّ رَبَّكَ أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ إِنِّي أَفْرَضْتُ عَلَى أُمَّتِكَ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فَمَنْ أَدَّاهُنَّ بِحُقُوقِهِنَّ وَطُهُورِهِنَّ، وَمَا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ فِيهِنَّ، فَإِنَّ لَهُ عَهْدًا أَنْ أُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، وَمَنِ انْتَقَصَ مِنْ حُقُوقِهِنَّ شَيْئًا فَلَا عَهْدَ لَهُ عَلَيَّ، إِنْ شِئْتُ عَذَّبْتُهُ، وَإِنْ شِئْتُ غَفَرْتُ لَهُ " الحديث: 1054 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 970 مِنْ حُقُوقِ الصَّلَاةِ وَآدَابِهَا قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: وَمِنْ حُقُوقِ الصَّلَاةِ: الطَّهَارَةُ مِنَ الْأَحْدَاثِ، وَطَهَارَةُ الثِّيَابِ الَّتِي تُصَلَّى فِيهَا، وَطَهَارَةُ الْبِقَاعِ الَّتِي تُصَلَّى عَلَيْهَا، وَالْمُحَافَظَةُ عَلَى مَوَاقِيتِهَا الَّتِي كَانَ يُحَافِظُ عَلَيْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَالْخُشُوعُ فِيهَا مِنْ تَرْكِ الِالْتِفَاتِ وَالْعَبَثِ، وَحَدِيثِ النَّفْسِ، وَتَرْكِ الْفِكْرَةِ فِيمَا لَيْسَ مِنْ أَمْرِ الصَّلَاةِ، وَإِحْضَارِ الْقَلْبِ وَاشْتِغَالِهِ بِمَا يَقْرَأُ وَيَقُولُ بِلِسَانِهِ وَإِتْمَامِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فَمَنْ أَتَى بِذَلِكَ كُلَّهُ كَامِلًا عَلَى مَا أُمِرَ بِهِ فَهُوَ الَّذِي لَهُ الْعَهْدُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى بِأَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، وَمَنْ أَتَى بِهِنَّ لَمْ يَتْرُكْهُنَّ وَقَدِ انْتَقَصَ مِنْ حُقُوقِهِنَّ شَيْئًا فَهُوَ الَّذِي لَا عَهْدَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ، فَهَذَا بَعِيدُ الشَّبَهِ مِنَ الَّذِي يَتْرُكُهَا أَصْلًا لَا يُصَلِّيَهَا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 971 1055 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ أَبِي فَرْوَةَ الْهَمْدَانِيِّ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، قَالَ: " تَذَاكَرْنَا الْجُمُعَةَ فَاجْتَمَعَ قُرَّاءُ أَهْلِ الْكُوفَةِ أَنْ يَدَعُوا الصَّلَاةَ مَعَ الْحَجَّاجِ لِأَنَّهُ كَانَ يُؤَخِّرُهَا حَتَّى كَادَتْ تَغِيبُ الشَّمْسُ فَتَذَاكَرُوا ذَلِكَ، وَهَمُّوا أَنْ يُجْمِعُوا عَلَيْهِ، فَقَالَ شَابٌّ مِنْهُمْ: مَا أَرَى أَنْ تَفْعَلُوا، مَا لِلْحَجَّاجِ تُصَلُّونَ إِنَّمَا تُصَلُّونَ لِلَّهِ تَعَالَى فَاجْتَمَعَ رَأْيُهُمْ عَلَى أَنْ يُصَلُّوا مَعَهُ " الحديث: 1055 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 971 1056 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ سَوَّارِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ صَبِرَةَ، أَنَّ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، تَحَدَّثَ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ عَلَيْنَا جَاءَتِ الْجُمُعَةُ فَجَمَعَ بِنَا فَمَا زَالَ يَخْطُبُ، وَيَقْرَأُ الْكُتُبَ حَتَّى مَضَى وَقْتُ الْجُمُعَةِ وَلَمْ يُصَلِّ، فَقَالَ الْقَاسِمُ: أَمَا قُمْتَ فَصَلَّيْتَ، قَالَ: لَا، وَاللَّهِ خَشِيتُ أَنْ يُقَالَ رَجُلٌ مِنْ آلِ عُمَرَ قَالَ: فَمَا صَلَّيْتَ قَاعِدًا قَالَ: لَا، وَاللَّهِ قَالَ: فَمَا أَوْمَأْتَ قَالَ: لَا " الحديث: 1056 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 972 1057 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: " كَانَ إِبْرَاهِيمُ وَأَصْحَابُنَا يَسْتَحِلُّونَ الْكَلَامَ فِي الْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُصَلُّونَ الظُّهْرَ قَبْلَ أَنْ يَأْتُوهُمْ قَالَ الْمُغِيرَةُ: وَكَانَ أَبُو وَائِلٍ يُصَلِّي الْأُولَى وَالْعَصْرَ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ الْجُمُعَةَ فِي إِمَارَةِ الْحَجَّاجِ لِأَنَّهُ كَانَ يُؤَخِّرُهَا " الحديث: 1057 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 973 1058 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حُسَيْنٌ الْجُعْفِيُّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحُرِّ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ أَبِي شَيْبَ، قَالَ: تَهَيَّأَتُ مَرَّةً فِي زَمَنِ الْحَجَّاجِ لِأَذْهَبَ إِلَى الْجُمُعَةِ فَمَرَّةً أَقُولُ: أَذْهَبُ وَمَرَّةً أَقُولُ لَا أَذْهَبُ فَنُودِيتُ مِنْ جَانِبِ الْبَيْتِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: 9] قَالَ: وَأَرَدْتُ مَرَّةً أَنْ أَكْتُبَ كِتَابًا فَذَكَرْتُ كَلِمَةً إِنْ كَتَبْتُهَا زَيَّنْتُ كِتَابِي وَأَكُونُ قَدْ كَذَبْتُ، وَإِنْ تَرَكْتُهَا قَبَّحْتُ كِتَابِي وَأَكُونُ قَدْ صَدَقْتُ فَأَجْمَعْتُ عَلَى تَرْكِهَا، فَنُودِيتُ مِنْ جَانِبِ الْبَيْتِ: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ} [إبراهيم: 27] الْآيَةَ " الحديث: 1058 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 973 1059 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الزِّبْرِقَانُ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي وَائِلٍ إِنَّ الْحَجَّاجَ يُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا؟ فَقَالَ: «صَلِّهَا فِي بَيْتِكَ ثُمَّ ائْتِ الْمَسْجِدَ وَلَا تَدَعْهَا» الحديث: 1059 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 974 1060 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ عَامِرِ بْنِ شَقِيقٍ، قَالَ: «كَانَ الْحَجَّاجُ يُؤَخِّرُ الْعَصْرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَكَانَ أَبُو وَائِلٍ يَأْمُرُنَا أَنْ نُصَلِّيَ فِي بُيُوتِنَا ثُمَّ نَأْتِي الْمَسْجِدَ» الحديث: 1060 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 974 1061 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، قَالَ: «كَانَ إِبْرَاهِيمُ، وَخَيْثَمَةُ يُصَلِّيَانِ الْعَصْرَ فِي بُيُوتِهِمَا ثُمَّ يَأْتِيَانِ الْحَجَّاجَ فَيُصَلِّيَانِ مَعَهُ» الحديث: 1061 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 974 1062 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ عَلِي الْأَزْدِيِّ، قَالَ: أَخَّرَ الْحَجَّاجُ الصَّلَاةَ يَوْمَ عَرَفَةَ فَصَلَّى ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي رَحْلِهِ فِي نَاسٍ ثُمَّ وَقَفَ فَأَمَرَ بِهِ الْحَجَّاجُ فَنَخَسَ بِهِ " الحديث: 1062 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 975 1063 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ يُصَلِّي مَعَ الْحَجَّاجِ وَكَانَ قَدْ خَرَجَ عَلَيْهِ " الحديث: 1063 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 975 1064 - حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ زِيَادٍ، قَالَ: لَمَّا كَانَ مِنْ قِتَالِ يَزِيدَ خَشِيتُ أَنْ أُوخَذَ فَفَرَرْتُ، وَتَنَكَّبْتُ حَلْقَةَ الْحَسَنِ مَخَافَةَ أَنْ أُوخَذَ فِيهَا، فَأَتَيْتُ مَنْزِلَهُ فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا سَعِيدٍ كَيْفَ هَذِهِ الْآيَةُ؟ قَالَ: أَيَّةُ آيَةٍ؟ قُلْتُ: قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَتَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: 62] إِلَى قَوْلِهِ: {لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} [المائدة: 63] قُلْتُ: يَا أَبَا سَعِيدٍ سَخِطَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى هَؤُلَاءِ لِقَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ، وَذَمَّ قُرَّاءَهَا حِينَ لَمْ يُنْهَوْا، فَقَالَ [ص: 976] : {لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} [المائدة: 63] فَقَالَ الْحَسَنُ: «يَا عِبَادَ اللَّهِ إِنَّ الْقَوْمَ عَرَّضُوا بِالسَّيْفِ فَحَالَ السَّيْفُ دُونَ الْكَلَامِ» ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا سَعِيدٍ فَهَلْ تَعْرِفُ لِمُتَكَلِّمٍ فَضْلًا؟ فَحَدَّثَ الْحَسَنُ بِحَدِيثَيْنِ بِحَدِيثٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَمْنَعَنَّ أَحَدُكُمْ رَهْبَةُ النَّاسِ أَنْ يَقُولَ بِحَقٍّ إِذَا رَآهُ أَوْ شَهِدَهُ فَإِنَّهُ لَا يُقَرِّبُ مِنْ أَجَلٍ، وَلَا يُبَاعِدُ مِنْ رِزْقٍ أَنْ يُقَالَ بِحَقٍّ» وَحَدَّثَ بِحَدِيثٍ آخَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يُذِلَّ نَفْسَهُ» قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا إِذْلَالُهُ لِنَفْسِهِ؟ قَالَ: «يَتَعَرَّضُ مِنَ الْبَلَاءِ مَا لَا يُطِيقُ» [ص: 977] قُلْتُ: يَا أَبَا سَعِيدٍ، يَزِيدُ الضَّبِّيُّ وَمَقَامُهُ وَكَلَامُهُ فَقَالَ الْحَسَنُ: " إِنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنَ السِّجْنِ حَتَّى نَدِمَ عَلَى مَقَالَتِهِ، فَقُمْتُ مِنْ مَجْلِسِي فَأَتَيْتُ يَزِيدَ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَقُلْتُ: إِنِّي كُنْتُ عِنْدَ الْحَسَنِ آنِفًا فَذَكَرْتُكَ لَهُ فَقَالَ الْحَسَنُ: فَقُلْتُ: نَعَمْ حَتَّى نَصَبْتُكَ لَهُ نَصْبًا قَالَ: فَمَا قَالَ؟ قُلْتُ: قَالَ: أَمَا إِنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنَ السِّجْنِ حَتَّى نَدِمَ عَلَى مَقَالَتِهِ، فَقَالَ يَزِيدُ: مَا نَدِمْتُ عَلَى مَقَالَتِي، وَأَيْمُ اللَّهِ لَقَدْ قُمْتُ مَقَامَاتٍ خَاطَرْتُ فِيهِ بِنَفْسِي وَمَا لَقِيتُ مِنْ إِخْوَانِي أَشَدُّ عَلَيَّ مِنْ مَقَامِي عِنْدِي، إِنَّ طَائِفَةً مِنْهُمْ قَالُوا: مُرَاءٍ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى: إِنِّي مَجْنُونٌ ثُمَّ حَدَّثَ يَزِيدُ فَقَالَ: أَتَيْتُ الْحَسَنَ فَقُلْتُ: يَا أَبَا سَعِيدٍ قَدْ غُلِبْنَا عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، وَعَلَى صَلَاتِنَا تُغْلَبُ؟ ثُمَّ قَالَ الْحَسَنُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ إِنَّكَ لَنْ تُضَيِّعَ شَيْئًا إِنَّمَا تُعَرِّضُ [ص: 978] نَفْسَكَ لَهُمْ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ مَرَّةً أُخْرَى فَقَالَ لِي مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ مَرَّةً أُخْرَى فَقَالَ لِي مِثْلَ ذَلِكَ، فَقُمْتُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْحَكَمُ بْنُ أَيُّوبَ يَخْطُبُ النَّاسَ وَكَانَ خَتَنَ الْحَجَّاجِ وَابْنَ عَمِّهِ، فَقُلْتُ: الصَّلَاةَ يَرْحَمُكَ اللَّهُ الصَّلَاةَ فَمَا عَدَا أَنْ تَكَلَّمْتُ جَاءُونِي يَعْدُونَ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ حَتَّى أَخَذُوا بِلِحْيَتِي وَرَأْسِي وَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ وَجْهِي وَصَدْرِي وَسَكَتَ الْحَكَمُ، وَجَاءُونِي وَفُتِحَ بَابُ الْمَقْصُورَةِ وَدَخَلْتُ وَقَدْ ضُرِبْتُ حَتَّى أَقَامُونِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ لِيَ الْحَكَمُ: أَمَجْنُونٌ أَنْتَ؟ قُلْتُ: أَصْلَحَ اللَّهُ الْأَمِيرَ مَا بِي جُنُونٌ، قَالَ: أَمَا كُنَّا فِي صَلَاةٍ؟ قُلْتُ: أَصْلَحَ اللَّهُ الْأَمِيرَ أَلَيْسَ أَفْضَلُ الْكَلَامِ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى؟ قَالَ: بَلَى، قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا صَلَّى الْغَدَاةَ ثُمَّ نَشَرَ مُصْحَفًا فَقَرَأَ حَتَّى يُمْسِي لَا يُصَلِّي بَيْنَ ذَلِكَ أَكَانَ ذَلِكَ قَاضِيًا عَنْهُ، فَقَالَ الْحَكَمُ: وَاللَّهِ إِنِّي لَأَحْسَبُكَ مَجْنُونًا، قَالَ: وَأَنَسٌ وَاللَّهِ لَجَنْبُ الْمِنْبَرِ جَالِسٌ عَلَى ذَقْتِهِ خِرْفَةٌ فَنَادَيْتُ يَا أَنَسُ يَا أَبَا حَمْزَةَ أُذَكِّرُكَ اللَّهَ فَإِنَّكَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، وَخَدَمْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبِحَقٍّ قُلْتُ أَمْ بِبَاطِلٍ أَبِمَعْرُوفٍ قُلْتُ أَمْ بِمُنْكَرٍ؟ فَوَاللَّهِ مَا أَجَابَنِي بِكَلِمَةٍ، قَالَ: يَقُولُ الْحَكَمُ: يَا أَنَسُ قَالَ: لَبَّيْكَ [ص: 979] أَصْلَحَكَ اللَّهُ قَالَ: وَقَدْ كَانَ ذَهَبَ مِيقَاتُ الصَّلَاةِ، قَالَ: يَقُولُ أَنَسٌ: قَدْ بَقِيَ مِنَ الشَّمْسِ بَقِيَّةٌ فَقَالَ: احْبِسَاهُ وَذُهِبَ بِي إِلَى السِّجْنِ وَجَاءَ إِخْوَانِي وَالنَّاسُ فَشَهِدُوا أَنِّي مَجْنُونٌ، فَكَتَبَ فِيَّ إِلَى الْحَجَّاجِ أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي ضَبَّةَ قَامَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَتَكَلَّمَ وَقَدْ شَهِدَتْ عِنْدِي الشُّهُودُ الْعُدُولُ أَنَّهُ مَجْنُونٌ، فَكَتَبَ الْحَجَّاجُ إِلَى الْحَكَمِ إِنْ كَانَتْ شَهِدَتْ عِنْدَكَ الْعُدُولُ أَنَّهُ مَجْنُونٌ فَخَلِّ سَبِيلَهُ، وَإِلَّا فَاقْطَعْ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ، وَاصْلُبْهُ، فَتُرِكْتُ فَمَكَثْتُ مَا شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، ثُمَّ مَاتَ أَخٌ لَنَا فَصَلَّيْنَا عَلَيْهِ، ثُمَّ جَلَسْنَا نَذْكُرُ اللَّهَ تَعَالَى فَلَا وَاللَّهِ مَا شَعَرَ إِلَّا نَوَاصِيَ الْخَيْلِ وَإِذَا الْحَكَمُ بْنُ أَيُّوبَ قَدِ اطَّلَعَ فِي الْخَيْلِ، فَلَمَّا رَأَوْا سَوَادَنَا تَوَجَّهُوا نَحْوَنَا فَهَرَبَ كُلُّهُمْ، وَتُرِكْتُ وَحْدِي، وَجَاءَ الْأَمِيرُ حَتَّى وَقَفَ عَلَيَّ فَقَالَ: مَا كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ؟ قُلْتُ: أَصْلَحَ اللَّهُ الْأَمِيرَ أَخُونَا هَذَا مَاتَ فَدَفَنَّاهُ، ثُمَّ قَعَدْنَا نَذْكُرُ مَعَادَنَا، وَنَذْكُرُ رَبَّنَا، وَنَذْكُرُ مَا صَارَ إِلَيْهِ أَخُونَا فَقَالَ: أَلَا فَرَرْتَ كَمَا فَرُّوا، قُلْتُ: أَصْلَحَ اللَّهُ الْأَمِيرَ مَا يَفِرُّ بِي أَنَا أَبْرَأُ مِنْ ذَلِكَ، وَآمَنُ لِلْأَمِيرِ مِنْ ذَاكَ، قَالَ: فَمَا رَأَيْتُهُ عَرَفَنِي، فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْمُهَلَّبِ وَهُوَ صَاحِبُ الْحَرْبَةِ أَصْلَحَ اللَّهُ الْأَمِيرَ أَتَدْرِي مَنْ هَذَا؟ قَالَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا الْمُتَكَلِّمُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، قَالَ: وَالْآنَ تَعُودَ تَعْرِضُ لِي إِنَّمَا [ص: 980] عَلَيَّ يَجْتَرِئُ خُذَاهُ فَأُخِذْتُ فَضَرَبَنِي أَرْبَعَ مئَةٍ حَتَّى مَا أَدْرِي مَتَى رَفَعَنِي وَلَا مَتَى ضَرَبَنِي وَهُوَ وَاقِفٌ ثُمَّ بَعَثَ بِي إِلَى الْحَجَّاجِ فَبَعَثَنِي إِلَى الْحَبْسِ فَمَا زِلْتُ فِي الْحَبْسِ حَتَّى مَاتَ الْحَجَّاجُ " قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: فَأَمَّا مَا احْتَجُّوا بِهِ مِنِ اتِّفَاقِ الْعَامَّةِ عَلَى أَنَّ تَارِكَ الصَّلَاةِ عَمْدًا أَنْ يُعِيدَهَا، فَقَالُوا: لَوْ كَانَ كَافِرًا لَمْ يُؤْمَرْ بِإِعَادَتِهَا لِأَنَّ الْكَافِرَ لَا يُؤْمَرُ بِقَضَاءِ مَا تَرَكَ مِنَ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ يُقَالُ لَهُمْ إِنَّ الْكَافِرَ الَّذِي أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يُؤْمَرُ بِقَضَاءِ مَا تَرَكَ مِنَ الصَّلَاةِ هُوَ الْكَافِرُ الَّذِي لَمْ يُسْلِمْ قَطُّ ثُمَّ أَسْلَمَ فَإِنَّهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءُ مَا تَرَكَ مِنَ الصَّلَاةِ فِي حَالِ كُفْرِهِ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ غَفَرَ لَهُ بِإِسْلَامِهِ مَا سَلَفَ مِنْهُ فِي كُفْرِهِ، فَأَمَّا مَنْ أَسْلَمَ ثُمَّ ارْتَدَّ إِلَى الْإِسْلَامِ ثُمَّ رَجَعَ فَإِنَّهُمْ قَدِ اخْتَلَفُوا فِيمَا ضَيَّعَ فِي ارْتِدَادِهِ مِنْ صَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ 1065 - فَكَانَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُوجِبُ عَلَيْهِ قَضَاءَ جَمِيعَ ذَلِكَ [ص: 981] حَكَى الْبَصْرِيُّونَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: وَإِنْ غُلِبَ عَلَى عَقْلِهِ فِي رِدَّتِهِ بِمَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ قَضَى الصَّلَاةَ فِي أَيَّامِ غَلَبَتِهَا عَلَى عَقْلِهِ، قَالَ: كَمَا يَقْضِيَهَا فِي أَيَّامِ عَقْلِهِ، قَالَ: فَإِنْ قِيلَ: فَلِمَ لَمْ تَجْعَلْهُ قِيَاسًا عَلَى الْمُشْرِكِ يَسْلَمُ فَلَا تَأْمُرْهُ بِإِعَادَةِ صَلَاةٍ قِيلَ: فَرَّقَ اللَّهُ تَعَالَى بَيْنَهُمَا فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: 38] . وَأَسْلَمَ رِجَالٌ فَلَمْ يَأْمُرْهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَضَاءِ صَلَاةٍ، وَمَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ، وَحَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى دِمَاءَ أَهْلِ الْكِتَابِ وَمَنَعَ أَمْوَالَهُمْ بِإِعْطَاءِ الْجِزْيَةِ، وَلَمْ يَكُنِ الْمُرْتَدُّ فِي هَذِهِ الْمَعَانِي، بَلْ أَحْبَطَ اللَّهُ تَعَالَى عَمَلَهُ بِالرِّدَّةِ، وَأَبَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ عَلَيْهِ الْقَتْلَ إِنْ لَمْ يَتُبْ بِمَا تَقَدَّمَ لَهُ مِنْ حُكْمِ الْإِيمَانِ، وَكَانَ مَالُ الْكَافِرِ غَيْرُ الْمُعَاهِدِ مَغْنُومًا بِحَالٍ، وَمَالُ الْمُرْتَدِّ مَوْقُوفًا لِيُغْنَمَ إِنْ مَاتَ عَلَى الرِّدَّةِ أَوْ يَكُونُ عَلَى مِلْكِهِ إِنْ تَابَ، وَمَالُ الْمُعَاهِدِ لَهُ عَاشَ أَوْ مَاتَ فَلَمْ يَجُزْ إِلَّا أَنْ يَقْضِيَ الصَّلَاةَ وَالصَّوْمَ وَالزَّكَاةَ كُلَّ مَا كَانَ يَلْزَمُ مُسْلِمًا لِأَنَّهُ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَفْعَلَ فَلَمْ تَكُنْ مَعْصِيَتُهُ بِالرِّدَّةِ تُخَفِّفُ عَنْهُ فَرْضًا كَانَ عَلَيْهِ [ص: 982] . فَإِنْ قِيلَ: وَكَيْفَ يَقْضِي وَهُوَ لَوْ صَلَّى فِي تِلْكَ الْحَالِ لَمْ يُقْبَلْ عَمَلُهُ؟ قِيلَ لَهُ: لِأَنَّهُ كَانَ لَوْ صَلَّى فِي تِلْكَ الْحَالِ صَلَّى عَلَى غَيْرِ مَا أُمِرَ بِهِ فَكَانَتْ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ إِذَا أَسْلَمَ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ صَلَّى قَبْلَ الْوَقْتِ وَهُوَ مُسْلِمٌ أَعَادَ، وَالْمُرْتَدُّ صَلَّى قَبْلَ الْوَقْتِ الَّتِي تَكُونُ الصَّلَاةُ مَكْتُوبَةٌ لَهُ فِيهِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَحْبَطَ عَمَلَهُ بِالرِّدَّةِ. فَإِنْ قِيلَ: مَا أَحْبَطَ مِنْ عَمَلِهِ؟ قِيلَ: أَجْرُ عَمَلِهِ لَا أَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ فَرْضًا أَدَّاهُ مِنْ صَلَاةٍ وَلَا صَوْمٍ وَلَا غَيْرِهِ، قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ لِأَنَّهُ أَدَّاهُ مُسْلِمًا. فَإِنْ قِيلَ: وَمَا يُشْبِهُ هَذَا؟ قِيلَ: أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ أَدَّى زَكَاةً كَانَتْ عَلَيْهِ أَوْ نَذْرًا نَذَرَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ إِذَا حَبِطَ أَجْرُهُ فِيهَا أَنْ يَبْطُلَ فَيَكُونُ كَمَا لَمْ يَكُنْ، أَوَ لَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ أُخِذَ مِنْهُ حَدًّا أَوْ قِصَاصًا ثُمَّ ارْتَدَّ ثُمَّ أَسْلَمَ لَمْ يُعِدْ عَلَيْهِ، وَكُلُّ هَذَا فَرْضٌ عَلَيْهِ، وَلَوْ حَبِطَ بِهَذَا الْمَعْنَى فَرْضٌ حَبِطَ كُلُّهُ [ص: 983] قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: فَاعْتَرَضَ مُعْتَرِضٌ مِمَّنْ يَنْتَحِلُ الشَّافِعِيَّ بِمُنَاقَضَةِ الشَّافِعِيِّ فِي هَذَا الْبَابِ فَقَالَ: الْمُرْتَدُّ فِي حَالِ رِدَّتِهِ لَوْ صَلَّى لَكَانَتْ صَلَاتُهُ غَيْرُ جَائِزَةٍ، وَإِذَا كَانَتِ الصَّلَاةُ فِي وَقْتِ الرِّدَّةِ غَيْرَ جَائِزَةٍ فَغَيَّرَ جَائِزٍ أَنْ تَجِبَ عَلَيْهِ إِعَادَتُهَا فِي الْوَقْتِ الثَّانِي بَعْدَ إِسْلَامِهِ. فَعَارَضَ هَذَا مُعَارِضٌ يَحْتَجُّ لِلشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَالَ: لَا حُجَّةَ لَكَ فِيمَا ذَكَرْتَ لِأَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ مَنْ كَانَ لَوْ صَلَّى فِي وَقْتٍ لَمْ يُجْزِهِ صَلَاتُهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاؤُهَا إِذَا هُوَ تَرَكَهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ جُنُبًا لَوْ صَلَّى وَهُوَ جُنُبٌ قَبْلَ أَنْ يَتَطَهَّرَ لَمْ يُجْزِهِ صَلَاتُهُ، وَلَوْ تَرَكَهَا فَلَمْ يُصَلِّهَا حَتَّى ذَهَبَ الْوَقْتُ سَاهِيًا أَوْ عَامِدًا ثُمَّ اعْتَقَلَ لَوَجَبَ عَلَيْهِ قَضَاؤُهَا، وَكَذَلِكَ الْمُحْدِثُ الَّذِي لَمْ يَتَوَضَّأْ، وَكَذَلِكَ الْمُرْتَدُّ فِي حَالِ رِدَّتِهِ لَا يُجْزِئُهُ صَلَاتُهُ حَتَّى يُسْلِمَ ثُمَّ يُصَلِّي كَمَا كَانَ الْجُنُبُ وَغَيْرُ الْمُتَوَضِّئِ لَا يُجْزِئُهُ صَلَاتُهُ فِي حَالِ حَدَثِهِ حَتَّى يَتَطَهَّرَ ثُمَّ يُصَلِّي فَإِنْ قَالَ: إِنَّ الْفَرْضَ عَلَى الْجُنُبِ أَنْ يَتَطَهَّرَ وَيُصَلِّي قِيلَ: وَكَذَلِكَ الْمُرْتَدُّ الْفَرْضُ عَلَيْهِ أَنْ يُسْلِمَ وَيُصَلِّي وَإِنْ صَلَّى قَبْلَ أَنْ يَسْلَمَ لَمْ تُجْزِهِ صَلَاتُهُ، كَمَا أَنَّ الْجُنُبَ [ص: 984] إِنْ صَلَّى قَبْلَ أَنْ يَغْتَسِلَ لَمْ تُجْزِهِ صَلَاتُهُ ثُمَّ قَالَ: الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَجِبُ إِعَادَتُهَا عَلَى الْمُرْتَدِّ إِذَا أَسْلَمَ أَنَّ الْمُرْتَدَّ فِي حَالِ رِدَّتِهِ كَافِرٌ، وَعَلَى الْكَافِرِ أَنْ يُسْلِمَ ثُمَّ يُصَلِّي وَإِذَا صَلَّى فِي حَالِ كُفْرِهِ لَمْ تُجْزِهِ صَلَاتُهُ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَهَذَا كَلَامٌ مُكَرَّرٌ قَدْ مَرَّ بَعْضُهُ فِيمَا مَضَى وَهُوَ أَنَّ عَلَى الْجُنُبِ أَنْ يَغْتَسِلَ ثُمَّ يُصَلِّي كَمَا كَانَ عَلَى الْكَافِرِ أَنْ يَسْلَمَ ثُمَّ يُصَلِّي ثُمَّ قَالَ: وَقَدْ أَسْلَمَ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ الْكُفْرِ فَلَمْ يَأْمُرْهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِعَادَةِ صَلَاةٍ سَلَفَتْ، قَالَ: فَكَذَلِكَ الْمُرْتَدُّ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ فَجَعَلَ الْمُرْتَدَّ قِيَاسًا عَلَى الْكَافِرِ الَّذِي لَمْ يُسْلِمْ قَطُّ، وَهُوَ يَزْعُمُ أَنَّ الْقِيَاسَ بَاطِلٌ لَا يَجُوزُ الْعَمَلُ بِهِ، وَفِي اقْتِيَاسِهِ الْمُرْتَدَّ عَلَى الَّذِي لَمْ يَسْلَمْ قَطُّ تَرْكٌ لِأَصْلِهِ وَخُرُوجٌ مِنْ مَذْهَبِهِ وَزَعَمَ أَنَّ الصَّلَاةَ فِي حَالِ الرِّدَّةِ غَيْرُ وَاجِبَةٍ فَغَيْرَ وَاجِبٍ أَنْ تُعَادَ بَعْدَ الْإِسْلَامِ فَقَوْلُهُ: إِنَّ الصَّلَاةَ غَيْرُ وَاجِبَةٍ عَلَى الْمُرْتَدِّ خِلَافُ مَا دَلَّ عَلَيْهِ كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَسُنَّةُ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخُرُوجٌ مِنَ الْمَعْقُولِ وَالنَّظَرِ [ص: 985] وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ إِذَا تَرَكَ الصَّلَاةَ وَسَائِرَ الْفَرَائِضِ جَاحِدًا لَهَا مُسْتَكْبِرًا عَنْهَا وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهَا حَقٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَصَرَّ عَلَى ذَلِكَ إِلَى أَنْ مَاتَ لَا يَكُونُ عَاصِيًا لِلَّهِ تَعَالَى فِي تَرْكِهِ الْفَرَائِضَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَلَا مَلُومًا وَلَا مَذْمُومًا وَلَا مُعَاقَبًا عَلَى ذَلِكَ بَلْ يَلْزَمُهُ أَنْ يَزْعُمَ أَنَّ ذَلِكَ مُبَاحٌ لَهُ إِذْ كَانَ غَيْرُ وَاجِبٍ عَلَيْهِ فَإِنْ زَعَمَ أَنَّهُ أَوَّلُ مَا يَتْرُكُ الصَّلَاةَ جَاحِدًا لَهَا كَافِرٌ عَاصٍ ثُمَّ إِذَا كَرَّرَ الْجُحُودَ بِهَا وَالتَّرْكَ لَهَا لَمْ يَكُنْ عَاصِيًا. قِيلَ لَهُ: وَكَيْفَ صَارَ التَّرْكُ الْأَوَّلُ وَالْجُحُودُ مَعْصِيَةً، وَالثَّانِي لَا مَعْصِيَةَ وَهُوَ مِثْلُ الْأَوَّلِ سَوَاءٌ تَرْكٌ كَتَرْكٍ، وَجُحُودٌ كَجُحُودٍ، وَالنَّهْيُ قَائِمٌ عَنْهُمَا جَمِيعًا، وَهُوَ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِ عَالِمٌ بِأَنَّ الصَّلَاةَ وَجَمِيعَ الْفَرَائِضِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَعَالَى قَدْ أَنْزَلَهَا اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ، وَجَاءَ بِهَا رَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ مُتَعَمِّدٌ لِلْكَذِبِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى عِنَادًا وَتَكَبُّرًا عَنْ قَبُولِ الْحَقِّ وَالْخُضُوعِ لَهُ. مَنْ زَعَمَ أَنَّ هَذَا غَيْرُ عَاصٍ لِلَّهِ تَعَالَى فِي تَرْكِهِ الْفَرَائِضَ تَكَبُّرًا، وَعُنُودًا، وَجُحُودًا خَشِيتُ أَنْ يَكُونَ مُنْسَلِخًا مِنَ الْإِسْلَامِ [ص: 986] وَلَعَلَّ هَذَا دِينٌ عَارَضَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِهَذِهِ الْعَارِضَةِ يُوهِمُ أَنَّ الشَّافِعِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ لَا يُوجِبُ الْفَرَائِضَ عَلَى الْكُفَّارِ، وَلَا يُلْزِمُهُمُ الْمَعْصِيَةَ فِي تَرْكِهَا وَالْعُقُوبَةَ فِي تَضْيِيعِهَا وَلَيْسَ هَذَا مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، بَلْ مَذْهَبُهُ أَنَّ الْفَرَائِضَ مِنَ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَغَيْرُهُمَا لَازِمَةٌ لِجَمِيعِ الْكُفَّارِ وَجَمِيعِ مَا حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَامٌ عَلَيْهِمْ وَهُمْ مُعَاقَبُونَ عَلَى تَرْكِهِمُ الْفَرَائِضَ، وَجُحُودِهِمْ إِيَّاهَا مُعَذَّبُونَ عَلَى اسْتِحْلَالِهِمْ مَا حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ الزِّنَا، وَقَتْلِ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ، وَشُرْبِ الْخَمْرِ، وَالدَّمِ، وَأَكَلِ الْمَيْتَةِ، وَالرِّبَا وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى. 1066 - حَكَى الْمِصْرِيُّونَ عَنِ الشَّافِعِيِّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا كَانَ لَكَ عَلَى نَصْرَانِيٍّ حَقٌّ مِنْ أَيِّ وَجْهٍ مَا كَانَ ثُمَّ قَضَاكَهُ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ تَعْلَمُهُ لَمْ يَحِلَّ لَكَ أَنْ تَأْخُذَهُ سَوَاءٌ ذَلِكَ فِيمَا قَضَاكَ أَوْ وَهَبَ لَكَ أَوْ أَطْعَمَكَ كَمَا لَوْ كَانَ لَكَ عَلَى مُسْلِمٍ حَقٌّ فَأَعْطَاكَ مِنْ مَالِ غَضَبِهِ أَوْ رِبًا أَوْ حَرَامٍ لَمْ يَحِلَّ لَكَ أَخْذُهُ وَإِذَا غَابَ عَنْكَ مَعْنَاهُ مِنَ النَّصْرَانِيِّ وَالْمُسْلِمِ فَكُلُّ مَا أَعْطَاكَ وَأَطْعَمَكَ أَوْ وَهَبَ لَكَ وَأَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ مِنْ حَلَالٍ وَحَرَامٍ وَسِعَكَ أَنْ تَأْخُذَهُ عَلَى أَنَّهُ حَلَالٌ حَتَّى تَعْلَمَ أَنَّهُ حَرَامٌ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَا أَعْطَاكَ مِنْ ذَلِكَ تَطَوُّعًا أَوْ بِحَقٍّ لَزِمَهُ. [ص: 987] 1067 - قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وَحَلَالُ اللَّهِ تَعَالَى لِجَمِيعِ خَلْقِهِ وَحَرَامُهُ عَلَيْهِمْ وَاحِدٌ قَالَ: فَالْخَمْرُ وَالْخِنْزِيرُ وَثَمَنُهُمَا مُحَرَّمٌ عَلَى النَّصْرَانِيِّ كَهُوَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ. وَقَالَ: فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: لِمَ لَا تَقُولُ: إِنَّ ثَمَنَ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ حَلَالٌ لِأَهْلِ الْكِتَابِ وَأَنْتَ لَا تَمْنَعُهُمْ مِنِ اتِّخَاذِهِ وَالتَّبَايُعِ بِهِ. قِيلَ: قَدْ أَعْلَمَنَا اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ فَكَيْفَ يَجُوزُ لِأَحَدٍ عَقَلَ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَزْعُمَ أَنَّهَا لَهُمْ حَلَالٌ، وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُمْ لَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ. فَإِنْ قَالَ: فَأَنْتَ تُقِرُّهُمْ عَلَيْهَا؟ قُلْتُ: نَعَمْ، وَعَلَى الشِّرْكِ بِاللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَذِنَ لَنَا أَنْ نُقِرَّهُمْ عَلَى الشِّرْكِ بِهِ وَاسْتِحْلَالِهِمْ شُرْبِهَا وَتَرْكِهِمْ دِينَ الْحَقِّ بِأَنْ نَأْخُذَ مِنْهُمُ الْجِزْيَةَ قُوَّةً لِأَهْلِ دِينِهِ، وَحُجَّةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ قَائِمَةٌ لَا مَخْرَجَ لَهُمْ مِنْهَا، وَلَا عُذْرَ لَهُمْ فِيهَا حَتَّى يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَيُحَرِّمُوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ [ص: 988] . قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيمَا يُؤَبِّخُ بِهِ الْكَافِرَ عَلَى كُفْرِهِ بِهِ وَتَرْكِهِ الصَّلَاةَ لَهُ وَسَائِرَ الْفَرَائِضِ: {فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى} [القيامة: 31] . {فَلَا صَدَّقَ} [القيامة: 31] لَا آمَنَ بِاللَّهِ تَعَالَى {وَلَا صَلَّى} [القيامة: 31] لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، {وَلَكِنْ كَذَّبَ} [القيامة: 32] بِاللَّهِ تَعَالَى وَبِكِتَابِهِ، {وَتَوَلَّى} [يوسف: 84] عَنْ طَاعَتِهِ مِنْ إِقَامَةِ الصَّلَاةِ وَسَائِرِ الْفَرَائِضِ، ثُمَّ أَوْعَدَهُ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ وَعِيدًا بَعْدَ وَعِيدٍ فَقَالَ تَعَالَى: {أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى} [القيامة: 34] ، وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} [مريم: 59] فَأَوْعَدَهُمْ وَعِيدًا غَلِيظًا عَلَى إِضَاعَتِهِمُ الصَّلَاةَ وَاتِّبَاعِهِمُ الشَّهَوَاتِ وَهُمْ كُفَّارٌ، وَالدَّلِيلُ عَلَى كُفْرِهِمْ قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا} [مريم: 60] قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: {تَابَ} [المائدة: 39] مِنَ الشِّرْكِ، {وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا} [مريم: 60] أَدَاءُ الْفَرَائِضِ وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيمَا حَكَى عَنِ الْكُفَّارِ أَنَّهُمْ سُئِلُوا بَعْدَ دُخُولِهِمُ النَّارَ {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ} [المدثر: 42] فَأَخْبَرُوا أَنَّهُمْ عُذِّبُوا عَلَى تَرْكِهِمُ الصَّلَاةَ، وَإِطْعَامِ الْمِسْكِينَ، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونُوا أَرَادُوا بِتَرْكِهِمْ إِطْعَامَ الْمِسْكِينِ مَنْعَهُمُ الزَّكَاةَ [ص: 989] . الدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} [فصلت: 6] . قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَأَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَى عِبَادِهِ خَمْسَ صَلَوَاتٍ لَمْ يَخُصَّ مُسْلِمًا مِنْهُمْ دُونَ كَافِرٍ، فَأَخْبَرَ أَنَّ الصَّلَوَاتِ مُفْتَرَضَاتٌ عَلَى جَمِيعِ الْعِبَادِ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: فَثَبَتَ بِالدَّلَائِلِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا أَنَّ الصَّلَاةَ وَجَمِيعَ الْفَرَائِضِ لَازِمَةٌ لِجَمِيعِ الْكُفَّارِ كَلُزُومِهَا الْمُسْلِمِينَ، وَكَذَلِكَ جَمِيعُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَهُوَ عَلَيْهِمْ حَرَامٌ فَإِذَا ارْتَدَّ الرَّجُلُ عَنِ الْإِسْلَامِ فَكَفَرَ بِاللَّهِ تَعَالَى وَرَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ تَرَكَ الصَّلَاةَ جَاحِدًا لَهَا مُتَكَبِّرًا عَنْهَا ازْدَادَ كُفْرًا إِلَى كُفْرِهِ، وَمَعْصِيَةً إِلَى مَعْصِيَتِهِ وَكَذَلِكَ جَمِيعُ الْفَرَائِضِ إِذَا تَرَكَهَا بَعْدَ الِارْتِدَادِ وَجُحُودًا وَاسْتِكْبَارًا ازْدَادَ كُفْرًا وَمَعْصِيَةً، وَكَذَلِكَ هُوَ فِي اسْتِحْلَالِهِ جَمِيعَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ قِبَلِ الْمُؤْمِنِينَ، وَاغْتِصَابِ أَمْوَالِهِمْ، وَالزِّنَا، وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَهُوَ يَزْدَادُ بِاسْتِحْلَالِ ذَلِكَ كُلِّهِ كُفْرًا إِلَى كُفْرِهِ، وَمَعْصِيَةً إِلَى مَعْصِيَتِهِ [ص: 990] . قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ} [التوبة: 124] . قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: فَإِذَا أَسْلَمَ الْكَافِرُ وَقَدْ تَرَكَ الصَّلَاةَ وَسَائِرَ الْفَرَائِضِ فِي كُفْرِهِ، ثُمَّ تَابَ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ وَآمَنَ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ قَضَاءُ شَيْءٍ مِمَّا تَرَكَ مِنَ الْفَرَائِضِ، وَلَمْ يُؤَاخَذْ بِشَيْءٍ مِمَّا ارْتَكَبَ مِنَ الْمَحَارِمِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ وَاجِبَةً عَلَيْهِ فِي كُفْرِهِ وَلَمْ يَكُنْ مُؤَاخَذًا بِمَا ضَيَّعَ مِنْهَا مُعَاقَبًا عَلَى مَا ارْتَكَبَ مِنَ الْمَحَارِمِ لَوْ مَاتَ عَلَى كُفْرِهِ، وَلَكِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ تَفَضَّلَ عَلَيْهِ بِالْإِيمَانِ، وَالتَّوْبَةِ فَغَفَرَ لَهُ ذُنُوبَهُ السَّالِفَةِ وَدَفَعَ عَنْهُ قَضَاءَ الْفَرَائِضِ الَّتِي تَرَكَهَا فِي كُفْرِهِ. قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: 38] . وَقَالَ تَعَالَى: {إِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} [طه: 82] [ص: 991] وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا} [الفرقان: 68] ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا} [الفرقان: 70] وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} [الزمر: 53] . يَعْنِي بِالْإِيمَانِ وَالتَّوْبَةِ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ} [الزمر: 54] وَجَاءَ الْخَبَرُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «الْإِسْلَامُ يَهْدِمُ مَا قَبْلَهُ» . قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَلَمْ يَخْتَلِفِ الْمُسْلِمُونَ فِي أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَأْمُرْ أَحَدًا مِنَ الْكُفَّارِ أَسْلَمَ بِقَضَاءِ شَيْءٍ مِنَ الْفَرَائِضِ، وَاتَّفَقَ عَلَى الْقَوْلِ بِذَلِكَ أَهْلُ الْفَتْوَى مِنْ عُلَمَاءِ [ص: 992] أَهْلِ الْإِسْلَامِ فَبِهَذِهِ الْحُجَجِ يَسْقُطُ قَضَاءُ الْفَرَائِضِ عَنْ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ الْكُفْرِ لَا لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ بِوَاجِبَةٍ عَلَيْهِمْ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ فَيَقُولُ: إِنَّ الْفَرَائِضَ عَلَى الْكُفَّارِ أَنْ يَأْتُوا بِالصَّلَاةِ وَسَائِرِ الْفَرَائِضِ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمُوا. قِيلَ لَهُ: هَذَا خَطَأٌ لِأَنَّ هَذَا يُوهِمُ أَنَّ لَهُمْ أَنْ يُؤَخِّرُوا الْإِسْلَامَ إِلَى أَنْ يَأْتُوا بِالْفَرَائِضِ، وَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْإِدْرَاكِ وَالْعَقْلِ أَنْ يُؤَخِّرَ الْإِسْلَامَ كَمَا قَدْ عُيِّنَ، وَلَكِنَّا نَقُولُ: الْفَرْضُ عَلَى الْكُفَّارِ أَنْ يُسْلِمُوا وَيُصَلُّوا وَيُؤَدُّوا الْفَرَائِضَ، وَيَجْتَنِبُوا الْمَحَارِمَ كُلَّهَا، وَيُقْدِمُوا عَلَى الْإِسْلَامِ قَبْلَ ذَلِكَ كُلِّهِ لِأَنَّ الْفَرَائِضَ وَجَمِيعَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ لَا تُقْبَلُ إِلَّا بِالْإِسْلَامِ فَإِنَّهُمُ امْتَنَعُوا مِنَ الْإِسْلَامِ، وَأَدَاءِ الْفَرَائِضِ وَارْتَكَبُوا الْمَحَارِمَ، وَمَاتُوا عَلَى ذَلِكَ فَهُمْ عُصَاةٌ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ مُعَاقَبُونَ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ. وَهَذَا كَمَا نَقُولُ: الْفَرْضُ عَلَى الْجُنُبِ وَغَيْرِ الْمُتَوَضِّئِ أَنْ يَتَطَهَّرَ وَيُصَلِّي وَلَوْ صَلَّى الْجُنُبُ قَبْلَ أَنْ يَتَطَهَّرَ لَمْ تُجْزِهِ صَلَاتُهُ لِأَنَّ الصَّلَاةَ لَا تُقْبَلُ إِلَّا بِطَهَارَةٍ، كَمَا أَنَّ الْكَافِرَ لَا تُقْبَلُ مِنْهُ الصَّلَاةُ إِلَّا بِإِسْلَامٍ وَطَهَارَةٍ فَإِنْ أَخَّرَ الْجُنُبُ الطَّهَارَةَ وَالصَّلَاةَ جَمِيعًا حَتَّى ذَهَبَ الْوَقْتُ ثُمَّ مَاتَ مُصِرًّا عَلَى ذَلِكَ مَاتَ عَاصِيًا فِي الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا مُسْتَوْجِبًا لِلْعُقُوبَةِ عَلَى تَرْكِهَا جَمِيعًا [ص: 993] . وَكَذَلِكَ الْكَافِرُ إِذَا أَخَّرَ الْإِسْلَامَ وَالَصَلَاةَ حَتَّى ذَهَبَ وَقْتُهَا ثُمَّ مَاتَ مُصِرًّا عَلَى ذَلِكَ. وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ: الْفَرْضُ عَلَى الْجُنُبِ أَنْ يُصَلِّيَ قَبْلَ أَنْ يَغْتَسِلَ كَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ: الْفَرْضُ عَلَى الْكَافِرِ أَنْ يُصَلِّيَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ لَكِنَّا نَقُولُ عَلَى هَذَا أَنْ يَتَطَهَّرَ وَيُصَلِّي وَعَلَى الْكَافِرِ أَنْ يُسْلِمَ وَيُصَلِّي. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَإِنَّمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء: 103] . وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {قُلْ لِعِبَادِي الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ} [إبراهيم: 31] . وَقَالَ جَلَّ وَعَلَا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} [البقرة: 183] فَأَوْجَبَ الصَّلَاةَ وَالصِّيَامَ وَسَائِرَ الْفَرَائِضِ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ. قِيلَ لَهُ: لَيْسَ فِي إِيجَابِهِ الصَّلَاةَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِسْقَاطٌ لَهَا عَنِ الْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ، وَلَكِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَضَعَ أَقْدَارَ الْكُفَّارَ عَنْ أَنْ يُخَاطِبَهُمْ بِإِيجَابِ الْفَرَائِضِ عَلَيْهِمْ بِاسْمِ الْكُفْرِ اسْتِصْغَارًا لَهُمْ وَوَضْعًا لِأَقْدَارِهِمْ، وَخَاطَبَ الْمُؤْمِنِينَ بِاسْمِ الْإِيمَانِ وَسَائِرِ الْفَرَائِضِ عَلَيْهِمْ بِاسْمِ الْإِيمَانِ [ص: 994] . وَدَلَّ عَلَى وُجُوبِ ذَلِكَ عَلَى الْكُفَّارِ بِمَا أَوْعَدَهُمْ عَلَى تَضْيِيعِهَا مِنَ الْعَذَابِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ} [النساء: 136] كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة: 6] . وَ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} [البقرة: 183] . فَلَمْ يَكُنْ فِي مُخَاطَبَتِهِ الْمُؤْمِنِينَ بِإِيجَابِ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ عَلَيْهِمْ إِسْقَاطُ الدَّعْوَةِ لِلْكُفَّارِ لِأَنَّهُ قَدْ دَلَّ عَلَى إِيجَابِ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ بِمَا هُوَ أَدَلُّ عَلَى الْوُجُوبِ مِنَ الْأَمْرِ وَهُوَ تَغْلِيظُ الْوَعِيدِ عَلَيْهِمْ بِإِيجَابِ تَخْلِيدِهِمُ النَّارَ لِتَرْكِهِمُ الْإِيمَانَ وَكُفْرِهِمْ بِاللَّهِ تَعَالَى. قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَعِيرًا} [الفتح: 13] وَلَوْ ذَهَبْنَا نَتْلُو الْآيَاتِ الَّتِي أَوْعَدَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهَا الْكُفَّارَ التَّخْلِيدَ فِي النَّارِ، وَآيَسَهُمْ مِنْ مَغْفِرَتِهِ وَرَحْمَتِهِ لَكَثُرَ الْكِتَابُ وَطَالَ، وَلَوْلَا أَنَّ الْمُسْلِمِينَ لَا اخْتِلَافَ بَيْنَهُمْ فِي ذَلِكَ لَتَكَلَّفْنَا تِلَاوَتَهَا وَقَدْ أَمَرَ رَسُولَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنْ يَأْمُرَهُمْ بِالْإِيمَانِ بِهِ تَعَالَى وَبِرَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاسْمِ النَّاسِ لَا بِاسْمِ [ص: 995] الْكُفَّارِ فَقَالَ تَعَالَى: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} [الأعراف: 158] إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ} [الأعراف: 158] . وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ لِأَهْلِ الْكِتَابِ مِنْهُمْ: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ} [المائدة: 68] . وَفِي التَّوْرَاةِ الْأَمْرَ بِإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَالصِّيَامِ وَسَائِرِ الْفَرَائِضِ وَتَحْرِيمِ الْمَحَارِمِ. وَقَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا} [الأحزاب: 70] وَ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ} [الحشر: 18] فَلَمْ يَكُنْ إِيجَابُهُ التَّقْوَى عَلَى الْمُؤْمِنِينَ بِمُسْقِطِ ذَلِكَ عَنِ الْكُفَّارِ بَلْ قَدْ أَوْجَبَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ بِاسْمِ النَّاسِ. وَقَالَ: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} [النساء: 1] وَقَالَ تَعَالَى: {وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ} [البقرة: 197] وَالتَّقْوَى مُنْتَظَمٌ لِأَدَاءِ الْفَرَائِضِ وَاجْتِنَابِ الْمَحَارِمِ كُلِّهَا [ص: 996] . وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} [النساء: 59] فَلَمْ يَكُنِ افْتِرَاضُهُ طَاعَتَهُ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا بِمُسْقِطِ طَاعَتِهِ عَنِ الْكُفَّارِ. فَكَذَلِكَ لَيْسَ فِي افْتِرَاضِهِ الصَّلَاةَ وَالصِّيَامَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ دَلِيلٌ عَلَى إِسْقَاطِهَا عَنِ الْكُفَّارِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: فَإِذَا تَرَكَ الرَّجُلُ صَلَاةً مُتَعَمِّدًا حَتَّى يَذْهَبَ وَقْتُهَا فَعَلَيْهِ قَضَاؤُهَا لَا نَعْلَمُ فِي ذَلِكَ اخْتِلَافًا إِلَّا مَا يُرْوَى عَنِ الْحَسَنِ، فَمَنْ أَكْفَرَهُ بِتَرْكِهَا اسْتَتَابَهُ وَجَعَلَ تَوْبَتَهُ وَقَضَاءَهُ إِيَّاهَا رُجُوعًا مِنْهُ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَمَنْ لَمْ يُكَفِّرْ تَارِكَهَا أَلْزَمَهُ الْمَعْصِيَةَ وَأَوْجَبَ عَلَيْهِ قَضَاءَهَا. 1068 - كَانَ إِسْحَاقُ يُكَفِّرُهُ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ عَلَى مَا حَكَيْنَا عَنْهُ وَيَرَى عَلَيْهِ الْقَضَاءَ إِذَا تَابَ. وَقَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ يَعْنِي ابْنَ أَبَى رِزْمَةَ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ أَنَّهُ شَهِدَهُ وَسَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ رَجُلٍ تَرَكَ صَلَاةَ أَيَّامٍ وَقَالَ: فَمَا صَنَعَ، قَالَ: نَدِمَ عَلَى مَا كَانَ مِنْهُ، فَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: لِيَقْضِي مَا تَرَكَ مِنَ الصَّلَاةِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيَّ فَقَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ هَذَا لَا يَسْتَقِيمُ عَلَى الْحَدِيثِ [ص: 997] . قَالَ إِسْحَاقُ: يَقُولُ الْقِيَاسُ عَلَى الْأَصْلِ أَنْ لَا يَقْضِي وَرُبَّمَا بَنَى عَلَى الْأَصْلِ، ثُمَّ يُوجَدُ فِي ذَلِكَ الشَّيْءِ نَفْسِهِ خِلَافُ الْبِنَاءِ فَمِنْ هَاهُنَا خَافَ ابْنُ الْمُبَارَكِ أَنْ يَقِيسَ أَمْرَ تَارِكِ الصَّلَاةِ فِي الْإِعَادَةِ عَلَى مَا جَاءَ أَنَّهُ كَفَرَ فَيَجْعَلَهُ كَالْمُشْرِكِ وَرَأَى أَحْكَامَ الْمُرْتَدِّينَ عَلَى غَيْرِ أَحْكَامِ الْكُفَّارِ رَأَى قَوْمٌ أَنْ يُوَرِّثُوا الْمُسْلِمِينَ مِنْ مِيرَاثِ الْمُرْتَدِّ فَأَخَذَ بِالِاحْتِيَاطِ فَرَأَى الْقَضَاءَ عَلَى تَارِكِ الصَّلَاةِ عَمْدًا وَكَانَ يُكَفِّرُهُ إِذَا تَرَكَهَا عَمْدًا حَتَّى يَذْهَبَ وَقْتُهَا وَإِنْ كَانَ مُقِرًّا بِهَا. قَالَ: أَخْبَرَنِي بِذَلِكَ سُفْيَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ. 1069 - قَالَ: وَهَكَذَا ذَكَرَ أَيْضًا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، إِذَا قَالَ: لَا أُصَلِّي الْعَصْرَ يَوْمِي هَذَا فَهُوَ أَكْفَرُ مِنَ الْحِمَارِ 1070 - حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ إِسْحَاقُ: وَلَقَدْ تَأَوَّلَ قَوْمٌ هَذَا الْقَوْلَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلَى غَيْرِ جِهَتِهِ قَالُوا: هَذَا رَدٌّ فَقُلْنَا لَهُمْ: فَالرَّادُّ لِلْفَرَائِضِ كُلِّهَا يَكْفُرُ؟ قَالُوا: نَعَمْ، قُلْنَا: فَرَجُلٌ قَالَ لَا أُزَكِّي مَالِي يَوْمِي هَذَا، وَقَدْ جَاءَ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ أَتُرَاهُ جَاحِدًا حَلَالَ الدَّمِ؟ فَقَالَ: لَا، فَهَذَا نَقْضٌ لِدَعْوَاهُ فِي الصَّلَاةِ. [ص: 998] 1071 - قَالَ إِسْحَاقُ: وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى إِعَادَةِ الصَّلَاةِ إِذَا تَابَ مَنْ تَرَكَهَا وَالِاحْتِيَاطِ فِي ذَلِكَ. فَأَمَّا مَنْ مَالَ إِلَى مَا قَالَ الْحَسَنُ: إِذَا تَرَكَ صَلَاةً مُتَعَمِّدًا لَا يَقْضِيَهَا فَهُوَ كَمَا قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: الْإِعَادَةُ لَا تَسْتَقِيمُ عَلَى الْحَدِيثِ ثُمَّ تَرَكَ الْقِيَاسَ فِي ذَلِكَ فَاحْتَاطَ فِي الْقَضَاءِ، وَقَالَ فِيهِ كَمَا قَالَ فِي النِّكَاحِ بِغَيْرِ وَلِيٍّ: إِنَّهُ فَاسِدٌ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا. 1072 - قَالَ سُفْيَانُ: فَقِيلَ لِابْنِ الْمُبَارَكِ أَيَتَوَارَثَانِ إِنْ مَاتَ أَوْ إِنْ طَلَّقَهَا يَقَعُ طَلَاقُهُ عَلَيْهَا؟ فَقَالَ: أَمَّا فِي الْقِيَاسِ فَلَا طَلَاقَ وَلَا مِيرَاثَ، وَلَكِنْ أَجْبُنُ. 1073 - قَالَ إِسْحَاقُ: وَهَكَذَا جَلَّ مَذْهَبُهُ فِي الْأَحْكَامِ: الِاحْتِيَاطُ إِذَا انْقَطَعَ الْأَصْلُ. 1074 - قَالَ إِسْحَاقُ: وَلَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: إِذَا ارْتَدَّ الرَّجُلُ عَنِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ أَسْلَمَ أَعَادَ كُلَّ صَلَاةٍ تَرَكَهَا فِي رِدَّتِهِ، وَكُلَّ زَكَاةٍ وَجَبَتْ عَلَيْهِ فِيهَا، وَلَا أَجْعَلُهُ كَالْمُشْرِكِ الَّذِي لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ إِذَا أَسْلَمَ لِأَنَّ الْمُشْرِكَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فِي شِرْكِهِ عِنْدَ نَفْسِهِ وَأَهْلِ دِينِهِ صَلَاةٌ وَلَا شَيْءَ مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى وَقَدْ أَسْلَمَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَحْكُمِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَضَاءِ مَا قَدْ مَضَى مِنَ الصَّلَاةِ، ثُمُّ إِجْمَاعُ الْأُمَّةِ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيمَنْ كَانَ مُسْلِمًا ثُمَّ ارْتَدَّ. [ص: 999] 1075 - قَالَ إِسْحَاقُ: وَحُجَّةُ مَنْ رَأَى الْمُرْتَدَّ قَضَاءُ فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّ ارْتِدَادَهُ مَعْصِيَةٌ وَمَنْ كَانَ فِي مَعْصِيَةٍ لَمْ يَجْعَلْ مِنَ الرُّخْصَةِ شَيْءٌ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ} [المائدة: 3] حَتَّى بَلَغَ: {إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} [الأنعام: 119] الحديث: 1064 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 975 حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: 1076 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: " مَنْ كَانَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى فَلَيْسَ لَهُ مِنَ الرُّخْصَةِ شَيْءٌ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة: 173] قَالَ مُجَاهِدٌ: «لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَتَرَخَّصَ فِي شَيْءٍ مِمَّا حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مُفَارِقًا لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ قَاطَعَ طَرِيقٍ، أَوْ خَارِجًا فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى إِذَا اضْطُرَّ إِلَيْهِ» الحديث: 1076 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 999 حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: 1077 - وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: " {غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ} [البقرة: 173] قَالَ: الْبَاغِي عَلَى النَّاسِ الْعَادِي عَلَيْهِمْ بِسَيْفِهِ " الحديث: 1077 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1000 1078 - قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَأَمَّا الْمَرْوِيُّ عَنِ الْحَسَنِ، فَإِنَّ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا قَالَ: حَدَّثَنَا النَّضْرُ، عَنِ الْأَشْعَثَ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: «إِذَا تَرَكَ الرَّجُلُ صَلَاةً وَاحِدَةً مُتَعَمِّدًا فَإِنَّهُ لَا يَقْضِيَهَا» قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَقَوْلُ الْحَسَنِ هَذَا يَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ كَانَ يُكَفِّرُهُ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ مُتَعَمِّدًا فَذَلِكَ لَمْ يَرَ عَلَيْهِ الْقَضَاءَ لِأَنَّ الْكَافِرَ لَا يُؤْمَرُ بِقَضَاءِ مَا تَرَكَ مِنَ الْفَرَائِضِ فِي كُفْرِهِ، وَالْمَعْنَى الثَّانِي أَنَّهُ إِنْ لَمْ يَكُنْ يُكَفِّرُهُ بِتَرْكِهَا فَإِنَّهُ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّمَا افْتَرَضَ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِالصَّلَاةِ فِي وَقْتٍ مَعْلُومٍ فَإِذَا تَرَكَهَا حَتَّى [ص: 1001] يَذْهَبَ وَقْتُهَا فَقَدْ لَزِمَتْهُ الْمَعْصِيَةُ لِتَرْكِهِ الْفَرْضَ فِي الْوَقْتِ الْمَأْمُورِ بِإِتْيَانِهِ بِهِ فِيهِ فَإِذَا أَتَى بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّمَا أَتَى بِهِ فِي وَقْتٍ لَمْ يُؤْمَرْ بِإِتْيَانِهِ بِهِ فِيهِ، فَلَا يَنْفَعُهُ أَنْ يَأْتِيَ بِغَيْرِ الْمَأْمُورِ بِهِ عَنِ الْمَأْمُورِ بِهِ. وَهَذَا الْقَوْلُ غَيْرُ مُسْتَنْكَرٍ فِي النَّظَرِ لَوْلَا أَنَّ الْعُلَمَاءَ قَدْ أَجْمَعَتْ عَلَى خِلَافِهِ. وَمَنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا قَالَ فِي النَّاسِي لِلصَّلَاةِ حَتَّى يَذْهَبَ وَقْتُهَا وَفَى النَّائِمِ أَيْضًا: إِنَّهُ لَوْ لَمْ يَأْتِ الْخَبَرُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا اسْتَيْقَظَ أَوْ ذَكَرَ» ، وَأَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَامَ عَنْ صَلَاةِ الْغَدَاةِ فَقَضَاهَا بَعْدَ ذَهَابِ الْوَقْتِ لِمَا وَجَبَ عَلَيْهِ فِي النَّظَرِ قَضَاؤُهَا أَيْضًا فَلَمَّا جَاءَ الْخَبَرُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ وَجَبَ عَلَيْهِ قَضَاؤُهَا وَبَطُلَ حَظُّ النَّظَرِ [ص: 1002] . قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَأَمَّا اقْتِيَاسُهُمْ تَرْكَ الصَّلَاةِ عَلَى تَرْكِ سَائِرِ الْفَرَائِضِ فَقَدْ ذَكَرْنَا فِي صَدْرِ كِتَابِنَا هَذَا الدَّلِيلَ عَلَى تَعْظِيمِ قَدْرِ الصَّلَاةِ وَمُبَايَنَتِهَا سَائِرَ الْأَعْمَالِ فِي الْفَضْلِ وَعِظَمِ الْقَدْرِ مَا فِيهِ كِفَايَةٌ، وَدَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ تُجْعَلَ قِيَاسًا عَلَى سَائِرِ الْفَرَائِضِ، وَمَنْ قَبِلَ أَنَّ الصَّلَاةَ لَمْ تَزَلْ مِفْتَاحَ شَرَائِعِ دِينِ الْإِسْلَامِ وَعَقْدَهُ لَا تَزُولُ عَنْهُ أَبَدًا لَمْ تَزَلْ مَقْرُونَةً بِالْإِيمَانِ فِي دِينِ الْمَلَائِكَةِ وَالْأَنْبِيَاءِ وَالْخَلْقِ أَجْمَعِينَ لَمْ يَكُنْ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ دِينٌ بِغَيْرِهَا قَطُّ، وَسَائِرُ الْفَرَائِضِ لَيْسَ كَذَلِكَ لَيْسَ عَلَى الْمَلَائِكَةِ زَكَاةٌ وَلَا صِيَامٌ وَلَا حَجٌّ، وَالصَّلَاةُ لَا تَسْقُطُ عَنْهُمْ، وَلَا يُزَايِلُ التَّوْحِيدَ فَهِيَ أَعَمُّ الشَّرَائِعِ فَرْضًا بِهَا يَفْتَتِحُ اللَّهُ ذِكْرَهَا وَبِهَا يَفْتَتِحُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْلَامَ الْإِيمَانِ أَيْنَمَا ذَكَرَهَا وَهِيَ أَخَصُّ الْفَرَائِضِ لُزُومًا لِلدَّاخِلِ فِي الْإِسْلَامِ وَأَشْهَرِهَا مَنَارًا لِلدِّينِ، وَمَعْلَمًا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ أَلَا تَرَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا غَزَا قَوْمًا لَمْ يَغْزُ عَلَيْهِمْ حَتَّى يُصْبِحَ فَإِنْ سَمِعَ أَذَانًا أَمْسَكَ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهُ أَغَارَ عَلَيْهِمْ [ص: 1003] وَكَذَلِكَ كَانَ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَفْعَلُ فَهِيَ أَشْهَرُ مَعَالِمِ التَّوْحِيدِ مَنَارًا بَيْنَ مِلَّةِ الْإِسْلَامِ وَمِلَّةِ الْكُفْرِ، لَنْ يَسْتَحِقَّ دِينَ الْإِسْلَامِ وَمُشَارَكَةَ أَهْلِ الْمِلَّةِ وَمُبَايَنَةَ مِلَّةِ الْكُفْرِ إِلَّا بِإِقَامَتِهَا، فَإِنْ تَرَكَتْهَا الْعَامَّةُ انْطَمَسَ مَنَارُ الدِّينِ كُلِّهِ فَلَا يَبْقَى لِلدِّينِ رَسْمٌ وَلَا عَلَمٌ يُعْرَفُ بِهِ، فَلَيْسَ تَعْطِيلُ مَا لَوْ تَرَكَتْهُ الْعَامَّةُ شَمِلَهُمْ تَعْطِيلُ الدِّينِ حَتَّى لَا يَبْقَى لَهُ رَسْمٌ كَتَرْكِ مَا لَا يَشْمَلُ الْعَامَّةَ فَالصَّلَاةُ شَامِلَةٌ لَهُمْ يَجْمَعُهُمْ إِقَامَتُهَا عَلَى مُبَايَنَةِ مِلَّةِ الْكُفْرِ شَهَّرَ اللَّهُ تَعَالَى أَمْرَهَا بِالنِّدَاءِ إِلَيْهَا وَالتَّجَمُّعِ فِيهَا عَلَى إِقَامَتِهَا، وَجَعَلَهَا الشَّرْعُ فِي الْمِلَّةِ فَمَنْ تَخَلَّى مِنْهَا فَمَا حَظُّهُ فِي الْإِسْلَامِ بِلَا مِصْدَاقٍ وَلَا عِلْمٍ تُحَقِّقُهُ بِهِ وَهُوَ كَمَا قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَا حَظَّ فِي الْإِسْلَامِ لِمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَا دِينَ لِمَنْ لَا صَلَاةَ لَهُ. وَكَذَلِكَ الرِّوَايَةُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمُ الصَّلَاةُ فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ» [ص: 1004] . وَأَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ مَا قَدْ تَلَوْنَاهُ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي صَدْرِ كِتَابِنَا مِنْ إِيعَادِهِ مُضَيِّعَ الصَّلَاةِ وَتَارِكِهَا الْوَعِيدَ الْغَلِيظَ الَّذِي لَمْ يَفْعَلْهُ بِمُضَيِّعِ سَائِرِ الْفَرَائِضِ نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} [مريم: 59] الحديث: 1078 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1000 حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: 1079 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عُمَارَةَ بْنِ أَبِي حَسَنٍ الْمَازِنِيِّ، أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رِجَالًا، مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْوَسْوَسَةِ الَّتِي يُوَسْوِسُهَا الشَّيْطَانُ فِي أَنْفُسِهِمْ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ شَيْئًا يَجِدُهُ أَحَدُنَا فِي نَفْسِهِ يَسْقُطُ عِنْدَنَا مِنَ الثُّرَيَّا أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَوَقَدْ وَجَدْتُمْ ذَلِكَ؟ ذَلِكُمْ صَرِيحُ الْإِيمَانِ، إِنَّ الشَّيْطَانَ يُرِيدُ الْعَبْدَ فِيمَا دُونَ ذَلِكَ فَإِذَا عُصِمَ مِنْهُ وَقَعَ فِيمَا هُنَالِكَ» [ص: 1005] 1080 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْكِنَانِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنِ ابْنِ أَخِي الزُّهْرِيِّ، قَالَ: قَالَ مُحَمَّدٌ: أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ عُمَارَةَ بْنِ أَبِي حَسَنٍ الْأَنْصَارِيُّ ثُمَّ الْمَازِنِيُّ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْوَسْوَسَةِ ثُمَّ ذَكَرَ بِمِثْلِ حَدِيثِ يَعْقُوبَ، وَزَادَ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَحَدَّثْتُ الْحَدِيثَ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ فَأَخْبَرَنِي أَنَّ أَبَا بَكْرٍ سَمِعَ ذَاكَ مِنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى: قُلْتُ أَنَا: هَذَا عِنْدَنَا كَأَنَّهُ يَقُولُ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ سَمِعَ ذَاكَ مِنْ يَحْيَى بْنِ عُمَارَةَ سَمِعَهُ مِنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّهُ ذَكَرَ أَبَا سَعِيدٍ وَكَانَ يَحْيَى بْنُ عُمَارَةَ عَامَّةَ رِوَايَتِهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَلَمْ يَسْمَعْ أَبُو بَكْرِ بْنُ حَزْمٍ مِنْ أَبَى سَعِيدٍ فَكَأَنَّ الْحَدِيثَ قَدْ صَارَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ عُمَارَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْحَدِيثُ مِنْ حَدِيثِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ وَابْنِ أَخِي الزُّهْرِيِّ جَمِيعًا عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ عُمَارَةَ مُطْلَقًا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ تَعَالَى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ [ص: 1006] الْمُشْرِكِينَ} [الروم: 31] فَبَيَّنَ أَنَّ عَلَامَةَ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ تَرْكُ إِقَامَةِ الصَّلَاةِ، وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ} [فاطر: 18] فَخَصَّ بِالْإِنْذَارِ أَهْلَ الصَّلَاةِ، وَأَبَانَ أَنَّ مَنْ لَمْ يُصَلِّ فَغَيْرَ نَاذِرٍ بِنَذْرِ اللَّهِ وَقَالَ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يُمَسَّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ} [الأعراف: 170] ، {وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ} [الشورى: 38] ، {وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} [الأنعام: 92] فَمَنْ يَزْعُمُ أَنَّ مَنْ لَمْ يُحَافِظْ عَلَى الصَّلَاةِ مُؤْمِنٌ فَقَدْ قَالَ بِخِلَافِ مَا قَدْ دَلَّ عَلَيْهِ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى. وَقَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [الحجر: 99] ، {وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ} [آل عمران: 43] ، {كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} [العلق: 19] ، {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: 2] {فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا} [النجم: 62] وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ إِفْرَادِ الصَّلَاةِ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الشَّرَائِعِ. وَفِي ذَلِكَ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ أَوْلَى الشَّرَائِعِ بِتَحْقِيقِ الْإِيمَانِ [ص: 1007] بَيَانًا بَيْنَ مِلَّةِ الْإِيمَانِ وَمِلَّةِ الْكُفْرِ. أَوَ لَا تَرَاهُ أَبَانَ أَنَّ أَهْلَ الْمَعَادِ إِلَى الْجَنَّةِ الْمُصَلِّينَ وَأَنَّ الْمُسْتَوْجِبِينَ لِلْإِيَاسَ مِنَ الْجَنَّةِ الْمُسْتَحِقِّينَ لِلتَّخْلِيدِ فِي النَّارِ مَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ بِإِخْبَارِهِ تَعَالَى عَنِ الْمُخَلَّدِينَ فِي النَّارِ حِينَ سُئِلُوا: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ} [المدثر: 42] الحديث: 1079 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1004 1081 - حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، وَقُلْتُ لَهُ: حَدَّثَكُمْ مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا صُرَدُ بْنُ أَبِي الْمَنَازِلِ، قَالَ: سَمِعْتُ حَبِيبَ بْنَ أَبِي فَضَالَةَ الْمَالِكِيَّ، قَالَ: لَمَّا بُنِيَ هَذَا الْمَسْجِدُ مَسْجِدُ الْجَامِعِ قَالَ: وَعِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ جَالِسٌ فَذَكَرُوا عِنْدَهُ الشَّفَاعَةَ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: يََا أَبَا نُجَيْدِ إِنَّكُمْ لَتُحَدِّثُونَا بِأَحَادِيثَ مَا نَجِدُ لَهَا أَصْلًا فِي الْقُرْآنِ فَغَضِبَ عِمْرَانُ وَقَالَ لِلرَّجُلِ: قَرَأْتَ الْقُرْآنَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَهَلْ وَجَدْتَ فِيهِ صَلَاةَ الْمَغْرِبِ ثَلَاثًا وَصَلَاةَ الْعِشَاءِ أَرْبَعًا وَالْغَدَاةَ رَكْعَتَيْنِ وَالْأُولَى أَرْبَعٌ وَالْعَصْرَ أَرْبَعًا قَالَ: لَا، قَالَ: فَمِمَّنْ أَخَدْتُمْ هَذَا الشَّأْنَ؟ أَلَسْتُمْ عَنَّا أَخَذْتُمُوهُ وَأَخَذْنَاهُ عَنْ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [ص: 1008] ، أَوَجَدْتُمْ فِي ذَلِكَ في أَرْبَعِينَ دِينَارًا دِينَارٌ، وَفِي كُلِّ كَذَا وَكَذَا شَاةٍ، وَكُلُّ كَذَا وَكَذَا بَعِيرٍ كَذَا أَوَجَدْتُمْ هَذَا فِي الْقُرْآنِ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَعَنْ مَنْ أَخَذْتُمْ هَذَا الشَّأْنَ؟ أَخَذْنَاهُ عَنْ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَخَذْتُمُوهُ عَنَّا هَلْ وَجَدْتُمْ فِي الْقُرْآنِ: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 29] وَجَدْتُمْ: طُوفُوا سَبْعًا وَارْكَعُوا رَكْعَتَيْنِ خَلْفَ الْمَقَامِ أَوَجَدْتُمْ هَذَا فِي الْقُرْآنِ؟ عَنْ مَنْ أَخَذْتُمُوهُ أَلَسْتُمْ أَخَذْتُمُوهُ عَنَّا وَأَخَذْنَاهُ عَنْ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: بَلَى، فَقَالَ: وَجَدْتُمْ فِي الْقُرْآنِ: لَا جَلْبَ، وَلَا جُنُبَ، وَلَا شِغَارَ فِي الْإِسْلَامِ؟ قَالَ: لَا، قَالَ عِمْرَانُ: فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا جَلْبَ، وَلَا جُنُبَ، وَلَا شِغَارَ فِي الْإِسْلَامِ» أَسَمِعْتُمُ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ لِأَقْوَامٍ فِي كِتَابِهِ: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ} [المدثر: 43] حَتَّى بَلَغَ: {فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ} [المدثر: 48] قَالَ حَبِيبٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: فَأَنَا سَمِعْتُ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: " الشَّفَاعَةُ نَافِعَةٌ دُونَ مَا يَسْمَعُونَ [ص: 1009] قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: أَفَلَا تَرَى أَنَّ تَارِكَ الصَّلَاةِ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ مِلَّةِ الْإِسْلَامِ الَّذِينَ يُرْجَى لَهُمُ الْخُرُوجُ مِنَ النَّارِ وَدُخُولُ الْجَنَّةِ بِشَفَاعَةِ الشَّافِعِينَ كَمَا قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ الَّذِي رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ وَأَبُو سَعِيدٍ جَمِيعًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ يُعْرَفُونَ بِآثَارِ السُّجُودِ فَقَدْ بَيَّنَ لَكَ أَنَّ الْمُسْتَحِقِّينَ لِلْخُرُوجِ مِنَ النَّارِ بِالشَّفَاعَةِ هُمُ الْمُصَلُّونَ [ص: 1010] . أَوَ لَا تَرَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَيَّزَ بَيْنَ أَهْلِ الْإِيمَانِ وَأَهْلِ النِّفَاقِ بِالسُّجُودِ فَقَالَ تَعَالَى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ} [القلم: 42] وَقَدْ ذَكَرْنَا الْأَخْبَارَ الْمَرْوِيَّةَ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ فِي صَدْرِ كِتَابِنَا، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ} [المرسلات: 48] ، {وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ} [الانشقاق: 21] . أَفَلَا تَرَاهُ جَعَلَ عَلَامَةَ مَا بَيْنَ مِلَّةِ الْكُفْرِ وَالْإِسْلَامِ وَبَيْنَ أَهْلِ النِّفَاقِ وَالْإِيمَانِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ الصَّلَاةَ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَمَعَ هَذَا كُلِّهِ فَقَدْ وَجَدْنَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَارًا مُفَسَّرَةً تُبَيِّنُ أَنَّ تَارِكَ الزَّكَاةِ وَالصِّيَامِ لَيْسَ كَافِرًا يَسْتَوْجِبُ الْخُلُودَ فِي النَّارِ الحديث: 1081 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1007 مِنْ ذَلِكَ مَا 1082 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُهَيْلٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَا مِنْ صَاحِبِ كَنْزٍ لَا يُؤَدِّي زَكَاتَهُ إِلَّا أُحْمِيَ عَلَيْهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَيُجْعَلَ صَفَائِحَ فَيُكْوَى بِهَا جَبِينُهُ وَجَنْبَاهُ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَ عِبَادِهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ [ص: 1011] مِمَّا تَعُدُّونَ، ثُمَّ يَرَى سَبِيلَهُ إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ وَإِمَّا إِلَى النَّارِ، وَمَا مِنْ صَاحِبِ غَنَمٍ لَا يُؤَدِّي زَكَاتَهَا إِلَّا بُطِحَ لَهَا بِقَاعٍ قَرْقَرٍ كَأَوْفَرِ مَا كَانَتْ فَتَطَؤُهُ بِأَظْلَافِهَا وَتَنْطَحُهُ بِقُرُونِهَا، لَيْسَ فِيهَا عَضْبَاءُ وَلَا جَلْحَاءُ كُلُّ مَا مَضَى عَلَيْهِ أُخْرَاهَا رُدَّتْ عَلَيْهِ أُولَاهَا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَ عِبَادِهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ ثُمَّ يَرَى وَيَرَى سَبِيلَهُ إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ وَإِمَّا إِلَى النَّارِ قَالَ سُهَيْلٌ مَرَّةً أُخْرَى: وَلَا أَدْرِي أَذَكَرَ الْبَقَرَ أَمْ لَا الحديث: 1082 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1010 1083 - قَرَأْتُ عَلَيْهِ، وَقُلْتُ: حَدَّثَكُمْ إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [ص: 1012] قَالَ: " مَا مِنْ رَجُلٍ لَا يُؤَدِّي زَكَاةَ مَالِهِ إِلَّا جُعِلَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَفَائِحُ مِنْ نَارٍ فَيُكْوَى بِهَا جَنْبُهُ وَجَبْهَتُهُ وَظَهْرُهُ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ ثُمَّ يَرَى سَبِيلَهُ وَإِنْ كَانَتْ إِبِلًا إِلَّا بُطِحَ لَهَا بِقَاعٍ قَرْقَرٍ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ تَطَؤُهُ بِأَخْفَافِهَا - حَسِبْتُهُ قَالَ: وَتَضَعُهُ بِأَفْوَاهِهَا - يُرَدُّ أَوَّلُهَا عَلَى آخِرِهَا حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ ثُمَّ يَرَى سَبِيلَهُ وَإِنْ كَانَتْ غَنَمًا فَمِثْلُ ذَلِكَ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: تَنْطَحُهُ بِقُرُونِهَا وَتَطَؤُهُ بِأَظْلَافِهَا " الحديث: 1083 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1011 1084 - قَرَأْتُ عَلَيْهِ وَقُلْتُ: حَدَّثَكُمْ يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا مِنْ صَاحِبِ ذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ لَا يُؤَدِّي حَقَّهَا إِلَّا جُعِلَتْ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَفَائِحُ ثُمَّ أُحْمِيَ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ تُكْوَى بِهَا جَنْبَاهُ وَجَبْهَتُهُ وَظَهْرُهُ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ فَيَرَى سَبِيلَهُ إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ [ص: 1013] وَإِمَّا إِلَى النَّارِ، وَمَا مِنْ صَاحِبِ إِبِلٍ لَا يُؤَدِّي حَقَّهَا وَمِنْ حَقِّهَا حَلْبُهَا يَوْمَ وِرْدِهَا إِلَّا أَتَى بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُفْقَدُ مِنْهَا فَصِيلًا يَوْمَ وِرْدِهَا إِلَّا بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُفْقَدُ مِنْهَا فَصِيلًا وَاحِدًا ثُمَّ يُبْطَحُ لَهَا بِقَاعٍ قَرْقَرٍ تَطَؤُهُ بِأَخْفَافِهَا وَتَقْرِضُهُ بِأَفْوَاهِهَا كُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ أُخْرَاهَا كَرَّ عَلَيْهِ أُولَاهَا فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ فَيَرَى سَبِيلَهُ إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ وَإِمَّا إِلَى النَّارِ، وَمَا مِنْ صَاحِبِ بَقَرٍ وَلَا غَنَمٍ لَا يُؤَدِّي حَقَّهَا إِلَّا أُتِي بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَبُطِحَ لَهَا بِقَاعٍ قَرْقَرٍ لَيْسَ فِيهَا عَضْبَاءُ، وَلَا عَقْصَاءُ، وَلَا جَلْحَاءُ تَطَؤُهُ بِأَظْلَافِهَا وَتَنْطَحُهُ بِقُرُونِهَا كُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ أُولَاهَا كَرَّ عَلَيْهِ أُخْرَاهَا حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ فَيَرَى سَبِيلَهُ إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ وَإِمَّا إِلَى النَّارِ» ، [ص: 1014] 1085 - قَرَأْتُ عَلَيْهِ، قُلْتُ: حَدَّثَكُمْ يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِ ذَلِكَ أَيْضًا. 1086 - قَرَأْتُ عَلَيْهِ وَقُلْتُ: حَدَّثَكُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَبِيبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: فَهَذَا الْحَدِيثُ حُجَّةٌ عَلَى أَهْلِ [ص: 1015] الْأَهْوَاءِ كُلِّهِمْ مِنَ الْخَوَارِجِ وَالْمُعْتَزِلَةِ وَغَيْرِهِمْ لِأَنَّهُمْ كُلُّهُمْ خَلَا الْمُرْجِئَةِ يَزْعُمُونَ أَنَّ مَانِعَ الزَّكَاةِ إِذَا مَاتَ غَيْرَ تَائِبٍ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ خَالِدًا مُخَلَّدًا لَا يَخْرُجُ مِنْهَا أَبَدًا، وَآيَسُوهُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَمِنْ شَفَاعَةِ الشَّافِعِينَ، فَأَمَّا الْخَوَارِجُ فَشَهِدُوا عَلَيْهِ بِالْكُفْرِ وَأَخْرَجُوهُ مِنَ الْمِلَّةِ، وَأَمَّا الْمُعْتَزِلَةُ فَأَخْرَجُوهُ مِنَ الْإِيمَانِ، وَلَمْ يُلْحِقُوهُ بِالْكُفْرِ زَعَمُوا أَنَّهُ فَاسِقٌ لَيْسَ بِمُؤْمِنٍ وَلَا كَافِرٍ. فَأَكْذَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَقَالَتَهُمْ فِي الْحَدِيثِ فَأَخْبَرَهُ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُعَاقِبُ مَانِعَ الزَّكَاةِ بِالْعُقُوبَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا، ثُمَّ يَرَى سَبِيلَهُ إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ وَإِمَّا إِلَى النَّارِ فَأَطْمَعَهُ فِي دُخُولِ الْجَنَّةِ وَلَمْ يُؤْيِسُهُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى خَوَّفَهُ دُخُولَ النَّارِ وَلَمْ يُؤَمِّنْهُ مِنْهَا. فَدَلَّ مَا ذَكَرْنَا أَنَّ مَانِعَ الزَّكَاةِ لَيْسَ بِكَافِرٍ وَلَا مُشْرِكٍ إِذْ أَطْمَعَهُ فِي دُخُولِ الْجَنَّةِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48] وَدَلَّ ذَلِكَ أَيْضًا عَلَى أَنَّهُ مُؤْمِنٌ إِذَ أَطْمَعَهُ فِي دُخُولِ الْجَنَّةِ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا مُؤْمِنٌ» وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْبَابَ وَلَمْ نَقُلْ فِيهِ: قَدْ كَفَرَ وَنَسْتَتِيبُهُ مِنَ الْكُفْرِ [ص: 1016] . وَقَدِ اتَّفَقَ أَهْلُ الْفَتْوَى وَعُلَمَاءُ أَهْلِ الْأَمْصَارِ عَلَى أَنَّ مَنْ أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ مُتَعَمِّدًا أَنَّهُ لَا يُكَفَّرُ بِذَلِكَ، وَاخْتَلَفُوا فِيمَا يَجِبُ عَلَيْهِ عِنْدَ ذَلِكَ فَمِنْهُمْ مَنْ أَوْجَبَ عَلَيْهِ مَكَانَ كُلَّ يَوْمٍ أَفْطَرَهُ صَوْمَ يَوْمٍ لَمْ يُوجِبْ عَلَيْهِ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا التَّوْبَةَ وَالِاسْتِغْفَارَ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَوْجَبَ عَلَيْهِ بَدَلَ كُلِّ يَوْمٍ أَفْطَرَهُ صِيَامُ شَهْرٍ مَعَ التَّوْبَةِ وَالِاسْتِغْفَارِ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَوْجَبَ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةَ مَعَ قَضَاءِ يَوْمٍ فَإِنْ أَفْطَرَ رَمَضَانَ كُلَّهُ مُتَعَمِّدًا فَمِنْهُمْ مَنْ أَوْجَبَ عَلَيْهِ لِكُلِّ يَوْمٍ كَفَّارَةً مَعَ الْقَضَاءِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: تُجْزِئُهُ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ مَا لَمْ يَكْفُرْ ثُمَّ يَعُودُ، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ قَدْ كَفَرَ بَلْ يَجِبُ أَنْ يُسْتَتَابَ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ فَبِهَذِهِ الدَّلَائِلِ فَرَّقُوا بَيْنَ الصَّلَاةِ وَسَائِرِ الْفَرَائِضِ. وَأَمَّا تَمْثِيلُهُمُ الْأَخْبَارَ الَّتِي جَاءَتْ فِي الْإِكْفَارِ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ بِالْأَخْبَارِ الَّتِي جَاءَتْ فِي إِكْفَارٍ بِسَائِرِ الذُّنُوبِ نَحْوَ قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ» [ص: 1017] وَقَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ» وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ. فَسَنَذْكُرُ مَا حَضَرَنَا مِنَ الْأَخْبَارِ الْمَرْوِيَّةِ فِي ذَلِكَ عَلَى وَجْهِهَا وَنُبَيِّنُ الْفَرْقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْأَخْبَارِ الَّتِي جَاءَتْ فِي الْإِكْفَارِ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ بِالْحُجَجِ النَّيِّرَةِ وَالْبَرَاهِينَ الْوَاضِحَةَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى الحديث: 1084 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1012 ذِكْرُ الْأَخْبَارِ الَّتِي جَاءَتْ فِي أَنَّ سِبَابَ مُسْلِمٍ فُسُوقٌ وَقِتَالَهُ كُفْرٌ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1018 1087 - قَرَأْتُ عَلَيْهِ، وَقُلْتُ لَهُ: حَدَّثَكُمْ مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «قِتَالُ الْمُسْلِمِ كُفْرٌ وَسِبَابُهُ فُسُوقٌ» الحديث: 1087 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1018 1088 - قَرَأْتُ عَلَيْهِ، وَقُلْتُ: حَدَّثَكُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُسْنَدِيُّ أَبُو جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ زُبَيْدٍ، قَالَ: لَمَّا تَكَلَّمَتِ الْمُرْجِئَةُ أَتَيْتُ أَبَا وَائِلٍ فَسَأَلْتُهُ فَحَدَّثَنِي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ» [ص: 1019] 1089 - قَالَ: وَحَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: وَأَخْبَرَنِي مَنْصُورٌ، وَالْأَعْمَشُ، سَمِعَا أَبَا وَائِلٍ، يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اللهٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ. 1090 - قَالَ شُعْبَةُ: فَذَاكَرْتُ هَذَا حَمَّادًا وَكَانَ يَقُولُ بِالْإِرْجَاءِ، وَكَانَ يَقُولُ لِي أَنْتَ مِنَّا يَا شُعْبَةُ إِلَّا قَطْرَةً فَقُلْتُ لَهُ: أَتَتَّهِمُ زُبَيْدًا أَتَتَّهِمُ مَنْصُورًا أَتَتَّهِمُ سُلَيْمَانَ فَقَدْ حَدَّثُونِي عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [ص: 1020] قَالَ: لَا أَتَّهِمُهُمْ وَلَكِنْ أَتَّهِمُ أَبَا وَائِلٍ وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ الحديث: 1088 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1018 1091 - قَرَأْتُ عَلَيْهِ، قُلْتُ: حَدَّثَكُمْ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ زُبَيْدٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ» قَالَ زُبَيْدٌ: فَقُلْتُ لِأَبِي وَائِلٍ: أَنْتَ سَمِعْتُهُ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ؟ قَالَ: نَعَمْ الحديث: 1091 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1020 1092 - قَرَأْتُ عَلَيْهِ، وَقُلْتُ: حَدَّثَكُمْ إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ» الحديث: 1092 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1020 1093 - قَرَأْتُ عَلَيْهِ، وَقُلْتُ: حَدَّثَكُمْ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِي الْوَرَّاقُ أَبُو جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَنْصُورُ [ص: 1021] بْنُ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ وَلَا يَحِلُّ لِمُؤْمِنٍ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ» الحديث: 1093 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1020 1094 - قَرَأْتُ عَلَيْهِ، وَقُلْتُ: حَدَّثَكُمْ إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو طُوَالَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «سِبَابُ الْمُسْلِمِ أَخَاهُ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ» الحديث: 1094 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1021 1095 - حَدَّثَكُمْ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى الْقَطَّانُ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ [ص: 1022] : «سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ» الحديث: 1095 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1021 1096 - قُلْتُ: حَدَّثَكُمْ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُبَارَكٌ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الْأَحْوَصِ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ مَسْعُودٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: «سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ» الحديث: 1096 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1022 1097 - قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ، قَالَ: قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «سِبَابُ الْمُسْلِمِ - أَوْ سَبُّ الْمُسْلِمِ - فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ» الحديث: 1097 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1022 1098 - قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [ص: 1023] قَالَ: «قِتَالُ الْمُسْلِمِ كُفْرٌ وَسِبَابُهُ فُسُوقٌ» الحديث: 1098 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1022 1099 - قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الْمُسْنَدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَلَّى الرَّازِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ» الحديث: 1099 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1023 1100 - قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، وَأَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ، قَالَا: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي خَالِدٍ الْوَالِبِيِّ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ عَمْرِو بْنِ مُقَرِّنٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَجُلَيْنِ يَسْتَبَّانِ، وَالْمَلَكُ بَيْنَهُمَا وَأَحَدُهُمَا يَقُولُ لِصَاحِبِهِ هُجْرًا وَقَوْلًا سَبًّا فَيَرُدُّ الْمَلَكُ ذَلِكَ عَلَيْهِ، يَقُولُ الْمَلِكُ ذَلِكَ لَكَ، وَأَنْتَ أَحَقُّ بِهِ، وَيَقُولُ الْآخَرُ قَوْلًا حَسَنًا فَيَرُدُّ الْمَلَكُ ذَلِكَ عَلَيْهِ، يَقُولُ الْمَلَكُ ذَلِكَ لَكَ وَأَنْتَ أَحَقُّ بِهِ، ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى مَجْلِسًا مِنْ مَجَالِسِ الْأَنْصَارِ فَحَدَّثَهَا بِشَأْنِ الرَّجُلَيْنِ وَمَا رَدَّ عَلَيْهِمَا الْمَلَكُ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ» قَالَ: وَكَانَ فِي الْقَوْمِ رَجُلَانِ سَابَّانِ قَالَ: وَكَانَا إِذَا الْتَقَيَا لَا يَزَالُ يَكُونُ بَيْنَهُمَا شَرٌّ وَأَخَذَ الْآخَرُ يَسْتَعْدِ لِسَانَهُ فَجَاءَ حَتَّى أَشْرَفَ عَلَيْهِ وَهُوَ سَاكِتٌ فَقَالَ لَهُ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «سِبَابُ الْمُسْلِمِ [ص: 1025] فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ» فَحَلَفْتُ أَنِّي لَا أُسَابُّ بَعْدَ هَذَا أَبَدًا، وَقَالَ الْآخَرُ: وَأَنَا لَا أُسَابُّ بَعْدَ هَذَا أَبَدًا الحديث: 1100 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1024 1101 - قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْخُزَاعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَجَاءُ بْنُ صُبَيْحٍ الْحَرَشِيُّ، صَاحِبُ السَّقَطِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ» [ص: 1026] 1102 - قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ زَنْجُوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَجَاءٌ أَبُو يَحْيَى، صَاحِبُ السَّقَطِ قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى يَعْنِي ابْنَ أَبِي كَثِيرٍ، يُحَدِّثُ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ الحديث: 1101 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1025 1103 - قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ دَاوُدَ أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ سِنَانِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ» الحديث: 1103 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1026 1104 - قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي عِيسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُقْرِئُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي [ص: 1027] يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ سِنَانِ بْنِ سَعْدٍ الْكِنْدِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ» الحديث: 1104 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1026