الكتاب: مجمع الأمثال المؤلف: أبو الفضل أحمد بن محمد بن إبراهيم الميداني النيسابوري (المتوفى: 518هـ) المحقق: محمد محيى الدين عبد الحميد الناشر: دار المعرفة - بيروت، لبنان عدد الأجزاء: 2   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] ---------- مجمع الأمثال الميداني، أبو الفضل الكتاب: مجمع الأمثال المؤلف: أبو الفضل أحمد بن محمد بن إبراهيم الميداني النيسابوري (المتوفى: 518هـ) المحقق: محمد محيى الدين عبد الحميد الناشر: دار المعرفة - بيروت، لبنان عدد الأجزاء: 2   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] الجزء الأول. ترجمة الميداني صاحب "مجمع الأمثال". [ص حـ] بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه. -1- قال ياقوت في "معجم الأدباء": أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم، الميداني، أبو الفضل، النيسابوري، والمَيْدَانُ: مَحِلَّة من مَحَالِّ نَيْسَابُورَ كان يسكنها فنُسِب إليها، ذكر ذلك عبد الغافر. وهو أديبٌ فاضلٌ، عالم، نحويّ، لُغَوي. مات - فيما ذكره عبد الغافر بن إسماعيل في السِّياَق - في رمضان سنة ثمان عَشْرَةَ وخمسمائة، ليلَةَ القَدْر، ودُفِنَ بمقبرة المَيْدَان. قرأ عَلَى أبي الحسن علِيّ بن أحمد الواحِدِيّ، وعَلَى يعقوب بن أحمد النيسابوري. وله من التصانيف: كتاب جامع الأمثال، جَيِّد نافع، كتاب السامي في الأسامي، كتاب الأنموذج في النحو، كتاب الهادي للشادي، كتاب النحو المَيْدَاني، كتاب نزهة الطَّرْف في علم الصَّرْف، كتاب شرح المفضليات، كتاب مُنْيَة الراضي في رسائل القاضي. وفي كتاب السامي في الأسامي يقول أسعد بن محمد المرساني: هذا الكتابُ الذي سَمَّاه بالسَّامِي ... دَرْجٌ من الدُّرِّ، بل كنز من السَّامِ ما صَنَّفَتْ مثْله في فَنِّهِ أبداً ... خَوَاطِرُ الناس من حَامٍ ومن سَامٍ فيه قَلاَئدُ ياقُوتٍ مُفَصَّلة ... لكل أرْوَع َماضي العَزْم بَسَّامِ فكعْبُ أحمَدَ مولاي الأمام سَمَا ... فوق السَّماكين من تصنيفه السَّامِي وسمعت في المُفَاوضة ممَّنْ لا أحصي أن المَيداني لما صنف كتاب الجامع في الأمثال وقف عليه أبو القاسم الزمخشري، فحسَدَه على جَوْدة تصنيفه، وأخذ القلم وزاد في كلمة الميداني نوناً قبل الميم فصار "النميداني" ومعناه بالفارسية الذي لا يعرف شيئاً، فلما وقف الميداني على ذلك أخذ بعض تصانيف الزمخشري، فصيَّر ميم نسبته نوناً فصار "الزنخشري" ومعناه مشتري زوجته. [ص د] وذكر محمد بن أبي المعالي بن الحسن الخواري في كتابه " ضالة الأديب، من الصحاح والتهذيب" - وقد ذكر الميداني - قال: سمعت غير مرة من كتَّابِ أصحابه يقولون: لو كان للذكاء والشهامة والفضل صورة لكان الميداني تلك الصورة، ومَنْ تأمل كلامه واتقفى أثره علم صدق دعواهم. وكان ممن قرأ عليه وتخرج به: الإمامُ أبو جعفر أحمد بن علي المقرىء البيهقي، وابنه (أي ابن الميداني) سعيد، وكان إماماً بعده. قال عبد الغافر بن إسماعيل: ومن أشعاره: تنفَّس صُبْحُ الشيب في ليل عارضي ... فقلت: عَساَهُ يكتفي بِعِذَارِي فلما فشا عاتبته فأجابني ... ألا هل يُرَى صُبْحٌ بغير نهارِ؟ وذكره أبو الحسن البيهقي في كتاب " وِشاح الدُّمْيَةِ" فقال: الإمامُ، أستاذنا، صَدْرُ الأفاضل، أبو الفضل أحمد بن محمد بن أحمد الميداني، صَدْرُ الأدباء، وقدوة الفضلاء، قد صاحَبَ الفضل في أيام نَفِدَ زاده، وفنى عَتَاده، وذهبت عُدَّتهُ، وبطلت أُهْبَتهُ، فقوَّمَ سِنادَ العلوم بعد ما غيَّرتها الأيامُ بصُرُوفها، ووضع أنامل الأفاضل على خُطُوطها وحُرُوفها، ولم يخلق الله تعالى فاضلاً في عَهْده إلا وهو في مائدة آدابه ضَيْف، وله بين بابِهِ وداره شتاء وصَيْف، وما على مَنْ عام لجج البحر الخِضَمّ واسْتَنْزَف الدرر ظُلْمٌ وحَيْف، وكان هذا الإمامُ يأكُلُ من كَسْب يَدِه، ومما أنشدني - رحمه الله - لنفسه: حَنَنْتُ إليهم والدِّيارُ قريبة ... فكيف إذا سار المَطِيُّ مَرَاحلا؟ وقد كنتُ قبل البَيْن، لا كان بَيْنُهُمْ، ... أُعَايِنُ للهِجْرَانِ فيهم دلائلا وتحت سُجُوف الرقم أغْيَدُ ناعِمٌ ... يَمِيسُ كخوطِ الخيزرانة مائلا ويَنْضُو علينا السيف من جَفْن مقلة ... تريق دَمَ الأبطال في الحب باطلا وتكسرنا لَحْظاً ولفظاً، كأنما ... بِفِيه وعَيْنَيْهِ سُلاَفَةُ بَابِلاَ وله أيضاً: شَفَةٌ لَمَاهَا زادَ في آلامي ... في رَشف ريقتها شِفَاءُ سَقَامِي قد ضَمَّنَا جنحُ الدُّجى وللثمنا ... صَوْتٌ كقَطِّكَ أرْؤس الأقلام وذكر البيتين اللذين أولهما ... تنفس صبح الشيب في ليل عارضي ... ثم قال: وله أيضاً: [ص هـ] يا كاذباً أصبح في كِذْبِهِ ... أعْجُوبَةً أيَّةَ أعْجُوبَهْ وناطقاً ينطق في لفظة ... واحِدَةٍ سبعين أكذوبَهْ شَبَّهَك الناسُ بعُرْقُوبهم ... لَّما رَأوْا أخْذَكَ أسْلُوبَهْ فقلت: كلا! إنه كاذبٌ ... عُرْقُوبُ لا يبلغ عُرْقُوبَهْ -2- وقال قاضي القضاة ابن خلكان في "وفَيَات الأعيان": أبو الفضل أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم، المَيْدَاني، النيسابوري، الأديبُ، كان أديباً فاضلاً، عارفاً باللغة، اختصَّ بصحبة أبي الحسن الواحدي صاحب التفسير، ثم قرأ على غيره، وأتْقَنَ فنَّ العربية خصوصاً اللغة وأمثال العرب، وله فيها التصانيف المفيدة، منها كتاب الأمثال المنسوب إليه، ولم يعلم مثله في بابه، وكتاب"السامي، في الأسامي" وهو جيد في بابه، وكان قد سمع الحديث ورَوَاه، وكان ينشد كثيراً، وأظنهما له: تنفس صبح الشيب في ليل عارضي ... فقلت: عَسَاه يكتفي بعذاري فلما فشا عاتبته فأجابني ... أيا هَلْ ترى صبحاً بغير نهار؟ وتوفي يوم الأربعاء الخامس والعشرين من شهر رمضان سنة ثمان عشرة وخمسمائة، بنيسابور، ودفن على باب ميدان زياد. والميداني - بفتح الميم، وسكون الياء المُثَنَّاة من تحتها، وفتح الدال المهملة، وبعد الألف نون - هذه النسبة إلى ميدان زياد بن عبد الرحمن، وهي مَحِلَّة في نيسابور. وابنه أبو سعد سعيدُ بن أحمد كان فاضلا ديناً، وله كتاب "الأسْمى، في الأسما" وتوفي سنة تسع وثلاثين وخمسمائة، رحمه الله تعالى: -3- ولأبي الفضل أحمد بن محمد بن أحمد الميداني - غير ما أثرناه - ترجمة في المراجع الآتية: الأنساب، للسمعاني 548 تاريخ ابن كثير المعروف باسم البداية والنهاية 12/194 نزهة الألباب للأنباري 466 الفلاكة والمفلوكون 99 شذرات الذهب لابن العماد 4/58 بغية الوعاة للسيوطي 155 [ص و] كشف الظنون 974 و 1597 و 1703 (طبع الآستانة) الإنباه للقفطي 1/121 ونحن نجتزي من كل هذه المراجع بعبارة جاءت في كشف الظنون (1598) لأنها لم ترد فيما أثرناه عن ياقوت وعن ابن خلكان، قال: ويحكى أن الزمخشري - بعد ما ألف "المستقصى في الأمثال" - اطَّلع على "مجمع الأمثال" للميداني، فأطال نظره فيه، وأعجبه جداً، ويقال: إنه ندم على تأليفه المستقصي لكونه دون مجمع الأمثال في حسن التأليف والوَضْع وبَسْط العبارة وكثرة الفوائد. وقد اختصر "مجمعَ الأمثال" شهابُ الدين محمد القضاعي، الخوبي، من تلاميذ الميداني. -4- وبعد فإن كتاب "مجمع الأمثال" أحَدَ تصانيف أبي الفضل أحمد بن محمد الميداني أفْضَلُ كتاب صنف في موضوعه حُسْنَ تأليف، وبَسْطَ عبارة، وكثرة فائدة، حتى إن الإمام الزمخشري حين تأمله نَدِمَ على أن ألفَّ كتاباً جامعاً في الأمثال، فقد ظن أنه حَشَد فيه وجَمَع ما لم يتهيأ لغيره من أدباء العربية وعلمائها وباهى بأن سماه "المستقصي" ثم تبين له أنه أقل فائدة وأهْوَنُ جمعاً مما صنفه الميداني، وقد رأيت في كلام ابن خلكان أنه سمى الكتاب "كتاب الأمثال" ورأيت في كلام ياقوت أنه سماه "جامع الأمثال" ورأيت في كلام صاحب كشف الظنون أنه سماه "مجمع الأمثال" على ما هو المشهور في اسم الكتاب. وقد طبع الكتابُ مراراً في مصر، في بولاق وفي غير بولاق، ولم يظهر في طبعة من هذه الطبعات سليما من التحريف والتصحيف، بل شاع المسخ في طبعاته الحديثة حتى بعد عن أصله بعد الفيل من رحم الأتان، ولعلنا - بعد أن حققنا أصله، وضبطنا غرائبه، ورقمناه ترقيما دقيقاً - نكون قد أعدنا له بهاءه، وجَدَّدنا رُوَاءه، ونَفَيْنَا عنه عَبَث العابثين، ويَسَّرناه للانتفاع به، والله وحده المسئول أن يجعل هذا العملَ مقروناً بالقبول، وأن ينفع به إنه أكرم مسئول. محمد محي الدين [ص ز] بسم الله الرَحمنِ الرَحيم إن أحسن ما يُوَشَّحُ به صَدْرُ الكلام، وأجملَ ما يفصَّل به عِقْدُ النِّظام، حَمْدُ الله ذي الجلال والإكرام، والإفضال والإنعام، ثم الصلاة على خير الأنام، المبتَعثِ من عُنْصُر الكرام، وعلى آلِهِ أعلامِ الإسلام، وأصحابِهِ مصابيحِ الظلام، فالحمد لله الذي بدأ خَلْقَ الإنسان من طين، وجَعَله ذا غَوْرٍ بعيد وشَأوٍ بَطِين، يستنبط الكامِنَ من بديع صَنْعته بذكاء فِطْنَته، ويستخرج الغامضَ من جَليل فِطْرته بدقيق فِكْرته، غائصا في بحر تصرُّفه على دررِ مَعَان، أحْسَنَ من أيام مُحْسن معان، وأبْهَجَ من نيل أمان، في ظل صحةٍ وأمان، مودِعاً إياها أصْدَافَ ألفاظٍ، أخْلَبَ للقلوب من غمزات ألحاظ، وأسْحَرَ للعقول من فَتَرات أجفانٍ نواعسَ أيْقَاظ، ناظما من محاسنها عُقُودَ أمثال، يحكم أنها عَديمةُ أشْبَاهٍ وأمثال، تتحلّى بفرائدها صدورُ المحافل والمحاضر، وتتسلَّى بشواردها قلوبُ البادي والحاضر، وتُقَيَّد أَوَابِدُها في بطون الدفاتر والصحائف، وتطير نواهضُها في رءوس الشواهق وظهور التنَائِف، فهي تُوَاكبُ الرياحَ النُّكْبَ في مَدَارجِ مهابِّهَا، وتُزَاحم الأراقمَ الرُّقْشَ في مضايق مَدَابِّها، وتحوج الخطيبَ المِصْقَع والشاعر المُفْلِقَ إلى إدماجها وإدراجها، في أثناء متصرِّفاتها وأدراجها، لاشتمالها على أساليب الحسن والجمال، واستيلائها في الْجَوْدَة على أمَدِ الكمال، وكفاها جلالَةَ قدر، وفَخَامة فخر، أنَّ كتاب الله عز وجل - وهو أشرفُ الكتب، التي أنزلت على العجم والعرب - لم يَعْرَ من وشاحها المفصل ترائبُ طِواله ومُفَصَّله، ولا من تاجها المُرَصَّعِ مفارقُ مجمله ومُفَصَّله، وأن كلام نبيه صلى الله عليه وسلم - وهو أفصح العرب لسانا، وأكملهم بيانا، وأرْجَحُهم في إيضاح القول ميزانا - لم يَخْلُ في إيراده وإصداره، وتبشيره وإنذاره، من مَثَل يحوز قَصَبَ السَّبْق في حَلْبة الإيجاز، ويستولي على أمَدِ الْحُسْن في صَنْعَة الإعجاز، أما الكتابُ فقد وُجد فيه هذا النهج لَحِباً مسلوكا، حيث قال عز من قائل: {ضَرَبَ الله مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً} وقال: {ضَرَبَ الله مَثَلاً كلمةً طيبةً} يعني كلمة التوحيد {كشجرة طيبة} يعني النخلَةَ {أصلها ثابت وفرعها في السماء} شَبَّه ثَبَاتَ الإيمان في قلب المؤمن بثَبَاتها، وشَبَّهَ صُعُود عمله إلى السماء، بارتفاع [ص: 2] فروعها في الهواء، ثم قال تعالى {تؤتي أكُلَهَا كلَّ حينٍ} فشبه ما يكتسبه المؤمن من بركة الإيمان وثوابه في كل زمان، بما ينال من ثمرتها كل حين وأوان، وأمثالُ هذه الأمثال في التنزيل كثير، وهذا الذي ذكَرْتُ عن طَويلها قصير، وأما الكلام النبوي من هذا الفن فقد صنف العسكريُّ فيه كتابا براسه، ولم يأل جَهْداً في تمهيد قواعده وأساسه، وأنا أقتصر ههنا على حديث صحيح وقَعَ لنا عاليا، وهو ما أخبرنا الشيخ أبو منصور بن أبي بكر الْجَوْزِي أنبأنا أبو الحسن عبد الرحمن بن إبراهيم، أنبأنا أبو طاهر محمد بن الحسن، أنبأنا أبو البحتري أنبأنا أبو أسامة، أنبأنا يزيد بن أبي بُرْدَةَ عن أبي موسى الأشْعَرِيِّ رضي الله تعالى عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما مَثَلُ الجليسِ الصالِح وجليسِ السوء كحامل المِسْكِ ونافخُ الكِيرِ، فحاملُ المسكِ إما أن يُحْذِيَكَ (أحذاه يحذيه: أعطاه) وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحا طيبا، ونافخُ الكِيرِ إما أن يحرق ثيابك وإما أن تَجِدَ منه ريحا خبيثة" رواه البخاري عن أبي كريب عن أبي أسامة، فكأن شيخ شيخي سمعه من البخاري. وبعد، فإن من المعلوم أن الأدب سُلَّم إلى معرفة العلوم، به يُتَوَصَّل إلى الوقوف عليها، ومنه يتوقَّع الوصولُ إليها، غير أن له مَسَالكَ ومَدَارج، ولتحصيله مَرَاقِيَ ومَعَارج، من رَقِيَ فيها درَجاً بعد درج، ولم تهمّ شمسُ تشميره بِعَرَج، ظفِرَتْ يَدَاه بمفاتح أغلاقه، وملكت كفاه نفائس أعْلاَقه، ومن أخطأ مِرْقَاةً من مَرَاقيه، بقي في كد الكَدْحِ غيرَ مُلاَقيه، وإنَّ أعلى تلك المراقي وأقصاها، وأوْعَرَ هاتيك المسالك وأعصاها، هذه الأمثالُ التي هي لُمَاظَاتُ حَرَشَةِ الضِّبَاب، ونُفَاثات حَلَبة اللِّقَاح وحَمَلَة العِلاَب، من كل مرتضعٍ دَرَّ الفصاحة يافعا ووليدا، مرتكضٍ في حجر الذَّلاَقة توأما ووَحيدا، قد ورد مَنَاهل الفطنة يَنْبوُعا فينبوعا، ونزف مناقع الحكمة لَدُوداً ونَشُوعا، فنطق بما يُسِرُّ المعبِّر عنها حبوا في ارتقاء (هكذا وقع في جميع المطبوعات، وأراه محرفا عن "حسوا في ارتغاء" وهو مأخوذ من المثل "يسر حسوا في ارتغاء" وسيأتي في حرف الياء مشروحا) والمشير إليها يمشي في خَمَر ويدبُّ في ضَراء، ولهذا السبب خفيَ أثرُها، وظهر أقلُّها وبطن أكثرها، ومن حَامَ حول حِمَاها، ورام قَطْفَ جَنَاها، علم أن دون الوصول إليها خَرْطَ القَتَاد، وأن لا وقوف عليها إلا للكامل العَتَاد، كالسَّلَف الماضِينَ الذين نظموا [ص: 3] من شَمْلها ما تشتَّت، وجمعوا من أمرها ما تفرَّق، فلم يبقوا في قوس الإحسان مَنْزعا، ولا في كِنانة الإتقان والإيقان أهْزَعا، والناس اليوم كالمجمِعِين على تقاصُرِ رغباتهم، وتقاعُدِ همَّاتهم، عما جاوز حد الإيجاز، وإن حرك في تلفيقه سلسلة الإعجاز، إلا ما نشاهده من رغبةِ مَنْ عَمَرَ معالم العلم وأحياها، وأوضَحَ مناهج الفضل وأبداها، وهمةِ مَنْ تجمعت في فؤاده همم ملءُ فؤاد الزمان إحداها، وهو الشيخ العميد الأجل السيد العالم ضياء الدولة منتخب المُلْك شمس الْحَضْرة صفيُّ الملوك أبو علي محمد بن أرسلان، أدام الله علوّه، وكبَتَ حاسده وعدوّه، فإنه الذي جَذَب بضَبْع الأدب من عَاثُوره، وغالى بقيمة منظومه ومنثوره، وأقبل عليه، وعلى من يُرَفْرِفُ حواليه، إقبالَ مَنْ ألقت خزائن الفضل إليه مقاليدها، ووقفت مآثرُ المجد عليه أسانيدها، فأبرز محاسن الآداب في أضْفَى ملابسها، وبَوَّأها من الصُّدور أعلى منازلها ومجالسها، بعد أن حَلَّقت بها العنقاء في بَنَاتِ طَمَار، وتضاءلت كتضاؤل الحسناء في الأطْمَار، فالحمدُ لله الذي جعل أيامه للحسن والإحسان صورة، وعلى الفضل والإفضال مقصورة، وجعلها موقوفَة الساعات، على صنوف الطاعات، محفوفَةَ الساحات، بوفود السعادات، موصوفة الحركات والسكنات، بوفور البركات والحسنات، حتى أصبحت حُلِيَّاً على لَبَّة الدولة الغراء، وتاجا في قِمَّةِ الحضرة الشمَّاء، وحِصْنا لملك الشرق حصينا، ورُكْنا يؤوي إليه ركينا، وأمست على معصمه ومعتصمه سورا وسِوَارا، ولوَجْهِ دولته وحُسام سَطْوته غرةً وغِرارا، يُسْتَمْطَر النُّجْحُ ببركات أيامه، ويستودَعُ المللك حركات أقلامه، فلله دره من عالم زرَّ بُرْدَاهُ على عالم، وأمين بانتظام الملك ضمين، ومُطَاع عند ذي الأمر مَكِين، يزين بحضوره ديوان عماله، ولا يشين بمحظوره ديوان أعماله، فعل من تَنَبَّه له الجد، فنظرت نفسه ما قدمت لغد، وتمكَّن منه الجد، فلا الدَّدُ منه ولا هو من دَد، وعليه عينة من سيد جُمِعَ له إلى القُدْرة العصمة، وإلى التواضع الرفعة والحِشْمة، فرَفَلَ من السيادة في أغلى أثوابها، وأتى بيوتَ المجدِ من أبوابها، وباشَرَ أبكار المكارم فالتزمها واعْتَنَقها، وباكر أقداح المحامد فاصطَحَبَها واغتَبَقَهَا، فأصبح لا يَطْرَبُ إلا على معنى تكد له الأفهام، دون مؤثر تأتي له الإيهام، ولا يَعْشَق إلا بناتِ الخواطر والأفكار، دون العذَارَى الخُرَّد الأبكار، ولا يثافن إلا مَنْ أخلق جَدِيدَيْهِ، حتى ملأ من الفضل بُرْدَيه، وكَحَّلَ بإثمِدِ السهر جَفْنيه، حتى أقرَّ بنيل القرب منه عينيه، فتبوَّأ من حضرته [ص: 4] المأنوسة جنة حُفَّتْ بالمكارم لا المكاره، وروضةً خُصَّت بالمجد الزاهر لا بالأزاهر، تنثال عليها أفراد الدهر من كل أوْب، وتنصبُّ إليها آحاد العصر من كل صَوْب، لا سَلَب الله أهل الأدب ظلَّه، ولا بلغ هَدْىُ عمرِه مَحِلّه، ما طَلَع نَجْم، ونَجَم طَلْع، بمنه وكرمه. هذا، ولما تقدر ارتحالي عن سُدَّته، عمرها الله بطول مُدَّته، أشار بجَمْع كتاب في الأمثال، مبرِّزٍ على ما لَه من الأمثال، مشتمل على غَثِّها وسَمينها، محتوٍ على جاهليها وإسلاميها، فعُدت إلى وطني رَكْضَ المنزع شمره الغالي، مشمراً عن ساق جِدِّي في امتثال أمره العالي، فطالعت من كتب الأئمة الأعلام، ما امتد في تقصِّيه نَفَسُ الأيام، مثل كتاب أبي عُبَيدة وأبي عُبَيد، والأصمعي وأبي زَيْد، وأبي عَمْرو وأبي فَيْد، ونظرتُ فيما جمعه المفضَّلُ بن محمد والمفضَّلُ بن سَلَمَةَ. حتى لقد تصفحت أَكْثَرَ من خمسين كتاباً، ونَخَلْتُ ما فيها فصلاً فصلاً وباباً باباً، مفتشاً عن ضَوَالِّها زوايا البقاع، مشذِّباً عنها أُبَنَهَا بصارِمِي القَطَّاع، علماً مني أني أمَتُّ به الدينار في كف ناقد، وأجلو منه البدر لطرف غير راقد، يزيده بالنظر فيه رونقاً وبهاء، ويكسبه بالإقبال عليه سَناً وسناء، ونقلتُ ما في كتاب حمزة بن الحسن إلى هذا الكتاب، إلا ما ذكره من خَرَزَات الرُّقَى وخُرَافات الأَعْرَاب، والأمثال المزدوجة لاندماجها في تضاعيف الأبواب، وجعلتُ الكتابَ على نظام حروف المعجم في أوائلها، ليسهل طريق الطلب على مُتَنَاولها، وذكرتُ في كل مَثَل من اللغة والإعراب ما يفتح الغَلَق، ومن القَصَصِ والأسباب ما يوضِّح الغرض ويُسيغ الشَّرَق، مما جمعه عُبَيْد بن شَرِيَّة وعطاء بن مصعب والشَّرقِيُّ بن القُطَامي وغيرهم، فإذا قلت "المفضل" مطلقاً فهو ابنُ سَلَمة، وإذا ذكرتُ الآخَرَ ذكرتُ اسمَ أبيه، وأفتتح كل باب بما في كتاب أبي عُبَيد أو غيره، ثم أعقبه بما على أَفْعَلَ من ذلك الباب، ثم أمثال المولدين، حتى آتي على الأبواب الثمانية والعشرين على هذا النَّسَق، ولا أعدُّ حرفي التعريف ولا ألفَ الوصل والقطع والأمر والاستفهام، ولا ألفَ المخبِرِ عن نفسه، ولا ما ليس من أَصْلِ الكلمة حاجزاً إلا أن يكون قبل هذه الحروف ما يُلاَزم المَثَل، نحو قولهم "كالمستغيث من الرمضاء بالنار" أو بعدها نحو "المستشار مؤتمن" "والمحسن مُعَان" فإني أورِدُ الأول في الكاف، والثاني والثالث في الميم، وأثبت الباقي على ما ورد، نحو "تَحْسَبُهَا حمقاء" و "بيدين ما أوردها زائدة" يكتبان في بابي التاء والباء، وجعلتُ الباب التاسع والعشرين في أسماء أيام العرب [ص: 5] دون الوقائع، فإن فيها كتباً جَمَّةَ البدائع. وإنما عُنِيتُ بأسمائها لكثرة ما يقع فيها من التصحيف، وجعلت الباب الثلاثين في نُبَذٍ من كلام النبي صلى الله عليه وسلم وكلام خُلَفَائه الراشدين، رضي الله تعالى عنهم أجمعين، مما ينخرط في سِلْكِ المواعظ والحكم والآداب. وسميت الكتاب "مجمع الأمثال" لاحتوائه على عظيم ما وَرَدَ منها، وهو ستة آلاف ونيف، والله أعلم بما بقي منها، فإن أنفاس الناس لا يأتي عليها الحصر، ولا تَنْفَدُ حتى يَنْفَدَ العصر. وأنا أعتذر إلى الناظر في هذا الكتاب من خَلَل يَرَاه، أو لفظ لا يرضاه، فأنا كالمنكر لنفسه، المغلوب على حِسِّه وحَدْسه، منذ حط البياض بعارِضِي رحالَه، وحال الزمانُ على سوادهما فأحَالَه، وأطار من وَكْرِ هَامَتِي خُدَارِيَّه، وأنحى على عُود الشَّباب فمصَّ رِيَّه، وملكَتْ يدُ الضعفِ زمامَ قُوَاي، وأسلمني مَنْ كان يَحْطِبُ في حبل هَوَاي. وكأني أنا المعنيُّ بقول الشاعر: وَهَتْ عَزَمَاتُكَ عند المشِيبِ ... وما كان من حَقِّهَا أن تَهيَ وأنكَرْتَ نفسَكَ لما كَبِرْتَ ... فلا هِيَ أَنْتَ ولا أَنْتَ هِي وإن ذكرت شَهَوَاتُ النفوسِ ... فما تشتهي غيرَ أن تشتهى وأعيذه أن يَرِدَ صَفْوَ منهلِهِ التقاطا، ويشرب عَذْب زُلاله نقاطا، ثم يتحزَّم لتَغْوِير مَنَابعه بالتعيير، ويتشمر لتكدير مَشَارِعه بالتغيير، بل المأمولُ أن يسد خَللَه، ويُصْلح زَلَله، فقلما يخلو إنسان من نِسيان، وقلم من طغيان. وهذا فصل يشتمل على معنى المثل وما قيل فيه. قال المبرد: المثَلُ مأخوذ من المِثال، وهو: قولٌ سائرٌ يُشَبَّه به حالُ الثاني بالأول، والأصل فيه التَّشْبِيه، فقولُهم "مَثَلَ بَيْنَ يَدَيه" إذا انتصب معناه أَشْبَهَ الصورةَ المنتصِبة، و "فلان أَمْثَلُ من فلان" أي أَشْبَهُ بما لَه (من) الفضل. والمِثالُ القِصاصُ لتشبيه حالِ المقتَصِّ منه بحال الأول، فحقيقة المَثَلِ ما جُعل كالعلم للتشبيه بحال الأوَّل، كقول كعب ابن زهير: كَانَتْ مَوَاعِيدُ عُرْقُوبٍ لَهَا مَثَلاً ... وَمَا مَوَاعِيدُهَا إِلاَّ الأبَاطِيلُ [ص: 6] فمواعيد عرقوب عَلَم لكل ما لا يصح من المواعيد. قال ابن السِّكِّيتِ: المَثَلُ: لَفْظٌ يخالفُ لفظَ المضروب له، ويوافق معناه معنى ذلك اللفظ، شَبَّهُوه بالمثال الذي يُعْمَلُ عليه غيره. وقال غيرهما: سُمِّيت الحكَمُ القائمُ صدقُها في العقول أمثالا لانتصاب صُوَرِها في العقول، مشتقَّة من المثُول الذي هو الانتصاب. وقال إبراهيم النظام: يجتمع في المثل أربعة لا تجتمع في غيره من الكلام: إيجاز اللفظ، وإصابة المعنى، وحُسْن التشبيه، وجَوْدة الكناية، فهو نهاية البلاغة. وقال ابن المقفع: إذا جعل الكلام مثلا كان أوضح للمنطق، وآنَقَ للسمع، وأَوْسَعَ لشُعُوب الحديث. قلت: أربعة أحرف سمع فيها فَعَلٌ وفِعْلٌ، وهي مَثَلٌ ومِثْلٌ، وَشَبَه وَشِبْه، وَبَدَل وبِدْل، ونكَل ونِكْل، فمَثَلُ الشئ ومِثلُه وشَبَهه وشِبْهُه: ما يماثله ويشابهه قدراً وصفةً، وبَدَل الشيء وبِدْلُه: غيره، ورجل نَكَل ونِكْل للذي ينكل به أعداؤه. وفَعيل لغةٌ في ثلاثة من هذه الأربعة، يقال: هذا مَثِيله وشَبِيهه وبَدِيله، ولا يقال نكيله، فالْمَثَلُ ما يُمَثَّلُ بِهِ الشيء: أي يُشّبَّه، كالنَّكَل من يُنَكًّل به عدوّه، غير أن المِثْلَ لا يوضع في موضع هذا المَثَل وإن كان المَثَلُ يوضع موضعه، كما تقدم للفرق، فصار المَثَل اسماً مصرحاً لهذا الذي يضرب ثم يردُّ إلى أصله الذي كان له من الصفة، فيقال: مَثَلُكَ ومَثَلُ فلانٍ: أي صفتك وصفته، ومنه قوله تعالى: {مَثَلُ الجنَّة التي وُعِدَ المتقون} أي صفتها، ولشدة امتزاج معنى الصفة به صح أن يقال: جعلتُ زيداً مثلا، والقوم أمثالا، ومنه قوله تعالى: {ساء مثلاً القومُ} جعل القوم أنفسهم مثلا في أحد القولين، والله أعلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 1 الباب الأول فيما أوله همزة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 7 1- إنَّ مِنَ الْبَيَانِ لَسِحْراً قاله النبي صلى الله عليه وسلم حين وَفَدَ عليه عَمْرو بن الأهتم والزِّبْرِقَانُ بن بدر وقَيْسُ بن عاصم، فسأل عليه الصلاة والسلام عمرَو بن الأهتم عن الزِّبْرِقان، فقال عمرو: مُطَاع في أَدْنَيْه (هكذا في جميع أصول هذا الكتاب، والأدنون: جمع الأدنى بمعنى الأقرب، ووقع في بعض الأمهات "مطاع في أذينه" والأذين - بوزن الأمير - النداء، يعني أنه إذا نادى قومه لحرب أو نحوها أطاعوه) شدِيدُ العارِضة، مانعٌ لما وَرَاء ظهره، فقال الزبرقان: يا رسول الله إنه لَيَعْلَم مني أكثَرَ من هذا، ولكنه حَسَدني، فقال عمرو: أما والله إنه لَزَمِرُ المروءة، ضَيّق العَطَن، أحمق الوالد، لئيم الخال، والله يا رسول الله ما كَذَبْتُ في الأولى، ولقد صدقْتُ في الأخرى، ولكني رجل رَضِيت فقلت أحسنَ ما علمت، وسَخِطْتُ فقلت أقبحَ ما وجدت، فقال عليه الصلاة والسلام "إنَّ مِنَ الْبَيَانِ لَسِحْراً" يعني أن بعض البيان يعمل عمل السحر، ومعنى السحر: إظهار الباطل في صورة الحق، والبيانُ: اجتماعُ الفصاحة والبلاغة وذكاء القلب مع اللسَنِ. وإنما شُبِّه بالسحر لحدَّة عمله في سامعه وسرعة قبول القلب له. يضرب في استحسان المنطق وإيراد الحجَّة البالغة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 7 2- إنَّ المُنْبَتَّ لاَ أرْضاً قَطَعَ وَلاَ ظَهْراً أبْقَى. المنبتُّ: المنقطع عن أصحابه في السفَر، والظَّهْرُ: الدابة. قاله عليه الصلاة والسلام لرجل اجتَهَد في العبادة حتى هَجَمت عيناه: أي غارَتَا، فلما رآه قال له "إنَّ هذَا الدينَ مَتِينٌ فأوْغِلْ فيه بِرِفْقٍ، إنَّ المُنْبَتَّ" أي الذي يجدُّ في سيره حتى ينبتَّ أخيراً، سماه بما تؤول إليه عاقبتُه كقوله تعالى {إنَّكَ مَيِّت وإنهم ميتون} . يضرب لمن يُبالغ في طلب الشيء، ويُفْرِط حتى ربما يُفَوِّته على نفسه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 7 3- إنَّ مِمَّا يُنْبِتُ الرَّبِيعُ مَا يَقْتُلُ حَبَطاً أوْ يُلِمُّ. قاله عليه الصلاة والسلام في صفة الدنيا والحثِّ على قلة الأخذ منها. والْحَبَطُ: انتفاخُ البطن، وهو أن تأكل الإبلُ الذُّرَقَ فتنتفخ بطونها إذا أكثرت منه، ونصب "حَبَطاً" على التمييز، وقوله "أو يلم" معناه يقتل أو يَقْرُبُ من القتل، والإلمام: النزولُ، والإلمام: القرب، ومنه الحديث في صفة أهل الجنة "لولا أنه شيء قضاه الله لألم أن يذهب بصرهُ لما يرى فيها" أي لقَرُبَ أن يذهب بصره. قال الأزهري: هذا الخبر - يعني إن مما ينبت - إذا بُتر لم يكد يُفْهَم، وأوّلُ الحديث "إني أخَافُ عليكم بعدي ما يُفْتَح عليكم من زَهْرة الدنيا وزينتها" فقال رجل: أوَ يأتِي الخيرُ بالشرِّ يا رسول الله؟ فقال عليه الصلاة والسلام "إنَّهُ لا يأتي الخيرُ بالشر، وإن مما يُنْبِتُ الربيعُ ما يقتل حَبَطا أو يلم، إلا آكلة الْخَضِرِ فإنها أكلَتْ حتى إذا امْتَلأَتْ خَاصِرَتَاهَا اسْتَقْبَلَتْ عَيْنَ الشَّمْسِ فَثَلطَتْ وَبَالَتْ ثم رَتَعَتْ" (في جميع أصول هذا الكتاب "ثم رتعته" والفعل لازم) هذا تمام الحديث. قال: وفي هذا الحديث مثلان: أحدهما للمُفْرِطِ في جمع الدنيا وفي منعها من حقها، والآخر للمقتصد في أخْذِها والانتفاع بها، فأمّا قولُه "وإن مما ينبت الربيعُ ما يقتل حَبَطاً أو يُلمُّ" فهو مثل المُفْرِط الذي يأخذها بغير حق، وذلك أن الربيعَ يُنْبِتُ أحْرَار العُشْب فتستكثر منها الماشية حتى تنتفخَ بطونُها إذا جاوزَتْ حدَّ الاحتمال، فتنشق أمعاؤها وتهلك، كذلك الذي يجمع الدنيا من غير حِلِّها ويمنع ذا الحق حقَّه يهلك في الآخرة بدخوله النار. وأما مَثَلُ المتقصد فقوله صلى الله عليه وسلم "إلا آكلة الْخَضِر" بما وصفها به، وذلك أن الْخَضِرَ ليست من أحرار البقول التي يُنْبتها الربيع، ولكنها من الْجَنْبَة التي ترعاها المواشي بعد هَيْج البقول، فضرب صلى الله عليه وسلم آكلةَ الخضِر من المواشي مثلاً لمن يقتصد في أخذ الدنيا وجَمْعها، ولا يَحْمله الحرصُ على أخذها بغير حقها، فهو ينجو من وَبَالها كما نَجَتْ آكلةُ الخضِر، ألا تراه قال عليه الصلاة والسلام " فإنها إذا أصابَتْ من الْخَضِرِ استقبلت عينَ الشمس فَثَلَطَتْ وبالت" أراد أنها إذا شبعت منها بَرَكَتْ مستقبلةَ الشمس تستمرىء بذلك ما أكَلَتْ وتجترُّ وتَثْلِط، فإذا ثَلَطته فقد زال عنها الْحَبَط، [ص: 9] وإنما تَحْبَطُ الماشيةُ لأنها لا تثلِطُ ولا تبول. يضرب في النهي عن الإفراط. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 8 4- إنَّ الْمُوَصَّيْنَ بَنُو سَهْوَانٍَ. هذا مثل تخبَّط في تفسيره كثيرٌ من الناس، والصوابُ ما أثْبِتُهُ بعد أن أحكي ما قالوا قال بعضهم: إنما يحتاج إلى الوصية من يَسْهو ويَغْفُل، فأما أنت فغيرُ محتاج إليها، لأنك لا تسهو. وقال بعضهم: يريد بقوله بنو سَهْوان جميعَ الناس، لأن كلهم يسهو. والأصْوَبُ في معناه أن يقال: إن الذين يُوَصَّوْنَ بالشيء يستولِي عليهم السهوُ حتى كأنه مُوَكَّل بهم، ويدل على صحة هذا المعنى ما أنشده ابن الأعرابيّ من قول الراجز (روى صاحب اللسان أولها في (ع ل ا) غير منسوب، وآخرها في (س هـ ا) منسوبا إلى زربن أو في الفقيمي) : أنشد من خَوّارةٍ عِلْيَانْ ... مَضْبُورَة الكَاهِلِ كالبُنْيَانْ ألْقَتْ طَلاً بمُلْتَقَى الْحَوْمَانْ ... أكثر ما طافت به يَوْمَانْ لم يُلْهِهَا عن هَمِّها قَيْدَانْ ... ولا الموصَّوْنَ مِنَ الرُّعْيَانْ إن الموصَّيْنَ بنو سَهْوَانْ يضرب لمن يسهو عن طلب شيء أمر به والسَّهْوان: السهو، ويجوز أن يكون صفة: أي بنو رجُلٍ سَهْوَان، وهو آدم عليه السلام حين عُهِد إليه فسَهَا ونسى، يقال: رجل سَهْوَانُ وسَاهٍ، أي إن الذين يُوَصَّوْن لابِدْعَ أن يَسْهُوا لأنهم بنو آدم عليه السلام. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 9 5- إنَّ الجوَادَ عَيْنُهُ فُرَارُهُ الفِرار بالكسر: النظر إلى أسنان الدابة لتعرُّفِ قدر سِنِّها، وهو مصدر، ومنه قول الحجاج "فُرِرْتُ عَنْ ذكاء" ويروى فُرَاره بالضم، وهو اسم منه. يضرب لمن يدلُّ ظاهره على باطنه فيغني عن اختباره، حتى لقد يقال: إنَّ الخبيثَ عينه فُرَاره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 9 6- إنَّ الشَّقِيَّ وَافِدُ البَرَاجِمِ قاله عمرو بن هند الملك، وكان سُوَيْدُ ابن ربيعة التميمي قتلَ أخاه وهَرَب، فأحرق به مائةً من تميم: تسعةً وتسعين من بني دارم وواحداً من البَرَاجم، فلقِّبَ بالمحرِّقِ، وستأتي القصة بتمامها في باب الصاد، وكان الحارث بن عمرو ملك الشأم من آل جَفْنة يدعى أيضا بالمحرِّق، لأنه أول من حَرَّق العرب في ديارهم، ويدعى امرؤ القيس بن عمرو بن عَدِيٍّ الَّخْمِي محرِّقاً أيضا. يضرب لمن يُوقِع نفسه في هَلَكة طمعا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 9 7- إنَّ الرَّثيئَةَ تَفْثَأُ الغَضَبَ الرثيئة: اللبنُ الحامض يُخْلَط بالحلو، والفَثْء: التسكينُ. زعموا أن رجلا نزل بقوم وكان ساخِطاً عليهم، وكان مع سخطه جائعا، فسَقَوْهُ الرثيئة، فسكن غضبه يضرب في الهَدِيَّة تُورِث الوِفَاقَ وإن قلَّت. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 10 8- إنَّ البُغَاثَ بأَرْضِنَا يَسْتَنْسِرُ البغاث: ضربٌ من الطير، وفيه ثلاث لغات: الفتح، والضم، والكسر، والجمع بِغْثَان، قالوا: هو طير دون الرَخمة، واستنسر: صار كالنسر في القوّة عند الصيد بعد أن كان من ضعاف الطير يضرب للضعيف يصير قويا، وللذليل يعزّ بعد الذل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 10 9- إنَّ دَوَاءَ الشَّقِّ أنْ تَحُوصَهُ الْحَوْصُ: الخياطةُ يضرب في رَتْق الفَتْق وإطفاء النائرة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 10 10- إنَّ الجبَانَ حَتْفُهُ مِنْ فَوْقِهِ الحتفُ: الهلاك، ولا يُبْنَى منه فِعل، وخص هذه الجهة لأن التحرُّزَ مما ينزل من السماء غير ممكن، يُشير إلى أن الحَتْفَ إلى الجَبَان أسرعُ منه إلى الشجاع، لأنه يأتيه من حيث لا مَدْفَع له. قال ابن الكلبي: أولُ من قاله عمرو (الشعر في اللسان منسوب لعامر ابن فهيرة) ابن أمامة في شعرٍ له، وكانت مُرَادٌ قتلته، فقال هذا الشعر عند ذلك، وهو قوله: لَقَدْ حَسَوْتُ الموتَ قبل ذَوْقِهِ ... إنَّ الجبانَ حَتْفُه مِنْ فَوْقِهِ [كُلُّ امْرِئٍ مُقَاتِلٌ عَنْ طَوْقِهِ] ... وَالثَّوْرُ يَحْمِي أنْفَهُ بِرَوْقِه يضرب في قلة نفع الحذر من القدر وقوله "حسوت الموت قبل ذَوْقِهِ" الذوق: مقدمة الحَسْو، فهو يقول: قد وطنّت نفسي على الموت، فكأني بتوطين القلب عليه كمن لقيه صُرَاحا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 10 11- إنَّ المُعَافَى غَيْرُ مَخْدُوعٍ يضرب لمن يُخْدَع فلا يَنْخَدع والمعنى أن مَنْ عوفي مما خدع به لم يَضُره ما كان خُودِع به. وأصلُ المثل أن رجلا من بني سُلَيم يسمى قادحا كان في زمن أمير يكنى أبا مظعون، وكان في ذلك الزمن رجل آخر من بني سليم أيضا يقال له سُلَيْط، وكان عَلِقَ امرأة قادح، فلم يزل بها حتى أجابته وواعدته، فأتى سُلَيْطٌ قادحاً وقال: إني [ص: 11] علقت جارية لأبي مظعون، وقد واعدتني، فإذا دخلتَ عليه فاقْعُدْ معه في المجلس، فإذا أراد القيامَ فاسبقه، فإذا انتهيت إلى موضع كذا فاصفر حتى أعلم بمجيئكما فآخذ حَذَري، ولك كل يوم دينار، فخدعه بهذا، وكان أبو مظعون آخر الناس قياما من النادي ففعل قادح ذلك، وكان سُلَيْط يختلف إلى امرأته، فجرى ذكر النساء يوما، فذكر أبو مظعون جواريه وعَفَافهن، فقال قادح وهو يعرض بأبي مظعون: ربما غُرّ الواثق، وخُدِع الْوَامق، وكذب الناطق، ومَلَّتِ العاتق، ثم قال: لا تَنْطِقَنَّ بأمرٍ لا تَيَقَّنُهُ ... ياعمرو، إنَّ المُعَافى غيرُ مخدوعِ وعمرو: اسم أبي مظعون، فعلم عمرو أنه يعرّض به، فلما تفرق القوم وثَب على قادح فخنقه وقال: اصدقني، فحدثه قادح بالحديث، فعرف أبو مظعون أن سُلَيطا قد خدَعه، فأخذ عمرو بيد قادح ثم مر به على جَوَاريه فإذا هن مُقْبلات على ماوكلن به لم يفقِدْ منهن واحدةً، ثم انطلق آخذا بيد قادح إلى منزله فوجد سُلَيطا قد افترش امرأته، فقال له أبو مظعون : إن المعافى غير مخدوع، تهكما بقادح، فأخذ قادح السيفَ وشدَّ على سُلَيط، فهرب فلم يدركه، ومال إلى امرأته فقتلها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 10 12- إنَّ فيِ الشَّرِّ خِيَاراً الخير: يجمع على الخِيار والأخيار، وكذلك الشر يجمع على الشِّرَار والأشرار: أي أن في الشر أشياء خيارا. ومعنى المثل - كما قيل - بعض الشر أهون من بعض، ويجوز أن يكون الخيار الاسم من الاختيار: أي في الشر ما يُخْتَار على غيره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 11 13- إنَّ الْحَديِدَ بالْحَدِيِدِ يُفْلَحُ الفَلْح: الشَّقُّ، ومنه الفلاَّح للحَرَّاث لأنه يشق الأرض: أي يُسْتعان في الأمر الشديد بما يشاكله ويقاويه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 11 14- إنَّ الْحَمَاةَ أُولِعَتْ بالْكَنَّهْ ... وَأُولِعَتْ كَنَّتُهَا بالظِّنَّهْ الحماة: أم زوج المرأة، والكَنَّة: امرأة الابن وامرأة الأخ أيضاً، والظنة: التهمة، وبين الحماة والكنة عداوة مستحكمة يضرب في الشر يقع بين قوم هو أهلٌ لذلك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 11 15- إن للهِ جُنُوداً مِنْهَا العَسَلُ قاله معاوية لما سمع أن الأشْتَر سُقِيَ عسلاً فيه سم فمات. يضرب عند الشَّماتة بما يصيب العدو. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 11 16- إن الْهَوى لَيَمِيلُ بِاسْتِ الرَّاكِبِ أي مَنْ هوى شيئاً مال به هواه نحوه، كائناً ما كان، قبيحاً كان أو جميلا، كما قيل: إلى حيثُ يَهْوَى القَلْب تَهْوِي به الرجل ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 12 17- إنَّ الْجَوَادَ قَدْ يَعْثُرُ يضرب لمن يكون الغالبُ عليه فعلَ الجميل، ثم تكون منه الزَّلَّة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 12 18- إنَّ الشَّفِيقَ بِسُوءِ ظَنٍّ مُولَعُ يضرب للمَعْنِيِّ بشأن صاحبه، لأنه لا يكاد يظن به غير وقوع الحوادث، كنحو ظُنُون الوالدات بالأولاد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 12 19- إنَّ المَعَاذيرَ يَشُوبُها الكَذِبُ يقال: مَعْذِرة ومَعَاذِر ومَعَاذِير. يحكى أن رجلا اعتذر إلى إبراهيم النَّخَعي، فقال إبراهيم: قد عذرتك غير معتذر، إن المعاذير، المثلَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 12 20- إنَّ الْخَصَاصَ يُرَى فِي جَوْفِها الرَّقَمُ الْخَصَاص: الفُرْجَة الصغيرة بين الشيئين. والرقَم: الداهية العظيمة، يعني أن الشيء الحقير يكون فيه الشيء العظيم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 12 21- إنَّ الدَّوَاهِيَ في الآفاتِ تَهْتَرِس ويروى "ترتهس" وهو قلبُ تهترس من الهَرْسِ، وهو الدقّ، يعني أن الآفات يموج بعضها في بعض ويدق بعضها بعضاً كثرة. يضرب عند اشتداد الزمان واضطراب الفتن. وأصله أن رجلا مر بآخر وهو يقول: يا ربِّ إما مهرةً أو مهراً، فأنكر عليه ذلك، وقال: لا يكون الجنين إلا مهرةً أو مهراً، فلما ظهر الجنين كان مُشَيَّأَ الْخَلْقِ مختلفه، فقال الرجل عند ذلك: قَدْ طَرَّقَتْ بجنينٍ نصفُهُ فَرَسٌ ... إن الدواهِيَ في الآفاتِ تهترس الجزء: 1 ¦ الصفحة: 12 22- إنَّ عَلَيْكَ جُرَشْاً فَتَعَشَّه يقال: مضى جُرْشٌ من الليل، وجَوْش: أي هزيع. قلت: وقوله "فتعشه" يجوز أن تكون الهاء للسكت، مثل قوله تعالى: {لم يَتَسَنّهْ} في أحد القولين، ويجوز أن تكون عائدة إلى الْجَرْش على تقدير: فتعشَّ فيه، ثم حذف "في" وأَوْصَلَ الفعلَ إليه، كقول الشاعر: وَيَوْمٍ شَهدْنَاهُ سُلَيْماً وَعَامِراً ... قَلِيلٌ سِوَى الْطعنِ الدِّرَاكِ نَوَافِلُهْ [ص: 13] أي شهدنا فيه. يضرب لمن يؤمر بالاتّئاد والرفق في أمرٍ يبادره، فيقال له: إنه لم يَفُتْكَ، وعليك ليل بعدُ، فلا تعجل. قال أبو الدقيش: إن الناس كانوا يأكلون النسناس، وهو خَلْقٌ لكل منهم يدٌ ورجل، فرعى اثنان منهم ليلا، فقال أحدهما لصاحبه: فَضَحك الصبحُ، فقال الآخر : إن عليك جَرْشاً فتعشَّهْ. قال: وبلغني أن قوما تبعوا أحد النسناس فأخذوه فقال للذين أخذاه: يارُبَّ يَوْمٍ لَوْ تَبِعْتُمَانِي ... لمتُّمَا أَوْ لَتَركْتُمَانِي فأدرِكَ فذُبح في أصل شجرة فإذا في بطنه شَحْم، فقال آخر من الشجرة: إنه آكِلُ ضَرْوٍ، فقال الثالث: فأنا إذن صُمَيْمِيت، فاستنزل فذبح. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 12 23- إنَّ وَرَاءَ الأكَمةِ مَا وَرَاءَهَا أصله أن أَمَةً واعدت صديقها أن تأتيه وراء الأكمة إذا فرغَت من مهنة أهلها ليلا، فشغلوها عن الإنجاز بما يأمرونها من العمل، فقالت حين غلبها الشوقُ: حبستموني وإن وراء الأكَمَة ما وراءها. يضرب لمن يُفْشِي على نفسه أَمْرَاً مستوراً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 13 24- إنَّ خَصْلَتَينِ خَيْرُهُما الكَذِبُ لَخَصْلَتَا سُوءٍ يضرب للرجل يعتذر من شيء فَعَله بالكذب. يحكى هذا المثل عن عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى، وهذا كقولهم: عذرُهُ أَشَدُّ من جُرْمِه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 13 25- إنَّ مَنْ لا يَعْرِفُ الوَحْيَ أحْمَقُ ويروى الْوَحَى مكان الوَحْيِ. يضرب لمن لا يَعْرف الإيماء والتعريضَ حتى يجاهر بما يراد إليه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 13 26- إنَّ فِي الْمَعَارِيضِ لَمَنْدُوحَةً عَنِ الْكَذِبِ هذا من كلام عِمْرَان بن حصين. والمعاريض: جمع الْمِعْرَاض، يقال: عرفتُ ذلك في معراض كلامه، أي فَحْوَاه. قلت: أجود من هذا أن يقال: التعريض ضدُّ التصريح، وهو أن يُلْغِزَ كلامه عن الظاهر، فكلامه مَعْرض، والمعاريض جمعه. ثم لك أن تثبت الياء وتحذفها، والْمَندُحة: السَّعَة، وكذلك النُّدْحَة، يقال: إن في كذا نُدْحَةً: أي سَعَة وفُسْحة. يضرب لمن يحسب أنه مضطر إلى الكذب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 13 27- إنَّ الْمَقْدِرَةَ تُذْهِبُ الْحفِيظَةَ المَقْدِرة (ذكر لغتين وترك ثالثة، وهي بفتح الميم وسكون القاف ودالها مثلثة) والمَقْدُرة: القدرة، والحفيظة: الغضب. قال أبو عبيد: بلغنا هذا المثلُ عن رجل عظيم من قريش في سالف الدهر كان يطلب رجلا بِذَحْلٍ (الذحل - بفتح الذال وسكون الحاء - الثأر) فلما ظفر به قال: لولا أن المقدرة تذهب الحفيظة لانتقمت منك، ثم تركه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 14 28- إنَّ السَّلاَمَةَ مِنْهَا تَرْكُ ما فيها قيل: إن المثل في أمر اللَقطة توجَد، وقيل: إنه في ذم الدنيا والحثِّ على تركها، وهذا في بيت أولهُ: والنفسُ تَكْلَفُ بالدنيا وقد علمت ... أنَّ السلامة منها تَرْكُ ما فيها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 14 29- إنَّ سِوُادَها قَوَّمَ لِي عِنَادَهَا السِّواد: السِّرار، وأصله من السَّواد الذي هو الشخص، وذلك أن السِّرار لا يحصل إلا بقرب السواد من السواد، وقيل لابنة الْخُسِّ وكانت قد فَجَرت: ما حملكِ على ما فعلتِ؟ قالت: قُرْبُ الوِسَاد وطُولُ السِّواد. وزاد فيه بعضُ المُجَّان: وحُبُّ السِّفَاد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 14 30- إنَّ الهَوَان لِلَّئيمِ مَرْأمَة المَرْأَمة: الرِّئْمَانُ، وهما الرأفة والعطف. يعني إذا أكرمْتَ اللئيم استخفَّ بك، وإذا أهنته فكأنك أكرمته، كما قال أبو الطيب: إذا أَنْتَ أكرمْتَ الكريمَ ملكتَهُ ... وإنْ أَنْتَ أكرمْتَ اللئيمَ تمرَّدَا وَوَضْعُ النَّدَى في مَوْضِع السيفِِ بالعُلاَ ... مُضِرّ كوضعِ السيف في موضع النَّدَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 14 31- إنَّ بَنِيَّ صِبْيَةٌ صَيْفِيُّونْ ... أفْلَحَ مَنْ كانَ لَهُ رِبْعِيُّونْ يضرب في التندم على ما فات. يقال: أَصَافَ الرجلُ، إذا وُلد له على كبر سنه، وولده صَيْفيون، وأَرْبَعَ الرجل إذا وُلد له في فَتَاء سنه، وولدُهُ رِِبْعِيُّون، وأصلُها مستعار من نِتاج الإبل، وذلك أن رِبْعِيَّة النِّتَاج أولاه، وَصَيْفيته أخراه، فاستعير لأولاد الرجل. يقال: أول من قال ذلك سعد بن مالك بن ضُبَيعة، وذلك أنه ولد له على كبر السن، فنظر إلى أولاد أَخَوَيْه عمرو وعَوْف، وهم رجال، فقال البيتين، وقيل: بل قاله معاوية ابن قُشَيْر، ويتقدمهما قولهُ: [ص: 15] لَبِّثْ قَلِيلاً يَلْحَقِ الداريُّونْ ... أَهْلُ الْجِبَابِ البُدَّنُ المَكْفِيُّونْ سَوْفَ تَرَى إن لَحِقُوا ما يُبْلُونْ ... إنَّ بَنِيَّ صِبْيَةٌ صَيْفِيُّونْ وكان قد غزا اليمن بولدهِ فقُتِلوا ونجا وانصرف ولم يبق من أولاده إلا الأصاغر، فبعث أخوه سَلَمَةُ الخير أولاده إليه، فقال لهم: اجلسوا إلى عمكم وحَدِّثوه ليسلو، فنظر معاوية إليهم وهم كبار وأولاده صغار، فساءه ذلك، وكان عَيُوناً فردَّهم إلى أبيهم مخافة عينه عليهم وقال هذه الأبيات. وحكى أبو عبيد أنه تمثل به سليمانُ بن عبد الملك عند موته، وكان أراد أن يجعل الخلافة في ولده فلم يكن له يومئذ منهم مَنْ يصلح لذلك إلا مَنْ كان من أولاد الإماء، وكانوا لا يَعْقِدُون إلا لأبناء المَهَائر. قال الجاحظ: كان بنو أمية يرون أن ذهاب ملكهم يكون على يد ابن أم ولد، ولذلك قال شاعرهم: ألم تَرَ للخلاَفَةِ كَيْفَ ضَاعَتْ ... بأن جُعِلَتْ لأبْناء الإمَاءِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 14 32- إنَّ الْعَصَا مِنَ الْعُصَيَّةِ قال أبو عبيد: هكذا قال الأصمعي، وأنا أحسبه العُصَية من العَصَا، إلا أن يُرَاد أن الشيء الجليلَ يكون في بَدْء أمره صغيرا، كما قالوا: إن القَرْم من الأفِيل (القرم - بفتح القاف وسكون الراء - الفحل من الإبل، والأفيل - بوزن الأمير - ابن المخاض فما دونه، وهذا مثل سيأتي) ، فيجوز حينئذ على هذا المعنى أن يقال: العَصَا من العُصَية. قال المفضل: أول من قال ذلك الأفْعَى الْجُرْهُمي، وذلك أن نِزَاراً لما حَضْرَتْه الوفاة جَمَع بنيه مضر وإيادا وربيعة وأنمارا، فقال: يا بني، هذه القبة الحمراء - وكانت من أدَم - لمضر، وهذا الفرس الأدهم والخِباء الأسود لربيعة، وهذه الخادم - وكانت شَمْطَاء - لإياد، وهذه البدرة والمجلس لأنمار يجلس فيه، فإن أشكل عليكم كيف تقتسمون فائتوا الأفعى الجرهمي، ومنزلُه بنَجْرَان. فتشاجروا في ميراثه، فتوجَّهُوا إلى الأفعى الجرهمي، فبيناهم في مسيرهم إليه إذ رأى مُضَر أثَرَ كلأ قد رُعِىَ فقال: إن البعير الذي رَعَى هذا لأعْوَر، قال ربيعة: إنه لأزْوَرُ، قال إياد: إنه لأبتَرُ (الأزور: الذي اعوج صدره أو أشرف أحد جانبي صدره على الآخر، والأبتر: المقطوع الذنب) قال أنمار: إنه لَشَرُود، فساروا قليلا فإذا هم برجل يَنْشُد جَمَله، فسألهم عن البعير، فقال مضر: أهو أعور؟ قال: نعم، [ص: 16] قال ربيعة: أهو أزور؟ قال: نعم، قال إياد: أهو أبتر؟ قال: نعم، قال أنمار: أهو شَرُود؟ قال: نعم، وهذه والله صفة بعيري فدُلوني عليه، قالوا: والله ما رأيناه، قال: هذا والله الكذبُ. وتَعَلَّق بهم وقال: كيف أصَدِّقكم وأنتم تَصِفون بعيري بصفته؟ فساروا حتى قَدِموا نَجْران، فلما نزلوا نادى صاحبُ البعير: هؤلاء أَخَذوا جَمَلي ووصَفوا لي صفته ثم قالوا: لم نَرَهُ، فاختصموا إلى الأفْعَى، وهو حَكَم العرب فقال الأفعى: كيف وصفتموه ولم تَرَوْه؟ قال مضر: رأيته رَعَى جانبا وتَرَك جانبا فعلمتُ أنه أعور، وقال ربيعة: رأيت إحدى يديه ثابتة الأثَر والأخرى فاسدته، فعلمت أنه أَزْوَر، لأنه أفسَده بشدةِ وَطُئه لازوراره، وقال إياد: عرفت أنه أبتر باجتماع بَعَره، ولو كان ذَيَّالا لَمَصَع به، وقال أنمار: عرفت أنه شَرُود لأنه كان يرعى في المكان الملفتِّ نَبْتُه ثم يَجُوزُه إلى مكان أرقَّ منه وأخبثَ نَبْتاً فعلمت أنه شَرُود، فقال للرجل: ليسوا بأصحاب بعيرك فاطلبه، ثم سألهم: مَنْ أنتم؟ فأخبروه، فرحَّب بهم، ثم أخبروه بما جاء بهم، فقال: أتحتاجون إليَّ وأنتم كما أرى؟ ثم أنزلهم فَذَبَحَ لهم شاة، وأتاهم بخَمْر: وجلس لهم الأفعى حيث لا يُرَى وهو يسمع كلامهم، فقال ربيعة: لم أَرَ كاليوم لحماً أطيبَ منه لولا أن شاته غُذِيت بلبن كلبة! فقال مضر: لم أر كاليوم خمراً أطيَبَ منه لولا أن حُبْلَتَها نبتت على قَبر، فقال إياد: لم أر كاليوم رجلا أسْرَى منه لولا أنه ليس لأبيه الذي يُدْعَى له! فقال أنمار: لم أر كاليوم كلاما أَنْفَعَ في حاجتنا من كلامنا، وكان كلامُهم بأذُنِهِ، فقال: ما هؤلاء إلا شياطين ثم دعا القَهْرَمَان فقال: ما هذه الخمر؟ وما أمرها؟ قال: هي من حُبْلَة غرستُها على قبر أبيك لم يكن عندنا شرابٌ أطيبُ من شرابها، وقال للراعي: ما أمر هذه الشاة؟ قال: هي عَنَاق أرضَعْتُها بلبن كلبة، وذلك أن أمها كانت قد ماتت ولم يكن في الغنم شاة ولدت غيرها، ثم أتى أمه فسألها عن أبيه، فأخبرته أنها كانت تحت ملك كثير المال، وكان لا يولد له، قالت: فخفتُ أن يموت ولا ولد له فيذهب الملك، فأمكنت من نفسي ابنَ عم له كان نازلا عليه، فخرج الأفعى إليهم، فقصَّ القومُ عليه قصتهم وأخبروه بما أوصى به أبوهم، فقال: ما أشْبَهَ القبة الحمراء من مال فهو لمضر، فذهب بالدنانير والإبل الحمر، فسمى "مضر الحمراء" لذلك، وقال: وأما صاحب الفرس الأدهم والخِباء الأسود فله كل شيء أسود، فصارت لربيعة الخيلُ [ص: 17] الدُّهْمُ، فقيل " ربيعة الفرس" وما أشبه الخادمَ الشمطاء فهو لإياد، فصار له الماشية البُلْقُ من الحَبَلَّقِ والنَّقَدِ (الحبلق: غنم صغار لا تكبر، والنقد: جنس من الغنم قبيح الشكل) ، فسمى " إياد الشَّمْطَاء" وقضى لأنمار بالدراهم وبما فَضَل فسمى " أنمار الفضل" فصَدَروا من عنده على ذلك، فقال الأفعى : إن العصا من العُصَية، وإن خُشَيْناً من أخْشَن، ومُسَاعدة الخاطل تعد من الباطل، فأرسلهن مُثُلاً، وخُشَيْن وأخشن: جَبَلاَن أحدهما أصغر من الآخر، والخاطل: الجاهل، والْخَطَل في الكلام: اضطرابه، والعُصَيَّة: تصغير تكبير مثل " أنا عُذَيْقُها المرَجَّبُ وجُذَيْلُها المُحَكَّكُ" والمراد أنهم يشبهون أباهم في جَوْدة الرأي، وقيل: إن العصا اسم فرس، والعُصَيَّة اسم أمه، يراد أنه يحكي الأم في كَرَم العِرْق وشرف العِتْق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 15 33- إنَّ الكَذُوبَ قَدْ يَصْدُقُ قال أبو عبيد: هذا المثل يضرب للرجل تكون الإساءة الغالبةَ عليه، ثم تكون منه الهَنَةُ من الإحسان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 17 34- إنَّ تَحْتَ طِرِّيقَتِكَ لَعِنْدَأْوَةً الطِّرَقُ: الضعف والاسترخاء، ورجل مَطْروق: فيه رخوة وضعف، قال ابن أحمر: ولا تَصِلِي بمَطْرُوقٍ إذا ما ... سَرَى في القوم أصبح مستكينا ومصدره الطِّرِّيقة بالتشديد. والعِنْدَأوَة: فِعْلأَوة من عَنَد يَعْنُد عُنُوداً إذا عَدَل عن الصواب، أو عَنَدَ يَعْنِدُ إذا خالف وردَّ الحق. ومعنى المثل أن في لينه وانقياده أحياناً بعضَ العسر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 17 35- إنَّ الْبَلاَءَ مُوَكَّلٌ بالمَنْطِقِ قال المفضل: يقال: إن أول من قال ذلك أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه فيما ذكره ابن عباس، قال: حدثني علي ابن أبي طالب رضي الله تعالى عنه لما أمِرَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن يَعْرِضَ نفسَه على قبائل العرب خرج وأنا معه وأبو بكر، فَدُفِعْنَا إلى مجلسٍ من مجالس العرب، فتقدم أبو بكر وكان نَسَّابة فسَلَّم فردُّوا عليه السلام، فقال: ممن القوم؟ قالوا: من ربيعة، فقال: أمِنْ هامتها أم من لَهَازمها؟ قالوا: من هامتها العظمى، قال: فأيُّ هامتها العظمى أنتم؟ قالوا: ذُهْلٌ الأكبر، قال: أفمنكم عَوْف الذي يقال له لاَحُرّ بِوَادِي عَوْف؟ قالوا: لا، قال: أفمنكم بِسْطَام ذُو اللَّواء ومنتهى الأحياء؟ قالوا: لا؟ قال: أفمنكم جَسَّاس بن مُرَّةَ [ص: 18] حامي الذِّمار ومانِعُ الجار؟ قالوا: لا، قال: أفمنكم الحَوْفَزَان قاتل الملوك وسالبها أنفَسها؟ قالوا: لا، قال: أفمنكم المزدَلف صاحب العِمَامة الفَرْدة؟ قالوا: لا، قال: أفأنتم أخوال الملوك من كِنْدَة؟ قالوا: لا، قال: فلستم ذُهْلا الأكبر، أنتم ذهل الأصغر، فقام إليه غلام قد بَقَلَ وَجْههُ يقال له دغفل، فقال: إنَّ عَلَى سِائِلِناَ أنْ نَسْأَلَه ... وَالْعِبْءُ لاَ تَعْرِفُهُ أوْ تَحْمِلَهُ يا هذا، إنك قد سألتنا فلم نكتمك شيئاً فمن الرجل أنت؟ قال: رجل من قريش، قال: بخ بخ أهل الشرف والرياسة، فمن أي قرش أنت؟ قال: من تَيْم بن مُرَّة، قال: أمْكَنْتَ والله الرامي من صفاء الثغرة، أفمنكم قُصَيّ بن كلاب الذي جَمَعَ القبائل من فِهْر وكان يُدْعَى مُجَمِّعاُ؟ قال: لا، قال: أفمنكم هاشم الذي هَشَم الثريدَ لقومه ورجالُ مكة مُسْنتُونَ عِجَاف؟ قال: لا، قال: أفمنكم شَيْبَةُ الحمدِ مُطْعم طير السماء الذي كأن في وجهه قمراً يضيء ليل الظلام الداجي؟ قال: لا، قال: أفمن المُفِيضينَ بالناس أنت؟ قال: لا، قال: أفمن أهل النَّدْوَة أنت؟ قال: لا، قال: أفمن أهل الرِّفادة أنت؟ قال: لا، قال: أفمن أهل الحِجَابة أنت؟ قال: لا، قال: أفمن أهل السِّقَاية أنت؟ قال: لا، قال: واجتذبَ أبو بكر زِمام ناقته فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال دغفل: صادَفَ دَرأ السيل دَرْأً يصدعُهُ، أما والله لو نبتَّ لأخبرتك أنك من زَمَعَات قريش أو ما أنا بدغفل، قال،: فتبسَّم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، قال علي: قلت لأبي بكر: لقد وقَعْتَ من الأعرابي على باقِعَةٍ، قال: أجَلْ إن لكل طامة طامة، وإن البلاء مُوَكَّل بالمنطق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 17 36- إنَّما سُمِّيتَ هَانِئاً لِتَهْنَأ يقال: هَنَأْتُ الرجل أهْنَؤُه وأهْنِئهُ هَنأْ إذا أعطيته، والاسم الهِنْء - بالكسر - وهو العطاء: أي سميت بهذا الاسم لتُفْضِلَ على الناس، قال الكسائي: لتهنأ أي لتَعُولَ، وقال الأموي: لتَهْنِئَ أي لِتُمْرِئَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 18 37- إنَّهُ لَنِقَابٌ يعني به العالم بمُعْضِلات الأمور، قال أوس بن حجر: جَوَادٌ كَرِيمٌ أخُو مَاقِطٍ ... نِقَابٌ يحدث بالغائب ويروى عن الشعبي أنه دخل على [ص: 19] الحجاج بن يوسف فسأله عن فريضة من الجد فأخبره باختلاف الصحابة فيها، حتى ذكر ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، فقال الحجاج: إن كان ابنُ عباس لَنِقَاباً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 18 38- إنَّهُ لَعِضٌّ أي دَاهٍ، قال القطامي: أحَادِيث مِنْ أنْباء عَادٍ وَجُرْهُم ... يُثَوِّرُهَا العِضَّانِ زَيْدٌ وَدغْفلُ يعني زيد بن الكيس (في القاموس: زيد بن الحارث) النمري ودغفلا الذهلي، وكانا عالمي العرب بالأنساب الغامضة والأنباء الخفية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 19 39- إنَّهُ لوَاهًا مِنَ الرِّجَالِ يروى واها بغير تنوين: أي أنه محمودُ الأخلاق كريم، يعنون أنه أهل لأن يقال له هذه الكلمة، وهي كلمة تعجب وتلذذ، قال أبو النجم: واهاً لريَّا ثمَّ وَاهاً وَاهاَ ... ويروى "وَاهاً" بالتنوين، ويقال للئيم: إنه لغَيْرُ وَاها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 19 40- إنَّمَا خَدَشَ الْخُدُوشَ أَنُوشُ الخَدْش: الأثر، وأنوش: هو ابن شيث ابن آدم صلى الله عليهما وسلم، أي أنه أول من كَتَبَ وأثر بالخط في المكتوب. يضرب فيما قَدُمَ عهدُه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 19 41- إنَّ العَوَانَ لا تُعَلَّم الْخِمْرَةَ قال الكسائي: لم نسمع في العَوَان بمصدر ولا فعل. قال الفراء: يقال عَوَّنَتْ تَعْوِينا وهي عَوَان بينةُ التعوين. والْخِمْرَة: من الاختمار كالجِلْسة من الْجُلُوس اسم للهيئة والحال: أي أنها لا تحتاج إلى تعليم الاختمار. يضرب للرجل المجرب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 19 42- إنَّ النِّسَاءَ لَحْمٌ عَلَى وَضَمْ الوَضَم: ما وُقِيَ به اللحمُ من الأرض بارِيَّةٌ (البارية: الحصير المنسوج من القصب ونحوه) أو غيرها، وهذا المثل يروى عن عمر رضي الله عنه حين قال: لا يخلُوَنَّ رجل بِمُغِيبَةٍ، إن النساء لحمٌ على وضم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 19 43- إنَّ الْبَيْعَ مُرْتَخَصٌ وَغَالٍ قالوا: أول مَنْ قال ذلك أُحَيْحَةُ بن الجُلاَح الأوْسِيُّ سيد يثرب، وكان سبب ذلك أن قيس بن زهير العبسي أتاه - وكان صديقا له - لما وقع الشر بينه وبين بني عامر، وخرج إلى المدينة ليتجَهَّز لقتالهم حيث قتل خالدُ بن جعفر زهيرَ بن جَذِيمة، فقال قيس لأحَيْحَة: يا أبا عمرو، نُبِّئت أن عندك دِرْعا فبِعْنِيهَا أو هَبْها لي، فقال: يا أخا بني عَبْس ليس مثلي يبيع السلاح ولا يفضل [ص: 20] عنه، ولَولا أني أكره أن أستلئم إلى بني عامر لوهبتها لك ولحملتك على سَوَابق خيلي، ولكن اشْتَرِها بابن لَبُون فإن البيع مرتخص وغال، فأرسلها مثلا، فقال له قيس: وما تكره من استلآمك إلى بني عامر؟ قال: كيف لا أكره ذلك وخالد بن جعفر الذي يقول: إذا ما أرَدْتَ العزَّ في دار يثرب ... فنادِ بصوتٍ يا أحَيْحَةُ تُمْنَعِ رأينا أبا عَمْرٍ وأحَيْحَةَ جَارُهُ ... يَبيتُ قريرَ العين غيرَ مُرَوّعِ ومن يأتِهِ من خائِفٍ يَنْسَ خوفَه ... ومن يأته من جائِعِ البطنِ يَشْبَعِ فضائلُ كانت للجُلاَح قديمة ... وأكْرِمْ بفَخْرٍ من خصالك أربع فقال قيس: يا أبا عمرو ما بعد هذا عليك من لوم، ولهى عنه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 19 44- إلاَّ حَظِيَّةً فَلا أَلِيَّةً مصدر الحَظِيَّة: الحُظْوَة، والحِظْوَة والحِظَة، والألِيَّة: فَعيلة من الألْو، وهو التقصير، ونصب حظيَّةً وأليَّةً على تقدير إلاّ أكُنْ حظيةً فلا أكون أليَّةً، وهي فَعيلة بمعنى فاعلة، يعني آليةً، ويجوز أن يكون للازدواج، والحَظِية: فعيلة بمعنى مفعولة، يقال: أحْظَاها الله فهي حَظِية، ويجوز أن تكون بمعنى فاعلة، يقال: حَظِىَ فلانٌ عند فلان يَحْظَى حُظْوَةً فهو حَظِيّ، والمرأة حَظِية، قال أبو عبيد: أصل هذا في المرأة تَصْلَفُ عند زوجها فيقال لها: إن أخطأتْكِ الحُظْوة فلا تألِي أن تتودَّدي إليه. يضرب في الأمر بمُداراة الناس ليدرك بعضَ ما يحتاج إليه منهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 20 45- أمَامَها تَلْقَى أَمَةٌ عَمَلَها أي إن الأمة أيْنَمَا توجهت ليقتْ عملا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 20 46- إنَّهُ لأََخْيَلُ مِنْ مُذَالَةٍ أخْيَلُ: أفْعَلُ من خَالَ يَخَالُ خَالاً إذا اختال، ومنه: وَإنْ كُنْتَ لِلْخَالِ فَاذْهَبُ فَخَلْ ... والمُذَالة: المُهَانة. يضرب للمختال مهانا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 20 47- إنِّي لآكُلُ الرَّأْسَ وَأَنَا أعْلَمُ ما فِيهِ يضرب للأمر تأتيه وأنت تعلم ما فيه مما تكره الجزء: 1 ¦ الصفحة: 20 48- إذَا جاءَ الْحَيْنُ حارَتِ العَيْنُ قال أبو عبيد: وقد روى نحو هذا عن ابن عباس، وذلك أن نَجْدَة الحَروُرِيّ أو نافعا الأزْرَقَ قال له: إنك تقول إن الهدهد إذا نَقَر الأرض عرف مسافة ما بينه وبين [ص: 21] الماء وهو لا يبصر شعيرة الفَخَّ، فقال: إذا جاء القَدَر عمى البصر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 20 49- إنَّهُ لشَدِيدُ جَفْنِ العَيْنِ يضرب لمن يَقْدر أن يصبر على السهر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 21 50- أنْفٌ في السَّماءِ واسْتٌ فِي الماءِ يضرب للمتكبر الصغير الشأن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 21 51- أنْفُكَ مِنْكَ وَإِنْ كانَ أذَنَّ الَّذنِين: ما يسيل من الأنف من المُخَاط وقد ذَنّ الرجلُ يَذِنُّ ذَنِيناُ فهو أذَنٌّ، والمرأة ذَنَّاء. وهذا المثل مثلُ قولهم: أَنْفُكَ منك وإن كان أجْدَعَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 21 52- إِنَّهُ لَخَفِيفُ الشُّقَّةِ يريدون إنه قليلُ المسألة للناس تعفُّفاً الجزء: 1 ¦ الصفحة: 21 53- إذَا ارْجَعَنَّ شَاصِياً فَارْفَعْ يَدا وروى أبو عبيد "ارْجَحَنّ" وهما بمعنى مَالَ، ويروى "اجرعن" وهو قلب ارجعن وشاصيا: من شَصَا يَشْصُو شُصُوّا إذا ارتفع. يقول: إذا سقط الرجل وارتفعت رجلهُ فاكْفُفْ عنه، يريدون إذا خَضَع لك فكفّ عنه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 21 54- إِنَّ الذَّلِيلَ الَّذِي لَيْسَتْ لَهُ عَضُدُ أي: أنصار وأعوان، ومنه قوله تعالى: {وما كُنْتُ متخذَ المضِّلين عَضُداً} وفَتّ في عضده: أي كسر من قوته. يضرب لمن يَخْذُلُه ناصِرُه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 21 55- إِنْ كُنْتَ بي تَشُدُّ أزْرَكَ فَأَرْخِهِ أي إن تَتَّكل عليَّ في حاجتك فقد حُرِمْتَهَا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 21 56- إِنْ يَدْمَ أظَلُّكَ فَقَدْ نَقِبَ خُفِّي الأظَلُّ: ما تحت مَنْسِمِ البعير. والخفُّ: واحد الأخفاف، وهي قوائمه. يضربه المشكّو إليه للشاكي: أي أنا منه في مثل ما تشكوه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 21 57- أتَتْك بحَائِنٍ رِجْلاَهُ كان المفضَّل يخبر بقائل هذا المثل فيقول: إنه الحارث بن جَبَلَة الغَسَّاني، قاله للحارث بن عيف العبدي، وكان ابن العيف قد هَجَاه، فلما غزا الحارث بن جَبَلة المنذرَ ابن ماء السماء كان ابن العيف معه، فقُتِل المنذر، وتفرقت جموعُه، وأسِرَ ابنُ العيف، فأتى به إلى الحارث بن جَبَلة، فعندها قال : أتتك بحائن رجلاه، يعني مسيرَه مع المنذر إليه، ثم أمر الحارث سيافه الدلامص فضربه ضربةً دقت منكبه، ثم برأ منها وبه خَبَل وقيل: أول مَنْ قاله عَبيدُ بن الأبْرَصِ حين عَرَض للنعمان بن المنذر في يوم بؤسه، وكان قَصده ليمدحه، ولم يعرف أنه يومُ [ص: 22] بؤسه، فلما انتهى إليه قال له النعمان: ما جاء بك يا عَبيد؟ قال: أتتك بحائن رجلاه، فقال النعمان: هلا كان هذا غَيْرَك؟ قال: الْبَلاَيا على الْحَوَايا، فذهبت كلمتاه مثلا، وستأتي القصة بتمامها في موضع آخر من الكتاب إن شاء الله تعالى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 21 58- إِيَّاكَ وَأهْلَبَ الْعَضْرَطِ الأهْلَبُ: الكثيرُ الشعر. والْعَضْرَط: ما بين السَّهِ والمذاكير، ويقال له العِجَان، وأصل المثل أن امرأة قال لها ابنها: ما أجِدُ أحداً إلا قهرْتُه وغلبته، فقالت: يا بني إياك وأهْلَبَ العَضْرَطِ، قال: فصرعَه رجل مرة، فرآى في استه شَعْرا، فقال: هذا الذي كانت أمي تحذرني منه. يضرب في التحذير للمُعْجَب بنفسه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 22 59- أنْتَ كالْمُصْطادِِ بِاسْتهِ هذا مثل يضرب لمن يطلب أمرا فيناله من قرب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 22 60- أنا ابْنُ بَجْدَتِهَا أي أنا عالم بها، والهاء راجعة إلى الأرض، يقال: عنده بَجْدَةُ ذاك، أي علم ذاك، ويقال أيضاً: هو ابن مدينتها، وابن بجدتها، من "مَدَنَ بالمكان" و "بَجَدَ" إذا أقام به، ومَنْ أقام بموضع علم ذلك الموضع، ويقال: البَجْدَةُ الترابُ، فكأنَّ قولَهم "أنا ابن بجدتها" أنا مخلوق من ترابها، قال كعب بن زهير: فيها ابنُ بجدتِهَا يكاد يُذِيبه ... وَقْدُ النهار إذا اسْتَنَارَ الصَّيْخَدُ يعني بابن بجدتها الحِرْبَاء، والهاء في قوله " فيها" ترجع إلى الفَلاَة التي يصفها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 22 61- إِلَى أُمِّه يَلْهَفُ الَّلهْفَانُ يضرب في استعانة الرجل بأهله وإخوانه والَّلهْفَان: المتحسر على الشيء، واللَّهِيف: المضطر، فوضع اللهفان موضع اللهيف، ولَهِفَ معناه تلَّهفَ أي تحسر، وإنما وصَل بإلى على معنى يلجأ ويفر، وفي هذا المعنى قال القُطَامي: وإذا يُصيبك والحوادثُ جَمَّةٌ ... حَدَثٌ حَدَاك إلى أخيك الأوْثَقِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 22 62- أُمٌّ فَرَشَتْ فَأَنامَتْ يضرب في بر الرجل بصاحبه، قال قُرَاد: وكنت له عَمًّا لطيفا، ووالدا ... رَءُوفاً، وأمّا مَهَّدَتْ فأنَامَتِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 22 63- إِذا عَزَّ أَخُوكَ فَهُنْ قال أبو عبيد: معناه مُيَاسَرتَكُ صديقَك ليست بضَيْم يركبك منه فتدخلك [ص: 23] الحميَّة به، إنما هو حسن خلُق وتفضّل، فإذا عاسَرَك فياسره. وكان المفضل يقول: إن المثل لهُذَيل ابن هُبَيرة التَّغْلبي، وكان أغار على بني ضبة فغنم فأقبل بالغنائم، فقال له أصحابه: اقْسِمْهَا بيننا، فقال: إني أخاف إن تشاغلتم بالاقتسام أن يدرككم الطلب، فأبوا، فعندها قال : إذا عزَّ أخوك فهُنْ، ثم نزل فقسم بينهم الغنائم، وينشد لابن أحمر: دَبَبْتُ له الضَّرَاء وقُلْتُ: أبْقَى ... إذا عَزَّ ابنُ عمك أنْ تَهُونَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 22 64- أخاكَ أَخَاكَ إِنَّ مَنْ لا أَخالَهُ ... كَسَاعِ إلَى الهَيْجا بِغَيْرِ سِلاَحِ نصَب قوله "أخلك" بإضمار فعل: أي الزم أخاك، أو أكرم أخاك، وقوله " إن من لا أخا له" أراد لا أخَ له، فزاد ألِفاً لأن في قوله "له" معنى الإضافة، ويجوز أن يحمل على الأصل أي أنه في الأصل أخَوٌ فلما صار أخا كعَصاً ورحىً ترك ههنا على أصله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 23 65- أيُّ الرِّجَالِ المُهَذَّبُ أول من قاله النابغةُ حيث قال: ولَسْتَ بِمُسْتَبْقِ أخاً لا تَلُمُّهُ ... على شَعَثٍ، أيُّ الرجالِ المهذَّبُ؟ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 23 66- أَنا عُذَلَةٌ وَأَخِي خُذَلَة ... وكلاَنا لَيْسَ بِابْنِ أمَةٍ يضرب لمن يَخْذُلك وتَعْذِله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 23 67- إِنَّهُ لَحَثِيثُ التَّوالِي ويقال: لَسَريعُ التوالي. يقال ذلك للفرس، وتواليه: مآخيرُهُ رِجْلاه وذَنَبه، وتَوَالِي كل شيء: أواخره. يضرب للرجل الجادّ المسرع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 23 68- أّخُوكَ مَنْ صَدَقَكَ النَّصِيحَةَ يعني النصيحة في أمر الدين والدنيا: أي صدقك في النصحية، فحذف "في" وأوصل الفعل، وفي بعض الحديث "الرجُلُ مِرْآة أخيه" يعني إذا رأى منه ما يكره أخْبَره به ونهاه عنه، ولا يوطئه العَشْوَة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 23 69- إِنْ تَسْلَمِ الْجِلَّةُ فَالنَّيبُ هَدَر الجِلَّة: جميع جَليل، يعني العظامَ من الإبل. والنِّيب: جمع نَابٍ، وهي الناقة المسنَّة، يعني إذا سلم ما يُنتفع به هان مالا ينتفع به. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 23 70- إِذَا تَرَضَّيْتَ أَخَاكَ فَلاَ أَخَا لَك الترضِّي: الإرضاء بجَهْد ومشقة. يقول: إذا ألجأك أخوك إلى أن تترضَّاه وتداريه فليس هو بأخ لك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 23 71- إِنَّ أَخَاكَ لَيُسَرُّ بأنْ يَعتَقلَ قاله رجل لرجل قُتل له قَتيل فعُرِض عليه العَقْل فقال: لا آخذه، فحدَّثَ بذلك رجلٌ فقال: بل والله إن أخاك ليُسَرُّ بأن يعتقل، أي يأخذ العَقْل، يريد أنه في امتناعه من أخذ الدية غير صادق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 24 72- أصُوصٌ عَلَيْهَا صُوصٌ الأصوص: الناقة الحائلُ السمينة، والصُّوص: اللئيم، قال الشاعر: فألفيتكم صُوصاً لُصُوصاً إذا دجا ال ... ظلامُ (الظلامُ) وهَيَّابِينَ عند البَوَارِقِ يضرب للأصل الكريم يظهر منه فرع لئيم. ويستوي في الصُّوص الواحدُ والجمع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 24 73- أخَذَتِ الإِبِلُ أسْلِحَتَها ويروى " رِمَاحَهَا" وذلك أن تسمن فلا يجد صاحبُها من قلبه أن يَنْحَرَها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 24 74- إَنَّهُ يَحْمِي الحَقِيقَةَ، ويَنْسِلُ الوَدِيقَةَ، ويَسُوقُ الوَسِيقَةَ أي يحمي ما تحقُّ عليه حمايتُه، وينسل: أي يُسْرع العَدْوَ في شدة الحرِ، وإذا أخذ إبلا من قوم أغار عليهم لم يَطْرُدْها طَرْداً شديداً خوفاً من أن يُلْحق، بل يسُوقها سَوْقاً على تُؤَدة ثقةً بما عنده من القوة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 24 75- إِنَّ ضَجَّ فَزِدْهُ وِقْراً ويروى " إن جَرْجَرَ فزده ثقلا" أصلُ هذا في الإبل، ثم صار مثلا لأن تُكَلِّفَ الرجلَ الحاجةَ فلا يضبطها بل يَضْجَر منها فيطلب أن تخفف عنه فتزيده أخرى، كما يقال: زيادة الإبرام، تُدْنيك من نيل المرام. ومثلُه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 24 76- إنْ أعْيَا فَزِدْهُ نَوْطاً النَّوْطُ: العِلاَوة بين الجُوَالَقَيْنِ. يضرب في سؤال البخيل وإن كرهه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 24 77- إنَّما يَجْزِي الفَتى لَيْسَ الجَملَُ يريد "لا الجمل" يضرب في المكافأة، أي إنما يَجْزِيك مَنْ فيه إنسانية لا من فيه بهيمية، ويروى "الفتى يجزيك لا الجمل" يعنى الفتى الكَيِّس لا الأحمق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 24 78- إِنَّما القَرْمُ مِنَ الأفيِلِ القَرْم: الفحل. والأفِيل: الفَصِيلُ يضرب لمن يعظم بعد صغره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 24 79- إذَا زَحَفَ البَعيرُ أعْيَتْهُ أُذُناهُ يقال: زَحَفَ البعير، إذا أعيا فَجَرَّ فِرْسِنَهُ عَياء، قاله الخليل. يضرب لمن يثقل عليه حمله فيضيق به ذَرْعاً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 24 80- إحْدَى نَوادِهِ البَكْرِ وروى أبو عمرو " إحدى نواده النكر" النَّدْهُ: الزجر، والنواده: الزواجر. يضرب مثلا للمرأة الجريئة السَّلِيطة، وللرجل الشَّغِب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 25 81- إنَّما أُكِلْتُ يَوْمَ أُكِل الثَّوْرُ الأبْيَضُ يورى أن أمير المؤمنين عليا رضي الله تعالى عنه قال: إنما مَثَلي ومثلُ عثمان كمثل أنوار ثلاثة كنَّ في أَجَمةٍ أبيضَ وأسودَ وأحمرَ، ومعهن فيها أسد، فكان لا يقدِرُ منهن على شيء لاجتماعهن عليه، فقال للثور الأسود والثور الأحمر: لا يُدِلُّ علينا في أَجَمتنا إلا الثورُ الأبيضُ فإن لونه مشهور ولوني على لونكما، فلو تركتماني آكُلُه صفَتْ لنا الأَجمة، فقالا: دونَكَ فكُلْه، فأكله، ثم قال للأحمر: لوني على لونك، فَدَعْني آكل الأسود لتصفو لنا الأجَمة، فقال: دونَكَ فكُلْه، فأكله، ثم قال للأحمر: إني آكِلُكَ لا مَحاَلة، فقال: دني أنادي ثلاثا، فقال: افْعَلْ، فنادى ألاَ إني أكِلْتُ يوم أكِلَ الثورُ الأبيض، ثم قال علي رضي الله تعالى عنه: ألا إني هُنْتُ - ويورى وَهَنْتُ - يوم قتل عثمان، يرفع بها صوته. يضربه الرجل يُرْزَأ بأخيه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 25 82- إنْ ذَهَبَ عَيْرٌ فَعَيْرٌ في الرِّبَاطِ الرِّباط: ما تشد به الدابة، يقال: قَطع الظبْي رِباطَه، أي حِبالته. يقال للصائد: إن ذهب عَيْر فلم يَعْلَقْ في الحِبالة فاقتصر على ما علق. يضرب في الرضا بالحاضر وترك الغائب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 25 83- إنَّما فُلاَنٌ عَنْزٌ عَزُوزٌ لَها دَرٌّ جمٌّ العَزُوز: الضيقة الإحليل. يضرب للبخيل الموسِرِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 25 84- إنَّما هُوَ كَبَارحِ الأَرْوَى، قَلِيلاً ما يُرى وذلك أن الأرْوَى مساكنُها الجبالُ فلا يكاد الناس يرونها سانحةً ولا بارحةً إلا في الدهر مرة. يضرب لمن يرى منه الإحسان في الأحايين. وقوله "هو" كناية عما يبذل ويعطى، هذا الذي يضرب به المثل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 25 85- أوَّلُ الصَّيْدِ فَرَعٌ الْفَرَعُ: أول وَلَد تنتجه الناقة، كانوا يذبحونه لآلهتهم يتبركون بذلك، وكان الرجل يقول: إذا تمت إبلي كذا نَحَرْتُ أول نتيج منها، وكانوا إذا أرادوا نحره زَيَّنُوه [ص: 26] وألبسوه، ولذلك قال أوس يذكر أزمة في شدة البرد وَشُبِّهَ الهَيْدَبُ العَبَامُ من الْ ... أقْوَامِ سَقْباً مُجَلِّلاً فَرَعَا قال أبو عمرو: يضرب عند أول ما يرى من خير في زَرْع أو ضَرْعٍ وفي جميع المنافع. ويروى : أول الصيد فَرَع ونِصَاب. وذلك أنهم يُرْسِلون أول شيء يصيدونه يتيمنون به، ويروى: أولُ صيدٍ فَرَعَه (فرعه في هذا التفسير: فعل ماض معناه أراق دمه) . يضرب لمن لم ير منه خير قبل فعلته هذه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 25 86- أخَذَهُ أخْذَ سَبعُةٍ قال الأصمعي: يعني أخذ سَبُعَةٍ - بضم الباء - وهي اللَّبُؤة، وقال ابن الأعرابي: أخذ سَبْعَة أراد سَبْعَةً من العدد، قال: وإنما خص سبعة لأن أكثر ما يستعملونه في كلامهم سبع، كقولهم: سبع سَموات، وسبع أرضين، وسبعة أيام، وقال ابن الكلبي: سَبُعة رجلٌ شديدُ الأخذ يضرب به المثل، وهو سَبُعة ابن عَوْف بن ثعلبة بن سَلاَمَان بن ثُعَل بن عمرو بن الغَوْث. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 26 87- إِنَّما أنْتَ خِلاَفَ الضَّبُعِ الرَّاكِبَ وذلك أن الضبع إذا رأتْ راكباً خالَفَتْه وأخَذَت في ناحية أخرى هرباً منه، والذئب يعارضُه مضادةً للضبع. يضرب لمن يخالف الناسَ فيما يصنعون. ونصب "خلاف" على المصدر: أي تخالف خلاف الضبع (وإضافة خلاف للضبع من إضافة المصدر لفاعله، والراكب مفعوله) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 26 88- إذا نامَ ظالِعُ الكِلاَبِ قال الأصمعي: وذلك أن الظالع منها لا يقدر أن يُعَاظِل مع صحاحها لضعفه، فهو يؤخر ذلك وينتظر فراغ آخرها، فلا ينام حتى إذا لم يَبْقَ منها شيء سَفَد حينئذ ثم نام يضرب في تأخير قضاء الحاجة. قال الحطيئة: أَلاَ طرقَتْنَا بعدَ ما نام ظالعُ ال ... كلابِ وأَخْبى نَارَهُ كلُّ مُوقِدِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 26 89- إِنَّما هُوَ ذَنَبُ الثَّعْلَبِ أصحاب الصيد يقولون: رَوَاغ الثعلب بذَنَبه يميله فتتبع الكلاب ذَنَبه، يقال: أروغ من ذَنَبِ الثعلب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 26 90- إذا اعْتَرَضْتَ كاعْتِراضِ الهِرَّهْ ... أوْشَكْتَ أنْ تَسَقُطَ في أُفُرَّهْ اعترض: افْتَعَلَ من العرض وهو النشاط. والأفُرَّة: الشدة. يضرب للنشيط يغفل عن العاقبة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 26 91- إِنْ تَكُ ضَبًّا فإنِّي حِسْلُه يضرب في أن يَلْقَى الرجلُ مثلَه في العلم والدهاء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 27 92- أَخَذَهُ أَخْذَ الضَّبِّ وَلَدَهُ أي أخذه أخذةً شديدة، أراد بها هلَكَته، وذلك أن الضب يحرس بيضه عن الهوامّ، فإذا خرجت أولادُه من البَيْض ظنَّها بعض أحناش الأرض، فجعل يأخذ ولده واحداً بعد واحد ويقتله، فلا ينجو منه إلا الشريد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 27 93- إِنَّهُ لَصِلُّ أَصْلاَلٍ الصِّل: حية تقل لساعتها إذا نَهَشَت. يضرب للداهي. قال الشاعر (نسبه في الصحاح إلى النابغة الذبياني وفيه "نضناضة بالرزايا") : ماذا رُزِئْنَا به من حَيَّةٍ ذَكَرٍ ... نَضْنَاضَةٍ بالمنايا صِلِّ أصْلاَلِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 27 94- إذَا أَخَذْتَ بِذَنَبَةِ الضَّبِّ أغْضَبْتَهُ ويروى "برأس الضب" والذَّنَبة والذنب واحد، وقيل: الذَّنبة غير مستعملة. يضرب لمن يُلْجئ غيرَه إلى ما يكره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 27 95- إِنَّهُ لَهِترُ أهْتَارٍ الهِتْر: العجب والداهية. يضرب للرجل الداهي المنكر. قال بعضهم: الهِتْر في اللغة العَجَب فسمي الرجل الدَّاهِي به، كأن الدَّهْر أبدَعَه وأبرزه للناس ليعجبوا منه، والهِتْر: الباطل، فإذا قيل "فلان هتر" أي من دَهَائه يَعْرِض الباطلَ في معرض الحق، فهو لا يخلوا أبداً من باطل، فجعلوه نفس الباطل، كقول الخنساء: فإنما هِيَ إقْبَالٌ وَإِدْبَارُ ... وأضافه إلى أجناسه إشارة إلى أنه تميَّز منهم بخاصية يفْضُلهم بها، ومثله "صِلُّ أَصْلاَل" وأصله الحية تكون في الصّلة وهي الأرض اليابسة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 27 96- إِنَّهُ لَيُقَرِّدُ فُلاناً أي يَحْتال له ويَخْدَعه حتى يستمكن منه، وأصله أن يجئ الرجلُ بالخِطام إلى البعير الصَّعْب وقد ستَره عنه لئلاَّ يمتنع، ثم ينتزع منه قُرَاداً حتى يستأنسَ البعيرُ ويُدْنِىَ إليه رأسه، فيرمي بالخِطام في عنقه، وفيه يقول الحُطَيئة: لعمرك ما قُرَادُ بني كُلَيْبٍ ... إذا نُزِعَ القراد بمستطاع أي: لا يُخْدَعون. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 27 97- الإثْمُ حَزَّازُ القُلوبِ يعني ما حَزَّ فيها وحَكَّها: أي أثَّرَ، كما قيل: الإثم ما حَكَّ في قلبك وإن أَفْتَاكَ [ص: 28] الناسُ عنه وأَفْتَوْكَ. والحَزَاز: ما يتحرك في القلب من الغم، ومنه قول ابن سيرين حين قيل له ما أشد الورع فقال: ما أيْسَرَه إذا شككت في شيء فدَعْه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 27 98- أيُّهَا المُمْتَنُّ عَلَى نَفْسِكَ فَلْيَكُن المَنُّ عَلَيْكَ الامتنان: الإنعام والإحسان، يقال لمن يحسن إلى نفسه: قد جَذَبْتَ بما فعلتَ المنفعةَ إلى نفسك فلا تَمُنَّ به على غيرك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 28 99- الأَوْبُ أوْبُ نَعَامَةٍ الأوْبُ: الرجوع. يضرب لمن يعجل الرجوع ويُسْرع فيه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 28 100- إِنَّه لَوَاقِعُ الطَّائِرِ قال الأصمعي: إنما يضرب هذا لمن يوصَفُ بالحلم والوقار. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 28 101- إِذَا حَكَكْتُ قَرْحَةً أدْمَيْتُها يحكى هذا عن عمرو بن العاص، وقد كان اعتزل الناسَ في آخر خلافة عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه، فلما بلغة حَصْره ثم قَتْله قال: أنا أبو عبد الله إذا حككتُ قَرْحَةً أدميتها. روى عن عامر الشعبي أنه كان يقول: الدُّهاة أربعة: معاوية، وعمرو بن العاص، والمغيرة بن شعبة، وزِياد بن أبِيهِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 28 102- إِنَّمَا هُوَ كَبَرْقِ الْخُلَّبِ يقال: بَرْقٌ خُلَّبٌ، وبرقُ خُلَّبٍ بالإضافة، وهما البرق الذي لا غَيْثَ معه كأنه خَادِع. والخلَّبُ أيضاً: السحاب الذي لا مَطر فيه، فإذا قيل: برق الخلب، فمعناه برقُ السحابِ الخلب. يضرب لمن يَعِدُ ثم يخلف ولا ينجز. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 28 103- إِنْ يَبْغِ عَلَيْكَ قَوْمُكَ لاَ يَبْغِ عَلَيْكَ القَمَرُ قال المفضل بن محمد: بلغنا أن بني ثعلبة ابن سعد بن ضبة في الجاهلية تَرَاهنوا على الشمس والقمر ليلة أربع عشرة، فقالت طائفة: تطلع الشمس والقمر يُرَى، وقالت طائفة: بل يغيب القمر قبل أن تطلع الشمس فتراضَوْا برجل جَعَلوه بينهم، فقال رجل منهم: إن قومي يبغون علي، فقال العَدْل : إِنْ يَبْغ عليك قومُك لا يبغ عليك القمر، فذهب مثلاً. هذا كلامه. والبغي: الظلم، يقول: إن ظلمك قومُك لا يظلمك القمر، فانظر يتبين لك الأمر والحق. يضرب للأمر المشهور. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 28 104- إذَا سَمِعْتَ الرَّجُلَ يَقُولُ فيكَ مِنَ الْخَيْرِ ما لَيْسَ فِيكَ فَلا تَأْمَنْ أنْ يَقولَ فِيكَ مِنَ الشَّر مَا لَيْسَ فِيكَ قاله وَهْب بن مُنَبه رحمه الله. يضرب في ذم الإسراف في الشيء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 29 105- إذَا اتَّخَذْتُمْ عِنْدَ رَجُلٍ يَداَ فانْسَوْهَا قاله بعض حكماء العرب لبنيه. قال أبو عبيد: أراد حتى لا يقع في أنفسكم الطَّوْل على الناس بالقلوب، ولا تذكروها بالألسنة، وقال: أَفْسَدْتَ بالمنِّ ما أصلَحْتَ من يُسُرِ (بوزن عنق هنا، ويسر بوزن قفل، وهي بمعنى الغنى، والمحفوظ "من نعم") ... ليس الكريم إذا أَسْدى بمنَّانِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 29 106- إِنَّه لَمُنَجَّذٌ أي مُحَنَّك، وأصله من الناجذ، وهو أقصى أسنان الإنسان، هذا قول بعضهم. والصحيح أنها الأسنان كلها لما جاء في الحديث "فَضَحِكَ حتى بَدَتْ نَوَاجِذُه" قال الشمَّاخ: نَوَاجِذُهُنَّ كالحدَإِ الوَقِيع ... ويروى "إنه لمنجد" بالدال غير معجمة من النَّجْد وهو المكان المرتفع، أو من النَّجْدَة، وهي الشجاعة: أي أنه مقوى بالتجارب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 29 107- أكْلاً وَذَمًّا أي يؤكل أكلا ويذم ذماً. يضرب لمن يذم شيئاً قد ينتفع به، وهو لا يستحق الذم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 29 108- النِّسَاءُ شَقَائِقُ الأَقْوَامِ الشقائق: جمع شقيقة، وهي كل ما يشق باثنين، وأراد بالأقوام الرجالَ، على قول من يقول: القوم يقع على الرجال دون النساء، ومعنى المثل إن النساء مثلُ الرجال وشقت منهم، فلهن مثل ما عليهن من الحقوق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 29 109- إذا أدْبَرَ الدَّهْرُ عَنْ قَوْمٍ كَفَى عَدُوَّهُم أي إذا ساعدهم كفاهم أمر عدوهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 29 110- إِذَا قَطَعْنَا عَلَمَاً بَدَا عَلَمٌ الجبلُ يقال له العَلَم: أي إذا فرغنا من أمر حَدَث أمر آخر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 29 111- إذا ضَرَبْتَ فأَوْجِعَ وَإِذَا زَجَرْتَ فَأسْمِعْ يضرب في المبالغة وترك التَّواني والعَجْز. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 29 112- إِذا سَأَلَ ألْحَفَ وَإنْ سُئِل سَوَّف قاله عَوْن بن عبد الله بن عتبة في رجل ذكره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 29 113- إنْ كُنْتَ رِيحاً فَقَدْ لاَقَيْتَ إِعْصارا قال أبو عبيدة: الإعصار ريحٌ تهبّ شديدة فيما بين السماء والأرض. يضرب مثلا للمُدِلّ بنفسه إذا صُلِىَ بمن هو أدهى منه وأشدّ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 30 114- أمْرُ نَهارٍ قُضِيَ لَيْلاً يضرب لما جاء القومَ على غِرَّة منهم ممن لم يكونوا تأهَّبُوا له. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 30 115- أمْرٌ سُرِيَ عَلَيْهِ بِلَيْلٍ أي قد تقدم فيه وليس فَجْأة، وهذا ضد الأول. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 30 116- أمْرَ مُبْكِيَاتِكِ لا أمْرَ مُضحِكاتِكِ قال المفضل: بلَغَنا أن فتاة من بنات العرب كانت لها خالات وعمات، فكانت إذا زارت خالاتها أَلْهَيْنَها وأضحكنها، وإذا زارت عماتها أَدَّبْنها وأّخَذْن عليها، فقالت لأبيها: إن خالاتي يلطفنني، وإن عماتي يبكينني، فقال أبوها وقد علم القصة: أَمْرَ مبكياتك، أي الزمي واقبلي أمر مبكياتك، ويروى "أَمْرُ" بالرفع، أي: أمر مبكياتك أَوْلى بالقَبول والاتباع من غيره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 30 117- إِنَّ الَّليْلَ طَوِيلٌ وَأنْتَ مُقْمِر قال المفضل: كان السُّلَيْك بن السُّلَكَة السَّعْدي نائماً مشتملاً، فبينا هو كذلك إذ جَثَم رجُلٌ على صَدْره، ثم قال له: استأسِر، فقال له سليك: الليلُ طويل وأنت مقمر، أي في القمر، يعني أنك تجد غيري فَتَعَدّني، فأبى، فلما رأى سُلَيك ذلك الْتَوَى عليه وتسنَّمه. يضرب عند الأمر بالصبر والتأنيّ في طلب الحاجة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 30 118- إِنَّ مَعَ اليَوْمِ غَداً يا مُسْعِدَة يضرب مثلا في تنقُّلِ الدوَل على مر الأيام وكَرِّها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 30 119- إِحْدَى لَيَاليكِ فَهِيسِي هِيسِي قال الأموي: الهَيْسُ السيرُ أَيَّ ضَرْب كان، وأنشد: إِحْدى لياليكِ فَهِيسِي هِيسِي ... لا تَنْعَمِي الليلَةَ بالتَّعْرِيس يضرب للرجل يأتى الأمر يحتاج فيه إلى الجدّ والاجتهاد، ومثله قولهم: إِحْدَى لياليكِ منَ ابْنِ الْحُر ... إذا مَشَى خلْفَكِ لم تَجْتَرّي إِلاَّ بقَيْصُومٍ وشِيح مُرِّ ... يضرب هذا في المبادرة، لأن اللصَّ إذا طَرَد الإبلَ ضربها ضرباً يُعْجِلها أن تجتَرَّ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 30 120- أنَا ابْنُ جَلاَ يضرب للمشهور المتعالمَ، وهو من قول سُحَيم بن وَثيل الرِّياحيّ: أنا ابْنُ جَلاَ وطَلاَّع الثَّنَايَا ... مَتَى أضَعِ العِمَامَةَ تَعْرِفُونِي وتمثل به الحجاج على منبر الكوفة. قال بعضهم: ابن جلا النهار، وحكى عن عيسى بن عُمَر أنه كان لا يصرف رجلا يسمى بضَرَبَ، ويحتج بهذا البيت، ويقول: لم ينون جلا لأنه على وزن فَعَل، قالوا: وليس له في البيت حجة، لأن الشاعر أراد الحكاية، فحكى الاسمَ على ما كان عليه قبل التسمية، وتقديره: أنا ابنُ الذي يقال له جَلاَ الأمورَ وكشَفها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 31 121- إِنَّهُ لأَريَضٌ لِلْخَيْرِ يقال: أَرُضَ أَرَاضَة فهو أريض، كما يقال: خَلُق خَلاَقة فهو خَلِيق. يضرب للرجل الكامل الخير، أي: أنه أهلٌ لأن تأتى منه الخصال الكريمة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 31 122- أخَذَتِ الأَرْضُ زُخَارِيَّها وذلك إذا طال النبتُ والتفَّ وخرج زهره، و "مكان زخَارِيّ النباتِ" إذا كان نبتُه كذلك، من قولهم زَخَر النبتُ، قال ابن مُقْبل: زخَاريّ النباتِ كأنَّ فيه ... جياد العَبْقَرِيَّة والقطوع يضرب لمن صَلُح حالُه بعد فساد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 31 123- إِنْ جَانِبٌ أعْيَاكَ فَلْحقْ بِجانِب يضرب عند ضِيق الأمر والحثِّ على التصرّف، ومثله" ... وفي الأرض للحرّ الكريم مَنَادِحُ ... أي مُتَّسَع ومرتزق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 31 124- أنَا إِذَنْ كالخَاتِلِ بالْمَرْخَة المَرْخُ: الشجر الذي يكون منه الزِّناد، وهو يطول في السماء حتى يُسْتَظَلّ به، قالوا: وله ثمرة كأنها هذه الباقلاء. ومعنى المثل: أنا أباديك وإن لم أفعل فأنا إذن كمن يَخْتِلُ قِرْنَه بالمَرْخَة في أن لها ظلا وثمرة ولا طائل لها إذا فتش عن حقيقتها. يضرب في نَفْي الْجُبْن: أي لا أخَافُكَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 31 125- أنَا جُذَيْلُهَا الْمُحَكَّكُ وَعُذَيْقُها المُرَجَّبُ الْجُذَيْل: تصغير الْجِذْل، وهو أصل الشجرة. والمحكَّكُ: الذي تتحكك به الإبل الْجَرْبى، وهو عُود ينصب في مَبَارك الإبل تتمرَّسُ به الإبل الْجَرْبى. والعُذَيْق: تصغير العَذْق - بفتح العين - وهو النخلة، والمرجَّب: الذي جعل له رُجْبَة وهي دِعامة [ص: 32] تُبْنَى حولَها من الحجارة، وذلك إذا كانت النخلة كريمةَ وطالت تخوَّفوا عليها أن تنقعر من الرياحِ العواصِفِ، وهذا تصغير يراد به التكبير، نحو قول لَبيد: وكلُّ أناسٍ سَوْفَ تَدْخُلُ بَيْنَهُم ... دُوَيْهِيَةٌ تَصْفَرّ مِنْهَا الأنامل يعني الموت. قال أبو عبيد: هذا قول الْحُبَاب بن المنذِر بن الْجَمُوح الأنصاريّ، قاله يوم السَّقيفة عند بَيْعة أبي بكر، يريد أنه رجل يُسْتَشْفَي برأيه وعَقْله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 31 126- إِيَّاكُمْ وَخَضْرَاءَ الدِّمَنِ قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقيل له: وما ذاك يا رسول الله؟ فقال: المرأةُ الحسناء في مَنْبِتِ السوء. قال أبو عبيد: نُرَاه أراد فساد النَّسَب إذا خيف أن يكون لغير رِشْدَة، وإنما جعلها خضراء الدِّمَن - وهي ما تُدَمِّنُه الإبلُ والغنم من أبوالها وأبعارها - لأنه ربما نَبَتَ فيها النباتُ الحسنُ فيكون منظره حسناً أنيقاً ومنبِته فاسداً، هذا كلامه. قلت: إن "إيا" كلمة تخصيص، وتقدير المثل: إياكم أخصُّ بنُصْحي وأُحَذِّرُكم خضراءَ الدمن، وأدخل الواو ليعطف الفعلَ المقدر على الفعل المقدر: أي أخصكم وأحذركم ولهذا لا يجوز حذفها إلا في ضرورة الشعر، لا تقول "إياك الأسَدَ" إلا عند الضرورة، كما قال: وإياكَ الَمَحايِنَ أن تَحِينَا ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 32 127- إنَّكَ لَعَالِمٌ بِمَنَابِتِ القَصِيصِ قالوا: القَصِيص جمعُ قَصِيصة وهي شُجَيْرة تنبت عند الكَمْأة، فيستدل على الكمأة بها. يضرب للرجل العالم بما يحتاج إليه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 32 128- إِنَّهُ لأَحْمَرُ كأنَّهُ الصَّرْبَةُ قال أبو زياد: ليس في العَضَاة أكْثَر صمْغاً من الطَّلْح، وصمغه أحمر يقال له: الصَّرْبَة. يضرب في وَصْف الأحمر، إذا بولغ في وصفه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 32 129- أَنْ تَرِدِ المَاءَ بمَاءٍ أكْيَسُ (ضبط في كل الأصول بضبط القلم على أن "إن" أوله شرطية، وأحسب أن ضبطها على أن تكون مصدرية خير، والتقدير: ورودك الماء ومعك ماء أكيس، ويؤيده تقدير المؤلف في آخر كلامه) أي مع ماء، كما قال تعالى: {وقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ} يعني إن تَرِدَ الماء ومعك ماء إن احتجْتَ إليه كان معك خيٌر لك من أن تفرّط في حمله ولعلك تهجم على غير [ص: 33] ماء، وهذا قريب من قولهم "عَشِّ إبلَكَ ولا تَغْتَرّ" يضربان في الأخذ بالحزم. وقالوا في قوله "أكيس" أي أقرب إلى الكَيْسِ. قلت: هذا لا يصح، لأنك لو قلت "زيد أحسن" كان معناه أن حُسْنه يزيد على حسن غيره، لا أنه أقرب إلى الحسن من غيره، ولكن لما كان الوارد منهم يحتاج إلى كَيْسٍ لخفاء مَوَاردهم قالوا: إذا كان معك شيء من الماء وقصدت الورود فلا تُضِعْ ما معك ثقةً بورودك ليزيد كَيْسُك على كَيْس مَنْ لم يصنع صنيعَكَ، هذا وجه ويجوز أن يقال: إنهم يَضَعون أفعل موضعَ الاسم كقولهم "أشْأَمُ كلِّ امرىء بين فَكَّيه" أي شُؤْم كل امرىء، وكقول زهير ... فتنتج لكم غلمان أشأم ... أي غلمانَ شُؤْم، فيكون معنى المثل على هذا التقدير: ورودُكَ الماء مع ماء أكيسُ: أي كِيَاسَة وحَزْم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 32 130- إِنَّمَا أخْشَى سَيْلَ تَلْعَتِي التَّلْعة: مَسِيلُ الماء من السنَد إلى بطن الوادي (لأن من نزل التلعة فهو على خطر أن يجيء السيل فيجرفه) ، ومعنى المثل إني أخاف شرَّ أقاربي وبني عمي. يضرب في شكوى الأقرباء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 33 131- أخَذَهُ بِرُمَّتِهِ أي بجُمْلته، الرُّمَّة: قطعة من الحبل بالية والجمع رُمَم ورِمَام. وأصل المثل أن رجلا دَفَع إلى رجل بعيرا بحَبْل في عنقه، فقيل لكل مَنْ دفع شيئا بجملته: دفَعه إليه برُمّته، وأخذه منه برمته، والأصل ما ذكرنا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 33 132- إنَّهُ لَمُعْتَلِثُ الزِّنَادِ العَلْث: الخلط، وكذلك الغَلْث بالغين المعجمة، والمثل يروى بالوجهين وأصله أنيعترض الرجل الشجر اعتراضا، فيتخذ زِناده مما وَجَد، واعتلث بمعنى عَلَث، والمعتلث المخلوط. يضرب لمن لم يتخير أبوه في المنكح. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 33 133- إنَّه لأَلْمَعِيُّ ومثله لَوْذَعي. يضرب للرجل المصيب بظنونه، قال أوس بن حجر: الألْمَعِيّ الذِي يَظُنُّ بِكَ ال ... ظَّنَّ كأنْ قَدْ رَأَى وَقَدْ سَمِعَا وأصله من لَمَعَ إذا أضاء، كأنه لمع له ما أظلم على غيره. وفي حديث مرفوع أنه عليه الصلاة والسلام قال: لم تكن أمَّةٌ إلا كان فيها مُحَدَّث، فإن يَكُنْ في هذه الأمة [ص: 34] مُحَدَّث فهو عمر، قيل: وما المحدَّث؟ قال: الذي يَرَى الرأيَ ويظن الظنّ فيكون كما رأى وكما ظن، وكان عمر رضي الله تعالى عنه كذلك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 33 134- أيُّ فَتىً قَتَلَهُ الدُّخَانُ أصله أن امرأة كانت تبكي رجلا قَتَله الدخان، وتقول : أيُّ فتى قتله الدخان؟ فأجابها مجيبٌ فقال: لو كان ذا حيلة لتَحَوّل يضرب للقليل الحيلة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 34 135- إِنّ الغَنِيِّ طَويلُ الذّيْلِ مَيَّاسُ أي: لا يستطيع صاحبُ الغنى أن يكتمه، وهذا كقولهم "أبَتِ الدَّرَاهِمُ إلا أن تُخْرِجَ أعْنَاقَها" قاله عمر رضي الله عنه في بعض عُمَّاله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 34 136- إِنّ لَمْ تَغْلِبْ فَاخْلُبْ ويروى " فَاخْلِبْ" بالكسر، والصحيح الضم، يقال: خَلَبَ يَخْلُبُ خِلاَبة وهي الخديعة. ويراد به الْخُدْعَة في الحرب، كما قيل: نَفَاذُ الرأي في الحرب، أنفذ من الطعن والضرب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 34 137- إِنَّ أخَا الْهَيْجَاءِ مَنْ يَسْعى مَعَكْ ... وَمَنْ يَضُرُّ نَفْسَهُ لِيَنْفَعَكْ يضرب في المساعدة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 34 138- إنَّي لأَنْظُرُ إلَيْهِ وَإلَى السَّيْفِ يضرب للمَشْنُوء المكروه الطَّلْعَةِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 34 139- الأَمْرُ سُلْكَى وَلَيْسَ بمَخْلوجَةٍ السُّلْكَى: الطعنة المستقيمة، والمَخْلُوجة: الْمُعْوَجَّة، من الخَلْجِ وهو الجَذْب وأنث الأمر على تقدير الجمع أو على تقدير: الأمر مثل سُلْكى أي مثلُ طعنةٍ سُلْكى، وإن كان لا يوصف بها النكرة، فلا يجوز: امرأة صُغْرى، وجارية طُولى، وقد عِيب على أبي نُوَاس قولُه: كأَنَّ صُغْرَى وكُبْرَى من فَوَاقِعِها ... (هذا صدر بيت، وعجزه قوله: حصباء در على أرض من الذهب ... ) إلا أن يجعل اسماً كقوله وإنْ دَعَوْتِ إلى جُلَّى ومَكْرُمَةٍ ... (هذا صدر بيت لشاعر من شعراء الحماسة وصدره قوله: يوما سراة كرام الناس فادعينا ... ) قالوا: الْجُلَّى الأمر العظيم، فكذلك السُّلْكى الأمر المستقيم، والأصل في هذا قول امرىء القيس: نَطْعَنُهُمْ سُلْكَى ومَخْلُوجَةً ... (هذا صدر بيت، وعجزه قوله: كرك لأمين على نابل ... ) [ص: 35] أي طعنةً مستقيمةً وهي التي تقابل المطعون فتكون أسلك فيه. يضرب في استقامة الأمر ونفي ضدها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 34 140- أزِمَتْ شَجَعَاتُ بِمَا فِيها الأزْمُ: الضيق، يقال: أزَمَ يأزِمُ إذا ضاق والمأزِمُ: المَضِيق في الحرب وشَجَعَات: ثَنِيَّةٌ معروفة، ولهذا المثل قصة ذكرتها عند قوله "أنجَزَ حُرّ ما وعد" في باب النون. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 35 141- إنّهُ لأَنْفَذُ مِنْ خازِقٍ الخازق والخاسق: السِّنان النافذ يوصَف به النافذُ في الأمور. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 35 142- إحْدَى حُظَيَّاتِ لُقْمَانَ الْحُظَيَّة: تصغير الْحَظْوَة بفتح حائه، وهي المرماة (هي سهم صغير قدر ذراع) ، قال أبو عبيد: هي التي لا نَصْلَ لها، ولقمان هذا هو: لُقْمان بن عادٍ، وحديثه أنه كان بينه وبين رجلين من عاد، يقال لهما عمرو وكعب ابنا تِقْن بن معاوية قتال، وكانا رَبَّيْ إبل، وكان لقمان ربّ غنم فأعجبت لقمانَ الإبلُ، فراودهما عنها، فأبَيَا أن يبيعاه، فعمد إلى ألبان غَنَمه من ضأن ومِعْزًى وأنافِحَ من أنافح السَّخْل، فلما رأيَا ذلك لم يلتفتا إليه ولم يرغبا في ألبان الغنم، فلما رأى ذلك لقمان قال: اشتَرِياها ابْنَيْ تِقْن، أقبلَتْ مَيْسا، وأدبَرتْ هَيْسا، وملأت البيتَ أقِطاً وحَيْسا. اشترياها ابْنَيْ تِقْن، إنها الضأن تُجَزّ جفَالاَ، وتُنْتَج رِخَالا، وتحلب كثَباً ثِقالا. فقالا: لا نشريها يالُقْمَ، إنها الإبل حملْنَ فاتسقْنَ، وجرَيْنَ فأَعْنَقْنَ، وبغير ذلك أفلتن، يَغْزُرْن إذا قطن. فلم يبيعاه الإبل ولم يشريا الغنم، فجعل لقمان يُدَاوِرهما، وكانا يَهَابانه، وكان يلتمس أن يغفلا فيشدّ على الإبل ويَطْرُدها، فلما كان ذاتَ يوم أصابا أرنباً وهو يَرْصُدهما رجاء أن يصيبهما فيذهب بالإبل، فأخذا صفيحة من الصَّفا، فجعلها أحدُهما في يده، ثم جعل عليهما كومةً من تراب قد أَحْمَيَاه فملاَّ الأرنب في ذلك التراب فلما أَنْضَجَاها نَفَضَا عنها التراب فأكلاها، فقال لقمان: ياويله أنِيئةً أكلاها، أم الريح أَقْبَلاَها، أم بالشِّيح اشتَوَيَاها، ولما رآهما لقمان لا يغفلان عن إبلهما، ولم يجد فيهما مطمعاً لقيهما ومع كل واحد منهما جَفير مملوء نَبْلاً وليس معه غير نَبْلَين، فخدعهما فقال: ما تصنعان بهذه النبل الكثيرة التي معكما؟ إنما هي حَطَب، فوالله ما أحمل معي غير نَبْلِين، فإن لم أُصِبْ بهما فلستُ بمصيب، فعمدا إلى نبلهما فنثَراها غير سهمين، فعمد إلى النبل فحواها، ولم يُصب لقمان منهما بعد ذلك غِرّة وكان فيما يذكرون لعمرو بن تِقْن امرأة فطلقها، [ص: 36] فتزوجها لقمان، وكانت المرأة وهي عند لقمان تكثر أن تقول: لافَتًى إلا عمرو، وكان ذلك يغَيظ لقمان، ويسوءه كثرة ذكرها، فقال لقمان: لقد كثَرْتِ في عمرو، فوالله لأقتلنَّ عمراً، فقالت: لا تفعل. وكانت لابني تِقْن سمُرة يستظلاَّن بها حتى ترد إبلهما فيسقيانها، فصعدها لقمان، واتخذ فيها عُشٍّا رجاء أن يصيب من ابني تِقْن غِرَّة، فلما وردت الإبل تجرَّد عمرو وأَكَبَّ على البئر يستقي، فرماه لقمان من فوقه بسَهْم في ظهره، فقال: حَس ّ، إحدى حُظَيات لقمان، فذهب مثلا، ثم أَهْوَى إلى السهم فانتزعه، فوقع بصره على الشجرة، فإذا هو بلقمان، فقال: انزل، فنزل، فقال: اسْتَقِ بهذه الدلو فزعموا أن لقمان لما أراد أن يرفع الدلو حين امتلأت نَهَضَ نهضةً فضَرَط، فقال له عمرو: أَضَرَطا آخِرَ اليوم وقد زال الظهر؟ فأرسلها مثلاً. ثم إن عمراً أراد أن يقتل لقمان، فتبَّسم لقمان: فقال عمرو: أضَاحِك أَنْت؟ قال لقمان: ما أَضْحَكُ إلا من نفسي، أما إني نُهِيتُ عما ترى! فقال: ومَنْ نهاك؟ قال: فلانة، قال عمرو: أَفَلِي عليك إن وَهَبْتُك لها أن تُعْلمها ذلك؟ قال: نعم، فخلّى سبيله، فأتاها لقمان فقال: لا فَتًى إلا عمرو، فقالت: أقد لقيته؟ قال: نعم لقيته فكان كذا وكذا ثم أَسَرَني فأراد قتلي ثم وَهَبني لك، قالت: لا فَتًى إلا عمرو. يضرب لمن عُرِف بالشر، فإذا جاءت هَنَةٌ من جنس أفعاله قيل: إحْدَى حُظَيات لقمان أي أنه فَعْلَة من فَعَلاَته. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 35 143- إنَّهُ لَيكْسِرُ عَلَّيَّ أرْعَاظَ النَّبْلِ غَضَباً الرُّعْظ، مدخّلُ النصل في السهم، وإنما يكسره إذا كامته بكلام يغَيظه فيخط في الأرض بسهامه فيكسر أرعاظها من الغيظ قال قَتَادة اليَشْكُريّ يحذّر أهلَ العراق الحجاجَ: حَذَارِ حَذَار الليثَ يحرق نابه ... ويكسر أَرْعَاظاً عليك من الْحِقْدِ يضرب للغضبان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 36 144- إنَّهُ لَيَحْرِقُ عَلَيَّ الأُرَّمُ أي الأسنان، وأصله من الأَرْم وهو الأكل، وقال: بذي فرقين يوم بنو حبيب ... نيوبَهُمُ علينا يَحْرِقُونَا ويروى "هو يَعَضُّ على الأرَّمَ" قال الأصمعي: يعني أصابعه، وقال مؤرّج: يقال في تفسيرها إنها الحصى، ويقال: الأضراس، وهو أبعدها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 36 145- إنَّكَ خَيْرٌ مِنْ تَفَارِيقِ العَصا قالوا: هذا من قول غُنَيَّة الأعرابية لابنها وكان عَارِما كثيرَ التلفت إلى الناس مع ضعف أَسْرٍ ودقة عظم، فواثب يوماً فتى فقطع الفتى أنفه، فأخذت غُنيَة دِيةَ أنفه، فحَسُنت حالها بعد فقر مُدْقِع، ثم واثب آخر فقطع أذنه، فأخذت دِيَتَها، فزادت حُسْنَ حال، ثم واثب آخر فقطع شَفَته، فأخذت الدية، فلما رأت ما صار عندها من الإبل والغنم والمَتَاع، وذلك من كَسْب جوارح ابنها حَسُن رأيها فيه وذكرته في أرجوزتها فقالت: أَحْلِفُ بالْمَرْوَةِ حَقَّاً وَالصَّفَا ... أَنَّكَ خَيْرٌ مِنْ تَفَارِيقِ الْعَصَا قيل لأعرابي: ما تَفَاريق العصا؟ قال: العصا تُقْطع ساَجورا، والسَّوَاجير تكون للكلاب وللأسْرَى من الناس، ثم تقطع عصا الساجور فتصير أوتاداً، ويفرق الوتد، فتصير كل قطعة شِظَاظا، فإن جعل لرأس الشِّظَاظ كالفَلَكة صار للبُخْتي مِهَارا، وهو العود الذي يدخل في أَنْفِ البُخْتى، وإذا فرق المِهار جاءت منه تَوَادٍ، وهي الخشبة التي تشد على خِلْفِ الناقة إذا صُرَّت، هذا إذا كانت عصاً، فإذا كانت قَنَاة فكل شَق منها قَوْس بندقٍ، فإذا فرقت الشقة صارت سهاماً، فإن فرقت السهام صارت حِظاء، فإن فرقت الحظاء صارت مغازل، فإن فرقت المغازل شَعَبَ به الشَّعَّابُ أقداحه المَصْدُوعَةَ وقِصَاعه المشقوقة على أنه لا يجد لها أصلح منها وأليق بها. يضرب فيمن نَفْعُه أَعَمَّ من نفع غيره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 37 146- إنَّ العَصا قُرِعَتْ لِذِي الْحِلْم قيل: إن أول من قُرِعت له العصا عمرُو بن مالك بن ضُبَيْعة أخو سعدِ بن مالك الكِناني، وذلك أن سعداً أتى النعمانَ بن المنذر ومعه خيل له قادها، وأخرى عَرَّاها، فقيل له: لم عَرّيت هذه وقُدْت هذه؟ قال: لم أقد هذه لأمْنَعَهَا ولم أعر هذه لأهَبَهَا. ثم دخل على النعمان، فسأله عن أرضه، فقال: أما مَطَرها فغَزير، وأما نَبْتها فكثير، فقال له النعمان: إنك لَقَوَّال، وإن شئت أتيتك بما تَعْيا عن جوابه، قال: نعم، فأمر وَصيفاً له أن يَلْطِمَهُ، فلطَمه لَطْمة، فقال: ما جواب هذه؟ قال: سَفِيه مأمور، قال: الْطِمْه أخرى، فلطمه، قال: ما جوابُ هذه؟ قال: لو أَخِذ بالأولى لم يعد للأخرى، وإنما أراد النعمان أن يتعدَّى سعد في المنطق فيقتله، قال: الطمه ثالثة، فلطمه، قال: ما جواب هذه؟ قال: رَبٌّ يؤدب عبده، قال: الْطِمْه [ص: 38] أخرى، فلطمه، قال: ما جواب هذه؟ قال: مَلَكْتَ فأسْجِحْ، فأرسلها مثلاً، قال النعمان: أصَبْتَ فامكُثْ عندي، وأعجبه ما رأى منه، فمكث عنده ما مكث. ثم إنه بَدَا للنعمان أن يبعث رائداً، فبعث عمراً أخا سَعْد، فأبطأ عليه، فأغضبه ذلك فأقسم لئن جاء ذامّاً للكلأ أو حامداً له ليقتلنه، فقدم عمرو، وكان سعد عند الملك، فقال سعد: أتأذن أن أُكلمه؟ قال: إذَنْ يقطع لسانك، قال: فأشير إليه؟ قال: إذن تقطع يدك، قال: فأقرع له العصا؟ قال: فَاقْرَعْها، فتناول سعد عَصَا جليسِه وقَرَع بعصاه قرعةً واحدة، فعرف أنه يقول له: مكانك، ثم قرع بالعصا ثلاث قرعات، ثم رفعها إلى السماء ومَسَح عَصَاه بالأرض، فعرف أنه يقول له: لم أَجد جَدْباً، ثم قرع العصا مراراً ثم رفعها شيئاً وأومأ إلى الأرض، فعرف أنه يقول: ولا نَبَاتاً، ثم قرع العصا قرعةً وأقبل نحو الملك، فعرف أنه يقول: كَلِّمه، فأقبل عمرو حتى قام بين يدي الملك، فقال له: أخْبِرْنِي هل حمدت خِصْباً أو ذممت جَدْبا؟ فقال عمرو: لم أذمم هُزْلا، ولم أحمد بَقْلا، الأرضُ مُشْكِلة لا خِصْبُها يعرف، ولا جَدْبُها يوصف، رائدُها واقف، ومُنْكِرها عارف، وآمنُها خائف. قال الملك: أَوْلى لك، فقال سعد بن مالك يذكر قَرْع العصا: قَرَعْتُ العَصَا حتى تبيَّنَ صاحِبِي ... ولم تَكُ لولا ذاك في القوم تُقْرَعُ فقال: رأيتُ الأرضَ ليس بمُمْحِل ... ولا سارح فيها على الرعْيِ يَشْبَعُ سَوَاء فلا جَدْب فيعرفَ جَدْبُها ... ولا صَابَهَا غَيْثٌ غَزير فتُمْرِعُ فَنَجَّى بها حَوْباء نَفْسٍ كريمةٍ ... وقد كاد لولا ذَاكَ فِيهِمْ تقطعُ هذا قول بعضهم. وقال آخرون في قولهم " إن العصا قرعت لذي الحلم": إن ذا الحلم هذا هو عامر بن الظَّرِبِ العَدْوَاني، وكان من حكماء العرب، لا تَعْدِل بفهمه فهماً ولا بحكمه حكماً، فلما طَعَنَ في السن أنكر من عقله شيئاً، فقال لبنيه: إنه قد كبرَتْ سِنِّي وعرض لي سَهْو، فإذا رأيتموني خرجْتُ من كلامي وأخذت في غيره فاقرعوا لي المِجَنَّ بالعصا، وقيل: كانت له جارية، يقال لها خصيلة، فقال لها: إذا أنا خُولِطْتُ فاقرعي لي العصا، وأُتيَ عامر بِخُنْثَى ليحكم فيه، فلم يَدْر ما الحكم، فجعل ينحَر لهم ويُطعمهم ويدافعهم بالقضاء، فقالت خصيلة: ما شأنك؟ قد أتلفْتَ مالك، فخبرها أنه لا يدري ما حكم الخنثى، فقالت: أَتْبِعْهُ مَبَاله. قال الشعبي: فحدثني ابن عباس بها [ص: 39] قال: فلما جاء الله بالإسلام صارت سنة فيه. وعامر هو الذي يقول: أرى شَعَراتٍ على حاجِبَيّ ... بيضاً نبتن جميعاً تُؤَامَا ظَلْلتُ أهاهي بهنَّ الكلا ... ب أَحْسَبُهُنَّ صِوَاراً قِياما وأَحْسِبُ أَنْفِي إذا ما مَشَيْ ... تُ شَخْصاً أمامي رآني فقاما يقال: إنه عاش ثلثمائة سنة، وعو الذي يقول: تقول ابنتي لما رأتني كأنني ... سَليمُ أَفَاعٍ ليلهُ غير مودع وما الْمَوْتُ أفناني، ولكن تتابَعَتْ ... على سِنُونَ مِنْ مَصيف ومَرْبَعِ ثَلاَثُ مِئِينَ قد مَرَرْنَ كوامِلاً ... وها أنا هذا أرتجي مَرّ أَرْبَعِ فأصبحتُ مثلَ النَّسْر طارَتْ فراخُه ... إذا رام تَطْياراً يقال له: قَعِ أُخَبِّر أَخْبَارَ القرونِ التي مَضَتْ ... ولا بدَّ يوماً أن يُطَار بمَصْرَعِي قال ابن الأعرابي: أول من قرعت له العصا عامر بن الظَّرِب العَدْوَاني، وربيعة تقول: بل هو قيس بن خالد بن ذي الجَدَّيْن وتميم تقول: بل هو ربيعة بن مُخَاشِن أحد بني أسيد بن عمرو بن تميم، واليمن تقول: بل هو عمرو بن حُمَمَة الدوسيّ. قال: (ذكر المجد في (ص ح ر) أنها أخت لقمان، وتعقبوه، وذكر هو نفسه في (ح ك م) أنها بنت لقمان، وقد ذكر في الموضع الثاني حكام العرب، وزاد عمن ذكرهم المؤلف هنا فارجع إليه إن شئت) وكانت حكام تميم في الجاهلية أَكْثَمُ بن صَيْفي، وحاجب بن زُرَارة، والأقْرَع بن حَابس، وربيعة بن مُخَاشن، وضَمْرة بن ضَمْرة، غير أن ضمرة حكم فأخذ رِشْوة فغَدَر. وحُكام قَيْس: عامر بن الظَّرِب، وغَيْلاَن بن سَلَمة الثقفي، وكانت له ثلاثة أيام: يوم يحكم فيه بين الناس، ويوم ينشد فيه شعره، ويوم ينظر فيه إلى جماله، وجاء الإسلام وعنده عشر نسوة، فخيره النبي صلى الله عليه وسلم، فاختار أربعاً، فصارت سنة. وحكام قريش: عبدُ المطلب، وأبو طالب، والعاصي بن وائل. وحكيمات العرب: صُحْرُ بنت لقمان (ذكر المجد في (ص ح ر) أنها أخت لقمان، وتعقبوه، وذكر هو نفسه في (ح ك م) أنها بنت لقمان، وقد ذكر في الموضع الثاني حكام العرب، وزاد عمن ذكرهم المؤلف هنا فارجع إليه إن شئت) ، وهند بنت الْخُسّ، وجمعة بنت حابس، وابنة عامر بن الظَّرِبِ الذي يقال له "ذو الحلم" قال المتلمس يريده: لِذِي الْحِلْم قبل اليوم ما تُقْرَعُ العصَا ... وما عُلِّم الإنسان إلا لِيَعْلَمَا والمثل يضرب لمن إذا نُبِّه انتبه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 37 147- أهْلُ القَتِيلِِ يَلُونَهُ قال أبو عبيد: يعني أنهم أشدُّ عنايةً بأمره من غيرهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 40 148- أبَى قائِلُهَا إلاَّ تَيِمُاًّ يروى "تما" بالرفع والنصب والخفض (يريد أن تاء "تما" تحرك بالحركات الثلاث، وعبارته سقيمة) والكسرُ أفصحُ، والهاء راجعة إلى الكلمة. يضرب في تتابُع الناس على أمرٍ مختلَف فيه. والمعنى: مضى على قوله ولم يرجع عنه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 40 149 إنْ أرَدْت المُحَاجَزَة فَقَبْلَ الْمُنَاجَزَة. المحاجزة: الممانعة، وهو أن تمنعه عن نفسك ويمنعك عن نفسه، والمناجزة: من النَّجْز وهو الفَنَاء، يقال: نجز الشئ، أي فَنِيَ، فقيل للمقاتلة والمبارزة: المناجزة، لأن كلا من القِرْنَيْنِ يريد أن يُفْنى صاحبه، وهذا المثل يروى عن أَكْثَمَ بن صَيْفّيٍ. قال أبو عبيد: معناه انْجُ بنفسك قبل لقاء مَنْ لا تقاومه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 40 150- أوَّلُ الْغَزْوِ أخْرَقُ قال أبو عبيد: يضرب في قلة التجارب كما قال الشاعر: الحربُ أولَ ما تكون فَتِيَّةٌ ... تَسْعَى بزينتها لكل جَهُولِ حتَّى إذا اسْتَعَرَتْ وشَبَّ ضِرَامُهَا ... عادت عَجُوزا غَيْرَ ذات حَلِيلِ وصف الغزو بالخرق لخرق الناس فيه، كما قيل "ليل نائم" لنوم الناس فيه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 40 151- إنَّهُ نَسِيجُ وَحْدِهِ. وذلك أن الثوب النفيس لا يُنْسَج على مِنْواله عدةُ أثوابٍ، قال ابن الأعرابي: معنى "نَسِيجَ وَحْدِهِ" أنه واحد في معناه، ليس له فيه ثان، كأنه ثوب نُسج على حِدَته لم ينسج معه غيره، وكما يقال نسيج وحده يقال "رَجُلُ وَحْدِهِ" ويروى عن عائشة أنها ذكرت عمر رضي الله عنهما فقالت: كان والله أحْوَذِيّاً، ويروى بالزاء، نَسِيجَ وَحْدِهِ قد أعدّ للأمور أقرانها، قال الراجز: جاءت به مُعْتَجِراً بِبُرْدِهِ ... سَفْوَاء تردى بنَسِيجِ وَحْدِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 40 152- إنّ الشِّرَاكَ قُدَّ مِنْ أدِيمِهِ. يضرب للشيئين بينهما قُرْبٌ وشَبَه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 40 153- إنّمَا يُعَاتَبُ الأدِيمُ ذُو البَشَرةِ. المعاتبة: المعاودة، وبَشَرة الأديم: ظاهره الذي عليه الشَّعَر، أي أن ما يُعاد إلى الدباغ من الأديم ما سلمت بشرته. [ص: 41] يضرب لمن فيه مُرَاجعة ومُسْتَعْتَب. قال الأصمعي: كل ما كان في الأديم محتمل ما سلمت البشرة، فإذا نَغِلَتْ البشرةُ بطل الأديم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 40 154- إنّ بَيْنَهُمْ عَيْبَةً مَكْفُوفَةً. العَيْبَة: واحدة العِياب والعِيَبِ، وهي ما يجعل فيه الثياب. وفي الحديث "الأنصار كرشي وعَيْبَتي" أي موضع سرى. ومكفوفة: مُشَرَّجَة مشدودة. ومعنى المثل أن أسباب المودة بينهم لا سبيل إلى نقضها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 41 155- إذَا سَمِعْتَ بِسُرَى القَيْنِ فَاْعْلَمْ أنّهُ مُصَبِّحٌ. قال الأصمعي: أصله أن القَيْنَ بالبادية يتنقل في مياههم، فيقيم بالموضع أياما، فيكسد عليه عمله، ثم يقول لأهل الماء: إني راحِل عنكم الليلة، وإن لم يرد ذلك، ولكنه يُشيعه ليستعمله مَنْ يريد استعمالَه، فيكثر ذلك من قوله حتى صار لا يصدق. يضرب للرجل يعرفه الناس بالكذب فلا يقبل قوله وإن كان صادقا، قال نَهْشَل ابن حَرِّيٍّ: وعَهْدُ الغانياتِ كعَهْدِ قَيْنٍ ... وَنَتْ عنه الْجَعائِلُ مستذاق كبَرْقٍ لاح يُعْجِبُ مَنْ رآه ... ولا يَشْفِي الْحَوَاثِمَ مِن لماق حدث أبو عبيدة عن رؤبة قال: لقي الفرزدقُ جريرا بدمشق، فقال: يا أبا حَزْرة أراك تَمَرَّغ في طواحين الشأم بعد، فقال جرير: أيهاه إذا سمعت بسُرَي القين فإنه مصبح، قال: فعجبت كيف تأتَّي لهما، يعني لفظ التمرغ ولفظ القَيْن، وذلك أن الفرزدق كان يقول لجرير "ابن المراغة" وهو يقول للفرزدق "ابن القَيْن". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 41 156- الأكْلُ سَلَجَانٌ والقَضَاءُ لَيَّانٌ. السَّلْج: البَلْع. يقال: سَلَجْتُ اللقمة أي بَلَعْتُهَا. والليَّان: المدافعة، وكذلك اللَّيُّ، ومنه "ليُّ الوَاجِدِ ظلم" ولم يجئ من المصادر شيء على فَعْلاَن بالتسكين إلا اللَّيَّان والشَّنْآن. يضرب لمن يأخذ مال الناس فيسهل عليه، فإذا طولب بالقضاء دافع وصَعُبَ عليه، ومثلُه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 41 157- الأَخْذُ سُرَّيْطٌ والقَضَاءُ ضُرَّيْطٌ. ويروى سُرَّيْطَي وضُرّيْطَي، والمعنى واحد، أي إذا أخذ المال سَرَطَ وإذا طولب أضرط بصاحبه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 41 158- آخِرُهَا أقَلُّهَا شُرْباً. أصله في سَقْي الإبل. يقول: إن المتأخر عن الورود ربما جاء، وقد مضى [ص: 42] الناس بِعِفْوَةِ الماء (عفوة كل شيء: صفوته) وربما وافق منه نفادا، فكن في أول من يُورد، فليس تأخير الورد إلا من العجز والذل، قال النجاشيّ أحَدُ بني الحارث بن كعب يذم قوماً: ولا يَردُونَ الماء إلا عشيةً ... إذا صَدَرَ الوُرَّادُ عن كل مَنْهلِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 41 159- أكَلَ عَلَيْه الدَّهْرُ وَشَرِبَ. يضرب لمن طال عمره، يريدون أكلَ وشرب دهرا طويلا، وقال: كم رأينا من أناسٍ قَبْلَنَا ... شربَ الدهْرُ عَلَيْهِمْ وأَكَلْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 42 160- أبَى الْحَقِينُ العِذْرَةَ. الحقين: اللبن المَحْقُون، والعِذْرة: العُذْر. قال أبو زيد: أصله أن رجلا ضاف قوما فاستسقاهم لبنا وعندهم لبن قد حَقَنوه في وَطْب، فاعتلّوه عليه واعتذروا، فقال: أبى الحقين قبول العذر، أي إنه يُكَذّبهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 42 161- أتَاكَ رَيَّانَ بِلَبَنِهِ. يضرب لمن يعطيك ما فضل منه استغناء، لا كرما، لكثرة ما عنده. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 42 162- أثَرُ الصِّرَارِ يَأْتِي دُونَ الذِّيَارِ. الصِّرار: خيط يُشَدّ فوق الْخِلْف والتودية لئلا يرضع الفصيل، والذِّيار: بعر رَطْب يلطخ به أطْبَاء الناقة لئلا يرتضعها الفصيل أيضا، فإذا جعل الذِّيار على الْخَلْف ثم شدّ عليه الصِّرار فربما قطع الْخَلْف. يضرب هذا في موضع قولهم "بلغ الْحِزاُم الطُّبْيَيْنِ" يعني تجاوز الأمر حدّه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 42 163- أنَا مِنْهُ كَحَاقِنِ الإِهَالَةِ. يقال للشحم والوَدَك المُذَاب: الإهالة، وليس يحقنها إلا الحاذق بها، يحقنها حتى يعلم أنها قد بَرَدَتْ لئلا تحرق السقاء. يضرب للحاذق بالأمر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 42 164- إنَّهُ لَيَعْلَمُ مِنْ أيْنَ تُؤْكَلُ الكَتِفُ. ويروى "من حيث تؤكل الكتف" يضرب للرجل الداهي. قال بعضهم: تؤكل الكتف من أسفلها، ومن أعلى يشق عليك، ويقولون: تجرى المَرَقَة بين لحم الكتف والعظم، فإذا أخذتها من أعلى جَرَت عليك المرقة وانصبَّتْ، وإذا أخذتها من أسفلها انْقَشَرَتْ عن عظمها وبقيت المرقة مكَانَها ثابِتَةً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 42 165- آكُلُ لَحْمِي وَلاَ أدَعُهُ لآكِلٍ. أول من قال ذلك العَيَّار بن عبد الله الضبيّ ثم أحد بني السِّيد بن مالك بن بكر بن سَعْد بن ضبة، وكان من حديثه فيما ذكر المفضل أن العَيَّار وفَد هو وحُبَيْش [ص: 43] ابن دُلَف وضِرَار بن عَمْرو الضَّبّيَّان على النعمان، فأكرمهم وأجرى عليهم نُزُلاً، وكان العيار رجلا بطالا يقول الشعر ويضحك الملوك، وكان قد قال: لا أذْبَحُ النازيَ الشَّبوب ولا ... أسْلَخُ يومَ المُقَامة العُنُقَا وكان منزلهم واحدا، وكان النعمان باديا فأرسل إليهم بجُزُرٍ فيهن تيس فأكلوهن غير التيس فقال ضِرار للعَيَّار وهو أحدثهم سنا: إنه ليس عندنا من يسلخ هذا التيس فلو ذبحته [وسلخته] وكفيتنا ذلك، قال العيار: ما أبالي أن أفعل، فذبح التيس وسَلَخه، فانطلق ضِرار إلى النعمان فقال: أبيت اللعن! إن العيار يسلخ تيسا، قال: أبعد ما قال؟ قال: نعم، فأرسل إليه النعمان فوجَده الرسولُ يسلخ تيسا فأتى به، فقال له: أين قولك ... لا أذبح النازي الشبوب ... ؟ وأنشده البيت، فخجِل العَيَّار، وضحك النعمان منه ساعة، وعَرَف العيار أن ضِرارا هو الذي أخبر النعمان بما صنع، وكان النعمان يجلس بالهاجرة في ظل سُرَادقه، وكان كسا ضرار حلةً من حُلَله، وكان ضرار شيخا أعرج بادنا كثير اللحم، قال: فسكت العيار حتى كانت ساعة النعمان التي يجلس فيها في [ظل] سُرَادقه ويؤتى بطعامه عمد العيار إلى حُلَّة ضرار فلبسها، ثم خرج يتعارج حتى إذا كان بحيال النعمان كشف عنه فخرئ، فقال النعمان: ما الضرار قاتله الله لا يَهَابُني عند طعامي؟ فغضب على ضرار، فخلف ضرار ما فعل، قال: ولكني أرى أن العَيَّار فعل هذا من أجل أني ذكرت سَلْخه التيسَ، فوقع بينهما كلام حتى تشاتما عند النعمان، فلما كان بعد ذلك ووقع بين ضرار وبين أبي مَرْحَبٍ أخي بني يَرْبُوع ما وقع تناول أبو مَرْحَب ضرارا عند النعمان والعيار شاهد، فشتم العيار أبا مرحب وزجَره فقال النعمان: أتشتم أبا مَرْحَب في ضرار وقد سمعتك تقول له شرا مما قال له أبو مرحب؟ فقال العيار: أبيت اللعن وأسعدك إلهك ، آكل لحمي ولا أدعه لآكل، فأرسلها مثلا، فقال النعمان: لا يملك مَوْلىً لمولى نصرا، فأرسلها مثلا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 42 166- إنَّ أخِي كانَ مَلِكي. قال أبو عمرو: إن أبا حَنَش التغلبي لما أدْرَكَ شَرَحْبيل عمّ امرئ القيس، وكان شَرَحْبيل قتل أخا أبي حَنَش قال: يا أبا حَنَش اللَّبَن اللَّبَن، أي خُذْ مني الديَةَ، فقال له أبو حنش: هَرَقْتَ لبناً كثيراً، أي قتلت أخي، فقال له شرحبيل: أمَلِكاً بسُوقة؟ أي أتقتلُ ملكا بدل سوقة، فقال أبو حنش: إن أخي كان مَلِكِي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 43 167- إنّهُ لأَشْبَهُ بِهِ مِنَ التَّمْرَةِ بالتَّمْرَةِ. يضرب في قرب الشبه بين الشيئين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 44 168- إنَّ الْحَبِيبَ إلَى الإِخْوَانِ ذُو المَالِ. يضرب في حفظ المال والإشفاق عليه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 44 169- إنَّ في الْمَرْنَعَةِ لِكُلِّ كَرِيمٍ مَنْفَعَة. المرنعة: الخِصْب. والمنفعة: الغنى والفَضْل، ويروى "مقنعة" من القَنَاعة، وبالفاء من قولهم "مَنْ قَنَع فَنَع" أي استغنى، ومنه قوله: أظِلّ بيتيَ أم حَسْنَاء نَاعِمَةً ... حَسَدْتَنِي أم عَطَاء الله ذَا الْفَنَعِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 44 170- إِذَا طَلَبْتَ الْباطِلَ أُبْدِعَ بِكَ. يقال: أُبْدِعَ بالرجل، إذا حَسَرَ عليه ظهره، أو قام به، أو عطبت راحلته، وفي الحديث " إني أُبْدِِعَ بي فَاحْمِلْنِي". ومعنى المثل إذا طلبت الباطل لم تَظْفَر بمطلوبك وانقطع بك عن الغرض، ويروى "أنجح بك" أي صار الباطل ذا نجح بك، ومعناه أن الباطل يعطي الأعداء منك مُرَادهم، وفي هذا نهي عن طلب الباطل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 44 171- إِذَا نَزَا بِكَ الشَّرُّ فَاقْعُدْ بِه. يضرب لمن يؤمر بالحلم وترك التسرّع إلى الشرّ. ويروى " إذا قام بك الشر فاقعد". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 44 172- إيَّاكَ وَمَا يُعْتَذَرُ مِنْهُ. أي لا ترتكب أمراً تحتاج فيه إلى الاعتذار منه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 44 173- إذَا زَلّ العَالِمُ زَلَّ بِزَلَّتِهِ عَالَمٌ. لأن للعالم تبعاً فهم به يقتدون، قال الشاعر: إن الفقيه إذا غَوَى وأطاعه ... قومٌ غَوَوْا معه فَضَاع وَضَيَّعَا مثل السفينة إن هَوَتْ في لجة ... تَغْرَقْ ويَغْرَقْ كُلُّ ما فيها مَعَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 44 174- أَنْتَ أعْلَمُ أَمْ مَنْ غُصَّ بِها. الهاء للقمة. يضرب لمن جرّب الأمور وعَرَفها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 44 175 إنَّهُ لَدَاهِيَةُ الغَبَرِ. قال الكذاب الحِرْمَازِيّ: أنْتَ لها مُنْذِرُ مِنْ بيْنِ البَشَرْ ... داهية الدَّهْر وَصَمَّاء الغَبَرْ أنْتَ لها إذا عَجَزَتْ عَنْهَا مُضَرْ. قالوا: الغَبَر الداهية العظيمة التي لا يهتدى لها، قلت: وسمعت أن الغَبَر عينُ ماء بعينه تألَفُها الحيَّاتُ العظيمة المنكرة، ولذلك قال الحرمازيّ "وصماء الغَبَرْ" أضاف [ص: 45] الصماء إلى الغَبَر المعروفة، وأصل الغبر الفساد، ومنه العِرْقُ الغَبِر، وهو الذي لا يزال ينتقض، فصماء الغبر بلية لا تكاد تنقضي وتذهب كالعرق الغبر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 44 176- إلاَّ دَهٍ فَلاَ دَهٍ. روى ابن الأعرابي " إلاَّ دَهْ فلا دَهْ" ساكن الهاء، ويروى أيضاً "إلا دِهِ فلا دِهِ" أي إن لم تعط الاثنين لا تعط العشرة، قال أبو عبيد: يضربه الرجل يقول أريد كذا وكذا، فإن قيل له: ليس يمكن ذا، قال: فكذا وكذا، وقال الأصمعيّ: معناه إن لم يكن هذا الآن فلا يكون بعد الآن، وقال: لا أدري ما أصله، قال رؤبة ... وَقُوّل إلاَّ دَهِ فَلا دَهِ ... قال المنذري: قالوا معناه إلا هذه فلا هذه، يعني أن الأصل إلا ذه فلا ذه - بالذال المعجمة - فعربت بالدال غير المعجمة، كما قالوا: يَهُوذا، ثم عرب فقيل: يَهُودا، وقيل: أصله إلا دهي أي إن لم تضرب، فأدخل التنوين فسقط الياء، قال رؤبة: فاليومَ قد نَهْنَهَنِي مُنَهْنِهِي ... وَأَوْلُ حِلْمٍ لَيْسَ بِالْمُسَفَّهِ وَقُوَّلٌ إلاَّ دهِ فَلاَ ده ... وحَقَّةٌ لَيْسَتْ بقول التُّرَّهِ يقول: زَجَرني زواجر العقل ورجوعُ حلم ليس يُنْسب إلى السَّفَه وقُوّل، أي ورجوع قُوَّل يقلن: إن لم تتب الآن مع هذه الدواعي لا تَتُبْ أبداً وقَوْلة حَقَّة، أي وقَالَة حقة، يقال: حَقٌّ وحَقة كما يقال: أهْلٌ وأهْلَة، يريد الموتَ وقربه. روى هشام بن محمد الكلبي عن أبيه عن أبي صالح عن عَقيل عن أبي طالب قال: كان عبد المطلب بن هاشم نديماً لحرْبِ بن أمَيَّة حتى تنافَرَا إلى نُفَيل بن عبد العُزَّى جدّ عمر بن الخطاب، فأنفر عبدَ المطلب فتفرقا، ومات عبد المطلب وهو ابن عشرين ومائة سنة، ومات قبل الفِجَار في الحرب التي بين هَوَضازن، ويقال: بل تَنَافرا إلى غزى سلمة الكاهن، قالوا: كان لعبد المطلب ماء بالطائف يقال له ذو الهرم، فجاء الثَّقَفِيُّون فاحتفروه، فخاصمهم عبد المطلب إلى غزىّ أو إلى نُفَيْل فخرج عبد المطلب مع ابنه الحارث، وليس له يومئذ غيره، وخرج الثقفيون مع صاحبهم، وحَرْبُ بن أمية معهم على عبد المطلب، فنفِدَ ماءُ عبد المطلب، فطلب إليهم أن يَسْقوه فأبوا، فبلغ العَطَشُ منه كل مبلغ، وأشرف على الهلاك، فبينا عند المطلب يثُير بَعيره ليركب إذ فَجَّرَ الله له عَيْناً من تحت جِرَانِه، فحمِدَ الله، وعلم أن ذلك منه، فشرب وشرب أصحابه رِيَّهُمْ، وتزوَّدُوا منه حاجتهم، ونَفِدَ ماء الثقفيين [ص: 46] فطلبوا إلى عبد المطلب أن يَسْقيهم، فأنعم عليهم، فقال له ابنه الحارث: لأنحيَنّ على سيفي حتى يخرج من ظهري، فقال عبد المطلب: لأسقينَّهم فلا تفعل ذلك بنفسك، فسقاهم، ثم انطلقوا حتى أتوا الكاهن وقد خَبَؤُا له رأسَ جرادة في خَرَزَة مَزَادة، وجعلوه في قِلادة كلبٍ لهم يقال له سَوّار، فلما أتوا الكاهنَ إذا هم ببقرتين تَسُوقان بينهما بَخْرَجاً (البخرج - بزنة جعفر - ولد البقرة) كلتاهما تزعم أنه ولدها، ولدتا في ليلة واحدة فأكل النمر أحد البَخْرَجَيْنِ، فهما تَرْأمان الباقي، فلما وقَفَتَا بين يديه قال الكاهن: هل تدرون ما تريد هاتان البقرتان؟ قالوا: لا، قال الكاهن: ذهَبَ به ذو جسد أربد، وشدق مرمع، وناب معلق، ما للصغرى في ولد الكبرى حق، فقضى به للكبرى، ثم قال: ما حاجتكم؟ قالوا: قد خَبأْنا لك خَبْأً فأنبئنا عنه ثم نخبرك بحاجتنا، قال: خبأتم لي شيئاً طار فَسطَع، فتصوَّب فوقع، في الأرض منه بُقَع، فقالوا: لاده، أي بينه، قال: هو شيء طار فاستطار، ذو ذَنَب جرار، وساق كالمنشار، ورأس كالمسمار، فقالوا: لاده، قال: إن لاده فلا ده، هو رأس جرادة، في خرز مَزَادة، في عنق سوّار ذي القلادة، قالوا: صدقت فأخبرنا فيما اختصمنا إليك فأخبرهم، وانتسبوا له، فقضى بينهم ورجعوا إلى منازلهم على حكمه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 45 177- إِذا كانَ لَكَ أَكْثَرِي فَتَجافَ ليِ عَنْ أَيْسَرِي. يضرب للذي فيه أخلاق تُسْتَحْسن وتَبْدُر منه أحياناً سَقْطة: أي احتمل من الصديق الذي تحمده في كثير من الأمور سيئةً يأتي بها في الأوقات مرة واحدة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 46 178- أَنا غَرِيرُك مِنْ هذَا الأمْرِ. أي أنا عالم به فاغْتَرَّنِي، أي سَلْنِي عنه على غرة أخبرك به من غير استعداد له، وقال الأصمعي: معناه أنك لست بمغرور من جهتي، لكن أنا المغرور، وذلك أنه بلغني خبر كان باطلاً فأخبرتك به، ولم يكن ذاك على ما قلت لك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 46 179- أَنا مِنْهُ فالِجُ بْنُ خَلاَوَةَ. أي أنا منه بريء، وذلك أن فالج بن خلاوة الأشجعي قيل له يوم الرقم لما قتل أنيس الأسْرَى: أتنصر أنيساً؟ فقال: أنا منه بريء، فصار مثلا لكل مَنْ كان بمعزِلٍ عن أمر، وإن كان في الأصل اسْماً لذلك الرجل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 46 180- أَنْتَ تَئِقٌ، وَأَنا مَئِقٌ، فَمَتَى نَتَّفِقُ؟ قال أبو عبيد: التَّئِقُ السريعُ إلى الشر، والمئِق: السريعُ إلى البكاء، وقال الأصمعي: هو الحديد يعني التئق، قال الشاعر يصف كلباً: أصْمَع الكَعْبين مَهْضُوم الْحَشَا ... سرطم اللَّحْيَيْن معاج تَئِقْ والمَأَق بالتحريك: شبيه الفُوَاق يأخذ الإنسان عند البكاء والنَّشِيج، كأنه نَفَس يقلعه من صدره: وقد مَئِقَ مأقا. والتَّأق: الامتلاء من الغضب. يضرب للمختلفين أخلاقا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 47 181- إِنَّهُ لَنَكِدُ الْحَظِيرَةِ. النَّكَد: قلة الخير، يقال: نَكِدَتِ الركيَّة، إذا قل ماؤها، وجمع النكِدِ أنكاد ونكد قال الكميت. نزلت به أنف الربيـ ... ع (الربيع) وزايلت نُكْدَ الحظائر قال أبو عبيد: أراه سمى أمواله حَظِيرة لأنه حَظَرها عنده ومَنَعها، فهي فَعيلة بمعنى مَفْعُولة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 47 182- أنْتَ مَرَّةً عَيْش، وَمَرَّةً جَيْش. أي أنت ذو عيش مرة وذو جيش أخرى، قال ابن الأعرابي: أصله أن يكون الرجل مرة في عيش رَخِيّ ومرة في شِدَّة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 47 183- إنْ لَمْ يَكُنْ شَحْمٌ فَنَفَشٌ. النَّفَشُ: الصوف، قاله ابن الأعرابي، يعني إن لم يكن فعل فرياء، وقال غيره: النفَش القليل من اللبن. يضرب عند التَّبَلُّغِ باليسير. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 47 184- آهَةً وَمَيهَة. قال الأصمعي: الآهة التأوّه والتوجع، قال المُثَقَّبُ العَبْدِيُّ: إذَا ما قُمْتُ أَرْحَلُهَا بِلَيْلٍ ... تأوَّهُ آهَةَ الرَّجُلِ الْحَزِينِ وقال بعضهم: الآهة الحَصْبَة. والميَهة: الجدَرِي، يعني جُدَرِيَّ الغنم. قال الفراء: هي الأمِيهة أسقطت همزتها لكثرة الاستعمال، كما أسقطوا همزة هو خَيْرٌ مني وشَرٌ مني، وكان الأصل أخْيَر وأشَرُّ. ويقال من ذلك: أُمِهَت الغنم فهي مَأمُوهة. وقال غيره: مِيهة وأمِيهة واحد، قال الشاعر: طَبيخ نُحَاز أو طبيخ أمِيَهة ... صَغِير العِظام سَيِّء الْقِشْمِ أمْلَط (النحاز - بالضم - داء يصيب الإبل. والأميهة: جدري الغنم كما قال المؤلف. والقشم بالكسر - الجسد. والأملط: الذي ليس على جسده شعر) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 47 185- إلَيْكَ يُسَاقُ الْحَدِيثُ. زعموا أن رجلا أتى امرأةً يخطُبها، فأنعظ وهي تكلمه، فجعل كُلَّما كلمتْهُ ازداد إنعاظا، وجعل يستحي ممن حضرها من أهلها، فوضع يده على ذكره وقال : إلَيْكَ يُسَاقُ الحديثُ، فأرسلها مثلا. وقال ابن الكلبي: جَمَع عامر بن صَعْصَعَة بنيه ليُوصِيَهم عند موته، فمكث طويلاً لا يتكلم، فاستحثهُ بعضهم، فقال له: إليك يساق الحديث. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 48 186- أنَا النذَّيِرُ الْعُرْيانُ. قال ابن الكلبي: من حديث النذير العريان أن أبا دُوَاد الشاعرَ كان جاراً للْمُنْذر ابن ماء السماء، وأن أبا دُوَاد نازَع رجلا بالحِيرة من بَهْراء يقال له رقبة بن عامر، فقال له رقبة: صالحني وحالفني، قال أبو داود: فمن أين تعيش أبا داود؟ فوالله لولا ما تصيب من بَهْرَاء لهلكت، ثم افترقا على تلك الحالة، وإن أبا دُوَاد أخرج بَنِينَ له ثلاثةً في تجارة إلى الشام، فبلغ ذلك رقبة، فبعث إلى قومه فأخبرهم بما قال له أبو دُوَاد عند المنذر، وأخبرهم أن القوم وَلَدُ أبي دُوَاد، فخرجوا إلى الشام فقتلوهم وبعثوا برءوسهم إلى رقبة، فلما أتته الرءوس صنَع طعاماً كثيراً، ثم أتى المنذر فقال له: قد اصطنعت لك طعاماً فأنا أحب أن تَتَغَدّى، فأتاه المنذر وأبو دُوَاد معه، فبينا الجِفان تُرْفَع وتوضع إذ جاءت جَفْنة عليها أحد رؤس بني أبي دُوَاد، فقال أبو داود: أبَيْتَ اللَّعْنَ إني جارُكَ وقد ترى ما صنع بي، وكان رقبة جارا للمنذر، قال فوقعَ المنذر منهما في سوأة، وأمر برقبة فحبس، وقال لأبي دُوَاد: ما يرضيك؟ قال: أن تبعث بكتيبتيك الشَّهْباء والدَّوْسَر إليهم، فقال له المنذر: قد فعلْتُ، فوجَّه إليهم الكتيبتين، قال: فلما رأى ذلك رقبة مِنْ صُنْع المنذر قال لامرأته: الْحَقِي بقومك فأنذريهم، فعمدت إلى بعض إبل البَهْرَاني فركبته ثم خرجت حتى أتت قومها فعرّفت، ثم قالت : أنا النَّذِيرُ العُرْيَان، فأرسلتها مثلا، وعرف القومُ ما تريد، فَصَعدوا إلى علياء الشام، وأفبلت الكتيبتان فلم تصيبا منهم أحدا، فقال المنذر لأبي دواد: قد رأيتَ ما كان منهم، أفيُسْكِتك عني أن أعطيك بكل رأس مائتي بعير؟ قال: نعم، فأعطاه ذلك، وفيه يقول قيس بن زهير العبسي: سأفْعَلُ مَا َبَدا لِيَ ثُمَّ آوِي ... إلى جارٍ كَجَارِ أبِي دُوَاد وقال غيره: إنما قالوا "النذير العريان" لأن الرجل إذا رأى الغارة قد فَجَأتْهم وأراد إنذار قومه تجرَّد من ثيابه وأشار بها ليعلم أنه [ص: 49] قد فجأهم أمر، ثم صار مثلاً لكل أمر تُخَاف مفاجأته، ولكل أمر لا شبهة فيه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 48 187- إِيَّاكِ أعْنِي وَأسْمَعِي يَا جَارَهْ. أول من قال ذلك سَهْل بن مالك الفَزَاري، وذلك أنه خرج يريد النعمان، فمر ببعض أحياء طيء، فسأل عن سيد الحي، فقيل له: حارثة بن لأم، فأمَّ رَحْلَه فلم يُصِبْه شاهدا فقالت له أخته: انْزِلْ في الرَّحْب والسَّعَة، فنزل فأكرمته ولاطفته، ثم خرجت من خِبائها فرأى أجْمَلَ أهل دهرها وأكملهم، وكانت عَقِيلَةَ قومِها وسيدة نسائها، فرقع في نفسه منها شيء، فجعل لا يَدْرِي كيف يرسل إليها ولا ما يوافقها من ذلك، فجلس بِفناء الخِباء يوماً وهي تسمع كلامه، فجعل ينشد ويقول: يَا أخْتَ خَيْرِ الْبَدْوِ وَالْحَضَارَهْ ... كَيْفَ تَرَيْنَ فِي فَتَى فَزَارَهْ أصْبَحَ يَهْوَى حُرَّةً مِعْطَارَهْ ... إيَّاكِ أعْنِي وَاسْمَعِي يَا جَارَهْ فلما سمعت قوله عرفت أنه إياها يعني، فقالت: ماذا بِقَوْلِ ذي عقل أريب، ولا رأيٍ مصيب، ولا أنف نجيب، فأقِمْ ما أقَمْتَ مكرَّما ثم ارْتَحِلْ متى شئت مسلماً، ويقال أجابته نظماً فقالت: إنِّي أقُولُ يَا فَتَى فَزَارَهْ ... لاَ أبْتَغِي الزَّوْجَ وَلاَ الدَّعَارَهْ وَلاَ فِرَاقَ أَهْلِ هذِي الْجَارَهْ ... فَارْحَلْ إلىَ أهْلِكَ بِاسْتِخَارَهْ فاسْتَحْيا لفتى وقال: ما أردتُ منكرا واسوأتاه، قالت: صدقْتَ، فكأنها اسْتَحْيَتْ من تسرُّعها إلى تُهمَته، فارتحل، فأتى النعمان فَحَبَاه وأكرمه، فلما رجع نزل على أخيها، فبينا هو مقيم عندهم تطلَّعت إليه نفسُها، وكان جميلا، فأرسلت إليه أنِ اخْطُبني إن كان لك إليَّ حاجة يوما من الدهر فإني سريعة إلى ما تريد، فخطبها وتزوجها وسار بها إلى قومه. يضرب لمن يتكلم بكلام ويريد به شيئاً غيره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 49 188- أبِي يَغْزو، وأُمِّي تُحَدِّثُ. قال ابن الأعرابي: ذكروا أن رجلا قدِم من غَزَاة، فأتاه جيرانُه يسألونه عن الخبر، فجعلت امرأته تقول: قَتَل من القوم كذا، وهَزَم كذا، وجُرِح فلان، فقال ابنها متعجبا: أبي يغزو وأُمي تحدث. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 49 189- إنّمَا هُمْ أكَلَةُ رَأْسٍ. يضرب مثلا للقوم يَقِلّ عددهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 49 190- أُكْلَةُ الشّيْطَانِ. قالوا: هي حَيَّةٌ كانت في الجاهلية [ص: 50] لا يقوم لها شيء، وكان يأتي بيتَ الله الحرامَ في كل حين فيضرب بنفسه الأرضَ فلا يمرُّ به شيء إلا أهلكه، فضُرب به المثل في كل شيء ذهب فلم يوجد له أثر. وأما قولهم "إنما هو شَيْطان من الشياطين" فإنما يُرَاد به النشاط والقوة والبَطَر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 49 191- إلَيْكَ أُنْزِلَتِ الْقِدْرُ بِأحْنائِهَا. أي: جوانبها. هذا مثلُ قولهم "إليك يُسَاق الحديث" (مضى برقم 187) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 50 192- الأمْرُ يَعْرِضُ دُونَهُ الأمْرُ. ويورى "يحدث". يضرب في ظُهُور العَوَائق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 50 193- إحْدَى عَشِيَّاتِكِ مِنْ نَوْكَى قَطَنٍ. النَّوْكى: جمع أنْوَكَ، وقَطَن: هو قَطَنُ ابن نَهْشَلْ بن دارم النَّهْشَلي، وحَمْقَاهم أشدُّ حُمْقاً من غيرهم، ولعل إبل هذا القائل لقيَتْ منهم شرا فضرب بهم المثل، وهذا مثل قولهم "إحدى لياليك من ابن الحرّ" (مضى برقم 119) " و "إحدى لياليك فَهِيسِي" (مضى في رقم 119- أيضا) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 50 194- أحَدَ حِمارَيْكِ فَازْجُرِي. أصْلُه في خطاب امرأة. يضرب لمن يتكلف ما لا يَعْنيه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 50 195- إحْدَى عَشِيَّاتِكَ مِنْ سَقْىِ الإِبِلِ. يضرب للمُتْعَب في عمل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 50 196- أخَذُوا في وَادِي تُوُلِّهَ. من الوَلَه، وهو مثل تُضُلِّل - بضم التاء والضاد وكسر اللام - في وزنه ومعناه، والوَلَه: التحير. يضرب لمن وقع فيما لا يهتدي للخروج منه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 50 197- أخُوكَ أمِ الذِّئْبُ. أي: هذا الذي تَرَاه أخوك أم الذئب، يعني أن أخاك الذي تختاره مثل الذئب فلا تأمنه. يضرب في موضع التَّمَارِي والشك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 50 198- أدَّى قِدْراً مُسْتَعِيرُهَا. يضرب لمن يعطي ما يلزمه من الحق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 50 199- إذَا كَوَيْتَ فَأنْضِجْ وإذا مَضَغْتَ فَادْقِقْ. يضرب في الحثِّ على إحكام الأمر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 50 200- إنَّكَ لَتُمَدُّ بِسُرْمِ كرِيمٍ. ويروى "بشلو كريم" وأصله أن رجلاً [ص: 51] امتنع من الأكل أنَفَةً من الاستفراغ حتى ضعف، فافترسه الذئب وجعل يأكله وهو يقول هذا القول حتى هلك. يضرب لمن يفتخر بما لا افتخار به. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 50 201- إنَّكَ ما وَخَيْراً. "ما" زائدة، ونصب "خيرا" على تقدير إنك وخيرا مجموعان أو مقترنان. يضرب في موضع البشارة بالخير وقُرْب نَيْل المطلوب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 51 202- إن الهَوَى يَقْطَعُ العَقَبَةَ. أي: يحمل على تحمُّل المشقَّة، وهو كقولهم "إن الهَوَى ليميلُ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 51 203- إنَّ في مِضُِّ َلسِيما. ويروى "لمَطْمعاً". مضّ: كلمة تستعمل بمعنى لا، وليست بجواب لقضاء حاجة ولا ردّ لها، ولهذا قيل: إن فيه لمطمعا، وإن فيه لعلامة، قال الراجز: سألت هَلْ وَصْلٌ فَقَالَتْ مِضِّ (وبعده ... وحركت لي رأسها بالنغض) وسِيَما: فِعْلى من الوَسْم، والأصل فيه وِسْمى، فحُوِّلَت الفاء إلى العين فصارت سِوْمى، ثم صارت سِيَما، فهي الآن عِفْلى. ومعنى المَثل إن في مض لعلامة درك. يضرب عند الشك في نيل شيء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 51 204- إنْ تَنْفِرِي لَقَدْ رَأَيْتِ نَفْراً. يقال: نَفَر يَنْفِر ويَنْفُرُ نِفَاراً ونُفُورا، وأما النَّفْر فهو اسمٌ من الإنفار. يضرب لمن يَفْزَع من شيء يحقّ أن يُفْزَع منه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 51 205- إنْ لَمْ يَكُنْ وِفَاق فَفِراق. أي: إن لم يكن حَبٌّ في قَرْب فالوجه المفارقة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 51 206- إنِّي مُنَثِّرٌ وَرِقي فَمَنْ شاءَ أبْقَى وَرِقَهُ (يروى "فمن شاء ألقى ورقه") . وذلك أن رجلا فاخَر رجلا فنحَر أحدهما جَزورا، ووضع الجِفان، ونادى في الناس، فلما اجتمعوا أخذ الآخر بَدْرَة وجعل ينثر الوَرِق، فترك الناسُ الطعام واجتمعوا إليه. يضرب في الدَّهَاء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 51 207- أوْمَرِناً ما أُخْرَى. المَرِنُ - بكسر الراء - الخُلُق والعادة، يقال: ما زال ذلك مَرِنِي، أي عادتي، و "ما" صلة، وأخرى: صفة للمرِن على معنى العادة ونصب "مرنا" بتقدير فعل مضمر، كأنه جواب مَنْ يقول قولاً غير موثوق به، فيقول [ص: 52] السامع: أومَرِنا، أي وآخذ مرنا غيرَ ما تحكي، يريد الأمر بخلاف ذلك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 51 208- أهْلَكَ وَاللَّيْلَ. أي أذكر أهلك وبُعْدهم عنك، واحذر الليل وظلمته، فهما منصوبان بإضمار الفعل. يضرب في التحذير والأمر بالحَزْم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 52 209- إِنَّكَ لا تَجْنِي مِنَ الشَّوْكِ العِنَبَ. أي: لا تجد عند ذي المَنْبِتِ السوء جميلاً، والمثلُ من قول أكْثَم، يقال: أراد إذا ظُلمت فاحذر الانتصار فإن الظلم لا يَكْسِبُكَ إلا مثلَ فعلك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 52 210- إنَّكَ بَعْدُ في العَزَازِ فَقُمْ. العَزَاز: الأرض الصُّلْبة، وإنما تكون في الأطراف من الأرَصِينَ. يضرب لمن لم يَتَقَصَّ الأمر ويظن أنه قد تقصَّاه. قال الزُّهْري: كنت أختلف إلى عبيد الله بن عبد الله بن مسعود، فكنت أخْدُمه، وذَكَر جَهْده في الخدمة، ثم قال: فقدرت أني استنطقت ما عنده، فلما خرج لم أقُمْ له، ولم أظهر له ما كنت أظهره من قبلُ، قال: فنظر إليَّ وقال : إنك بعدُ في العَزَاز فقم: أي أنت في الطَّرَف من العلم لم تَتَوَسَّطه بعدُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 52 211- إنَّما يُضَنُّ بالضَّنِينِ. أي" إنما يجب أن تتمسك بإخاء مَنْ تَمَسَّكّ بإخائك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 52 212- إذَا أخَذْتَ عَمَلاً فَقَعْ فيه، فاِنَّما خَيْبَتُهُ تَوَقِّيهِ. ويروى "إذا أردت عملاً فخُذْ فيه" أي إذا بدأت بأمرٍ فمارِسْهُ ولا تَنْكُلْ عنه، فإن الخيبة في الهيبة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 52 213- إذَا تَوَلَّى عَقْدَ شَيٍْ أوْثَقَ. يضرب لمن يوصَفُ بالحزم والجد في الأمور. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 52 214- أوَّلُ العِيِّ الاخْتِلاَطُ. يقال "اختلط" إذا غضب، يعني إذا غضب المخاطَبُ دلَّ ذلك على أنه عَيَّ عن الجواب يقال: عَىّ (يقال: عى وعي، الأول بالإدغام، والثاني بالفك على مثال رضى) يَعْيا عِيّاً بالكسر فهو عَىّ بالفتح. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 52 215- أوَّلُ الحَزْمِ المَشُورَةُ. ويروى المَشْوَرَة، وهما لغتان، وأصلُهما من قولهم: شُرْتُ العَسَلَ واشْتَرْتُهَا، إذا جَنَيْتَهَا واستخرجتها من خَلاَياها، والمَشُورة معناها استخراجُ الرأي، والمثلُ [ص: 53] لأكْثَمَ بن صَيْفي. ويروى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: الرجالُ ثلاثة: رجلٌ ذو عقلٍ ورأيٍ، ورجلٌ إذا حَزَبه أمر أتى ذا رأيٍ فاستشاره، ورجل حائر بائر لا يأتمر رَشَدَا ولا يطيع مُرْشِدًا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 52 216- أنَا دُونَ هَذَا، وَفَوْقَ ما فيِ نَفْسِكَ. قاله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه لرجل مَدَحه نِفَاقا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 53 217- إياكَ وَأنْ يَضْرِبَ لِسَانُكَ عُنُقَكَ. أي: إياك أن تَلْفِظَ بما فيه هلاكك، ونُسِبَ الضربُ إلى اللسان لأنه السبب كقوله تعالى {يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِباَسَهُمَا} . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 53 218- أيْنَمَا أُوَجِّهْ ألْقَ سَعْداً. كان الأضْبَطُ بن قُرَيْع سيدَ قومه، فرأى منهم جَفْوة، فرحَل عنهم إلى آخرين، فرآهم يصنعون بساداتهم مثلَ ذلك، فقال هذا القول. ويروى "في كُلِّ وَادٍ سَعْدُ ابْنُ زَيْدٍ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 53 219- إنَّكَ لَتَحْسِبُ عَلَيَّ الأَرْضَ حَيْصاً بَيْصاً. وحَيْصَ بَيْصَ: أي ضَيّقة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 53 220- إسْتَاهِلِي إِهَالَتيِ، وَأحْسِنِي إيَالَتِي. أي: خُذِي صَفْو مالي، وأحسني القيام به عليَّ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 53 221- أُلْتُ اللِّقَاحَ وَأيلَ عَلَيَّ. قالته امرأة كانت راعيةً ثم رُعِي لها، وأُلْتُ: من الإيالة وهي السياسة، ومثله "قد أُلْنَا وإيلَ عَلَيْنَا" قاله زِياد ابن أَبِيِه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 53 222- أنْتَ مِمَّنْ غُذِىَ فأَرْسِلْ. يضرب لمن يُسْأل عن نسبه فَيَلْتَوِي به. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 53 223- أنْتِ الأَمِيرُ فَطَلِّقي أوْ رَاجِعِي. يضرب في تأكيد القُدْوة تهكُّماً وَهُزُؤا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 53 224- إذَا حَزَّ أخُوكَ فَكُلْ. يضرب في الْحَثَّ على الثقة بالأخ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 53 225- إمَّا عَلَيْهَا وَإمَّا لَها. أي ارْكَبِ الخطر على أي الأمرين وَقَعْتَ من نجْح أو خَيْبة، والهاء في "عليها" و "لها" راجعة إلى النفس، أي: إما أن تحمل عليها وإنا أن تتحمل الكَدَّ لها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 53 226- إنَّهُ لَرَابِطُ الْجَاشِ عَلَى الأغْبَاشِ. الجأش: جأش القلب وهو رُوَاعُهُ: أي موضع رَوْعه إذا اضطرب عند الفَزَع، ومعنى " رابط الجأش" أنه يَرْبِطُ نفسَه عن الفرار [ص: 54] لشجاعته. والأغباش: جمع غَبَش، وهو الظلمة. يضرب للجَسُور على الأهوال. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 53 227- إمَّا خَبَّتْ وَإمَّا بَرَكَتْ. الْخَبَبُ والْخَبِيبُ والخبّ: ضرب من العَدْو، وذلك إذا راوح بين يديه ورجليه. يضرب للرجل يُفرط مرة في الخير ومرة في الشر، فيبلغ في الأمرين الغاية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 54 228- إنَّهُ مَاعِزٌ مَقْرُوظٌ. الماعز: واحد المَعْز، مثل صَاحِب وصَحْب، والماعز أيضا: جلد المعز، قال الشماخ: وَبُرْدَانِ مِنْ خَالٍ وَسَبْعُونَ دِرْهَماً ... عَلَى ذَاكَ مَقْرُوظٌ مِنَ القِدّ مَاعِزُ والمقروظ: المدبوغ بالقَرَظ. يضرب للتامّ العقل الكامل الرأي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 54 229- إنَّ أُضَاحاً مَنْهَلٌ مَوْرُودٌ. أُضَاح - بالضم - موضع، يذكر ويؤنث يضرب مثلاً للرجل الكثير الغاشية (الغاشية: الزوار والخلان والسؤال والخدم) الغزير المعروف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 54 230- امْرَأً وَمَا اخْتَارَ، وَإنْ أبى إلاَّ النَّارَ. أي: دَعْ امرأً واختياره. يضرب عند الحضِّ على رَفْض مَنْ لم يقبل النصح منك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 54 231- أنْتَ في مِثْلِ صاحِبِ البَعْرَةِ. وذلك أن رجلا كانت له ظِنَّة في قوم، فجمعهم ليستبرئهم، فأخذ بَعَرَة، فقال: إني أَرْمِي ببعرتي هذه صاحبَ ظِنَّتي، فجَفَل لها أحدُهم، فقال: لا تَرْمِنِي ببعرتك فأخْصَمَ على نفسِه. يضرب لكل مُظْهِر على نفسه ما لم يُطَّلَعْ عليه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 54 232- أخُو الكِظَاظِ مَنْ لا يسْأَمُهُ. المُكَاظَّة: المُمَارسة الشديدة في الحرب، وبينهم كِظاظ، قال الراجز: إذْ سَئِمَتْ ربيعةُ الكِظَاظَا ... يضرب لمن يؤمر بمشارّة القوم، أي أخو الشَّرِّ مَنْ لا يملّه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 54 233- أنْتَ لَها فَكُنْ ذَا مِرَّةٍ. الهاء للحرب، أي أنت الذي خُلِقْتَ لها فكن ذا قُوَّة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 54 234- إنْ لَمْ أنْفَعْكُمْ قَبَلاً لَم أنْفَعْكُمْ عَلَلا. القَبَل والنَّهَل: الشُّرْبُ الأولُ. والعَلَل: الشرب الثاني، والدِّخَالُ: الثالث، يقول: إن لم أنفعكم في أول أمركم لم أنفعكم في آخره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 54 235- إِنَّ العِرَاكَ في النَّهَلِ. العِرَاكُ: الزحامُ. يضرب مثلا في الخصومة، أي أول الأمر أشَدُّه، فعاجِلْ بأخذ الْحَزْم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 55 236- إِنَّ الهَزِيلَ إِذَا شَبِعَ ماتَ. يضرب لمن استغنى فتجبَّر على الناسِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 55 237- أَمْرٌ فَاتَكَ فَارْتَحِلْ شَاتَكَ. يضرب للرجل يسألك عن أمر لا تُحِبُّ أن تخبره به، يريد أنك إن طلبته لا تَقْدِرُ عليه كما لا تقدر أن ترتحل شاتك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 55 238- إلَى ذَلِكَ ما أوْلاَدُها عِيسٌ. "ذلك" إشارة إلى الموعود، والهاء في "أولاها" للنوق، و "ما" عبارة عن الوقت يضرب للرجل يَعِدُك الوَعْدَ، فيطول عليك فتقول: إلى أن يحصل هذا الموعود وقت تصير فُصْلاَن النوق فيه عِيسا. ومثله قولهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 55 239- إِلَى ذَاكَ ما باضَ الحمَامُ وَفَرَّخَا. يضرب للمطول الدفاع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 55 240- إِنْ كنْتِ غَضْبَى فَعَلَى هَنِكِ فَاغْضَبِي. قال يونس بن حبيب: يقال: زَنَتْ ابنةٌ لرجل من العرب وهي بكر، فناداها أبوها يا فلانة، فقالت: إني غَضْبَى، قال لها أبوها: ولم؟ قالت: إني حُبَيْلى، قال: إن كنت غضبى، المَثَلَ، أي هذا ذنبك. يضرب في موضع قولهم "يَدَاكَ أَوْكَتَا وَفُوكَ نَفَخَ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 55 241- أنَا أشْغَلُ عَنْكَ مِنْ مُوضِعِ (يقال: وضع الرجل بهمه، أي ألزمها المرعى، فالثلاثي متعد، فكان ينبغي أن يقال"من واضع بهم - الخ) بَهْمٍ سَبْعِين. لأن صاحب البَهْم أكْثَرُ شغلا من غيره لصغر نتاجه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 55 242- أخُو الظَّلْمَاءَ أعْشى باللَّيْلِ. يضرب لمن يُخْطئ حجتَه ولا يُبْصِر المَخْرَجَ مما وقع فيه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 55 243- إِنْ كُنْتَ عَطْشَانَ فَقَدْ أنَى لَكَ. يضرب لطالب الثأر، أي قد أَنَى لك أن تنتصر، وأنى وآنَ لغتان في معنى حَانَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 55 244- إِنَّ أخَا العَزَّاءِ مَنْ يَسْعَى مَعَك. العَزَّاء: السَّنَة الشديدة، أي إن أخاك مَنْ لا يَخْذُلُكَ في الحالة الشديدة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 55 245- أنْتَ مِنِّي بيْنَ أُذُنِي وَعَاتِقي. أي بالمكان الأفضل الذي لا أستطيع رفع حقه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 55 246- إِنَّ مِنَ اليَوْمِ آخِرَهُ. يَضربه مَنْ يُستبطأَ فيقال له: ضَيَّعْتَ [ص: 56] حاجتك، فيقول : إن من اليوم آخره، يعني أن غُدُوَّهُ وَعَشِيَّه سواء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 55 247- إِبِلِي لَمْ أَبِعْ وَلَمْ أهَبْ. أي لم أبعها ولم أهبها. يضرب للظالم يخاصمك فيما لا حَقَّ له فيه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 56 248- إِنْ لاَ تَلِدْ يُولَدْ لَكَ. يعني أن الرجل إذا تزوج المرأة لها أولاد من غيره جَرَّدُوه. يضرب للرجل يُدْخِلُ نفسَه فيما لا يَعْنيِه فيبتلي به. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 56 249- إِنَّ مِنَ الحُسْنِ شِقْوَةً. وذلك أن الرجل ينظر إلى حسنه، فيَخْتَال فيَعْدُو طًوْرَه فيشقيه ذلك ويبغّضه إلى الناس. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 56 250- إِنها الإبِلُ بِسَلاَمَتِهَا. قال يونس: زعموا أن الضبع أخذت فصيلا رازما في دار قوم ارتحلوا وخَلَّوْه، فجعلت تخليه للكلأ، وتأتيه فتغارّه إياه (تغاره إياه: تطعمه إياه) ، حتى إذا انتلأ بطنه وسمن أتته لتستاقه، فركضها ركضة دَقَمَ (دقم فاها: كسر أسنانها) فاها، فعند ذلك قالت الضبع: إنها الإبل بسلامتها. يضرب لمن تزدريه فأخلف ظنك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 56 251- أخُوكَ أمِ اللَّيْلُ. أي المرئى أخوك أم هو سواد الليل. يضرب عند الارتياب بالشيء في سواد وظلمة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 56 252- إِنَّهَا مِنِّي لأَصِرَّي. قال ابن السكيت: يقال: أَصِرَّي، وأَصِرِّى، وصِرَّى، وصُرَّى (وبقى لغتان: تشديد الراء مكسورة مع ضم الصاد أو فتحها) واشتقاقها من قولهم "أصْرَرْتُ على الشىء" أي أقمت ودُمْت، والهاء في "إنها" كناية عن اليمين أو العزيمة. يقوله الرجل يعزم على الأمر عزيمةً مؤكدةً لا يَثْنِيه عنها شىء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 56 253- أَخَذَتِ الإِبِلُ رِمَاحَهَا. ويروى "أسلحتها" وذلك إذا سَمِنت فلا يجد صاحبُها من نفسه أن يَنْحَرَها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 56 254- أنْتَ عَلَى المُجَرَّبِ. يراد به على التَّجْربة، ولفظ المفعول من المنشعبة يصلح للمصدر وللموضع وللزمان وللمفعول، و"على" مِن صلة الإشراف: أي إنك مُشْرِف على ما تجرّبه، قيل: أصْلُ المثل أن رجلا أراد مقاربة امرأة، فلما دنا منها قال: أبكر أنت ثم ثيب؟ فقالت : أنت على المجرب، أي أنك مُشْرِف على التجربة. يضرب لمن يسأل عن شيء يَقْرَبُ [ص: 57] علمه منه، أي لا تسأل فإنك ستعلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 56 255- إِنَّكَ لَوْ صاحَبْتَنَا مَذِحْتَ. يقال: مَذِحَ الرجلُ إذا انسحج فَخِذَاه يضربه الرجل مرت به مَشَقَّة ثم أخبر صاحبه أنه لو كان معه لقي عناء كما لقبه هو. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 57 256- إنَّكَ لَتُكْثِرُ الْحَزَّ وَتُخْطِئُ الْمَفصِلَ. الحزّ: القَطْع والتأثير، والمفاصل: الأوصال، الواحد مَفْصِل. يضرب لمن يجتهد في السعي ثم لا يظفر بالمراد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 57 257- إنَّكَ لَتَحْدُو بِجَمَلٍ ثَقَالٍ، وَتَتَخَطَّى إلَى زَلَقِ المَرَاتِبِ. يقال: جمل ثَقَال، إذا كان بطيئا، ومكان زَلَق - بفتح اللام - أي دَحْض، وصف بالمصدر. يضرب لمن يجمع بين شيئين مكروهين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 57 258- إِنَّهُ لَحُوَّلٌ قُلَّبٌ. أي: دَاهٍ مُنْكر يحتال في الأمور ويقلبها ظَهْراً لبَطْنٍ، قال معاوية عند موته وحُرَمُه يبكين حوله ويقلبنه: إنكم لتقلبون حُوَّلاً قُلَّباً لو وقى هول المطلع - أى القيامة - ويروى إن وُقىَ النارَ غداً. قال الأصمعي: المطلع هو موضع الاطِّلاَع من إشراف إلى انحدار، فشبه ما أشْرَفَ عليه من أمر الآخرة بذلك، قال الفراء: يقال رجل له حُولَةٌ، وحُوَلَةٌ أي داهٍ مُنْكر، وكذلك حُوَّلِىٌّ وينشد: فتىً حُوَّلِيٌّ مَا أرَدْتَ أرَادَهُ ... مِنَ الأمْرِ إلاَّ أنْ تُقَارِفَ مَحْرَمَا قيل: كان الأصمعي يعجبه هذا البيت. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 57 259- أَكْلٌ وَحَمْدٌ خَيْرٌ مِنْ أكْلٍ وَصَمْتٍ. يضرب في الحث على حمد مَنْ أحسن إليك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 57 260- إنَّمَا تَغُرُّ مَنْ تَرَى، وَيَغُرُّكَ مَنْ لا تَرَى. أي: إذا غَرَرْتَ مَنْ تراه ومكرت به أو غدرت فإنك المغرورُ لا هو، لأنك تجازَى ويروى بالعين والزاي، يعني أنك تَغْلِبُ من تراه ويغلبك الله جل جلاله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 57 261- إنْ تَعِشْ تَرَ ما لَمْ تَرَه. هذا مثلُ قولهم "عِشْ رَجَباً تَرَ عَجَباً" قال أبو عُيَيْنَةَ المهلبيّ: قل لِمَنْ أبْصَرَ حالا مُنْكَرَهْ ... وَرَأَى مِنْ دَهْرِهِ ما حَيَّرَهْ [ص: 58] ليس بالمنكر ما أبصرته ... كل من عاش يَرَى ما لم يَرَهْ ويروى رأى ما لم يره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 57 262- أيْنَ يَضَعُ الْمَخْنُوقُ يَدَهُ. يضرب عند انقطاع الحيلة، وذلك أن المخنوق يَحْتَاط في أمره غاية الاحتياطِ، للندامة التي تصيبه بعد الخنق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 58 263- إِنَّ خيْراً مِنَ الْخَيْرِ فَاعِلُهُ، وَإِنَّ شَرَّاً مِنَ الشَّرِّ فَاعِلُهُ. هذا المثل لأخٍ للنعْمَان بن المنذر يقال له عَلْقَمة، قاله لعْمرو بن هند في مواعظ كثيرة، كذا قاله أبو عبيد في كتابه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 58 264- أخَذُوا طَرِيقَ الْعُنْصُلَيْنِ. ويروى "أخذ في طريق العُنْصُلَيْنِ" قالوا: طريقُ العنصلِ هو طريقٌ من اليمامة إلى البصرة. يضرب للرجل إذا ضَلَّ. قال أبو حاتم: سألتُ الأصمعي عن طريق العنصلين، ففتح الصاد وقال: لا يقال بضم الصاد (في القاموس أنه بوزن قنفذ) قال: وتقول العامةُ إذا أخطأ الإنسان الطريقَ: أخذ فُلاَنٌ طريق العنصلين، وذلك أن الفرزدق ذكر في شعره إنسانا ضلّ في هذا الطريق فقال: أرَادَ طَرِيقَ العُنْصُلَيْنِ فياسَرَتْ ... بِه العِيسُ فِي نَائِي الصُّوَى مُتَشَائِم أي متياسر، فظنت العامة أن كل مّنْ ضل ينبغي أن يقال له هذا، وطريق العنصلين طريق مستقيم، والفرزدق وصَفه على الصواب، فظن الناس أنه وصفه على الخطأ، وليس كذلك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 58 265- إِنَّكَ لاَ تَدْرِي عَلاَمَ يُنْزَأُ هَرِمُكَ. ويروى "بِمَ يُولع هَرِمُك" أي نفسك وعقلك، قاله ابن السِّكِّيت، ونزِئ الرجل إذا أولِعَ نزأ، ورجل مَنْزوء بكذا: مُولَع به. يضرب لمن أخذ فيما يكره له بعد ما أسن وأهتربه. ذكروا أن بُسْرَ بن أرْطاَة العامِرِيَّ من بني عامر بن لؤي خَرِف، فجعل لا يسكن ولا يستقرّ حتى يسمع صوت ضرب، فحُشى له جلد، فكان يضرب قدّامه فيستقر، وكان النَّمِرُ بن تَوْلَب خَرِف، فجعل يقول: ضيفكم ضيفكم لا يضع إبلكم إبلكم، وأهترت امرأة على عهد عمر رضي الله تعالى عنه فجعلت تقول: زوّجوني زوّجوني، فقال عمر: ما أهتر به النَّمِرُ خير مما أهترت به هذه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 58 266- إِنَّ الْحُسُومَ يُورِثُ الحُشُومَ. قالوا: الحسوم الدؤوب والتتابع، والحشوم: الإعياء، يقال: حَشَمَ يَحْشِمُ حُشُوماً إذا أعيا، وهذا في المعنى قريب من قوله عليه الصلاة والسلام "إنَّ الْمُنْبَتَّ - الحديث" وقال الشاعر (نسبة في اللسان (ح ش م) لمزاحم) يصف قطاة: فَعَنَّتْ عُنُوناً وَهْيَ صَغْوَاء مَا بِهَا ... وَلاَ بالْخَوَافِي الضَّارِبَاتِ حُشُوُم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 59 267- أوَّلُ الشَّجَرَةِ النَّوَاةُ. يضرب للأمر الصغير يتولد منه الأمرُ الكبير. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 59 268- آفَةُ الْعِلْمِ النِّسْيَانُ. قال النسابة البكريّ: إن للعلم آفة ونكدا وهُجْنَة واستجاعة، فآفته نسيانه، ونكده الكذب فيه، وهُجْنته نَشْره في غير أهله، واستجاعته أن لا تشبع منه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 59 269- آفَةُ الْمُرُوءَةِ خُلْفُ الْمَوْعِدِ. يروى هذا عن عَوْف الكلبي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 59 270- أكَلَ رَوْقَهُ. يضرب لمن طال عمره وتَحَاتَّت أسنانه، والرَّوْقُ: طولُ الأسنان، والرجل أرْوُق، قال لبيد: تُكْلِحُ الأرْوَقَ مِنْهُمْ وَالأَيَلّْ ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 59 271- ألْفُ مُجِيزٍ وَلاَ غَوَّاصٌ. الإجازة: أن تعبر بإنسان نهراً أو بحراً يقول: يوجد ألف مجيز ولا يوجد غَوَّاصٌ لأن فيه الخطر. يضرب لأمرين أحدهما سَهْل والآخر صَعْب جدا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 59 272- الإِينَاسُ قَبْلَ الإِبْسَاسِ. يقال: آنَسَهُ أي أوْقَعَه في الأنس، وهو نقيض أوْحَشَه، والإبساس: الرِّفْقُ بالناقة عند الْحَلب، وهو أن يقال: بس بس، قال الشاعر: وَلقَدْ رَفَقْتُ فَما حَلِيتُ بِطَائِلٍ ... لا ينفع الإبْسَاُس بِالإِينَاسِ يضرب في المُدَاراة عند الطلب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 59 273- إِذَا نُصِرَ الرَّأْيُ بَطَلَ الْهَوَى. يضرب في اتباع العقل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 59 274- إِنَّا لَنَكْشِرُ (كذا، وأظنه "إنا لنبش") في وُجُوهِ أقْوَامٍ وَإِنَّ قُلُوبَنَا لَتَقْلِيهِمْ. ويروى "وإن قلوبنا لتلعنهم" هذا من كلام أبي الدَّرْدَاء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 59 275- إِنَّهُ لَعُضْلَةٌ مِنَ الْعُضَلِ. أي دَاهِية من الدواهي، وأصله من العَضْل، وهو اللحم الشديد المكتنز. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 59 276- إِنَّهُ لَذُو بَزْلاَءَ. البَزْلاَء: الرأي القوي الجيد، وقال: إني إذَا شَغَلَتْ قَوْمًا فُرُوجُهُمُ ... رَحْبُ الْمسَالِكِ نَهَّاضٌ بِبَزْلاَءِ أي بالأمر العظيم، وأنَّثَ على تأويل الخطة. قلت: ويجوز أن يكون المعنى نَهَّاض إلى الأمر ومعي رأيي، وأصله من البازل، وهو القويُّ التام القوة، يقال: جمل بازل، وناقة بازل، كذلك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 60 277- إنَّكَ لاَ تَسْعَى بِرِجْلِ مَنْ أبَى. يضرب عند امتناع أخيك من مساعدتك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 60 278- إنْ كُنْتَ ذُقْتَهُ فَقَدْ أكَلْتُهُ. يَضْرِبُه الرجلُ التام التجربة للأمور. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 60 279- إيَّاكَ والبَغْيَ فَإِنَّهُ عِقَالُ النَّصْرِ. قاله محمد بن زُبَيْدة لصاحب جيش له. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 60 280- إنَّها لَيْسَتْ بخُدْعَةِ الصَّبِيَّ. يقال: أرسل أميرُ المؤمنين علي رضي الله عنه جريرَ بن عبد الله البَجَلي إلى معاوية ليأخذه بالبيعة، فاستعجل عليه، فقال معاوية : إنها ليست بخُدْعَة الصبيّ عن اللبَنِ. هو أمر له ما بعده، فأبْلِعْنِي ريقي، والهاء في "إنها" للبَيْعَة، والخُدْعة: ما يخدع به، أي ليس هذا الأمر أمرا سهلا يُتَجَوَّزُ فيه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 60 281- إنْ لَمْ تَعَضَّ عَلَى القَذَى لَمْ تَرْضَ أبَداً. يضرب في الصبر على جفاء الإخوان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 60 282- إذَا كُنْتَ فيِ قَوْمٍ فَاحْلُبْ في إنَائِهمْ. يضرب في الأمر بالمُوَافقة، كما قال الشاعر: إذا كُنْتَ في قَوْمٍ عِدىً لَسْتَ منهمُ ... فكُلْ ما عُلِفْتَ مِنْ خَبِيثٍ وَطَيِّبِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 60 283- إذَا أتْلَفَ النَّاسُ أخْلَفَ الياسُ. الناس - بالنون - اسم قَيْس عَيْلاَن ابن مُضَر، والياس - بالياء - أخوه، وأصله إلياس بقطع الألف، وإنما قالوا الياس لمزاوجة الناس. يضرب عند امتناع المطلوب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 60 284- إذَا حَانَ القَضَاءُ ضاقَ الفَضاءُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 60 285- إذَا ظَلَمْتَ مَنْ دُونَكَ فَلا تَأمَنْ عَذَابَ مَنْ فوْقَك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 60 286- إِنْ لا أكُنْ صِنْعاً فَانِّي أعْتَثِمُ أي: إن لم أكن حاذقا فإني أعمل على قَدْر معرفتي. يقال: عَثَمَ العَظْمَ، إذا أساء الجَبْر، [ص: 61] واعْتَثَمَتِ المرأةُ المزادَةَ، إذا خرزَتْها خَرْزا غير محكم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 60 287- إنما نَبْلُكَ حِظاءٌ. الحِظَاء: جمع الحَظْوَة، وهي المرماة. يضرب للرجل يُعَيَّر بالضعف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 61 288- إِنَّهُ لَيُفْرِغُ مِنْ إِناءٍ ضَخْمٍ في إناءِ فَعْمٍ. أي ممتلئ. يضرب لمن يحسن إلى مَنْ لا حاجة به إليه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 61 289- إِنَّ مَعَ الْكَثْرَةِ تَخاذُلاً، وَمَعَ الْقِلَةِ تَماسُكا. يعني في كثرة الجيش وقلته. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 61 290- إِذَا تَكَلَّمْتَ بِلَيْلٍ فَاخْفِضْ، وإذَا تَكَلمْتَ نَهَاراً فَانْفُضْ. أي التفت هَلْ ترى مَنْ تكرهه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 61 291- إِذا قامَ جُنَاةُ الشَّرِّ فَاقْعُدْ. هذا مثل قولهم "إذا نَزَا بك الشَّرُّ فاقعد". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 61 292- إِن المنَاكِحَ خَيرُهَا الأبْكارُ. المناكح: جمع المَنْكُوحة، وحَقُّها المناكيح فحذف الياء، ومعنى المثل ظاهر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 61 293- إِنْ كنْتَ مُنَاطِحاً فَناطِحْ بِذَواتِ القُرُونِ. هذا مثل المثل الآخر "زاحِمْ بِعوْدٍ أو فَدَعْ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 61 294- إِذَا صَاحَتِ الدَّجاجَةُ صِياحَ الدِّيكِ فَلْتُذْبَحْ. قاله الفرزدق في امرأة قالت شعراً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 61 295- إِياكَ وَعَقِيلَةَ الْمِلْحِ. العقيلة: الكريمة من كل شيء، والدرة لا تكون إلا في الماء الملح، يعني المرأة الحسناء في مَنْبِتِ السوء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 61 296- إِذَا جَاذَبَتْهُ قَرِينَتُهُ بَهَرَهَا. أي: إذا قُرِنت به الشديدةُ أطَاقَهَا وغَلَبها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 61 297- إنَّهُ لَيَنْزُو بَيْنَ شَطَنَيْنِ. أصله في الفرس إذا استعصى على صاحبه فهو يَشُدُّه بحبلين. يضرب لمن أخذ من وجهين ولا يدري. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 61 298- إِذَا قُلْتَ لَهُ زِنْ، طَأطَأ رَأْسَهُ وَحَزِنْ. يضرب للرجل البخيل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 61 299- إذَا رَآني رَأى السِّكِّينَ في الماءِ. يضرب لمن يخافك جدّا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 61 300- أُمُّ الجَبانِ لاَ تَفْرَحُ وَلاَ تَحْزَنُ. لأنه لا يأتي بخير ولا شر أينما توجه لجبنه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 61 301- أُمُّ الصَّقْرِ مِقْلاَتٌ نَزُور. يضرب في قِلَّة الشيء النفيس. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 62 302- أُمُّ قُعَيْسٍ وَأَبُو قُعَيْسٍ، كِلاهُمَا يَخْلِطُ خَلْطَ الْحَيْسِ. يقال: إن أبا قُعَيْس هذا كان رجلاً مُرِيباً، وكذلك امرأته أم قعيس، فكان يُغْضِي عنها وتغضي عنه، والحَيْسُ عند العرب: التمر والسمن والأقِط غير المختلط، قال الراجز: التمر والسمن جميعاً وَالأَقِطْ ... الحيْسُ إلاَّ أنه لم يختلط الجزء: 1 ¦ الصفحة: 62 303- إِذَا أتاكَ أحَدُ الخَصْمَيْنِ وَقَدْ فقئَتْ عَيْنُهُ فَلاَ تَقْضِ لَهُ حَتَّى يَأتِيَكَ خَصْمُهُ فَلَعَلَّهُ قَدْ فُقِئَتْ عَيْنَاهُ جَمِيعَا. هذا مثل أورده المنذريّ وقال: هذا من أمثالهم المعروفة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 62 304- أوَّلُ ما أطْلَعَ ضَبُّ ذَنَبَهُ. قال أبو الهيثم: يقال ذلك للرجل يصنع الخير ولم يكن صَنَعه قبل ذلك، قال: والعرب ترفع أوَّل وتنصب ذَنَبَه على معنى أول ما أطلع ذَنَبَه. قلت: رفع أول على تقدير هذا أول ما أطلع ضب ذنبه: أي هذا أولُ صنيعٍ صنَعَه هذا الرجل، قال: ومنهم من يرفع أول ويرفع ذنبه، على معنى أولُ شيء أطلعه ذنُبه، ومنهم من ينصب أول وينصب ذنبه على أن يجعل أول صفة، يريد ظرفاً على معنى في أول ما أطلع ضب ذنبه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 62 305- إِنْ فَعَلْتَ كَذَا فبِهَا ونِعْمَتْ. قال أبو الهيثم: معنى "بها" تعجب كما يُقَال: كفاك به رجلا، قال: المعنى ما أحْسَنَهَا من خَصْلة، ونعمت الخصلة هي، وقال غيره: الهاء في "بها" راجعة إلى الوثيقة، أي إن فعلتَ كذا فبالوثيقة أخذتَ، ونعمت الخصلة الأخذ بها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 62 306- أهْلَكَ فَقَدْ أعْرَيْتَ. أي بَادِرْ أهلَكَ وعَجِّل الرجوعَ إليهم فقد هاجت ريح عرية - أي: باردة - ومعنى أعريْتَ دخلت في العَرِيَّة (العرية: الريح الباردة) كما يقال "أمسيت" أي دخلْتَ في المساء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 62 307- إسْتَأصَلَ اللهُ عَرْقاتَهُ. قال أبو عمرو: يقال استأصل الله عَرْقَاتَ فلانٍ، وهي أصله، وقال المنذري: هذه كلمة تكلمت بها العرب على وجوه، قالوا : استأصل الله عَرْقَاتَه وعِرْقَاتَه وعِرْقَاتِهِ وعِرْقَاتَه، قلت: لم يزيدا على ما حكيت، وأرى أنها مأخوذة من العِرْقَة، [ص: 63] وهي الطرة تنسج فتدار حول الفسطاط، فتكون كالأصل له، ويجمع على عِرْقَات، وكذلك أصل الحائط يقال له: العرق، فأما سائر الوجوه فلا أرى لها ذكراً في كتب اللغة، إلا ما قاله الليث فإنه قال: العِرْقَاة من الشجر أرُومَة الأوسط، ومنه تتشعب العروق وهو على تقدير فِعْلاَة، وقال ابن فارس والأزهري: العرب تقول في الدعاء على الإنسان: استأصل الله عِرْقَاتَه ينصبون التاء لأنهم يجعلونها واحدةً مؤنثة مثل سِعْلاَة، وقال آخرون: بل هي تاء جماعة المؤنث، لكنهم خَفَّفوه بالفتح، قال الأزهري: من كسر التاء في موضع النصب وجعلها جمع عِرْقَة فقد أخطأ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 62 308- أخَذَهُ بِأبْدَحَ وَدُبَيْدَحَ. إذا أخذه بالباطل، قاله الأصمعي، ويقال: أَكَلَ مالَه بأبْدَحَ ودبيدح، قال الأصمعي: أصله دُبَيْح فقالوا: دُبَيْدَح بفتح الدال الثانية. قلت: تركيب هذه الكلمة يدل على الرخاوة والسهولة والسعة، مثل البَدَاح للمتسع من الأرض، ومثله تَبَدَّحَت المرأة إذا مشت مشية فيها استرخاء، فكأن معنى المثل: أكل ماله بسهولة من غير أن ناله نَصَب، ودُبَيْح - على ما قاله الأصمعي - تصغير أدْبَحَ مرَّخما، حكى الأصمعي: أن الحجاج قال لجبلة: قل لفلان أكلْت مال الله بأبْدَحَ ودُبَيْدَح (يضرب للأمر الذي يبطل ولا يكون) فقال له جبلة: خواستة ايزد بخورى بلاش وماش. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 63 309- إِيّاكَ وَأَعْرَاضَ الرِّجالِ. هذا من كلام يزيد بن المَهلَّب فيما أوصى ابنه مَخْلدا : إياك وأعراض الرجال، فإن الحر لا يُرْضِيه من عرضه شيء، واتَّقِ العقوبة في الأبشار، فإنها عار باقٍ وَوِتْرٌ مطلوب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 63 310- إِنّهُ لَشَدِيدُ النّاظرِ. أي بريء من التُّهمَةَ ينظر بملء عينيه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 63 311- إِنّهُ لَغَضِيضُ الطّرْفِ. أي يَغُضُّ بصره عن مال غيره، ة و"نقيُّ الطرف" أي ليس بخائن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 63 312- إِنّهُ لَضَبُّ كَلَدَةٍ لاَ يُدْرَكُ حَفْرا وَلاَ يُؤْخَذُ مُذَنّبا. الكَلَدة: المكان الصُّلْب الذي لا يعمل فيه المِحْفَار، وقوله "لا يؤخذ مذنباً" أي ولا يؤخذ من قِبَلِ ذَنَبه من قولهم "ذَنَّب البسر" إذا بدا فيه الإرطاب من قبل ذنبه. يضرب لمن لا يدرك ما عنده. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 63 313- إِنّهُ لَزَحَّارٌ بِالدَّوَاهِي. يضرب للرجل يولِّد الرأيَ والحيلَ حتى يأتي بالداهية، وقال (البيت لشيم بن خويلد كما في الصحاح (خ ف ق) وأنشده هناك: وقد طلقت ليلة كلها ... فجاءت به مودنا خنفقيقا والمودن: الضاوي، والخنفقيق: الداهية) . زحَرْتِ بها ليلةً كلَّهَا ... فجئْتِ بها مودناً خَنْفقيقا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 64 314- إِنّهُ لَغَيْرُ أبْعَدَ. يضرب لمن ليس له بُعْدُ مذهبٍ: أي غَوْر. قال ابن الأعرابيّ: إن فلاناً لذُو بعدة: أي لذو رأيٍ وحَزْم، فإذا قيل "إنه غير أبعد" كان معناه لا خَيْرَ فيه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 64 315- إِنَّما أنْتَ عَطِينَةٌ، وَإِنَّما أنْتَ عَجينَةٌ. أي إنما أنت مُنْتِن مثل الإهَاب المَعْطُون. يضرب لمن يذم في أمر يتولاه. أنشد ابن الأعرابي: يا أيها المُهْدِي الخَنَا من كَلاَمِهِ ... كأنك يَضْعو فِي إزارِك خِرْنِقُ وأنت إذا انضمَّ الرجال عطينة ... تُطَاوح بالآنافِ ساعة تَنْطِقُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 64 316- إِنّهُ لَمُنْقَطِعُ القِبالِ. قالوا: القِبَال ما يكون من السير بين الأصبعين إذا لبستَ النعلَ، ويراد بهذه اللفظة أنه سيء الرأي فيمن استعان به في حاجة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 64 317- إِنّهُ لَمَوْهُونُ الفَقَارِ. وَهَنَ يَهِنُ وَهْناً إذا ضعف، ووَهَنْتُُه أضْعَفْته، لازم ومتعدّ، قال الليث: رجل واهن في الأمر والعمل، وموهون في العظم والبدن، قال طَرَفة: وَإِذَا تَلْسُنُنِي ألْسُنُهَا ... إِنَّني لَسْتُ بِمَوْهُونٍ فقر يضرب للرجل الضعيف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 64 318- إِنّما نُعْطِي الَّذِي أُعْطِيناَ. أصله كما رواه ابن الأعرابي عن أبي شبيل قال: كان عندنا رجل مئناث، فولدت له امرأته جارية فصبر، ثم ولدت له جارية فصبر، ثم ولدت له جارية فهجرها وتحوَّلَ عنها إلى بيت قريب منها، فلما رأت ذلك أنشأت تقول: ما لأبي الذَّلْفَاء لا يأتينا ... وَهُوَ فِي الْبَيْتِ الذي يَلِيَنا يَغْضَبُ إنْ لَمْ نَلِدِ الْبَنِيَنا ... وإنَّما نُعْطِي الذي أُعْطينَا [ص: 65] فلما سمع الرجل ذلك طابت نفسه ورجع إليها. يضرب في الاعتذار عما لا يملك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 64 319- إيّاكُمْ وَحَمِيَّةَ الأوْقابِ. قال أبو عمرو: الأوقاب والأوغابُ الضعفاء، ويقال الحمقى، يقال: رجل وَقْب ووَغْب، قال: وهذا من كلام الأحنف ابن قيس لبني تميم وهو يوصيهم: تَبَاذَلُوا تحابُّوا، وتهادوا تذهب الإحَنُ والسَّخَائم، وإياكم وحَمِيَّةَ الأوقاب، وهذا كقولهم: أعود بالله من غلبة اللئام (في نسخة "إياكم وغلبة اللئام") . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 65 320- إِنّهُ لَهُوَ أوِ الجِذْلُ. الجِذْلُ: أصل الشجرة. يضرب هذا إذا أشكل عليك الشيء فطننت الشخص شخصين، ومثله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 65 321- إِنّهُمْ لَهُمْ أوِ الحرَّةُ دَبِيباً. أي في الدبيب. يضرب عند الإشكال والتباس الأمر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 65 322- إِنَّ الشقِيَّ يُنْتَحَي لَهُ الشّقِي أي: أحدهما يُقَيَّضُ لصاحبه فيتعارفان ويأتلفان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 65 323- أمْرُ اللهُ بَلْغٌ يَسْعَدُ بِهِ السُّعدَاءُ وَيَشْقَى بِهِ الأشْقِياءُ. بَلْغ: أي بالغ بالسعادة والشقاوة، أي نافذ بهما حيث يشاء. يضرب لمن اجتهد في مَرْضَاة صاحبه فلم ينفعه ذلك عنده. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 65 324- إنْ كُنْتِ تُرِيدِينِي فَأنا لَكِ أرْيَدُ. قال أبو الحسن الأخفش: هذا مثل، وهو مقلوب، وأصله أرْوَدُ، وهو مثل قولهم: هو أحْيَلُ الناس، وأصله أحْوَلُ من الحَوْل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 65 325- إنَّ جُرْفَكَ إلىَ الْهَدْمِ. الجُرْفُ: ما تجرفته السيول، والمعنى إن جُرْفَك صائر إلى الهدم. يضرب للرجل يُسْرِع إلى ما يكرهه، ومثله قولُهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 65 326- إِنَّ حَبْلَكَ إلَى أُنْشُوطَةٍ. الأُنْشُوطة: عُقْدة يَسْهُل انحلالها كعقدة تِكَكِ السراويل، وتقديره: إن عُقْدَةَ حبلك تصير وتنسب إلى أنشوطة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 65 327- إِيَّاكَ وَقَتِيلَ العَصَا. يريد إياك وأن تكون القتيلَ في الفتنة [ص: 66] التي تفارق فيها الجماعة، والعصا: اسم للجماعة، قال: فَلِلّه شعبا طية صَدَعَا الْعَصَا ... هِيَ الْيَوْمَ شَتَّى وَهْيَ أمْسِ جَمِيعُ يريد فرّقا الجماعة الذين كانوا متجاورين، وكان حقه أن يقول صدعت على فعل الطية لكنه جعله فعل الشعبين توسعاً، وقوله "هي اليوم" يعني العصا، وهي الجماعة، وشَتَّى أي متفرقة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 65 328- إِنَّكَ لاَ تَهْدِي الْمُتَضَالَّ. أي من ركب الضلالَ على عمدٍ لم تقدر على هدايته. يضرب لمن أتى أمراً على عمد وهو يعلم أن الرشاد في غيره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 66 329- إِنَّ القَلُوصَ تَمْنَعُ أَهْلَهَا الْجَلاَءَ. وذلك أنها تنتج بطنا فيشرب أهلها لبنها سَنَتَهم ثم تنتج رُبَعاً فيبيعونه، والمراد أنهم يتبلَّغون بلبنها وينتظرون لِقاحها. يضرب للضعيف الحال يجاور مُنْعِماً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 66 330- إنَّكَ إلىَ ضَرَّةِ مالٍ تَلْجَأ. قال ابن الأعرابي: أي إلى غنىّ. والضرة: المال الكثير، والمضرّ: الذي تَرُوحُ عليه ضرة من المال، قال الأشعر: بِحَسْبِكَ في القوم أن يَعْلَمُوا ... بأنَّكَ فيهم غَنِيّ مُضِرّْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 66 331- إِذا شَبِعَتِ الدَّقِيقَةُ لَحِسَت الجَلِيلَة. الدقيقة: الغنم، والجليلة: الإبل، وهي لا يمكنها أن تشبع، والغنم يُشْبعها القليل من الكلأ فهي تفعل ذلك. يضرب للفقير يخدُمُ الغنيَّ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 66 332- إذا أَخْصَبَ الزَّمانُ جاءَ الغَاوِي وَالهاوِي. يقال: الغاوي الجراد، والغوغاء منه، والهاوي: الذباب تهوي أي تجيء وتقصد إلى الخِصْب. يضرب في ميل الناس إلى حيث المال. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 66 333- إذا جاءَتِ السَّنَةُ جاءَ مَعَهَا أَعْوَانُهَا. يعني الجراد والذباب والأمراض، يعني إذا قَحِطَ الناسُ اجتمع البلايا والمحن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 66 334- إنَّ اطِّلاَعاً قَبْلَ إينَاسٍ. يضرب في ترك الثقة بما يورد المنهي دون الوقوف على صحته، يعني أن نظرا ومطالعة بصحة معرفتك قبل إشعارك التيقن. أنشد ابن الأعرابي: وإنْ أَتَاكَ امرؤ يَسْعَى بكَذْبَتِهِ ... فانْظُرْ فإنَّ اطِّلاَعا قبل إيناسِ الاطلاع: النظَر، والإيناس: التيقن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 66 335- إِنّمَا يُهْدَمُ الحَوْضُ مِنْ عُقْرِهِ. العُقْر: مؤخر الحوض، يريد يؤتى الأمر من وجهه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 67 336- أنَا أعْلَمُ بِكَذَا مِنَ المائِحِ بِاسْتِ الماتِحِ. المايح بالياء: الذي في أسفل البئر، والماتح: الذي يستقي من فَوْقُ، وقال: يا أَيُّهَا المَائِحُ دَلْوِي دُونَكَا ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 67 337- إِنَّهُ سَرِيعُ الإِحارَةِ. أي سريع اللُّقَم كبيرُها، والإحارة: ردُّ الجواب ورَجْعه، ومنه: "أَرَاكَ بَشْر ما أَحَاَر مِشْفَرُ" (هذا مثل، وقد فسره الجوهري بقوله: أغناك الظاهر عن سؤال الباطن، وأصله في البعير) أي ما ردّه ورجَعه مِشفَرُه إلى بطنه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 67 338- أَنْ أُصْبِحَ عِنْدَ رَأْسِ الأَمْرِ أَحَبُّ إلَيَّ مِنَ َأَنْ أُصْبِحَ عِنْدَ ذَنَبِهِ. يضرب في الحث على التقدم في الأمور. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 67 339- إِنَّ أكْلَهُ لَسَلَجانٌ، وَإِنَّ قَضَاءَهُ لَليَّانٌ، وَإِنَّ عَدْوَهُ لرَضَمانٌ. أي يحبُّ أن يأخذ ويكره أن يَقْضي وقوله "لرضمان" معناه بطئ، مأخوذ من قولهم برذون مَرْضُوم العصب إذا كان عصبه قد تشنَّج وإذا كان كذلك بَطُؤ سيره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 67 340- إنْ لاَ تَجِدْ عَارِماً تَعْتَرِمْ. يضرب للمتكلف ما ليس من شأنه. وأصله من عَرَمَ الصبُّي ثديَ أمه، وأنشد يونس: ولا تًلْفَيَنَّ كذاتِ الغلا ... م إِنْ لم تَجِدْ عَارِماً تَعْتَرِمْ يعني أن الأم المرضع إن لم تجد من يمصُّ ثديَهَا مَصَّته هي. قال: ومعنى المثل لا تكن كمن يهجو نفسه إذا لم يجد من يهجوه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 67 341- إنَّ كَثِيرَ النّصِيحَةِ يَهجُمُ عَلَى كَثِيرِ الظِّنَّةِ. أي إذا بالَغْتَ في النصيحة اتَّهمك من تنصحه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 67 242- أَتاهُ فَمَا أبْرَدَ لَهُ ولا أَحَرَّ. أي ما أطعمه بارداً ولا حارّاً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 67 343- أَنْتَ كَبَارِحِ الأرْوَى. البارح: الذي يكون في البَرَاح، وهو الفضاء الذي لا جَبَلَ فيه ولا تلّ، والأروى: الإناث من المِعْزَى الجبلية، وهي لا تكون إلا في الجبل فلا تُرَى قط في البَرَاح. يضرب لمن تطول غيبته. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 67 344- إذَا العَجُوزُ ارْتَجَبَتْ فَارْجُبْهَا. يقال: رَجَبْته إذا هِبته وعظّمته، ومنه رَجَبُ مُضَرَ، لأن الكفار كانوا يهابونه ويعظمونه ولا يقاتلون فيه. ومعنى المثل إذا خوفَتْكَ العجوز نفسَها فخَفْها لا تذكر منك ما تكره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 68 345- إِنَّمَا هُوَ الفَجْرُ أَو الْبَجْرُ. أي إن انتظرت حتى يُضيء لك الفجر الطريقَ أبصرتَ قدرك، وإن خبطت الظَّلْماء وركبت العَشْواء هَجَما بك على المكروه. يضرب في الحوادث التي لا امتناع منها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 68 346- أنْتَ أنْزَلْتَ القِدْرَ بأَثَافِيِّهَا. يضرب لمن يركب أمراً عظيما ويُوقِع نفسه فيه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 68 347- أتَتْكُمْ فَالِيَةُ الأفاعِي. الفالية، وجمعها الفوالي: هنات كالخنافس رُقْط تألف العقارب في جِحَرة الضبّ، فإذا خرجت تلك علم أن الضب خارج لا محالة، ويقال: إذا رِيئَتْ في الجحر علم أن وراءها العقارب والحيات. يضرب مثلا لأول الشر يُنْتَظَر بعده شر منه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 68 348- أتَى عَلَيْهِمْ ذُو أَتى. هذا مَثَل من كلام طيء، و"ذو" في لغتهم تكون بمعنى الذي، يقولون "نحن ذو فعلنا كذا" أي نحن الذين فعلنا كذا، و "هو ذو فعل كذا" و "هي ذو فعلَتْ كذا" قال شاعرهم: فإنَّ الماء ماءُ أبي وجَدِّي ... وبئري ذُو حَفَرْتُ وذو طَوَيْتُ ومعنى المثل: أتى عليهم الذي أتى على الخلق، يعني حَوَادِثَ الدهر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 68 349- أبُو وَثِيل أبِلَتْ جِمَاُلُه. يقال: أبِلَتِ الإبلُ والوحشُ، إذا رَعَتِ الرُّطبْ (الرطب - بوزن قفل أو عنق - الأخضر من البقل) فسمنت. يضرب لمن كان ساقطا فارتفع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 68 350- أُمٌّ سَقَتْكَ الغَيْلَ مِنْ غَيْر حَبَلٍ. الغَيْل: اللبن يُرْضَعه الرضيع والأم حامل، وذلك مَفْسَدة للصبي. يضرب لمن يُدْنيك ثم يجفوك ويُقْصِيك من غير ذنب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 68 351- آثَرْتُ غيري بِغُرَاقَاتِ القِرَبِ. الغُرْقَة والغُرَاقة: القليلُ من الماء واللبن وغيرهما، يَدّخره المرءُ لنفسه ثم يُؤْثر على نفسه غيره. [ص: 69] يضرب لمن تتحمل له كل مكروه ثم يستزيدك ولا يرضى عنك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 68 352- أوَي إلَى رُكْنٍ بِلا قَوَاعٍدَ. يضرب لمن يأوِي إلى من له بقبقة، ولا حقيقة عنده. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 69 353- آبَ وقِدْحُ الفَوْزَةِ المَنِيحُ. المَنِيحُ من قِدَاح الميسر: ما لا نصيب له، وهو: السَّفيح، والمنيح، والوَغْد. يضرب لمن غاب ثم يجيء بعد فَرَاغ القوم مما هم فيه فهو يعود بخيبة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 69 354- إِنْ كَذِبٌ نَجَّى فَصِدْقٌ أخْلَقُ. تقديره: إن نجى كذب فصدق أجْدَرُ وأولى بالتنجية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 69 355- أَخٌ أرَادَ البِرَّ صَرْحاً فاجْتَهَدَ. أراد صَرَحاً بالتحريك فسكن، والصرح: الخالص من كل شيء، قال الشاعر: تَعْلُو السيوفُ بأيدينا جماجِمَهُمْ ... كما يعلق مروَ الأمعز الصَّرَحُ أي الخالص، يقال: صَرُحَ صَرَاحة فهو صَرِيح وَصَرحَ وَصُرَاح. يضرب لمن اجتهد في برّك، وإن لم يبلغ رضاك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 69 356- إِنِّي مَلِيطُ الرَّفْدِ مِنْ عُوَيْمر. المليط: السِّقْطُ من أولاد الإبل قبل أن يُشْعِر، والرفد: العطاء، يريد إني ساقطُ الحظِّ من عطائه. يضرب لمن يختص بإنسان ويقل حظه من إحسانه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 69 357- إنْ حالَتِ القَوْسُ فَسَهْمِي صائِبٌ. يقال: حالت القوسُ تَحُول حُؤُولا إذا زالَتْ عن استقامتها، وسهم صائب: يصيب الغرض. يضرب لمن زالت نعمته ولم تزل مروءته. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 69 358- أيَّ سَوَادٍ بِخدَامٍ تَدْرِي. السَّواد: الشخص، والخِدام: جمع خَدَمة وهي الخلخال، وادّرى وَدَرَى: إذا خَتَل. يضربه مَنْ لا يعتقد أنه يخدع ويختل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 69 359- إِنَّهُ لاَ يُخْنَقُ عَلَى جِرَّتِهِ. يضرب لمن لا يُمْنَع من الكلام فهو يقول ما يشاء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 69 360- إنَّهُ لَفي حُورٍ وفي بُورٍ. الحُور: النقصان، والبَوْرُ: الهلاك بفتح الباء، وكذلك البَوَار، والبور بالضم: الرجلُ الفاسد الهالك، ومنه قول ابن الزِّبَعْرَي [ص: 70] "إذ أنا بُورٌ" يقال: رجل بُور، وامرأة بُور، وقوم بُور، وإنما ضم الباء في المثل لازدواج الحور. يضرب لمن طلب حاجة فلم يضنع فيها شيئاً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 69 361- إِنّ غَداً لنَاظِرِهِ قَرِيبُ. أي لمنتظره، يقال: نَظَرْتُه أي انتظرته وأول من قال ذلك قُرَاد بن أجْدَعَ، وذلك أن النعمان بن المنذر خرج يتصيد على فرسه اليَحْمُوم، فأجراه على أثَر عَيْر، فذهب به الفرس في الأرض ولم يقدر عليه، وانفرد عن أصحابه، وأخذته السماء، فطلب مَلْجأ ياجأ إليه، فدُفِع إلى بناء فإذا فيه رجل من طيء يقال له حَنْظَلة ومعه امرأة له، فقال لهما: هل من مَأوًى، فقال حنظلة: نعم، فخرج إليه فأنزله، ولم يكن للطائي غير شاة وهو لا يعرف النعمان، فقال لامرأته: أرى رجلاً ذا هيئة وما أخْلَقَه أن يكون شريفاً خطيراً فما الحيلة؟ قالت: عندي شيء من طَحين كنت ادّخرته فاذبح الشاةَ لأتخذ من الطحين مَلَّة، قال: فأخرجت المرأة الدقيق فخبزت منه مَلَّة، وقام الطائيّ إلى شاته فاحتلبها ثم ذبحها فاتخذ من لحمها مَرَقة مَضِيرة، وأطعمه من لحمها، وسقاه من لبنها، واحتال له شراباً فسقاه وجعل يُحَدثه بقية ليلته، فلما أصبح النعمان لبس ثيابه وركب فرسه، ثم قال: يا أخا طيء اطلب ثَوَابك، أنا الملك النعمان، قال: أفعل إن شاء الله، ثم لحق الخيل فمضى نحو الحِيرة، ومكث الطائي بعد ذلك زماناً حتى أصابته نَكْبة وجَهْد وساءت حاله، فقالت له امرأته: لو أتيتَ الملك لأحسن إليك، فأقبلَ حتى انتهى إلى الحِيرَة فوافق يومَ بؤس النعمان، فإذا هو واقف في خَيْله في السلاح، فلما نظر إليه النعمان عرفه، وساءه مكانه، فوقف الطائيّ المنزولُ به بين يدي النعمان، فقال له: أنت الطائيّ المنزول به؟ قال: نعم، قال: أفلا جِئْتَ في غير هذا اليوم؟ قال: أبَيْتَ اللعن! وما كان علمي بهذا اليوم؟ قال: والله لو سَنَحَ لي في هذا اليوم قابوسُ ابني لم أجد بُدّا من قتله، فاطلب حاجَتَكَ من الدنيا وسَلْ ما بدا لك فإنك مقتول، قال: أبَيْتَ اللعنَ! وما أصنع بالدنيا بعد نفسي. قال النعمان: إنه لا سبيل إليها، قال: فإن كان لا بدّ فأجِّلْني حتى أُلِمَّ بأهلي فأوصي إليهم وأهيئ حالهم ثم أنصرف إليك، قال النعمان: فأقم لي كَفيلاً بموافاتك، فالتفت الطائي إلى شريك بن عمرو بن قيس من بني شيبان، وكان يكنى أبا الحَوْفَزَان وكان صاحب الردافة، وهو واقف بجنب النعمان، فقال له: [ص: 71] يا شريكا يا ابن عمرو ... هل من الموت مَحَالة يا أخا كل مُضَافٍ ... يا أخا مَنْ لا أخا له يا أخا النعمان فُكَّ اليوم ضَيْفاً قد أتى له طالما عالج كرب الموت لا ينعم باله فأبى شريك أن يتكفل به، فوثب إليه رجل من كلب يقال له قُرَاد بن أجْدَع، فقال للنعمان: أبيت اللَّعْن! هو عليّ، قال النعمان: أفعلت؟ قال: نعم، فضمّنه إياه ثم أمر للطائي بخمسمائة ناقة، فمضى الطائيّ إلى أهله، وجَعَلَ الأجَلَ حولا من يومه ذلك إلى مثل ذلك اليوم من قابل، فلما حال عليه الحولُ وبقي من الأجل يوم قال النعمان لقُرَاد: ما أراك إلا هالكاً غَداً، فقال قُرَاد: فإن يَكُ صَدْرُ هذا اليوم وَلىّ ... فإنَّ غَداً لناظرهِ قَريبُ فلما أصبح النعمان ركب في خيله ورَجْله متسلحاً كما كان يفعل حتى أتى الغَرِيَّيْنِ فوقف بينهما، وأخرج معه قُرَادا، وأمر بقتله، فقال له وزراؤه: ليس لك أن تقتله حتى يستوفي يومه، فتركه، وكان النعمان يشتهي أن يقتل قُرَادا ليُفْلَتَ الطائي من القتل، فلما كادت الشمس تَجِبُ وقُرَاد قائم مُجَرَّد في إزار على النِّطَع والسيافُ إلى جنبه أقبلت امرأته وهي تقول: أيا عَيْنُ بكى لي قُرَاد بن أجْدَعَا ... رَهينا لقَتْلٍ لا رهينا مُوَدّعا أتته المنايا بَغْتةً دون قومه ... فأمسى أسيراً حاضر البَيْتِ أضْرَعَا فبينا هم كذلك إذ رفع لهم شخص من بعيد، وقد أمر النعمان بقتل قراد، فقيل له: ليس لك أن تقتله حتى يأتيك الشخص فتعلم من هو، فكفَّ حتى انتهى إليهم الرجلُ فإذا هو الطائي، فلما نظر إليه النعمان شَقَّ عليه مجيئه، فقال له: ما حملك على الرجوع بعدَ إفلاتك من القتل؟ قال: الوفاء، قال: وما دَعَاك إلى الوفاء؟ قال: دِينِي، قال النعمان: فاعْرِضْهَا عليّ، فعرضها عليه، فتنصر النعمان وأهلُ الحِيرة أجمعون، وكان قبل ذلك على دين العرب، فترك القتلَ منذ ذلك اليوم، وأبطل تلك السُّنَّة وأمر بهدم الغَرِيّيْن، وعفا عن قُرَاد والطائي، وقال: والله ما أدري أيها أوفى وأكرم، أهذا الذي نجا من القتل فعاد أم هذا الذي ضمنه؟ والله لا أكون ألأمَ الثلاثة، فأنشد الطائيّ يقول: ما كُنْتُ أُخْلِفُ ظنه بعد الذي ... أسْدَى إلىّ من الفَعَال الخالي ولقد دَعَتْنِي للخلاف ضَلاَلتي ... فأبَيْتُ غيرَ تمجُّدِي وفعالي [ص: 72] إني امرؤ منِّي الوفاءُ سَجِية ... وجزاء كل مكارم بَذَّالِ وقال أيضاً يمدح قُرَادا: ألا إنما يسمو إلى المجد والعُلا ... مَخارِيقُ أمثال القُرَاد بْنِ أجْدَعَا مخاريقُ أمثال القراد وأهله ... فإنهمُ الأخيار من رَهْطِ تبعا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 70 362- إِنّ أَخاكَ مَنْ آسَاكَ. يقال: آسيت فلانا بمالي أو غيره، إذا جعلته أُسْوَةَ لك، ووَاسَيْتُ لغة فيه ضعيفة بَنَوْهَا على يُوَاسي، ومعنى المثل إن أخاك حقيقةً مَنْ قدمك وآثَرَك على نفسه. يضرب في الحثّ على مراعاة الإخوان وأول من قال ذلك خُزَيم بن نَوْفل الهَمْداني، وذلك أن النعمان بن ثَوَاب العبديّ ثم الشنيّ كان له بنون ثلاثة: سعد، وسعيد، وساعدة، وكان أبوهم ذا شرف وحكمة، وكان يوصي بنيه ويحملهم على أدَبِه، أما ابنه سعد فكان شجاعاً بطلاً من شياطين العرب لا يُقَام لسبيله ولم تَفُتْه طَلِبَتهُ قطّ، ولم يفرَّ عن قِرْن. وأما سعيد فكان يشبه أباه في شرفه وسؤدده. وأما ساعدة فكان صاحب شراب ونَدَامى وإخوان، فلما رأى الشيخ حالَ بنيه دعا سعدا وكان صاحب حرب فقال: يا بُنَي إن الصارم يَنْبو، والجواد يَكْبُوُ، والأثر يعفو، فإذا شهدت حرباً فرأيت نارها تستعر، وبطلها يحظر، وبحرها يزخر، وضعيفها ينصر، وجبانها يجسر، فأقْلِلِ المكث والانتظار، فإن الفرار غير عار، إذا لم تكن طالبَ ثار، فإنما ينصرون هم، وإياك أن تكون صَيْدَ رماحها، ونطيح نطاحها، وقال لابنه سعيد وكان جوادا: يا بني لا يبخل الجواد، فابذل الطارف والتِّلاد، وأقلل التَّلاح، تُذْكَرُ عند السماح، وأبْلُ إخوانك فإن وَفِيَّهم قليل، واصنع المعروف عند محتمله. وقال لابنه ساعدة وكان صاحب شراب: يا بني إن كثرة الشراب تفسد القلب، وتقلل الكسب، وتجدّ اللعب، فأبصر نَديمك، واحْمِ حريمك، وأعِنْ غريمك، واعلم أن الظمأ القامح، خير من الري الفاضح، وعليك بالقَصْد فإن فيه بلاغا. ثم إن أباهم النعمان بن ثَوَاب توفي، فقال ابنه سعيد وكان جوادا سيدا: لآخذنّ بوصية أبي ولأبلُوَنَّ إخواني وثقاتي في نفسي، فعمد إلى كبش فذبحه ثم وضعه في ناحية خِبائه، وغَشَّاه ثوباً، ثم دعا بعض ثقاته فقال: يا فلان إن أخاك مَنْ وفَى لك بعهده، وحاطك بِرِفده، ونصرك بوده، قال: [ص: 73] صدقت فهل حدث أمر؟ قال: نعم، إني قتلت فلاناً، وهو الذي تراه في ناحية الخِباء، ولابد من التعاون هليه حتى يُوَارَى، فما عندك؟ قال: يالَهَا سَوْأة وقعتَ فيها، قال: فإني أريد أن تعينني عليه حتى أغيبه، قال: لستُ لك في هذا بصاحب، فتركه وخرج، فبعث إلى آخر من ثقاته فأخبره بذلك وسأله مَعُونته، فردّ عليه مثل ذلك، حتى بعث إلى عَدَد منهم، كلهم يردّ عليه مثل جواب الأول، ثم بعث إلى رجل من إخوانه يقال له خُزَيم بن نَوْفل، فلما أتاه قال له: يا خُزَيم مالي عندك؟ قال: ما يسرّك، وما ذاك؟ قال: إني قتلت فلاناً وهو الذي تراه مُسَجًّى، قال: أيْسَرُ خَطْبٍ، فتريد ماذا؟ قال: أريد أن تعينني حتى أغيبه، قال: هان ما فَزِعْتَ فيه إلى أخيك، وغلامٌ لسعيد قائم معهما، فقال له خزيم: هل اطلع على هذا الأمر أحدٌ غير غلامك هذا؟ قال: لا، قال: انظر ما تقول، قال: ما قلت إلا حقا، فأهْوَى خزيم إلى غلامه فضربه بالسيف فقتله، وقال: ليس عبدٌ بأخٍ لك، فأرسلها مثلا، وارتاع سعيد وفزع لقتل غلامه، فقال: ويحك! ما صنعت؟ وجعل يلومه، فقال خزيم : إن أخاك من آساك، فأرسلها مثلا، قال سعيد: فإني أردْتُ تجربتك، ثم كشف له عن الكَبْش، وخبره بما لقي من إخوانه وثقاته وما ردوا عليه، فقال خزيم: سَبَقَ السيفُ العَذَلَ، فذهبت مثلا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 72 363- ألاَ مَنْ يَشْترِي سَهَراً بِنَوْمٍ. قالوا: إن أول مَنْ قال ذلك ذو رُعَيْن الْحِمْيَري، وذلك أن حِمْيَر تفرقت على ملكها حسان، وخالفت أمره لسوء سيرته فيهم، ومالوا إلى أخيه عمرو، وحملوه على قَتْل أخيه حَسَّان وأشاروا عليه بذلك ورغبوه في المُلْك، ووَعَدوه حسن الطاعة والموازرة، فنهاه ذو رُعَيْن من بين حمير عن قتل أخيه، وعلم أنه إن قتل أخاه ندم ونَفَر عنه النوم وانتقض عليه أموره، وأنه سيعاقِبُ الذي أشار عليه بذلك، ويعرف غشهم له، فلما رأى ذو رُعَيْن أنه لا يقبل ذلك منه وخشي العواقب قال هذين البيتين وكتبهما في صحيفة وختم عليها بخاتم عمرو، وقال: هذه وديعة لي عندك إلى أن أطلبها منك، فأخذها عمرو فدَفَعها إلى خازنه وأمَرَه برفعها إلى الخزانه والاحتفاظ بها إلى أن يَسْأل عنه، فلما قَتَلَ أخاه وجلس مكانه في الملك مُنِعَ منه النومُ، وسُلِّط عليه السهر، فلما اشتد ذلك عليه لم يَدَعْ باليمن طبيبا ولا كاهنا ولا منجما ولا عرّافا ولا عائفا إلا جمعهم، ثم أخبرهم بقصته، وشكا إليهم ما به، فقالوا له: ما قَتَلَ [ص: 74] رجل أخاه أو ذا رَحِم منه على نحو ما قتلت أخاك إلا أصابه السهر ومنع منه النوم، فلما قالوا له ذلك أقبل على مَنْ كان أشار عليه بقتل أخيه وساعده عليه من أقْيَال حِمْير فقتلهم حتى أفناهم، فلما وصل إلى ذي رُعَين قال له: أيها الملك إن لي عندك بَرَاءة مما تريد أن تصنع بي، قال: وما براءتك وأمانك؟ قال: مُرْ خازنك أن يخرج الصحيفة التي استودعتكها يوم كذا وكذا، فأمر خازِنه فأخرجها فنظر إلى خاتمه عليها ثم فَضَّها فإذا فيها: ألاَ مَنْ يَشْتَري سَهَراً بِنَوْمٍ ... سَعِيدٌ مَنْ يبيتُ قَرِيرَ عَيْنِ فإمَّا حِمْيَر غَدَرَتْ وخانت ... فَمَعْذِرَةُ الإله لِذِي رُعَيْنَ ثم قال له: أيها الملك قد نَهيتك عن قتل أخيك، وعلمتُ أنك إن فعلت ذلك أصابك الذي قد أصابك، فكتبت هذين البيتين بَرَاءة لي عندك مما علمت أنك تصنع بمن أشار عليك بقتل أخيك، فقبل ذلك منه، وعفا عنه، وأحسن جائزته. يضرب لمن غمط النعمة وكره العافية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 73 364- إِنَّكَ لاَ تُهَرِّشُ كَلْباً. يضرب لمن يحمل الحليم على التوثُّب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 74 365- إنَّ الذَّلِيلَ مَنْ ذَلَّ في سُلْطانِهِ. يضرب لمن ذلّ في موضع التعزز وضَعُفَ حيث تنتظر قدرته. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 74 366- إنْ كُنْتَ كَذُوباً فَكُنْ ذَكوراً. يضرب للرجل يكذب ثم ينسى فيحدث بخلاف ذلك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 74 367- إذا اشْتَرَيْتَ فاذْكُرِ السُّوقَ. يعني إذا اشتريت فاذكر البيع لتجتنب العيوب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 74 368- إِنّهُ لَقُبَضَةٌ رُفَضَةٌ. يضرب للذي يتمسك بالشيء ثم لا يلبث أن يدعه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 74 369- إنْ لَمْ يكُنْ مُعْلَماً فَدَحْرِجْ. أصل هذا المثل أن بعض الْحَمْقَى كان عُرْيانا فقعد في حُبّ وكان يدحرج، فحضره أبوه بثوب يلبسه، فقال: هل هو مُعْلم؟ قال: لا، فقال : إن لم يكن معلما فَدَحرج فذهب مثلا. يضرب للمضطر يقترح فوق ما يكفيه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 74 370- إياكَ وَالسَّآمَةَ في طَلَبِ الأمُورِ فَتَقْذِفُكَ الرِّجالُ خَلْفَ أعْقابِهَا. قال أبو عبيد: يروى عن أبجر [ص: 75] بن (في نسخة"أبجر بن عامر") جابر العجلي أنه قال فيما أوصى به ابنه حجازا: يا بني إياك والسآمة. يضرب في الحث على الجدّ في الأمور وتَرْك التفريط فيها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 74 371- إذَا ما القارِظُ العَنَزِيُّ آبا. قال ابن الكلبي: هما قارظان كلاهما من عَنَزة، فالأكبر منهما هو يَذْكر بن عَنَزة لصلبه، والأصغر هو رهم (في القاموس" عامر بن رهم") بن عامر ابن عَنَزة، كان من حديث الأول أن خزيمة ابن نهد - ويروى حزيمة، كذا رواه أبو الندى في أمثاله - كان عَشِقَ فاطمة ابنة يَذْكر، قال: وهو القائل فيها: إذ الْجَوْزَاء أردفَتِ الثريَّا ... ظننْتُ بآل فاطمة الظنونا قال: ثم إن يَذْكرُ وخزيمة خرجا يطلبان القَرَظَ، فمرا بهُوَّة من الأرض فيها نحل، فنزل يذكر يَشْتَار عَسَلا ودَلاَّه خزيمة بحبل، فلما فرغ قال يذكر لخزيمة: امددني لأصعد، فقال خزيمة: لا والله حتى تزوجني ابنتك فاطمة، فقال: أعلى هذه الحال؟ لا يكون ذلك أبدا، فتركه خزيمة فيها حتى مات، قال: وفيه وقَع الشر بين قُضَاعة وربيعة. قال: وأما الأصغر منهما فإنه خرج لطلب القَرَظ أيضاً، فلم يرجع، ولا يُدْرَى ما كان من خبره، فصار مثلا في امتداد الغَيْبة، قال بشر بن أبي خازم لابنته عند موته: فَرَجِّي الخيرَ وانتظِرِي إيابي ... إذا ماالْقَارِظُ العَنَزِيُّ آبا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 75 372- إِنّهُ لَمِشَلُّ عُونٍ. المِشَلّ: الطرد، والعُون: جمع عانة، أي إنه ليَصْلُح أن تشل عليه الحمر الوحشية. يضرب لمن يصلح أن تُنَاط به الأمور العظام. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 75 373- إنّهُ لَمِخْلَطٌ مِزْيَلٌ. يضرب للذي يخالط الأمور ويُزَايلها ثقةً بعلمه واهتدائه فيها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 75 374- إنّهُ الَّليْلُ وأضْواجُ الْوادِي. الضوج بالضاد المعجمة والجيم: مُنْعَطَفُ الوادي، والصُّوحُ بالصاد المضمومة والحاء: حائط الوادي وناحيته. وهذا المثل مثل قولهم "الليل وأهضام الوادي". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 75 375- إنَّكَ لاَ تَعْدُو بِغَيْرِ أُمكَ. يضرب لمن يُسْرِف في غير موضع السَّرَف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 75 376- إنَّكَ لَوْ ظَلَمْتَ ظُلْماً أمَماً. الأمَمُ: القرب، أي لو ظلمت ظلماً ذا قرب لعفونا عنك، ولكن بلغت الغاية في ظلمك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 76 377- إنْ كُنْتِ الحَالِبَةَ فاسْتَغْزِرِي. أي إن قصدتِ الحلب فاطلبي ناقة غزيرة. يضرب لمن يُدَلُّ على موضع حاجته. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 76 378- إِنَّ أَخَا الخِلاَطِ أعْشَى بالَّليْلِ الخِلاط: أن يخلط إبله بإبل غيره ليمنع حَقَّ الله منها، وفي الحديث "لا خِلاَطَ ولا وِرَاط" أي لا يجمع بين متفرقين، والوارط: أن يجعل غنمه في وَرْطة وهي الهُوَّة من الأرض لتخفى، والذي يفعل الخلاط يتحير ويدهش. يضرب مثلا للمُرِيب الخائن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 76 379- إنَّ أمامِي مَالاَ أُسامِي. أي مالا أساميه ولا أقاومه. يضرب للأمر العظيم يُنْتَظَر وقوعه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 76 380- إنْ كُنْتِ حُبْلَى فَلِدِي غُلاَماً. يضرب للمتصلِّف يقول: هذا الأمرُ بيدي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 76 381- إنّما طَعَامُ فُلاَنٍ القَفْعَاءُ وَالتَّأوِيلُ. القفعاء: شجرة لها شَوْك، والتأويل: نبت يعتلفه الحمار. يضرب لمن يُسْتَبْلَدُ طبعه، أي إنه بهيمة في ضعف عقله وقلة فهمه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 76 382- إيَّاكَ وَصَحْرَاءَ الإِهالَةِ. أصل هذا أن كِسْرَى أغْزَى جيشاً إلى قبيلة إياد، وجعل معهم لَقِيطاً الإيادي ليَدُلَّهم، فَتَوَّه بهم لقيط في صحراء الإهالة، فهلكوا جميعاً، فقيل في التحذير "إياك وصَحْرَاء الإهالة". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 76 383- إنَّهُ لَيَنتْجِبُ عِضاهَ فُلاَنٍ. الانتجاب أخذ النَّجَبَة، وهي قشر الشجر. يضرب لمن ينتحل شعر غيره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 76 384- آخِ الأْكْفَاءَ وداهِن الأعْدَاءَ. هذا قريب من قولهم "خالِصِ المؤمنَ وخالِقِ الفاجِر" الجزء: 1 ¦ الصفحة: 76 385- إذَا قَرِحَ الجَنَانُ بَكَتِ العَيْنَانِ. هذا كقولهم "البغض تُبْديِه لك العَيْنَانِ" الجزء: 1 ¦ الصفحة: 76 386- إنَّمَا يُحْمَلُ الْكَلُّ عَلَى أَهْلِ الْفَضْلِ. الكَلُّ: الثقل. أي تُحَملُ الأعباء على أهل القدرة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 76 387- إذَا تَلاَحَتِ الْخُصُومُ تَسَافَهَتِ الحُلُوُم. التَّلاَحِي: التشاتُم، أي عنده يصير الحليم سفيها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 77 388- إنَّهُ يَنْبَحُ النَّاسَ قَبَلاً. يضرب لمن يشتم الناس من غير جُرْم، ونصب "قبلا" على الحال: أي مقابلا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 77 389- إِنَّ السِّلاَءَ لِمَنْ أَقَامَ وَوَلَّدَ. يقال: سَلأْتُ السمن سلأ إذا أذَبْته، والسِّلاء بالمد: المسلوء، يعني أن النتاج ومنافِعَه لمن أقام وأعان على الولادة، لا لمن غَفَل وأهمل. يضرب في ذم الكسل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 77 390- أَنْتَ بَيْنَ كَبِدِي وَخِلْبِي. يضرب للعزيز الذي يشفق عليه، والخِلْبُ: الحِجَابُ الذي بين القلب وسواد البطن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 77 391- آخِرُ سَفَرْكَ أَمْلَكُ. يضرب لمن يَنْشَط في السفر أولا، أي ننظر كيف يكون نشاطك آخرا، وقوله "أمْلَكُ" أي أحق بأن يملك فيه النشاط. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 77 392- إنَّكَ رَيَّانُ فَلاَ تَعْجَلْ بِشُرْبِكَ. يضرب لمن أشرف على إدراك بِغْيَته فيؤمر بالرفق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 77 393- إنْ كنْتَ ناصِرِي فَغَيِّبْ شَخْصَكَ عَنِّي. يضرب لمن أراد أن ينصرك فيأتي بما هو عليك لا لك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 77 394- أَخَذَهُ عَلَى قِلِّ غَيْظِهِ. أي على أثَرِ غَيْظٍ منه في قلبه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 77 395- إذَا لَمْ تُسْمِعْ فَألْمِعْ. أي إن عَجَزْتَ عن الإسماع لم تعجز عن الإشارة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 77 396- إِنَّ مِنَ ابْتِغَاءِ الخَيْرِ اتِّقاءَ الشَّرِّ. يروى هذا عن ابن شِهاب الزُّهري حين مدَحه شاعر فأعطاه مالا وقال هذا القول. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 77 397- إنَّما الشَّيْءُ كَشَكْلِهِ. قاله أكْثَمُ بن صَيْفي. يضرب للأمرين أو الرجلين يتفقان في أمرٍ فيأتلفان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 77 398- أَتَتْ عَلَيْهِ أُمُّ اللُّهَيْمِ. أي أهلكته الداهية، ويقال المنِيَّةُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 77 399- أَكَلْتُمْ تَمْرِي وَعَصَيْتُمْ أَمْرِي. قاله عبدُ الله بن الزُّبَير. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 77 400- أَيْنَ بَيْتُكِ فَتُزَارِي. يضرب لمن يبطئ في زيارتك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 77 401- إِنَّ الهَوَى شَرِيكُ العَمَي. هذا مثل قولهم "حُبُّكَ الشيءَ يُعْمِي ويُصِمُّ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 78 402- إِذَا أَعْيَاكِ جاراتُكِ فَعُوكِي عَلَى ذِي بَيْتِكِ. قال رجل لامرأته: أي إذا أعياك الشيءُ من قبل غيركِ فاعتمدي على ما في ملكك، وعُوكِي: معناه أقبلي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 78 403- أَخَذَنِي بِأطِيرِ غَيْرِي. الأَطِيرُ: الذنْبُ، قال مسكين الدَّارِمِيُّ: أتَضْرِبُني بأطِيرِ الرَجالِ ... وَكَلَّفْتَنِي مَا يَقُولُ الْبَشَرْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 78 404- إنَّ دُونَ الطُّلْمَةِ خَرْطَ قَتَادِ هَوْبَرٍ. الطُّلْمة: الخبزة تُجْعَل في المَلَّة، وهي الرماد الحار، وهَوْبَر: مكان كثير القَتَاد. يضرب للشيء الممتنع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 78 405- إَّنُه دِيْسٌ مِنَ الدِّيَسَةِ. أصل دِيس دوس من الدَّوْسِ والدِّيَاسة أي أنه يَدُوس من يُنَازله. يضرب للرجل الشجاع. وبَنَى قوله من الدِّيَسَة على قوله دِيس وإلاّ فحَقُّه الواو. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 78 406- إنَّ الرَّأْيَ لَيْسَ بالتَّظَنِّي. يضرب في الحث على التَّرْوِية في الأمر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 78 407- أَنا ابْنُ كُدَيِّهَا وكَدَائِهَا. وكُدَى وكَدَاء: جبلان بمكة، والهاء راجعة إلى مكة أو إلى الأرض. وهذا مثل يضربه مَنْ أراد الافتخار على غيره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 78 408- آخِرُ البَزِّ عَلَى القَلُوصِ. البَزُّ: الثيابُ. والقَلُوص: الأنثى من الإبل الشابة. وهذا المثل مذكور في قصة الزَّبَّاء في حرف الخاء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 78 باب ما جاء على أفعل من هذا الباب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 78 اعلم أن لأفْعَلَ إذا كان للتفضيل ثلاثة أحوال: الأول: أن يكون معه "مِنْ" نحو: زيد أفْضَلُ من عمرو، والثاني: أن تدخل عليه الألف وللام، نحو: زيد الأفْضَلُ، والثالث: أن يكون مضافا، نحو: زيدٌ أفضلُ القَوْمِ، وعمرو أفْضَلُكم. فإذا كان مع "مِنْ" استوى فيه الواحد والتثنية والجمع والمذكر والمؤنث، تقول: زيد أفضل منك، والزيدان أفضلُ منك، والزيدون أفضل منك، وكذلك [ص: 79] هند أفضل من دعد، والهندانِ أفضلُ، والهندات أفضل، قال الله تعالى: {هؤُلاَءِ بَنَاتِي هُنَّ أطْهَرُ لكم} وإنما كان كذلك لأن تَمَامه بمن، ولا يثنى الاسم ولا يجمع ولا يؤنث قبل تمامه، ولهذا لا يجوز أن تقول "زيد أفضل" وأنت تريد من، إلا إذا دلَّت الحالُ عليه، فحينئذ إن أضمرْتَه جاز، نحو قولك: زيد أفضل من عمرو وأعْقَلُ، تريد وأعْقَلُ منه، وعلى هذا قوله تعالى: {يَعْلَمُ السِّرَّ وأخْفَى} أي وأخْفَى من السر، وجاء في التفسير عن ابن عباس ومُجَاهد وقَتَادة: السرُّ ما أسررت في نفسك، وأخفى منه ما لم تحدث به نفسك مما يكون في غدٍ، علم الله فيهما سواء، فحذف الجار والمجرور لدلالة الحال عليه، وكذلك: {هُنَّ أَطْهَرُ لكم} أي من غيرها. وإذا كان مع الألف واللام ثُنِّي وَجُمِع وأنِّثَ، تقول: زيد الأفْضَل، والزيدان الأفضلان، والزيدون الأفضلون، وإن شئت: الأفاضِلُ، وهند الفُضْلَى، وهندان الفُضْلَيَانِ، وهندات الفُضْلَيَاتُ، وإن شئت: الفُضَّلُ، قال تعالى: {إِنَّهَا لإِحْدَى الكُبَر} والألف واللام تُعَاقِبَانِ مِنْ، فلا يجوز الجمع بينهما، لا يقال: زيد الأفضلُ من عمرو، ولا يستعمل فُعْلى التفضيل إلا بالألف واللام، لا يقال: جاءتني فُضْلَى، وقد غَلَّطوا أبا نُوَاس في قوله: كأن صُغْرَى وكُبرَى من فَوَاقعها ... حَصْباء درٍّ على أرضٍ من الذهب وإنما استُعْمِلَ من هذا القبيل أخرى قال الله تعالى: {ومنها نُخْرِجُكم تارةً أُخْرَى} وقالوا: دُنْيا في تأنيث الأدنى، ولا يجوز القياسُ عليهما، قال الأخفش: قرأ بعضهم {وقولوا للناس حُسْنَى} وذلك لا يجوز عند سيبويه وسائر النحويين. وإذا كان أفعل مضافا ففيه وجهان: أحدهما أن يجري مَجْرَاه إذا كان معه مِن فيستوي فيه التثنية والجمع والتذكير والتأنيث، تقول: زيد أفضلُ قومِك، والزيدان أفضلُ قومِك، والزيدون أفضلُ قومِك، وهندُ أفضل بناتِك، والهندانِ أفضلُ بناتك، والهنداتُ أفضلُ بناتِك، وهذا الوجه شائع في النثر والشعر، قال الله تعالى: {ولَتجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ الناسِ عَلَى حَيَاةٍ} ولم يقل أَحْرَصِي وقال ذو الرمة: وَمَيَّةُ أَحْسَنُ الثَّقَلَيْنِ جِيداً ... وَسَاِلَفَةً وَأَحْسَنُهُ قَذَالا ولم يقل: حُسْنى الثقلين، ولا حُسْنَاه، وقال جرير: [ص: 80] يَصْرَعْنَ ذَا اللبِّ حَتَّى لاَ حَراكَ بِهِ ... وَهُنَّ أَضْعَفُ خَلْقِ اللهِ إِنْسَانَا وعلى هذا قولُ الناسِ: أوْلى النِّعم بالشكر وأَجَلُّ النعم عندي كذا وكذا، والوجه الثاني في إضافته: أن يعتبر فيه حال دخول الألف واللام فيثنى ويجمع ويؤنث، فيقال: زيد أفضلُ قومِك، والزيدان أَفْضَلا قومِك، والزيدون أَفْضَلُو قومِك، وهند فُضْلى بَنَاتِك، والهندان فُضْلَيَا بناتك، والهندات فُضْلَيَات بناتِك. فهذه الأحوال الثلاثة أثبتها مُسْتَقْصَاة. ومن شرط أَفْعَلَ هذا أن لا يضاف إلا إلى ما هو بعضٌ منه، كقولك: زيد أفضلُ الرجالِ، وهند أفضل النساء، ولا يجوز على الضد، ولهذا لا يجوز "زيد أفضل إخوته" لأن الإضافة تخرجُه من جملتهم، ويجوز: زيد أفضل الإخوة، والإضافة في جميع هذا ليست بمعنى اللام، ولا بمعنى من، ولكن معناها أن فَضْلَ المذكور يزيد على فضل غيره، فإن أدخلت مِنْ جاز أن تقول: الرجال أفضل من النساء، والنساء أضعف من الرجال فإذا قلت "زيد أفضل القوم" كان زيد واحداً منهم، وإذا قلت "زيد أفضل من القوم" كان خارجاً من جملتهم، فهذا هو الفرق بين اللفظين. ومن شرط أفْعَلَ هذا أيضاً أن يكون مَصُوغا من فعل ثلاثي نحو: زيد أفضل وأكرم وأعلم من عمرو، وذلك أن بعض ما زاد على ثلاثة أحرف يمتنع أن يُبْنَى منه أفعل، نحو دَحْرَج واستخرج وتَدَحْرَج وتَخَرَّجَ وأشباهها، وبعضه يؤدِّي إلى اللبس، كقولك: زيد أكرم وأفضل وأحسن من غيره، وأنت تريد بها الزيادة في الإفضال والإكرام والإحسان، فأتوا بما يزيل اللَّبْسَ والامتناع، وهو أنهم بَنَوْا من الثلاثي لفظاً يُنْبيء عن الزيادة وأوقعوه على مصدر ما أرادوا تفضيلَه فيه، فقالوا: زيد أكثر إفضالاً وإكراماً، وأَعَمُّ إحساناً، وأشد استخراجاً، وأسرع انطلاقا، وما أشبه ذلك. ولا يبنى أفعل من المفعول إلا في النُّدْرَةِ، نحو قولهم: أَشْغَلُ من ذات النِّحْيَين، وأَشْهَرُ من الأبلق، والعَوْدُ أحمد، وما أشبهها، وذلك أن المفعول لا تأثير له في الفعل الذي يحلّ به حتى يتصور فيه الزيادة والنقصان، وكذلك حكم ما كان خِلَقَةً كالألوان والعُيُوب، لا تقول زيد أَبْيَضُ من عمرو، ولا أَعْوَرُ منه، بل تقول: أشد بياضاً، وأقبح عَوَراً، لأن هذه الأشياء مستقرة في الشخص ولا تكاد تتغير، فجَرَتْ مَجْرَى الأعضاء الثابتة التي لا معنى للفعل فيها، نحو اليد [ص: 81] والرِّجْل، لا تقول: زيد أَيْدَى من عمرو، ولا فلان أَرْجَلُ من فلان، قال الفراء: إنما ينظر في هذا إلى ما يجوز أن يكون أقل أو أكثر، فيكون أَفْعَلُ دليلاً على الكثرة والزيادة، ألا ترى أنك تقول: زيد أَجْمَلُ من فلان، إذا كان جمالُه يزيد على جماله، ولا تقول للأعميين: هذا أَعْمَى من ذاك، فأما قوله تعالى {وَمَنْ كان فِي هذِهِ أَعْمَى فهو في الآخرة أَعْمَى} فإنما جاز ذلك لأنه من عَمَى القلب، تقول: عَمِىَ يَعْمَى عَمًى فهو عَمٍ وأَعْمى وهم عَمُون وعُمْىٌ وعُمْيَان، قال الله تعالى {بل هُمْ منها عَمُونَ} وقال تعالى {صُمٌّ بَكْمٌ عَمْيٌ} وقال {لم يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمّاً وَعَمْيانَاً} فالأول في الآية اسمٌ، والثاني تفضيل، أي مَنْ كان في هذه - يعني في الدنيا - أعمى القلب عما يرى من قُدْرة الله في خلق السموات والأرض وغيرها مما يُعَانيه فلا يؤمن به فهو عما يَغِيبُ عنه من أمر الآخرة أَعْمَى أن يؤمن به. أي أشدُّ عمًى. ويدل على هذا قوله تعالى {وأضل سبيلا} وقرأ أبو عمرو {ومن كان في هذه أعمى} بالإمالة {فهو في الأخرة أعمى} بالتفخيم، أراد أن يفرق بين ما هو اسم وبين ما هو أفعل منه بالإمالة وتركها، وكل ما كان على أفعل صفةً لا يبنى منه أفعل التفضيل، نحو قولهم: جَيْشٌ أَرْعَن، ودينار أَحْرَش، فأما قولهم: فُلاَن أَحْمَق من كذا، فهو أفعل من الحمق، لأنه يقال: رجل حمَقِ كما يقال: رجل أحمق، ومنه قول يزيد بن الكحم: قد يقتر الحول التقيّ ... ويكثر الحمق الأثيم وكذلك قولُه تعالى {فهو في الآخرة أعمى} من قولك هذا عَمٍ وهذا أَعْمَى منه. وحكم ما أَفْعَلَهُ وأفْعِلْ به في التعجب حكم أَفْعَلَ في التفضيل في أنه أيضاً لا يبنى إلا من الثلاثي، ولا يتعجب من الألوان والعيوب إلا بلفظ مَصُوغ من الفعل الثلاثي كما تقدم، فلا يقال: ما أَعْوَرَهُ ولا ما أَعْرَجَه، بل يقال: ما أشدَّ عوَره، وَأَسْوَأَ عَرَجَه، وما أشد بَيَاضَه وَسَوَاده، وقول من قال: أَبْيَضُ مِنْ أُخْتِ بَنِي أَبَاضِ ... وقول الآخر: أَمَّا المُلُوكُ فأَنْتَ الْيَوْمَ أَلأَمُهُمْ ... لُؤْمًا وَأَبْيَضُهُمْ سِرْبَالَ طَباخِ محمولان على الشذوذ، وكذلك قولهم: ما أعطاه، وما أَوْلاَه للمعروف، وما أَحْوَجَه، يريدون ما أشد احتياجَه، على أن بعضهم قال: ما أَحْوَجَه من حَاجَ يَحُوجُ حَوْجاً، أي احتاج، وقال بعضهم: إنما فعلوا هذا [ص: 82] بعد حذف الزيادة وردِّ الفعِل إلى الثلاثي، وهذا وَجْه حَسَن. وحكم أَفْعِلْ به في التعجب حكم ما أفعله لا يقال: أَعْوِرْ به، كما لا يقال: ما أَعْوَرَه، بل يقال: أشْدِدْ بعَوَرِهِ، ويستوي في لفظ أَفْعِلْ به المذكرُ والمؤنث والتثنية والجمع، تقول: يا زيد أكْرِمْ بعمرو، ويا هند أكرم بزيد، ويا رجلان أكرم، ويا رجال أكرم، كما كان في مَا أَحْسَنَ زيداً، وما أَحْسَنَ هنداً، وما أَحْسَنَ الزيدين، وما أحسن الهندات. كذلك قال أبو عبد الله حمزة بن الحسن في كتابه المُعَنْون بأفعل حاكياً عن المازني أنه قال: قد جاءت أَحْرُف كثيرة مما زاد فعله على ثلاثة أحرف فأدخلت العربُ عليه التعجب، قالوا: ما أَتْقَاه الله، وما أَنْتَنه، وما أَظْلَمَها، وما أَضْوَأَها، وللفقير: ما أفقْرَه، وللغني: ما أَغْنَاه، وإنما يقال في فعلهما: افتقر واستغنى، وقالوا للمستقيم: ما أَقْوَمَه، وللمتمكن عند الأمير: ما أَمْكَنه، وقالوا: ما أَصْوَبه، وهذا على لغة من يقول: صَابَ بمعنى أصاب، وقالوا "ماأَخْطَأه" لأن بعض العرب يقولون خَطِئْتُ في معنى أخطأت وقال: يَا لَهْفَ هِنْدٍ إذ خَطِئْنَ كَاهِلاَ ... (هو من كلام امرئ القيس بن حجر الكندي) وقالوا: ما أَشْغَلَه، وإنما يقولون في فعله شُغِلَ، وما أزهاه وفعله زُهِيَ. وقالوا: ماآبَلَه يريدون ما أكثر إبِلَه، وإنما يقولون: تأبَّلَ إبلا إذا اتخذها، وقالوا: ما أبْغَضَه لي، وما أَحَبَّه إلي، وما أَعْجَبَه برأيه، وقال بعض العرب: ما أملأ القِرْبة، هذا ما حكاه عن المازني، ثم قال: وقال أبو الحسن الأخفش: لا يكادون يقولون في الأرْسَح ما أَرْسَحَه، ولا في الأسْتَه ما أَسْتَهَه، قال: وسمعت منهم من يقول: رَسِحَ وَسَتِه، فهؤلاء يقولون: ما أرْسَحَه وما أسْتَهَه. قلت: في بعض هذا الكلام نظر، وذلك أن الحكم بأن هذه الكلمات كلها من المَزِيد فيه غيرُ مسلم، لأن قولهم "ما أتقاه لله" يمكن أن يحمل على لغة من يقول: تَقَاه يَتْقِيه، بفتح التاء من المستقبل وسكونها، حتى قد قالوا: أتقى الأتقياء، وبنوا منه تَقِي يَتْقِي مثل سَقَى يَسْقِي إلا أن المستعمل تحريك التاء من يتقي، وعليه ورد الشعر، كما قال: زِيَادَتَنَا نَعْمَانُ لاَ تَنْسَيَنَّهَا ... تَقِ الله فِينَا والكتابَ الذي تَتْلُو وقال آخر: جَلاَهَا الصّيْقَلُونَ فأَخْلَصُوهَا ... خفَافاً كُلُّهَا يَتْقِي بأثْرِ [ص: 83] وقال آخر: وَلاَ أَتَقِي الغَيُورَ إذا رَآنِي ... وَمثْلِي لزَّ بالحمس الرَّبِيسِ فلما وجدوا الثلاثي منه مستعملا بنوا عليه فعل التعجب، وبنوا منه فَعِيلا كالتقيّ وقالوا منه على هذه القضية: ما أتقاه لله. وقولهم "ما أَنْتَنَه" لإنما حملوه على أنه من باب نَتَنَ يَنْتنُ نَتناً، وهي لغة في أَنْتَن يُنْتِنُ فمن قال: نتن قال في الفاعل مُنْتن، ومن قال منتن بناه على أنْتَنَ. هذا قول أبي عبيد عن أبي عمرو، وقال غيره: مُنْتِن في الأصل مُنْتِين فحذفوا المدة فقالوا: مُنْتِن، والقياس أن يقولوا: نَتَن فهو نَاتِن أو نَتِين، ولو قالوا نَتُنَ فهو نَتْنٌ على قياس صَعُبَ فهو صَعْب كان جائزاً. وقولهم "ما أظلهما وأضوأها" من هذا القبيل أيضاً، لأن ظَلِمَ يَظْلَم ظلمة لغة في أظلم، وكذلك "ما أضوأها" يعنون الليلة إنما هو من ضَاء يَضُوء ضَوْءاً وضُوَاء، وهي لغة في أضاء يُضِيء إضاءة، وإذا كان الأمر على ما ذكرت كان التعجب على قانونه. وأما قوله: قالوا للفقير "ما أفْقَرَهُ" فيجوز أن يقال: إنهم لما وجدوه على فَعِيل توهموه من باب فَعُلَ بضم العين مثل صَغُر فهو صَغير وكبر فهو كبير، أو حملوه على ضده فقدَّروه من باب فَعِل بكسر العين كغَنِى فهو غَنِيّ، كما حملوا عَدُوَّة الله على صَدِيقة، وذلك من عادتهم: أن يحملوا الشيء على نقيضه، كقوله: إِذَا رَضِيَتْ عَلَيَّ بَنُو قُشَيْرٍ ... لَعَمْرُ اللهِ أَعْجَبَنِي رِضَاهَا فوصَلَ رضيَتْ بعلي لأنهم قالوا في ضده: سَخِط عَلَيَّ، ومثل هذا موجود في كلامهم، أو حملوه على فَعيل بمعنى مفعول، فقد قالوا: إنه المكسورُ الفَقَار، وإذا حُمل على هذا الوجه كان في الشذوذ مثله إذا حمل على افتقر. وأما قولهم "ما أغناه" فهو على النَّهْج الواضح، لأنه من قولهم غَنِيَ يَغْنَي غِنًى فهو غَنِيّ، فلا حاجة بنا إلى حَمْله على الشذوذ. وأما قولهم للمستقيم "ما أَقْوَمَه" فقد حملوه على قولهم: شيء قَوِيم، أي مستقيم، وقام بمعنى استقام صحيحٌ، قال الراجز: وقَامَ مِيزَانُ النَّهَارِ فَاعْتَدَلْ ... ويقولون: دينار قائم، إذا لم يزد على مثقال ولم ينقص، وذلك لاستقامة فيه، فعلى هذا الوجه ما أَقْوَمَه غيرُ شاذ. وقولهم للمتمكن عند الأمير "ما أمْكَنَه" إنما هو من قولهم "فلان مَكِين عند فلان" و "له مكانة عنده" أي منزلة، فلما رأوا [ص: 84] المكانة وهي من مَصَادر فَعَل بضم العين، وسمعوا المكِيَن وهو من نعوت هذا الباب نحو كَرُم فهو كريم وشَرُف فهو شريف، توهموا أنه من مَكُنَ مَكَانة فهو مَكِين مثل مَتُن مَتَانة فهو مَتِين، فقالوا: ما أَمْكَنه، وفلان أَمْكَنُ من فلان، وليس توهمهم هذا بأغْرَبَ من توهمهم الميم في التمكن والإمكان والمكانة والمكان وما اشتقَّ منها أصلية، وجميعُ هذا من الكون، وهذا كما أنهم توهموا الميم في المِسْكِين أصلية فقالوا: تَمَسْكَنَ، ولهذا نظائر. وأما قولهم "ما أصْوَبَه" على لغة من يقول صَاب يعني أصاب ولم يزيدوا على هذا فإني أقول: هذا اللفظ أعني لفظ صاب مبُهْم لا يُنْبئ عن معنى واضح، وذلك أن صاب يكون من صَابَ المطرُ يَصُوب صَوْباً، إذا نزل، وصَابَ السهمُ يَصُوب صَيْبُوبة، إذا قصد ولم يَجْرُ، وصاب السهمُ القرطاسَ يَصِيبه صَيْباً لغة في أصاب، ومنه المثل " مَعَ الخواطئ سهم صَائِب" فإن أرادوا بفولهم صاب هذا الأخيَر كان من حقهم أن يقولوا: ما أصْيَبَه، لأنه يائي، وإن أرادوا بقولهم: أصاب أي أتى بالصواب من القول فلا يقال فيه صَاب يَصِيب. وأما قوله "قالوا ما أَخْطَأه" لأن بعض العرب يقول: خَطِئت في معنى "أخطأت" فهو على ما قال. وأما " ما أشْغَلَه" فلا رَيْبَ في شذوذه، لأنه إن حُمل على الاشتغال كان شاذا، وإن حمل على أنه من المفعول فكذلك. وأما "ما أزْهَاهُ" وحمله على الشذوذ من قولهم زُهِيَ فهو مَزْهُوٌّ فإن ابن دُرَيد قال: يقال زَهَا الرجلُ يَزْهُو زَهْواً أي تكبر ومنه قولهم: ما أزْهَاه، وليس هذا من زُهِىَ لأن ما لم يسم فاعله لا يتعجب منه، هذا كلامه، وأمر آخر، وهو أن بين قولهم "ما أشغله" و "ما أزهاه" إذا حمل على زُهى فرقاً ظاهراً، وذلك أن المزهُوَّ وإن كان مفعولا في اللفظ فهو في المعنى فاعل، لأنه لم يقع عليه فعل من غيره كالمشغول الذي شَغَله غيره، فلو حمل "ما أزْهَاه" على أنه تعجب من الفاعل المعنوي لم يكن بأس. وأما قولهم "ما آبَلَه" أي ما أكثر إبلَه، ثم قوله "وإنما يقولون تأبَّلَ إبلا إذا اتخذها" ففي كل واحد منهما خلل، وذلك أن قولهم "ما آبله" ليس من الكثرة في شيء، إنما هو تعجب من قولهم أبِلَ الرجلُ يأبل إباله مثل شكس شكاسة فهو أَبِل وآبِل أي حاذق بمصلحة الإبل، وفلان من آبَل الناس، أي من أشدهم تأنقا في رعْيَةِ الإبل وأعلمهم بها، فقولهم "ما آبَلَهُ" معناه ما أحْذَقَه وأعْلَمَه بها، وإذا صح هذا فحملُه [ص: 85] ما آبله على الشذوذ سهو، ثم حمله على معنى كثر عنده الإبل سهوٌ ثانٍ، وقوله "تأبَّلَ أي اتخذ إبلا" سهو ثالث، وذلك أن التأبل إنما هو امتناع الرجل من غِشْيان المرأة ومنه الحديث "لقد تأبَّلَ آدمُ على ابنه المقتول كذا عاما" وتأبلت الإبل: اجتزأت بالرطب عن الماء، والصحيح في اتخاذ الإبل واقتنائها قولُ طُفَيل الْغَنَوي. فأبَّل واسترخى به الْخَطْبُ بعدما ... أسَافَ ولولا سَعْيُنا لم يُؤَبِل أي لم يكن صاحب لإبل ولا اتخذها قِنْوَة. وقولهم "ما أبغضه لي" ويروى "ما أبغضه إلي" وبين الروايتين فرق بين، وذلك أن "ما أبغضه لي" يكون من المبغِض أي ما أشَدَّ إبْغَاضَه لي، وما" أبْغَضَه إلي" يكون من البغيض بمعنى المُبْغَضِ: أي ما أشد إبغاضي له، وكلا الوجهين شاذ، وكذلك "ما أحبه إلي" إن جعلته من حَبَبْتُه أحِبُّه فهو حَبيب ومَحْبُوب كان شاذا، وإن جعلته من أحْبَبْتُه فهو مُحِب فكذلك. وقولهم "ما أعْجَبَهُ برأيه" هو من الإعجاب لاغير، يقال: أُعْجِبَ فلان برأيه، على ما لم يسم فاعله، فهو مُعْجَب. وأما قول بعض العرب "ما أملأ القِرْبَة" فهو إن حملته على الامتلاء أو على المملوء كان شاذا. وأما قول الأخفش "لا يكادون يقولون في الأرْسَح ما أرْسَحَه، ولا في الأسْتَهَ ما أَسْتَهَه" فكلام مستقيم، لأنه من العيوب والخِلَق، وقد تقدم هذا الحكم. قال: "وسمعت منهم من يقول رَسِحَ وسَتِه فهؤلاء يقولون ما أرسحه وما أستهه" قلت: إنهم إذا بَنَوْا من فَعِلَ يَفْعَلُ صفةً على فَعِلٍ قالوا في مؤنثه فَعِلَة نحو أسِفَ فهو أسِف، والمرأة أسِفَة، وسحاب نَمِر (قالوا "ماء نمر" أي زاك كثير) وللمؤنث نمِرة، ولم يسمع امرأة رَسِحة ولا سَتِهة، بل قالوا: رَسْحَاء وسَتْهاء، فهذا يدل على أن المذكر أرْسَح وأسْتَه. هذا، وقد شذ أحرف يسيرة في كتابي هذا عن باب أفعل من كذا كان من حقها أن تكون فيه، نحو قولهم: أقبح هزيلين المرأة والفرس، وأسوأ القول الإفراط، وأشباههما، لكنها لما زالت عن أماكنها تجوزت فيها إذ لم تكن مقرونة بمن كما تجوز حمزة في إيراد قولهم: أكْذَبُ مَنْ دَبَّ ودَرَج، وأعلم بمَنْبَتِ القَصيص، وأسَدُّ قويس سهما في أفعل من كذا، ولا شك أن الجميع في حكم أفعل التفضيل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 78 409- آبَلُ مِنْ حُنَيْفِ الحَنَاتِمِ. هو رجل من بني تَيْم اللات بن ثعلبة وكان ظمء إبله غبا بعد العشر، وأظماء الناس غب وظاهرة، أقْصَرُ الأظماء، وهي أن ترد الإبلُ الماءَ في كل يوم مرة، ثم الغب، وهي أن ترد الماء يوما وتُغِبَّ يوماً، والرِّبْع: أن ترد الماء يوما ويومين لا وترد في اليوم الرابع، وعلى هذا القياس إلى العشر، قالوا: ومن كلام حُنَيْف الدالِّ على إبالته قوله: من قَاظَ الشرف وتَرَبَّعَ الحَزْنَ وتَشَتَّى الصمَّانَ فقد أصاب المرعى، فالشرف: في بلاد بني عامر، والحزن: من زَبَالة مصعدا في بلاد نجد، والصمَّان: في بلاد بني تميم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 86 410- آبَلُ مِنْ مالِكِ بِنْ زَيْدِ مَنَاةَ. هو سبط تميم بن مرة، وكان يتحمَّقُ إلا أنه كان آبَلَ أهلِ زمانه، ثم إنه تزوج وبنى بامرأته، فأورد الإبلَ أخُوه سعد ولم يحسن القيامَ عليها والرفق بها، فقال مالك: أوْرَدَهَا سَعْدٌ وسعد مُشْتَمِلْ ... ما هكَذَا تُورَدُ يا سَعْدُ الإبِلْ فأجابه سعد وقال: تَظَلُّ يَوْمَ وِرْدِهَا مُزَعْفَرَا ... وَهْيَ خَنَاطِيلُ تَجُوسُ الْخُضَرَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 86 411- آكَلُ مِنْ حُوتٍ. قال حمزة: إنهم قالوا : آكل من حوت، ولم يقولوا أشْرَب من حوت، ولكن قد قالوا أرْوَى من حُوتٍ، قال: وأما قولهم: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 86 412- آكَلُ مِنَ السُّوسِ. فقد قالوا في مثل آخر: العيالُ سُوسُ المالِ، وقيل لخالد بن صَفْوان بن الأهتم: كيف ابْنُكَ؟ فقال: سيدُ فِتيان قومه ظَرْفا وأدبا، فقيل: كم ترزقه في كل شهر؟ قال: ثلاثين درهما، فقيل: وأين يقع منه ثلاثون درهما؟ هلا تزيد وأنت تستغلُّ ثلاثين ألفا، فقال: الثلاثون أسرع في هلاك مالي من السوس في الصوف بالصيف، فحكى كلامه للحسن فقال: أشهد أن خالداً تميميٌّ لرِشْدَة، وإنما قال الحسن ذلك لأن بني تميم مَعْروفون بالبخل والنهم، وأما قولهم: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 86 413- آكَلُ مِنْ ضِرْسٍ. فربما قالوا من ضِرْس جائع، ويقولون الجزء: 1 ¦ الصفحة: 86 414- آكَلُ مِنَ الفِيلِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 86 415- وآكَلُ مِنَ النارِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 86 416- وأكَلُ مِنْ لُقْمَانَ. يعنون لقمان العادي، زعموا أنه كان [ص: 87] يتغدّى بجَزُور، ويتعشى بجزور، وهذا من أكاذيب العرب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 86 417- آمَنُ مِنَ الأرْضِ. من الأمانة، لأنها تؤدِّي ما تودَع، ويقال "أكتم من الأرض" و "أحمل وأحفظ من الأرض، ذات الطول والعرض" وأما قولهم: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 87 418- آمَنُ مِنْ حَمَامِ مَكَّةَ. فمن الأمْنِ، لأنها لا تُثَار ولا تُهَاج، قال شاعر الحجاز وهو النابغة: والمؤمِنِ العائذَاتِ الطير يَمْسَحُهَا ... رُكْبَانُ مَكَّةَ بَيْنَ الغِيلِ والسَّنَدِ ويقولون: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 87 419- آمَنُ مِنْ ظَبْي الحَرَمِ، وَمِن الظَّبْيِ بالحَرَمِ ويقولون: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 87 420- آلَفُ مِنْ حَمامِ مَكَّةَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 87 421- وألَفُ مِنْ كَلْبٍ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 87 422- آلَفُ مِنْ غُرَابِ عُقْدَةٍ. وهي أرض كثيرة النخل لا يطير غرابها، هذا قول محمد بن حبيب، وقال ابن الأعرابي: كل أرض ذات خِصْب عُقْدَةٌ، فعلى هذا يجب أن تكون عقدة بالخفض والتنوين، والعقدة من الكلأ: ما يكفي الإبل، وعقدة الدور والأرَضِينَ من ذلك، لأن فيها البلاغ والكفاية، وعَقْد كل شيء إحكامه. ويقولون: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 87 423- آلَفُ مِنَ الْحُمَّي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 87 424- آكَلُ مِنْ مُعَاوِيَةَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 87 425- ومِنَ الرَّحَى. وقال الشاعر: وصاحبٍ لي بَطْنُه كالْهَاوِيَةْ ... كأن في أمْعَائِهِ مُعَاوِيَهْ وقال آخر: وَمِعْدَةٍ هاضِمَةٍ للصَّخْرِ ... كأنما في جَوْفِها ابْنُ صَخْرِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 87 426- آنَسُ مِنْ حُمَّى الغِينِ. قالوا: الغينُ موضعٌ، وأهله يُحَمُّونَ كثيرا، ويقولون أيضاً: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 87 427- آنَسُ مِنْ الطَّيْفِ، ومِنَ الْحُمَّي. قلت: وقد أورد حمزة هذا الحرف أعني آنس من باب النون، وليس بالوجه. [ص: 88] المولدون إنّهُ لَضَيِّقُ الْحَوْصَلَةِ. إِنْ لَمْ تُزَاحِمْ لَمْ يَقَعْ في الْخُرْجِ شَيْءُ. إن لِلْحِيطَانِ آذَاناً. إِنَّما السُّلْطانُ سُوقٌ. إِنَّ لَيْتاً وَإِنَّ لَوّ اعَنَاءُ. إِنِ اسْتَوَى فَسِكِّينٌ، وَإِنْ اعْوَجّ فَمِنْجَلٌ. يضرب في الأمر ذي الوجهين المحمودَيْنِ إذا أراد اللهُ هَلاَكَ النَّمْلَةِ أَنْبَتَ لَهَا جَنَاحَيْنِ. إذا قالَ المجْنُونُ "سَوْف أَرْمِيكَ" فَأّعِدَّ لَهُ رِفَادَةً. إذَا ذَكرْتَ الذِّئْبَ فَأَعِدَّ لَهُ الْعَصَا. إِذَا لَمْ يَنْفَعْكَ الْبازِي فَانْتِفْ رِيشَهُ. إِذَا تَمنَّيْتَ فَاسْتَكْثِرْ. إِذَا ذكَرْتَ الذِّئْبَ فَالْتَفِتْ. إِذَا شاوَرْتَ العاقِلَ صَارَ عَقْلُهُ لَكَ. إِذَا افْتَقَر الْيَهُودِيُّ نَظَرَ في حِسابِهِ الْعَتيق. إِذَا تَعَوَّدَ السِّنَّوْرُ كَشْفَ الْقُدُورِ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ يَصْبِرُ عَنْهَا. إِذَا جَاءَ أَجَلُ الْبَعِيِر، حَامَ حَوْلَ البِيرِ. إِذَا دَخَلْتَ قَرْيَةً فَاحْلِفْ بِإلهِهَا. إِذَا لَمْ يَكُنْ لَكَ اسْتٌ فَلاَ تَأكُلِ الْهِلِيلَجَ. إِذَا تَخَاَصَم اللِّصَّانِ ظَهَرَ الْمَسْرُوق. إِذَا وَجَدْتَ الْقَبْرَ مَجَّاناً فَادْخُلْ فِيِه. إِذَا جَاءَ نَهْرُ اللهِ بَطَلَ نَهْرُ مَعْقِلٍ. إِذَا تَفَرَّقَتِ الغَنَمُ قَادَتْهَا العَنْزُ الْجَرْباءُ. يضرب في الحاجة إلى الوضيع. إذا عابَ البَزَّازُ ثَوْباً فَاعْلَمْ أَنَّهُ مِنْ حاجَتِهِ. إذا كذَبَ القاضي فَلا تُصَدِّقْهُ. إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تُطَاعَ، فَسَلْ ما يُسْتَطَاعُ. إِنَّما يُخْدَعُ الصِّبْيَانُ بالزَّبِيبِ. إِنَّ البَيَانَ لَدَى الطَّبِيبِ. إِنَّ الأسَدَ لَيَفْتَرِسُ الَعْيرَ فإذا أَعْياهُ صادَ الأرْنَبَ. إذا اصْطَلَحَ الفَأْرَةُ والسِّنَّوْرُ خَرِبَ دُكَّانُ البَقَّالِ. يضرب في تظاهر الخاِئنِينَ. إذا رَزَقَكَ اللهُ مِغْرَفَةً فَلاَ تَحْرِقْ يَدَكَ. يضرب لمن كُفِيَ بغيره. إِنَّ النَّدَى حَيْثُ تَرَى الضِّغاطَ. أي الزحام. إِنْ يَكُنِ الشَّغْلُ مَجْهَدَةً فإنَّ الفَرَاغ مَفْسَدةٌ. إن غَلا اللَّحْمُ فالصَّبْرُ رَخِيصٌ. إِيَّاكَ وَالعِينَةَ، فإنَّهَا لَعِينَةٌ. قاله المهلب. قال: ولقد تعينت مرة [ص: 89] أربعين درهماً. فلم أتخلص منها إلا بولاية البصرة. إذَا صَدِئَ الرَّأْيُ صَقَلَتْهُ المَشُورَةُ. إِذَا قَدُمَ الإِخاءُ، سَمُجَ الثَّنَاءُ. إِلَى كَمْ سِكْبَاجٌ؟ يضرب عند التبرم. إِذاَ لَمْ تَجِدْهُ كَمْ تَجْلِدُهُ. إذا طِرْتَ فَقَعْ قَرِيباً. إذا ضافَكَ مَكْرُوهٌ فَاقْرِهٍ صَبْراً. إِذَا كُنْتَ سِنْدَاناً فأصْبِرْ، وَإِذَا كُنْتَ مِطْرَقَةً فأوْجِعْ. يضرب في مُدَاراة الخصم حتى تظفر به. إِذَا احْتَاجَ الزِّقُّ إِلَى الفَلَكِ، فَقَدْ هَلَكَ. الفلك: جمع فَلْكة فحركت للازدواج. يضرب للكبير يحتاج إلى الصغير. إِلَى أَنْ يَجِيءَ التِّرْياقُ مِنَ العِراقِ ماتَ المَلْسُوعُ. إذا ضَرَبْتَ فَأوْجِعْ، فإِنَّ الملاَمَةَ وَاحِدَةٌ. يضرب في الحث على المبالغة. إذا رَأَيْتَ السَّكْرَانَ يَشُمُّ الرُّمَّانَ، فَاعْلَمْ أَنَّهُ يُرِيُد أَنْ يُزِلَّه. إِنَّهُ يُسِرُّ حَسْواً في ارْتِغَاء. أُمُّ الكاذِبِ بِكْرٌ. يضرب لمن حدَّث بالمحال. أُمَّةٌ عَلَى حِدَةٍ في المَدْحِ. إِنَّ الأيادِيَ قُرُوضٌ. الإِمارَةُ حُلْوَةُ الرِّضاعِ مُرَّةُ الفِطامِ. أَيُّ يَوْمٍ لَكَ مِنِّي. يضرب لمن أصابك من جهته سوء. أَنَا لَهَا وَلِكُلِّ عَظِيمَةٍ. أَوَّلُ الدَّنِّ دُرْدِيٌّ. أَنْتَ سَعْدٌ. وَلَكِنْ سَعْدُ الذَّابِحِ. أَيُّ قَمِيصٍ لا يَصْلُحُ لِلْعُريَانِ؟ أَيُّ طَعَامٍ يَصْلُحُ لِلغَرْثانِ؟. أَوَّلُ الحِجامَةِ تَحْدِيرُ القَفا. أَيُّ عِشْقٍ باخْتِيَارٍ؟. أَلِيَّة في بَرِّيَّةٍ ما هِيَ إلا لِبَلِيَّة. إيش في تَبَّتْ مِنْ طَرْدِ الشَّيَاطِينِ؟. أَنَا أَذْكُرُهُ وَنِصْفُهُ طِينٌ؟ إيش في الضَّرْطَةِ مِنْ هَلاَكِ الْمِنجَلِ؟ يضرب في تباعد الكلام من جنسه، وأصله أن امرأة ضَرَطَتْ عند زوجها، فلامَهَا زوجها، فقالت: وأنت ضَيَّعْتَ مِنْجَلا، فقالت: إيش في الضرطة من هَلاَك المنجل؟ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 87 الباب الثاني فيما أوله باء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 90 428- بِيَدَيْنِ مَا أَوَرَدَهَا زَائِدَةُ. "بيدين" أي بالقوة والْجَلاَدة، يقال: مالي به يَدٌ، ومالي به يَدَانِ، أي قوة، و"ما" صلة، وزائدة: اسم رجل، يريد بالقوة والْجَلاَدة أورد إبلَه الماءَ، لا بالعجز، ويجوز أن يريد بقوله "بيدين" أنه أَضْبَطُ يعمل بكِلْتَا يديه. يضرب في الحثّ على استعمال الجد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 90 429- بِهِ لا بِظَبْيٍ أَعْفَرَ الأعْفَر: الأبيض، أي لَتَنْزِلْ به الحادثة لا بظبي. يضرب عند الشماتة. قال الفرزدق حين نُعي إليه زياد بن أبيه، فقال: أقول لَهُ لمَّا أتانِي نَعِيُّهُ ... به لا بِظَبْيٍ بالصَّرِيمَةِ أَعْفَرَا ومثله: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 90 430- بِهِ لا بِكَلْبٍ نابحٍ بالسَّبَاسِبِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 90 431- بِبَقَّةَ صُرِمَ الأمْرُ. بَقَّةُ: موضع بالشام، وهذا القول قاله قصير بن سَعْد اللَّخْمِي لجَذِيمة الأبْرَشِ حين وقع في يد الزبَّاء، والمعنى قُطِع هذا الأمر هناك، يعني لما أشار عليه أن لا يتزوَّجها فلم يقبل جَذِيمة قوله، وقد أوردتُ قصةَ الزباء وجَذِيمة في باب الخاء عند قوله "خطب يسير في خطب يسير". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 90 432- بَقِّ نَعْلَيْكَ وَابْذُلْ قَدَمَيْكَ. يضرب عند الحِفْظ للمال وبَذْل النفس في صَوْنه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 90 433- بَدَلٌ أَعْوَرٌ. قيل: إن يزيد بن المُهَلَّب لما صُرِفَ عن خُرَاسان بقُتَيْبة بن مُسْلم الباهلي - وكان شَحِيحاً أعور - قال الناس: هذا بَدَل أَعْوَر فصار مثلاً لكل من لا يُرْتَضَى بدلاً من الذاهب، وقد قال فيه بعض الشعراء: كانَتْ خراسانُ أرضاً إِذْ يَزِيدُ بها ... وكلُّ باب من الخيرات مَفْتُوحُ حتى أتانا أبو حَفصٍ بأسْرَتِهِ ... كأنما وَجْهُه بالْخَلِّ مَنْضُوحُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 90 434- بَرِّقْ لِمَنْ لا يَعْرِفُكَ. أي هَدِّد مَنْ لا علم له بك، فإن من [ص: 91] عرفك لا يعبأ بك، والتبريق: تحديدُ النظر ويروى "برّقي" بالتأنيث، يقال: بَرَّقَ عينيه تَبْرِيقاً، إذا أوسعهما، كأنه قال بَرّق عينيك، فحذف المفعول، ويجوز أن يكون من قولهم: رَعَد الرجل وَبَرَق إذا أوعد وتهدَّد، وشدد إرادة التكثير، أي كثر وعيدَك لمن لا يعرفك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 90 435- بَرْدُ غَدَاةٍ غَرَّ عَبْداً مِنْ ظَمإِ. هذا قيل في عبد سَرَحَ الماشية في غداة باردة ولم يتزود فيها الماء، فهلك عَطَشاً، و"مِن" في قوله "من ظمأ" صِلَة غَرَّ، يقال: مَنْ غرك مِنْ فلان؟ أي مَنْ أَوْطَأَك عَشْوة من جهته؟ يعني أن البرد غره من إهلاك الظمأ إياه فَاغْتَرَّ، ويجوز أن يكون التقدير: غر عبداً مِنْ فقد ظمأ، أي قَدَّر في نفسه أنه يفقد الظمأ فلا يظمأ. يضرب في الأخذ بالحزم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 91 436- بَلَغَ السَّيْلُ الزُّبَى. هي جمع زُبْيَة. وهي حُفْرة تُحْفَر للأسد إذا أرادوا صَيْده، وأصلُها الرابية لا يَعْلُوها الماء، فإذا بلغها السيلُ كان جارفا مُجْحفاً. يضرب لما جاوز الحد. قال المؤرج: حدثني سعيد بن سماك بن حَرْب عن أبيه عن ابن النعتنر قال: أُتِيَ مُعاذُ بن جبل بثلاثة نَفَر فتلهم أسد في زُبْيَة فلم يدر كيف يفتيهم، فسأل علياً رضي الله عنه وهو مُحْتَبٍ بفِناء الكعبة، فقال: قُصُّوا عليَّ خبركم، قالوا: صِدْنا أَسَداً في زُبْية، فاجتمعنا عليه، فتدافع الناسُ عليها، فَرَمَوُا برجل فيها، فتعلق الرجل بآخَرَ، وتعلق الآخر بآخر، فَهَووْا فيها ثلاثتهم، فقضَى فيها عليٌّ رضي الله عنه أن للأول رُبُعَ الدية، وللثاني النصف، وللثالث الدية كلها، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بقضائه فيهم، فقال: لقد أَرْشَدَكَ الله للحق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 91 437- بَصْبَصْنَ إِذْ حُدِينَ بالأذْنَابِ. البَصْبَصَة: التحريك، أي حركت الإبلُ أذنابها لما حُدِين. يضرب مثلاً في الخضوع والطاعة من الجبان. والباء في "بالأذناب" مقحمة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 91 438- باءَتْ عَرَارِ بِكَحْلَ يقال: هما بَقَرَتَانِ انتطحتا فماتتا جميعاً، وَعَرارِ: مبنى على الكسر مثل قَطَام. يضرب لكل مستويين، يقع أحدهما بإزاء الآخر. يقال: كان كثير بن شهاب الحارثي ضرب عبد الله بن الحجاج الثعلبي من [ص: 92] بني ثعلبة بن ذبيان بالرى، فلما عزل كثير أقيد منه عبد الله فهتَم فاه وقال: باءَتْ عَرَارِ بكَحْلَ فيما بَيْنَنَا ... وَالحَقُّ يَعْرِفُه أُولُو الأَلْبَابِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 91 439- بَعْدَ خِيَرَتِها تَحْتَفِظُ؟ ويورى بعد "خَيْرَاتها" والهاء راجعة إلى الإبل: أي بعد إضاعة خِيارها تحتفظ بحواشيها وشرارها. يضرب لمن يتعلق بقليل ماله بعد إضاعة أكثره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 92 440- بَعْدَ الَّلتَيَّا وَالَّتِي. هما الداهية الكبيرة والصغيرة، وكَنَى عن الكبيرة بلفظ التصغير تشبيهاً بالحيَّة، فإنها إذا كثر سمها صغرت لأن السم يأكل جَسَدها، وقيل: الأصل فيه أن رجلاً من جَدِيس تزوج امرأة قصيرة، فقاسى منها الشدائد، وكان يعبر عنها بالتصغير، فتزوج امرأة طويلة، فقاسى منها ضعف ما قاسى من الصغيرة، فطلقها، وقال : بعد اللَّتَيَّا والَّتِي لا أتزوج أبدا، فجرى ذلك على الداهية، وقيل: إن العرب تصغِّر الشيء العظيم، كالدُّهَيْم والُّلهَيْم، وذلك منهم رَمْز. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 92 441- بِعِلَّةِ الوَرَشَانِ يأْكُلُ رُطَبَ المُشَانِ. بالإضافة، ولا تقل الرطب المشان، وهو نوع من التمر، يقولون: إنه يشبه الفَأر شكلاً. يضرب لمن يظهر شيئا، والمُرَاد منه شيء آخر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 92 442- بَيْتِي يَبْخَلُ لاَ أَنَا. قالته امرأة سُئلت شيئاً تعذَّر وجودُه عندها، فقيل لها: بَخِلْتَ، فقالت: بيتي يبخل لا أنا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 92 443- بَيْنَ العَصَا وَلِحائِهَا. اللِّحاء: القِشْر. يضرب للمتحابين الشَّفيقين. ويروى "لا مَدْخَل َ بين العصا ولحائها" و "لا تدخل بين" وكله إشارة إلى غاية القرب بينهما. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 92 444- بَيْنَ المُمِخَّةِ والعَجْفَاء. يقال "شاة مُمِخَّة" إذا بَدا في عظامها المخُّ. يضرب مثلا في الاقتصاد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 92 445- بَيْنَ الرَّغِيفِ وَجَاحِمِ التَّنُّورِ. الجاحِم: المكانُ الشديد الحر، قال أبو زيد: جاحمه جَمْره. يضرب للإنسان يُدَّعى عليه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 92 446- بَيْنَ القَرِينَيْنِ حَتَّى ظَلَّ مَقْروُنَا. أي نَزَأ بينهما (نزأ بينهما: أفسد وحرش) حتى صار مثلهما. يضرب لمن خالط أمرا لا يَعْنيه حتى نَشِب فيه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 93 447- بَيْنَهُمْ دَاءُ الضَّرائِر. هي جمع ضَرَّة، وهو جمع غريب، ومثله كَنَّة وكَنَائن. يضرب للعداتوة إذا رَسَخت بين قوم، لأن العصبية بين الضرائر قائمة لا تكاد تسكن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 93 448- بَيْنَهُمْ عِطْرُ مَنْشِمَ. قال الأصمعي: مَنْشِم - بكسر الشين - (في القاموس كمجلس ومقعد) اسمُ امرأةٍ عطَّارة كانت بمكة، وكانت خُزَاعة وجُرْهم إذا أرادوا القتالَ تطيَّبُوا من طيبها، وإذا فعلوا ذلك كثرت القتلى فيما بينهم، فكان يقال: أشْأَمُ مِنْ عِطْرِ مَنْشِمَ. يضرب في الشر العظيم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 93 449- بِهِ دَاءُ ظَبْىٍ. أي أنه لا داء به كما لا داء بالظبي، يقال: إنه لا يمرض إلا إذا حان موته، وقيل: يجوز أن يكون بالظبي داء ولكن لا يعرف مكانه، فكأنه قيل: به داء لا يُعْرَف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 93 450- بَلَغَتِ الدِّماءُ الثُّنَنَ. الثّنَّة: الشَّعَرات التي في مؤخر رُسْغ الدابة. يضرب عند بلوغ الشر النهاية، كما قالوا "بَلَغَ السيْلُ الزُّبى". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 93 451- بِجَنْبِهِ فَلْتَكُنِ الوَجْبَةُ. أي السَّقْطَة، يقال هذا عند الدعاء على الإنسان، قال بعضهم: كأنه قال رماه الله بداء الجَنْبِ، وهو قاتل، فكأنه دعا عليه بالموت. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 93 452- بَلَغ في العِلْمِ أَطْوَرَيْهِ. أي حَدَّيْه، يعني أوله وآخره، وكان أبو زيد يقول: بلغ أطْوَرِيِه - بكسر الراء - على معنى الجمع، أي أقْصَى حدوده ومنتهاه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 93 453- بِأبِي وُجُوهَ الْيَتامَى. ويروى "وا، بأبي" يشير بقوله "وا" إلى التوجُّع على فقدهم، ثم قال "بأبي" أي أفْدِي بأبي وجوهَهم. يضرب في التحنن على الأقارب. وأصله أن سعد القَرْقَرة - وهو رجل [ص: 94] من أهل هَجَر - كان النعمان بن المنذر يضحك منه، وكان للنعمان بن المنذر فرس يقال له اليحموم يُرْدِى من ركبه، فقال يوماً لسعد: ارْكَبْهُ واطلب عليه الوحْشَ، فامتنع سعد، فقهره النعمان على ذلك، فلما ركبه نظر إلى بعض ولَده وقال هذا القول، فضحك النعمان وأعفاه من ركوبه، فقال سعد: نَحْنُ بغَرْسِ الوَدِىِّ أعْلَمُنَا ... مِنَّا بِجَرْىِ الْجِيَادِ فِي السَّلَفِ يَا لَهْفَ أمِّي فَكَيْفَ أطْعَنُهُ ... مُسْتَمْسِكاَ وَالْيَدَانِ فِي الْعُرُفِ ويروى "بجر الجياد في السَّدَفِ" ويروى "السُّدَف" والسُّلَف، والسُّدَف، فالسَّدَف: الضوء والظلمة أيضاً، والحرفُ من الأضداد، والسَّدَفُ: جمع سُدْفَة: وهي اختلاط الضوء والظلمة، والسَّلَفَ: جمع سالف مثل خادم وخَدَم وحارس وحَرَس، وهو آباؤه المتقدمون، والسُّلَفُ: جمع سُلْفة وهي الدبرة (هي القطعة المستوية من الأرض) من الأرض، وقوله "أعلمنا" أراد أعلم منا وهى لغة أهل هَجَر، يقولون: نحن أعلمنا بكذا منا، وأجود هذه الروايات هذه الأخيرة أعني "في السُّلَفِ" لأن سعدا كان من أهل الحِراثة والزِّراعة، فهو يقول: نحن بغرس الودىّ في الديار والمشارات أعلم منا بِجَرْىِ الجياد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 93 454- بِاُذُنِ السَّماعِ سُمِّيتَ. يضرب للرجل يذكر الجودَ ثم يفعله. وتقدير الكلام بسماع أذنٍ شأنها السماع سميت بكذا وكذا، أي إنما سميت جوادا بما تسمع من ذكر الجود وتفعله، وهذا كقولهم "إنما سميت هانئا لتهنئ" وأضاف الأذن إلى السماع لملازمتها إياه، والتسمية تكون بمعنى الذكر كما قال: وَسَمِّهَا أحْسَنَ أسمائها ... أي واذكرها بأحسن أسمائها. ومعنى المثل بما سُمِعَ من جودك ذكرت وشكرت، يحثه على الجود، قال الأموي: معنها أن فعلك يصدِّقُ ما سمعته الأذنان من قولك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 94 455- بَعْضُ الشَّرِّ أَهْوَنُ مِنْ بَعْضٍ. هذا من قول طَرَفة بن العبد حين أمَر النعمان بقتله، فقال: أبا مُنْذِر أفْنَيْتَ فاسْتَبْقِ بَعْضَنَا ... حَنَانَيْكَ بَعْضُ الشر أهْوَنُ من بَعْضِ يضرب عند ظهور الشرين بينهما تفاوت. وهذا كقولهم "إنَّ من الشر خِيارا". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 94 456- بِبَطْنِهِ يَعْدُو الذَّكَرُ. يقال: إن الذكر من خيل يَعْدُو على حسب ما يأكل، وذلك أن الذكر أكثر أكلا من الأنثى فيكون عَدْوُهُ أكثر، ويقال: إن أصله أن رجلا أتى امرأته جائعا، فتهيأت له، فلم يلتفت إليها ولا إلى ولدها، فلما شبع دعا ولده فقرّبهم، وأراد الباءة، فقالت المرأة : ببطنه يعدو الذكر. وقال أبو زيد: زعموا أن امرأة سابَقَتْ رجلا عظيمَ البطنِ فقالت له ترهبه بذلك: ما أعظَمَ بطنك! فقال الرجل: ببطنه يَعْدُو الذكر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 95 457- بِكُلِّ وَادٍ أَثَرٌ مِنْ ثَعْلَبَةَ. هذا من قول ثعلبيّ رأى من قومه ما يسوءه، فانتقل إلى غيرهم، فرأى منهم أيضاً مثل ذلك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 95 458- بِالسَّاعِدَيْنِ تَبْطِشُ الكَفَّانِ. يضرب في تعاوُنِ الرجلين وتساعُدِهما وتعاضُدِهما في الأمر. ويروى "بالساعد تبطش الكف" قال أبو عبيدة: أي إنما أقْوَى على ما أريد بالمقدرة والسعة، وليس ذلك عندي. يضربه الرجل شيمتُه الكرم غير أنه مُعْدم مُقْتر، قال: ويضرب أيضاً في قلة الأعوان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 95 459- بَدَا نَجِيثُ القَوْمِ. أي: ظهر سرهم، وأصْلُ النَّجِيث ترابُ البئر إذا استخرج منها، جعل كنايةً عن السر، ويقال لتراب الهدف نجيث أيضاً، أي صار سرهم هَدَفاً يُرمَى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 95 460- بَرِحَ الخَفاءُ. أي زال، من قولهم "ما برح يفعل كذا" أي ما زال، والمعنى زال السر فوضح الأمر، وقال بعضهم: الخفاء المتطأطئ من الأرض، والبراحُ: المرتفعُ الظاهر، أي صار الخفَاء بَرَاحا، وقال: بَرِحَ الخَفَاء فَبُحْتُ بالكتمان ... وشَكَوْتُ ما ألقى إلى الإخْوان لو كان ما بي هَيِّناً لكَتمْتُهُ ... لكنّ مابي جَلَّ عن كِتْمَانِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 95 461- بِمِثْلِ جَارِيَة فَلْتَزْنِ الزَّانِيَة. هو جارية بن سُلَيط، وكان حَسَنَ الوجه، فرأته امرأة فمكنته من نفسها وحملت، فلما علمت به أمها لامتها، ثم رأت الأم جمالَ ابن سُلَيط فعذرت بنتها وقالت : بمثل جارية، فلتزن الزانية، سراً أو علانية. يضرب في الكريم يَخْدُمُه مَنْ هو دُونَه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 95 462- بِفِيهِ مِنْ سارٍ إِلَى القَوْمِ البَرَى. هذا قيل في رجل سَرَى إلى قوم، وخَبَّرهم بما ساءهم، والبرى: الترابُ، ومنه المثل الآخر "بفيه البَرَى، وعليه الدبَرَى، وحمى خَيْبَرى، وشر ما يرى، فإنه خَيْسَرَى" الدبرى: الهزيمة، والخيسرى: الخسار، وأراد أنه ذو خيسرى أي ذو خسار وهلاك، والغرض من قولهم "بفيه البَرى" الخيبة، كما قال: كلانا يا معاذُ نحبُّ لَيْلى ... بِفِيّ وفيك من ليلى الترابُ أي كلانا خائب من وصلها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 96 463- بَلَغَ السِّكِّينُ العَظْمَ. هذا مثل قولهم "بلغ السيلُ الزبى" ومثلهما: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 96 464- بَلَغَ مِنْهُ الْمُخَنَّقُ. وهو الْحَنْجَرَة والْحَلْق: أي بلغ منه الْجَهْدَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 96 465- بِحَمْدِ اللهِ لا ِبَحْمِدَك. هذا من كلام عائشة رضي الله عنها حين بَشَّرَها النبي صلى الله عليه وسلم بنزول آية الإفْك. يضرب لمن يَمُنُّ بما لا أثر له فيه. والباء في " بحمد الله" من صلة الإقرار، أي أقر بأن الحمد في هذا لله تعالى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 96 466- بَيْضَةُ العُقْرِ. قيل: إنها بيضة الديك، وإنها مما يُخْتبر به عُذْرَة الجارية، وهي بَيْضَة إلى الطول. يضرب للشيء يكون موة واحدة، لأن الديك يبيض في عمره مرة واحدة فيما يقال، قال بشار بن برد: قد زُرْتِنِي زورةً في الدهر واحدةً ... ثَنِّي ولا تَجْعَلِيهَا بيضةَ الديكِ قال أبو عبيدة: يقال للبخيل يعطي مرة ثم لا يعود: كانت بيضَةَ الديكِ، فإن كان يعطى شيئاً ثم قطعه قيل للمرة الأخيرة: كانت بيضةَ العُقْرِ، وقال بعضهم: بيضة العقر كقولهم "بَيْض الأنُوق، والأبْلَق العَقُوق" يضرب مثلا لما لا يكون. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 96 467- باقِعَةٌ مِنَ الْبَوَاقِعِ. أي داهية من الدواهي، وأصلُه من البَقَع، وهو اختلاف اللون، ومنه الغراب الأبْقَع وَسَنة بَقْعَاء فيها خِصْب وجَدْب، وفي الحديث "بِقْعَانُ الشأم" قيل: أراد سَبْي الروم، لاختلام بياضهم وصفرتهم، فسمى الرجل الداهي باقعة، لأنه يؤثر في كل ما يقصد ويتولَّى، والباقعة: الداهية نفسها [ص: 97] أمر يلصق حتى يُرَى أثره، وقيل: الباقعة طائر حَذِر إذا شرب الماء نظر يَمْنة ويَسْرة. يضرب للرجل فيه دَهَاء ونُكْر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 96 468- بَيْتُ الأَدِم. يقال: الأدَمُ جمع أدِيم، ويقال: هو الأرض، وقالوا: هو بيت الإسكاف، لأن فيه من كل جلد رقعة. يضرب في اجتماع الأشخاص وافتراق الأخلاق، وينشد: القومُ إخوانٌ وشَتَّى في الشَّيَمْ ... وكلهم يَجْمَعُه بيتُ الأدَمْ ويروى "الناس" و "كلهم يجمعهم" على إعادة الكناية (الكناية: أراد ضمير الغائب في "يجمعهم" وكل: لفظة مفرد، ومعناه جمع) إلى معنى كل، و "يجمعه" على إعادتها إلى اللفظ، قالوا: وبيت الأدَم خِباء من أدَم: أي يجمعهم على اختلاف ألوانهم وأخلاقهم خباء واحد، يريد أنهم يرجعون فيها إلى أساس واحد، وكلهم بنو رجل واحد، كما قيل: الأرض من تربة والناس من رجل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 97 469- بِنْتُ الْجَبَلِ. قالوا: هي صوتٌ يرجع إلى الصائح ولا حقيقة له. يضرب للرجل يكون مع كل واحد: وإنما أنث فقيل "بنت" ذهابا إلى النتيجة: أي أنها تنتج منه، أو إلى الصيحة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 97 470- بِئْسَ مَقَامُ الشَّيْخِ أَمْرِسْ أمْرِسْ. يقال "مَرَس الحبلُ يَمْرُسُ" إذا وقع في أحد جانبي البكرة، فإذا أعَدْته إلى مجراه قلت "أمْرَسْتُه" وتقدير الكلام: بئس مقام الشيخ المقام الذي يقال له فيه أمرس، وهو أن يعجز عن الاستقاء لضعفه. يضرب لمن يحوجه الأمر إلى ما لا طاقة له به، أو يربأ به عنه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 97 471- باتَ بِلَيْلَةِ أنْقَدَ. وهو القُنْفُذ، معرفة لا تدخله الألف واللام. يضرب لمن سَهِرَ ليلَه أجمعَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 97 472- بَرْضٌ مِنْ عِدٍّ. البَرْضُ: القليل، والعِدُّ: الماء له مادة أي قليلٌ من كثير. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 97 473- بَيْضَةُ البَلَدِ. البَلَد: أُدْحِيّ النَّعام، والنعامُ تترك بيضها يضرب لمن لا يُعْبأ به. ويجوز أن يراد به المدح، أي هو واحد البلد الذي يُجْتمع إليه ويُقْبل قوله، وأنشد [ص: 98] ثعلب لآمرأة ترثي عمرو بن ودّ حين قتله علي رضي الله عنه. لو كان قاتلُ عمرٍو غيرَ قاتِلِه ... بَكَيْتُه ما أقام الروحُ في جَسَدِي لكنَّ قاتله مَنْ لا يُعَاب به ... وكان يُدْعى قديما بيضَةَ البلدِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 97 474- بَرِئ حَيٌّ مِنْ مَيِّتٍ. يضرب عند المفارقة، ومثله قول الخفير "إذا بلغتُ بك مكانَ كذا (بَرِئْتُ) ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 98 475- بَرِئَتْ قَائِبَةٌ مِنْ قُوبٍ. (هذا المثل من تتمة كلام الخفير الذي ذكره في آخر المثل السابق) فالقائية: البيضة، والقُوب: الفرخ، يعني لا عهدة عليّ، قال أبو الهيثم: القابة الفرخ، والقوبة البيضة، يقال: تَقَوّبَتِ القابةُ عن قُوبها، قلت: أصل القوب الشق والحفر، يقال: قُبْتُ الأرضَ إذا حفرتها، فمن جعل القائبة البيضة جعل الفعل لها، يعني أنها شَقَّتْ عن الفرخ، وجعل القُوبَ مفعولا، ومن جعل القابةَ الفرخَ عَنَى أنه الذي قاب البيضَةَ فخرج منها، وحذف الياء من القابة كما حذفت من الحاجة، والقوبة على كلا القولين فعْلَة بمعنى مفعولة كالغُرْفَة من الماء والقبضة من الشيء وأشباههما. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 98 476- بَالَ حِمَارٌ فاسْتَبَالَ أَحْمِرَةً. أي حَمَلَهن على البول. يضرب في تعاون القوم على ما تكهرهه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 98 477- بِئْسَ العِوَضُ مِنْ جَمَلٍ قَيْدُهُ. وذلك أن راعياً أهلك جملا لمولاه، ثم أتاه بقَيْده، فقال: بئس العوض - إلخ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 98 478- بِئْسَ الرِّدْفُ لاَ بَعْدَ نَعَمْ. الرِّدْفُ: الرَّديف، أنشد ابن الأعرابي لا تُتْبِعَنَّ نَعَمْ لا طائعا أبداً ... فإن لا أفْسَدَتْ من بعد ما نَعَمٍ إن قلت يوماً نَعَمْ بَدْأ فتمَّ بها ... فإن إمضاءها صِنْفٌ من الكَرَمِ قال المهلب بن أبي صُفْرة لابنه عبد الملك: يا بني إنما كانت وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم عامَّتُهَا عِدَاتٌ أنفْذَهَا أبو بكر الصديق رضي الله عنه، فلا تبدأ بنعم فإن مَوْرِدها سَهْل، ومَصْدَرها وَعْر، واعلم أن وإن قَبُحت فربما رَوّحت، وما قدرت فلا توجب الطمع، وقال سَمُرة بن جُنْدب: لأن أقولَ للشيء أفعله ثم يبدو لي فأفعله أحبُّ إلي من أن أقول أفعله ثم أفعله، قال المثقَّبُ: حَسَنٌ قولُ نَعَمْ من بعد لاَ ... وقَبِيحٌ قولُ لا بعد نَعَمْ [ص: 99] إنَّ لا بعد نَعَمْ فاحشَةٌ ... فَبِلا فابدأ إذا خِفْتَ النَّدَمْ وإذا قلت نَعَمْ فاصْبِرْ لها ... بنَجَاح الوَعْدِ إن الْخُلْفَ ذَمّْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 98 479- بَطْنِي عَطِّري وَسَائِرِي ذَرِي. قاله رجل جائع نزل بقوم فأمروا الجاريةَ بتطييبه، فقال هذا القول. يضرب لمن يؤمر بالأهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 99 480- بُغِيتُ لَكَ وَوُجِدْتَ لي. يضرب للمؤتلفين المتوافقين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 99 481- بَقْلُ شَهْرٍ، وَشَوْكُ دَهْرٍ. يضرب لمن يقصر خيره ويَطُول شره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 99 482- بِمَا تَجُوعِينَ وَيَعْرَى حِرُكِ. يضرب لمن يَغْنَى بعد فقر، ثم يفخر بغناه، فيقال له هذا القول: أي هذا الغنى بدلُ جوعِك وعُرْيك قبلُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 99 483- بَرْقٌ لَوْ كانَ لَهُ مَطَرٌ. يضرب لمن له رُوَاء ولا معنى وراءه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 99 484- بَقِّطِيهِ بِطِبِّكِ. التَّبْقِيط: التفريق، والبَقَطُ: ما سقط وتفرق من التمر عند الصِّرام، وأصلُ المثل أن رجلا أتى عشيقَته في بيتها، فأخذه بطنُه فأحدث في البيت، ثم قال لها : بقِّطيه بطِبِّكِ أي بحِذْقك وعلمك، أي فرقيه لئلا يُفْطَن له. يضرب لمن يؤمر بإحكام أمرٍ بعلمه ومعرفته. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 99 485- بَيْنَ الْحُذَيَّا والْخُلْسَةِ. الحُذَيَّا: العطية، وكذلك الحَذِيَّة، وكان ابنُ سيرين إذا عرض عليه رؤيا حسنة قال: الحُذَيَّا، والحُذَيَّا، يعني هاتِ العطية أعَبِّرْهَا لك، والْخُلْسَة: اسم المختَلَسِ. يضرب لمن يستخرج منه عطاء برفق وتأنق في ذلك كأنه يقول: تَحْذُونِي أو أختلس. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 99 486- بَالَ فَادِرٌ فَبَالَ جَفْرُهُ. الفادر: الموَعِلُ المسِنُّ، وجَفْره: ولده، ويقال لولد المعز أيضاً جَفْر، وذلك إذا قوِيَ وبلغ أربعة أشهر. يضرب للولد يَنْسِج على مِنْوَال أبيه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 99 487- بِمِثلي تُطْرَدُ الأوَابِدُ. أصلُ الأوابد الوَحْش، ثم استعيرت في غيرها، ومنه قول الناس "أتى فلان في كلامه بأبِدَةًٍ" أي بكلمة وَحْشية، وتأبَّدَ المكان: توحش. ومعنى المثل: بمثلي تطلب الحاجات الممتنعة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 99 488- بَلْدَة يَتَنَادَى أَصْرَمَاهَا. يقال للذئب والغراب، الأصْرَمان، قال ابن السِّكِّيت: لأنهما انصَرَما من [ص: 100] الناس: أي انقطعا، وأنشد للمرار: على صَرْمَاء فيها أصْرمَاهَا ... وخِرِّيتُ الفَلاَةِ بها مليل والصَّرْمَاء: المَفَازة التي لا ماء فيها. ضرب لمن أخلاقه تنادي عليه بالشر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 99 489- بَكَّرَتْ شَبْوَةُ تَزْبَئِرُّ. شَبْوة: اسم للعقرب لا تدخلها الألف واللام مثل مَحْوَة للشمال (في القاموس أن محوة اسم للدبور) وخُضَارة للبحر. وتزبئر: تنتفش. يضرب لمن يتشمر للشر، أنشد ابن الأعرابيّ: قَد ْ بَكَّرَتْ شَبْوَةُ تَزْبَئِرُّ ... تَكْسُو اسْتَهَا لَحْماً وَتَقْمَطِرُّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 100 490- بَقِيَ أَشَدُّهُ. ويروى "بقى شدُه" قيل: كان من شأن هذا المَثَل أنه كان في الزمان الأول هِرّ أَفْنَى الجِرْذَانَ وشَرَّدها، فاجتمع ما بقي منها فقالت: هل من حيلة نحتال بها لهذا الهر لعلنا ننجو منه؟ فاجتمع رأيُهَا على أن تعلق في رقبته جُلْجُلا إذا تحرَّك لها سمعن صوت الجُلْجُل فأخَذْنَ حَذَرهن، فجئن بالجُلْجُل، فقال بعضهن: أينا يُعَلِّق الآن، فقال الآخر : بقي أشَدُه أو قال شَدُّه. يضرب عند الأمر يبقى أصعبه وأهوله. وهذا مما تمثل به العرب عن ألسُنِ البهائم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 100 491- باتَ هذَا الأعْرَابِيُّ مَقْرُوراً. يضرب لمن يَهْزأ بمن هو دونه في الجاجة، كمن بات دَفيئا وغيرُهُ مَقْرور، يقال: أقَرَّهُ اللهُ فهو مَقْرُور على غير قياس. وقريب من هذا المثل قولهم "هَانَ عَلَى الأمْلَسِ ما لاقَى الدَّبِرُ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 100 492- بُعْدُ الدَّارِ كَبُعْدِ النَّسَبِ. أي إذا غاب عنك قريبُكَ فلم يَنْفَعْكَ فهو كمن لا نَسَبَ بينك وبينه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 100 493- بَلَغَ مِنْهُ المُخَنَّقَ. يضرب لمن يُحْمل عليه حتى يبلغ منتهاه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 100 494- بِعَيْنٍ ما أَرَيَنَّكَ. أي اعمل كأنِّي أنظر إليك. يضرب في الحث على ترك البُطْء. و"ما" صلة دخلت للتأكيد ولأجلها دخلت النون في الفعل، ومثله: ومن عَضَةٍ ما ينبتَنَّ شَكِيرُهَا ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 100 495- بِالرَّفَاءِ والبَنِينَ. قال أبو عبيد: الرِّفاء الالتحام والاتفاق، من رَفَيْتُ الثوب، قالوا: ويجوز أن يكون من رَفَوْته إذا سكنته، قال أبو خراش الهُذَلي: رَفَوْنِي وَقَالُوا: يا خُوَيْلِدُ لا تُرَعْ ... فقلْتُ وأنكَرْتُ الوجوهَ: هُمُ هُمُ [ص: 101] وَهَنَّأ بعضهم متزوجا فقال: بالرفاء والثبات، والبنين لا البنات، ويروى "بالنبات والثبات". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 100 496- ابْنُكَ ابْنُ بُوحِكَ. يقال: البُوحُ النفس، فإن صح هذا فيجوز كسر الكافين وفتحهما، ويقال: البوح الذكرَ، فعلى هذا لا يجوز الكسر، يقال : ابنُكَ ابن بُوحِك، يشرب من صَبُوحك، يعني ابنك من ولدته لا من تبنَّيْتَهُ، وقيل: البُوحُ اسم من بَاحَ بالشيء إذا أظهره، أي ابنُك مَنْ بُحْت بكونه ولداً لك، وذلك أن بعض العرب كانوا يأتُونَ النساء فإذا وُلد لأحدهم ألحقته المرأة بمن شاءت، فربما ادَّعاه وربما أنكره، لأنها كانت لا تمتنع ممن ينتابها، فالمعنى ابنك من بُحْتَ به أنت وباحت به أمه بموافقتك، ويقال: البوح جمع باحة، أي ابنُكَ من ولد في فِنائك، ومثل البُوح في الجمع نُوق وسُوح ولُوب في جمع ناقَة وسَاحَة ولاَبة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 101 497- بِنْتُ بَرْحٍ. للشر والشدة، يقال: لقيتُ منه بناتِ بَرْحٍ، وبني بَرْحٍ، أي شدةً وأذىً، وبَرَّحَ بي هذا الأمرُ إذا غلظ واشتد. يضرب للأمر يُسْتَفْظع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 101 498- بَحَازِجُ الأرْوَى. جمع بَحْزجٍ، وهو ولد البقرة الوحشية وغيرها يضرب لما لا يُرَى إلا فَلْتة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 101 499- بَرِّزْ نَارَكَ وَإِنْ هَزَلْتَ فارَكَ. الفار ههنا: عَضَلُ العَضُدَين تشبيها بالفار كما تشبه به أيضاً فارة المسك لانتفاخها. يقول: آثِرِ الضيفَ بما عندك وإن نَهَكْتَ جِسْمَك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 101 500- بَدتْ جَنَادِعُهُ. يقال: الجَنَادع دَوَابّ كأنها الجَنَادب تكون في جُحْر الضبّ، فإذا كاد ينتهي الحافر إلى الضبّ بَدَت الجنادعُ فيقال: قد بدت جَنَادعهُ، والله جَادِعهُ، قالوا: والجُنْدُع أسود له قرنان في رأسه طويلان. يضرب مثلا لما يَبْدُو من أوائل الشرّ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 101 501- بَاتَتْ بِلَيْلةِ حُرَّةٍ. العرب تسمي الليلة تُفْتَرَع فيها المرأة ليلة شيباء، وتسمى الليلة التي لا يقدر الزوج فيها على افتضاضها ليلة حرة، فيقال: باتَتْ فلانةُ بليلة حرة، إذا لم يغلبها الزوج، وباتت بليلة شيباء، إذا غلبها فافتضَّها. يضربان للغالب والمغلوب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 101 502- بِرِئْتُ مِنْهُ مَطَرَ السَّماءِ. أي برئت من هذا الأمر ما كانت السماء تمطر، أي أبَداً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 101 503- بِسِلاَحٍ مَّا يُقْتَلَنَّ القَتِيلُ. قاله عمرو بن هند حين بلَغه قتل عمرو ابن مامة، فغزا مُرَادا وهو قَتَلَة عمرو، فظفر بهم، وقتل منهم فأكثر، فأتى بابن الجعيد سلما، فلما رآه أمَرَ (به) فضُرب بالغِمْد حتى مات، فقال عمرو : بسلاح مَّا يقتلَنَّ القتيلُ فأرسلها مثلا. يضرب في مكافأة الشر بالشر. يعني يقتل مَنْ يُقْتل بأيّ سلاح كان، وقوله "يقتلن" دخلته النونُ لمكان "ما" وهي مؤكدة، ويجوز أن يكون أراد بسلاح ما يقتلن قاتل القتيل، فحذف، ويجوز أن يريد ابن الجعيد الذي قتل بين يديه، فتكون الألف واللام للعهد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 102 504- ابْدَأهُمْ بِالصُّرَاخِ يَفِرُّوا. قال أبو عبيد: هذا مثل قد ابتذلته العامة، وله أصل، وذلك أن يكون الرجل قد أساء إلى الرجل فيتخوَّفُ لائمةَ صاحبه فيبدؤه بالشكاية والتنجي ليرضى منه الآخر بالسكوت. يضرب للظالم يتظلّم ليسكت عنه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 102 505- أَبْدَئِيِهنَّ بِعفَالِ سُبِيتِ (انظر لسان العرب (ع ف ل)) أي ابدئيهن بقولك "عفال" قال المفضَّل: سبب هذا المثل أن سَعْد بن زَيْد مَنَاة كان تزوج رُهْمَ بنت الخزرج بن تَيْم الله بن رُفَيْدة بن كلب بن وَبَرَةَ، وكانت من أجمل النساء، فولدت له مالك بن سعد، وكانت ضرائرها إذا سابَبْنَهَا يقلن لها: يا عَفْلاء، فقالت لها أمها: إذا سابَبْنَكِ فابدئيهن بعَفَال سُبيتِ، فأرسلتها مثلا، فسابتها بعد ذلك امرأة من ضرائرها، فقالت لها رُهْم: يا عَفْلاَء، فقالت ضرتها: رمَتْنِي بدائها وانْسَلَّتْ. وعَفَالِ: يجوز أن يكون كخَبَاثِ ودَفَارِ، ويجوز أن يكون أرادت عَفِّلِيهَا أي انْسُبيها إلى العَفَلَة، وهي القَرَن الذي اختصم فيه إلى شُرَيح في جارية بها قَرَن، فقال أقْعِدُوها فإن أصابَ الأرضَ فهو عيب، وإن لم يصب الأرضَ فليس بعيب، فجعلت عَفَالِ أمْراً كما يقال: دَرَاكِ بمعنى أدْرِكْ، ويجوز أن يُنَوّن ويجعل مصدرا كالسَّرَاح بمعنى التَّسْريح والسَّلاَم بمعنى التسليم، وقولها "سُبِيتِ" دعاء عليها بالسَّبْي على عادة العرب، وبنو مالك بن سعد رَهْطُ العجاج كان يقال لهم بنو العفيلَى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 102 506- بَعْدَ الهِيَاطِ والمِيَاطِ. قال يونس بن حبيب: الهِياط الصِّياح، والمِياط الدفع، أي بعد شِدَّةٍ وأذًى، ويروى [ص: 103] بعد الهَيْط والمَيْط، قال أبو الهيثم: الهيط القَصْد، والميط الْجَوْر، أي بعد الشدة الشديدة، قال: ومنهم من يجعله من الصياح والجلَبَة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 102 507- أَبْدَي الصَّرِيحُ عَنِ الرَّغْوَةِ. أبدي: لازم ومتعد، يقال: أبدَيْتَ في منطقك، أي جُرْت، فعلى هذا يكون المعنى بدا الصريحُ عن الرِّغْوَة، وإن جعلته متعديا فالمفعول محذوف، أي أبْدَى الصريح نفسَه. وهذا المثل لعبيد الله بن زياد، قاله لهانئ بن عُرْوة المرَادي، وكان مسلم بن عَقيل بن أبي طالب رحمه الله قد استخفى عنده أيام بعثه الحسين بن علي رضوان الله عليهما، فلما عرف مكانه عبيدُ الله أرسل إلى هانئ فسأله، فكتمه، فتوعده وخوّفه فقال هانئ: هو عندي، فعندها قال عبيد الله : أبدى الصريحُ عن الرِّغْوة، أي وضَحَ الأمر وباَنَ، قال نضلة: ألم تَسلِ الفوارس يوم غول ... بنَضْلَةَ وهو موتور مُشِيحُ رأوه فازدَرَوْهُ وَهْو حُرٌ ... وينفع أهلَه الرجلُ القَبيحُ ولم يَخْشَوا مَصَالَتَهُ عليهم ... وتحت الرَّغْوَة اللبَنُ الصَّرِيحُ المَصَالة: الصَّوْل، ومعنى البيت رأوني فازدروني لدَمَامتي، فلما كَشفوا عني وجدوا غير ما رأوا ظاهرا. يضرب عند انكشاف الأمر وظهوره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 103 508- أَبَرَماً قَرُوناً. البَرَمُ: الذي لا يدخل مع القوم في الميسر لبُخْله، والقَرُون: الذي يَقْرِن بين الشيئين. وأصله أن رجلا كان لا يدخل في الميسر لبخله، ولا يشتري اللحم، فجاء إلى امرأته وبين يديها لحم تأكله، فأقبل يأكُلُ معها بَضْعَتين بضعتين ويَقْرِن بينهما، فقالت امرأته : أبَرَماً قَرُوناً، أي أراك بَرَما وقَرُونا. يضرب لمن يجمع بين خصلتين مكروهتين. قال عمرو بن معدي كرب لعمر بن الخطاب رضي الله عنه يشكو قوما نزل بهم: أبرَامٌ يا أمير المؤمنين، قال: وكيف ذاك؟ قال: نزلتُ بهم فما قَرَوْني غيرَ ثور وقَوْس وكَعْب، فقال عمر: إن في ذلك لشِبَعاً. الثور: قطعة من الأقِطِ، والقوس: بقية التمر يبقى في الجِلَّة، والكعب: قطعة من السمن، أراد عمرو أنهم لم يذبحوا لي حين نزلتُ بهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 103 509- بِعْتُ جَارِي وَلَمْ أَبِعْ دَارِي. أي كنت راغبا في الدار، إلا أن جاري أساء جواري فبعت الدار. قال الصقعب بن عمرو النهدي حين سأله النعمان ما الدَّاء العَيَاء، قال: جارُ السوء الذي إن قاولته بَهَتَكَ، وإن غبت عنه سَبَعَكَ (سبعك: اغتابك) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 104 510- أَبادَ اللهُ خَضْرَاءَهُمْ. قال الأصمعي: معناه أذهب اله نعمتَهم وخِصْبَهم، ومنهم من يقول: أباد الله غضراءهم، أي خَيْرَهم وخِصْبهم، وقال بعضهم: أي بهجَتَهم وحُسْنهم، وهو مأخوذ من الغَضَارة وهي البهجة والحسن، قال الشاعر: احْثُوا التُّرابَ على مَحَاسِنِهِ ... وعلى غَضَارة وَجْهِهِ النَّضْرِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 104 511- بَرَزَ الصَّرِيحُ بِجانِبِ المتْنِ. يضرب في جَلِيَّةِ الأمر إذا ظهرت. والمتن: ما استوى من الأرض. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 104 512- بَقْبَقة في زَقْزَقَةٍ. البقبقة: الصَّخَب، والزقزقة: الضحك. يضرب للنفَّاجِ الذي يأتي بالباطل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 104 513- بِحَسْبِهَا أَنْ تَمْتَذِقَ رِعاؤها. امْتَذَق: إذا شرب مَذْقَة من لبن، يقال هذا في الإبل المحَاَريد، وهي التي قَلَّت ألبانُها. يضرب للرجل يُطْلَبُ منه النصر أو العُرْف. أي حَسْبه أن يقوم بأمر نفسه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 104 514- بِسَالِمٍ كانَتِ الوَقْعَةُ. سالم: اسم رجل أخذ وعوقب ظلما. يضرب في نجاة المستحق للوقعة وأخْذِ من لا يستحقها ظلما. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 104 515- بَقِيَتْ مِنْ مَالِهِ عَنَاصٍ. العناصى: جمع عَنْصُوَة، وهي البقية من السيء. يضرب لمن بقي من ماله بقية تنجيه من شدائد الدهر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 104 516- بِتْ عَلَى كَعْبِ حَذَرٍ قَدْ سُئِلَ بِكَ. يضرب لمن عُمِلَ في هلاكه وهو غافل، أي كُنْ على حذر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 104 517- بَرَّزَ عُمانٌ فَلاَ تُمارِ. عُمَان: اسم رجل بَرّزَ على أقرانه بكرمه وخلقه، أي قد ظهرت شمائلُه فلا تُمَار فيه. يضرب لمن أنكر شيئا ظاهرا جدا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 104 518- بِمِثْلِي يُنْكَأ القَرْحُ. أي بمثلي يُدَاوَى الشر والحرب. [ص: 105] قال الشاعر: لزاز حُرُوبٍ يَنْكأ القرحَ مِثْلُه ... يُمَارسُها تَارًا وتَارًا يُضَاِرُس. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 104 519- بَيْنَهُما بَطحَة الإنْسَانِ. أي قَدْرُ طولِهِ على الأرض. يضرب في القُرْب بين الشيئين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 105 520- بَيْنَ المُطِيعِ وَبَيْنَ المُدْبِرِ العَاصي. يضرب لمن لا يكاشف بعداوة ولا يناصح بمودة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 105 521- بَيْنَهُمُ احْلِقِي وَقُومِي. يضرب للقوم بينهم شر وعداوة. وأصل المثل قول الراجز: أيَا ابْن نَخاسية أَتُومِ ... يومُ أدِيمِ بَقَّةَ الشَّرِيمِ أحْسَنُ من يَوم احْلِقِي وَقُومِي ... وهما يومان أحدهما شر من الآخر، وبقة: اسمُ امرأة، والشريم: المُفْضَاة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 105 522- َبَرَد عَلَى ذَلِكَ الأَمْرِ جِلْدُهُ. أي استقر عليه واطمأن به، وبرد: معناه ثَبَت، يقال: بَرَدَ لي عليه حَقٌّ، أي ثبت، وسَمُوم بارد، أي ثابت دائم، وقال: اليَوْم يَوْمٌ باردٌ سَمُومُه ... مَنْ جَزِعَ اليوم فَلاَ نَلُومُهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 105 523- بَعْضُ الْجَدْبِ أَمْرَأُ للهَزِيلِ. يضرب لمن لا يحسن احتمالَ الغنى بل يَطْغَى فيه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 105 524- بِغَيْرِ اللَّهْوِ تَرْتَتِقُ الفُتُوقُ. يضرب في الحث على استعمال الجد في الأمور. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 105 525- بِكُلِّ عُشْبٍ آثَارُ رَعْيٍ. أي حيث يكون المالُ يجتمع السؤال. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 105 526- بِكُلِّ وَادٍ بَنُو سَعْدٍ. هذا مثل قولهم "بكل وادٍ أثر من ثعلبة" وقد مر ذكره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 105 527- بَلَغَ الغُلاَمُ الْحِنثَ. أي جرى عليه القَلَم، والِحْنثُ: الإثم، ويراد به ههنا المعصية والطاعة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 105 528- بَقِيَ مِنْ بَنِي فُلاَنٍ إثْفِيَّة خَشْناءُ. أي بقي منهم عدد كثير، والإثْفِية: مَثَلٌ لاجتماعهم، والخشناء: مثل لكثرتهم، ومنه "كتيبة خشناء" أي كثيرة السلاح. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 105 529- بَعْضُ القَتْلِ إحْياءُ لِلْجَمِيع. يعنون القِصَاص، وهذا مثل قولهم "القَتْلُ أنْفى للقتل" وكقوله تعالى {ولكم في القصاص حياة} . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 105 530- البضاعَة تُيَسِّرُ الحاجَةَ. يضرب في بذل الرِّشْوة والهدية لتحصيل المراد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 105 531- بينهُمْ رِمِّيَّا ثُمَّ حِجِّيزَى. أي تَرَامَوْا بالحجارة أو بالنَّبْلِ ثم تحاجزوا: أي أمسكوا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 106 532- أَبْدَى الله شِوَارَهُ. هذه كلمة يقولها الشاتم والداعي على الإنسان. والشِوَّار: الفَرْج. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 106 533- البَغْلُ نَغُلٌ وَهُوَ لذَلِكَ أَهْلٌ. يقال: نَغِلَ الأديمُ فهم نَغِل، إذا فَسَد، وإنما خفف للازدواج، ويقال: فلان نَغِل، إذا كان فاسدَ النسبِ. يضرب لمن لؤم أصله فخبث فعله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 106 534- البِطْنَةُ تَأفِنُ الفِطْنَةَ. يقال: أفِنَ الفصيلُ ما في ضَرْع أمه، إذا شرب ما فيه. يضرب لمن غَيَّر استغناؤه عقلَه وأفسده. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 106 535- بِهِ الوَرَى وَحُمَّى خَيْبَرى. الوَرْىُ - بسكون الراء - أكلُ القَيْحِ الجوفَ، وبالتحريك الاسم، وقال: وَرَاهُنَّ ربِّي مثلَ ما قد وَرَيْنَنِي ... وَأحْمى على أكبادِهِنَّ المَكَاوِيَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 106 536- بَعْضُ البِقاعِ أَيْمَنُ مِنْ بَعْضٍ. قاله أعرابي تعرض لمعاوية في طريق وسأله، فقال معاوية: مالك عندي شيء، فتركه ساعة ثم عاوده في مكان آخر، فقال: ألم تسألني آنفاً، قال: بلى، ولكن بعضُ البقاع أيْمَنُ من بعض، فأعجبه كلامه ووصَله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 106 537- بَعْدَ اطِّلاَعٍ إينَاسٌ. قاله قَيْس بن زُهَير حين قال له حذيفة ابن بدر يوم داحِسٍ: سبقتُكَ يا قيس، فقال قيس : بعد اطلاع إيناس، يعني بعد أن يظهر أتعرف الخبر، أي إنما يحصل اليقين بعد النظر، أنشد ابن الأعرابي: لبس بما ليس به بأسٌ باسُ ... ولا يَضِيرُ البر ما قال الناسُ وإنه بعد اطِّلاَع اينَاسُ ... ويورى "بعد طلوع". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 106 538- بُؤْساً لَهُ، وُتُوساً لَهُ، وَجُوساً لَهُ. كله بمعنى، فالبؤس الشدة، والتوس إتْبَاع له، والجوس الجوع. يقال عند الدعاء على الإنسان. وانتصَبَ كلها على إضمار الفعل: أي ألزَمَهُ الله هذه الأشياء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 106 539- بِئْسَ ما أَفْرَعْتَ بِهِ كَلاَمكَ. أي بئس ما ابتدأت به كلامك به، ومنه افْتِرَاع المرأة لأول ما نُكِحت، والفَرَع: أولد ولد تُنْتَجُه الناقة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 106 540- بِمِثْلِي زابِنِي. أي دافعي، من الزَّبْن وهو الدَّفْع. قيل: مرَّ مُجَاشع بن مسعود السلمي بقريةٍ من قُرَى كَرْمَان، فسأل أهلُها القوم: أين أميركم؟ فأشاروا إليه، فلما رأوه ضحكوا منه - وكان دميما - وازدرَوْه، فلعنهم وقال: إن أهلي لم يريدوني ليُحَاسِنوا بي، وإنما أرادوني ليُزَابنوا بي، أي ليدافعوا بي، أنشد ابن الأعرابي: بِمثْلِي زَابِنِي حلما وجُودا ... إذا التَقَتِ المجامِعُ والخُطُوبُ بعيد حُوَّلِيٌّ قُلَّبِيٌّ ... عظيمُ القَدْر مِتْلاف كَسُوبُ فإن أهْلِكْ فقد أبلَيْتُ عُذْرا ... وإن أمْلِكْ فمن عَضْبي قضيب أي أن فرعي من أصلي، يريد أنه من أصل كريم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 107 541- البَطْنُ شَرُّ وعاءٍ صِفْراً، وَشَر وِعاءٍ مَلآنَ. يعني إن أخْلَيته جُعت وإن مَلأَته آذاك يضرب للرجل الشرير إن أحسنت إليه آذاك، وإن أسأت إليه عاداك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 107 542- ابْنُكَ ابْنُ أَيْرِكَ، لَيْسَ ابْنَ غَيْرِكَ. هذا مثل قولهم "ابنُكَ ابن بُوحك" ومثل "ولَدُك من دمى عقيبك". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 107 543- بِألَمٍ مَّا تُخْتَنَنَّ. أي لا يكون الحِتان إلا بألم، ومعناه أنه لا يُدْرَك الخيرُ ولا يُفْعل المعروف إلا باحتمال مشقة، ويروى "بألم ما تُخْتَنِنَّهْ" وهذه على خطاب المرأة، والهاء للسكت، ودخلت النون في الروايتين لدخول ما، على ما ذكرنا قبل، والعربُ تدخل نون التأكيد مع ما كقولهم: ومن عضَةٍ مَايَنْبُتَنَّ شَكِيرُهَا ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 107 544- أَبْغِضْ بَغِيضَكَ هَوْناً مَّا. البغيض: بمعنى المبغَضِ كالحكيم بمعنى المحكَم، وهَوْنأ: أي قليلا سهلا، ونصب على صفة المصدر، أي بغضا هَوْنا غير مستَقْصىً فيه، فلعلكما ترجعان إلى المحبة فتستحْيِيَا من بعضكما، ودخلت ما للتوكيد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 107 545- بِئْسَ السَّعَفُ أنْتَ يَا فَتَى. قال النضر: سُعُوف البيت التور والقَصْعة والقِدْر، وهي من مُحَقَّرات متاع البيت. ومعنى المثل: بئس السلعة وبئس الخليط أنت. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 107 546- بالأرضِ وَلَدَتْك أُمُّكَ. يضرب عند الزَّجْر عن الخُيْلاء والبَغْي، وعند الحث على الاقتصاد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 107 547- بَنَانُ كَفِّ لَيْسَ فِيهَا سَاعِدٌ. يضرب لمن له هِمَّة ولا مَقْدِرَةَ له على بلوغ ما في نفسه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 108 548- أَبَرَمُ طَلْحٍ نالَها سِرافٌ. الطَّلْح: شجر، والواحدة طَلْحة، والبَرَمَةُ: ثمرة، وأبْرَمَ إذا خرجت بَرَمَتُه، والسِّرَاف: من قولهم "سَرَفَتِ الشجرة" إذا وقعت فيها السُّرْفَة، وهي دُوَيْبَّة تتَّخذ لنفسها بيتاً مربعاً من دُقِاَق العيدان تضم بعضَها إلى بعض بلُعَابها ثم تدخل فيه وتموت، يقال: سَرَفَتْ تَسْرُفُ سَرْفاً وسِرَافاً. يضرب لمن ارتاشَتْ حاله وكثر ماله بعد القلة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 108 549- بَيْضَاءُ لاَ يُدْجِى سَنَاهَا العِظْلِمُ. أي: لا يسوِّد بياضَها العِظْلِمُ، وهو نبت يُصْبغ به، يقال: هو النيل، ويقال الوَسْمَة، والعِظْلِمُ أيضاً: الليلُ المظلم، وهو على التشبيه. يضرب للمشهور لا يُخْفيه شيء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 108 550- بايِعْ بِعِزٍّ وَجْهُهُ مُلَثَّمٌ. المغطى باللثام هو المُلَثّم، وأراد بقوله "بايع بعز" بع عزا ولا ترده يكون بهذه الصفة: أي لا تَرْغَبْ في مُوَاصلة قوم لا قَديم لهم، فعزهم مستور لا يعرف إلا في هذا الوقت. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 108 551- بِنْتُ صَفاً تَقُولُ عَنْ سَماعٍ. بنت الصَّفَا: مثل قولهم "بنت الجبل" يعنون بهما الصَّدَى، وهو صوت يُسْمع من الجبل وغيره. يضرب لمن لا يُدْعَى إلى خير أو شرّ إلا أجَابَ، كما أن صدى الجبل يجيب كل صوت. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 108 552- بِجنِّ قَلْعٍ يُغْرَسُ الوَدِىُّ. جِنُّ العهدِ: حِدثَانُه وأَوَّلُه، وكذلك جن كل شيء. يضرب لمن يؤمر بطلب الأمر قبل فَوْته. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 108 553- بِقَدْرِ سُرُورِ التَّوَاصُلِ، تَكُونُ حَسْرَةُ التَّفَاصُلِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 108 554- البَلاَيَا عَلَى الْحَوايَا. قاله عَبيدُ بن الأبْرَصِ يوم لقي النعمانَ ابن المنذر في يوم بُؤْسه، والْحَوِيَّةُ وَالسَّوِيَّةُ كِساء يُحْشى بالثُّمام ونحوه ويُدَار حول سَنام البعير، والْحَوِيَّة لا تكون إلا للجِمال، فأما السَّوِية فإنها تكون لغيرها. ومعنى المثل: البلايا تُسَاق إلى أصحابها على الْحَوْايا، أي لا يقدر أحد أن يَفِرَّ مما قُدِّرَ له. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 108 555- البَغْىُ آخِرُ مُدَّة القَوْمِ. يعني أن الظلم إذا امتدَّ مَدَاه آذَنَ بانقراض مُدَّتهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 109 556- ابْنُ زَانِيَةٍ بِزَيْتٍ. أصله أن قوماً من اللصوص جَلَبوا قَحْبة، فلما قَضَوْا منها أوطارهم أَعْطَوْها قِرْبَةَ زيتٍ كانت عندهم إذ لم يحضرهم غيرها، فقالت المرأة: لا أريدها لأني أَحْسِبَني عَلِقْت من أحدكم، وأَكْرَه أن يكون مولودي ابنَ زانية بزيت، فذهب قولها مثلاً، قال الشاعر: إذا ما الحىُّ هاجى حَشْوَ قبرٍ ... فَذَلِكُمُ ابنُ زانيةٍ بزَيْتِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 109 557- بَاتَ فُلاَن يَشْوِي القَرَاحَ. يعني الماء القَرَاح، وهو الخالص الذي لا يخُاَلطه شيء. يضرب لمن ساءت حالُه ونَفِدَ مالُه، فصار بحيت يشوي الماء شهوة للطبيخ. وأصله أن رجلاً اشتهى مَادُوما، ولم يكن عنده سوى الماء، فأوقد ناراً، ووضع القِدْر عليها، وجعل فيها ماء وأغلاه، وأَكَبَّ على الماء يتعلَّل بما يرتفع من بُخَاره، فقيل له: ما تصنع؟ فقال: أشوي الماء، فضرب به المثل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 109 558- بِحَيْثُ العَيْنُ تَرْنُو ما يَضُرُّ. يريد حيثُ تنظر العين ترى ما يضر، والباء في "بحيث" زائدة، كما تزداد في "بحسبك". يضرب لمن إن جامَلْتَه أو جاملت عليه فهو لك مُنْكِر ومنك نَفْور. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 109 559- بَيْتٌ بِهِ الْحِيَتانُ وَالأنُوقُ. وهما لا يجتمعان. يضرب لضدين اجْتَمَعَا في أمرٍ واحد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 109 560- بِئْسَ مَحَلاًّ بِتُّ في صَرِيمٍ. الصَّرِيم: الليلُ، والصريم: الصبح، وهذا الحرف من الأضداد. يريد بئس المحل محلا بت فيه، ثم حذف "في" فصار بته، ثم حذف الهاء. يضرب لمن سكَن إلى مَنْ لا يُوثَقُ بمثله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 109 561- بِشْرٌ كَحَنَّةِ العَلُوقِ الرَّائِمِ. البِشْر: رَوْنَق الوجه وصفاء لونه، والعَلُوق: الناقة التي ترأم الولد بأنفها، وتمنعه دَرَّها. يضرب لمن يُحْسن القولَ ويقتصر عليه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 109 562- بَيْضُ قَطاً يَحْضُنُهُ أَجْدَلُ. الأجْدَل: الصَّقْر، والحَضْنُ والْحِضَانة: [ص: 110] أن يَحْضُن الطائرُ بَيْضَه تحت جناحه. يضرب للشريف يُؤْوِي إليه الوضيع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 109 563- بَنِيكِ حَمِّرِي وَمَكِّكِينِي. قيل: أصاب الناسَ جَدْبٌ ومجاعة، وإن رجلاً من العرب جمع شيئاً من تمر في بيته، وله بَنُونَ صِغار وامرأة، فكانت المرأة تَقُوتهم من ذلك التمر، تسوِّي بينهم وتعطي كل واحد جمعة من التمر مثل الْحُمَّرَة، وإن الرجل لا يغني ذلك عنه شيئاً، فأرادت المرأة يوماً أن تَقْسِم بينهم، فقال: حَمِّرِي بنيك ومككيني، أي أعطيني مثل المُكَّاء، وهو طائر أكبر من الْحُمَّرة. يضرب لمن يُسَوِّي بين أصحابه في العطاء ويختص به قوم فيطمعون في تخصيصه إياهم بأكثَرَ من ذلك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 110 564- بَلَغَ اللهُ بِكَ أَكْلأَ العُمُرِ. يقال: كَلأَ يَكْلأَ كُلُوأ، إذا تأخر، ومنه الكالئ للنَّسيئة لتأخرها، والمعنى: بلَّغك الله أَطْوَلَ العمر وآخره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 110 565- بِئْسَ مَحَكُّ الضَّيْفِ اسْتُهُ. يضرب للئيم، قاله أبو زيد، ولم يزد على هذا، ويروى "محل" باللام. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 110 566- بَخٍ بَخٍ سَاقٌ بِخَلْخَالٍ. بَخٍ: كلمة يقولها المتعجب من حسن الشيء وكماله الواقع موقع الرضا, كأنه قال: ما أَحْسَنَ ما أراه، وهو ساق مُحَلاَّة بخَلْخال ويجوز أن يريد بالباء معنى مع، فيكون التعجب من حسنهما. يضرب في التهكم والهزء من شيء لا موضع للتهكم فيه. وأول من قال ذلك الوِرْثَةُ بنت ثَعْلَبَة امرأة ذُهْل بن شَيْبان بن ثعلبة، وذلك أن رَقَاشِ بنتَ عمرو بن عثمان من بني ثعلبة طلقَّها زوجُها كعبُ بن مالك بن تَيْم الله بن ثعلبة بن عُكَايَةَ، فتزوجها ذهل بن شيبان زوج الوِرْثَة ودخل بها، وكانت الوِرْثَةُ، لا تترك له امرأة إلا ضَرَبَتْها وأَجْلَتْها، فخرجت رقاشِ يوماً وعليها خلخالان، فقالت الوِرْثَة : بخ بخ ساق بخلخال، فذهبت مثلا، فقالت رقاش: أَجَلْ ساقٌ بخَلْخَال، لا كخالك المُخْتَال، فوثبت عليها الوِرْثَةُ لتضربها، فضبَطَتْها رقاشِ وضربتها وغلبتها حتى حُجِزَتْ عنها، فقالت الوِرْثَةُ: يا وَيْحَ نَفْسِي اليومَ أدركني الكبر ... أأبْكِي على نَفْسي العشيَّةَ أم أَذَرْ فوالله لو أدركْتِ فيَّ بقيةً ... لَلاَقَيْتِ ما لاقى صَوَاحِبُكِ الأخَرْ فولدت رقاشِ لذُهْل بن شيبان: مُرَّة، وأبا ربيعة، ومحلِّما، والحارث بن ذهل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 110 ما جاء على أفعل من هذا الباب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 111 567- أَبْلَغُ مِنْ قُسٍّ. هو قُسُّ بن ساعدة بن حُذَافة بن زُهَير ابن إياد بن نِزَار، الإيادي، وكان من حكماء العرب، وأَعْقَلَ من سُمِع به منهم، وهو أول من كَتَب "من فلان إلى فلان" وأول من أَقَرَّ بالبعث من غير علم، وأول من قال "أما بعد" وأول من قال "البينة على مَنْ ادَّعَى والميمينُ عَلَى من أنكر" وقد عُمِّر مائةً وثمانين سنة، قال الأعشى: وَأَبْلَغُ من قُسِّ وأَجْرَى مِنَ الذي ... بِذِي الغيل مِنْ خفَّانَ أَصْبَحَ خَادِرَا وأخبر عامر بن شَرَاحيل الشعبيُّ عن عبد الله بن عباس أن وَفْدَ بكر بن وائل قَدِمُوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما فَرَغ من حوائجهم قال: هل فيكم أحد يعرف قُسَّ بن ساعدة الإيادي؟ قالوا: كلنا نعرفه، قال: فما فَعَلَ؟ قالوا: هلَكَ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كأني به على جَمَل أحمر بعُكَاظ قائماً يقول: أيها الناس، اجْتَمِعُوا واسْتَمِعُوا وَعُوا، كل مَنْ عاش مات، وكل مَنْ مات فَاتَ، وكل ما هو آتٍ آت، إن في السماء لَخَبراً، وإن في الأرض لَعِبَراً، مِهَاد مَوْضُوع، وَسَقْف مَرْفوع، وبِحار تَمْوج، وتجارة تَرُوج، ولَيْل دَاجٍ، وسماء ذاتُ أَبْرَاجٍ، أَقْسَمَ قُسٌّ حقا لئن كان في الأرض رِضاً ليكونَنَّ بعده سخط، وإن لله عَزَّتْ قُدْرته دِيناً هو أَحَبُّ إليه من دينكم الذي أنتم عليه، مالي أرى الناس يذهبون فلا يرجعون؟ أَرَضُوا فأقاموا، أو تُرِكُوا فناموا؟ ثم أنشد أبو بكر رضي الله عنه شعراً حَفِظه له، وهو قوله: في الذاهبين الأوَّلِيـ ... ـنَ (الأولين) من القُرُونِ لنا بَصَائرْ لما رأيت مَوَارِدا ... للمَوْتِ ليس لها مَصَادِرْ ورأيت قومي نَحْوَها ... يَسْعَى الأصاغرُ والأكابرْ لا يَرْجِعُ الماضي إِلىَّ ... ولا من الباقين غَابِرْ أَيْقَنْتُ أني لا مَحَا ... لَةَ (محالة) حيثُ صار القومُ صائرْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 111 568- أَبْخَلُ مِنْ مادِرٍ. هو رجل من بني هِلال بن عامر بن صَعْصَعة، وبلغ من بُخْله أنه سقي إبله فبقي في أسفل الحوض ماء قليل، فسَلَح فيه ومَدَر الحوضَ به، فسمى مادراً لذلك، واسمه مُخَارق. [ص: 112] قال أبو الندى: وذكروا أن بني فَزَارة وبني هِلال بن عامر تنافروا إلى أنَسِ بن مُدْرك الْخَثْعَمِيّ، وتراضَوْا به، فقالت بنو عامر: يا بني فَزَارة أأكَلْتُم أيْرَ حمار، فقالت بنو فزارة: قد أكَلْنَاه ولم نَعْرفه، وحديث ذلك أن ثلاثة نفر اصْطَحَبُوا فَزارِي وثَعْلَبيّ وكِلابيّ، فصادُوا حمارا، ومضى الفَزَاريّ في بعض حاجته، فطَبَخَا وأكَلاَ، وخَبَآ للفزاريّ جُرْدَانَ الحمار (جردان الحمار وجوفانه - بضم جيمهما - قضيبه) فلما رَجَع الفزاري قالا: قد خَبَأنا لك، فكُلْ فأقبل يأكله ولا يكاد يُسِيغه، فقال: أكُلُّ شِوَاء العَيْر جُوفَان (جردان الحمار وجوفانه - بضم جيمهما - قضيبه) يعني به الذَّكَر، وجَعَلا يضحكان، ففطن وأخَذَ السيف وقال: لتأكلانِّهِ أو لأقتلنكما، ثم قال لأحدهما وكان اسمه مَرْقمة: كُلْ منه، فأبى فضربه فأبَانَ رأسَه، فقال الآخر: طاح مَرْقَمة، فقال الفزاري: وأنت إن لم تَلْقَمه، قال محمد بن حبيب: أراد إن لم تَلْقَمهَا، فلما ترك الألفَ ألقى الفتحة على الميم قبل الهاء، كما قالوا وَيْلُم الحيرة وأي رجال بَهْ: أي بِهَا. قلت: إنما قَدَّر الهاء في تَلْقَمها إرادة المضغة أو البضعة، وإلا فليس في الكلام الذي مضى تأنيث ترجع الهاء إليه، فقالت بنو فزارة: ولكن منكم يا بني هلال مَنْ قَرَى (قرى - جمع) في حوضه فسَقَى إبله فلما رَوِيَتْ سلَح فيه ومَدَره بخلاً به أن يُشْرَب فضلُه، فقضى أنسُ بن مُدْرِك على الهلاليين، فأخذ الفزاريون منهم مائة بعير، وكانوا تراهَنُوا عليها. وفي بني فَزَارة يقول الكُمَيْت بن ثَعْلبة، والكميتُ من الشعراء ثلاثة: أقدمهم هذا، ثم كميت بن معروف، ثم كميت ابن زيد، وكلمهم من بني أسد: نَشَدْتُكَ يا فَزَارَ وأنت شَيْخٌ ... إذا خُيِّرْتَ تخطئ في الخِيار أَصَيْحَانية أُدِمَتْ بسمن ... أَحَبُّ إليك أم أَيْرُ الحِمار بلى أَيْرُ الحمار وخُصْيَتَاه ... أَحَبُّ إلى فَزَارة من فَزَارِ فحذف الهاء من فزارة كما تحذف في الترخيم، وإن كان هذا في غير النداء، ويجوز أن يكون أراد "من فزاريٍّ" فخفف ياء النسبة. وفي بني هلال يقول الشاعر: لقد جَلِّلَتْ خِزْياً هلالُ بنُ عامرٍ ... بَنِي عامرٍ طُرَّا بسَلْحَة مادر فأفٍّ لكم لا تَذْكُرُوا الفَخْرَ بعدها ... بني عامر أنْتُمْ شِرَارُ المَعَاشِرِ وفي بني فزارة يقول ابنُ دَارَةَ: لا تأمنَنَّ فزاريَّا خَلَوْتَ به ... على قَلُوصِك واكْتُبْهَا بأسْيَارِ [ص: 113] لا تأمَنَنْهُ وَلاَ تَأْمَنْ بَوَائِقَهُ ... بَعْدَ الذي امْتَلَّ أيْرَ العَيْرِ في النار أطْعَمْتُمُ الضيفَ جُوفَاناً مُخَاتَلَةً ... فلا سَقَاكُمْ إِلهِي الخالِقُ البارِي قال حمزة: وحدثني أبو بكر بن دُرَيد قال: حدثني أبو حاتم عن أبي عُبَيدة أنه قرأ عليه حديثَ مادر فضحك، قال: فقلت له: ما الذي أضحكك؟ فقال: تعجبني من تسيير العرب لأمثالٍ لها لو سَيَّرُوا ما هو أهَمُّ منها لكان أبلغ لها، قلت: مثل ماذا؟ قال: مثل مادر هذا جعلوه علما في البخل بفَعْلَةٍ تحتمل التأويل، وتركوا مثل ابن الزُّبَير مع ما يُؤْثر على لفظه وفعله من دقائق البُخْل فتركوه كالغُفْل: من ذلك أنه نظر إلى رجل من أصحابه وهو يومئذ خليفة يقاتل الحجاج ابن يوسف على دَوْلته وقد دَقََّ الرجل في صُدُور أهل الشأم ثلاثة أرماح، فقال له: يا هذا اعْتَزِلْ عن حربنا فإن بيت المال لا يقوى على هذا. وقال في تلك الحرب لجماعة من جُنْده: أكلتم تَمْرِي وعَصَيْتم أمري، وسمع أن مالك بن أشعر الرزاميَّ من بني مازن أكَلَ من بعير وَحْده وحمل ما بقي على ظهره فقال: دُلُّونِي على قبره أنبشه، وقال لرجل أتاه مُجْتَدِيا وقد أُبْدِعَ به، فشكا إليه حَفَى ناقته، قال: اخْصِفْهَا بهلب، وارْقَعْهَا بسبت، وأنجِدْبها يَبْرُدْ خفها، فقال الرجل: يا أمير المؤمنين جئتك مُسْتَوْصلا، ولم آتك مُسْتَوْصِفا، فلا بَقِيَتْ ناقة حملتني إليك، فقال: إنَّ وصاحِبَهَا، ولهذا الرجل فيه شعر قد نسى. قلت: وفي بعض النسخ من كتاب أفعل: كان هذا الرجل عبد الله بن فَضَالة (المحفوظ أن اسم هذا الشاعر عبد الله ابن الزبير - بفتح الزاي وكسر الباء - الأسدي) الأسدي، ولما انصرف من عنده قال: أرَى الحاجاتِ عِندَ أبي خُبَيْب ... نَكِدْنَ، ولا أمَيَّةَ بالبِلاَدِ وَمَالِي حينَ أقْطَعُ ذاتَ عِرْقٍ ... إلَى ابْنِ الكَاهِلِيَّةِ من مَعَادِ في أبيات. وابن الكاهلية: هو عبد الله بن الزُّبَيْر، كانت جدة من جداته من بني كَاهِل، فلما بلغ الشعرُ ابنَ الزُّبَير قال: لو علم لي أما ألأَم من عمته لسبَّني بها قال أبو عبيدة: فلو تكلف الحارث بن كَلَدة طبيبُ العرب أو مالك بن زيد مناة وحُنَيْف الْحَنَاتم آبلاَ العربِ من وصف علاج ناقة الأعرابي ما تكلَّفه هذا الخليفةُ لما كانوا يَعْشُرُونه، وكان مع هذا يأكل في كل أسبوع أكلة، ويقول في خطبته: إنما بطني شِبْر في شِبْر، وعندي ما عسى يكفيني، فقال فيه الشاعر: [ص: 114] لو كان بَطْنُكَ شِبْرا قد شَبِعْتَ، وقد ... أفْضَلْتَ فَضْلا كثيرا للمساكين فإنْ تُصِبْكَ من الأيام جائحةٌ ... لا نَبْكِ منك على دُنْيَا ولا دِينِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 111 569- أَبْخَلُ مِنْ كَلْبٍ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 114 570- أَبْخَلُ مِنْ ذِي مَعْذِرَة. هذا مأخوذ من قولهم في مثل آخر: المَعْذِرة طَرَفٌ من البخل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 114 571- أَبْخَلُ مِنَ الضَّنِينِ بِنَائِلِ غَيْرِهِ. هذا مأخوذ من قول الشاعر: وإنَّ امْرَأً ضَنَّتْ يَدَاه على امرئ ... بنَيْل يدٍ من غيره لَبَخِيلُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 114 572- أَبَرُّ مِنَ فَلْحَسٍ. هو رجل من بني شيبان، زعموا أنه حمل أباه - وكان خَرِفا كبيرَ السن - على عاتقه إلى بيت الله الحرام حتى أحَجَّه. ويقال أيضاً: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 114 573- أَبَرُّ مِنَ العَمَلَّس. وهو رجل كان بَرَّا بأمه، وكان يحملها على عاتقه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 114 574- أبْصَرُ مِنْ زَرْقَاءِ اليَمَامَةِ. واليَمَامة: اسمُها، وبها سمي البلد، وذكر الجاحظ أنها كانت من بنات لُقْمَان ابن عاد، وأن اسمها عنز، وكانت هى زَرْقَاء وكانت الزبَّاء زَرْقَاء، وكانت البَسُوس زرقاء، قال محمد بن حبيبَ: هى امرأة من جَدِيس، يعني زرقاء، كانت تُبْصِر الشيء من مسيرة ثلاثة أيام، فلما قَتَلَتْ جَدِيس طَسْماً خرج رجل من طَسْم إلى حَسَّان بن تُبَّع، فاستجاشه ورَغَّبه في الغنائم، فجهَّز إليهم جيشا، فلما صاروا من جَوّ على مسيرة ثلاث ليلٍ صعدت الزرقاء فنظرت إلى الجيش وقد أُمِرُوا أن يحمل كل رجل منهم شجرة يستتر بها ليلبِّسُوا عليها، فقالت: يا قوم قد أتتكم الشَّجَر، أو أتتكم حمير، فلم يصدقوها، فقالت على مثال رجز: أقْسِمُ بالله لقد دَبَّ الشَّجَرْ ... أو حِمْيَر قد أخَذَتْ شيئا يجر فلم يصدقوها، فقالت: أحلف بالله لقد أرى رَجُل، يَنْهَسُ كتْفاً أو يَخْصِفُ النعل فلم يصدقوها، ولم يستعدُّوا حتى صَبَّحهم حَسَّان فاجتاحهم، فأخذ الزرقاء فشقّ عينيها فإذا فيهما عُرُوق سود من الإثمِدِ، وكانت أولَ من اكتحل بالإثمد من العرب، وهي التي ذكرها النابغة في قوله: وَاحْكُمْ كَحُكْمِ فَتَاةِ الحيِّ إذْ نَظَرَتْ ... إلى حمامٍ سِرَاعٍ وارِدِ الثَّمَدِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 114 575- أَبْعَدُ مِنَ النّجْمِ، وَمِنْ مَنَاطِ الْعَيُّوقِ، وَمِنْ بَيْض الأَنُوقِ، وَمِنَ الكَوَاكِب. أما النجم فإنه يُرَاد به الثريا، دون سائر الكواكب، ومنه قول الشاعر: إذا النَّجْمُ وافَى مَغْرِبَ الشمس أجحرت ... مقارى حيى وَاشْتَكَى العُذْرَ جَارُهَا وأما العَيُّوق فإنه كوكب يطلُع مع الثريا، قال الشاعر: وإن صُدَيّاً والمَلاَمة ما مشى ... لَكالنَّجْمِ وَالْعَيُّوق ما طَلَعَا مَعَا صُدَى: قبيلة، أي هي أبدا مَلُومة، والملامة تمشي معها لا تفارقها. وأما بَيْضُ الأنُوق فهو - أعني الأنوق - اسم للرخَمَة، وهي أبعد الطير وَكْرا، فضربت العرب به المثل في تأكيد بُعْدِ الشيء وما لا يُنَال، قال الشاعر: وكُنْتُ إذا اسْتُودِعْتُ سرا كَتَمْتُهُ ... كبيض أَنُوقٍ لا يُنَال لها وَكْرُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 115 576- أَبْصَرُ مِنْ فَرَس بَهْماء فِي غَلَسٍ. وكذلك يضرب المثل فيه بالعُقَاب فيقال: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 115 577- أَبْصَرُ مِنْ عُقَاب مَلاعِ. قال محمد بن حبيب: مَلاَع اسم هَضْبة، وقال غيره: مَلاَع اسم للصحراء، قال: وإنما قالوا ذلك لأن عُقَاب الصحراء أبْصَرُ وأسْرَع من عقاب الجبال، ويقال للأرض المستوية الواسعة: مَلِيع، ومَيْلَع أيضا، قال الشاعر (هو امرؤ القيس بن حجر الكندي) يصف إبلا أُغِيرَ عليها فذهبت: كان دِثَارًا حَلَّقَتْ بلَبُونِهِ ... عُقَاب مَلاَع لا عُقَاب الْقَوَاعِلِ دِثار: اسم رَاعٍ، والقواعل: الجبال الصغار، وقال أبو زيد: عقاب مَلاع هي السريعة، لأن المَلْع السرعة، ومنه يقال: ناقة مَلُوع ومَلِيع أي سريعة، وقال أبو عمرو بن العَلاَء: العرب تقول: أنت أخَفُّ يداً من عُقَيِّبِ ملاع، وهي عُقَاب تصطاد العصافير والْجُرْذَانَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 115 578- أَبْصَرُ مِنْ غُرَابٍ. زعم ابن الأعرابي أن العرب تسمي الغراب أعْوَر لأنه مُغْمِض أبدا إحدى عينيه مقتصر على إحداهما من قوة بَصَره، وقال غيره: إنما سَمَّوه أعور لحدة بصره على طريق التفاؤل له، وقال بشار بن برد: وقد ظَلَمُوه حين سَمَّوه سيدا ... كما ظلم الناسُ الغرابَ بأعْوَرَا قال أبو الهيثم: يقال: إن الغُرَاب [ص: 116] يُبْصر من تحت الأرض بقَدْر منقاره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 115 579- أَبْصَرُ مِنَ الْوَطْوَاطِ بِالَّليْلِ. أي أعرف منه، والوَطْواط: الخُفَّاشُ ويقولون أيضا " أبْصَرُ ليلا من الوَطْواط" ويقال أيضا للخطاف الوَطْواط، ويسمون الجبان الوطواط. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 116 580- أَبْصَرُ مِنْ كَلْبٍ. هذا المثل رواه بعض المحدثين ذاهبا إلى قول الشاعر وهو مُرَّة بن مَحْكان. في ليلة من جُمَادَى ذَاتِ أنْدِيَةٍ ... لا يُبْصِر الكلْبُ من ظَلْمائها الطُّنُبَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 116 581- أَبْأَي مِنْ حُنَيْفِ الْحَنَاتِمِ. من البَأْى، وهو الفَخْر، وكان بلَغ من فخره أن لا يكلم أحدا حتى يَبْدَأه هو بالكلام. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 116 582- أَبْأَي مِمَّنْ جاءَ بِرَأْسِ خَاقَان. قال حمزة: هذا مَثَل مولَّد حكاه المفضل بن سلَمة في كتابه المترجم بالكتاب الفاخر في الأمثال، قال: والعامة تقول "كأنه جاء برأس خَاقَان" وخاقان هذا كان ملكا من ملوك الترك خرج من ناحية باب الأبواب، وظهر على أرمينية، وقتل الْجَرَّاح ابن عبد الله عاملَ هِشام بن عبد الملك عَلَيها، وغَلُظَت نكايته في تلك البلاد، فبعث هشامٌ إليه سعيدَ بن عمرو الْجَرَشِيَّ، وكان مَسْلَمة صاحب الجيش، فأوقع سعيد بخاقان، ففضّ جمعه، واحتزَّ رأسه، وبعث به إلى هشام، فعظُم أثره في قلوب المسلمين، وفَخُم أمره، ففخر بذلك حتى ضرب به المثل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 116 583- أَبَرُّ مِنْ هِرَّةٍ. ويقال أيضا "أعَقُّ من هرة" وشرح ذلك يجيء في موضع آخر من هذا الكتاب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 116 584- أَبْغَضُ مِنَ الطَّلْيَاءِ. هذا يفسَّر على وجهين، يقال: الطَّلْياء الناقة الْجَرْباء المَطْلِيَّة بالهِنَاء، ويروى هذا المثل بلفظ آخر فيقال "أبْغَضُ إلي من الجَرْبَاء ذات الهِنَاء" وذلك أنه ليس شيء أبغض إلى العرب من الْجَرَبِ لأنه يُعْدِي، والوه الآخر أنه يعني بالطلياء خِرْقَة العارك (العارك: الحائض) التي تَفْتَرِمُها من الافترام وهو الاعْتِبَاء والاحْتِشَاء، وكله بمعنى واحد. ويقولون هذا المثل بلفظة أخرى، وهي "أقْذَرُ من مِعْبَأة" ويقولون "أهْوَنُ من مِعْبَأة" وهي خِرْقَة الحائض، والجمع مَعَابئ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 116 585- أَبْرَدُ مِنْ عَضْرَس. وهو الماء الجامد، والعُضَارِس بالضم مثله، قال الشاعر: [ص: 117] يارُبَّ بَيْضَاء من العَطَامِسِ ... تَضْحَك عن ذي أشَرٍ عُضَاِرس (العطامس: جمع عطموس - بزنة عصفور - وهي المرأة الجميلة التامة الخلق، والأشر: تحزيز يكون في الأسنان خلقة أو عن صنعة) وفي كتاب العين: العَضْرَس ضرب من النبات، قال ابن مُقْبل: والْعَيْرُ ينفخ في الْمَكْنَان قد كَتِنَتْ ... مِنْهُ جَحَافِلُه والعَضْرَسِ الثَّجِرِ أي العريض. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 116 586- أَبْرَدُ مِنْ عَبْقَر. وبعضهم يقول "من حبقر" وهما البرد عند محمد بن حبيب، وأنشد فيهما: كأن فَاهَا عَبْقَرِيٌّ بارِدٌ ... أورِيحُ رَوْض مَسَّه تَنْضَاحُ رِكَ التنضاح: ما ترشَّش من المطر، والرك: المطر الخفيف الضعيف، وأحسن ما تكون الروضة إذا أصابها مطر ضعيف، فمحمد بن حبيب يروي هذا المثل "أبردُ من عَبْقَرٍ" وأبو عمرو بن العلاء يرويه "أبْرَدُ من عَبّ قَرّ" قال: والعَبْ اسمٌ للبَرْد، وأنشد البيت على غير ما رواه ابن حبيب فقال: كأَنَّ فاها عَبُّ قُرٍّ بَارِد ... أو ريحُ روض مَسَّهُ تَنْضَاحُ رِكْ قال: وبه سمى "عَبْ شَمْس" والمبرد يرويه "عَبْقُر" ذكر ذلك في كتابه المقتضب في أثناء أبنية الأسماء في الموضع الذي يقول فيه: العَبْقُرُّ البرد والعرنقصان نبت. وقال غيرهم: عَب الشمس ضوء الصبح، فهذا أغرب تصحيف وقع في روايات علماء اللغة، ومتى صحت رواية أبي عمرو وجَب أن يجري عبقر على هذا القياس فيقال "عب قر" وحجة من يجيز ذلك تسمية العرب البرد بحَبِّ المُزْن وحب الغَمَام، وجاء ابن الأعرابي فوافَقَ أبا عمرو في هذا المثَل بعضَ الوفاق وخالفه بعض الخلاف، زعم أن عب شمس بن زيد مناة بن تميم اسمُه عَبْءُ شمسٍ بالهمز: أي عدلها ونظيرها، والعبآن: العدْلاَنِ، قال: وقال أبو عبيدة: عب الشمس ضوؤها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 117 587- أَبْرَدُ مِنْ غِبِّ المَطَرِ. يعني أبرد من غِبِّ يوم المطر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 117 588- أَبْرَدُ مِنْ جِرْبِياءَ. الجِرْبِيَاء: اسمٌ للشمال، وقيل لأعرابي: ما أشدُّ البردِ؟ فقال: ريح جِرْبِياء، في ظل عماء، غبَّ سماء. قيل: فما أطيبُ المِياه؟ قال: نُطْفة زرقاء، من سحابة غَرَّاء، في صَفَاة زَلاَّء. ويروى "بلاء" أي مستوية ملساء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 117 589- أَبْطَأُ مِنْ فِنْدٍ. يعَنْوُن مولًى كان لعائشة بنت سعد [ص: 118] ابن أبي وقَّاص، وسأذكر قصته في حرف التاء عند قولهم "تَعِسَت العَجَلَة" الجزء: 1 ¦ الصفحة: 117 590- أَبْخَرُ مِنْ أَسَدٍ، وَمِنْ صَقْرٍ. وفيه يقول الشاعر: وله لحيةُ تَيْسٍ ... وله مِنْقَارُ نَسْر وله نَكْهَة لَيْثٍ ... خالَطَتْ نكْهَةَ صَقْرِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 118 591- أَبْقَى مِنَ الدَّهْر. ويقال أيضا: "أبْقَى عَلَى الدَّهْرِ مِنَ الدَّهْرِ" ومن أمثال العرب السائرة: البئر أبْقى من الرِّشَاء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 118 592- أَبْقَى مِنْ تَفَارِيقِ العَصَا. هذا المثل قد ذكَرْناه في الباب الأول في قولهم "إنك خيرٌ من تفاريق العصا" الجزء: 1 ¦ الصفحة: 118 593- أَبْطَشُ مِنْ دَوْسَرَ. قالوا: إن دَوْسر إحدى كَتَائب النعمان بن المنذر ملك العرب، وكانت له خمس كتائب: الرهائن، والصنائع، والوضائع، والأشاهب، ودوسر، وأما الرهائن فإنهم كانوا خمسمائة رجل رَهَائن لقبائل العرب، يُقِيمون على باب الملك سنةً ثم يجيء بدلَهم خمسُمائة أخرى، وينصرف أولئك إلى أحيائهم، فكان الملكُ يغزو بهم ويُوَجِّههم في أموره. وأما الصنائع فبنو قَيْس وبنو تَيْم اللاَّتِ ابني ثعلبة، وكانوا خَوَاصَّ الملك لا يَبْرَحُون بابه. وأما الوضائع فإنهم كانوا ألفَ رجلٍ من الفُرْس يضعهم ملكُ الملوك بالحِيرة نَجْدَةً لملك العرب، وكانوا أيضاً يقيمون سنةً ثم يأتي بدلَهم ألفُ رجلٍ، وينصرف أولئك. وأما الأشاهب فإخْوَةُ ملك العرب وبنو عمه ومَنْ يتبعهم من أعوانهم، وسموا الأشاهب لأنهم كانوا بيضَ الوجوه. وأما دَوْسَر فإنها كانت أخْشَنَ كتائبه وأشدَّها بطشاً ونكاية، وكانوا من كل قبائل العرب، وأكثرهم من ربيعة، سميت دوسر اشتقاقا من الدَّسْر، وهو الطعن بالثقل، لثقل وطأتها، قال الشاعر: ضَرَبَتْ دَوْسَرُ فيهم ضربةً ... أثبتَثْ أَوْتاد مُلْكٍ فاستقر وكان ملك العرب عند رأس كل سنة - وذلك أيام الربيع - يأتيه وُجُوه العرب وأصحاب الرهائن، وقد صير لهم أكلا عنده، وهو ذوو الآكال، فيقيمون عنده شهراً، ويأخذون آكالهم، ويُبَدِّلون رهائنهم، وينصرفون إلى أحيائهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 118 594- أَبْرَدُ مِنْ أَمْرَدَ لا يُشْتَهى، وَمِنْ مُسْتَعْمِلِ النَّحْوِ في الحسابِ، وَمِنْ بَرْدِ الكَوَانِينِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 118 595- أَبْغَضُ مِنْ قَدَحِ اللَّبْلاَبِ، ومِنْ الشَّيْبِ إلَى الغَوَانِي، ومِنْ رِيحِ السَّدَاب إلَى الْحَيَّاتِ، ومِنْ سَجَّاَدة الزَّانِيَةِ، وَمِنْ وُجُوهِ التُّجَّارِ يَوْمَ الكَسَادِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 119 596- أَبْوَلُ مِنْ كَلْبٍ. قالوا: يجوز أن يُرَاد به البول بِعَيْنه، ويجوز أن يراد به كثرة الولد، فإن البول في كلام العرب يكنى به عن الولد. قلت: وبذلك عَبَّرَ ابْنُ سيرين رؤيا عبد الملك بن مروان حين بَعَثَ إليه: إني رأيتُ في المنام أني قمتُ في محراب المسجد وبُلْت فيه خمس مرات، فكتب إليه ابنُ سيرين: إن صَدَقَت رؤياك فسيقومُ من أولادك خمسة في المحراب، ويتقلدون الخلافة بعدك، فكان كذلك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 119 597- أَبيَنُ مِنْ فَلَقِ الصُّبْحِ، وَفَرَقِ الصُّبْحِ. وهما الفجر، وفي التنزيل {قل أعوذ برب الفلق} يعني الصبح وبيانه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 119 598- أَبْطَأُ مِنْ مَهْدِيِّ الشِّيعَةِ، وَمِنْ غُرَابِ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلامَ. ُ وذلك أن نوحا بعَثه لينظر هل غرقت البلاد؟ ويأتيه بالخبر، فوجد جيفَةً فوقع عليها فدعا عليه نوح بالخوف، فلذلك لا يألف الناس، ويضرب به المثل في الإبطاء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 119 599- أَبْقَى مِنْ وَحْىٍ في حَجَرٍ. الَوْحى: الكتابة، والمكتوب أيضاً، وقال: كما َضِمَن الوُحِىَّ سِلاَمُهَا ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 119 600- أَبْلَدُ مِنْ ثَوْرٍ، وَمِنْ سُلحَفْاَةٍ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 119 601- أَبْشَعُ مِنْ مَثَلٍ غَيْرِ سائِرٍ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 119 602- أَبْغَى منَ الإِبْرَةِ، وَمِنَ الزَّبِيبِ، وَمِنَ الْمِحْبَرَةِ. وقال: أَبْغَى من الإِبْرَةِ لكنَّه ... يوهِمُ قوماً أنه لُوطِى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 119 603- أَبْقَى مِنَ النَّسْرَيِنْ. يعني النسر الطائر، والنسر الواقع، وَ "مِنَ العَصْرَيْن" يعني الغَدَاة والعَشِيَّ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 119 604- أَبْهَى مِنَ القَمَرَيْنِ. يعني الشمسَ والقمر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 119 605- أَبْهَى مِنْ قُرْطَيْنِ بَيْنَهُمَا وَجْهٌ حَسَنٌ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 119 606- أَبْكَرُ مِنْ غُرَابٍ. [ص: 120] وهو أشد الطير بُكُوراً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 119 607- أَبْكَى مِنْ يَتِيمٍ. وفيه المثل السائر "لا تعلم اليتيم البكاء" الجزء: 1 ¦ الصفحة: 120 608- أَبْخَلُ مِنْ صَبِيٍّ، وَمن كَسع. قالوا: هو رجل بَلَغ من بخله أنه كَوَى إسْتَ كلبه حتى لا يَنْبَح فيدل عليه الضيف. المولدون بِئْسِ الشِّعارُ الحسَدُ. بَيْنَ البَلاَءِ وَالْبَلاَءِ عَوَافِي. جمع عافية. بَيْتِي أَسْتَرُ لِعَوْراتِي. يضرب لمن يؤثر العُزْلة. بَيْتُ الإِسْكافِ فِيِه مِنْ كلِّ جِلْدٍ رُقْعَة. يضرب لأخْلاَط الناس. بِعِ الحَيَوانَ أَحْسَنَ ما يَكُونُ في عَيْنِكَ. بِعِ المَتَاعَ مِنْ أَوَّلِ طَلَبِهِ تُوَفَّقْ فِيِه. بِعِلَّةِ الزَّرْعِ يُسْقَي القَرْعُ. بِعِلَّةِ الدَّايَةِ يُقْتَلُ الصَّبِيُّ. بُغَاثُ الطَّيْرِ أَكْثَرُهَا فِرَاخاً. بَذْلُ الجاهِ أَحَدُ المالَيْنِ. بَشِّرْ مالَ الشَّحِيحِ بِحَادِثٍ أَوْ وَارِثٍ. قاله ابن المعتز. بَعْضُ الشَّوْكِ يَسْمَحُ بالمَنِّ. بَعْضُ العَفْوِ ضَعْفٌ. بَعْضُ الحِلمِ ذُلٌّ. برِئْتُ مِنْ رَبٍّ يَرْكَبُ الحِمَارَ. بَلَدٌ أَنْتَ غَزَالُهُ، كَيْفَ باللهِ نَكالُهُ. بِهِ حَرَارَةٌ. يضرب للمتهم. به دَاءُ المُلُوكِ. مثله بَيْنَ وَعْدِهِ وَإِنْجَازِهِ فَتْرَةُ نَبِيّ. بَيْنِي وَبَيْنَهُ سُوقُ السِّلاَحِ. يضرب في العداوة. بَدَنٌ وَافِرٌ وَقَلْبٌ كافِرٌ. بِجَبْهَةِ العَيْرِ يُفْدَى حَافِرُ الفَرَسِ. بِقَدْرِ السُّرُورِ يَكُونُ التَّنْغِيصُ. بَعْدَ البَلاَءِ يكونُ الثَّنَاءُ. بَعْدَ كُلِّ خُسْرٍ كَيْسُ. باعَ كَرْمَهُ وَاشْتَرَى مَعْصَرَه. بِذاتِ فَمِهِ يَفْتَضِحُ الكَذُوبُ. بِشْرُكَ تُحْفَةٌ لإِخْوَانِكَ. بَيْنَ جَبْهَتِهِ وَبَيْنَ الأرْضِ جِنَايَةٌ. أي لا يصلي. [ص: 121] الْبُسْتَانُ كُلُّهُ كَرَفْسٌ. يضرب في التَّساوي في الشر. البَغْلُ الهَرِمُ لا يُفْزِعُهُ صَوْتُ الجُلْجُل. ابْنُهُ على كَتِفِهِ وَهُوَ يَطْلُبُهُ. ابْنُ آدَمَ لاَ يَحْتَمِلُ الشَّحْمَ. ابنُ عَمِّ النَّبِيِّ مِنَ الدُّلْدُلِ. يضرب للدعي يَدَّعِي الشرفَ، والدلدل: اسم بَغْلة النبي عليه الصلاة والسلام. وكذلك يقال "ابن عمه من اليَعْفُور" وهو اسم حمارٍ له صلى الله عليه وسلم. البَيَاضُ نِصْفُ الحُسْنِ. بئسَ وَاللهِ ما جَرَى فَرَسِي. يضرب فيمن قصر أو قصر به. بَطْنٌ جائِعٌ وَوَجْهٌ مَدْهُون. يضرب للمُتَشَبِّع زُوراً. ابنُ آدَمَ حَرِيصٌ على ما مُنِعَ مِنْهُ. البَصَرُ بالزبُونِ تِجارة. يضرب في المعرفة بالإنسان وغيره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 120 الباب الثالث فيما أوله تاء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 121 609- تَرَكَ الظَّبْيُ ظِلَّلُه. الظلل ههنا: الكِنَاسُ الذي يستظل به في شدة الحر فيأتيه الصائدُ فيثيره فلا يَعُود إليه، فيقال "ترك الظبي ظِلَّه" أي موضع ظله. يضرب لمن نَفَر من شيء فتركه تركاً لا يعود إليه، ويضرب في هَجْر الرجل صاحبَه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 121 610- تَرَكْتُهُ عَلَى مِثْلِ مَقْلَع الصَّمْغَةِ. أي تركْتُه ولم يَبْقَ له شيء لأن الصَّمْغ إذا قلع لم يبق له أثر. ومثله قولهم: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 121 611- تَرَكْتُهُ عَلَى مِثْلِ لَيْلَةِ الصَّدَرَ. وهي ليلة يَنْفِرُ الناسُ من منًى فلا يبقى منهم أحد. ومثلُهما: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 121 612- تَرَكْتُهُ عَلَى أَنْقَى مِنَ الرَّاحَةِ. أي على حال لا خَيْرَ فيه كما لا شَعْرَ على الراحة. وكلها يضرب في اصْطِلاَمِ الدهرِ الناسَ والمالَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 121 613- تَرَكَ الخِدَاعَ مَنْ أَجْرَى مِنْ مائَةٍ. أي من مائة غَلْوة، وهي اثنا عشر مِيلا، قال الأصمعي: يجري الجُذْعَانُ أربعين، والثُّنْيَانُ ستين، والرّبَعُ ثمانين، والقُرَّحُ مائة، ولا يجري أكثر من ذلك. وهذا من كلام قيس بن زُهَير، قاله لِحُذَيفة بن بَدْر يوم دَاحِس: أي لو كان قَصْدي الخِدَاع لأجريت من قريب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 122 614- تمَامُ الرَّبِيِع الصَّيْفُ. أي تظهر آثار الربيع في الصيف كما قيل: الأعمال بخَوَاتيمها، والصيف المطر يأتي بعد الربيع. يضرب في استنجاح تمام الحاجة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 122 615- تَرْكُ الذَّنْبِ أيْسَرُ مِنْ طَلَبِ التَّوْبةِ. يضرب لما تركُه خيرٌ من ارتكابه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 122 616- تَرَكَنِي خِبْرَةُ النَّاسِ فَرْداً. الخِبرة: الاسم من الاختبار، ونصب "فردا" على الحال. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 122 617- تَصْنَعُ فِي عَامَيْنِ كُرُزاً مِنْ وَبَرٍ. الكرز: الجُوَالق. يضرب مثلا للبَطِئ في أمره وعمله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 122 618- تَجَنَّبَ رَوْضَةً وأحالَ يَعدُو. يضرب لمن اختار الشقاء على الراحة، وأحال: أي أقبل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 122 619- تَجُوعُ الحُرَّةُ وَلاَ تَأكُلُ بِثَدْيَيْهَا. أي لا تكون ظِئْراً وإنْ آذاها الجوع، ويروى "ولا تأكل ثدييها" وأول من قال ذلك الحارث بن سليل الأسَدِي، وكان حليفا لعَلْقَمَة بن خَصَفة الطائي، فزارَُه فنظر إلى ابنته الزَّبَّاء - وكانت من أجمل أهل دهرها - فأعْجِبَ بها، فقال له: أتيتُكَ خاطبا، وقد ينكح الخاطب، ويدرك الطالب، ويمنح الراغب، فقال له علقمة: أنت كُفْءٌ كريم، يقبل منك الصَّفْو، ويؤخذ منك العَفْو، فأقِمْ ننظر في أمرك، ثم انكفأ إلى أمها فقال: إن الحارث بن سليل سيدُ قومه حَسَبا ومَنْصِباً وبيتا، وقد خطب إلينا الزبَّاء فلا ينصرفَنَّ إلا بحاجته، فقالت امرأته لابنتها: أيُّ الرجالِ أحبُّ إليك: الكَهْلُ الجَحْجَاح، الواصِلُ المَنَّاح، أم الفتى الوَضَّاح؟ قالت: لا، بل الفتى الوضاح، قالت: إن الفتى يُغِيرُك، وإن الشيخ يَمِيرُك، وليس الكَهْل الفاضل، الكثيرُ النائِل، كالحديث السنِّ، الكثير [ص: 123] المَنِّ، قالت: يا أمتاه إن الفَتَاة تحبُّ الفتى كحبِّ الرعاء أنِيقَ الكَلاَ، قالت: أي بُنَية إن الفتى شديد الحِجاب، كثير العِتاب، قالت: إن الشيخ يُبْلِي شبابي، ويدنس ثيابي، ويُشْمت بي أترابي، فلم تزل أمها بها حتى غلبتها على رأيها، فتزوجها الحارث على مائة وخمسين من الإبل وخادم وألف درهم، فابْتَنَى بها ثم رَحَل بها إلى قومه، فبينا هو ذاتَ يوم جالسٌ بفِناء قومه وهي إلى جانبه إذ أقبَلَ إليه شَبَابٌ من بني أسد يعتلجون فتنفَّست صُعَداء، ثم أرْخَتْ عينيها بالبكاء، فقال لها: ما يُبْكِيكِ؟ قالت: مالي وللشيوخ، الناهضين كالفُرُوخ، فقال لها: ثَكِلَتْكِ أمُّكِ تَجُوع الحرة ولا تأكل بثدييها. قال أبو عبيد: فإن كان الأصل على هذا الحديث فهو على المثل السائر "لا تأكل ثدييها" وكان بعضُ العلماء يقول: هذا لا يجوز، وإنما هو "لا تأكل بثدييها" قلت: كلاهما في المعنى سَوَاء، لأن معنى "لا تأكل ثدييها" لا تأكل أجْرَةَ ثدييها، ومعنى "بثدييها" أي لا تعيش بسبب ثَدْييها وبما يُغِلاَّن عليها. ثم قال الحارث لها: أما وأبيك لرُبَّ غارةٍ شهدتها، وسَبِيَّة أردفتها، وخَمْرة شربتها، فالحقي بأهلك فلا حاجة لي فيك، وقال: تَهَزَّأت أنْ رَأتْنِي لابساً كِبَراً ... وغايةُ الناس بين المَوْتِ والكِبَرِ فإن بقيتِ لقيتِ الشَّيْبَ راغمَةً ... وفي التعرُّفِ ما يمضي من العِبَرِ وإن يكن قد عَلاَ رأسي وغَيَّره ... صَرْفُ الزمانِ وتغييرٌ من الشَعرِ فقد أرُوحُ للذَّاتِ الفَتَى جَذِلا ... وَقَدْ أصِيبُ بها عِيناً من البَقَرِ عَنِّي إليكِ فإني لا تُوَافِقُنِي ... عُورُ الكلام ولا شُرْبٌ على الكَدَرِ يضرب في صيانة الرجل نفسه عن خسيس مكاسب الأموال. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 122 620- تَحْسَبُها حَمْقَاءَ وَهْيَ باخِسٌ. ويروى "باخسة" فمن روى باخس أراد أنها ذات بَخْس تَبْخَسُ الناسَ حقوقَهم، ومن روى "باخسة" بناه على بَخَسَتْ فهي باخسة. يقال: إن المثل تكلم به رجلٌ من بني العَنْبَر من تميم، جاورته امرأة فنظر إليها فحسبها حمقاء لا تعقل ولا تحفظ ولا تعرف مالها، فقال العنبري: ألا أخْلِطُ مالي ومَتَاعي بمالها ومتاعها ثم أقاسمها فآخذ خيرَ متاعها [ص: 124] وأعطيها الرديء من متاعي، فقاسمها بعد ما خَلَط متاعه بمتاعها، فلم ترض عند المُقَاسَمة حتى أخَذَتْ متاعها، ثم نازعته وأظهرت له الشكوى حتى افْتَدَى منها بما أرادت، فعُوتِبَ عند ذلك، فقيل له: اخْتَدَعْتَ امرأة، وليس ذلك بِحَسَنِ، فقال: تحسَبُها حَمْقَاء وهي باخسة. يضرب لمن يتباله وفيه دهاء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 123 621- تَرَكْتُهُ فِي وَحْشِ إِصْمِتَ، وَبِبَلْدَةِ إِصْمِتَ، وَفي بَلْدَةِ إِصْمِتَةَ. أي في فلاةٍ. يضرب للوَحِيد الذي لا ناصر له. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 124 622- تَركْتُهُ باسْتِ المَتْنِ. المَتْن: ما صَلُب من الأرض، أي تركته وحيدا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 124 623- تَاللهِ لَوْلاَ عِتْقُهُ لَقدْ بَلِىَ. العِتْق: العَتَاقة، وهي الكَرَم. يضرب للصَّبُور على الشدائد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 124 624- تَذَكَّرَتْ رَيَّا وَلَداً. رَيًّا: اسم امرأة. يضرب لمن يَتَنَبَّهُ لشيء قد غَفَل عنه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 124 625- تَعْجِيلُ العِقابِ سَفَهٌ. أي إن الحليم لا يعجل بالعقوبة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 124 626- تَشَدَّدِي تَنْفَرِجِي. الخطاب للداهية: أي تَنَاهِي في العظم والشدة تذهبي. يضرب عند اشتداد الأمر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 124 627- تِيهُ مُغَنٍّ وُظَرْفُ زِنْدِيقٍ. يروى هذا عن أبي نُوَاس، وأراد بقوله "ظَرفُ زنديق" مُطيعَ بن إياس، ولَقَّبه بذلك بشار بن برد، وكان إذا وصَف إنساناً بالظَّرْف قال: أظْرَفُ من الزنديق، يعني مُطيعاً، لأن من تزندق كان له ظَرْف يُبَاين به الناس، ومن قال "فلان أظرف من زنديق" فقد غلط. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 124 628- تَسْألُني بِرَامَتَيْنِ سَلْجَماَ. رَامة: موضع بقرب البَصْرة، والسلجم: معروف، قال الأزهري: هو بالسين غير معجمة، ولا يقال شلجم ولا ثلجم، وضم رامة إلى موضع آخر هناك فقال "برامتين" كما قال عنترة. شَرِبَتْ بماء الدُّحْرُضَيْنِ ... وإنما هو وَسِيع ودُحْرُض، وهما ماآن أو موضعان، فثنى بلفظ أحدهما، كما يقال: القَمَرَان، والعُمَرَانِ. يضرب لمن يطلب شيئاً في غير موضعه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 124 629- تَجَشَّأ لقمانُ مِنْ غَيْر شِبَعِ. تجشَّأ: أي تكلَّف الجْشاَء. يضرب لمن يَدَّعي ما ليس يملك. ويقال "تجشَّأ لقمان من غير شِبَع، من عُلْبَتَين وثمانٍ ورُبَع" قال أبو الهيثم: فهذه عشر علب مع رُبَع لم يَعُدَّها لقمان شيئاً لكثرة حاجته إلى الأكل وقد تجشأ تجشُّؤ غير الشبعان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 125 630- تُخْبِرُ عَنْ مَجْهُولِه مَرْآتُهُ. أي مَنْظَره يخبر عن مَخْبَره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 125 631- تَسقُطُ بِه النَّصِيحَةُ عَلَى الظِّنَّةِ. أي كثرة نصيحتك إياه تحمله على أن يتهمك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 125 632- تُعَلِّمُنِي بِضَبّ أَنا حَرَشْتُهُ. تعلمني بمعنى تُعْلِمُنِي: أي تخبرني، ولذلك أدخل الباء كقوله تعالى {قل أتعلمون الله بدينكم} وحَرْشُ الضب: صَيْدُه. يضرب لمن يخبرك بشيء أنت به منه أعلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 125 633- تَحَمَّدِي يا نَفْسُ لا حَامِدَ لَكِ. أي أظهر حمد نفسك بأن تفعل ما تُحْمَد عليه، فإنه لا حامد لك ما لم تفعله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 125 634- تَنْزُو وُتَلِينُ. هذا من النَّزْو والنَّزَوان، وهما الوَثْب، وليس من النِّزَاء الذي هو السِّفاد، وربما قالوا "تَنْزُو وتلين، وتؤدي الأربعين". ذكروا أن أعرابياً حُبِس فقال: ولما دَخَلْتُ السجْنَ كَبَّرَ أهلُه ... وقالوا: أبو ليلى الغَدَاةَ حَزِينُ وفي الباب مكتوب على صَفَحَاته ... بأنك تَنْزُو ثم سَوْف تلين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 125 635- تَخَرَّسِي يا نَفْسُ لا مُخَرِّسَ لَكِ. أي اصْنَعِي لنفسك الْخَرْسَةَ، وهي طعام النَّفَسَاء نفسها، قالته امرأة وَلَدَتْ ولم يكن لها من يهتمُّ بشأنها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 125 636- تَحتقِرُهُ وَيَنْتَأْ. يقال: نَتَأَ الشيء إذا ارتفع يَنْتَأ نُتُوءاً. يضرب لمن يحتقر أمرا وهو يعظم في نفسه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 125 637- تَرْفَضُّ عِنْدَ المُحْفِظَاتِ الكَتَائِفُ. تَرْفَضُّ: أي تتفرق، والمُحْفِظَات: المُغْضِبات، والحَفيظة والحِفْظَة: الغضب، والكتائف: السَّخَائم والأحْقَاد. يقول: إذا رأيتَ حَمِيمَك يُظْلَم أغضبك ذلك فتنسى حِقْدَكَ عليه وتنصره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 125 638- تَضْرِبُ فِي حَدِيدٍ بارِدٍ. يضرب لمن طَمِعَ في غير مَطْمَع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 125 639- تَمَنُّعِي أَشْهى لَكَ. أي مع التأبِّي يقعُ الحرصُ، وأصله أن رجلا قال لامرأته: تمنَّعِي إذا غازلْتُكِ يكن أشهى: أي ألذ. يضرب لمن يظهر الدَّلاَل ويُغْلى رخيصَه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 126 640- تَمَرَّدَ مارِدٌ وَعَزَّ الأْبَلُق. مارد: حِصْن دُومَة الْجَنْدل، والأبلق: حصن للسموءل بن عَادِيا، قيل: وصف بالأبلَق لأنه بنى من حجارة مختلفة الألوان بأرض تَيْماء، وهما حصنان قصدتهما الزباء ملكة الجزيرة فلم تقدر عليهما، فقالت : تمرَّدَ ماردٌ وعَزَّ الأبلق، فصار مثلا لكل ما يعز ويمتنع على طالبه، وعَزَّ: معناه غلب من عَزَّ يَعُزُّ، ويجوز أن يكون من عَزَّ يَعِزُّ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 126 641- تَلْدَغُ العَقْرَبُ وَتَصِئُ. يقال: صَأَى الفرخُ والخنزير والفأر والعقرب يَصِئ صَئِيًّا على فعيل، إذا صاح، وصَاءَ: مقلوبٌ منه. يضرب للظالم في صورة المتظلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 126 642- تَشْكُو إِلَى غَيْرِ مُصَمِّتٍ. أي إلى من لا يهتمُّ بشأنك، قال: إنك لا تَشْكُو إلى مُصَمِّتِ ... فَاصْبِرْ عَلَى الحمل الثَّقِيلِ أوْ مُتِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 126 643- تَجَاوَزَ الرَّوْضَ إِلَى القَاعِ القَرِقِ. يضرب لمن عَدَل بحاجته عن الكريم إلى اللئيم. والقَرِق: المُسْتَوِي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 126 644- تَحْمِي جَوَابِيَهُ نَقِيقُ الضِّفْدِعِ. الْجَوَابِي: جمع جَابِية، وهو الحوض. يضرب للرجل لا طائل عنده، بل كله قَوْل وبَقْبَقَة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 126 645- تَشَمَّرَتْ مَعَ الْجَارِي. يقال: تَشَمَّرتِ السفينةُ إذا انحدَرَت مع الماء، وشَمَّرْتُها أنا إذا أرسلتها. يضرب في الشيء يُسْتَهان به ويُنْسَى. وقائله كعب بن زُهَير بن أبي سُلْمى، قال ابن دريد: ليس في العرب سُلْمى بالضم إلا هذا، وزاد غيره وأبو سُلْمى رَبِيعَةُ بن رَبَاح بن قُرْط من بني مازن، قلت: والمحدِّثُون يَعُدُّون غيرهما قوما يطول ذكرهم، وإنما قال هذا المثلَ كعبٌ حين ركب هو وأبوه زُهَير سفينةً في بعض الأسفار، فأنشد زهير قصيدته المشهورة وهي ... أمِنْ أمِّ أوْفى دِمْنَةٌ لم تَكَلَّمِ ... وقال لابنه كعب: دُونَكَ فَاحْفَظْها، فقال: نعم وأمْسَيَا فلما أصبحا قال له: يا كعبُ ما فعلَتِ العقيلةُ؟ يعني القصيدة، قال: يا أبتِ إنها تشمّرَتْ مع الجاري، [ص: 127] يعني نَسِيتُهَا فمرَّتْ مع الماء، فأعادها عليه، وقال: إن شَمَّرْتها يا كعب شَمّرْتُ بك على أثرها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 126 646- تَهِمُّ وَيُهَمُّ بِكَ. الهَمُّ: القَصْد. يضرب للمغترّ بعمله لا يخاف عاقبته. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 127 647- تَركْتُهُمْ فِي كَصِيصَةِ الظّبْيٍ: قال اللحياني: كَصِيصَةُ الظبي مَوْضِعُه الذي يكون فيه، وقال غيره: هي كفته التي يُصَاد بها. يضرب لمن يضيق عليه الأمر، ومثلُه: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 127 648- تَرَكْتُهْم فِي حَيْصٍ بَيْصٍ وَحِيصِ بِيصِ. ويقال حَيْصِ بَيْصِ وحَيْصٍ بَيْصٍ، فالْحَيْص: الفرار، والبَوْص: الفَوْت، وحَيْص من بنات الياء، وبَيْص من بنات الواو، فصُيِّرت الواو ياء ليزدوجا. يضرب لمن وقع في أمر لا مَخْلَص له منه فِرار أو فَوْتا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 127 649- تَلَبَدِي تَصِيدِي. التَّلَبُّدُ: اللصوق بالأرض لخَتْل الصيد ومعنى المثل احْتَلْ تتمكن وتظفر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 127 650- تَتابَعِي بَقَرُ. زعموا أن بشر بن أبي خازم الأسدي خرج في سنة أسْنَتَ فيها قومُه وجهدوا فمر بِصُوَار (الصوار - بزنة الكتاب والغراب - القطيع من البقر، والإجل - بكسرة الهمزة وسكون الجيم - القطيع من بقر الوحش) من البقر وإجْلٍ من الأرْوَى فذُعِرَتْ منه فركبت جَبَلاً وَعْراَ ليس له منفذ، فلما نظر إليها قام على شِعْب من الجبل، وأخرج قوسه، وجعل يشير إليها كأنه يرميها، فجعلت تلقى أنفسها فتكسر، وجعل يقول: أَنْتَ الَّذِي تَصْنَعُ مَا لَمْ يُصْنَعِ ... أنْتَ حَطَطْتَ مِنْ ذَرَا مُقَنَّعِ كلَّ شَبُوب لَهِقٍ مُوَلَّعِ وجعل يقول : تتابعي بَقَرُ، تتابعي بَقَرُ حتى تكسَّرت، فخرج إلى قومه، فدعاهم إليها، فأصابوا من اللحم ما انتعشوا به. يضرب عند تتابع الأمر وسُرْعَة مره من كلام أو فعل متتابع يفعله ناس أو خيل أو إبل أو غير ذلك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 127 651- تَنْهَانَا أُمُّنَا عَنْ الْغَيِّ وَتَغْدُو فِيهِ. يضرب لمن يُحْسِنُ القولَ ويسئ الفعل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 127 652- تَطْلُبُ أَثَراً بَعْدَ عَيْنٍ. العَيْن: المعاينة. [ص: 128] يضرب لمن ترك شيئا يَرَاه ثم تبع أثره بعد فوت عينه. قال الباهلي: أولُ من قال ذلك مالك ابن عمرو العاملي، قال: وذلك أن بعض ملوك غَسَّان كان يطلب في عاملَةَ ذَحْلاً، فأخذ منهم رجلين يقال لهما مالك وسِمَاك ابنا عمرو، فاحتبسهما عنده زمانا، ثم دعاهما فقال لهما: إني قاتل أحَدَكما فأيكما أقتل، فجعل كل واحد منهما يقول: اقتلني مكان أخي، فلما رأى ذلك قتل سماكا وخلى سبيل مالك، فقال سِماك حين ظن أنه مقتول: ألا من شَجَتْ ليلة عامدَهْ ... كما أبداً ليلَةٌ واحدَهْ فأبْلِغْ قُضَاعة إن جِئْتَهم ... وخُصَّ سَرَاة بني ساعدة وأبلغ نِزَاراً على نأيها ... بأنَّ الرِّمَاحَ هي الْعَاِئَدْه وأقْسِمُ لو قَتَلُوا مالكا ... لكُنْتُ لهم حَيَّةً رَاصِدَهْ برأس سبيل عَلَى مَرْقَبٍ ... ويوماً على طُرُقٍ وَارِدَهْ فأمَّ سِمَاكٍ فَلاَ تَجْزَعِي ... فَلِلْمَوْتِ مَا تلِدُ الوالده وانصرف مالك إلى قومه، فلبث فيهم زمانا، ثم إن رَكْباً مروا وأحدهم يتغنى بهذا البيت وأقْسِمُ لو قتلوا مالكا ... لكنت لهم حَيَّةً رَاصِدَهْ فسمعت بذلك أم سماك فقالت: يا مالك قبح الله الحياة بعد سماك، اخْرُجْ في الطلب بأخيك، فخرج في الطلب، فلقى قاتل أخيه يسيرُ في ناسٍ من قومه، فقال: من أحَسَّ لي الجمل الأحمر، فقالوا له وعرفوه: يا مالك لك مائة من الإبل فكُفَّ، فقال: لا أطلب أثر بعد عين، فذهبت مثلا، ثم حمل على قاتل أخيه فقتله، وقال في ذلك: يا راكِباً بَلِّغاً ولا تَدَعاً ... بني قُمَيْرٍ وإنْ هُمُ جَزِعُو فَلْيَجِدُوا مثلَ ما وَجَدْتُ فقد ... كُنْتُ حَزِيناً قد مَسَّنِي وَجَعُ لا أسمع اللهوَ في الحديث ولا ... ينفعني في الفِرَاشِ مُضْطَجَعُ لا وَجْدُ ثَكْلَى كما وَجَدْتُ ولا ... وَجْدُ عَجُول أضَلَّها رُبَعُ ولا كبيرٍ أضَلَّ ناقَتَهُ ... يوم تَوَافَى الحَجِيجُ واجْتَمَعُوا ينظر في أوْجِهُ الرِّكاب فلا ... يَعْرِفُ شيئاً والوَجْهُ ملتمع [ص: 129] جَلَّلْتُه صارمَ الحديدة كالـ ... ـملح (كالملح) وفيه سَفَاسِقٌ لُمَعُ بين ضُمَيْرٍ وباب جِلِّقَ في ... أثوايِهِ من دِمَائِهِ دُفَعُ أضْرِبُهُ بادياً نَوَاجِذُه ... يدعو صَدَاه والرأسُ مُنْصَدِعُ بني قُمَير قَتَلْتُ سيدَكم ... فاليومَ لا رَنَّةٌ ولا جَزَعُ فاليوم قُمْنَا على السِّوَاءِ فَإِنْ ... تجرُوا فدهري ودهركم جَذَع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 127 653- تَطَعَّمْ تَطْعَمْ. أي ذُقْ حتى يدعوك طعمُه إلى أكله. يضرب في الحثِّ على الدخول في الأمر: أي ادْخُلْ في أوله يدعوك إلى الدخول في آخره ويرغبك فيه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 129 654- تَوَقّرِي يَازَلِزَةُ. الزَّلَز: القَلَق والحركة. يضرب للمرأة الطَّوَّافة في بيوت الحي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 129 655- تَسْمَعُ بالُمَعْيِديِّ خَيْرٌ مِنْ أنْ تَرَاهُ. ويروى "لأنْ تَسْمَعَ بالمعيدي خير" و "أنْ تَسْمَعَ" ويروى "تسمع بالمعيدي لا أن تراه" والمختار "أن تسمع". يضرب لمن خَبَرُه خَيْرٌ من مَرْآه، ودخل الباء على تقدير: تُحَدَّث به خير. قال المفضل: أولُ مَنْ قال ذلك المنذر ابن ماء السماء، وكان من حديثه أن كُبَيْشَ ابن جابر أخا ضَمْرَة بن جابر من بني نَهْشَل كان عَرَضَ لأمةٍ لزرارة بن عُدُس يقال لها رُشَيَّة كانت سَبِيَّةً أصابها زُرَارة من الرُّفَيْدَات، وهو حي من العرب، فولدت له عمرا وذُؤَيْبا وبُرْغوثا، فمات كُبَيْش. وترعرع الغِلْمَة، فقال لقيط بن زرارة: يا رُشَيَّة مَنْ أبو بَنِيكِ؟ قالت: كُبَيْش بن جابر، قال: فاذهبي بهؤلاء الغِلْمة فغَلِّسِي بهم وجه ضمرة وخَبِّرِيه مَنْ هم، وكان لقيط عدوا لضَمْرة، فانطلقت بهم إلى ضَمْرة فقال: ما هؤلاء؟ قالت: بنو أخيك، فنتزع منها الغِلْمَة، وقال: الْحَقِي بأهلك، فرجعت فأخبرت أهلها بالخبر، فركب زُرَارة وكان رجلا حليما حتى أتى بني نَهْشَل فقال: رُدُّوا على غِلْمتي، فسبّه بنو نهشل، وأهْجَرُوا له، فلها رأى ذلك انصرف، فقال له قومه: ما صنعت؟ قال: خيرا، ما أحْسَنَ مالقيني به قومي، فمكث حولا ثم أتاهم فأعادوا عليه أسْوَأ ما كانوا قالوا له، فانصرف، فقال له قومه: ما صنعت؟ قال: خيرا قد أحْسَنَ بنو عمي وأجملوا، فمكث بذلك سبعَ سنين يأتيهم في كل سنة فيردونه بأسوأ الرد، فبينما بنو [ص: 130] نهشل يسيرون ضُحًى إذ لحق بهم لاحِقٌ فأخبرهم أن زرارة قد مات، فقال ضمرة: يا بني نهشل، إنه قد مات حليم إخوتكم اليوم فاتقوهم بحقهم، ثم قال ضمرة لنسائه: قِفْنَ أقْسِمْ بينكن الثكل، وكانت عنده هند بنت كرب بن صفوان وامرأةٌ يقال لها خُلَيْدَة من بني عجل وسَبِية من عبد القيس وسَبِية من الأزد من بني طَمَثان، وكان لهنَّ أولاد غيرَ خُليدة، فقالت لهند وكانت لها مُصَافية: ولى الثكلَ بنتَ غيرِك، ويروى وَلِّى الثكل بنت غيرك، على سبيل الدعاء، فأرسَلَتْها مثلا، فأخذ ضمرة شِقَّةَ بن ضمرة وأمه هند وشهابَ بن ضمرة وأمه العبدية وعَنْوَة بن ضمرة وأمه الطمثانية، فأرسل بهم إلى لَقيط بن زُرَارة وقال: هؤلاء رُهُن لك بغِلْمَتك حتى أرضيك منهم، فلما وقع بنو ضمرة في يَدَيْ لقيط أساء ولايتهم وجفاهم وأهانهم، فقال في ذلك ضمرة بن جابر: صرمْتُ إخاء شِقَّةَ يوم غَوْلٍ ... وإخْوَته فلا حَلّتْ حِلالى كأني إذ رَهَنْتُ بنيَّ قَوْمِي ... دفعتهمُ إلى الصُّهْبِ السِّبَالِ ولم أرْهَنْهُمُ بدمٍ، ولكن ... رهنتهمُ بصُلْحٍ أو بمالِ صرمْتُ إخاء شقة يوم غَوْلٍ ... وحق إخاء شقَّةَ بالْوِصَالِ فأجابه لقيط: أبا قَطَن إنّي أراكَ حزيناً ... وإن العَجُولَ لا تبالي حنينا أفِي أنْ صَبَرتُم نصفَ عامٍ لحقنا ... ونحنُ صبرنا قَبْلُ سَبْعَ سنينا فقال ضمرة [بن جابر] : لعمرك إنني وطِلاَب حُبَّي ... وترك بنيّ في الشُّرَطِ الأعادي لَمِنْ نَوْكَى الشيوخ وكَانَ مثلي ... إذا ما ضَلَّ لم يُنْعَشْ بهاد ثم إن بني نَهْشَل طلبوا إلى المنذر بن ماء السماء أن يطلبهم من لَقيط، فقال لهم المنذر: نَحُّوا عني وجوهكم، ثم أمر بخمرٍ وطعام ودعا لقيطا فأكلا وشربا، حتى إذا أخذت الخمر منهما قال المنذر للقيط: يا خير الفتيان، ما تقول في رجل اختارَكَ الليلَةَ على نَدَامى مُضَرَ؟ قال: وما أقول فيه؟ قال: إنه لا يسألني شيئاً إلا أعطيته إياه غير الغِلْمة، قال المنذر: أما إذا استثنيت فلستُ قابلا منك شيئاً حتى تعطيني كلَّ شيء سألتك، قال: فذلك لك، قال: فإني أسألك الغلمة أن تَهَبهم لي، قال: سَلْني غيرَهم، قال: ما أسألك غيرهم، فأرسل لقيط إليهم فدفَعهم [ص: 131] إلى المنذر، فلما أصبح لقيط لامه قومُه، فندم فقال في المنذر: إنك لو غَطَّيْتَ أَرْجَاء هوة ... مُغَمَّسة لا يُسْتَثَار تُرَابُهَا بِثَوْبِكَ في الظلماء ثم دَعَوْتَنِي ... لجئْتُ إليها سَادِراً لا أَهابُهَا فأصْبَحْتُ مَوْجُوداً على مُلَوَّماً ... كأنْ نُضِيَتْ عن حائض لي ثيَابُهَا قال: فأرسل المنذر إلى الغِلْمة وقد مات ضَمْرة وكان صديقاً للمنذر، فلما دخل عليه الغِلْمة وكان يسمع بِشِقَّةَ ويعجبه ما يبلغه عنه فلما رآه قال : تَسْمَعُ بالمعيدِيِّ خَيْرٌ من أن تراه، فأرسلها مثلا، قال شقة: أَبَيْتَ اللعن وأسعدك إلهُكَ إن القوم ليْسُوا بِجُزْرٍ، يعني الشاء، وإنما يعيش الرجلُ بأصْغَرَيْهِ لسانِهِ وقلبه، فأعجب المنذر كلامه، وسره كل مارأى منه، قال: فسماه ضَمْرة باسم أبيه، فهو ضَمْرة بن ضمرة، وذهب قوله "يعيش الرجل بأصغريه" مثلا، وينشد على هذا: ظننت به خَيْراً فقصَّرَ دونه ... فيارُبَّ مظنونٍ به الخيرُ يُخْلِفُ قلت: وقريبٌ من هذا ما يُحْكَى أن الحجاج أرسل إلى عبد الملك بن مروان بكتاب مع رجل، فجعل عبد الملك يقرأ الكتاب ثم يسأل الرجل فيَشْفِيه بجواب ما يسأله، فيرفع عبد الملك رأسه إليه فيراه أَسْوَدَ، فلما أعجبه ظَرْفه وبيانه قال متمثلاً: فإن عَرَارً إن يكُنْ غَيْرَ وَاضِحٍ ... فإني أُحِبُّ الْجَوْنَ ذَا الْمَنكِبِ الْعَمَمْ فقال له الرجل: يا أمير المؤمنين هل تدري مَنْ عَرَار؟ أنا والله عرار بن عمرو بن شأس الأسدي الشاعر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 129 656- تَبَاعَدَتِ العَمَّةُ مِنَ الْخَالَةِ. وذلك أن العمة خيرٌ للولد من الخالة، يقال في المثل: أتيت خالاتي فأضْحَكْنَني وأفرحنني، وأتيت عماتي فأبكينني وأحزنني، وقد مر هذا في قولهم "أَمْرَ مُبكياتك لا أمر مضحكاتك". يضرب في التباعد بين الشيئين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 131 657- تَرَكْتُهُ تُغَنِّيهِ الْجَرَادَتَانِ. يضرب لمن كان لاهياً في نعمة ودَعَة. والجرادتان: قَيْنَتَا معاوية بن بكر أَحَدِ العماليق، وإن عادا لما كَذَّبُوا هوداً عليه السلام توالَتْ عليهم ثلاثُ سنوات لم يروا فيها مطراً، فبعثوا من قومهم وَفْداً إلى مكة ليستسقوا لهم، ورأسوا عليهم قَيْلَ بن عنق ولُقَيْم بن هزال ولقمان بن عاد، وكان أهل مكة إذ ذاك العماليق وهم بني عَمْلِيق بن لاوذ بن سام، وكان سيدهم بمكة معاوية بن [ص: 132] بكر، فلما قدموا نَزَلُوا عليه، لأنهم كانوا أَخْوَالَه وأصهاره، فأقاموا عنده شهراً، وكان يكرمهم والجرادتان تغنيانهم، فَنَسُوا قومهم شهراً، فقال معاوية: هَلَكَ أخوالي، ولو قلت لهؤلاء شيئاً ظنوا بي بخلا، فقال شعراً وألقاه إلى الجرادتين فأنشدتاه وهو: ألا يا قَيْلُ وَيْحَكَ قم فَهَيْنِمْ ... لعلَّ الله يَبْعَثُها غَمَاما فَيَسْقِيَ أرضَ عادٍ إِنَّ عادا ... قَدَ امْسَوْا لا يُبِينُونَ الكلاما من العَطَش الشديدِ فليس تَرْجُو ... لها الشيخَ الكبيرَ ولا الغُلاَما وقد كانت نساؤُهُم بخيرٍ ... فقد أَمْسَتْ نساؤهم أيامَى وإن الوحش يأتِيهِمْ جهَاراً ... ولا يَخْشَى لعادِىٍّ سِهَاما وأنتم ههُناَ فيما اشتهيتم ... نهارَكُمُ وليلكم التماما فقبح وَفْدُكم من وفد قومٍ ... ولا لُقُّوا التحيةَ والسلاما فلما غنتهم الجرادتان بهذا قال بعضهم لبعض: يا قوم إنما بعثكم قومُكم يتغوَّثون بكم، فقاموا لِيَدْعُوا، وتخلف لقمان، وكانوا إذا دعوا جاءهم نِدَاء من السماء: أَنْ سَلُوا ما شئتم فتعطون ما سألتم، فدعوا ربهم، واستسقوا لقومهم، فأنشأ الله لهم ثلاثَ سحاباتٍ بيضاء وحمراء وسوداء، ثم نادى مناد من السماء: يا قَيْلُ اخْتَرْ لقومك ولنفسك واحدة من هذه السحائب، فقال: أما البيضاء فجفل، وأما الحمراء فعارض، وأما السوداء فهطلة وهي أكثرها ماء، فاختارها، فنادى منادٍ: قد اخترت لقومك رماداً رمداً، لا تبقى من عاد أحداً، لا والداً ولا ولداً، قال: وسير الله السحابة التي اختارها قَيْلٌ إلى عاد، ونودي لقمان: سل، فسأل عُمْرَ ثلاثة أَنْسُرٍ، فأعطى ذلك، وكان يأخذ فَرْخَ النسر من وَكْره، فلا يزال عنده حتى يموت، وكان آخرها لُبَد، وهو الذي يقول فيه النابغة: أَضْحَتْ خَلاَء وأَضْحَى أهلُها احْتَلَمُوا ... أخْنَى عليها الذي أخْنَى على لُبَدِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 131 658- تُبَشِّرُنِي بِغُلاَمِ أَعْيَا أَبُوهُ. وذلك أن رجلا بُشِّرَ بولد ابن له، وكان أبوه يَعُقُّه، فقال هذا، قال الشاعر: تَرْجُو الوليدَ وقد أعياكَ والدُه ... وما رَجَاؤُكَ بعدَ الوالِدِ الوَلَدا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 132 659- تَرَكْتُهُ يَصْرِفُ عَلَيْكَ نَابَهُ. يُضْرب لمن يغتاظ عليك، ومثله "تركته يحرّق عَلَيْك الأرَّمَ" الجزء: 1 ¦ الصفحة: 132 660- تَعْساً لِلْيَدَيْنِ وَلِلْفَمِ. كلمة يقولها الشامت بعَدُوه، يقال: تَعِسَ يَتْعَسُ تَعْساً إذا عثر، وأتعسه الله، و "لليدين" معناه على اليدين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 133 661- تَرَكْتُهُ يَفُتُّ اليَرْمَعَ. يقال للحصا البيض: يَرْمَع، وهي حجارة فيها رَخَاوة، يجعل الصبيان منها الخَذَارِيفَ. يضرب للمغموم المنكسر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 133 662- تَرِبَتْ يَدَاكَ. قال أبو عُبَيد: يقال للرجل إذا قل ماله "قد تَرِبَ" أي افتقر حتى لَصِق بالتراب، وهذه كلمة جارية على ألسنة العرب يقولونها ولا يريدون وقوع الأمر، ألا تراهم يقولون: لا أَرْضَ لك، ولا أُمَّ لك، ويعلمون أن له أرضاً وأماً، قال المبرد: سمع أعرابي في سنة قَحْط بمكة يقول: قد كُنْتَ تَسْقِيَنا فما بَدَا لَكَا ... رَبَّ العباد ما لَنَا ما لَكَا أنزل علينا الغيث لا أبا لكا ... قال: فسمعه سليمان بنُ عبد الملك فقال: أشهد أنه لا أبا له ولا أم ولا ولد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 133 663- تأْبَى لَهُ ذَلِكَ بَنَاتُ أَلْبُبِي. قالوا: أصل هذا أن رجلا تزوج امرأة وله أُمّ كبيرة، فقالت المرأة للزوج: لا أنا ولا أنت حتى تُخْرِجَ هذه العجوز عنا، فلما أكثَرَتْ عليه احتملها على عُنقه ليلا، ثم أتى بها وادياً كثير السباع فرمى بها فيه. ثم تنكر لها، فمرَّ بها وهي تبكي، فقال: ما يبكيك با عجوز؟ قالت: طَرَحَنِي ابني ههنا وذهب وأنا أخاف أن يفترسه الأسد، فقال لها: تبكين له وقد فعل بك ما فعل؟ هلا تدعين عليه، قالت: تأبى له ذلك بَنَاتُ أُلْبُبي. قالوا: بناتُ ألْبُب عُرُوقٌ في القلب تكون منها الرِّقَّة، قال الكُمَيْت: إليكم ذَوِى آلِ النَّبِيِّ تطَلَّعْت ... نَوَازُع من قلبي ظماءٌ وألْبُب والقياس ألُبٌّ، فأظهر التضعيف ضرورة. يضرب في الرقة لذوي الرحم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 133 664- اتَّقَى بِسَلْحِه سَمُرَةُ. أصل ذلك أن رجلا أراد أن يضرب غلاماً له يسمى سَمُرة، فسلَح الغلام، فترك سيدُه ضربَه، فضُرِبَ به المثل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 133 665- اتَّقِ الصِّبْيَانَ لاَ تُصِبْكَ بأَعْقَائِهَا. الأعقاء: جمع العِقْي، وهو ما يخرج من بطن المولود حين يولد. [ص: 134] يضرب للرجل تُحَذِّره من تكره له مصاحبته، أي جَانِبِ المريبَ المتَّهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 133 666- اتَّقِ خَيْرَهَا بِشَرِّهَا وَشَرَّهَا بِخَيْرِهَا. الهاء ترجع إلى اللُّقَطَة والضالَّة يجدها الرجل، يقول: دَعْ خيرها بسبب شرها الذي يَعْقُبها وقابل شرها بخيرها تجدْ شرَّها زائداً على الخير، وهذا حديث، يروى عن ابن عباس رضى الله عنهما. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 134 667- تَرَكْتُهُ يُقَاسُ بالْجِذَاعِ. يضرب للرجل المُسِنّ: أي هو شاب في عقله وجسنه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 134 668- تَقْفِزُ الْجِعِثنَ بِي يا مُرَّ زِدْهَا قَعْباً. الْجِعثِن: أصلُ الصِّلِّيان، ومُرَّ: ترخيم مرة، وهو اسم لغلامه، وذلك أن رجلا كان له فرس وكان يَصْبِحُهَا قَعْبا ويَغْبقُها قَعْباً، فلما رآها تقفز الْجَذَاميرَ - وهي أصولُ الشجر - قال: لغلامه: يا مُرِّ زِدْها قعباً. يضرب لمن يستحقُّ أكثَرَ مما يعطَى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 134 669- تَقْدِيمُ الْحُرَمِ مِنَ النَّعَمِ. يَعْنُون البناتِ، وهذا كقولهم "دَفْنُ البنات منَ المَكْرُمَات". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 134 670- أَتْبِعِ الفَرَسَ لِجَامَها والنَّاقَةَ زِمَامَهَا. قال أبو عبيد: أرى معناه أنك قد جُدْتَ بالفرس واللجامُ أيسرُ خَطْباً فأتِمَّ الحاجة، لما أن الفرس لا غِنَى به عن اللجام، وكان المفضَّلُ يذكر أن المثَلَ لعمرو بن ثعلبة الكلبي أخي عَدِيٍّ بن جناب الكلبي، وكان ضِرار (في نسخة "خوار بن عمرو") ابن عمرو الضبي أغار عليهم فسَبَى يومئذ سَلْمَى بنت وائل الصائغ، وكانت يومئذٍ أمةً لعمرو بن ثعلبة، وهي أم النعمان بن المنذر فمضى بها ضِرار مع ما غنم، فأدركه عمرو ابن ثعلبة، وكان له صديقا، فقال: أنشدك الإخاء والمودة إلا رَدَدْتَ عَلَيَّ أهلي، فجعل يرد شيئا شيئا، حتى بقيت سَلْمَى وكانت قد أعجبت ضرارا، فأبى أن يردها، فقال عمرو: يا ضرار أَتْبِعِ الفرسَ لجامها، فأرسلها مثلا. وقال غيره: أصلُ هذا أن ضرار بن عمرو قاد ضَبَّة إلى الشام، فأغار على كلب بن وَبْرة، فأصاب فيهم وغنم وسَبَى الذَّرارى، فكانت في السبي الرائعة قَيْنَة كانت لعمرو ابن ثعلبة وبنت لها يقال لها سَلْمَى بنت عطية ابن وائل، فسار ضِرار بالغنائم والسبي إلى [ص: 135] أرض نجد، وقدم عمرو بن ثعلبة على قومه ولم يكن شَهِدَ غارةَ ضرارٍ عليهم، فقيل له: إن ضرار بن عمرو أغار على الحي فأخذ أموالهم وذَرَاريهم، فطلب عمرو بن ثعلبة ضرارا وبني ضبة فلَحِقهم قبل أن يَصِلُوا إلى أرض نجد، فقال عمرو بن ثعلبة لضرار: رُدَّ علي مالي وأهلي، فرد عليه ماله وأهله، ثم قال: رُدَّ علي قَيْناتي، فرد عليه قينته الرائعة، وحبس ابنتها سلمى، فقال له عمرو: يا أبا قَبيصة أتبع الفرسَ لجامها، فأرسلها مثلا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 134 671- اتَّخَذَ اللَّيْلَ جَمَلاً. يضرب لمن يَعْمَل العملَ بالليل من قراءة أو صلاة أو غيرهما مما يركب فيه الليل. وقال بعض الكتاب في رجل فات بمال، وطوى المراحل : اتخذ الليل جَملا، وفات بالمال كَمَلا، وعَبَر الوادي عَجِلا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 135 672- تَرَكْتُهُ بِمَلاَحِسِ البَقَرِ أَوْلاَدَهَا. أي بحيث تَلْحَسُ البقرُ أولادَهَا، يعني بالمكان القَفْرِ، ويروى "بمباحث البقر" يقال: معناهما تركته بحيث لا يدري أين هو. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 135 673- اتَّخَذُوهُ حِمَارَ الحَاجَاتِ. يضرب للذي يمتهن في الأمور. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 135 674- تَرَكْتُهُ جَوْفَ حِمَارِ. قال الأصمعي: معناه لا خير فيه ولا شيء ينتفع به. وذلك أن جَوْف الحمار لا ينتفع منه بشيء، وقال ابن الكلبي: حمار رجل من العمالقة، وجَوْفُه: وَادِيه. قلت: وقد أوردت ذكره في قولهم "أكفر من حمار" في باب الكاف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 135 675- تَطْلُبُ ضَبَّاً وَهَذَا ضَبٌّ بَادٍ رَأسُهُ؟ ويروى "مُخْرِجٌ رأسَه" قال عطاء ابن مصعب: زعموا أن رجلين وَتَرا رجلا وكل واحد منهما يسمى ضبا، فكان الرجل يتهدَّد النائي عنه ويترك المقيم معه جُبْنا، فقيل له: تطلب ضبا يعني الغائب وهذا ضب بادٍ رأسُه يعني الحاضر. يضرب لمن يجبن عن طلب ثأره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 135 676- تَفْرَقُ مِنْ صَوْتِ الغُرَابِ وتَفْرِسُ الأسَدَ المُشَتَّمَ. ويروى "المُشَتَّم" من الشِّبَام وهي خَشَبة تعرض في فم الجَدْي لئلا يرضف أمه، ويعني ههنا الأسد الذي قد شدُّوا فاه، ومن روى "المشَتَّمَ" جعله من شَتَامة الوجه. وأصلُ المثل أن امرأة افترست أسدا ثم سمعت صوت غراب ففزغت منه. [ص: 136] يضرب لمن يخاف الشيء الحقير ويُقْدِم على الشيء الخطير. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 135 677- تَقِيسُ المَلاَئِكَةَ إِلَى الحَدَّادِينَ. قال المفضل: يقال إن أصل هذا المثل أنه لما نزلت هذه الآية {عليها تسعة عشر} قال رجل من كفار مكة من قريش من بني جُمَح يُكَنْى أبا الأشدّين: أنا أكفيكم سَبْعَة عشر، واكفوني اثنين، فقال رجل سمع كلامه : تَقِيسُ الملائكة إلى الحدادين، والحد: المَنْعُ والسجن، والحدادون: السجانون، ويقال لكل مانعٍ: حَدَّاد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 136 678- تِلْكَ أَرْضٌ لاَ تقُضُّ بِضْعَتُها. ويروى "لاتَنْعَفِر بِضْعَتها" أي لكثرة عُشْبها لم وقعت بِضْعَة لحمٍ على الأرض لم يُصِبها قَضَض، وهي الحصى الصغار. يضرب للجَنَاب المُخْصِب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 136 679- تَحْمِل عِضَةٌ جَنَاهَا. أصل ذلك أن رجلا كانت له امرأة، وكانت لها ضَرَّة، فعمدت الضرة إلى قَدَحَيْن مشتبهين فجعلت في أحدهما سَوِيقا وفي الآخر سما، ووضعت قَدَحَ السويق عند رأسها والقدحَ المسمومَ عند رأس ضرتها لتشربه، ففطنت الضرة لذلك، فلما نامت حَوَّلت القدحَ المسمومَ إليها، ورفعت قدحَ السويق إلى نفسها، فلما انتبهت أخذت قدحَ السم على أنه السويق فشربته، فماتت، فقيل : تحمل عِضَة جَنَاها. الجنى: الحمل، والعِضَة: واحدة العِضَاه وهي الأشجار ذواتُ الشَّوْك، يعني أن كل شجرة تحمل ثمرتها، وهذا مثل قولهم "مَنْ حَفَرَ مَهْوَاةً وَقع فيها". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 136 680- تَطأْطَأْ لَهَا تُخْطِئْك. الهاء للحادثة، يقول: اخْفِضْ رأسك لها تُجَاوِزك، وهذا كقولهم "دع الشرّ يَعْبُر". يضرب في ترك التعرض للشر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 136 681- التَّقَدُّمُ قَبْلَ التَّنَدُّمِ. هذا مثل قولهم "المُحَاجرة قبل المناجزة". يضرب في لقائك مَنْ لا قوام لك به. أي تقدّم إلى ما في ضميرك قبل تندّمك، وقال الذي قَتَل محمدَ بن طلحة بن عبيد الله يوم الجَمَل: وأشْعَثَ قوَّام بآياتِ ربه ... قليل الأذى فيما تَرَى العين مُسْلِمِ يذكِّرُنِي حَامِيَم والرمحُ شاجر ... فهلا تَلاَحاميمَ قبل التَّنَدم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 136 682- التَّجَرُّدُ لِغَيْرِ النِّكَاحِ مُثْلَةٌ. قالته رَقَاشِ بنتُ عمرو لزوجها حين [ص: 137] قال لها: اخْلَعِي دِرْعَكِ لأنظر إليك، وهي التي قالت أيضاً: خَلْعُ الدرع بيد الزوج، فأرسلتهما مثلين. يضرب في الأمر بِوَضْعِ الشيء موضعه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 136 683- التَّمْرَةُ إِلَى التَّمْرَةِ تَمْرٌ. هذا من قول أُحَيْحَة بن الجُلاَح، وذلك أنه دخل حائطا له فرأى تمرةً ساقطة، فتناولها فعُوتِب في ذلك، فقال هذا القول، والتقدير: التمرة مَضْمومة إلى التمرة تمر، يريد أن ضم الآحاد يؤدي إلى الجمع، وذلك أن التمر جنس يدل على الكثرة. يضرب في استصلاح المال. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 137 684- التَّمْرُ فِي البِئْرِ، وَعَلَى ظَهْرِ الجَمَلِ. أصل ذلك أن مناديا فيما زعموا كان في الجاهلية يكون على أُطُمٍ من آطام المدينة حين يُدْرِكُ البُسْرُ، فينادي: التمر في البئر، أي مَنْ سَقَى وجَدَ عاقبة سقيه في تمره، وهذا قريب من قولهم " عند الصَّبَاح يَحْمدُ القومُ السُّرَى". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 137 685- تَرَى الفِتْيَانَ كالنَّخْلِ ومَا يدْرِيكَ مَا الدَّخْلُ. الدَّخْل: العَيْبُ الباطن. يضرب لِذِي المَنْظَر لا خَيْر عنده. قال المفضل: أولُ من قال ذلك عَثْمَة بنت مَطْرودٍ البُجَيْلِيَّة، وكانت ذاتَ عقلٍ ورأى مستمع في قومها، وكانت لها أخت يقال لها خود، وكانت ذات جَمَال ومِيسَم وعَقْل، وأن سبعة إخوة غلمة من بطن الأزْد خطَبوا خودا إلى أبيها، فأتوه وعليهم الحُلَل اليمانية، وتحتهم النَّجَائِبُ الفُرَّهُ، فقالوا: نحن بنو مالك بن غُفَيْلة ذي النحيين فقال لهم: انزلوا على الماء، فنزلوا ليلَتَهم ثم أصبحوا غادِينَ في الحُلَل والهَيْأة ومعهم رَبِيبة لهم يقال لها الشعثاء كاهنة، فمروا بوَصِيدها يتعرَّضُون لها وكلهم وَسِيم جميل، وخرج أبوها فجلسوا إليه فرحَّب بهم، فقالوا: بلغنا أن لك بنتا ونحن كما ترى شَبَاب، وكلنا يَمْنَع الجانب، وبمنح الراغب، فقال أبوها: كلكم خِيار فأقيموا نَرَى رأينا، ثم دخل على ابنته فقال: ما ترين فقد أتاك هؤلاء القوم؟ فقالت أنْكِحْني على قَدْري، ولا تُشْطِط في مَهْري، فإن تُخْطِئني أحلامهم، لا تخطئني أجسامهم، لعي أصيب ولدا، وأكثر عَدَدا، فخرج أبوها فقال: أخبروني عن أفضلكم، قالت ربيبتهم الشعثاء الكاهنة: اسمع أخبرك عنهم، هم إخوة، وكلهم أسْوَة، أما الكبير فمالك، جريء فاتك، يتعب السَّنَابك، ويستصغر [ص: 138] المَهَالك، وأما الذي يليه فالغَمْر، بحر غَمْر، يقصر دونه الفَخْر، نَهْد صَقْر، وأما الذي يليه فعَلْقَمَة، صليب المَعْجَمَة، مَنِيع المشتمة، قليل الجمجمة، وأما الذي يليه فعاصم، سَيِّدٌ ناعم، جَلْد صارم، أبيٌّ حازم، جيشُه غانم، وجاره سالم، وأما الذي يليه فثَوَاب، سريع الجَوَاب، عَتيد الصَّوَاب، كريم النِّصَاب، كلَيْث الغاب، وأما الذي يليه فَمُدْرِك، بَذْول لما يَمْلك، عَزُوب عما يترك، يُفْنِى ويُهْلِك، وأما الذي يليه فجَنْدَل، لقِرْنه مُجَدّل، مقل لما يَحْمِل، يُعْطي ويَبْذُل، وعن عدوه لا يَنْكُل، فشاورت أختها فهيم، فقالت أختها عَثْمَة ُ: ترى الفِتيان كالنخل وما يدريك ما الدَّخْل، اسمعي مني كلمة، إن شرّض الغريبة يُعْلَن، وخيرها يُدْفَن، انكِحِي في قومك ولا تغررك الأجسام، فلم تقبل منها، وبعثت إلى أبيها أنكِحْنِي مدركا، فأنكحها أبوها على مائة ناقة ورُعَاتها، وحَمَلَها مدرك، فلم تَلْبث عنده إلا قليلا حتى صَبَّحهم فوارسُ من بني مالك بن كنانة، فاقتتلوا ساعة ثم إن زوجها وإخوته وبني عامر انكَشَفُوا فَسَبَوْهَا فيمن سَبَوْا، فبينا هي تسير بكَتْ، فقالوا: ما يبكيك؟ أعلى فراق زوجك؟ قالت: قَبَّحه الله! قالوا: لقد كان جميلا، قالت: قبح الله جمالا لا نَفْع معه، إنما أبكي على عصياني أختي وقولها "ترى الفيان كالنخل وما يدريك ما الدخل" وأخبرتهم كيف خطبوها، فقال لها رجل منهم يكنى أبا نُوَاس شاب أسود أَفْوَهُ مضطرب الخلق: أَتَرْضَيْنَ بي على أن أمنعك من ذئاب العرب، فقالت لأصحابه: أكذلك هو؟ قالوا: نعم إنه مع ما تَرَيْنَ ليَمْنَعُ الحَلِيلة، وتَتَّقِيه القبيلة، قالت: هذا أجمل جمال، وأكمل كمال، قد رضيت به، فزوجوها منه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 137 686- التّمْرُ بالسَّوِيقِ. مثل حكاه أبو الحسن اللحيانيّ. يضرب في المكافأة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 138 687- تَلَمَّسْ أَعْشَاشَكَ. يضرب لمن يلتمس التجنّي والعلل، ومعناه تلمس التنجي والعلل في ذويك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 138 688- اتْرُكِ الشَّرَّ يَتْرُكْكَ. أي إنما يصيب الشرّ مَنْ تعرض له. زعموا أن لقمان الحكيم قال لابنه: اتْرُكِ الشر كما يتركَك، أراد كيما يتركك، فحذف الياء (الياء أي التي في "كيما" فصارت "كما" وأعملها: أي نصب بها) وأعملها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 138 689- تَرَهْيَأَ القَوْمُ. قال الأصمعي: وذلك أن يضرب عليهم الرأيُ فيقولون مرة كذا ومرة كذا، ويروى "قد تَرَهْيَأَ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 139 690- تَعِسَتِ العَجَلَةُ. أول من قال هذا فِنْدٌ مولَى عائشةَ بنتِ سعد بن أبي وقاص، وكان أحد المغنين المجيدين، وكان يجمع بين الرجال والنساء، وله يقول ابن قَيْس الرُّقَيَّات: قل لِفنْدٍ يُشَيِّع الأظْعَانا ... طالما سَرَّ عَيْشَنَا وكَفَانا وكانت عائشة أرسَلَتْه يأتيها بنار، فوجد قوماً يخرجون إلى مصر، فخرج معهم فأقام بها سنةً، ثم قدم فأخذ ناراً وجاء يَعْدُو فعثَرَ وتبدَّد الجمر، فقال : تعست العجلة! وفيه يقول الشاعر: ما رأينا لغُرَابٍ مثَلاَ ... إذ بَعَثْنَاه يَجِى بالمشملة غَيْرَ فِنْدٍ أرسلوه قَابِساً ... فَثَوَى حَوْلا وَسَبَّ العَجَلَهْ المشملة: كساء تجمع فيه المقدحة بآلاتها وقال بعضهم الرواية "المشملة" بفتح الميم وهي مَهَبُّ الشمال، يعني الجانب الذي بعث نوح عليه السلام الغراب إليه ليأتيه بخبر الأرض أَجَفَّتْ أم لا؟ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 139 691- تَهْوِي الدَّوَاهِي حَوْلَهُ وَيَسْلَمُ. يضرب لمن يخلَّص من مكروه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 139 692- تَغَدَّ بالْجَدْيِ قَبْلَ أَنْ يَتَعَشَّى بِكَ. يضرب في أخذ الأمر بالحزم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 139 693- تَعَلَّلَ بِيَدَيْهِ تَعَلُّلَ البَكْرِ. وذلك أنه إذا شُدَّ بعِقال تعلَّل به، ليحلَّه بفمه. يضرب لمن يتعلل بما لا مُتَعَلَّلَ بمثله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 139 694- التّقِيُّ مُلْجَمٌ. أي كأن له لجاماً يمنعه من العُدُول عن سَنَن الحق قولا وفعلا، وهذا من كلام عمر ابن عبد العزيز رحمه الله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 139 695- التَّجَلُّدَ وَلاَ التَّبَلُّدَ. يعني أن التجلد يُنْجيك من الأمر، لا التبلد، ونصب التجلد على معنى الزم التجلد ولا تلزم التبلد، ويجوز الرفع على تقدير: حقُّك أو شأنُكَ التجلدُ، وهذا من قول أوس بن حارثة، قاله لابنه مالك، فقال: يا مالك التجلد ولا التبلد، والمَنِيَّة ولا الدَّنية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 139 696- تُخْرِجُ الْمِقْدَحَةُ ما في قَعْرِ البُرْمَةِ. هذا مثل تبتذله العامة، وقد أورده أبو عمرو في كتابه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 140 697- تَرَكْتُهُ يَتَقَمُّعُ. القَمَع: الذبابُ (في كتب اللغة "القعمة - بالتحريك - ذباب يركب الإبل والظباء إذا اشتد الحر") الأزرق العظيم، ومعنى يتقمع يَذُبُّ الذباب من فَرضاغه كما يتقمع الحمار، وهو أن يحرك رأسه ليذهب الذباب، قال أَوْس بن حَجَر: ألم تر أن الله أَنْزَلَ مُزْنَةً ... وَعُفْرُ الظباءِ في الكِنَاسِ تَقَمَّعُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 140 698- تَكَلَّمَ فَجَمَعَ بَيْنَ الأَرْوَى وَالنَّعَامِ. إذا تكلم بكلمتين مختلفتين، لأن الأرْوَى تسكن شَغَفَ الجبال، وهي شاء الوحش، والنعام تسكن الفَيَافي، فلا يجتمعان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 140 699- تَرَكَ ما يَسُوءُهُ وَيَنُوءُهُ. إذا ترك للوَرَثة مالَه، قيل: كان المحبوبي ذا يَسَار، فلما حضرته الوفاة أراد أن يوصي، فقيل له: ما نكتب؟ فقال: اكتبوا ترك فلان - يعني نفسه - ما يسوءه وينوءه، مالاً يأكله وَرَثته ويبقى عليه وزره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 140 700- تَبَدَّدَ بِلَحْمِكَ الطيْرُ. يقال هذا عند الدعاء على الإنسان، وقال رجل لامرأته: أَزُحْنَةُ عني تطردين، تَبَدَّدَتْ ... بلَحْمِكِ طيرٌ طِرْن كُلَّ مَطِيِر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 140 701- تَرَكْتُهُ مُحْرَنْبِئاً لِيَنْبَاقَ. الاحرنباء: الازبئرار، ويقال: المحرنبئ المضمِر لداهية في نفسه، والانبياقُ: الهجومُ على الشيء، أي تركته يضمر داهيةً لينفتق عليهم بشر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 140 702- تِيسِي جَعَارِ. قال الليث: إذا استكذبت العربُ الرجل تقول : تيسي جَعَارِ، أي كذبتَ، ولم يعرف أصل هذه الكلمة، قال: والتيسُ جبلٌ باليمن، ويقال: فلان يتكلم بالتيسية، أي بكلام أهل ذلك الجبل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 140 703- تَعَلُّقَ الْحَجْنِ بأَرْفَاغِ العَنْسِ. الحَجْنُ: تخفيفُ الحَجِنِ، وهو الصبي السيء الغِذاء، يقال: حَجِنَ حَجَناً، ويراد به القُرَاد ههنا، وأرفاغ العنس: بواطن فخذيها وأصولهما. يضرب لمن يَلْصَقُ بك حتى ينال بِغيْتَه ونصب "تعلق" على المصدر، أي تعلَّقَ بي تعلُّقَ، والعَنْس: الناقة الصُّلبة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 140 704- تِبْعُ ضِلَّةٍ. ويروى "صِلَّة" بالصاد غيرِ المعجمة، فالتِّبْع: الذي يتبع النساء، والضِّلة: الذي لا خير فيه فهو لا يهتدي إلى غير الشر، ومن روى بالصاد جعله كالحية الصل، وأراد به الدهاء، كما يقال "صِلُّ أَصْلاَلٍ" وأدخل الهاء مبالغة، ومن روى بالضاد المعجمة فإنما كسر الضاد إتباعاً لقوله تِبْع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 141 705- اتَّقِ اللهَ فِي جَنْبِ أَخِيكَ، ولا تَقْدَحْ في سَاقِهِ. أي لا تقتله ولا تَغْتَبه، يقال: قَدَحَ في ساقه، إذا عابه، وقوله " في جنب أخيك" أراد في أمر أخيك، ومنه قوله تعالى: {مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ الله} أي أمره، وقال ابن عرفة: أي فيما تركت في أمر الله، يقال: ما فعلتَ في جَنْبِ حاجتي. قال كُثَير: ألا تتقين الله في جَنْبِ عاشِقٍ ... له كَبدٌ حَرَّى عَلَيْكِ تَقَطَّعُ وقال الفراء: في جنب الله أي في قربه وجواره. قال الشاعر: خَلِيليَّ كُفَّا واذْكُرَا الله فِي جَنْبِي ... أي في أمري بأن تَدَعَا الوقيعة فيّ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 141 706- تَرَكْتُ جَرَاداً كَأَنَّهُ نعَامَةٌ جَاثِمَةٌ. جَرَاد: موضع، أراد كثرة عُشْبه، واعْتِمامَ نبته. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 141 707- تَرَكْنَا البِلاَدَ تُحَدِّثُ. هذا يجوز أن يراد به الخِصْبُ وكثرة أصوات الذئاب، ويجوز أن يراد به القَفَار التي لا أنيس بها، ولا يسكنها غير الجن، كقول ذي الرمة: لِلْجِنِّ باللَّيْلِ في حَافَاتِهَا زَجَلٌ ... كما تجاوَبَ يومَ الريحِ عَيْشُومُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 141 708- أَتْرَبَ فَنَدَحَ. الإتْرَابُ: الاستغناء حتى يصير مالُه مثلَ التراب كثرة، ونَدَحَ يَنْدَحُ نَدْحاً: إذا وسع. يضرب لمن غني فوسَّع عليه عيشَه وبَذَّر ماله مُسْرِفا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 141 709- تَسْأَلُنِي أُمُّ الْخِيَارِ جَمَلاَ ... يَمْشِي رُوَيْداً وَيَكُونُ أَوَّلاَ يضرب في طَلَب ما يتعذر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 141 710- تَغَفَّرتْ أَرْوَى وَسِيمَاهَا البَدَنُ. تغفرت: أي تشبهت بالغُفْر، وهو ولد الأرْوِيَّة. والبَدَن: المُسِنّ من الوُعُول، أي [ص: 141] منظرها منظر الوُعُول المَسَان، وهي تظهر أنها غُفْر حَدَث. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 141 711- تَهْيِيفُ بَطْنٍ شَيَّنَ الدَّرِيسُ. التَّهْييف: التَّضْمير، يقال: رجل أَهْيَفُ إذا كان ضامرَ البطنِ، وذلك محمود، والتشيين: تفعيلٌ من الشَّيْنِ وهو العَيْب. والدَّرِيسُ: الثوبُ الْخَلَقُ. وقوله "شين" يريد شيَّنه فحذف المفعول. يضرب لمن له فَضْل وبَرَاعة يسترهما سوءُ حالِه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 141 712- تَجْمَعِيَن خِلاَبَةً وَصُدُوداً. يضرب لمن يجمع بين خَصْلَتَيْ شَرٍّ. قالوا: هو من قول جرير بن عطية، وذلك أن الحجاج بن يوسف أراد قتله، فمشت إليه مُضَرُ فقالوا: أصلح الله الأمير! لسانُ مضر وشاعرُها، هَبْه لنا، فوهَبه لهم، وكانت هند بنت أسماء بن خارجة ممن طلب فيه، فقالت للحجاج: ائذن لي فأسْمَعَ من قوله، قال: نعم، فأمر بمَجْلِسٍ له وجلس فيه هو وهند، ثم بعث إلى جرير فدخل وهو لا يعلم بمكان الحجاج، فقالت: يا ابن الْخَطَفَى أنْشِدْنِي قولَك في التشبيب، قال: والله ما شَبَّبْتُ بامرأة قطُّ، وما خلَق الله شيئاً أبْغَضَ إليّ من النساء، ولكني أقول في المديح ما بلغكِ، فإن شئت أسمعتُكِ، قالت: يا عدوَّ نفِسه فأين قولك: يَجْرِي السواكُ على أغَرَّ كأنَّهُ ... بَرَدٌ تحدَّرَ من مُتُونِ غَمامِ طَرَقَتْكَ صائدةُ القلوبِ ولَيْسَ ذا ... وَقْتَ الزيارة فَارْجِعِي بسلام لو كُنْتِ صَادِقَةَ الذِي حَدَّثْتِنَا ... لَوَصَلْتِ ذاك فكان غيرَ رِمَامِ قال جرير: لا والله ما قلت هذا، ولكني أقول: لقد جَرَّدَ الحجاجُ بالحقِّ سيفَه ... ألا فاسْتَقِيُموا لا يَمِيلَنَّ مَائِلُ ولا يَسْتَوِي دَاعِي الضلالةِ والْهُدَى ... ولاَحُجَّة الخصمين حَقٌّ وبَاطِلُ فقالت هند: دَعْ ذا عنك، فأين قولك خليليّ لاَ تَسْتَشْعِرَا النومَ، إنني ... أعيذُكُما بالله أن تَجِدَا وَجْدِي ظَمِئْتُ إلى بَرْدِ الشَّرَابِ وغَرَّني ... جَدَامُزْنَةٍ يُرْجَى جَدَاها وَمَا تُجْدِي قال جرير: بل أنا الذي أقول: ومَنْ يأمَن الحجَّاجَ، أما عِقَابُهُ ... فَمُرّ، وأما عَقْدُه فَوَثِيقُ لَخِفْتُكَ حَتَّى أنْزَلَتْنِي مَخَافَتِي ... وَقَدْ كانَ مِنْ دُونِي عَمَايَة نِيق [ص: 143] يُسِرُّ لك البَغْضَاء كلُّ مُنَافِقٍ ... كما كلُّ ذِي دِينٍ عليك شَفِيقُ قالت: دَعْ ذا عنك، ولكن هات قولك: يا عاذليّ دَعَا المَلاَمة وَاقْصِرَا ... طَالَ الهَوَى وأطَلْتُمَا التَّفِنيدَا إني وَجَدْتُكِ لَوْ أرَدْتِ زِيَارةً ... في الحبِّ مِنِّي ما وَجَدْتِ مَزِيدَا أخَلَبْتِنَا وَصَدَدْتِ أمَّ محمدٍ ... أفَتَجْمَعِيَن خِلاَبةً وصُدُودَا لا يستطيعُ أخو الصبابة أن يُرَى ... حَجَراً أصمَّ وأن يكون حَدِيدَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 141 713- تَقَيَّلَ الرَّجُلُ أَباهُ. إذا أشْبَهه، قال ابن فارس: اللامُ مبدلة من الضاد، يعني من قولهم "تقيّضَ" من القَيْضِ وهو العِوَضُ. ويكون مصدراً أيضاً، يقال: قَاضَه يَقِيضُه قَيْضاً كما يقال: عَاضَهُ يَعُوضُه عَوْضاً، ومنه المُقَايضة بمعنى المبادلة، يقال: هما قَيْضَان أي مِثْلاَن، يعني أن كل واحد منهما عوض من الآخر. يضرب في الشيئين تَقَاربا في الشبه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 143 714- تَزَبَّدَهَا حَذَّاءَ. الحذَّاء: اليمينُ المُنْكَرة، والهاء في "تَزَبَّدَها" راجعة إليها، وتزبد: أي ابتلع ابتلاع الزُّبْدَ، وهذا كقولهم "حَذَّها حَذَّ البعير الصِّلِّيَانَةَ" وينشد: تزبَّدَهَا حَذَّاءَ يَعْلَم أنه ... هو الكاذبُ الآتِي الأمُورَ الْبَجَارِيا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 143 715- التَّثَبُّتُ نِصْفُ العَفْوِ. دعا قُتَيبة بن مُسْلم برجل ليعاقبه، فقال: أيها الأمير ، التثبُّتُ نصف العفو، فعفا عنه، وذهبت كلمته مثلا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 143 716- تُقَطِّعُ أَعْنَاقَ الرِّجَالِ المَطَامِع. يضرب في ذمِّ الطمع والْجَشَع. قال أبو عبيد: وفي بعض الحديث أن الصَّفَاة الزلاَّء التي لا تثبت عليها أقدام العلماء الطمَعُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 143 717- تَخَطَّيْتُ سَنَةً مُقِيماً. ويروى "تخاطأت" يضرب لمن أقام فسَلِمَ ولو سار لهلَك. وذلك أن رجلا أجْدَبَ وأقام وخرج قومُه مُنْتَجعين، فهُزِلوا وبقي هو في وطنه فأعشب واديه وأخْصَب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 143 718- تَرَكْتُ دَارَهُمْ حَوْثاً بَوْثاً. أي أُثِيَرتْ بحوافر الدواب وخَرِبَتْ يقال: تركهم حَوْثاً بَوْثاً، وحَوْثَ بَوْثَ، وحَيْثَ بَيْثَ، وحاثَ بَاثَ، إذا فرقهم وبدّدهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 143 719- تُوَطِّنُ الإِبُل وَتَعَافُ المِعْزَى. أي أن الإبل تُوَطِّنُ نفسها على المكاره لقوتها، وتَعَافُها المِعْزَى لذلّها وضَعْفها. يضرب للقوم تصيبهم المكاره فيوطِّنون أنفسهم عليها ويَعَافُها جبناؤهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 144 720- تَرَكْتُهُ عَلَى مِثْلِ عِضْرِطِ العَيْرِ. عَضْرِطُ العيرِ: عِجانه. يضرب لمن لم تَدَعْ له شيئاً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 144 721- تَرَدَّدُ فِي اسْتِ مارِيَةَ الهُمُومُ ... فَما تَدْرِي أتَظْعَنُ أمْ تُقِيمُ يضرب لمن يَعْيا بأمره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 144 722- تَشْتَهِي وَتَشْتَكي. أي تحبُّ أن تأخذ، وتكره أن يُؤْخَذ منك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 144 723- تَرَكْتُهُ صَرِيمَ سَحْرٍ. الصَّرِيم: بمعنى المصروم، والسَّحْر: الرئة، أي تركته وقَدْ يئستُ منه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 144 724- تَرَافَدُوا ترافُدَ الحُمرِ بأبْوَالِهَا. وذلك إذا تَوَاطأ القومُ على ما تكرهه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 144 725- تَحْسِبُهُ جَادّاً وَهْوَ مازِحٌ. يضرب لمن يتهدَّد وليس وراءه ما يحققه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 144 726- تَرَى مَنْ لاَ حَرِيمَ لَهُ يَهُونُ. يضرب لمن لا ناصر له عند ظلمه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 144 727- تَرَكْتُهُمْ كَمَقَصِّ قَرْنٍ. أي استأصلتهم، وذلك أن أحد القرنين إذا تم وقُطع الآخر رأيته قبيحا، قال الشاعر: فأضحَتْ دَارُهم كَمَقَصِّ قَرْن ... فلا عَيْنٌ تُحَسُّ ولا إثَارُ أي لا ترى أثرا ولا عينا، وقال الأصمعي: القَرْن جَبَل مُطِل على عرفات، وأنشد: وأصْبَحَ عَهْدُهُ كمَقَصِّ قَرْنِ ... قال الأزهري: يروى "مقصّ قرن" و "مقطّ قَرْن" والقرن إذا قص أو قط بقي ذلك الموضع أمْلَسَ نقيا لا أثر فيه. يضرب لمن يُسْتأصل ويُصْطَلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 144 728- تَمَسَّكْ بِحَرْدِكَ حَتَّى تُدْرِكَ حَقَّكَ. يقال حَرِد حَرْداً ساكنة الراء والقياس تحريكها، وينشد: إذا جِيَاد الْخَيْلِ جَاءَتْ تردِى ... مَمْلُوءَةً مِنْ غَضَبٍ وَحَرْدِ وقال ابن السكيت: وقد تحرك، ويقال: رجل حَارِد وحَرِد وحَرْدَان، أي غضبان، أي دُمْ على غيظك حتى تَثَّئِر (تثئر: تأخذ ثأرك، وأصله تتثئر) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 144 729- تَحَوُّفِي النَّضِيجَ مِنْ حوْلِ النَّيءٍ. قال يونس: قيل لرجل: ما احْبَنَ بَطْنَكَ؟ أيْ أيُّ شيء عَظَّم بَطْنَكَ يعني [ص: 145] سَمَّنه، قال: تَحَوُّفِي النضيجَ - المثلَ، والتحوُّفُ: أخذ الشيء من حافاته. يضرب لمن يعمل الفكر فيما يستقبله، وهذا لمن يُحْسِنُ النظر في استصلاح حاله حتى يرى حسن الحال أبدا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 144 730- تَرَكْتُهُ عَلَى مِثْلِ خَدِّ الفَرَسِ. أي تركته على طريق واضح مُسْتَوٍ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 145 731- تَرَكْتُهُ عَلَى مِثْلِ شِرَاكِ النَّعْل. أي في ضِيق حالٍ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 145 732- تَرَكْتُهُ عَلَى مِثْلِ مِشْفَرِ الأسَدِ. يضرب لمن تركْتَه عُرْضَةً للهلاك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 145 733- تَخَطَّي إِلَىَّ شُبَيْثاً وَالأَحَصَّ. شُبَيْث: ماء لبني الأضبط ببطن الْجَرِيب في موضع يقال له: دارة شُبَيْث، والأحَصُّ: موضع هناك أيضاً، وهذا المثل من قول جَسَّاس بن مُرّة، قاله لكليب وائل حين طَعَنه، فقال كليب: أغثني بشربة ماء، فقال جَسَّاسٌ: تجاوزت شُبَيْثاً والأحَصَّ، يعني ليس حين طلب الماء. يضرب لمن يطلب شيئاً في غير وقته. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 145 734- اتَّخَذَ البَاطِلَ دَخَلاً. الدَّخَلُ والدَّخْلُ والدَّغَلُ: العيبُ والرِّيبة. يضرب للماكر الخادع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 145 735- أَتْبِعِ السَّيِّئَّة الْحَسَنَةَ تَمْحُها. قال أبو نُوَاس: خَيْرُ هذَا بِشَرّ ذا ... فإذا الربُّ قَدْ َعَفا يضرب في الإنابة بعد الاجترام. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 145 736- اتَّقِ شَرَّ منْ أحْسَنْتَ إِلَيْهِ. هذا قريب من قولهم "سَمِّنْ كَلْبَكَ يأكُلْكَ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 145 737- تَنَاسَ مَسَاوِيَ الإخْوَانِ يَدُمْ لَكَ وُدُّهُمْ. يضرب في استبقاء الإخوان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 145 738- تَضَرَّعْ إِلَى الطَّبيبِ قَبْلَ أَنْ تَمْرَضَ. أي افتقد الإخوان قبل الحاجة إليهم، قاله لقمان لابنه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 145 739- تَغَافَلْ كأَنَّكَ وَاسِطِيُّ. قال المبرد: أصله أن الحجاج كان يُسَخِّر أهلَ واسط في البناء، فكانوا يهربون وينامون وسط الغرباء في المسجد، فيجيء الشرطيّ ويقول: يا واسطيّ، فمن رَفَع رأسه أخذه وحَمَله، فلذلك كانوا يتغافلون. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 145 740- تَقَلَّدَهَا طَوْقَ الحَمَامَةِ. الهاء كناية عن الخَصْلة القَبيحة، أي [ص: 146] تقلّدها تقلُّدَ طَوْقِ الحمامة، أي لا تُزَايله ولا تفارقه حتى يفارق طوقُ الحمامةِ الحمامةَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 145 741- تَحَلَّلَتْ عُقَدُهُ. يضرب للغضبان يَسْكُن غضبه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 146 742- تَصَامَمَ الْحُرُّ إِذَا سُنَّ القَذَع. حقه أن يقال تَصَامّ لكنه فَكَّ الإدغام ضرورة. والسَّنُّ: الصَّبُّ، يقال: سَنّ الماء على وجهه. والقَذَع: الخنا والفُحْش. يضرب للحليم لا يُرْعِى سمعه لما يقبح. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 146 743- تَغمُّرٌ كانَ وَلَيْسَ رِيّاً. التَّغَمُّر: الشربُ القليل، وهو من الغُمَر: وهو القَدَح الصغير. يضرب لمن تقلد أمرا ثم لم يبالغ في إتمامه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 146 744- تَذَكَّرَتْ رَيَّا صَبِيّاً فَبَكَتْ. ريَّا: اسمُ امرأة أسَنَّت فخرفت فتذكرت ولداً لها مات فأسِفَت وبكت. يضرب لمن حَزِنَ على أمر لا مَطْمَع في إدراكه لبُعْدِ العهد به. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 146 745- تَهوْيِدٌ عَلَى رُيُودٍ. التهويد: السكونُ والنوم، والرُّيُود: جمع رَيْدٍ، وهو الحرف الناتئ من الجبل، ومَنْ سكن فيه كان على غير طمأنينة. يضرب لمن شَرَع في أمرٍ وَخِيم العاقبة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 146 746- تَحْت جِلْدِ الضَّأْنِ قَلْبُ الاَذْؤُبِ. يقال: ذِئْب وأذْؤُبٌ وذِئَاب وذُؤْبان، وضَاِئن في الواحد وضَأْن وضَئِنين في الجَمْع، مثل ماعِزٍ ومَعْز ومَعِيز. يضرب لمن ينافق ويخادع الناس. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 146 747- تَذْرِيعُ حِطَّانَ لَنَا إِنْذَارُ. التذريع: أن يُصَفَّرَ بالزعفران أو الخَلُوق ذِراعُ الأسير علامةً منهم على قتله، وكانوا يفعلونه في الجاهلية، وحِطّان: اسم رجل. يضرب لمن كلم في أمر فأظهر البشاشة وأحسن الجواب، وهو يُضْمِر خلافه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 146 748- تَأْتِي بِكَ الضَّامَةُ عِرّيسَ الأَسَدِ. الضامة تُثَقَّل وتُخَفف، من الضمّ والضيم، فإذا ثقلت فالمعنى الحاجَة الضامَّة التي تَضُمُّكَ وتُلْجئك، والضامَةُ من الضيم جمع ضائم، يعني الظَّلَمة، أي ظلم الظلمة يُحْوِجك إلى أن توقع نفسك في الهلكة. يضرب في الاعتذار من رُكوب الغَرَر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 146 749- تَلْبِيدٌ خَيْرٌ مِنَ التَّصْيِئِ. التلبيد: أن يلزق شَعْرَ رأسه بصَمْغ يجعله عليه لئلا يَتَشَعَّثَ، والتصيئ: أن [ص: 147] يُثَوّر الرأسُ ليغسله ثم لا ينقى وَسَخَه، يقال: لَبَّدْتُ الشَّعْر فتلَبَّدْ وصَيَّأَته فَتصيَّأ، يقول: لأَنْ تتركَه متلبدا خيرٌ من أن تتركه مُتَصَيئاً. يضرب لمن قام بأمر لا يقدر على إتمامه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 146 750- تَرَكْتُ عَوْفاً فِي مَغَانِي الأَصْرَمِ. يقال للذئب والغُرَاب: الأصْرَمَان، يقول تركته في منازلَ لا أنيسَ بها ولا يسكنها إلا الذئب أو الغراب. يضرب لمن يَخْذل صاحبه في حادث ألمَّ به. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 147 751- تَقِئُ يَوْماً بَيْنَ شِدْقَيْكَ الدَّخَن. يقال: دَخِنَ الطعامُ يَدْخَنُ دَخَناً إذا فَسَد وخَبُثَ على فم المعدة، ولا دواء له إلا القَيْءُ. يضرب لمن يفعل أفعالا سيئة ويسلم منها، فيقال: سَتَنْدَم وسَتَرى عاقبة ما تصنع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 147 752- تَلْبَسُ أُذُنَيْكَ عَلَى مَضَاضٍ. المَضَاض والمَضَاضة: ألم وحرقة يجدها الرجل في جوفه من غيظ يتجرعه. يضرب للرجل الحليم يسكت عن الجاهل ويتحمل أذاه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 147 753- التَّجَارِبُ لَيْسَتْ لَهَا نِهَايةٌ، وَالمَرْءُ مِنْهَا فِي زِيَادَةٍ. قال عمر رضي الله عنه: يحتلم الغلامُ لأربَع عَشْرَة، وينتهي طوله لإحدى وعشرين، وعلقه لسبع وعشرين، إلا التجارب، فجعل التجارب لا غاية لها ولا نهاية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 147 ما جاء على أفعل من هذا الباب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 147 754- أَتْجَرُ مِنْ عَقْرَبٍ. ويقال أيضاً "أمْطَلُ من عَقْرَب" وهذا من أمثال أهل المدينة، حكاه الزُّبير بن بَكَّار. وعقرب اسم تاجر من تجارها، قال الزبير: وكان رَهْط أبي عَقْرب أكْثَرَ مَنْ هُنَاك تجارة، وأشدَّهم تسويفاً، حتى ضَرَبوا بِمَطْله المثلَ، فاتفق أنْ عاملَ الفضلَ بن عباس بن عُتْبة بن أبي لَهَب، وكان أشدَّ أهلِ زمانِهِ اقْتِضَاءً، فقال الناس: ننظر الآنَ ما يصنعان، فلما حلَّ المالُ لزم الفضلُ بابَ عقرب، وشدّ ببابه حماراً له يسمى السَّحَاب، وقعد يقرأ على بابه القرآن، فأقام عقرب على المَطْل غيرَ مكترثٍ به، فعدل الفضلُ عن مُلاَزمة بابه إلى هِجاء عِرْضه، فمما سار عنه فيه قولُه: قد تَجَرَتْ في سُوقِنَا عقربٌ ... لا مَرْحَباً بِالْعَقْرَبِ التاجِرَهْ [ص: 148] كلُّ عدوٍّ يُتَّقَى مُقْبلاً ... وعقربٌ يُخْشَى من الدَّابِرَهْ كل عدوٍّ كيدُهُ في اسْتِهِ ... فغيرُ مَخْشِىٍّ ولا ضَائِرَهْ (ويروى عجز البيت: فغيره ليس الأذى ضائره) إن عَادَتِ العقربُ عُدْنَا لَهَا ... وكَانَتِ النَّعْلُ لَهَا حَاضِرَهْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 147 755- أتْعَبُ مِنْ رَائِضِ مُهْرٍ هذا كقولهم "لا يَعْدَمُ شَقِيٌّ مُهْرا" يعني أن معالجة المِهارة شَقَاوة لما فيها من التعب، قلت: وهذا كما يحكى أن امرأة قالت لرائضٍ: ما أتعَبَ شأنَكَ! حرفُتك كلها بالاست، فقال لها ليس بين آلتي وآلتك إلا مقدار ظفر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 148 756- أَتْلَي مِنَ الشِّعْرَى. يعنون الشِّعْرَى العَبُورَ، وهي اليمانية، فهي تكون في طلوعها تِلْوَ الجَوْزاء، ويسمونها كلب الجَبّار، والجَبَّار: اسم للجَوْزَاء، جعلوا الشعرى ككَلْب لها يتبع صاحبه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 148 757- أَتْيَمُ مِنَ المُرَقِّشِ. يعنون المُرَقِّشَ الأصْغَر، وكان متيما بفاطمة بنت الملك المنذر، وله معها قصة طويلة، وبلَغ من أمره أخيرا أنْ قَطَع المرقش إبهامه بأسنانه وَجْدا عليها، وفي ذلك يقول: ومَنْ يَلْقَ خيراً يَحْمَدِ الناسُ أمرَه ... وَمَن يَغْوِ لا يَعْدَمْ على الغَيِّ لائما ألم تَرَ أن المَرْءَ يَجْذِمُ كَّفُه ... ويَجْشَمُ من لَوْمِ الصَّدِيقِ المَجَاشِمَا أي يكلف نفسه الشدائدَ مخافةَ لوم الصديق إياه، وأتيم: أفعل من المفعول، يقال: تَامَهُ الحبُّ وتَيَّمه، أي عَبَّده وذلله، وتَيْمُ الله مثلُ قولك عبد الله، قال لَقِيط: تَامَتْ فُؤَادَكَ لم يَحْزُنْكَ ما صَنَعَتْ ... إحْدَى نِسَاءِ بَنِي ذُهْلِ بْنِ شَيْبَانَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 148 758- أَتْيَهُ مِنْ فَقِيدِ ثَقِيفٍ. قالوا: كان بالطائف في أول الاسلام أخَوَانِ فتزوَّج أحدُهما امرأةً من كُنَّة ثم رامَ سفَرا فأوصى الأخَ بها، فكان يتعهَّدُها كل يوم بنفسه، وكانت من أحسن الناس وَجْهاً، فذهبت بقلبه فَضَنِىَ وأخذت قوته حتى عجز عن المشي، ثم عجز عن القعود، وقَدِمَ أخوه فلما رآه بتلك الحال قال: مالك يا أخي؟ ما تجد؟ قال: ما أجد شيئاً غير الضعف فبعث أخوه إلى الحارث بن كَلْدَةَ طبيبِ العرب، فلما حضر لم يجد به علَّة من مرض، ووقع له أن ما به من عشق، فدعا بخمر [ص: 149] وفَتَّ فيها خبزا، فأطعمه إياه ثم أتبعه بشَرْبة منها، فتحرك ساعةً ثم نغص رأسه ورفع عَقيرتَه بهذه الأبيات: ألمَّا بي على الأبْيَا ... تِ بِالْخِيفِ نَزُرْهُنَّهْ غَزَالٌ ثَم يَحْتَلُّ ... بها دُورَ بني كُنَّهْ غَزَال أحْوَرُ الْعَيْنَيْن فِي مَنْطِقِةِ غُنَّهْ فعرف أنه عاشق، فأعاد عليه الخمر، فأنشأ يقول: أيها الجِيَرةُ اسْلَمُوا ... وَقِفُوا كي تَكَلَّمُوا خرجت مزنة من الـ ... ـبَحْرِ (البحر) رَيَّا تُحَمْحِمُ هِيَ مَا كُنَّتِي وتز ... عُمُ أنِّي لَهَا حَمُ فعرف أخوه ما به، فقال: يا أخي هي طالق ثلاثا فتزوجْهَا، فقال: هي طالق يوم أتزوجها، ثم ثاب إليه ثائب من العقل والقوة ففارق الطائف حضرا، وهاَمَ في البر فما رُؤي بعد ذلك، فمكث أخوه أياما ثم مات كَمَداً على أخيه، فضرب به المثل، وسمى فقيد ثقيف. وأما قولهم: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 148 759- أَتْيَهُ مِنْ أَحْمَقِ ثَقِيفٍ. فهذا من التِّيِه الذي هو الصَّلَف، وأَحْمَقُ ثقيف هو يوسف بن عمر، وكان أمير العراقَيْنِ من قبل هشام بن عبد الملك، وكان أَتْيَهَ وأَحْمَقَ عربي أَمَرَ ونهى في دولة الإسلام، ومن حُمْقه أن حجاماً كان يحجمه فلما أراد أن يَشْرطه ارتعَدَتْ يَدُهُ، فأحسَّ بذلك يوسف، وكان حاجبه قائماً على رأسه، فقال له: قل لهذا البائس لا تَخَفْ، وكان يوسف قصيراً جداً قَمِيئاً. فكان الخياط عند قطع ثيابه إذا قال له يحتاج إلى زيادة أكرمه وحَبَاه. وإذا قال يَفْضُل شيء، أهانه وأَقْصَاه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 149 760- أَتْمَكُ مِنْ سَنَامٍ. التُّمُوك: الارتفاع والسِّمَن، والتامِكُ من الإبل: العظيمُ السنامِ، وأتمكَهَا الكلأُ: أي سَمَّنها، يعني الناقة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 149 761- أَتْيَسُ من تُيُوسِ تُوَيْتٍ. قال حمزة: هذا مَثَلٌ حكاه نحند بن حبيب ولم يذكر في أي موضع يجب أن يُوضَع، وتُوَيْت: قبيلة من قبائل قريش، وهو تُوَيْت بن حَبيب بن أسد بن عبد العُزَّى قال: وحكى أيضاً ولم يفسره أيضاً: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 149 762- أَتَيْسُ مِنْ تُيُوسِ البَيَّاعِ. قال حمزة: فسألت عنه أبا الحسن النَّسَّابة الأصبهاني، فذكر أنه البَيَّاعُ بن عَبْدِ يالِيل بن نَاشِب بن غِيَرَة بن سَعْد بن لَيْث بن بكر. وبنتُه رَيْطَة بنتُ أم أبي أُحَيْحَةَ سَعيد بن العاص، ويُعَيرون به. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 149 763- أَتْبَعُ مِنْ تَوْلَبٍ. التَّوْلَبُ: الجَحْشُ. قال سيبويه: هو مَصْرُوف لأنه فَوْعل، ويقال للأتان: أم تَوْلَب. وقال ابن فارس: لا يبعدُ أن تكون التاء في تَوْلَب واواً. يعني أن أصله وَوْلَب من وَلَبَ يَلِبُ وُلُوباً إذا ذهب وتتبع، سمى به لأنه يَتْبَعُ الأمَّ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 150 764- أَتْوَى مِنْ دَيْنٍ. التَّوَى: الهلاكُ. يقال "تَوَى" إذا هَلَك، وإنما قيل ذلك لأن أكثر الدُّيُون هالك ذاهب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 150 765- أَتْرَفُ مِنْ رَبِيبِ نِعْمَةٍ. التُّرْفَة: النعمة. والرَّبيبُ: المَرْبُوب. يضرب للمنعَمِ عليه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 150 766- أَتْيَهُ مِنْ قَوْمِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ. هذا من التِّيه بمعنى التَّحَيُّرِ، وأرادوا به مُكْثَهم في التِّيهِ أربعين سنةً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 150 767- أَتْوَى مِنْ سَلَفٍ. السَّلَف والسَّلَم واحد. وهما ما أَسْلَفْتَ في طعام أو غيره. وهذا مثل "أَتْوَى من دَيْنٍ" وقد مر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 150 768- أَتَبُّ مِنْ أَبِي لَهَبٍ. أي: أَخْسَر، أخِذَ من قوله تعالى: {تَبَّتْ يَدَا أبي لهب} والتَّبَابُ: الْخَسَار والهَلاَك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 150 769- أَتْخَمُ مِنْ فَصِيٍل. لأنه يَرْضَع أكثر مما يُطِيق ثم يتخم. وكان الأصل أن يقال: أوْخَمُ من وَخِمَ يَوْخَمُ، إلا أنهم بَنَوْه من الاتخام توهُّما أن التاء أصلية كما تَوَهَّمُوها في التُّكَلة والتُّهَمة وأشباههما فألزموها التاء في التصغير والجمعِ فقالوا: تُكَيْلَة وتُهَيْمة وتُكَل وتُهَم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 150 770- أَتْعَبُ مِنْ رَاكِبِ فَصِيلٍ. لأنه غيرُ مَرُوضٍ. المولدون. تَوْبَةُ الْجَانِي اعْتِذارُهُ. َتَزاوَرُوا وَلاَ تَجَاوَرُوا. تَقَارَبُوا بالمَوَدَّةِ، وَلاَ تَتَّكِلُوا عَلَى القَرَابَة. تَعَاشَرُوا كالإِخْوَانِ، وَتَعَامَلُوا كَالأجانِبِ. أي ليس في التجارة مُحَاباة. تَلَقَّاكَ سَبُعٌ وَلاَ تَلَقَّاكَ ذُو عِيالِ. [ص: 151] تَوَكَّلْ تُكفَ. تَشْوِيشُ العِمَامَةِ مِنَ المُرُوءَةِ. تَأَمُّلُ العَيْبِ عَيْبٌ. تُجَازَي القُرُوضُ بأَمْثَالِهَا. تَكَلْم فَقَدْ كَلَم اللهُ مُوسَى. تَفرِّقُ بَيْنَ المُسْلِمينَ الدَّرَاهِمُ. تَجْرِي الرِّيَاحُ بِمَا لا تَشْتَهِي السُّفُن. تُجَرِّئُنِي وَأَنَا حَرِيصٌ. تَفُورُ مِنْ نِصْفِ خُوصَةٍ قِدْرُهُ. تَخَلَّصْتُ مِنْهُ بِشَعْرَةٍ. تَحَلُّمٌ ما لَمْ تَحْلُمْ بُهْتَانٌ عَلَى المَقادِير. تَرَكْتُهُ كُرَةً عَلَى طَبْطَابٍ وَحَبَّةً عَلَى المِقْلَى. تَرْكُ المُكافَأةِ مِنَ التَّطفِيفِ. تَحْتَ هَذَا الكَبْشِ نَبْشٌ. يضرب لمن يُرْتَاب به. تأَلَّفِ النِّعْمَةَ بِحُسْنِ جِوَارِهَا. تَحِلُّ لَهُ الْمَيْتَةُ. يضرب للفقير. تَرْكُ ادِّعاءِ العِلْم يَنْفِي عَنْكَ الحسَدَ. تَاجُ المُرُوءَةِ التَّوَاضُعُ. التَمَيُّزُ شُؤْمٌ. التَّعْبِيرُ نِصْفُ التّجَارَةِ. التَّسَلطُ عَلَى الممالِيكِ دَنَاءَةٌ. التَّحَسُّنُ خَيْرٌ مِنَ الْحُسْنِ. التَّقْدِيرُ أَحَدُ الكَاسِبَيْنِ. التَّوَاضُعُ شَبَكَةُ الشَّرَفِ. التِّينَةُ تَنْظُرُ إلَى التِّينَةِ فَتَيْنَعُ. اْتَّقِ مَجَانِيقَ الضُّعَفَاءِ. أي دَعَوَاتهم. اتْبَعِ النُّبَاحَ وَلاَ تَتْبَعِ الضُّبَاحَ. اتَّكَلْنَا مِنْهُ عَلَى خُصٍّ. وهو جِدَار من قصب، يضرب في الخيبة. التَّدْبِيرُ نِصْفُ المعِيشَةِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 150 الباب الرابع فيما أوله ثاء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 152 771- ثُكْلٌ أَرْأَمَهَا وَلَدًا. قاله بَيْهس الملقب بِنَعَامة لأمه حين رجَع إليها بعد إخوته الذين قُتِلوا. قال المفضل: كان من حديث بَيْهس أنه كان رجُلاً من بني فَزَارة بن ذُبْيَان بن بَغيض، وكان سابعَ إخْوَةٍ. فأغار عليهم ناسٌ من أَشْجَع بينهم وبينهم حرب وهو في إبلهم، فَقتَلوا منهم ستة وبقي بَيْهَسٌ وكان يُحَمَّقُ، وكان أَصْغَرَهم، فأرادوا قتله، ثم قالوا: وما تريدون من قتل هذا؟ يُحْسَبُ عليكم برجل ولا خير فيه، فتركوه، فقال: دعوني أتوصَّلُ معكم إلى الحي، فإنكم إن تركتموني وَحْدِي أكلتني السباع وقَتَلَنِي العطش، ففعلوا، فأقبل معهم فلما كان من الغدِ نزلوا فَنَحَروا جَزُوراً في يومٍ شديدِ الحر، فقالوا: ظلِّلُوا لَحْمكم لا يفسد. فقال بيهس: لكنَّ بالأثَلاَث لحماً لا يُظَلَّل، فذهبت مثلا، فلما قال ذلك قالوا: إنه لمُنْكَر وَهَمُّوا أن يَقْتلوه، ثم تركوه وظلُّوا يَشْوُون من لحم الجزور ويأكلون، فقال أحدهم: ما أَطْيَبَ يومَنَا وأَخْصَبَه، فقال بيهس: لكنْ على بَلْدَح قومٌ عَجْفَى، فأرسلها مثلا، ثم انْشَعَبَ طريقُهم فأتى أُمَّه فأخبرها الخبر. قالت: فما جاءَني بك من بين إخوتك؟ فقال بيهس: لو خُيِّرْتِ لاخْتَرْتِ فذهبت مثلا، ثم إن أمه عَطَفت عليه ورقَّتْ له فقال الناس: لقد أحبَّتْ أم بيهسٍ بيهساً. فقال بيهس : ثكلٌ أَرْأَمَهَا ولدا، أي عَطَفها على ولد، فأرسلها مثلا، ثم إن أمه جَعَلت تُعطيه بعد ذلك ثيابَ إخوته فَيَلْبَسُها ويقول: يا حَبَّذَا التراثُ لولا الذلَّة فأرسلها مثلاً، ثم إنه أتى على ذلك ما شاء الله فمر بنسوة من قومه يُصْلِحْنَ امرأةً منهن يُرِدْنَ أن يُهْدِينَهَا لبعض القوم الذين قَتَلُوا إخوته، فكشَف ثوبه عن اسْتِهِ وغطى به رأسه فقلن له: ويحك! ما تصنع يا بيهس؟ فقال: ألْبَسْ لكلِّ حَالَةٍ لَبُوسَها ... إِمَّا نعيمَهَا وإما بُوسَهَا فأرسلها مثلا، ثم أمر النساء من كنانة وغيرها فصنَعْنَ له طعاماً، فجعل يأكل ويقول: حَبَّذَا كثرةُ الأيْدِي في غير طعام [ص: 153] فأرسلها مثلاً، فقالت أمه: لا يطلبُ هذا بثأرٍ أبداً، فقالت الكنانية: لا تأْمَنِي الأحْمَقَ وفي يَدِه سكين، فأرسلتها مثلا، ثم إنه أخبر أن ناساً من أَشْجَعَ في غارٍ يشربون فيه، فانطلق بخالٍ له يقال له: أبو حَنَش، فقال له: هل لك في غارٍ فيه ظِباء لعلنا نصيبُ منها، ويروى: هل لك في غَنِيمة باردة، فأرسلها مثلاً، ثم انطلق بَيْهَس بخاله حتى أَقَامَهُ على فَمِ الغار ثم دفع إبا حنَشٍ في الغار فقال: ضَرْباً أبا حَنَشٍ، فقال بعضهم: إن أبا حَنَشٍ لَبَطَل، فقال: أبو حنش: مُكْرَهٌ أَخُوكَ لا بَطَل، فأرسلها مثلا، قال المتَلمِّسُ في ذلك: وَمِنْ طَلَبِ الأوْتَارِ مَا حَزَّ أَنْفَهُ ... قَصِيٌر وَخَاضَ المَوْتَ بالسَّيْفِ بَيْهَسُ نَعَامةُ لما صَرَّعَ القومُ رَهْطَهُ ... تبيَّنَ فِي أَثْوَابِهِ كَيْفَ يَلْبَسُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 152 773- الثَّيِّبُ عُجَالَةُ الرَّاكِبِ. العُجَالة: ما تزوَّده الراكب مما لا تَعَبَ فيه كالتمر والسويق. قال أبو عبيد: يضرب هذا في الحثِّ على الرضا بيَسير الحاجة إذا أعوز جَليلُها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 153 773- ثأْطَةٌ مُدَّتْ بِمَاءٍ. الثأطة: الحَمْأة، وإذا أصابها الماء ازدادت رطوبةً وفساداً. قال أبو عبيد: يضرب هذا للرجل (ويضرب أيضاً للفاسد يقوى بمثله) يشتدُّ موقُه وحُمْقه، يريد بقوله "يشتدّ" يزيد على ما كان من قبل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 153 774- ثَارَ حَابِلُهُمْ عَلَى نَابِلِهِمْ. الحابل: صاحب الْحِبَالة، والنابل: صاحب النَّبْل، أي اختلط أمرُهم، ويروى "ثاب" أي أوقدوا الشر إيقاداً، قاله أبو زيد. يضرب في فساد ذَاتِ البَيْنِ وتأريثِ الشر في القوم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 153 775- الثَّوْرُ يَحْمِي أَنْفَهُ بِرَوْقِهِ. الرَّوْق: القَوْن. يضرب في الحثِّ على حِفْظ الحَرِيم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 153 776- ثَنَى عَلَى الأَمْرِ رِجْلاً. أي قد وَثِقَ بأن ذلك له، وأنه قد أحرزه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 153 777- الثَّكْلَى تُحِبُّ الثَّكْلَى. لأنها تَأْتَسِي بها في البُكَاء والْجَزَع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 153 778- ثُلَّ عَرْشُه. أي ذهَب عزُّه وساءت حالُه، يقال: ثَلَلْتُ الشيءَ، إذا هدمته وكسرته، قال القتيبي: للعرش ههنا معنيان: أَحَدُهما السريرُ والأسِرَّةُ للملوك، فإذا ثُلَّ عرشُ الملك فقد ذهب عِزُّهُ، والمعنى الآخر البيتُ ينصب من العِيدَان ويُظَلَّل، وجمعه عُرُوش، فإذا كسِرَ عرشُ الرجل فقد هلك وذلَّ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 153 779- ثَرَا بَنُو جَعْدٍ وَكانُوا أَزْفَلَى. يقال: ثَرَا القومُ يَثْرُون ثَرْواً وثَرَاء إذا كَثُروا، والأْزَفلة والأزْفَلى: الجماعة القليلة. يضرب لمن عَزَّ بعد الذلة، وكَثُر بعد القلة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 154 780- ثَأْدَاءُ وَجْهٍ شَافَهُ التَّرْغِيسُ. الثَّأْدَاء: الأمة، والشوف: الجِلاء، والتَّرْغِيس: تكثير المال، يقال: رَغَّسَ الله مالَ فلانٍ، إذا بارك له فيه، وأراد "وجه ثأداء" فقَلَب. يضرب لمن حَسَّنَ كثرةُ ماله قبحَ نصابه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 154 781- ثَنَيْتَ نَحْوِى بِالْعَرَاءِ الأوَابِدَ. العَرَاء: الصحراء، والأوابد: الوُحُوش وثَنَيْتَ: معناه صَرَفْت. يضرب لمن يَعِدُ ما لا يَمْلِكه ولا يقدر عليه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 154 782- ثَوْرُ كِلاَبٍ في الرِّهَان أَقْعَدُ. هو كلابُ بن رَبيعة بن عامر صَعْصَعة، القَيْسي، كان يُحَمَّقُ، وذلك أنه ارتَبَطَ عجلَ ثورٍ، فزعم أنه يصنعه ليسابق عليه، والأقْعَدُ: من القَعيد وهو المتخلِّف المتباطئ. يضرب للرجل يَرُومُ ما لا يكاد يكون. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 154 783- ثَمَرَةُ الصَّبْرِ نجْحُ الظَّفَرِ. يضرب في الترغيب في الصبر على ما يكره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 154 784- ثُؤْلُولُ جَسَدِهِ لاَ يُنْزَعُ (الثؤلول - بزنه عصفور - أصله خراج صلب مستدير يكون بجسد الإنسان، ويجمع على ثآليل) يضرب لمن يُعْجَز عن تقويمه وتهذيبه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 154 785- ثَارَ ثَائِرُهُ. أي هاج ما كان من عادته أن يَهيج منه. يضرب لمن يَسْتَطير غَضَباً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 154 786- ثَمَرَةُ الْعُجْبِ الْمَقْتُ. أي مَنْ أُعْجِبَ بنفسه مَقَته الناسُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 154 787- ثَمَرَةُ الْجُبْنِ لاَ رِبْحٌ وَلاَ خُسْر. الْخُسْرُ: الخُسْرَانُ، ونظيره الفُرْقُ والفُرْقَان والكُفْر والكُفْرَان، وهذا المثل كما يقول العامة "التاجرُ الجَبَانُ لا يَرْبَح" ولا يخسر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 154 788- ثَبْتُ الغَدَرِ. يقال: رجل ثَبْتٌ، أي ثابت، والغَدَر: اللَّخَاقِيق في الأرض مثل جِحَرَةِ اليَرَابيع وأشباهها، ومعناه ثبت في الغدر، أي ثابت في قتال أو كلام لا يزِلُّ في موضع الزلل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 154 789- ثَاِقُب الزَّنْدِ. يعني أنه إذا قَدَح أوْرَى. يضرب للمُنْجِح فيما يُبَاشِر من الأمر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 155 790- ثَكِلَتْكَ الْجَثْلُ. يعنون الأم، قال ابن فارس في كتاب المقاييس: هذا مما شذَّ عن التركيب، يعني من الْجَثْل الذي هو الشَّعْرُ الكثير، ومن قولهم اجْثَأَلَّ النبتُ إذا كثر والتف، وقال ثعلب: جَثْلَةُ الرجلِ امرأتُه، وقال غيرهما: هو الْجَثَل - بفتح الثاء - يريدون قَيِّماتِ البيوتِ. قلت: يجوز أن يكون المعنى ثَكِلَتْكَ ذاتُ الْجَثْلِ، أي صاحبة الشعر الكثير من الأم أو غيرها من قومه مثل الزوج ومن يقوم الرجل بأمرهم ويهتمُّ لشأنهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 155 791- ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ أَيَّ جَرْدٍ تَرْقَعُ؟ الجَرْدُ: الثوبُ الخَلَقُ، يقال: ثوبٌ سَحْقٌ وجَرْدٌ أي خَلَق، ونصب "أي" بترقع. يضرب لمن يطلب ما لا نفع له فيه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 155 792- ثَبَتَ لِبْدُهُ. يقال للرجل إذا دُعي عليه : ثَبَتَ لِبْدُه، وأثْبَتَ الله لِبْدَه، أي أدام له الشر. قلت: يمكن أن يراد باللبد ههنا لبد فرسه، فكأنه قال: ثبت لبده مكانه من الأرض، أي لا يلبد فرسه، وإذا لم يلبد فرسه لم يَرَ في رَحْله خَيْرا لأنهم يَجْلِبُونَ الخيرَ إلى أنفسهم من الغارة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 155 793- ثَوْبَكَ لاَ تَقْعُدْ تَطِيرُ بِهِ الريحُ. نصب "ثوبك" بإضمار فعل، أي احْفَظْ ثوبك، وقعد يقعد معناه ههنا صار يصير، والتقدير: صُنْ ثوبَكَ لا تَصِرِ الريحُ طائرة به. يضرب في التحذير. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 155 ما جاء على أفعل من هذا الباب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 155 794- أَثْقَلُ مِنْ ثَهْلاَنَ. هو جَبَل بالعالية، واشتقاقه من الثَّهَلِ، وهو الانبساط على وجه الأرض، ويقال أيضاً: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 155 795- أَثْقَلُ من شَمَامِ. وهو مبني على الكسر عند الحجازيين وهو جبل له رأسان يُسَمَّيَان ابْنَيْ شَمَامِ، قال لَبيد: فهل نُبِّثْتَ عن أخَوَيْنِ داما ... على الأحْدَاثِ إلا ابْنَيْ شَمَامِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 155 796- أَثْقَلُ مِنْ نَضَادِ. هذا أيضاً جبل بالعالية، ويُبْنَى أيضاً [ص: 156] على الكسر عندهم، فأما عند تميم فهو بمنزلة ما لا ينصرف، وكذلك حَذَامِ وقَطَامِ، قال الشاعر على لغة أهل الحجاز: إذَا قَالَتْ حَذَامِ فَصَدِّقُوهَا ... فإن القَوْلَ ما قَالَتْ حَذَامِ وقال على لغة تميم: وَمَرَّ دَهْرٌ على وَبَارِ ... فَهَلَكَتْ جَهْرَةً وَبَارُ وقال أيضاً: لو كان من حَضَنٍ تَضَاءل رُكْنُهُ ... أوْ مِنْ نَضَادَ بَكىَ عَلَيْهِ نَضَادُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 155 797- أَثْقَلُ مِنْ عَمَايَةَ. هي جبل بالبحرين من جبال هُذَيل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 156 798- أَثْقَلُ مِنْ أُحُدٍ. هو جبل بيَثْرِبَ معروف مشهور. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 156 799- أثْقَلُ مِنْ دَمْخِ الدِّمَاخِ. هو جبل من جبال ضِخَامٍ في حمى ضَرِيَّةَ، والدِّمَاخُ: " اسم لتلك الجبال، ودَمْخُ مضاف إليها، قال ابن الأعرابي: ثَهْلاَن لبني نمير، ودَمْخ لبني نفيل بن عمرو ابن كلاب، قال: ويقال لثهلان "ثهلان الجوع" ليُبْسِه وقلّةِ خيره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 156 800- أَثْقَلُ مِنْ حِمْلِ الدُّهَيْمِ. هو اسم ناقة عمرو بن زَبَّان، وقصته مذكورة في حرف الشين عند قولهم "أشْأَمُ من خوتعة". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 156 801- أَثْقَلُ مِنَ الزَّوَاقِي. قال محمد بن قُدَامة: سألت الفراء عنها فلم يعرفها، فقال جليس له: إن العرب كانت تَسْمُرُ بالليل، فإذا زَقَت الدِّيَكة استثقلتها لأنها تُؤْذِن بالصبح إذا زَقَتْ، فاستحسن الفراء قوله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 156 802- أَثْقَلُ مِنَ الزَّاوُوقِ. هذا اسم للزئبق في لغة أهل المدينة، وهو يقع في التزاويق، لأنه يُجْعَل مع الذهب على الحديد ثم يدخل فيالنار فيخرج منه الزئبق ويبقى الذهب، ثم قيل لكل مُنَقّشٍ مُزَوَّق وإن لم يكن فيه الزئبق، وزَوَّقْتُ الكلام: زينته، والزئبق فارسي معرب، عُرِّب بالهمز، والصحيح فيه كسر الباء، ودرهم مُزَأْبَق، والعامة تقول: مزبق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 156 803- أَثْقَلُ مِنَ الْكَانُونِ. حكى المفضل عن الفراء أن من كلامهم "قد كَنْوَنْتَ علينا" أي ثَقُلْتَ علينا، وحكى عن الأصمعي أن الكانون هو الذي إذا دخل على القوم وهو في حديثٍ كَنَوْا عنه، قال: ولا أعرف هذه العبارة ما معناها، وحكى عن أني عبيدة أنه فاعول من كَنَنْتُ [ص: 157] الشيء إذا أخفيته وستَرْته، قال: ومعناه أن القوم يَكْنُون حديثَهم عنه، وأنشد للحطيئة في هجاء أمه وكان من العَقَقَةِ: جَزَاكِ الله شَرًّا من عَجُوز ... ولَقَّاكِ الْعُقُوقَ من البَنِينَا تَنَحَّيْ فاقْعُدِي مني بعيدا ... أراحَ الله منكِ العالَمِينَا أغرْبَالاً إذَا اسْتُودِعْتِ سِرًّا ... وَكانُونَا عَلَى المتحدِّثينا ألم أظهِرْ لكِ الشَّحْناء مِنِّي ... ولكن لا إخَالُكِ تَعْقِلينَا حَيَاتُكِ ما علمتُ حيَاةُ سُوءٍ ... وَمَوْتُكِ قد يَسُرُّ الصالحينا وقال الطبري: قولهم "أثقل من كانون" فيه وجهان، أحدهما: أن الكانون عند الروم الشتاءُ، ويحتاج فيه إلى النفقة ما لا يحتاج إليه في الصيف، فهو ثقيل من هذه الجهة، قال الشاعر: لعنة الله والرسُولِ وأهل الـ ... أرْضِ (الأرض) طُرًّا على بَنِي مَظْعُونِ بِعْتُ في الصيف عندهم قُبَّةَ الخَيْـ ... شِ (الخيش) وبِعْتُ الكانون في الكانُونِ والثاني أن الكانون ثقيل فإذا وضع لم يُحَرك ولم يَرْفَع إلى آخر الشتاء، فقيل لكل ثقيل: يا أثْقَلَ من كانون. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 156 804- أَثْقَلُ مِنْ رَحَى البَزْرِ. قال الشاعر: وَأطْيَشُ إن جالَسْتَه من فَرَاشةٍ ... وأثقَلُ إن عاشَرْتَه من رَحَى البَزْرِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 157 805- أثْقَلُ مِنَ الرَّصَاصِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 157 806- ومِنَ الْحُمَّى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 157 807- ومِنَ المُنْتَظرِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 157 808- ومِنَ النُّضارِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 157 809- ومِنْ طَوْدِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 157 810- أَثْبَتُ مِنْ قُرَادٍ. لأنه يُلاَزم جَسَدَ البعير فلا يفارقه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 157 811- أَثْبَتُ مِنَ الْوَشْمِ. يعنون الدَّارَاتِ في الكف وغيرها يُذَرُّ عليها النُّؤور. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 157 812- أَثْبَتُ فِي الدَّارِ مِنَ الجِدَارِ. أخذ من قول الشاعر: كأنَّه في الدار ربُّ الدارِ ... أثبتُ في الدار من الجِدَارِ أطْفَلُ من ليلٍ على نهارِ ... لأن الليل يدخل على النهار بلا إذن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 157 813- أثْقَفُ مِنْ سِنّوْرٍ. الثَّقْفُ: الأخذ بسُرْعة، يقال: رجل [ص: 158] ثَقْفٌ لَقْفٌ، إذا كان جيدَ الحذَر في القتال، ويقال: هو السريع الطعن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 157 714- أثْأَرُ مِنْ قَصِيرٍ. يَعْنُون قَصير بن سعد اللَّخْمِيَّ صاحب جَذيمة الأبرش، ويقال: هو أول من أدرك ثأره وحده. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 158 815- أثْقَلُ رَأْساً مِنَ الْفَهْدِ. كأنهم أرادوا نَوْمه، لأنهم قالوا: أنْوَمُ من فَهْد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 158 816- أثْبَتُ رَأْساً مِنْ أَصَمَّ. يعنون الجبل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 158 817- أَثْقَلُ مِنْ رَقِيبٍ بَيْنَ مُحِبَّيْنِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 158 818- أثْقَلُ مِنْ أرْبِعَاءَ لاَ تَدُورُ. وذلك إذا كان في آخر الشهر، فهو لا يعود، قال ابن الحجاج: يَا أرْبِعَاء لا تَدُورْ ... به محاقات الشهور الجزء: 1 ¦ الصفحة: 158 819- أثْقَلُ مِمَّنْ شَغَلَ مَشْغُولاً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 158 820- أثقَلُ مِنْ قَدَحِ اللَّبْلاَبِ عَلَى قَلْبِ المَرِيضِ. قال ابن بسام: يا بَغِيضًا زاد في البُغُـ ... ـض (البغض) على كُلِّ بَغِيضِ يا شَبيهاً قدحَ اللَّبْـ ... ـلاَبِ (اللبلاب) في قَلْبِ المرِيضِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 158 الباب الخامس فيما أوله جيم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 158 821- جَرْىُ المُذَكِّيَاتِ غِلاَبٌ. المذكية من الخيل: التي قد أتى عليها بعد قُرُوحها سنة أو سنتان، والغِلاَبُ: المغالبة، أي أن المذكى يغالِبُ مُجَارِيه فيغلبه لقوته، يجوز أن يُرَاد أن ثاني جَرْيه أبدا أكثر من باديه، وثالثه أكثر من ثانيه، فكأنه يغالب بالثاني الأول وبالثالث الثاني، فَجَرْيُه أبدا غِلاب، وهذا معنى قول أبي عبيد حيث قال: فهي تحتمل أن تغالب الجري غلابا، ويروى "جَرْى المذكيات غِلاء" جمع غَلْوَة، يعني أن جَرْيها يكون غَلْوَاتٍ ويكون شأوُها بطينا (بطينا: أي بعيدا) لا كالجَذَع. يضرب لمن يُوصَف بالتبريز على أقرانه في حَلْبة الفضل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 158 822- جَرْىَ المُذَكِّى حَسَرَتْ عَنْهُ الحمُرُ. يقال: حَسَر الدابةُ يَحْسُرُ حُسُورا، أي أعْيا، و"عَنْ" مِنْ صِلَة المعنى، أي عجزت عنه وعن شأوه يعني سَبْقه كما يسبق الفرس القارِحُ الحميرَ، ونصب "جَرْىَ" على المصدر، كأنه قال: يجري فلان يوم الرهان جَرْيَ المذكى. يضرب أيضاً للسابق أقرانه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 159 823- جَرَى الْوَادِي فَطَمَّ عَلَى القَرِىِّ. أي جرى سيلُ الوادي فطَمَّ أي دَفَن يقال: طَمَّ السيلُ الركيةَ أي دفنها، والقَرِيُّ: مَجْرَى الماء في الروضة، والجمع أقْرِيَة وقِرْيَان، و"على" مِنْ صلة المعنى: أي أتى على القَرِيٍّ، يعني أهلكه بأن دفنه. يضرب عند تجاوز الشر حده. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 159 824- جُرُّوا لَه الخَطِيرَ مَا انْجَرَّ لكُمْ. الخَطِير: الزمامُ، ومعنى المثل اتَّبِعُوه ما كان لكم فيه موضع اتباع. يضرب في الحث على طلب السلامة ومداراة الناس. وهذا المثل يروى عن عمار بن ياسر رضي الله تعالى عنه، قاله في فلان، كذا أورده أبو عبيد في كتابه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 159 825- جَلَّتِ الهَاجِنُ عَنِ الوَلَدِ. الهَاجِنُ: الصغيرة، يقال منه: اهْتُجِنَتِ الجاريةُ، إذا افْتُرِعت قبل الأوان، ومعنى جَلَّت ههنا صغُرت، والجَلَلُ من الأضداد، يقال: أمر جَلَل أي عظيم، ويقال للحقير أيضاً جَلَلٌ. يضرب في التعرُّض للشيء قبل وقته. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 159 826- جَدَحَ جُوَيْنٌ مِنْ سَوِيقِ غَيْرِهِ. الجَدْحُ: الخَلْط والدَّوْف، وجُوَين: اسم رجل. يضرب لمن يتوسَّعُ في مال غيره ويجود به. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 159 827- جَذَّها جَذَّ العَيْرِ الصِّلِّياَنَة. الجَذُّ: القَطْع والكسر، والصِّلِّيان: بَقْل ربما اقتلعه العير من أصله إذا ارْتَعَاه، ووزنه فِعْلِيَان. يضرب لمن يُسْرع الحلف من غير تَتَعْتُع وتَمَكُّث. والهاء في "جذَّها" كناية عن اليمين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 159 828- جَزَاءَ سِنِمَّارٍ. أي جَزَاني جزاءَ سنمار، وهو رجل رومي بَنَى الخوَرْنَقَ الذي بظَهْر الكوفة للنعمان بن امرئ القيس، فلما فرغ منه ألقاه من أعلاه فَخَرَّ ميتاً، وإنما فعل ذلك لئلا يبني مثلَه لغيره، فضربت العرب به المثلَ لمن [ص: 160] يجزي بالإحسان الإساءة، قال الشاعر: جَزَتْنَا بنو سَعْد بحُسْن فَعَالِنَا ... جَزَاء سِنِمَّارٍ وما كانَ ذَا ذَنْب ويقال: هو الذي بنى أطمَ أحَيْحَةَ ابن الجُلاَح، فلما فرغ منه قال له أُحَيْحَة: لقد أحكمتَه، قال: إني لأعرفُ فيه حجرا لو نُزع لتقوَّضَ من عند آخره، فسأله عن الحجر، فأراه موضعه. فدفعه أحيحة من الأطم فخرّ ميتاً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 159 829- جَرَحَهُ حَيْثُ لاَ يَضَعُ الرَّاقِي أنْفَهُ. قالته جَنْدَلة بنت الحارث، وكانت تحت حَنْظَلة بن مالك وهي عَذْراء، وكان حنظلة شيخا، فخرجت في ليلة مَطِيرة فبَصُرَ بها رجل فوثَب عليها وافتضَّها، فصاحت، فقال لها رجل: مالك؟ فقالت: لُسِعْتُ، قال: أين؟ قالت: حيث لا يضع الراقي أنفه. يضرب لمن يقع في أمرٍ لا حيلَةَ له في الخروج منه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 160 830- جَلَّى مُحِبُّ نَظَرَهُ. يضرب لمن يحسن النظر إلى أحبابه، من "جَلَوْتُ العروسَ" إذا حسَّنتها، قال أبو عبيد: ومنه قول زهير: فإن تَكُ في صَدِيق أو عَدُوّ ... تُخَبِّرْكَ العيونُ عن القلوب ويروى "جلَّى محبَّاً نظرُهُ" أي أوضح محبتَه نظرُه إليك أو نظرك إليه، والمصدر يصلح أن يضاف إلى الفاعل وإلى المفعول أيضاً. يضرب في حب القوم وبغضهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 160 831- جَلَبَتْ جَلَبَةً ثُمَّ أقْلَعَتْ. أي صاحت صيحة ثم أمسكت، ويروى بالحاء، ويقال: يراد بها السحابة تُرْعِد ثم لا تُمْطِر، وهو من الجَلَبة، يقال: جَلَب على فرسهِ يجلب جَلَبَةً إذا صاح به. يضرب للجبان يتوعد ثم يسكت. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 160 832- جِذْلُ حُكَاكٍ. الجِذْل: أصلُ الشجرة، وربما ينصب في مَعَاطِن الإبل فتحتكّ به الجَرْبى. يضرب للرجل يُسْتَشْفى برأيه وعقله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 160 833- جَعْجَعَةً ولاَ أرَى طِحْناً. أي أسمعُ جَعْجَعَةً، والطِّحْنُ: الدقيق، فِعْل بمعنى مفعول كالذَّبْح والفِرْق بمعنى المذبوح والمفروق. يضرب لمن يَعِدُ ولا يفي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 160 834- جَرَى مِنْهُ مَجْرَى اللَّدُودِ. وهو ما يُصَبُّ في أحدِ شَقَّي الفم من الدواء. يضرب لمن يبغض ويكره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 160 835- جُمَّارَةٌ تُؤْكَلُ بِالهُلاَسِ. الجمارة: شَحْمة النخلة، وهي فلبها الذي يؤكل، والهُلاَس: ذَهَاب العقل، يقال: رجل مَهْلُوس، أي مجنون. يضرب في المال يُجْمَع بكدّ ثم يُوَرَّثُ جاهلا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 161 836- جَمَاعَةٌ عَلَى أقْذَاءِ. معناه اجتماع بالأبدان وافتراق بالقلوب. والأقذاء: جمع قَذًى، وقَذًى: جمع قَذاة، وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم "هُدْنَةٌ عَلَى دَخَنٍ" يضرب لمن يضمر أذى ويظهر صفاء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 161 837- جاءَ بِالضِّحِّ والرِّيح. قال ابن الأعرابي: الضِّحُّ: ما بَرَزَ للشمس، والريح: ما أصابته الريح، قال الأزهري: الضح في الأصل ضُحًى فحذفت الياء وجعل مكانها حرف من جنس ما في الكلمة وهو الحاء، كما فعلوا بعبدقِنٍّ والأصل قِنْىٌ لأنه يُقْنَى أي يُدَّخر ويؤخذ أصلا كقولهم "قَنَوْتُ الغنم" أي اتخذتها قِنْيَة، وقال أبو الهيثم: أصله وضح من وَضَحَ يَضِحُ وُضُوحا، فحذف الواو وشدد الحاء عوضا منها، والمعنى جاء بما ظهر وما خفى. يضرب مثلا للذي جاء بالمال الكثير أو العدد الكثير، ومثله: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 161 838- جاءَ بِالطِّمِّ والرِّمِّ. فالطم: البحرُ، وقال ابن الأنباري: الطم الماء الكثير، والرِّم: الثرى، قال الأزهري: الطَّمُّ بالفتح البحر، وإنما كُسِرَتِ الطاء في هذا المثل لمجاورة الرِّمِّ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 161 839- جاءَ بِالقَضِّ والقَضِيضِ. يقال لما تكسَّر من الحجارة وصغر: قضيض، ولما كبر قَضّ، والمعنى بالكبير والصغير، ويقال أيضاً: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 161 840- جاءَ القَوْمُ قَضُّهُمْ بِقَضِيضِهِمْ. أي كلهم، وقال سيبويه: ويجوز قَضَّهُمْ بالنصب على المصدر، قال الشاعر: وجاءت سُلَيْمٌ قَضَّهَا بقَضِيِضها ... وجَمع عوال ما أدَقَّ وَأَلأَمَا (المحفوظ في عجز هذا البيت ... تمسح حولي بالبقيع سبالها ... وهو للشماخ بن ضرار الغطفاني) قال الأصمعي: لم أسمعهم يُنْشدون قضها إلا رفعا، ويقال: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 161 841- جَاؤُا قَضّاً وَقَضِيضاً. أي وُحْدَانا وزَرَافاتٍ، فالقَضُّ عبارة عن الواحد، والقضيض عبارة عن الجمع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 161 842- جاءَ وَقَدْ لَفَظَ لِجامَهُ. إذا انصرف عن حاجته مجهوداً من الإعياء والعَطَش. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 162 843- جاءَ وَقَدْ قَرَضَ رِبَاطَهُ. الرِّباط: ما يُرْبَط أي يشدُّ به الدابة وغيرها، والجمع رُبُط، وقَرَض: أي قطع، وأصله في الظبي يقطع حِبالته فيفلت فيجيء مجهوداً. يضرب لمن هو في مثل حاله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 162 844- جاءَ عَلَى غُبَيْرَاءِ الظَّهْرِ. الغُبَيْراء: تصغير الغَبْراء وهي الأرض، أي جاء ولا يصاحبه غير أرضه التي يجيء ويذهب يها، يكنى بها عن الخيبة، قال الأزهري: هذا كقولهم "رجع دَرْجَه الأول، ورجع عَوْدَهُ على بدئه، ورجع على أدْرَاجه" كل هذا إذا رجع ولم يصب شيئاً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 162 845- جاوِرِينَا وَاخْبُرِينَا. قال يونس: كان رجلان يتعشَّقان امرأةً، وكان أحدُهما جميلا وَسيما، وكان الآخر دَميما تقتحمه العين، فكان الجميلُ منهما يقول: عاشرينا وانظري إلينا، وكان الدميم يقول : جاوِرِينا واخْبُرِينا، فكانت تُدْنِي الجميلَ، فقالت: لأختبرنَّهما، فقالت لكل واحد منهما أن يَنْحَر جَزُورا، فأتتهما متنكرة، فبدأت بالجميل فوجَدَتْه عند القِدْرِ يَلْحَس الدسَم ويأكل الشحم، ويقول: احتفظوا كلَّ بيضاء لِيَهْ، يعني الشحم، فاستطعمته فأمر لها بِثَيْلِ الجَزور، فوضع في قصعتها، ثم أتت الدَّمِيم فإذا هو يَقْسِم لحم الجزور ويُعْطي كل مَنْ سأله، فسألته فأمر لها بأطايِبِ الجزور، فوضع في قصعتها، فرفعت الذي أعطاها كلُّ واحدٍ منهما على حِدَة، فلما أصبحا غَدَوَا إليها فوضَعَت بين يدي كل واحد منهما ما أعطاها، وأقصت الجميل، وقربت الدميم، ويقال: إنها تزوجته. يضرب في القبيح المنظر الجميل المَخْبَر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 162 846- جَرِّبِي تَقْلِيِه. هذا كقولهم "أخْبُرْ تَقْلُه" أي إن جَرَّبته قليته لما يظهر لك من مَسَاويه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 162 847- جَلَدَهَا بِأَيْرِ ابْنِ ألْغَزَ. قال أبو اليقظان: هو سعد بن ألغز الإيادي، وقال ابن الكلبي: اسمُ ابِن ألْغَزَ الحارث، وكان جاهلياً وافر المتاع، يضرب به المثل، قال الشاعر: أُولاَكَ الأولى كان ابْنُ ألغَزَ مِنْهُمُ ... ولا مثل ما كان ابْنُ ألْغَزَ يَصْنَعُ يمسِّحُ صَلْعَاء الْجبِينِ تَرَى له ... قُمُدّاً يَشُقُّ الفَرْجَ ما لم يُوَسَّع [ص: 163] والهاء في "جلدها" كناية عن المرأة وهي إذا جلدت بمثل ذلك لا تألم. يضرب لمن يُعَاقَب بما فيه حصولُ مراده. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 162 848- جارٌ كَجَارِ أَبِي دُاوَدٍ. يَعْنُون كَعْبَ بن مَامَةَ، فإن كعبا كان إذا جاوره رجُل فمات وَدَاه، وإن هلك له بعيرُ أو شاة أخْلَفَ عليه، فجاءه أبو دُوَاد الشاعر مجاوراً له، فكان كعبٌ يفعل به ذلك، فضربت العرب به المثلَ في حسن الجِوار، فقالوا: كجار أبي دُوَاد، قال قيس ابن زهير: أطَوِّفُ ما أطَوِّفُ ثم آوِى ... إلى جَارٍ كجَارِ أبي دُوَاد وقال طَرَفَة بن العبد: إنِّي كَفَانِيَ مِنْ أمْرٍ هَمَمْت بِه ... جار كَجَارِ الْحُذَاقِيِّ الَّذِي اتَّصَفَا الحذاقي: هو أبو دُوَاد، وحُذَاق: بطن من إياد، و"اتصف" يقال: معناه صار وَصْفا في الجود، يعني كعبا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 163 849- جَعَلْتُهُ نُصْبَ عَيْنِي. النُّصْبُ: بمعنى المنصوب، أي جعلته منصوبا لعيني، ولم أجعله بظهر، يعني لم أغفل عنه. يضرب في الحاجة يتحملها الْمَعْنِيُّ بها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 163 850- جاءَ تَضِبُّ لِثَتُهُ عَلَى كَذَا. الضَّبُّ والضَّبِيبُ: السيلان. يضرب في شدة الحرص، قال بشر: وبَنُو نُمَيْر قد لَقينَا منهمُ ... خَيْلاَ تَضِبُّ لِثاتُهَا للمغنم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 163 851- جاءَ بأُذُنَيْ عَنَاقٍ. العَنَاق: الداهية، وهو ههنا الكذب والباطل، قال ابن الأعرابي: يقال جاء بأذنَيْ عَنَاق الأرض، إذا جاء بالكذب الفاحش، وكذلك إذا جاء بالخيبة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 163 852- جاءَ نَاشِراً أُذُنَيْهِ. إذا جاء طامعا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 163 853- جَعَلَ كلاَمِي دَبْرَ أُذُنَيْهِ. إذا لم يلتفت إليه وتَغَافل عنه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 163 854- جَدَعَ الْحَلاَلُ أَنْفَ الغَيْرَةِ. قاله صلى الله عليه وسلم لَيلَة زُفَّتْ فاطمةُ إلى علي رضي الله تعالى عنهما، وهذا حديث يُرْوَى عن الحجاج بن منهال يرفعه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 163 855- جاءَ يَضْرِبُ أَصْدَرَيْهِ. أي مَنْكِبَيْه، ويروى بالسين والزاي أيضاً، إذا جاء فارغاً لم يقض طَلِبَتَه، والأصلُ في الكلمة السين، ولا تفرد، وفي [ص: 164] كلام الحسن في الأشر: يضرب أسْدَرَيه ويَخْطِر في مِذْرَوَيْه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 163 856- جاءَ بَعْدَ الَلتيَّا وَالَّتِي. يكنى بهما عن الشدة، واللَّتَيَّا: تصغير التي، وهي عبارة عن الداهية المتناهية، كما قالوا الدُّهَيْم واللُّهَيْم والْخُوَيْخية والفُوَيْمية، وكل هذا تصغير يراد به التكبير، والتي: عبارةٌ عن الداهية التي لم تبلغ تلك النهاية، وهما عَلَمان للداهية، ولهاذ استغنَيَا عن الصلة قال الشاعر: ولقد رَأبْتُ ثَأَى العَشِيرَةِ كُلِّهَا ... وكَفَيْتُ حاينها اللَّتَيَّا وَالَّتِي (الحائن: الهالك، وحفظى "جانيها") الجزء: 1 ¦ الصفحة: 164 857- جاءَ يَجُرُّ رِجْلَيْهِ. يضرب لمن يجيء مُثْقَلاً لا يقدر أن يحمل ما حُمِّلَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 164 858- جاءَ بِوَرِكَيْ خَبَرٍ. يعني جاء بالخبر بعد أن اسْتَثْبت فيه، كأنه جاء فيه أخيراً، لأن الوَرِك متأخرة عن الأعضاء التي فوقها، والمعنى أتى بخبر حق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 164 859- جَعَلَتْ مَا بِهَا بِيَ وَانْطَلَقَتْ تَلْمِزُ. أصله أن رجلا أشْرَفَ على سَوْأة من امرأة، فوقع بها وعابها، فقالت: إنما عِبْتَني بما صنعت وأنت أولى به مني، ثم انصرفَتْ عنه، فقال الرجل : جعلت ما بها بي وانطلقت تلمز، فأرسلها مثلا. يضرب للواقع فيما عَيَّرَ به غيره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 164 860- جاءَ ثَانِيَا مِنْ عِنَانِهِ. إذا جاء ولم يقدر على حاجتة، قاله ابن رفاعة، وقال غيره: إذا جاء وقد قضى حاجته. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 164 861- جَلَّ الرَّفْدُ عَنِ الْهَاجِنِ. الرَّفْدُ: القَدَح، والهاجن: البَكْرَة تنتج قبل أن يطلع لها سن، ويراد جَلَّت الهاجن عن الرفد. يضرب لمن يصغر عن الأمر ولا يَقْوَى عليه. وقال بعضهم: أصل ذلك أن ناقة هاجِناً لقوم نتجت وكانت غَزِيرة تملأ الرفد فلما أسَنَّتْ ونَيَّبَتْ قلَّ لبنُها، فقال أهلها للراعي: ما لها لا تملأ الرفَد كما كانت تفعل؟ فقال: جلت الهاجِنُ عن الرفد، قال أبو عمرو : جل الرفد عن الهاجن. يضرب للرجل القليل الخير. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 164 862- جاءَ يَجُرُّ بَقَرَهُ. أي عِيالَه، كنى عن العيال بالبقر لأن النساء محلُّ الْحَرْث والزرع، كما أن البقر آلة لهما. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 164 863- أَلْجَحْشَ لَمَّا فَاتَكَ الأَعْيَاُر. قال أبو عبيد: يقال "الجحش لما بَذَّكَ الأعيار" أي سَبَقَكَ وفاتك. يضرب في قناعة الرجل ببعض حاجته دون بعض. ونصب الجحش بفعل مضمر، أي اطْلُبِ الجحش. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 165 864- جاءَ كَخَاصِي الْعَيْرِ. يضرب لمن جاء مُسْتَحييا، ويقال: يضرب لمن جاء عُرْيَانا ما معه شيء، ووجه الاستحياء أن خاصِيَ العَيْر يُطْرِق رأسه عند الخصاء يتأمل في كيفية ما يصنع، وكذلك المستحي يكون مُطْرِقا، ووجه آخر، وهو أن علية الناس يترفَّعُ عن ذلك ويستحي منه، قال أبو خِرَاش: فَجَاءَتْ كَخَاصِي العَيْر لم تحل حاجة ... ولا عاجة منها تَلُوحُ على وَشْمِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 165 865- جَاء بِإِحْدَى بَنَاتِ طَبَقٍ. بنتُ طَبَق: سُلَحْفاة تزعُم العرب أنها تبيض تسعا وتسعين بيضة كلها سَلاَحف وتبيض بيضة تنقف عن أسْوَد. يضرب للرجل يأتي بالأمر العظيم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 165 866- جَاءَ الْقَوْمُ كَالْجَرَادِ المُشْعِلِ. بكسر العين: أي متفرقين من كل ناحية، قال الشاعر: والخيل مُشْعِلَة في ساطع ضَرِمٍ ... كأَنَّهن جَرَادٌ أو يَعَاسِيبُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 165 867- جَاءَ فُلاَنٌ كَالْحَرِيقِ المُشْعَلِ. هذا بفتح العين، إذا جاء مُسْرعا غَضْبان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 165 868- جَوِّعْ كَلْبَكَ يَتْبَعْك. ويروى "أجِعْ كلبك" وكلاهما يضرب في معاشرة اللئام وما ينبغي أن يعاملوا به. قال المفضل: أول من قال ذلك مَلِك من ملوك حِمْيَر كان عنيفا على أهل مملكته: يَغْصِبُهم أموالهم، ويَسْلُبهم ما في أيديهم، وكانت الكَهَنة تخبره أنهم سيقتلونه، فلا يَحْفِل بذلك، وإن امرأته سمعت أصوات السؤال فقالت: إني لأرْحَم هؤلاء لما يَلْقَوْن من الجَهْد، ونحن في العيش الرَّغد، وإني لأخاف عليك أن يصيروا سِبَاعا، وقد كانوا لنا أتباعا، فرد عليها "جَوِّعْ كلبك يتبعك" وأرسلها مثلا، فلبث بذلك زمانا، ثم أغزاهم فغنموا ولم يَقْسِمْ فيهم شيئا، فلما خرجوا من عنده قالوا لأخيه وهو أميرهم: قد ترى ما نحن فيه من الجَهْد، ونحن نكره خروجَ المُلْكِ منكم أهلَ البيت إلى غيركم فساعِدْنا على قتل أخيك، واجلس مكانه، وكان قد عَرَف [ص: 166] بَغْيه واعتداءه عليهم، فأجابهم إلى ذلك، فوثَبوا عليه فقتلوه، فمر به عامر بن جذيمة وهو مقتول وقد سمع بقوله "جوع كلبك يتبعك" فقال: ربما أكل الكلب مؤدِّبه إذا لم ينل شبعه، فأرسلها مثلا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 165 869- اجْعَلْ ذلِكَ فِي سِرِّ خَمِيرَةٍ. أي اكْتُمْ ما فعلت ولا تعلمه أحدا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 166 870- جَاءَ بِالْشَّوْكِ وَالشَّجَرِ. يضرب لمن جاء بالشيء الكثير من كل ما كان من جيش عظيم وغيره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 166 871- جَاوَزَ الحِزَامُ الطُّبْيَيْنِ. الطُّبْي للحافر والسباع: كالضَّرْع لغيرها. يضرب هذا عند بلوغ الشدة مُنْتَهاها. وكتب عثمان إلى علي رضي الله عنهما لما حُوصِر "أما بعد فإن السَّيْلَ قد بلغ الزُّبى، وجاوز الحِزَامُ الطُّبْيَيْنِ، وتجاوز الأمر بي قَدْرَه، وطَمِعَ فيَّ مَنْ لا يدفع عن نفسه وإنَّكَ لم يَفْخَرْ عَلَيْكَ كَفَاخِرٍ ... ضَعِيفٍ، ولم يَغْلِبْكَ مثلُ مُغَلَّبِ ورأيت القوم لا يقصرون دون دمي فإن كُنْتُ مأكُولاً فكُنْ أنت آكِلِي ... وإلاَّ فأدْرِكْنِي وَلَمَّا أُمَزَّقِ" الجزء: 1 ¦ الصفحة: 166 872- جَاحَشَ عَنْ خَيْطِ رَقَبَتِهِ. خيط الرقبة: نُخَاعها، وجاحَشَ: دافَعَ يضرب لمن دافع عن نفسه. قلت: أصله من الْجَحْش الذي هو سَحْج الْجَلْد، يقال: أصابه شيء فجَحَش وجهه، أي قَشَرَه، ومنه الحديث "فجُحِشَ شِقُّه الأيمن" والدافع عن نفسه يَجْحَش ويُجْحَش. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 166 873- جَاءَ بِقَرْنَيْ حِمَارٍ. إذا جاء بالكذب والباطل، وذلك أن الحمار لا قَرْنَ له، فكأنه جاء بما لا يمكنْ أن يكون. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 166 874- اجْرِ ما اسْتَمْسَكْتَ. يضرب للذي يفر من الشر: أي لا تَفْتُر من الهرب وباَلِغْ فيه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 166 875- جَمِّعْ لَهُ جَرَامِيزَكَ. جَرَامِيز الرجل: جَسَده وأعضاؤه. يضرب لمن يؤمر بالْجَلَد على العمل. وجراميز الثور وغيرِه: قوائمهُ، يقال: ضَمَّ الثور جراميزه ليثب، قال الهُذَلي يصف حمار وَحْش: وَأَصْحَمَ حَامٍ جَرَامِيزَهُ ... حَزَابيةَ حَيَدَى بالدِّحَالْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 166 876- اجْعَلُه فِي وِعَاءِ غَيْرِ سَرِبٍ. قال أبو عبيد: يضرب في كتمان السر وأصله في السِّقَاء السائل، وهو السَّرِبُ يقول: لا تُبْدِ سرَّك إبداء السقاءِ ماءه، وتقديره : اجعله في وِعاء غيرِ سَرِبٍ ماؤه. لأن السَّيَلان يكون للماء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 167 877- جَشِمْتُ إِلَيْكَ عَرَقَ القِرْبَةِ. أي تكلفت لك ولأجلك أمراً صعباً شديداً، وسيأتي شرحه في باب الكاف إن شاء الله تعالى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 167 878- أَجْنَاؤُهَا أَبْنَاؤُهَا. قال أبو عبيد: الأجناء: هم الْجُنَاة، والأبناء: البُنَاة، والواحد جَانٍ وبَانٍ، وهذا جميع عزيز في الكلام، أن يجمع فاعل على أفعال، قال: وأصل المثل أن ملكا من ملوك اليمن غزا وخَلَّف بنتاً، وأن ابنته أَحْدَثَتْ بعده بنياناً قد كان أبوها يكرهه، وإنما فعلت ذلك برأي قوم من أهل مملكته أشاروا عليها وزَيَّنوه عندها، فلما قدم الملك وأخبر بمَشُورَة أولئك ورأيهم أمرهم بأعيانهم أن يَهْدِموه، وقال عند ذلك : أَجْنَاؤُهَا أبناؤها، فذهبت مثلا. يضرب في سُوءِ المَشُورَةِ والرأي، وللرجل يعمل الشيء بغير روِيَّة ثم يحتاج إلى نقض ما عمل وإفساده. ومعنى المثل: إن الذين جَنَوْا على هذه الدار بالهَدْم هم الذين عَمَروها بالبناء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 167 879- الْجَرْعُ أَرْوَى وَالرَّشِيفُ أَنْقَعُ. الرَّشْفُ والرَّشِيف: المصُّ للماء، والْجَرْع: بَلْعه، والنَّقْعُ: تسكين الماء للعطش، أي أن الشراب الذي يُتَرَشَّفُ قليلا قليلا أَقْطَعُ للعطش وأنجع وإن كان فيه بطء، وقوله "أورى" أي أَسْرَعُ رِيًّا، وقوله "أنقع" أي أَثْبَتُ وأدوم ريا، من قولهم "سُمٌّ ناقع" أي ثابت. يضرب لمن يقع في غنيمة فيؤمر بالمبادرة والاقتطاع لما قدر عليه قبل أن يأتيه مَنْ ينازعه. وقيل: معناه أن الاقتصاد في المعيشة أبلغ وأَدْوَمُ من الإسراف فيها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 167 880- جَمِّلْ وَاجْتَمِلْ. يقال: جَمَلْتُ الشحمَ واجْتَمَلْتُه أي أذبْتُه، وجَمَّلَ بالتشديد للكثرة والمبالغة. يضرب لمن وقع في خِصْبٍ وسَعَة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 167 881- جَلْبَ الكَتِّ إِلَى وَئِيَّةٍ. الكتّ: الرجلُ الكَسُوب الجْمَوُع، والوَثِيَّة: المرأة الحفوظ. يضرب للمتوافِقَيْنَ في أمر. [ص: 168] ونصب "جَلْبَ" على المصدر: أي اجلب الشيء جَلْبَ الكت. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 167 882- جَزَيْتُهُ كَيْلَ الصَّاعِ بِالصّاعِ. إذا كافأتَ الإحسانَ بمثله والإساءةَ بمثلها، قال: لاَ نأْلَمُ الْجَرْحَ ونجزي به الْـ ... أعداء (الأعداء) كَيْلَ الصَّاعِ بالصَّاِع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 168 883- جَاءَ بالْهَيْلِ وَالْهَيْلَمَانِ. إذا جاء بالمال الكثير، وقال أبو عبيد: أي بالرمل والريح، ويروى الهَيْلُمان بضم اللام على وزن الْحَيْقُطَانِ، وقال بعضهم: هو فَعْلُمان من الهَيْل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 168 884- جَاءَ بِالتُّرَّهِ. هو واحد التُّرَّهَات، وكذلك "جاء بالتَّهَاتِهِ" وهي جمع التَّهْتَهْة، وهي اللُّكْنة، قال القُطَامي: ولم يكن ما اجْتَدَيْنَا من مَوَاعدها ... إلا التَّهَاتِهَ والأمنية السَّقَمَا قال الأصمعي: التُّرَّهات: الطرقُ الصغار غير الجادة التي تتشعب عنها، والواحدة تُرَّهة فارسي معرب، ثم استعير في الباطل فقيل: التُّرَّهَاتُ البَسَابِسُ، والترهَاتُ الصَّحَاصِحُ، وهي من أسماء الباطل، وربما جاء مُضَافاً يقولون: تُرَّهَاتُ الْبَسَابِسِ، وهي قلب السباسب، يعنون المَفَاوز، قال الليث: معناه جئْتَ بالكذب والتخليط، قال: والبسابس التي فيها شيء من الزخرفة، وقال الأخفش: هي التي لا نظام لها، وناس يقولون: تره، والجمع تراريه، وأنشدوا: رُدُّوا بني الأعْرَجِ إبْلِي مِنْ كَثَبْ ... قبل التَّرَارِيِة وبُعْدِ المُطَّلَبْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 168 885- جَرَى فُلاَنٌ السُّمَّةَ. أي جَرَى جَرْىَ السُّمَّةِ، فحذف المضاف يقال: سَمَهَ الفرسُ يَسْمَهُ سُمُوهاً، إذا جرى جرياً لا يعرف اإعياء، فهو سَامِه، والجمع: سُمَّه، قال رؤبة: يا لَيْتَنَا والدَّهْرَ جَرْىَ السُّمَّهِ ... أي يجري جرى السمه التي لا تعرف الإعياء، ويروى: لَيْتَ المَنَا وَالدَّهْرَ جَرْىَ السُّمَّةِ ... أراد المَنَايا، فحذف كما قال الآخر: ولبس العَجَاجَة والْخَافِقَات ... تُرِيكَ الْمَنَا بِرُؤُوسِ الأسَلْ والمعنى ليت المنايا لم يخلقها الله ولم يخلق الدهر - أي صروفه - حتى تمتعتُ بعشيقتي، ومثلُه: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 168 886- جَرَى فُلاَنٌ السُّمَّهَي. إذا جرى إلى غير أمرٍ يعرفه، والمعنى جَرَى في الباطل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 168 887- جَدَعَ اللهُ مَسَامِعَهُ. هذا من الدعاء على الإنسان، والمسامع: جمع المِسْمَع وهو الأذن، وجَمَعها بما حولها، كما يقال: غليظ المَشَافر، وعظيم المَنَاكب، ويقال أيضاً "جَدْعاً له" كما يقولون "عَقْراً حَلْقاً". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 169 888- جَاءَ بأُمَّ الرُّبَيْقِ عَلَى أُرَيْقٍ. قال أبو عبيد: أم الرُّبَيْقِ الداهية، وأصله من الحيات. قلت: هذا التركيب يدل على شيء يحيط بالشيء ويَدُور به كالرِّبقْةَ، ورَبَقْتُ فلاناً في هذا الأمر، أي أوقعته فيه حتى ارْتَبَقَ وارْتَبَكَ، فكأن أم الربيق داهية تحيط وتدور بالناس حتى يرتبقوا ويرتبكوا فيها، وأما أُرَيْق فأصله وُرَيْق تصغير أَوْرَق مُرَخَّما، وهو الجمل الذي لونُه لونُ الرمادِ، وقال أبو زيد: هو الذي يَضْرِب لونُه إلى الخضرة، فأبدل من الواو المضمومة همزة، كما قالوا: وُجُوه وأُجُوه ووُقِّتَتْ وأُقِّتَتْ، قال الأصمعي: تزعم العرب أنه من قول رجل رأى الغُولَ على جمل أورق. ويقال أيضا في مثله: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 169 889- جَاءَ بِالرَّقِمِ الرَّقْمَاءِ. إنما أنث وصفه لأنه أراد بالرِّقِمِ الداهية، والرقماء تأكيد له، كما يقال: جاء بالداهية الدهياء، ويقال: وقع فلان في الرَّقِم الرَّقماء، إذا وقع فيما لا يقوم منه، والرَّقِم بكسر القاف لا غير. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 169 890- جَانِيكَ مَنْ يَجْنِي عَلَيْكَ. يقال: جَنَى عليه جِناية، وأراد صاحب جنايتك من يجني عليك، فلا تأخذ بالعقوبة غيره. وأَجْوَدُ من هذا ما قاله أبو عمرو، قال: يعني الذي تلحقك منفعتُه هو الذي يلحقك عَارُه وتُعير بقبيحه، قلت: يريد الذي يجني لك الخير هو الذي يجني عليك الشر، فقولهم: جانيك معناه الجاني لك. يقال: جَنَيْتُ له، ثم تحذف اللام فيقال جنيته، كما يقال: كِلْتُ له ووَزَنْتُ له، ثم تحذف اللام فيقال: كِلْتُه ووَزَنْته. قال تعالى {وإذا كَالُوهم أو وَزَنوهم يخسرون} أي كالوا لهم أو وزنوا لهم، قال الشاعر: ولقد جَنَيْتُكَ أَكْمُؤاً وعَسَاقِلاً ... ولقد نَهَيْتُكَ عن بَنَاتِ الأْوَبِر أي جنيت لك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 169 891- أَجَنَّ اللهُ جِبَالَهُ. قال الأصمعي: المعنى أجن الله جِبِلَّتَه، أي خلقته. قلت: لعله أراد أماته الله فيجَنْ، أي يُسْتَر بأن يدفن. [ص: 170] وقال غير الأصمعي : "أجن الله جباله" أي الجبال التي يسكنها، أي أكثر الله فيها الجنَّ، أي أَوْحَشَها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 169 892- جَاءَ بِرَأْسِ خَاقَانَ. قد مضى هذا المثلُ على الوجه في باب الباء فيما جاء على أفعل منه عند قوله "أبْأَى ممن جاء برأس خاقان". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 170 893- جَاءَ السَّيْلُ بِعُودٍ سَبِيٍّ. أي غريبٍ جَلَبه من مكان بعيد. يضرب للنائي النازح. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 170 894- جَاِوْرمَلِكاً أَو بَحْراً. يعني أن الغِنَى يُوجَدُ عندهما. يضرب في التماس الْخِصْب والسَّعَة من عند أهلهما. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 170 895- جُدَيْدَةٌ فِي لُعَيْبَةٍ. هذا تصغير يراد بن التكبير، أي جدّ سُتِر في لَعِب، كما قيل: "رب جِدٍّ جَرَّهُ اللعب". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 170 896- جِلاَءُ الْجَوْزَاءُ. يقال للذي يبرق ويرعد : جِلاَءُ الْجَوْزَاء، وهو بوارحها، وذلك أنها تطلع غُدْوة فتأتي بريح شديدة ثم تسكن. يضرب للذي يتوعَّد ثم لا يَصْنع شيئاً وتقديره توعُّدُه جِلاَءُ الجوزاء، فحذف للعلم به. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 170 897- جَاءَ بِمُطْفِئَةِ الرَّضْفِ. أي جاءَ بأمر أشدَّ مما مضى، وأصل الرَّضْفِ الحجارةُ المُحْمَاة، أي جاء بداهية أنْسَتْنا التي قبلها فأطفأت حرارتها. يضرب في الأمور العظام. وفي حديث حذيفة رضي الله تعالى عنه حين ذكر الفِتَنَ فقال: "أتتكم الدُّهَيْم" ويروى: "الدُّهَيماء" ويروى "الرقيطاء ترمي بالنَّشْف، والتي تليها ترمي بالرَّضْفِ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 170 898- جَاءَ أَبُوهَا بِرُطَبٍ. قالوا: إن أول من قال ذلك شيهم بن ذي النابين العبدي، وكان فيه فَشَل وضَعْفُ رأيٍ، فأتى أرض النَّبيطِ في نَفَر من قومه فهوِىَ جارية نَبَطية حسناء فتزوجها فنهاه قومه وقال في ذلك أخوه محارب: لم يَعْدُ شيهم أن تزوج مثله ... فهما كشَيْهَمة عَلاَها شَيْهَم ورَسُولُه الساعِي إليها تارةً ... جُعَلٌ وطَوْرا عَضْرَ فُوطٌ ملجم في أبيات بعدهما لا فائدة في ذكرها، ثم إن شيهما صار وحمل معه امرأته حتى أتى قومه وما فيهم إلا ساخر منه، لائم له، فلما رأى ذلك أنشأ يقول: [ص: 171] ألم تَرَنِي أُلاَمُ على نكاحي ... فَتَاةً حُبُّهَا دَهْراً عَنَاني رَمَتْني رَمْيَة كَلَمَتْ فؤادي ... فأوْهَى القَلْبَ رَمْيَةُ من رَمَاني فلو وجد ابنُ ذِي النَّابَيْنِ يَوْماً ... بأخْرَى مثلَ وَجْدِي ما هَجَانِي ولَكِنْ صَدَّ عنه السَّهْم صدّاً ... وعَنْ عُرْض على عَمْد أتاني فلما سمع القومُ ذلك منه كَفُّوا عنه، ثم إن أباها قدِم زائراً لها من أرضه، وحمل معه هدايا منها رُطَب وتمر، فلما ذاق شَيْهم الرطبَ أعجبته حلاوته، فخرج إلى نادي قومه وقال: ما مراء القوم في جمع النَّدِى ... ولقد جاء أبوُها بِرُطَبْ فذهبت مثلا. يضرب لمن يرضى باليسير الحقير. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 170 899- جَنَيتْهُا مِنْ مُجْتَنًى عَوِيصٍ. ويروى "عريض" أي من مكان صَعْب أو بعيد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 171 900- جِئْنِي بِه مِنْ حَسِّكَ وَبَسِّكَ. ويروى "من عَسِّك وبَسِّك" أي ائْتِ به على كل حال من حيث شئت، وقال أبو عمرو: أي من جَهْدك، ويقال: لأطْلُبنه من حَسٍّي وبَسٍّي، أي من جَهْدي، وينشد: تَرَكَتْ بيتي من الأشياء قَفْراً مثلَ أمْسِ ... كل شيء قد جمعت من حَسِّي وبَسِّي قلت: الحَسُّ من الإحساس، والبَسُّ: التفريق، يقال: بَسَسْتُ المالَ في البلاد، أي فرقته. والمعنى من حيث تدركه بحاستك، أي من حيث تُبْصره، ومن روى "عَسِّك" فيجوز أن تكون العين بدلا من الحاء، ويجوز أن يكون من العَسِّ الذي هو الطَّلَب، أي من حيث يمكن أن يُطْلب، وبسك: أي من حيث تُدْرِكه بِرفْقِك، من أبَسَّ بالناقة إذا رَفَقَ بها عند الحلب، أو من حيث انْبَسَّتْ، أي تفرقت. يضرب في اسفراغ الوُسْع في الطلب حتى يعذر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 171 901- جَاء يَنْفُضُ مِذْرَوَيْه. المِذْرَوَان: فَرْعا الأليتين، ولا واحد لهما، ولو كان لهما واحِدٌ لوجب أن يقال في التثنية مِذْرَيَان كما يقال مِقْلَيَانِ في تثنية المِقْلَى، وعبر بنَفْضِ مِذْرَوَيهِ عن سمنه، والعربُ تنفي الغَنَاء عن السمين اللحيم وتُثْبِته للمُخْتَلَق الهضيم (المتخلق - بفتح اللام - التام الخلق المعتدله، والهضيم: الضامر) ولهم فيه أشعار كثيرة ليس هذا موضعها. [ص: 172] يضرب لمن يتوعَّدُ من غير حقيقة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 171 902- جَاء بِالشَّعْرَاءِ الزَّبَّاء. إذا جاء بالداهية الدَّهْياء، وفي حديث الشعبي وقد سئل عن مسألة فقال: زَبَّاء ذاتُ وَبَر، لو سئل عنها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لعضلت بهم. يضرب للداهية يَجْنيها الرجل على نفسه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 172 903- جَدُّكَ لاَكَدُّكَ. يروى بالرفع على معنى جدك يغني عنك لا كدك، ويروى بالفتح أي ابْغِ جَدَّك لا كَدَّك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 172 904- جَلِيسُ السُّوء كالقَيْنِ إِنْ لَمْ يَحْرِقْ ثَوْبَكَ دَخَّنَهُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 172 905- جَاء بِالضَّلاَلِ ابْنِ السَّبَهْلَلِ. يعني بالباطل، قال الأصمعي: جاء الرجل يمشي سَبَهْلَلا، إذا جاء وذهب في غير شيء، قال عمر رضي الله عنه: إني لأكره أن أرَى أحَدَكم سَبَهْلَلا لا في عمل دنيا ولا في عمل آخرة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 172 906- جَاء بِدَبَى دُبَىٍّ، ودَبَى دُبَبَّيْنِ. الدَّبَى: الجرادُ، ودُبَىّ: موضع واسِع، أي جاء بالمال الكثير كدَبَى ذلك الموضع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 172 907- جَاء بالهَئ والجَئْ. أي بالطَّعام والشَّراب، وقال الأموي: هما اسمان من قولهم "جَأْجَأْتُ بالإبل" إذا دعَوْتَهَا للشرب، و "هَأْهَأْتُ بها" إذا دعوتها للعَلَف، وقال بعضهم: هما بكسر الهاء والجيم، وأما قولهم "لو كان ذلك في الهَئ والْجَىْءِ ما نفعه" فهذان بالفتح، وأنشد: وَمَا كَانَ عَلَى الْهِئِْ ... وَلاَ الْجِئِْ امْتِدَاحِيكَا أي لم أمْدَحْكَ لجرِّ منفعة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 172 908- الجَارَ ثُم الدَّار. هذا كقولهم "الرفيق قبل الطريق" وكِلاَهما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أبو عبيد: كان بعضُ فقهاء أهل الشأم يحدِّثُ بهذا الحديث، ويقول: معناه إذا أرَدْتَ شراء دارٍ فَسَلْ عن جِوَارها قبل شرائها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 172 909- جَرْعٌ وَأَوشَالٌ. الجَرْع: شُرْب الماء ريا، والوَشل: الماء القليل، أي المال قليل وأنت مُسْرِف. يضرب للمبذِّر، أي ترفَّقْ وإلا أتَيْت على مالك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 172 910- جَالِنِي أُجالِكَ فَالدَّمْسُ مِنْ فِعَالِكَ. جَالِنِي: من المُجَالاة وهي المُبَارزة، من قولهم "جلاَ عن الوَطَن جلاَء" إذا خرج، والدَّمْسُ: الكتمان، يقال: [ص: 173] دمَسْتُ عليه الخبرَ، أي كتمته، يقول: بارِزْنِي للعداوة أبارِزك فشأنك المُخَاتلة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 172 911- جَلَّزُوا لَوْ نَفَعَ التَّجْلِيزُ. يقال: جَلَزْتُ السكيَن جَلْزا، إذا شددت مَقْبِضَه بِعِلْباء البعير، وكذلك التجليز، أي أحْكَمُوا أمْرَهم لو نفع الإحكام يعني هربوا، ولكن القَدَر ألحق بهم ولم ينفعهم الحذر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 173 912- جِدَّ لامْرِئِ يَجِدَّ لَكَ. أي أحِبَّ له خيراً يحبَّ لك مثلَه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 173 913- الجَدْبُ أَمْرَأُ لِلْهَزيِلِ. يضرب للفقير يُصِيبُ المال فيطغى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 173 914- جَرْىُ الشَّمُوسِ نَاجِزٌ بِناجِزٍ. يضرب لمن يُعَاجل الأمر، فيكافئ بالخير والشر من ساعته. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 173 915- اجْعَلْنِي مِنْ أُدْمَةِ أَهْلِكَ. الأدْمَة: الوسيلة، وهي القرب، أي اجعلني من خاصتهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 173 916- اجْعَلْ مَكَانَ مَرْحَبٍ نُكْراً. أي اجْعَلْ مكان بِشْرِك وتحيتك قَضَاء الحاجة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 173 917- جَفَّ حِجْرُكِ وطابَ نَشْرُكِ، أَكلْتِ دَهَشاً وحَطَبْتِ قِمْشاً. قال يونس بن حَبيب: كان من حديث هذين المثلين أن امرأة زَارَتْها بنتُ أخيها وبنت أختها، فأحسنت تزويرهما، فلما كان عند رجوعهما قالت لابنة أخيها: جفَّ حِجْرُكِ وطاب نَشْرُكِ، فسُرَّتِ الجارية بما قالت لها عمتها، وقالت لابنة أختها: أكَلْتِ دَهَشاً وحَطَبْتِ قِمْشاً، فوجدت بذلك الصبية وشق عليها ما قالت لها خالتها، فانطلقت بنت الأخ إلى أمها مسرورة، فقالت لهما أمها: ما قالت لك عمتك؟ فقالت: قالت لي خيرا ودَعَتْ لي، قالت: وكيف قالت لك؟ قالت: قالت جَفَّ حِجْرُك وطاب نَشْرك، قالت: أي بنية، ما دَعَتْ لك بخيرٍ، ولكن دعت بأن لا تشمي ولدا أبدا فيبل حجرك ويغير نَشْرَكِ، وانطلقت الأخرى إلى أمها، فقالت لها أمها: ما قالت لك خالتك؟ قالت: وما عَسَى أن تقول لي؟ دعَتْ الله علي، قالت: وكيف قالت لك؟ قالت: قالت أكَلْتِ دَهَشاً وحَطَبْتِ قِمْشاً، قالت: بل دعت الله لك يا بنية أن يكثر ولَدُكِ فينازعوك في المال ويقمشوك حطبا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 173 918- أَجَاءَهُ الْخَوْفُ إِلَى شَرِّ شِمِرٍّ. المعنى ألجأه الخوفُ، وردَّه إلى شر شديد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 173 919- جَارَكَ الأَدْنى لا يَعْلُكَ الأَقْصَى. أي احفظ أدنى جارك لا يقدر عليك ولا على لومك الأقصى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 173 920- جَدَّ صَفِيُر الْحَنْظَلِىِّ. أصلُ هذا أن رجلين أحدهما من بني سعد والآخر من بني حنظلة، خرجا فاحتفرا زُبْيَتَين، فجلس كل واحد منهما في واحدة، وجعلا أمارة ما بينهما الصفير إذا أبْصَرَا صيدا، فزعموا أن أسدا مرَّ بالحَنْظَلى، فأخَذَ برجله، فَخَبطه الأسد بيده، فَغوَّثَ وصاح صِياحاً شديداً فقال السعدي : جَدَّ صفيرُ الحنظلى، أي اشتد، أي فالهرب فإن قربه شر. يضرب لمن قرب منه الشر ودَنَا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 174 921- سَنُجَرِّبُكَ إِذَنْ. وذلك أن رجلا مات فجعل أخوه يبكيه ويقول: وا أخَاه، كان خيرا مني، إلا أني أعْظَمُ جُرْدَاناً منه، فقالت امرأة الميت : سنجَرِّبُك إذن، فذهبت مثلا. يضرب لمن ادَّعَى أمرا فيه شبهة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 174 922- جِبَابٌ فَلا تَعْنَ أَبْرَا. قالوا: الجباب: الْجُمَّار، قلت: والصحيح أن الجِبَابَ جمع جُبّ، وهو وِعاء الطَّلْع، ويقال له أيضاً: جُفّ، وفي الحديث أن دفين النبي صلى الله عليه وسلم جعل في جُبِّ طلعة، والأبْرُ: تَلْقيح النخل وإصلاحه. يضرب للرجل القليل الخير، أي هو جِباب ولا طَلْع فيه فلا تعن في إصلاحه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 174 923- جَدُّ امْرِئٍ فِي قَائِيِهِ. أي يتبين جَدُّك في قائِتِك الذي يَقُوتك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 174 924- جَاءَتْهُمْ عَوَاناً غَيْرَ بِكْرٍ. أي مستحكمة غير ضعيفة، يريدون حَرْبا أو داهية عظيمة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 174 925- جَاءَ بِالَّتي لاَ شَوَى لَهَا. الشَّوَى: الأطراف مثل اليدين والرجلين والرأس من الآدميين وغيرهم، أي جاء بالداهية التي لا تُخْطِئ، أو التي لا طَرَفَ لها ولا نهاية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 174 926- جَبَانٌ ما يَلْوِى عَلَى الصَّفِير. ما يَلْوِى: أي ما يُعَرَّجُ لشدة جُبْنه على من يَصْفر به. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 174 927- أَجْرِ الأُمُورَ عَلَى أَذْلاَلِهَا. أي على وُجُوهها التي تصلُح وتسهل وتتيسر، ويقال: جاء به على أذلاله، أي على وَجْهه، ويقال: دَعْه على أَذْلاَله: أي على حاله، أنشد أبو عمرو للخَنْساء: لتُجْرِ المنِيَّةُ بعد الْفَتَى الْـ ... ـمُغَادَرِ (المغادر) بالمحو أذْلاَلَها [ص: 175] ويروى "المغادر بالنعف" وهما موضعان وأرادت لتجر المنية على أذلالها فحذفت على فوصل الفعل فنصب، وواحد الأذلال ذِلٌّ بالكسر، قال المرزوقي: ومعنى البيت لَسْتُ آسى على شيء بعده فلتجر المنية على طرقها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 174 928- الْجَمَلُ مِنْ جَوْفِهِ يَجْتَرُّ. يضرب لمن يأكل من كَسْبه أو ينتفع بشيء يَعْود عليه بالضرر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 175 929- جَاءَ نَافِشاً عِفْرِيَتَهُ. إذا جاء غَضْبان، والعِفْرِيَةُ: عُرْفُ الديك، وكذلك العفراء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 175 930- جَاءَ بِالشُّقَرِ وَالبُقَرِ وَبِبَنَاتِ غَيْرٍ. ويروى "بالصُّقَر" والغَيرْ: الاسم من قولك "غَيَّرْتُ الشيء فتغير" ويراد ههنا جاء بالكلام المغيَّرِ عن وَجْه الصدق، والشُّقَر والبُقَر: اسم لا يُعْرف، أي جاء بالكذب الصريح. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 175 931- جَاءَ وَفِي رَأْسِهِ خُطَّةٌ. إذا جاء وفي نفسه حاجة قد عَزَم عليها والأصل في هذا أن أحدهم إذا حَزَبه أمرٌ أتى الكاهِنَ فخَطَّ له في الأرض يَسْتَخْرِج ما عَزَم عليه، والخُطَّة: فُعْلة بمعنى مَفْعولة، نحو الغُرْفَة من الماء واللُّقْمَة والنُّجْعَة اسم لما ينتجع، أخِذَتْ من الخَطِّ الذي يستعمله الكاهن في وقوع الأمر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 175 932- جَاءَ بِصَحِيَفِة المُتَلَمِّسِ. إذا جاء بالداهية، وقد ذكَرْتُ قصتَه في باب الصاد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 175 933- جَعَلَ اللهُ رِزْقَهُ فَوْتَ فَمِهِ. أي جعله بحيث يَرَاه ولا يَصِلُ إليه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 175 934- جَنْدَلَتَانِ اصْطَكَّتَا. يضرب للقِرْنَيْنِ يتصاولان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 175 935- جَزَيْتُهُ حَذْوَ النَّعْلِ بِالنَّعْلِ. يضرب في المُكافَأة ومُسَاواتها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 175 936- جَارُهُ لَحْمُ ظَبْيٍ. يضرب لمن لا غَنَاء عنده، قال الشاعر: فَجَارُكَ عند بيتِكَ لحمُ ظَبْيٍ ... وجارِي عِنْدَ بيتي لا يُرَامُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 175 937- جَمَالَكَ. أي الْزَمْ ما يُورِثُكَ الْجَمَالَ، يعني أَجْمِلْ ولا تفعل ما يَشِينُكَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 175 938- جَاءَ صَرِيمَ سَحْرٍ. إذا جاء آيسا خائبا، قاله ابن الأعرابي، وأنشد: أَيَذْهَبُ ما جَمَعْتُ صريمَ سَحْرٍ ... طليفاً؟ إنَّ ذَا لَهُوَ الْعَجِيبُ قلت: الصَّرِيم بمعنى المَصْرُوم، [ص: 176] والسَّحْر: الرئَةُ، والطليف - بالطاء والظاء - المجَّانُ، يقال: ذهب فلان بغلامي طليفا، أي بلا ثمن، وتقدير البيت: أيذهب ما جمعته وأنا مجهود مكدود مَجَّانا، والصَّرْم: القَطْع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 175 939- جَاءَ بِذَاتِ الرَّعْدِ وَالصَّلِيلِ. إذا جاء بشر وَعْر، يعني جاء بسحابة ذات رَعْد، والصَّليل: الصَّوْتُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 176 940- اجْعَلُوا لَيْلَكُمْ لَيْلَ أَنْقَدَ. يضرب في التحذير، لآن القُنْفُد لا ينام ليلَه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 176 941- جَاؤُا عَلَى بَكْرَةِ أَبِيهمْ. قال أبو عبيد: أي جاؤا جميعاً لم يتخلَّف منهم أحد، وليس هناك بكرة في الحقيقة. وقال غيره: البَكْرَة تأنيث البَكْر وهو الفتيُّ من الإبل، يصفهم بالقِلَّة، أي جاؤا بحيث تحملهم بكرة أبيهم قِلَّة، وقال بعضهم: البكرة ههنا التي يُسْتَقَى عليها، أي جاؤا بعضهم على أثَرِ بعضٍ كدَوَرَان البكرة على نَسَق واحد، وقال قوم: أرادوا بالبكرة الطريقَةَ، كأنهم قالوا: جاؤا على طريقة أبيهم أي يَتَقَيَّلُون أثرَه، وقال ابن الأعرابي: البكرة جماعة الناس، يقال: جاؤا على بَكْرتهم، وبَكْرة أبيهم، أي بأجمعهم قلت: فعلى قول ابن الأعرابي يكون "على" في المثل بمعنى مع، أي جاؤا مع جماعة أبيهم أي مع قبيلته، ويجوز أن يكون "على" مِنْ صلة معنى الكلام، أي جاؤا مشتملين على قبيلة أبيهم، هذا هو الأصل، ثم يستعمل في اجتماع القوم وإن لم يكونوا من نسب واحد، ويجوز أن يراد البكرة التي يستقى عليها، وهي إذا كانت لأبيهم اجتمعوا عليها مُسْتَقِينَ لا يمنعهم عنها أحد، فشبه اجتماع القوم في المجيء باجتماع أولئك على بكرة أبيهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 176 942- جِئْتَ بِأَمْرٍ بُجْرٍ وَدَاهِيَةٍ نُكْرٍ. البُجْر: الأمر العظيم، وكذلك البُجْرِيُّ والجمع البَجَارِي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 176 943- جَذَّ اللهُ دَابِرَهُمْ. أي استأصلهم وقطع بقيتهم، يعني كل من يخلفهم ويدبرهم، وقال: آل المهلب جَذَّ الله دَابِرَهُمْ ... أمْسَوْا رَمَاداً فلا أصْلٌ وَلاَ طَرَفُ أي لا أصل ولا فرع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 176 944- جَلَوْا قَمّاً بِغَرفَةٍ. الغَرَفَة: الثُّمَام بعينه لا يُدْبَغ به، وإنما يُجَذُّ للمكانس، والغَرْف - بسكون الراء - يدبغ به، والقَمُّ: الكَنْس. وأصل هذا أن رجلا سأل أعرابيا عن [ص: 177] قوم كانوا في محلة، فقال له : جَلَوْا قَمًّا بِغَرَفَة، أي جَلَوْا وتحوّلوا عن محلتهم فخلا ذلك لموضُع منهم وعَفَتْ آثارهم كما يُقَمّ المكان بالغَرَفَة، ونصب "قما" على المصدر، كأَنه قال: جَلَوا جَلاَءَ كاملا تاما، فكأن مكانهم قُمّ منهم قما بمكنسة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 176 945- جَاؤُا عَنْ آخِرِهِمْ، وَمِنْ عِنْدِ آخِرِهِمْ. أي لم يَبْقَ منهم أحد إلا جاء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 177 946- جُرُفٌ مُنْهَالٌ، وَسَحَابٌ مُنْجَالٌ. يقولون: كيف فلان؟ فيقال: جُرُفٌ منهال، أي لا حَزْم عنده ولا عقل، والْجُرُف: ما تجرّفته السيولُ من الأودية، والمُنْهال: المُنْهار، يقال: هُلْتَه فانهال، أي صببته فانْصَبَّ، والسحاب المنجال: المنكَشِف، يراد أنه لا يطمع في خيره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 177 947- جَدْبُ السَّوْءِ يُلْجِئُ إِلى نُجْعَةِ سَوْءٍ. يعني أن الأمور كلها تتشاكل في الجودة والرداءة، فإذا كان جَدْبُ الزمان بَلَغَ النهاية في الشر ألجأ إلى شر نُجْعَة ضرورة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 177 948- جَاءَ يَفْرِي الفَرِيَّ وَيَقُدُّ. أي يعمل العجب. يضرب لمن أجاد العملَ وأسرع فيه. قلت: الفَرِيُّ فَعِيل بمعنى مفعول، وفَرِيَ بالكسر يَفْرَي فَرًى تحيَّر ودهش، والفَرْىُ: القطع والشَّقّ، وكذلك القد، فقولهم "يفري الفرى" أي يعمل العملَ يفري فيه أي يتحير من عجيب الصنعة فيه، ومنه قوله تعالى {لقد جئت شيئاً فَرِيا} أي شيئا يتحير فيه ويتعجب منه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 177 949- جَزَاهُ جَزَاءَ شَوْلَةَ. هذا مثل قولهم "جزاء سِنِمَّار" في أنهما صَنَعَا خيراً فَجُزِيا بصنيعهما شراً، وقال: جَزَتْنَا بنو لَحْيَانَ أمسِ بِفِعْلِنَا ... جَزَاء سِنِمَّارٍ بمَا كَانَ يَفْعَلُ والسنمار في لغة هُذَيل: اللِّصُّ، وذلك أنهم يقولون للذي لا ينام الليل سنمار، فسمى اللص به لقلة نومه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 177 950- جَاءَ كأَنَّ عَيْنَيْه فِي رمْحَيْنِ. يضرب لمن اشتدَّ خوفُه ولمن اشتد نَظَره من الغضب، وكأنهم عَنَوْا به برق بصره كما يبرق السنان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 177 951- جَاءَ تُرْعَدُ فَرَائِصُهُ. الفَرِيصَة: لُحْمة بين الثَّدْي ومرجع الكَتفِ، وهما فريصتان، إذا فزع الرجلُ أو الدابة أرْعِدَتَا منه. [ص: 178] يضرب للجَبَان يَفْزَع من كل شيء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 177 952- جَاءَ يَتَخَرَّمُ زَنْدُهُ. أي جاء ساكنا غَضَبُه، يقال: تخرّم زَنْدُ (في القاموس والصحاح "تخرم زبد فلان" بالباء في "زبده" لا بالنون) فلانٍ، أي سكن غضبه، ويقال: معناه جاء يركبنا بالظلم والحُمْقِ، فإن صح هذا فهو من قولهم "تَخَرَّمهم الدهر" و "اخترمهم" أي استأصلهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 178 953- جَلِيلةٌ يَحْمِى ذَرَاهَا الأَرْقَمُ. الجَلِيل: الثُّمَام، والذَّرَى: الكَنَفُ. يضرب للضعيف يكنفه القوي ويعينه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 178 954- جَلِيفُ أَرْضٍ مَاؤُهُ مَسُوسُ. الجَلِيفُ من الأرض: الذي جَلَفَتْه السنَةُ، أي أخَذَتُ ما عليها من النبات، والمَسُوس: الماء العذب المَذَاقِ المريء في الدواب. يضرب لمن حَسُنَتْ أخلاقه وقَلَّتْ ذاتُ يده. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 178 955- جَعَلْتَ لِيَ الْحَابِلَ مِثْلَ النَّابِلِ. يقال: إن الحابل صاحبُ الحِبالة التي يُصَاد بها الوحشُ، والنابل: صاحب النّبْل يعني الذي يَصِيد بالنبل، ويقال: إن الحابل في هذا الموضع السَّدَى والنابل اللُّحْمَة. يضرب للمخلط، ومثله "اختلط الحابل بالنابل". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 178 956- جَذْبُ الزِّمَامِ يَرِيضُ الصِّعَابَ. يضرب لمن يأبى الأمر أولا ثم ينقاد آخراً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 178 957- جَدَّ جِرَاءُ الْخَيْلِ فِيكُمْ يَاقُثَمُ. يضرب في الْتِحَام الشر بين القوم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 178 958- جُلُوفُ زَادٍ لَيْسَ فِيهَا مَشْبَعُ. الْجُلُوف: جمع جِلْفٍ، وهو الظَّرْف والوِعاء، والمَشْبِع: الشِّبَعَ. يضرب لمن يتقلّد الأمور ولا غَنَاء عنده. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 178 959- جَاءَ بِطَارِفَة عَيْنٍ. أي بشيء تتحيَّر له العين من كثرته، يقال: عين مَطْروفة، إذا أصيب طَرْفُهَا بشيء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 178 960- جَهِلَ مِنْ لَغَانِينَ سُبُلاَتٍ. اللُّغْنُون: مَدْخَل الأودية، وسُبُلاَت: جمع سَبيل، مثل طُرُقات وصُعُدات في جمع طريق وصعيد. وأصل المثل أن عمرو بن هند الملك قال: لأجَلِّلَنَّ مواسل الرَّبْط، مصبوغا بالزيت، ثم لأشْعِلَنَّه بالنار، فقال رجل : جَهِلَ من لَغَانين سُبُلات، أي لم يَعْلم مشقة الدخول من سُبُلات لَغَانين، يريد المضَايق منها، ومواسل (في القاموس أن اسمه مويسل) : في رأس جبل من جبال طيء [ص: 179] يضرب مثلا لمن يُقْدم على أمر وقد جهل ما فيه من المشقة والشدة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 178 961- جَاءَ يَسُوقُ دَبَى دُبَيَّيْنِ. أي يسوق مالاً كثيراً، وأنشد: بَاتَتْ وبات ليلُها دَبَى دَبَى ... أي ليلُها ليلٌ شديد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 179 962- جَاؤُا بِالْحَظِرِ الرَّطْبِ. أي جاؤا بالكثير من الناس، وقال: أعانت بنو الحرّيش فيها بأربع ... وجاءت بنو العَجْلاَن بالحَظِرِ الرَّطْبِ يمدح بني العجلان، وأصل الحظِرِ الحطبُ الرطْبُ يجعل منه الحظيرة للابل، ويحتاج فيها إلى كثرة، فصار عبارةً عن الشيء الكثير، ويعبر به أيضاً عن النميمة، ومنه قوله: ولم يَمْشِ بين القوم بالحظِرِ الرَّطْبِ ... أي بالنميمة، كما قيل في قوله تعالى: {حمالَةَ الحَطَبِ} في بعض الأقوال. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 179 963- جَاءَ بِمَا صَأَى وَصَمَتَ. يقال: صَأَى يَصْأى صُئِيَّا، ثم يقلب فيقال: صَاء يَصِيء مثل جَاء يَجيء، ومن هذا قولهم "تلدغ العقربُ وتَصِيء" أرادوا بما صأى الشاءَ والإبلَ، وبما صمت الذهبَ والفضة، ويقال بل معناه "جاء بالحَيَوَان والجماد" أي بالشيء الكثير، ومن هذا قول قصير بن سعد للزباء "جئتُكِ بما صَأَى وصَمَتَ" أي بكل شيء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 179 964- جَاءَ بِمَا أَدَّتْ يَدٌ إِلى يَدٍ. يضرب عند الْخَيْبة، ويراد به تأكيد الإخفاق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 179 965- جَبَّتْ خُتُونَةٌ دَهْراً. الجَبُّ: القَطْع، والخُتُونة: المصاهرة، ودهر: اسم رجل تزوج امرأة من غير قومه فقطعته عن عشيرته، فقيل هذا. يضرب لكل من قَطَعك بسبب لا بوجب القطع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 179 966- جَرْجَرَ لَمَّا عَضَّهُ الكَلُّوب. الجَرْجَرَة: الصوت، والكَلُّوب: مثل الكُلاَّب وهو المِهْمَاز يكون في خُفِّ الرائِضِ يَنْخَسُ به جنبَ الدابة، وهذا مثل قولهم "دَرْدَبَ لما عَضَّهُ الثَّقَاف" يضرب لمن ذل وخضع بعدما عز وامتنع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 179 967- جَدُّكَ يَرْعَى نَعَمَك. يضرب للمِضْيَاع المَجْدُود. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 179 968- جَاءَ بِالْحِلْقِ وَالإِحْرَافِ. الحِلْقُ بكسر الحاء: الكثيرُ من المال وأحْرَفَ الرجلُ وأهرفَ إذا نما مالُه. يضرب لمن جاء بالمال الكثير. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 179 ما جاء على أفعل من هذا الباب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 180 969- أَجْبَنُ مِنَ الْمَنْزُوفِ ضَرِطاً. قالوا: كان من حديثه أن نسوة من العرب لم يكن لهنَّ رجلٌ، فزوجْنَ إحداهن رجلا كان ينام الضحى، فإذا أتينه بصَبُوح قُلْنَ: قم فاصْطَبِحْ، فيقول: لو نَبَّهْتنني لعاديةٍ، فلما رأين ذلك قال بعضهن لبعض: إن صاحبنَا لشُجاع، فتعاَلَيْنَ حتى نجربه، فأتينه كما كنَّ يأتينه فأيقظنه، فقال: لو لعادية نبهتنني، فقلن: هذه نَوَاصي الخيل، فجعل يقول: الخيل، الخيل، ويَضْرُط، حتى مات وفيه قول آخر، قال أبو عبيدة: كانت دَخْتَنُوس بنتُ لقيط بن زُرَارة تحت عمرو بن عمرو، وكان شيخاً أبْرَصَ، فوضع رأسه يوماً في حِجْرها فهي تهمهم في رأسه إذ جَخَفَ عمرو وسال لُعابه، وهو بين النائم واليقظان، فسمعها تؤفِّف، فقال: ما قلت؟ فحادت عن ذلك، فقال لها: أيَسُرُّك أن أفارقك؟ قالت: نعم، فطلقها فنكحها فتى جَميل جسيم من بني زُرَارة، قال محمد بن حبيب: نكحها عمير بن عمارة ابن معبد بن زرارة، ثم إن بكر بن وائل أغاروا على بني دارم، وكان زوجها نائما يَنْخَر، فنبهته وهي تظن أن فيه خيراً، فقالت: الغارة، فلم يزل الرجل يَحْبق حتى مات، فسمى المنزوف ضرطا، وأخِذَت دَخْتَنُوس، فأدركهم الحى فطلب عمرو بن عمرو أن يَرُدُّوا دختنوس، فأبوا، فزعم بنو دارم أن عمرا قتل منهم ثلاثة رَهْطٍ، وكان في السَّرْعَان، فردوها إليه، فجعلها أمامه، وقال: أيَّ خَلِيلَيْكِ وَجَدْتِ خَيْرَا ... أألْعَظِيم فَيْشَةً وأيْرَا أمِ الذي يأتِي العَدُوّ سَيْرا ... وردها إلى أهلها. ويقال في حديثه غير هذا، زعموا أن رجلين من العرب خَرَجا في فَلاَة، فلاحت لهما شجرة، فقال واحد منهما لرفيقه: أرى قوما قد رَصَدُونا، فقال الرفيق: إنما هو عُشَرة، فظنَّه يقول عَشَرَة، فجعل يقول: وما غَنَاء اثنين عن عَشَرة؟ ويضرط حتى مات. ويقال فيه وجه آخر، زعموا أنه كانت تحت لُجَيم بن صَعْب بن علي بن بكر بن وائل امرأةٌ من غنزة بن أسد بن ربيعة يقال لها حَذَامِ بنت العتيك بن أسلم بن يذكر ابن عنزة بن أسد بن ربيعة، فولدت له عجل ابن لجيم والأوقص بن لجيم، ثم تزوج بعد حذام صفية بنت كاهل بن أسد بن خزيمة، [ص: 181] فولدت له حَنيفة بن لجيم، ثم إنه وقع بين امرأتيه تنازع فقال لجيم: إذا قالت حَذَامِ فصدِّقوها ... فإن القول ما قالت حَذَامِ فذهبت مثلا، ثم إن عجل بن لجيم تزوج الماشرية بنت نهسر بن بدر بن بكر ابن وائل، وكانت قبله عند الأحرز بن عون العبدي فطلقها وهي نُسَءْ لأشهرٍ، فقالت لعجل حين تزوجها: احفظ عليّ ولدي، قال: نعم، فلما ولدت سماهُ عجل سعدا، وشبَّ الغلامُ فخرج به عجل ليدفعه إلى الأحرز بن عون وينصرف، وأقبل حنيفة بن لجيم من سفر فتلقاة بنو أخيه عجل فلم يَرَ فيهم سعدا، فسألهم عنه، فقالوا: انْطَلَقَ به عجل إلى أبيه ليدفعه إليه، فسار في طلبه فوجده راجعا قد دفعه إلى أبيه، فقال: ما صنعت يا عشمة؟ وهل للغلام أب غيرك؟ وجمع إليه بني أخيه، وسار إلى الأحرز ليأخذ سعدا، فوجده مع أبيه ومولًى له، فاقتتلوا فخَذَله مولاهُ بالتنحِّي عنه، فقال له الأحرز: يا بنيّ، ألا تعينني على حنيفة؟ فكعّ الغلام عنه، فقال الأحرز: ابنُكَ ابنُ بوحك، الذي يشرب من صَبُوحك، فذهبت مثلا، فضرب حنيفة الأحرز فجَذَمه بالسيف، فيومئذ سمى جَذِيمة، وضرب الأحرز حنيفة على رجله فحَنَفَها، فسمى حنيفة، وكان اسمه أثال بن لجيم، فلما رأى مولى الأحرز ما أصاب الأحرز وقع عليه الضراط فمات، فقال حنيفة: هذا هو المنزوف ضرطا، فذهبت مثلا، وأخذ حنيفة سعدا فردَّه إلى عجل، فإلى اليوم ينسب إلى عجل. ووجه آخر، زعموا أن المنزوف ضرطا دابة بين الكلب والذئب، إذا صِيحَ بها وَقَع عليها الضراط من الجُبْن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 180 970- أَجْرَأُ مِنْ ذُبَابٍ. وذلك أنه يقع على أنفِ الملك، وعلى جفن الأسد، وهو مع ذلك يُذْادُ فيعود. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 181 971- أَجْرَأُ مِنْ فَارِسِ خَصَافِ. هو رجل من غسان أجْبَنُ مَنْ في الزمان يقف في أُخْرَيَاتِ الناس، وكان فرسُه خَصَافِ لا يُجَارى، فكان يكون أول مُنْهَزم، فبينا هو ذات يوم واقف جاءسَهْم فسقط في الأرض مُرْتَزًّا بين يديه وجعل يعتز، فقال: ما اهتز هذا السهم إلا وقد وقع بشيء، فنزل وكشف عنه فإذا هو في ظهر يَرْبُوع، فقال: أتَرَى هذا ظَنَّ أن السهم سيصيبه في هذا الموضع؟ لا المرء في شيء ولا اليربوع، فأرسلها مثلا، ثم تقدم فكان من أشد الناس بأساً، هذا قول محمد ابن حبيب. [ص: 182] وزعم أن ابن الأعرابي في أصل هذا المثل أن جند ملك من ملوك الفرس غَزَوْهم، وكان عندهم أن جنود النلك لا يموتون، فشدَّ فارس خَصَاف على رجل منهم فطعنه فخر صريعاً، فرجع إلى أصحابه فقال: ويلكم القومُ أمثالكم يموتون كما نموت، فتعالوا نقارعهم، فشَدُّوا عليهم وهزموهم، فضرب بفارس خصاف المثل لإقدامه عليهم. قال ابن دريد: خضاف بالضاد المعجمة اسم فرس، وفارسه أحد فرسان العرب المشهورين، هذا قولُه، وغيره يروى بالصاد، وأما قولهم: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 181 972- أَجْرَأُ مِنْ خَاصِي خَصَافِ. فإنه رجل من بَاهِلة، وكان له فرس اسمه أيضاً خصاف، فَطلبه بعض الملوك للفِحْلَة فخصاه قال أبو الندى: هو حَمَلُ بن يزيد (سماه المجد حمل بن زيد) ابن ذُهْل بن ثعلبة، خَصَى خصاف بحضرة ذلك الملك، وفيه يقول الشاعر: تالله لو ألقى خصاف عشية ... لكنت على الأملاك فارس أشأما أي فارس شؤم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 182 973- أَجْرَأُ مِنَ الْمَاشِي بِتَرْج. تَرْج: مأسَدَة مثل حَلْية وخَفَّان (حلية: مأسدة بناحية اليمن، وخفان: قرب القادسية.) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 182 974- أَجْرأُ مِنْ خَاصِي الأَسَدِ. يقال: إن حراثا كان يَحْرث، فأتاه أسد فقال: ما الذي ذَلَّل لك هذا الثور حتى يُطِيعك؟ قال: إني خَصَيْته، قال: وما الخِصاء؟ قال: ادْنُ مني أُرِكَه، فدنا منه الأسد مُنْقَادا ليعلم ذلك، فشدوه وَثَاقاً وخَصَاه، فقيل: أجرأ من خاصي الأسد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 182 975- أَجْرَى مِنَ الأَيْهَمَيْنِ. قالوا: هما السيل والجمل الهائج. ويقال أيضاً: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 182 976- أَجْرَى مِنَ السَّيْلِ تَحْتَ اللَّيْل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 182 977- أَجْوَدُ مِنْ حَاتِمٍ. هو حاتم بن عبد الله بن سَعْد بن الحَشْرَج، كان جواداً شجاعاً شاعراً مُظَفراً، إذا قاتل غَلَب، وإذا غنم نهب، وإذا سُئل وهب، وإذا ضَرَب بالقِداح سَبَق، وإذا أسَرَ أطلق، وإذا أثْرى أنفق، وكان أقسم بالله لا يقتل واحدَ أمه. ومن حديثه أنه خرج في الشهر الحرام يطلب حاجة، فلما كان بأرض عنزة ناداه أسيرٌ لهم: يا أبا سَفَّانة، أكَلَنِي الإسار والقمل، فقال: ويحك! ما أنا في بلاد قومي، وما معي شيء وقد أسَأْتَنِي إذ نَوَّهْتَ باسمي ومالَكَ مَتْرَك، ثم ساوم به العَنَزِيين، [ص: 183] واشتراه منهم، فخلاَّه وأقام مكانه في قِدِّه حتى أتى بفدائه، فأدَّاه إليهم. ومن حديثه أن ماويَّةَ امرأةَ حاتم حدَّثت أن الناس أصابتهم سَنَة فأذهبت الخُفَّ والظلف، فبتنا ذاتَ لَيلةٍ بأشدِّ الجوع، فأخذ حاتم عديًّا وأخذْتُ سفَّانة فعلَّلْنَاهما حتى ناما، ثم أخذ يُعَللني بالحديث لأنام، فرققت له لما به من الجَهْد، فأمسكت عن كلامه لينام ويظن أني نائمة، فقال لي: أنِمْتِ؟ مراراً، فلم أجبه، فسكت ونظر من وراء الخِباء فإذا شيء قد أقبل فرفَع رأسَه، فإذا امرأة تقول: يا أبا سَفَّانة أتيتُكَ من عند صِبْية جِياع، فقال: أحضريني صبيانَكِ فوالله لأشْبِعَنَّهم، قالت: فقمتُ مُسْرِعة، فقلت: بماذا يا حاتم؟ فوالله ما نام صِبْيَانك من الجوع إلا بالتعليل، فقام إلى فَرَسه فذبَحه، ثم أجَّجَ نارا ودفع إليها شَفْرة، وقال: اشْتَوِي وكُلِي وأطْعِمِي ولدك، وقال لي: أيْقِظِي صبيتَكَ، فأيقظتهما ثم قال: والله إن هذا للؤم أنْ تأكُلُوا وأهلُ الصِّرْمِ (الصرم - بالكسر - جماعة البيوت) حالُهم كحالكم، فجعل يأتي الصِّرْمِ بيتا بيتا ويقول: عليكم النار، فاجتمعوا وأكلوا، وتَقَنَّع بكسائه وقَعَد ناحيةً حتى لم يوجد من الفرس على الأرض قليل ولا كثير، ولم يَذُقْ منه شيئاً. وزعم الطائيون أن حاتما أخذ الجودَ عن أمِّهِ غنية بنت عفيف الطائية، وكانت لا تليق شيئاً سَخَاء وجودا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 182 978- أَجْوَدُ مِنْ كَعْبِ بْنِ مَامَةَ. هو إيادي، ومن حديثه أنه خرج في رَكْب فيهم رجل من النَّمِر بن قاسط في شهر نَاجِر فَضَلُّوا فتصافَنُوا ماءهم، وهو أن يُطْرَح في القَعْبِ حَصَاة ثم يُصَب فيه من الماء بقدر ما يغمر الْحَصَاة، وتلك الحصاة هي المَقْلة، فيشرب كل إنسان بقدر واحد، فقعدوا للشرب، فلما دار القَعْبُ فانتهى إلى كعبٍ أَبْصَرَ النمريَّ يحدِّد النظر إليه، فآثره بمائه، وقال للساقي: اسْقِ أخاكَ النمري، فشرب النمري نصيبَ كعب ذلك اليوم من الماء، ثم نزلوا من غدهم المنزلَ الآخر، فتصافَنُوا بقية مائهم، فنظر إليه النمري كنَظَره أمسه، فقال كعبَ كقوله أمس، وارتحل القوم وقالوا: يا كعب ارْتَحِلْ، فلم يكن به قوة للنهوض، وكانوا قد قربوا من الماء، فقيل له: رِدْ كعبُ إنك وَرَّاد، فعجز عن الجواب، فلما يئسوا منه خَيَّلوا عليه بثوب يمنعه من السبع أن يأكله، وتركوه مكانه، ففَاظَ، فقال أبوه مامةُ يرثيه: ما كان من سُوقَةٍ أَسْقَى على ظَمَإِ ... خمراً بماء إذا ناجُودُها بَرَدَا [ص: 184] مِنَ ابن مَامَةَ كعبٍ حين عَىَّ به ... زَوُّ المنيةِ إلا حرة وَقَدَا أوفى على الماء كعبٌ ثم قيل له: رِدْ كعبُ إِنَّكَ وَرَّادٌ فما وَرَدَا زو المنية: قدرها، وعَىَّ به: أي عيت به الأحداث إلا أن تقتله عَطشا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 183 979- أَجْسَرُ مِنْ قَاتِلِ عُقْبَةَ. قال أبو عمرو القعيني: هو عُقْبة بن سلم من بني هُنَاءة من أهل اليمن صاحب دار عُقْبة بالبصرة، وكان أبو جعفر وَجَّهه إلى البحرين، وأهل البحرين ربيعة، فقتل ربيعة قتلا فاحشاً، قال: فانْضَمَّ إليه رجل من عبد القيس، فلم يزل معه سنين، وعزل عُقْبة فرجَعَ إلى بغداد، ورحل العَبْدِي معه، فكان عقبة واقفاً على باب المهدي بعد موت أبي جعفر، فشدَّ عليه العبدِيُّ بسكين فوجأه في بطنه فمات عقبة، وأُخِذَ العبديُّ فأدخل على المهدي، فقال: ما حملك على ما فعلت؟ فقال: إنه قَتَلَ قومي، وقد ظَفِرْتُ به غير مرة، إلا أني أَحْبَبْتُ أن يكون أمره ظاهراً حتى يعلم الناس أني أدركْتُ ثأري منه، فقال المهدي: إن مثلك لأهل أن يستَبقى، ولكن أكره أن يجترئ الناس على القُوَّاد فأمر به فضُرِبت عنقه، ويقال: إن الوَجْأة وقعت في شرجة منطقة عقبة، قال: فجعل المهديُّ يسائل العبدي، والعبدي يبكي، إلى أن دخلَ داخل فقال: يا أمير المؤمنين مات عقبة، فضحك العبدي، فقال له المهدي: مِمَّ كنت تبكي؟ قال: من خوف أن يعيش. فلما مات أيقنتُ أني أدركت ثأري. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 184 980- أَجْبَنُ مِنْ صَافِرِ. قال أبو عبيد: الصَّافِرُ كلُّ ما يصفر من الطير، والصفير لا يكون في سباع الطير وإنما يكون في خَشَاشها وما يُصَاد منها، وذكر محمد بن حبيب أنه طائر يتعلَّق من الشجر برجليه، وينكِّس رأسَه خوفا من أن ينام فيؤخذ، فيصفر منكوساً طول ليلته وذكر ابن الأعرابي أنهم أرادوا بالصافر المصفورَ به، فقلبوه أي إذ صُفِرَ به هرب. ويقولون في مثل آخر "جبان ما يلوي على الصفير" وأرادوا بالمصفور به التُّنَوِّطَ، وهو طائر يحمله جُبْنه على أن ينسج لنفسه عُشًّا، كأنه كِيسٌ مدلى من الشجر ضيق الفم واسع الأسفل، فيحترز فيه خوفا من أن يقع عليه جارحٌ، وبه يضرب المثل في الحِذْق، فيقال "أَصْنَعُ من تُنَوِّط" وذكر أبو عبيدة أن الصافر هو الذي يصفر بالمرأة المريبة، وإنما يجبن لأنه وَجل مخافة أن يظهر عليه، [ص: 185] وأنشد بيتي الكميت على هذا، وهو قوله: أرجْوُ لكم أن تكونوا في مودتكم ... وقد ذكرتُ القصة بتمامها والبيتين عند قولهم "قد قلينا صفيركم" في حرف القاف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 184 981- أَجْبَنُ مِنْ صِفْرِدٍ. زعم أبو عبيدة أن هذا المثل مولد، والصفرد: طائر من خَشَاش الطير، وقد ذكره الشاعر في شعره فقال: تَرَاهُ كاللَّيْثِ لدى أَمْنِهِ ... وفي الْوَغَى أَجبَنُ من صِفْرِدِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 185 982- أَجْبَنُ مِنْ كَرْوَانٍ. هو أيضا من خَشَاش الطير، قال الشاعر: مِنَ آل أبي مُوسي تَرَى القومَ حَوْلَه ... كأنَّهُمُ الكَرْوَانُ أَبْصَرْن بازيا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 185 983- أَجْبَنُ مِنْ لَيْلٍ الليل: اسمُ فرخِ الكروان. ويقال أيضا: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 185 984- أَجْبَنُ مِنْ نَهَارٍ. النهار: اسم لفرخ الْحُبَاري. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 185 985- أَجَبَنُ مِنْ ثُرْمُلَةٍ. هي اسم للثَّعْلبة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 185 986- أَجْبَنُ مِنَ الرُّبَّاحِ. وهو القِرْدُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 185 987- أَجْبَنُ مِنْ هِجْرِسٍ. زعم محمد بن حبيب أنه الثعلب، قال: ويقال: إنه ولد الثعلب، قال: ويراد به ههنا القِرْدُ، وذلك أنه لا ينام إل وفي يده حَجَر مخافَةَ الذئب أن يأكله، قال: وتحدَّثَ رجلٌ من أهل مكة أنه إذا كان الليل رأيتَ القرود تجتمع في موضع واحد، ثم تبيت مستطيلة الواحدُ منها في أثر الآخر، وفي يد كل واحد حجر، لئلا ينام فيأكله الذئب فإن نام واحدٌ سقط من يده الحجَرُ ففزعَتْ كلها، فيتحول الآخر فيصير قُدَّامها فيكون ذلك دأبَهَا طولَ الليل، فتصبح من الموضع الذي باتت فيه على أَمْيَالٍ جُبْنا منها وخَوَرا في طباعها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 185 988- أَجْرَأُ مِنْ قَسْوَرَة. هو الأسد، فَعْولة من القَسْر، وقولهم: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 185 989- أَجْرَأُ مِنْ ذِي لِبَدٍ. هو الأسد أيضا، ولِبْدَتُه: ما تلبد على منكبيه من الشعر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 185 990- أَجْوَلُ مِنْ قُطْرُبٍ. قالوا: هو دُوَيْبَة تَجُول الليلَ كلَّه لا تنام، ويقال فيه أيضا: أَسْهَر من قطرب، وفي الحديث "لا أعرفن أحدكم جِيفَةَ ليل قُطْرُبَ نهارٍ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 185 991- أَجْوَعُ مِنْ كَلْبَةِ حَوْمَلَ. هذه امرأة من العرب، كانت تُجِيعُ كلبةً لها وهي تحرسها، فكانت تَرْبطها بالليل للحراسة وتطردها بالنهار، وتقول: الْتَمِسِي لنفسك لا مُلْتَمَسَ لك، فلما طال ذلك عليها أكلت ذَنَبها من الجوع، قال الشاعر، وهو الكميت، يذكر بني أمية ويذكر أن رِعايتهم للأمة كرعاية حَوْمَل لكلبتها: كما رضيَتْ جُوعاً وسوءَ رِعاية ... لكَلْبتها في سالِفِ الدهر حَوْمَلُ نُبَاحاً إذا ما الليلُ أَظْلَمَ دونَهَا ... وغنما وتَجْوِيعاً، ضلاَلٌ مضلل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 186 992- أَجْوَعُ مِنْ زُرْعَةَ. هي كلبة كلنت لبني ربيعة الجوع، أماتوها جوعا ونُوعاً (النوع - بضم النون - العطش) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 186 993- أَجْوَعُ مِنْ لَعْوَةٍ. قالوا: هي الكلبة الحريصة، والجمع لِعَاء، ويقال: نعوذ بالله من لَعْوَة الجوع ولَوْعَته، أي حِدَّته، واللَّعْوُ: الحريص الجشِع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 186 994- أَجْوَعُ مِنْ ذِئْبٍ. لأنه دهرَه جائع، ويقولون في الدعاء على العدو "رماه الله بداء الذئب" أي بالجوع، هذا قول محمد بن حبيب، وقال غيره: معناه بالموت، وذلك أن الذئب لا يُصِيبه من العلل إلا علة الموت، ولذلك يقولون في مثل آخر "أَصَحُّ من الذئب" والأسد والذئب يختلفان في الجوع والصبر عليه، لأن الأسد شديدُ النَّهَم رغيبٌ حريصٌ وهو مع ذلك يتحمل أن يبقى أياما فلا يأكل شيئا. والذئب وإن كان أَقْفَرَ منزلا وأقل خِصْبا وأكثر كدًّا وإخفاقا فلا بد له من شيء يُلْقيه في جَوْفه، فإن لم يجد شيئا استعان بإدخال النسيم في جوفه، وجَوْفُ الذئب يذيبُ العظم، وكذلك جوف الكلب، ولا يذيبان نَوَى التمر وهو أضعف من العظم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 186 995- أَجْوَعُ مِنْ قُرَادٍ. لأنه يُلْزِق ظهره بالأرض سنةً وبطنه سنة لا يأكل شيئا حتى يجد إبلا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 186 996- أَجَلُّ مِنَ الْحَرْشِ. يضرب مثلا لمن يخاف شئيا، فيبتلى بأشد منه. وأصله أن ضبا قال لحسله: يا بني اتَّقِ الحرش، فقال: يا أبتِ وما الحرش؟ قال: أن يأتي الرجل فيمسح يده على جُحْرِكَ، ويفعل ويفعل، ثم إن جحره هُدِم بالمِرْدَاة فقال الحِسْل: يا أبت أهذا الحِرْش؟ فقال: [ص: 187] يا بني هذا أَجلُّ من الحرش. وفي كلام بعضهم "رُبَّ ثدي منكم قد افترشه، ونَهْب قد احْتَوَشه، وضبٍّ قد احْتَرَشَه". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 186 997- أَجَنُّ مِنْ دُقَّةَ. هو دُقَّة بن عَباية بن أسماء بن خارجة، ذكر هذا المثل محمد بن حبيب، ولم يذكر له شيئا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 187 998- أَجْبَنُ مِنْ نَعَامَة. وذلك أنها إذا خافت من شيء لا ترجع إليه بعد ذلك الخوف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 187 999- أَجْشَعُ مِنْ أَسْرَى الدُّخَان. ذكر أبو عبيدة أنهم الذين كانوا قَطَعوا على لَطِيمة كسرى، وكانوا من تميم، وذكر ابن الأعرابي أنهم كانوا من بني حَنْظلة خاصة وأن كسرى كَتَب إلى المُكَعْبر مرْدان به عامله على البحرين: أَنِ ادْعُهم إلى المُشَقَّر وأظهر أنك تدعوهم إلى الطعام، فتقدم المُكَعْبَر في اتخاذ طعام على ظهر الحِصْن بحَطَب رَطْب، فارتفع منه دخان عظيم، وبعث إليهم يَعْرِض الطعام عليهم، فاغتروا بالدخان، وجاءوا فدخلوا الحصن، فأصفق البابَ عليهم، فغبروا هناك يُستعملون في مِهَن البناء وغيره، فجاء الإسلام وقد بقي البعض منهم، فأخرجهم العَلاَء بن الحَضْرَمي في أيام أبي بكر رضي الله عنه، فسار بهم المثل فقيل فيمن قتل منهم: ليس بأول من قتله الدخان، وأَجْشَع من أسرى الدخان، وأجشع من الوافدين على الدخان، وأجشع من وَفْدِ تميم، وقال الشاعر في ذلك: إذا ما مات مَيْتٌ من تميم ... فَسَرَّكَ أن يعيشَ فجِيء بزاد بِخُبْزٍ أو بسَمْن أو بِتَمْر ... أو الشيء المُلَفَّفِ في البِجَاد تَرَاهُ يطوف في الآفاق حِرْصاً ... ليأكل رأسَ لقمانَ بن عاد ومازح معاوية الأحنف فما رُئي مازحان أوقَرَ منهما، فقال له: يا أَحْنَفُ ما الشيء المُلَفَّفُ في البِجاد؟ فقال الأحنف: السَّخِينة يا أمير المؤمنين، أراد معاوية قول الشاعر: أو الشيء المُلَفَّفُ في البِجاد ... وهو الوَطْب من اللبن، وأراد الأحْنَفُ بقوله "السخينة" قولَ عبد الله بن الزِّبَعْرَي: زَعَمَتْ سَخِينَةُ أن سَتَغْلِب رَبَّهَا ... ولَيُغْلَبَنَّ مُغَالِبُ الغَلاَّبِ وذلك أن قريشاً كانت تُعَيَّر بأكل السخينة، وهي حِساء من دقيق يُتَّخذ عند غلاء السعر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 187 1000- أَجْهَلُ مِنْ فَرَاشَةٍ. لأنها تطلب النار فتُلْقِي نفسها فيها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 188 1001- أَجْمَعُ مِنْ نَمْلَةٍ. ويقال: أجمع من ذَرَّة، قال الشاعر في الذرة وجَمْعها: تجمع للوارث جَمْعاً كما ... تجمَعُ في قَرْيَتِهَا الذَّرَّهْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 188 1002- أَجْرَدُ من صَخْرَةٍ، وَمِنْ صَلْعَةٍ. ويروى من صُلَّعَة، وهي الصخرة الملساء، والصلعة: ما يبرق من رأس الأصلع وقيل: دخلت امرأة على عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وكان حاسِرَ الرأسِ، وكان أصلع، فدُهِشت المرأة، فقالت: أبا غفر حفص الله لك، وأرادت أن تقول: أبا حَفْصٍ غَفَر الله لك، فقال عمر رضي الله تعالى عنه: ما تقولين؟ فقالت: صلعت من فرقتك، وأرادت أن تقول: فَرِقْتُ من صَلْعتك. قال الشيباني: قولهم "أجرد من جراد" أرادوا به رَمْلة من رمال نجد لا تنبت شيئا، وأجرد: معناه أملس، قال أبو الندى: سميت جراداً لانجرادها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 188 1003- أَجْمَلُ مِنْ ذِي العِمَامَةِ. هذا مثل من أمثال أهل مكة، وذو العِمامةَ: سعيد بن العاص بن أمية، وكان في الجاهلية إذا لبس عمامةً لا يلبس قرشيٌّ عمامة على لَوْنها، وإذا خرج لم تبق امرأة إلا بَرَزَتْ للنظر إليه من جماله، ولما أفْضَتِ الخلافة إلى عبد الملك بن مروان خطب بنتَ سعيد هذا إلى أخيها عَمْرو بن سعيد الأشدق، فأجابه عمرو بقوله: فَتَاةٌ أبوها ذو العِمَامة، وابنُهُ ... أخوها، فما أكْفَاُؤها بكثير وزعم بعض أصحاب المعاني أن هذا اللقب إنما لزم سعيدَ بن العاص كنايةً عن السيادة، قال: وذلك لأن العرب تقول "فلان مُعَمَّم" يريدون أن كل جناية يجنيها من تلك القبيلة والعشيرة فهي مَعْصُوبة برأسه، فإلى مثل هذا المعنى ذهبوا في تسميتهم سعيد بن العاص ذا العصابة وذا العمامة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 188 1004- أَجْوَدُ مِنْ هَرِمٍ. هو هَرِمُ بن سِنان بن أبي حارثة المُرِّئُ وقد سار بذكر جوده المثل، قال زُهَيْر بن أبي سُلْمى فيه: إنَّ البَخيلَ مَلُومٌ حيث كان ولـ ... ـكِنَّ (ولكن) الجوادَ على عِلاَّتِهِ هَرِم هُوَ الجواد الَّذِي يُعْطيكَ نائلَه ... عَفْواً، ويُظْلَم أحْيَانا فَيَظَّلِمُ [ص: 189] ووفَدَت ابنةُ هرم على عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقال لها: ما كان الذي أعطى أبوك زهيرا حتى قابله من المديح بما قد سار فيه؟ فقالت: قد أعطاه خَيْلاً تنضى، وإبلا تَتْوَى، وثيابا تَبْلَى، ومالاً يفنى، فقال عمر رضي الله تعالى عنه: لكن ما أعطاكم زُهَير لا يُبْلِيه الدهر، ولا يفنيه العصر، ويروى أنها قالت: ما أعطى هَرِمٌ زهيراً قد نسى، قال: لكن ما أعطاكم زهير لا يُنْسَى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 188 1005- أَجْوَدُ مِنَ الْجَوَادِ الْمُبِرِّ. هذا مثل يضربونه في الخيل، لا في الناس. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 189 1006- أَجْرَأُ مِنْ أُسَامَةَ. هو اسم الأسد، معرفة لا تدخله الألف واللام، وقال: (هو زهير بن أبي سلمى المزني) وَلأَنْتَ أشْجَعُ مِنْ أسَامَةَ إذ ... دُعِيَتْ نَزَالِ وَلج في الذُّعْرِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 189 1007- أَجْرَأُ مِنْ لَيْثٍ بِخَفَّانَ. خَفّان: مأسَدَة معروفة، وكذلك خَفِيَّة وحَلْية، وقال: فَتًى هو أحْيى من فَتَاةٍ حَيِيَّةٍ ... وأشْجَعُ من لَيْثٍ بخَفَّانَ خَادِرِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 189 1008- أجْهَلُ مِنْ حِمَارٍ. يعني حمار بن سويلك (كذا، وفي القاموس "بن مالك") الذي يقال له: أكْفَر من حمار. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 189 1009- أَجْهَلُ مِنْ عَقْرَبٍ. لأنها تمشي بين أرجل الناس ولا تكاد تبصر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 189 1010- أَجْهَلُ مِنْ رَاعِي ضَأْنٍ. وحديثه في باب الحاء مذكور. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 189 1011- أَجْفَى مِنَ الدَّهْرِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 189 1012- أَجْدَى مِنَ الغَيْثِ فِي أَوَانِهِ. معناه أنفع، يقال: ما يُجْدِي عنك هذا، أي ما ينفع وما يُغْنِي. والْجَدَاء ممدودا: النفعُ، وبناء أفعل من الأفعال شاذ، حقه أشَدُّ جَدَاء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 189 1013- أَجْرَدُ مِنَ الْجَرَادِ. لم يُورِد حمزة في هذا شيئاً. قلت: يجوز أن يراد به آكَلُ من الجراد، يقال: أرض مَجْرُودة، إذا أكل نَبْتها، ويجوز أن يراد أشأم من الجراد، من قولهم: رجل جارود، أي مَشْؤم، والجارود: رجل سمى به لأنه فَرَّ بإبله إلى أخواله بني شيبان، وبإبله داء، ففَشَا ذلك [ص: 190] الداء في إبل أخواله فأهلكها، وفيه قال الشاعر: كما جَرَدَ الجارودُ بكْرَ بن وَائِلٍ ... وهو الجارود العبدي، يُعَد من الصحابة واسمه بشر بن عمرو من عبد القيس، ووَجْهٌ ثالث، وهو أن يراد أقْشَر من الجراد، يقال: جَرَدْتُ الشيء قشرته، وكلُّ مقشورٍ مجرودٌ، والجراد يَقْشر ما يقع عليه من النبات، والأصلُ في الكل الجراد المعروف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 189 1014- أَجْهَلُ مِنْ قَاضِي جُبَّلَ. يقال: إن جُبَّل مدينة من طسوج كسكر، وهذا القاضي قَضَى لخَصْم جاءه وَحْده، ثم نقَضَ حكمه لما جاءه الخصم الآخر، وفيه يقول محمد بن عبد الملك الزيات: قَضَى لمخَاصِم يوما، فَلَمَّا ... أتاه خَصْمُه نَقَصَ القَضَاءَ دَنَا منك العَدُو وغِبْتَ عنه ... فَقَال بحُكْمِهِ ما كان شَاءَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 190 1015- أَجْوَرُ مِنْ قَاضِي سَدُومَ. قالوا: سَدُوم - بفتح السين - مدينة من مدائن قوم لوط عليه الصلاة والسلام، قال الأزهري: قال أبو حاتم في كتابه الذي صنفه في المفسد والمذال: إنما هو سذوم بالذال المعجمة، والدال خطأ، قال الأزهري: وهذا عندي هو الصحيح. قال الطبري: هو ملك من بَقَايا اليونانية غَشُوم، كان بمدينة سرمين من أرض قنسرين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 190 المولدون. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 190 جَعَلَ بَطْنَهُ طبْلاً وقَفاهُ اصْطَبْلا. جَزَاءُ مُقَبِّلِ الأسْتِ الضُّرَاطُ. جَنَّةٌ تَرْعاها خَنَازِيرُ. جَهْل يَعُولِني خَيْرٌ مِنْ عَقْلٍ أَعُولُهُ. جاءَ بالدُّنْيا يَسُوقُها. جاهُهُ جاهُ كَلْبٍ مَمْطُورٍ في مَقْصُورَةِ الجَامِعِ. جَدَّةٌ تَقْضِي العِدَّةَ. يضرب للشيخ يتصابى. جَوَاهِرُ الأخْلاقِ يَتَصَفَّحُها المُعاشِرُ. جاء العِيَانُ فَأَلوى بِالأسانِيدِ. جهْلُكَ أَشَدُّ لَكَ مِنْ فَقْرِكَ. الجَمَلُ فِي شْيءٍ والجمَّالُ فِي شْيءٍ. الجُل خَيْرٌ مِنَ الفَرَسِ. الجَالِبُ مَرْزُوقٌ والمُحْتَكِرُ مَلْعُونٌ. الجَدِيَةُ رِبْحٌ بِلاَ رَأْسِ مَالٍ. [ص: 191] الْجَهُل مَوْتُ الأحْيَاء. الجِرَارُ لاَ تُشْتَرى أَوْ تُلْطَمَ. واجْلِسْ حَيْثُ يُؤْخَذُ بِيَدِكَ وَتُبَرُّ لاَ حَيْثُ يُؤْخَذُ بِرِجْلِكَ وتُجَر. اجلِسْ حَيْثُ تُجْلَسُ. أُجلِسْتَ عِنْدِي فاتَّكِئْ. أَجْرَأُ النَّاسِ عَلَى الأسَدِ أَكْثَرُهُمْ لَهُ رُؤْيَة. جاء عَلَى نَاقَةِ الحذَّاء. يعنون النعل التي تُلْبَسُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 190 الباب السادس فيما أوله حاء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 191 1016- حَرِّكْ لَهَا حُوَارَهَا تَحِنُّ. الحُوَار: ولدُ الناقة، والجمع القليل أحْوِرَة، والكثير حُوَران وحِيرَان، ولا يزال حُوَارا حتى يُفْصَل، فإذا فُصِل عن أمه فهو فَصِيل. ومعنى المثل ذكِّرْهُ بعض أشجانه يَهِج له وهذا المثل قاله عمرو بن العاص لمعاوية حين أراد أن يستنصر أهلَ الشام. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 191 1017- حَالَ الْجَرِيضُ دُونَ القَرِيضِ. الجَرِيض: الغُصَّة، من الْجَرَضِ وهو الريق يُغَصّ به، يقال: جَرِض بريقه تَجْرَضُ، وهو أن يبتلع ريقَه على هم وحزن، يقال: مات فلان جَرِيضا، أي مغموما. والقَرِيض: الشِّعْرُ، وأصله جِرَّةُ البعيرِ. وحال: مَنَع. يضرب للأمر يقدر عليه أخيراً حين لا ينفع. وأصل المثل أن رجلا كان له ابن نَبَغ في الشعر، فنهاه أبوه عن ذلك، فجاش به صَدْرُه، ومَرِض حتى أشرف على الهلاك فأذِن له أبوه في قول الشعر، فقال هذا القول. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 191 1018- حَنَّ قِدْحٌ لَيْسَ مِنْهَا. القِدْحُ: أحَدُ قِداح المَيْسر، وإذا كان أحَدُ القداح من غير جوهر إخوته ثم أجالَه المُفِيض خرج له صَوْت يخالف أصواتها، فيعرف به أنه ليس من جملة القداح. يضرب للرجل يفتخر بقبيلة ليس هو منها، أو يمتدح بما لا يوجد فيه. وتمثل عمر رضي الله عنه به حين قال الوليد بن عُقْبة بن أبي مُعَيْط: أُقْتَلُ من [ص: 192] بين قريش؟ فقال عمر رضي الله عنه : حَنَّ قِدْحٌ ليس منها، والهاء في منها راجعة إلى القداح. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 191 1019- حَيَّاكَ مَنْ خَلاَ فُوهُ. أي نحن في شغل عنك، وأصله أن رجلا كان يأكل، فمرَّ به آخَرُ فحَيَّاه بتحية فلم يقدر على الإجابة، فقال هذه المقالة. يضرب في قلة عناية الرجل بشأن صاحبه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 192 1020- حَتْفَهَا تَحْمِلُ ضَأْنٌ بِأَظْلاَفِهَا. يضرب لمن يوقع نفسه في هلكة. وأصله أن رجلا وجَد شاة، ولم يكن معه ما يَذْبَحها به، فضربَتْ بأظلافها الأرض فظهر سكين، فذبحها به. وهذا المثل لحريث بن حَسَّان الشيباني تمثل به بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم لقيلة التميمية، وكان حريث حملها إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فسأله إِقْطَاع الدهناء، ففعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتكلمت فيه قَيْلَة، فعندها قال حريث: كنت أنا وأنت كما قيل: حَتْفَها تحمل ضأن بأظلافها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 192 1021- حَدِّثْ حَدِيثَيْنِ امْرَأَةً، فَإِنْ لَمْ تَفْهَمْ فَأَرْبَعَةً. أي زِدْ، ويروى فأرْبِعْ، أي كُفَّ، وأراد بالحديثين حديثاً واحداً تكرره مرتين فكأنك حدثتها بحديثين، والمعنى كرر لها الحديثَ لأنها أضعفُ فَهْما، فإن لم تَفْهم فاجعلهما أربعةً، وقال أبو سعيد: فإن لم تَفْهم بعد الأربعة فالمربعة، يعني العصا. يضرب في سوء السمع والإجابة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 192 1022- حَلَبَتْ حَلْبَتَهَا ثُمَّ أَقْلَعَتْ. يضرب لمن يفعل الفعل مرة ثم يمسك ويروى "جلبت" بالجيم، وقد مر قبل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 192 1023- حَلأَتْ حَالِئَةٌ عَنْ كُوعِهَا. الحالئة: المرأة تحلأ الأديم، أي تقشره يقال: حلأَت الجلد، إذا أزلت تِحْلِئَه وهو قُشُوره ووَسَخه، والمرأة الصَّنَاع ربما استعجلت فحَلآَت عن كوعها، و "عن" من صلة المعنى، كأنه قال: قَشَرَتِ اللحم عن كوعها. يضرب لمن يتعاطى ما لا يحسنه، ولمن يرفق بنفسه شفقة عليها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 192 1024- حَلَبْتُهَا بِالسَّاعِدِ الأَشَدِّ. أي أخذتها بالقوة إذ لم يتأتَّ بالرفق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 192 1025- حَنَّتْ وَلاَتَ هَنَّتْ وَأَنَّى لَكِ مَقْرُوعٌ. هَنَّت: من الهنين وهو الحنين، يقال: [ص: 193] هَنَّ يَهِنُّ بمعنى حَنَّ يَحنُّ، وقد يكون بمعنى بكى، وقال: لمَّا رأى الدارَ خَلاَءً هَنَّا ... ولات: مَفْصُولة من هنَّتْ، أي لاتَ حينَ هَنَّتْ، فحذف "حين" لكثرة ما يستعمل لات معه، وللعلم به، ويروى "ولا تَهَنَّتْ" أراد تَهَنأت فلَيَّن الهمزة. كانت الهَيْجُمَانة بنت العنبر بن عمرو بن تميم تَعْشَق عَبْشَمْس بن سعد، وكان يلقب بمقروع، فأراد أن يُغِير على قبيلة الهَيْجُمَانة، وعلمت بذلك الهَيْجُمَانة، فأخبرت أباها، فقال مازن بن مالك بن عمرو: حنَّتْ ولاتَ هَنَّت أي اشتاقت، وليس وقت اشتياقها، ثم رجع من الغَيْبَة إلى الخِطاب فقال: وأنى لَكِ نقروع، أي من أين تظفرين به؟. يضرب لمن يَحِنُّ إلى مطلوبه قبل أوانه وحكى المفضل بن محمد الضبي أن عَبْشَمْس بن سعد، وكان اسمه عبد العزى، كان وَسِيمَ الوجه حَسَنَ الخلقة، فسمي بعبشمس، وعبء الشمس: ضوءها، فحذف الهمزة، وهو ابن سعد بن زيد مَنَاة بن تميم شُغِفَ بحب الهَيْجُمَانة، فمنع عنها وقُوتِل، فجاء الحارث بن كعب بن سعد ليذُبَّ عن عمرو، فضرب على رجله فشلَّت، فسمى الأعرج، فسار عبشمس إليهم وسألهم أن يعطوه حقه من رجل الأعرج، فتأبَّى عليه بنو عنبر بن عمرو بن تميم، فقال عبشمس لقومه: إن خَرَج إليكم مازن بن مالك بن عمرو مترجلا قد لبس ثيابه وتزيَّنَ فظُنُّوا به شراً، وإن جاءكم أَشْعَثَ الرأس خبيثَ النفس فإني أرجو أن يعطوكم حقكم، فلما أَمْسَوْا راح إليهم مازن مترجِّلا قد لبس ثيابه وتزيَّنَ لهم، فارتابوا به، فدسَّ عبشمس بعض أصحابه إليهم ليسترقَ السمعَ ويتجسس ما يقولون، فسمع رجلا من الرعاء يقول: لا نَعْقِلُ الرِّجْلَ ولا نَدِيَها ... حَتَّى ترى دَاهيةً تُنْسِيَها فلما عاد الرجل إلى عبشمس وخبره بما سمع قال عبشمس: إذا جنَّ عليكم الليل بَرِّزُوا رجالكم، وأقيموا ناحيةً، ففعلوا وتركوا خيامهم، فنادى مازن وأقبل إلى القبة: ألا لا حَيَّ بالقرى، فإذا الرجال قد جاءوا وعليهم السلاح حتى أحاطوا بالقبة فاكتنفوها، فإذا القبة خالية من بني سعد، فلما علم عبشمس بذلك جمع بني سعد فغَزَاهم فلما كان بعَقْوَتِهِم نزل في لية ذات ظلمة ورعد وبرق، وأقام حتى يغير عليهم صُبْحاً وكان يدور على قومه ويَحُوطهم من دبيب [ص: 194] الليل، وكانت الهَيْجُمَانة عاركا، والعارك لا تخالط أهلها، وأضاء البرقُ فرأت ساقَيْ مقروع، فأتَتْ أباها تحت الليل، فقال: إني رأيتُ ساقي عبشمس في البرق فعرفته، فأرسل العنبر في بني عمرو فجمعهم، فلما أتوه خبرهم بما سمع من الهَيْجُمَانة، فقال مازن : حنت ولات هنت وأنى لَكِ مقروع، ثم قال مازن للعنبر: ما كنت حقيقاً أن تجمعنا لعشق جارية، ثم تفرقوا عنه، فقال لها العنبر عند ذلك: أيْ بنية اصدقي فإنه ليس للكذوب رأي، فأرسلها مثلاً، قالت: يا أبتاه ثَكِلْتُكَ إن لم أكن صدقتك، فانْجُ ولا إخالُكَ ناجياً، فأرسلتها مثلا، فنجا العنبر من تحت الليل، وصَبَّحهم بنو سعد فأدركوهم وقتلوا منهم ناساً كثيراً، ثم إن عبشمس تبعَ العنبر حتى أدركه وهو على فرسه وعليه أداته يَسُوق إبله، فلما لحقة قال له: يا عنبر، دَعْ أهلَكَ فإن لنا وإن لك، فأجابه العنبر وقال: لكن مَنْ تقدم منعته، ومن تأخر عَقَرْته، فدنا منه عبشمس، فلما رأته الهَيْجُمَانة نزعت خِمارها، وكشفت عن وجهها، وقالت: يا مَقْرُوع نَشَدْتُكَ الرحِمَ لما وهبته لي، لقد خِفْتُكَ على هذه منذ اليوم، وتضرعت إلى عبشمس، فوهبه لها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 192 1026- حَسْبُكَ مِنْ شَرِّ سَمَاعُهُ. أي اكْتَفِ من الشر بسماعه ولا تُعَاينه، ويجوز أن يريد يَكْفِيك سَمَاعُ الشر، وإن لم تُقْدِمْ عليه ولم تنسب إليه. قال أبو عبيد: أخبرني هشام بن الكلبي أن المثل لأم الربيع بن زياد العبسي، وذلك أن ابنها الربيع كان أَخَذَ من قيس بن زهير ابن جَذِيمة دِرْعاً، فعرض قيس لأم الربيع وهي على راحلتها في مَسِيرٍ لها، فأراد أن يذهب بها ليرتهنها بالدرع، فقالت له: أين عَزَبَ عنك عَقْلُك يا قيس؟ أترى بني زياد مُصَالحيك وقد ذهبتَ بأمهم يميناً وشمالاً، وقال الناس ما قالوا وشاءوا؟ وإن حسْبَك من شر سماعه، فذهبت كلمتها مثلا، تقول: كَفَى بالمَقَالة عاراً وإن كان باطلا. يضرب عند العار والمقالة السيئة، وما يخاف منها. وقال بعض النساء الشواعر: (هي عاتكة بنت عبد المطلب، عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم (التبريزي 2/256)) سَائِلْ بنا فِي قَوْمِنَا ... وَلْيَكْفِ مِنْ شَرٍّ سَمَاعُهْ وكان المفضل فيما حكى عنه يذكر هذا الحديث ويسمي أم الربيع ويقول: هي فاطمة بنت الخُرْشُب من بني أنمار بن بَغيض. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 194 1027- حِفْظاً مِنْ كَالِئِكَ. أي احفظ نفسك ممن يحفظك، كما قيل: محترسٌ من مثلِهِ وَهُوَ حارسُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 195 1028- حَدِيثُ خُرَافَةَ. هو رجل من عُذْرة استهوته الجن كما توعم العرب مدةً. ثم لما رجع أخبر بما رأى منهم، فكذبوه حتى قالوا لما لا يمكن : حديث خرافة، وعن النبي عليه الصلاة والسلام، أنه قال: خرافة حق، يعني ما تحدَّث به عن الجِنِّ حَقّ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 195 1029- احْلُبْ حَلَباً لَكَ شَطْرُهُ. يضرب في الحثِّ على الطَّلَب والمساواة في المطلوب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 195 1030- حَذْوَ القُذَّةِ بِالْقُذَّةِ. أي مِثْلاً بمثل. يضرب في التسوية بين الشيئين. ومثله "حَذْوَ النَّعْلِ بالنعل" والقُذَّة: لعلها من القَذِّ وهو القطع، يعني به قَطْعَ الريشة المقذوذة على قدر صاحبتها في التسوية وهي فُعْلَة بمعنى مفعولة كاللُّقْمَة والغُرْفة، والتقدير حذياً حَذْوَ، ومن رفع أراد: هُمَا حَذْوُ القذة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 195 1031- حِلْمِي أَصَمُّ وَأُذْنِي غَيْرُ صَمَّاءِ. أي أُعْرِضُ عن الخَنَا بحلمي، وإن سمعته بأذني. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 195 1032- حُورٌ فِي مَحَارَةٍ. أي نقصان من "حَارَ يَحُور حُؤُراً" إذا رجع، ثم يخفف فيقال: حُور، ومنه: في بئر لا حُورٍ سَرَى وَمَا شَعَرْ ... وروى شمر عن ابن الأعرابي : حَوْرٌ في مَحَارة، بفتح الحاء، ولعله ذهب إلى الحديث "نعوذ بالله من الْحَوْر بعد الكور". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 195 1033- حَلَبَ الدَّهْرَ أَشْطُرَهُ. هذا مستعار من حَلَبَ أَشْطرُ الناقة، وذلك إذا حلب خِلْفَين من أخلافها، ثم يحلبها الثانية خِلْفَيْن أيضا، ونصب "أَشْطُرَه" على البدل، فكأنه قال: حلَبَ أَشْطُرَ الدهر، والمعنى أنه اخْتَبَر الدهْرَ شطرى خيره وشره، فعرف ما فيه. يضرب فيمن جَرَّبَ الدهر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 195 1034- حَسْبُكَ مِنْ غِنًى شِبَعٌ وَرِيٌّ. أي اقْنَعْ من الغنى بما يُشْبِعك ويُرْوِيك وجُدْ بما فَضَلَ، وهذا المثل لامرئ القيس يذكر مِعْزىً كانت له فيقول: [ص: 196] إذا ما لم تكُنْ إبِلٌ فمِعْزىً ... كأنَّ قُرُونَ جِلَّتِهَا الْعِصِيُّ فَتَمْلأُ بيتَنَا أَقِطاً وسَمْناً ... وحَسْبُك مِنْ غِنىً شِبَعٌ وَرِيُّ قال أبو عبيد: وهذا يحتمل معنيين أحدهما يقول: أعْطِ كلَّ ما كان لك وراء الشبع والري، والآخر: القَنَاعة باليسير، يقول: اكْتَفِ به ولا تطلب ما سوى ذلك، والأول الوَجْهُ لقوله في شعر له آخر، وهو: وَلَوْ أنما أَسْعَى لأدْنى معيشةٍ ... كفاني، ولم أطلب، قليلً من المال ولكنَّمَا أَسْعَى لمجدٍ مُؤَثَّلٍ ... وقد يُدْرِكُ المجدَ المؤثَّلَ أَمْثَالِي وَمَا المرءُ ما دامَتْ حُشَاشَةُ نَفْسِه ... بمُدْرِكِ أَطْرَاف الخُطُوبِ وَلاَآلِ فقد أخبر ببُعْد همته وقدره في نفسه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 195 1035- حَسْبُكَ مِنَ القِلاَدَةِ مَا أحَاك بِالعُنُقِ. أي اكْتَفِ بالقليل من الكثير. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 196 1036- حَبْلَكِ عَلَى غَارِبِكِ. الغاربُ: أعلى السَّنام، وهذا كناية عن الطلاق، أي اذْهَبي حيثُ شئت، وأصله أن الناقة إذا رَعَتْ وعليها الخِطامُ ألقى على غاربها، لأنها إذا رأت الخِطامَ لم يَهْنئها شيءٌ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 196 1037- حبُّكَ الشَّيْءَ يُعْمِي ويُصِمُّ. أي يُخْفي عليك مساويه، ويُصِمُّكَ عن سماع العذل فيه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 196 1038- حَدَثُ مِنْ فِيك كَحَدَثٍ مِنْ فَرْجِك يعني أن الكلام القبيحَ مثلُ الحَدَثِ، تمثل بن ابنُ عباس وعائشة رضي الله عنهما. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 196 1039- حَبِيبٌ إِلَى عَبْدٍ مَنْ كدَّهُ. يعني أن مَنْ أهانه وأتعبه فهو أَحَبُّ إليه من غيره، لأن سجاياه مَجْبُولة على احتمال الذل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 196 1040- حَسَنُ فِي كُلِّ عَيْنٍ مَا تَوَدّ. هذا قريب من قولهم "حبك الشيء يعمي ويصم". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 196 1041- حَتَنَى لاَ خَيْرَ فِي سَهْمٍ زلخ. قال الليث: الزَّلْخُ رفْعُ اليدِ في الرمي إلى أقصى ما تقدر عليه، تريد بُعْدَ الغَلْوَة، وأنشد: مِنْ مائَةٍ زَلْخٍ بِمِرِّيخٍ غال ... وَحَتَنَى: فَعَلَى من الاحْتِتَان، وهو التساوي، يقال: وقع النبل حَتَنَى، إذا وَقَعَتْ متساوية، ويروى "حَتَنَى لا خَيْرَ في سَهْم زلج" يقال: سَهْم زالج، إذا كان يتزلج عن [ص: 197] القوس، ومعنى زلج خَفَّ عن الأرض، ويقال: السهم الزالج الذي إذا رمى به الرامي قَصُر عن الهَدَف وأصاب الصخرة إصابة صلبة ثم ارتفع إلى القرطاس فأصابه، وهذا لا يُعَدُّ مُقَرْطِساً، فيقال لصاحبه "الحَتَنَى" أي أَعِدِ الرمي فإنه لا خير في سهم زلج، فالحَتَنَى يجوز أن يكون في موضع رفع خبر المبتدأ: أي هذا حَتَنَى، ويجوز أن يكون في موضع نصب: أي قد احْتَتَنَّا احتتانا، أي قد استوينا في الرمي فلا فَضْل لك عليَّ فأعِدِ الرمي. يضرب في التساوي وترك التفاوت. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 196 1042- حِرَّةٌ تَحْتَ قِرَّة. الحِرَّة: مأخوذة من الحرارة، وهي العطش، والقِرَّة: البرد، ويقال: كسر الحرة لمكان القرة، قالوا: وأشد العَطَش ما يكون في يوم بارد. يضرب لمن يُضْمِرُ حِقْدا وغَيْظا ويُظْهر مُخَالصة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 197 1043- الحَرْبُ خُدْعَة. يروى بفتح الخاء وضمها، واختار ثعلب الفتحة، وقال: ذُكِرَ لي أنها لغة النبي صلى الله عليه وسلم، وهي فَعْلَة من الخَدْع، يعني أن المحارب إذا خَدَع مَنْ يُحَاربه مرة واحدة وانخدع له ظَفِرَ به وهَزَمه، والخُدْعَة بالضم معناها أنه يخدع فيها القِرْنَ، وروى الكسائي خُدَعَة - بضم الخاء وفتح الدال - جعله نعتا للحَرْب: أي أنها تَخْدَع الرجالَ، مثله هُمَزَة ولُمَزَة ولُعَنَة، لذي يَهْمز ويَلْمِز ويَلْعَن، وهذا قياس. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 197 1044- الحَدِيثُ ذُو شُجُون. أي ذو طُرُقٍ، الواحدُ شَجْنٌ بسكون الجيم، والشواجن: أودية كثيرة الشجر، الواحدةُ شَاجِنة، وأصلُ هذه الكلمة الاتصالُ والالتفاف، ومنه الشجنة، والِشَّجْنَةُ: الشجرة الملتفة الأغصان. يضرب هذا المثل في الحديث يُتَذَكر به غيره. وقد نظم الشيخ أبو بكر علي بن الحسين القهستاني هذا المثَلَ ومثلاً آخر في بيت واحد، وأحسن ما شاء، وهو: تَذَكَّرَ نَجْداً والحديثُ شُجونُ ... فَجُنَّ اشْتِيَاقاً والجُنُوُنُ فُنُونُ وأول من قال هذا المثل ضَبَّة بن أدّ ابن طابخة بن إلياس بن مُضَر، وكان له ابنان يقال لأحدهما سَعْد وللآخر سعيد، فنقرت إبل لضبة تحت الليل، فَوَجَّه ابنيه في طَلَبها، فتفرقا فوجَدَها سَعْد، فردَّها، ومضى سعيد في طلبها فلقيه الحارث بن كعب، [ص: 198] وكان على الغلام بُرْدَانِ فسأله الحارث إياهما، فأبى عليه، فقتله وأخذ بُرْدَيْه، فكان ضبة إذا أمسى فرأى تحت الليل سَوَادا قال: أسَعْد أم سعيد؟ فذهب قوله مثلا يضرب في النجاح والخيبة، فمكث ضبة بذلك ما شاء الله أن يمكث، ثم إنه حجَّ فوافى عُكَاظ فلقي بها الحارث بن كعب ورأى عليه بُرْدَىْ ابنه سعيد، فعرفهما، فقال له: هل أنت مُخْبِرِي ما هذان البردان اللذان عليك؟ قال: بلى لقيتُ غلاما وهما عليه فسألتهُ إياهما فأبى علي فقتلته وأخذتُ بُرْدَيه هذين، فقال ضبة: بسيفك هذا؟ قال: نعم، فقال: فأعْطِنِيه أنظر إليه فإني أظنه صارما، فأعطاه الحارث سيفه، فلما أخَذَه من يده هَزَّهُ، وقال : الحديثُ ذو شجون، ثم ضربه بِهِ حتى قتله، فقيل له: يا ضبة أفي الشهر الحرام؟ فقال: سَبَقَ السيف العذل، فهو أول مَنْ سار عنه هذه الأمثال الثلاثة. قال الفرزدق لاتأمنَنَّ الحربَ إنَّ اسْتِعَارَها ... كَضَبَّةَ إذ قال: الْحَدِيثُ شُجُونُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 197 1045- حُوْتاً تُمَاقِسُ. الْمُمَاقَسَة: مُفَاعلة من المَقْسِ، يقال: مَقَسَه في الماء ومَقَلَه وكذلك قَمَسَه، إذا غَطَّه يضرب للرجل الداهي يُعَارضه مثله، وينشد: فإن تَكُ سَبَّاحاً فإنِّي لَسَابِحٌ ... وإن تَكُ غَوَّاصاً فَحُوتاً تُمَاقِسُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 198 1046- حَدَسَ لَهُمْ بمُطْفِئَةِ الرَّضْفِ. يقال: حَدَسَ بالشاة، إذا أضجعها على جنبها ليذبحها، قال اللَّحْياني: معنا ذَبَحَ لهم شاة مهزولة تُطْفئ النار ولا تَنْضَج، وقيل: تطفئ الرَّضْفَة من سِمَنها، ويقال: حَدَس إذا جاء يَحْدِسُ حَدْساً، والمعنى جادلهم بكذا، وروى أبو زيد "حَدَسَهم بمُطْفِئة الرَّضْفِ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 198 1047- حَرَامَهُ يَرْكَبُ مَنْ لاَ حَلاَلَ لَهُ. ذكر المُفَضَّل بن محمد الضبي أن جُبَيْلة ابن عبد الله أخا بني قُرَيْع بن عَوْفٍ أغار على إبل جرية بن أوس بن عامر يوم مَسْلوق فأطرد إبلَه غير ناقة كانت فيها مما يُحَرِّمُ أهلُ الجاهلية ركوبها، وكان في الإبل فرس لجرية يقال له العمود، وكان مربوطا، ففزع فذهب، وكان لجرية ابنُ أختٍ يَرْعَى إبله، فبلغ الخبر خاله والقوم قد سبقوا بالإبل غير تلك الناقة الحرام، فقال جرية: رُدَّ على تلك الناقة لأركَبهَا في أثر القوم، فقال له الغلام: إنها حرام، فقال جرية : حَرَامَه يركَبُ مَنْ لا حلاَلَ له. [ص: 199] يضرب لمن اضطر إلى ما يكرهه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 198 1048- الحُسْنُ أَحْمَرُ. قالوا: معناه من قولهم "موت أحمر" أي شديد، ومنه "كنا إذا احْمَرَّ البأسُ اتَّقَيْنَا برسولِ الله صلى الله عليه وسلم" أي اشتد. ومعنى المثل مَنْ طلبَ الجمالَ احتمَلَ المشقَّةَ. وقال أبو السمح: إذا خَضَبَت المرأةُ يديها وصَبَغَتْ ثوبها قيل لها هذا، يريد أن الحسن في الحمرة. وقال الأزهري: الأحمر الأبيض، والعرب تْسَمِّي المَوَاليَ من عجم الفرس والروم "الْحُمْرَ" لغلبة البياض على ألوانهم، وكانت عائشة رضي الله عنها تسمى "الْحُمَيْرَاءَ" لغلبة البياض على لونها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 199 1049- حانِيَةٌ مُخْتَضِبَةٌ. وذلك أن امرأة مات زوجُها ولها ولد، فزعمت أنها تحنو على ولدها ولا تتزوج، وكانت في ذلك تَخْضِبُ يديها، فقيل لها هذا القول. تضربه لمن يَريبُكَ أمرُه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 199 1050- حَمِيمُ الَمْرءِ وَاصِلُهُ. يقال: إن أول مَنْ قال ذلك الخنابس ابن المقنع، وكان سيداً في زمانه، وإن رجلا من قومه يقال له كلاب بن فارع، وكان في غنم له يَحْمِيها، فوقَع فيها لَيْث ضارٍ، وجعل يحطمها، فَانْبَرَى كلاب يَذُبُّ عنها، فحمل عليه الأسدُ فخبطَه بمخالبه خبطة، فانكَبَّ كلاب وجَثَم عليه الأسد، فوافق ذلك من حاله رجلان: الخنابر بن مرة، وآخر يقال له حَوْشَب، وكان الخنابر حميمَ كلاب، فاستغاث بهما كلاب، فحاد عنه قريبُه وخَذَله، وأعانه حَوْشَب فحمل على الأسد وهو يقول: أعَنْتُهُ إذْ خَذَلَ الخنابِرُ ... وقَدْ عَلاَه مُكْفَهِرٌّ خَادِرُ هرامس جَهْمٌ لَهُ زَمَاجِرُ ... وَنَابه حَرْداً عليه كَاشِرُ ابْرُزْ فإنِّي ذو حُسَام حَاسِرُ ... إني بهذَا إنْ قتلت ثابر فعارضه الأسدُ وأمكن سيفَه من حِضْنَيْهِ، فمر بين الأضلاع والكتفين، فخرَّ صريعا، وقام كلاب إلى حوشب وقال: أنت حَمِيمي دون الخنابر، وانطلق كلاب بحَوْشب حتى أتى قومه وهو آخذ بيد حَوْشب يقول: هذا حميمي دون الخنابر، ثم هلك كلاب بعد ذلك، فاختصم الخنابر وحَوْشَب في تركته، فقال حَوْشَب: أنا حميمه وقريبه، فلقد خذلتَه ونصرتُه، وقطعتَه ووصلتهُ، وصَمِمْتُ عنه وأجَبْتُه، [ص: 200] واحتكَما إلى الخنابس فقال: وما كان من نُصْرَتك إياه؟ فقال: أجَبْتُ كِلاَباً حينَ عَرّد إلْفُه ... وخَلاَّه مَكْبُوباً عَلَى الوَجْهِ خنْبَرُ فلمَّا دعاني مُسْتغيثا أجَبْتُه ... عليه عَبُوس مكفَهِرٌّ غَضَنْفَرُ مَشَيْتُ إليه مَشْىَ ذي العِز إذْ غَدَا ... وأقْبَلَ مختالَ الْخُطَا يَتَبَخْتَرُ فلمَّا دنا من غَرْب سَيْفِي حَبَوْتُه ... بأبْيَضَ مَصْقُولِ الطَّرَائِقِ يَزْهَرُ فقطَّعَ ما بَيْنَ الضُّلُوعِ وحِضْنُهُ ... إلى حضْنِهِ الثَّاني صَفِيحٌ مُذَكَّرُ فخَرَّ صَرِيعاً فِي التراب مُعَفَّراً ... وقَدْ زَارَ منه الأرْضَ أنفٌ وَمِشْفَرُ فشهد القومُ أن الرجل قال: هذا حميمي دون الخنابر، فقال الخنابس عند ذلك : حميمُ المرء وَاصِلهُ، وقضى لحَوْشَب بتركته، وسارت كلمته مثلا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 199 1051- حُبَّ إِلَى عَبْدٍ مَحْكِدُهُ. الْمَحْكِدُ: الأصل، وهي لغة عقيل، وأما كِلاَب فيقولون: مَحْقِد، ويروى "حبيبٌ إلى عبدِ سوءٍ محكده". يضرب لمن يحرص على ما يَشِينه. وقيل: معناه أن الشاذَّ يحب أصله وقومه حتى عبد السوء يحب أصله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 200 1052- احْمِلِ العَبْدَ عَلَى فَرَسٍ، فإِنْ هَلَكَ هَلَكَ وإِنْ عَاشَ فَلَكَ. يضرب هذا لكل ما هَانَ عليك أن تخاطر به. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 200 1053- حَدَّثَنِي فَاهُ إِلىَ فيَّ. وذلك إذا حَدَّثَكَ وليس بينكا شيء، والتقدير: حدثني جاعلا فاهُ إلى فيَّ، يعني مُشَافِها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 200 1054- حَوِّلْهَا مِنْ ظَهْرِكَ إِلىَ بَطْنِكَ. الهاء للخُطَّة: أي حَوِّلها إلى قرينك فتنجو. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 200 1055- أَحُشُّكَ وَتَرُوثُنِي. أراد تروث على، فحذف الحرف وأوصل الفعل. يضرب لمن يَكْفُر إحسانك إليه. ويروى أي عيسى عليه السلام عَلَفَ حماراً وأنه رَمَحه، فقال: أعطيناه ما أشبهنا وأعطانا ما أشبهه. ويروى "أحُسُّك" بالسين غير المعجمة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 200 1056- أَحْلَبْتَ نَاقَتَكَ أَمْ أَجْلَبْت. يقال "أَحْلَبَ الرجلُ" إذا نتجت إبله إناثا فيحلب ألبانها، و "أجْلَبَ" إذا نتجت إبله ذكورا فيجلب أولادها للبيع، والعرب تقول في الدعاء على الإنسان: لا أحْلَبْتَ ولا [ص: 201] أجْلَبْتَ، ودعا رجل على رجلٍ فقال: إن كنت كاذِباً فخلَبْتَ قاعدا وشرِبْت باردا، أي حلبت شاة لا ناقة، وشربت باردا على غير ثقل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 200 1057- أَحاديثُ الضَّبُعِ اسْتُها. وذلك أن الضبع يزعمون أنها تَتَمَرَّغ في التراب ثم تُقْعِي فتتغنى بما لا يفهمه أحد، فتلك أحاديث استها. يضرب للمُخَلِّطِ في حديثه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 201 1058- أَحَبُّ أَهْلِ الكَلْبِ إِلَيْهِ الظاعِنُ. وذلك أنه إذا سافر ربما عَطِبت راحلته فصارت طعاما للكلب. يضرب للقليل الحِفَاظ كالكلب يخرج مع كل ظاعن ثم يرجع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 201 1059- أحَبُّ أَهْلِ الكَلْبِ إِلَيْهِ خانِقُهُ. يضرب للئيم، أي إذا أذْلَلْتَه يُكْرِمك وإن أكرمته تمرَّدَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 201 1060- حَلَّقَتْ بِهِ عَنْقَاءُ مُغْرِبٌ. يضرب لما يئس منه، قال الشاعر: إذا مَا ابْنُ عَبْدِ اللهِ خَلَّى مَكَانَهُ ... فقد حَلَّقَتْ بالجُودِ عَنْقَاءُ مُغْرِبُ العنقاء: طائر عظيم معروف الاسم مجهول الجسم، وأغرب: أي صار غريباً، وإنما وُصِف هذا الطائر بالمُغْرِب لبعده عن الناس، ولم يؤنِّثُوا صفته لأن العنقاء اسمٌ يقع على الذكر والأنثى كالدابة والحية، ويقال: عَنْقَاءُ مُغْرِبٌ على الصفة ومُغْرِبِ على الإضافة كما يقال مَسْجدُ الجامِعِ وكتابُ الكامِلِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 201 1061- حِدَأَ حِدَأَ وَرَاءَكِ بُنْدُقَهُ. قال الشَّرْقّي بن القطامي: حِدَأ بن نَمِرَة بن سعد العشيرة وهو بالكوفة، وبُنْدُقَة بن مَظَّةَ وهو سُفْيان بن سَلْهم بن الحكَم بن سعد العشيرة وهم باليمن، أغارت حِدَأ على بُنْدُقة فنالت منهم، ثم أغارت بندقة عليهم فأبادتهم قال ابن الكلبي: فكانت تغزو بها. يضرب لمن يَتَبَاصَرُ بالشيء فيقع عليه من هو أبصر منه. وقال أبو عبيدة: يراد بذلك هذا الحِدَأ الذي يَطِير، وعلى ما قال البندقة ما يرمى به. يضرب في التحذير. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 201 1062- حَيْثُ ما ساءَكَ فالْعُكْلِىُّ فِيِهِ. يقال: إن الزَّبْرِقَانَ بن بدر كانت أمه عُكْلِية، وكان الزبرقان في أخواله يَرْعَة ضَئينا، فقال خاله يوماً: لأْنُظَرَّن إلى ابن أختي إذا راح مُمْسِيا أعِنْده خير أم لا؟ فلما راح مُظْلِما أدخل خالُه يدَيْه في يَدَيْ [ص: 202] مِدْرَعَتِهِ فمدَّهما، ثم قام في وجهه، فقال الزبرقان: مَنْ هذا؟ تَنَحَّ، فأبى أن يتنحى، فرماه فأقْصَدَه، فقال: قَتَلْتَني، فدنا منه الزبرقان فإذا هو خاله، فقال هذا القول، فذهب مثلا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 201 1063- حَلَّ بِوَادٍ ضَبُّهُ مَكُون. المَكْنُ: بَيْضُ الضِّبَاب، والمَكُون: الضبة الكثيرة البيض. يضرب لمن نَزَلَ برجل متموِّل يتصرَّفُ ويتقلَّب في نَعْمَائه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 202 1064- حَمْداً إِذَا اسْتَغْنَيْتَ كَانَ أَكَرَمَ. يعني إذا سألتَ إنساناً شيئا فبذَله لك واستغنيت فاحمدهُ، واشكر له، فإن حَمْدَك إياه أقربُ إلى الدليل على كرمك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 202 1065- حَدُّ إِكامٍ وانْصِرَاد وغَسَمْ. الإكامُ: جمع أكَمَة، وهي الرَّبْوَة الصغيرة، وانصراد: أي وجْدَان البرد، قلت: الانْصِرَادُ لفظه ما رأيته مستعملا إلا ههنا، والله أعلم بصحته. والغَسَمُ: الظُّلمة. هذا رجل يشكو امرأته وأنه في بلية منها، وحد الإكَامِ: طرفها، وهو غير مَقَرٍّ لمن يسكنه. يضرب لمن ابتلى بشيء فيه كل شر، ولا يستطيع مفارقته. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 202 1066- حَنْظَلَةُ الجِرَاحِ لَيْسَتْ لِلَّعِبِ. هذا مثل قولهم "فلان لا يلعب بحنظلته" إذا كان مَنِيعاً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 202 1067- حَوْبَكَ هَلْ يُعتَمُ بِالسَّمارِ. حَوْبَكَ: من قولهم حوب، وهي كلمة تُزْجَرُ بها الإبل، فكأنه قال: أزْجُرُكَ زَجْراً، وأعتم: أبطأ. والسَّمار: اللبن الكثير الماء، يقول: إذا كان قِرَاكَ سَمَاراً فما هذا الإعتام. يضرب لمن يَمْطُل ثم يُعْطِي القليل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 202 1068- أَحْبَضَ وَهْوَ يَدَّعِيهِ مَخْطاً. يقال: حَبَضَ السهمُ يَحْبِض، إذا وقع بين يدي الرامي، وأحْبَضَه صاحبه، والمَخْطُ: أن ينفذ من الرمية. يضرب لرجل يسيء وهو يَرَى أنه يُحْسِن. ونصب مَخْطا على أنه المفعول الثاني، أي يَزْعُمُه مخطا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 202 1069- حَجَا بِبَيْتٍ يَبْتَغِي زادَ السَّفَرِ. يقال: حَجَا بالمكانِ يَحْجُو حَجْواً، إذا أقام به، فهو حَجٍ وحَجِيٌّ، أي مقيم ببيت لا يبرحه ويطلب أن يُزَوَّد. يضرب لمن يطلبُ ما لا يحتاج إليه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 202 1070- حَيْضَةُ حَسْنَاءَ لَيسَتْ تُمْلَكُ. يعني أن الحسناء لا تُلاَم على حيضتها لأنها لا تملكها. يضرب للكثير المحاسن والمناقب تحصل منه زَلة، أي كما أن حيضتها لا تُعَدُّ عيبا فكذلك هذه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 203 1071- أحْمَقُ يَمْطَخُ الماء. أي يَلْعَقُ الماء. قال أبو زيد: المَطْخ: اللَّعْقُ، وهذا كما يقال "أحْمَقُ من لاعِقِ الماء". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 203 1072- احْتَلِبْ فَرْوَهْ. زعموا أن رجلا قال لعبدٍ له : احْتَلِب فَرْوَهْ، لناقة له تدعى فروه، فقال: ليس لها لبن، فقال: احْتَلِبْ فَرْوَهْ، يوهم القومَ أنه يأمره أن يَرْوَى من لبن الناقة، أي فَارْوَ مِنْهُ، فلما وقف على "فَارْوَ" زاد هاء للسكت، كما يقال اغْزُهْ وارْمِهْ. يضرب للمُسيء الذي يرى أنه محسن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 203 1073- حَتَّى يَرْجِعَ السَّهْمُ عَلَى فُوقِهِ. وهذا لا يكون، لأن السهم لا يَرْجع على فُوقه أبدا، إنما يمضي قُدُماً. يضرب لما يستحيل كونُه، ومثلُه: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 203 1074- حَتَّى يَرْجِعَ الدَّرُّ فِي الضَّرْعِ. وهذا أيضاً لا يمكن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 203 1075- حَيْنٌ وَمَنْ يَمْلِكُ أقْدَارَ الْحَيْنِ؟ أي: هذا حَيْن ومَنْ يملك ما قُدِّرَ منه، يضرب عند دُنُوّ الهلاك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 203 1076- حَافِظْ عَلَى الصَّدِيقِ وَلَوْ فِي الحَرِيق. يضرب في الحثِّ على رعاية العهد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 203 1077- أحَقُّ الخَيْلِ بالرَّكْضِ المُعَارُ. قالوا: المُعَار من العارية، والمعنى لا شَفَقَة لك على العارية، لآنها ليست لك، واحتجوا بالبَيْت الذي قبله، وهو من قول بِشْر ابن أبي خازم يصف الفرسَ: كأن حَفِيفَ مَنْخِرِه إذا ما ... كَتَمْنَ الرَّبْوَ كِيرٌ مُسْتَعَارُ وَجَدْنَا في كتاب بني تميم ... أحَقُّ الخيلِ بالرَّكْضِ المُعَارُ قالوا: والكِير إذا كان عارية كان أشدَّ لكده، وقال من رد هذا القول: المُعَار المُسَمَّنُ، يقال "أعَرْتُ الفرَسَ إعارة: إذا سَمَّنْته، واحتج بقول الشاعر: أعِيُروا خَيْلَكم ثم ارْكُضُوها ... أحَقُّ الْخَيْلِ بالركض المُعَارُ واحتج أيضاً بأن أبا عُبَيدة كان يَزْعُم أن قوله ... وجدنا في كتاب بني تميم ... ليس [ص: 204] لبشر، وإنما هو للطِّرِمَّاح، وكان أبو سعيد الضرير يروى "المُغَار" بالغين المعجمة - أي المضَمَّر من قولهم "أَغَرْتُ الحبْلَ" إذا فَتَلْته قلت: يجوز أن يكون "المعار" بالعين المهملة من قولهم "عارَ الفَرَسُ يَعيرُ" إذا انْفَلتَ وذهب ههنا وههنا، وأعاره صاحبُه إذا حمله على ذلك، فهو يقول: أحق الخيل بأن يُرْكَضَ ما كان مُعَارا لأن صاحبَه لم يُشْفق عليه، فغيرُه أحق بأن لا يشفق عليه. وقال أبو عبيدة: مَنْ جعل المعار من العارية فقد أخطأ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 203 1078- احْتَرِسْ مِنَ العَيْنِ فَوَالَلّهِ لَهِي أنَمُّ عَلَيْكَ مِنَ اللِّسانِ. قاله خالد بن صَفْوَان، قال الشاعر: (الأبيات للعباس بن الأحنف، والذي أحفظه في عجز أولها "وجزى الله كل خير لساني".) لا جَزَى الله دَمْعَ عينيَ خَيْراً ... بل جَزَى الله كُلَّ خَيْرٍ لِسَانِي نَمَّ طَرْفِي فليس يَكْتُم شيئا ... وَوَجَدْتُ اللسانَ ذا كتمانِ كنْتُ مثلَ الكِتابِ أخْفَاهُ طَيٌّ ... فاستدَلُّوا عليه بالعُنْوَانِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 204 1079- حُلَّ عَنْكَ فَاظْعَنْ. حُلَّ: أمر من الحَلِّ، أي حُلَّ حبوتك وارتحل. يضرب عند قرب البلاء وطلب الحيلة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 204 1080- أَحَادِيثُ الصُّمِّ إِذَا سَكِرُوا. يضرب لمن يعتذر بالباطل، ويخلط ويكثر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 204 1081- أَحَادِيثُ طَسْمٍ وَأَحْلاَمُها. يضرب لمن يخبرك بما لا أَصْلَ له. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 204 1082- حَالَ الأَجَلُ دُونَ الأَمَلِ. هذا قريب من قولهم "حال الْجَرِيض دون القَريض". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 204 1083- حَبَّذَا وَطْأَةُ المَيْلِ. أصله للرجل يميل عن دابته فيقال له: اعْتَدِلْ، فيقول : حبذا وَطْأة الميل، يعني أن مركبه جيد، فيعقر دابته وهو لا يشعر. يضرب في الرجل يَعُقُّ من ينصحه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 204 1084- حَوَّلَهَا مِنْ عَجُزٍ إِلَي غَارِبٍ. قال أبو زيد: إنما يقال هذا إذا أردْتَ أن تطلبَ إلى رجلٍ حاجةً أو تخصُّه بخير، فصرفت ذلك إلى أخيه أو أبيه أو ابنه أو قريب له. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 204 1085- حِينَ تَقْلِينَ تَدْرِينَ. أصل هذا أن رجلا دخَلَ إلى قَحْبة وتمتَّع بها وأعطاها جذرها (هكذا في الأصول كلها، ولعل الأصل "جعلها") وسرق مِقْلًى لها [ص: 205] فلما أراد الانصرافَ قالت له: قد غَبَنْتُكَ، لأني كنتُ إلى ذلك العمل أَحْوَجَ منك وأخذتُ دراهمك، فقال لها : حينَ تَقْلِينَ تدرين. يضرب للمَغْبُون يظن أنه الغابن غيره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 204 1086- أَحْمَقُ بِلْغٌ. أي يَبْلُغ ما يريد مع حُمْقه، ويروى بَلْغ - بفتح الباء - أي بالغ مُرَاده، قال اليَشْكُري: (البيت للحارث بن حلزة اليشكري) [فَهَدَاهُمْ بالأَسْوَدَيْنِ و] أَمْرُ الْـ ... ـلهِ (الله) بَلْغٌ تَشْقَي به الأشْقِيَاءُ أيّ بالغ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 205 1087- الْحَزْمُ حِفْظُ ما كُلِّفْتَ، وَتَرْكَ ما كُفِيتَ. هذا من كلام أكْثَمَ بن صيفي، وقريب من هذا قوله صلى الله عليه وسلم "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 205 1088- حَبِيبٌ جَاء عَلَى فاقَةٍ. يضرب للشيء يأتيك على حاجة منك إليه ومُوَافقة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 205 1089- حِمْلُ الدُّهَيْمِ وَمَا تَزْبِي. الدُّهَيْم: اسم ناقة عمرو بن الزَّبان التي حُمِلَ عليها رؤوسُ أولاده إليه، ثم سميت الداهية بها، والزَّبْىُ: الحَمْل، يقال: زَبَاه وَازْدَبَاه، إذا حمله. يضرب للداهية العظيمة إذا تفاقَمَتْ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 205 1090- الْحُمَّى أَضْرَعَتْنِي لَكَ. قال أبو عبيد: يضرب هذا في الذل عند الحاجة تنزل. ويروى "الحمى أضرعتني للنوم" قال المفضل: أول من قال ذلك رجل من كَلْب يقال له مرير، ويروى مرين، وكان له أَخَوَانِ أكبر منه يقال لهما مرارة ومرَّة، وكان مرير لصاً مُغيراً، وكان يقال له الذئب، وإن مرارة خرج يتصيّد في جبل لهم فاختطفه الجن، وبلغ أهلَه خَبَرُه فانطلق مُرَّة في أثره حتى إذا كان بذلك المكان اخْتُطِف، وكان مرير غائباً، فلما قدم بلغه الخبر، فأقسم لا يشرب خمراً ولا يمس رأسَه غسْلٌ حتى يطلب بأخويه، فتنكَّب قوسَه وأخذ أسْهُما ثم انطلق إلى ذلك الجبل الذي هلك فيه أخَوَاه، فمكث فيه سبعة أيام لا يرى شيئاً، حتى إذا كان في اليومِ الثامن إذا هو بظَليم، فرماه فأصابه واسْتَقَلَّ الظَّليمُ حتى وقع في أسفل الجبل، فلما وَجَبَت الشمسُ بصر بشخص قائم على صَخْرة ينادي: يا أيها الرامي الظَّليمِ الأْسَودِ ... تَبَّتْ مَرَامِيكَ التي لم تَرْشُدِ [ص: 206] فأجابه مرير: يا أيها الهاتِفُ فَوْقَ الصَّخْرَهْ ... كم عَبْرَةٍ هَيَّجْتَها وَعَبْرَهْ بقتلكم مرارة ومُرَّهْ ... فَرَّقْتَ جمعاً وتركْتَ حَسْرَهْ فتوارى الجني عنه هويّاً من الليل، وأصابت مريراً حُمَّى فغلبته عيناه، فأتاه الجني فاحتمله، وقال له: ما أَنَامَكَ وقد كنتَ حَذِراً؟ فقال: الحمى أضْرَعَتْنِي للنوم، فذهبت مثلا. وقال مرير: أَلاَ مَنْ مُبْلِغٌ فتيانَ قَوْمِي ... بما لاَقَيْتُ بعدهُمُ جميعا غزوْتُ الجنَّ أطلُبهم بثأرِي ... لأسْقِيَهُمْ به سمّاً نَقِيعاَ فَيَعْرِضُ لي ظَليمٌ بعد سبع ... فأرْمِيهِ فأتْرُكُهُ صَرِيعاَ في أبيات أخر يطول ذكرها (ويروى أن عمر بن معد يكرب الزبيدي قال هذا المثل لأمير المؤمنين أبي حفص عمر بن الخطاب.) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 205 1091- حَوْلَ الصِّلِّيَانِ الزَّمْزَمَةُ. قال أبو زياد: الصِّلِّيان من الطريفة ينبتُ صُعُدا، وأضخمه أعجازه على قدر نبت الحلي، وهو يُخْتَلَى للخيل التي لا تفارق الحي، والزَّمْزَمَة: الصوت، يعني صوت الفرس إذا رآه. يضرب للرجل يُخْدَم لثروته. ويروى "حَوْلَ الصُّلْبَان الزمزمة" جمع صَليب، والزمزمة: صوتُ عابِدِيها، قال الليث: الزمزمة أن يتكلف العِلْجُ الكلامَ عند الأكل وهو مُطْبِقٌ فمه. يضرب لمن يَحُوم حول الشيء لا يظهر مَرَامه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 206 1092- الحَرْبُ غَشُوم. لأنها تَنَال مَنْ لم يكن له فيها جناية، وربما سلم الجاني. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 206 1093- الْحَذَرُ قَبْلَ إِرْسَالِ السَّهْمِ. تزعم العربُ أن الغراب أراد ابنُهُ أن يطير، فرأى رجلا قد فَوَّقَ سَهْما ليرميه، فطار، فقال أبوهُ: اتَّئِدْ حتى تعلم ما يريد الرجل، فقال له: يا أبتِ الحذر قبلَ إرسال السهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 206 1094- حِلْسٌ كَشَفَ نَفْسَهُ. الحِلْسُ: كِساء رقيق يكون تحت بَرْذَعة البعير، وهو يستره، وهذا حِلْسٌ يُعَزِّي نفسَه. يضرب لمن يقوم بالأمر يَصْنَعُه فيضيعه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 206 1095- احْفَظْ ما فِي الوِعَاءِ بِشَدِّ الوِكاءِ. يضرب في الحث على أخذ الأمر بالحزم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 207 1096- حَزَّت حازَّةٌ عن كُوعِها. يضرب في اشتغال القوم بأمرهم عن غيره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 207 1097- احْسُ فَذُقْ. يضرب في الشَّماتة، أي كنت تنهى عن هذا فأنت جَنَيْته فاحْسُه وذُقْه. وإنما قدم الحَسْوَ على الذَّوْق وهو متأخر عنه في الرتبة إشارة إلى أن ما بعد هذا أشد، يعني احْسُ الحاضر من الشر، وذُقِ المنتظر بعده. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 207 1098- أَحَشَفَاً وَسُوءَ كِيلَةٍ. الكِيلَة: فِعْلَة من الكَيْل، وهي تدلّ على الهيئة والحالة نحو الرِّكْبة والْجِلْسَة؟ والحَشَفُ: أَرْدَأ التمر، أي أتجمَعُ حشَفَا وسوء كيل. يضرب لمن يجمع بين خَصْلتين مكروهتين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 207 1099- حَالَ صَبُوحُهُمْ دُونَ غَبُوقِهِمْ. يضرب للأمر يسعى فيه، فلا ينقطع ولا يتم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 207 1100- الحقُّ أَبْلَجُ وَالبَاطِلُ لَجْلَجٌ. يعني أن الحق واضح، يقال: صُبْح أَبْلَج، أي مُشْرِق، ومنه قوله: حَتَّى بَدَتْ أَعْنَاقُ صُبْح أَبْلَجَا ... وفي صفة النبي صلى الله عليه وسلم "أبلج الوجه" أي مُشْرِقُه. والباطل لجلج: أي مُلْتَبِس، قال المبرد: قوله لجلج أي يَتَرَدَّد فيه صاحبُه ولا يصيب منه مخرجاً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 207 1101- الحَفِيظَةُ تًحَلِّلُ الأَحْقَادَ. الحَفِيظَة والحِفْظَةُ: الغضب والحميَّةُ، والحفائظ: جمع حَفِيظة. ومعنى المثل: إذا رأيتَ حميمَك يُظْلَم حميتَ له، وإن كان في قلبك عليه حِقْد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 207 1102- الحَرِيصُ يَصِيدُكَ لا الْجَوَادُ. أراد يصيد لك، يقول: إن الذي له هَوًى وحِرْص على شأنك هو الذي يقوم به لا القويّ عليه ولا هَوَى له فيك. يضرب لمن يستغني عن الوَصِيَّة لشدة عنايته بك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 207 1103- حَدِّثْ عَنْ مَعْنٍ وَلاَ حَرَج. يَعْنُونَ مَعْنَ بن زائدة بن عبد الله الشيباني، وكان من أَجْواد العرب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 207 1104- حَلَفَ بالسَّماءِ والطَّارِقِ. قال الأصمعي: يراد بالسماء المطر، وبالطارق النجم، لأنه يَطْرُق أي يطلع ليلا، والطروق لا يكون إلا بالليل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 207 1105- حلَفَ بالسَّمَرِ وَالقَمَرِ. قال الأصمعي: السمر الظُّلْمة، وإنما سميت سمراً لأنهم كانوا يجتمعون في الظلمة فيسمرون، ثم كثر ذلك حتى سميت سَمَراً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 208 1106- الْحَزْمُ سُوءُ الظَّنِّ بالنَّاسِ. هذا يروى عن أكْثَمَ بن صَيْفي التميمي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 208 1107- الْحُرُّ حُرٌّ وَإِنْ مَسَّهُ الضُّرُّ. وهذا أيضاً يروى عنه في كلام له. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 208 1108- الْحَامِلُ عَلَى الكَرَّازِ. هذا مثل يضرب لمن يُرْمَى باللؤم. يعني أنه رَاعٍ يحمل زادَه على الكَبْش وأول من قاله مُخَالس بن مُزَاحم الكَلْبي لقاصر بن سَلَمة الْجُذَامي، وكانا بباب النعمان ابن المنذر، وكان بينهما عداوة، فأتى قَاصِر إلى ابن فَرْتَنَى - وهو عمرو بن هند أخو النعمان بن المنذر - وقال: إن مُخَاِلساً هَجَاك وقال في هِجائه: لقد كان مَنْ سَمَّى أباك ابنَ فَرْتَنَى ... به عارفاً بالنَّعْت قبل التَّجَارِبِ فسماه من عِرْفَانِهِ جَرْوَ جَيْأَلٍ ... خليلة قشع خَامِلِ الرجل سَاغِبِ أبا مُنْذِرٍ أَنَّى يقودُ ابنُ فَرْتَنَى ... كَرَادِيسَ جمهور كثير الكتائب وما ثبتت في مُلْتَقَى الخيلِ ساعةً ... له قَدَمٌ عند اهتزاز القَوَاضِبِ فلما سمع عمرو ذلك أتى النعمان فشكا مُخَالسا، وأنشده الأبيات، فأرسل النعمان إلى مُخَالس، فلما دخل عليه قال: لا أمَّ لك! أتهجو امرأً هو ميتاً خير منك حياً، وهو سقيماً خير منك صحيحاً، وهو غائباً خير منك شاهداً، فبرحمة ماء المُزْنِ، وحَقِّ أبي قابوس لئن لاح لي أن ذلك كان منك لأنْزِعَنَّ غَلْصَمَتَكَ من قَفَاك ولأطعِمَنَّكَ لحمك، قال مُخَالس: أبيتَ اللَّعْن! كلا والذي رفع ذِرْوَتَك بأعمادها، وأمات حُسَّادك بأكمادها، ما بُلِّغْتَ غيرَ أقاويل الوُشَاة، ونمائم العصاة، وما هَجَوْتُ أحداً، ولا أهجو امرأً ذكرت أبداً، وإني أعوذ بجَدِّك الكريم، وعِزِّ بيتك القديم، أن ينالني منك عِقَاب، أو يُفَاجِئني منك عذاب، قبل الفحص والبيان، عن أساطير أهل البهتان، فدعا النعمان قَاصِراً فسأله، فقال قاصر: أبيتَ اللعن! وحَقِّكَ لقد هَجَاه، وما أرْوَانِيها سِوَاه، فقال مخالس: لا يأخذَنَّ أيها الملِكُ منك قولُ امرئ آفك، ولا تُورِدْنِي سبيلَ المهالك، واستدلل على كذبك بقوله إني أرْوَيْتُه مع ما تعرف من عَدَاوته، فعرف النعمانُ صدقه، فأخرجهما، فلما خرجا قال [ص: 209] مُخَالس لقاصر: شَقِيَ جَدُّك، وسَفَل خَدُّك، بطل كَيْدُك، ولاح للقوم جُرْمُك، وطاش عني سَهْمُك، ولأنْتَ أضْيَقُ جُحْراً من نقَّاز، وأقلُّ قرًى من الحامل على الكَزَّاز، فأرسلها مثلاً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 208 1109- أَحْمَقُ ما يَجْأَى مَرْغَهُ. المَرْغُ: اللَّعَاب، ويَجْأَى: يَحْبِسُ، قال أبو زيد: أي لا يَمْسَح لُعَابه ولا مُخَاطه، بل يَدَعُه يسيل حتى يراه الناس. يضرب لمن لا يَكْتُم سره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 209 1110- حَرُّ الشَّمْسِ يُلْجِئُ إِلىَ مَجْلِسِ سُوءٍ. يضرب عند الرضا بالدنيء الحقير، وبالنزول في مكان لا يَلِيق بك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 209 1111- أحْبِبْ حَبِيبَكَ هَوْناً مَّا. أي أحْبِبْهُ حُبّاً هَوْناً، أي سَهْلا يسيراً، و "ما" تأكيد، ويجوز أن يكون للابهام، أي حُبّاً مبهما لا يكثر ولا يظهر، كما تقول: اعْطِنِي شيئاً ما، أي شيئاً يَقَعُ عليه اسم العطاء وإنْ كان قليلا. والمعنى لا تُطْلعه على جميع أسْرَارِك، فلعله يتغير يوماً عن مودتك، وقال النَّمِرُ بن تَولَب: أحْبِبْ حَبِيبَكَ حُبّاً رُوَيْداً ... فَقَدْ لا يَعُولُكَ أن تصرما وأبغِضْ بَغِيضَكَ بُغْضاً رُوَيْداً ... إذا أنْت حَاوَلْتَ أن تحكما ويروى "فليس يعولك" أي فليس يَغْلبك ويفوتك صَرْمُه، وقوله "أن تحكما" أي أن تكون حكيما. والغرض من جميع هذا كله النهيُ عن الإفراط في الحب والبغض، والأمر بالاعتدال في المعنيين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 209 1112- حَتَّامَ تَكْرَعُ ولاَ تَنْقَعُ. يقال: كَرَعَ في الماء وكَرِعَ أيضاً، إذا وَرَدَ الماء فتناوله بفيه من موضعه من غير أن يشرب بكفيه ولا بإناء، ونقَع: معناه رَوِىَ وأرْوَى أيضاً، يتعدى ولا يتعدى. يضرب للحريص في جمع الشيء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 209 1113- حَظِيِّينَ بَناتٍ صَلِفِينَ كَنَّاتٍ. الحَظِىُّ: الذي له حُظْوة ومَكَانة عند صاحبه، يقال: حَظِيَ فلان عند الأمير، إذا وَجَد منزلة ورتبة، والصَّلِف: ضده، وأصل الصَّلَف قلة الخير، يقال: امرأة صَلِفة، إذا لم تَحْظ عند زوجها، والكَنَّة: امرأة الابن وامرأة الأخ أيضاً، ونصب "حظيين" و "صلفين" على إضمار فعل، كأنه قال: وجدوا أو أصْبَحُوا، ونصب "بنات" و "كَنَّات" على التمييز، كما تقول: راحوا كرِيمِينَ آباء حَسَنِينَ وُجُوها. [ص: 210] يضرب هذا المثل في أمر يَعْسُر طلب بعضه ويتيسر وجود بعضه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 209 1114- حَال صَبُوحُهُمْ عَلَى غَبُوقِهِمْ. يقال: حال الماءُ على الأرض حولا، أي انْصَبَّ، وأحَلْتُه أنا: صببته، قال لبيد: كأن دُمُوعَه غَرْبا سَنَاةٍ ... يُحِيلُونَ السِّجَالَ على السِّجَالِ ومعنى المثل على ما قالوا: افتقروا فقلّ لبنُهم، فصار صَبُوحهم وغَبُوقهم واحداً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 210 1115- حَمْدُ قَطاةٍ يَسْتَمِى الأَرَانِبَ. زعموا أن الحمد فَرْخُ القَطَاة، ولَمْ أرَ له ذكرا في الكتب، والله أعلم بصحته، والاسْتِمَاء: طلبُ الصيد، أي فَرْخُ قَطاة يطلب أن يصيد الأرانب. يضرب للضعيف يروم أن يكيد قويّاً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 210 1116- حَوْضَكَ فالأَرْسَالُ جَاءَتْ تَعْتَرِكُ. الأرْسَال: جمع رَسَل، وهو القَطيع من الإبل، ونصب "حَوْضَك" على التحذير، أي احْفَظْ حوضَك فإن الإبل تَزْدَحم على الماء. يضرب لمن كافَحَ مَنْ هو أقوى منه وأكثر عدة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 210 1117- حَظٌّ جَزِيلٌ بَيْنَ شِدْقَيْ ضَيْغَمٍ. يضرب للأمر المَرْغوب فيه الممتنع على طالبه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 210 1118- حَلُوءَةٌ تُحَكُّ بِالذَّرَارِيحِ. الحَلوء، على فَعُول: أن تحك حَجَرا على حجر ثم جعلت الحكاكة على كفك وصَدَّأت به المِرْآة ثم كحلت به، والذراريح: جمع الذَّرُّوح والذُّرُّوح والذرحرح والذَّرَّاح، وهي دويبة حمراء مُنّقَّطة بسواد تَطير، وهي من السموم. يضرب لمن كان له قول حَسَن وفعل قبيح. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 210 1119- حَيُّكَ لِلّيِّ أبَا َربِيعٍ. الحَيُّ: الجمع، واللَّيُّ: المَطْل. يضرب لمن يجمع المال ثم لا يعطي منه أحدا ولا ينتفع به. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 210 1120- حَلُوبَة تُثْمِلُ ولاَ تُصَرِّحُ. الحَلُوبة: الناقة التي تحلب لأهل البيت أو للضيف، وأثْمَلَتِ الناقة، إذا كان لبنها أكْثَرَ ثُمالة من لبن غيرها، والثُّمَالة: الرِّغْوة، وصَرَّحَت إذا كان لبنُها صُرَاحا أي خالصاً. يضرب للرجل يكثر الوعيد والوعد، ويقل وفاؤه بهما. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 210 1121- الحُصْنُ أدْنَى لَوْ تَأَيَّيْتِهِ. الحُصْنُ: العَفَاف، يقال: حَصُنَت المرأة حُصْنا فهي حَاصِن وحَصَانٌ وحَصْناء أيضاً بَيِّنة الحَصَانة. [ص: 211] قيل: كانت لامرأة ابنة فرأتها تَحْثو التراب على راكب، فقالت لها: ما تصنعين؟ قالت: أريه أني حَصَان أتعفف، وقالت: يا أمَّتَا أبْصَرنِي راكبٌ ... في بلد مُسْتَحْقرٍ لاحِبِ فصرتُ أحثْو التُّربَ فِي وَجْهِهِ ... عني وأنْفِي ُتْهَمَة العائب فقالت أمها: الحُصْنُ أوْلى لَوْ تأيَّيْتِهِ ... من حَثْيكِ التُّرْبَ عَلَى الرَّاكِبِ. فأرسلتها مثلاً، وتأيَّا: معناه تعمَّد، وكذلك تآيا، على تَفَعَّل وتَفَاعل. يضرب في ترك ما يشوبه ريبة وإن كان حسنَ الظاهر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 210 1122- الحَذَرُ أَشَدُّ مِنَ الوَقيعَةِ. أي من الوقوع في المحذور، لأنه إذا وقَع فيه علم أنه لا ينفع الحذر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 211 1123- الحُرُّ يُعْطِي وَالعَبْدُ يَأْلَمُ قَلْبُهُ. يعني أن اللئيم يكره ما يجود به الكريم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 211 1124- حَمِى سَيْلٍ راعِبٍ. يضرب للذي يَلْتهم أقرانه ويغلبهم، والراعب من السيول: الذي يملأ الوادى، والزاعب بالزاي: الذي يتدافع في الوادي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 211 1125- حَتّى يَؤُوبَ القارِظَانِ. و"حتى يؤوب المُنَخَّل" و "حتى يرد الضَّب" كل ذلك سواء في معنى التأبيد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 211 1126- حَرَّكَ خِشَاشَهُ. أي فَعَلَ به فعلا ساءه وآذاه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 211 1127- الْحَليمُ مَطِيَّةُ الْجَهُولِ. أي الحليمُ يتوطأ للجاهل فيركبه بما يريد، فلا يجازيه عليه كالمطية. يضرب في احتمال الحليم. وقال الحسن: ما نَعَتَ الله من الأنبياء نَعْتاً أقلَّ مما نعتهم به من الحلم، فقال تعالى: {إن إبراهيم لحليم أوَّاه منيب} قال أبو عبيدة: يعني أن الحلم في الناس عزيز. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 211 1128- الْحَيَاءُ مِنَ الإِيمَانِ. هذا يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال بعضهم: جعل الحياء وهو غريزة من الإيمان وهو اكتساب، لأن المستحي ينقطع بحيائه عن المعاصي وإن لم يكن له تَقِية، فصار كالإيمان الذي يقطع بينها وبينه، ومنه الحديث الآخر "إذا لم تَسْتَحِي فاصنع ما شئت" أي من لم يستحي صَنَعَ ما شاء، لفظُه أمر ومعناه الخبر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 211 1129- احْفَظْ بَيْتَكَ مِمَّنْ لا تَنْشُدُهُ. أي ممن يساكنك، لأنك لا تقدر أن تطلب منه المفقود. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 211 1130- الحَازِم مَنْ مَلَكَ جِدُّهُ هَزْلَه. يضرب في ذم الهزل واستعماله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 212 1131- حِرْبَاءُ تَنْضَبَةٍ. التَّنْضَبُ: شجر تُتَّخَذُ منه السهام، قاله ابن سلمة، والحرباء: أكبر من العَظَاية شئياً، وهو يلزم هذه الشجرة. يضرب لمن يلزم الشيء فلا يفارقه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 212 1132- حَمَّلْتَهُ حِمْلَ البَازِلِ وَهْوَ حِقٌ. يضرب لمن يضع معروفه أو سِرَّه عند مَنْ لا يحتمله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 212 1133- حُكْمُكَ مُسَمَّطٌ. أي مُرْسَل جائز لا يُعَقَّب، ويروى "خذ حُكْمَكَ مسمطاً" أي مُجَوَّزاً نافذا، والمُسَمّط: المرسَل الذي لا يُرَدُّ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 212 1134- حَسْبُكَ مِنْ إِنْضَاجِهِ أَنْ تَقْتُلَهُ. يضرب لمن طلب الثأر. يقول: والله لأقتلن فلانا وقومَه أجمعين فيقال له: لا تعد حَسْبُك أن تُدْرِك ثأرك وطَلِبتك. ويضرب لمن جاوز الحد قولا وفعلا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 212 1135- أَحَادِيثُ زَبَّانَ اسْتُهُ حينَ أَصْعَدا. يضرب لمن يتمنى الباطل. أي كان أحاديث هذا الرجل كذبا، وهذا مثل قولهم "أحاديثُ الضبع اسْتُها". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 212 1136- الْحَدِيثُ أَنْزَى مِنْ ظَبْيٍ. يعني أنه يفتح بعضُه بعضا، كما أن الظبي إذا نَزَا حمل غيرَه على ذلك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 212 1137- حَرّاً أَخَافُ عَلَى جَانِي كَمْأَةٍ لاَ قُرّاً. يضرب للرجل يقول: إني أخاف كذا وكذا ويكون الخوف في غيره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 212 1138- حُقَّ لِفَرَسٍ بِعِطْرٍ وَأُنُسٍ. قال يونس: كانت امرأة من العرب لها زوج يقال له فَرَس، وكان يكرمها، وكان سَخِيّاً، فمات وخَلَفه عليها شيخٌ، فبينا هو ذاتَ يوم يَسُوق بها إذ مرت بقبرِ فَرَسٍ فقالت: يا فرس، يا ضَبُع أهله وأسد الناس، كسر الكبش بجفَرْ، وتركت العاقر أن تنحر، وبابات أخر، فقال الزوج: وما هن؟ قالت: كام لا يبيت بغَمْر كفيه، ولا يتشبَّع بخلَلَ سنيه، قال: فدَفَعها عن البعير وقَشْوَتها بين يديها، فسقطت القَشْوَة على القبر، فقالت: حُقَّ لفرسِ بعطْرٍ وأنُسٍ. يضرب للرجل الكريم يثني عليه بما أولى وتقدير المثل: حق لفرس أن يُتْحَف بعِطْر وأنْس، فثقل للازدواج. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 212 1139- حَبَسَكَ الْفَقْرُ فِي دَار ضُرٍّ. يضرب لمن يطلب الخير من غير أهله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 213 1140- حتَّى مَتَى يُرْمَى بِي الرَّجَوَانِ. الرجا مقصورا: الجانبُ، وجمعه أرجاء، والأرجاء: الجوانب، وأريد ههنا جانبا البئر، لأن من رمى به فيه يتأذى من جانبيه ولا يصادف مُعْتَصَماً يتعلق به حواليه، والمعنى حتى متى أجْفَى وأقْصَى ولا أقَرَّب، وقال: فلا يُرْمَى بي الرجوان، إني ... أَقلُّ الْقَوْمِ مَنْ يُغْنِي مكاني (في أصول هذا الكتاب"فلا يقذف بي الرجوان" وليس بشيء) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 213 1141- حُطْتُمُونَا الْقَصَا. قال الأصمعي: القَصَا البُعْدُ والناحية، قال بشر: فَحَاطُونَا الْقَصَا ولَقَدْ رَأوْنَا ... قَريباً حَيْثُ يُسْتَمَعُ السِّرَارُ أي تباعدوا عنا وهم حولنا، ولو أرادوا أن يَدْنُوا منا ما كنا بالبعد منهم، و "القصا" في موضع نصب لكونه ظَرْفاً، ويجوز أن يكون واقعا مَوْقِعَ المصدر. يضرب للخاذل المتنحِّى عن نصرك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 213 1142- حتَّى يُؤَلَّفَ بَيْنَ الضَّبِّ والنُّونِ. وهما لا يأتلفان أبدا، قال الشاعر: إن يهبط النون أرضَ الضَّبِّ ينصره ... يضلل ويأكله قَوْمٌ غَرَاثِينُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 213 1143- حِسّاً وَلاَ أَنِيسَ. أي مواعيد ولا إنجاز، مثل قولهم "جَعْجَعَة ولا أرى طِحْناً" أي أسمع حسا. والحِسُّ والحسيس: الصوتُ الخفي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 213 1144- حَمَلَهُ عَلَى قَرْنِ أَعْفَرَ. أي على مَرْكَب وَعْر، قال الكُمَيت: وكنَّا إذا جَبَّار قوم أرادنا ... بكَيْدٍ حَمَلْناه على قَرْنِ أعْفَرَا يقول: نقتله ونحمل رأسه على السِّنان، وكانت الأسِنَّةُ من القرون فيما مضى من الزمان، ومثله قولهم: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 213 1145- حَمَلَهُ عَلَى الأفْتَاءِ الصِّعَابِ. الأفتاء: جمع فتى من الإبل. يضرب لمن يُلْقَى في شر شديد. ويقولون في ضده: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 213 1146- حَمَلَهُ عَلَى الشُّرُفِ الذُّلُلِ. الشُّرُفُ: جمع الشارف، وهي المُسِّنَة من النوق، يقال: شارف وشُرُف، كما قالوا بازل وبُزُل وفَارِه وفُرُه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 213 1147- حَمِىَ فَجاشَ مِرْجَلُهُ. أي غضب غضباً شديداً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 213 1148- الحَرْبُ سِجَالُ. المُسَاجلة: أن تَصْنَع مثلَ صنيع صاحبك من جرى أو سقى، وأصله من السَّجْل وهو الدَّلْو فيها ماء قل أو كثر، ولا يقال لها وهي فارغة سَجْل، قال الفضل بن العباس بن عُتْبة ابن أبي لَهَب: منْ يُسَاجِلْنِي يُسَاجِلْ ماجدا ... يَمْلأَ الدَّلْوَ إلى عَقْدِ الكَرَبْ وقال أبو سفيان يوم أحد بعد ما وقعت الهزيمة على المسلمين: اعْلُ هُبَلُ اعْلُ هُبَلُ، فقال عمر: يا رسول الله ألا أجيبه؟ قال: بلى يا عمر، قال عمر: الله أعْلى وأجَلّ، فقال أبو سفيان: يا ابن الخطاب إنه يومُ الصَّمْت يوما بيوم بدر، وإن الأيام دُوَل، وإن الحرب سِجَال، فقال عمر: ولا سَوَاء، قَتْلاَنا في الجنة وقَتْلاَكم في النار، فقال أبو سفيان: إنكم لتزعمون ذلك، لقد خِبْنَا إذَنْ وخَسِرْنا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 214 1149- الحِرْصُ قَائِدُ الحِرْمَانِ. هذا كما يقال "الْحَرِيصُ مَحْروم" وكما قيل "الحِرْصُ مَحْرَمَة". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 214 1150- حُسْنُ الظَّنِّ وَرْطَةٌ. هذا كما مضى من قولهم "الحَزْمُ سوءُ الظن بالناس". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 214 1151- الحَرْبُ مَأْيَمَةٌ. أي يُقْتَل فيها الأزواج فتبقى النساء أيامى لا أزواج لهن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 214 1152- الحِكْمَةُ ضَالَّةُ الْمُؤْمِنِ. يعني أن المؤمن يَحْرِصُ على جَمْع الحكم من أين يجدها يأخذها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 214 1153- الحَسَنَة بَيْنَ السَّيِّئَتْيِن. يضرب للأمر المتوسِّط. ودخل عمر بن عبد العزيز رحمه الله على عبد الملك بن مروان وكان خَتَنَهُ على ابنته فاطمة، فسأله عن معيشته كيف هي، فقال عمر: حَسَنَة بين السيئتين، ومنزلة بين المنزلتين، فقال عبد الملك: خَيْرُ الأمور أوْسَاطُها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 214 1154- الحَمْدُ مَغْنَمٌ، والمَذَمَّة مَغْرَمٌ. يضرب في الحثِّ على اكتساب الحمد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 214 1155- أَحْرَزَ امْرأً أَجْلُهُ. قاله علي رضي الله عنه حين قيل له: أتَلْقَى عدوَّك حاسرا؟. يقال: هذا أصدق مثل ضربته العرب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 214 1156- أَحْسِنْ وأَنْتَ مُعانٌ. يعني أن المحسن لا يخذله الله ولا الناس. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 214 1157- الحَسَدُ هُوَ المَلِيلةُ الكُبْرَى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 214 1158- الحُبَارى خَالةُ الكَروَانِ. يضرب في التنَاسُب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 215 1159- الحَكِيمُ يَقْدَعُ النَّفْسَ بِالكَفَافِ. كَفَافُ الرجل: ما يكُفُّه عن وجوه الناس، ومعنى يقدع يمنع، يعني أن الحكيم يمنع نفسه عن التطلع إلى مجع المال، ويحملها على الرضا بالقليل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 215 1160- الحِلْمُ والمُنَى أَخَوَانِ. وهذا كما يقال " إنَّ المُنَى رأسُ أموال المفاليس". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 215 1161- الحَصَاةُ منَ الْجَبَلِ. يضرب للذي يميل إلى شكله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 215 1162- حَوْلَهَا نُدَنْدِنُ. قاله صلى الله عليه وسلم لأعرابي قال: إنما أسأل الله الجنة، فأما دَنْدَنَتُكَ ودَنْدَنَةُ مُعَاذ فلا أُحْسِنُهَا، قال أبو عبيد: الدَّنْدَنَةُ أن يتكلم الرجلُ بالكلام تَسْمَع نغمته ولا تفهمه عنه، لأنه يُخْفيه، أراد صلى الله عليه وسلم أن ما تسمعه منا هو من أجْلِ الْجَنَّةِ أيضاً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 215 1163- حُمَادَاكَ أنْ تَفْعَلَ كَذَا. أي غايتُكَ وفعلُكَ المحمودُ، وهو مثل قولهم "قُصَاراك" و "غناماك". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 215 1164- حَتَّى يَؤُوبَ المُثَلَّمُ. هذا من أمثال أهل البصرة، يقولون: لا أفعل كذا حتى يؤوب المُثَلَّم، وأصل هذا أن عُبَيد الله بن زياد أمَرَ بخارجِيٍّ أن يقتل، فأقيم للقتل، فتحاماه الشرط مخافَةَ غِيلَة الخوارج، فمر به رجل يعرف بالمُثَلَّم - وكان يتَّجر في اللِّقاح والبَكارة - فسأل عن الجمع، فقيل: خارجيّ قد تحاماه الناس، فانتدب له، فأخذ السيفَ وقتله به، فرصَده الخوارج ودسُّوا له رجلين منهم، فقالا له: هل لك في لِقْحَة من حالها وصفتها كذا؟ قال: نعم، فأخَذَاه معهما إلى دارٍ قد أعدَّا فيها رجالا منهم، فلما توسَّطها رفعوا أصواتهم أنْ لا حكم إلا الله، وعَلَوْه بأسيافهم حتى بَرَد، فذلك حين قال أبو الأسود الدؤلي: وآلَيْتُ لا أسْعَى إلى ربَّ لِقْحَةٍ ... أساوِمه حتى يَؤوبَ المثلَّمُ فأصْبَحَ لا يدرِي امرؤ كيف حالُه ... وقد بات يَجْرِي فوق أثوابه الدمُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 215 1165- حُلِبَتْ صُرَامُ. ضرب عند بلوغ الشر آخِرَه. والصُّرَام: آخرُ اللبن بعد التغريز، إذا احتاج إليه صاحبه حَلَبه ضرورة، قال بشر: [ص: 216] ألا أبْلِغْ بَنِي سَعْدٍ رسولا ... ومَوْلاهم فقد حُلبت صُرَامُ أي بلغ الشر نايته، وأنث على معنى الداهية، والغريز: أنْ تَدَع حَلْبة بين حَلْبتين، وذلك إذا أدبر لبن الناقة، وقال الأزهري: صَرَامِ - مثل قَطَامِ مبني على الكسر - من أسماء الحرب، وأنشد للجعدي ألاَ أبلْغ بني شَيْبَان عني ... فقد حلَبَتْ صَرَامِ لكم صَرَاهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 215 1166- حَتَّى يَجِيءَ نَشِيطٌ مِنْ مَرْوَ. كان نَشيط غلاماً لزِياد بن أبي سفيان، وكان بَنَّاء هرب قبل أن يشرف وجه دار زياد، وكان لا يَرْضى إلا عمله، فقيل له: لم لا تشرف دارك؟ فقال: حتى يجيء - المثل، فصار مثلاً لكل ما لا يتم، وقال بعض أهل البصرة: إلى ما يوم يُبْعَثُ كل حي ... ويَرْجَع بعدُ من مَرْوٍ نشيطُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 216 ما جاء على أفعل من هذا الباب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 216 1167- أَحْمَقُ مِنْ أَبِي غَبْشَانَ. كان من حديثه أن خُزَاعة حَدَث فيها موت شديد ورُعَاف عَمَّهم بمكة، فخرجوا منها ونزلوا الظَّهْرَان فرفع عنهم ذلك، وكان فيهم رجل يقال له حليل بن حبشية، وكان صاحبَ البيت، وكان له بَنُون وبنت يقال لها حُبَّى، وهي امرأة قصيّ بن كلاب، فمات حليل، وكان أوصى ابنَتَه حُبَّى بالحِجابة وأشْرَك معها أبا غَبْشَان الملكاني، فلما رأى قُصَيُّ بن كلاب أن حليلا قد مات، وبَنُوه غُيَّب، والمفتاحُ في يد امرأته، طلب إليها أن تدفع المفتاح إلى ابنها عبدِ الدار بن قصي، وحمل بنيه على ذلك، فقال: اطلبوا إلى أمكم حجابة جدكم، ولم يزل بها حتى سَلِسَتْ له بذلك، وقالت: كيف أصنع بأبي غَبْشان وهو وَصِيٌّ معي؟ فقال قُصَي: أنا أكفيكِ أمره، فاتفق أن اجتمع أبو غَبْشَان مع قصي في شَرْب بالطائف، فخدَعَه قصي عن مفاتيح الكعبة بأن أسْكَره ثم اشترى المفاتيحَ منه بزِقّ خمر، وأشهد عليه، ودفَع المفاتيح إلى ابنه عبد الدار بن قصي، وطَيَّره إلى مكة، فلما أشرف عبدُ الدار على دور مكة رفع عَقيرته وقال: معاشرَ قريش، هذه مفاتيح بيت أبيكم إسماعيل قد رَدَّها الله عليكم من غير غَدْر ولا ظلم، فأفاق أبو غَبْشَان من سكره أنْدَمَ من الكُسَعي، فقال الناس: [ص: 217] أحمق من أبي غَبْشَان، وأنْدَمُ من أبي غَبْشان، وأخْسَرُ صَفْقَه من أبي غَبْشَان، فذهبت الكلمات كلها أمثالا، وأكْثَر الشعراء فيه القولَ، قال بعضهم: إذا فَخَرَتْ خُزَاعة في قديم ... وجَدْنا فَخْرَها شُرْبَ الخُمُورِ وبيعا كَعْبَةَ الرحمنِ حُمْقاً ... بِزِقٍّ، بئس مُفْتَخَرُ الفَخُورِ وقال آخر: أبو غَبْشَان أَظْلَمُ من قُصَي ... وأَظْلَمُ من بني فِهْرٍ خُزَاعَهْ فلا تَلْحُوْا قُصَيّاً في شِراه ... ولوموا شَيْخَكُم أن كان بَاعَهْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 216 1168- أحْمَقُ مِنْ عِجْلٍ. هو عِجْل بن لُجَيْم بن صَعْب بن علي ابن بكر بن وائل. قال حمزة: هو أيضاً من الحَمْقَى المنجبين، وذلك أنه قيل له: ما سميتَ فرسك؟ فقام ففقأ عينه وقال: سميته الأعور، وفيه يقول جرثومة العنزى رَمَتْنِي بنو عجل بداء أبيهمُ ... وأيُّ امرئ في الناس أحْمَقُ من عِجْل؟ أَلَيْسَ أبوهم عَارَ عَيْنَ جَوَادِه ... فصارَتْ به الأمثال تُضَربُ في الجهل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 217 1169- أَحْمَقُ مِنْ هَبَنَّقَةَ. هو ذو الوَدَعَات، واسمه يزيد بن ثَرْوَان أحدُ بني قيس بن ثعلبة، وبلغ من حُمْقه أنه ضلَّ له بَعير، فجعل ينادي: مَنْ وجَد بعيري فهو له، فقيل له: فلم تَنْشُده؟ قال: فأين حلاوة الوجْدَان!؟ ومن حُمْقه أنه اختصمت الطّفاَوَة وبنو رَاسِب إلى عرباض في رجل ادَّعَاه هؤلاء وهؤلاء، فقالت الطفاوة: هذا من عرافتنا، وقالت بنو راسب: بل هو من عرافتنا، ثم قالوا: رضِينَا بأولِ من يطلع علينا، فبينما هم كذلك إذ طلع عليهم هَبَنَّقة، فلما رأوه قالوا: إنَّا لِلَّه! مَنْ طلع علينا؟ فلما دنا قَصُّوا عليه قصتهم، فقال هبنقة: الحُكْمُ عندي في ذلك أن يذهب به إلى نهر البَصْرة فيُلْقَى فيه، فإن كان راسبيا رسَب فيه، وإن كان طفاويا طَفَا، فقال الرجل: لا أريد أن أكون من أحد هذين الحيين، ولا حاجة لي بالديوان. ومن حُمْقه أنه جعل في عُنُقه قِلادة من وَدَع وعِظامٍ وخَزَف، وهو ذو لحية طويلة، فسُئِل عن ذلك، فقال: لأعرف بها نفسي، ولئلا أضل، فبات ذات ليلة وأخَذَ أخوه قلادتَه فتقلَّدها، فلما أصبح ورأى القلادة في [ص: 218] عنق أخيه قال: يا أخي أنت أنا فمن أنا؟. ومن حُمْقه أنه كان يرعى غنم أهله فيرعى السِّمَان في العشب ويُنَحِّى المهازيلَ، فقيل له: ويحك! ما تَصْنَع؟ قال: لا أفسد ما أصلحه الله، ولا أصلح ما أفسده، قال الشاعر فيه: عِشْ بَجدٍّ ولَنْ يَضُرَّكَ نوْكٌ ... إنما عَيْشُ مَنْ تَرَى بِجُدودِ عِشْ بِجَدٍّ وكُنْ هَبَنَّقَةَ الْقَيْـ ... ـِسيَّ (القيسي) نوكاً أوْ شَيْبَةَ بن الوليد رُبَّ ذِي إربة مُقِل مِنَ الما ... لِ وَذِي عنجهية مَجْدودِ العنجهية: الجهل، وشيبة بن الوليد: رجل من رجالات العرب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 217 1170- أحْمَقُ مِنْ حُذُنَّةَ. يقال: إنه أحمق مَنْ كان في العرب على وجه الأرض، ويقال: بل هي امرأة من قيس بن ثعلبة تمتخط بكوعها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 218 1171- أَحْمَقُ مِنْ حُجَيْنَةَ. قالوا: إنه رجل كان من بني الصَّيْداء يُحَمَّقُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 218 1172- أَحْمقُ مِنْ جَهِيزَةَ. قال ابن السِّكِّيِت: هي أم شبيب الحَرُورى. ومن حمقها أنها لما حملت شَبيبا فأثقلت قالت لأحمائها: إن في بطني شيئاً ينقر، فنشرن عنها هذه الكلمة، فحمقت. وقيل: إنها قعدت في مسجد الكوفة تَبُول، فلذلك حمقت. وزعم قوم أن الجهيزة عِرْسُ الذئبِ، يعنون الذئبة، وحمقها أنها تَدَعُ ولَدَها وترضع ولد الضبع، قالوا: وهذا معنى قول ابن جِذْل الطِّعَان كمُرْضِعَةٍ أولاد أخْرَى، وضَيَّعَتْ ... بنيها، فلم ترقع بذلك مَرْقَعَا ويقال هي الدبة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 218 1173- أحْيَا مِنْ فَتَاةٍ، وَمِنْ هَدِىٍّ. وهي المرأة تُهْدَى إلى زوجها، قالت الأخيلية في تَوْبَةَ بن الحمير: فَتًي كان أحْيا من فَتاةٍ حَيِيَّةٍ ... وأجْرَأ من لَيْثٍ بخَفَّانَ خَادِرِ وأما قولهم: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 218 1174- أَحْيَا مِنْ ضَبٍّ. فإنه أفعل من الحياة، والضب زعموا طويل العمر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 218 1175- أحْمَقُ مِنَ المَمْهُورَةِ مِنْ نَعَم أبِيهَا. وأصلُه أن رجلا رَاوَدَ امرأة، فأبت [ص: 219] أن تمكنه إلا بمهر، فمهرها بعضَ نعم أبيها ومثله: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 218 1176- أحْمَقُ مِنَ الْمَمْهُورَةِ مِنْ مَالِ أبِيهَا. قال أبو عبيد: أصلُه أن رجلا أعطى رجلا مالا فتزوج به ابنة المعْطِي، ثم إن الزوج امتنَّ عليها بما مهرها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 219 1177- أحْمَقُ مِنَ الْمَمْهُورَةِ إِحْدَى خَدَمَتَيْهَا. قال أبو عبيد: أصله أن رجلا كانت له امرأة حمقاء، فطلبت مهرها منه، فنزع خَلْخَالها ودفعه إليها، فرضيت به. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 219 1178- أَحْمَقُ مِنْ دُغَة. وهي مارية بنت معنج، ومعنج ربيعة ابن عجل، قال حمزة: هي بنت منعج، قلت: ووجدت بخط المنذري "معنج"ويحكى عن المفضل بن سلمة أن اسم الرجل كما ذكرته قبل. ومن حمقها أنها زُوِّجت وهي صغيرة في بني العنبر بن تميم، فحملت، فلما ضَرَبها المَخَاضُ ظنت أنها تريد الْخَلاَء، فبرزت إلى بعض الغيطان، فولدت، فاستهلَّ الوليدُ، فانصرفت تُقَدِّر أنها أحدثت، فقالت لضَرَّتها: يا هَنَاه، هل يَفْغَر الْجَعْرُ فاه؟ فقالت نعم ويَدْعُو أباه، فمضت ضَرَّتُها وأخذت الولد، فبنو العنبر تُسَمَّى "بني الْجَعْرَاء" تُسَبُّ بها. ومن حمقها أيضاً أنها نظرت إلى يافوخ ولدها يضطرب، وكان قليل النو كثير البكاء، فقالت لضرتها: أعطيني سِكيناً، فناولتها وهي لا تعلم ما انطوت عليه، فمضت وشَقَّت به يافوخَ ولدها فأخرجت دماغه، فلحقتها الضرة فقالت: ما الذي تصنعين؟ فقالت: أخرجتُ هذه المِدَّةَ من رأسه ليأخذه النوم، فقد نام الآن. قال الليث: يقال فلان دُغَة ودُغَيْنَة، إذا أرادوا أنه أحمق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 219 1179- أَحْلَمُ مِنَ الأَحْنَفِ. هو الأحْنَفُ بن قَيْس، وكنيته: أبو بَحْر، واسمه صَخْر، من بني تميم، وكان في رجله حَنَفٌ، وهو الميلُ إلى إنْسِيِّها، وكانت أمه تُرَقصه وهو صغير وتقول: والله لولا ضَعْفُهُ مِنْ هزله ... وحَنَفٌ أو دِقَّةٌ في رِجْلِهِ ما كان في صِبْيانكم مِنْ مِثْلِهِ ... وكان حليما موصوفا بذلك، حكيما معترفا له به، قالوا: فمن حلمه أنه أشرف عليه رجل وهو يعالج قدراً له يطبخها، فقال الرجل: [ص: 220] وقدر كَكَفِّ القِرْد لا مُسْتَعيرها ... يُعَار، ولا مَنْ يأتِهَا يَتَدَسَّمُ فقيل ذلك للأحنف، فقال: يرحمه الله لو شاء لقال أحسن من هذا. وقال: ما أحب أن لي بنصيبي من الذل حُمْرَ النَّعم، فقيل له: أنت أعز العرب، فقال: إن الناس يَرَوْنَ الحلم ذلا. وكان يقول: رُبَّ غَيْظ قد تَجَرَّعته مخافة ما هو أشد منه. وكان يقول: كثرة المزاح تَذْهَبُ بالهيبة، ومَنْ أكثر مِنْ شيء عُرف به. والسؤدد كرم الأخلاق وحسن الفعل. وقال: ثلاث ما أقولهن إلا ليعتبر مُعْتبر: لا أَخْلُفُ جليسي بغير ما أحضر به، ولا أُدْخِلُ نفسي فيما لا مَدْخَلَ لي فيه، ولا آتي السلطان أو يرسلَ إليَّ. وقال له رجل: يا أبا بحر، دُلَّني على مَحْمَدة بغير مَرْزئة، قال: الْخُلُق السَّجِيح، والكف عن القبيح، واعلم أن أَدْوَأ الداء اللسان الْبذِي والخلُقُ الرَّدِي. وأبلغ رجل مُصْعَبا عن رجل شيئاً، فأتاه الرجل يعتذر، فقال مصعب: الذي بلَّغنيه ثِقة، فقال الأحنف: كلا أيها الأمير، فإن الثقة لا يبلغ. وسئل: هل رأيتَ أحْلَمَ منك؟ قال: نعم، وتعلمت منه الحلم، قيل: ومَنْ هو؟ قال: قَيْس ابن عاصم المنْقَرِيُّ، حَضَرْتُه يوماً وهو مُحْتَبٍ، يحدثنا إذ جاءوا بابنٍ له قتيل، وابن عم له كَتِيف، فقالوا: إن هذا قتلَ ابنَكَ هذا، فلم يقطع حديثه، ولا نَقَضَ حَبْوَتَه، حتى إذا فرغ من الحديث التفت إليهم فقال: أين ابني فلان؟ فجاءه، فقال: يا بني قُمْ إلى ابن عمك فأطْلِقْه، وإلى أخيك فادْفِنْهُ، وإلى أم القتيل فأعْطِهَا مائةَ ناقةٍ فإنها غريبة لعلها تسلو عنه، ثم اتَّكأ على شقه الأيسر وأنشأ يقول: إني امْرُؤٌ لا يَعْتَرِي خلقي ... دَنَس يُفَنِّده ولا أَفْنُ من مَنْقَرٍ من بيتِ مَكْرُمة ... والغُصْنُ يَنْبُتُ حَوْلَه الغُصْنُ خُطَباء حين يقومُ قائلُهم ... بيضُ الوجوهِ مَصَاقع لُسْنُ لا يَفْطِنُونَ لعَيبِ جارهمُ ... وَهُوُ لحسن جِواره فُطْن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 219 1180- أحْلَمُ مِنْ فَرْخِ عُقَابٍ. ذكر الأصمعي أنه سمع أعرابياً يقول: سِنان بن أبي حارثة أحلم من فَرْخ عقاب، قال: فقلت: وما حِلْمه؟ فقال: يخرج من بيضه على رأس نِيقٍ فلا يتحرك حتى يقر ريشه، ولو تحرك سقط، ويقال أيضاً: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 220 1181- أَحْزَمُ مِنْ سِنَانٍ. قال أبو اليقظان: لم يجتمع الحزم والحلم في رجلٍ فسار المثلُ بهما إلا في سنان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 220 1182- أَحْزَمُ مِنْ فَرْخِ العُقَاب. قال الجاحظ: العُقَاب تَتَّخذ أوكارها في عرض الجبال، فربما كان الجبل عموداً فلو تحرك إذا طلب الطعم وقد أقبل إليه أَبَوَاه أو أحدهما أو زاد في حركته شيئاً من موضع مَجْثِمِه لهوى من رأس الجبل إلى الحضيض، فهو يعرف مع صغره وضعفه وقلة تجربته أن الصواب له في ترك الحركة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 221 1183- أحْزَمُ مِنْ حِرْبَاء. لأنه لا يخلى عن ساق شجرة حتى يمسك ساق شجرة أخرى، وقال: أنى أتِيحَ لها حِرْبَاءُ تَنْضَبَةٍ ... لا يُرْسِلُ الساقَ إلا مُمْسِكا سَاقَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 221 1184- أَحْمَي مِنْ مُجِيرِ الْجَرَادِ. قالوا: هو مُدْلج بن سُوَيد الطائي. ومن حديثه - فيما ذكر ابن الأعرابي عن ابن الكلبي - أنه خلا ذاتَ يومٍ في خَيْمته، فإذا هو بقوم من طيء، ومعهم أوعيتهم، فقال: ما خطبكم؟ قالوا: جراد وقع بفنائك فجئنا لنأخذه، فركب فرسَه وأخذ رمحه وقال: والله لا يعرضَنَّ له أحد منكم إلا قتلته، إنكم رأيتموه في جِوَاري ثم تريدون أخذه، فلم يزل يَحْرُسه حتى حميت عليه الشمسُ وطار، فقال: شأنكم الآن فقد تحول عن جِوَاري. ويقال: إن المجير كان حارثة بن مر أبا حنبل، وفيه يقول شاعر طيء. ومنَّا ابنُ مُرٍّ أبو حَنْبَل ... أجار من الناس رَجْلَ الْجَرَادْ وزَيْدٌ لنا، وَلَنَا حاتِمٌ ... غِياث الْوَرَى في السِّنِينَ الشِّدَادْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 221 1185- أحْمَى مِنْ مُجِيرِ الظُّعْنِ. هو ربيعة بن مُكَدَّم الكناني. ومن حديثه - فيما ذكر أبو عبيدة - أن نُبَيْشَةَ بن حبيب السلمي خرج غازيا، فلقي ظُعْناً من كنانة بالكديد فأراد أن يحتويها، فمانعه ربيعة بن مُكَدَّم في فَوَارس، وكان غلاما له ذُوَابة، فشدَّ عليه نُبَيْشَة فطعنه في عضده، فأتى ربيعة أمه وقال: شُدِّي عَلَيَّ العصب أُمَّ سَيَّارْ ... فقد رزِئْتِ فارساً كالدينار فقالت أمه: إنا بَنِي ربيعَةَ بن مالك ... نُرْزَأ في خِيارنا كَذَلك من بين مَقْتُولٍ وبينِ هَالِك ... ثم عصبته، فاستقاها ماء، فقالت: اذْهَبْ فقاتل القوم فإن الماء لا يفوتك، فرجع وكَرَّ على القوم فكَشَفهم ورجع إلى الظُّعَنِ وقال: إني لمَائِت، وسأحمْيِكن ميتاً كما حميتكن حيّاً، بأن أقف بفرسي على [ص: 222] العَقَبة وأتكئ على رمحي، فإن فاضَتْ نفسي كان الرمحُ عمادي فالنجاء النجاءَ، فإني أرُدُّ بذلك وجوه القوم ساعةً من النهار، فقطَعْنَ العقبة، ووقف هو بإزاء القوم على فرسه متكئاً على رمحه، ونَزَفَه الدمُ ففاظ والقومُ بإزائه يُحْجِمُون عن الإقدام عليه، فلما طال وقوفُه في مكانه وَرَأَوْه لا يزول عنه رَمَوْا فرسَه فقمَصَ، وخر ربيعة لوجهه، فطلبوا الظُّعُنَ فلم يلحقوهن، ثم إن حَفْصَ ابن الأحنف الكناني مر بجيفة ربيعة فعرفها فأمال عليها أحجاراً من الحرة وقال يبكيه: لا يَبْعَدَنَّ ربيعةُ بن مُكَدَّمٍ ... وَسَقَى الغَوَادِي قبرهُ بذَنُوبِ نَفَرَت قَلُوصي من حِجارة حَرَّةٍ ... بُنِيَتْ على طَلْق اليدين وَهُوبِ لا تَنْفِرِي يا ناقُ مِنْهُ فإنه ... شَرَّابُ خمر مِسْتَعٌر لِحُرُوبِ لَوْلاَ السِّفَارُ وبُعْدُهُ من مَهْمَهٍ ... لتركْتُهَا تَحْبُو على العُرْقُوبِ قال أبو عبيدة: قال أبو عمرو بن العلاء: ما نعلم قتيلا حَمَى ظعائن غيرَ ربيعة بن مُكَدَّم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 221 1186- أَحْمَى مِنَ أسْتِ النَّمِرِ. لأن النمر لا يَدَعُ أن يأتيه أحدٌ من خلفه ويَجْهَدُ أن يمنعه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 222 1187- أَحْكَمُ مِنْ لُقْمَانَ، وَمِنْ زَرْقَاءِ اليَمَامَةِ. قال النابغة في زَرْقَاء اليمامة يخاطب النعمان: واحْكم كحكم فَتَاة الحيِّ إذا نَظَرتْ ... إلى حَمَامٍ سِرَاعٍ وَارِدِ الثَّمَد يَحُفُّهُ جَانِباَ نِيقٍ وَتُتْبِعُهُ ... مِثْلَ الزجاجة لم تُكْحَلْ مِنَ الرَّمَدِ قالَتْ أَلاَ لَيْتَمَا هَذَا الْحَمَامُ لَنَا ... إلى حَمَامَتِنَا أَوْ نِصْفَهُ فَقَدِ فَحَسبُوهُ فألفَوْهُ كَمَا ذكَرَتْ ... تسعا وتسعين لَمْ ينقص ولم يَزِدِ وكانت نظرت إلى سِرْبٍ من حمام طائر فيه ست وستون حمامة، وعندها حمامة واحدة، فقالت: لَيْتَ الْحَمَامَ لِيَهْ ... إلَى حَمَامَتِيَهْ وَنِصْفَهُ قَدِيَهْ ... تَمَّ الْحَمَامُ مِيَهْ وقال بعض أصحاب المعاني: إن النابغة لما أراد مَدْحَ هذه الحكيمة الحاسبة بسُرْعَة إصابتها شدَّد الأمر وضَيَّقه ليكون أحسنَ له إذا أصاب، فجعله حَزْراً لطير، إذ كان الطير أخفَّ ما يتحرك، ثم جعله حماما، إذ كان الحمام أسرعَ الطير، ثم كثر العدد، إذ كانت المسابقة مقرونة بها، وذلك أن الحمام يشتدُّ [ص: 223] طيرانها عند المسابقة المنافسة، ثم ذكر أنها طارت بين نِيقَيْنِ، لأن الحمام إذا كان في مَضِيق من الهواء كان أسرعَ طيرانا منه إذا اتسع عليه الفضاء، ثم جعله واردَ الماء، لأن الحمام إذا ورد الماء أعانه الحرصُ على الماء على سرعة الطيران. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 222 1188- أَحْكَمُ مِنْ هَرِمِ بْنِ قُطْبَة هذا من الْحُكْم لا من الحِكْمَة، وهو الفَزَاري الذي تنافر إليه عامرُ بن الطُّفَيْل وعَلْقَمَةُ بن عُلاَثة الْجَعْفَرِيان، فقال لهما: أنتما يا ابْنَيْ جعفر كرُكْبَنَىِ البعير تَقَعَانِ معا، ولم يُنَفِّرْ واحداً منهما على صاحبه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 223 1189- أَحْمَقُ مِنْ شَرَنْبَثٍ. ويقال جَرَنْبَذ، وهو رجل من بني سَدُوس، جمع عبيدُ الله بن زياد بينه وبين هَبَنَّقَةَ وقال: تَرَامَيَا، فملأ شَرَنْبَث خريطةً من حجارة وبدأ فرماه وهو يقول: دِرِّي عقاب، بلبن وأشخاب، طِيرِي عُقَاب، وأصِيبي الجِرابَ، حتى يسيل اللُّعاب، فأصاب بطن هَبَنَّقة فانهزم، فقيل له: أتنهزم من حجر واحد؟ فقال: لو أنه قال: طِيرِي عُقَاب وأصِيبي الذُّباب - يعني ذباب العين - فذهبت عيني ما كنتم تُغْنُون عني؟ فذهبت كلمة شرنبث مثلا في تهييج الرمي والاستحثاث به. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 223 1190- أحْمَقُ من بَيْهَسٍ. هو المُلَقَّبُ بنَعَامة، وله قصة قد ذكرتُها في باب الثاء، وكان مع حُمْقه أحْضَرَ الناس جَوَابا، قال حمزة: فمما تكلَّم به من الأمثال التي يَعْجِز عنها البلغاء "لو نكلت على الأولى لما عُدْت إلى الثانية". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 223 1191- أَحْمَقُ مِنْ حُجَا. هو رجل من فَزَارة، وكان يكنى أبا الغُصْن. فمن حُمْقه أن عيسى بن موسى الهاشمي مَرَّ به وهو يَحْفر بظهر الكوفة مَوْضِعاً، فقال له: مالَكَ يا أبا الغُصْن؟ قال: إني قد دَفَنْتُ في هذه الصحراء دراهمَ ولستُ أهتدي إلى مكانها، فقال عيسى: كان يجب أن تجعل عليها عَلاَمة، قال: قد فعلتُ، قال: ماذا؟ قال: سَحَابة في السماء كانت تُظِلها، ولستُ أرى العلامة. ومن حمقه أيضاً أنه خرج من منزله يوما بغَلَس فعَثَر في دِهْليز منزِلِه بقتيل، فضَجِرَ به وجَرَّه إلى بئر منزله فألقاه فيها، فنُذِرَ به أبوه فأخرجه وغَيَّبه وخَنَق كبشاً حتى قَتَلَه وألقاه في البئر، ثم إن أهل القتيل طافُوا في سِكَك الكوفة يبحثون عنه، فتلقَّاهم جُحَا فقال: في دارنا رجلٌ مقتول فانظروا أهو [ص: 224] صاحبكم، فعَدَلُوا إلى منزله وأنزلوه في البئر، فلما رأى الكبش ناداهم وقال: يا هؤلاء، هل كان لصاحبكم قَرْن؟ فضحكوا ومروا. ومن حمقه أن أبا مُسْلم صاحبَ الدولة لما ورَد الكوفة قال لمن حوله: أيكم يعرف جُحَا فيدعوَهُ إلي؟ فقال يقطين: أنا، ودعاهُ، فلما دخل لم يكن في المجلس غير أبي مسلم ويقطين، فقال: يا يقطين أيكما أبو مسلم؟ قلت: وجُحَا اسمٌ لا ينصرف، لأنه معدول من جَاحٍ مثل عُمَرَ من عامر، يقال: جَحَا يَجْحُو جَحْواً إذا رمى، ويقال: حَيَّا الله جَحْوَتك، أي وجهك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 223 1192- أَحْمَقُ مِنْ رَبِيعَةَ الْبَكَّاءِ. هو ربيعة بن عامر بن ربيعة بن عامر ابن صَعْصَعة. ومن حمقه أن أمه كانت تزوَّجَتْ رجلا من بَعْدِ أبيه، فدخل يوما عليها الخباء وهو رجل قد الْتَحَى فرأى أُمَّهُ تحت زوجها يُبَاضعها، فتوهَّم أنه يريد قتلها، فرفَع صوته بالبكاء، وهَتَك عنهما الخباء، وقال: وا أماه، فلحِقه أهلُ الحيِّ وقالوا: ما ورائك؟ قال: دخلت الخِباء فصادفْتُ فلانا على بطن أمي يريد قتلها، فقالوا: أهْوَنُ مقتول أم تحتَ زوجٍ، فذهبت مثلا، وسمي ربيعة البَكَّاء، فضُرب بحُمْقه المثل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 224 1193- أَحْمَقُ مِنْ الدَّابِغِ عَلَى التَّحْلِئِ. قالوا: التِّحْلِئ قِشْر يبقى على الإهاب من اللحم فيمنع الدباغ أن ينال الإهابَ حتى يقشر عنه، فإن تُرِك فسد الجلد بعدما يدبغ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 224 1194- أحْمَقُ مِنْ رَاعِي ضَأنٍ ثمَانِينَ. لأن الضأن تَنْفِر من كل شيء فيحتاج راعيها إلى أن يجمعها في كل وقت، هذه رواية محمد بن حبيب. وقال أبو عبيد: أحمق من طالب ضأن ثمانين، قال: وأصل المثل أن اعرابيا بَشَّرَ كسرى ببُشْرَى سُرَّ بها، فقال له: سَلْنِي ما شئت، فقال: أسألك ضأنا ثمانين، فضرب به المثل في الحمق. وروى الجاحظ "أشْقَى من راعي ضأن ثمانين" قال: وذلك أن الإبل تتعشَّى وتَرْبِضُ حَجْرَةً (تربض حجرة: أي ناحية) فتجتَرُّ، والضأن يحتاج صاحبها إلى حِفْظها ومنعها من الانتشار ومن السباع الطالبة لها. وروى الجاحظ أيضاً "أشْغَلُ من مُرْضِع بَهْمٍ ثمانين" قال: ويقول الرجل [ص: 225] إذا استَعَنْته وكان مشغولا: أنا في رضاع بَهْم ثمانين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 224 1995- أَحْمَقُ مِنَ الضَّبُع. تزعم الأعراب أن أبا الضِّباع وجد تودية في غدير، فجعل يشرب الماء ويقول: حبذا طَعْمُ اللبن، ويقال: بل كان ينادي "واصَبُوحَاه" حتى انْشقَّ بطنَه ومات. والتودية: العودُ يُشَدُّ على رأس الخِلْفِ لئلا يرضع الفصيل. ومن حمقها أيضاً أن يدخل الصائد عليها وِجَارها فيقول لها: خامِرِي أمَّ عَامِرٍ، فلا تتحرك حتى يَشُدَّها. قلت: وقد شرحت المثل في باب الخاء بأبْيَنَ من هذا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 225 1196- أَحْمَقُ مِنَ الرُّبَعِ. هذا مثل سائر عن أكثر العرب، قال حمزة: إلا أن بعض العرب دفع عنه الحمق فقال: وما حمق الرُّبَع؟ والله إنه ليتجنَّبُ العدوى، ويتبع أمهُ في المرعى، ويراوح بين الأطْبَاء، ويعلم أن حنينها له دعاء، فأين حمقه؟! الجزء: 1 ¦ الصفحة: 225 1197- أَحْمَقُ مِنْ نَعْجَةٍ عَلَى حَوْضٍ. لأنها إذا رأت الماء أكَبَّتْ عليه تشرب فلا تنثني عنه إلا أن تُزْجَرَ أو تُطْرَد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 225 1198- أَحْمَقً مِنْ نَعَامَةٍ. وذلك أنها تنتشر للطعم، فربما رأت بيضَ نعامةٍ أخرى قد انتشرت هي له، فتَحْضُنُ بيضَها وتنسى بيض نفسها، ثم تجيء الأخرى فتَرَى غيرَها على بيض نفسها فتَمر لِطِيَّتِهَا، وإياها عَنَى ابنُ هَرْمَةَ بقوله: كتاركَةٍ بَيْضَها بالعَرَاء ... ومُلْبِسَةٍ بيضَ أخْرَى جناحا وقال ابن الأعرابي: بيضة البلد التي قد سار بها المثلُ هي بيضة النعامة التي تتركها فلا تهتدي إليها فتفسُدُ فلا يَقْرَبها شيء، والنعام موصوف بالسخف والمُوقِ والشِّرَاد والنِّفار، ولخفة النعام وسرعة هُوِيِّها وطَيرانها على وجه الأرض قالوا في المثل: شَالَتْ نَعَامَتُهم، وخَفَّتْ نعامتهم، وزَفَّ رَأْلُهم، إذا تركوا مواضِعَهم بجلاء أو موت. وزعم أبو عبيدة أن ابن هَرْمَةَ عنى بقوله "كتاركة بيضَها" الحمامةَ التي تَحْضُنُ بيضَ غيرها وتضيع بيض نفسها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 225 1199- أَحْمَقُ مِنْ رَخَمَةٍ. هذا مثل سائر عن أكثر العرب، إلا أن بعض العرب يَسْتَكِيسُها، فيقول: في أخلاقها عشر خصال من الكَيْسِ، وهي [ص: 226] أنها تحضن بيضَها، وتحمي فرخَها، وتألف ولَدَها، ولا تمكن من نفسها غير زوجها، وتقطع في أول القواطع، وترجع في أول الرواجع، ولا تطير في التَّحْسِير، ولا تغتَرُّ بالشَّكير، ولا تُرِبُّ بالوُكُورِ، ولا تسقط على الجَفِيرِ. قوله "تقطع في أول القواطع، وترجع في أول الرواجع" أراد أن الصيادين إنما يطلبون الطيرَ بعد أن يُوقِنوا أن القواطع قد قطعت، والرخَمَة تقطع في أوائلها لتنجو، يقال: قطعت الطير قطاعا إذا تَحَوَّلت من الجروم إلى الصرود أو من الصُّرود إلى الجروم. وقوله "ولا تطير في التحسير" يقال: حَسَّرَ الطائر تحسيرا، إذا سقط ريشُهُ. و"لا تغتر بالشكير" أي بصغار ريشها، بل تنتظر حتى يصير قَصَبا ثم تطير. وقوله "ولا تُرِبُّ بالوكور" أي لا تقيم، من قولهم " أرَبَّ بالمكان" إذا أقام به، أي لا ترضى بما يرضى به الطيرُ من وكورها، ولكن تبيض في أعلى الجبال حيث لا يبلغه إنسان ولا سبع ولا طائر، ولذلك يقال في المثل: مِنْ دُونِ ما قُلْتَ، أو من دون ما سُمْتَ بيضُ الأنوق، للشيء لا يوصَلُ إليه. وقوله "ولا تسقط على الجَفِير" يعني الجعبة، لعلمها أن فيها سِهاما. وقد جمع الشاعر هذه المعاني في بيت وصَفَها فيه فقال: وذَات اسْمَيْنِ والأْلَواُن شَتَّى ... تُحَمَّقُ وهي كَيِّسَةُ الْحَوِيلِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 225 1200- أحْمَقُ مِنْ عَقْعَقٍ. ولأنه مثل النعامة التي تُضيع بيضَها وفراخها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 226 1201- أَحْمَقُ مِنْ رِجْلَةٍ. وهي البَقْلة التي تسميها العامة "الحمقاء"، وإنما حَمَّقُوها لأنها تنبُتُ في مَجَاري السُّيول فيمر السيل بها فيقتلعها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 226 1202- أَحْمَقُ مِنْ تُرْبِ العَقِدِ. يعنون عَقِدَ الرَّمْلِ، وإنما يُحَمِّقُونه لأنه لا يثبُتُ فيه التراب، بل يَنْهاَر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 226 1203- أَحْذَرُ مِنْ غُرابٍ. وذلك أنهم يَحْكُون في رُمُوزهم أن الغراب قال لابنه: يا بني إذا رُمِيتَ فَتَلَوّصْ، أي تَلَوَّ، فقال: يا أبتِ إني أتَلَوَّصُ قبل أن أُرْمَى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 226 1204- أَحْذَرُ مِنْ ذِئْبٍ. قالوا: إنه يبلغ من شدَّة احترازه أن يُرَاوح بين عينيه إذا نام، فيجعل إحداهما مُطْبقة نائمة، والأخرى مفتوحة حارسة، بخلاف الأرنب الذي ينام مفتوحَ العينين، [ص: 227] لامن احتراز، ولكن خِلْقة، قال حُمَيْد ابن ثَوْر في حَذَر الذئب: ينام بإحدى مُقْلَتَيْهِ، ويتقى ... بأخْرَى المَنَايَا فهو يَقْظَان هَاجِعُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 226 1205- أَحْذَرُ مِنْ ظَلِيمٍ قالوا: إنه يكون على بَيْضِه فَيَشَمُّ ريح القانص من غَلْوة فيأخذ حَذَره، وينشدون لبعضهم: أشَمُّ مِنْ هَيْقٍ وأهْدَى مِنْ جَمَلْ ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 227 1206- أَحَرُّ مِنَ الْجَمْرِ. زعم النَّظَّام أن الجمر في الشمس أشْهَبُ أكْهَبُ، وفي الفَيْء أشْكَل، وفي الليل أحمر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 227 1207- أحَرُّ مِنَ الْقَرَعِ. هو بَثْرٌ يأخذ صغار الإبل في رؤوسها وأجسادها فتقرع، والتقريع: معالجتها لنَزْع قَرَعها، وهو أن يَطْلُوها بالملح وحباب ألبان الإبل، فإذا لم يجدوا ملحا نَتَفُوا أوبارها ونَضَحُوا جلدها بالماء ثم جَرُّوها على السبخة، قال أوس بن حَجَر يصف خيلا: لَدَى كل أخْدُودٍ يُغَادِرْنَ فارسا ... يُجَر كما جُرَّ الفَصِيلُ المُقَرَّعُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 227 1208- أَحَرُّ مِنَ الْقَرْعِ. مسكن الراء، يعنون بع قرع الميسم، قال الشاعر: كأنَّ على كَبِدِي قَرْْعَةُ ... حذاراً من البين ما تَبْرُدُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 227 1209- أَحْسَنُ مِنَ النَّار. هذا من قول الأعرابية التي قالت: كنتُ في شبابي أحْسَنَ من النار المُوَقَدَة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 227 1210- أَحْسَنُ مِنْ شَنْفِ الأَنْضُرِ الأنْضُرُ: جمع نَضْر، وهو الذهب، ويعنون قُرْطَ الذهب، وقال: وَبَياض وَجْهٍ لم تَحُلْ أسْرَارهُ ... مثلُ الْوَذِيلَةِ أو كَشَنْفِ الأَنْضُرِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 227 1211- أَحْسَنُ مِنَ الدُّمْيَة، ومِنَ الزُّونِ. وهما الصَّنَم، قال الشاعر: يَمْشِي بها كلُّ مَوْشِيٍّ أكارِعُهُ ... مَشْي الهَرَابِذِ حَجُّوا بِيعَةَ الزُّونِ قال حمزة: غلط هذا الشاعر من ثلاثة أوجه، أحدها أن الهرابذ للمَجُوس لا للنصارى، والثاني أن البِيعة للنصارى لا للمجوس، والثالث أن النصارى لا تَعْبد الأصنام. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 227 1212- أَحْيَرُ مِنْ ضَبَّ. لأنه إذا فارق جُحْره لم يَهْتَدِ للرجوع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 227 1213- أَحْيَرُ مِنْ وَرَلٍ. وهو دابة مثل الضب يُوصَف بالحيرة أيضاً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 227 1214- أَحْوَلُ مِنْ أَبِي بَرَاقشَ. هذا من التحول التنقل، وأبو بَرَاقش: طائر يتلوَّنُ ألواناً مختلفة في اليوم الواحد، وهو مشتق من البَرْقَشَة، وهي النَّقْش، يقال: بَرْقَشْتُ الثوبَ، إذا نقشته، قال فيه الشاعر: كأبِي بَرَاقِشَ كُلَّ لَوْ ... نٍ لَوْنُهُ يَتَخَيَّلُ ويروى "يتحول" وأما قولهم: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 228 1215- أَحْوَلُ مِنْ أَبِي قَلَمُون. فهو ضَرْبٌ من ثياب الروم يتلَوَّن ألواناُ للعيون. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 228 1216- أَحْوَلُ مِنْ ذِئْبٍ. هذا من الحيلة، يقال: تَحَوَّلَ الرجلُ، إذا طلب الحِيلَةَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 228 1217- أَحْرَصُ مِنْ كَلْبٍ عَلى جِيفَةٍ. ومن كلب على عرق، والعرق: العظمُ عليه اللحم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 228 1218- أَحَنُّ مِنْ شَارِفِ. الشارف: الناقةُ المُسِنَّةُ، وهي أشدُّ حنينا على ولدها من غيرها. قلت: كذا أورده حمزة رحمه الله "حنينا على" والصواب "حنينا إلى" أو "حَنَانا على" إن أراد العَطْفَ والرأفة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 228 1219- أَحْلى مِنْ مِيرَاثِ الْعَمَّة الرَّقُوبِ. وهي التي لا يَعِيشُ لها ولد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 228 1220- أَحْذَرُ مِنْ قِرِلىَّ. وأحْزَم أيضاً، وهو طائر من طير الماء شديد الحزم والحذر، يطير في الهواء وينظر بإحدى عينيه إلى الأرض، وفي أسجاع ابنة الخُسِّ: كن حذِراً كالقِرِلىَّ، إن رأى خيراً تَدَلَّى، وإن رأى شراً تَولَّى. قال الأزهري: ما أراه عربياً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 228 1121- أَحْمَقُ مِنْ أمِّ الْهِنْبِرِ. الْهِنْبِر: الجحش، وأم الْهِنْبِر: الأتان، وفي لغة فَزَارة الضَّبُع، ويقولون للضَّبُعَان: أبو الهنبر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 228 1222- أَحْمَقُ مِنْ لاَعِق الْمَاءِ، ومِنْ نَاطِحِ الصَّخْرِ، ومِنْ لاَطِمِ الإِشْفى بِخَدِّهِ، وَمِنَ الْمُمْتَخِطِ بِكُوعِهِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 228 1223- أحْسَنُ مِنَ الطَّاوُسِ، ومِنْ سُوقِ الْعَرُوسِ، ومِنْ زَمَنِ البَرامِكَةِ، وَمِنَ الدُّنْيَا الْمُقْبِلةِ، ومِنَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ، وَمِنَ الدُّرِّ وَالدِّيكِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 228 1224- أحْلَى مِنْ حَيَاةِ مُعَادَةِ، ومِنَ التَّوْحِيدِ، ومِنْ نَيْلِ المُنى، ومِنَ النَّشَبِ، وَمِنْ الْوَلَدِ، ومِنَ الْعَسَلِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 229 1225- أحْرَصُ مِنْ نَمْلةٍ، ومِنْ ذَرَّةٍ، ومِنْ كَلْبٍ عَلَى عِقْىٍ. وهو أول حَدَث الصبي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 229 1226- أحْيَرُ مِنْ اللَّيْلِ، وَمِنْ يَدٍ في رَحِمٍ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 229 1227- أحْسَنُ مِنْ بَيْضَةٍ في رَوْضة. العرب تستحسن نَقَاء البيضة في نَضَارة خُضْرة الروضة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 229 1228- أحْرَسُ مِنْ كْلٍب، وَمِنَ الأَجَلِ. ويقال: أحْرَسُ من كَلْبة كريز. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 229 1229- أحْفَظُ مِنَ الْعُمْيَانِ، وَمِنَ الشَّعْبِيِّ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 229 1230- أَحْمَى منْ أنْفِ الأَسَدِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 229 1231- أحَنُّ منْ المَرِيضِ إِلَى الطَّبِيبِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 229 1232- أحَدُّ منْ لِيطَةٍ. اللِّيطة: قشر القصب، ويقال أيضاً الجزء: 1 ¦ الصفحة: 229 1233- أحَدُّ منْ مُوسَى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 229 1234- أحَلُّ مِنْ مَاءِ الْفُرَاتِ، وَمِنْ لَبَنِ الأُمِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 229 1235- أحْمَضُ منْ صَفْعِ الذُّلِّ في بَلَد الْغُرْبَةِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 229 1236- أحْيَا منْ كَعَابٍ، وَمِنْ مُخَبّأةٍ، وَمُخَدَّرَةٍ، وَبِكْرٍ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 229 1237- أحْسَنُ مِنْ الدُّهْمِ الْمُوَقَّفَة. وهي التي في قوائمها بياض. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 229 1238- أحْكَى مِنْ قِرْدٍ. لأنَّه يحكي الإنسان في أفعاله سوى المنطق، كما قال أبو الطيب: يَرُومُونَ شَأْوِى في الكَلَام، وإنما ... يُحَاكِي الْفَتى فيما خَلاَ الْمَنْطِقَ الْقِرْدُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 229 1239- أحْمَلُ مِنَ الأَرْضِ، ذَات الطُّولِ وَالْعَرْضِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 229 1240- أحْضَرُ مِنَ التُّرَابِ، وأحقْرُ مِنَ التُّرابِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 229 المولدون. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 230 حَظ في السحَابِ، وَعَقْلٌ في التُّرَابِ. حَسِبَهْ صَيْداً، فَكَانَ قَيْدا. حَسْبُ الْحَلِيمِ أَنَّ النَّاسَ أَنْصَارُهُ عَلَى الْجَاهِلِ. حَرِّكِ الْقَدَرَ يَتَحَرَّكْ. يضرب في البَعْث على السفر. حِمَارُ طَيَّابٍ وَبَغْلَةُ أبِي دُلاَمَة. للكثير العيوب. حَوْصِلِى وَطِيِرِى. في الحَثِّ على التصرف. حِبَالٌ وَلِيفٌ، جِهَازٌ ضَعِيفٌ. حَيْثُمَا سَقَطَ لَقَطَ. يضرب للمحتال. حَصَدَ الشَّوْقَ السُّلُوُّ. حَقُّ مَنْ كَتَبَ بِمِسْكٍ أَنْ يَخْتِمَ بِعَنْبرٍ. حِصْنُكَ مِنَ البَاغِي حُسْنُ المُكَاشَرةِ. حَدِيثٌ لَوْ نَقَرْتَهُ لَطَنَّ. حِمَاكَ أَحْمَى لَكَ، وَأهْلُكَ أحْفَى بِكَ. حُدَيَّاكَ إِن كَانَ عِنْدَكَ فَضْلٌ. أي ابْرُزْ لي وجارِنِي. حُسْنُ طَلَبِ الحَاجَةِ نِصْفُ الْعِلْم. حَيَاءُ الرَّجُلِ فِي غيْرِ مَوْضِعِهِ ضَعْفٌ. الحَسَدُ ثِقْلٌ لاَ يَضَعُهُ حَامِلُهُ. الْحِيلَةُ أنْفَعُ مِنَ الوَسِيلَةِ. الْحُرُّ عَبْد إِذَا طَمِعَ، والْعَبْد حُرٌّ إِذَا قَنِع. الحَسَدُ فِي القَرَابَة جَوْهَرٌ، وَفِي غَيْرِهِمْ عَرَض. الحَيَاءُ يَمْنَعُ الرِّزْقَ. الحَركَةُ بَرَكَةٌ. الحَاجَةُ تَفْتُقُ الحِيلَةَ. الحَرِيصُ مَحْرُوم. الْحُرُّ يَكْفِيهِ الإشَارَةُ. الْحَاوِي لاَ ينْجُو مِنَ الْحَيَّات. الحَمِير نَعْتُ الاَكَّافِين. الحَقُّ خَيْرُ ما قِيلَ. الحَبَّةُ تَدُورُ، وَإلى الرَّحَا تَرْجِعُ. الحِبَابُ لاَ تُشْتَرَى أَو تُصْفَعَ. الحِمَارُ عَلَى كِرَاهُ يَمُوتُ. أي المَرَافق تُدْرَك بالمتاعب. الحمَارُ السُّوءُ دَبَرُهُ أَحَبُّ إِليْكَ مِنْ مَكُّوكِ شَعِيرٍ. احْفَظْنِي أَنْفَعْكَ. احْفِرْ بِيراً وَطُمَّ بِيراً وَلا تُعَطِّلْ أجِيراً. احْتَاجَ إِلىَ الصُّوفَةِ مِنْ جَزَّ كَلْبَهُ. الحَسُودُ لاَ يَسُودُ. الإحْسَانُ إِلىَ الْعَبِيدِ، مَكْبَتَة للحَسُود. الْحَسَدُ دَاءٌ لاَ يَبْرَأ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 230 الباب السابع فيما أوله خاء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 231 1241- خُذْ منْ جِذْعٍ مَا أعْطَاكَ. جِذْعٌ: اسم رجل يقال له جِذْع بن عَمْرو الغَسَّاني، وكانت غَسَّانُ تؤدِّي كلَّ سنة إلى ملك سَليح دينارين من كل رجل، وكان الذي يَلِي ذلك سَبْطَة بن المنذر السَّليحي، فجاء سَبْطة إلى جِذْع يسأله الدينارين، فدخل جذع منزلَه ثم خرج مشتملا على سيفه، فضرب به سَبْطة حتى بَرَد، ثم قال : خُذْ من جِذْع ما أعطاك، وامتنعت غَسَّان من هذه الإتاوة بعد ذلك. يضرب في اغتنام ما يجود به البخيل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 231 1242- خُذْ مِنَ الرَّضْفَةِ مَا علَيْهَا. الرَّضْفُ: الحجارة المُحْمَاة يْوغَر بها اللبن، واحدتها رَضْفَة، وهي إذا ألقيت في اللبن لَزِقَ بها منه شيء، فيقال: خُذْ ما عليها، فإن تركَكَ إيَّاهُ لا ينفع. يضرب في اغتنام الشيء من البخيل وإن كان نَزْرا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 231 1243- خُذْهُ وَلَوْ بِقُرْطَيْ مَارِيَة. هي مارية بنت ظالم بن وَهْب، وأختُها هِنْد الهُنُود امرأة حُجْرٍ آكِلِ المُرَار الكندي، قال أبو عبيد: هي أم ولد جَفْنَة، قال حسان: أولاَدُ جَفْنَةَ حَوْلَ قَبْرِ أبيهمُ ... قَبْرِ ابن مارِيَةَ الْكْرِيمِ الْمُفْضِلِ يقال: إنها أهدت إلى الكعبة قُرْطَيْها وعليهما دُرَّتان كبيضَتَي حمام لم ير الناسُ مثلهما، ولم يدروا ما قيمتهما. يضرب في الشيء الثّمين، أي لا يفوتَنَّكَ بأي ثمن يكون. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 231 1244- خُذْ مِنْهَا مَا قَطَعَ البَطْحَاءَ. وقوله "منها" أي من الإبل، والبطحاء: تأنيث الأبْطَح، وهو مَسِيل فيه دُقَاق الحصى والجمع بِطَاح، على غير قياس، أي خذ منها ما كان قويا. يضرب في الاستعانة بأولِي القوة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 231 1245- خُذِ الأَمْر بِقَوابِلِهِ. أي بمُقَدِّماته، يعني دَبِّرْه قبل أن يفوتك تدبيرُه، والباء بمعنى في، أي فيما يستقبلك منه، يقال: قَبَلَ الشيءُ، وأقبل. يضرب في الأمر باستقبال الأمور. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 231 1246- خُذْ مَا طَفَّ لكَ واسْتَطَفَّ. وأطَفُّ أيضاً، يقال طَفَّ الشيءُ يَطِفُّ طُفُوفاً، إذا ارتفع وقَلّ. ويقال أيضاً: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 232 1247- خُذْ مَا دَفَّ واسْتَدَفَّ. قال أبو زيد: أي ما تَهَيَّأ. يضرب في قَنَاعة الرجل ببعض حاجته. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 232 1248- خَشِّ ذُؤالَةَ بِالحِبَالَةِ. ذُؤَالة: اسمٌ للذئب، اشتُقَّ من الذَّأَلاَن، وهو مَشْي خفيف. يضرب لمن لا يبالي تهدده: أي توعَّدْ غيري فإني أعرفك. وقال أبو عبيدة: إنما يقول هذا مَنْ يأمر بالتبريق والإيعاد، قال الشاعر: (هو أسماء بن خارجة، والضغث - بكسر الضاد - أصله قبضة من الحشيش مختلطة الرطب باليابس، والإبالة: الحزمة من الحطب، وأصل بائها مشددة، وقد خففها الشاعر، وأحشأنك: أدخل في حشاك، والمشقص - بزنة منبر - ما طال وعرض من النصال، وأوسا: أي عوضا وبدلا، وأويس: مصغر أوس، وهو منادى، والهبالة: اسم ناقة الشاعر التي كان الذئب يريد أكلها.) لي كُلَّ يَوْمٍ من ذُؤَالَهْ ... ضِغْثٌ يَزِيدُ عَلَى إبَالَهْ فَلأَحْشَأنَّكَ مِشْقَصاً ... أوْساً أوَيْسُ مِنَ الهَبَالَهْ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 232 1249- خَالِفْ تذْكَرْ. قال المفضل بن سلمة: أول من قال ذلك الحُطَيئة، وكان ورَد الكوفة فلقي رجلا فقال: دُلَّني على أفتى المصر نائلا، قال: عليك بعُتَيْبَةَ بن النَّهَاس العِجْلي، فمضى نحو داره. فصادفه، فقال: أنت عتيبة؟ قال: لا، قال: فأنت عَتَّاب؟ قال: لا، قال: إن اسمك لشَبِيه بذلك، قال: أنا عتيبة فمن أنت؟ قال: أنا جَرْوَل، قال: ومن جَرْوَل؟ قال: أبو مُلَيكة، قال: والله ما ازْدَدْت إلا عَمًى، قال: أنا الحُطَيئة، قال: مرحَباً بك، قال الحطيئة: فحدِّثْنِي عن أشعر الناس مَنْ هو، قال: أنت، قال الحطيئة : خالِفْ تُذْكَرْ، بل أشعر مني الذي يقول: ومَنْ يَجْعَلِ المَعْرُوفَ من دون عِرْضِهِ ... يَفِرْهُ، ومَنْ لا يَتَّقِ الشتمَ يُشْتَمِ ومن يَكُ ذا فَضْلٍ فَيَبْخَلْ بفَضْلِهِ ... على قومِهِ يُسْتَغْنَ عنه ويُذْمَمِ قال: صدقت، فما حاجتك؟ قال: ثيابك هذه فإنها قد أعجبتني، وكان عليه مُطْرَف خزوجبة خز وعمامة خز. فدعا بثيابٍ فلبسها ودفع ثيابه إليه، ثم قال له: ما حاجتك أيضاً؟ قال: مِيرَةُ أهلي من حَبٍّ [ص: 233] وتمر وكسوة، فدعا عَوْناً له فأمره أن يَمِيرَهم وأن يكسو أهله، فقال الحطيئة: العَوْدُ أَحْمَدُ ثم خرج من عنده وهو يقول: سُئِلْتَ فلم تَبْخَلْ ولَمْ تُعْطِ طَائِلاً ... فسِيَّانِ لا ذَمٌّ عَلَيْكَ ولا حَمْدُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 232 1250- خَطْبٌ يَسِيرٌ في خَطْب كَبِيرٍ. قاله قَصير بن سَعْد اللَّخْمي لِجَذِيمة بن مالك بن نَصْر الذي يقال له: جَذِيمة الأبرش وجذيمة الوَضَّاح، والعرب تقول للذي به البَرَصُ: به وَضَح، تفادياً من ذكر البرص. وكان جذيمة مَلِكَ ما على شاطئ الفرات، وكانت الزبَّاء ملكةَ الجزيرة، وكانت من أهل باجرمى (في هامش الأصل "هكذا في النسخ، ولم أعثر بها في القاموس ولا كتاب تقويم البلدان، وإنما الذي وجدته فيهما جاجرم، وهي بلدة من خراسان بين نيسابور وجرجان، وليحرر") وتتكلم بالعربية وكان جَذِيمة قد وتَرها بقتل أبيها، فلما استجمع أمرُها، وانتظم شمل ملكها، أحَبَّتْ أن تغزو جَذيمة، ثم رأت أن تكتب إليه أنها لم تجد مُلْكَ النساء إلا قُبْحاً في السَّمَاع، وضَعْفا في السلطان، وأنها لم تجد لملكها موضعا، ولا لنفسها كفؤا غيرك، فأقْبِلْ إليَّ لأجْمَعَ ملكي إلى ملكك وأصِلَ بلادي ببلادك، وتقلد أمري مع أمرك، تريد بذلك الغَدْر. فلما أتى كتابُهَا جذيمةَ وقدم عليه رسُلُها استخفَه ما دَعَتْه إليه، ورَغِبَ فيما أطمعته فيه، فجمع أهلَ الحِجا والرأي من ثقاته، وهو يومئذ ببَقَّةَ من شاطئ الفرات، فعرض عليهم ما دعته إليه، وعرضت عليه، فاجتمع رأيهم على أن يسير إليها فيستولي على ملكها، وكان فيهم قَصير، وكان أرِيبا حازما أثيراً عند جَذيمة، فخالفهم فيما أشاروا به، وقال: رأي فاتر، وغَدْر حاضر، فذهبت كلمته مثلا، ثم قال لجذيمة: الرأيُ أن تكتب إليها، فإن كانت صادقةً في قولها فَلْتُقْبِل إليك، وإلاَّ لم تمكنها من نفسك، ولم تَقَعْ في حِبالتها وقد وَتَرْتَها وقتلتَ أباها، فلم يوافق جذيمة ما أشار به، فقال قَصير: إني امْرُؤ لا يُمِيلُ العَجْزُ تَرْوِيَتِي ... إذا أتَتْ دُونَ شَيْءٍ مرة الوذمِ فقال جذيمة: لا، ولكنك امرؤ رأيُكَ في الكِنِّ لا في الضِّحِّ، فذهبت كلمته مثلا، ودعا جَذيمة عمرو بن عَدِيٍّ ابنَ أخته فاستشاره فشجَّعه على المسير، وقال: إن قومي مع الزباء، ولو قد رَأَوْكَ صاروا معك، فأحَبَّ جذيمةُ ما قاله، وعصى قصيرا، فقال قصير: لا يُطَاع لقَصِير أمرٌ، فذهبت مثلا، [ص: 234] واستخلف جذيمةُ عمرَو بن عديٍّ على ملكه وسلطانه، وجعل عمرو بن عبد الجن معه على جنوده وخيوله، وسار جذيمةُ في وُجُوه أصحابه، فأخذ على شاطئ الفُرَات من الجانب الغربي، فلما نزل دعا قصيرا فقال: ما الرأيُ يا قصير؟ فقال قصير: " ببقَّةَ خَلَّفْتُ الرأي، فذهبت مثلا، قال: وما ظَنُّكَ بالزباء؟ قال: القول رادف، والحزم عثَرَاتُه تُخَاف، فذهبت مثلا، واستقبله رسُلُ الزباء بالهَدَايا والألطاف، فقال: يا قصير كيف ترى؟ قال : خَطْبٌ يسير في خَطْب كبير، فذهبت مثلا، وسَتَلْقَاكَ الجيوشُ، فإن سارت أمامك فالمرأة صادقة، وإن أخَذَتْ جنبتيك وأحاطت بك من خلفك فالقومُ غادرون بك، فارْكَبِ العصا فإنه لا يُشَقُّ غُبَاره، فذهبت مثلا، وكانت العصا فَرَساً لجذيمة لا تُجَارى، وإني راكبُها ومُسَايرك عليها، فلقيته الخيولُ والكتائب، فحالت بينَهُ وبين العصا، فركبها قصير، ونظر إليه جذيمة على مَتْن العصا مُوَلِّيا فقال: وَيْلُ امه حَزْماً على متن الْعَصَا، فذهبت مثلا، وجرت به إلى غروب الشمس، ثم نَفَقَتْ، وقد قطعت أرضا بعيدة، فبنى عليها بُرْجاً يقال له: بُرْجُ العصا، وقالت العرب: خَيْرٌ ما جاءت به العصا، فذهبت مثلا، وسار جَذيمة وقد أحاطت به الخيلُ حتى دخل على الزباء، فلما رأته تكشفت فإذا هي مَضْفُورة الاسب، فقالت: يا جذيمة أدأب عروس ترى؟ فذهبت مثلا، فقال جذيمة: بَلَغ المَدَى، وجفَّ الثَّرَى، وأمْرَ غَدْرٍ أرى، فذهبت مثلا. ودعت بالسيف والنِّطْع ثم قالت: إن دماء الملوك شِفَاء من الكَلَب، فأمرت بطَسْت من ذهب قد أعَدَّته له وسَقَتْه الخمر حتى سَكِر وأخذت الخمر منه مأخذها، فأمرت بِرَاهِشَيْهَ فقُطِعا، وقَدَّمت إليه الطستَ، وقد قيل لها: إنْ قَطَر من دمه شيء في غير الطَّسْت طُلِب بدمه، وكانت الملوك لا تُقْتَل بضرب الأعناق إلا في القتال تَكْرِمةً للملك، فلما ضعفت يَدَاه سقطَتَا فقَطَر من دَمه في غير الطست، فقالت: لا تضيعوا دم الملك، فقال جذيمة: دَعُوا دَماً ضيعه أهله، فذهبت مثلا، فهلَكَ جَذيمة، وجعلت الزباء دمه في ربعة لها، وخرج قصير من الحي الذي هلكت العصا بين أظهرهم حتى قدم على عمرو بن عَدِيٍّ وهو بالحِيرَة، فقال له قصير: أثائر أنت؟ قال: بل ثائر سائر، فذهبت مثلا، ووافق قصير الناس وقد اختلفوا، فصارت طائفة مع عمرو بن عدي اللَّخْمي، وجماعة منهم مع عمرو بن عبد الجن الجَرْمي، فاختلف بينهما قصير [ص: 235] حتى اصطلحا وانْقَاد عمرو بن عبد الجن لعمرو ابن عدي، فقال قصير لعمرو بن عدي: تَهَيَّأْ واستعدَّ ولا تُطِلَّنَّ دم خالك، قال: وكيف لي بها وهي أمْنَعُ من عُقَاب الجو؟ فذهبت مثلا، وكانت الزباء سألت كاهنةً لها عن هلاكها، فقالت: أرى هلاكك بسبب غلام مَهِين، غير أمينٍ، وهو عمرو بن عدي، ولن تموتي بيده، ولكن حَتْفك بيدك، ومن قِبَله ما يكون ذلك، فحذِرَتْ عمرا، واتخذت لها نَفَقاً من مجلسها الذي كلنت تجلس فيه إلى حصن لها في داخل مدينتها، وقالت: إن فَجَأني أمرٌ دخلت النفق إلى حصني، ودعت رجلا مُصَوِّرا من أجْوَد أهل بلاده تصويراً وأحسنهم عملا، فجَهّزَتْه وأحسنت إليه، وقالت: سِرْ حتى تُقْدم على عمرو بن عدي متنطرا فتخلوا بحَشَمه وتنضمّ إليهم وتُخَالطهم وتعلمهم ما عندك من العلم بالصور، ثم أثبِتْ لي عمرَو بن عدي معرفة، فصَوِّرْهُ جالساً وقائما وراكبا ومتفضلا ومتسلحاً بهيئته ولبسته ولونه، فإذا أحكمت ذلك فأقبِلْ إلي، فانطَلَقَ المصور حتى قدم على عمرو بن عدي وصنع الذي أمرته به الزباء، وبلغ من ذلك ما أوْصَتْه به، ثم رجع إلى الزباء بِعلم ما وجَّهته له من الصورة على ما وصفت، وأرادت أن تعرف عمرو بن عدي فلا تراه على حال إلا عرفته وحذرته وعلمت علمه، فقال قصير لعمرو بن عدي: اجْدَعْ أنْفِي، واضرب ظَهْرِي، ودعني وإياها، فقال عمرو: ما أنا بفاعلٍ، وما أنت لذلك مُسْتَحِقا عندي، فقال قصير: خَلِّ عني إذن وخَلاَك ذم، فذهبت مثلا، فقال له عمرو: فأنت أبْصَرُ، فجَدَع قصير أنفه، وأثر آثارا بظهره، فقالت العرب: لِمَكْرٍ ما جَدَع قصير أنفه، وفي ذلك يقول المتلمس: وفِي طَلَبِ الأوْتَارِ ما حَزَّ أنْفَهُ ... قَصِير، ورَام الموتَ بالسيف بَيْهَسُ ثم خرج قصير كأنه هارب، وأظهر أن عمراً فعل ذلك به، وأنه زعَم أنه مَكَر بخاله جَذيمة وغَرَّه من الزباء، فسار قصير حتى قدم على الزباء، فقيل لها: إنَّ قصيراً بالباب، فأمرت به فأدخل عليها، فإذا أنفُه قد جُدِع وظهره قد ضرب، فقالت: ما الذي أرى بك يا قصير؟ قال: زعم عمرو أني قد غررت خاله، وزينت له المَصِيرَ إليك، وغَشَشته، ومالأتُكِ ففعل بي ما تَرَيْن، فأقبلت إليك وعرفْتُ أني لا أكون مع أحد هو أثقل عليه منك، فأكرمَتْه وأصابَتْ عنده من الحزم والرأي ما أرادت، فلما عرف أنها استرسلت إليه ووثِقْت به قال: إن لي بالعراق أموالا كثيرة وطَرَائِفَ وثياباً وعِطْراً [ص: 236] فابعثيني إلى العراق لأحملَ مالي وأحملَ إليك من بُزُوزها وطَرَائفها وثيابها وطِيبها، وتُصِيبِينَ في ذلك أرباحا عِظاما. وبعضَ ما لا غنى بالملوك عنه، وكان اكثر ما يطرفها من التمر الصَّرَفان، وكان يُعْجبها، فلم يزل يُزَيِّنُ ذلك حتى أذنت له، ودفعت إليه أموالا وجَهَّزتْ معه عَبيدا، فسار قصير بما دفعت إليه حتى قَدِمَ العراق وأتى الحِيرَة متنكرا، فدخل على عمرو فأخبره الخبَرَ، وقال: جهزني بصنوف البز والأمتعة لعل الله يمكن من الزباء فتصيبَ ثأرك وتقتلَ عدوك، فأعطاه حاجته، فرجع بذلك إلى الزباء، فأعجبها ما رأت وسَرَّها، وازدادت به ثِقَةً، وجَهّزته ثانية فسار حتى قدم على عمرو فجَهّزه وعاد إليها، ثم عاد الثالثة وقال لعمرو: اجْمَعْ لي ثقات أصحابك وهِّيئْ الغَرَائر والمُسُوح واحْمِلْ كلَّ رجلين على بعير في غرارتين، فإذا دخلوا مدينة الزباء أقَمْتُكَ على باب نَفَقِها وخرجَتِ الرجال من الغرائر فصاحوا بأهل المدينة، فمن قاتلهم قتلوه، وإن أقبلت الزباء تُرِيدُ النفَق جَلَّلْتهَا بالسيف، ففعل عمرو ذلك، وحمل الرجالَ في الغرائر بالسلاح وسار يَكْمُنُ النهارَ ويسير الليل، فلما صار قريباً من مدينتها تقدَّمَ قصير فبشَّرَها وأعلمها بما جاء من المتاع والطرائف، وقال لها: آخِرُ البَزِّ على القَلُوص، فأرسلها مثلا، وسألها أن تخرج فتنظر إلى ما جاء به، وقال لها: جئْتُ بما صَاءَ وصَمَت، فذهبت مثلا، ثم خرجت الزباء فأبصرت الإبلَ تكاد قوائمُهَا تَسُوخ في الأرض من ثقل أحمالها، فقالت: يا قصير ما لِلُجِمَالِ مَشْيُهَا وَئيدَا ... أَجَنْدَلاً يَحْمِلْنَ أَمْ حَدِيدا أَمْ صَرَفَاناً تَارِزاً شَديدا ... فقال قصير في نفسه: بل الرِّجَالَ قُبَّضاً قُعُودا ... فدخلت الإبلُ المدينةَ حتى كان آخرها بعيراً مَرَّ على بواب المدينة وكان بيده مِنْخَسَة فنَخَس بها الغَرَارة فأصابت خاصِرَةَ الرجل الذي فيها، فَضَرَط، فقال البواب بالرومية بشنب ساقاً، يقول: شَرٌّ في الْجُوالِق فأرسلها مثلا، فلما توسَّطت الإبل المدينة أَنِيخَتْ ودل قصير عمرا على باب النفق الذي كانت الزباء تدخله، وأرته إياه قَبْلَ ذلك، وخرجت الرجالُ من الغرائر فصاحوا بأهل المدينة ووضعوا فيهم السلاح، وقام عمرو على باب النفَق، وأقبلت الزباء تريد النفق، فأبصرت عمراً فعرفته بالصورة التي صُوِّرت لها، فمصَّتْ خاتمها وكان فيه السم وقالت: بِيَدِي لا بِيَدِ ابنِ عَدِيٍّ، فذهبت كلمتها [ص: 237] مثلا، وتلقاها عمرو فجلَّلها بالسيف وقتلها، وأصاب ما أصاب من المدينة وأهلها، وانكفأ راجعاً إلى العراق. وفي بعض الروايات مكان قولها أدأب عروس ترى "أَشِوَارَ عَرُوسٍ ترى؟ " فقال جذيمة "أرى دأب فاجرة غَدُور بظَرْاء تَفِلة" قالت: لا مِنْ عَدَم مَوَاس، ولا من قلة أوَاس، ولكن شيمة من أناس. فذهبت مثلا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 233 1251- خَرْقَاءُ وَجَدَتْ صُوفاً. ويقال: وجدت ثُلَّة، وهي الصوف أيضاً. يضرب مثلا للذي يُفْسِد ماله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 237 1252- خُذِي وَلاَ تَنَاثِرِي. هذا المثل من قول دُغَة، وذلك أن أمها قالت لها حين رَحَلوا بها إلى بني العَنْبر: يُوشِك أن تزورينا مُحْتَضِنة اثنين، فلما ولدت في بني العنبر استأذنت في زيارة أمها، فجهزت مع ولدها، فلما كانت قريبة من الحي أَخَذَتْ وَلَدَهَا فشقَّته باثنين، فلما جاءت الأم قالت لها: أين ولدك؟ فقالت: دُونَك، وأومأت إليه، ثم قالت: يا أمّه ، خُذِي ولا تُنَاثِرِي، إنهما اثنان بحمد الله. يضرب في سَتْرِ العيوب وترك الكَشْف عنها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 237 1253- خَرْقَاءُ ذَات نِيقَةٍ. النِّيقَة: فِعْلَة من التَّنَوُّقِ، يقال: تَنَوَّق في الأمر، أي تأنق فيه، وبعضُهم ينكر تَنَوّق ويقول: إنما هو تأنق. يضرب للجاهل بالأمر، ومع ذلك يَدَّعي المعرفة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 237 1254- خَرْقَاءُ عَيَّابَةٌ. أي أنه أحمق، ومع ذلك يعيب غيره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 237 1255- أخْبِرْهَا بِعَابِهَا تَخْفَرْ. العَابُ: العيب. يضرب للمرأة الجريئة. أي أخبرها بعَيْبها لتكسر من جَرَاءتها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 237 1256- اخْتَلَفَتْ رُؤُسُهَا فَرَتَعَتْ. الهاء راجعة إلى الإبل، وإنما تختلف رؤوسها عند الرُّتُوع. يضرب في اختلاف القوم في الشيء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 237 1257- خَرَجَ نَازِعاً يَدَهُ. يضرب لمن نَزَع يَدَه عن طاعة سلطانه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 237 1258- أَخْبَرْتُهُ بِعُجَرِي وَبُجرِي. قال أبو عبيد: أصل العُجَر العروقُ المتعقدة، والبُجَر: أن تكون تلك العروق في البطن خاصة. يضرب لمن تخبره بجميع عيوبك ثقةً بهِ. [ص: 238] قال الشعبي: وقف عليٌّ رضي الله عنه يوم الجمل على طَلْحة وهو صَريع قتيل، فقال: عَزَّ على أبا محمدٍ أن أراك مُجَدَّلاً تحت نجوم السماء تحشر من أفواه السباع وبُطُون الأودية، إلى الله أشكو عُجَرِي وبُجَرِي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 237 1259- الْخَيْلُ تَجْرِي عَلَى مَسَاوِيهَا. قال اللَّحْياني: لا واحد للمساوي، ومثلها المحاسن والمَقَاليد، يقول: إن كان بها - يعني بالخيل - أوْصَابٌ أو عُيُوب، فإن كَرَمَها يحملها على الجري، فكذلك الحر الكريم يحتمل المُؤَنَ ويحمي الذِّمار وإن كان ضعيفاً، ويستعملُ الكَرَمَ على كل حال. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 238 1260- الْخَيْلُ أَعْلَمُ بِفرْسَانِهَا. قال أبو عبيد: يعني أنها قد اخْتَبَرَتْ ركابها فهي تعرف الكفل من غيره. ومعنى المثل اسْتَغْنِ بمن يعرف الأمر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 238 1261- الْخَيْلُ أَعْلَمُ مَنْ فُرْسَانُهَا. يضرب لمن ظَنَنْتَ به أمراً فوجَدْته كذلك أو بخلافه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 238 1262- اخْتَلَطَ الْمَرْعِىُّ بالْهَمَلِ. يقال: إبل هَمَل وهَوَامِل وهُمَّال، واحدُها هامل. والمرعِيُّ: التي فيها رعاؤها، والهمَلُ ضدها. يضرب للقوم وقَعُوا في تخليط. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 238 1263- خَيْرَ حَالِبَيْكِ تَنْطَحِينَ. قال أبو عبيد: أصله أن شاة أو بقرة كان لها حالبان، وكان أحدهما أَرْفَقَ بها من الآخر فكانت تنطحه وتَدَعُ الآخر. يضرب لمن يكافئ المحسنَ بالإساءة. ويروى "هَيْلَ هَيْل َ خيرَ حَالِبَيْكِ تنطحين" يقال: هَيْلَة اسم عَنْز، وهَيْلَ مرخَّم منها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 238 1264- الْخَرُوفُ يَتَقَلَّبُ عَلَى الصُّوِف. يضرب للرجل المكفيِّ المُؤَن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 238 1265- خَاِمِري أُمَّ عَامِرٍ. خامِرِي: أي استتري، أم عامر وأم عمرو وأم عويمر: الضبع، يُشَبَّه بها الأحمق. ويروى عن علي رضي اللَه عنه، أنه قال: لا أكونُ مثلَ الضبع تسمَعُ اللَّدْمَ فتبرز طمعاً في الحية حتى تصاد. وهي كما زعموا من أحمق الدواب، لأنهم إذا أرادوا صَيْدها رَمَوْا في جُحْرها بحَجَر، فتحسبه شيئاً تصيده، فتخرج لتأخذه فتصاد عند ذلك. ويقال لها: أَبْشِرِي بجَرَادٍ عظال، وكَمرِ رجال، فلا يزال يقال لها حتى يَدْخُل عليها رجلٌ فيربط يديها ورجليها [ص: 239] ثم يجرها، والجراد العظال: الذي ركبَ بعضُها بعضا كثرةً، وأصل العظال سِفَاد السباع، وقوله "وكَمرِ رجال" يزعمون أن الضبع إذا وجَدَت قتيلا قد انتفخ جُرْدَانه ألقته على قفاه ثم ركبته، قال العباس بن مِرْدَاسٍ السُّلَمي: ولو مات منهم مَنْ جَرَحْنا لأصبحت ... ضباعٌ بأعْلى الرَّقْمَتَيْنِ عرائسا ومثلُه: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 238 1266- خَامِرِي حَضَاجِرُ، أَتَاكَ مَا تُحَاذِرُ. (كان من حق العربية أن يقال "خامر حضاجر، أتاك ما تحاذر" إن أريد ذكر، أو يقال "خامري حضاجر، أتاك ما تحاذرين" إن أريد أنثي) حضاجر: اسم للذكر والأنثى من الضباع، ومن أسجاعهم في مثل هذا: لم تُرَعْ يا حَضَاجر، كفاك ما تحاذر، ضبارم مخاطر، ترهبه القساور، يعني الأسود، ويقال: يا أم عمروٍ أبْشِرِي بالبُشْرَى ... مَوْت ذَرِيع وجَرَادٌ عَظْلى وكلا المثلين يضرب للذي يرتاع من كل شيء جبناً. وقيل: جعلا مثلا لمن عرف الدنيا في نقضها عقود الأمور بإيراد البلاء عقيب الرخاء ثم يسكن إليها مع ما علم من عادتها، كما تغترُّ الضبعُ بقول القائل: خامري أم عامر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 239 1267- خَفَّتْ نَعَامَتُهُمْ. وكذلك "شالت نعامتهم" إذا ارتحلوا عن مَنْهَلهم وتفرقوا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 239 1268- خَلاَ لَكِ الْجَوُّ فَبِيضِي وَاصْفِرِي. أول من قال ذلك: طَرَفَة بن العبد الشاعر، وذلك أنه كان مع عمه في سَفَر وهو صبي، فنزلوا على ماء، فذهب طَرَفة بفُخَيخ له فنصبه للقَنَابر، وبقي عامةَ يومه فلم يَصِدْ شيئاً ثم حمل فخه ورجع إلى عمه وتحملوا من ذلك المكان، فرأى القنابر يَلْقطْنَ ما نثر لهن من الحبِّ، فقال: يا لك من قنبَرَةٍ بمَعْمَرِ ... خَلاَ لَكِ الجوُّ فَبِيضِي وَاصْفِرِي وَنَقِّرِي مَا شِئْتِ أن تُنَقِّرِي ... قَدْ رَحَلَ الصيادُ عنك فابْشِرِي وَرُفِعَ الفَخُّ فمَاذَا تَحْذَرِي ... لا بُدَّ من صيدك يوماُ فاصْبِرِي [ص: 240] وحذف النون من قوله "تحذري" لوفاق القافية أو لالتقاء الساكنين. قال أبو عبيد: يروى عن ابن عباس رضي اللَه تعالى عنهما أنه قال لابن الزبير حين خرج الحسين رضي اللَه عنه إلى العراق: خَلاَ لك الجو فبِيضِي واصفري. يضرب في الحاجة يتمكن منها صاحبها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 239 1269- خَيْرُ لَيْلَةٍ بالأَبَدِ، لَيْلَةٌ بَيْنَ الزُّبانَي وَالأَسَدِ. وذلك عند طلوع الشَّرَطين وسقوط الغَفْر، وما كان فيه من مَطَر فهو من الربيع، وكانت العرب تراها من ليالي السعود إذا نزل بها القمر، وقوله "بالأبد" الباء بمعنى في، والأبَدُ: الدهر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 240 1270- أَخْلَفَ رُوَيْعِياً مَظِنَّه. أصله أن راعياً كان اعتاد مكاناً يرعاه فجاءه يوماً وقد حَالَ عما عَهِدَه، أي أتاه الخلف من حيث كان لا يأتيه، ومَظِنُّ كلِّ شيء: حيث يُظَنُّ به ذلك الشيء. يضرب في الحاجة يعوق دونها عائق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 240 1271- خَلْعُ الدِّرْعِ بِيَدِ الزَّوْجِ. كان المفضل يحكي أن المثل لرَقَاشِ بنت عمرو بن تَغْلب بن وائل، وكان تزوجها كَعْبَ بن مالك بن تَيْم الله بن ثَعْلبة فقال لها: اخْلَعِي درعك، فقالت : خَلْع الدرع بيد الزوج، فقال: اخْلَعِيه لأنظر إليك، فقالت: التَّجَرُّدُ لغير النكاح مُثْلَة، فذهبت كلمتاها مثلين. يضربان في وضع الشيء غير موضعه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 240 1272- خَلِّ سَبِيلَ مَنْ وَهَي سِقَاؤُهُ وَمَنْ هُرِيقِ بالْفَلاَةِ مَاؤُه. يضرب لمن كره صحبتك وزهد فيك، قال الشاعر: صَادِقْ خليلَكَ ما بَدَا لك نُصْحُه ... فإذا بَدَا لك غِشُّهُ فَتَبدَّلِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 240 1273- اخْتَلَطَ الْخَاثِرُ بالزُّبَّادِ. الخاثر: ما خَثَر من اللبن، والزُّبَّاد: الزبد. يضرب للقوم يَقَعُون في التخليط من أمرهم، عن الأصمعي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 240 1274- اخْتَلَطَ اللَّيْلُ بالتُّرَابِ. مثل ما تقدم من المعنى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 240 1275- خيْرَ إِنَاءَيْكِ تَكْفَئِينَ. يقال: كَفَأْتُ الإناء، قَلَبْته وكَبَبْتُه وزعم ابن الأعرابي أن "أكْفَأْتُ" لغة، قال الكسائي: كَفَأْته كببته، وأكْفَأْته أملته، واكْتَفَأته مثل كفأته، ومنه قوله صلى اللَه عليه وسلم "ولا تَسْألِ المرأةُ الطلاقَ أختها لتكتفئ ما في صَحْفتها". [ص: 241] قال أبو عبيد: قد علم أنه لم يرد الصحفة خاصة، إنما جعلها مثلا لحظِّها من زوجها، يقول: إنه إذا طَلَّقها لقول هذه كانت قد أمالت نصيبَ صاحبتها إلى نفسها. قالوا: يضرب هذا المثلُ في موضع حرمان أهل الحرمة، وإعطاء مَنْ ليس كذلك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 240 1276- خَيْرُ مَالِكَ مَا نَفَعَكَ. قال أبو عبيد: العامةُ تذهب بهذا المثل إلى أن خير المالِ ما أنْفَقَه صاحبُه في حياته ولم يخلفه بعده. وكان أبو عبيدة يتأوله في المال يَضِيعُ للرجل فيكسِبُ به عَقْلا يتأدب به في حفظ ماله فيما يستقبل، كما قالوا: لم يَضِعْ من مالك ما وَعَظَك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 241 1277- خَيْرُ مَا رُدَّ فِي أَهْلٍ وَمَالٍ. يقال هذا للقادم من سفره، أي جعل الله ما جئت به خيرَ ما رجعَ به الغائبُ، ويروى خَيْرَ بالنصب: أي جَعَلَ الله رَدَّكَ خَيْرَ رد في أهل ومال، وبالرفع على تقدير رَدُّكَ خير رَدٍّ، وفي بمعنى مع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 241 1278- الخَلَّةُ تَدْعُو إِلىَ السلَّةِ. الخَلَّة: الفَقْر والسَّلة: السَّرِقة، يعني أن الفقير يدعو إلى دَنَاءة المكسب، ويجوز أن يراد بالسَّلَّة سَلُّ السيوف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 241 1279- خَيْرُ الْفِقْهِ مَا حَاضَرْتَ بِهِ. أي أنفَعُ علمِك ما حَضَرك في وقت الحاجة إليه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 241 1280- خَلاَؤُكَ أَقْنَى لِحَيَائكَ. أقْنَى: أي ألزم، والمعنى أنك إذا خَلَوْتَ في منزلك كان أحْرَى أن تقني الحياء وتسلم من الناس، لأن الرجل إنما يَحْذَر ذهاب الحياء إذا واجَهَ خصما أو عارض شكلا، وإذا خلا في منزلِهِ لم يحتج إلى ذلك. يضرب في ذم مخالطة الناس. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 241 1281- خَيْرٌ قَلِيلٌ وَفَضَحْتُ نَفْسِي. ويروى "نَفْعٌ قليل". قالوا: إن أول من قال ذلك فاقرة امرأة مُرَّة الأسدي، وكانت من أجمل النساء في زمانها، وإن زوجها غاب عنها أعواماً فهوِيَتْ عبداً لها حامياً كان يَرْعَى ماشِيَتَهَا، فلما هَمَّتْ به أقبلت على نفسها، فقالت: يا نفسُ لا خير في الشِّرَّة، فإنها تَفْضَح الحُرَّة، وتحدث العَرَّة، ثم أعرضت عنه حينا ثم هَمَّت به فقالت: يا نفس مَوْتة مُرِيحة، خير من الفَضيحة، وركوبِ القبيحة، وإياك والعار، ولَبُوس الشَّنار، وسوء الشِّعار، ولؤم الدِّثَار، ثم هَمَّت به وقالت: إن كانت مرة واحدة، فقد تصلح [ص: 242] الفاسدة، وتكرم العائدة، ثم جَسَرَت على أمرها فقالت للعبد: احْضَر مَبيتي الليلة، فأتاها فواقَعَها، وكان زوجُها عائفا ماردا، وكان قد غاب دهرا ثم أقبل آئبا، فبينا هو يَطْعم إذ نَعَبَ غراب فأخبره إن امرأته لم تَفْجُر قط، ولا تفجر إلا تلك الليلة، فركب مُرَّة فرسَه وسار مسرعا رجاء إن هو أحسها أمنها أبدا، فانتهى إليها وقد قام العبد عنها، وقد ندمت وهي تقول : خَيْرٌ قليلٌ وفضحت نفسي، فسمعها مرة فدخل عليها وهو يُرْعَد لما به من الغيظ، فقالت له: ما يرعدك؟ قال مرة ليعلم أنه قد علم: خيرٌ قليل وفضحت نفسي، فشهقت شهقة وماتت، فقال مرة: لحا اللَه ربُّ الناسِ فاقر ميتة ... وأهْوِنْ بها مَفْقُودَةً حين تُفْقَدُ لَعَمْرُكِ ما تَعْتَادُنِي مِنْكِ لَوْعَةٌ ... ولا أنا من وجدٍ عَلَيْكِ مُسَهَّدُ ثم قام إلى العبد فقتله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 241 1282- الْخَنِقُ يُخْرِجُ الْوَرِقَ. يضرب للغريم المُلِحِّ يَستخرج دَيْنَه بملازمته. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 242 1283- خَيْرُ الْخِلاَلِ حِفْظُ اللِّسَان. يضرب في الحثِّ على الصَّمْتِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 242 1284- خَلِّهِ دَرْجَ الضَّبِّ. يضرب لمن شُوهد منه أمارات الصَّرْم، أي دَعْه يَدْرُج دَرْجَ الضب، أي دُرُوجَه ويذهب ذهابه، والهاء في "خَلِّه" ترجع إلى الرجل. قال أبو سعيد الضرير: معناه خَلِّه ودَعْه في جُحْره، وذلك أنه يحفر حجره دَرَجاً بعضُه تحت بعض، فإذا دخل فيه لم يدرك فهذا دَرَجُ الضب. قلت: فعلى ما قال الهاءُ في "خَلِّه" للسكت، إلا أنه أجراه مجرى الوصل، أي خَلِّ دَرَجَ الضب فلا تبحث عنه، فإنك لا تجده، كذلك هذا الرجل فخَلِّه ودَعْه فإنه لا سبيل لك إلى وداده. وقال غيره: يجوز أن يراد به التأييد، أي خَلِّه ما دَرَجَ الضبُّ، أي أبدا، ويجوز انتصابه على الظرف أيضا، أي خَلِّه في طريق الضب، ويقال أيضاً: خل دَرَجَ الضب، أي خَلِّ طريقه لئلا يسلك بين قدميك فتنتفخ. يضرب في طلب السلامة من الشر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 242 1285- خُبَأَةُ صِدْقٍ خَيْرٌ مِنْ يَفَعَةِ سَوْءٍ. الْخُبَأة: المرأة التي تَطْلُع ثم تختبئ، ويقال: غلام يَافِع ويَفَعة، وغِلْمان يَفَعَة أيضاً في الجَمْعِ، أي جاريةٌ خَفِرة خيرٌ من غلام سوء. [ص: 243] يضرب للرجل يكون خاملَ الذكر فيقال: لأنْ يكون كذا خير من أن يكون مشهوراً مرتفعا في الشر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 242 1286- خُيِّرَ بَيْنَ جَدْعٍ وخِصَاءٍ. يضرب لمن وقع في خَصْلتين مكروهتين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 243 1287- خُذْ حَظَّ عَبْدٍ أبَاه. الهاء ترجع إلى الحظ، أي إن ترك رِزْقَه وسَخِطه فخذه أنت. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 243 1288- الْخَمْرُ تُعْطِى مِنَ الْبَخِيلِ. أي أنه يكون بخيلا فيَجْود، وحليما فيَجْهَل، ومالكا للسانه فيًضِيع سرَّه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 243 1289- أَخْنَى عَلَيْهَا الَّذِي أَخْنَى عَلَى لُبَدٍ. أخنى: أي أهلك، ولُبَد: آخر نُسُور لقمان، قال لبيد: ولَقَدْ جَرَى لُبَد فأدْرَكَ رَكْضَه ... رَيْبُ الزمان وكان غيرَ مُثَقَّلِ لما رأى لُبَدُ النسورَ تَطَايَرَتْ ... رَفَعَ القوادمَ كالفقير الأعْزَلِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 243 1290- خَيْرُ الْعَفْوِ مَا كانَ عَنِ الْقُدْرَةِ. قال الشاعر: اعْفُ عَنِّي فقد قَدَرْتَ، وخَيْرُ الْـ ... ـعَفْوِ (العفو) عَفْوٌ يكون بَعْدَ اقْتِدَارِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 243 1291- خَاصِمِ الْمَرْءَ فِي تُرَاثِ أَبِيه أَوْلَمْ تَبْكِهِ. أي إن نلتَ شيئاً فهو الذي أردتَ وإلا لم تَغْرم شيئاً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 243 1292- خَفْ رُمَاةَ الغِيَلِ وَالْكِفَف. الغِيَلُ: جمع غِيلَة، وهي اسمٌ من الاغتيال، والكِفَف: جمع كِفَّة، وهي حِبالة الصائد، أي خَفْ الاغتيال وهو القتل مُغَافصة وخَفْ كِفَّة الحابل. يضرب في التحذير، والأمر بالحزم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 243 1293- خَالِطُوا النَّاسَ وَزَايِلُوهُم. أي عاشروهم في الأفعال الصالحة وزَايِلُوهم في الأخلاق المذمومة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 243 1294- خَيْرُ الأُمُورِ أوْسَاطُها. يضرب في التمسك بالاقتصاد. قال أعرابي للحَسَن البصري: عَلِّمني دينا وَسُوطا، لا ذاهبا فَرُوطا، ولا ساقطا سَقُوطا، فقال: أحسنت يا أعرابي، خيرُ الأمور أوساطها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 243 1295- خَيْرُ الأُمُورِ أحْمَدُهَا مَغَبَّةً. أي عاقبةً، هذا مثلُ قولهم "الأعمالُ بخواتيمها". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 243 1296- خَيْرُ حَظِّكَ مِنْ دُنْيَاكَ مَالَم تَنَلْ. لأنها شُرور وغُرور. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 244 1297- خَيْرُ الغِنَى القُنُوعُ، وَشَرُّ الفَقْرِ الْخُضُوعُ. قاله أوس بن حارثة لابنه مالك، قالوا: يراد بالقُنُوع القَنَاعة، والصحيح أن القُنُوع السؤال والتذلل للمسألة، يقال: قَنَعَ - بالفتح - يَقْنَعُ قُنُوعا، قال الشماخ: لَمَالُ الْمَرْءِ يُصْلِحُهُ فَيُغْنِى ... مَفَاقِره أعَفُّ مِنَ الْقُنُوعِ يعني من مسألة الناس، وقال بعض أهل العلم: القُنُوعُ يكون بمعنى الرضا، وأنشد وقَالُوا قد زُهِيتَ فقلْتُ كَلاَ ... ولكنِّي أعَزَّنيَ القُنُوعُ والقانع: الراضي، قال لبيد: فمنهم سَعِيدٌ آخِذٌ بنَصِيبه ... ومنْهُمْ شَقِيٌّ بالمعيشة قَانِعُ قال: ويجوز أن يكون السائلُ سمى قانعاً لأنه يرضى بما يُعْطَى قل أو كثر، فيكون معنى القناعة والقنوع راجعا إلى الرضا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 244 1298- خَبَّرَهُ بِأمْرِهِ بَلاًّ بَلاًّ. قال أبو عمرو: معناه بابا بابا، لم يكتمه من أمره شيئاً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 244 1299- الخَطَأُ زَادُ العَجُولِ. يعني قَلَّ مَنْ عجل في أمر إلا أخطأ قَصْدَ السبيل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 244 1300- الخُطَبُ مِشْوَارٌ كَثِيرُ العِثَارِ. الْمِشْوار: المكانُ الذي تعرض فيه الدَّوَابُّ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 244 1301- خيْرُ الغَدَاءَ بَوَاكِرُهُ، وَخيرُ العَشَاءَ بَوَاصرُهُ. يعني ما يبصر فيه الطعام قبل هجوم الظلام. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 244 1302- خيْرُ المَالِ عَيْن سَاهِرَةٌ لِعَيْنٍ نَائِمةٍ. يجوز أن يكون هذا مثل قولهم "خَيْرُ المال عينٌ خَرّارة، في أرض خَوّارة" ويجوز أن يكون معناه عَيْنُ من يعمل لك - كالعَبيد والإمَاءِ وأصحاب الضَّرَائب - وأنت نائم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 244 1303- خيْرُ النَّاسِ هَذَا النَّمَطُ الأَوْسَطُ. يعني بين المقصر والغالي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 244 1304- خَلِّ مَنْ قَلَّ خَيْرُهُ، لَكَ فِي النّاسِ غَيْرُهُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 244 1305- اخلُ إِلَيْكَ ذِئْبٌ أَزَلُّ. [ص: 245] يقال للرجل "اخْلُ إليك" أي الزم شأنَكَ، قال الجعدي: وذَلِكَ من وَقَعَاتِ المَنُو ... نِ فاخْلِي إلَيْكِ وَلاَ تَعْجَبِي وتقدير المثل: الزم شأنك فهذا ذئب أزلّ. يضرب في التحذير للرجل. ويروى "أخْلِ إليك" أي كن خاليا يقال: أخْلَيْتُ أي خَلَوْتُ، وأخْلَيْتُ غيري، يتعدى ولا يتعدى، قال غمى بن مالك العقيلي: أتَيْتُ مع الحدَّاثِ لَيْلي فلم أبن ... فأخْلَيْتُ فَاسْتَعْجَمْتُ عند خَلاَئي أي خَلَوت، وقوله "إليك" يريد "اخْلُ ضامّاً إليك أمرك وشأنك، فإن هذا ذئبٌ أزلُّ" والأزلُّ: الذي لا لَحْمَ على فخذيه ولا وركيه، وذلك أسرع له في المشي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 244 1306- خبَرْتُهُ خُبُورِي وَشُقُورِي وَفُقُورِي. قال الفراء: كله مضموم الأول، وقال أبو الجراح: بالفتح، وبخط أبي الهيثم: شقورى (كذا، ولعله "خبورى بفتح الخاء" بدليل تفسيره، ولأنه أجل بيان الشقور والفقور) بفتح الشين، والمعنى أخبرته خبري، وسيرد الكلام في شقوري وفقوري من بعدُ إن شاء الله تعالى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 245 1307- خَيْرُسِلاَحِ الْمَرءِ مَا وَقَاهُ. يعني خيرُ ولد الرجل وأهله ما كفاه ما يحتاج إليه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 245 1308- الْخُنْفَساءُ إِذَا مُسَّتْ نَتَّنَتْ. أي جاءت بالنتن الكثير. يضرب لمن يَنْطَوِي على خبث، فيقال: لا تُفَتِّشُوا عما عنده فإنه يؤذيكم بنتن معايبِه، والخنفَساء بفتح الفاء ممدود هذه الدويبة، والأنثى خنفساة، وقال الأصمعي: لا يقال خنفساة بالهاء، والخنفس لغة في الخنفساء، والأنثى خنفسة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 245 1309- خُذْ أخَاكَ بِحَمِّ اسْتِهِ. الحَمُّ: ما أذيب من الألية، أي خُذْه بأول ما سقط به من الكلام. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 245 1310- خَوَاطِئاً كأنَّها نَوَاقِرُ. النواقر: السهام النوافذ في الغرض. يضرب للرجل يخطئ فيكون خطؤه أقربَ إلى الصواب من صواب غيره. ونصب "خواطئا" على تقدير رَمْيَ خواطئ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 245 1311- أَخْطَأَتْ اسْتُهُ الْحُفْرَةِ. يضرب لمن رام شيئاً فلم يَنَلْه. يروى أن المختار بن عُبَيد قال وهو بالكوفة: واللَه لأدْخُلَّنَ البصرة لا أرْمى [ص: 246] بكُتَّاب (الكتاب - بوزن رمان أو شداد، وبالتاء المثناة أو بالثاء المثلثة - السهم لا نصل له ولا ريش) ثم لأملكن السِّنْدَ والهندَ والبند، أنا واللَه صاحبُ الخضراء والبيضاء، والمسجد الذي ينبع منه الماء، فلما بلغ هذا القولُ الحجاجَ بن يوسف قال: أخطأتِ اسْتُ ابنِ عبيد الحُفْرَة، أنا والله صاحبُ ذاك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 245 1312- خُضُلَّةٌ تَعِيبُهَا رَصُوف. الخُضُلّة: المرأة الناعمة التارَّة، والرَّصُوف: المرأة الصغيرة الفَرْج، ويقال: الضيقة الفرج حتى لا يكون للذكر فيه مسلك وهي مثل الرَّتْقَاء، والرَّصْف، ضمُّ الشيئ بعضِه إلى بعض، يعني أن هذه الرَّصُوف المعيوبة تعيب الناعمة. يضرب لمن يَعيب الناس وبه عَيْب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 246 1313- خَوْقٌ مِنَ السَّامِ بِجيدٍ أوْقَصَ. الْخَوْق: الحَلْقة من الذهب أو الفضة، والسام: جمع سامة، وهي عروق الذهب، والجيد الأوقص: القصير. يضرب للشريف الآباء الدنيء في نفسه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 246 1314- خَمْرُ أبِي الرَّوْقَاءِ ليْسَتْ تُسْكِرُ. يضرب للغنيّ الذي لا فضل له على أحد ولا إحسان إلى إنسان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 246 1315- أخْلَفَكَ الوَزْنُ وَسَهْلٌ لاَ يُرَى. الوَزْن: نجمٌ يطلع من مطلع سُهَيل يشبه سهيلا في الضوء، وكذلك حَضَارِ مثل قطام يقال: حَضَارِ والوزن مُحْلِفان، وذلك أن كل واحدٍ منهما يظن أنه سُهَيل فيحمل كل من رآه على الحلف أنه هو بعينه، وسَهْل تكبير سهيل. يضرب لمن عَلَّق رجاءه برجلين ثم لا يَفِيانِ بما أمَّلَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 246 1316- خبْرَاءُ وَادٍ لَيْسَ فِيهَا مَهْلَك. الخَبْرَاء: مكان فيه شجر السِّدْر، وهي مناقع للماء يبقى فيها الصَّيْفَ. يضرب للكريم يأمن جيرانُه سوء الحال وضفف العيش. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 246 1317- خَطِيطَةٌ فِيهَا كِلاَبٌ شُغَّرُ. الْخَطِيطة: الأرض التي لم يُصِبها مطر بين أَرْضَيْنِ ممطورتين، وشَغَرَ الكلبُ: رفع إحدى رجليه من الأرض ليبول. يضرب لقوم وقَعُوا في بؤس وهو مع ذلك يستطيلون على الناس. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 246 1318- خَلَّةُ أَعْرَابٍ، وَدَيْنٌ فَادِحٌ. الخَلَّة: المحبة والمحب أيضاً، والدَّيْن الفادح: المُثْقِل، يقال: فَدَحَه الدينُ، إذا [ص: 247] أثقله، وخَصَّ الأعراب لأنها لقيت الشدة، فتكلفك ما لا طاقة لك به. يضربه مَن يلزمه ما يكره ولا بُدَّ له من تَحَمُّله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 246 1319- خِرْباَنُ أَرْضٍ صَقْرُهَا مُلِتُّ. الخَرَبُ: ذكر الْحُبَاري، والجمع: خِرْبَان، وأَلَتَّ الصقر: إذا أدخل رأسه تحت ريشه. يضرب لقوم يَعِيُثون في أرضٍ غَفَلَ صاحبها عنهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 247 1320- خَابَرْتُ سَعْداً فِي مَلِيطٍ مُخْدَجٍ. المُخَابرة: المشاركة في المزارعة، ثم تستعار في غيرها، والمَلِيط: ولد الناقة تملطه أي تسقطه، والمُخْدَج: الذي ولد لغير تمام. يضرب للرجلين تنازعا فيما لا يتنازع فيه ولا خير عنده. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 247 1321- أَخْلِفْ بِقَوْمٍ سَادَهُمْ حِقَابٌ. يقال: خَلَف الشيء يَخْلُف خُلُوفا، إذا فسد وتغير، ومنه خلُوف فَمِ الصائم، والْحِقَاب: شيء محلَّى تلبسه المرأة، وأراد ذات حقاب، يعني امرأة، وتقديره ما أَفْسَدَ أمرَ قومٍ ملكتهم امرأة. يضرب للوضيع يملك الشريف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 247 1322- أَخْطَأَ نَوْءُكَ. النَّوْء: النجم يطلُع أو يسقط فيمطر، يقال: مُطِرْنَا بِنَوْء كذا. يضرب لمن طلب حاجةً فلم يقدر عليها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 247 1323- الخَيْلُ مَيَاَمِينُ. قالوا: إن جرير بن عبد اللَه حين نافَرَه القضاعي أتى بفَرَسٍ فركبه من قِبَلِ وَحْشِيِّه، فقال له القضاعي: اسْتٌ لم تُعَوّد المِجْمَرَ، فقال جرير : الخيلُ ميامين، فذهبت مثلا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 247 1324- خذْهَا مِنْ ذِي قَبَلٍ وَمِنْ ذِي عَوْضٍ. أي فيما يستقبل، وعَوْض: اسم للدهر المستقبل، والهاء للخطة. يضرب عند التوعُّد والتهدُّد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 247 1325- الخَيْرُ عَادَة وَالشَّرُّ لَجَاجَةٌ. جعل الخير عادة لعَوْدِ النفس إليه، وحرصها عليه إذا أَلِفَتْه لطيب ثمره وحسن أثره، وجعل الشر لَجَاجة لما فيه من الاعوجاج ولاجْتِوَاء العقل إياه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 247 1326- اخْمَعِي وَتِيِسي. الْخَمَع: الظَّلَع، والخامعة: الضِّبُع لأنها تَخْمَع في مشيتها، والخطابُ في هذا المثل لها، [ص: 248] وتيسي: معناه كذبت، وقد مر شرحه في باب التاء. يضرب للمهذار. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 247 1327- الْخَازِبازِ أَخْصَبُ. هذا ذُبَاب يظهر في الربيع فيدل على خِصْب السنة، قال ابن أحمر يصف رَوْضَة: تَكَسَّرُ فَوْقَهَا القَلعُ السَّوَارِي ... وَجُنَّ الخَازِبَازِ بِهَا جُنُونَا ويروى "تفقأ" والمجنون من الشجر والعُشْب: ما طال طولا شديداً، فإذا صار كذلك قيل: جُنَّ جُنُوناً، قال المرقش: حتَّى إذا ما الأرْضُ زَيَّنَهَا النـ ... ـبتُ (النبت) وَجُنَّ رَوْضُهَا وأكم والخازبازِ: مبني على الكسر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 248 1328- خيْرُ المَالِ عَيْنٌ خَرَّارَةٍ فِي أَرْضٍ خَوَّارَةٍ. الخَرَّارة: التي لها خَرِير، وهو صوت الماء، والْخَوّارة: الأرض التي فيها لِينٌ وسهولة، يَعْنُون فضل الدَّهْقَنة (الدهقنة: التجارة) على سائر المعاملات. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 248 1329- خيْرُ الرِّزْقِ مَا يَكْفِي، وَخَيْرُ الذِّكْرِ الْخَفِي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 248 1330- خُذْ حَقَّكَ فِي عَفَافٍ، وَافِياً أَوْ غَيْرَ وَافٍ. يضرب في القَنَاعة باليسير. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 248 1331- خَالِصِ المُؤْمِنَ وَخَالِقِ الفَاجِرَ. أي لتخلص مودتك للمؤمن، فأما المنافق والفاجر فجامِلْهما ولا تَهْضِمْ دينَكَ، وهذا قريب مما قاله صعصعة بن صوحان لأخيه زيد بن صوحان: إذا لقيتَ المؤمن فخالصه، وقد مر في الباب الأول. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 248 1332- خيْرُهُ فِي جَوْفِهِ. أي إنك تَحْقِرُه في المَنْظَر، وتأتيك أنباؤه بغير ذلك. يضرب لمن تَزْدَريه وهو يُجاذبك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 248 1333- خَشْيَةٌ خيْرُ مِنْ وَادٍ حُبّاً. نصب "حُبّاً" على التمييز، أي لأَن تخشى خيرٌ من أن تحب، وهذا مثل قولهم: "رُهْبَاكَ خَيْرٌ من رُغْبَاك" ومثل قولهم: "فَرَقاً أَنْفَعُ من حُبٍّ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 248 1334- خِيَارُكُمْ خيْرُكمُ ْلأَهْلِهِ. يروى هذا في حديث مرفوع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 248 1335- خُذْ مِنْ فُلاَنٍ الْعَفْوَ. أي ما أمْكَن وجاء من غير كَدٍّ فاقبله. وما تَعَذَّر عليك فدَعْه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 248 ما جاء على أفعل من هذا الباب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 249 1336- أَخْطَبُ مِنْ سَحْبَانِ وَائِلٍ. وهو رجل من باهلَةَ، وكان من خطبائها وشعرائها، وهو الذي يقول: لَقَدْ عَلِمَ الحيُّ اليَمانُونَ أنَّنِي ... إذا قُلْتُ أَمَّا بَعْدُ أني خَطِيبُهَا وهو الذي قال لطلحة الطلحات الخُزَاعي: يَا طَلْحُ أكْرَمَ مَنْ بِهَا ... حَسَباً وَأَعْطَاهُمْ لِتَالِدْ مِنْكَ الْعَطَاُء فأَعْطِنِي ... وَعَلَيَّ مَدْحُكَ فِي المَشَاهِدْ فقال له طلحة: احْتَكِمْ، فقال: بِرْذَوْنك الأشهب الوَرْد، وغلامك الخباز، وقصرك بزرنج (زرنج: قصبة سجستان) وعشرة آلاف، فقال له طلحة: أُفٍّ لم تسألني على قدري، وإنما سألتني على قدرك وقدر باهلة، ولو سألتَنِي كلَّ قصر لي وعبد ودابة لأعطيتك، ثم أمر له بما سأل ولم يزده عليه شيئاً، وقال: تاللَه ما رأيت مسألة مُحَكَّم ألأمَ من هذا. وطلحة هذا: هو طَلْحَة بن عبد الله بن خلف الخزاعي، وأما طلحة الطلحات الذي يقال له طلحة الخير وطلحة الفَيَّاض، فهو طلحة بن عُبَيْد الله التَّيْمي، من الصحابة، ومن المهاجرين الأولين، ومن العشرة المسمَّيْنَ للجنة، وكان يكنى أبا محمد، رضي اللَه عنه!. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 249 1337- أَخْنَثُ مِنْ هِيتٍ. هذا المثل من أمثال أهل المدينة، سار على عهد رسول اللَه صلى اللَه عليه وسلم، وكان حينئذ بالمدينة ثلاثة من المُخَنَّثين: هيت، وهرم، وماتع، فسار المثل من بينهم بِهِيتٍ وكان المخنثون يدخلون على النساء فلا يُحْجَبُونَ فكان هيت يدخل على أزواج رسول اللَه صلى اللَه عليه وسلم متى أراد، فدخل يوماً دار أم سَلَمة رضي اللَه تعالى عنها ورسولُ الله صلى اللَه عليه وسلم عندهان فأقبل على أخي أم سَلَمة عبدِ الله بن أبي أمية يقول: إن فَتَح الله عليكم الطائفَ، فسَلْ أن تُنَفَّلَ بادية بنت غيلان بن سلمة بن معتب الثقفية فإنها مُبَتَّلة هيفاء، شَمُوع نَجْلاء، تَنَاصَفَ وجهها في القَسَامة، وتجزأ معتدلاً في الوسامة، إن قامت تَثَنَّتْ، وإن قعدت تبنت، وإن تكلمت تَغَنَّت، أعلاها قَضِيب، وأسْفَلُها كَثيب، إذا أقبلت أقبلت بأربع، وإن أدْبَرَتْ أدبرت بثمان، مع ثَغْر كالأقْحُوَان، [ص: 250] وشيء بين فخذيها كالقَعْب المكْفَأ كما قال قيس بن الخطيم: تَغْتَرِقُ الطَّرْفَ وَهْيَ لاهِيَةٌ ... كأنَّمَا شَفَّ وَجْهَها نزف بين شُكُولِ النِّسَاءِ خِلْقَتُهَا ... قَصْدٌ فلا جَبْلَةٌ ولا قَضَفُ فسمع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له: مالَك؟ سَبَاك الله! ما كنتُ أحسبك إلا من غير أولي الإرْبَةِ من الرجال فلذا كنت لا أحْجُبُك عن نسائي، ثم أمره بأن يسير إلى خَاخ، ففعل، ودخل في أثَرِ هذا الحديث بعضُ الصحابة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أتأذن لي يا رسولَ الله في أن أتبعه فأضرب عنقه؟ فقال: لا، إنَّا قد أُمِرْنا أن لا نقتل المُصَلِّين فبلغ خبرُه المخنثَ فقال: ذلك من النازدرين أي من مخرقي الخبر، وبقي هِيتٌ بخاخ إلى أيام عثمان رضي الله عنه. قلت: هذا تمام الحديث، وأما تفسيره فقد فسره أبو عُبَيْد القاسم بن سلام في غريبه فقال: أما قوله: "وإن قعدت تبنت" فالتبني: تباعُدُ ما بين الفخذين، يقال " تبنت الناقة" إذا باعدت ما بين فخذيها عند الحلب ويقال "تبنت" أي صارت كأنها بُنْيَان من عظمها، وقوله "تقبل بأربع" يعني بأربع عُكَن في بطنها، وقوله "وتدبر بثمان" يعني أطرافَ هذه العُكَن الأربع في جنبيها لكل عكنة طرفان، لأن العُكَن تحيط بالطرفين والجنبين حتى تلحق بالمَتْنين من مؤخر المرأة، وقال "بثمان" وإنما هي عدد للأطراف واحدها طرف وهو مذكر، لأن هذا كقولهم "هذا الثوب سبع في ثمان" على نية الأشبار، فلما لم يقل في ثمانية أشبار أتى بالتأنيث، وكما يقولون "صُمْنَا من الشهر خمساً" والصوم للأيام دون الليالي، فإذا ذكرت الأيام قيل "صُمْنا خمسة أيام" وقوله "تغترق الطَّرْف" أي تَشْغَل عين الناظرين إليها عن النظر إلى غيرها، ويقال: بل معناه أنها يُنْظَر إليها بالطرف كله، وهي لا تشعر، وقوله "شَفَّ وَجْهَها نَزَفُ" أي جَهَده، يريد أنها عَتيقة الوجهِ دقيقة المحاسن ليست بكثيرة لحم الوجه، والنزف: خروجُ الدم، أي أنها تضرب إلى الصُّفْرة، ولا يكون ذلك إلا من النعمة، والشُّكُول: الضروبُ، والْجَبْلَة: الكَزَّة الغليظة. وأما اسم هيت فقد اختلفوا فيه، قال بعضهم: هو هنب بالنون والباء، قال ابن الأعرابي: الهنب الفائقُ الحُمْقِ، وبه سمي الرجل هنبا، وقال الليث: قد صحف [ص: 251] أهلُ الحديث فقالوا هيت، وإنما هو هنب، وقال الأزهري: رواه الشافعي رحمه الله وغيره هيت - بالتاء - وأظنه صواباً، هذا كلامهم حكيته على الوجه، والله أعلم. وأما قولهم: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 249 1338- أخْنَثُ مِنْ دَلاَلٍ. فهو أيضاً من مُخَنَّثي المدينة، واسمه نافذ، وكنيته أبو يزيد، وهو ممن خصاه ابنُ حَزْم الأنصاري أميرُ المدينة في عهدِ سليمان بن عبد الملك، وذلك أنه أمر ابن حزم عامله أن أَحْصِ لي مخنثي المدينة، فتشظَّى قلمُ الكاتب فوقعت نقطة على ذروة الحاء فصيرتها خاء، فلما ورد الكتاب المدينة نَاوَله ابنُ حزم كاتبه فقرأ عليه "اخْصِ المخنثين" فقل له الأمير: لعله أحْصِ بالحاء، فقال الكاتب: إن على الحاء نقطةً مثل تمرة، ويروى مثل سهيل، فتقدم الأمير في إحضارهم، ثم خصاهم، وهو طُوَيْس، ودَلاَل، ونسيم السحر، ونومة الضحا، وبرد الفؤاد، وظل الشجر، فقال كل واحد منهم عند خِصائه كلمةً سارت عنه، فأما طويس فقال: ما هذا إلا خِتَان أعيد علينا، وقال دلال: بل هذا هو الخِتان الأكبر، وقال نسيم السحر: بالخصاء صرتُ مُخَنثا حقا، وقال نومة الضحا: بل صرنا نِساء حقا، وقال برد الفؤاد: استرحْنَا من حَمْل مِيزاب البَوْل، وقال ظل الشجر: ما يصنع بسلاح لا يستعمل، ومَرَّ الطبيبُ الذي خَصَاهم بابن أبي عَتيق، فقال له: أنْتَ خاصي دلال، أما والله إنْ كان لَيُجيد: لمن طَلَلٌ بذَاتِ الْجَز ... عِ أمْسى دارِساً خَلَقَا ومضى الطبيب، فناداه ابنُ أبي عتيق أنِ ارْجِعْ، فرجع، فقال: إنما عنيتُ خفيفَه لا ثقيله. قالوا: وكان يبلُغ من تخنُّث دلال أنه كان يرمي الجِمار في الحج بسُكَّر سليماني مزعفرا مُبَخَّرا بالعُود المطري، فقيل له في ذلك، فقال: لأبي مُرَّة (أبو مرة: كنية إبليس) عندي يَدٌ فأنا أكافئه عليها، قيل: وما تلك اليد؟ قال: حَبَّبَ إلي الأبنة. وقولهم: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 251 1339- أَخْنَثُ مِنْ مُصفَّرِ اسْتِهِ. هذا مثل من أمثال الأنصار كانوا يَكيدون به المهاجرين من بني مَخْزوم، حكى ذلك ابن جعدبة، وزعم أنهم كانوا يعنون بهذا المثل أبا جَهْل بن هشام، وقد كان يردع أليتيه بالزعفران لبَرَص كان هناك، فادعت الأنصار أنه إنما كان يطليها بالزعفران تَطْيِيباً [ص: 252] لمن كان يَعْلُوه، لأنه كان مَسْتُوها، قالوا: ولذلك قال فيه عتبة بن ربيعه: (وفي نسخة "عتبة بن مسعود") سيعلم مُصَفِّر استِهِ أينا ينتفخ سَحْرُهُ، فدفَعَتْ بنو مَخْزوم ذلك وقالت: فقد قال قيس ابن زهير لأصحابه يوم الهَبَاءة وهو يُرِيدهم على قَصِّ أثر حُذَيفة بن بدر: إن حُذَيفة رجل مُخْرَنِفج، ولكأني بالمُصَفَّر اسْتَهُ مستنقعا في جَفْر الهَبَاءة، قالوا: فينبغي أن تحكموا على حذيفة أيضا أنه كان مَسْتُوها مثفارا، ولم نر أحداً قطُّ قال ذلك، وقد ضرب أهلُ مكة المثلَ قبل الإسلام في التخنث برجل آخر من مشركي قريش لا أحب ذكره، وزعموا أنه كان مَؤُفاً، ورووا له هذا الشعر: يا جَوَارِي الحيِّ عُدْنَنِيَهْ ... حَجَبُوا عنِّي مُعَلِّلِيَهْ كَيْفَ تلحوني عَلَى رَجُل ... لَوْ سَقَاني سمَّ ساعَتِيَهْ لم أقُلْ غيظاً جهلت ولا ... عندها فاضَتْ مَدَامِعِيَهْ لم أقل إني مَلِلْتُ ولا ... إنَّ مَنْ أهْوَاه مَلَّنِيَهْ لو أصابَتْهُ مَنِيَّتُه ... شرِقَتْ عيني بِعَبْرَتِيَهْ قربوا عُودًا وبَاطِيَةً ... فبذا أدْرَكْتُ حَاجَتِيَهْ وقال قوم: إنما هذه كلمة تقال لأصحاب الدَّعَة والنَّعْمة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 251 1340- أَخْسَرُ صَفْقَةً مِنْ شَيْخ مَهْوٍ. مَهْو: بطنٌ من عبد القيس، واسم هذا الشيخ عبد الله بن بيدرة. ومن حديثه أن إياد كانت تُعَير بالفَسْو وتُسَبُّ به، فقام رجل من إياد بسوق عكاظ ذاتَ سنةٍ ومعه بُرْدَا حِبَرَة، ونادى ألا إني من إياد، فمن الذي يشتري عار الفَسْو مني ببُرْدَيَّ هذين، فقام عبد الله هذا الشيخ العبدي وقال: هاتهما، فاتَّزَرَ بأحدهما وارْتَدَى بالآخر، وأشهد الإياديُّ عليه أهلَ القبائل بأنه اشترى من إياد لعبد القيس عار الفَسْو ببردين، فشهدوا عليه، وآبَ إلى أهله، فسُئل عن البُرْدَيْن، فقال: اشتريت لكم بهما عارَ الدهرِ، فقال عبد القيس لإياد: إن الفُسَاةَ قبلنا إيَادُ ... ونَحْنُ لا نَفَسُو ولا نَكَادُ فقالت إياد: يَالَ لُكَيْز دَعْوَةٌ نُبْدِيهَا ... نُعْلِنُهَا ثُمَّتَ لاَ نُخْفِهَا كُرُّوا إلى الرِّحَال فَافْسُوا فيها ... [ص: 253] وقال بعض الشعراء في ذلك: يَامَنْ رَأَى كَصَفْقَةِ ابْنِ بَيْدَرَةْ ... من صَفْقَةٍ خَاسِرَة مُخَسِّرَةْ المُشْتَرِى الْعَارَ ببُرْدَىْ حِبَرَهْ ... شَلَّتْ يمينُ صَافِقٍ ما أخْسَرَهْ وكان المنذر بن الجارود العبدي رئيسَ البصرة، فقال يوماً: مَنْ يشتري مني عارَ الفسوة ينحكم على في السَّوْم، وكانت قبائل البصرة حاضرة، فقال رجل من مَهْو: أنا، فقال له المنذر: أثانيةً لا أم لك قد اشْتَرَيْتُموه في الجاهلية وجئتم تشترونه في الإسلام أيضاً، اعْزُبْ أقام اللَه ناعِيكَ. وقدم إلى عبد الملك بن مروان رجلان كلاهما مستحق للعقوبة، فبطَحَ أحدَهما فضَرَط الآخر، فضحك الوليد بن عبد الملك، فغضب عبدُ الملك وقال: أتضحك من حَدٍّ أقيمه في كجلسي؟ خذوا بيده، فقال الوليد: على رِسْلِكَ يا أمير المؤمنين، فإن ضحكي كان من قول بعض ولاة الأمر على مِنْبَر البصرة: واللَه لئن غَمَزْتُ حنيفةَ لَتَضْرطَنَّ عبدُ القيسِ، والمبطوح حنفي، والضارط عَبْدي، فضحك عبد الملك، وخَلَّى عنهما. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 252 1341- أخْيَلُ مِنْ وَاشِمَةِ اسْتِهَا. قال أبوعمرو: هي امرأة وشَمَتْ فرجها فاختالت على صواحباتها، ويقال: بل هي دُغَةُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 253 1342- أخْلَفُ مِنْ وَلَدِ الحمَارِ. يَعْنُون البغل، لأنه لا يشبه أباهُ ولا أمه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 253 1343- أَخْلَفُ مِنْ نَارِ الحُبَاحِب. ويقال أيضاً "من نار أبي حباحب" و "أخلف من وقود أبي حباحب". ومن حديثه - فيما ذكره ابن الكلبي - أنه كان رجلا من العرب في سالف الدهر بَخِيلاً، لا توقَدُ له نار بليل مخافة أن يُقْتَبَسَ منها، فإن أوقدها ثمَّ أبصرها مستضيء أطفأها، فضربت العرب بناره في الخلف المثلَ، وضربوا به في البخل المثل. وقال غير ابن الكلبي: الحباحب النارُ التي تُورِيها الخيلُ بسنابكها من الحجارة، واحتج بقول الله تعالى {فالمُورِيَاتِ قَدْحاً} . وقال قائل: الحباحبُ طائرٌ يطير في الظلام كقَدْرِ الذباب، له جناح يحمرُّ إذا طار به، يتراءى من البعد كشُعْلة نار. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 253 1344- أَخْلَفُ مِنْ صَقْرٍ. هذا من خُلُوف الفم، وهو تَغَيُّر رائحته. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 253 1345- أخْلفُ مِنْ عُرْقُوبٍ. هذا من خُلْفِ الوعد، وسنذكر قصته في حرف الميم عند قوله "مواعيد عرقوب". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 253 1346- أَخْلَفُ مِنْ شُرْبِ الكَمُّونِ. لأن الكمون يُمَنَّى السقيَ فيقال له: أتشرب الماء؟ ويقال أيضاً: مواعيد الكمون، كما يقال: مواعيد عرقوب، إلا أن الكمون مفعول لا فاعل، كما كان عرقوب في قولهم "مواعيد عرقوب" فاعلاً، قال الشاعر: إذا جِئْتَهُ يوماً أحالَ على غَدٍ ... كما يُوعَدُ الكَمُّونَ مَا لَيْسَ يَصْدُقُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 254 1347- أَخْلَفُ مِنْ بَوْلِ الْجَمَلِ. هذا من الخِلاَف، لا من الخُلْف، لأنه يبول إلى خَلْف. وقولهم: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 254 1348- أَخْلَفُ مِنْ ثِيلِ الْجَمَلِ. الثيل: وعاء قضيبه، وقيل ذلك فيه لأنه يخالف في الجهة التي إليها مَبَالُ كل حيوان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 254 1349- أخَفُّ مِنْ فَرَاشَةٍ. الفَرَاشة أكبر من الذباب الضخم، فإن أخَذْتَها بيدك صارت بين أصابعك مثل الدقيق، قال الشاعر: سَفَاهَةُ سِنَّوْرٍ وحِلْمُ فَرَاشَةٍ ... وَإنَّكَ مِنْ كَلْب المهارش أجْهَلُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 254 1350- أخَفُّ رَأْساً مِنَ الذِّئْبِ. قالوا: إن الذئب لا ينام كل نومه لشدة حَذَره، ومن شقائه بالسهر لا يكاد يخطئه مَنْ رماه، وإذا نام فتح إحدى عينيه، قال حميد: يَنَامُ بإحْدَى مُقْلَتَيْه، وَيَتَّقِي ... بأخْرَى الْمَنَايا فَهْوَ يَقْظَانُ هَاجِعُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 254 1351- أخَفُّ رَأْساً مِنَ الطَّائِرِ. قال الشاعر: يبيتُ الليلَ يَقْظَانا ... خَفِيفَ الرأس كَالطَّائِرْ وقولهم: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 254 1352- أَخَفُّ حِلْماً مِنْ عُصْفورٍ. هو أن العرب تضرب المثل بالعصفور لأحلام السخفاء، قال حسان: لاَ بَأْسَ بالقَوْمِ من طُوٍل ومن عِظَمٍ ... جِسْمُ البغالِ وَأحْلاَمُ الْعَصَافِيرِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 254 1353- أخَفُّ حِلْماً مِنْ بَعِيرٍ. هو من قول الشاعر: ذَاهِبٌ طُولاً وعَرْضاً ... وَهْوَ في عَقْلِ بَعِيرِ ومن قول الآخر: لقد عَظُمَ البعيرُ بغير لُبٍّ ... فلم يَسْتَغْنِ بالعِظَمِ البَعِيرُ يُصَرِّفُه الصبيُّ لكل وُجْهٍ ... ويَحْبِسُهُ على الخَسْفِ الْجَرِيرُ [ص: 255] وتَضْرِبُهُ الوليدَةْ بالهَرَاوَي ... فَلاَ غير لَدَيْهِ ولا نَكِيرُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 254 1354- أخَفُّ مِنَ الْجُمَّاحِ. هو سَهْم يلعبُ به الصبيان لا نَصْل له، يجعلون في رأسه مثل البُنْدُقة لئلا يعقر، وربما جعل في طرفه تمر مَعْلوك بقدر عفاص القارورة، وقوس الْجَمَّاح مثل قوس الندَّاف إلا أنها أصْغَر فإذا شب الغلام ترك الجُمَّاح وأخذ النبل. وأما قولهم: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 255 1355- أخَفُّ مِنْ يَرَاعَةٍ. فيجوز أن يُرَاد به الذي يطير بالليل كأنه نار، يقال: هو ذباب، فيكون كقولهم "أخف من فَرَاشة" ويجوز أن يراد به القَصَبَة، والجمع يَرَاع فيهما. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 255 1356- أخْفَى مِنَ المَاءِ تَحْتَ الرُّفَةِ. يعني التِّبْنة، قلت: هذا الحرف في كتاب حمزة بتشديد الفاء، وكذلك أورده الجوهري في الصحاح في قولهم "ورَدَت الإبل رفها" والصحيح أن الرُّفَةَ من الأسماء المنقوصة، والجمع رُفَات مثل قُلَة وقُلاَت وثُبَة وثُبَات. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 255 1357- أَخْفَى مِمَّا يُخْفي اللَّيْلُ. لأن الليل يستر كل شيء، ولذلك قالوا في المثل الآخر: الليلُ أخْفَى للويل، وفي مثل آخر: الليلُ أخْفَى والنهارُ أفضح، وأخْفَى: أفعل من قولهم: خَفَيْتُ الشيء، إذا كتمته، أخْفِيه خفيا، وليس من الإخفاء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 255 1358- أَخْرَقُ مِنْ حَمَامَةٍ. لأنها لا تُحْكِم عُشَّها، وذلك أنها ربما جاءت إلى الغصن من الشجرة فتبني عليه عشها في الموضع الذي تذهب به الريح وتجيء، فَبَيْضُها أضْيَعُ شيء، وما ينكسر منه أكثر مما يسلم، قال عَبِيد بن الأبرص: عَيُّوا بأمرهُم كَمَا ... عَيَّتْ بيضتها الْحَمَامَهْ جَعَلَتْ لها عُودَيْنِ من ... نَشَمٍ وآخَرَ من ثُمَامَهْ ويروى "وعُوداً من ثُمَامه" الجزء: 1 ¦ الصفحة: 255 1359- أخْرَقُ مِنْ نَاكِثَةِ غَزْلِها. ويقال: من ناقضة غَزْلها، وهي امرأة كانت من قريش يقال لها: أم رَيْطَة بنت كعب بن سعد بن تَيْم بن مُرَّة، وهي التي قيل فيها "خَرْقَاء وجَدَتْ صُوفاً" والتي قال الله عز وجل فيها {ولا تَكُونُوا كالتَّي نَقَضَتْ غَزْلَها من بعد قوّة أنكاثا} قال المفسرون: كانت هذه المرأة تغزل وتأمر جَوَاريَهَا أن يغزلن ثم تنقض وتأمرهن أن [ص: 256] ينقضن ما فتلن وأمررن، فضرب بها المثل في الْخُرْقِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 255 1360- أخْسَرُ مِنْ حَمَّالَةِ الْحَطَبِ. هي أيضا من قريش، وهي أم جَميل أختُ أبي سفيان بن حَرْب وامرأة أبي لَهَبٍ المذكورة في سورة {تّبَّتْ يَدَا أبي لَهَب} وفيها يقول الشاعر: جَمَعْتَ شَتَّى وقَدْ فَرَّقْتها جُمَلاً ... لأنْتَ أخْسَرُ من حَمَّاَلِة الْحَطَبِ أي أظهر خُسْرانا، وذلك أنها كانت تحمل العَضَاة والشَّوْكَ فتطرحُه في طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم ليَعْقِرَه، وقال قتادة ومجاهد والسدي: كانت تمشي بالنَّمِيمة بين الناس، فتلقى بينهم العَدَاوة وتهيج نارَها كما توقِد النارَ بالحطب، وتسمى النميمة حَطَباً، ويقال: فلان يَحْطِبُ على فلان، إذا كان يُغْرِي به، وقال: مِنَ الْبِيضِ لم تَصْطَدْ على ظهْرِ سَوْءَة ... ولم تَمْشِ بَيْنَ القوم بالحَطَبِ الرَّطْبِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 256 1361- أخْسَرُ مِنَ مَغْبُونٍ. مثل مُوَلَّد، ويقولون في مثل آخر: في اسْتِ المَغْبُونِ عُود. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 256 1362- أَخْيَبُ مِنَ القَابِضِ عَلَى المَاء. هذا مأخوذ من قول الشاعر: وَمَا أنْسَ مِنْ أشْيَاءَ لاَ أَنْسَ قَوْلَها ... تَقَدَّمْ فَشَيِّعْنَا إلى ضَحْوَةِ الْغَدِ فأصْبَحْت مِمَّا كَانَ بَيْنِي وبَيْنَهَا ... سِوَى ذِكْرِهَا كَالْقَابِضِ الْمَاءَ بِالْيَدِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 256 1363- أَخْيَبُ مِنْ حُنَيْنٍ. قد اختلف النسابون فيه، وقد ذكرت قول أبي عبيد وابن السِّكِّيت فيه في حرف الراء عند قولهم "رَجَع بخُفَّيْ حُنَين" وأما الشَّرْقي بن القطامي فإنه قال: كان حُنَين من قريش، وزعم أن أصل المثل أن هاشم ابن عبد مناف كان رجلا كثيرَ التقلُّبِ في أحياء العرب للتجارات والوِفادات على الملوك وكان نُكَحَة، فكان أوصى أهلَه أنه متى أتوا بمولود معه علامته قَبِلوه، وتصير علامة قبولهم إياه أن يَكْسُوه ثيابا، ويلبسوه خُفّاً، ثم إن هاشما تزوج في حيٍّمن أحياء اليمن، وارتحل عنهم، فوُلِد له غلام فسماه جَدُّه أبو أمه "حُنَيْناً" وحمله إلى قريش مع رَجُل من أهله، فسأل عن رهط هاشم، فَدُلَّ عليهم، فأتاهم بالغلام، وقال: إن هذا ابنُ هاشِمٍ، فطالبوه بالعلامة، فلم تكن معه، فلم يقبلوه، فرد الغلام إلى أهله فحين رَأَوْه قالوا: جاء بخُفِّ حُنَيْنٍ، أي جاء خائبا حين جاء في خف نفسه، أي لو قُبل لألبس خف أبيه. [ص: 257] وقال غيره: كان حنينا رجلاً عباديا من أهل دومة الكوفة وهي النجف محلة منها، وهو الذي يقول: أنَا حُنَيْنٌ وَدَارِي النَّجَفُ ... وما نَدِيمي إلا الْفَتَى القصف ليس نَدِيمِي المنجَلُ الصلف ... وكان من قصته أن دَعَاه قومٌ من أهل الكوفة إلى الصحراء ليغنيهم، فمضى معهم، فلما سَكِر سَلَبوه ثيابه وتركوه عُرْيانا في خُفَّيْهِ، فلما رجع إلى أهله وأبصروه بتلك الحالة قالوا: جاء حنين بِخُفَّيْهِ، ثم قالوا : أخَيْبُ من حُنَين، فصار مثلا لكل خائب وخاسر، ثم قالوا: أصحب لليأس من خفي حنين، فصار مثلا لكل يائس وقانط ومكدٍ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 256 1364- أخْلَى مِنْ جَوْفِ حِمَارٍ. و"أخرب من جوف حمار" قالوا: هو رجل من عاد، وجَوْفه: وادٍ كان يحله، ذو ماء وشجر، فخرج بنوه يتصيدون، فأصابتهم صاعقة فأهلكتهم، فكفر وقال: لا أعبد ربا فعل ذا ببنيَّ، ثم دعا قومَه إلى الكفر، فمن عَصَاه قتله، فأهلكه الله وأخرب واديه، فضربت العرب به المثل في الخراب والخلاء، وقالوا "أخْرَبُ من جوف الحمار" و "أخلى من جوف حمار" وأكثرت الشعراء ذكره في أشعارهم، فمن ذلك قول بعضهم: وَبِشُؤْمِ الْبَغْيِ وَالْغَشْمِ قَدِيماً ... ما خَلا جَوْفٌ ولم يبق حِمَار هذا قول هشام الكلبي. وقال غيره: ليس حمار ههنا اسمَ رجل، بل هو الحمار بعينه، واحتج بقول من يقول "أخلى من جوف العَيْر" قال: ومعنى ذلك أن الحمار إذا صِيدَ لم ينتفع بشيء مما في جوفه، بل يرمى به ولا يؤكل، واحتج أيضا بقول من قال "شَرُّ المالِ ما لا يزكى ولا يذكى" فقال: إنما عنى به الحمار، لأنه لا تجب فيه زكاة، ولا يُذْبَح فيؤكل، وقال أبو نصر في قول امرئ القيس: وَوَادٍ كَجَوْفِ الْعَيْرِ قَفْرٍ قَطَعْتُه ... العير عند الأصمعي: الحمار، يذهب إلى أنه ليس في جوف الحمار إذا صيد شيء ينتفع به، فجوف الحمار عندهم بمنزلة الوادي القفر الذي لا منفعة للناس والبهائم فيه. وقال: قال الأصمعي: حدثني ابن الكلبي عن فروة ابن سعيد عن عفيف الكندي أن هذا الذي ذكرته العرب كان رجلا من بقايا عاد يقال له "حمار بن مُوَيْلع" فعَدَلَت العرب عند تسميته عن ذكر الحمار إلى ذكر العَيْرِ لأنه في الشعر أخف وأسهل مَخْرَجا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 257 1365- أخْزَى مِنْ ذَاتَ النّحْيَيْنِ. قد ذكرتُ قصتها في حرف الشين عند قولهم "أشْغَلُ من ذات النَّحْيَيْنِ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 258 1366- أخْنَثُ مِنْ طُوَيْسٍ. ويقال "أشْأَمُ من طُوَيْس". الطاوسُ: طائر معروف، ويصغر على "طُوَيْس" بعد حذف الزيادات. وكان طويسٌ هذا من مُخَنَّثي المدينة، وكان يسمى طاوسا، فلما تخنث سمي بطويس، ويكنى بأبي عبد النعيم، وهو أول من غَنَّى في الإسلام بالمدينة، ونَقَر بالدُّفِّ المربع، وكان أخَذَ طرائقَ الغناء عن سبي فاس، وذلك أن عمر - رضي الله عنه - كان صَيَّرَ لهم في كل شهر يومين يستريحون فيهما من المهن، فكان طويس يَغْشَاهم حتى فهم طرائقهم، وكان مُؤفاً خليعا، يُضْحِك كل ثَكْلَى حَرَّى، فمن مَجَانَتِهِ أنه كان يقول: يا أهل المدينة، ما دُمْتُ بين أظهركم فتوقَّعوا خروج الدجال والدابة، وإن متُّ فأنتم آمِنون، فتدبروا ما أقول، إن أمي كانت تمشي بين نساء الأنصار بالنمائم، ثم ولدتني في الليلة التي مات فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفَطَمتني في اليوم الذي مات فيه أبو بكر، وبلغت الحُلَم في اليوم الذي قتل فيه عمر، وتزوجت في اليوم الذي قتل فيه عثمان، وولد لي في اليوم الذي قتل فيه علي، فَمَنْ مثلي؟ وكان يظهر للناس مافيه من الآفة غير محتشم منه، ويتحدث به، وقال فيه شعرا، وهو: أنا أبو عَبْد النعيم ... أنا طاوسُ الجحيم وأنا أشأم مَنْ دَبَّ ... على ظهر الْحَطيم أنا حاء ثم لام ... ثم قاف حشو ميم عني بقوله "حشو ميم" الياءَ، لأنك إذا قلت ميم فقد وقعت بين ميمين ياء، يريد أنا حلقي. ولما خصي طويس مع سائر المخنثين قال: ما هذا إلا ختان أعِيدَ علينا، وكان السبب في خصائهم أنهم كَثُروا بالمدينة فأفسدوا النساء على الرجال، وزعم بعضُهم أن سليمان بن عبد الملك كان مفرط الغَيْرة، وأن جارية له حَضَرته ذاتَ ليلةٍ قمراء وعليها حلي منعصفر، فسمع في الليل سميرا الأبليَّ يغني هذه الأبيات: وغادةٍ سَمِعَتْ صوتي فأرَّقَهَا ... من آخر الليل لما مَلَّهَا السَّهَرُ تُدْنِي على فخذيها من مُعَصْفَرَةٍ ... والحلْيُ دانٍ على لَبَّاتِهَا خضر لم يحجب الصَّوْتَ أحْرَاسٌ ولا غَلَق ... فدَمْعُهَا بأعَالِي الخدِّ يَنْحَدِرُ [ص: 259] في ليلة البدر ما يدري مُعَايِنُهَا ... أوَجْهُهَا عندَهْْ أبْهَى أم القَمَرُ لو خُلِّيَتْ لَمَشَتْ نَحْوِي على قدم ... تكادُ مِنْ رقةٍ للمَشْيِ تَنْفَطِرُ فاستوعب سليمان الشعر، وظن أنه في جاريته، فبعث إلى سمير فأحضره، ودعا بحجَّام ليخصيه، فدخل إليه عمر بن عبدِ العزيز وكلمه في أمره، فقال له: اسكت إن الفَرَسَ يَصْهَل فتستودق الحِجْرُ له، وإن الفحل يخطر فتضبع له الناقة، وإن التَّيْسَ ينبُّ فتستحرم له العنز، وإن الرجل يُغَنِّي فتَشْبَقُ له المرأة، ثم خصاه، ودعا بكاتبه فأمره أن يكتب من ساعته إلى عامله ابنِ حزم بالمدينة "أن أحْصِ المخنثين المغنين" فتشظَّى قلم الكاتب فوقعت نقطة على ذروة الحاء، فكان ما كان مما تقدم ذكره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 258 1367- أَخْبَثُ مِنْ ذِئْبِ الْخَمَرِ، وَأَخْبَثُ مِنْ ذِئْبِ الغَضَى. قال حمزة: العرب تسمي ضروباً من البهائم بضروب من المراعي تَنْسُبها إليها، فيقولون: أرنب الخلة، وضَبُّ السحا، وظبي الحلب، وتيس الربلة، وقنفذ برقة، وشيطان الحَمَاطة، وذلك كله على قدر طِباع الأمكنة والأغْذِية العاملة في طباع الحيوان، وفي أسجاع ابنة الخُسِّ: أخبثُ الذئابِ ذئب الغَضَى، وأخبث الأفاعي أفْعَى الجدب، وأسرع الظباء ظباء الحلب، وأشد الرجال الأعجف، وأجمل النساء الفَخْمة الأسيلة، وأقبح النساء الْجَهْمَة القفرة، وآكَلُ الدواب الرَّغُوث، وأطيب اللحم عوّذه، وأغْلَظُ المَوَاطئ الحَصَا على الصَّفَا، وشر المال ما لا يُزَكَّى ولا يُذَكى، وخير المال مُهْرَة مأمورة أو سكة مأبُورَة. قال: وعلى هذا المجرى حكاية حكاها ابن الأعرابي عن العرب، زعَم أنه قيل للبكرية: ما شجرة أبيك؟ فقالت: العَرْفَجَة إذا قُدِحَت التهبت، وإذا خليت قصبت، وقيل للقيسية: ما شجرة أبيك؟ فقالت: الخلة، ذليقة الدرة، حديدة الجرة، وقيل للتميمية: ما شجرة أبيك؟ فقالت: الإسليح رغوة وصريح، وسَنَام إطريح، تُفيئه الريح، وقيل للأسدية: ما شجرة أبيك؟ فقالن: الشرشر، وطب حشر، وغلام أشر، حشر: أي وسخ، ووسخ الوَطْب من اللبن يدعى حشراً. قلت: قوله "وطب حشر" كذا قرئ على حمزة بالحاء، وروى عنه والصواب جشر بالجيم، وكذا في التهذيب عن الأزهري، وفي الصحاح عن الجوهري: قال حمزة: [ص: 260] والسنام الإطريح: المرتفع، يقال: طَرَحَ القوم بناءهم، أي رفعوه وطَوَّلوه، والحلب: شجرة حلوة فلذلك ظباؤها أسرع، وأبطأ الظباء ظباء الحَمْضِ، لأن الحمض مالح. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 259 1368- أَخْوَنُ مِنْ ذِئْبٍ. ويقولون في مثل آخر: "مستودع الذئب أظلم" وفي مثل آخر: "مَنْ اسْتَرْعَى الذئبَ ظلم" وقال الشاعر : أخْوَنُ مِنْ ذِئبٍ بِصَحْرَاءِ هَجَرْ ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 260 1369- أخَبُّ مِنْ ضَبّ. ومنه اشتقُّوا قولهم: فلان خَبٌّ ضَبٌّ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 260 1370- أَخْيَلُ مِنْ غُرَابٍ. لأنه يَخُتال في مِشْيته. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 260 1371- أَخْيَلُ مِنْ مُذَالَة. يَعْنُون الأمة، لأنها تُهَان وهي تتبختر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 260 1372- أَخْيَلُ مِنْ ثَعْلَبٍ فِي اسْتِهِ عِهْنُهُ. قال حمزة: هذا مثل رَوَاه محمد بن حبيب ولم يفسِّره، ولا أعرف معناه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 260 1373- أَخْدَعُ مِنْ ضَبٍّ. التخدُّع: التواري، والمَخْدضع من هذا أخذ، وهو بيتٌ في جَوْف بيت يُتَوَارى فيه، وقالوا في الضب ذلك لتواريه وطول إقامته في جُحْره وقلة ظهوره. وقال أبو على لكذه: خدع الضب إنما يكون من شدة حَذَره، وأما صفة خدعه فأن يعمد بذنبه باب جُحْره ليضربَ به حيةً أو شيئاً آخر إن جاءه، فيجيء المتحرشُ فإن كان الضب مجربا أخرج ذنبه إلى نصف الجحر، فإن دخل عليه شيء ضربه، وإلا بقي في جحره، فهذا هو خدعه، قال الشاعر: وأخْدَعُ من ضَبٍّ إذا جاء حَارِشٌ ... أعَدَّ له عند الذنابة عَقْرَباَ وذلك أن بيت الضب لا يخلو من عقرب، لما من الألفة والاستعانة بها على المحترش، هذا قول أهل اللغة. وقال بعض أصحاب المعاني: العربُ تذكر الضبَّ والضبع والوحر والعقربَ في مجاري كلامها من طريق الاستعارة، فأما الضبُّ فإنهم يقولون: فلان خَبٌّ ضَبٌّ، فيشبهون الحقد الكامن في قلبه الذي يَسْرِي ضَرَرُه بخدع الضب في جحره، وأما الضبع فإنهم يجعلونها اسماً للسنة الشديدة، إذ كانت الضبعُ أفْسَدَ شيء من الدواب، فشبهوا بها السنة الشديدة التي تأكل المال، وأما الوحر فإنه دُوَيبة حمراء إذا جَثَمت تَلْزَق بالأرض فيقولون منه: وَحِرَ صَدْرُ فلانٍ، ذهبوا إلى التزاق الحقد بالصدر كالتزاق الوَحَرِ بالأرض وأما العقرب فإنهم يقولون: سَرَتْ عقاربُ [ص: 261] فلانٍ، وفلان تَدِبُّ عقاربه، إذا خَفِيَ مكان شره. قلت: والمثل أعني قولهم "أخدع من ضب" يضرب لمن تطلُبُ إليه شيئاً، وهو يَرُوغُ إلى غيره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 260 1374- أَخْطَأُ مِنْ ذُبَابٍ. لأنه يُلْقِي نفسَه في الشيء الحار، أو الشيء يلزق به فلا يمكنه التخلص منه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 261 1375- أَخْطَأُ مِنْ فَرَاشَةٍ. لأنها تُلْقِي نفسَها على النار. قلت: وأخطأ في المثلين من خَطِئ، لا من أخْطَأ، وهما لغتان، أنشد أبو عبيدة: يا لَهْفَ هِنْدٍ إذ خَطِئْنَ كَاهِلا ... أي أخطأن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 261 1376- أَخْبَطُ مِنْ حَاطِبِ لَيْلٍ. لأن الذي يحتطب ليلا يجمع كلَّ شيء مما يحتاج إليه وما لا يحتاج إليه، فلا يدري ما يجمع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 261 1377- أَخْبَطُ مِنْ عَشْوَاءَ. هي الناقة التي لا تُبْصِرُ بالليل، فهي تَطَأ كلَّ شيء، ويقال في مثل آخر "إنَّ أخا الخلاط أعشى بالليل" قالوا: الخِلاط القتالُ، وصاحب القتال بالليل لا يَدْرِي من يضرب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 261 1378- أَخْطَفُ مِنْ قِرِلَّى. قالوا: إنه طير من بنات الماء، صغير الجرم حديد الغَوْص سريع الاختطاف، ولا يرى إلا مُرَفْرِفاً على وجه الماء على جانب كطيران الحِدَأة يَهْوِي بإحدى عينيه إلى قَعْر الماء طمعاً، ويرفع الأخرى إلى الهواء حذراً، فإن أبصر في الماء ما يستقل بحمله من سمك أو غيره انقضَّ عليه كالسَّهْم المُرْسَل فأخرجه من قعر الماء، وإن أبصر في الهواء جارحاً مرَّ من الأرض. وكما ضربوا به المثل في الاختطاف، كذلك ضربوا به المثل في الحذر والحزم، فقالوا "أحْذَر من قِرِلَّى" كما قالوا "أحْذَر من غراب" وقالوا "أحزم من قرلى" كما قالوا: "أحزم من حِرْبَاءَ" وفي الأسجاع لابنة الْخُسِّ: كن حَذِراً كالقِرِلَّى، إن رأى خَيْراً تَدَلَّى، وإن رأى شراً تَوَلَّى. قال حمزة: وقد خالف رُوَاة النسب هذا التفسير فقالوا: قِرِلَّى هو اسم رجل من العرب، كان لا يتخلف عن طعام أحدٍ، ولا يترك موضع طمع إلا قصد إليه، وإن صادف في طريق يسلكه خصومة ترك ذلك الطريق ولم يمر به، فقالوا فيه "أطمع من قرلى" فهذا ما حكاه النسابون قي تفسير هذا المثل. [ص: 262] قال حمزة: وأقول أنا: خَلِيقٌ أن يكون هذا الرجل شُبِّه بهذا الطائر، وسمى باسمه، وقال الشاعر: يا مَنْ جَفَانِي ومَلاَّ ... نَسِيَت أهْلاً وسَهْلاَ وماتَ مَرْحَبُ لما ... رأيْتَ مَالِيَ قَلاَّ إني أطُنُّكَ تَحْكِي ... بمَا فَعَلْتَ الْقِرِلَّى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 261 1379- أخْشَنُ مِنَ الْجُذَيْلِ. تصغير جِذْل، وهي خشبة تُغْرَزُ في الأرض فتجيء الإبل الْجَرْباء فتحتكُّ بها. ويقولون: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 262 1380- أخْطَبُ مِنْ قُسٍّ، وَأَبْلَغُ مِنْ قُسٍّ. وقد ذكرته في حرف الباء قبلُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 262 1381- أخْجَلُ مِنْ مَقْمُور. يريدوم خَجَلَ الانكسار والاهتمام، كما قال الأخطل: كأنما العِلْجُ إذ أوجبت صفقتها ... خليع خصل نكيبٌ بين أقْمَارِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 262 1382- أَخْصَبُ مِنْ صَبيحَةِ لَيْلَةِ الظُّلْمَةِ. وذلك أنه أصابت الناسَ ليلةً ببغداد ريحٌ جاءت بما لم تأتِ به قطُّ ريحٌ، وذلك في أيام المهدي، فألفى ساجداً وهو يقول: اللهم احفظنا واحفظ فينا نبيك عليه السلام، ولا تُشَمِتْ بنا أعدائنا من الأمم، وإن كنت يا رب أخَذْتَ الناسَ بذنبي فهذه ناصيتي بيدك، فارحمنا يا أرحم الراحمين، في دعاء كبير حُفِظَ منه هذا، فلما أصبح تصدَّقَ بألف ألف درهم، وأعتق مائة رقبة، وأحجَّ مائة رجل، ففعل مثل ذلك جُلُّ قواده وبطانته والخيزران ومن أشبه هؤلاء، فكَان الناسُ بعد ذلك إذا ذكروا الخِصْبَ قالوا: أخْصَبُ من صبيحة ليلة الظلة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 262 المولدون. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 262 خَلِيفَةُ زُحَلَ. يضرب للقثيل. خاطَ عَلَيْنَا كِيسَا. خُذِ اللِّصَّ قَبْلَ أنْ يأْخُذَكَ. خُذْ بِيَدِي اليَوْمَ آخُذْ بِرِجْلِكَ غَداً. أي انْفَعنِي بقليل أنفعك بكثير. خُذْهُ بالمَوْتِ حَتَّى يَرْضَى بالحُمَّى. خُذْ مِنْ غَرِيمِ السُّوءِ أَجْرَهُ. خَاطَرَ مَنِ اسَتَغْنَى بَرْأْيِهِ. [ص: 263] خَفِيفٌ الشَّفَةِ. للقليل المسألة. خَفِيفٌ عَلَى القَلْبِ. للثقيل. خَصِيٌّ يَسْخَرُ مِنْ زُبِّ مَوْلاَهُ. خَلَّيْتُ عَنِ الجَاوَرْسِ لِئَلاَّ أحْتاجَ إِلىَ خصُومَةِ العَصَاِفيِر. خُذِ القَلِيلَ مِنَ اللئِيمِ وَذُمَّهُ. خَلِيلَيَّ إِنَّ العُسْرَ سَوْفَ يُفِيقُ. خَصِيمُ اللَّيَالِي والغَوَانِي مُظَلَّمٌ. خُذْ فِيما تَكُونُ. خَيْرٌ البُيُوعِ ناجِزٌ بِنَاجِزٍ. خَيْرُ المَالِ ما وَجَّهْتَهُ وَجْهَهُ. خَيْرُ الأعْمَالِ مَا كَانَ دِيمَةً. خُذْهُ قَبْلَ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْكَ. خَيْرُ النَّاسِ لِلنَّاسِ خَيْرُهُمْ لِنَفْسِهِ. خَيْرُ النَّاسِ مَنْ فَرِحَ لِلنَّاسِ بِالخَيْرِ. خَالِفْ هَوَاكَ تَرْشُدْ. الخُطُوبُ تَارَاتٌ. الخُرْقُ بِالرِّفْقِ يُلْجَمُ. الخِرْقَةُ مِنَ الشُّقَّةِ. الخَلُّ حَيْثُ لاَ ماءَ حَامِضٌ. الخِيَرَةُ فِيما يَصْنَعُ الله. الخُضُوعُ عِنْدَ الحَاجَة رُجُولِيَّة. الخَضِرُ مَعَه وَتَدٌ. يضرب للطائش الْجَوّال. الخَوْخُ أسْفَلُ. الخَصِيُّ ابْنُ مِائَةِ سَنَةٍ وَاسْتُهُ بِنْتُ عِشرِين. اخْتِمْ بِالطِّينِ مَادَامَ رَطْباً. الْخِلْمُ رَيْحَانَة، وَلَيْسَتْ بِقَهْرمانَة. أَخْرِجِ الطَّمَعَ مِنْ قَلْبِكَ، تَحُلَّ القَّيْد مِنْ رِجْلِك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 262 الباب الثامن فيما أوله دال, الجزء: 1 ¦ الصفحة: 264 1383- دَرْدَبَ لَمَّا عَضَّهُ الثَّقَافُ. يقال: دَرِب بالشيء، ودَرْدَبَ به، إذا اعتاده وضَرِىَ به، ودَرْدَبَ: أي خضع وذلَّ. والثِّقَافُ: خشبة تُسَوَّى بها الرماح. يضرب لمن يمتنع مما يُرَاد منه، ثم يَذِلُّ وينقاد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 264 1384- دُونَهُ بَيْضُ الأَنُوقِ. الأنوق: الرَّخَمة، وهي تضعُ بيضَها حيث لا يوصَلُ إليه بُعْداً وخَفَاء. يضرب للشيء يتعذر وجوده. ويُقَال أيضاً: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 264 1385- دُونَهُ النَّجْمُ. فيجوز أن يُرَاد به الجنسُ، ويجوز أن يراد به الثُّرَيَّا. وقد يقال: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 264 1386- دُونَهُ العَيُّوقُ. هو الكوكب المعروف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 264 1387- دَهَنْتَ وأحْفَفْتَ. يقال: حَفَّ رأسه يَحِفُّ حُفُوفا، إذا بَعُدَ عهدُه بالدهن، وأحْففته أنا. يضرب للرجل يحسن القولَ في وجهك ويَحْفِر لك من خلفك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 264 1388- أدْنَى حِمَارَيْكِ فَازْجُرِي. أي اهتمِّي بأمرك الأقرب، ثم تناولي الأبْعَدَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 264 1389- أَدْرِكِي القُوِيمَّةَ لاَ تَأْكُلْها الهُوِيمَّةُ. القُوِيمَّة: تصغير قَامَّة، ويعني بها الصبي، لأنه يقمُّ كلَّ ما أدرك يَجْعَلهُ في فيه، فربما أتى على بعض الهوامّ كالعقرب وغيرها، والقمُّ والاقتمام: الأكل، وأنَّث القامَّة أراد الصبية، وصَغَّرها، وخصها لضعفها وضَعْفِ عقلها، والْهُوَيمَّة: تصغير هَامَّةٍ، وهي ما هَمَّ ودب. يضرب في حفظ الصبي وغيره، والمراد به إدراك الرجل الجاهل لا يقع في هلكة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 264 1390- أَدْرَكَ أَرْبَابُ النِّعَم. أي جاء مَنْ له اهتمامٌ وعناية بالأمر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 264 1391- دُونَ ذَا ويَنْفُقُ الحمَارُ. زعم الشرقي وغيره أن إنسانا أراد بيع [ص: 265] حمار له، فقال لمشوِّر: أطر حماري ولك على جُعْل، فلما دخل به السوق قال له المشوّر: هذا حمارك الذي كنت تصيدَ عليه الوحشَ؟ فقال الرجل : دون ذا ويَنْفُقُ الحمار، أي الزم قولاً دون الذي تقول، أي أقلَّ منه، والحمار ينفُقُ الآن دون هذا التنفيق. والواو للحال، ويروى "دون ذا ينفق الحمار" من غير واو، أي ينفق من غير هذا القول. يضرب عند المبالغة في المدح إذا كان بدونه اكتفاء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 264 1392- دُرِّي دُبَسُ. قال ابن الأعرابي: تقول العرب للسماء إذا أخالت للمطر : دُرِّي دُبَسُ، وقال غيره: دُبَسُ اسم شاة. يضرب لمن يُكْثِرُ الكلامَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 265 1393- دَمِّثْ لِنَفْسِكَ قَبْلَ النَّوْم مُضْطَجَعا. ويروى "لجنبك" أي استعدَّ للنوائب قبل حلولها، والتدميث: التَّلْيين، والدَّمَاثة والدمث: الين، ويروى أن عائشة رضي الله تعالى عنها ذكرت عمر رضي الله تعالى عنه فقالت: كان والله أحْوَذيّاً نَسِيجَ وَحْدِهِ قد أعَدَّ للأمور أقْرَانَها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 265 1394- دَقَّكَ بِالمِنْحَاز حَبَّ القِلْقِلِ. ذكرت الأعراب القُدُم أن القِلْقِلَ شجيرة خضراء تنهض على ساق، ولها حب كحب اللوبيا حلو طيب يؤكل، والسائمة حريصة عليها. يوضع هذا المثل في الإذلال والحمل عليه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 265 1395- دُونَ ذَلِكَ خَرْطُ القَتَادِ. الخَرْطُ: قَشْرُكَ الوَرَقَ عن الشجرة اجتذاباً بكَفِّك، والقَتَاد: شجر له شوك أمثال الإبر. يضرب للأمر دونه مانع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 265 1396- أدْرِكْنِي وَلَوْ بِأحَدِ المَغْرُوَّيِنْ. المَغْرُوّ: السهم المَرِيشُ. قال المفضل: كان رجلان من أهل هَجَرَ أخوان ركب أحدهما ناقة صعبة، وكانت العرب تُحَمِّقُ أهل هَجَر، وأن الناقة جالت، ومع الذي لم يركب منهما قَوْس، واسمه هُنَين، فناداه الراكب منهما فقال: يا هُنَيْن ويلك أدركني ولو بأحد المغروَّيْنِ، يعني سهمه، فرماه أخوه فصَرَعه، فذهب قوله مثلا. يضرب عند الضرورة ونَفَاد الحيلة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 265 1397- الدَّمَ الدَّمَ والهَدَمَ الهَدَمَ. جعل الهَدْمَ هَدَماً محرك الدال متابعة لقوله "الدَّمَ الدَّمَ" يعني أني أُبايِعُكَ على أن دَمي في دمكِ وَهَدْمِي في هَدْمك، قاله [ص: 266] عطاء بن مصعب، ونصب "الدم" على التحذير، أي احذر سفكَ دمي، فإن دمي دمُك وكذلك هدمي هدمك. يضرب عند اسْتِجْلاَب منفعة للوِفاق والاتحاد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 265 1398- درَّتْ حَلُوبَةُ المُسْلِمِينَ. يعني بذلك فَيْأهم وخَرَاجَهم حين كثرا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 266 1399- أَدِرَّهَا وَإِنْ أَبَتْ. يضرب لمن يُلِحُّ في طلب الحاجة، ويُكْرِهُ المطلوبَ إليه على قضائها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 266 1400- دُهْ دُرَّيْنِ سَعْدُ القَيْنُ. هذا مثل قد تكلم فيه كثير من العلماء، فقال بعضهم: الأصل فيه أن العرب تعتقد أن العَجَمَ أهلُ مَكْر وخَديعة، وكان العجم يخالطوهم، وكانوا يَتَّجِرون في الدُّرِّ، ولا يحسنون العربية، فإذا أرادوا أن يُعَبروا عن العشرة قالوا: ده، وعن الثنين قالوا: دو، فوقع إليهم رجل معه خَرَزَات سود وبيض، فلَبَّسَ عليهم وقال: دُودُرَّيْن، أي نوعان من الدر، أو ده درين، أي قال عشرة منه بكذا، ففتشوا عنه فوجدوه كاذباً فيما زعم، فقالوا: دُهْ درين، ثم ضموا إلى هذا اللفظ "سعد القين" لأنهم عَرَفوه بالكذب حين قالوا: إذا سَمِعْتَ بِسُرَى القَيْن فإنه مُصْبح، فجمعوا بين هذين اللفظين في العبارة عن الكذب، وثنوا قولهم: "درين" لمزاوجة القين، فإذا أرادوا أن يعبروا عن الباطل تكلموا بهذا، ثم تصرفوا في الكلمة فقالوا: دهدرّ، ودهدنّ، ودهدار، وجعلوا كلها أسماء للباطل والكذب. وقال بعضهم: أصله "ده دو" فَثَنَّوه عبارة عن تضاعف معنى الباطل والمبالغة فيه، كما جمعوا أسماء الدواهي فقالوا: الأقْوَرِين، والفتكرين، والبرجين، إشارة إلى اجتماع الشرِّ فيه، ثم غيروا أوله عن دَهْ بالفتح إلى دُهْ بالضم ليكونوا قد تصرفوا فيه بوجه ما. قالوا: وموضع المثل نصب بإضمار أعني أو أبصر، ويجوز أن يكون رفعا على الابتداء، أي أنت صاحب هذه اللفظة، أو مثلُ مَنْ عُرِف بهذا، وسعد: رفع أيضاً على هذا التقدير، أي أنت سعد القين، وحذف التنوين لالتقاء الساكنين. قال أبو زيد في نوادره: يقال للرجل يُهْزَأ منه: ده درين، وطرطبين. قال أبو الفضل المنذري: وجدت عن أبي الهيثم دُهْ مضمومةً وسعد منصوبا، كأنه يريد يا سَعْد مضافاً إلى القين غير معرب، كأنه موقوف، قال: تقال هذه الكلمة عند تكذيب الرجل صاحِبَه. قال أبو الفضل: [ص: 267] وقال أبو عبيدة ده درين، قال: وإنما تركوا منها نون القين موقوفة، ولم ينونوا سعدا في هذا الموضع، ونصبوا ده درين على إضمار فعل ينصبه، وهو أعني، قال: وبعضهم يقولون "دُهْدُرَّيْ" بغير نون الاثنين، ومعناه عندهم الباطل، قال الأصمعي: ولا أدري ما أصله، قال أبو عبيد: وأما أبو زياد الكلابي فإنه قال: ده دريه، بالهاء، هذا ما قالوا فيه، ثم صار الدُّهْدُرُّ اسماً للباطل، ثم أبدلوا الراء نونا فقالوا: دُهْدُنٌّ، ومنه قول الراجز: لأجعلَنْ لابنة عثم فَنَّا ... حتى يكون مهرها دهدنا أي باطلا، ويقال أيضاً: دهدار بدهدار، أي باطل بباطل، وزعموا أن عدي ابن أرْطَأة الفزاري كتب إلى عمر بن عبد العزيز يخطب هندا بنت أسماء بن خارجة الفَزَاري، فكتب إليه عمر: أما بعد فإن الفزاري لا ينفك والسلام، فلما قرأ عدي الكتاب لم يدر ما أراد، فبعث إلى أبي عُيَيْنة ابن المهلب بن أبي صفْرة، وكان عَلاَّمة، فأقرأه الكتاب، فقال له: قد علمت ما أراد، قال: وما هو؟ قال: عَنَى قولَ ابن داره إن الفَزَاريَّ لا ينفكُّ مُغْتَلِما ... من النَّوَاكَة دُهْدَارا بدهدار يقول: باطلا بباطل، أي يأتي باطلا بسبب باطل، وكانت هند هذه تحت عبيد الله بن زياد، ثم زوجها بشر بن مَرْوَان حين قدم الكوفة أميراً، ثم تزوجها الحجاج ابن يوسف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 266 1401- ادْفَعِ الشَّرَّ عَنْكَ بِعُودٍ أَوْ عَمُودٍ. قال بعضهم: إذا أتاك سائلُكَ فلا تردَّه إلا بعطية قليلة أو كثيرة تقطع بها عنك لسانه فلا يذمك، وقال آخرون: ادْفَعِ الشرَّ بما تقدر عليه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 267 1402- دَعْ عَنْكَ نَهْباً صِيحَ فِي حَجَرَاتِهِ. النهب: المالُ المنهوب، وكذلك النُّهْبَى والحَجَرَاتُ: النواحي. يضرب لمن ذهب من ماله شيء ثم ذهب بعده ما هو أجَلُّ منه. وهذا من بيت امرئ القيس، قاله حين نزل على خالد بن سَدُوس بن أصمع النَّبْهَاني، فأغار عليه باعث بن حويص وذهب بإبله، فقال له جاره خالد: أعطني صنائعَكَ ورواحلك حتى أطلب عليها مالَكَ ففعل، فانطوى عليها، ويقال: بل لَحِقَ القومَ، فقال لهم: أغرتم على جاري يا بني [ص: 268] جَديلة، فقالوا: والله ما هو لك بجار، قال: بلى والله ما هذه الإبل التي معكم إلا كالرواحل التي تحتي؟ قالوا كذلك، فأنزلوه وذهبوا بها، فقال امرؤ القيس فيما هجاه به: وَدَعْ عَنْكَ نَهْباً صِيحَ فِي حَجَرَاتِه ... وَلكِنْ حَدِيثاً مَا حَدِيث الرَّوَاحِلِ يقول: دع النهبَ الذي انتهبه باعث، ولكن حدثني حديثاً عن الرواحل التي ذَهَبْتَ أنت بها ما فَعَلَتْ، ثم قال في هجائه: وأعْجَبَنِي مَشْيُ الْحُزُقَّةِ خَالِدٍ ... كَمَشْيِ أتَانٍ حُلِّئَتْ عن مَنَاهِلِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 267 1403- دَبَّ قَمْلُهُ. مثل يضرب للإنسان إذا سَمِن وحَسُن حالُه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 268 1404- الدَّالَّ عَلَى الْخَيْرِ كَفَاعله. هذا يورى في حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقال المفضل: أولُ مَنْ قاله اللُّجَيْجُ بن شُنَيف اليربوعي في قصة طويلة ذكرها في كتابه الفاخر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 268 1405- أَدْرَكَ أَمْراً بِجِنّهِ. أي بِحِدثان عهده وقُرْبه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 268 1406- دَعِ امْرأً وَمَا اخْتَارَ. يضرب لن لا يقبل وعْظَكَ، يقال: دَعْه واختياره، كما قيل: إذا المرءُ لم يدر ما أمكنه ... ولم يأتِ من أمْرِهِ أزْيَنَهْ وأعْجَبَه العجب فاقْتَادَهُ ... وتَاهَ به التيهُ فاسْتَحْسَنَهْ فدَعْهُ فقد ساء تَدْبِيرُهُ ... سَيَضْحَكُ يَوْماً ويبكي سَنَةْ ونكَّر قوله "امْرَأَ" لأنه أراد بالنكرة العمومَ كقوله تعالى {آتِنَا في الدنيا حَسَنةً وفي الآخرة حسنة} والواو في قوله "وما اختار" بمعنى مع، أي اتْرُكْهُ مع اختياره وكِلْه إليه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 268 1407- دَرْدَبَهُ دَرْدَبَةَ العَلُوقِ. وهي التي تمنع ولَدَها رَضَاعَهَا، ودَرْدَبَتُها: عَطْفُها ورَأْمها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 268 1408- دُرِّي عُقَابُ بلبَنٍ وَأَشْخَابٍ. أشْخَاب: جمع شخب، وهو، ما امتدَّ من اللبن إذا خرج من الضَّرع، وعُقَاب: اسم ناقة، وهذا من أمثال المخنثين، وقد مر في حرف الحاء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 268 1409- ادْعُ إِلَى طِعَانكَ مَنْ تَدْعُو إِلَى جِفَانِكَ. أي استعمل في حوائجك مَنْ تخصّه بمعروفك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 268 1410- الدَّلْوُ تَأْتِي الغَرَبَ المَزَلَّة. الغَرَب: مَخْرَج الماء من الحوض، يقول: تأتي الدلو على غير وجهتها، وكان يحب أن تأتي الازاء. وقائل هذا المثل بِسْطَام بن قَيْس أُرِيَهُ في منامه ليلة قتل في صبيحتها، فقال له نقيذ: هلا قلت "ثم تعود باديا مُبْتَلَّة" فتكسر الطيرَةَ عنك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 269 1411- دَرِّبِ البَهْمَ بالرَّمِّ. أي عَوِّدها الرَّعْيَ تدرب به. يضرب في تأديب الرجل ولدهُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 269 1412- دَعْنِي رَأْساً بِرَأْسٍ. يضرب لمن طلبت إليه شيئاً فطلب منك مثله، قال الشاعر: أنا الرجلُ الذي قد عِبْتُمُوهُ ... وما فيه لَعَّيابٍ مَعَابُ دَعُونِي عنكمُ رَأْساً بِرَأسٍ ... قَنَعْتُ من الغنيمة بالإيَابِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 269 1413- أَدْنَى الْجَرْيِ الْخَبَبُ. أي إذا خَبَبْتَ في الخير فقد جَرَيْتَ فيه. يضرب في الأمر بالمعروف والخير. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 269 1414- دَعْ عَنْكَ بُنَيَّاتِ الطَّرِيقِ. أي عليك بمُعْظَم الأمر، ودَعِ الروغان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 269 1415- أَدْخَلُوا سَوَاداً فِي بَيَاضٍ. يضرب في التخليط، أي دخمسوا وصَنَعُوا أمرا أرادوا غيرَه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 269 1416- دَعَا القَوْمَ النَّقَرَي. أي الدعوة النَّقَري، يعني الخاصَّة، وأصله من "نَقَر الطيرُ" إذا لَقَطَ من ههنا وههنا، و "انتقر الرجُلُ" إذا فعل ذلك. يضرب لمن اختصَّ قوما بإحسانه، قال عمرو بن الأهتم: ولَيْلَةٍ يَصْطلَىِ بالفَرْث جازِرُها ... يختصُّ بالنَّقَرَي المُثْرِينَ دَاعِيهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 269 1417- دَافِعِ الأيَّامَ بِالْقُرُوضِ. أي أقرض الدهر، وكل قليلا قليلا. يضرب في حفظ المال. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 269 1418- دُونَ غُلَيَّان خَرْطُ القَتَادِ. غُلَيَّان: اسمُ فَحْلٍ. يضرب للممتَنِع. وكان في النسخ المعتمدة غليان بالغين المعجمة، وفي شعر أبي العلاء بالعين غير المعجمة في قوله: إذا أنا عَالَيْتُ القَتُودَ لرحْلَةٍ ... فدون عُلَيَّانَ الْقَتَادَةُ والْخَرْطُ قالوا: هو فحل لكليب بن وائل، ولما عَقَر كليبٌ ناقةَ جارة جَسَّاس، قال جساس: [ص: 270] ليُقْتَلَنَّ غدا فحلٌ هو أعظم من ناقَتِكِ، فبلغ ذلك كليبا فظَنَّ أنه يعني فحله الذي يسمى غُلَيَّان، فقال: دون غُلَيان - المثلَ، وكان جَسَّاس يعني بالفحل نفسَ كليبٍ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 269 1419- دَعِ الشَّرَّ يَعْبُرْ. قاله المأمون لرجل اغتاب رجلا في مجلسه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 270 1420- دَمْعَةٌ مِنْ عَوْرَاءَ غَنِيمَةٌ بارِدَةٌ. أي من عينٍ عَوْرَاء. يضرب للبخيل يصلُ إليك منه القليل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 270 1421- دَعِ القَطَا يَنَمْ. يضرب في ترك أمرٍ يهمّ بإمضائه. ذكر أن بعض أصحاب الجيوش أراد الإيقاع بالعدو، فاستطلع رأي الذي فوقه في ذلك، فوقع في كتابه "دَعِ القطا ينم". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 270 1422- أَدْبَرَ غَرِيرُهُ وَأَقْبَلَ هَرِيرهُ. الغَرير: الخُلُق الحسن، والهرير: الكراهية، أي ذهب منه ما كان يَغُرُّ ويعجب، وجاء ما يكره منه من سوء الخلق وغير ذلك. يضرب للشيخ إذا ساء خُلُقه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 270 1423- دُونَ كُلِّ قُرَيْبَي قُرْبَى. يضرب لمن يسألك حاجة وقد سألَكَهَا مَنْ هو أقرب إليك منه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 270 1424- دِيكُهُ يَلْقُطٌ الْحَبَّ. ويروى "يلتقط الحصا". يضرب للنمام. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 270 1425- دَلَّ عَلَيْهِ إِرْبُهُ. قال أبو عمرو: يقال للرجل الدميم تقتحمه العين ولا يُؤْبَنُ بشيء من النجدة والفضل : دل عليه إربه، أي عَقْله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 270 1426- دَعِ العَوْرَاءَ تَخْطَأْكَ. أي الخصلَةَ القبيحة، أو الكلمة الشنعاء وتخطأك - بالهمزة - من قولهم: أرَدْتُكم فخَطِئْتكم، أي تجاوزتكم. قيل: هذا أحْكَمُ مثل ضربته العرب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 270 1427- دَعِ المَعَاجِيلَ لِطِمْلٍ أَرْجَلَ. المعاجيل: جمع مَعْجَل، وهو الطريق المختصر إلى المنازل والمياهِ، كأنه أعجل عن أن يكون مبسوطا، والطِّمْل: اللص الخبيث، والأرْجَلُ: الصلب الرِّجْل الذي لا يكاد يَحْفَى. يضرب في التباعد عن مواضع التُّهَمِ، أي دعها لأصحابها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 270 1428- دَأْمَاءُ لاَ يُقْطَعُ بِالأرْمَاثِ. الدأماء: البحر، والرِّمْث: خَشَبات [ص: 271] يُضم بعضُها إلى بعض ثم تركب في البحر للصيد وغيره. يضرب في الأمر العظيم الذي لا يركبه إلا مَنْ له أعوان وعُدَدٌ تليق به. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 270 1429- دَهْوَرَ نَبْحاً واسْتُهُ مُبْتَلَّةٌ. الدهورة: نُبَاح الكلب من فَرَق الأسد ينبح ويَضْرُط ويَسْلَح خوفاً منه. يضرب لمن يتوعَّدُ من هو أقوى منه وأمنع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 271 1430- دَمُ سِلاَغٍ جُبَار. هذا رجل من عبد القيس له حديث، ولم يذكر حمزة أكثر من هذا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 271 1431- دَعِ الْكَذِبَ حَيْثُ تَرَى أَنَّهُ يَنْفَعُكَ فإِنَّهُ يَضُرُّكَ، وَعَلَيْكَ بِالصِّدْقِ حَيْثُ تَرَى أَنَّهُ يَضُرَّكَ فإِنّه يَنْفَعُكَ. يضرب في الحث على لزوم الصدق حتى يصير عادة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 271 1432- دَارٌ مِنْ رُهاً. قال أبو الندى: رُهَا قبيلَةٌ، ورها بلد أيضاً. (في القاموس أن رهاء - كسماء - حي من مذحج، ورها - كهدى - بلد) يضرب لمن تستخبره فيخبرك بما تعرفه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 271 1433- الدِّينُ النَّصِيحَةُ. الأصل في النصيحة التلفيق بين الناس، من النصح وهو الخياطة، وذلك أن تلفق بين التفاريق، وهذا من حديثٍ يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتمامه "قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم" قالت العلماء: النصيحة لله أن يُخْلِصَ العبدُ العملَ لله، والنصيحة لرسوله أن يَصْفُوَ قلبُه في قبول دعوة النبوّة ولا يضمر خلافها، والنصيحة للمسلمين أن لا يتميزوا عنه في حال من الأحوال، وقيل: النصيحة لأءمة المسلمين أن لا تَشُقَّ عَصَاهم، ولا يعقَّ فتواهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 271 1434- دَغْرَى لا صَفَّي. ويروى "دَغْراً لا صفاً" فدَغْرَي: لغةُ الأزد، ودَغْراُ: لغة غيرهم، والمعنى: ادغروا عليهم، أي احملوا ولا تصافوهم. يضرب في انتهاز الفرصة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 271 1435- دِمَاءُ المُلُوكِ أَشْفَى مِنَ الكَلَبِ. أصل الكَلَب الشدَّةُ، وكلبة الشتاء: شدة برده، والكَلب الكَلِب: الذي يَكْلَبُ بلحوم الناس، ويروى "دماء [ص: 272] الملوك شِفَاءُ الكلب" تزعم العرب أن مَنْ كان به كَلَب من عَضِّ الكَلْب الكَلِب - وهو شيء شبيه بالجنون يعترى من عضة ذلك الكلب - ثم إذا سقي دماء الملوك شفي، ودفع بعضُ أصحاب المعاني هذا، فقال: معنى المثل أن دمَ الكريم هو الثأرُ المُنِيمُ، كما قال القائل: كلبٌ من حس ما قد مسه ... وأفانين فؤاد مختبل وكما قيل: كَلِبٌ بِضَرْب جَمَاجم ورِقَابِ ... قال: فإذا كلب من الغيظ والغضب، فأدرك ثأره فذلك هو الشفاء من الكلب، لا أن هناك دَماً يُشْرب في الحقيقة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 271 1436- الدَّهْرُ أَبْلَغُ في النَّكِيرِ. يعني بالنكير الإنكار والتغيير، يريد أن الدهر يغير ما يأتي عليه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 272 1437- الدَّهْرُ أَطْرَقُ مُسْتَتِبُّ. أي مُطْرِق مُغْضٍ منقاد، قال بشار ابن بُرْد: عَامِ لا يَغْرُرْكَ يَوْمٌ من غدٍ ... عامِ إِنَّ الدَّهْرَ يُغْضِي وَيَهبْ صَادِ ذَا الضِّغْنِ إلى غِرَّتِهِ ... وَإِذَا دَرَّتْ لَبُونٌ فَاحْتَلِبْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 272 1438- الدَّهْرُ أرْوَدُ مُسْتَبِدٌ. أي لَيِّنُ المعاملة غالبٌ على أمره، وهذا كقول ابن مُقْبل: إنْ يَنْقُضِ الدَّهْرُ مِني مرَّةً لِبلى ... فالدهر أرْوَدُ بالأقْوَامِ ذُو غِيَرِ أرود: أي يعمل عملَه في سكون لا يشعر به، ويقال: المستبد الماضي في أمره لا يرجع عنه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 272 1439- الدَّهْرُ أَنْكَبُ لاَ يُلِبُّ. ويروى "أنكث لا يلث" أنكب: من النَّكْبة، أي كثير النكبات، والصحيح أن يقال: أنكب من النكَب، وهو المَيْلُ، يعني أنه عادل عن الاستقامة، لا يقيم على جهة واحدة، وأنكث: أي كثير النكث والنقض لما أبْرَمَ، وألثَّ مثل ألبَّ في المعنى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 272 ما جاء على أفعل من هذا الباب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 273 1440- أَدَقُّ مِنْ خَيْطِ باطِلٍ. فيه قولان: أحدهما أنه الهَبَاء يكون في ضَوْء الشمس فيدخل من الكَوَّة في البيت، والثاني أنه الْخَيْطُ الذي يخرج من فم العنكبوت، ويسميه الصبيان مُخَاط الشيطان، وهذا القول أجود، وقال الجوهري: خيط باطل، ولعاب الشمس، ومخاط الشيطان، واحدٌ، وكان لقب مروان بن الحكم خيط باطل، وذلك أنه كان طويلا مضطرباً، فلقب به لدقته، وفيه يقول الشاعر: لَحَا اللَه قَوْماً مَلَّكُوا خَيْطَ باطلٍ ... عَلَى الناسِ يُعْطِي مَنْ يَشَاء ويَمْنَعُ والطويل أيضاً يلقب بظل النعامة، كما يلقب بخيط باطل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 273 1441- أدَقٌّ مِنَ الشُّخْبِ. هو ما يخرج من ضَرْع الشاة كالشَّعْرة من اللبن إذا بدئ بحَلْبها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 273 1442- أدَقُّ مِنَ الطَّحِينِ. هذا أفعل من المفعول، وهو المدقوق، وما تقدم فمن الدِّقَّة، وهذا من قول الشاعر الحطيئة يخاطب أمه: وَقَدْ مُلِّكْتِ أمْرَ بَنِيكِ حَتَّى ... تَرَكْتِهِمُ أدَقَّ مِنَ الطَّحِينِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 273 1443- أَدَبُّ مِنْ ضَيْوَنٍ. الضَّيْوَن: السِّنَّوْرُ الذكر، وكان القياس أن يقال: ضَيَّن، وهذا من التصحيح الشاذ وتصغيره ضُيَيِّن، وبعضهم يقول: ضُيَيْوِن، قال الشاعر: أدَبُّ بالليلِ إلى جارِهِ ... مِنْ ضَيْوَنٍ دَبَّ إلى فرْنَبِ (القرنب: الفأرة، أو اليربوع، أو ولد الفأرة من اليربوع، وأوله قاف مفتوحة أو فاء مكسورة) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 273 1444- أَدَبُّ مِنْ قَرَنْبَى. وهي دُوَيْبة شبه الخنفَسَاء، قال الشاعر ألا يا عباد الله قَلْبِي مُتَيَّمٌ ... بأحْسَنِ مَنْ يمشي وأقبحهم بَعْلاَ يَدِبُّ على أحْشَائها كلَّ ليلةٍ ... دَبِيبَ القَرَنْبَى باتَ يَعْلُو نَقاً سَهْلاَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 273 1445- أَدْنَأُ مِنَ الشِّسْعِ. من الدَّنَاءة، هذا إذا همزوه، فإذا تركوا الهمز يقولون: أدنى إلى المرء من شِسْعِه، للشيء القريب منه جداً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 273 1446- أَدَلُّ مِنْ حُنَيْفِ الْحَنَاتِمِ. هو رجل من بني تَيْم اللات بن ثَعْلبة كان دليلا ماهراً بالدلالة، حكى هذا المثل أبو عبيدة. وكذا يقولون: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 273 1447- أَدَلُّ مِنْ دُعَيْمِيصِ الرَّمْلِ. هو اسم رجل، كان دليلا خِرِّيتاً داهياً. يضرب به المثل، فيقال: هُوَ دُعَيْمِيصُ هذا الأمرِ، أي عالم به. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 274 1448- أَدْهَى مِنْ قَيْسِ بْنِ زُهَيْرٍ. هو سيد عَبْس، وذكر من دَهَائه أشياء كثيرة: منها أنه مَرَّ ببلاد غَطَفان فرأى ثروة وعديداً، فكره ذلك، فقال له الربيع ابن زياد العبسي: إنه يَسُوءك ما يسرُّ الناس فقال له: يا ابن أخي إنك لا تَدْرِي أن مع الثروة والنعمة التحاسد والتباغض والتخاذل، وأن مع القلة التعاضد والتوازر والتناصر. ومنها قوله لقومه: إياكم وصَرَعَاتِ البغي، وفضحات الغدر، وفَلَتَات المزح. وقوله: أربعة لا يُطَاقون: عبد مَلَكَ، ونذل شبع، وأمة ورثت، وقبيحة تزوجَتْ. وقوله: المنطق مَشْهرة، والصمت مَسْتترة. وقوله: ثمرة اللَّجَاجة الحيرة، وثمرة العجلة الندامة، وثمرة العُجْب البغضة، وثمرة التواني الذلة. وأما قولهم: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 274 1449- أَدْنَفُ مِنَ الْمُتَمَنِّي. فسيأتي ذكره مستقصىً في حرف الصاد عند قولهم "أصَبُّ من المتمنية". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 274 1450- أدَمُّ مِنْ بَعْرَةٍ، وَأَدَمُّ مِنَ الوِبَارَةِ. وهي جمع وبر، وهو دويبة مثل الهرة، طحلاء اللون لا ذَنَبَ لها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 274 المولدون. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 274 دِعَامَةُ العَقْلِ الحِلْمُ. دُنْيَاكَ مَا أنْتَ فِيِه. دَخَلَ فُضُولِيُّ النَّارَ، فَقَالَ: الحَطَبُ رَطْبٌ. دَلَّ عَلَى عَاقِلٍ اخْتِيَارُهُ. دَعِ اللَّوْمَ، إِنَّ اللَّوْمَ عَوْنُ النَّوَائِبِ. دَوَاءُ الدَّهْرِ الصَّبْرُ عَلَيْه. دَعِ المِرَاءَ وَإِنْ كُنْتَ مُحِقًّا. دَعُوا قَذْفَ المُحْصَنَاتِ، تَسْلَمْ لَكُمُ الأمَّهَات. الدَّرَاهِمُ أَرْوَاحٌ تَسِيلُ. الدَّابَّةُ تُسَاوِي مِقْرَعَة. الدُّنْيَا قَنْطَرَةٌ. الَّدَراِهُم َمَراهِمُ. الدُّنْيَا قُرُوضٌ ومُكَافَآت. الدَّرَجَةُ أَوْثَقُ مِنَ السُّلَّم. يضرب في اختيار ما هو أحْوَطُ. الدِّينَارُ القَصِيرُ يَسْوَى دَرَاهِمَ كَثِيرَة. يضرب للشيء يستحقر ونفعه عظيم. الدَّرَاهِمُ بالدَّرَاهِمِ تُكْسَبُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 274 الباب التاسع فيما أوله ذال. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 275 1451- ذَهَبَ أَمْسِ بِمَا فِيهِ. أول من قال ذلك ضَمْضَم بن عمرو اليَرْبُوعي، وكان هَوِىَ امرأةً، فطلبها بكل حيلة، فأبت عليه، وقد كان غر بن ثعلبة ابن يربوع يختلف إليها، فاتبع ضمضمٌ أثَرَهما وقد اجتمعا في مكان واحد فصار في خَمَر إلى جانبهما يراهما ولا يريانه، فقال غر: قديماً تُوَاتِيِني وتأبى بنفسها ... على المرء جَوّاب التَّنُوفَةِ ضَمْضَمِ فشد عليه ضمضم فقتله، وقال: ستعلم أني لست آمن مبغضا ... وأنَّكَ عَنْهَا إن نأيْتَ بمَعْزِلِ فقيل له: لِمَ قتلت ابن عمك؟ قال : ذهب أمس بما فيه، فذهب قولُه مثلاً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 275 1452- ذَرِي بِمَا عِنْدَكِ يَالَيْغَاءُ. ذَرِي: أي أبِينِي ذَرْواً من كلامك أستدلُّ به على مُرَادك، واللَّيغاء: تأنيث الأليغ، وهو الذي لا يُبِين كلامه. يضرب لمن يكتم صاحبَه ذاتَ نفسِه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 275 1453- ذَكَّرَنِي فُوكِ حِمَارَيْ أَهْلِي. أصله أن رجلا خَرَجَ يطلبُ حمارين ضلاَّ له، فرأى امرأة مُنْتَقِبة، فأعجبته حتى نَسِيَ الحمارين، فلم يزل يطلب إليها حتى سَفَرَتْ له، فإذا هي فَوْهَاء، فحين رأى أسَنَاَنَها ذكر الحمارين، فقال : ذكرني فوكِ حماري أهلي، وأنشأ يقول: لَيْتَ النِّقابَ على النساء محرَّمٌ ... كَيْلاَ تَغُرَّ قبيحةٌ إنساناً الجزء: 1 ¦ الصفحة: 275 1454- ذَهَبُوا أَيْدِي سَبا، وَتَفَرَّقُوا أَيْدِي سَبا. أي تفرقوا تفرقاً لا اجتماع معه. أخبرنا الشيخ الإمام أبو الحسن علي ابن أحمد الواحدي، أخبرنا الحاكم أبو بكر محمد بن إبراهيم الفارسي، أخبرنا أبو عمرو ابن مطر، حدثنا أبو خليفة، حدثنا أبو همام، حدثنا إبراهيم بن طهمان، عن أبي جناب، عن يحيى بن هاني، عن فروة بن مسيك، قال: أتيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله أخبرني عن سَبَأ أرجلٌ هو أم امرأة، فقال: هو رجل من العرب، ولد عَشَرَةً، تَيَامَنَ منهم ستة، وتشاءَمَ منهم أربعة، فأما الذين تيامَنُوا فالأزد وكِنْدَة [ص: 276] ومَذْحِج والأشعرون وأنمار منهم بجيلة، وأما الذين تشاءموا فعَامِلة وغَسَّان ولَخْم وجُذام، وهم الذين أرسل عليهم سَيْل العَرِم، وذلك أن الماء كان يأتي أرض سبأ من الشِّحْر وأودية اليمن، فرَدَمُوا رَدْما بين جبلين، وحبسوا الماء، وجعلوا في ذلك الردم ثلاثة أبواب بعضُها فوقَ بعض، فكانوا يسقون من الباب الأعلى، ثم من الثاني، ثم من الثالث، فأخْصَبُوا، وكثرت أموالهم، فلما كَذَّبوا رسولهم بعث الله جُرَذا نقبت ذلك الردمَ حتى انتقض، فدخل الماء جَنَّتَيْهم فغرقهما، ودفن السيلُ بيوتهم، فذلك قوله تعالى {فأرسلنا عليهم سيل العرم} والعرم: جمع عرمة، وهي السِّكْرُ الذي يحبس الماء، وقال ابن الأعرابي: العَرِم السيلُ الذي لا يُطَاق، وقال قتادة ومقاتل: العرم اسم وادي سبأ. وأخبرنا الإمام على بن أحمد أيضاً، أخبرنا أبو حسان المزكى، أخبرنا هرون بن محمد الاستراباذي، أخبرنا إسحاق بن أحمد الخزاعي، أخبرنا أبو الوليد الأزرقي، حدثنا جدي، حدثنا سعيد بن سالم القَدَّاح عن عثمان بن ساج عن الكلب عن أبي صالح قال: ألقت طريفة الكاهنة إلىعمرو بن عامر الذي يقال له مُزَيْقيا بن ماء السماء، وهو عمرو بن عامر بن حارثة بن ثعلبة بن امرئ القيس بن مازن بن الأزد بن الغَوْث ابن نَبْت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ ابن يَشْجُب بن يَعْرُب بن قَحْطان، وكانت قد رأت في كهانتها أن سَدَّ مأرب سَيَخْرب، وأنه سيأتي سيلُ العَرِم فيخرب الجنتين، فباع عمرو بن عامر أموالَه، وسار هو وقومُه حتى انتهوا إلى مكة فأقاموا بمكة وما حولها، فأصابتهم الحمىَّ، وكانوا ببلد لا يَدْرُون فيه ما الحمى، فَدَعَوْا طريفَةَ فشَكَوْا إليها الذي أصابهم، فقالت لهم: قد أصابني الذي تَشْكُون، وهو مُفَرق بيننا، قالوا: فماذا تأمرين؟ قالت: من كان منكم ذا هَمٍّ بعيد، وجمل شديد، ومزاد جديد، فليلحق بقصر عمان المشيد، فكانت أزد عمان، ثم قالت: من كان منكم ذا جلد وقسر، وصبر على أزمات الدهر، فغليه بالأراك من بطن مر، فكانت خزاعة، ثم قالت: من كان منكم يريد الراسيات في الوَحْل، المُطْعمات في المَحْل، فليلحق بيثرب ذات النَّخْل، فكانت الأوس والخزرج، ثم قالت: من كان منكم يريد الخمر والخمير، والملك والتأمير، ويلبس الديباج والحرير، فليلحق ببصرى وغوير، وهما من أرض الشأم، فكان الذين سكنوها آل جَفْنة من غَسَّان، ثم قالت: مَنْ كان [ص: 277] منكم يريد الثياب الرقاق، والخيل العتاق، وكنوز الأرزاق، والدم المُهْراق، فليلحق بأرض العراق، فكان الذين سكنوها آل جَذيمة الأبرش ومن كان بالحِيرة وآل محرق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 275 1455- اذْهَبِي فَلَا أنْدَهُ سَرْبَكِ. النَّدْه: الزجر، والسَّرْب: المال الراعي، وكان يقال للمرأة في الجاهلية : اذْهَبِي فلا أنْدَهُ سَرْبَكِ، فكانت تطلق بهذه اللفظة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 277 1456- الذَّوْدُ إِلىَ الذَّوْدِ إِبِل. قال ابن الأعرابي: الذَّوْد لا يُوَحَّد، وقد يجمع أذودا، وهو اسم مؤنث يقع على قليل الإبل ولا يقع على الكثير، وهو ما بين الثلاث إلى العشر إلى العشرين إلى الثلاثين ولا يجاوز ذلك. يضرب في اجتماع القليل إلى القليل حتى يؤدي إلى الكثير. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 277 1457- الذِّئْبُ يَأْدُو للْغَزَالِ. قال: أَدَوْتُ لَهُ آدُو أَدْواً، إذا خَتَلْته، وينشد: أدوت له لآخُذَهُ ... فَهَيْهَاتَ الْفَتَى حَذِرَا (نصب "حذرا" بفعل مضمر أي لا يزال حذرا، أو على الحال من فاعل اسم الفعل.) يضرب في الخديعة والمكر. ويجوز أن يكون الهمر في أدوت بدلا من العين، وكذلك في يأدو، أي يعدو لأجله، من العَدْوِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 277 1458- ذِئْبُ الخَمَرِ. الخَمَر: ما واراك من شجر أو حجر أو جرف وادٍ، وإنما يضاف إلى الخمر للزومه إياه، ومثله: ذئب غَضاً، وقنفذ برقة، وتيس حلب، وهو نبت تعتادهُ الظباء، ويقال: تيس الربل، وضب السحا، وشيطان الحَمَاطة، وأرنب الخلة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 277 1459- الذَّئْبُ يُكْنَى أَبَا جَعْدَةَ. يقال: إن الجَعْدَة الرِّخْلُ، وهي الأنثى من أولاد الضأن، يكنى الذئب بها لأنُه يقصدها ويطلبها لضعفها وطيبها، وقيل: الجَعْدة نبت طيب الرائحة ينبت في الربيع ويجفُّ سريعاً، فكذلك الذئب إن شَرُف بالكنية فإنه يغدر سريعاً، ولا يبقى على حالة واحدة، وقيل: يعني أن الذئب وإن كانت كنيته حسنة فإن فعله قبيح، وقيل: إنه لعَبيد بن الأبرص قاله حين أراد النعمان ابن المنذر قتله. يضرب لمن يبرك باللسان ويريد بك الغَوَائل. وسئل بن الزبير عن المتعة، فقال : الذئب يكنى أبا جعدة، يعني أنها كنية [ص: 278] حسنة للذئب الخبيث، فكذلك المتعة حسنة الاسم قبيحة المعنى. وقيل: كنى الذئب بأبي جعدة وأبي جعادة لبُخْله من قولهم "فلان جَعْدُ اليدين" إذا كان بخيلا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 277 1460- ذَهَبُوا إِسْرَاءَ قُنْفُذٍ. أي كان ذهابهم ليلا كالقنفذ لا يَسْرِي إلا ليلا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 278 1461- الذِّئْبُ خَالياً أَسَدٌ. ويروى "أشَدُّ" أي إذا وجَدَك خاليا وَحْدك كان أَجْرَأ عليك، هذا قول قاله بعضهم. وأجود من هذا أن يقال: الذئب إذا خلا من أَعْوانٍ من جنسه كان أسداً، لأنه يتكل على ما في نفسه وطبعه من الصَّرَامة والقوة فَيَثِب وَثْبة لا بُقْيَا معها، وهذا أقرب إلى الصواب، لأن "خالياً" حال من الذئب لا من غيره، والتقدير: الذئب يشبه الأسد إذا كان خالياً، كما تقول: زيد ضاحكا قمر، ومعنى التشبيه عامل في الحال، قال أبو عبيد: يقول: إذا قَدَرَ عليك في هذه الحال فهو أقوى عليك وأجرأ بالظلم، أي في غير هذه الحال، أراد لا تَعْجِزْ عنه ولا معين له من جنسه. وقال أيضاً: قد يضرب هذا المثل في الدِّينِ، ومنه حديث معاذ رضى الله تعالى عنه "عليكم بالجماعة فإن الذئب إنما يُصيب من الغنم الشَّاذَّةَ القاصِيَة" قال أبو عبيد: فصار هذا المثل في أمر الدين والدنيا. يضرب لكل متوحِّدٍ برأيه أو بِدِينه أو بسفره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 278 1462- ذَهَبَ فِي الاَخْيَبِ الاَذْهَبِ. وذهب في الخيبة الخَيْبَاء، إذا طلب ما لا يَجِدُ ولا يُجْدِى عليه طلبه شيئاً، بل يرجع بالخيبة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 278 1463- الذِّئْبُ مَغْبُوطٌ بِذِي بَطْنِهِ. ويروى "الذئب يُغْبَطُ بغير بطنة" وذو بطنِهِ: ما في بطنه، ويقال: ذو البطن اسمٌ للغائط، ويقال: ألقى ذا بَطْنِه، إذا أحْدَثَ، قال أبو عبيد: وذلك أنه ليس يُظَنُّ به أبدا الجوعُ، إنما يظن به البِطْنَة، لأنه يعدو على الناس والماشية، قال الشاعر: وَمَنْ يَسْكُنِ الْبَحْرَيْنِ يَعْظُمْ طِحَالُهُ ... وَيْغُبَطُ ما فِي بَطْنِهِ وَهْوَ جَائِعُ وقال غيره: إنما قيل ذلك لأنه عظيم الجُفْرَةِ أبدا (الجفرة - بضم فسكون - البطن) ، لا يَبِينُ عليه الضُّمُور، وإن جَهَدَه الجوع، وقال الشاعر: لكالذِّئْبِ مَغْبُوطُ الْحَشَا وَهْوَ جَائِعُ ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 278 1464- الذِّئْبُ أَدْغَمُ. قال ابن دُرَيْد: تفسير ذلك أن الذئاب دُغْم وَلَغَتْ أو لم تَلَغ، والدُّغْمَة لازمة لها، فربما قيل قد ولغ وهو جائع. يضرب لمن يُغْبَطُ بما لم يَنَلْه. والدُّغْمَة: السواد، والدُّغْمَانُ من الرجال: الأسْوَدُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 279 1465- ذَهَبُوا شَغَرَ بَغَرَ، وَشَذَرَ مَذَرَ، وَشِذَرَ مِذَرَ، وَخِذَعَ مِذَعَ. أي في كل وَجْه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 279 1466- ذَهَبَ دَمُهُ دَرَجَ الرِّيَاحِ. ويروى "أدراج الرياح" وهي جمع دَرَج، وهي طريقها. يضرب في الدم إذا كان هَدَرا لا طالبَ له. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 279 1467- ذَهَبَتْ هَيْفٌ لأَدْيَانِهَا. الهَيْف: الريح الحارة تَهُبُّ من ناحية اليمن في الصيف، قال أبو عبيد: وأصل الهَيْفِ السموم، وقوله "لأديانها" جمع دِين، وهو العادة، أي لعاداتها، وإنما جمع الأديان لأن الهيف اسم جنس، وجاء باللام على معنى إلى، أي رجعت إلى عاداتها، وعادتُهَا أن تجفف كل شيء وتيبسه. يضرب مثلا عند تفرق كل إنسان لشأنه، ويقال: يُضرب لكل مَنْ لَزِمَ عادته ولم يفارقها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 279 1468- ذَلِيلٌ عَاذ بِقَرْمَلَةٍ. قال الأصمعي: القَرْمَلَة شجيرة ضعيفة لا وَرَق لها، قال جرير: كَانَ الفرزدقُ حين عَاذَ بِخَالِهِ ... مثلَ الذليلِ يَعُوذُ وَسْطَ الْقَرْمَلِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 279 1469- ذَكَّرْتَنِي الطَّعْنَ وكُنْتُ نَاسِياً. قيل: إن أصله أن رجلا حَمَلَ على رجل ليقتله، وكان في يد المحمول عليه رُمْح فأنساه الدهش والجزَعُ ما في يده، فقال له الحامل: ألْقِ الرمْحَ، فقال الآخر: إنَّ معي رمحا لا أشعر به؟ ذكَّرْتَنِي الطَّعْنَ - المثلَ، وحمل على صاحبه فطعنه حتى قتله أو هَزَمه، يضرب في تذكر الشيء بغيره. يقال: إن الحامل صَخْر بن مَعَاوية السُّلَمي، والمحمول عليه يزين بن الصَّعِق. وقال المفضل: أول من قاله رهيم بن حزن الهلالي، وكان انتقل باهله وماله من بلده يريد بلدا آخر، فاعترضه قوم من بني تغلب فعرفوه وهو لا يعرفهم، فقالوا له: خَلِّ ما معك وانجُ، قال لهم: دونَكم المال [ص: 280] ولا تعرضوا للحُرَم، فقال له بعضهم: إن أردْتَ أن نفعل ذلك فألقِ رمحك، فقال: وإنَّ معي لَرُمْحاً؟ فشدَّ عليهم فجعل يقتلهم واحداً بعد واحد وهو يرتجز ويقول: رُدُّوا علي أقْرَبِهَا الأقاصِيَا ... إنَّ لها بِالْمَشْرَفِّي حَادِياَ ذكَّرْتَنِي الطَّعْنَ وَكُنْتُ نَاسِيَا ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 279 1470- ذُقْهُ تَغْتَبِطْ. أصله أن قوما كانوا على شَرَاب وفيهم رجل لا يشرب، فطربوا وهو مُسْبِت، فقيل له هذا القول: أي ذُقْ حتى تَطْرَبَ كما طربنا. يضرب لمن حُرِم لتَوَانيه في السعي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 280 1471- ذَهَبَ أَهْلُ الدَّثْرِ بِالأجْرِ. الدَّثْر: كثرة المال، يقال: مال دَثْر، ومالانِ دَثْر، وأموال دَثْر، أي كثير، وهذا المثل يروى في الحديث. (في الحديث "ذهب أهل الدثور بالأجور") الجزء: 1 ¦ الصفحة: 280 1472- ذَهَبَ فِي السُّمَّهَى. قال أبو عمر: أي في الباطل، وجرى فلانٌ السُّمَّهى، إذا جرى إلى أمرٍ لا يعرفه، وذهبَتْ إبلُه السُّمَّهَى، إذا تفرقت في كل وجه، والسُّمَّهَى: الهواء بين السماء والأرض والسمهى والسميهي: الكذبُ والباطل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 280 1473- اذْكُرْ غَائِباً يَقْتَرِبْ. ويروى "اذْكُرْ غائبا تَرَه" قال أبو عبيد: هذا المثل يروى عن عبد الله بن الزبير أنه ذكر المُخْتَار يوما وسأل عنه، والمختار يومئذ بمكة قبل أن يَقْدَمَ العراق، فبينا هو في ذكره إذ طَلَع المختار، فقال ابن الزبير: اذْكُرْ غائبا - المثَلَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 280 1474- ذُلٌّ لَوْ أَجِدُ نَاصِراً. قال المفضل: كان أصله أن الحارث بن أبي شمر الغَسَّاني سأل أنَسَ بن أبي الحجير عن بعض الأمر، فأخبره، فلَطَمه الحارث، فغضب أنس وقال : ذُلٌّ لو أجِدُ نَاصِراً، ثم لَطَمه أخرى، فقال: لو نهيت الأولى لانتهت الأخرى، فذهبت كلمتاه مثلين، وتقدير المثل: هذا ذل لو أجدُ ناصرا لَمَا قَبِلْته. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 280 1475- ذَهَبَ كاسِباً فَلَجَّ بِهِ. أي لجَّ الشرُّ به حتى أهْلَكَه وأوقعه في شر إما غَرَق أو قَتْل أو غيرهما. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 280 1476- ذَهَبَ مَالُهُ شَعَاعِ. مبني على الكسر مثل قَطَام، أي - متفرقاً، قال الشاعر: أغلّ بِمَالِهِ زيدٌ فأضْحَى ... وَتَالِدُهُ وَطَارِفُةُ شَعَاعِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 280 1477- ذَآنِينُ لاَ رِمْثَ لَهَا. الذؤْنُون: نَبْت، والرِّمْث: مَرْعى [ص: 281] الإبل من الْحَمْض، وهذا الذؤنون يثبت في الرمث. يضرب للقوم لا قديم لهم، ولا يُرْجَى خيرُ مَنْ لا قديم له. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 280 1478- ذَهَبَ المُحَلِّقُ فِي بَنَاتِ طَمَارِ. التحليقُ: الارتفاع في الهواء. يقال حَلَّق الطائر، وطَمَارِ: المكانُ المرتفع، قال الأصمعي: يقال انْصَبَّ عليه من طَمَارِ، مثل قَطَامِ، قال الشاعر: فإن كُنْتِ لاَ تَدْرِينْ ما الموتُ فَانْظُرِي ... إلى هانئ في السُّوقِ وَابْنِ عَقِيلِ إلى بَطَلٍ قد عفَّرَ السيفُ وجهه ... وآخَرَ يَهْوِي من طَمَارِ قَتِيلِ وكان ابن زياد أمَرَ برمي مسلم بن عَقيل من سَطْح عالٍ، وقال الكسائي: من طَمَارِ وطَمَارَ، بفتح الراء وكسرها. يضرب فيما يذهب باطلا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 281 1479- ذَهَبَ فِي ضُلِّ بْنِ أُلٍّ. إذا ركبَ رأسَه في الباطل، يقال: ذهب في الضَّلاَل والألال، والضلال والتلال، إذا ذهب في غير حق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 281 1480- ذَلِيلٌ مَنْ يذَلِّلُهُ خِذَامُ. قالوا: خِذَام كان رجلا ذليلا. يضرب للضعيف يَقْهره مَنْ هو أضعفُ منه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 281 1481- الذَّلِيلُ مَنْ تَأْكُلُهُ الوَبْراءُ. قالوا: الوَبْرَاء الرخَمة، وهي تُحَمَّق وتضعف، وأرادوا بوبرها ريشَها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 281 1482- ذَهَبَ مِنْهُ الأطْيَبانِ. يضرب لمن قد أسَنَّ، أي لذة النكاح والطعام، قال نَهْشَلَ: إذا فات منك الأطْيَبَانِ فلا تُبَلْ ... حتى جاءكَ اليومُ الّذِي كُنْتَ تَحْذَرُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 281 1483- ذِكْرٌ وَلاَ حَسَاسِ. مبني على الكسر مثل قَطَامِ وَحَذَامِ. يضرب للذي يَعِدُ ولا يحس إنجازه. ويروى ولا حَسَاسَ نصبا على التبرئة، ومنهم من يرفعه وينون، ويجعل لا بمنزلة ليس، ومنهم من يقول: ولا حَسِيسَ، ينصب بغير تنوين، ومنهم من يرفع بتنوين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 281 1484- ذَلَّ بَعْدَ شِمَاسِهِ الْيَعْفُورُ. يضرب لمن انْقَاد بعد جِمَاحه، واليَعْفُور: اسم فرس. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 281 1485- أَذَلُّ النَّاسِ مُعْتَذِرٌ إِلَى لَئِيمٍ. (من حق النظام أن يجعل هذا المثل فيما جاء على أفعل من هذا الحرف.) لأن الكريم لا يُحْوِج إلى الاعتذار، ولعل اللئيم لا يَقْبَل العذر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 281 1486- الذِّئْبُ لِلضَّبُعِ. أي هو قرنه. يضرب في قَرِيني سوء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 282 1487- ذَهَبَتْ طُولاً، وَعَدِمَتْ مَعْقُولاً. يضرب للطويل بلا طائل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 282 1488- ذَهَبُوا تَحْتَ كُلِّ كَوْكَبِ. يضرب للقوم إذا تفرقوا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 282 1489- ذَهَبُوا في الْيَهْيَرِّ. أي في الباطل، اليَهْيَرُّ يَفْعَلُ، لأنه ليس في الكلام فَعْيَلٌّ، وهو صَمْغ الطَّلْح، وأنشد أبو عمرو: أطْعَمْتُ راعيّ مِنَ اليَهْيَرِّ ... فَظَلَّ يَعْوِي حبطا بِشَرِّ أي من هذا الصمغ، وقال الأحمر: حَجَر يَهْير أي صُلْب، ويقال: أكْذَبُ من اليَهْيَرِّ، وهو السَّرَاب، وقال ابن السرَّاج: ربما زادوا فيه الألف، فقالوا يَهْيَرَّي، وهو من أسماء الباطل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 282 1490- ذَاكَ أَحَدُ الأحَدِينَ. قال ابن الأعرابي: هذا أبْلَغُ المَدْحِ، قال: ويقال "إحدى الإحَدِ" كما تقول: واحد لا نَظِيرَ له، ويقال: فلان وَاحدُ الأحَدِينَ، ووَاحِدُ الآحادِ، وقولهم "هذا إحْدَى الإحَدِ" قالوا: التأنيث للمبالغة، بمعنى الداهية، وأنشدوا: عَدُّونِيَ الثَّعْلَبَ فِيمَا عَدَّدُوا ... حَتَّى اسْتَثَارُوا بِيَ إحْدَى الإحَدِ يضرب لمن لا نهاية لدهائه، ولا مِثْلَ له في نَكْرَائه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 282 1491- ذَهَبَتْ فِي وَادِي تِيهٍ بَعْدَ تِيهٍ. يضرب لمن يَسْلُكُ سبيلَ الباطل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 282 1492- ذِيبَةُ قُفٍّ مَا لهَا غَمِيسُ. القُفُّ: ما غَلُظ من الأرض، والغَمِيس: الوادي فيه شجر ملتفّ. يضرب لمن جاهر بالعداوة وأظهر المناوأة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 282 1493- الذِّيخُ فِي خَلْوتِهِ مِثْلُ الأَسَدِ. الذِّيخ: الذكَرُ من الضِّباع. يضرب لمن يَدَّعي منفرداً ما يعجز عنه إذا طُولب به في الجمع، وهذا مثل قولهم "كُلُّ مُجْرٍ في الخَلاَء يُسَرُّ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 282 1494- ذُبَابُ سَيْفٍ لَحْمُهُ الْوَقَائِصُ. الوَقيصة: المكسورة العُنُقِ من الدوابّ. يضرب لمن له مال وسَعَة وهو مُقَتِّر على عياله، ولمن قدرة وقوة فهو لا ينازع إلا ضعيفا ذليلا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 282 1495- ذِيبَةُ مِعْزىً وظَلِيمٌ في الْخُبْرِ. يقال في جمع الماعز: مَعْز ومَعِيز ومِعْزىً والألف في مِعْزىً للإلحاق بفِعْلَل مثل [ص: 283] هِجْرَع وهِبْلَع ودِرْهَم، وتصغيرها مُعيز، والْخُبْرُ: اسم من الاختبار، يقول: هو في الخبث كالذئب وقع في المِعْزَى، وفي الاختبار كالظَّليم: إن قيل له "طِرْ" قال: أنا جَمَل، وإن قيل له "احْمِلْ" قال: أنا طائر. يضرب للخَلُوب المكَّار. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 282 ما جاء على أفعل من هذا الباب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 283 1496- أَذَلُّ مِنْ قَيْسِيٍّ بِحِمْصَ. وذلك أن حِمْص كلها لليمن، ليس بها من قيس إلا بيت واحد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 283 1497- أَذَلُّ مِنْ يَدٍ في رَحِمٍ. يريد الضعفَ والهَوَان، وقيل: يعني يَدَ الْجَنِينِ. وقال أبو عبيد: معناه أن صاحبها يتوقَّي أن يصيب بيده شيئاً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 283 1498- أَذَلُّ مِنْ بَعِيرِ سَانِيَةٍ. وهو البعير الذي يُسْتَقى عليه الماء، قال الطرماح: قُبَيِّلَةٌ أَذَلُّ مِنَ السَّوَانِي ... وَأَعْرَفُ لِلْهَوَانِ مِنَ الخصاف (الذي في كتب اللغة أن الخصف - بالفتح - النعل ذات الطراق، وكل طراق منها خصفة) يعني النعل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 283 1499- أَذَلُّ مِنْ حِمَارِ قَبَّانَ. وهو ضرب من الخَنافس يكون بين مكة والمدينة، وقال: يَا عَجَبَا وَقَدْ رَأَيْتُ عَجَبَا ... حِمَارَ قَبَّانَ يَقُودُ أرْنَبَا خَاطِمَهَا زَأَمَّهَا أَنْ تَذْهَبَا ... فَقُلْتُ أَرْدِفْنِي فَقَالَ مَرْحَبَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 283 1500- أَذَلُّ مِنْ قُرَادٍ بِمَنْسِمٍ. قال الفرزدق: هُنَالِكَ لو تَبْغِي كُلَيْباً وجَدْتَهَا ... أذلَّ مِنَ القِرْدَانِ تَحْتَ المنَاسِمِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 283 1501- أَذَلُّ مِنْ وَتِدٍ بِقَاعٍ. لأنه يُدَقُّ أبداً، وأما قولهم: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 283 1502- أَذَلُّ مِنْ حِمَارٍ مُقَيَّدٍ. فقد قال فيه الشاعر وفي الوتد: إنَّ الهَوَانَ حمارُ الأهْلِ يعرفُه ... والحرُّ ينكرُهُ والْجَسْرَةُ الأجُدُ (الجسرة - بالفتح - الناقة العظيمة، والأجد - بضم الهمزة والجيم جميعاً - الموثقة الخلق المتصلة فقار الظهر.) ولا يُقِيمُ بدَارِ الذُّلِّ يعرفُهَا ... إلا الأذَلاَّنِ عَيْرُ الأهْلِ وَالوَتِدُ هذَا على الْخَسْفِ مَرْبُوطٌ برُمَّتِهِ ... وذا يُشَجُّ فلا يأوِي لَهُ أحَدُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 283 1503- أَذَلُّ مِنْ فَقْعٍ بِقَرْقَرَةٍ. لأنه لا يمتنع على من اجتناهُ، ويقال: بل لأنه يُوطَأ بالأرجل، والفَقْع: الكَمْأة البيضاء: والجمع فَقْعَة، مثل جَبْء وجَبْأة، ويقال: حمام فقيع، إذا كان أَبْيَضَ، ويُشَبَّهُ الرجلُ الذليلُ بالفَقْع فيقال: هو فقعُ قَرْقَر، لأن الدوابَّ تنجله بأرجلها، قال النابغة يهجو النعمان بن المنذر: حَدّثُونِي بني الشَّقِيقَةِ مَا يَمْـ ... ـنَعُ فَقْعاً بِقَرْقَرٍ أن يَزُولاَ لأن الفَقْعة لا أصول لها ولا أغصان، ويقال "فلان فقعةُ القاعِ" كما يقال في مولد الأمثال لمن كان كذلك "هو كَشُوثُ الشجر" لأن الكَشُوثَ نَبْت يتعلَّق بأغصان الشجر من غير أن يضرب بعِرْقٍ في الأرض، قال الشاعر: هُوَ الكَشُوثُ فلا أَصْلٌ ولا وَرَقٌ ... ولا نَسِيمٌ ولا ظِلٌّ ولا ثَمَرُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 284 1504- أَذَلُّ مِنَ السُّقْبَانِ بَيْنَ الْحَلاَئِبِ. السُّقْبَان: جمع السَّقْب، وهو ولد البعير الذكر، ويقال للأنثى: حائل، والحلائب: جمع الحَلُوبة، وهي التي تُحْلَبُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 284 1505- أَذَلُّ مِنَ اليَعْرِ. هو الْجَدْي أو العَنَاق يشدُّ على فم الزُّبْيَة ويغطَّى رأسُه، فإذا سمع السبعُ صوتَه جاء في طلبه فوقع في الزُّبْيَة فأخذ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 284 1506- أَذلُّ مِنَ النّقَدِ. قال أهل اللغة: النَّقَد جنسٌ من الغنم قصارُ الأرجُلِ قِباحُ الوجوه يكون بالبحرين، الواحدة نَقَدَة، قال الأصمعي: أجود الصوف صوفُ النَّقَدِ، وقال: فُقَيْمُ ياشَّر تميمٍ مَحْتِداَ ... لو كُنْتُمُ ضَأناً لكُنْتُم نَقَدَا أو كنتُمُ ماءً لكنتُمْ زَبَدَا ... أو كُنْتُمُ صُوفًا لكنتم قَرَدَا (القرد - بالتحريك - نفاية الصوف) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 284 1507- أَذَلُّ مِمَّنْ بَالتْ عَلَيْهِ الثَّعَالِبُ. هذا مثل يضرب للشيء يُستَذَل، كما يقال في المثل الآخر"هدمة الثعلب" يعني جحره المهدوم، ويقال في الشر يقع بين القوم وقد كانوا على صلح "بال بينهم الثعالب" و "فَسَا بينهم الظَّرِبَانُ" و "كسر بينهم رُمْح" و "يَبِسَ بينهم الثَّرَى" و "خريت بينهم الضبع" قال حميد بن ثور: ألم تر ما بيني وبينَ ابْنِ عامرٍ ... من الوُدِّ قد بَالَتْ عليه الثَّعَالِبُ وأصْبَحَ باقِي الودِّ بيني وبينه ... كأنْ لم يَكُنْ والدهْرُ فيه عَجَائِبُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 284 1508- أَذَلُّ مِنْ قَرْملَةٍ. القَرْمَل: شجر قِصار لا ذَرَى لها، ولا مَلْجَأ، ولا سِتر، ويقال في مثل آخر: "ذَلِيلٌ عاذ بِقَرْمَلَةٍ" أي بشجرة لا تستره ولا تمنعه، أي هو ذليل عاذ بأذلَّ من نفسه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 285 1509- أَذَلُّ مِنَ الَّنْعِل. هذا من قول البَعِيث: وكلُّ كُلَيَبْي صَفِيحَةُ وَجْهِهِ ... أَذَلُّ على مَسِّ الهَوَانِ من النَّعْلِ ويروى: "أذل لأقدام الرجال من النعل". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 285 1510- أَذَلُّ مِنَ البَذَجِ. يعنون الحَمَل، والجمع بِذْجَان، وأنشد: قد هَلَكْت جَارَتُنَا من الهَمَجْ ... وإن تَجُعْ تأكُلْ عَتُوداً أو بَذَجْ وفي الحديث: "يؤتى بابن آدم يوم القيامة كأنه بَذَجٌ من الذل". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 285 1511- أَذَلُّ مِنْ بَيْضَةِ البَلدِ. هي بيضة تتركها النعامةُ في فَلاَةٍ من الأرض فلا ترجع إليها، قال الراعي: تأبى قُضَاعَةُ أَنْ تَعْرِفْ لكم نَسَباً ... وَابْنَا نِزَارٍ فأنْتُمْ بَيْضَةُ البَلَدِ. (يستشهد النحاة بهذا البيت على أن من العرب قوما يجزمون بأن المصدرية) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 285 1512- أَذْكَى مِنَ الْوَرْدِ، وَمِنَ المِسْكِ الأَصْهَبِ، وَالعَنْبَرِ الأَشْهَبِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 285 1513- أَذَلُّ مِنْ أَمَوِيٍّ بالكُوفَةِ يَوْمُ عَاشُورَاءَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 285 1514- أَذَلُّ مِنْ قِمَعٍ. يَعْنُون هذا الملتزِق بأعلى التمر، يرمى به فيوطأ بالأرجل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 285 1515- أَذَلُّ مِنْ عَيْرٍ. العَيْر: الوتد، وإنما قيل ذلك لأنه يُشَجَّجُ رأسُه أبداً، ويجوز أن يراد به الحمار. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 285 1516- أَذَلُّ مِنْ حُوَارٍ. وهو ولد الناقة. ولا يزال يدعى حُوَارا حتى يُفْصل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 285 1517- أَذَلُّ مِنَ الْحِذَاءِ. لأنه يُمْتَهن في كل شيء عند الوَطْء، وكذلك يقولون: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 285 1518- أَذَلُّ مِنَ الرِّدَاءِ، وَأَذَلُّ مِنَ الشَّسْعِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 285 1519- أَذَلُّ مِنَ البسَاطِ. يَعْنُون هذا الذي يُبْسَط ويُفْرَش، فيَطَؤُه كلُّ أحد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 285 المولدون. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 286 ذِئْبٌ في مَسْكِ سَخْلَةٍ. ذِئْبٌ اسْتَنْعَجَ. ذُلُّ العَزْلِ يَضْحَكُ مِنْ تِيهِ الوِلاَيَةِ. ذَنَبُ الكَلْبِ يُكْسِبُهُ الطعْمَ، وفَمُهُ يُكْسِبُهُ الضَّرْبَ. ذَلَّ مَنْ لا سَفِيهَ لَهُ. ذُدْتُ السِّبَاعَ ثُمَّ تَفْرِسُنِي الضِّباعُ. ذَهَبَ الحِمَارُ يَطْلُبُ قَرْنَيْنِ، فَعَادَ مَصْلُومَ الأُذُنَينِ. ذَهَبَ النَّاسُ، وَبَقِيَ النَّسْنَاسُ. ذَهَبَ عَصِيرِي وَبَقي ثَجِيرِي. للشيء تذهب منفعته وتبقى كلفته. ذَكَرَ الْفِيلُ بِلاَدَهُ. ذَمَمْتَنِي عَلَى الإساءَةِ، فَلِمَ رَضِيتَ عَنْ نَفْسِكَ بالْمُكَافَأةَ؟ قاله على بن أبي عبيدة. ذَرْ مُشْكِلَ القَوْلِ وإنْ كَانَ حَقًّا. الذُّلُّ في أَذْنَابِ البَقَرِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 286 الباب العاشر فيما أوله راء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 286 1520- رَعَى فَاقْصَبَ. يقال: قَصَبَ البعيرُ يَقْصِبُ، إذا امتنع من الشرب، و "أقْصَبَ الراعي" إذا فعلت إبلُه ذلك، أي أساء رَعْيَها فامتنعت من الشرب، وليس في قوله "رعى" ما يدل على الإساءة والتقصير، ولكن استدل بقوله "أقصب" على سوء الرَّعْي، وذلك أن الإبل امتنعت من الشرب إما لخَلاَء أجْوَافها وإما لامتلائها، وهما يدلان على إساءة الرعي. يضرب لمن لا ينصح ولا يبالغ فيما تولى حتى يَفْسُدَ الأمرُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 286 1521- رَمَتْنِي بِدَائِها وانْسَلَّتْ. هذا المثل لإحدى ضرائر رُهْم بنتِ الخَزْرَج امرأة سَعْد بن زيد مَنَاة رَمَتْها رُهْم بعيبٍ كان فيها، فقالت الضرة: رمتني بدائها - المثلَ، وقد ذكرتُ القصة بتمامها في باب الباء في قوله "ابْدَئِيهِنَّ بعَفَال سُبِيتِ". يضرب لمن يُعَيِّر صاحبه بعيبٍ هو فيه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 286 1522- رَماهُ بِأقْحَافِ رَأْسِهِ. أي اسكَتَه بداهية أورَدَها عليه، وإنما قيل بلفظ الجمع لأنهم أرادوا رَمَاه به مرةً بعد مرة، ويجوز أن يجمع بما حَوْله إرادةَ أن كل جزء منه قِحْفٌ، كما قالوا: غَلِيظُ المَشَافِرِ، وعظيم المَنَاكِبِ، والقِحْف: اسم لما يعلو الدماغ من الرأس، ولا يرميه به ما لم يُزِلَّهُ عن موضعه وينزعه منه، وهذا كناية عن قَتْله، فكأنه بلَغَ به في الإسكات غايةً لا وراء لها وهو القتل، والمقتول لا يتكلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 287 1523- رَمَاهُ اللهُ بِداءِ الذِّئْب. معناه أهلكه الله، وذلك أن الذئب لا داء له إلا الموت، ويقال: معناه رماهُ الله بالجوع، لأن الذئب أبدا جائع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 287 1524- رَمَاهُ الله بِثَالِثَةِ الأثافِي. قالوا: هي القطعة من الجبل يُوضَع إلى جَنْبها حَجَران ويُنْصَب عليها القِدْر. يضرب لمن رُمى بداهية عظيمة، ويضرب لمن لا يبقى من الشر شيئاً، لأن الأثْفِيَّةَ ثلاثة أحجارٍ كلُّ حجرٍ مثلُ رأس الإنسان، فإذا رماه بالثالثة فقد بلغ النهاية، كذا قاله الأزهري، قال البديع الهَمَذَاني: وَلِي جِسْمٌ كَوَاحِدَةِ المَثَانِي ... له كَبدٌ كَثَالِثَةِ الأثَافِي. يريد القِطْعَةَ من الجبل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 287 1525- رُمِى فُلاَنٌ بِحَجَرِِه. أي بِقِرْنِهِ الذي هو مثلُه في الصلابة والصعوبة، جعل الحجر مثلا للقِرْن لأن الحجر يختلف باختلاف المَرْمِىِّ، فصغار هذا لصغار ذاك وكباره لكباره. وفي حديث صِفِّين أن معاوية لما بَعَثَ عمرو بن العاص حكَماً مع أبي موسى جاء الأحنفُ بن قَيْس إلى على كرم الله وجهه فقال: إنك قد رُمِيتَ بحجر الأرض، فاجعل معه ابنَ عباس، فإنه لا يَشُدُّ عقدةً إلا حَلَّها، فأراد علي أن يفعل ذلك فأبَتِ اليمانيةُ إلا أن يكون أحد الحكَمَيْنِ منهم، فعند ذلك بعث أبا موسى، ومعناه: إنك رُمِيتَ بحجرٍ لا نظير له فهو حَجَرُ الأرض في انفراده، كما تقول: فلانٌ رجُلُ الدهر، أي لا نظير له في الرجال. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 287 1526- رُمِيَ فُلاَنٌ مِنْ فُلاَنٍ في الرَّأسِ. إذا أعرض عنه وساء رأيه فيه حتى لا ينظر إليه. قال أبو عبيد: ومنه حديث عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه حين سَلَّم عليه زياد بن حذير فلم يردَّ عليه، فقال زياد: لقد رُمِيتُ من أمير المؤمنين في الرأس، وكان [ص: 288] ذلك لهيئة رآها عليه فكرهها، وأراد زياد لقد ساء رأيُ أمير المؤمنين فيَّ، فإذا قيل "رمي فلان من فلان في الرأس" كان التقدير: رمى في رأسه منه شيء، أي ألقى في دِماغه منه وَسْوَسة حتى ساء رأيُه فيه، والألف واللام من قولهم "في الرأس" ينوبان عن الإضافة كقوله: وآنُفُنَا بَيْنَ اللِّحى وَالْحَوَاجِبِ ... . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 287 1527- رَهبُوتٌ خَيْرٌ مِنْ رَحَمُوتٍ. أي لأَنْ تُرْهَبَ خيرٌ من أنْ تُرحَمَ، قال المبرد: رَهَبُوتَي خير من رَحَمُوتَي، ومثله في الكلام جَبَرُوتٌ وجَبَرُوتي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 288 1528- رُوَيْدَ الغَزْوَ يَنْمَرِقُ. هذه مقالة امرأة كانت تغزو، وتسمى رَقَاشِ، من بني كِنانة، فحملت من أسيرٍ لها، فذُكر لها الغَزْوُ، فقالت: رُوَيْدَ الغزو، أي أمهل الغزو، حتى يخرج الولد. يضرب في التمكث وانتظار العاقبة. ذكر المفضل أن امرأة كانت من طيء يقال لها رقاش، فكانت تغزو بهم ويَتَيَمَّنُونَ برأيها، وكانت كاهنةً لها حَزْم ورأي، فأغارت طيء وهي عليهم على إياد بن نِزَار ابن مَعَدّ يوم رحى جابر، فظفرت بهم وغنمت وسَبَتْ، فكان فيمن أصابت من إياد شاب جميل، فاتخذته خادماً، فرأت عَوْرَته فأعجبها فدَعَتْه إلى نفسها فحملت فأتِيَتْ في إبَّان الغزو، فقالوا: هذا زمانُ الغزو فاغزي إن كنت تريدين الغزو، فجعلت تقول : رويد الغزو ينمرق، فأرسلتها مثلا، ثم جاؤا لعادتهم فوجَدَوها نُفَساء مُرْضِعا قد ولَدَتْ غلاماً، فقال شاعرهم: نُبِّئْتُ أنَّ رَقَاشِ بَعْدَ شِمَاسِهَا ... حَبِلَتْ وقد ولَدَتْ غلاما أكْحَلاَ فالله يُحْظِيهَا وَيَرْفَعُ بُضْعَهَا ... والله يُلْقِحُهَا كشافا مقبلا كَانَتْ رَقَاشِ تقودُ جَيْشاً جَحْفَلاً ... فَصَبَتْ وأحْرِ بِمَنْ صَبَا أن يَحْبَلاَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 288 1529- رُوَيْدَ الشِّعْرَ يَغِبَّ. الغابُّ: اللحم البائب، أي دَعْه حتى تأتي عليه أيام فتنظر كيف خاتمته أيحمد أم يذم، ويجوز أن يراد دَعِ الشعر يغبّ، أي يتأخر عن الناس، من قولهم: غَبَّت الحُمَّى إذا تأخَّرَتْ يوماً، أي لا يتواتر شعرك عليهم فَيَمَلُّوه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 288 1530- رُوَيْداً يَعْلُونَ الجَدَدَ. ويروى "يعدون الخَبَار" الخَبَار: الأرض الرِّخْوَة، والجَدَد: الصلبة. [ص: 289] يضرب مثلا للرجل يكون به عِلة فيقال: دَعْه حتى تذهب علته. قاله قيسٌ يومَ داحِسٍ، حين قال له حُذَيفة: سبقتُكَ يا قيس، فقال: أمهل حتى يعدوا الجَدَدَ، أي في الجَدَدِ، ومن روى يعلون كان الجَدَدُ مفعولا، وقد ذكرت هذه القصة بتمامها في باب القاف عند قولهم "قد وقعت بينهم حرب داحس". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 288 1531- رُوَيْداً يَلْحَقُ الدَّارِيُّونَ. الدارِيُّ: رب النَّعَم، سمي بذلك لأنه مقيم في داره، فنسب إليها. يضرب في صدق الاهتمام بالأمر، لأن اهتمام صاحب الإبل أَصْدَقُ من اهتمام الراعي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 289 1532- رُوغِى جَعَارِ وَانْظُرِي أَيْنَ المَفَرّ. جَعَارِ: اسمٌ للضبع، سميت بذلك لكثرة جَعْرِها، وهي مبنية على الكسر، مثل قَطَامِ. يضرب للجبان الذي لا مَفَرَّ له مما يخاف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 289 1533- رَيحُ حَزَاءٍ فَالنَّجَاءَ. الحَزَاء - بفتح الحاء - نبتٌ ذفر يُتَدَخَّنُ به للأرواح، يشبه الكرفس يزعمون أن الجنَّ لا تقرب بيتاً هو فيه. يضرب للأمر يُخَاف شره، فيقال: اهْرُبْ فإن هذا ريحُ شر. والنَّجَاء: الإسراع، يمد ولا يقصر إلا في ضرورة الشعر، كما قال: رِيحُ حَزَاءٍ فَالنَّجَا لاَ تَكُنْ ... فَرِيسَةً للأسَدِ اللاَّبِدَ قيل: دخل عمر بن حكيم النَّهْدِي على يزيدَ بن المهلَّب وهو في الحبس، فلما رآه قال: يا أبا خالد ريح حَزَاء، أي أن هذا تباشيرُ شر وما يجيء بعده شَرٌّ منه، فهرب من الغد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 289 1534- رِيحُهُمَا جَنُوبٌ. يضرب للمتصافيين، فإذا تكدَّر حالهما قيل: شَمَلَتْ ريحُهما، وقال: لَعَمْرِي لئن رِيحُ المودة أصْبَحَتْ ... شَمَالاً لقد بَدَّلْتُ وَهْيَ جَنُوبُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 289 1535- ارْعَيْ فَزَارَةُ لاَ هَنَاكِ المَرْتَعُ. يضرب لمن يصيب شيئاً يُنْفَس به عليه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 289 1536- رَمَي فِيهِ بأَرْوَاقِهِ. يضرب لمن ألقى نفسَه في شيء، قال الشاعر: لما رأى المَوْتَ مُحْمَرّاً جوانبُهُ ... رَمَى بأرْوَاقِهِ في الموت سِرْبَالُ [ص: 290] قال الليث: رَوْقُ الإنسان هَمُّه ونَفْسه، إذا ألقاه على الشيء حرصاً يقال: ألقى عليه أَرْوَاقَه، وسربال: اسمُ رجلٍ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 289 1537- رَأْسٌ بِرَأْسٍ وَزِيَادَةِ خَمسِمائَةٍ. قالوا: أول من تكلم به الفرزدق في بعض الحروب، وكان صاحب الجيش قال: مَنْ جاءني برأسٍ فله خمسمائة درهم، فبرز وجل وقتل رجلا من العَدُو، فأعطاه خمسمائة درهم، ثم برز ثانية فقُتِل، فبكى أهلُه عليه، فقال الفرزدق: أما تَرضَوْن أن يكون رأسٌ برأسٍ وزيادة خمسمائةٍ، فذهبت مثلا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 290 1538- رُبَّ قَوْلٍ أَشَدَّ مِنْ صَوْلٍ. يضرب عند الكرم يؤثر فيمن يواجَه به قال أبو عبيد: وقد يضرب هذا المثل فيما يتقى من العار. وقال أبو الهيثم: أشد في موضع خفض لأنه تابع للقول، وما جاء بعد رب فالنعت تابع له. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 290 1539- رُبَّ حَامٍ لأَنْفِهِ وَهُوَ جَادِعُهُ. يضرب لمن يأنَفُ من شيء ثم يقع في أشَدَّ مما حمى منه أنفه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 290 1540- أَرَاكَ بَشَرٌ مَا أَحَارَ مِشْفَرٌ. أي لما رأيت بشرته أغناك ذلك أن تسأل عن أكله. يضرب للرجل ترى له حالا حسنه أو سيئة. ومعنى "أحار" ردَّ ورجع، وهو كناية عن الأكل، يعني ما ردَّ مِشْفَرُهَا إلى بطونها مما أكل، يقال: حارتِ الغصة، إذا انحدرت إلى الجَوْف، وما أحارها صاحبُها: أي حَدَرَها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 290 1541- أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ بِيَدَيْنِ. يضرب لمن له مَكْسَب من وجه فيَشْرَه لوجه آخر فيفوته الأول. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 290 1542- رَدَدْتُ يَدَيْهِ في فِيهِ. يضرب لمن غِظْتَه، ومنه قوله تعالى {فردُّوا أيديَهُمْ في أفواههم} . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 290 1543- رَمَاهُ فَأَشْوَاهُ. الإشواء: إخطاء المَقْتَل، من الشَّوَى وهو الأطراف، والشَّوَى: القوائم، ومنه: سَلِيمُ الشظَاعَبْلُ الشَّوَى شَنِجُ النَّسَاء ... يضرب لمن يُقْصَد بسوء فيسلم منه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 290 1544- أَرْجُلَكُمْ والعُرْفُطَ. قالوا: حديثه أن عامر بن ذُهْل بن ثَعْلبة كان من أشدِّ الناس قوةً، فأسَنَّ وأقعد، فاستهزأ منه شَبَابٌ من قومه، وضحكوا من ركوبه، فقال: أجَلْ والله إني لضعيف فَادْنُوا مني فاحملوني، فَدَنَوْا منه ليحملوه، [ص: 291] فضم رجلين إلى إبطه ورجلين بين فَخِذَيْه ثم زَجَر بَعيره فنهض بهم مسرعا، وقال: بني أخي أرْجُلَكم والعُرْفُطَ، فأرسلها مثلا، وضمهم حتى كادوا يموتون. يضرب لمن يَسْخَر ممن هو فوقه في المال والقوة وغيرهما. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 290 1545- أُرِيَها اسْتَهَا وَتُرِينِي القَمَرَ. قال الشَرْقي بن القطامي: كانت في الجاهلية امرأة أكملت خَلَقا وجمالا، وكانت تزعم أن أحداً لا يقدر على جِماعها لقوتها، وكانت بكراً، فخاطرها ابنُ ألْغَزَ الإيادي - وكان واثقاً بما عنده - على أنه إن غلبها أعطته مائة من الإبل وإن غلبته أعطاها مائة من الإبل، فلما واقعها رأت لَمْحاً باصراً ورَهْزاً شديداً وأمْراً لم تر مثله قط، فقال لها: كيف تَرَيْن، قالت: طَعْناً بالركبة يا ابن ألْغز، قال: فانظري إليه فيك، قالت: القَمَر هذا، فقال : أريها اسْتَهَا وتريني القمر، فأرسلها مثلا، وظفر بها، وأخذ مائة من الإبل، وبعضهم يرويه: أريها السُّهَا وتُرينِي القَمَرَ. يضرب لمن يُغَالط فيما لا يخفى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 291 1546- رُبَّ أَخٍ لَكَ لَمْ تَلِدْهُ أمُّكَ. يروى هذا المثلُ لِلُقْمَان بن عَاد، وذلك أنه أقبل ذاتَ يومٍ فبينا هو يسير إذ أصابه عَطَش، فهجَم على مِظَلَّة في فنائها امرأة تُدَاعب رجلا، فاستسقى لقمان، فقالت المرأة: اللبَنَ تَبْغِي أم الماء؟ قال لقمان: أيهما كان ولا عِدَاء، فذهبت كلمته مثلا، قالت المرأة: أما اللبن فخَلْفك وأما الماء فأمامَكَ، قال لقمان: المَنْعُ كان أوْجَزَ، فذهبت مثلا، قال: فبينا هو كذلك إذ نظر إلى صبي في البيت يَبْكي فلا يُكْتَرَث له ويَسْتَسقِى فلا يُسْقى، فقال: إنْ لم يكن لكم في هذا الصبي حاجة دفَعْتُمُوه إلي فكَفَلْته، فقالت المرأة: ذاك إلى هانئ، وهانئ زوجها، فقال لقمان: وهانئ من العَدَد؟ فذهبت كلمته مثلا، ثم قال لها: مَنْ هذا الشاب إلى جَنْبك فقد علمته ليس ببَعْلك؟ قالت: هذا أخي، قال لقمان : رُبَّ أخٍ لك لم تلده أمك، فذهبت مثلا، ثم نظر إلى أثر زوجها في فَتْل الشعر فعرف في فتله شَعْرَ البِناء أنه أعْسَر، فقال: ثكلَتْ الأعَيْسِرَ أمه، لو يعلم العِلْمَ لطال غَمُّه، فذهب مثلا، فذُعِرَتِ المرأة من قوله ذعراً شديداً، فعرضت عليه الطعام والشراب، فأبى وقال: المبيت على الطَّوَى حتى تَنَالَ به كريمَ المَئْوَى خيرٌ من إتيان ما لا تَهْوَى، فذهبت مثلا، ثم مضى حتى إذا كان مع العشاء إذا [ص: 292] هو برجل يسوق إبلَه وهو يرتجز ويقول: رُوحِي إلى الحيِّ فإنَّ نَفْسِي ... رَهِينَةٌ فيهم بِخَيْرِ عِرْسِ حُسَّانَةُ المُقْلَةِ ذَاتُ أنْسِ ... لا يُشْتَرَى اليومُ لها بأمْسِ فعرف لقمان صوته ولم يَرَه، فهتف به: يا هانئ، يا هانئ، فقال: ما بالُكَ؟ فقال: يَا ذَا البِجَادِ الحلكة ... والزَّوْجَةِ المُشْتَركَهْ عِشْ رُوَيْداً أبْلُكَهْ ... لَسْتَ لِمَنْ لَيْسَتْ لَكَهْ فذهبت مثلا، قال هانئ: نَوِّرْ نَوِّرْ، لله أبوك، قال لقمان: عليَّ التنوير، وعليك التَّغيير، إن كان عندك نكير، كل امرئ في بيته أمير، فذهبت مثلا، ثم قال: إني مَرَرْتُ وبي أُوَام فَدُفِعْتُ إلى بيت فإذا أنا بامرأتك تغازل رجلا، فسألتها عنه، فزعَمَتْهُ أخاها، ولو كان أخاها لجلَّى عن نفسه وكفاها الكلام، فقال هانئ: وكيف علمت أن المنزل منزلي والمرأة امرأتي؟ قال: عرفت عَقَائِقَ هذه النوق في البناء، وبوهدة الخلية في الفِناء، وسَقْب هذه الناب، وأثَرِ يدك في الأطناب، قال: صدقتني فِدَاك أبي وأمي، وكذبتني نفسي، فما الرأي؟ قال: هل لك علم؟ قال: نعم بشأني، قال لقمان: كل امرئ بشأنه عليم، فذهبت مثلا، قال له هانئ: هل بقيَتْ بعد هذه؟ قال لقمان: نعم، قال: وما هو؟ قال: تَحْمِي نفسك، وتحفظ عِرْسَك، قال هانئ: أفعل، قال لقمان: مَنْ يَفْعلِ الخير يَجِد الخبر، فذهبت مثلا، ثم قال: الرأيُ أن تقلب الظهرَ بَطْناً والبَطْنَ ظهراً، حتى يستبين لك الأمر أمراً، قال: أفلا أعاجِلُها بِكَيَّةٍ، توردها المنية، فقال لقمان: آخر الدَّوَاء الكَيُّ، فأرسلها مثلا، ثم انطلَقَ الرجلُ حتى أتى امرأته فقصَّ عليها القصة، وسل سيفه فلم يزل يضربها به حتى بَرَدَتْ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 291 1547- رَأْىُ الشَّيْخِ خَيْرٌ مِنْ مَشْهَدِ الغُلاَمِ. قاله علي رضي الله تعالى عنه في بعض حُروبه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 292 1548- أَرْغُوا لَها حُوَارَهَا تَقِرَّ. وأصله أن الناقة إذا سمعت رُغَاء حُوَارها سكنَتْ وهدأت. يضرب في إغاثة الملهوف بقضاء حاجته، أي أعْطِهِ حاجَتَه يسكُنْ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 292 1549- رَئِمْتُ لَهُ بَوَّضَيْمٍ. الْبَوّ: جلد الحُوَار المحشوّ تِبْناً. وأصله أن الناقة إذا ألقت سَقْطَها فخِيفَ [ص: 293] انقطاعُ لبنها أخذوا جلد حُوَارها فيُحْشى ويلطخ بشيء من سَلاَها فَتَرْأمه وتَدِرُّ عليه، يقال: ناقة رائم، ورَؤُم، إذا رَئِمتْ بَوّها أو ولدها، فإن رئِمَته ولم تدرَّ عليه فتلك العَلُوق، وينشد: أنَّى جَزَوْا عامراً سَوْءَى بفعلهمُ ... أم كيف يَجْزُونَنِي السَّوْءَى منَ الحسَنِ أمْ كَيْفَ يَنْفَعُ ما تُعْطِي العَلُوقُ به ... رِئْمَانُ أنْفٍ إذا ما ضُنَّ باللَّبَنِ وأنشد المبرد: رَئمتُ بَسلْمَى بوّضَيْمٍ، وإنَّنِي ... قديماً لآَبى الضَّيْمَ وَابْنُ أبَاةِ فقد وَقَفَتْنِي بين شَكٍّ وشُبْهَةٍ ... وما كُنْتُ وَقَّافاً على الشُّبُهَاتِ يضرب المثل لمن ألِفَ الضيمَ ورضي بالخَسف طلباً لرضا غيره. واللام في "له" معناه لأجله، واستعار للضيم بوّا ليوافق الرِّثْمَان، يريد قبلت وألِفْتُ هذا الضيمَ لأجله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 292 1550- أَرْخَتْ مَشَافِرَهَا لِلْعُسِّ وَالحلَبِ. يضرب للرجل يطلب إليك الحاجة فترده، فيعاود، فتقول: أرخت مَشَافِرَهَا، أي طَمِعَ فيها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 293 1551- رَمَّدَتِ الضَّأْنُ فَرَبِّقْ رَبِّقْ. التَّرْميد: أن تَعْظُم ضُروعُها، فإذا عظمت لم تَلْبَث الضأن أن تَضَع، ورَبِّقْ: أي هيئ الأرباق، وهي جمع رِبْق، والواحدة رِبْقَة، وهو أن يعمد إلى حَبْل فيجعل فيه عُراً يشد فيها رؤوس أولادها. يضرب لما لا ينتظر وقوعُه انتظاراً طويلاً. وفي ضده يقال: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 293 1552- رَمَّدَتِ المِعْزَى فَرَنِّقْ رَنِّقْ. الترنيق والترميق: الانتظار، وإنما يقال هذا لأنها تُبْطئ وإن عُظُمت ضروعها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 293 1553- ارْقَ عَلَى ظَلْعِكَ. يقال: ظَلَع البعيرُ يَظْلَع، إذا غَمَز في مشيته، ومعنى المثل تكلَّفْ ما تطيق، لأن الراقي في سُلَّم أو جَبَل إذا كان ظالعا فإنه يرفق بنفسه، ويقال "قِ عَلَى ظَلْعك" من وَقَى يَقِي، أي أبْقِ عليه. يضرب لمن يتوعَّدُ فيقال له: اقصد بذَرْعِك، وَارْقَ على ظَلْعك، أي على قدر ظلعك، أي لا تُجَاوز حَدَّك فِي وعبدك، وأبْصِرْ نَقْصَك وعَجْزَك عنه. ويقال "أرْقَأْ على ظلعك" بالهمز - أي أصلح أمْرِك أولاً، من قولهم "رَقَأتُ ما بينهم" أي أصلحت، ويقال: معناه كُفَّ [ص: 294] واربع وأمسك، من "رَقَأ الدمعُ يَرْقَأ" قال الكسائي: معنى ذلك كله اسكت على ما فيك من العيب، قال المرار الأسدي: مَنْ كان يَرْقَى على ظَلْع يُدَارِئه ... فإنَّنِي نَاطِقٌ بالحقِّ مُفْتَخِرُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 293 1554- رُبَّ صَلَفٍ تَحْتَ الرَّاعِدَةِ. الصَّلَف: قلة النزل والخير، والراعدة: السحابة ذاتُ الرعد. يضرب للبخيل مع الوُجْدِ والسَّعَة، كذلك قاله أبو عبيد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 294 1555- رُبَّ عَجَلَةٍ تَهَبُ رَيْثاً. ويروى "تَهُبُّ رَيْثاً" قاله أبو زيد، ورَيْثاً: نصبٌ على الحال في هذه الرواية، أي تهبُّ رائثةً، فأقيم المصدر مقام الحال، وفي الرواية الأولى نصب على المفعول به. وأول من قال ذلك - فيما يحكي المفضل - مالكُ بن عوف بن أبي عمرو بن عوف بن مُحَلِّم الشَّيْباني، وكان سنان بن مالك بن أبي عمرو ابن عوف بن ملحم شَامَ غَيْماً، فأراد أن يرحل بامرأته خماعة بنت عوف بن أبي عمرو، فقال له مالك: أين تظعن يا أخي؟ قال: أطلب موقع هذه السحابة، قال: لا تفعل فإنه ربما خَيَّلَتْ وليس فيها قَطْر، وأنا أخاف عليك بعضَ مقانب العرب، قال: لكني لست أخاف ذلك، فمضى، وَعَرَضَ له مروان القرظ بن زِنْبَاع بن حُذَيفة العَبْسي فأعجله عنها وانطلق بها وجعلها بين بناته وأخواته ولم يكشف لها سِتْراً، فقال مالك ابن عوف لسنان: ما فعلَتْ أختي؟ قال: نفتني عنها الرماح، فقال مالك : رُبَّ عجلة تهبُ رَيْثاً، ورب فَرُوقَة يُدْعَى لَيْثاً، ورب غَيْثٍ لم يكن غَيْثاً، فأرسلها مثلا. يضرب للرجل يشتدُّ حرصه على حاجة ويخرق فيها حتى تذهب كلها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 294 1556- أَرِينِهَا نَمرَةً أُرِكْهَا مَطِرَةً. الهاء في "أرنيها" راجعة إلى السحابة: أي إذا رأيت دليلَ الشيء علمتَ ما يتبعه، يقال: سحاب نَمِر وأنمر، إذا كان على لون النمر، وقوله "مطرة" يجوز أن يكون للازدواج، ويجوز أن يقال: سحاب مَاطِر ومَطِر، كما يقال: هاطل وهَطِل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 294 1557- رَأَى الكَوْكَبَ ظُهْراً. أي أَظْلَم عليه يومُه حتى أبصر النجم نهاراً، كما قال طَرَفَة: إِنْ تُنَوِّلْهُ فَقَدْ تَمْنَعُهُ ... وَتُرِيهِ النَّجْمَ يَجْرِي بالظُّهُرْ يضرب عند اشتداد الأمر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 294 1558- رَجَعْتُ أَدْرَاجِي. أي في أَدْرَاجِي، فحذف "في" وأوصل الفعل، يعني رجَعْتُ عَوْدِي على بَدْئي، وكذلك رَجَعَ أَدْرَاجَه، أي طريقَه الذي جاء منه، قال الراعي: لما دَعَا الدَّعْوَةَ الأولى فأسْمَعَنِي ... أَخَذْتُ ثَوْبِيَ فَاسْتَمْرَرْتُ أَدْرَاجِي ولقب عامر بن مجنون الجرمي جَرْمِ زبان "مُدَرِّج الريح" ببيته: أعَرَفْتَ رَسْماً من سُمَيَّةَ باللوى ... دَرَجَتْ عليه الريحُ بَعْدَكَ فَاسْتَوَى يقال: إنه قال "أعرفت رسماً من سمية باللوى" ثم أُرْتِجَ عليه سنةً، ثم أرسل خادما له إلى منزل كان ينزله قد خَبَأ فيه خبيئة، فلما أتته قال لها: كيف وجدت أثر منزلنا؟ قالت: دَرَجَت عليه الريحُ بعدك فاستوى، فأتمَّ البيت بقولها، ولقب "مدرج الريح". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 295 1559- أَرْقُبُ لَكَ صُبْحاً. يقوله الرجلُ لمن يتوعَّده، فيقول: ستصبح فَتَرَى أنك لا تقدر على ما تتوعدني به، ويقال أيضاً للرجل يحدثك بحديث فتكذبه، فتقول : أرقُبُ لك صبحاً، أي سيظهر كذبُكَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 295 1560- رَضِيتُ مِنَ الغَنِيمَةِ بالإيَابِ. أول من قاله امرؤ القيس بن حُجْر في بيتٍ له، وهو: وقد طَوَّفْتُ في الآفاق حَتَّي ... رضيتُ من الغَنِيمَةِ بالإيابِ يضرب عند القناعة بالسلامة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 295 1561- أَرْخِ يَدَيْكَ وَاسْتَرْخِ، إِنَّ الزِّنَادَ مِنْ مَرْخ. يضرب للرجل يطلب الحاجة إلى كريم فيقال له: لا تتشدَّدْ في طلب حاجتك، فإن صاحبك كريم، والمَرْخُ يكتفي باليسير من القَدْح. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 295 1562- رَجَعَ بأَفْوَقَ نَاصِلٍ. الناصل: السهمُ سقَط نصلُه، والأفْوَقُ: الذي انكسر فُوقه. يضرب لمن رَجَع عن مقصده بالخيبة، أو ربما لا غَنَاء عنده. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 295 1563- رَمَوْهُ عَنْ شِرْيَانَةٍ. الشِّرْيَان: شجَر يتخذ منه القِسِىُّ، أي اجتمعوا عليه ورَمَوْه عن قوسٍ واحدة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 295 1564- رَمَاهُ بِنَبْلِهِ الصَّائِبِ. إذا أجاب كلامَ خصمه بكلام جيد، قال لبيد: [ص: 296] فرمَيْتُ القَوْمَ نَبْلاً صائباً ... لَيْسَ بالعصل ولا بالمفتعل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 295 1565- ارْجِعْ إِنْ شِئْتَ في فُوقِى. أي عُدْ إلى ما كنت وكُنَّا من التواصل والمؤاخاة، قال الشاعر: هل أنتِ قائلة خَيْراً، وتارِكَةٌ ... شرا، وراجِعَةٌ إن شِئْتِ في فُوقِى؟ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 296 1566- رَكِبَ المُغَمِّضَةَ. أصلها الناقة ذِيدَتْ عن الحَوْضِ، فغمضت عينيها، فحَمَلت على الذائد، فوردت الحوض مغمضة، قال أبو النجم: يرسلها التغميض إنْ لم تُرْسَلِ ... وقال بعضهم: إياك ومغمضات الأمور، يعني الأمور المشكلة، قال الكميت: تحت المغمضة العَمَا ... سُ ومُلْتَقَى الأسَلِ النَّوَاهِلْ يضرب لمن ركب الأمر على غير بيان. وتقدير المثل: ركب الخطَّةَ المغمضة، أي الخطة التي يغمض فيها، ويجوز أن يقال: أراد رَكِبَ ركوبَ المغمضة، أي ركب رأسَه ركوبَ الناقة المغمضة رأسها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 296 1567- أَرِطِّى إِنَّ خَيْرَكِ بالرَّطِيطِ. أرَطَّ: أي جلب وصاح، والرطيط: الجلبة والصياح، يريد جبلي وصيحي، فإن خيرك لا يأتيك إلا بذاك. يضرب لمن لا يأتيه خيره إلا بمسألة وكَدٍّ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 296 1568- رَجَعَ بِخُفَّيْ حُنَيْنٍ. (انظر المثل "أخيب من حنين" رقم 1363) قال أبو عبيد: أصلُه أن حُنَيناً كان إسكافا من أهل الحِيرة، فساوَمَه أعرابي بخُفَّين، فاختلفا حتى أغْضَبه، فأراد غَيْظَ الأعرابي، فلما ارتَحَلَ الأعرابي أخذ حنينٌ أحدَ خفيه وطَرَحه في الطريق، ثم ألقى الآخر في موضع آخر، فلما مرَّ الأعرابي بأحدهما قال: ما أشبه هذا الْخفَّ بخف حنين ولو كان معه الآخر لأخذته، ومضى، فلما انتهى إلى الآخر نَدِمَ على تركه الأولَ، وقد كَمنَ له حنينٌ، فلما مضى الأعرابي في طلب الأول عمد حنينٌ إلى راحلته وما عليها فذهب بها، وأقبل الأعرابي وليس معه إلا الخُفَّانِ، فقال له قومه: ماذا جئت به من سفرك؟ فقال: جئتكم بِخُفَّيْ حُنَين، فذهبت مثلاً. يضرب عند اليأس من الحاجة والرجوع بالخيبة. وقال ابن السكيت: حنين كان رجلا شديداً ادَّعَى إلى أسد بن هاشم بن عبد مناف فأتى عبد المطلب وعليه خُفَّانِ أحمرانِ فقال: يا عم أنا ابنُ أسد بن هاشم، فقال عبد المطلب: [ص: 297] لا وثيابِ ابن هاشم، ما أعرف شمائل هاشم فيك، فارجع، فرجَع، فقالوا: رجع حنين بخفيه، فصار مثلا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 296 1569- رُبَّ نَعْلٍ شَرُّ مِنَ الْحَفَاءِ. قال الكسائي: يقال رجُل حَافٍ بين الحُفْوَة والحِفْيَة والحِفَايَةِ والحَفَاء بالمد، وكان الخليل بن أحمد رحمه الله تعالى يُسَاير صاحبا له، فانقطع شِسْعُ نعلِهِ، فمشى حافياً، فخلع الخليلُ نعلَه وقال: من الْجَفَاء، أن لا أواسيك في الْحَفَاء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 297 1570- رُبَّ أَكْلَةٍ تَمْنَعُ أَكْلاَتٍ. يضرب في ذم الحرص على الطعام. قال المفضل: أول من قال ذلك عامر ابن الظَّرِبِ العَدْوَاني، وكان من حديثه أنه كان يدفع بالناس في الحج، فرآه ملك من ملوك غَسَّان، فقال: لا أترك هذا العَدْوَاني أو أُذِلَّهُ، فلما رجع الملك إلى منزله أرسل إليه: أُحِبُّ أن تزورني فأحْبُوَكَ وأكرمك وأتخذك خِلاًّ، فأتاه قومه فقالوا: تَفِدُ ويَفِدُ معك قومُك إليه، فيصيبون في جَنْبك ويَتَجَيَّهُونَ بجاهك، فخرج وأخرج معه نَفَراً من قومه، فلما قدم بلادَ الملك أكرمه وأكرم قومه، ثم انكشف له رأيُ الملك فجَمَع أصحابه وقال: الرأيُ نائم والهوى يَقْظَان، ومن أجل ذلك يغلبُ الهوى الرأيَ، عَجِلْتُ حين عجلتم، ولن أعود بعدها، إنا قد تَوَرَّدْنَا بلاد هذا الملك، فلا تسبقوني برَيْثِ أمرٍ أقيم عليه ولا بعَجَلَةِ رأي أخفُّ معه، فإن رأيي لكم، فقال قومه له: قد أكرمَنَا كما ترى، وبعد هذا ما هو خير منه، قال: لا تَعْجَلوا فإن لكل عام طعاما، ورب أَكْلَةٍ تمنَعُ أكلات، فمكثوا أياماً، ثم أرسل إليه الملك فتحدَّثَ عنده ثم قال له الملك: قد رأيتُ أن أجعلك الناظِرَ في أموري، فقال له: إنَّ لي كَنْزَ علمٍ لستُ أعلم إلا به، تركتُه في الحي مدفوناً، وإن قومي أَضِنَّاء بي، فاكتب لي سِجِلاًّ بجباية الطريق، فيرى قومي طَمَعاً تطيبُ به أنفسُهم فأستخرج كنزي وأرجع إليك وافراً، فكتب له بما سأل، وجاء إلى أصحابه فقال: ارْتَحِلُوا، حتى إذا أدبروا قالوا: لم يُرَ كاليوم وافدُ قومٍ أقل ولا أبعد من نَوَالٍ منك، فقال: مهلا، قليس على الرزق فَوْت، وغَنِمَ من نجا من الموت، ومَنْ لا يُر باطنا يَعِش واهنا، فلما قدم على قومه أقام فلم يَعُدْ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 297 1571- رَبَضُكَ مِنْكَ وَإِنْ كانَ سَمَاراً. يقال لقوت الإنسان الذي يقيمه ويعتمده [ص: 298] من اللبن: رَبَضٌ، والسَّمَار: اللبن المَمْذُوق، يقول: منك أهلُكَ وخَدَمْك ومن تأوِي إليه وإن كانوا مُقَصِّرِين، وهذا كقولهم: "أَنْفُكَ منك وإن كان أَجْدَعَ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 297 1572- رُبَّ مُكْثِرٍ مُسْتَقِلٌّ لما في يَدَيْهٍ. يضرب للرجل الشحيح الشَّرِه الذي لا يقنع بما أعطى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 298 1573- أرِنِي غَيًّا أزِدْ فِيهِ. يضرب للرجل يتعرَّضُ للشر ويُوقِع نفسه فيه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 298 1574- رَأيْتُهُ بأَخِي الْخَيْرِ. أي رأيته بشر، ورأيته بأخي الشر، أي رأيته بخير. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 298 1575- رُبَّ سَامِعِ عِذْرَتِي لَم يَسْمَعْ قِفْوَتِي. العِذْرَة: المعذرة، والقِفْوَة: الذنب، يقال: قَفَوْتُ الرجلَ، إذا قَذَفْتَه بفُجُور صريحاً، وفي الحديث "لا حَدَّ إلا في القَفْو البين" والاسم: القِفْوَة. والمثلُ يقوله الرجل يعتذر من أمر شتم به إلى الناس، ولو سكت لم يعلم به. ويروى "رب سامع قِفْوَتِي، ولم يسمع عِذْرَتِي" قال الأصمعي: معناه سمع ما أكره من أمري ولم يسمع ما يغسله عني. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 298 1576- رُهْبَاكَ خَيْرٌ مِنْ رُغْبَاكَ. ويروى "رَهْبَاكَ خَيْرٌ من رَغْبَاك" والضم أجود من الفتح، لأنه إذا فتح مد، يقال: الرُّغْبَى والرَّغْبَاء والنُّعْمَى والنَّعْمَاء، والبُؤْسَى والبَأْساء، اللهم إلا أن يقال: أرادوا المد فقصروا، وكلاهما مصدر أضيف إلى المفعول، يقول: فَرَقُه منك خيرٌ لك من حُبِّه لك، وقيل: لأن تُعْطَى على الرَّهْبَة منك خيرٌ من أن ترغب إليهم، ومثل هذا قولهم "رَهَبُوتٌ خيرٌ من رَحَمُوت" وقد مر قبل ذلك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 298 1577- رَآهُ الصَّادِرُ وَالْوَارِدُ. يضرب لكل أمرٍ مشهورٍ يعرفه كل أحد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 298 1578- اسْتَرَاحَ مَنْ لاَ عَقْلَ لَهُ. يقال: إن أول مَنْ قال ذلك عمرو بن العاص لابنه، قال: يا بني، والٍ عادلٌ خير من مطر وابل، وأسد حَطومٌ خير من والٍ ظلوم، ووالٍ ظلومٌ خير من فتنة تدوم. يا بني عَثْرَة الرِّجْلِ عَظْم يُجْبَرُ، وعثرة اللسان لا تُبْقِي ولا تَذَر، وقد استراح من لا عقل له. قال الراعي: [ص: 299] أَلِفَ الهمومُ وِسَادَهُ وَتَجَنَّبَتُ ... كَسْلاَنَ يُصْبِحُ في المَنَامِ ثَقِيلاَ وقال بعض المتأخرين: مستراح من لا عقل له. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 298 1579- رُبَّ لاَئِمٍ مُلِيمٌ. أي أن الذي يلوم الممسك هو الذي قد ألام في فعله، لا الحافظ له، قاله أكْثَمُ بن صَيْفي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 299 1580- رُبَّ سَامِعٍ بِخَبَرِي لم يَسْمَعْ عُذْرِي. يقول: لا أستطيع أن أعلنه، لأن في الإعلان أمراً أكرهه، ولست أقدر أن أوسع الناس عُذراً، والباء في "بخبري" زائدة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 299 1581- رُبَّ رَمْيَةٍ مِنْ غَيْرِ رَامٍ. أي: رُبَّ رميةٍ مصيبة حَصَلت من رام مخطئ، لا أن تكون رمية من غير رام، فإن هذا لا يكون قط. وأول من قال ذلك الْحَكَم بن عَبْد يَغُوث المنقري، وكان أرمى أهلِ زمانه، وآلى يمينا ليذبَحَنَّ على الغَبْغَبِ مَهَاة، ويروى ليدجنَّ، فحمل قوسَه وكِنانته، فلم يصنع يومه ذلك شيئاً، فرجع كئيباً حزيناً، وبات ليلته على ذلك، ثم خرج إلى قومه فقال: ما أنتم صانعون فإني قاتلُ نفسي أسفاً إن لم أذبحها اليوم؟ ويروى أدجها، فقال له الحُصَيْن بن عبد يَغُوث أخوه: يا أخي دج مكانها عَشْراً من الإبل ولا تقتل نفسك، قال: لا واللاتِ والعُزَّى لا أظلم عاترة، وأترك النافرة، فقال ابنه المُطْعِمُ بن الحكم: يا أبة احملني معك أرْفِدْكَ، فقال له أبوه: وما أحمل من رعش وَهِلْ، جَبَان فشل، فضحك الغلام وقال: إن لم تر أوْدَاجَها تخالط أمشاجها فاجعلني وداجها، فانطلقا، فإذا هما بمَهَاة فرماها الحكمُ فأخطأها، ثم مرت به أُخرى فرماها فأخطأها، فقال: يا أبة أعْطِنِي القوسَ، فأعطاه فرماها فلم يخطئها، فقال أبوه: رُبَّ رميةٍ من غير رَامٍ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 299 1582- رَكِبَ جَنَاحَيْ نَعَامَةٍ. يضرب لمن جَدَّ في أمرٍ إما انهزامٍ وإما غير ذلك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 299 1583- رُبَّ ساعٍ لِقاعِدٍ. ويروى معه "وآكِلٍ غير حامد" يقال: إن أول من قاله النابغة الذبياني، وكان وفَدَ إلى النعمان بن المنذر وفودٌ من العرب فيهم رجل من بني عَبْس يقال له شقيق، فمات عنده، فلما حبا النعمانُ الوفودَ بعث إلى أهل شقيق بمثل حِباء الوَفْد، [ص: 300] فقال النابغة حين بلغهُ ذلك : ربَّ ساعٍ لقاعد، وقال للنعمان: أبقيْتَ للعَبْسِيِّ فَضْلاً ونعْمَةً ... ومَحْمَدَةً من باقيات المَحَامِدِ حباء شقيق فَوْقَ أعْظُمِ قَبْرِهِ ... وكان يُحْبَى قبلَه قبرُ وافِدِ أتى أهْلَهُ منه حِبَاءٌ ونعمة ... ورُبَّ امرئ يَسْعَى لآخَرَ قَاعِدِ ويروى "لسْلَمِى أمَّ خالد، رب ساع لقاعد" قالوا: إن أول مَنْ قال ذلك معاوية ابن أبي سفيان، وذلك أنه لما أخَذَ من الناس البيعةَ ليزيد ابنهِ قال له: يا بني، قد صيرتك وليَّ عهدي بعدي، وأعطيتك ما تمنيت، فهل بقيَتْ لك حاجة أو في نفسك أمر تحب أن أفعله؟ قال يزيد: يا أمير المؤمنين، ما بقيَتْ لي حاجة ولا في نفسي غُصَّة ولا أمرٌ أحبُّ أن أناله إلا أمر واحد، قال: وما ذاك يا بني؟ قال: كنت أحِبُّ أن أتزوج أم خالد امرأةَ عبد الله بن عامر بن كريز، فهي غايتي ومُنْيَتي من الدنيا، فكتب معاوية إلى عبد الله بن عامر فاستقدمه، فلما قدم عليه أكرمه وأنزله أياماً، ثم خلا به فأخبره بحال يزيد ومكانه منه وإيثاره هَوَاه. وسأله طلاقَ أم خالد على أن يطعمه فارسَ خمسَ سنين، فأجابه إلى ذلك، وكتب عهده، وخَلَّى عبدُ الله سبيلَ أم خالد، فكتب معاوية إلى الوليد ابن عُتْبَة وهو عامل المدينة أن يعلم أم خالد أن عبد الله قد طَلَّقها لتعتدَّ، فلما انقضَتْ عدتُها دعا معاويةُ أبا هريرة فدفع إليه ستين ألفاً، وقال له: ارْحَلْ إلى المدينة حتى تأتيَ أمَّ خالد فتخطبها على يزيد، وتعلمها أنه وليُّ عهد المسلمين، وأنه سَخِيٌّ كريم، وأن مهرها عشرون ألف دينار، وكرامتها عشرون ألف دينار، وهديتها عشرون ألف دينار، فقدم أبو هريرة المدينةَ ليلا، فلما أصبح أتى قبرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلقيه الحسنُ بن علي، فسلم عليه وسأله: مَتَى قدمت؟ قال: قدمتُ البارحةَ، قال: وما أقْدَمَك؟ فقصَّ عليه القصة، فقال له الحسن: فاذْكُرْنِي لها، قال: نعم، ثم مضى، فلقيه الحسينُ بن علي وعبيدُ الله بن العباس رضي الله تعالى عنهم، فسألاه عن مَقْدَمه فقصَّ عليهما القصة، فقالا له: اذكرنا لها، قال: نعم، ثم مضى فلقيه عبدُ الله بن جعفر بن أبي طالب وعبدُ الله ابن الزبير وعبد الله بن مُطيع بن الأسود، فسألوه عن مَقْدَمه فقصَّ عليهم القصة، فقالوا: اذكرنا لها، قال: نعم، ثم أقبل حتى دخل عليها، فكلَّمها بما أمر به معاويةُ، ثم قال [ص: 301] لها: إن الحسَنَ والحسين ابني علي وعبدَ الله ابن جعفر وعبيدَ الله بن العباس وابنَ الزبير وابنَ مطيع سألوني أن أذكرهم لك، قال: أما هَمِّي فالخروج إلى بيت الله والمجاورة له حتى أموت أو تشير علي بغير ذلك، قال أبو هريرة: أمّا أنا فلا أختار لك هذا، قالت: فاختر لي، قال: اختاري لنفسك، قالت: لا، بل اخْتَرْ أنت لي، قال لها: أما أنا فقد اخْتَرْتُ لك سيدَيْ شبابِ أهل الجنة، فقالت: قد رضيتُ بالحسن بن علي، فخرج إليه أبو هريرة فأخبر الحسنَ بذلك وزوَّجَها منه، وانصرف إلى معاوية بالمال، وقد كان بلغ معاوية قصته، فلما دخل عليه قال له: إنما بَعَثْتُك خاطباً ولم أبعثك محتسباً، قال أبو هريرة: إنها استشارتني والمستشار مؤتمن، فقال معاوية عند ذلك: اسْلَمِي أم خالد، رب ساع لقاعد، وآكل غير حامد، فذهبت مثلا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 299 1584- رضَا النَّاسِ غَايَةٌ لاَ تُدْرَكُ. هذا المثل يروى في كلام أكْثَمَ بن صَيْفي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 301 1585- الرَّبَاحُ مَعَ السَّمَاحِ. الرَّبَاح: الرِّبْحُ، يعني أن الجود يُورِثُ الحمدَ ويربح المدح. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 301 1586- أَرِها أَجَلَى أنَّى شِئْتَ. أجلى: مَرْعىً معروفٌ، وهذا من كلام حُنَيْفِ الحَنَاتم لما سئل عن أفضل مَرْعىً، وكان من آبَلِ الناس فقال: كذا وكذا، فعَدَّ مواضعَ ثم قال بعد هذا: أرِهَا - يعني الإبِلَ - أجلَى أنِّي شئت، يعني متى شئت، أي اعْرِضْ عليها، ويروى "أرْعِهَا أجلى". يضرب مثلا للشيء بَلَغَ الغاية في الجودة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 301 1587- ارْكَبْ لِكُلِّ حالٍ سِيسَاءهُ. السِّيسَاء: ظهرُ الحمار، ومعناه اصبر على كل حال. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 301 1588- ارْضَ مِنَ المَرْكَبِ بِالتَّعْلِيقِ. أي ارْضَ من عظيم الأمور بصغيرها. يضرب في القَنَاعة بإدراك بعض الحاجة، والمركب: يجوز أن يكون بمعنى الركوب أي ارْضَ بدَلَ ركوبك بتعليق أمتعتك عليه، ويجوز أن يراد به المركوب، أي ارْضَ منه بأن تتعلق به في عُقْبتك ونَوْبتك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 301 1589- أَرِقْ عَلَى خَمْرِكَ أَوْ تَبَيَّنْ. أي رَقِّقْهَا بالماء لئلا تذهب بعقلك، أو تَبَيَّنْ فانْظُرْ ما تصنع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 301 1590- رُبَّ مُخْطِئَةٍ مِنَ الرَّامي الذَّعَّافِ. أي رب رَمْيَة مخطئة من الرامي القاتل من قولهم "ذَعَفَه" إذا سقاه الذعَاف، وهو [ص: 302] السم القاتل، وهذا قريب من قولهم "قَدْ يَعْثُرُ الجَوَاد". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 301 1591- رُبَّ شَدٍّ فِي الكُرْزِ. يقال: إن فارساً طَلَبه عَدُوٌّ وهو على عقوق، فألقت سليلها وعَدَا السليلُ مع أمه، فنزل الفارس وحمله في الجوالق، فرهَقَه العدو وقال له: ألْقِ إليَّ الفَلُوَّ، وقال هذا القول، يعني أنه ابن منجبين. يضرب لمن يُحْمَدُ مَخْبره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 302 1592- رُبَّ حَثِيثٍ مَكِيثٌ. يقال: مَكَثَ فهو ماكِث ومَكِيث. يضرب لمن أراد العَجَلة فحَصَل على البطء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 302 1593- رِجْلاَ مُسْتَعِيرٍ أَسْرَعُ مِنْ رِجْلَىْ مُؤَدٍّ. يضرب لمن يُسْرِع في الاستعارة ويبطئ في الردِّ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 302 1594- رُبَّ شانِئَةٍ أَحْفَى مِنْ أُمٍّ. يعني أنها تُعْنَى بطلب عيوبك فعِنَايتها أشَدُّ من عناية الأم، لأن الأم تُخْفِي عَيْبَكَ فتبقى عليه، وهي تظهره فتتهذب بسببها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 302 1595- رُبَّ أَخٍ لَكَ لَمْ تَلِدْهُ أُمُّكَ. يعني به الصديق، فإنه ربما أرْبى في الشفقة على الأخ من الأب والأم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 302 1596- رُبَّ رَيْثٍ يُعْقِبُ فَوْتاً. هذا مثل قولهم "في التأخير آفات" أي ربما أخِّرَ أمرٌ فيفوت. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 302 1597- رُبَّ طَلَبٍ جَرَّ إِلَى حَرَبٍ. أي ربما طلب المرءُ ما فيه هلاكُ مالِهِ، ومثلُه: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 302 1598- رُبَّ أُمْنِيَّةٍ، جَلَبَتْ مَنِيَّة. ويروى "نَتَجَتْ منيةً" ومثلهما: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 302 1599- رُبَّ طَمَعٍ أَدْنَى إِلىَ عَطَبِ. وقريب مما تقدم قولهم: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 302 1600- رُبَّ نَارِكَيٍّ خِيلَتْ نَارَ شَيٍّ. وقال: لاتَتْبَعَنْ كُلَّ دُخَانٍ تَرَى ... فالنَّارُ قَدْ تُوقَدُ لِلْكَيَّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 302 1601- رُبَّمَا كانَ السُّكُوتُ جَوَاباً. هذا كقولهم "تَرءكُ الجواب جَوَابٌ" قال أبو عبيد: يقال ذلك للرجل الذي يجلُّ خَطَره عن أن يكلم بشيء، فيجاب بترك الجواب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 302 1602- رُبَّمَا أَعْلَمُ فأَذَرُ. أي ربما أعلم الشيء فأذره، لما أعرف من سوء عاقبته. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 302 1603- رَأَى الكَوَاكِبَ مُظْهِراً. يقال "أظْهَرَ" إذا دخَلَ في وقت الظهيرة. يضرب لمن دُهِىَ فأظلم عليه يومُه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 303 1604- رَضِيَ مِنَ الوَفَاءِ بِاللَّفَاءِ. الوَفَاء: التوفية، يقال: وَفَّيْتُه حقَّه تَوْفِية ووَفَاء، واللَّفاء: الشيء الحقير، يقال: لَفَّاه حَقَّه إذا بَخَسه، فاللَّفَاء والوفاء مصدران (يعني أنهما يدلان على معنى المصدر، وإن كان كل منهما - عند النحاة - اسم مصدر كالكلام والسلام والبيان، بمعنى التكليم والتسليم والتبيين) يقومان مقام التوفية والتلفية. يضرب لمن رضي بالتافه الذي لا قَدْرَ له دون التام الوافر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 303 1605- أَرْسِلْ حَكِيماً وأَوْصِهِ. أي أنه وإن كان حكيما فإنه يحتاج إلى معرفة غرضِكَ. وبضده يقال: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 303 1606- أرْسِلْ حَكِيماً ولاَ تُوصِهِ. أي هو مستغنٍ بحكمته عن الوصية. قالوا: إن هذين المثلين للقمان الحكيم، قالهما لابنه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 303 1607- الرَّشْفُ أنْقَعُ. أي أذْهَبُ وأقْطَعُ للعطش. والرَّشْفُ: التأني في الشرب. يضرب في ترك العَجَلة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 303 1608- الرُّغْبُ شُؤْمٌ. يعني أن الشَّرَه يعود بالبلاء، يقال: رَغِب رَغباً فهو رَغِيبٌ، والرغيب أيضاً: الواسعُ الجوفِ، وأكثر ما يستعمل في ذم كثرة الأكل والحرصِ عليه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 303 1609- الرَّفِيقَ قَبْلَ الطَّرِيق. أي حَصِّلِ الرفيق أولا واخْبُرْهُ، فربما لم يكن موافقا ولا تتمكن من الاستبدال به. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 303 1610- الرَّاويِةُ أحَدُ الشَّاتِمَيْنِ. هذا مثل قولهم "سَبَّكَ مَنْ بَلَّغَكَ" الجزء: 1 ¦ الصفحة: 303 1611- رَكِبْتُ هَجَاجِي فَرَكِبَ هَجَاجَهُ. يقال: ركبَ فلانٌ هَجَاجَ غير مُجْرىً (غير مجرى: معناه غير منون) وهَجَاجِ مثلَ قَطَامِ، إذا ركبَ رأسَه. يضرب للرجلين إذا تَدَارَيَا، أي ركبتُ باطلي فركْب باطلَه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 303 1612- ارْتَدَّتْ عَلَيْهِ أرْعَاظُ النَّبْلِ. يضرب لمن طلب شيئاً فلم يصل إليه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 303 1613- رُبَّ فَرَسٍ دُونَ السَّابِقَةِ. يضرب عند الترضية بالقَنَاعة بما دون المنى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 304 1614- رَكِبَتْ عَنْزُ بِحِدْجٍ جَمَلاَ. عَنْز: امرأة من طَسْم سُبِيَتْ فحملت في هَوْدج، يهزؤن بها، والتقدير: ركبت عنز جملا مع حِدْج، أو جملا سائرا بحدج، وقد ذكرت الكلام فيه في باب الشين عند قوله "شر يوميها وأغْوَاهُ لها". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 304 1615- أرْخِ عِنَاجَهُ يُدَالِكَ. العِناج: العَنْجُ، وهو أن تثني بالزمام، والمُدَالاَةُ: المُدَاراة والرفق، أي ارْفُقْ به يتابعك، وذلك أن الرجل إذا ركب البعيرَ الصَّعْبَ وعَنَجَه بالزمام لم يتابعه، ويجوز أن يكون "يُدَالِكَ" من الدَّلْوِ وهو السير الرويد، يقال: دَلَوْتُ الناقَةَ، أي سيرتُهَا سيراً رويداً، وقال: لا تَقْلُوَاهَا وادْلُوَاهَا دَلْوَا ... إِنَّ مَعَ الْيَوْمِ أَخَاهُ غَدْوَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 304 1616- أرَوَغَاناً يَاثُعَال، وقَدْ عَلِقْتَ بالْحِبَال؟ ثعالة: الثعلب. يضرب لمن يُرَاوغ وقد وجَبَ عليه الحق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 304 1617- ارْفَعْ بِاسْتِ مُمْجِرٍ ذَاتِ وَلَدٍ. الممجر من الشاء: التي لا تستطيع أن تَنْهَضَ بولدها من الهُزَال. يضرب للرجل العاجز يُضَيَّقُ عليه أمره فلا يستطيع الخروجَ منه فيقال لك أعِنْهُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 304 1618- رَمَاهُ الله بِالطُّلاَطِلَةِ وَالْحُمَّى المُمَاطِلَةِ. الطُّلاَطلة: الداء العُضَال لا دواء له، وقال أبو عمرو: هو سقوط اللَّهَاة. يضرب هذا لمن دُعِيَ عليه، أي رماه الله بالداهية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 304 1619- أرَى خَالاً وَلاَ أرَى مَطَرَا. الخَالُ: السحاب يُرْجى منه المطر. يضرب للكثير المالِ لا يُصَاب منه خير. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 304 1620- رَكُوضٌ فِي كُلِّ عَرُوضٍ. العَرُوضُ: الناحية. يضرب لمن يَمْشي بين القوم بالفَسَاد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 304 1621- رَجَعْتَ وخَسْأً وَذَمًّا. يضرب لمن يرجع عن مطلوبه خائباً مذموما، ونصب "خَسْأ وذما" بالواو التي بمعنى مع، أي رجعت مع خسء وذم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 304 1622- رُبَّ فَرْحَةٍ تَعُودُ تَرْحَةً. يعني أن الرجل يولَدُ له الولدُ فيفرح، [ص: 305] وعسى أن يعود فرحه إلى ترح لجناية يجنيها أو ركوبِ أمرٍ فيه هلاكُه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 304 1623- رُبَّ جُوعٍ مَرِيء. يضرب في ترك الظلم، أي لا تظلم أحداً فتتخم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 305 1624- رَمانِي مِنْ جُولِ الطَّوِىِّ. الجُول والجَالُ: نواحي البئر مِن داخِلٍ أي رماني بما هو راجع إليه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 305 1625- رَكِبَ عُودٌ عُوداً. يعنون السهم والقوس. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 305 1626- رُبَّ كَلِمَةٍ سَلَبَتْ نِعْمَةً. يضرب في اغتنام الصَّمْتِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 305 1627- رَتْواً يُحْلَبُ الأبْكَارُ. قال الأموي: رَتَوْتُ بالدَّلْو، أي مددتُها مدّاً رفيقا، والأبكار جمع بِكر، وهي من الإبل الناقة التي ولدت بطناً واحداً ونصب رَتْواً على المصدر، أي ارفق رفقا يلحق الأتباع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 305 1628- رُبَّ مَلُومٍ لاَ ذَنْبَ لَهُ. هذا من قول أكْثَمَ بن صَيْفي، يقول: قد ظهر للناس منه أمر أنْكَرُوه عليه، وهم لا يعرفون حجته وعذره، فهو يُلاَم عليه، وذكروا أن رجلا في مجلس الأحنف بن قيس قال: ليس شيء أبغض إليَّ من التمر والزبد، فقال الأحنف: رُبَّ مَلُوم لا ذنب له. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 305 1629- ارْضَ مِنَ العُشْبِ بِالْخُوصَةِ. هذا مثل قولهم "ارْضَ من المركب بالتعليق". والخوصة: واحدة الخوص، وهي وَرَق النخل والعرفج، يقال: أخْوَصَتِ النخلة، وأخْوَصَ العرفج، إذا تفطر بوَرَق. يضرب في القناعة بالقليل من الكثير. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 305 1630- الرَّيْعُ مِنْ جَوْهَرِ البَذْرِ. يقال: رَاعَ الطعامُ يَرِيعُ وأرَاعَ يُرِيع، إذا صارت له زيادة في العَجْن والْخَبْز. يضرب للفرع الملائم للأصل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 305 1631- الرِّفْقُ يُمْنٌ والْخُرْقُ شُؤْمٌ. اليمن: البركة، والرِّفْقُ: الاسمُ من رَفَقَ به يَرْفُق، وهو ضد العُنْف، والذي في المثل من قولهم "رَفُقَ الرجلُ فهو رَفِيق" وهو ضد الخُرْق من الأخْرَقِ، وفي الحديث "ما دَخَلَ الرفقُ شيئاً إلا زانه" أراد به ضد العنف. يضرب في الأمر بالرفق والنهي عن سوء التدبير. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 305 1632- الرُّومُ إِذَا لَمْ تُغْزَ غَزَتْ. يعني أن العدو إذا لم يقهر رام القهرَ، وفي هذا حَضٌّ على قهر العدو. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 305 1633- أُرِيدُ حِبَاءَه وَيُرِيدُ قَتْلِي. هذا مَثَل تمثل به أمير المؤمنين عليّ كرم الله وجهه حين ضربه ابنُ مُلْجَم لعنه الله، وباقي البيت: عَذِيرَكَ من خَلِيلِكَ مِنْ مُرَاد ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 306 1634- رُبَّ طَرْفٍ أفْصَحُ مِنْ لِسَانٍ. هذا مثل قولهم "البغض تُبْدِيه لك العينان". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 306 1635- رُبَّ كَلِمَةٍ تَقُولُ لِصَاحِبِهَا دَعْنِي. يضرب في النهي عن الإكثار مخافة الإهجار. ذكروا أن نلكا من ملوك حِمْيَر خرج مُتَصَيِّداً معه نديم له كان يُقَرِّبه ويكرمه، فأشرف على صخرة مَلْساء ووقَف عليها، فقال له النديم: لو أن إنسانا ذُبِحَ على هذه الصخرة إلى أين يبلغ دمه؟ فقال الملك: اذبحوه عليها ليرى دمه أين يبلغ، فذبح عليها، فقال الملك: رُبَّ كلمة تقول لصاحبها دعني. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 306 1636- رُبَّ ممْلُولٍ لاَ يُسْتَطَاعُ فِرَاقُهُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 306 1637- رُبَّ رَأْسٍ حَصِيدُ لِسَانٍ. الْحَصِيد بمعنى المحصود. يضرب عند الأمر بالسكوت. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 306 1638- رُبَّ ابْنِ عَمٍّ لَيْسَ بابْنِ عَمٍّ. هذا يحتمل معنيين: أحدهما أن يكون شكاية من الأقارب، أي رب ابن عم لا ينصرك ولا ينفعك، فيكون كأنه ليس بابنِ عم، والثاني أن يريد رُبَّ إنسان من الأجانب يهتم بشأنك ويستحي من خذلانك فهو ابن عم مَعنىً وإن يكن ابن عم نسباً، ومثله في احتمال المعنيين قولهم: "رُبَّ أخٍ لك لم تلده أمك". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 306 1639- رَزَمَةً وَلاَ دِرَّةً. الرَّزَمَةُ: حَنينُ الناقة، والدِّرَّة: كثرة اللبن وسيلانه. يضرب لمن يعد ولا يفي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 306 1640- رُدَّ الْحَجَرَ مِنْ حَيْثُ جاءَكَ. أي لا تَقْبل الضَّيْمَ وارْمِ مَنْ رَمَاك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 306 1641- رَكَضَ ما وَجَدَ مَيْدَاناً. أي رَكَضَ مدة وجدانه المَرْكَضَ. يضرب لمن تعدَّى حدَّ القَصْد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 306 1642- رُبَّ طَمَعٍ يَهْدِى إِلَى طَبَعٍ. الطبع: الدَّنَسُ، قال الشاعر: لا خَيْرَ في طَمَع يَهْدِي إلى طَبَعٍ ... وَغُفَّةٌ مِنْ قِوَامِ العَيْشِ تَكْفِينِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 306 1643- رَبَاعِي الإبِلِ لاَ يَرْتَاع مِنَ الْجَرَسِ. هذا مثل تبتذله العامة، والرباعي: الذي ألقى رَبَاعِيَتَه من الإبل وغيرها، وهي السن التي بين الثَّنِيَّة والناب، يقال: رَبَاع مثل ثمَان، والأنثى رَبَاعِية، قال العجاج يصف حماراً وحشياً: رَبَاعِياً مُرْتَبِعاً أوْ شوقباً ... ويطلق على الغنم في السنة الرابعة، وعلى البقر والحافر في الخامسة، وعلى الخف في السابعة. يضرب لمن لقى الخطوبَ، ومارَسَ الحوادثَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 307 1644- رُبَّمَا أصَابَ الأَعْمَى رُشْدَهُ. أي ربما صادف الشيء وَفْقَه من غير طلب منه وقصد، وكثيراً ما يقولون "بما أصاب الأعمى رشده" مكان "ربما" قال حسان: إنْ يكُنْ غَثَّ من رَقَاشِ حَدِيثٌ ... فَبِمَا تأكُلُ الحدِيثَ السَّمِينَا قالوا: أراد ربما، قلت: يجوز أن تكون الباء في قوله: "فبما تأكل" باء البدل كما يقال: هذا بذاك، أي بدله، يقول: إن غثَّ حديثها الآن فببدل ما كنت تسمع السمين من حديثها قبل هذا، ومثله قول ابن أخت تأبط شراً يرثي خاله: فلئن فَلَّتْ هُذَيلٌ شَبَاه ... لَبِمَا كان هُذَيْلاً يفلُّ وُبمَا يتركهم في مناخ ... جعجع ينقب فيه الأظَل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 307 1645- أُرَيْنب مُقْرَنْفِطَهْ، عَلَى سَوَاءِ عُرْفُطَهْ. أُرَيْنب: تصغير أرنب، وهي تؤنث، والاقرنفاط: الانقباض، ومنه قول الرجل لامرأته وقد شاخا: يا حبذا مُقْرَنْفَطُك ... إذ أنا لا أفرِّطُك فقالت: ياحَبَّذَا ذَبَاذِبُكَ ... إذ الشَّبَابُ غالبك وهذه أرنب هَرَبَتْ من كلب أو صائد فعلت شجرة عُرْفُطة، وسَوَاء الشيء: وسَطُه. يضرب لمن يستتر بما ليس يستره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 307 1646- رَماهُ الله بأَحْبَى أقْوَس. َ أي بالداهية، والأحبى الأقوس: الداهي المُمَارس من الرجال، تقول العرب: قالت الأرنب: لا يدرِينِي - أي لا يختلني - إلا الأحْبَي الأقْوَسُ، الذي يبدرني ولا يَيْأس. قلت: الأحبى: أفعل من الحَبْوِ، وهو الصائد الذي يَحْبُو للصيد، والأقوس: المُنْحَنِيُّ [ص: 308] الظهر، وهو من صفة الصائد أيضاً، فصار اسماً للداهية، فلذلك نكَّره، وبعضهم يروى "رماه الله بأحوَى" بالواو كما يقال "رماه الله بأحوى ألوى" هذا من الحي واللَّيِّ، أي بمَنْ يجمع ويمنع، ومنه: "لَيُّ الواجِدِ ظُلْمٌ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 307 1647- رُبَّ حَمْقَاءَ مُنْجِبَة. يقال "أَنْجَبَ الرجلُ" إذا كانت أولاده نُجَباء، وأنجبت المرأة: ولدت نَجِيباً. قال ابن الأعرابي: أربعة مَوْقَى: كلابُ بن ربيعة بن عامر بن صَعْصعة، وعِجْل بن لُجَيْم، ومالك بن زيد مَنَاة بن تميم، وأَوْسُ بن تغلب، وكلهم قد أَنْجَبَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 308 1648- رَمَى الكَلاَمَ عَلَى عَوَاهِنِهِ. إذا لم يُبَال أصاب أم أخطأ. قلت: أصل هذا التركيب يدلُّ على سهولة ولين وقلة عَنَاء في شيء ومنه العِهْن المَنْفُوش، ورجل عاهن: أي كسلان مُسْتَرْخٍ، والعواهن: عروق في رحم الناقة، ولعل المثل يكون من هذا، أي أن القائل من غير روية لا يعلم ما عاقبة قوله كما لا يعلم ما في الرحم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 308 1649- رُبَّمَا أرَادَ الأَحْمَقُ نَفْعَكَ فَضَرَّكَ. يضرب في الرَّغْبة عن مخالطة الجاهل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 308 1650- رَكِبَ عُرْعُرَهُ. إذا أساء خلقه، وهذا كما يقال "ركِبَ رأسه" وعُرْعُرة الجبل والسَّنَام: أعلاه ورأسُه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 308 1651- رَجَعَ عَلَى حَافِرَتِهِ. أي الطريق الذي جاء منه، وأصله من حافِرِ الدابة، كأنه رجع على أثر حافره. يضرب للراجع إلى عادته السوء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 308 1652- رَفَعَ بِهِ رَأْساً. أي رضي بما سمع وأصاخ له، أنشد ابن الأعرابي في هذا المعنى: فَتًى مثلُ صَفْو الماء ليس بِبَاخِلٍ ... بشيء ولا مُهْدٍ مَلاَما لباخِلِ ولا قَائلٍ عَوْرَاءَ تُؤْذِى جليسَه ... ولا رافعٍ رأساً بَعْورَاءِ قائِلٍ ولا مُظْهِرٍ أحدوثَةَ السوء مُعْجَباً ... بإعلانها في المجلس المُتَقَابِلِ أي في أهل المجلس. وحكى أن محمد بن زُبَيْدَة حبَس أبا نُوَاس في أمرٍ، فكتب إليه من الحَبس: [ص: 309] قل للخليفة: إنني ... حَيٌّ، أراك بكل باس مَنْ ذا يَكُون أبا نُوَا ... سِك إذْ حَبَسْتَ أبا نُوَاس إنْ أنْتَ لم تَرْفَعْ به ... رأساً هُدِيتَ فَنِصْفَ رَاسِ قال: فلم يرفع بما كتبت إليه رأساً، ولم يُبَالِ بي، ومكثت في الحبس ثلاثة أشهر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 308 1653- رمَاهُ الله بأَفْعَى حَارِيَة. الأفعى: حية يقال لمذكرها الأفْعُوَان، وهي أفعل قد ينون، كما يقال: "أَرْوًى" بالتنوين والحارية: التي نَقَصَ جسمها من الكبر، يقال: حَرَى يَحْرِى حَرْياً، وفلان يحرى كما يحرى القمر، أي ينقص، يقال: إن الأفعى الحارية لا تطنى، أي لا تبقى لَدِيغَهَا، بل تقتل من ساعها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 309 1654- رمَاهُ الله بالصُّدَامِ وَالأَوْلَقِ وَالْجُذاَمِ. الصُّدَام: داء يأخذ في رؤوس الدواب قال الجوهري: هو الصِّدَام بالكسر، وقال الأزهري: بالضم. قلت: وهذا هو القياس، لأن الأدواء على هذه الصيغة وردت مثل الزُّكَام والسُّعَال والْجُذَام والصُّدَاع والخُرَاع وغيرها، والأوْلَقُ: الْجُنُون، وهو فَوْعَل، لأنه يقال "رجُلٌ مُؤَوْلَقٌ" أي مجنون، قال الشاعر: وَمُؤَوْلَقٍ أَنْضَجْتُ كيَّةَ رأسِهِ ... فَتَرَكْتُهُ ذَفِراً كرِيح الْجَوْرَبِ ويجوز أن يكون وزنه أفعل، لأنه يقال: أُلِقَ الرجل فهو مألوق، أي جُنَّ فهو مجنون. والْجُذَام: داء تتقرَّح منه الأعضاء وتتعفَّن، وربما تساقَطُ، نعوذ بالله منه ومن جميع الأدواء. والمثلُ من قول كثير بن المطلب بن أبي وَدَاعة. قال الرياشي: كتب هشام إلى والي المدينة أن يأخذ الناسَ بسبِّ علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، فقال كثير: لَعَنَ الله من يَسُبُّ حُسَيْناً ... وأخاه من سُوقَةٍ وإمَامِ ورَمَي الله من يَسُبُّ عليّاً ... بصُدَامٍ وَأَوْلَقٍ وَجُذَامِ طِبْتَ بيتاً وطاب أَهْلُكَ أهْلاً ... أَهْلِ بَيْتِ النبي والإسْلاَمِ رَحْمَةُ الله والسَّلاَمُ عليكم ... كلَّما قام قائم بسَلاَمِ يأْمَنُ الطيرُ والظَّباءُ ولا يأ ... مَنُ رَهْطُ النبيِّ عند المقامِ قال: فحبسه الوالي، وكتب إلى هشام [ص: 310] بما فعل، فكتب إليه هشام يأمره بإطلاقه، وأمر له بعطاء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 309 1655- رَمَاهُ الله بلَيْلَةٍ لاَ أُخْتَ لَهَا. أي بليلة يَمُوتُ فيها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 310 1656- رَمَاُه الله بِدَيْنِهِ. يعنون به الموتَ، لأن الموت دَيْنٌ على كل أحد سيقضيه إذا جاء متقاضيه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 310 1657- رَمَاهُ الله مِنْ كُلِّ أكَمَةٍ بِحَجَرٍ. يقال هذا في الدعاء على الإنسان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 310 1658- ارْبِطْ حِمَارَكَ إنهُ مُسْتَنْفِرُ. يقال: رَبَطَ يَرْبُطُ وَيَرْبِطُ، واستنفر بمعنى نَفَرَ، ويكون بمعنى أنفر. يضرب لمن يؤذي قومه. ومعناه: كُفَّ فقد عِرْتَ في شتم قومك (عار الفرس ونحوه يعير عيرا - من باب ضرب - إذا انفلت وذهب ههنا وههنا من مرحه، أو هام على وجهه لا يثنيه شيء) كما يَعيِرُ الحمار عن مربطه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 310 1659- أرِنِي حَسَناً أُرِكْهُ سَمِيناً. يقولون: قال رجل لرجل: أَرِنِي حسناً، فقال: أريكه سميناً، يعني أن الحُسْنَ في السِّمَن، وهذا كقولهم: قيل للشحم: أين تذهب؟ قال: أقوِّمُ المُعْوَجَّ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 310 1660- رُبَّ كَلِمَةٍ أفَادَتْ نِعْمَةً. هذا ضد قولهم "ربَّ كلمةٍ سلَبت نعمة". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 310 1661- رُبَّمَا أصَابَ الغَبِيُّ رُشْدَهُ. الغَبَاوة: الحُمْق. ضرب في التسليم والرضا بالقدر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 310 1662- رُبَّ بَعِيدٍ لاَ يُفْقَدُ بِرُّهُ، وَقَرِيبٍ لا يُؤْمَنُ شَرُّهُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 310 1663- الرَّقِيقُ جَمَالٌ وَليْسَ بمَالٍ. وهذا كما قالوا: اشْتَرِ الموَتَان، ولا تشتر الحيوان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 310 1664- رُبَّ عَالِمٍ مَرْغُوبٌ عَنْهُ، وَجَاهِلٍ مُسْتَمَعٌ مِنْهُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 310 1665- رُبَّ عَزِيزٍ أذَلَّهُ خُرْقُهُ، وَذَلِيلٍ أعَزَّهُ خُلُقُهُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 310 1666- رُبَّ مُؤْتَمَنٍ ظَنِينٌ، وَمُتَّهَمٍ أمِينٌ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 310 1667- رُبَّ شَبْعَانَ مِنَ النِّعَمِ، غَرْثَانُ مِنَ الكَرَمِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 310 1668- ارْتَجَنَتْ الزُّبْدَةُ. الارتجان: اختلاطُ الزُّبْدَة باللبن، فإذا خلَصَت الزبدة فقد ذهب الارتجان. يضرب للأمر المُشْكِل لا يهتدَى لإصلاحه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 310 1669- رَمَى بِسَهْمِهِ الأَسْوَدِ والمُدَمَّى. أصل هذا المثل أن الجَمُوحَ أخا بني ظَفَر بَيَّتَ بني لَحْيَان، فهُزم أصحابه وفي كِنانته نَبْل مُعلم بسواد، فقالت له امرأته: أين النَّبْلُ التي كنت ترمي بها؟ فقال: قالت خليدة لمَّا جئتُ زائرهَا ... هلاَّ رَمَيْتَ ببَعْضِ الأْسُهم السود والمدمَّي: الملطَّخ بالدم. يضرب للرجل لا يبقى في الأمر من الجد شيئاً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 311 1670- رَعْداً وبَرْقا والجهَامُ جافِرُ. يقال: جفَلَ السحابُ وجَفَر، إذا أراق ماءه، ونصب رَعْداً وبَرْقاً على المصدر، أي يرعد رعدا ويبرق برقا. يضرب لمن يتزيَّا بما ليس فيه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 311 1671- رَأيْتُ أرْضاً تَتَظَالَمُ مِعْزاهَا. أي: تتناطح من سمنها وكثرة عُشْبها. يضرب لقوم كَثُرتْ نعمتهم ولذَّتْ معيشتهم فهم يَبْطَرونها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 311 1672- أرَانِي غَنِيًّا ما كُنْتُ سَويّاً. يعني أن الغني في الصحة، وهذا يروى عن أكْثَمَ بن صَيْفي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 311 1673- الرِّفْقُ بُنَيُّ الحلْمِ. أي مثلُه، وينشد: يا سعد يا ابْنَ عملي يا سَعْدُ ... هل يُرْوِيَنْ ذَوْدَكَ نَزْعٌ مَعْدُ وساقيانِ سَبِطٌ وجَعْدٌ ... أراد بقوله "يا ابن عملي" يا من يعمَل مثلَ عملي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 311 1674- رُبَّمَا دَلَّكَ عَلَى الرَّأْيِ الظَّنُونَ. قال الفراء: يراد ربما أصاب المتهَمُ في عقله الضعيفُ في رأيه شاكلَةَ الصوابِ إذا استشير، والظَّنُون: كل ما لم يُوثَقْ به من ماء أو غيره. وقال أبو الهيثم: الظَّنُون من الرجال الذي يُظَن به الخيرُ فلا يوجَد كذلك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 311 1675- أرَادَ مَا يُحْظِينِي فَقَالَ ما يَعْظِينِي. الإحظاء: أن تجعله ذا حُظْوة ومنزلة، والعَظْى: الرمْىُ، يقال: عظاه يَعْظِيه (في القاموس أنه أجوف واوي، يقال عظاء يعظوه عظوا، فلعل هذه لغة أخرى) عَظْيا، ولقي فلان ما عَجَاه وما عَظَاه، إذا لقى شدةً، ولقَّاه الله ما عَظَاه، أي ما ساءه. يضرب للرجل ينصح صاحبه فيخطئ فيقول له ما يَغِيظه ويسوءه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 311 1676- أُرْوِيَّةٌ تَرْعَى بِقاعٍ سَمْلَقٍ. الأروية: الأنثى من الأوْعَال، وهي [ص: 312] ترعى في الجبال، والقاعُ: الأرضُ المستوية، والسَّمْلَق والسلق: المطمئنّ من الأرض. يضرب لمن يُرَى منه ما لم يُرَ قبلُ من صلاح أو فساد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 311 1677- ارْمِ فَقَدْ أفَقْتَهُ مَرِيشاً. يقال: أفَقْتَ السهمَ إذا وضَعْتَ فُوقه في الوتَر. يضرب لمن تمكَّن من طَلِبته. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 312 1678- رَحْلٌ يَعَضُّ غارِباً مَجْرُوحاً. الغاربُ: أعلى السَّنام، يقال: عَضَّه وعَضَّ به وعَضَّ عليه. يضرب لمن هو في ضبق وضَنْك فألْقى غيره عليه ثقْلَه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 312 1679- رَازَلَكَ القُنْفُذُ أُمَّ جابِرٍ. الرَّوْزُ: الاختبار، وأم جابر: امرأة كانت دَمِيمةً. يقول: إن القنفذ اختَبَر لأجلك هذه المرأة، يعني أنها في حركاتها ودَمَامتها مثل القنفذ فقد بين القنفذ لك صفتها. يضرب لمن يَدُلُّك تصرفه على ما في قلبه من الضعن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 312 1680- رَأْسٌ لِشَوْرٍ ما يُطارُ نُعرَتُهُ. شَوْر: اسم رجل، والنُّعَرة: ذباب يتعرض للحمير وسائر الدواب فيدخل أنفها. يضرب لمن أصَرَّ على جَهْله فلا يزجره زجر ناصح. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 312 1681- أرْوَاحُ وَجْرَى كُلُّهَا دَبُورُ. يقال: ريح وأرْوَاح ورِيَاح وأرْيَاح، فمن قال أرواح بناه على أصله، ومن قال أرياح بناه على لفظ الريح، ووَجْرَى: موضع بالشأم قريب من أرمينية فيه برد شديد، يقال: إن ريح الشمال فيها لا تفتر، والدَّبور: ريح تأتي من جانب القبلة، وهي أخبث الأرواح، يقال: إنها لا تلقح شجرا ولا تنشئ سحابا. يضرب لمن كلُّه شر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 312 1682- رَتَوْتَ بِالغَرْبِ العَظِيمِ الأثْجَلِ. الرَّتْو: الخطو، والغَرْب: الدَّلو العظيمة، والاَثْجَلُ: الواسع. يضرب لمن يحتمل المشاق والأمور العظيمة ناهضاً بها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 312 1683- رَمَاهُ بِسُكاتِهِ. أي رماه بما أسكته، يعني بداهية دَهْيَاء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 312 1684- رُبَّ قَوْلٍ يُبْقِى وَسْماً. قالوا: إن أول مَنْ قال ذلك أعرابي، وكان رَثَّ الحال، فقال له رجل: يا أعرابي، والله ما يسرني أن أبيتَ لك ضيفاً، قال الأعرابي: فوالله لو بتَّ ضيفاً لي لأصبحت [ص: 313] أبْطَنَ من أمك قبل أن تلدك بساعة، إنا إذا أخْصَبْنا فنحن آكَلُ للمأدوم، وأعطى للمحروم، ولَرُبَّ قول يبقى وَسْما، قد رَدَّه منا فعال تَحْسِم ذما، فذهبت من قوله مثلا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 312 1685- رُبَّ زَارِعٍ لِنَفْسِهِ حاصِدٌ سِوَاهُ. قال ابن الكلبي: أول مَنْ قال ذلك عامر بن الظَّرِب، وذلك أنه خَطَب إليه صَعْصَعة بن معاوية ابنَته، فقال: يا صعصعة إنك جئْتَ تشترِي مني كَبِدِي وأرْحَمَ ولدي عندي منَعْتُك أو بعتك، النكاحُ خيرٌ من الأيْمَة، والحسيب كفء الحسيب، والزوج الصالح يعد أبا، وقد أنكحتك خَشْيَةَ أن لا أجد مثلك، ثم أقبل على قومه فقال: يا معشرَ عَدْوَان أخرجت من بين أظهركم كريمَتكم على غير رَغْبة عنكم، ولكن مَنْ خُطَّ له شيء جاءه ، رب زارع لنفسه حاصد سواه، ولولا قَسْم الحظوظ على غير الحدود ما أدرك الآخر من الأول شيئاً يعيش به، ولكن الذي أرسل الْحَيَا أنبت المَرْعَى ثم قسمه أكْلاً لكل فَمٍ بَقْلَة ومن الماء جرعة، إنكم ترون ولا تعلمون، لن يرى ما أصِفُ لكم إلا كلُّ ذي قلب وَاعٍ، ولكل شيء راعٍ، ولكل رزق ساعٍ، إما أكْيَسُ وإما أحْمَق، وما رأيت شيئاً قط إلا سمعت حِسَّه، ووجَدْتُ مَسَّه، وما رأيت موضوعاً إلا مصنوعاً، وما رأيت جائيا إلا داعيا ولا غانما إلا خائبا، ولا نعمة إلا ومعها بؤس، ولو كان يميت الناسَ الداءُ لأحياهم الدواء، فهل لكم في العلم العليم؟ قيل: ما هو؟ قد قلتَ فأصبت، وأخبرتَ فصدقت، فقال: أموراً شَتَّى، وشيئاً شيا، حتى يرجعع الميت حياً، ويعود لاشيء شيئاً، ولذلك خلقت الأرض والسماء، فتولوا عنه راجعين، فقال: وَيْلُمِّها نصيحةً لو كان مَنْ يقبلها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 313 1686- ارْقُبِ البَيْتَ مِنْ راقِبِهِ. أي احفظ بيتَكَ من حافظه، وانظر مَنْ تخلَّف فيه. وأصله أن رجلا خلَّف عبده في بيته فرجَعَ وقد ذهب العبدُ بجميع أمتعته، فقال هذا، فذهب مثلا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 313 1687- رُبَّ جِزَّةٍ عَلَى شَاةِ سُوءٍ. الجِزَّة: ما يُجَز من الصوف. يضرب للبخيل المستغني. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 313 1688- رُبَّ مُسْتَغْزِرٍ مُستَبْكِئٍ. يقال: استغزرته، أي وجدته غَزيراً، وهو الكثير اللبن، واستبكأتُهُ: أي وجدته بَكِيّاً، وهو القليل اللبن. [ص: 314] يضرب لمن استقلَّ إحسانك إليه وإن كان كثيراً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 313 1689- رَجَعَ عَلَى قَرْوَاهُ. أي على عادته، وهو فَعْلَى من قَرَوْته أي تتبعته. يضرب لمن يرجع إلى طَبْعه وخُلُقه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 314 1690- رُبَّ عَيْنٍ أَنَمُّ مِنْ لِسَانٍ. هذا كقولهم: "جَلَّى محبٌّ نَظَره" وكقولهم "شَاهِدُ اللَّحْظِ أَصْدَقُ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 314 1691- رُبَّ حَالٍ أَفْصَحُ مِنْ لِسَانٍ. هذا كما قيل "لسان الحال أبين من لسان المقال". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 314 1692- رَحِمَ الله مَنْ أَهْدَى إِلَيَّ عُيُوبِي. قاله عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 314 1693- رِزْقُ الله لاَ كَدُّكَ. أي لا ينفعك كدُّكَ إذا لم يقدَّر لك، قال الأصمعي: أي أتاك الأمر من الله لا من أسباب الناس، وهذا كما قال الشاعر: هَوِّنْ عَلَيْكَ فإنَّ الأمُورَ ... بكفِّ الإلهِ مَقَاديرُهَا فَلَيْسَ بآتيكَ مَنْهِيُّهَا ... ولا قاصِر عنكَ مأمُورُهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 314 1694- رُمِىَ فُلاَنٌ بِرِيشِهِ عَلَى غَارِبِه. يضرب لمن خُلِّى ومراده لا يُنَازعه فيه أحد وهذا يروى عن عائشة رضي الله عنها، أنها قالت ليزيد بن الأصم الهلالي ابن أخت ميمونة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم: ذهَبَتْ والله ميمونة، ورمى بريشك على غاربك. قلت: يمكن أن يكون هذا من قولهم "أعطاه مائة برشها" قال أبو عبيدة: كانت الملوك إذا حَبَوْا حِباء جعلوا في أسنمة الإبل ريشَ نعامٍ ليعرَفَ أنها حِباء الملك، وأن حكْم ملكه ارتفع عنها، فكذلك هذا المُخَلَّى ورأيه ارتفع عنه حكم غيره. والرواية الصحيحة في هذا المثل "رُمِيَ فلان برَسَنِهِ على غاربه" وعلى هذه الرواية لا حاجة لنا إلى شرحه وتفسيره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 314 1695- رَبٌّ يُؤَدِّبُ عَبْدَهُ. قاله سعد بن مالك الكناني للنعمان بن المنذر، وقد ذكرتُ قصته في الباب الأول عند قولهم "إن العصا قُرِعَتْ لذي الْحِلْم". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 314 1696- رَأْيُهُ دُونَ الْحِدَابِ يَحْصَرُ. الْحِداب: جمع حدب، وهو ما ارتفع من الأرض، و"حَصِرَ": إذا ضاق وعجز. يضرب لمن استبهم عليه رأيه عند صغار الأمور، فكيف عند عظامها إذا عَرَتْهُ وهَجَمت عليه؟ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 314 ما جاء على أفعل من هذا الباب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 315 1697- أَرْوَى مِنَ النَّعَامَةِ. لأنها لا تريد الماء فإن رأته شربته عبثاً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 315 1698- أَرْوَى مِنْ ضَبٍّ. لأنه لا يشرب الماء أصلا، وذلك أنه إذا عَطِشَ استقبلَ الريحَ ففتح لها فاه، فيكون في ذلك ريه. والعربُ تقول في الشيء الممتنع: لا يكونُ كذا حتى يَرِدَ الضبُّ، ولا أفعل ذلك حتى يَحِنَّ الضَّبُّ في أثر الإبل الصادرة، وهذا ما لا يكون. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 315 1699- أَرْوَى مِنْ حَيَّةٍ. لأنها تكون في القَفَار فلا تشرب الماء ولا تريده. وكذلك: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 315 1700- أَرْوَى مِنَ النَّمْلِ. لأنها تكون أيضاً في الفَلَوَات. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 315 1701- أَرْوَى مِنَ الْحُوتِ. ويقال أيضاً: أَظْمَأ من الحوت، وسيرد في باب الظاء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 315 1702- أَرْوَى ِمْن بَكْرِ هَبَنَّقَةَ. هو يزيد بن ثَرْوَان، وهو الذي يُحَمِّق وكان بَكْره يصدر عن الماء مع الصادر وقد روى، ثم يرد مع الوارد قبل أن يصل إلى الكلأ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 315 1703- أَرْوَى مِنْ مُعْجِلِ أَسْعَدَ. هذا كان رجلا أَحْمَقَ وقَع في غدير، فجعل ينادي ابنَ عم له يقال له أسعد فيقول: ويلك نَاوِلْنِي شيئاً أشرب به الماء، ويصيح بذلك حتى غرق، وقال الأصمعي في كتابه في الأمثال : أروى من مُعَجِّل أسعد، مشدداً، وقال: المُعَجِّل الذي يجلب الإبل جلبة ثم يحدرها إلى أهل الماء قبل أن ترد الإبل، ففَسَّر هذه اللفظة ولم يذكر قصة للمثل، وأسعد على هذا التأويل قبيلة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 315 1704- أَرْجَلُ مِنْ خُفٍّ. يعنون به خُفَّ البعير، والجمع أَخْفَاف وخِفاف، وهي قوائمه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 315 1705- أَرْمَي مِنْ ابْنِ تِقْنٍ. هو رجل من عاد كان أرمى مَنْ تَعَاطَى الرمي في زمانه، وقال: يَرْمِى بهَا أَرْمَى مِنَ ابْنِ تِقْنِ ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 315 1706- أَرْسَحُ مِنْ ضِفْدِعٍ. قال حمزة في تفسيره: حديث من أحاديث الأعراب، زعمت الأعراب في [ص: 316] خُرَافاتها أن الضِّفْدِعَ كان ذا ذَنب، فسلَبه الضبُّ ذنبه، قالوا: وكان سبب ذلك أن الضبَّ خاصم الضفدع في الظمأ أيهما أصبر، وكان الضب ممسوحَ الذنب، فخرَجَا في الكلأ فصَبَر الضبُّ يوماً فناداه الضفدع: يا ضَبُّ وِرْداً وِرْداً ... فقال الضب: أصْبَحَ قَلْبِي صَرِدَا ... لا يَشْتَهِي أنْ يَرِدَا إلاَّ عِرَادًا عردا ... وَصِلِّيَانًا بردَا وعنكثا مُلْتَبِدَا ... فلما كان في اليوم الثاني ناداه الضفدع: "يا ضَبُّ وِرْداً وِرْداً" فقال الضب: "أصبح فلبي صَرِدَا" إلى آخر الأبيات، فلما كان في اليوم الثالث نادى الضفدع: "يا ضب ورداً ورداً" فلم يجبه، فلما لم يجبه بادَرَ إلى الماء، فتبعه الضب فأخذ ذنبه، وقد ذكره الكميت بن ثعلبة في شعره، فقال: عَلَى أخذها عند غِبِّ الوُرُودِ ... وَعِنْدَ الْحُكُومَةِ أَذْنَابَهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 315 1707- أَرْسَى مِنْ رَصَاصٍ. الرسُوُّ: الثبوت، يريدون به القتل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 316 1708- أَرْسَبُ مِنْ حِجَارَةٍ. الرُّسُوب: ضد الطَّفْو، أي أثبت تحت الماء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 316 1709- أَرَقُّ مِنْ رَقْرَاقِ السَّرَابِ. وهو ما تلألأ منه، وكل شيء له تلألؤ فهو رَقْرَاق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 316 1710- أرْجَلُ مِنْ حَافِرٍ. يعنون به الرجلة، وهي القوة على المشي راجلا، يقال: رجل رَجِيل وامرأة رَجِيلة، إذا كانا قويين على المشي، قال الشاعر: أنَّى اهْتَدَيْتِ وَكُنْتِ غَيْرَ رَجِيلَةٍ ... شَهِدَتْ عَلَيْكِ بمَا فَعَلْتِ عُيُون الجزء: 1 ¦ الصفحة: 316 1711- أَرَقُّ مِنْ غِرْقِيءِ البَيْضِ. و"من سَحَا البيض" الغِرْقئ: القشرةُ الرقيقة داخلَ البيض، وسحا كل شيء: قشره، وهو مقصور، وفي كتاب حمزة ممدود، والصحيح أنه يفتح ويقصر، وسحاء الكتاب يمد ويكسر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 316 1712- أَرَقُّ مِنَ النَّسِيمِ. و"من الهواء" و "من الماء" و "من دمع الغمام" و "من دمع المستهام" و "من دمعة شيعية" وهذا من قول الشاعر: أَرَقَّ مِنْ دمعة شيعية ... تَبْكِي عَلِيَّ بن أبي طالب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 316 1713- أَرَقُّ مِنْ رِدَاءِ الشُّجَاعِ. قالوا: الشجاعُ ضربٌ من الحيَّات، [ص: 317] ورداؤه: قِشرْهُ، ويقال أيضاَ "أرق من ريق النحل" وهو لُعابه و "مِن دين القَرَامِطَة". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 316 1714- أَرْخَصُ مِنَ الزَّبْلِ. و"من التراب" و "من التَّمْر بالبصرة" و "من قاضي منى" وذلك أنه يصلي بهم، ويَقْضي لهم، ويَغْرَمُ زيتَ مسجدهم من عنده. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 317 1715- أرْزَنُ مِنَ النُّصَارِ. يعني الذهب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 317 1716- أرْمَي مَنْ أخَذَ بأَفْوَاقِ النَّبْلِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 317 1717- أَرْفَعُ مِنَ السَّمَاءِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 317 1718- أَرْوَغُ مِنْ ثُعَالَةَ، وَمِنْ ذَنَبِ ثَعْلَبٍ. قال طَرَفة: كلُّ خَليلٍ كنتُ خَالَلْتُه ... لا تَرَكَ الله له وَاضِحَهْ كلهمُ أَرْوَغُ من ثَعْلب ... مَا أَشْبَهَ اللَّيْلَةَ بالبَارِحَهْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 317 1719- أرْوَحُ مِنَ اليَأْسِ. هذا كما قيل: اليأسُ إحدى الراحتين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 317 1720- أَرْعَنُ مِنْ هَوَاءِ البَصْرَةِ. الرَّعَن: الاسترخاء والاضطراب، وقال: ورَحِّلُوها رِحْلَةً فيها رَعَنْ ... وإنما وصفوا هواءها بذلك لاضطراب فيه وسرعة تغيره، وأما قولهم: "البصرة الرعناء" كما قال الفرزدق: لولا ابن عُتْبه عَمْرٌو وَالرَّجَاء له ... ما كانت البَصْرَةُ الرَّعْنَاء لي وَطَنَا فقال ابن دريد: سميت رَعْنَاء تشبيها برعن الجبل، وهو أنفه المتقدم الناتئ، وقال الأزهري: سميت بذلك لكثرة مَدِّ البحر وعكيكه بها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 317 المولدون. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 317 رَأْسُهُ في القِبْلَةِ، وَاسْتهُ ُفي الْخَرِبَةِ. يضرب لمن يدعي الخير وهو عنه بمعزل. رَأْسٌ في السَّمَاءِ واستٌ في المَاءِ. رَأْسُ كَلبٍ أَحَبُّ إليْهِ مِنْ ذَنبِ أَسَدٍ. رَأْسُ المَالِ أَحَدُ الرِّبحَيْنِ. رَأْسُ الدِّينِ المَعْرِفَة. رَأْسُ الْخَطَايَا الْحِرْصُ والغَضَبُ. رأْسُ الْجَهْلِ الاغْتِرَارُ. رُكُوبُ الْخَنَافِسِ، ولا المشْيُ عَلَى الطَّنَافِسِ. [ص: 318] رَضِيَ الْخَصْمَانِ وَأَبَى القَاضِي. رُدَّ مِنْ طَهَ إِلَى - بسم الله. يضرب للرفيع يَتَّضع. رِيحٌ وَلَكِنَّهُ مَلِيحٌ. رِيحٌ في القَفَصِ. يضرب للباطل. رَقِيقُ الحَافِرِ. للمتهم. رَقَصَ في زَوْرَقِه. إذا سخر به وهو لا يَشْعُر. رِيقُ العَذُولِ سَمٌّ قَاتِل. رُبَّ مَزْح في غَوْرِهِ ِجدٌّ. رُب صَدِيقٍ يُؤْتَى مِنْ جَهْلِهِ لاَ مِنْ حُسْنِ نِيَّتِه. رُبَّ صَبَابَةٍ غُرِسَتْ مِنْ لَحْظَةٍ. رُبَّ حَرْبٍ شَبَّتْ مِنْ لَفْظَةٍ. رُبَّ واثِقٍ خَجِلٍ. رُبَّ ضَنْكٍ أفْضَى إِلَى سَاحَةٍ وَتَعَبٍ إلى رَاحَةٍ. رُبَّمَا شَرِقَ شارِبُ المَاءِ قَبْلَ رِيِّهِ. رُبَّمَا أَصْحَبَ الحَرُونُ. رُبَّمَا غَلاَ الشَيْءُ الرَّخِيصُ. رُبَّمَا اتَّسَعَ الأْمُر الَّذِي ضَاقَ. رُبَّمَا صَحَّتِ الأْجَساُم بِالعِلَلِ. رُبَّ سُكُوتٍ أّبْلَغُ مِنْ كَلاَمٍ. رُبَّ عَطَبٍ تَحْتَ طَلَبٍ. رُبَّ مُسْتَعْجِلٍ لأَذِيَّةٍ ومُسْتَقْبِلٍ لِمَنِيَّة. رُبَّ صَبَاحٍ لاِمْرِئٍ لَمْ يُمْسِهِ. رَدُّ الظَّرْفِ، مِنَ الظَّرْفِ. رُبَّ كَلِمَةٍ لَيِسْتُ علَيَهْاَ أْذُنِى مَخَافَةَ أَنْ أَقْرَعَ لهَا سِنِّى. الرَّأْسُ صَوْمَعَةُ الحَوَاسِّ. الرَّدِئُ لاَ يُسَاوِي حَمُولَتَهُ. الرَّدِئُ رَدئُ كلَّما جَلَوْتَهُ صَدِى. أَرْدَى الدَّوَابِّ يَبْقَى عَلَى الآرِىِّ. وقال الشاعر: والدهر قِدْماً يا أبا مَعْمَرٍ ... يُبْقى على الآرىِّ شَرّ الدَّوَابْ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 317 الباب الحادي عشر فيما أوله زاي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 319 1721- زَيْنَبُ سُتْرَةٌ قالوا: هي زينب بنت عبد الله بن عِكْرِمة بن عبد الرحمن المخزومي، وكانت عجوزا كبيرة، ولها جَوَارٍ مغنيات، وكان ابن زهيمة المدني الشاعر - واسمه محمد مولى خالد بن أسيد - يتعشَّق بعضَ جواريها، ويُشَبِّبُ بها، ويغنيه يونس الكاتب، ويلقيه على جواريها، فيسر بذلك، ويَصِلُها ويَكْسُوها، فمن قوله فيها: أقْصَدَتْ زَيْنَبُ قلبي بَعْدَمَا ... ذهَبَ الباطلُ مِنِّي والْغَزَلْ وله فيها أشعار، ثم إن زينب حَجَبتها لشيء بلغها، فقال ابن زهيمة: وَجَدَ الفؤادُ بزينبا ... وَجْداً شديداً مُتْعِبَا امْسَيْتُ من كَلَفٍ بها ... أُدْعى الشقَّي المسهبا ولَقَد كنيتُ عنِ اُسْمِهَا ... عَمْداً لكَيْلاَ تَغْضَبَا وجعلْت ُ زَيْنَبَ سُتْرة ... وكَنَيْتُ أمراً مُعْجبا يضرب عند الكناية عن الشيء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 319 1722- زَمَانُ أرَبَّتْ بِالِكلاَب الثَّعَالِبُ يقال: أرَبَّ به إذا ألِفَهُ ولزمه، ومنه "مربّ الإبل"حيث لزمته، يعني اشتد الزمانُ فسمِنَ الكلبُ من أكل الجيف، فلم يتعرّض للثعلب. يضرب لمن يُوَالي عَدُوَّه لسبب مّا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 319 1723- زُيِّنَ فيِ عَيْنِ وَالِدٍ وَلَدُ يضرب في عجب الرجل برهطه وعِتْرَته يروى عن عمر بن عبد العزيز أنه قيل له: لو بايعت لابنك عبد الملك مع فضله وشأنه ووَرَعه، فقال: لولا أني أخشى أن يكون زين في عيني منه ما يزين للوالد من ولده لفعلت، ثم تفي عبد الملك قبل عمر، رحمهما الله. قال الأصمعي: مرَّ أعرابي ينشد ابنا له، فقيل له: صِفْهُ لنا، فقال: دُنَيْنير، قال: فمضى فجاء بِجُعل على عنقه، فقيل له: لو قلت هذا لدلَلْناك عليه، قال: فأنشدنا: [ص: 320] نِعْمَ ضَجِيع الفتى إذَا ابَرَدَ ال ... ميل سُحَيْراً وقَفْقَفَ الصَّرِدُ زَيَّنه الله في الفُؤَاد كما ... زُيِّن فِي عَيْنِ وَالِدٍ وَلَدُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 319 1724- زَنْدَانِ في مُرَقَّعَةٍ قال أبو عبيد: نُرَى المرقَّعة كنانةً أو خَريطة قد رقعت. يضرب للرجل المحتَقَر لا يغنى شيئاً. وهذا كما يقال عند تقليل الشيء: ليس في جَفيره غيرُ زَنْدَيْن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 320 1725- زَنْدَانِ في وِعَاءٍ وهذا أيضاً يوضع موضعَ الدناءة والخسة، ويضرب للضعيفين يجتمعان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 320 1726- ازْلأََمَّ الْمُعَيْدِيُّ وَنَفَرَ وأصله أن مياد بن حن بن ربيعة بن حَرَام العُذْري من قُضَاعة نافر رجلا من أهل اليمن إلى حَكَم عُكاظ، فأقبل مياد ابن حن على فرسه وعليه سلاحُه، فقال: أنا مياد بن حن، أنا ابن حباس الظعن، وأقبل اليماني عليه حُلّة يمانية فقال مياد: احكم بيننا أيها الحكم، فقال الحكم : ازْلأَم المعيدِيُّ ونفر، فأرسلها مثلا، وقضى لمياد على صاحبه. وازلأم: ارتفع، يقال: ازْلأَمَّ النهار، إذا ارتفع. يضرب في فَوْز أحد الخصمين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 320 1727- زَاحِمْ بِعُودٍ أَوْدعْ أي لا تَسْتَعِنْ إلا بأهل السنّ والتجربة في الأمور، وأراد زاحم بكذا أودَعِ المزاحَمَةَ، فحذف للعلم به. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 320 1728- زَفَّ رَأْلُهُ. الرَّأل: ولَد النعام، وزَفَّ: معناه أسرع. يضرب للطائش الحِلم، ولمن استخَفَّه الفَزَعُ أيضاً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 320 1729- زَوْجُُ مِنْ عُودٍ، خَيْرُُمِنْ قعُودٍ هذا المثل لبعض نساء الأعراب، قال المبرد: حدثني علي بن عبد الله عن ابن عائشة قال: كان ذو الإصبع العَدْوَانيّ رجلا غَيُوراً وله بنات أربع، وكان لا يزوجهن غَيْرَةً فاستمع عليهن يوما وقد خَلَوْنَ يتحدثْنَ، فقالت: قائلة منهن: لِتَقُلْ كلُّ واحدةٍ منا ما في نفسها، ولنصدق جميعا، فقالت كُبْرَاهُن: ألا لَيْتَ زوجي من أناسٍ ذَوِي غِنىً ... حديثُ شبابٍ طَيِّبُ النَّشْرِ والذِّكْرِ لَصُوق بأكْبَادِ النساء كأنه ... خَليِفَةُ حان لا يقيم على هَجْرِ [ص: 321] وقالت الثانية: ألا ليته يُعْطى الجمال بَديهَةً ... له جَفْنة تَشْقَي بها النِّيبُ وَاُلجزْرُ له حكمات الدهر من غير كبْرَةٍ ... تَشِينُ، فلا وَانٍ ولا ضَرِعٌ غَمْرُ فقلن لها: أنت تريدين سيدا، وقالت الثالثة: ألا هَلْ تراها مَرّةً وحليلُهاَ ... أشَمّ كنصْلِ السيفِ عَيْنِ الُمهَّند عليمٌ بأدْوَاءِ النِّساء ورَهْطُهُ ... إذا ما انتْمَىَ مِنْ أهْل بيتي ومَحْتِدِى فقلن لها: أنت تريدين ابنَ عَمٍّ لك قد عرفته، وقلن للصغرى: ما تقولين؟ قالت: لا أقول شيئاً، فقلن: لا نَدَعُك وذاك، إنك قد اطَّلَعت على أسرارنا وتكتمين سرك، فقالت: زَوْجٌ من عود خير من قعود، فخُطِبْنَ فزوجن جُمَع، ثم أمهلهن حولا، ثم زار الكبرى فقال لها: كيف رأيتِ زوجَكِ؟ فقالت: خير زوج، يُكْرِم أهْلَه، وينسى فضله، قال: فما مالُكم؟ قالت الإبل، قال: وما هي؟ قالت: نأكل لحمانها مزعا، ونشرب ألبانها جرعا، وتحملنا وضَعَفَتنا معا، فقال: زوج كريم، ومال عميم. ثم زار الثانية فقال: كيف رأيتِ زوجَكِ؟ قالت: يكرم الْحَليلة، ويُقَرِّبُ الوَسِيلة، قال: فما مالُكم؟ قالت: البقر، قال وما هي؟ قالت: تألف الفِناء، وتملأ الإناء، وتُودِك السِّقاء، ونساء مع نساء فقال: رَضِيت فحَظِيت. ثم زار الثالثة فقال: كيف رأيتِ زوجَكِ؟ فقالت: لا سَمْح بذر، ولا بخيل حكر، قال: فما مالكم؟ قالت المِعْزَى، قال: وما هي؟ قالت لو كنا نولدها فطما، ونسلخها أدما، لم نبع بها نَعَما، فقال: جذو مُغْنية. ثم زار الرابعة فقال كيف رأيتِ زوجَكِ؟ قالت: شر زوج، يكرم نفسه، ويهين عِرْسَه، قال: فما مالكم؟ قالت: شر مال الضأن، قال: وما هي؟ قالت: جُوفٌ لا يَشْبَعْن، وهِيم لا يَنْقَعْن، وصُمٌّ لا يسمعن وأمْرَ مُغْوِيتهن يَتْبَعْن، فقال أشبه امرؤ بعضَ بزه (في أصول هذا الكتاب "أشبه أمره بره" وانظر المثل رقم 1773 الآتي) قال علي بن عبد الله: قلت لابن عائشة: ما قولها"وأمْرَ مغويتهن يتبعن"؟ قال أما تراهُنَّ يمررن فتسقُطُ الواحدةُ منهن في ماء أو وحَل أو غير ذلك فيتبعنها عليه، وقوله "جذو مغنية" جمع جذوة، وهي القطعة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 320 1730- زَلَّتْ به نَعُلهُ يضرب لمن نكب وزالت نعمته قال زهير بن أبي سلمى: تَدَارَكْتُمَا عَبْسا وقد ثل عَرْشُهَا ... وذُبْيَانَ إذْ زَلَّتْ بأقدامِهَا النّعْلُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 322 1731- زَادَكَ الله رَعَالَةً كُلّما ازْدَدْتَ مَثَالةً الرَّعَالة: الحَمَاقة، رجل أرْعَلُ، وامرأة رَعْلاَء، والمَثَالة: مصدر مَثُل الرجل إذا صار أفضل من غيره. يضرب لمن يزداد حُمْقه إذا ازداد مالُه وحَسُن حاله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 322 1732- زُرْ غِبّاً تَزْدَدْ حُبّاً قال المفضل: أول من قال ذلك مُعَاذ بن صِرْمِ الخُزَاعي، وكانت أمه من عَكٍّ، وكان فارس خزاعة، وكان يكثر زيارة أخواله، قال: فاستعار منهم فرسا، وأتى قومه، فقال له رجل يقال له جُحَيش بن سودة وكان له عدوا: أتسابقني على أن مَنْ سبق صاحبَه أخذ فرسه؟ فسابقه، فسبق معاذ، وأخذ فرسَ جُحَيش، وأراد أن يغيظه فطَعَن وأخذ فرسَ جُحَيش، وأراد أن يغيظه فطَعَن أيْطَلَ الفرسِ بالسيف فسقط، فقال جُحَيش: لا أم لك قتلت فرساً خيرا منك ومن والديك؟ فرفع معاذ السيف فضرب مَفْرِقه فقتله ثم لحق بأخواله، وبلغ الحيَّ ما صنع، فركب أخٌ لجحيش وابن عم له، فلحقاه فشدَّ على أحدها فطعنه فقتله، وشد على الآخر فضربه بالسيف فقتله، وقال في ذلك: ضربت جُحَيْشا ضربةً لالئيمةً ... ولكن بصافٍ ذي طَرَائق مُسْتَكَّ قَتَلْتُ جُحَيشاً بعد قَتْل جَوَاده ... وكنتُ قديما في الحوادث ذافَتْكِ قصدتُ لعمرٍو بعد بَدْرٍ بضربةٍ ... فَخَرَّ صريعا مثل عائِرة النُّسْكِ لكي يَعْلَم الأقوامُ أنيَ صارمٌ ... خُزَاعة أجْدَادِي وأنْمى إلى عَكِّ فقد ذُقْتَ يا جَحْشُ بنَ سَوْدَةَ َضْربَتِي ... وجَرََّبتنيِ إن كنتَ من قبلُ في شَكِّ تركْتُ جُحَيشْاً ثاوياً ذا نَوَائِح ... خَضِيبَ دٍم جَارَاتُه حولَه تَبْكيِ ترنُّ عليه أمُّهُ بانْتِحَابِهَا ... وتقشر جلْدَيْ مَحْجِريْها من الحَكّ ليرفَعَ أقواماً حُلُوليَ فيهمُ ... ويُزْرِى بقومٍ - إنْ تركتهُم - تَرْكيِ وحِصْنيِ سَرَاة الطَّرفِ وَالسَّيْفُ مَعْقلِي ... وَعِطْرِي غباَرُ الحرْبِ لاعَبَقُ المِسْكِ تَتُوقُ غَدَاةَ الَّرْوعِ نَفْسِي إلى الْوَغَى ... كتَوْقِ الْقَطَا تَسْمُوإلى الوَشَلِ الرَّكِّ [ص: 323] ولَسْتُ بِرِعْدِيدٍ إذَا َراعَ مُعْضِلٌ ... َوَلا فِي َنَوادِي الْقَوْمِ بالضَّيِّقِ المَسْكِ وكَمْ مَلِكٍ جَدَّلْتُهُ بِمُهَنَّدٍ ... وَسَابِغَةٍ بَيْضَاءَ مُحْكَمِة السَّكِّ قال: فأقام في أخواله زمانا، ثم إنه خَرَج مع بني أخواله في جماعة من فتيانِهِمْ يتصيَّدون، فحمل معاذ على عِير فلحِقه ابنُ خالٍ له يقال الغضبان فقال: خَلِّ عن العِيرِ، فقال: لا، ولا نعمت عين، فقال له الغضبان: أما والله لو لكان فيك خَيْرٌ لما تركْتَ قومك فقال معاذ: زُرْغِبّاً تَزْدَدْ حبا فأرسلها مثلا، ثم أتى قومَه فأراد أهلُ المقتول قتلَه فقال لهم قومه: لا تقتلوا فارسَكم وإن ظلم، فقَبِلُوا منه الدِّيَةَ. ومن هذا المثل قال الشاعر: إذا شئتَ أن تُقْلَى فَزُرْ مُتَواتِراً ... وإن شئتَ أن تَزْدَادَ حُبَّا فزُرْ غِبَّا وقال آخر: عليك بإغبابِ الزِّيارة، إنَّهَا ... إذا كَثُرَتْ كانَتْ إلى الْهَجْرِ مَسْلَكاَ ألم تَرَ أن القَطْرَ يُسْأمُ دائماً ... ويُسْأل بالأيدِي إذَا هُوَ أمْسكاَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 322 1733- زَنْدٌ مَتيِنٌ. كلمة تقال للرجل يُذَمُّ، والزَّنْد: الضيق الخلق، والمتين: البخيل الشديد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 323 1734- أزُورُ أَحْمَائي لِيَعْرِفُونِي وذلك أن امرأة خرجت إلى أحمائها في أسبوعها، فأنِّبَتْ على خروجها، فقالت هذا القول، كأنها تهددتهم وتهزأت بهم. يضرب لمن حُذِّر فلم يَحْذَر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 323 1735- اُزْدَدْتَ رَغْماً، ولَمْ تُدْرِكْ وَغْماً الرغم: الغيظ، والوَغم: الحِقْد والثأر. يضرب في الخيبة عن الأمل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 323 1736- زِدْهُمْ أعْنُزاً زعم أبو عمرو أن كَعْبَ بن ربيعة اشترى لأخيه كلابِ بن ربيعة بقَرة بأربعة أعْنُز. فركبها كلاب وألجمها من قبل اسْتِهَا وحَوَّل وجهه إليها، ثم أجراها، فأعجبه عَدْوُها، فالتفت إلى أخيه وقال : زِدْهم أعنُزا، فذهبت مثلا حين أمر بالزيادة بعد البيع. يضرب للأحمق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 323 1737- زَعَمْتَ أَنَّ الَعْيَر لاَ ُيقاَتِلُ يضرب لمن يظهر منه البأس والنَّجْدة ولم يكن يُرَى أن ذلك عنده. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 323 1738- زِيلَ زَوِيُلهُ وزَوالُهُ يضرب لمن أصابه أمر فأقلقه. يقال: زالَ الله زَوَالَه، من زِلْتُ الشيء أَزِيلُه زَيْلاً، أي أزَلْته وفَرقته، [ص: 324] وكذلك أزَالَ الله زَوَالَه، بمعنى، إذا دعى عليه بالهلاك، ويقال أيضا ً: زِيلَ زَويلُه وزَوَالُه، قال ذو الرمة يصف بيض نعامة: وبيضاء لا تَنْحَاشُ مِنَّا، وأمها ... إذا مارَأَتْنَا زِيلَ منَّا زَوِيلُهَا أي زيل قَلْبُهَا من الفَزَع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 323 1739- زِماَمُها لَدُودُهَا يضرب للرجل والمرأة إذا كان لهما مَنْ يزجرهما عن القبيح، قاله أبو عمرو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 324 1740- زِدْهَا على حَبَلٍ نَيْكاً يضرب للرجل الشَّره، وأصله أن امرأة حَمَلَت فرأت أيورَ حميرٍ فقالت: أروني ذاك، ثم قالت: أروني ذاك، قيل لها: إن الحمير لا تنكح على الحبل، وإن زوجك سيزيدك على حبلك نيكا، وليس شيء من الذُّكْرَانِ يأتي الأنثى بعد حَبَلها إلا الرجل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 324 1741- زَالَ سَرْجُهُمُ عَنِ المَعَدِّ أي تغيرت أحوالُهم، والمَعَد: ما تحت رِجْل الفارسِ من جَنْب الفرس. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 324 1742- الزِّيَادَةُ فِي الحَدِّ نُقْصَانٌ مِنَ المَحْدُودِ يضرب في النهي عن الإفراط في المدح الجزء: 1 ¦ الصفحة: 324 1743- الزَّيْتُ في العَجِينِ لاَ يَضِيعُ يضرب لمن يُحْسن إلى أقاربه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 324 1744- زَقَّهُ زَقَّ الحَمَامَةِ فَرْخَهَا يضرب لمن يُرَبِّي قريبَه غير مُقَصِّر في الشفقة عليه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 324 1745- اْلأَزْوَاجُ ثَلاَثَةٌ "زوج بَهْر"أي يبْهَر العيون بحسنه، "وزوج دهر" أي يُجْعل عُدَّة للدهر ونوائبه، "وزوج مَهْر" أي ليس منه إلا المهر يؤخذ منه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 324 1746- زُنْدٌ كَبَا وَبَنَانٌ أَجْذَمُ يضرب لمن لا يُرْتَجَى خيره بحال، يقال: كَبَا الزند، إذا لم تخرج ناره، والأجْذَم: المقطوع اليد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 324 1747- زِلْناَ وزَالَ الدَّهْرُفي بُرَادٍ يقال: البُرَاد الضَّعف يبقى بعد ذهاب المرض، يريد ما زلنا وما زال الدهر في ضعف من العيش، فحذف ما، مثل بيت الحماسة: تزَالُ حِبَالٌ مٌبْرَمَاتٌ أُعِدُّهَا ... لها مَا مَشَى يَوْماً عَلَى خُفِّهِ جَمَل. أي: ما تزال، ويروى "زُلْنا وزوال الدهر " من الزوال أي نفدنا ونفِد دهرنا في شدة عيش وقبول خَسْف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 324 1748- أُزْمُولَةٌ في الَملَقِ الُممَنَّع. الأزمولة: الوَعِل المصوت، والمَلَق: جمع مَلَقة: وهي الحجر الأملس. [ص: 325] يضرب للضعيف أجاره القوي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 324 1749- زَلَّةُ العَالِم يُضْرَبُ بِهاَ الطَّبْلُ، وزَلَّةُ الجَاهِلِ يُخْفِيهَا الجَهْل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 325 1750- زِيادَةُ الكَرِشِ يضرب لمن لا خَيْر فيه ولا يَصْلُح لشيء ومثله: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 325 1751- زَوَائِدُ الأدِيم وهي أكارِعُه التي تُطْرح الجزء: 1 ¦ الصفحة: 325 1752- زَلَّةُ الرَّأُيِ تُنْسيِ زَلَّةَ القَدَمِ يضرب في السَّقْطَةِ تحصل من العاقل الحازم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 325 1753- أَزْهَدُ النَّاسِ في العَالِمِ جيِرانُهُ هذا كقولهم "مثل العالم مثل الحمة" وقد أوردته في الميم. ما جاء على أفعل من هذا الباب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 325 1754- أَزْكَنُ مِنْ إِياَسٍ هو إياسُ بن مُعَاوية بن قُرَّة المُزَني، كان قاضياً فائقاً زَكِنا، تولى قضاء البصرة سنةً لعمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى فمن نوادر زَكَنه أنه سمع نُبَاح كلب لم يَرَه، فقال: هذا نُبَاح كلب مربوط على شَفِير بئر، فنَظَروا فكان كما قال، فقيل له في ذلك، فقال: سمعت عند نُبَاحه دَوِيّاً من مكان واحد، ثم سمعت بعده صَدىً يُجيبه، فعلمت أنه عند بئر. ومن نوادر زكَنِه أيضاً أنه رأى أثر اعتلاف بعير، فقال: هذا بعير أعْوَر، فنظروا فكان كما قال، فقيل له: من أين قلت ذاك؟ فقال: لأني وَجَدْت اعتلافَه من جهة واحدة. قالوا: ومن نوادر زكَنِهِ أنه رأى قوما يأكلون تمراً ويلقون النوى متفرقا، فرأى الذباب يجتمعن في موضع من التمر، ولا يقربن موضعاً آخر، فقال إياس: إن في هذا الموضع حية، فنظروا فوجَدُوا الأمر كما قال، فقيل له: من أين علمت؟ قال: رأيت الذبابَ لا يقربْنَ هذا الموضع، فقلت: يَجِدن ريحَ سمّ فقالت حية. ونظر إلى ديك يَنْقُر ولا يقرقر، فقال هذا هَرِم، لأن الشاب إذا وجَد حبّاً نقره وقرقر لتجمع الدجاج إليه. ورأى جاريةً في المسجد وعلى يدها طَبَق مُغَطًّى بمنديل، فقال: معها جَرَاد. فكان كما قال، فسئل، فقال: رأيته خفيفاً على يدها. [ص: 326] ومن نوادر زكَنِه أن رجلين احتكَمَا إليه في مالٍ فجَحَد المطلوبُ إليه المالَ، فقال للطالب: أين دفعت إليه المالَ، فقال: عند شجرة في مكان كذا، قال: فانطلق إلى هذا الموضع لعلك تتذكر كيف كان أمر هذا المال، ولعل الله يوضح لك سبباً، فمضى الرجلُ وحَبَس خصمه، فقال إياس بعد ساعة: أترى خصمَكَ قد بلغ موضع الشجرة؟ قال: لا بعد [ساعة] ، قال: قم يا عَدُوَّ الله، أنت خائن، قال: فأقِلْنِي أقالك الله، فاحتفظ به حتى أقرَّ وردَّ المال. قال حمزة: ونوادر إياس كثيرة قد كتب المدايني عليه كتاباً وسماه"كتاب زَكَن إياس" ويقال: مات مُعَاوية بن قُرَّة أبو إياس وهو ابن ست وسبعين سنة، فقال إياس في العام الذي مات فيه أبوه: رأيتُ في المنام كأني وأبي على فرسَيْن فجَرَياً جميعاً، فلم أسبقه ولم يسبقني، فعاش إياس أيضاً ستا وسبعين سنة. وذكر بعض الشعراء (هو أبو تمام خبيب بن أوس الطائي) إياسا في شعْره فلم يستقم له أن يذكره بالزكَن فوضع مكانه الذكاء، فقال: إقْدَامُ عَمْروفي سَمَاحِة حاتمٍ ... في حِلْم أحْنَفَ في ذَكَاءِ إ يَاسِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 325 1755- أَزْنَى مِنْ هِرَّ. قال ابن الكلبي: هي هر بنت يامين اليهودية من حَضْرَموت. وهي إحدى الشوامت بموت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذها المهاجر بن أبي أمية عاملُ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقَطَع يدها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 326 1756- أَزْنَى مِنْ قِرْدٍ زعم الهيثم بن عدي أن قِرْداً اسمُ رجل من هُذَيل يقال له: قرد بن معاوية. وقال بعضهم: إن القرد أزنى الحيوان، وزعم أن قرداً زَنَى في الجاهلية فرجَمَتْه القُرود. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 326 1757- أَزْنَى مِنْ هِجْرِسٍ. قالوا: هو القرد، وقالوا: هو الدبُّ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 326 1758- أَزْنَى مِنْ سَجَاحِ. هي امرأة من بني تميم بن مُرَّة، كانت ادَّعَتْ فيهم النبوة، ثم حملَتهم على أن زَفُّوها إلى مُسَيْلمة المتنبي، فوهبت نفسها له، فقال لها: ألاَ قُومِي إلى الُمْخَدعْ ... فقد هُيِّئ لَكِ الَمضْجَعْ فأن شِئْتِ سَلَقْنَاكِ ... وإن شِئْتِ عَلَى أَرْبَعْ [ص: 327] وإن شِئْتِ فَفِي الْبَيْتِ ... وإن شِئْتِ ففي المُخْدَعْ وإن شِئْتِ بِثُلْثَيْهِ ... وإن شِئْتِ بِهِ أجْمَعْ فقالت: بل به أجمع للشمل. وقال الشاعر: وَأَزْنَى مِنْ سَجَاِح بَنيِ تميمٍ ... وخَاطِبِهَا مُسَيْلِمَةَ الزَّنِيمِ وأهْدَى من قَطَاةِ بَنيِ تميم ... إلى اللؤْمِ التيِميِميِّ اْلقَدِيمِ ويقال أيضاً "أغْلَمُ من سجاح" قلت: هذا اسم مبني على الكسر مثل قَطَامِ وحَذَامِ، وأغْلَم: أفْعَلُ من الغُلْمة، لا من الاغتلام، يقال: غَلِم يَغِلَم غُلْمَةً، إذا اشتهى الضِّرَاب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 326 1759- أَزْهَى مِنْ غُرَابٍ. لأنه إذا مشى لا يزال يَخْتال وينظر إلى نفسه، وقال: ألجُّ لَجَاجاً مِنَ الُخْنْفَسَاءِ ... وَأَزْهَى إذَا مَامَشَى مِنْ غُرَابْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 327 1760- أَزْهَى مِنْ وَعِلٍ قيل: هو الشاء الجبلىّ، وزعموا أن اسمه مشتق من الوعلة، وهي البقعة المُنِيفَة من الجبل. ويقولون أيضاً: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 327 1761- أَزْهَى مِنْ طَاوُسِ و"من ديك" و"من ذباب" و " من ثور" و "من ثعلب" الجزء: 1 ¦ الصفحة: 327 1762- أَزْهَى مِنْ ضَيْوَنٍ و"من قط" و "من حمامة" الجزء: 1 ¦ الصفحة: 327 المولدون الجزء: 1 ¦ الصفحة: 327 زكاةُ النِّعَمِ المَعْرُوفُ زَكاةُ البَدنِ العِللُ زَلَّ حِمَارُكَ في الطِّينِ زَادَ فيِ الطُّنْبُورِ نَغْمَةً زَادَ فيِ الشَّطْرَنْجِ بَغْلَة زَلِقَ الحِمَارُ وكانَ مِنْ شَهْوَةِ المُكَارِي زَامِلَةُ الأكاذِيبِ للْكَذُوبِ زَكاةُ اَلجْاهِ رِفْدُ الُمْسَتعِينِ زُجَاجُهُ لاَ يَقْوَى لِصَخْرِي زَلَّةُ اللَّسَانِ لاَ تُقَالُ زُمَّ لِساَنَكَ تَسْلَمْ جَوَارحُكَ زَيْنُ الشَّرَفِ التغَافُلُ الزَّوارِيقُ لا تُشْتَرَى أوْ تُدْفَعَ الزَّرِيبَةُ الخَاليِةُ خَيْرٌ مِنْ مِلئِهَا ذِباباً الزَّمَانَةُ عَدَمُ الأمانَةِ الزَّبُونُ َيْفرَحُ بِلاَ شَيءٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 327 الباب الثاني عشر فيما أوله سين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 328 1763- سَبَقَ السَّيْفُ العَذَلَ قاله ضَبَّة بن أدّ لما لامه الناسُ على قتله قاتلَ ابنه في الحرم، وقد مر تمامُ القصة فيما تقدم عند قوله "إنَّ الحديثَ ذو شُجُون" ويقال: إن قولهم "سبق السيف العذل" لخزيم بن نَوْفل الهَمْدَاني. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 328 1764- سَقَطَ العَشَاءُ بِهِ عَلَى سِرْحَانٍ قال أبو عبيد: أصلُه أن رجلا خرج يلتمس العَشَاء، فوقع على ذئب فأكله، وقال الأصمعي: أصلُه أن دابةً خرجت تطلب العشاء، فلقيها ذئب فأكلها، وقال ابن الأعرابي: أصل هذا أن رجلا من غَنِىٍّ، يقال له سِرْحَان بن هزلة كان بطلاً فاتكا يتَقَّيه الناسُ، فقال رجل يوماً: والله لأرْعِيَنَّ إبلي هذا الوادي، ولا أخاف سرحان بن هزلة، فورد بإبله ذلك الوادي، فوجد به سِرْحان وهَجَم عليه فقتله، وأخذ إبله، وقال: أبلغ نَصيِحَةَ أن رَاعِيَ أَهْلِهَا ... سَقَطَ العَشَاءُ بِهِ على سِرْحَانِ سَقَطَ العَشَاء به على مقتمر ... طَلْقِ الْيَدَيْنِ مُعَاوِدٍ لِطِعَانِ يضرب في طلب الحاجة يؤدّي صاحبها إلى التلف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 328 1765- سَرَتْ إِلَيْنَا شَبَادِعُهُمْ الشبدع: العقربُ، ويشبه بها اللسان، لأنه يَلْسَع به الناسَ، قال الْجَعْدِي: يخبركم أَنَّهُ نَاصِحٌ ... وفي نُصْحِه ذَنَبُ الْعَقْرَبِ ومعنى المثل سَرَى إلينا شَرُّهم ولومهم إيانا وما أشبه ذلك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 328 1766- سَدَّ ابْنُ بَيْضٍ الطَّرِيقَ ويروى ابن بِيض بكسر الباء. قال الأضمعي: أصله أن رجلا كان في الزمن الأول يقال له"ابن بيض"عَقَرَ ناقَةً على ثنية فسدَّ بها الطريق، فمنع الناسَ من سلوكها. وقال المفضل: كان ابن بيض رجلا من عادٍ وكان تاجراً مكثراً، وكان لقمان بن عاد يَخْفره في تجارته ويُجيره على خَرْج يعطيه ابنَ بيضٍ يَضَعه له على ثَنِيَّةٍ إلى أن يأتي [ص: 329] لقمان فيأخذه، فإذا أبْصَرَه لقمان قد فعل ذلك قال: سدَّ ابن بيضٍ السبيلَ. يقول إنه لم يجعل لي سبيلا على أهله وماله حين وَفَى لي بالجُعْلِ الذي سَمَّاه لي، وينشد على قول الأصمعي: سَدَدْنَا كما سَدَّ ابْنُ بيضٍ طريقَهُ ... فلم يَجِدُوا عند الثَّنِيَّةِ مَطْلَعَا وقال المخبل السعدي: لقد سَدَّ السَّبِيلَ أبو حُمَيْد ... كما سَدَّ المخاطبة ابنُ بيضِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 328 1767- أَسَعْدٌ أَمْ سُعِيْدٌ. هما ابنا ضبة بن أد، وقد ذكرتُ قصتَهما في باب الحاء عند قوله"الحديث ذو شُجُون". يضرب في العناية بذي الرحم، وفي الاستخبار أيضاً عن الأمرين الخير والشر، أيهما وقع. ومنه قول الحجاج لقتيبة بن مسلم وقد تزوج، فقال : أسعد أم سعيد؟ أراد أحسناء أم شَوْهَاء، جعل التصغير مثلا للقبح، والتكبيرَ مثلا للحسن، وكما قال أبو تمام: غَنِيتُ به عَمَّن سِواه، وحُوِّلَتْ ... عِجَافُ رِكَابِي عن سُعَيْد إلى سَعْدِ يَعني عن الجدب إلى الخصب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 329 1768- سَاَوَاكَ عَبْدُ غَيْرِكَ هذا المثل مثل قولهم: عبد غيرك حُرٌّ مثلُك، يعني أنه بتَعَاليه عن أمرك ونَهْيك مثلُك في الحرية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 329 1769- السِّرَاحُ مِنَ النَّجَاحِ يضرب لمن لا يريد قَضَاء الحاجة، أي ينبغي أن تُؤيسه منها إذا لم تَقْضِ حاجته. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 329 1770- أَسْمَحَتْ قَرُونَتُهُ القَرُونة والقَرُون والقَرِينة والقَرِين: النَّفْسُ، أي استقامت له نفسُه وانقادت، وقال مصعب بن عطاء: أي ذهب شكه وعزم على الأمر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 329 1771- سَوَاسِيَةٌ كأسْنَانِ الْحِمَارِ قال الأصمعي وأبو عمرو: ما أَشَدَّ ما هجا القائل "سَوَاسية كأسنان الحمار" ومثله: "سَوَاسيةٌ كأسنان المُشْطِ" قال كُثَير: سَوَاءٌ كأسْنَانِ الحمار، فلا تَرَى ... لذي شَيْبة منهم على ناشِىء فَضْلاَ وقالت الخنساء: فَاْليَوْمَ نَحْنُ وَمَنْ سِوَا ... نَا مِثْلُ أَسْنَانِ الْقَوَارِحْ أي لا فَضْلَ لنا على أحد، قال أصحاب المعاني: السَّوَاء: العدل، وهو مأخوذ من الاستواء والتساوي، يقال: فلان وفلان [ص: 330] سَوَاء أي متساويان، و"قوم سَوَاء" لا يُثَنَّى ولا يجمع، لأنه مصدر، وأما "سواسية" فقال الأخفش: وَزْنُه فَعَلْفِلة، وهي جمع سواء على غير قياس، فسواء فَعَال وسية فِعَة أو فِلة، إلا أن فعة أقيس، لأن أكثر ما ينقلون موضع اللام، وأصل سِيَة سِوْيَة، فلما سكنت الواو وانكسر ما قبلها صارت الواو ياء، ثم حذفت إحدى الياءين تخفيفاً، فبقي سية، وقال بعضهم: الأصل سَوَاء سِيّ يعني السِّيَّ الذي هو المثل، ثم خافوا إيهام كونهما اسمين باقيين على الأصل، فحذفوا مَدَّة سَوَاء وأبدلوا من الياء الثانية من سي هاءً كما فعلو في زَنَادِقة وصَيَارِفة، وأصله زَنَاديق وصَيَاريف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 329 1772- سَكَتَ أَلْفاً وَنَطَقَ خَلْفاً الْخَلْفُ: الرديء من القَوْل وغيره، قال ابن السكيت: حدثني ابن الأعرابي قال: كان أعرابي مع قوم فحبَقَ حَبْقَة، فتشور فأشار بإبهامه إلى إسْتِه وقال: إنها خَلْفٌ نَطَقَتْ خلفاً. ونصب "ألفا" على المصدر: أي سكت ألفَ سكتة ثم تكلم بخطأ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 330 1773- أَسَاءَ سَمْعاً فأَساءَ جَابَةً ويروى "سَاءَ سَمْعاً فأساءَ إجابة" وساءَ في هذا الموضع تعمل عمل بئس، نحوقوله تعالى (ساء مثلا) ونصب سمعاً على التمييز، وأساء سمعاً نصب على المفعول به، تقول: أسأت القولَ وأسأت العمل، وقوله"فأساء جابة" هي بمعنى إجابة، يقال: أجابَ إجابةً وجَابة وجَوَابا وجَيْبةً. ومثل الجابة في موضع الإجابة: الطَّاعَة والطَّاقَة والغَارة والعَارَة، قال المفضل: هذه خمسة أحرف جاءت هكذا. قلت: وكلها أسماء وُضِعت موضع المصادر. قال المفضل: إن أول من قال ذلك سُهَيل بن عَمْرو أخو بني عامر بن لؤي، وكان تزوج صفية بنت أبي جهل بن هشام، فولدت له أنَسَ بن سُهْيل، فخرج معه ذات يوم وقد خرج وَجْهُه، يريد الْتَحَىِ، فوقفا بحَزَوَّرَة مكة، فأقبل الأخنس ابن شَرِيق الثقفي، فقال: مَنْ هذا؟ قال سهيل: ابني، قال الأخنس: حَيَّاكَ الله يا فتى، قال: لا والله ما أمي في البيت، انطلَقَتْ إلى أم حنظلة تَطْحَنُ دقيقاً، فقال أبوه : أساء سَمْعاً فأساء جَابة، فأرسلها مثلا، فلما رجَعا قال أبوه: فَضَحَني ابنُكَ اليوم عند الأخنس قال كذا وكذا، فقالت الأم: إنما ابني صبي، قال سهيل: أشْبَهَ امرؤٌ بعضَ بَزِّه، فأرسلها مثلا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 330 1774- سُقطَ فِي يَدِهِ يضرب لمن نَدِم. [ص: 331] وقال الأخفش: يقال سُقِط في يده أي نَدِم، وقرأ بعضُهم (ولما سُقِط في أيديهم) كأنه أضمر الندم، وجوز أُسْقِطَ في يده، وقال أبو عمرو: لا يقال "أسْقِطَ" بالألف على ما لم يُسَمَّ فاعلُه، وكذلك قال ثعلب، وقال الفراء والزجاج: يقال سُقِط وأُسْقِطَ في يده، أي ندم. قال الفراء: وسُقِط أكثر وأَجْوَد، وقال أبو القاسم الزجاجي: سُقِط في أيديهم نَظْم لم يسمع قبل القرآن، ولا عَرَفَتْهُ العرب، ولم يوجد ذلك في أشعارهم، والذي يدل على ذلك أن شعراء الإسلام لما سمعوا هذا النظم واستعملوه في كلامهم، خفي عليهم وجهُ الاستعمال، لأن عاداتهم لم تَجْرِ به، فقال أبو نواس: ونَشْوَة سُقِطْتُ مِنْهَا في يدي ... وأبو نُوَاس هو العالم النحرير، فأخطأ في استعمال هذا اللفظ، لأن فُعِلْتُ لا يبنى إلا من فعل يتعدَّى، لا يقال رُغِبْتُ ولا يقال غُضِبْت، وإنما يقال: رُغِبَ فيَّ وغُضِبَ عليَّ، قال: وذكر أبو حاتم: سَقَطَ فلان في يده أي ندم، وهذا خطأ مثل قول أبي نواس، هذا كلامه، قلت: وأما ذكر اليد فلأن النادم يعضُّ على يديه، ويَضْرِبُ إحداهما بالأخرى تَحَسُّراً كما قال (ويومَ يعضُّ الظالم على يَدَيْه) وكما قال (فأصْبَحَ يُقَلِّبُ كفيه على ما أنفق فيها) فلهذا أضيف سقوط الندم إلى اليد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 330 1775- سَقَطَ فِي أُمِّ أَدْرَاصٍ الدَّرْصُ: ولد اليربوع وما أشبهه، وأُمُّ أَدْرَاصٍ: اليربوع. يضرب لمن وقع في داهية، قال طفيل: وماأم أَدْرَاصٍ بليل مُضَلل ... بأغْدَرَ من قَيْسٍ إذا الليلُ أَظْلَمَا ويروى "بأرض مضلة". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 331 1776- سَحَابُ نَوْءٍ مَاؤُهُ حَميِمٌ يضرب لمن له لسان لطيف ومَنْظَر جميل وليس وَرَاءه خير. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 331 1777- سَهْمُكَ يَا مَرْوَانُ ليِ شَبِيعُ السهم الشبيع: القاتل، قلت: وهذا لفظ لم أسمعه إلا في هذا المثل، ولا أدري ما صحته، والله أعلم، وإنما وجدته في أمثال الإصطخري قال: يضرب لسيفهِ يَتَبَذَّى على حليم أي اعْدِلْ سهمك إلى مَنْ يُبَاذيك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 331 1778- السِّرُّ أَمَانَة قاله بعض الحكماء، وفي الحديث المرفوع "إذا حَدَّثَ الرجل بحديث، ثم الْتَفَتَ، فهو [ص: 332] أمانة، وإن لم يستكتمه" قال أبو محجن الثقفي في ذلك: وأطعن الطَّعْنَةَ النَّجْلاَء عن عرض ... وأكْتُمُ السِّرَّ فيِه ضَرْبَةُ الْعُنُقِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 331 1779- اسْتُ البَائِن أَعْلَمُ البائن: الذي يكون عند حَلْبِ الناقة من جانبها الأيسر، ويقال للذي يكون من الجانب الآخر: المُعَلِّى، والمستعلى، وهو الذي يُعْلِى العُلْبة إلى الضَّرْع، والبائن: الذي يحلب، ويقال بخلاف هذا، وهما الحالبان في قولهم "خَيْرَ حَالبَيْكِ تَنْطَحِين" وهذا المثل يروى أن قائله الحارث بن ظالم، وذلك أن الْجُمَيْح وهو مُنْقذ بن الطَّمَّاح خرج في طلب إبل له، حتى وقع عليها في قبيلة مرة، فاستجار بالحارث بن ظالم المُرِّي، فنادى الحارث مَنْ كان عنده شيء من هذه الإبل فليردَّها، فردَّتْ جميعاً غير ناقة يقال لها اللِّفْاع، فانطلق يَطُوف حتى وجدها عند رجلين يَحْلُبانها، فقال لهما: خَلِّيا عنها فليست لكما، وأهْوَى إليهما بالسيف، فضَرَط البائنُ، فقال المعلى: والله ما هي لك، فقال الحارث : اسْتُ البائن أعلم، فأرسلها مثلا. يضرب لمن ولى أمراً وصلى به فهو أعلم به ممن لما يمَارسه ولم يصل به. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 332 1780- اُسْتٌ لَمْ تُعَوَّدِ الِمْجمَرَ يقال: إن أول مَنْ قال ذلك حاتم بن عبد الله الطائي، وذلك أنَّ ماوية بنت عَفْزَر كانت ملكة، وكانت تتزَّوج مَنْ أرادت، وربما بعثت غِلْمانا لها ليأتُوها بأوْسَمِ مَنْ يجدونه بالحِيرة، فجاؤها بحاتم، فقالت له: استقدم إلى الفِراش، فقال : اسْتٌ لم تُعَوَّدِ المجمر، فأرسلها مثلا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 332 1781- اُسْتُهُ أضْيَقُ مِنْ ذَلكَ قاله مهلهل أخو كُلَيب لما أخْبَره هَمّام بن مُرَّة أن أخاه جَسَّاسَ بن مُرَّة قتل كليبا، وكان همام ومهلهل متصافين، فلما قتل جساس كليبا أخبر همام مهلهلا بذلك، فقال مهلهل هذا، استعباداً لما أخبر به. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 332 1782- ساَعِدَايَ أحْرَزُ لَهُماَ أول من قال ذلك بن زيد مَنَاة بن تَمِيم، وكان أحمق، فزوَّجه أخوه سعدُ بن زيد نَوَار بنت حُلّ بن عديّ بن عبد مَنَاة ابن أد، ورجا سعد أن يولَد لأخيه، فلما بَنَى مالك بيته وأدخلت عليه امرأته انطلق به سعد حتى إذا كان عند باب بيته قال له سعد: لِجْ بيتَكَ، فأبى مالك، مرارا، فقال: لِجْ مَالِ ولَجْتَ الرَّجْمَ، والرجم: القبر، ثم إن مالكا ولَجَ ونعلاه معلقتان في ذراعيه، [ص: 333] فلما دنا من المرأة قالت: ضَعْ نعليك، قال ساعداي أحْرَزُ لهما، فأرسلها مثلا، ثم أتى بطِبيبٍ، فجعل يجعله في استه، فقالوا: ما تصنع؟ فقال: استي أخْبَثِى، فأرسلها مثلا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 332 1783- اُسْقِ أخَاكَ النَّمَرِيَّ قال أبو عبيد: أصله أن رجلا من النمر ابن قاسطٍ صحب كَعْبَ بن مَامَةَ وفي الماء قلة، فكانوا يشربون بالْحَصَاة، وكان كلما أراد كعب أن يشرب نظر إليه النمري فيقول كعب للساقي : اسْقِ أخاك النمري، فيسقيه، حتى نفذ الماء ومات كعب عطشاً. يضرب للرجل يطلب الحاجة بعد الحاجة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 333 1784- اُسْقِ رَقَاشِ إِنَّها سَقَّايَة رَقَاشِ مثل حذام مبني على الكسر: اسم امرأة. يضرب في الإحسان إلى المحسن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 333 1785- اُسْتَنَّتِ الِفصَالُ حَتَّى القَرْعى ويروى "اسْتَنَّتِ الفُصْلاَن حتى القريعى" يضرب للذي يتكلم مع مَنْ لا ينبغي أن يتكلم بين يديه لجلالة قدره. والقَرْعى: جمع قَريع مثل مَرْضَى ومَرِيض، وهو الذي به قَرَع، بالتحريك، وهو بَثْر أبيض يخرج بالفصال، ودواؤه المِلْحُ وحَبَابُ ألبان الإبل، ومنه المثل"هو أحَرُّ مِنَ الْقَرَعِ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 333 1786- سِرْحَانُ القَصيِمِ هذا مثل قولك"ذئب الغضى" والقصيم: رملة تنبت الغَضَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 333 1787- سَمِّنْ كَلبْكَ يَأْكُلْكَ ويروى "أسْمِنْ" قالوا: أول من قال ذلك حازم بن المنذر الحمَّاني، وذلك أنه مر بمحلة هَمْدَان فإذا هو بغلام ملفوف في المَعَاوِز (المعاوز: جمع نعوز - بوزن منبر - وهو الثوب الخلق) ، فرحِمَه وحَمَله على مُقَدَّم سَرْجه حتى أتى به منزله وأمر أمةً له أن ترضعه، فأرضعته حتى فطم وأدرك وراهق الحُلم، فجعله راعيا لغنمه وسَمَّاه جُحَيْشاً، فكان يرعى الشاء والإبل، وكان زاجرا عائفا، فخرج ذاتَ يومٍ فعرَضَت له عُقَاب، فعافها، ثم مر به غدَاف فزجره، وقال: تُخْبِرُنيِ شواحِجُ الغُدْفَانْ ... والخُطْبُ يَشْهَدْنَ مع العِقْبَانْ (الخطب: جمع أخطب، وهو الصرد والصقر) أني جُحَيْش مَعْشرِى هَمْدانْ ... ولَسْتُ عَبْداً لبني حَّمانْ فلا يزال يتغنى بهذه الأبيات، وإن ابنةً لحازم يقال لها رَعُوم هَوِيَت الغلام وهَوِيَهَا، وكان الغلام ذا منظر وجمال، [ص: 334] فتبعه ذاتَ يوم حتى انتهى إلى موضع الكلأ فسرح الشاء فيه واستظلَّ بشجرة واتكأ على يمينه وأنشأ يقول: أمَالَكَ أم فُتدْعَى لَهَا ... ولا أنت ذُو وَالِدٍ يُعْرَفُ؟ أرى الطَّيْرَ تُخْبِرُنِي أنَّنِي ... جحيش وأنَّ أبى حرشف يقولُ غُرَابٌ غدا سَانِحاً ... وشاهده جاهدا يَحلِفُ بأنِّى لهَمْدَانَ في غرّهَا ... وَمَا أنا جاَفٍ ولا أهْيَفُ ولكنَّنِي من كرام الرجال ... إذا ذكر السَّيِّدُ الأشْرَفُ وقد كَمنتْ له رَعُوم تنظر ما يصنع، فرفع صوته أيضاً يتغنى ويقول: يا حَبَّذَا رَبِيبَتِي رَعُومُ ... وحَبَّذَا مَنْطِقُهَا الرَّخِيمُ وَرِيحُ مَا يأتي بهِ النَّسِيمُ ... إنِّي بها مكلّفٌ أهِيمُ لو تعلمين العلم يا رَعُومُ ... إنَي مِنْ هَمْدَانِهاَ صَميمُ فلما سمعت رَعُومُ شعره ازدادت فيه رغبة وبه إعجابا، فدنت منه وهي تقول: طار إلَيْكُمْ عَرَضاً فُؤَادِي ... وقَلَّ من ذِكْرَاكُمُ رُقاَدِي وَقَدْ جَفَا جَنْبي عن الوِسَادِ ... أبيتُ قَدْ حاَلَفنِي سُهَادِي فقام إليها جُحَيش فعانقها وعانقته، وقعدا تحت الشجرة يتغازلان، فكانا يفعلان ذلك أيَّاماً، ثم إن أباها افْتَقَدَها يوماً وفَطِنَ لها فرصَدَها، حتى إذا خرجت تبعها فانتهى إليهما وهما على سوأة، فلما رآهما قال : سَمِّنْ كَلْبَكَ يأكلك، فأرسلها مثلا، وشدَّ على جُحَيش بالسيف فأفلت ولحق بقومه هَمْدان، وانصرف حازم إلى ابنته وهو يقول: مَوْتُ الْحُرَّة خيرٌ من العَرَّة، فأرسلها مثلا، فلما وصل إليها وجدها قد اختنقت فماتت، فقال حازم: هَان عَلَيَّ الثُّكْل لسوء الفعل، فأرسلها مثلا، وأنشأ يقول: قَدْ هَانَ هذَا الثُّكْلُ لَوْلاَ أَّننِي ... أحْبَبْتُ قَتْلكِ بالُحساَم الصَّارِمِ ولقد هَمَمْتُ بذاك لولا أنني ... شَمَّرْتُ في قتل اللَّعِينِ الظالم فَعَلَيْك مَقْتُ الَلهِ مِنْ غَدَّارةٍ ... وعَلَيْكِ لَعْنَتُهُ ولعنة حَازِمِ وقال قوم: إن رجلا من طَسْم ارتَبَطَ كلبا، فكان يُسَمنه ويطعمه رجاء أن يصيدَ به، فاحتبس عليه بطعمه يوما، فدخل عليه صاحبُه فوثَب عليه فافترسه، قال عوف بن الأحوص: [ص: 335] أرَانِي وعَوْفاً كالْمُسَمِّنِ كَلْبَهُ ... فخدشه أنيابه وأظافره وقال طرفة: ككَلْب طَسْم وَقَدْ تَرَبَّبَهُ ... يَعُلهُ بالْحَليِب فِي الْغَلَسِ طلَّ عَلَيْه يَوماً بقَرْقَرَةٍ ... إنْ لاَ يَلْغِ فِي الدماء يَنْتَهِسِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 333 1788- أَسَافَ حَتَّى مَا يَشْتَكيِ السَّوَافَ الإسافة: ذَهَاب المالِ، يقال: وقَعَ في المال سَوَاف، بالفتح، أي موت، هذا قول أبي عمرو. وكان الأصمعي يضمه ويلحقه بأمثاله. قال أبو عبيد: يضرب لمن مَرنَ على جوائح الدهر فلا يجزع من صروفه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 335 1789- سِرْ وَقَمرٌ لَكَ أي اغتنم العمَلَ ما دام القمر لك طالعا يضرب في اغتنام الفُرْصة. ويروى "أسْرُ وقمرلك"من السُّرَى، والواو في الروايتين للحال: أي سر مُقْمِراً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 335 1790- أَساَئِرٌ الْقَوْمُ وَقَدْ زَالَ الظُّهْرُ قال يونس: أصله أن قوما أغِيرَ عليهم، فاستصرخوا بني عمهم، فابطئوا عنهم حتى أسِرُوا وذُهِبَ بهم، ثم جاؤا يسألون عنهم، فقال لهم المسئول هذا القول. يضرب في اليأس من الحاجة، يقول: أتطمع فيما بعد وقد تبين لك اليأس. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 335 1791- سَالَ الْوَادِي فَذَرْهُ يضرب للرجل يُفَرِّطُ في الأمر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 335 1792- أَساَءَ رَعْياً فَسَقَي أصله أن يُسيء الراعي رَعْيَ الإبل نهاره، حتى إذا أراد أن يُريحها إلى أهلها كره أن يظهر لهم سوء أثره عليها فيسقيها الماء لتمتلىء منه أجوافُها. يضرب للرجل لا يُحْكِم الأمر ثم يريد إصلاحه فيزيده فساداً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 335 1793- سلُّوا السُّيُوفَ وَاسْتَلَلْتُ الَمنْتَنَ قالوا: الْمَنْتَنُ السيفُ الردىء. يضرب للرجل لا خير عنده يريد أن يلحق بقوم لهم فعال. قلت: لفظ الْمَنْتن معناه مما ينبو عنه السمع ولا يطمئنُّ إليه القلب، والله أعلم بصحته. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 335 1794- سَوَاءٌ عَلَيْنَا قَاتِلاَهُ وَساَلبُه وأوله ... فَمُرَّا على عُكْلٍ نُقَضِّ لُبَانَةً ... قالوا: معناه إذا رأيتَ رجلا قد سَلَبَ رجلا دَلّكَ على أنه لم يسلبه وهو حي ممتنع، فعلم بهذا أنه قاتله، فمن هذا جعلوا السالب قاتلا، وتمثل به معاوية في قَتَلَة عثمان رضي الله عنه، ورأيت في شرح [ص: 336] الإصلاح للفارسِيِّ أبياتاً ذكر أنها للوليد ابن عقبة أولُها: بني هاشم كَيْفَ الهَوَادَةُ بيننا ... وعند علّيٍ دِرْعُهُ ونَجَائِبُهْ قَتْلتُمْ أخي كَيْمَا تكونوا مَكانَهُ ... كما غَدَرَتْ يوماً بِكِسْرَى مَرَازِبُهْ وإلا تحللْهَا يُعَالُوكَ فَوْقَهَا ... وكَيْفَ يُوَقَّى ظَهْرُ مَا أَنْتَ رَاكِبُهْ ثَلاَثَةُ رَهْطٍ قاَتِلاَنِ وَسَالِبٌ ... سَوَاء عَلَيْنَا قاتِلاَهُ وَسَالِبُهْ قال: يعني بالقاتلين التجيبي (التجيبي: كنانة بن بشر قاتل عثمان رضي الله عنه، من تجيب بطن من كندة) ومحمد بن أبي بكر، وبالسالب عليّاً رضي الله عنه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 335 1795- ساَجَلَ فُلاَنٌ فُلاَناً أصله من السَّجْل، وهو الدَّلْو العظيمة، والمُسَاجلة: أن يَسْتَقى ساقيان فيُخْرِج كل واحد منهما في سَجْله مثلَ ما يخرج الآخر فأيهما نكَل فقد غُلب، فضربت العربُ به المثلَ في المفاخرة والمساماة، قال الفضل بن العباس بن عُتْبة بن أبي لَهَبٍ: مَنْ يُسَاجِلْني يسَاجِلْ ماجداً ... يَمْلأَ الدَّلْو إلى عَقْد الكَرَبْ يقال: إن الفرزدق مرَّ بالفضل وهو يستقي وينشد هذا الشعر فَسَرَى الفرزدق ثيابَه عنه، وقال أنا أسَاجِلُكَ، ثقةً بنسبه، فقيل له: هذا الفضل بن العباس بن عُتْبة بن أبي لهب، فردَّ الفرزدق عليه ثيابه، وقال: ما يساجلك إلا من عَضَّ أيْرَ أبيه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 336 1796- سَبَقَ دِرَّتَهُ غِرَارُهُ الغِرار: قلة اللّبن، والدرة: كثرته، أي سبق شره خيره، ومثله: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 336 1797- سَبَقَ مَطَرَهُ سَيْلُهُ يضرب لمن يسبق تهديدُه فعلَه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 336 1798- سَرْعَاَنُ ذَا إِهَالَةً سَرْعان: بمعنى سرع، نقلت فتحة العين إلى النون فبنى عليها، وكذلك وَشْكان وعَجْلان وشَتّان، قال الخليل: هي ثلاث كلمات سَرْعان، وعَجْلان، ووَشْكان، وفي وَشْكان وسَرْعان ثلاث لغات: فتح الفاء، وضمها، وكسرها، تقول العرب: لَسَرْعَانَ ما خَرَجْتَ، ولَسَرْعَانَ ما صَنَعْتَ كذا. وأصل المثل أن رجلا كانت له نَعْجة عَجْفاء، وكان رُغَامها يسيل من منخريها لهزالها، فقيل: وَدَكُها، فقال السائل : سَرْعَان ذا إهَالَةً: نصب إهالة على الحال، وذا: إشارة [ص: 337] إلى الرُّغَام، أي سَرُع هذا الرغام حالَ كونه إهالة، ويجوز أن يُحْمَل على التمييز على تقدير نقل الفعل، مثل قولهم: تَصَبَّبَ زيدٌ عَرَقاً. يضرب لمن يخبر بكينونة الشيء قبل وقته الجزء: 1 ¦ الصفحة: 336 1799- سَمْنُكُمْ هُرِيقَ فيِ أَدِيمِكُمْ يضرب للرجل يُنْفِقُ مالَه على نفسه، ثم يريد أن يمتنَّ به. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 337 1800- سَمِنَ حَتَّى صَارَ كأنَّهُ الَخْرْسُ قالوا: الخَرْسُ الدَّنُّ العظيم، والخَرَّاسُ: صانعه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 337 1801- سُوءُ حَمْلِ الفَاقَةِ يَضَعُ الشَّرَفَ أي إذا تعرض للمطالب الدَّنِيَّةِ حَطَّ ذلك من شرفه، قال أوس بن حارثة لابنه: خيرُ الغنى القُنُوع، وشر الفقر الخُضُوع، وينشد: ولقد أبِيتُ عَلَى الطّوَى وَأظَلّهُ ... حَتَّى أَنَالَ بِه كَرِيمَ المأْكَلِ أراد أبيتُ على الطوى وأظل عليه، فحذف حرف الجر وأصل الفعل، والباء في "به" بمعنى مع، أي حتى أنال مع الجوع المأكَلَ الكريمَ فلا يُتَّضع شرفي ولا تنحطُّ درجتي، وينشد أيضاً: فَتىً كان يُدْنِيِه الغِنَي من صَدِيقِهِ ... إذَا ما هُوَ اسْتَغْنَي ويُبْعِدُهُ الفَقْرُ والأصلُ في هذا كلام أكثم بن صيفي حيث قال: الدنيا دُوَل، فما كان منها لك أتاك على ضَعْفك، وما كان منها عليك لم تَدْفَعْه بقوتك، وسُوءُ حمل الغنى يْورِثُ مرحاً، وسوء حمل الفاقة يضع الشرفَ، والحاجة مع المحبة خيرٌ من البغضة مع الغنى والعادة أمْلَكُ بالأدب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 337 1802- سَمِنَ كَلْبٌ بِبُؤْسِ أَهْلِهِ يقال: كلبٌ اسمُ رجلٍ خِيف فسئل رَهْناً فرهَنَ أهله ثم تمكن من أموال مَنْ رهنهم أهلَه فساقها وترك أهله، قال الشاعر: وفينا إذا ما أنْكَرَ الكَلْبُ أهْلَهُ ... غَدَاةَ الصَّبَاحِ الضَّارِبُونَ الدَّوابِراَ (كذا، ولعله "غداة الصياح .... ) يعني إذا خذل غيرُنا أهلَه تخلُّفاً عن الحرب فنحن نضرب الدروعَ، والدوابر: حلَقُ الدُّروعِ، يقال: درع مُقَابَلَة مُدَابَرَة، إذا كانت مُضَاعفة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 337 1803- اسْتَكَّتْ مَسَامِعُهُ معناه صَمَتَ، وأصله السَّكَكُ، وهو صغر الأذنين، وكأنَّ السكك صار كنايةً عن انتفاء السمع، حتى كأن الأذن ليست، وفي انتفائها معنى الصَّمَم، والمراد منه صَمَّتْ أذنه ولا سَمِعَ ما يسره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 337 1804- اسْمَحْ يُسْمَحْ لكَ ويروى "أسْمِحْ" بقطع الألف. يضرب في المُوَاتاة والمُوَافقة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 338 1805- أَساَءَ كَارِهٌ مَا عَمِلَ وذلك أن رجلا أكْرَهَ رجلا على عمل فأساء عملَه فقال هذا المثل. يضرب لمن تُطلب إليه الحاجة فلا يبالغ فيها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 338 1806- َاٌد مِنْ عَوَزٍ السِّدَاد: اسم من سَدَّ يَسُدَّ سَدّا، والسَّداد: لغة فيه، قاله ابن السكيت، وقال ثعلب: السِّداد من سَدّ يَسُد، والسَّدَاد من سَدَّ السهم يَسُدُّ، وقال النضر بن شميل: أصل السِّداد شيء من اللبن يَيْبَس في إحليل الناقة، سمي به لأنه يَسُدُّ مَجْرَى اللبن، والعَوَز: اسم من الإعواز، يقال: أعْوَزَ الرجلُ، إذا افتقر، وعَوِز مثله، وعَوِز الشيء يَعْوَزُ عَوَزاً، إذا لم يوجد. يضرب للقليل يسد الخَلَّة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 338 1807- سَبَّحَ ليَسْرِقَ يضرب لمن يُرَائي في عمله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 338 1808- سَلأََتْ وأَقَطَتْ أي أذَابَتِ السمنَ وجَفَّفَتِ الأقِطَ. يضرب لمن أخْصَبَ جنابه بعد جَدْب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 338 1809- استُرْ عَوْرَةَ أَخِيكَ لِمَا يَعْلَمُهُ فِيكَ أي إن بحثْتَ عنه بحثَ عنك، كقولهم: من نَجَلَ الناسَ نَجَلُوه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 338 1810- سَفِيهٌ مَأْمُورٌ هذا من كلام سعد بن مالك بن ضُبَيعة للنعمان بن المنذر، وقد ذكرته في قولهم"إن العصا قُرِعَتْ لذي الحلم". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 338 1811- سَوَاءُ ُهَو والعَدَمُ ويقال: العُدْم، وهما لغتان، ويروى: سواء هو والقَفْرُ، أي إذا نزلْتَ به فكأَنك نازل بالقِفَار المُمْحِلَة، قاله أبو عبيد. يضرب للبخيل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 338 1812- سَمِنَ فَأَرِنَ الأرَنُ: النشاط، يقال: أرِنَ فهو أرِنٌ وأرُونُ مثل مَرِحٍ ومَرُوح. يضرب لمن تَعَدَّى طَوْره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 338 1813- سَوَّاءٌ لَوَّاءٌ هما فَعَّال من اسْتَوَى والْتَوَى قلت: هذا شاذ: أن يبنى فَعَّالٌ من غير الثلاثي، ومثل قول الأخطل: لاَ بِالْحَصُورِ وَلا فِيهَا بِسأَّرِ ... وقولهم جَبَّار، وهما من اسْأرْت وأجْبَرْتُ. [ص: 339] والمثل يضرب للنساء، أي هن يستوين ويلتوين ويجتمعن ويتفرقن ولا يثبتن على حال واحدة، ويضرب للمُتَلَوِّن. ويقال أيضا للنساء: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 338 1814- سَوَاهٍ لَوَاهٍ من السَّهْو واللَّهْو، يعني أنهن يَسْهُونَ عما يجب حفظُه ويشتغلن باللهو. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 339 1815- سُرِقَ السَّارِقُ فَانْتَحَرَ يقال "انْتَحَرَ الرجلُ" إذا نَحَر نفسه حزنا على ما فاته. وأصله أن سارقاً سرق شيئاً فجاء به إلى السوق ليبيعه، فسُرِقَ، فنحر نفسه حزناً عليه، فصار مثلاً للذي يُنتزع من يده ما ليس له فيجزع عليه، يقال: سَرَق منه مالاً، وسَرَقَه مالاً، على حذف حرف الجر وتعدية الفعل بعد الحذف، أو على معنى السَّلْب كأنه قال: سَلَبه مالاً. وتقدير المثل سُرِق السارقُ سرقَتَه، أي مسروقه، فانتحر: أي صار منحوراً كمداً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 339 1816- سَفِيهُ لَمْ يَجِدْ مُسَافِهاً هذا المثل يروى عن الحسن بن علي رضي الله تعالى عنهما، قاله لعمرو بن الزبير حين شمته عمرو. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 339 1817- السَّليِمُ لاَ يَنَامُ َولاَ يُنِيمُ قال المفضل: أول مَنْ قال ذلك إلياس ابن مُضَر، وكان من حديث ذلك - فيما ذكر الكلبي عن الشَّرْقي بن القطامي - أن إبل إلياس نَدَّتْ ليلاً، فنادى ولدَه وقال: إني طالب الإبل في هذا الوجه، وأمر عَمْرا ابنه أن يطلب في وَجْه آخر، وترك عامراً ابنه لعلاج الطعام، قال: فتوجه إلياس وعمرو وانقطع عمير ابنه في البيت مع النساء، فقالت ليلى بنت حُلْوان امرأتُه لإحدى خادميها: اخرجي في طلب أهلك، وخرجت ليلى فلقيها عامر محتقباً صيداً قد عالجه، فسألها عن أبيه وأخيه فقالت: لا علم لي، فأتى عامر المنزل وقال للجارية: قُصِّي أثر مولاك، فلما ولَّت قال لها: تَقَرْصَعِي، أي اتئدي وانقبضي، فلم يَلْبَثوا أن أتاهم الشيخ وعمرو ابنه قد أدرك الإبل، فوضع لهم الطعام، فقال إلياس : السليم لا ينام ولا ينيم، فأرسلها مثلاً، وقالت ليلى امرأته: والله إن زِلْتُ أخَنْدِفُ في طلبكما والهة، قال الشيخ: فأنت خِنْدِف، قال عامر: وأنا والله كنت أدْأبُ في صَيْدٍ وطَبْخٍ، قال: فأنت طَابِخَةٌ قال عمرو: فما فعلت أنا أفضل، أدْرَكْتُ الإبلَ، قال: فأنت مُدْرِكة، وسمي عميراً قمعَةً، لانقماعه في البيت، فغلبت هذه الألقاب على أسمائهم، [ص: 340] يضرب مثلا لمن لا يستريح ولا يُريح غيرَه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 339 1818- اسْعَ بِجَدَّكَ لاَ بِكَدِّكَ قالوا: إن أول من قال ذلك حاتم بن عميرة الهَمْدَاني، وكان بَعَثَ ابنيه الحِسْلَ وعاجنة إلى تجارة، فلقي الحِسْلَ قومٌ من بني أسد، فأخذوا ماله وأسروه، وسار عاجنة أياما ثم وقع على مالٍ في طريقه من قبل أن يبلغ موضع مَتْجَره، فأخذه ورجع وقال في ذلك: كَفَائيِ الله بُعْدَ السَّيْر، إني ... رَأيتُ الخَيْرَ في السفر الْقَرِيبِ رأيتُ الْبُعْدَ فيِه شَقاً وَنأيٌ ... ووَحْشَة كلِّ مُنْفَرِدٍ غَرِيبِ فأسْرَعْتُ الإيابَ بخَيْرِ حالٍ ... إلى حَوْرَاء خُرْعبُةٍ لَعُوبِ وإني لَيْسَ يَثْنيني إذا ما ... رَحَلتُ سنوحُ شَحَّاج نَعُوب فلما رجع تباشَر به أهلُه، وانتظروا الحِسْل، فلما جاء إبَّانُه الذي كان يجيء فيه ولم يرجع رَابَهم أمرُهُ، وبعث أبوه أخاً له لم يكن من أمه يقال له شاكر في طلبِه والبحثِ عنه، فلما دنا شاكر من الأرض التي بها الحِسْلُ وكان الحسل عائفاً يَزْجُر الطيرَ فقال: تُخَبِّرُنيِ بالنجاةِ القَطَاةُ ... وقَوْلُ الْغُرَابِ بها شَاهِدُ تقول: ألاَ قَدْ دَنَا نَازِحٌ ... فِدَاء له الطرف وَالتَّالِدُ أخ لم تكُنْ أمُّنَا أمَّهُ ... ولكن أبوُنا أبٌ واحِدُ تداركَنِي رأفَةً حَاتِمٌ ... فَنِعْمَ المربِّبُ وَالوَالِدُ ثم إن شاكراً سأل عنه، فأخبر بمكانه فاشتراه ممن أسَره بأربعين بعيراً، فلما رجع به قال له أبوه : اسْعَ بجَدِّك لا بكدك، فذهبت مثلا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 340 1819- سِرْ عَنْكَ قالوا: إن أول من قال ذلك خِدَاش بن حابس التَّميمي، وكان قد تزوج جارية من بني سَدوس يقال لها الرَّباب وغاب عنها بعد ما مَلَكها أعواما، فعلقها آخر من قومها يقال سلم، ففضحها، وإن سلما شَرَدَت له إبل فركب في طلبها، فوافاه خِداش في الطريق، فلما علم به خداش كتَمَه أمرَ نفسِه ليعلم علم امرأته، وسارا، فسأل سلم خداشا: ممن الرجل؟ فخبره بغير نسبه، فقال سلم: أغِبْتَ عَنِ الرَّبَابِ وَهَامَ سَلْمٌ ... بِهَا وَلَها بِعِرْسِكَ يَاخِدَاشُ [ص: 341] فَيَالَكَ بَعْلَ جاريةٍ هَوَاهَا ... صَبُورٌ حين تَضْطَرِبُ الْكِبَاشُ وَيَا لَكَ بَعْلَ جاريةٍ كَعُوبٍ (كذا، ولعله"لعوب"أو "كعاب") ... تَزيدُ لذاذةً دُونَ الرَّيَاشِ وَكُنْتَ بها أخَا عَطَشٍ شَدِيدٍ ... وَقَدْ يَرْوَى عَلَى الظّمَأ العِطَاشُ فإن أرْجِعْ وَيَأْتيهَا خِدَاش ... سَيُخْبِرُهُ بمَا لاقى الفِرَاشُ فعرف خداش الأمر عند ذلك، ثم دنا منه فقال: يا أخا بني سَدوس، فقال سلم: علقتُ امرأةً غاب عنها زوجُها، فأنا أنْعَمُ أهلِ الدنيا بها، وهي لذة عيشي، فقال خداش : سر عنك، فسار ساعة، ثم قال: حدثنا يا أخا بني سَدوس عن خليلتك، قال: تَسَدَّيتُ خِباءها ليلا فبتُّ بأقر ليلة أعلُو وأعْلى وأعانِق وأفْعَلُ ما أهوى، فقال خداش: سر عنك، وعرف الفضيحةَ، فتأخرَّ واخترط سيفه وغَطّاه بثوبه، ثم لحقه وقال: ما آية ما بينكما إذا جئْتَها، قال: أذهَبُ ليلا إلى مكان كذا من خِبائها وهي تخرج فتقول: يالَيْلُ هَلْ مِنْ ساهرٍ فيكَ طالبٍ ... هَوَى خلَّةٍ لا يَنْزَحَنْ مُلْتَقَاهُماَ فأجاوبها: نَعَمْ سَاهِرٌ قَدْ كَابَدَ الليلَ هائِم ... بِهاَئِمَةٍ ما هَوَّمَتْ مُقْلَتَاُهُماَ فتعرف أني أنا هو، ثم قال خداش: سر عنك، ودنا حتى قَرَن ناقته بناقته، وضربه بسيفه فأطار قِحْفَهُ وبقي سائره بين سرخي الرَّحْل يضطرب، ثم انصرف فأتى المكانَ الذي وصَفه سلم، فقعد فيه ليلا، وخرجت الرَّباب وهي تتكلم بذلك البيت، فجاوبها بالآخر، فدنَتْ منه وهي ترى أنه سلم، فقنَّعها بالسيف ففلَق ما بين المفرق إلى الزور، ثم ركب وانطلق. يضرب في التغابي والتغاضي عن الشيء. قلت: بقي معنى قوله"سر عنك" قيل: معناه دَعْني واذْهَبْ عني، وقيل: معناه لا تربع على نفسك، وإذا لم يربع على نفسه فقد سار عنها، وقيل: العربُ تزيد في الكلام "عن" فتقول: دع عنك الشك، أي دع الشك، وقيل: أرادوا بعنك لا أبالك وأنشد: فصار واليوم له بَلاَبِلُ ... من حُبِّ جُمْلٍ عَنْكَ ما يُزَايِلُ أي لا أبالك، فعلى هذا معناه: سر لا أبالك، على عادتهم في الدعاء على الإنسان من غير إرادة الوقوع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 340 1820- اُسْتُ المسْؤُلِ أَضْيَقُ. لأن العيب يرجع إليه، قاله أسَدُ بن [ص: 342] خُزَيمة في وصيته لبنيه عند وفاته، قال: يا بني اسألوا فإن اسْتَ المسؤل أَضْيَقُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 341 1821- سُوءُ الاسِتْمسَاكِ خَيْرٌ مِنَ حُسْنِ الصِّرْعَةِ يعني حصول بعض المراد على وجه الاحتياط خيرٌ من حصول كله على التهور. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 342 1822- سَدِكَ بامْرِىءٍ جُعَلُهُ أي: أولِعَ به كما يُولَع الْجُعَل بالشيء. يضرب لمن يُفْسد شيئاً. قال أبو زيد: وذلك أن يطلب الرجل حاجة فإذا خلا ليذكر بعضَها، جاء آخر يطلب مثلها، فالأول لا يقدر أن يذكر شيئاً من حاجته لأجله فهو جُعَله، وقال: إذا أَتَيْتُ سُلَيْمَى شبَّ ليِ جُعَلٌ ... إنَّ الشَّقِيَّ الذي يُلْكَى به الُجْعَلُ (يلكى به الجعل: يولع به.) وقال أبو الندى: سَدِك بأمْرِي جُعَله، ومَنْ قال " بامرىء " فقد صَحَّف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 342 1823- سُقُوا بِكَأْسِ حَلاَقِ يعني أنَّهم اسْتُؤْصِلوا بالموت، وحَلاَقِ: اسمٌ للمنية لأنه يستأصِلُ الأحياء كما يستأصل الْحَلْقُ الشعْرَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 342 1824- سُلِّي هَذَا مِنَ اُسْتِكِ أَوَّلاً يضرب لمن يَلُومك وهو أَحَقُّ باللوم منك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 342 1825- سُبَّنِي وَأُصْدُقْ يضرب في الحثِّ على الصدق في القول، وأصلُ السبِّ إصابة السُّبَّة، يعني الاست. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 342 1826- سَيْرُ السّوَانِي سَفَرٌ لا يَنْقَطِعُ السَّوَاني: الإبلُ يُسْتَقى عليها الماء من الدوليب، فهي أبداً تسير. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 342 1827- سَلَكُوا وَادِيَ تُضُلِّلَ يضرب لمن عمل شيئاَ فأخطأ فيه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 342 1828- سَقَطَتْ بِهِ النَّصيِحةُ عَلَى الظِّنَّة أي أسْرَفَ في النصيحة حتى اتُّهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 342 1829- سَبَّكَ مَنْ بَلَّغَكَ السَّبَّا أي مَنْ واجَهَك بما قَفاك به غيره من السبّ فهو السابّ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 342 1830- سَبِّحْ يَغْتَرُّوا أي أَكْثِرْ من التسبيح يغترُّوا بك فيثقوا فتخونهم. يضرب لمن نَافَقَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 342 1831- سِيلَ بِهِ وَهْوَ لا يَدْرِي أي ذهب به السيلُ، يريد دُهِي وهو لا يعلم. يضرب للساهي الغافل، وقال: يا مَنْ تمادى في مُجُون الْهَوَى ... سالَ بك السَّيْلُ ولا تدْرِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 342 1832- سِرُّكَ مِنْ دَمِكَ أي ربما كان في إضاعة سرك إراقة دمك، فكأنه قيل: سرُّك جزءٌ من دَمِكَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 343 1833- سُوءُ الاكْتِسَابِ يَمْنَعُ مِنَ الانْتِسَابِ أي قُبْحُ الحال يمنع من التعرف إلى الناس. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 343 1834- سَيْرَيْنِ في خُرْزَةٍ. يضرب لمن يجمع حاجتين في حاجة، وقال: سأجْمَع ُ سَيْرَيْنِ في خُرزة ... أمجِّدُ قومي وأحْمِي النَّعَمْ وقال ابو عبيدة: ويروى "خرزتين في سير" قال: وهو خطأ، ونصب "سيرين" على تقدير استعمل أو جَمَع، قال أبو عبيد: ويروى "خرزتين في خرزة". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 343 1835- سَأَكْفِيكَ ما كانَ قِوَالا. كان النَّمْرُ بن تَوْلَب العُكْلي تزوج امرأة من بني أسَد بعد ما أسنَّ يقال لها: جمرة بنت نوفل، وكان للنمر بنو أخ، فراودها عن نفسها، فشكَتْ ذلك إليه، فقال لها: إذا أرادوا منك شيئاً من ذلك، فقولي كذا وقولي كذا، فقالت: سأكفيك ما يرجع إلى القول والمُجَاملة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 343 1836- أَسْرَعَ فِي نَقْصِ امْرِيءٍ تمامهُ. يعني أن الرجل إذا تمَّ أخذ في النُّقْصَان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 343 1837- اسْتَوَتْ بِهِ الأَرْضُ. يعنون أنه مات ودَرَس قبره حتى لا فرق بينه وبين الأرض التي دُفن فيها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 343 1838- أَسْوأُ القَوْلِ الإفْرَاطُ. لأن الإفراط في كل أمر مُؤَدٍّ إلى الفساد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 343 1839- السَّعِيدُ مَنْ وُعِظَ بغَيْرِهِ. أي ذو الْجَدِّ من اعتبر بما لحق غيره من المكروه فيجتنب الوقوع في مثله. قيل: إن أول من قال ذلك مَرْثَد بن سَعْد أحد وَفْد عاد الذين بُعِثُوا إلى مكة يَسْتَسْقُون لهم، فلما رأى ما في السحابة التي رُفعت لهم في البحر من العَذَاب أَسْلَم مرثد، وكتم أصحابَه إسلامه، ثم أقبل عليهم فقال: ما لكم حَيَارى كأنكم سَكَارى، إن السعيد من وُعِظ بغيره، ومن لم يعتبر الذي بنفسه يلقى نَكَال غيره، فذهبت من قوله أمثالا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 343 1840- سِيَّانِ أَنْتَ وَالعُزْلُ. الأعزل: الذي لا سلاح معه. يضرب لمن لا غَنَاء عنده في أمر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 343 1841- سَفَهٌ بالنَّابِ الرُّغَاءُ. أي سَفَه بالشيخ الكبير الصِّبا والتَّضَجر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 343 1842- سَوْفَ تَرَىَ وَيَنْجَلِي الغُبَارُ ... أَفَرَسٌ تَحْتَكَ أَمْ حِمَارُ يضرب لمن يُنْهَى عن شيء فيأبى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 344 1843- أَسْمَعُ صَوْتاً، وَأَرَى فَوْتاً يضرب لمن يَعِدُ ولا يُنْجز. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 344 1844- أَسْرِعْ فِقْدَاناً تُسْرِعُ وِجْدَانا. أي إذا كنت متفقداً لأمرك لم تَفُتْكَ طَلِبَتُكَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 344 1845- سَلَّطَ اللهُ عَلَيْهِ الأَيْهَمَيْنِ. ويقال: "الأعميين" يعني السيلَ والجَمَلَ الهائج. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 344 1846- سُورِى سَوارِ. مثل قولهم " صمي صَمَامِ" للداهية، قال الأزدي: فقام مُؤَذِّنٌ مِنَّا وَمِنْهُمْ ... يُنَادِي بالضُّحَى سُورِي سَوَارِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 344 1847- سَبَهْلَلٌ يَعْلُو الأَكَمَ. السَّبَهْلَل: الفارغ. يضرب لمن يصعد في الآكام نَشَاطا وفراغا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 344 1848- سَائِلُ اللهِ لا يَخِيبُ. يضرب في الرغبة عن الناس وسؤالهم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 344 1849- سَحَابَةُ صَيْفٍ عَنْ قَلِيلٍ تَقَشَّعُ. يضرب في انقضاء الشيء بسرعة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 344 1850- السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ العَذَاب. يعني من عذاب جهنم، لما فيه من المشاق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 344 1851- السَّفَرُ مِيزَانُ السَّفْرِ. أي أنه يُسْفِرُ عن الأخلاق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 344 1852- سُوءُ الظَّنِّ مِنْ شِدَّةِ الضَّنِّ. هذا مثل قولهم: " إن الشَّفيق بسوء ظَنِّ مُولَع". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 344 1853- سَقَطَ العَشَاءُ بِهِ عَلَى مُتَقَمِّرِ. قالوا: هو الأسد يَطْلُب الصيد في القَمْراء، وأراد سقط طلبُ العَشَاء به على كذا، وعلى هذا تقدير ما تقدم من قولهم" سقط العشاء به على سِرْحَان". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 344 1854- سَمْعاً لا بَلْغاً. يضرب في الخبر لا يعجب، أي نسمع به ولا يتم. ويقال " سِمْعاً لا بِلْغاً" وقال الكسائي إذا سمع الرجل الخبرَ لا يعجبه، قال اللهم: سَمْع لا بَلْغ، وسِمْع لا بِلْغ. قلت: السَّمْع: مَصْدر وضع موضع [ص: 344] المفعول، والبَلْغ: البالغ، يقال: أمر الله بَلْغ، والسِّمْع - بالكسر - فِعْل بمعنى مفعول كالذِّبْح والطِّحن والفِرْق والفِلْق، والبِلْغ - بالكسر - ازدواج وإتباع للسِّمْع، ونصب سمعاً وبلغا على معنى اللهم اجعله - يعني الخبر - مسموعاً لا بالغاً، ومن رفع حذف المبتدأ: أي هذا مسموع لا يبلغ تمامه، وحقيقته على طريق التفؤل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 344 1855- سَهْمُ الْحَقِّ مَرِيشٌ يَشُكُّ غَرَضَ الْحُجَّةِ. الشَّكُّ: الشق، ومنه قول عنترة: فَشَكَكْتُ بالرُّمْح الأصَمِّ ثيَابَهُ ... لَيْسَ الْكَرِيمُ عَلَى الْقَنَا بِمُحَرَّمِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 344 1856- سَلِمَ أَدِيمُهُ مِنَ الْحَلَمِ. يقال: حَلِمَ الأديم، إذا وقع فيه الحَلَمَةُ (الحلمة - بفتحات - دودة تقع في الجلد فتأكله، والأديم: الجلد.) يضرب لمن كان بارعاً سالماً من الدَّنَسِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 344 1857- سَبَنْتَاةٌ في جِلْدِ بَجَنْدَاةٍ. السبنتي: النَّمِرُ، وألفه ليست للتأنيث ويقال للمؤنث: سَبَنْتَاة، والجمع سَبَانِت، ومنهم من يقول سَبَانيت، وبعضهم يقول: سَبَاتٍ، وكذلك في جمع بَخَنْدَاة بَخَانِد وبَخَادٍ، وفي جمع عَلَنْدَاة عَلاَنِد وعَلاَدٍ. يضرب للمرأة السَّلِيطة الصَّخَّابة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 344 1858- اسْمَعْ مِمَّنْ لاَ يَجِدُ مِنْكَ بُدّاً. يضرب في قبول النصيحة، أي اقْبَلْ نصيحة من يطلب نفعك، يعني الأبوين، ومن لا يستجلب بنصحك نفعا إلى نفسه بل إلى نفسك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 344 1859- سَالَ بِهِمِ السَّيْلُ وَجَاشَ بِنَا البَحْرُ. أي وقعوا في شديد ووقعنا نحن في أشد منه، لأن الذي يجيش به البحر أشَدُّ حالا من الذي يسيل به السيل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 344 1860- سَحَابَةٌ خَالَتْ وَلَيْسَ شَائِمٌ. يقال: أخالت السحابةُ، وتَخَيِّلَتْ، إذا رجت المطر، فأما خالت فلا ذكر له في كتب اللغة، والصحيح أخالت، والشائم: الناظر إلى البرق. يضرب لمن له مال ولا آكل له. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 344 1861- اسْأَلْ عَنِ النَّقْيِ النَّشُّولَ المُصْطَلِب. النِّقْي: المُخُّ. والنَّشول: مبالغة الناشل، وهو الذي ينشل الحم من القِدْر، والمُصْطَلِب: الذي يأخذ الصليب وهو الوَدَك. يضرب لمن احْتَجَنَ مال غيره إلى نفسه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 344 1862- سِلْقَةُ ضَبٍّ وَاأَمَتْ مَكُوناً. السِّلقة: الضبة التي قد ألقت بَيْضها، والمَكُون: التي جمعت بيضَها في جوفها، والمُوَاأمة: المفاخرة. يضرب للضعيف يُبَارى القوي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 346 1863- أَسْرِعْ بِذَاكمْ صَابَةً نِقَاباً. يقال إن امرأةً خرجَتَ من بيتها لحاجةٍ فلما رجعت لم تهتدِ إلى بيتها، فكانت تردد بين الحي على تلك الحال خمسا، ثم أشرفت فرأت بيتها إلى جنبها فعرفته فقالت : أسْرِعْ بذاكم صابة نقابا، يقال: لقيت فلانا نِقَابا، أي فجأة، وتعني بقولها " صَابَةً" إصابة وهي مثل الطَّاقَة والطَّاعة والجابة، أي ما أسْرَعَ الإصابة مفاجئة. يضرب لمن بالغ في إبطائه ويَرَى أنه أسرع فيما أمر به. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 346 1864- سَيْلٌ بِدِمْنٍ دَبَّ فِي ظَلامِ. الدِّمْن: البعر والرَّوْث يدب السيلُ تحته فلا يشعر به حتى يهجم ولا سيما في الظلام. يضرب لمن يظهر الودَّ ويضمر الود ويضمر العداوة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 346 1865- سَمَّيْتُكَ الفَشْفَاشَ إِنْ لَمْ تَقْطَعِ. الفَشْفَاش: السيف الكَهَام، وروى أبو حاتم الفشفاش - بكسر الشين - جعله مثل قطام ورقاش، ثم أدخل عليه الألفَ واللام. يضرب لمن ينفذ في الأمور ثم خيف منه النبوّ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 346 1866- سِيرِي عَلَى غَيْرِ شُجُرٍ فَإنِّي غَيْرُ مُتَعَتَّهٍ لَهُ. قال المؤرج: سمعت رجلا من هُذْيل يقول لصاحبه إذا رَوِيَ بعيرُك فسره بهذه الصخرة، أي اربِطْهُ بها، والشُّجُر: جمع شِجار، وهو العود يلقي عليه الثياب، والتعته: التنوق والتحذلق، يقول: اربطي على غير عود مَعْروض فإني غير مُتَنَوِّق فيه، وذلك لأن العود إذا عرض فربط عليه القِدُّ كان أثبتَ له. ومعنى المثل لا تكلفني فوق ما أطيق، قاله المؤرج. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 346 ما جاء على أفعل من هذا الباب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 347 1867- أسْرَقُ مِنْ شِظَاظٍ. هو رجل من بني ضبة كان يصيبُ الطريقَ مع مالك بن الرَّيْب المازني، زعموا أنه مَرَّ بامرأة من بني نمير وهي تعقل بعيراً لها وتتعوّذ من شر شِظَاظ، وكان بعيرها مُسِنا، وكان هو على حاشية من الإبل وهي الصغير، فنزل وقال لها: أتخافين على بعيرك هذا شِظَاظاً؟ فقالت: ما آمَنُه عليه، فجعل يَشْغَلها، وجعلت تُرَاعى جمله بعينها، فأغفلت بعيرها، فاستوى شِظاظ عليه وجعل يقول: رُبَّ عَجُوزٍ من نمير شَهْبَرهْ ... عَلَّمْتُهَا الإنقاض بَعْدَ الْقَرْقَرَهْ الإنقاض: صوت صغار الإبل، والقرقرة: صت مَسَانِّها، فهو يقول: علمتها استماعَ صوت بعيري الصغيرِ بعد استماعها قرقرةَ بعيرها الكبير. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 347 1868- أسْألُ مِنْ فَلْحَسِ. ويروى "أعظم في نفسه من فَلْحَس" وهو رجل من بني شَيْبان، كان سيداً عزيزاً يسأل سَهْماً في الجيش وهو في بيته فيُعْطَى لعزه، فاذا أعْطِيَه سأل لامرأته، فإذا أعْطِيَهُ سأل لبعيره. قال الجاحظ: كان لفلحس ابن يقال له زاهر بن فَلْحَس مَرَّ به غَزِيٌّ من بني شيبان فاعترضهم، وقال: إلى أين؟ قالوا: نريد غَزْوَ بني فلان، قال: فاجعلوا لي سَهْما في الجيش، قالوا: قد فعلنا، قال: ولامرأتي، قالوا: لك ذلك، قال: ولناقتي، قالوا: أما ناقتُكَ فلا، قال: فإني جارٌ لكل من طلعت عليه الشمس ومانعُه منكم، فرجعوا عن وَجْههم ذلك خائبين، ولم يغزو عامَهم ذلك. وقال أبو عبيد: معنى قولهم "أسْألُ من فَلْحَس" أنه الذي يتحيَّنُ طعامَ الناسِ، يقال: أتانا فلان يتفلحس، كما يقال في المثل الآخر: جاءنا يَتَطَفَّل، ففلحس عندُه مثل طُفَيْل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 347 1869- أسْأَلُ مِنْ قَرْثَعٍ. هو رجل من بني أَوْس بن ثَعْلبة، وكان على عهد معاوية، وفيه يقول أعشى بني تغلب: إذا ما الْقَرْثَعُ الأَوسِيُّ وَافَى ... عَطَاءَ النَّاسِ أوْسَعَهُمْ سُؤَالاَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 347 1870- أَسْرَعُ مِنَ حُدَاجَةَ. هو رجل من عَبْس بعثته بنو عَبْس [ص: 348] حين قتلوا عمرو بن عمرو بن عدس - إلى الربيع بن زياد ومَرْوان بن زِنْبَاع ليُنْذِرَهُما قبل أن يبلغ بني تميم قتلُ صاحبهم فيغتالوهما فكان أسْرَعَ الناسِ، فضُرِبَ به المثل في السرعة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 347 1871- أَسْرَعُ مِنْ نِكاحِ أُمِّ خَارِجَةَ. هي عَمْرَة بنت سعد بن عبد الله بن قدار بن ثعلبة، كان يأتيها الخاطبُ، فيقول: خِطْبٌ، فتقول نِكْحٌ، فيقول: انزلي، فتقول: أنِخْ، ذكر أنها كانت تسير يوماً وابنٌ لها يقود جملَها فرفع لها شخص فقالت لابنها: مَنْ ترى ذلك الشخص؟ فقال: أراه خاطباً، فقالت: يابنيَّ تراه يعجلنا أن نحل؟ ماله؟ أُلَّ وغلَّ. وكانت ذَوَّاقَةً تُطَلَّقُ الرجلَ إذا جربته وتتزوج آخر، فتزوجت نيفا وأربعين زوجا وولدت عامة قبائل العرب، تزوجت رجلا من إيادٍ فخَلَعها منه ابنُ أختها خلف بن دعج، فخلف عليها بعد الإيادي بكر بن يَشْكُر بن عَدْوَان بن عمرو بن قَيْس عَيْلان فولدت له خارجة، وبه كنيت، وهو بطن ضخم من بطون العرب، ثم تزوجها عمرو بن ربيعة بن حارثة بن عمرو مُزَيْقيا، فولدت له سعداً أبا المُصْطَلق والحيا، وهما بَطْنان في خُزَاعة، ثم خَلَف عليها بكر بن عبد مَنَاة بن كِنانة، فولدت له لَيْشاً والدِّيلَ وعريجا، ثم خَلَفَ عليها مالك بن ثعلبة بن دُودَان بن أسد، فولدت له غَاضِرَةَ وعَمْراً، ثم خلَفَ عليها جُشَمُ بن مالك بن كعب بن القَيْن بن جَسْر من قُضَاعة، فولدت له عرنية بطناً ضخما، ثم خلَفَ عليها عامر ابن عمرو بن لحيون البَهْرَاني من قُضَاعة فولدت له ستة: بَهْرَاء، وثعلبة، وهِلاَلا، وبيانا، ولخوة، والعنبر، ثم خلَفَ عليها عمروبن تميم، فولدت له أسيدا والهُجَيْم. قال المبرد: أم خارجة قد ولَدَت في العرب في نيف وعشرين حيا من آباء متفرقين قال حمزة: وكانت أم خارجة هذه ومارية بنت الجعيد العَبْدِية وعاتكة بنت مرة بن هلال بن فالج بن ذكوان السلمية وفاطمة بنت الخُرْشُب الأنمارية والسوّاء العَنْزِية ثم الهَزَّانية وسلمى بنت عمرو بن زيد بن لبيد أحد بني النجار وهي أم عبد المطلب بن هاشم، إذا تزوجت الواحدةُ منهنَّ رجلا وأصبحت عنده كان أمرُها إليها، إن شاءت أقامت، وإن شاءت ذهبت. ويكون علامة ارتضائها للزوج أن تعالج له طعاما إذا أصبح. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 348 1872- أَسْرَعُ مِنْ ذِي عَطَسٍ. يعني به العُطَاس، وهذا كما يقال "أسْرَعُ من رَجْعِ العُطَاس" الجزء: 1 ¦ الصفحة: 349 1873- أَسْرَعُ مِنَ الْيَدِ إِلَى الْفَمِ. و"أقْصَدُ من اليد إلى الفم" قال زهير بن أبي سلمى: بكَرْنَ بُكُورَا وَاسْتَحَرْنَ بِسُحْرَةٍ ... فَهُنَّ وَوَادِي الرَّسِّ كَالْيَدِ لِلْفَمِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 349 1874- أَسْمَعُ مِنْ فَرَسٍ، بِيَهْمَاء في غَلَسِ. يقال: إن الفرس يسقط الشعر منه فيسمع وقعه على الأرض. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 349 1875- أَسْرَعُ مِنْ فَرِيقِ الْخَيلِ. هذا فَعِيل بمعنى مُفَاعل كنَدِيمٍ وجَلِيس، ويعني به الفرسَ الذي يُسَابق فيسبق، فهو يفارق الخيل وينفرد عنها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 349 1876- أَسْرَعُ غَدْرَةً مِنَ الذِّئْبِ. وقال فيه بعض الشعراء: وَكُنْت كذِئْبِ السُّوءِ إذْ قَالَ مَرَّةً ... لعمروسة وَالذِّئْبُ غَرْثَانُ مُرْمِلُ أأنْتِ الَّتِي فِي غَيْرِ ذَنْبٍ شَتَمْتِنِي ... فَقَالَتْ: مَتَى ذَا؟ قال: ذَا عَامُ أوَّلُ فَقَالَتْ: وُلِدْت الْعَام، بَلْ رُمْتَ غَدْرَةً ... فَدُونَكَ كُلْنِي لاَهَنَا لَكَ مَأكَلُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 349 1877- أسْرَعُ مِنْ وَرَلِ الْحَضِيضِ. قال الخليل: الوَرَلُ شيء على خِلْقة الضبِّ، إلا أنه أعظم، يكون في الرمال، فإذا نظر إلى إنسانٍ مَرَّ في الأرض لا يردُّه شيء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 349 1878- أَسْمَعُ مِنْ قُرَادٍ. وذلك أنه يَسْمع صوتَ أخفاف الإبل من مسيرة يوم، فيتحرك لها. قال أبو زياد الأعرابي: ربما رحل الناسُ عن دارهم بالبادية وتركوها قِفَاراً، والقردان منتثرة في أعطان الإبل وأعقار الحياض، ثم لا يعودون إليها عشر سنين وعشرين سنة، ولا يخلفهم فيها أحد من سواهم، ثم يرجعون إليها فيجدون القردان في تلك المواضع أحياء، وقد أحَسَّت بروائح الإبل قبل أن توافي فتحركت، قال ذو الرمة: بأعْقَارِه القِرْدَانُ هَزْلَي كأنَّهَا ... نَوَادِرُ صيصاء المبيد المحطَّمِ إذا سمعَتْ وَطْء الركاب تَنَعَّشَتْ ... حُشَاشاتُهَا في غير لَحْمٍ ولا دَمِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 349 1879- أَسْرَعُ مِنْ الْخُذْرُوفِ. هو حَجَر يُثْقَب وسَطُه فيُجْعَل فيه خيط يَلْعَبُ بها الصبيان، إذا مَدُّوا الخيطَ دَرَّ دَرِيراً، قال يصف الفرس: [ص: 350] وكأنَّهُنَّ أجادِلٌ وكأنَّهُ ... خُذْرُوف يَرْمَعَةٍ بكفِّ غُلاَم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 349 1880- أَسْرَعُ مِنْ عَدْوَى الثُّؤَبَاءِ. وذلك أن من رأى آخر يتثاءب لم يَلْبث أن يفعل مثل فعله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 350 1881- أَسْرَعُ مِنْ تَلَمُّظِ الوَرَلِ. ويروى"من تَلْميظة الوَرَل" قالوا: هو دابة مثل الضبِّ، واللمظ: الأكل والشرب بطرف الشفة، يقال: لَمَظَ يلمظ لَمْظاً، وتَلَمَّظَ يَتَلَمَّظُ أيضاً، إذا تتبع بلسانه بقيةَ الطعام في فمه، أو أخرج لسانه فمسح به شفتيه، ومن روى "تلميظة وَرَل" أراد الكثرة، ويقال " تلمظَتِ الحيةُ" إذا أخرجت لسانَها كتلمظ الأكل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 350 1882- أَسْرَعُ مِنْ المُهَثْهِثَةِ. وهي النمَّامة، هذه رواية محمد بن حبيب، وروى ابن الأعرابي المهتهتة - بالتاء المعجمة من فوقها بنقطتين - وقال: هي التي إذا تكلمت قالت هت هت، قال حمزة: وهذا التفسير غير مفهوم، قلت: قال ابن فارس: الهثهثة الاختلاط، والهتهتة صوتُ البكر، "ورجل مِهَتٌّ"خفيف في العمل وقال الأصمعي: رجل مِهَتٌّ وهَتَّات، أي خفيف كثير الكلام، وكلاهما - أعني التاء والثاء - يدلان على ما ذهب إليه محمد بن حبيب، لأن النَّمَّامة تخف وتسرع في نقل الكلام وتخليطه، وحكي عن أبي عمرو أن الهتاء الكذابة والنمامة، وأما ما قاله ابن الأعرابي: إنها هي التي إذا تكلمت قالت هت هت، فإنه أراد قلة مبالاتها بما تقول لسخافة عقلها وكلامها، وجعل قولها صوتا لا معنى وراءه، كقولهم في حكاية الأصوات غَسْغَسَ إذا قال غس غس وهَجْهَجَ إذا قال هج هج، وأشباه ذلك، وإذا كان على هذا الوجه فتفسير ابن الأعرابي مفهوم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 350 1883- أَسْرَعُ غَضَباً مِنْ فَاسِيَةٍ. يعنون الخنفَسَاء، لأنها إذا حركت فَسَتْ ونَتَّنَتْ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 350 1884- أَسْرَعُ مِنَ الْعَيْرِ. قالوا: إن العَيْر ههنا إنسان العين، سمي عيراً لنتوِّهِ، ومن هذا قولهم في المثل الآخر "جاء فلان قبل عَيْر وما جرى" يريدون به السرعة، أي قبل لحظة العين، قال تأبط شرا: ونارٍ قد حَضَأتُ بُعَيْدَ وَهْنٍ ... بِدَارٍ ما أرَدْتُ بها مُقَامَا سِوَى تَحْلِيل رَاحِلَةٍ وعَيْر ... أكَالِئُهُ مَخَافَةَ أنْ يَنَامَا [ص: 351] ويروى"أغالبه" وقوله"حضأت " أي أوقدت، ومما يجرى هذا المجرى قول الحارث بن حِلِّزَةَ: زَعَمُوا أنَّ كُلَّ مَنْ ضَرَبَ الْعَيْـ ... ـرَ (العير) مَوَالٍ لَنَا وَأنَّا الْولاَءُ قالوا: معنى قوله"كل من ضرب العير" أي كل من ضرب بجَفْنٍ على عين، وهذا قول الخليل بن أحمد في كتاب العين، وحكى أبو حاتم عن أبي عبيدة والأصمعي عن أبي عمرو بن العَلاَء أنه قال: ذهب مَنْ كان يُحْسِنُ تفسيرَهذا البيت، وقال قوم: العيرُ السيد، وعنى به ههنا كليب وائل، سماه عيرا لأن كل ما أشرف من عَظْم الرجل يسمى عَيْراً، فلما كان كليب أشرفَ قومِه سماه عَيْرا، وزعم آخرون ممن العيرُ عندهم السيدُ أن السيد إنما سمي عَيْرا على التشبيه، لأن العير قَيِّمُ الأتُنِ وقَريعُها، وقال آخرون: معنى قوله"زعموا أن كل من ضرب العير مُوَالٍ لنا" أن العربَ ضربت العيرَ في أمثالها من وجوه كثيرة، فقالوا "أقبل عير وما جرى" و "العير يضرط والمكواة في النار" و"كذب العير وإن كان برح" فيقول هذا الشاعر: إن العربَ كلها قد ضربت العيرَ مثلا، وكُلُّ من جنى عليكم من العرب ألزمتمونا ذَنْبَه، وقال بعضهم: إن هذا الشاعر عَنَى بقوله العير الوتد، سماه عيرا لنتوه مثل عير النصل، وهو الناتىء في وسطه، وذلك أن العرب كلها تضرب لبيوتها أوتاداً فيقول: كل من ضرب لبيته وَتِداً ألزمتمونا ذنبه، وقال بعضهم: العير جبل معروف، ومعنى قوله ضرب العير أي ضرب في عير وتد الخيمة، فيقول: كل من سكن ناحيةَ عيرٍ ألزمتمونا ما يجنيه عليكم، وجاء في الحديث أن عَيْراً يسير في آخر الزمان إلى موضع كذا ثم يسير أحُد بعده، فيُرَاعُ الناسُ فيقولون: سار أحدكم كما سار عير، وقال قوم: عنى بقوله كل من ضرب العير إيادا أي أنهم أصحاب حمير، وقال آخرون: بل عنى به المنذر بن ماء السماء لأن شمرا قتله يوم عين أباغ، وشمر حنفي من ربيعة فهو منهم، وقال آخرون: المعنى أن العرب تضرب الأخْبِية لأنفسها والمضاربَ لملوكها، والمضارب إنما ترتبط بالأوتاد، فيقول: إن كل من تُضرب له المضاربُ لنا خَوَل وعَبيد، قال أبو حاتم: قد أكثر الناسُ في هذا، وليس شيء منه بمُقْنع، وإنما أصل العَيْر العَيِّرُ والعائر، فأحوجه الشعر واضطره إلى أن قال العَيْر، والعَيْر والعَيَّر والعائر كلُّها هو ما ظَهَر على الحَوضْ من قذًى، فإذا أرادوا أن ينفوا عنه ما عارضه من القذى نَضَحوه بالماء [ص: 352] فانتفت الأقذاء عنه إلى جُدْرَان الحوض وصَفَا الماء لشاربه، فالعربُ أصحاب حِياض، وهذا فعلُهم بها، فيقول هذا الشاعر: إن إخواننا من بكر بن وائل، زعموا أن كل من قَرَى في الحِياض ونَفَى الأقذاء عن مائها مَوَالٍ لنا وأن لنا الولاء عليهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 350 1885- أَسْمَعُ مِنْ سِمْعٍ. ويقال أيضاً" أسْمَع من السِّمْع الأزَلِّ"لأن هذه الصفة لازمة له، كما يقال للضبع "العَرْجَاء"والسِّمْع: سبع مركب، لأنه ولد الذئب من الضبع، والسِّمْع كالحية لا يَعْرِف الأسقام والعلل، ولا يموت حَتْفَ أنفه، بل يموت بعَرَض من الأعراض يعرض له، وليس في الحيوان شيء عَدْوه كعدو السِّمْع لأنه أسرع من الطير، قال الشاعر: تراه حَديدَ الطَّرْفِ أبْلَجَ واضِحاً ... أغَرَّ طويلَ الباع أسْمَعَ من سِمْعِ يقال: وثَبَاتُ السِّمْع تزيد على عشرين أو ثلاثين ذراعاً، قال حمزة: ومن المركبات العِسْبَار والأسبور والدَّيْسَم، فأما العسبار فولد الضبع من الذئب، وهو بإزاء السِّمْع، وأما الأسبور فولد الكلب من الضبع، وأما الدَّيْسَم فولد الذئب من الكلبة، قال: ومن المركبات حيوان بين الثعلب والهرة الوحشية، حكى ذلك يحيى بن حكيم، ويقال يحيى بن بحيم، وأنشد لحسان بن ثابت الأنصاري في ذلك: أبُوكَ أبُوكَ وأنْتَ ابْنُهُ ... فبئس البُنَيُّ وبئْسَ الأبُ وأمُّكَ سَوْدَاء نُوبِيَّةٌ ... كأنَّ أنَامِلَهَا الحُنْظُبُ يَبِيتُ أبُوكَ لها مردفا ... كَمَا سَاَفَد الهرةَ الثَّعْلَبُ ومن المركبات نوع آخر إلا أنه لا يكون بأرض العرب، وهو الزرافة، وذلك أن بأرض النوبة يعرض الذيخ للناقة من الحوش فيفسدها فيجيء شيء بين الضبع والناقة، فإن كان الولد أنثى عرض لها الثور الوحشي فيضربها فتجيء الزرافة، وإن كان الولد ذكراً عرض للمَهَاة فألقحها الزرافة. قلت: قوله "للناقة من الحوش" يحتاج إلى تفسير، وهو أنهم زعموا أن الحوش بلاد الجن، وهو من وراء رَمْل يَبْرين لا يسكنها أحد من الناس، والإبل الحوشية منسوبة إلى الحوش، يعني أن فحولها من الجن، لأن العرب تزعم أنها ضربت في نَعَم بعضهم فنسبت الإبل إليها، فقوله"للناقة من الحوش "أي من نَسْل فحول الحوش، ويقال أيضاً للنعم المتوحشة الحوش، فيجوز على هذا أن الذيخَ يعرض للناقة منها فيفسدها. [ص: 353] قالوا: ومن المركبات نوع آخر من الحيات يقال له الهرهير، حكى ذلك المبرد، وزعم أنه مركب بين السُّلَحْفَاة وبين أسْوَدَ سالخ، قالوا: وهو من أخْبَثِ الحيات، ينام ستة أشهر ثم لا يسلم سليمُهُ (سليمه: أي لديغه.) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 352 1886- أسْمَحُ مِنْ لاَفِظَةٍ. قد اختلفوا فيها، فقال بعضهم: هي العَنْز التي تُشْلَى (تشلى: تدعى) للحلب فتجيء لافظَةً بجرَّتها فرحاً بالحلب، وقال بعضهم: هي الحَمَامة لأنها تُخْرِج ما في بطنها لفَرْخها، وقال بعضهم: هي الديك، لأنه يأخذ الحبة بمنقاره فلا يأكلها، ولكن يُلْقِيها إلى الدَّجَاجة، والهاء فيها للمبالغة ههنا، وقال بعضهم: هي الرَّحَى، لأنها تلفِظُ ما تَطْحَنه، أي تقذف به، وقال بعضهم: هي البحر، لأنه يلفظ بالدرة التي لاقيمة لها، قال الشاعر: تجودُ فتُجْزِلُ قَبْلَ السُّؤَالِ ... وكَفُّكَ أسْمَحُ مِنْ لاَفِظَهْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 353 1887- أَسْمَحُ مِنْ مُخَّةِ الرَّيْرِ. الرَّيِرُ والرَّارُ: اسمان للمخ الذي قد ذاب في العظم حتى كأنه خَيْطٌ أو ماء، يقال: سَمَاحُهما من حيث الذَّوَبان والسَّيَلان، لأنهما لا يُحْوِجانك إلى إخراجهما. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 353 1888- أَسْرَقُ مِنْ بُرْجَانَ. يقال إنه كان لِصّاً من ناحية الكوفة، صُلِب في السَّرَق فسَرَقَ وهو مصلوب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 353 1889- أَسْرَقُ مِنْ تاجَةَ. قال حمزة: حكى هذا المثلَ محمدُ بن حبيب فلم ينسب الرجل ولا ذكر له قصة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 353 1890- أَسْرَقُ مِنْ زَبَابَةٍ. هي الفأرة البرية، والفأر ضروب، فمنها الجُرَذ والفأر المعروفان، وهما كالجواميس والبقر والبُخْت والعِرَاب، ومنها اليرابيع والزَّبَاب والخلد، فالزباب صُمٌّ، يقال: زبابة صَمَّاء، ويُشَبَّه بها الجاهِلُ، قال الحارث بن حِلِّزَةَ: ولقد رأيْتُ مَعَاشِراً ... جَمَعُوا لهم مالاً ووُلْدَا وَهُمُ زَبَابٌ حَائِرٌ ... لا تسمع الآذَانُ رَعْدَا أي لا يسمعون شيئاً، يعني الموتى، والخلد ضرب منها أعمى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 353 1891- أسْلَطُ مِنْ سِلْقَةٍ. قال حمزة: هي الذئبة، ولم يزد على هذا، وفي بعض النسخ ولا يقال للذكر سِلْق. قلت: السِّلْق الذئب، والسِّلْقة الذئبة، وتُشَبَّه بها المرأة السَّلِيطة فيقال: هي سِلْقَة، وأما قولهم "أسلط من سلقة" فإن أرادوا امرأةً بعينها تسمى سلقة فلا وجه لتنكيرها، [ص: 354] وإن أرادوا بالسَّلاَطة الصَّخبَ فالكلامُ صحيح، كأنهم قالوا: أصْخَبُ من ذئبة، ويقولون "امرأة سليطة" أي صَخَّابة، ويجوز أن يكون من السَّلاَطة التي هي القَهْر والغلبة، ومنها يقال: السُّلْطَان، وإناثُ السباعِ أجرأ من ذكورها، يقولون: اللَّبُؤة أجْرَأ من الأسد، وهذا وجه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 353 1892- أَسْهَلُ مِنْ جِلْذَاَنَ هو حِمىً قريبٌ من الطائف لَيِّن مستوٍ كالراحة، وهي بععض الأمثال "قد صرحت بجلذان". يضرب للأمر الواضح الذي لا يخفى، لأن جلذان لاخَمَرَ فيه يُتَوَارى به. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 354 1893- أسْلَحُ مِنْ حُباَرَى، وَمِنْ دَجاَجَةٍ الحُبَارى تسلح ساعةَ الخوفِ، والدجاجة ساعَة الأمن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 354 1894- أسْبَحُ مِنْ نُونٍ يعني السمك، وجمع النون أنْوَان ونِينان، كما يقال أحْوَات وحِيتان في جمع الحُوتِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 354 1895- أَسْيَرُ مِنْ شِعّرٍ لأنه يَرِدُ الأندية، ويَلِجُ الأخبية، سائراً في البلاد، مُسَافراً بغير زاد. يَرِدُ المياه فَلاَ يزالُ مداولا ... فِي الْقَوْمِ بين تَمَثُّلٍ وسَمَاعِ وقال بعض حكماء العرب: الشعر قَيْدُ الأخبار، وبَرِيدُ الأمثال، والشعراء أمراء الكلام، وزُعَمَاء الفَخَار، ولكل شيء لسان، ولسانُ الدهر هو الشعر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 354 1896- أسْرَى مِنْ جَرَادٍ قال حمزة: هو من السرى التي هي سير الليل، والجراد لا يَسْرِى ليلا. قلت: لو قيل أسرأ من قولهم" سَرَأت الجرادة تَسْرَأ سَرْأ" إذا باضت، فلينت الهمزة فقيل أسرا من جَرَاد أي أكثر بيضا منه لم يكن بأس، والسِّرْاة بالكسر: بيضة الجراد، وقد يقال سَرْوَة، والأصلُ الهمزُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 354 1897- أسْرَى مِنْ أَنْقَدَ. هذا من السُّرَى، وأنْقَدُ: اسمٌ للقنفذ معرفة لا يصرف ولا تدخله الألف واللام، كقولهم للأسد أُسَامة وللذئب ذُؤَالة، والقنفذ لا ينام الليل، بل يَجُول ليلَه أجمع، ويقال في مثل آخر "بات فلان بليل أنقد" وفي مثل آخر "اجعلوا ليلَكم ليل أنقد". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 354 1898- أَسْعَى مِنْ رِجْلٍ قال حمزة: لا أدري أرجلُ الإنسان يراد بها أم رجل الجراد. [ص: 355] قلت: أكثر الحَيَوَانات يسعى على الرجل، فلا يبعد أن يراد به رجل الإنسان وغيره التي يسعى عليها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 354 1899- أَسْهَرُ مِنْ قُطْرُبٍ. هو دويبة لا تنام الليلَ من كثرة سيرها، هذا قول أبي عمرو، وغيرهُ لا يرويه " أسهر " وإنما يروى "أسعى" ويحتجُّ بأن سَهَره إنما يكون نهاراً لا ليلاً، ويستشهد بقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: لا أعرفن أحدَ جيفَةَ ليلٍ قطربَ نهارٍ، قال: وذلك أن القطرب لا يسترح النهار. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 355 1900- أَسْهَرُ مِنَ النَّجْمِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 355 1901- أسْرَى مِنَ الخَيَال. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 355 1902- أسْرَى مِنَ جُدْ جُدٍ. هو شيء شيبه بالجراد قَفَّاز، يقال له صَرَّار الليل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 355 1903- أَسْمَنُ مِنَ يَعْرٍ. ويقال "يغر" قالوا: هو دابة تكون بِخُرَاسان تسمن على الكد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 355 1904- أَسْرَعُ مِنَ الرّيحِ، وَمِنَ البَرْقِ، وَمِنَ الإِشَارةِ، وَمِنَ الَجْوَابِ، وَمِنَ البَيْنِ، وَمِنَ اللَّمْحِ، وَمِنَ الطَّرْفِ، وَمِنْ لَمْح البَصَرِ، وَمِنْ طَرْفِ العَيْنِ، وَمِنْ رَجْعِ الصَّدَى. وهو الذي يُجِيُكَ بمثل صوتك من الجبل وغيره. و"مِنْ رَجْعِ العُطَاس " و"مِنْ حَلْبِ شَاةٍ" و"مِنْ مَضْغِ تَمْرَة" و"مِنْ لَمْعِ الكَفِّ". اللَّمْع: التحريك، ومنه: كلَمْع اليَدَيْنِ في حَبِيٍّ مُكَلَّلِ ... وأَلْمَعْتُ بالشيء، والتمعته: أي اختلسته و"من السَّمِّ الوَحِيِّ"و"مِنَ المَاءِ إلَى قَرَارِهِ" و"مِنْ كَلْبٍ إلَى وُلُوغِهِ"، يقال: وَلَغ الكلبُ بَلِغ وُلُوغاً، إذا شرب ما في الإناء. و"مِنْ لَحْسةِ الكلْبِ أَنْفَهُ"و "مِن لَفْتِ رِدَاءِ الُمْرتَدِي"، و"مِنَ السَّيْلِ إلى الُحْدُور"، و"مِنَ النَّارِ فِي يَبيِسِ العَرْفَج"، و"مِنْ شرَارَةِ في قَصْبَاءَ"، و"مِنَ النَّار تُدْنَي مِنَ الحَلْفْاَء"، وَ"أَسْرَعُ مِنْ دَمْعَةِ الَخْصِيِّ"، وَ" مِنْ قَولِ قَطَاةٍ قَطاً" الجزء: 1 ¦ الصفحة: 355 1905- أَسْمَعُ مِنْ حَيَّةٍ، وَمِنْ ضَبِّ، وَمِنْ قُنْفُذِ، وَمِنْ دُلْدُلِ، وَمِنْ صَدًى، وَمِنْ فَرْخِ العُقَابِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 355 1906- أَسْفَدُ مِنْ هِجْرِسٍ، وَمِنْ ضَيْوَنِ، وَمِنْ دِيكٍ، وَمِنْ عُصْفُور الجزء: 1 ¦ الصفحة: 356 1907- أَسْوَدُ مِنَ اْلأَحْنَفِ. هذا من السِّيادة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 356 1908- أَسْجُد مِنْ هُدْهُدٍ. يضرب لمن يرمى بالأبنة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 356 1909- أَسْبَقُ مِنَ اْلأَجَلِ، وَمِنَ اْلأَفْكَارِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 356 1910- أَسْيَرُ مِنَ الْخَضِرِ. عليه السلام. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 356 1911- أَسْمَجُ مِنْ شَيْطَانٍ عَلَى فِيلٍ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 356 1912- أَسَرُّ مِنْ غِنىً بَعْدَ عُدْمٍ، وَبُرْءٍ بَعْدَ سُقْيمٍ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 356 1913- أَسْأَلُ مِنْ صَمَّاءَ. قال ابن الأعرابي: يعنون الأرض، وذلك أنها لا تسمع صَليلَ الماء، ولا تمَلُّ انصبابه فيها، وأنشد: فلو كُنْتَ تُعْطِى حينَ تَسْأَلُ ساَمَحَتْ ... لَكَ النَّفْسُ وَاحْلَوْلاَكَ كلُّ خَليِلِ أَجَلْ لاَ وَلَكِنْ أَنْتَ أَلأَْمُ مَنْ مَشَى ... وَأَسْأَلُ مِنْ صَمَّاءَ ذَاتِ صَليِلِ يعني الأرض، وصَليلُها: صوتُ دخولَ الماء فيها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 356 المولدون. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 356 سُوسُوا السَّفِلَ بالْمَخَافَةِ. سُلْطَاَنٌ غَشُومٌ، خَيْرٌ مِنْ فِتْنَةٍ تَدُومُ. سُوءُ الخُلْقُ يُعْدي. سَمَاعُ الِغنَاء بِرْسَامٌ حَادٌّ. لأن المرء يَسْمَع فيَطْرب، ويطرب فيَسْمَح، ويسمح فيفتقر، ويفتقر فيغنتم، ويغتم فيمرض، ويمرض فيموت، قاله الكندي. سُبْحَانَ الَجْاَمِعِ بَيْنَ الثَّلْج والنار، وَبَيْنَ الضَّبِّ والنُّونِ. يضرب للمتضادين يجتمعان. سَواءٌ قَوْلُهُ وَبَوْلُه. سَبُعٌ في قَفَصٍ. يضرب للرجل الجلد المحبوس. سَرَاوِيُلهُ فِي زِيِقهِ. أي أن الحاجة والجَهْد ألجآه إلى أن رقع قميصه بسراويله. سَارَتُ بِه الرُّكْبَانُ. يضرب للحديث الفاشي. السُّكُوتُ أَخُو الرِّضا. [ص: 357] سيِّدُ القَوْمِ أَشْقَاهُم. لأنه يُمَارس الشدائد دون العشيرة. سَامِعاً دَعَوْتَ. يُخَاطِبُ به الرجلُ الرجلَ قد أَمَرَه بشيء فظن أنه لم يفهمه. سُوقُنَا سُوقُ الجنَّةِ. كناية عن الكساد. سَالَ به السَّيْلُ. إذا هلك. سَخُنَ صَدْرُهُ عَلَيْكَ. سَفِيرُ السُّوء يُفْسِدُ ذَاتَ البَيْنِ. سَتُسَاقُ إِلىَ ما أَنْت لاَقِ. السُّودَدُ مَعَ السَّوادِ. أي مع الجماعة والجمهور. السَّلَفُ تَلَف. الأسْوَاقُ مَوَائِدُ الله فِي أَرْضِهِ. السَّيْف يَقْطَعُ بِحَدِّهِ. السَّاجُورُ خَيْرٌ مِنَ الكَلْبِ. الاسْتِقْصَاءُ فُرْقَةٌ. السَّالِمُ سَرِيعُ اْلأَوْبِةَ. السَّعِيُد مَنْ كُفِيَ. السَّلاَمَةُ إِحْدَى الغَنِيمَتيْنِ. السِّعْرُ تَحْتَ الِمنْجَلِ. السُّلطَانُ يُعْلَمُ وَلاَ يُعَلُّمُ. السُّودَانُ بالتَّمرِ يُصْطَادُونَ. اسْتَنَدْتَ إِلىَ خُصٍّ مائِلٍ. اسْتَغْنِ أَوْ مُتْ. اسْمَعْ ولا تُصَدِّقْ اسْجُدْ لِقرْدِ السُّوء فِي زَمَانِهِ. اسْتُرْ مَا سَتَرَ الله. اسْعَيِنُوا عَلَى حَوَائِجِكُمْ بالإبْرَامِ. السِّنَّورُ الصَّيَّاحُ لا يَصْطاَدُ شَيْئاً. لأن الفأر يأخذ منه حذره. يضرب لمن يُوعِدُ ولا يفي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 356 الباب الثالث عشر فيما أوله شين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 358 1914- شَتَّى يَؤُوبُ الَحْلَبَةُ. وذلك أنهم يُورِدُون إبلَهم وهم مجتمعون فإذا صَدَرُوا تَفَرَّقوا، واشتغل كلُّ واحدٍ منهم بحلب ناقته، ثم يؤوب الأول فالأول. يضرب في اختلاف الناس وتفرقهم في الأخلاق. وشَتَّى: في موضع الحال، أي يَؤُوب الحلَبة متفرقين، وشَتَّى: فَعْلَى من شَتَّ يشت إذا تفرق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 358 1915- شَغَلَتْ شِعاَبِي جَدْوَاى. ويروى"سَعَاتِي"وهو اسم من سَعَى يَسْعَى، والْجَدْوَى: العَطَاء، أي شغلَتْني النفقةُ على عيالي عن الإفضال على غيري. قال المنذري: سَعَاتي تصحيف وقع في كثير من النسخ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 358 1916- شَاكِهْ أباَ يَسَارٍ. المُشَاكهة: المُشَابهة، وأصل المثل أن رجلا كان يعرض فرساً له على البيع، فقال له رجل يقال له أبو يسار: أهذه فرسُكَ التي كنت تصيد الوحْشَ عليها؟ فقال له صاحب الفرس : شَاكِهْ أبا يَسَار، يعني اقْصِدْ في مَدْحك وقارِبِ الموصوفَ في وَصْفك وشابهه وقوله"أبا يسار" نداء لا مفعول شاكه. يضرب لمن يبالغ في وصف الشيء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 358 1917- شَرٌّ مَا يُجيِئُكَ إِلىَ مُخِّةِ عُرْقُوبٍ. ويروى " ما يُشِيئك" والشين بدل من الجيم، وهذه لغة تميم، يقال: أجَأتُه إلى كذا، أي ألجاته، والمعنى ما ألجأك إليها إلا شر، أي فقر وفاقة، وذلك أن العُرْقُوب لا مخ له، وإنما يُحْوَجُ إليه مَنْ لا يقدر على شيء. يضرب للمضطر جداً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 358 1918- شَرُّ الرَّأْيِ الدَّبَرِيُّ. وهو الرأي الذي يأتي ويَسْنَحُ بعد فَوْتِ الأمر، مأخوذ من دبر الشيء، وهو آخره، يقال: فلان لا يُصَلِّي الصلاَةَ إلا دَبَرِيّاً، أي في آخر وقتها، والمحدثون يقولون: دبريا بالضم. وقال ابن الأعرابي: دَبَريا ودُبرِيا، وقال أبو الهيثم: بجزم الباء، قال القُطَامي: [ص: 359] وخَيْرُ الأمْرِ ما اسْتَقْبَلْتَ منه ... ولَيْسَ بأنْ تَتَبَّعَهُ اتِّبَاعَا وقيل: الدبري منسوب إلى دَبَرِ البعير الذي يعجزه عن تحمل الأحمال، كذلك هذا الرأي يعجز عن حمل عبء الكفاية في الأمور. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 358 1919- شَرُّ ما رَامَ امْرُؤٌ مالَمْ يَنَلْ. لأنه يَتْعَب ثم لا يَحْلَى ولا يفوز بمطلوبه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 359 1920- شَرُّ السَّيْرِ الَحْقْحَقَة. يقال: هي أَرْفَع السير وأتعبه للظهر، ويقال: هي كف ساعة وإتعاب ساعة. قال مطرف بن عبد الله بن الشِّخِّير لابنه لما اجتهد في العبادة: خير الأمور أوساطُهَا، وشر السير الحقحقة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 359 1921- شَرُّ المالِ القُلْعَةُ. وروى أبو زيد " القلَعة" بتحريك اللام - يعني المالَ الذي لا يثبُتُ مع صاحبه مثل العارية والمستأجَر، من قولهم: "مجلس قُلْعة" إذا احتاج صاحبُه كل ساعة أن يقوم وينتقل، يقال: إيَّاكَ وصَدْرَ المجلس فإنه مجلس قُلْعة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 359 1922- شَرُّ يومَيْهَا وَأَغْوَاهُ لهَا. أصْلُه أن امرأة من طَسْمِ يقال لها عنز أخِذَتْ سبيةً فحملوها في هَوْدَج وألْطَفُوها بالقول والفعل، فعند ذلك قالت: شَرُّ يَوْمَيْها وأغواه لها، تقول: شَرُّ أيامي حين صِرْتُ أكْرَمُ للسِّباء، قال أبو عبيد: وفيها بيتٌ سائر وهو: شَرُّ يوميها وأغْوَاهُ لهَا ... ركبت عَنْزٌ بِحِدْجٍ جَمَلاَ وشر نصب على الظرف، والعاملُ فيه باقي البيت، وهو " ركبت عنز بحدج جملا"وأغوى: أفعل من الغيّ، والهاء راجع إلى اليوم على الاتساع، كقوله تعالى (بل مكر الليل والنهار) وكقول جرير: ونمْتَ ومَا لَيْلُ الَمطِيِّ بنائِمِ ... وقوله"بحدج" أي في حِدْج، والحدج والحداجة: مركب من مراكب النساء، ومن روى "شَرُّ" بالرفع أراد هذا شرُّ يوميها، أي يومي إعزازها وإذلاها، وأغواه: أي أكثرهما غَيّاً ويجوز أن تعود الهاء في "أغواه" إلى الشر، ويكون أغوى أفعل من الإغواء وهو الإهلاك، أي: أهْلَكُ شر يوميها لها هذا اليوم، وبناء التفضيل من المنشعبة شاذ كقولك: ما أعْطَاه للمال، وما أوْلاَه للمعروف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 359 1923- شَرُّ أَيَّام الدِّيكِ يَوْمُ تُغْسَلُ رِجْلاَهُ. ويقال"براثنه"وذلك أنه إنما يُقْصَد [ص: 360] إلى غسل رجليه بعد الذَّبْح والتهيئة للاستواء قال الشيخ علي ين الحسن الباخَرْزِي في بعض مُقَطعاته يشكو قومه: ولا أُبَالِي بإذلالٍ خُصِصْتُ به ... فيهمْ ومنهم وإنْ خُصُّوا بإعزاز رِجْلُ الدَّجَاجَةِ لا من عِزِّهَا غُسِلَتْ ... ولا مِنَ الذل حِيصَتْ مُقْلَةُ الْبَازِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 359 1924- شَرُّ الَمالِ مَالاَ يُزَكَّى ولاَ يُذَكَّى. أي: لا يُذْبح، يعنون الْحُمُرَ لأنه لا زكاة فيها، لقوله صلى الله عليه وسلم "ليس في الْجَبْهَة ولا في الكُسْعَة ولا في النُّخَّةِ صدقة " فالجبهة: الخيل، والكسعة: الحمير، والنخة: الرقيق، ويقال: البقر العوامل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 360 1925- شوَى أَخُوكَ حَتّى إِذَا أَنْضَجَ رَمَّدَ. الترميد: إلْقَاء الشيء في الرَّمَاد. يضرب لمن يُفْسِدُ اصطناعَه بالمنِّ ويُرْدِفُ صَلاَحَه بما يورث سوء الظن. ويروى عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه مَرَّ بدارِ رجل عُرف بالصلاح، فسَمِعَ من داره صوت بعض الملاهي، فقال: شَوَى أخوك حتى إذا أنْضَجَ رَمَّدَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 360 1926- شُخْبٌ فِي اْلإِنَاء وشُخْبٌ فِي الأرْضِ. يقال: شَخَبَ اللبنُ والدمُ، إذا خرج كلُّ واحدٍ منهما من موضعه ممتداً، والغَابِرُ يَشْخُبُ ويَشْخَب، والمصدر الشَّخْب بالفتح والشُّخْب بالضم الاسمُ. وأصلُ المثلِ في الحالب يحلب، فتارة يخطىء فيحلب في الأرض، وتارة يُصيب فيحلب في الإناء. يضرب مثلا لمن يتكلم فيخطىء مرة ويصيب مرة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 360 1927- شَرَّابٌ بأَنْقُعٍ. أي مُعَاود للأمر مرة بعد مرة، وأصله الحَذِرُ من الطير لا يَرِدُ المَشَارِع لكنه يأتي المنافع يشرب منها، فكذلك الرجل الكَيِّسُ الحَذِر لا يتقحَّم الأمور، والأنْقُع: جمع نَقْع، وهو الأرض الحرة الطين يستنقع فيها الماء، والجمع نِقَاع وأنْقُع، وهذا مثل قاله ابن جُرَيْج في معمر بن راشد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 360 1928- شَرِقَ مَا بَيْنَهُمْ بِشَرّ. أي نَشِبَ الشَّرُّ فيهم فلا يفارقهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 360 1929- شُبْ شَوْباَ لَكَ بَعْضُهُ. يضرب في الحثِّ على إعانة مَنْ لك فيه منفعة. [ص: 361] وهو مثل قولهم "احْلُبْ حلبا لك شَطْره"وقد مر في باب الحاء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 360 1930- شَمِطَ حُبُّ دَعْدٍ. دعد: اسم امرأة يُصْرَف ولا يُصْرَف، قال الشاعر: لم تَتَلَفَّعْ بفَضْلِ مِئْزَرهَا ... دَعْدٌ، وَلَمْ تُغْذِ دَعْدُ في الْعُلَبِ يضرب في قدم المودة وثبوتها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 361 1931- شَدَّ لَهُ حَزِيمَهُ. ويقال " حَيْزُومَه"وهما الصدر، ومعناه تشمَّرَ وتأهَّبَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 361 1932- شَرِقَ بِالرِّيقِ. أي ضره أقربُ الأشياء إلى نَفْعه، لأن ريقَ الإنسان أقربُ شيء إليه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 361 1933- شِنْشنَةٌ أَعْرفُهَا مِنْ أَخْزَمِ. قال ابن الكلبي: إن الشعر لأبي أخزم الطائي، وهو جَدُّ أبي حاتم أو جَدُّ جَدٍّه، وكان له ابن يقال له أخزم، وقيل: كان عاقّاً، فمات وترك بنين فوثَبُوا يوما على جَدِّهم أبي أخْزَمَ فأدْمَوْهُ فقال: إنَّ بنَّي ضَرَّجُونِي بالدَّمِ ... شِنْشِنَةٌ أعرفُهَا من أخزم ويروى "زَمَّلُوني " وهو مثل ضرجوني في المعنى: أي لَطَّخوني، يعني أن هؤلاء أشبهوا أباهم في العُقُوق، والشِّنْشِنة: الطبيعة والعادة، قال شمر: وهو مثل قولهم" العصا من العُصَيَّة" ويروى "نشنشة" كأنه مقلوب شنشنة، وفي الحديث أن عمر قال لابن عباس رضي الله عنهم حين شاوره فأعجبه إشارته : شنشنة أعرفها من أخزم، وذلك أنه لم يكن لقرشي مثلُ رأى العباسِ رضي الله عنه، فشبهه بأبيه في جَوْدة الرأي، وقال الليث: الأخزم الذكر، وكمرة خَزْمَاء قصر وترها، وذكَر أخزم، وقال: وكان لأعرابي بُنَيٌّ يعجبه، فقال يوما: شنشنة من أخزم، أي قطران الماء من ذكر أخذم. يضرب في قُرْب الشَّبَه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 361 1934- شَرِيقَةُ تَعْلَمُ مَنِ اطَّفَحَ. يقال: اطَّفَحَت القِدْرَ - على افْتَعَلْتُ - إذا أخذت طفاحتها، وهي زَبَدُها، وشَرِيقة: امرأة. يضرب لمن يعلم كيفية أمر، ويعلم المُذْنِبَ فيه من البرىء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 361 1935- شَاهِدُ الْبُغْضِ اللَّحْظُ. ومثله في الحب " جَلَّى محبٌّ نظره" ومنه قول زهير: متى تَكُ فِي صَدِيق أو عَدُوٍّ ... تُخَبّرْكَ الْوجُوهُ عَنِ القلوب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 361 1936- شَفَيْتُ نَفْسِي وَجَدَعْتُ أَنْفِي. يضرب لمن يَضُرُّ بنفسه من وَجْه ويشتفي من وجه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 362 1937- اُشْدُدْ يَدَيْكَ بِغَرْزِهِ. يضرب لمن يحثُّ على التمسك بالشيء ولزومه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 362 1938- شمِّرْ واْئِتزِرْ والْبَسْ جِلْدَ النَّمِرِ. يضرب لمن يؤمر بالجد والاجتهاد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 362 1939- شَيْطَانُ الَحْمَاطَةِ. يقال"كأنه شَيْطَان اَلحَمَاطة" و"ما هو إلا شيطان الحَمَاطة"يقال لِيَبِيسِ الأفَانِي "حَمَاط" قال أبو عمرو: الأفاني من أحرار البقول (في القاموس: الحماطة عشبة كالصليان سوى أنها خشنة.) واحدتها أفَانِية، والشيطان: الحية، وأضيف إلى الحماط لإلفه إياه كما يقال: ضَبُّ كُدْبة، وذئبُ غَضًى. يضرب للرجل إذا كان ذا مَنْظَر قبيح. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 362 1940- شَهدْتُ بأَنَّ الخُبْزَ باللّحَمْ طَيِّب وَأَنَّ الْحُبَارَى خاَلَة الكَرَوَانِ. ويروى "بأن الزبد بالتمر طيب" قال أبو عمرو: يضرب عند الشيء يتمنَّى ولا يُقْدَرُ عليه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 362 1941- شَمِّرْ ذَيْلاً، وأدَّرِعْ لَيْلاً. يضرب في الحث على التشمير والجِدِّ في الطلب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 362 1942- أَشْرِقْ ثَبِيرُ، كَيْمَا نُغِيرُ. أشرق: أي ادخُلْ يائبير في الشروق كي نسرع للنحر، يقال: أغار فلان إغارة الثَّعْلَب، أي أسرع، قال عمر رضي الله عنه: إن المشركين كانوا يقوون "أشرق ثبير كيما نغير" وكانوا لا يُفِيضُون حتى تطلع الشمس. يضرب في الإسراع والعَجَلَة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 362 1943- شَرْعُكَ مَا بَلَّغَكَ المَحَلَّ. أي حَسْبُك من الزاد ما بَلَّغك مَقْصدك، ومنه قول الراجز: من شاء أن يُكْثِرَ أو يُقِلاَّ ... يَكْفِيهِ ما بَلَّغَهُ الْمَحَلاَّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 362 1944- أَشْبَهَ شَرْجٌ شَرْجًا لَوْ أَنَّ أُسَيْمِرًا. قال أبو عبيد: كان المُفَضَّل يحدِّثُ أن صاحبَ المثل لقيم بن لقمان، وكان هو وأبوه قد نزلا منزلا يقال له شرج، فذهب لُقَيم يُعَشِّى إبله، وقد كان لقمان حَسَدَ لقيما وأراد هلاكه، فاحتفر له خَنْدَقا، وقطع كل ما هناك من السَّمُر ثم ملأبه الخندق فأوقد [ص: 363] عليه ليقع فيه لُقَيم، فلما أقبل عَرَفَ المكان وأنكَرَ ذهاب السَّمُر، فعندها قال : أشبه شَرْجٌ شَرْجاً لو أن أسيمرا، فشرج ههنا: موضع بعينه، والشرج في غير هذا الموضع: مَسِيلُ الماء من الحَرَّة إلى السَّهْل، والجمع شِرَاج، وقوله "لو أن أسيمرا" هو تصغير أسْمُر، وأسْمُر جمع سَمُر، مثل ضَبُع وأضْبُع، وأراد لو أن أسيمرا كانت فيه أو به، يعني أن هذا الذي أراه الآن هو الذي قبل هذا كان لو أن أسيمرا موجودة. يضرب في الشيئين يَتَشَابهان ويفترقان في شيء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 362 1945- شَجَرٌ يَرِفُّ. أي يهتزُّ نَضَارة، ويجوز يَرِفُ - بالتخفيف - من وَرِفَ الظلُّ إذا اتَّسع، وحقه أن يذكر معه الظل، أي شجر يرف ظلُّه. يضرب لمن له مَنْظر ولا مَخْبر عنده. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 363 1946- شَرُّ الرَّعَاءِ الُحْطَمَةُ. وهو الذي يَحْطِم الراعية بعُنْفه. يضرب لمن يلي شيئاً ثم لا يحسن ولايته وإنما ينبغي أن يكون الراعي كما قال الراعي: ضَعيفُ الْعَصَا بَادِي الْعُرُوقِ تَرَى لَهُ ... عَلَيْهَا إذا ما أمْحَلَ الناسُ أصْبُعَا أي أثراً حسنا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 363 1947- شُغِلَ عَنِ الرَّامِي الكِنَانَةَ بالنَّبْلِ. أصله أن رجلا من بني فَزَارة ورجلا من بني أسد كانا متواخين، وكانا راميين لا يسقط لهما سهم، ومع الفزاري كِنانة جديدة، ومع الأسدي كنانة رَثِّةٌ، فأعجبته كنانة الفزاري، فقال الأسدي: أينا ترى أرمي أنا أم أنت؟ قال الفزاري: أنا أرمى منك، وأنا عَلَّمتك، قال الأسدي: انْصِبْ لي كِنانتك وأنْصِبُ لك كِنانتي، فقال له الفزاري: انْصِبْ لي كِنانتك، فعلق الأسدي كنانَتَه على شجرة، ورماها الفزاري فجعل لا يرمى بسهم إلا شكلها حتى قَطَّعها بسهامه فلما نَفِدَتْ سهامُه قال: انْصِبْ لي كنانَتَكَ حتى أرميها، فرمى فسدد السهم نحوه، فشَكَّ كبدَ الفزاري، فسقط الفزاري ميتاً، فأخذ الأسدي قوسَه وكنانته، قال الفرزدق: فَقُلْتُ أظَنَّ ابنُ الخبيِثَة أنني ... شُغِلتُ عن الرامِي الكنَانَةَ بالنَّبْلِ يريد بهذا جريراً، يقول: أراد جرير بهجائه البعيثَ غيرَه وهو أنا، أي أرادني ولم يرد البعيثَ، كما أن الأسدي أراد رَمْيَ الفزازي ولم يرد رَمْيَ الكنانة. قلت: ومعنى المثل شغل فلان عن [ص: 364] الذي يرمي الكنانة بالنبل، يعني أنه لم يعلم أن غَرَضَ الرامي أن يرميه لا أن يرمي كنانته. يضرب لمن يغفل عما يراد به ويُكاد له. وقريب من هذا بيت الحماسة: فإن كنت لا أرمي وتُرْمَي كنايتي ... تُصِبْ جَانِحَاتُ النَّبْلِ كَشحِي وَمَنْكبِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 363 1948- شَقَّ فُلاَن عَصَا المُسْلِمينَ.. إذا فَرَّق جَمْعهم. قال أبو عبيد: معناه فَرَّق جماعتهم، قال: والأصل في العَصَا الاجتماع والائتلاف، وذلك أنها لا تُدْعَى عَصاً حتى تكون جميعا، فإن انشقَّت لم تُدْعَ عَصاً، ومن ذلك قولهم للرجل إذا أقام بالمكان واطمأنَّ به واجتمع له فيه أمرهُ "قَدْ ألْقَى عَصَاهُ" قال معقر البارقي: فألْقَتْ عَصَاها واستقرت بها النَّوَى ... كما قَرَّ عَيْناً بالإياب الْمُسَافِرُ قالوا: وأصل هذا أن الحاديين يكونان في رفقة، فإذا فرقَهم الطريقُ شُقَّتِ العصا التي معهما، فأخذ هذا نصفَها وهذا نصفها يضرب مثلاً لكل فرقة. قال صِلة بن أشيم لأبي السليل: إياك أن تكون قاتلا أو مقتولا في شَقِّ المسلمين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 364 1949- الشُّجَاعُ مُوَقًّى.. وذلك أنه قَلَّ مَنْ يرغب في مبارزته خوفاً على نفسه، وهذا كما يقال: "احْرِصْ على الموت تُوهَبْ لك الحياة" الجزء: 1 ¦ الصفحة: 364 1950- شُخْبٌ طَمَحَ.. الشُّخْب: اللبنُ يمتدُّ من الضَّرْع يضرب للرجل يكون منه السَّقْطة. ويقال: معناه حَظٌّ فات، يقال: طَمَحَ الشُّخْبُ، وهو أن يسقط على الأرض فلا ينتفع به. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 364 1951- شَحْمَتِي فِي قَلْعِي.. القَلْع: كِنْفٌ يجعل الراعي فيه أداته، قيل للذئب: ما تقول في غنم يكون معها غلام؟ قال: أخاف إحدى حَظِيَّاته - أي سهامه - فقيل: في غنم معها جارية؟ قال : شَحْمَتي في قَلْعي، أي أتَصَرَّفُ فيها كما أريد. يضرب للشيء الذي هو في ملك الإنسان يَضْرِب بيده إليه متى شاء، وكذلك إن كان في ملك مَنْ لا يمنعه منه، وجمع القَلْع قِلَعَة وقِلاَع (وقلوع وأقلع.) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 364 1952- اشْنَأْ حَقَّ أَخِيكَ.. قال ابن الأعرابي: يقول سَلِّم إليه حَقِّه فلا تحملنك محبةُ الشيء أن تمنعه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 364 1953- الشَّرُّ يَبْدَؤُهُ صِغَارُهُ. قال أبو عبيد: يقول فاصفح عنه واحتمله، لئلا يخرجك إلى أكثر منه، قال مسكين الدَّارِمِيُّ: [ص: 365] ولقد رأيْتُ الشرَّ بَيْـ ... ـنَ (بين) الحيِّ يَبْدَؤُهُ صِغَارُهْ وقال آخر: الشر يبدؤه في الأصل أصْغَرُه ... وليس يَصْلَي بحرِّ الحرب جَانِيهَا والحربُ يلحق فيها الكارهُونَ كما ... تدنو الصِّحَاحُ إلى الْجَرْبَى فَتُعْدِيهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 364 1954- الشَّرُّ أَخْبَثُ ما أَوْعَيْتَ مِنْ زَادِ. يضرب في اجتناب الذم والشر، قاله أبو عبيد. وهو بيت أوّله: الْخَيْرُ يَبْقَى وَإنْ طَالَ الزَّمَانُ بِهِ ... وزعموا أي هذا بيت قالته الجن، وقيل: بل هو لعَبِيد بن الأبرص. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 365 1955- الشَّحِيحُ أَعْذَرُ مِنَ الظَّالِمِ. قال أبو عبيد: هذا مثل مبتذل عند العامة، وإنما نراهم جعلوا له عذراً إذا كان استبقاؤه مالَه ليَصُونَ به وجهه وعرضه عن مسألة الناس، يقولون فهذا ليس بمُلِيم، إنما هو تارك للفَضْل، ولا عتب على من حفظ شيئه، إنما يلزم اللائمة الآخذَ مالَ غيره. قال: وهذا كالمثل الذي لأكثم بن صَيْفي: ربَّ لأئمٍ مُلِيم، يقول: إن الذي يلوم المُمْسِكَ هو الذي قد ألام في فعله، لا الحافظ له، وقال أبو عمرو : الشحيح أعْذَرُ من الظالم، أي مَنْ بخل عليك بماله فشتمته فقد ظلمته، وهو أعذر منك. قالوا: إن أول من قال ذلك عامر بن صَعْصَعة، وكان جمع بنيه عند موته ليوصيهم، فمكث طويلاً لا يتكلم، فاستحثَّه بعضُهم، فقال: إليك يُسَاق الحديث، ثم قال: يَا بَنِيَّ جُودُوا ولا تسألوا الناس، واعلموا أن الشحيح أعْذَرُ من الظالم، وأطْعِمُوا الطعام، ولا يُسْتَذَلَّنَّ لكم جار. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 365 1956- شَرِبْنَا عَلَى الخَسْفِ. أي على غير أكل، من قولهم. باتَتِ الدابةُ على الخَسْفِ، أي على غير عَلَفٍ، وكذا "بات القومُ على الْخسْفِ" أي جياعاً. قلت: وأصلُ الخَسْفِ الذلُّ والمشقة، يقال: سامه خَسْفاً وخُسْفاً - بالضم - أي كلَّفه مشقة وذلا، وفي كل ما تقدم ضَرْبٌ من الذل ونوع من المشقة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 365 1957- اشْتَرِ لِنَفْسِكَ ولِلسُّوق.. أي اشتر ما ينفُقُ عليك إذا بِعْتَهُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 365 1958- اشْتَدِّى زِيَمُ. الاشتداد: العَدْو، وزيم: اسم فرس يضرب في انتهاز الفُرْصَة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 365 1959- الشَّعِيرُ يُؤْكَلُ ويُذَمُّ. ويقال: خُبْز ُ الشعير يؤكل ويُذَمُّ، وهذا كالمثل الآخر "أكْلاً وَذَمّاً" الجزء: 1 ¦ الصفحة: 365 1960- أَشَوَار عَرُوسٍ تَرَى. الشَّوَار: الفَرْج، قالته الزباء لجَذِيمة، وقد مر ذكرها في باب الخاء، والتقدير: أترى شَوَارَ عَرُوسٍ؟ تتهكم بجذيمة. يضرب عند الهزء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 366 1961- شُبِّرَ فَتَشَبَّرَ. أي: أُكْرِمَ فاستحمق، وعَظِّم فتعظم، والشبر القُرْبان الذي يقرب، ومعناه قرب فتقرب. يضرب للذي يُجَاوز قدره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 366 1962- شَعْبَانُ فِي يَدِهِ كِسْرَةٌ. يضرب لمن مالُه يُرْبِى على حاجته. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 366 1963- شَيْئاً ما يَطْلُبُ السَّوْطُ إِلىَ الشقْرَاءِ. أي: يَطْلب العَدْوَ، وأصله أن رجلا ركب فرسا له شقراء، فجعل كُلَّما ضربها زادته جريا. يضرب لمن طلب حاجة وجَعَل يَدْنو من قضائها والفراغ منها. و"ما"صِلَة، قاله أبو زيد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 366 1964- شَمَّ خِمَارَهَا الكَلْبُ. يضرب للمرأة إذا كانت سَهِكة الرِّيحِ، ويقال ذلك للفاجرة أيضاً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 366 1965- شِفَاؤُهُ نَكْءُ الدَّبَرِ. أي الْقَ الشَّرَّ بمثله. يضرب لمن لا يصلُحُ إلا على الذل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 366 1966- الشَّرُّ للشَّرِّ خُلِقَ. كقولهم "الحديدُ بالحديد يُفْلَحُ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 366 1967- أُشِئْتَ عُقَيْلُ إِلىَ عَقْلِكَ. عقيل: اسمُ رجلٍ، وأشئت: ألْجِئْتَ، يريد لما ألجئت إلى عقلك ووُكِلْتَ إلى رأيك جَلَبَا إليك ما تكره، قال أبو عمرو: أشئت إلى عَقَلِكَ، قال: والعَقَل العَرَجُ، وكان عقيل أعرج. يضرب هذا للرجل يقع في أمرٍ يهتم للخروج منه، فيقال: اضطررت إلى نفسك فاجتهد، فإنك وإن كنت عليلا إذا اجتهدت كنت قَمِناً أن تنجو. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 366 1968- شَعْبَانُ مَقْصُورٌ لَهُ. يضرب لمن حسن حاله بعد الهُزَال، مثل قولهم " [أسْمَنَنِي] الْقَيْدُ والرَّتْعَةُ". والقَصْر: الحَبْس، وقوله "مقصور له" أي محبوس لنفسه، لأن فائدة حَبْسه ترجع إليه، وهو سمنه وحسن حاله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 366 1969- اشْدُدْ حَيَازِيمَكَ لِذَلِكَ الأَمْرِ. أي وَطِّنْ نفسَك عليه وخُذْه بجد، قال أحَيْحَة بن الجُلاَح لابنه: [ص: 367] اشْدُدْ حَيَازِيمَكَ لِلْمَوْتِ ... فَإنَّ الْمَوْتَ لاَقِيكَ ولا تَجْزَعْ مِنَ الموتِ ... إذَا حَلَّ بِوَادِيكَ "اشدد" في البيت زيادة، ويُسَمِّى العروضيون هذا خَزْماً، والنقصانَ خَرْماً، الزايُ مع الزاي، والخزم يكون من حرفٍ إلى أربعة كاشدد في هذا البيت، والخرم: إسقاطُ الحرفِ الأول من الجزء الأول من البيت، وفيه اختلاف بينهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 366 1970- شَيْخٌ يُعَلِّلُ نَفْسَهُ بالبَاطِلِ. يُضْرب للعِنِّين أو الشيخ الكبير الذي لا يقدر على الباه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 367 1971- شَاخَسَ لَهُ الدَّهْرُ فَاهُ. أي تغير عما كان له عليه، من قولهم: "تَشَاخَسَتْ أسنانه"إذا اختلفت نِبْتَتُهَا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 367 1972- شَقَّ عَصَاهُم نَوىً شَجُورٌ. أي مخالفة بعيدة، وشَجُور: من قولهم "ما شَجَرَك عن كذا" أي ما صَرَفَك، ونَوًى شَجُورٌ: بُعْدٌ بعيد يَصْرِفُ القاصدَ له لغَوْرِ بعده. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 367 1973- الشَّرْطُ أَمْلَك، عَلَيْكَ أَمْ لَكَ. يضرب في حفظ الشرط يجري بين الإخوان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 367 1974- الشّرُّ قَلِيلُةُ كَثِيرٌ. هذا قريبٌ من قولهم: "الشرُّ تَحْقِرُهُ وقد يَنْمِى". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 367 1975- الشَّيْبُ قِنَاعُ الْمَقْتِ. يعني أن الغواني تمقُتُ المشايخ، كما قال: رَأَيْنَ شَيْخَاً ذِرئَتْ مَجَالِيه"1" ... يَقْلِي الْغَوَانِي وَالْغَوَانِي تَقْلِيه (ذرئت: شابت، والمجالي: ما يرى من الرأس إذا استقبل الوجه، واحدها مجلي، والبيت لأبي محمد الفقعسي) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 367 1976- الشَّبَابُ مَطِيَّةُ الْجَهْلِ. ويروى: "مَظِنَّةُ الجهل" أي منزلُه ومحلُّه الذي يُظَن به. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 367 1977- شَرُّ العِيشَةِ الرَّمَقُ. العِيشة: العَيْش، والرمَقُ: جمع رَمَقة، وهي البُلْغة التي يُتَبلغ بها، ويروى الرَّمِقُ: أي العيشُ الرمِقُ، وهو الذي يُمْسِك الرَمقَ يضرب في ضيق المعيشة وشدتها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 367 1978- الشَّمَاتَةُ لُؤْمٌ. قال أكْثَمُ بن صَيْفي التميمي، أي لا يفرح بنكبة الإنسان إلا مَنْ لَؤُم أصله، وقال: إذَا ما الدَّهْرُ جَرَّ على أُنَاسٍ ... كَلاَ كِلَهُ أنَاخَ بآخَرِينَا فَقُلْ للشَّامِتِينَ بِنَا أفِيقُوا ... سَيَلْقَى الشَّامِتُونَ كَمَا لَقِينَا [ص: 368] وفي حديث أيوب عليه السلام أنه لما خرج من البلاء الذي كان فيه قيل له: أي شيء كان أشَدَّ عليك مِن جملة ما مَرَّ بك؟ قال: شماتة الأعداء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 367 1979- الشَّرُّ كَشَكْلِهِ. أي الشر يشبه بعضُه بعضاً، ويروى الشيء كشكله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 368 1980- شَرٌّ مِنَ المَرْزِئَةِ سُوءُ الْخَلَفِ مِنْهَا. المَرْزِئة: الرُّزْء، وهو المصيبة. يضرب للخلف قام مقام الخلف. وقيل: أراد بالخلف ما يستوجبه من الصبر إن صبر، وسُوءه: أن يُحْبِط ذلك بالجزع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 368 1981- شَرٌّ مِنَ المَوْتِ ما يُتَمَنَّى مَعَهُ المَوْتُ. يضرب في الداهية الدهياء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 368 1982- شَرُّ اللَّبَنِ الَوالِجُ. يقال: وَلَجَ إذا دخل، يريد شر اللبن ما دخل بيتك، يحث على بَذْل اللبن للضيف وإيثاره على نفسك وولدك. يضرب في الحثِّ على الإحسان إلى الناس. وقيل: الوالج ما يُرَدُّ في الضرع، بأن يُرَشَّ عليه الماء، قال الحارث بن حِلِّزة لابنه عمرو: قُلْتُ لعمرو حين أرْسَلْتُهُ ... وقد حَبَا مِنْ دُونِهَا عَالجُ لا تَكْسَعِ الشَّوْلَ بأغْبَارِهَا ... إِنَّكَ لا تَدْرِي مَنِ النَّاتِجُ وَأصْبُبْ لأَضْيَافِكَ أَلْبَانَهَا ... فإنَّ شَرَّ اللَّبَنِ الْوَالجُ قوله"حبا" أي عَرَض، والهاء للإبل، وعالج: رَمْل، والكَسْع: ضربُ الماء على الضَّرْعِ ليرتفع اللبن فتسمن الناقة، والغُبْرُ: بقية اللبن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 368 1983- أَشْرَبْتَنِي مالَمْ أَشْرَبْ. أي ادَّعَيْتَ على مالم أفعل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 368 1984- الشُّبْهَةُ أُخْتٌ الْحَرَام. يضرب للشيئين لا يكون بينهما كثيرُ بَوْنٍ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 368 1985- الشَّرُّ خَيْرٌ إِذَا كانَ مُشْتَرَكاً. يضرب في تهوين الأمر العظيم يَهْجُم على الخلق الكثير. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 368 1986- الشَّبْعَانُ يَفُتُّ لِلْجاَئِعِ فَتًّا بَطِيئاً. يضرب لمن لا يهتم بشأنك ولا يأخذه ما أخَذَكَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 368 1987- شِقْشِقَةٌ هَدَرَتْ ثُمَّ قَرَّتْ. الشقْشِقة: شيء كالرئة يُخْرِجها البعيرُ من فِيهِ إذا هاج، وإذا قالوا للخطيب " ذو شِقَشِقْةٍ" فإنما يُشَبَّه بالفَحْل، ولأمير المؤمنين علي رضي الله عنه خطبة تعرف بالشقشقية، لأن ابن عباس رضي الله عنهما قال له حين قطع كلامه: ياأمير المؤمنين، لو اطَّرَدَتْ مقالتك من حيث أفضيت، فقال: هيهات يا ابنَ عباسٍ تلك شِقْشِقَة هَدَرَتْ ثم قَرَّتْ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 369 1988- شَرُّ الضُّرَوعِ ما دَرَّ عَلَى العَصْبِ. وهو أن يُشَدَّ فخذا الناقة حتى تَدِرُّ، ويقال لتلك الناقة عَصُوب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 369 1989- شَرُّ النَّاسِ مَنْ مِلْحُهُ عَلَى رُكْبَتِهِ. يضرب للنزيق السريع الغضب، وللغادر أيضاً. قلت: هذا لفظ يحتاجُ إلى شَرْح، والأصل فيه: أن العرب تسمى الشحم مِلْحاً لبياضه، وتقول: أَمْلَحْتُ القِدْرَ، إذا جعلت فيها الشحم، وعلى هذا فسر قوله: لا تَلُمْهَا إِنهَا مِنْ نِسْوَةٍ ... مِلْحُهَا مَوْضُوعَةٌ فَوْقَ الرَكب يعني من نسوة هَمُّها السمن والشحم، فكان معنى المثل: شر الناس مَنْ لا يكون عنده من العقل ما يأمره بما فيه مَحْمدة، إنما يأمره بما فيه طَيْش وخفة وميل إلى أخلاق النساء، وهو حُبُّ السمن، والمِلْحُ يذكر ويؤنث. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 369 1990- أَشْأَمُ كلِّ امْرِىءٍ بَيْنَ فَكَّيْهِ. ويروى "لَحْيَيْه" وهما واحد، وأشأم بمعنى الشؤم، كقوله: فتنتج لَكُمْ غِلْمَانَ أشام ... أي غلمان شؤم، يراد أن شؤم كل إنسان في لسانه، وهذا كما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال"أيْمَنُ امرىء وأشأمه بين لحييه" وكما قيل "مَقْتَلُ الرجُل بين فكيه" قال أبو الهيثم: للعرب أشياء جاءُوا بها على أفعل، هي كالأسامي عندهم في معنى فاعل أو فَعِيل أو فَعِلٍ، كقولهم: أشأمُ كل امرىء بين لحييه، بمعنى شُؤْم، وكقولهم: المرء بأصْغَرَيْهِ أي بصَغِيريْهِ، وكقولهم: إني منه لأوْجَلُ وأَوْجَر، أي وَجِل ووَجِر، أي خائف، وكقول الشاعر: لا أعتِبُ ابنَ الْعَمِّ إن كان عَاتِباً ... وَأَغْفِرُ عَنْهُ الْجَهْلَ إن كَانَ أَجْهَلاَ أي جاهلا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 369 1991- أَشْبَهَ فُلانٌ أُمَّه. يضر لمن يَضْعُف ويعجز. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 369 1992- شَجِىَ بِرِيِقِهِ. إذا غَصَّ بريقه. يضرب لمن يُؤْتَى من مأمَنِهِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 370 1993- شَدِيدُ الْحُجْزَةِ. قالوا: هي مَعْقِدُ الإزار. يضرب للصَّبُور على الشدة والجهد. وسئل علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه عن بني أمية فقال: أشَدُّنَا حُجَزاً وأَطْلَبُنَا للأمر لا يُنَالُ فينالونه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 370 1994- شَرٌّ أَهَرَّ ذَا نَابٍ. يقال "أهرهُ"إذا حَمَلَه على الْهَرِير، و" شر" رَفْعٌ بالابتداء، وهو نكرة، وشرط النكرة أن لا يبتدأ بها حتى تخصص بصفة كقولنا: رجُلٌ من بني تميم فارس، وابتدؤا بالنكرة ههنا من غير صفة، وإنما جاز ذلك لأن المعنى ما أهر ذا نابٍ إلا شرٌّ، وذو الناب: السبعُ. يضرب في ظهور أمارات الشر ومخايله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 370 1995- اشْدُدْ حُظُبَّى قَوْسَكَ. هذا من أمثال بني أسد، وحُظُبَّي: اسم رجل. يضرب عند الأمر بتهيئة الأمر، والاستعداد له. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 370 1996- شَرِبَ فَمَا نَقَعَ وَلاَ بَضَعَ. يقال: بَضَعْتُ من الماء بَضْعاً رَوِيتُ، ونَفَعْتُ: أي شفيت غليلي. يضرب لمن لا يسأم أَمْراً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 370 1997- شَهْرٌ ثَرَى، وَشَهْرٌ تَرَى، وَشَهْرٌ مَرْعَى. يعنون شهور الربيع: أي يمطر أولا، ثم يطلع النبات فتراه، ثم يطول فترعاه النَّعَمُ، وأرادوا شهر ثَرًى فيه، وشهر ترى فيه، فحذفا كا قال: فَيَوْمٌ عَلَيْنَا وَيَوْمٌ لَنَا ... ويَوْمٌ نُسَاءُ وَيَوْمٌ نُسَرُّ أي نُسَاءُ فيه ونُسَرُّ فيه، وإنما حذف التنوين من ثَرى ومَرْعىً في المثل لمتابعة ترى الذي هو الفعل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 370 1998- شَعَبَتْ قَوْمِي شَعُوبُ. الشَّعْبُ من الأضداد، يكون بمعنى الْجَمْع وبمعنى التفريق، وهو بمعنى التفريق ههنا، وشَعُوبُ: اسمُ للمنية لأنها تَشْعَبُ بين الناس، أي تُفَرِّقُ. يضرب عند تَفَرُّقِ القومِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 370 1999- شَوْفُ النُّحَاسِ يُظْهِرُ النُّحَاسَا. الشَّوْف: الجَلاَء، يقال: شُفْتُه [ص: 371] إذا جَلَوْتُه، يقول: إذا شُفْتَ النحاس، فإن شَوْفَه لا يُخْرِجه من النحاسية. يضرب للئيم يُحَثُّ على الكرم فيأباه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 370 2000- شَرِيبُ جَعْدٍ قَرْوُهُ المُقَيَّرُ. الشَّرِيب: الذي يُشَاربك، وجَعْد: اسمُ رجلٍ، والقَرْو: أصلُ شجرة يُنْقَر، فيجعل كالحوض يصب فيه العصير، والمُقَير: المَطْلي بالقير. يضرب للبخيل لا فَضْلَ عنده، يعطي أحداً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 371 2001- شَنُؤَةٌ بَيْنَ يَتَامَي رُضَّعِ. الشَّنُؤَة: ما يستقذر من القول والفعل. يضرب لقومٍ اجتمعوا على فُجُور وفاحشة ليس فيهم مُرْشِد ولا ناهٍ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 371 2002- شِيكَ بِسُلاَّءَةِ أُمِّ جُنْدُعِ. السُّلاَّءة: شَوْكة النخل، وأم جندع: امرأة. يضرب لمن يؤتى من مَأْمَنِهِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 371 2003- شَرُّ دَوَاءِ الإِبِلِ التَّذْبِيحُ. وذلك أن السنة إذا كانت مُجْدِبة، يُخَاف منها على الإبل، ذَبَحُوا أولادها لتسلم الأمهات. يضرب لمن فر من أمْرٍ، فوقَع في شر منه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 371 2004- شمَّ بِخِنَّابَةِ أُمّ شِبْلٍ. الْخِنَّابة: مالان من الأنْفِ مما يلي الخد، وأم شبل: الأسد. يضرب للمتكبر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 371 2005- شَمَّرَ ثَرْوَانُ وَصَاوٍ هُكَعَةٌ. يقال: رجل ثَرْوَان، إذا كان كثيرَ المالِ، والصَّاوِي: اليابس، يقال: صَوَى يَصْوِي صويّاً إذا يبس، والهُكَعَة: الأحمق الكسلان. يضرب للغنى المشمِّر الجادِّ في أمره، يُبَاهيه ويُبَاريه كسلان رثّ الحال، فمن أين يلتقيان؟. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 371 2006- شَيْخٌ بِحَوْرَانَ لَهُ أَلْقَابُ. حَوْرَان: من أرض الشأم، وبعده: الذئب والعَقْعَقُ والْغُرَاب ... يضرب لمن يُظْهِر للناس العَفَاف والصَّلاَح ومِنْ حقه أن يُحْتَرز من قُرْبه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 371 2007- شَهْرَا رَبِيعٍ كجُمَادَى الْبُوسِ. جُمَادى: عبارة عن الشتاء، وجمود الماء فيه. يضرب لمن يَشْكُو حالَه في جميع الأوقات أخْصَبَ أم أجْدَبَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 371 2008- شَرِيفُ قَوْمٍ يُطْعِمُ الْقَدِيدَ. يقال: إن القَدِيدِ شر الأطعمة، والرجل [ص: 372] الشريف لا يقدِّدُ اللحم، وهذا الشريف يُقَدِّدُ. يضرب لمن يظهر السَّخَاء ولا يُرَى منه إلا قليل خير. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 371 2009- شَكَوْتُ لَوْحاً فَخَزَا لِي يَلْمَعَا. اللَّوْح: العَطَش، وحَزَا يَحْزُو وحَزْواً: رَفَعَ، واليَلْمَع: السَّرَاب. يضرب لمن يَشْكو حالَه إلى صاحبٍ له فأطمعه فيما لا مَطْمَعَ فيه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 372 2010- شَمْلٌ تَعَالَى فَوْقَ خَصْبَاتِ الدَّقَلِ. الشَّمل والشِّمْل: ما يبقى على النَّخْل بعد الصِّرَام، والخصبة: النخلة الكثيرة الحمل، قال الأعشى: كأنَّ على أَنْسَائِهَا عِذْقَ خَصْبَةٍ ... تَدَلَّى من الكَاُفوِر غَيْر مُكَمَّمِ والدقَل: أراد التمر. يضرب لمن قلَّ خيره، وإن استخرج منه شيء كان مع تعب وشدة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 372 2011- شِوَالُ عَيْنٍ يَغْلِبُ الضِّمارَا. الشِّوَال: الشيء القليلُ، والضِّمار: النسيئة، والعين: النقد، والمعنى قليلُ النقدِ خيرٌ من النسيئة. قاله أبو جابر بن مليل الهذلي أيام حاصر الحجاجُ بنُ يوسف عبدَ الله بن الزبير، وكان عبد الله يحسن الوعد ويُطِيل الإنجاز، وكان الحجاج يَفْجَأ أصحابه بالعَطِيَّات، فقيل لأبي جابر: كيف ترى ما نحن فيه؟ فقال هذا القول، فذهب مثلا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 372 2012- أَشْرَى الشَّرِّ صِغَارُهُ. أي: ألَجُّه وأبْقَاه من قولهم" شَرِيَ البرق" إذا كثر لمعانه، وشَرِيَ الفرسُ، إذا لَجَّ في سيره. قالوا: إن صياداً قدم بنِحْىٍ من عسل ومعه كلب له، فدخل على صاحب حانوت، فعرض عليه العسل ليبيعه منه، فقطَر من العسل قطرة، فوقع عليها زنبور، وكان لصاحب الحانوت ابنُ عرسٍ فوثَبَ ابنُ عرس على الزنبور، فأخذه فوثَبَ كلبُ الصائد على ابن عرس فقتله. فوثَبَ صاحبُ الحانوت على الكلب فضربه بعصاً ضربةً فقتله، فوثب صاحبُ الكلب على صاحب الحانوت فقتله، فاجتمع أهلُ قرية صاحب الحانوت فقتلوه، فلما بلغ ذلك أهلَ قرية صاحب الكلب اجتمعوا فاقتتلوا هم وأهلُ قرية صاحب الحانوت حتى تفانوا، فقيل هذا المثل في ذلك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 372 2013- أُشِبَّ لِي إِشْبَاباً قال أبو زيد: إذا عَرَضَ لك إنسان من غير أن تذكُرَه قلتَ هذا، أي رُفِع لي رَفْعاً. قلت: وأصلُه من "شَبَّ الغلامُ يَشِبُّ" إذا ترعرع وارتفع، وأشّبَّهُ الله إشبابا أي رَفَعه. يضرب في لقاء الشيء فَجْأة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 373 2014- شَرُّ مَرْغُوبٍ إليْهِ فَصِيلٌ رَيَّانٌ وذلك أن الناقة لا تكاد تَدِرُّ إلا على ولد أو على بَوٍّ، فإذا كان الفصيلُ ريَّان لم يَمْرِهَا فبقي أربابُهَا من غير لبن. يضرب للغني التجأ إليه محتاج. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 373 2015- شَوْقٌ رَغِيبٌ وَزُبْير أَصْمَعُ قيل: الشوق ههنا الشقو، وهو فتح الفم، فقدم الواو في المصدر، والفعل جاء على أصله، يقال: "شَقَا فَمَه يَشْقُوه" إذا فَتَحه والزبير: القمة، والأصمع: الصغير. يضرب لمن وَعَدَ وأكد ثم لا يفي بشيء مما قال وإن قلَّل وصَغَّر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 373 2016- شَرُّ إِخْوَانِكَ مَنْ لاَ تُعَاتِبُ هذا كقولهم " معاتبة الأخ خيرٌ مِنْ فَقْده" أي لأن تعتبه ليرجع إلى ما تحبُّ خَيْرٌ من أن تقطعه فتفقده، وقوله "مَنْ لا تعاتب" أي لا تعاتبه، ومن روى بالياء أراد من لا يعاتبك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 373 2017- الشَّمْسُ أَرْحمُ بِناَ يعني أنها دِثَارهم في الشتاء، كما قال الشاعر: إذا حَضَرَ الشِّتَاءُ فأنْت شَمْسٌ ... وإنْ حَضَرَ الْمَصِيفُ فأنْتَ ظِلُّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 373 2018- شِدَّةُ الَحْذَرِ مُتْهمِةٌ أي مُوقِعة في التُّهَمَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 373 2019- شَنِئْتُهَا فِي أَهْلهَا ... مِنْ قَبْلِ أَنْ تُزْأَى إِلَيَّ أي أبغضُتَها من قبل أن تزف إلى يضرب للمَشْنُوء قلت: كذا وَجَدْتُ هذا المثل" من قبل أن تُزْأَى" والصواب "تُزْوَى" أي تضم وتجمع، وإلا فليس لهذا التركيب ذكر في كتب اللغة ويمكن أن يُحْمَل على أن الهمزة بدلٌ من الهاء، أي تُزْهَى، ومعناه ترفع، يقال: زَهَا السرابُ السيء يزهاه إذا رفَعه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 373 2020- شَغَرَتْ لَهُ الدُّنْيَا بِرِجْلِهَا شَغَرت: أي رفعت، والباء في "برجلها " زائدة. يضرب لمن ساعدته الدنيا فنال منها حَظَّه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 373 2021- شَرُّ الأَخِلاَّءِ خَلِيلٌ يَصْرِفُهُ وَاشٍ يضرب للكثير التَّلَوُّنِ في الوداد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 374 2022- اُشْرَب تَشبَعْ وَاُحْذَرْ تَسْلَمْ وَاتَّقِ تُوقَهْ قال أبو عبيد: يضرب في التوقِّي في الأمور، قال: وهو في بعض كتب الحكمة قلت: والهاء في قوله "توقه" يجوز أن تكون للسكت، ويجوز أن تكون كنايةً عن الشر، كأنه قال: اتق الشر تُوقَهْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 374 2023- شَاوِرْ في امْرِكَ الذَّيِنَ يَخْشَوْنَ الله هذا يروى عن عمر رضي الله عنه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 374 2024- شِدَّةُ الحِرْصِ مِنْ سُبُلِ اُلْمُتَأَلِّفِ يضرب في الشَّهْوَان الحريصِ على الطعام وغيره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 374 2025- شَوَى زَعَمَ ولم يَأْكل يعني زَعَم أنه تولَّى شَيَّةُ ثم لم يأكل. يضرب لمن تولَّى أمراً ثم نَزَعَ نفسه منه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 374 2026- شَغَلَ اَلْحْليُ أَهْلَهُ أَنْ يُعاَرا أي أهلَ الحلي، احتاجوا أن يُعَلِّقوه على أنفسهم، فلذلك لا يعيرون، وهذا قريب من قولهم "شَغَلَتْ شِعَابِي جَدْوَاىَ "يضربه المسؤل شيئا هو أحْوَجُ إليه من السائل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 374 ما جاء على أفعل من هذا الباب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 374 2027- أَشَدُّ الرِّجَال اْلأَعْجَفُ اْلأَضْخَمُ. يعني المهزول الكبير الألواح الجزء: 1 ¦ الصفحة: 374 2028- أَشْأَمُ مِنَ البَسُوسِ هي بَسُوس بنت منقذ التميمية خالَةُ جَسَّاس بن مُرَّة بن ذُهْل الشيباني قاتل كليب، وكان من حديثه أنه كان للبسوس جارٌ من جَرْم يقال له سعد بن شمس، وكانت له ناقة يقال لها سَرَاب، وكان كليب قَدْ حَمَى أرضاً من أرض العالية في أنف الربيع، فلم يكن يرعاه أحدٌ إلا إبل جساس لمصاهرة بينهما، وذلك أن جليلة بنت مرة أختَ جَسَّاس كانت تحت كليب، فخرجت سَرَابُ ناقةُ الجرمي في إبل جَسِّاسٍ ترعى في حمى كليب، ونظر إليها كليبٌ فأنكرها فرماها بسَهْم فاختلَّ ضَرْعها فولَّت حتى بركَتْ بفناءِ صاحبها [ص: 375] وضَرْعُها يَشْخُب دماً ولبناً، فلما نظر إليها صرخ بالذل، فخرجت جارية البَسُوس ونظرت إلى الناقة فلما رأت ما بها ضَرَبَتْ يدها على رأسها ونادت: وَا ذُلاَّه، ثم أنشأت تقول: لعمرك لو أصْبَحْتَ في دار مُنْقِذٍ ... لما ضِيمَ سعدٌ وهو جارٌ لأبْيَاتِي ولَكِنَّنيِ أصْبَحْتُ في دار غُرْبَةٍ ... مَتَى يَعْدُ فيها الذئبُ يَعْدُ على شَاتِي فيا سعدُ لا تُغْرَرْ بنفسكَ وَارْتَحلْ ... فإنَّك في قومٍ عن الجارِ أمْوَاتِ ودُونَكَ أذْوَادِي فإنيَ عنهمُ ... لَرَاحِلةٌ لا يُفْقِدني بُنَيَّاتِي فلما سمع جساس قولها سكنها وقال: أيَّتُهَا المرأة ليقتلَنَّ غداً جملٌ هو أعظم عَقْراً من ناقة جارك، ولم يزل جساس يتوقَّع غِرَّةَ كليب حتى خَرَجَ كليبٌ لا يخاف شيئا، وكان إذا خرج تباعَدَ عن الحي، فبلغ جساسا خروجُه، فخرج على فرسه وأخذ رمحه واتبعه عمرو بن الحارث فلم يدركه حتى طعن كليبا ودَقَّ صُلْبه، ثم وقف عليه فقال: يا جساس اغثني بشَرْبَة ماء. فقال جساس: تركْتَ الماء وراءك، وانصرف عنه، ولحقه عمرو فقال: يا عمرو أغثني بشربة، فنزل إليه فأجْهَزَ عليه، فضرب به المثل فقيل: المستجِيرُ بَعْمرٍو عند كربيه ... كالمستجير من الرَّمْضَاء بالنار قال: وأقبل جساس يركُضُ حتى هَجَم على قومه، فنظر إليه أبوه وركبته بادية فقال لمن حوله: لقد أتاكم جساس بداهية، قالوا: ومن أين تَعْرف ذلك؟ قال: لظهور ركبتيه فإني لا أعلم أنها بَدَتْ قبل يومها، ثم قال: ما وراءك يا جساس؟ فقال: والله لقد طَعَنْتُ طعنةً لتجمعن منها عجائز وائل رقصا، قال: وما هي ثكلتك أمك؟ قال: قتلت كليبا، قال أبوه: بئس لعمر الله ما جَنَيْتَ هلى قومك! فقال جساس: تأهَّبْ عنكَ أهْبَةَ ذي امتناعٍ ... فإن الأمْرَ جَلَّ عن التَّلاَحِي فإني قد جَنَيْتُ عليك حَرْباً ... تُغصُّ الشيخَ بالماءِ القَرَاحِ فأجابه أبوه فإن تَكُ قَدْ جَنَيْتَ علي حَرْباً ... فَلاَ وَانٍ وَلا رَثُّ السِّلاَح سألبسُ ثَوْبَهَا وأذبّ عَنِّي ... بها يَوْمَ الَمَذَّلةِ والفضاح قال: ثم قَوَّضُوا الأبنية، وجمعوا النَّعَم والخيول، وأزمعوا للرحيل، وكان همام بن مرة أخو جساس نديماً لمهلهل بن ربيعة أخي كليب، فبعثوا جاريةً لهم إلى همام لتعلمه [ص: 376] لخبر، وأمروها أن تسره من مهلهل، فأتتهما الجارية وهما على شَرَابهما، فسارَّت هماما بالذي كان من الأمر، فلما رأى ذلك مهلهل سأل هماما عما قالت الجارية، وكان بينهما عهد أن لا يكتم أحدهما صاحبه شيئاً، فقال له: أخبرتني أن أخي قتل أخاك، قال مهلهل: أخوك أضْيَقُ اسْتاً من ذلك، وسكت همام، وأقبلا على شَرَابهما، فجعل مهلهل يشرب شُرْبَ الآمِنِ، وهمام يشرب شرب الخائف، فلم تلبث الخمرُ مهلهلا أن صَرَعَتْه، فانْسَلَّ همام فرأى قومه وقد تحملوا فتحمل معهم، وظهر أمرُ كليبٍ، فقال مهلهل لنسوته: ما دها كن؟ قلن: العظيم من الأمر، قَتَلَ جساسٌ كليبا، ونَشِبَ الشر بين تغلب وبكر أربعين سنة كلها يَكون لتغلب على بكر، وكان الحارث بن عُبَاد البكري قد اعْتَزَل القومَ، فلما استحَرَّ القتلُ في بكر اجتمعوا إليه وقالوا: قد فَنِيَ قومُك، فأرسَلَ إلى مهلهل بجيراً ابْنَه وقال: قل له أبو بُجَيْر يقرئك السلام، ويقول لك: قد علمتَ أني اعتزلْتُ قومي، لأنهم ظَلَموك وخَلَّيتك وإياهم وقد أدركت وِتْرَكَ فأنشدك الله في قومك، فأتى بجيرٌ مهلهلاً وهو في قومه، فأبلغه الرسالَةَ فقال: من أنت ياغلام؟ قال: بجير بن الحارث بن عُبَاد، فقتله، ثم قال: بُؤْبِشِسْعِ كليب، فلما بلغ الحارثَ فعلُه قال: نعم القتيلُ بجير إن أصْلَح بين هذين الغارين قتلُه وسكنت الحرب به، وكان الحارثُ من أحلم الناسِ في زمانه فقيل له: إن مهلهلا قال له حين قتله بُؤْبِشِسْعِ كليب فلما سمع هذا خرجَ مع بني بكر مقاتلا مهلهلا وبني تغلب ثائراً ببجير وأنشأ يقول: قَرِّباَ مَرْبِطَ النَّعَامَةِ منِّي ... إنّ بَيْعَ الكريمِ بالشِّسْعِ غَالِي قَرِّباَ مَرْبِطَ النعامة مِنِّي ... لَقِحَتْ حَرْبُ وائِلٍ عن حِيَالِ لم أكن من جُنَاتِهَا عَلِمَ الَّل ... هُ َوإنِّي بِشَرِّها الْيَوْمَ صَالِي ويروى" بِحَرِّهَا" والنعامة: فرسُ الحارث، وكان يقال للحارث: فارس النَّعَامة، ثم جمع قومه والتقى وبنو تغلب على جبل يقال له قضة فهزمَهم وقتلهم ولم يقوموا لبكر بعدها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 374 2029- أَشْغَلُ مِنْ ذَاتِ النِّحْيَيْنِ. هي امرأة من بني تَيْم الله بن ثعلبة، كانت تبيع السمن في الجاهلية، فأتاها خَوَّات بن جُبَير الأنصاري يبتاع منها سَمْنا، فلم يَرَ عندها أحدا، وساوَمَها فحَلَّت نِحْياً، فنظر إليه ثم [ص: 377] قال: أمسكيه حتى أنظر إلى غيره، فقالت: حُلَّ نِحْياً آخر، ففعل، فنظر إليه فقال: أريد غير عذا فأمسكيه، ففعلت، فلما شَغَلَ يديها ساوَرَها فلم تقدر على دَفْعه حتى قضي ما أراد وهرب، فقال: وَذَاتِ عِيَالٍ وَاثِقينَ بِعقْلهَا ... خَلَجْتُ لهَا جَارَاسْتِهَا خَلَجَاتِ شَغَلْتُ يَدَيْهَا إذْا أرَدْتُ خِلاَطَهَا ... بِنِحْيَيْنِ مِنْ سَمْنٍ ذَوَيْ عجَرَاتِ فأخْرَجُتُه رَيَّانَ ينطف رَأسه ... مِنَ الرامك المدموم بالمقرات ويروى "بالتفرات"جمع ثفرة. والرامك: شيء تُضَيق به المرأة قبلها. والمدموم: المخلوط، والمقرة: الصبر. فكان لها الويلات من ترك سمنها ... ورَجْعَتها صِفْراً بغير بَتَاتِ فَشَدَّتْ على النِّحْيَيْنِ كَفّاً شَحِيحَةً ... على سَمْنِهَا والْفَتْكُ من فَعَلاَتِي ثم أسلم خَوَّات رضي الله عنه، وشهد بَدْراً، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا خَوَّات كيف شِرَادُك؟ ويروى كيف شراؤك، وتَبَسَّم صلوات الله عليه، فقال: يا رسول الله قد رَزَقَ الله خيرا، وعوذ بالله من الحور بعد الكور، وفي رواية حمزة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ما فَعَلَ بعيرُك؟ أيشرد عليك؟ فقال: أما منذ أسلمت - أو منذ قَيَّده الإسلام - فلا، ويَدَّعِى الأنصار أنه عليه السلام دعا بأن تسكن غُلْمته، فسكنت بدعائه، وهجا رجل بني تيم الله فقال: أنَاسٌ رَبَّةُ النِّحْيَيْنِ منهم ... فَعُدُّوها إذا عُدَّ الصَّمِيمُ وزعموا أن أم الورد العَجْلاَنية مَرَّتْ في سوق من أسواق العرب، فإذا رجل ييبع السمن، ففعلت به كما فَعَل خَوَّاتٌ بذات النحيين من شَغْل يديها ثم كشفت ثيابه وأقبلت تضربُ شقَّ استه بيديها، وتقول: يا ثارات ذاتِ النِّحْيَيْنِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 376 2030- أشْأمُ مِنْ خَوْتَعَة. وهو أحد بني غُفَيلة بن قاسط بن هِنْب بن أفْصَى بن دُعْمِىِّ بن جَدِيلة. ومن حديثه أنه دلَّ كُثَيْفَ بن عمرو التَّغْلَبي [وأصحابَه] على بني الزَّبَّان الذُّهْلي لِتِرَةٍ (الترة - بوزن عدة وصفة - الثأر، وأصل تائها واو) كانت له عند عمرو بن الزَّبَّان، وكان سبب ذلك أن مالك بن كومة الشيباني لقي كُثَيِّفَ بن عمرو في بعض حروبهم، وكان مالك نحيفا قليل اللحم، وكان كُثَيف ضَخْما، فلما أراد مالك أسْرَ كُثَيف اقتحم [ص: 378] كثيف عن فرسه لينزل إليه مالك، فأوْجَرَه مالك السِّنَانَ، وقال: لتسأسِرَنَّ أو لأقتلنك، فاحْتَقَّ فيه هو وعمرو بن الزَّبَّان، وكلاهما أدركه، فقالا: قد حكمنا كُثَيفا، يا كثيف مَنْ أسَرَك؟ فقال: لولا مالك بن كومة كنت في أهلي، فلطَمه عمرو بن الزَّبَّان، فغضب مالك، وقال: تَلْطم أسيري؟ إن فداءك يا كثيف مائة بعير، وقد جعلتُهَا لك بلَطْمة عمرو وَجْهَك، وجَزَّ ناصيته وأطلقه، فلم يزل كُثَيف يطلب عمرا باللَّطْمة حتى دلَّ عليه رجل من غُفَيلة يقال له خَوْتَعة، وقد بَدَّتْ لهم إبل، فخرج عمرو وإخوته في طَلَبها فأدركوها فذبَحُوا حُوَارا فاشْتَوَوْهُ وجلسوا يَتَغَدَّون، فأتاهم كُثَيف بضِعْف عددهم، وأمرهم إذا جلسوا معهم على الغدَاء أن يكتنف كلَّ رجلٍ منهم رجلان، فمروا بهم مجتازين، فدُعُوا فأجابهم، فجلسوا كما ائتمروا فلما حَسَر كُثَيف عن وجهه العمامةَ عرفه عمرو، فقال: ياكثيف إن في خَدِّي وَفَاء من خدك، وما في بكر بن وائل خد أكْرَمُ منه، فلا تشبَّ الحربَ بيننا وبينك، فقال: كلا بل أقتلك وأقتل إخْوَتَكَ، قال: فإن كنت فاعلا فأطلق هؤلاء الفتية الذين لم يتلبسوا بالحروب، فإن وراءهم طالباً أطْلَبَ مني، يعني أباهم، فقتلهم وجعل رؤوسهم في مِخْلاَة وعلَّقها في عنق ناقة لهم يقال لها الدُّهَيْم، فجاءت الناقة والزبَّان جالسٌ أمام بيته حتى بركت، فقال: يا جارية هذه ناقة عمرو، وقد أبطأ هو وإخوتُه، فقامت الجارية فجَسَّت المخلاة، فقالت: قد أصاب بَنُوكَ بَيْضَ نعام، فجاءت بها إليه، وأدخلت يدها فأخرجت رأس عمرو أولَ ما أخرجت، ثم رؤوسَ إخوته، فَغَسلها ووضَعها على تُرْسٍ وقال: آخِرُ البَزِّ على القَلُوص، وقال أبو الندى: معناه هذا آخر عهدي بهم، لا أراهم بعده، فأرسلها مثلا، وضرب الناس بحمل الدُّهَيْم المثلَ، فقالوا: أثْقَلُ من حمل الدهيم، فلما أصبح نادى: يا صَبَاحاه، فأتاه قومه، فقال: والله لأحَوِّلَنَّ بيتي ثم لا أردُّه إلى حاله الأول حتى أدرك ثاري، وأطفى ناري فمكث بذلك حيناً لا يدري مَنْ أصاب ولده ومَنْ دَلَّ عليهم، حتى خُبِّر بذلك، فحلف لا يحرِّمُ دم غُفَلِىٍّ حتى يدلُّوه كما دلُّوا عليه، فجعل يغزو بني غُفَيلة حتى أثْخَن فيهم، فبينما هو جالس عند ناره إذ سمع رُغَاء بعير، فإذا رجل قد نزل عنه حتى أتاه فقال: من أنت؟ فقال: رجل من بني غُفَيلة، فقال: أنت وقد آن لك، فأرسلها مثلا، فقال: هذه خمسة وأربعون بيتاً من بني تَغْلب بالإقطانتين، يعني موضعا بناحية الرقة، فسار إليهم الزَّبَّان [ص: 379] ومعه مالك بن كومة، قال مالك: فَنَعِسْتُ على فرسي وكان ذريعا فتقدم بي، فما شَعَرْتُ إلا وقد كرع في مقراة القوم، فجذبته فمشى على عقبيه فسمعت جارية تقول: ياأبت هل تمشي الخيل على أعقابها؟ فقال لها أبوها: وما ذاك يا بنية؟ قالت: رأيت الساعة فرسا كَرَعَ في المقراة ثم رجع على عقبيه، فقال لها: ارْقُدِي فإني أبغض الجاريةَ الكَلُوء العينِ، فلما أصبحوا أتتهم الخيل دَوَاسَّ، أي يتبع بعضُها بعضا فقتلوهم جميعا. قوله " دَوَاسَّ" كذا أورده حمزة في كتابه، والصواب" دوائس" يقال: داستهم الخيلُ بحَوَافرها، وأتتهم الخيل دَوَائِسَ، أي يتبع بعضُها بعضا، ووجدت في بعض النسخ يقال: دَسَّتِ الخيلُ تدسُّ دَسّاً إذا تبع بعضها بعضا، وأنشد: خَيْلاً تًدسُّ إليهمُ عجلا ... وَبَنُو رَحَائِلهَا ذّوُو بَصَرِ أي ذوو حزم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 377 2031- أشْأَمُ مِنْ أحْمَرِ عاد. هو قُدَار بن سالف، عاقر الناقة، ويقال له أيضاً: قُدَار بن قُدَيرة، وهي أمه، وهو الذي عَقَر ناقة صالح عليه السلام، فأهلك الله بفعله ثمودَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 379 2032- أشْهَرُ مِنَ الَفَرسِ الأْبلَقِ. ويقال أيضاً" أشهر من فارس الأبلق" الجزء: 1 ¦ الصفحة: 379 2033- أشأمُ مِنْ دَاحِسٍ. وهو فرس لقَيْس بن زُهَير العَبْسِي، وهو داحس بن ذي العُقَّال، وكان ذو العُقَّال فرساً لحَوْطِ بن جابر (في القاموس "حوط بن أبي جابر") بن حُمَيْرَي بن رياح بن يَرْبُوع بن حَنْظَلة، وكانت أم داحس فرسا لِقِرْوَاش بن عَوْف بن عاصم بن عبيد بن يربوع يقال لها جَلْوَى، وإنما سمي داحسا لأن بني يربوع احتملوا سائرين في نُجْعَةٍ لهم، وكان ذو العُقَّال مع ابنتي حَوْط بن جابر (في القاموس "حوط بن أبي جابر") يَجْنُبانه، فمرَّتْ به جَلْوى، فلما رآها ذو العُقَّال وَدَى، فضحك شابٌّ منهم، فاسْتَحْيَتِ الفتاتان، فأرسَلَتَاهُ فنَزَا على جَلْوَى فوافق قبولها فأقصت ثم أخذه لهما بعض رجال القوم، فلحق بهم حوط - وكان رجلا سيء الخلق - فلما نظر إلى عين فرسه قال: والله لقد نزا فَرَسِي فأخْبِرَاني ما شأنه، فأخبرتاه بما كان، فنادى: يال رياح، والله لا أرضى حتى آخذ ماء فرسي، قال بنو ثعلبة: والله ما استكرهْنَا فرسَك وما كان إلا منفلتا، قال: فلم يزل الشر بينهم حتى عَظُم، فلما رأوا ذلك قالوا: ما تريدون يابني رياح؟ قالوا: فدونكم الفرس، فسطا عليها [ص: 380] حَوْط وجعل يَدَه في ماء وملح ثم أدخلها في رحمها ودَحَسَ بها حتى ظن أنه فَتَحَ الرحم وأخرج الماء، واشتملت الرحم على ما فيها، فَنَتَجَها قِرْوَاش بن عوف داحساً، فسمي داحساً لذلك، والدَّحْس: إدخال اليد بين جلد الشاة ولحمها حين يسلخها، ثم رآه حَوْط فقال: هذا ابن فرسي، فكرهوا الشر، فبعثوا به إليه مع لَقُوحَيْن ورواية من لبن، فاستحيا فردَّه إليهم وهو الذي ذكره جرير حيث يقول: إن الجِيَادَ يَبِتْنِ حول قِبَابِنَا ... من آل أَعْوَجَ أو لذي العُقّالِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 379 2034- أَشأَمُ مِنْ قَاشِرٍ.. هو فحل لبني عوافة بن سعد بن زيد مَنَاة بن تميم، وكان لقوم إبل تذكر، فاستطرقوه رجاء أن يؤنث إبلهم، فماتت الأمهات والنَّسْل، ويقال: قاشر اسم رجل وهو قاشر بن مرة أخو زَرْقَاء اليمامة، وهو الذي جَلَبَ الخيل إلى جَوٍّ حتى استأصلهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 380 2035- َشْجَعُ مِنْ لَيْثِ عِفِرِّينَ. زعم الأصمعي أنه دابة مثل الحِرْباء، تتعرض للراكب وتضرب بذنبها، وقالوا: هو منسوب إلى عِفِرِّينَ اسم بلد، ويقال: ليث عفرين دزيبة مأواها التراب السهل في أصول الحيطان، تدور ثم تندسّ في جوفها، فإذا هيجت رَمَتْ بالتراب صُعُداً. وقال الجاحظ: إنه ضرب من العَنَاكب يصيد الذباب صَيْدَ الفُهُود، وهو الذي يسمى الليث، وله ست عيون، فإذا رأى الذباب لطىء بالأرض وسكن أطرافه، فمتى وثب لم يخطىء، ويقولون في سن الرجل: ابن العشر سنين لَعَّاب بالْقُلِينَ، وابن العشرين باغي نِسِين، أي طالب نِسَاء، وابن الثلاثين أسعى الساعين، وابن الأربعين أبطش الباطشين، وابن الخمسين ليث عِفِرِّينَ، وابن الستين مؤنس الجليسين، وابن السبعين أحكم الحاكمين، وابن الثمانين أسرع الحاسبين، وابن التسعين أحد الأرذلين، وابن المائة لا حاء ولا ساء، أي لا رجل ولا امرأة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 380 2036- أَشَدُّ حُمْرَةً مِنْ بِنْتِ المَطَر. وهي دويبة حمراء تظهر غِبَّ المطر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 380 2037- أَشْأَمُ مِن حُمَيْرَةَ. هي فرس شَيْطان بن مُدْلج الْجُشَمي ثم أحد بني إنسان. وكان من حديثه أن بني جُشَمَ بن معاوية أسهلوا قبل رجب بأيام يطلبون المرعى فأفلت حميرة، فجاء صاحبها يُرِيفها عامة [ص: 381] نهاره حتى أخذها، وخرجت بنو أسد وبنو ذبيان غارّين، فرأوا آثار حميرة فقالوا: إن هؤلاء لَقَرِيبٌ منكم، فاتبعوا آثارها حتى هجموا على الحي فغنموا، وذلك يوم يَسْيَان فقال شيطان يذكر شؤمها: جاءَتْ بما تَزْبِي الدُّهَيْمُ لأهلها ... حُمَيْرةُ، أو مَسْرَى حُمَيْرةَ أَشْأَمُ فلا ضير إن عرضتها ووقَفْتُهَا ... لِوَقْعِ القنا كيما يُضَرِّجَهَا الدَّمُ وعرَّضْتُها في صَدْر أظْمى يَزِينُهُ ... سنِاَن كَنِبْرَاسِ التهامى لَهْذَمُ وكنتُ لها دُونَ الرماح دَرِيئَةً ... فتَنْجُو وَضَاحِي جِلْدِهَا ليس يُكْلَم وبينا أُرَجِّى أنْ أوفى غَنِيمَةً ... أَتَتنِي بأْلَفْي دَارِعٍ يَتَعَمَّمُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 380 2038- أشأَمُ مِن مَنْشِمَ. ويقال "أشأم من عِطْرِ َمنْشَمَ". وقد اختلف الرواة في لفظ هذا الاسم، ومعناه، وفي اشتقاقه، وفي سبب المثل. فاما اختلاف لفظه فإنه يقال: مَنْشِم، ومَنْشَم، ومَشْأَم. وأما اختلاف معناه فإن أبا عمرو بن العَلاَء زعم أن المَنْشِمَ الشرُّ بعينه، وزعم آخرون أنه شيء يكون في سُنْبُل العطر، يسميه العطارون قرون السنبل، وهو سم ساعة، قالوا: وهو البيش، وقال بعضهم: إن المنشم ثمرة سوداء منتنة، وزعم قوم أن منشم اسم امرأة. وأما اختلاف اشتقاقه فقالوا: إن مَنْشِم اسمٌ موضوع كسائر الأسماء الأعلام، وقال آخرون: مَنْشَم اسم وفعل جعلا اسماً واحداً وكان الأصل مَنْ شَمَّ فحذفوا الميم الثانية من شَمَّ، وجعلوا الأولى حرف إعراب، وقال آخرون: هو من نشم إذا بدأ، يقال "نشم في كذا" إذا أخذ فيه، يقال ذلك في الشر دون الخير، وفي الحديث "لما نشم الناسُ في عثمان" أي طعنوا فيه، فأما مَنْ رواه مَشْأم فإنه يجعله اسماً مشتقاً من الشؤم. وأما اختلاف سبب المثل فإنما هو في قول مَنْ زعم أن منشم اسم امرأة، وهو أن بعضَهم يقول: كانت مَنْشِم عطارةً تبيع الطيب، فكانوا إذا قَصَدُوا الحربَ غَمَسُوا أيديَهم في طيبها وتحالفوا عليه بأن يستميتوا في تلك الحرب ولا يُوَلُّوا أو يُقْتَلُوا، فكانوا إذا دخلوا الحربَ بطيب تلك المرأة يقول الناس: قد دَقُّوا بينهم عِطْرَ مَنْشِمَ، فلما كثر منهم هذا القول سار مثلا، فمن تمثل به زهير بن أبي سلمى حيث يقول: [ص: 382] تَدَاركْتُما عَبْساً وذُبْيَانَ بَعْدَمَا ... تَفَاَنْوا ودَقُّوا بَيْنَهُمْ عِطْرَ مَنْشِم وزعم بعضهم أن مَنْشِم كانت امرأة تبيع الْحَنُوطَ، وإنما سموا حنوطها عطراً في قولهم " قد دقوا بينهم عطر منشم" لأنهم أرادوا طيبَ الموتى. وزعم الذين قالوا: إن اشتقاق هذا الاسم إنما هو عطر مَنْ شَمَّ، أنها كانت امرأة يقال لها "خفرة" تبيع الطيب، فورد بعضُ أحياء العرب عليها، فأخذوا طيبها وفَضَحُوها، فلحقها قومُها، ووضعوا السيفَ في أولئك وقالوا: اقتلوا مَنْ شَمَّ، أي من شَمَّ من طيبها. وزعم آخرون أنه سار هذا المثلُ في حَلِيمة أعني قولهم: "قد دَقُّوا بينهم عطر منشم" قالوا: ويومُ حليمة هو اليوم الذي سار به المثل فقيل: "ما يَوْمُ حَليمة بِسِرٍّ" لأن فيه كانت الحرب بين الحارث بن أبي شمر ملك الشام، وبين المنذر بن المنذر بن امرىء القيس ملك العراق، وإنما أضيف هذا اليوم إلى حليمة لأنها أخرجت إلى المعركة مَرَاكِنَ من الطيب، فكانت تُطَيِّبُ به الداخلين في الحربِ، فقاتلوا من أجل ذلك حتى تفانوا، وزعم آخرون أن منشم امرأة كان دخل بها زوجُها، فنافرته، فدقَّ أنفها بفِهْرٍ، فخرجت إلى مُدَمَّاة، فقيل لها: بئس ما عَطَّرك به زوجُك، فذهبت مثلا. وقال ابن السكيت العربُ تكنى عن الحرب بثلاثة أشياء: أحده عِطْرُ مَنْشِم، والثاني: ثَوْبُ محارب، والثالث: برد فاخر، ثم حكى في تفسير عطر منشم قولَ الأصمعي، وقال في " ثوب محارب" إنه كان رجلا من قيس عَيْلاَن يتخذ الدروع، والدرعُ ثوبُ الحربِ، وكان مَنْ أراد أن يشهد حرباً اشترى درعاً، وأما " برد فاخر" فإنه كان رجلا من تميم، وهو أول من لبس البرد المَوْشِيَّ فيهم، وهو أيضاً كناية عن الدرع، فصار جميعُ ذلك كنايةً عن الحرب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 381 2039- أَشْأَمُ مِنْ رَغَيِفِ اَلْحوْلاءِ. قالوا: إنها كانت خَبَّازة، ومن حديثها - فيما ذكر ابن أخي عمارة بن عقيل ابن بلال بن جرير - أن هذه الخبازة كانت في بني سَعْد بن زيد مَنَاة بن تميم، فمرت بخبزها على رأسها، فتناول رجل منهم من رأسها رغيفاً، فقالت له: والله ما لك على حق، ولا اسْتَطْعَمْتَنِي، فَبِمَ أَخَذْتَ رغيفي؟ أما إنك ما أردت بما فعلتَ إلا أَبْسَ فلان، رجلٍ كانت في جواره، فثار القوم، فقُتِل بينهم ألف إنسان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 382 2040- أَشأَمُ مِنْ طَيْرِ العَرَاقِيبِ. هو طير الشؤم عند العرب، وكل طائر يتطير منه للإبل فهو طير عرقوب، لأنه يعرقبها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 383 2041- أشأَمُ مِنَ اْلأَخْيَلِ. هو الشِّقِرَّاق، وذلك أنه لا يقع على ظهر بعير دَبِر إلا خَزَل ظهره، قال الفرزدق يخاطب ناقته: إذ قَطَناً بَلَّغْتِنيهِ ابْنَ مُدْرِك ... فَلُقّيتِ مِنْ طَيْرِ العراقيب أَخْيَلاَ ويروى من "طير الأشائم " ويقال: "بعير مَخْيول"إذا وقَع الأخيل على عجزه فقطعه، ويسمونه مُقَطِّع الظهور، وإذا لقي الأخيلَ منهم مسافرٌ تَطَيَّر وأيقن بالعَقْر في الظهر إن لم يكن موت، وإذا عاين أحدُهم شيئاً من طير العَرَاقيب قالوا: أتِيحَ له ابنا عِيَان، كأنه قد عَايَنَ القتل أو العَقْر، وإذا تكهن كاهنهم أو زَجَر زاجر طيرهم، أو خطَّ خاطُّهم فرأى في ذلك ما يكره قال: ابْنَا عِيان، أَظْهَرَا البيان، ويروى "أسْرَعَا البَيَان" وهما خَطَّان يخطهما الزاجر ويقول هذا اللفظ، كأنه بهما ينظر إلى ما يريد أن يعلمه، ويروى "ابنَيْ عيان، أظهِرَا البيان"على النداء، أي يا ابني عيان أظهر البيان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 383 2042- أشأَمُ مِنْ غُرَابِ الْبَيْنِ. إنما لزِمه هذا الاسم لأن الغراب إذا بان أهلُ الدَّار للنُّجْعة وقَع في موضع بيوتهم يتلمس ويتقمم، فتشاءموا به، وتطيروا منه، إذ كان لا يعترى منازلهم إلا إذا بانوا، فسموه غراب البين، ثم كرهوا إطلاق ذلك الاسم مخافة الزجر والطيرة، وعلموا أنه نافذ البصر صافي العين، حتى قالوا: أصفى من عين الغراب، كما قالوا: أصفى من عين الديك، وسموه "الأعور" كنايةً، كما كنوا طيرةً عن الأعمى فكنوه " أبا بصير" وكما سموا الملدوغ والمنهوس " السليم" وكما قالوا للمَهَالك من الفيافي "المَفَاوز" وهذا كثير، ومن أجل تشاؤمهم بالغراب، اشتقوا من اسمه الغُرْبَة والاغتراب والغَرِيب، وليس في الأرض بَاوِح، ولا نَطِيح، ولا قَعِيد، ولا أَعْضَب، ولا شيء مما يتشاءمون به إلا والغُرَابُ عندهم أنكَدُ منه، ويرون أن صياحه أكثر أخباراً، وأن الزجر فيه أعمُّ، قال عنترة: خَرق الْجَنَاح، كأنَّ لَحْيَيْ رَأْسِهِ ... جَلمَاَنِ، بالأخْبَارِ هَشٌّ مُولَعُ وقال غيره: وصَاحَ غُرَابٌ فَوْقَ أَعْوَادِ بَانَةٍ ... بأَخْبَارِ أَحْبَابِي فقسَّمَنِي الفِكْرُ [ص: 384] فَقُلْتُ غُرَابٌ باغْتِرابٍ وَبَانَة ... تبينُ النَّوَى، تِلْكَ العِيَافَةُ وَالزَّجْرُ وَهَبَّتْ جَنُوبٌ باجْتِنَابِيَ مِنْهُمُ ... وَهَاجَتْ صَباً قُلْتُ: الصَّبَابَةُ وَالْهَجْرُ وقال آخر: تَغَنَّى الطَّاِئرَان بِبَيْنِ سَلْمَى ... عَلَى غُصْنَيْنِ مِنْ غَرَبٍ وَباَنِ فكَانَ الْبَانُ أَنْ بَانَتْ سُلَيْمَى ... وَفِي الغَرَب اغْتِرَابٌ غَيرُ دَانِ وقال آخر: أقُولُ يَوْمَ تَلاَقَيْنَا وَقَدْ سَجَعَتْ ... حَمَامَتَانِ عَلَى غُصْنَيْنِ مِنْ باَنِ الآن أعلم أن الْغُصْنَ لِي غَصَصٌ ... وأنما الْبَانُ بَيْنٌ عَاجِلٌ دَانِ فَقُمْتُ تَخْفِضُنِي أَرْضٌ وَتَرْفَعُنِي ... حَتَّى ونيت وَهَدَّ السَّيْرُ أرْكَانِي فهذا نَمَطُ شعرهم في الغُرَاب لا يتغير، بل قد يزجرون من الطير غيرَ الغُرَاب على طريقين: أحدهما على طريق الغراب في التشاؤم، والآخر على طريق التفاؤل به، قال الشاعر: وقَاُلوا: تَغَنَّى هُدْهُدٌ فوق بَانَةٍ ... فقلْتُ: هُدًى يَغْدُو به ويَرُوحُ وقال آخر: وقالوا: عُقَاب، قُلْتُ: عُقْبَى مِنَ النَّوَى دَنَتْ بَعْدَ هَجْرٍ منهمُ ونُزُوحِ وقال آخر: وقالوا: حَمَامٌ، قُلْتُ: حُمَّ لِقَاؤُهَا ... وَعَادَ لَنَا رِيحُ الْوِصَالِ يَفُوحُ فهذا إلى الشاعر، لأنه إن شاء جعل العُقَاب عُقْبى خير، وإن شاء جعلها عُقْبَى شر، وإن شاء جعل الْحَمَام حِمَاما، وإن شاء قال: حُمَّ اللقاء، والهدهد هُدًى وهِدَاية، والْحُبَارى حُبُورا وحبرة، والبان بَيَانا يلوح، والدَّوْم دَوَام العهد، كما صارت الصَّبا عنده صبابة، والجنوب اجتنابا، والصُّرَد تَصْريدا، إلا أن أحداً منهم لم يزجر في الغراب شيئاً من الخير، هذا قول أهل اللغة. وذكر بعضُ أهل المعاني أن نَعِيبَ الغُرَاب يُتَطير منه، ونَغِيقه يتفاءل به، وأنشد قول جرير: إن الغُرَاب بِمَا كَرِهْت لمَوُلَعٌ ... بِنَوَى الأحِبَّةِ دَائِمُ التّشْحَاِج لَيْتَ الْغُرَابَ غَدَاة يَنْعَبُ دَائِباً ... كان الغُرَابُ مُقَطَّعَ الأوْدَاج وقول ابن أبي ربيعة: نَعَبَ الْغُرَابُ بِبَيْنِ ذَاتِ الدُّمْلُجِ ... لَيْتَ الْغُرَابَ بِبيَنْهِا لَمْ يَشحَجِ [ص: 385] ثم أنشدوا في النغيق: تَرَكْتُ الطَّيْرَ عَاكِفَةً عَلَيْهِمْ ... وَلِلْغِرْبَانِ من شبع نَغِيقُ قال: ويقال " نَغَقَ الغرابُ نَغِيقا" إذا قال: غيق غيق، فيقال عندها "نغق بخير" ويقال " نَعَبَ نَعيبا" إذا قال: غاق [غاق] ، فقال عندها " نَعَبَ بشر" قال: ومنهم من يقول "نغق ببين" وزهير منهم وأنشد له: ألقَى فِرَاقُهُمُ فِي الْمُقْلَتَيْنِ قَذًى ... أمْسَى بِذَاكَ غُرَابُ الْبَيْنِ قَدْ نَغَقَا وقال من احتج للغراب: العربُ قد تتيمن بالغراب فتقول: هم في خير لا يَطيرُ غُرابه، أي يقع الغراب فلا يُنَفَّر لكثرة ما عندهم، فلولا تَيَمُّنُهُمْ به لكانوا ينفرونه، فقال الدافعون لهذا القول: الغرابُ في هذا المثل السَّوَاد، واحتجوا بقول النابغة: ولرهْطِ حَرَّابٍ وَقَدّ سَوْرَةُ ... في الْمَجْدِ لَيْسَ غُرَابُهَا بِمُطَارِ أي مَنْ عرض لهم لم يمكنه أن ينفر سوادهم لعزهم وكثرتهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 383 2043- أَشْأَمُ مِنْ وَرْقَاءَ. يعنون الناق، وهي مشئومة، وذلك أنها ربما نَفَرت فذهبت في الأرض. وهذا المثل ذكره أبو عُبيد القاسم بن سَلاَّم ولم يعتلَّ فيه بأكثر من هذا، قاله حمزة. قلت: روى لأبو الندى "أشأم من زَرْقَاء "وقال: هي اسم ناقة نفرت براكيها فذهبت في الأرض. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 385 2044- أشَمُّ مِنْ نَعَامَةٍ، وَمِنْ ذِئْبٍ، وَمِنْ ذَرَّةٍ. قالوا: إن الرأل يَشَمُّ ريحَ أبيه وأمه وريح الضبع والإنسان من مكان بعيد، وزعم أبو عمرو الشيباني أنه سأل الأعراب عن الظَّلِيم: هل يسمع؟ فقالوا: لا، ولكن يعرف بأنفه ما لا يحتاج معه إلى سَمْع، قال: وإنما لقب بَيْهَس بنَعَامة لأنه كان شديدَ الصمم. والذئب يشم ويستروح من ميل وأكثر من ميل. والذَّرة تَشَمُّ ماليس له ريح مما لو وضَعْتَه على أنفك لما وجدت له رائحة، ولو اسقصيْتَ الشَّمَّ، كرجل الجرادة تنبذها من يَدِك في موضع لم تَرَ فيه ذرة قط ثم لا تلبث أن ترى الذر إليها كالخيط الممدود. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 385 2045- أَشْهَرُ مِنْ فَلَقِ الصُّبْحِ، وَمِنْ فَرَقِ الصُّبْحِ. والأصلُ اللامُ، قال الله تعالى (قل أعوذ برب الفلق) يعني الصبحَ، ويقال: يعني الخلق، ويقال: الفلقُ اسمُ وادٍ في [ص: 386] جهنم، فأما قولهم "أشهر وأبين من فَلَق الصبح" فيجوز أن يكون فَعَلاً في معنى مفعول، مأنه من مَفْلُوق الصبح، والأصلُ من الصبح الفلوق الذي اللهُ فالقُهُ، وإن جعلت الفلق الصبح نفسه، كما قال ذو الرمة حَتَّى إذا ما انْجَلَى عن وَجْهِهِ فَلَقٌ ... هاديه في أخْرَيَاتِ اللَّيْلِ مُنْتَصِبُ فإنما أضافه في المثل لاختلاف اللفظين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 385 2046- أَشْبَهُ بِهِ مِنَ التَّمْرَةِ بالتَّمْرَةِ. في هذا حديث وذلك أن عُبَيد الله ابن زياد بن ظبيان أحَدَ بني تَيْم اللات بن ثَعْلبة دخل على عبد الملك بن مروان، وكان أحدَ فُتَّاك العرب في الإسلام، وهو الذي احْتَزَّ رأسَ مُصْعَب بن الزبير، فدخل به على عبد الملك بن مروان، وألقاه بين يديه، فسَجَد عبدُ الملك، وكان عبيد الله هذا يقول بعد ذلك: ما رأيت أعْجَزَ مني أن لا أكون قتلتُ عبدَ الملك فأكونَ قد جمعتُ بين قتلي ملك العراق وملك الشام في يوم واحد، وكان يجلس مع عبد الملك على سريره بعد قتله مُصْعَبَ بن الزبير، فَبَرِمَ به. فجعل له كرسياً يجلس عليه، فدخل يوماً وسُوَيْدُ بن مَنْجُوف السَّدُوسي جالسٌ على السرير مع عبد الملك، فجلس على الكرسي مُغْضَبا، فقال له عبد الملك: يا عبيدَ الله بلَغني أنك لا تشبه أباك، فقال: لأَنَا أشبه بأبي من التمرة بالتمرة، والبيضة بالبيضة، والماء بالماء، ولكني أخبرك يا أمير المؤمنين عَمَّنْ لم تنضجه الأرحام، ولا وُلِدَ لتَمَام، ولا أشبه الأخوال والأعمام، قال: ومن ذلك؟ قال: سُوَيْد بن مَنْجُوف، فقال عبد الملك: سُوَيْدُ أكذلك أنت؟ فقال: إنه ليقال ذلك، وإنما عَرَّضَ بعبد الملك لأنه وُلد لسبعة أشهر، فلما خرجا قال له عبيد الله: والله يا ابن عمي ما يَسُرُّني بِحلْمِكَ عليَّ حمر النعم، فقال له سويد: وأنا والله ما يسرني بجَوَابك إياه سُودُ النَّعَم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 386 2047- أَشْرَهُ مِنَ الأسَدِ. وذلك أنه يبتلع البَضْعَة العظيمة من غير مَضْغ، وكذلك الحية، لأنهما واثقان بسهولة المَدْخَل وسَعَة المَجْرَى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 386 2048- أَشْهَى مِنْ كَلْبَةِ حَوْمَل. قلت: أشْهى من قولهم "شَهِيتُ الطعام أشْهَى شَهْوَة" أي اشتهيته، ويقال: رجل شَهْوَان وامرأة شَهْوَى، ورجال ونساء شَهَاوَى، وأشهى: أشدُّ شهوةً، وذلك أنها رأت القمر طالعا فعَوَتْ إليه تظنه لاستدارته رغيفا، وحومل: امرأة من العرب [ص: 387] كانت تُجِيعُ كلبة لها، وقد ذكرت قصتها في حرف الجيم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 386 2049- أَشْبَقُ مِنْ حُبَّى. هي امرأة مَدَنية، كانت مِزْوَاجاً، فتزوجت على كبر سنها فَتًى يقال له ابن أم كلاب، فقام ابن لها كهل فمشى إلى مروان ابن الحكَمِ وهو والي المدينة، وقال: إن أمي السفيهة على كبر سنها وسِنِّي تزوجت شابّاً مُقْتَبِلَ السِّنِّ فصيرتني ونفسَهَا حديثاً، فاستحضرها مروان وابنها، فلم تكترث لقوله، ولكنها التفتت إلى ابنها وقالت: يا برذعة الحمار، أما رأيت ذلك الشاب المَقْدُود العَنَطْنَطَ، فليشفيَنَّ غَليلَهَا ولتخرجَنَّ نفسُها دونه، ولودِدْتُ أنه ضَبٌّ وأني ضُبَيْبَتُه، وقد وجدنا خَلاَء، فانتشر هذا الكلام عنها، فضُربت بها الأمثال، فمن ضرب في الشعر المثل بها هُدْبَة بن الْخَشْرَم العذري قال: فَمَا وَجَدَتْ وَجْدِي بها أمُّ وَاحِدٍ ... وَلا وَجْدُ حُبَّى بابن أمِّ كِلاَبِ رَأَتْهُ طَوِيلَ الساعِدَيْنِ عَنَطْنَطاً ... كَمَا انْبَعَثَتْ مِنْ قُوَّةٍ وَشَبَابِ وكانت نساء المدينة تسمين حبى "حواء أم البشر" لأنها علمتهنَّ ضروبا من هيآت الجماع، ولقبت كل هيئة منها بلقب، منها القبع والغربلة والنَّخير والرَّهْز، فذكر الهيثم ابن عدي أنه زَوَّجَتْ بنتاً لها من رجل، ثم زارتها وقالت: كيف تَرَيْنَ زوجَكِ؟ قالت خير زوج، أحسن الناس خُلُقا، وخَلْقا، وأوسَعُهم رَحْلا وصَدْراً، يملأ بيتي خيراً وحِرِى أيرا، إلا أنه يكلفني أمراً صعباً، قد ضِقْتُ به ذَرْعاً، قالت: وما هو؟ قالت: يقول عند نزول شهوته وشهوتي انخري تحتي، فقالت حُبَّى: وهل يطيب نيك بغير رهز ونخير؟ جاريتي حرة إن لم يكن أبوك قدم من سفر وأنا على سطح مُشْرِفة على مِرْبَد إبل الصدقة، وكلُّ بعير هناك قد عُقل بعِقَالين، فصرعني أبوك ورفع رجلي وطعنني طعنة نَخَرْتُ لها نخرة نفرت منها إبل الصدقة نفرة قطعت عُقُلَها وتفرقت فما أخذ منها بعيران في طريق، فصار ذلك أول شيء نقم على عثمان، وما له في ذلك ذنب، الزوجُ طعَنَ، والزوجة نخرت، والإبل نَفَرت، فما ذنبه؟ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 387 2050- أَشْبَقُ مِنْ جُمَالَةَ. هو رجل من بني قَيْس بن ثَعْلبة، دخل على ناقة له في العَطَن باركة تجتَرُّ، فجعل ينيكها، فقامت الناقة، وتشبث ذيله [ص: 388] بمؤخر كُورها، فأتت به كذلك وسَطَ الحي والقومُ جلوس، فجرَت فيه هذه الأمثال، فقالوا : أشْبَقُ من جُمَالة، وأخْزَى من جمُاَلة، وأفضح من جمالة، وأرفع مناكا من جمالة، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 387 2051- أَشْرَدُ مِنْ خَفَيْدَدٍ. هو الظَّليم الخفيف السريع، من خَفَدَ إذا أسرع، وقال: وهم تَرَكُوكَ أسْلَحَ من حُبَارى ... وَهُمْ تَرَكُوكَ أشْرَدَ مِنْ ظَلِيمِ ويقال: أشرد من نعامة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 388 2052- أَشْرَدُ مِنْ وَرَلٍ. هو دابة تشبه الضبَّ، ويقال أيضا ً "أشرد من وَرَل الحضيض"وذلك أنه إذا رأى الإنسان مَرَّ في الأرض لا يَرُدُّه شيء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 388 2053- أَشْكرُ مِنْ بَرْوَقَةٍ. هي شجرة تخضَرُّ من غير مطر، بل نبت بالسحاب إذا نشأ فيما يقال. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 388 2054- أَشْكَرُ مِنْ كَلْبٍ. قال محمد بن حرب: دخلتُ على العتَّابي بالمخرَّم، فرأيته على حصير، وبين يديه شراب في إناء، وكلبٌ رابِضٌ بالفِناء يشرب كأسا ويُولِغه أخرى، قال: فقلت له: ما أردت بما اخترت؟ فقال: اسمع، إنه يكفّ عني أذاه، ويكفيني أذى سواه، ويشكر قليلي، ويحفظ مَبيتي ومَقيلي، فهو من بين الحيوان خليلي، قال ابن حرب: فتمنيت والله أن أكون كلبا له لأحُوزَ هذا النعت منه. وقولهم: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 388 2055- أَشْرَهُ مِنْ وَافِدِ البَرَاجِمِ. قد ذكرتُ قضته في أول الكتاب عند قولهم" إن الشقي وافدُ البَرَاجِمِ" الجزء: 1 ¦ الصفحة: 388 2056- أَشْقَى مِنْ رَاعِي بَهْمٍ ثمَانِينَ. قد مر ذكره في باب الحاء في قولهم "أحمق من راعي ضأن ثمانين" الجزء: 1 ¦ الصفحة: 388 2057- أَشْعَثُ مِنْ قتَاَدةٍ هي شجرة شديدة الشوك، وهذا أفعل من شَعِثَ أمره يَشْعَثُ شَعَثاً فهو شَعِث، إذا انتشر. يقال: لَمّ الله شَعَثَكَ، أي ما انتشر من أمرك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 388 2058- أشَحُّ مِنْ ذَاتِ النَّحْيَيْنِ. قد ذكرتُ قصتها في هذا الباب عند قولهم" أشغل من ذات النِّحْيَيْن" الجزء: 1 ¦ الصفحة: 388 2059- أَشَدُّ مِنْ لُقْمَانَ الْعَادِي. قالوا: إنه كان يَحْفِر لإبله بظفره حيث بَدَا له إلا الصَّمَّان والدَّهْناء فإنهما غَلَبتاه بصلابتهما. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 388 2060- أَشَدُّ مِن فِيلٍ. قال حمزة: إن الهند تخبر عنه أن شدته وقوته مجتمعان في نابه وخرطومه، ثم زعموا أن قرنه نابه، وأن خُرْطومه أنفه، وأوردوا من الحجة على ذلك أن نابيه خَرَجَا مستطيلين حتى خَرَقَا الحَنَكَ وخرجا أعْقَفَيْن، قالوا: ودليلُنا على ذلك أنه لا يَعَضُّ بهما كما يعض الأسد بنابه، بل يستعملهما كما يستعمل الثور قرنه عند القتال والغضب، وأما خرطومه فهو وإن كان أنفه فإنه سلاحٌ من أسلحته، ومَقْتَل من مقاتله أيضاً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 389 2061- أَشَدُّ مِنْ فَرسٍ. هذا يجوز أن يكون من الشدة ومن الشَّدِّ أيضاً وهو العَدْو. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 389 2062- أَشْأَى مِنْ فَرَسِ. هذا من الشأو، وهو السَّبْق يقال: شَأوْتُ وشَأيْتُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 389 2063- أَشَدُّ قُوَيْسٍ سَهْمَا. يقال هذا في موضع التفضيل، ومثله هو "أعْلاهم ذا فُوقٍ "أي سهما. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 389 2064- أَشْرَبُ مِنَ الهِيمِ. وهي الإبل العِطَاش، قال الله تعالى (فشاربون شُرْبَ الهِيمِ) وهو جمع أهْيَمَ وهَيْمَاء، من الهُيَام وهو أشَدُّ العَطَشِ، وقال الأخفش: هي الرمل، جعله من الْهَيَامِ وهو الرمل الذي لا يتماسك في اليد، قلت: هذا وجه جيد، إلا أن جمعه هُيُم مثال قَذَال وقُذُل، ثم يجوز أن يقدر سكون الياء فيصير فُعْلا مثل قُذْل وسُحْب في تخفيف قُذُل وسُحُب، ثم فُعِلَ به ما فعل بِعينٍ وبِيضٍ ليفرق بين الواوي واليائي، والمفسرون على أنها الإبلُ العِطاش، قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: هي التي بها الهُيَام وهو داء فلا تَرْوَى، قال الشاعر: ويأكل أكْلَ الفِيلِ من بَعْد شبْعِهِ ... ويَشْرَبُ شُرْبَ الهِيمِ من بعد أن يَرْوَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 389 2065- أشْرَبُ مِنْ رَمْلٍ. قال أعرابي ووصف حفظه: كنتُ كالرملة لا يُصَبُّ عليها ماء إلا نشفته، قال الشاعر: فيا آكَلَ من نار ... ويا أشْرَبَ من رَمْلِ ويا أَبْعَدَ خَلْقِ اللّ ... ـه (الله) إنْ قَالَ مِنَ الْفِعْلِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 389 2066- أشْهَى مِنَ الخَمْرِ. هذا من المثل الآخر "كالخمر يُشْتَهى شربها ويكره صُدَاعها" وأشهى: أفعل من المَفْعُول، يقال: طعام شَهِيٌّ، أي مُشْتَهى من قولك: شَهيتُ الطعامَ أي اشتهيته. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 389 2067- أشأمُ مِنْ شَوْلَةَ النَّاصِحَةِ. يقال: إنها كانت أمَةً لعَدْوَان رعْناء، [ص: 390] وكانت تَنْصَح مواليها فتعودُ نصيحتُها وَبَالا عليهم لحمقها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 389 2068- أَشْهَى مِنْ كَلْبَةِ بَنِي أَفْصى. قال المفضل: بلغنا أن كلبة كانت لبني أفْصَى بن تدمر من بَجيلة، وأنها أتت قِدْراً لهم قد نَضِجَ ما فيها فصار كالقِطْرِ (القطر - بكسر القاف - النحاس الذائب) حرارة، فأدخلت رأسَها في القدر، فنشب رأسُها فيها واحترقت، فضربت برأسها الأرض، فكسرت الفخارة وقد تَشَيَّطَ رأسُها ووجْهُها، فصارت آيةً، فضرب الناس بها المثلَ في شدة شهوة الطعام. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 390 2069- أَشْبَهُ مِنَ الماءِ بِالماءِ. قالوا: إن أول من قال ذلك أعرابي وذكر رجلا فقال: والله لولا شَوَار به المُحِيطة بفمه ما دَعَتْه أمهُ باسمه، ولهو أشْبَه بالنساء من الماء بالماء، فذهبت مثلا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 390 2070- أشأمُ مِنَ الزُّمَّاحِ. هذا مثل من أمثال أهل المدينة، والزمَّاح: طائر عظيم، زعموا أنه كان يقع على دور بني خَطْمة من الأوس ثم في بني معاوية كل عام أيام التمر والثمر، فيصيب طعما من مَرَابدهم، ولا يتعرض أحد له، فإذا استوفى حاجَتَه طار ولم يَعْدُ إلى العام المقبل، وقيل: إنه كان يقع على آطام يثرب، ويقول: خرّب خرّب، فجاء كعادته عاما فرماه رجل منهم بسهم فقتله ثم قسم لحمه في الجيران، فما امتنع أحدٌ من أخذه إلا رفاعة بن مرار، فإنه قبض يده ويدَ أهله عنه فلم يَحِلُ الحولُ على أحد ممن أصاب من ذلك اللحم حتى مات، وأما بنو معاويةُ فهلكوا جميعاً حتى لم يبق منهم دَيَّار، قال قيس بن الخَطيم الأوسي: أعَلَى العَهْدِ أصْبَحَتْ أمُّ عَمْرٍو ... لَيْتَ شِعْرِي أمْ عَاقَهَا الزُّمَّاحُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 390 2071- أشأمُ مِنْ سَرَابِ. قالوا: هو اسمُ ناقةِ البَسُوس، وقد تقدم ذكرها في هذا الباب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 390 2072- أشأمُ مِنْ طُوَيْسٍ. قد مَرَّ ذكره في باب الخاء عند قولهم "أخنث من طَوَيْس" الجزء: 1 ¦ الصفحة: 390 2073- أَشْهَرُ مِمَّنْ قَادَ الجَمَلَ، وَ"مِنَ الشَّمْسِ" وَ "مِنَ القَمَرِ" وَ "مِنَ الْبَدْرِ" وَ "مِنَ الصبْحِ" وَ "مِنْ رَايَةِ الْبَيْطَارِ" وَ "مِنَ الْعَلَمِ" يعنون الجبل وَ "مِنْ قَوْسِ قُزَحَ" وَ "مِنْ عَلاَئِقِ الشَّعَرِ". [ص: 391] ويروى الشجر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 390 2074- أشْجَى مِنْ حَمَامَةٍ. يجوز أن يكون من شَجِىَ يَشْجَى شَجًى، أي حَزِنَ، ومن شَجَا يَشْجُو إذا أحْزَنَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 391 2075- أشْجَعُ مِنْ دِيكٍ، وَ "مِنْ صَبِّيٍ" وَ "مِنْ أُسَامَةَ" وَ "مِنْ لَيْثِ عِرِّيسَةٍ" وَ "مِنْ هُنَىٍّ". وهو رجل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 391 2076- أشَدُّ مِنْ نَابِ جائِع، وَ "مِنْ وَخْزِ الأَشَافِي" وَ "مِنَ الحَجَرِ" وَ "مِنْ أسَدٍ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 391 2077- أشْرَبُ مِنَ الرَّمْلِ، وَ "مِنَ الْقِمَعِ" وَ "مِنْ عَقْدِ الرَّمْلِ" وهو ما تعقَّد وتَلَبّدَ منه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 391 2078- أشَدُّ مِنَ عَائِشَةَ بْنِ عَثْم. زعموا أنه كان يحمل الجَزُورَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 391 2079\ - أشَدُّ مِنْ دَلَمٍ. قالوا: الدَّلَم شيء يُشْبه الحية وليس بالحية، يكون بناحية الحجاز، والجمع أدْلاَم مثل زلَم وأزْلاَم وصَنَم وأصْنَام. يضرب في الأمر العظيم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 391 2080- أشْعَثُ مِنْ وَتِدٍ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 391 2081- أشْغَلُ مِنْ مُرضِعِ بَهْم ثمَانِينَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 391 2082- أشَمُّ مِنْ هِقْلٍ. مثل قولهم"أشم من نعامة". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 391 المولدون. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 391 شَرُّ السَّمَكِ يُكَدِّرُ المَاءَ. أي لا تَحْقِرْ خَصْماً صغيراً. شِبْرٌ فِي ألْيَةٍ، خَيْرٌ مِنْ ذِرَاعٍ في رِيَّة. يضرب في صرف ما بين الجيد والرديء شَرْطُهُ أهْلُ الجَنَّةِ. لمن يقول بالمُرْدِ شَهْرٌ لَيْسَ لَكَ فِيهِ رِزْق لاَ تَعُدَّ أَيَّامَهُ. شَغَلَنِي الشَّعِيرُ عَنِ الشِّعْر، والبُرُّ عَنِ البِرِّ. شَفِيعُ المُذْنِبِ إِقْرَارُهُ وَتَوبَتُهُ اعْتِذَارُهُ. شَرًّ الناسِ مَنْ لا يُبالي أَنْ يَراهُ النَّاسُ مُسِيئاً. شَهَاداتُ الفِعَالِ، أعْدَلُ مِنْ شَهَاداتِ الرِّجَالِ. [ص: 392] الشَّبَابُ جُنُونٌ بُرؤُهُ الكِبَرُ. الشَّرُّ قَدِيمُ. الشَّاةُ المَذْبُوحَةُ لاَ تألَمُ السَّلْخ. الشَّيْطَانُ لا يُخَرِّبُ كَرْمَهُ. شَهَادَةُ العقُولِ أصَحُّ مِنْ شَهَادَةِ الْعُدُول. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 391 الباب الرابع عشر فيما أوله صاد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 392 2083- صَدَقَنِي سِنَّ بَكْرِهِ. البَكْرُ: الفَتِىُّ من الإبل، ويقال: صَدَقْتُهُ الحديثَ، وفي الحديث يضرب مثلا في الصدق وأصله أن رجلا ساوَمَ رجلا في بَكْرٍ فقال: ما سنُّه؟ فقال صاحبه: هِدَعْ هِدَعْ، وهذه لفظة يُسَكَّن بها الصِّغار من الإبل، فلما سمع المشتري هذه الكلمة قال "صدقني سِنَّ بكره" ونصب سن على معنى عَرَّفَني سنَّ، ويجوز أن يقال: أراد صدقني خبر سن، ثم حذف المُضَاف ويروى "صَدَقَنِي سِنُّ" بالرفع، جعل الصدق للسن توسعاً. قال أبو عبيد: وهذا المثل يروى عن علي رضي الله عنه أنه أتى فقيل له: إن بني فلان وبني فلان اقْتَتَلُوا فغلب بنو فلان، فأنكر ذلك، ثم أتاه آتٍ فقال: بل غلب بنو فلان، للقبيلة الأخرى، فقال علي "صَدَقَني سن بكره" وقال أبو عمرو: دخل الأحنفُ على معاوية بعد ما مضى علي رضي الله تعالى عنه فعاتبه معاوية، وقال له: أما إني لم أنْسَ ولم أجهل اعتزالَكَ يوم الجمل بيني سعد ونزولَكَ بهم سَفَوَان وقريشٌ تُذْبَحُ بناحية البصرة ذَبْحَ الحِيرَان، ولم أنس طلَبَكَ إلى ابن أبي طالب أن يُدْخِلك في الحكومة لتزيل عني أمراً جعله الله لي وقضاه، ولم أنْسَ تخضيضَكَ بني تميم يوم صِفَّين على نُصْرة علي، كل يبكته، قال: فخرج الأحنف من عنده، فقيل له: ما صنع بك؟ وما قال لك؟ قال: صَدَقَنِي سن بكر، أي خبرني بما في نفسه وما انْطَوَت عليه ضُلوعه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 392 2084- صَبَاءٌ فِي هَمَامَةٍ. الصَّبَاء: الصِّبَا، إذا فَتَحْتَ مَدَدْتَ [ص: 393] وإذا كسرت قَصَرْتَ، والهَمَامة: مصدر الهم، يقال: شيخ هِمٌّ إذا أشرف على الفَنَاء وهَمَّ عمره بالنفاد. يضرب للشيخ يتصابى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 392 2085- صَمَّتْ حَصَاةٌ بِدَمٍ. قال الأصمعي: أصله أن يكثر القتلُ وسَفْك الدماء حتى إذا وقعت حَصَاة من يَدِ راميها لم يسمع لها صوت، لأنها لا تقع إلا في دم فهي صَمَّاء، وليست تقع على الأرض فتصوِّتُ، ومثله في تجاوز الحد "بَلَغَتِ الدِّمَاء الثُّنَنَ" وإنما جُعل الصَّمَم فعلاً للحصاة، وهو - أعني الصمم - انسدادُ طريق الصوت على السامع حتى لا يخل أذنه لأنهم جعلوا الدمَ سادا لما يخرج من صوت الحصاة إلى السامع فَعَدُّوا عدمَ الخروج كعدم الدخول، ويجوز أن يقال جعل الحصاة سمَّاء لأنها لا تسمع صوتَ نفسها لكثرة الدم، ولولا ذلك لصوتت فسمعت. يضرب في الإسراف في القتل وكثرة الدم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 393 2086- صَبْراً عَلَى مَجامِرِ الكِرَامِ. قال قوم: راودَ يَسَار الكواعِبِ مولاتَه عن نفسها، فنهته، فلم ينته، فقالت: إني مُبَخَّرَتُكَ ببخور، فإن صَبَرْتَ عليه طاوعتُكَ، ثم أتته بمِجْمَرَة فلما جعلتها تحته قبضت على مَذَاكيره فقطعتها وقالت: صَبْراً على مَجَامر الكرام. يضرب لمن يؤمَرُ بالصبر على ما يكره تهكما. وقال المفضل: بلغنا ان أعرابياً قدم الحَضَر بإبلٍ، فباعها بمال جَمٍّ وأقام لحوائج له، ففطن قومٌ من جيرته لما معه من المال، فعرضوا عليه تزويجَ جارية وصَفُوها بالجمال والحَسَب والكمال طمعاً في ماله، فرغب فيها، فزوَّجُوه إياها، ثم إنهم اتخذوا طعاما وجمعوا الحيَّ وأجلس الأعرابي في صَدْر المجلس، فلما فرغوا من الطعام، ودارت الكؤوسُ، وشرب الأعرابي، وطابت نفسُه، أتَوْه بكسوة فاخِرَة وطيبٍ، فألبس الخلعَ ووُضِعت تحته مجمرة فيها بخور لا عهد له بذلك، وكان لا يَلْبَسُ السراويل، فلما جلس عليها سَقَطَتْ مذاكيره في المجمرة، فاستحيا أن يكشفَ ثوبه، وظن أن تلك سُنة لا بدَّ منها، فصبر على النار وهو يقول : صَبْراً على مجامر الكرام، فذهبت مثلا، وارتحل الأعرابي إلى البادية، وترك امرأته وماله، فلما قصَّ على قومه ما أرى قالوا: اُسْتٌ لم تعود المجمر، فذهبت قولهم مثلا أيضاً. يضرب لمن لم يكن له عهد قديم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 393 2087- صَمِّى ابْنَةَ الْجَبَلِ، مَهْمَا يُقَلْ تَقُلْ. ابنة الجبل: الصَّدَى، وهو الصوت [ص: 394] يُجيبك من الجبل وغيره، والداهية يقال لها ابنة الجبل أيضاً، وأصلها الحية فيما يقال، يقول: اسكتي إنما تكلمين إذا تكلم. يضرب مثلا للإِمَّعَةِ الذليل، أي أنك تابعٌ لغيرك، قاله أبو عبيدة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 393 2088- صَيْدَكَ لاَ تُحْرَمْهُ. يضرب للرجل يطلب غيره بِوِتر فيسقط عليه وهو مُغْتَر. أي أمكنك الصيدُ فلا تغفل عنه، أي: اشتفِ منه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 394 2089- صَفْقَةٌ لَمْ يَشْهَدْهَا حَاطِبٌ. هو حاطب بن أبي بَلْتَعَهَ، وكان حازماً وباع بعضُ أهله بيعةً غُبِنَ فيها حين لم يَشْهَدْها حاطب، فضرب هذا المثل لكل أمرٍ يُبْرَمُ دون صاحبه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 394 2090- صَادَفَ دَرْءُ السَّيْلِ دَرْءًا يَصْدَعُه. الدِّرء: الدَّفْع، ويسمى ما يُحْتَاج إلى دفعه من الشر دَرْءاً، ويعني به ههنا دفعات السيل، أي صادف الشر شرّاً يغلبه، وهذا كما يقال "الحديد بالحديد يُفْلَح" الجزء: 1 ¦ الصفحة: 394 2091- أَصَابَنَا وِجَارُ الضَّبُعِ. هذا مثل تقوله العرب عند اشتداد المطر، يعنون مطراً يستخرج الضبع، وِجَارِهَا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 394 2092- صَارَتِ الْفِتْيَانُ حُمَمَا. هذا من قول الحمراء بنت ضَمْرة بن جابر وذلك أن بني تميم قتلوا سعد بن هند أخا عمرو بن عبد الملك، فنَذَر عمرو ليقتلَنَّ بأخيه مائةً من بني تميم، فجمع أهلَ مملكته فسار إليهم، فبلغهم الخبر، فتفرقوا في نواحي بلادهم، فأتى دارهم فلم يجد إلا عجوزاً كبيرة وهي الحمراء بنت ضمرة، فلما نظر إليها وإلى حُمْرَتها قال لها: إني لأحْسَبُك أعجمية، فقالت لا، والذي أسأله أن يخفض جَنَاحَك ويهدَّ عِمادك، ويَضَع وِسادك، ويَسْلبك بلادك، ما أنا بأعجمية، قال: فمن أنت؟ قال: أنا بنت ضمرة بن جابر، ساد معدّاً كابرا عن كابر، وأنا أخت ضمرة بن ضمرة، قال: فمن زوجك؟ قالت: هَوْذَة بن جَرْوَل، قال: وأين هو الآن؟ أما تعرفين مكانه؟ قالت: هذه كلمة أحمق، لو كنت أعلم مكانه حال بينك وبيني، قال: وأي رجل هو؟ قالت: هذه أحمق من الأولى، أعَنْ هَوْذة يُسأل؟ هو والله طيب العِرْق، سمين العَرْقِ لا ينام ليلة يَخَاف، ولا يشبع ليلة يُضَاف، يأكل ما وجَدَ، ولا يَسأل عما فَقَد، فقال [ص: 395] مرو: أما والله لولا أني أخاف أن تَلِدِي مثلَ أبيك وأخيك وزوجك لاستبقيتك، فقالت: وأنت والله لا تقتل إلا نساءً أعليها ثُدِيّ وأسافلها دُمِيّ، والله ما أدركت ثأراً، ولا مَحَوْت عاراً، وما مَنْ فعلتَ هذه به بغافلٍ عنك، ومع اليوم غد، فأمر بإحراقها فلما نظرت إلى النار قالت: ألا فتى مكانَ عَجُوزٍ؟ فذهبت مثلاً، ثم مكثت ساعة فلم يَفْدِهَا أحدٌ فقالت: هيهات ! صارت الفتيان حُمَماً، ولبث عمرو عامةَ يومِه لا يقدر على أحد حتى إذا كان في آخر النهار أقبل راكبٌ يسمى عمارا تُوضِع به راحِلتُه حتى أناخ إليه، فقال له عمرو: مَنْ أنت قال أنا رجل من الْبَرَاجم؟ قال: فما جاء بك إلينا؟ قال: سطع الدخان، وكنت قد طَوِيتَ (طوى - بوزن رضى - جاع) منذ أيام فظننته طعاماً، فقال عمرو: إن الشقيّ وافدُ البراجم، فذهبت مثلا، وأمر به فألقى في النار، فقال بعضهم: ما بلغنا أنه أصاب من بني تميم غيره، وإنما أحرق النساء والصبيان، وفي ذلك يقول جرير: وأخزاكُمُ عمرٌو كما قد خَزِيتُمُ ... وأدرك عَمَّارا شقيَّ الْبَرَاجِمِ ولذلك عيرت بنو تميم بحب الطعام لما لقي هذا الرجل، قال الشاعر: إذا ما مَاتَ مَيْتٌ من تميم ... فَسَرَّكَ أن يعيش فجيء بزاد بخبزٍ أو بلحمٍ أو بتمرٍ ... أو الشيء الملَفَّفِ في البِجَادِ تراه ينقِّبُ الآفاقَ حَوْلا ... ليأكُلَ رأسَ لقمانَ بْن عَاد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 394 2093- صَدَقَتْهُ الكَذُوبُ. يعني بالكذوب النفسَ. يضرب لمن يتهدَّدُ الرجل فإذا رآه كذَبَ أي كَعَّ وجَبُن، قال الشاعر: فأقبل نَحْوِي على غِرَّةً ... فَلَمَّا دَنَا صَدَقَتْهُ الكَذُوبُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 395 2094- صُهْبُ السِّبالِ. كناية عن الأعداء، قال الأصمعي : صُهْبُ السِّبال وسُودُ الأكباد يضربان مثلا للأعداء وإن لم يكونوا كذلك، قال ابن قَيْسِ الرُّقَيَّات: إن تَرَيْنِي تَغَيَّرَ اللَّوْنُ مِنِّي ... وعَلاَ الشيبُ مَفْرِقِي وقَذَالِي فَظِلاَلُ السُّيُوفِ شَيَّبْنَ رَأسِي ... وَاعْتِنَاقِي فِي الْحَرْبِ صُهْبَ السَّبَالِ يقال: أصله الروم، لأن الصُّهوبة فيهم وهم أعداء العرب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 395 2095- الصَّبِيُّ أَعْلَمُ بمَضْغِ فِيهِ. يضرب لمن يُشَار عليه بأمر هو أعلم بأنَّ الصوابَ في خلافه. وروى أبو عبيدة بمصغى فيه - بالصاد غير معجمة - من صَغِىَ يَصْغَى إذا مال، أي يعلم كيف يميل بلقمته إلى فيه، كماقيل: أهْدَى من اليد إلى الفم، وروى أبو زيد "الصبي أعلم بمَضْغَى خده" أي يعلم إلى من يميل ويذهب إلى حيث ينفعه، فهو أعلم به وبمن يشفق عليه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 396 2096- صَفِرَتْ يَدَاهُ مِنْ كلِّ خَيْرٍ. أي خَلَتَا، وفي الدعاء: نعوذ بالله من صَفَر الإناء وقرع الفناء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 396 2097- صَدْرُكَ أَوْسَعُ لِسِرِّكَ. يضرب في الحثِّ على كتمان السر. يقال: مَنْ طلب لسره موضعا فقد أفشاه، وقيل لأعرابي: كيف كِتْمَانك للسر؟ قال: أنا لَحْدُه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 396 2098- صَارَ شَأْنهُمْ شُوَيْناً. يضرب لمن نَقَصَوا وتغيرت حالهم. يقال: تقدم المهلَّب بن أبي صُفْرة إلى شُرَيح القاضي فقال له: أبا أمية لَعَهْدِي بك وإن شأنَكَ لَشُوَيْن، فقال له شريح: أبا محمد أنت تعرف نعمة الله على غيرك، وتجهلها من نفسك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 396 2099- صَمِّى صَمَامِ. يقال للداهية والحرب صَمَامِ - على وزن قَطَام وحَذَام - و"صَمَّى اْبنَةَ الجَبَلِ" وأصلها الحية فيما يقال، أنشد ابن الأعرابي لسَدُوس بن ضباب: إني إلى كُلِّ أيسارٍ وَبَادِيَةٍ ... أدْعُو حُبَيْشاً كَمَا تُدْعَى ابْنَةُ الْجَبَلِ أي أنوه به كما يُنَوَّه بابنة الجبل، وهي الحية، وإنما يقولون : صَمِّى صَمَامِ، وصَمِّى اْبنَةَ الجبل، إذا أبى الفريقان الصلحَ ولَجُّوا في الاختلاف، أي لا تُجِيِبي الراقي، ودُومِى على حالك، قال ابن أحمر: فَرُدُّوا ما لَدَيْكُمْ من رِكَابِي ... ولَمَّا تأتِكُمْ صَمِّى صَمَامِ فجعلها عبارة عن الداهية، وقال الكُمَيْتُ: إذا لقَى السفير بها وَنَادَى ... لَهَا صَمِّى ابْنَةَ الْجَبَلِ السفير بها ولها يرجعان إلى الحرب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 396 2100- صَقْرٌ يَلوذُ حَمَامُهُ بِالْعَوْسِجِ. يضرب للرجل المهيب. وخصَّ العوسج لأنه متداخل الأغصان يَلُوذ به الطير خوفا من الجوارح، قال عِمْرَان ابن عصام العنزي لعبد الملك بن مروان: [ص: 397] وبَعَثْتَ من وَادِ الأغر مُعَتِّباً ... صَقْراً يَلُوذُ حَمَامُه بالعَوْسَجِ فإذا طَبَخْتَ بِنَارِهِ أنْضَجْتَهُ ... وَإذا طَبَخْتَ بِغَيْرِهَا لم تُنْضِجِ يعني الحجاج بن يوسف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 396 2101- صَنْعَةَ مَنْ طَبَّ لِمَنْ حَبَّ. أي اصْنَعْ هذا الأمر لي صنعَةَ من طَبَّ لمن حَبَّ: أي صنعَةَ حاذقٍ لإنسان يحبه يضرب في التَّنَوُّقِ في الحاجة واحتمال التعب فيها. وإنما قال حَبَّ لمزاوجة طَبَّ وإلا فالكلام أحَبَّ، وقال بعضهم: حَبَبْتُهُ وأحْبَبْتُه لغتان، وقال: وَوَالله لَوْلاَ تَمْرُهُ مَا حَبَبْتُهُ ... وَلاَ كَانَ أدْنى من عُبَيْدٍ وَمُشْرِقِ (نسبه في اللسان (ح ب ب) إلى غيلان بن شجا النهشلي) وهذا وإن صح شاذ نادر، لأنه لا يجيء من باب فَعَلَ يَفْعِلُ بكسر الععين في المستقبل من المضاعف فعلُ يتعدَّى إلا أن يشركه يَفْعُلُ بضم العين نحو نَمَّ الحديث يَنِمُّه وَيُنمُّهُ وشَدَّ الشيء يَشِدُّهُ وعَلَّ الرجل يَعِلُّهُ ويَعُلُّه، وكذلك أخواتها، وحبه يحبه جاءت وحدها شاذة لا يشركها يَفْعُلُ بالضم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 397 2102- أَصَابَ قَرْنَ الْكَلأَ. يضرب للذي يُصيب مالاً وافراً، لأن قَرْنَ الكلأ أنفُه لم يؤكل منه شيء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 397 2103- صَلَدَتْ زِنَادُهُ. إذا قَدَح فلم يُور يضرب للبخيل يُسْأل فلا يُعْطِى، قال الشاعر: صَلَدَتْ زِنَادُكَ يا يزيد، وطالما ... ثَقَبَتْ زِنَادُكَ لِلَّضرِيكِ الْمُرْمِلِ (ثقبت: قدحت نارا، والضريك: الفقير السيء الحال، والمرمل: الذي نفد زاده) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 397 2104- صَارَ الأَمْرُ إلَى الْوَزَعَةِ. يعني قام بإصلاح الأمر أهلُ الأناة والحلم، والوَزَعَة: جمع وازع، يقال: وَزَع إذا كَفَّ. وذكر أن الحسن البصري لما اسْتُقْضِىَ ازدحَمَ الناس عليه فآذَوْه، فقال: لابد للسلطان من وَزَعة، فلذلك، ارتبط السلاطينُ هذا الشرط. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 397 2105- صَارَ خَيْرَ قُوَيْسٍ سَهْمَا. أي صار إلى الحال الجميلة بعد الخَسَاسة، وتقدير الكلام: صار خير سهام قُوَيْسٍ سهما وصَغَّر القوس لأنها إذا كانت صغيرة كانت أنْفَذَ سَهْماً من العظيمة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 397 2106- أصْمَى رَمِيَّتَهُ. يقال: أصْمَى الرامي، إذا أصاب، وأنْمَى، إذا أشْوَى أي أصابَ الشَّوَى ولم يصب المَقْتَلَ، ويقال: بل هو الذي يَغيبُ عنك ثم يموت، وفي الحديث"كُلْ ما أصْمَيْتَ ودَعْ ما أنْمَيْتَ" يضرب للرجل يَقْصِدُ الأمرَ فيصيب منه ما يريد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 398 2107- أَصَاخَ إِصَاخَةَ المِنْدَهِ لِلنَّاشِدِ. الإصاخة: السكوت، والناشد الذي يَنْشُد الشيء، والناده: الزاجر، والمِنْدَه: الكثير النَّدْه، أي الزجر للإِبل. يضرب لمن جَدَّ في الطلب ثم عجز فأمسك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 398 2108- صَرَّحَ الحَقُّ عَنْ مَحْضِهِ. أي انكشَفَ الأمر وظهر بعد غيوبه، وقال أبو عمرو: أي انكشف الباطلُ واستبان الحق فَعُرِفَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 398 2109- صَفِرَتْ وِطَابُهُ. الوَطْبُ: سِقاء اللَّبن، وصَفِرت: خَلَتْ، وهذا اللفظ كناية عن الهلاك، قال امرؤ القيس: فأفْلَتَهُنَّ عِلْبَاءٌ جَرِيضاً ... وَلَوْ أدْرَكْنَهُ صَفِرَ الْوِطَابُ قوله"جريضا" أي بآخر رَمَقٍ، ولو أدركنه لقُتِل ومن قُتل أو مات ذهب قِراه وخَلَتْ وِطابه من حلبه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 398 2110- صَدَقَني وَسْمَ قِدْحِهِ. وَسْمُ القِدْح: العلامة التي عليه لتدل على نصيبه، وربما كانت العلامة بالنار، ومعنى المثل خَبَّرني بما في نفسه، وهو مثل قولهم "صَدَقَنِي سِنَّ بَكْرِهِ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 398 2111- الصِّدْقُ يُنْبىء عَنْكَ لاَ الْوَعِيدُ. يقول: إنما ينبىء عدوَّكَ عنك أن تصدقه في المحاربة وغيرها، لا أن توعِدَه ولا تنفذ لما توعد به. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 398 2112- صُغْرَاهُنَّ شُرَّاهُنْ. ويروى "صُغْرَاها شُرَّاها" ويروى "مُرَّاهَا". وأول من قال ذلك امرأة كانت في زمن لقمان بن عاد، وكان لها زوج يقال له الشَّجِي، وخليل يقال له الْخَلِيُّ، فنزل لقمان بهم، فرأى هذه المرأة ذات يوم اْنتَبَذَتْ من بيوت الحي، فارتاب لقمان بأمرها، فتبعها، فرأى رجلا عَرَضَ لها ومَضَيَا جميعا وقَضَيَا حاجتهما، ثم إن المرأة قالت للرجل: إني أتَمَاوَتُ فإذا أسندوني في رَجَمِي (الرجم - بالتحريك - القبر) فأْتنِي ليلا فأخْرجيني ثم اذهب إلى مكان لا يعرفنا أهلُه، فلما سمع لقمان ذلك قال: ويل للشَّجِيِّ من الخلي، فأرسلها [ص: 399] مثلا، ثم رجعت المرأة إلى مكانها وفعلت ما قالت، فأخرجها الرجل وانطلق بها أياماً إلى مكان آخر، ثم تحولت إلى الحي بعد بُرْهة، فبينا هي ذاتَ يوم قاعدةُ مرت بها بناتها، فنظرت إليها الكبرى فقالت: أمي والله، قالت الوُسْطَى: صدقتِ والله، قالت المرأة: كذبتما ما أنا لكما بأم، ولا لأبيكما بامرأة، فقالت لهما الصغرى: أما تعرفان محياها، وتعلقت بها وصرخَتْ، فقالت الأم حين رأت ذلك : صغراهن شراهن، فذهبت مثلا، ثم إن الناس اجتموا فعرفوها فرفعوا القصة إلى لقمان بن عاد، وقالوا له: اقض بيننا، فلما نظر لقمان إلى المرأة عرفها فقال: عند جُهَيْنَةَ الخبرُ اليقين، يعني نفسه وما عاين منها، فأخبر لقمان الزوجَ بما عرف، وأقبل على المرأة فقصَّ عليها قصتها كيف صنعت، وكيف قالت لصديقتها، فلما أتاها بما لا تنكر قالت: ما كان هذا في حسابي، فأرسلتها مثلا، فقيل للقمان: احكم فيها، فقال: ارجُمُوهَا كما رَجَمَتْ نفسها في حياتها، فرجمت، فقال الشجي: احكم بيني وبين الخلي، فقد فرق بيني وبين أهلي، فقال: يفرق بين ذكره وأنثييه كما فرق بينك وبين أنثاك فأخذ الخلي فجُبَّ ذكره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 398 2113- صَحِيفَةُ المُتَلَمِّسِ. قال المفضل: كان من حديثها أن عمرو بن المنذر بن امرىء القَيْس كان يُرَشِّحُ أخاه قابوس - وهما لهند بنت الحارث بن عمرو الكندي آكل المرار - ليملك بعده، فقدِمَ عليه المتلمس وطَرَفة فجعلهما بهده في صحابة قابوس وأمرهما بلزومه، وكان قابوس شابّاً يعجبه اللهو، وكان يركب يوما في الصيد فيركُضُ ويتصيَّد وهما معه يركضان حتى رجعا عشية وقد لَغبا فيكون قابوس من الغد في الشراب فيقفان بباب سرادقه إلى العشي، وكان قابوس يوماً على الشراب فوقفا ببابه النهارَ كلَّه ولم يصلا إليه، فضَجِرَ طرفة وقال: فَلَيْتَ لنا مكانَ المَلْكِ عمرٍو ... رَعُوثاً حَوْلَ قُبَّتِنَا تَخُورُ مِنَ الزِّمِرَاتِ أَسْبَلَ قَادِمَاهَا ... ودرَّتُهَا مركنَة دَرُورُ يُشَارِكُنَا لنا رَخِلاَنِ فيها ... وتَعْلُوهَا الْكِبَاشُ فَمَا تَنُورُ لَعَمْرُكَ إِنَّ قَابُوسَ ابْنَ هِنْدٍ ... لَيَخْلِطُ مُلْكَهُ نُوكٌ كَبِيرُ قَسَمْتَ الدَّهْرَ فِي زَمَنٍ رَخِىٍّ ... كَذَاكَ الْحُكْم يَقْصِدُ أَوْ يَجُورُ لَنَا يَوْمٌ وَلِلْكِرْوَانِ يَوْمٌ ... تَطِيُر البَائِسَاتُ وَلاَ نَطِيرُ [ص: 400] فأما يَوْمُهُنَّ فَيَوْمُ سُوءٍ ... يُطَاِردُهُنَّ بالخرب الصُّقُورُ وأما يَوْمُنَا فَنَظَلُّ رَكْباً ... وُقُوفا لاَ نَحُلُّ وَلاَ نَسِيرُ وكان طرفة عدواً لابن عمه عبد عمرو، وكان كريماً على عمرو بن هند، وكان سَمينا بادنا، فدخل مع عمرو الحمام، فلما تجرَّدَ قال عمرو بن هند: لقد كان ابنُ عمك طرفَةُ رَآك حين قال ما قال، وكان طرفة هَجَا عبدَ عمرو فقال: ولا خَيْرَ فيه غيرَ أَنَّ له غِنًى ... وَأَنَّ له كَشْحاً إذَا قَامَ أَهْضَمَا تَظَلُّ نساءُ الحي يعكُفْنَ حَوْلَهُ ... يقلن عَسيبٌ من سَرَارة مَلْهما له شربتان بالعَشِيِّ وشَرْبَةٌ ... من الليل حتى آضَ جَبْساً مُوَرَّمَا كأن السلاح فوق شُعْبِةِ بَانَةٍ ... تَرَى نَفَحا وَرْد الأسرة أَصْحَمَا ويَشْرَبُ حتى يغمر المحضُ قَلْبَهُ ... فإن أعطه أَتْرُكْ لِقَلْبِيَ مَجْثَمَا فلما قال له ذلك قال عبد عمرو: إنه قال ما قال، وأنشده فليت لنا مكان الملك عمرو فقال عمرو: ما أُصَدِّقُكَ عليه، وقد صَدَّقه ولكن خاف أن يُنْذِره وتدركه الرحِمُ، فمكث غير كثير ثم دَعَا المتلمسَ وطرفَة فقال: لعلكما قد اشتقتما إلى أهلكما وسَرَّكما أن تنصرفا، قالا: نعم، فكتب لهما إلى أبي كَرِب عاملِه على هَجَر أن يقتلهما وأخبرهما أنه قد كَتَبَ لهما بِحِبَاءٍ ومعروف، وأعطى كل واحد منهما شيئاً، فخرجا، وكان المتلمس قد أَسَنَّ فمر بِنَهر الْحِيَرة على غِلْمان يلعبون، فقال المتلمس: هل لك في كِتَابَيْنَا فإن كانْ فيهما خير مَضَيْنَا له وإن كان شراً اتقيناه، فأبي طرفة عليه، فأعطى المتلمسُ كتابَه بعض الغلمان فقرأه عليه فإذا فيه السوأة، فألقي كتابه في الماء، وقال لطرفة: أطعني وأَلْقِ كتابَكَ، فأبى طرفة ومضى بكتابه، قال: ومضى المتلمس حتىلحق بملوك بني جَفْنَة بالشام، وقال المتلمس في ذلك: مَنْ مُبْلغُ الشُّعَرَاءِ عَنْ أَخَوَيْهِم ... نَبَأ فَتَصْدُقَهُمْ بذَاكَ الأنْفُسُ أَوْدَى الَّذِي عَلِقَ الصَّحِيفَةَ مِنْهُمَا ... ونَجَا حِذَارَ حِبَائِهِ المتلَمِّسُ أَلْقَى صَحِيَفَتُه ونَجَّتْ كورَهُ ... وَجْنَاءُ محمرة المَنَاسِم عِرْمِسُ عَيْرَانه طَبَخَ الهَوَاجِرُ لَحْمَهَا ... فكأنَّ نُقْبَتَهَا أَدِيمٌ أَمْلَسُ [ص: 401] أَلْقِ الصَّحِيفَةَ لاَ أَبَا لَكَ إنَّهُ ... يُخْشَى عَلَيْكَ مِنَ الْحِبَاءِ النَّقْرِسُ ومضى طرفة بكتابه إلى العامل فقتله. وروى عبيد راوية الأعشى قال: حدثني الأعشى قال: حدثني المتلمس - واسمه عبد المسيح بن جرير - قال: قدمت أنا وطَرَفة غلاماً معجباً تائهاً، فجعل يَتَخَلَّجُ في مشيه بين يديْهِ، فنظر إليه نظرة كادت تقتلعه من مجلسه، وكان عمرو لا يبتسم ولا يضحك وكانت العرب تسميه مُضَرِّطَ الحجارة لشدة ملكه، وملك ثلاثاً وخمسين سنة، وكانت العرب تهابه هيبة شديدة، وهو الذي يقول له الذهاب العجلي (واسمه مالك بن جندل بن سلمة، من بني عجل، ولقب بالذهاب لقوله: وما سَيْرُهُنَّ إذ عَلَوْنَ قُرَاقِراً ... بذي أمَمٍ ولا الذَّهَابُ ذَهَابُ) : أبى القَلْبُ أن يأتي السديرَ وأهلَه ... وإن قيل عَيْشٌ بالسَّدِيرِ غَرِيرُ به الْبَقُّ والحَّمى وأسْدُ خَفِيَّةٍ ... وعَمْرو بن هند يَعْتَدِى ويَجُورُ قال المتلمس: فقلت لطرفة حين قمنا: يا طرفة إني أخاف عليك من نظرته إليك، مع ما قلت لأخيه، قال: كلا، قال: فكتب له كتاباً إلى المكَعْبَر - وكان عامله على البحرين وعمان - لي كتاب ولطرفة كتاب، فخرجنا حتى إذا أنا بشيخ عن يساري يتبرز ومعه كِسْرَة يأكلها ويَقْصَع القمل، فقلت: تالله إن رأيت شيخاً أَحْمَقَ وأضعَفَ وأقلَّ عَقْلاً منك، قال: ما تنكر؟ قلت تتبرز وتأكل وتَقْصع القمل، قال: أخرج خبيثاً، وأدخِلُ طيباً، وأقْتُلُ عدواً، وأحْمَقُ مني وألْأَم حاملُ حَتْفِهِ بيمينه لا يدري ما فيه، فنبهني وكأنما كنت نائماً، فإذا أنا بغلام من أهل الحِيرة يَسْقى غنيمة له من نهر الحيرة، فقلت: ياغلام أتقرأ؟ قال: نعم، قلت: اقرأ، فإذا فيه "باسمك اللهم، من عمرو بن هند إلى المُكَعْبر، إذا أتاك كتابي هذا مع المتلمس، فاقْطَعْ يديه ورجليه وادفنه حياً، فألقيت الصحيفة في النهر، وذلك حين أقول: أَلْقَيْتُهَا بالثِّنْىِ مِنْ جَنْبِ كَافِر ... كَذَلِكَ أقنو كلَّ قطٍّ مُضَلِّلِ رَضِيُت لها لما رَأَيْتُ مَدَارَهَا ... يَجُولُ به التَّيَّارُ في كل جَدْوَلِ وقلت: يا طرفة معك والله مثلها، قال: كَلاَّ ما كان ليكتب بمثل ذلك في عقر دار قومي، فأتى المكعبَر فقطع يديه ورجليه، ودفنه حياً. يضرب لمن يَسْعَى بنفسه في حَيْنها ويغررها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 399 2114- صَاحَتْ عَصَافِيرُ بَطْنِهِ. قال الأصمعي: العصافير الأمعاء. يضرب للجائع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 402 2115- أَصَمُّ عَمَّا سَاءَهُ سَمِيعُ. أي أصم عن القبيح الذي يَكْرِثُهُ (تقول كرثه الغم - من بابي ضرب ونصر - وأكرثه، إذا اشتد عليه) ويغمه، وسميع لما يسره، أي يسمع الحسنَ ويتصامم عن القبيح فعلَ الرجلِ الكريم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 402 2116- صَابَتْ بقُرِّ. أي نزل الأمر في قَرَاره، فلا يستطاع له تحويل، وصابت: من الصَّوْب وهو النزول، والقُرُّ: القَرَار. يضرب عند شدةٍ تصيبهم، أي صارت الشدة في قرارها. ويروى "وقعت بقر" قال عدي بن زيد: تُرَجِّيَهَا وقد وقَعَتْ بِقُرٍّ ... كما تَرْجُو أصاغِرَهَا عتيب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 402 2117- صَبَحْنَاهُم فَغَدَوْا شَأْمَةً. أي أوقعنا بهم صبحاً، فأخذوا الشق الأشأم، أي صاروا أصحاب شأمة، وهي ضد اليمنة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 402 2118- أصْلَحَ غَيْثٌ مَا أَفْسَدَ البَرْدُ. يعني إذا أفسد البرد الكَلَأَ بتحطيمه إياه أصلحه المطر بإعادته له. يضرب لمن أصلح ما أفسده غيره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 402 2119- الصَّمْتُ حُكْمٌ وَقَلِيلٌ فَاعِلُه. الحُكْم: الحِكْمة، ومنه قوله تعالى: (وآتيناه الحُكْمَ صبياً) ومعنى المثل استعمال الصمت حكمة، ولكن قلَّ من يستعملها. يقال: إن لقمان الحكيم دخل على داود عليهما السلام وهو يصنع دِرْعاً، فهمَّ لقمان أن يسأله عما يصنع، ثم أمسك ولم يسأل حتى تم داود الدرعَ وقام فلبسها، وقال: نعْمَ أداةُ الحرب، فقال لقمان: الصَّمتُ حُكْمٌ وقليل فاعله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 402 2120- الصَّمْتُ يُكْسِبُ أهْلَهُ الْمَحَبَّةَ. أي محبة الناس إيَّاه لسلامتهم منه. يضرب في مدح قلة الكلام. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 402 2121- صَارَ الأَمْرُ عَلَيْه لزَامِ. مكسور مثل حَذَامِ وقَطَامِ، أي صار هذا الأمر لازماً له. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 402 2122- صَوْتُ امْرِيءٍ وَاسْتُ ضَبُعٍ. وذلك أن رجلا من بني عَقيل كان أسيراً في عَنَزَة اليمن، فيقي أربَعَ حِجَج، فعلق النساء يُرْسِلْنه فيَحْطبُهُنَّ ويَسْقيهن من الماء، فإذا أقبل نظرن إلى صدرع وإذا ما نهض تضاعف، فقلن يا أبا كليب، أمَّا حينَ [ص: 403] تقوم فصدرة أم أسد، وأما إذا أدبرت فرجلا أم ضبع، وأنه كره أن يهرب نهاراً فتأخذه الخيل، فأرسلنه عشية مع الليل، فمر من تحت الليل، فأصبح وقد استحرز يضرب للداهي الذي يُخَادع القومَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 402 2123- صَاحِبُ سِرٍّ فِطْنَتُهُ فِي غُرْبَة. أي أنه لا يدري كيف يدبره. ويحفظه حتى يضيعه، يعني السر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 403 2124- صَبْراً وَإِنْ كانَ قَتْراً. القَتْر: شدة المعيشة، ويروى "وإن كان قبراً". يضرب عند الشدائد والمَشَاقِّ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 403 2125- صَهْ صَاقِعُ. يقال "صَهْ" أي اسكت، و"صَقَع" إذا كَذَبَ، قال ابن الأعرابي: الصاقع الذي يصقع في كل النواحي، أي اُسْكُتْ فقد ضللت عن الحق. يضرب لمن عُرِف بالكذب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 403 2126- صُرِّى وَاحْلُبِي. الصَّرُّ: شَدُّ الضرع بالصِّرَار. يضرب في حفظ المال. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 403 2127- أَصِيدَ القُنْفُدُ أَمْ لُقَطَةٌ. يضرب لمن وجد شيئاً لم يَطْلُبه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 403 2128- أَصَابَتْهُمْ خُطُوبٌ تَنَبَّلُ. أي تختار الأنْبَلَ فالأنبل، يعني تُصِيبُ الخيارَ منهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 403 2129- أَصَابَتْهُ حَطْمَةٌ حَتَّتْ وَرَقَهُ. أي نكبَةٌ وزلزلت أركانه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 403 2130- أَصْغَرُ القَوْمِ شَفْرَتُهُمْ. أي خادِمُهم الذي يكفي مِهْنَهم، شُبِّه بالشفرة تُمْتَهَنُ في قَطْع اللحم وغيره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 403 2131- صَارَ الزُّجُّ قُدَّامَ السِّنَانِ. يضرب في سَبْقِ المتأخِّرِ المتقدمَ من غير استحقاق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 403 2132- أَصْبِحْ لَيْلُ. ذكر المفضل بن محمد بن يعلى الضبي أن امرأ القَيْس بن حُجْر الكِنْدِيَّ كان رجلا مفرَّكاً لا تحبه النساء، ولا تكاد امرأة تصبر معه، فتزوج امرأة من طَيِّء فابتنى بها، فأبغضته من تحت ليلتها، وكرهت مكانها معه، فجعلت تقول: يا خَيْرَ الفِتْيَانِ أصْبَحْتَ أصبحت، فيرفع رأسه فينظر فإذا الليل كما هو، فتقول : أصْبَحْ لَيْلُ، فلما أصبح قال لها: قد علمتُ ما صنعتِ الليلَةَ، وقد عرفتُ أن ما صنعتِ كان من كراهية مكاني في نفسك، فما الذي كرهت مني؟ فقالت: ما كرهتُك، فلم يَزَلْ بها حتى قالت: [ص: 404] كرهت منك أنك خفيف العَزَلة ثقيل الصدر، سريع الإراقة، بطيء الإفاقة، فلما سمع ذلك منها طَلَّقها، وذهب قولها "أَصْبِحْ ليل" مثلا، قال الأعشى: وحتى يبيت القوم كالضَّيْفِ لَيْلة ... يَقُولُونَ أَصْبِحْ لَيْلُ والليلُ عَاتِمُ وإنما يقال ذلك في الليلة الشديدة التي يَطُول فيها الشر، ومعنى بيت الأعشى حتى يبيت القوم غيرَ مطمئنين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 403 2133- أَصَابَ تَمْرَةَ الغُرَابِ. يضرب لمن يَظْفَر بالشيء النفيس، لأن الغراب يختار أَجْوَدَ التمر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 404 2134- أَصْبَحَ فِيما دَهَاهُ كالْحِمَاِر الْمَوحُولِ. يضرب لمن وقَع في أمر لا يُرْجى له التخلص منه. والمَوْحُولُ: المغلوب بالوَحَل، يقال: واحتله فوحَلْتُه أوحَلُه، إذا غَلَبْتَه به. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 404 2135- أَصْبَحَ جَنِيبَ الْعَصَا. الْجَنِيبُ: بمعنى المَجْنُوب، والعصا: الجماعة. يضرب لمن انقاد لما كلف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 404 2136- أَصَمَّ الله صَدَاهُ. أي دِمَاغه وموضِعَ سَمْعه، يقال في الدعاء على الإنسان بالموت، قال الأصمعي: العربُ تقول: الصَّدَى في الهامة، والسمع في الدماغ، و "أصم الله صداه" من هذا. قلت: الصحيح في هذا أن يقال: الصَّدَى الذي يُجِيبُك بمثل صوتك من الْجِبال وغيرها وإذا مات الرجلُ لم يسمع الصدى منه شيئاً فيجيبه فكأنه صَمَّ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 404 2137- صَاحَ بِهِمْ حَادِثَاتُ الدَّهْرِ. يضرب لقومٍ انْقَرَضُوا واستأصلتهم حوادث الزمان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 404 2138- صَفِرَتْ عِيَابُ الوُدِّ بَيْنَنَا. يضرب في انقطاع المودة وانقضائها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 404 2139- صَارَ حِلْسَ بَيْتِهِ. إذا لزمه لزوماً بليغاً، والحِلْسُ: ما وَلىَ ظهرَ البعير تحت الْقَتب من كساء أو مسح يلازمه ولا يفارقه، ومنه حديث أبي بكر رضي الله عنه في فتنة ذكرها: "كُنْ حِلْسَ بَيْتِكَ حتى تأتيك يَدٌ خاطئة أو مَنِيَّة قاضية" يأمره بلزوم بيته. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 404 2140- صَرَّحَتْ كَحْلٌ. وذلك إذا أصابت الناسَ سنةٌ شديدة يقال: صَرُحَ - بالضم - صراحَةً وصُرُوحةً إذا خَلَصَ، وكذلك صَرَّح - بالتشديد - وكَحْل: السنة والْجَدْبُ، معرفة لا تداخلها [ص: 405] الألف واللام، فإذا قيل "صَرَّحَتْ كحل" كان معناه خَلَصَت السنة في الشدة والجدوبة، وقيل: كَحْل اسمٌ للسماء، يقال "صَرَّحَتْ كَحْل" إذا لم يكن في السماء غَيْم، قال سَلاَمة بن جَنْدَل: قومٌ إذا صَرَّحَتْ كَحْلٌ بُيُوتُهُمُ ... مَأْوَى الضَّرِيكِ وَمَأْوَى كلِّ قُرْضُوبِ ومعنى صرحت ههنا انكشفت كما يقال "صَرَّح الحق عن مَحْضِهِ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 404 2141- صَرَّ عَلَيْهِ الغَزْوُ اسْتَهُ. الصَّرُّ: شد الصِّرَار على أطْبَاء الناقة يضرب لمن ضَيَّقَ تصرفُه عليه أمره قال المؤرج: دخل رجل على سليمان ابن عبد الملك، وكان سليمان أولَ مَنْ أخذ الجار بالجار، وعلى رأس سليمان وَصِيفة (روقة - بضم الراء - أي حسنة) رُوقَة. فنظر إليها الرجل، فقال له سليمان: أتُعْجِبُكَ؟ فقال: بارك الله لأمير المؤمنين فيها، فقال: أخبرني بسبعة أمثال قيلت في الاست وهي لك، فقال الرجل: اسْتُ البائِن أعْلَم، قال سليمان: واحد، قال : صَرَّ عليه الغَزْوُ اسْتَه، قال سليمان: اثنان، قال: اسْتٌ لم تُعَوَّد المِجْمَرَ، قال سليمان: ثلاثة، قال: اسْتُ المَسْؤُل أضْيَقُ، قال سليمان: أربعة، قال: الحرُّ يُعْطِى والعبدُ يألم اسْتُه، قال سليمان: خمسة، قال الرجل: اسْتِي أخْبَثَيِ، قال سليمان: ستة، قال: لا مَاءَكِ أَبْقَيْتَ ولا حِرَكَ أنْقَيْتَ، قال سليمان: ليس هذا في هذا، قال: بلى أخَذْتُ الجارَ بالجار كما يأخذ أميرُ المؤمنين، قال: خُذْهَا لا بارَكَ الله لَكَ فيها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 405 2142- صَدَقَنِي قُحَاحَ أَمْرِهِ. و"قُحَّ أمرِهِ" أي صحةَ أمره وخالصَه من قولهم"عربي قُحٌّ" أي خالص. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 405 2143- صَرَّحَتْ بِجِلْذَانَ. كذا أورده الجوهري بالذال المعجمة، ووجدت عن الفراء غير معجمة، قال: يقال "صرحت بِجِلْدَان"و"بجدان"و"بجداء" إذا تبين لك الأمر وصرح، وقال ابن الأعرابي: يقال صرحت بجد وجدان وجلدان وجداء وجلداء، وأورده حمزة في أمثاله بالذال المعجمة، وأظن الجوهري نقل عنه، وهو على الجملة موضِعٌ بالطائف لين مستوٍ كالراحة لا خَمَرَ فيه يتوارى به. والتاء في "صرحت" عبارة عن القصة أو الخُطَّة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 405 2144- صَرَّحَ المَحْضُ عَنِ الزُّبْدِ. يقال للأمر إذا انكشَفَ وتبين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 405 2145- الصَّرِيحُ تَحْتَ الرُّغْوَةِ. قال أبو الهيثم: معناه أن الأمر مُغَطى عليك وسيبدو لك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 406 2146- صَلْخاً كَصَلْخِ النَّعَامَةِ. أي صَلَخه الله كما صَلَخ النعامة، وهذا كما يقال للنعامة: مُصَلَّم الأذُنَيْنِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 406 2147- صَلْمَعةُ بْنُ قَلْمَعَة. قال ابن الأعرابي: هذا مثل قولهم "طامر بن طامر" إذا كان لا يُدْرَي من هو، ولا يعرف أبوه، وهو من طَمَرَ إذا وثب يضرب لمن يَظْهر ويَثِبُ على الناس من غير أن يكون له قديم، وينشد: أَصَلْمَعَةُ بْنُ قَلْمَعَةَ بْنِ فَقْعٍ ... بِقَاعٍ مَا حَدِيثُكَ تَزْدَرِينِي لَقَدْ دَافَعْتُ عَنْكَ النَّاسَ حَتى ... رَكِبْتَ الرَّحْلَ كالْجُرَذِ السَّمِينِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 406 2148- أَصَابَهُ ذُباَبٌ لاَذِعٌ. يضرب لمن نَزَلَ به شر عظيم يرقُّ له مَنْ سمعه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 406 2149- صِئْبَانُ ثَوْبٍ لُقِّبَتْ هَرَانِعَا. الْهُرْنُوعُ: القَمْلَة الكبيرة، والصِّئبان: جمع صُؤَاب، وهي بيضة القملة. يضرب لمن يظهر جِدَةً والناس يعلمون أنه سيء الحال. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 406 2150- صَارَتْ ثُرَيَّا وَهْيَ عُودٌ أَقْشَرُ. الثرية والثريَّاء: الأرض الندية، ومال ثرى: أي كثير، ورجل ثَرْوَان وامرأة ثَرْوَى إذا كثر مالُهما، وثُرَيَّا: تصغير ثَرْوَى، والأقشر: الأحمر الذي كأنه نُزِعَ قشره. يضرب لمن حَسُنت حالُه بعد فقر وكثر مادِحُوه بعد ذم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 406 2151- صَبْرًا أَتَانُ فَالجِحَاشُ حُولُ. الحُولُ: جمع حائل، وهي التي لم تحمل عامَهَا، ونصب"صبراً"على المصدر. يضرب لمن وعَدَ وعْداً حسناً والموعود غيرُ حاضر، وخص الجِحاش ليكون التحقيق أبعد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 406 2152- صَبُوحُ حَيَّانَ بِهِ جُمُوحُ. حَيَّان: اسم رجل، والصَّبُوح: ما يشرب عند الصبح، وهو يجمح بشار به أنه شَربِها في غير وقتها. يضرب لمن يَتَصَدَّر للرياسة في غير حِينها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 406 2153- صَبْحَى شَكوْتُ فَاسْتَشَنَّتْ طَالِقُ. يقال: ناقة صَبْحَى، إذا حلب لبنها، والطالق: الناقة التي يتركها الراعي لنفسه فلا [ص: 407] يَحْلبها على الماء، يقول: هذه الصَّبْحَى شكوتُهَا إذ حلبت فما بالُ هذه الطالق صار ضَرْعُها كالشَّنِّ البالي. يضرب للرجلين يعذر أحدهما في أمر قد تَقَلَّداه معا ولا يعذر الآخر فيه لاقتداره عليه إن عجز عنه صاحبه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 406 2154- صَبَعْتَ لِي إصْبَعَكَ العَمَّالَةَ. يقال: صَبَعْت بفلان وعلى فلان أصْبَعَ صَبْعاً، إذا أشَرْتَ نحوه بأصبعك مُغْتَابا، وههنا صَبَعْت لي ولم يقل على ولا بي لأنه أراد استعملتَ أصبعك العَمَّالة لي، أي لأجلي، ويصح أن تقول: صَبَعْتَ أصْبَعَكَ أي أصَبْتَهَا كما يقول: رأسْتُه وصَدَرْتُه ويَدَيْتُه، أي أصبت هذه الأشياء والأعضاء منه، ويجوز أن يكون لي بمعنى إلى، كما يقال: هَدَيْتُه للطريق، وإلى الطريق، وأوحيت إليه وله، فيكون من صلة معنى صَبَعْتَ، وهوأشرت، كأنه قال: أشرتَ لي أي إلىِّ، والعَمَّالة: مبالغى العاملة، أي أنها تَعَوَّدَتْ ذلك العملَ. يضرب لمن يعيبك باطناً ويثني عليك ظاهراً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 407 2155- صَرَاةُ حَوْضٍ مَنْ يَذُقْهَا يَبْصُقِ. الصَّرَاة: الماء المُجْتَمِع في الحوض أو في البئر أو غير ذلك، فيبقى الماء فيه أياماً ثم يتغير. يضرب للرجل يجتنبه أهلُه وجيرانه لسوء مذهبه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 407 2156- صُبَابَتِي تَرْوِى وَلَيْسَتْ غَيْلاً. الصُّبَابة: بقية الماء في الإناء وغيره، والغَيْل: الماء يجري على وجه الأرض. يضرب لمن ينتفع بما يبذل وإن لم يدخل في حد الكثرة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 407 2157- الصُّوفُ مِمَّنْ ضَنَّ بِالرِّسْلِ حَسَنٌ. يقال: هذا قاله رجل نظر إلى نَعْجَة لها صوف كثير، فاغترَّ بصُوفها وظن أن لها لبنا، فلما حلبها لم يكن بها لبن، فقال هذا. يضرب لمن نال قليلا ممن طمع في كثير الجزء: 1 ¦ الصفحة: 407 2158- صَكًّا وَدِرْهَمَاكَ لَكَ. قال المفضل: إن امرأة بَغِيّاً كانت تؤاجر نفسَها من الرجال بدرهمين لكل من طَلَبها، فاستأجرها يوما رجل بدرهمين، فلما جامعها أعجبها جِمَاعُه وقوته وشدة رَهْزه فجعلت تقول "صكا" أي صُك َّ صكا "ودرهماك لك" فذهبت مثلا. وروى ابن شميل" غَمْزَاً ودرهماك لك، فإن لم تغمز فبُعْدٌ لَكَ "رفعت البعد. [ص: 408] قال: يضرب مثلاً للرجل تراه يعمل العمل الشديد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 407 2159- اصْطِنَاعُ الْمَعْرُوفِ يَقِي مَصَارِعَ السُّوءِ. يقال: صَنَع معروفاً واصْطَنَع كذلك في المعنى، أي فِعْلُ المعروف في أهله يقي فاعله الوقوع في السوء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 408 2160- الصَّدْقُ عِزٌّ وَالْكَذِبُ خُضُوعٌ. قاله بعض الحكماء. يضرب في مَدْحِ الصدق وذم الكذب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 408 2161- صَالِبِي أَشَدُّ مِنْ نَافِضِكَ. هما نوعان من الحمى. يضرب في الأمرين يزيد أحدُهما على الآخر شدة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 408 2162- الصِّدْقُ فِي بَعْضِ الأمُورِ عَجْز. أي ربما يضر الصدقُ صاحبَه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 408 2163- صَرَرْنَا حُبَّ لَيْلَى فَانْتَثَر. أي صُنَّاه فضاع. يضرب لما يُتَهَاون به. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 408 2164- صَبَّحَ بَنِي فلاَنٍ زُوَيْرُ سَوْءٍ. إذا عَرَاهم في عُقْر دارهم، والزُّوَير: زعيم القوم، وقال: قد نضرب الجيش الخميسَ الأزْوَرَا ... حَتَّى تَرَى زُوَيْرَهُ مُجَوَّرَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 408 2165- صَبْرًا وَبِضَبِّيٍّ. قاله شتير بن خالد لما قتله ضِرار بن عمرو الضبي بابنه حُصَين، ونصب "صبراً" على الحال، أي أقْتَلُ مَصْبُوراً، أي محبوساً وقوله"وبضبي" أي أُقتل بضبي، كأنه يأنف أن يكون بدل ضبي. يضرب في الخصلتين المكروهتين يُدْفَع الرجل إليهما. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 408 ما جاء على أفعل من هذا الباب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 408 2166- أَصْبَرُ مِنْ قَضِيبٍ. قال ابن الأعرابي: هو رجل كان في الدهر الأول من بني ضبة، وله حديث سيأتي في باب اللام، وضربت به العرب المثلَ في الصبر على الذل، وأنشد: أقيمي عَبْدَ غنْمٍ لا تُرَاعِي ... منَ القَتلَى التي بِلِوَى الْكَثِيبِ لأنْتُمْ حينَ جَاءَ الْقَوْمُ سَيْراً ... عَلَى الْمَخْزَاة أصْبَرُ مِنْ قَضِيبِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 408 2167- أَصْبَرُ مِنْ عَوْدٍ بِدَفَّيْهِ جُلَبٌ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 408 2168- وَأَصْبَرُ مِنْ ذِي ضَاغِطٍ مُعَرَّكٍ. قال محمد بن حبيب: كان من حديث هذين المثلين أن كلباً أوقَعَتْ ببني فزارة يوم. العاه قبل اجتماع الناس على عبد الملك بن مروان، فبلغ ذلك عبدَ العزيز بن مروان، فأظهر الشماتة، وكانت أمه كليبة، وهي ليلى بنت الأصبع بن زبان. وأم بشر بن مروان قطبة بنت بشر بن عامر بن مالك بن جعفر، فقال عبد العزيز لبشر أخيه: أما علمت ما فَعَلَ أخوالي بأخوالك؟ قال بشر: وما فعلوا؟ فأخبره الخبر، فقال: أخوالُكَ أضْيَقُ أسْتَاهاً من ذلك، فجاء وَفْدُ بني فَزَارة إلى عبد الملك يخبرونه بما صُنِعَ بهم، وأن حُرَيْث بن بَجْدل الكلبي أتاهم بعهدٍ من عبد الملك أنه مصدق، فسمعوا له وأطاعوا، فاغْتَرَّهم فقتل منهم نَيِّفَّا وخمسين رجلا، فأعطاهم عبدُ الملك نصف الحَمَالات، وضَمِنَ لهم النصف الباقي في العام المقبل، فخرجوا ودَسَّ إليهم بشر ابن مروان مالا فاشْتَرَوُا السلاح والكُرَاع، ثم اغْتَرُّوا كلبا ببني فزارة فَلَقُوهم ببنات قين، فتعدَّوْا عليهم في القتل، فخرج بشر حتى أتى عبدَ الملك وعندهُ عبدُ العزيز بن مروان فقال: أما بلغك ما فعل أخوالي بأخوالك؟ فأخبره الخبر، فغضب عبدُ الملك لإخفارهم ذمتَهُ وأخْذِهم مالَه، وكتب إلى الحجاج يأمره إذا فَرَغَ من أمر ابن الزُّبير أن يُوقِع ببني فَزَارة إن امتنعوا، ويأخُذَ مَنْ أصاب منهم، فلما فرغ الحجاجُ من أمر ابن الزبير نَزَلَ ببنب فزارة، فأتاهم حَلْحَلَةُ ابن قيس بن أشْيَمَ وسعيد بن أبان بن عُيَينة ابن حِصْن بن حُذَيفة بن بدر، وكانا رئيسي القوم، فأخبرا الحجاج أنهما صاحبا الأمر، ولا ذنْبَ لغيرهما، فأوثقهما وبَعَثَ بهما إلى عبد الملك، فلما أدْخِلاَ عليه قال: الحمدُ لله الذي أقاد منكما، قال حلحلة: أما والله ما أقادمني، ولقد نَقَضْتُ وِتْرَي، وشَفَيْتُ صَدْرِي، وبردت وَحْرِي، قال عبد الملك: مَنْ كان له عند هذين وِتر يطلبه فليقم إليهما، فقام سفيان بن سُوَيْد الكلبي - وكان أبوه فيمنقتل يوم بنات قين - فقال: يا حلحلة هل حست لي سُوَيدا، قال: عهدي به يوم بنات قن وقد انقطع خُرْؤه في بطنه، قال: أما والله لأقتلنك، قال: كذبت والله ما أنت تَقْتُلني وإنما يقتلني ابنُ الزرقاء، والزرْقَاء إحدى أمهات مَرْوَان بن الحكم، وكانت لها راية، وكانوا يُسَبُّون بالزرقاء، فقال بشر: صَبْراً حَلْحَلُ، فقال: إي والله. أصْبَرُ مِن عَوْدٍ بجنبه جُلَبْ ... قد أثَّرَ البِطَانُ فِيهِ وَالحقَبْ [ص: 410] ثم التفت إلى ابن سُوَيد فقال: يا ابن استها أجدِ الضربَةَ فقد وقعت مني بأبيك ضربةٌ أَسْلَحَتْهُ، فضرب عنقَه، ثم قيل لسعيد نحو ما قيل لحلحلة، فردَّ مثلَ جواب حلحلة، فقام إليه رجل من بني عليم ليقتله فقال له بشر: اصْبِرْ، فقال: أصْبَرُ مِن ذِي ضَاغِطٍ مُعَرَّكِ ... أَلْقَى بَوَانِي زَوْرِهِ للْمَبْرَكِ ويروى "من ذي ضاغط عَرَكْرَكِ " وهو البعير الغليظ القويُّ، والضاغط: الْوَرَمُ في إبط البعير، شِبْهُ الكيس، يضغطه، أي يضيقه، ويقال "فلان جيد البَوَانِي" إذا كان جيدَ القوائم والأكتاف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 409 2169- أَصَحُّ مِنْ عَيْرِ أبِي سَيَّارَةَ. هو رجل من بني عَدْوَان اسمه عميلة بن الأعزل، وكان له حمار أسود أجاز الناسَ خالد عليه من المزدلفة إلى منًى أربعين سنةً، وكان يقول: أشْرِقْ ثَبير كيما نُغِير، ويقول: لاهُمَّ إنِّي تَابِعٌ تَبَاعَهْ ... إنْ كَانَ إثْمٌ فَعَلَى قُضَاعَهْ (في أصول هذا الكتاب "لاهم إني بائع بياعة" تحريف ما أثبتناه عن سيرة ابن هشام.) لاهم مَالِي فِي الحِمَارِ الأْسَوْد ... أصْبَحْتُ بَيْنَ الْعَالَمِينَ أحْسَدْ هَلاَّ يكاد ذُو الْبَعِيرِ الْجَلْعَدْ ... فَقِ أبا سَيَّارَةَ الْمُحَسَّدْ مِنْ شَرِّ كُلِّ حَاسِدٍ إذَا حَسَدْ ... وَمِنْ أذَاةِ النَّافِثَاتِ فِي الْعُقَدْ اللهم حبب بين نسائنا، وبَغِّضْ بين رِعائنا، واجعل المال في سُمَحَائنا، وفيه يقول الشاعر: خَلُّوا الطَّرِيقَ عن أبي سَيَّارَهْ ... وعَنْ مَوَاليه بَنِي فَزَارَهْ حَتَّى يُجيزَ سَالماً حِمَارَهْ ... مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ يَدْعُو جَارَهْ وكان خالد بن صَفْوَان والفضل بن عيسى الرَّقَاشي يختاران ركوبَ الحمير على ركوب البَرَاذين، ويجعلان أبا سَيَّارة لهما قُدْوَة. فأما خالد فإن بعض الأشراف بالبصرة تلقَّاه فرآه على حمار فقال: ما هذا المركب ياأبا صفوان؟ فقال: عَيْر من نَسْل الكداد، أصْحَر السِّرْبال، مفتول الأجلاد، محملج القوائم، يحمل الرجلة، ويبلُغ العقبة، ويقل داؤه، ويَخِفُّ دواؤه، ويمنعني أن أكون جَبِّاراً في الأرض أو أكون من المفسدين، ولولا ما في الحمار من المنفعة لما امتطى أبو سَيَّارة ظهر عَيْر أربعين سنة. وأما الفضل بن عيسى فإنه سئل أيضاً عن ركوب الحمار، فقال: لأنه أقل الدوابِّ مَؤُنة، وأكثرها مَعُونة، [ص: 411] وأسهلها جِمَاحا، وأسلمها صريعا، وأخْفَضُها مَهْوًى، وأقربها مُرْتَقًى، يزهى راكبه وقد تواضع بركوبه، ويسمى مقتصدا وقد أسرف في ثمنه، ولو شاء عُمَيْلة بن خالد أبو سَيَّارة أن يركب جملا مَهْرِيّاً أو فرساً عربياً لفَعَلَ، ولكنه امتطى عَيْراً أربعين سنة، فسمع أعرابي كلامه، فعارضه فقال: الحمار شَنَار، والعَيْر عار، مُنْكَر الصوت، بعيد الفَوْت، متغرق في الوَحْل، متلوث في الضَّحْل ليس بركوبَةِ فَحْل، ولا مطية رَحْل، إن وقفته أدْلى، وان تركته وَلَّى، كثير الرَّوْث، قليل الغَوْث، سريع إلى الفرارة، بطيء في الغارة، لا تُرقأ به الدماء، ولا تُمْهَر به النساء، ولا يحلب في إناء. قال أبو اليقطان: أبو سَيَّارة أولُ من سَنَّ في الدِّيَة مائةً من الإبل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 410 2170- أصْنَعُ مِنْ سُرْفَةَ. هي دويبة، وقد اختلفوا في نَعْتها، قال اليزيدي: هي دويبةٌ صغيرة تَنْقُب الشجر وتبني فيه بيتا، وقال أبو عمرو بنُ العَلاَء: هي دويبة مثلُ نصف عدسة تَنْقُب الشجر ثم تبني فيه بيتاً من عِيدانٍ تجمعها مثل غَزْل العنكبوت منخرطا من أعلاه إلى أسفله كأن زواياه قُوِّمَتْ بخط، وله في إحدى صَفَائحه باب مُرَبع قد ألزمت أطراف عيدانه من كل صفيحة أطراف عيدان الصفيحة الأخرى كأنها مَفْرُوَّة، وقال محمد بن حبيب: هي دويبة تنسج على نفسها بيتاً فهو نَاوُوسُها حقّاً، والدليل لى ذلك أنه إذا نُقِضَ هذا البيتُ لم توجَدِ الدودة فيه حية أصلا، وزاد بعض رواة الأخبار على ابن حبيب زيادة، فزعم أن الناس في أول الدهر حين كانوا يتعَلَّمون الحِيَلَ من البهائم تعلموا من السُّرْفَةِ إحداثَ بناء النواويس على موتاهم، فإنها في خرط وشكل بيت السُّرْفَة، ويقال "وَادٍ سَرِفٌ" أي كثير السُّرْفَة، و"أرض سَرِفَة " و"سُرِفَتِ الشجرةُ" إذا أصابتها السُّرْفة، ويقال أيضاً "أصْنَعُ من سَرَفٍ" ويقال "من سُرُفٍ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 411 2171- أَصْنَعُ مِنْ تُنَوِّطٍ، ويقال "مِنْ تَنَوُّطٍ". قال الأصمعي: إنما سُمِّي تُنَوِّطاً لأنه يدلي خيوطا من شجرة ثم يفرخ فيها، والواحد تُنَوِّطة، وقال حمزة: هو طائر يركِّبُ عُشَّه تركيبا بين عودين من أعواد الشجر فينسجه كقارورة الدُّهْن ضَيِّقَ الفَمِ واسعَ الداخل، فيودعه بيضَهُ، فلا يوصَل إليه حتى تدخل اليد فيه إلى المعصم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 411 2172- أَصْنَعُ مِنْ نَحْلٍ. ويقال"من النحل" إنما قيل هذا لما [ص: 412] فيه من النِّيقَة في عمل العسل، قال الشاعر: فجاءُوا بمَزْجٍ لم يَرَ الناسُ مثلَه ... هو الضَّحْكُ إلا أنه عَمَلُ النَّحْلِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 411 2173- أصْدَقُ مِنْ قَطَاةٍ. لأن لها صَوْتاً واحداً لا تغيره، وصوتها حكاية لاسمها، تقول: قَطاً قَطاً، ولذلك تسميها العرب الصَّدُوق، وكذلك قولهم "أنْسَبُ من قَطَاة" لأنها إذا صَوَّتَت عرفت، قال أبو وَجْرَة السَّعْدي: مَا زِلْنَ يَنْسُبْنَ وَهْناً كُلَّ صَادِقَةٍ ... بَاتَتْ تُبَاشِرُ عُرْماً غَيْرَ أزْوَاجِ قلت: قوله"ما زلن" يعني الأتُنَ التي وردت الماء " ينسبن" جعل الفعلَ لهن لأنهن أثرن القَطَا عن أماكنها حتى قالت قطا قطا، فلما كن سَبَبَ النِّسْبة جعل الفعلَ لهن كقوله تعالى (كما اخْرَجَ أبَوَيْكُمْ من الجنة يَنْزِعُ عنهما لباسهما) لما كان إبليس سببَ النزع جعل النزع له نفسه، ونصب "وهنا" على الظرف، والجملة بعد قوله "كل صادقة" صفة لها، والعُرْمُ: جمع الأعرم، وهو الذي فيه بياض وسواد، أي باتت القطا تباشر بيضاتٍ عُرْماً، وكذلك يكون بيضُ القطا، وجعل البيض غَيْرَ أزواج لأن بَيْضَ القطا يكون أفراداً ثلاثا أو خمسا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 412 2174- أَصدَقُ ظَنًّا مِنْ أَلْمَعِيٍَ. قالوا: هو الذي يظن الظَّنَّ فلا يُخْطىء واشتقاقه من لَمَعَان النار وتوقُّدِها، وعَرَّفه بعضهم (هو أوس بن حجر) نظماً فقال: الألْمَعِيُّ الّذِي يَظُنُّ بِكَ الـ ... ـظَّنَّ (الظن) كأنْ قَدْ رَأَى وَقَدْ سَمِعَا واللوذعي: مثل الألمعي، واشتقاقُه من لَذْع النار، والأحْوَذِى: القَطَّاع للأمور الخفيفُ في العملِ لحِذْقه، من الحَوْذِ وهو السَّوْقُ السريع، وقال الأصمعي: هو المُشَمِّر في الأمور، القاهر الذي لا يَشِدُّ عليه منها شيء، والأحوزي: الجامع لما يشذُّ من الأمور، من الحوز وهو الْجَمْع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 412 2175- أصفَى مِنْ مَاءِ المفَاصِل. قال الأصمعي: هو مُنْفَصَلُ الجبل من الرملة، يكون بينهما رَضْرَاض وحَصًى صغار يَصْفُو ماؤه ويرقُّ، قال أبو ذؤيب: وإنَّ حَدِيثًا مِنْكِ لَوْ تَبْذُلِينَهُ ... جَنَي النَّحْلِ في أَلْبَانِ عُوذٍ مَطَافِل مَطَافِيل أبكَارٍ حَدِيثٍ نَتَاجُهَا ... تُشَابُ بماءٍ مِثْلِ مَاءِ المَفَاصِلِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 412 2176- أَصفَى مِنْ جَنَي النّحْلِ. هو العَسَل، ويقال له المَزْج، والأرْىُ والضَّحْك، والضَّرْبُ، أيضاً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 412 2177- أَصفَى مِنْ لُعَابِ الْجَرَادِ. قالوا: هو مأخوذ من قول الأخطل: إذا ما نَدِيمِى عَلَّنِي ثم عَلَّنِي ... ثَلاَثَ زُجَاجَاتٍ لهنَّ هَدِيرُ عُقَاراً كَعَيْنِ الدِّيكِ صِرْفاً كأنه ... لُعَابُ جَرَادٍ فِي الْفَلاَةِ يَطِيرُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 413 2178- أَصْرَدُ مِنْ جَرَادَةٍ. من الصَّرَد الذي هو البَرْدُ، وذلك لأنها لا تُرَى في الشتاء أبداً لقلة صَبْرها على البَرْد، يقال: صَرِدَ الرجلُ يَصْرَدُ صَرَداً فهو صَرِد ومِصْرَاد، للذي يجد البرد سريعاً، ومنه قولهم حكاية عن الضب: أصْبَحَ قَلْبِي صَرِدَا ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 413 2179- أصْرَدُ مِنْ عَنْزٍ جَرْبَاءَ. وذلك أنها لا تَدْفأ لقلة شَعْرها ورقة جلدها، فالبرد أَضَرُّ لها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 413 2180- أَصْرَدُ مِنْ عَيْنِ الحِرْباءِ. قال حمزة: هذا المثلُ تصحيفٌ للمثل الذي قبله، يعني صحف عنز من عَيْن وحِرْباء بجرباء. قلت: إنما يكون هذا لو قيل "من عين حرباء" منكراً، فأما إذا قالوا: "من عين الحِرْبَاء" معرفاً بالألف واللام، ولا يقال: "عنز الجرباء" فكيف يقع التصحيف؟ ثم قال: إلا أن بعض الناس فَسَّره على وَجْه مُطَّرد، فقال: الحرباء أبداً تستقبلُ الشمسَ بعينها تستجلب إليها الدفء، وهذا مَخْلَص حسن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 413 2181- أَصْرَدُ مِنَ السَّهْمِ. هذا من الصَّرَد الذي هو بمعنى النفوذ، يقال "صَرِدَ السهمُ صَرَداً" إذا نَفَذَ في الرمِيَّة، قال الشاعر: فما بُقْيَا عَلَىَّ تَرَكْتُمانِي ... وَلَكِنْ خِفْتُمَا صَرَدَ النِّبَالِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 413 2182- أَصْرَدُ مِنْ خَازِقِ وَرَقَةٍ. هذا من صَرِدَ السهمُ أيضاً، يقال: خَزَقَ السهمُ وخَسَقَ، إذا نَفَذَ، ويقال في مثل آخر: "وَقَعَ على خازق ورقة" يقال ذلك للداهِي الذي يخزق الورقَةَ من ثَقَافته وضَبْطه للأشياء، ويقال: " ما زال فلانٌ يخزق علينا منذ اليوم". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 413 2183- أَصْعَبُ مِنْ رَدِّ الشَّخْبِ فِي الضَّرْعِ. هذا من قول من قال: صَاحِ هَلْ رَيْتَ أَوْ سَمِعْتَ بِرَاعٍ ... رَدَّ في الضَّرْعِ ما قَرَى في الِعَلابِ العِلاَب: جمع عُلْبة، ويروى "في الحِلاب" وهو إناء يُحْلَب فيه، و"رَيْتَ" يريد به رَأَيْتَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 413 2184- أَصْعَبُ مِنْ وُقُوفٍ عَلَى وَتَدٍ. هذا من قول الشاعر: وَلِي صَاحِبَانِ عَلَى هَامَتِي ... جُلُوسُهُمَا مِثْلُ حَدِّ الْوَتَدْ ثَقِيلاَنِ لَمْ يَعْرِفَا خِفَّةً ... فَهذَا الزُّكامُ وَهذَا الرَّمَدْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 414 2185- أَصْوَلُ مِنْ جَمَلٍ. معناه: أعَضُّ، يقال: صال الجملُ، وعَقَر الكلبُ، قاله حمزة. قلت: وقال غيره: صال إذا وثَبَ صَوْلاً وصَوْلَةً وصِيَالا، والفَحْلَانِ يَتَصَاوَلانِ أي يتواثبان، وصال العَيْرُ، إذا حمل على العَانَةِ، فأما صال إذا عَضَّ، فمما تفرد به حمزة، وأما قولهم: جمل صَؤُول، فقال أبو زيد: صَؤُل البعير بالهمز يَصْؤُل صَآلة، إذا صار يَقْتُلُ الناسَ ويعْدُو عليهم، فهو صَؤُول، وفي الحديث: "أنَّ المَعْرِفَةَ تنفَعُ عند الجمل الصَّؤُول والكلب العَقُور" وقال: ولم يَخْشَوْا مُصَاءلة عَلَيْهِمْ ... وتَحْتَ الرَّغْوَةِ اللبنُ الصَّرِيحُ ويروى" ولم يخشوا مَصَالته عليهم" وهما رواية حمزة. قلت: والصحيح "ولم يخشوا مصالته عليهم" وهو مصدر صال كالمَقَالة مصدر قال والشعر لنَضْلَة، وأوله: ألم تَسَلِ الفَوَارِسَ يَوْمَ غَوْلٍ ... بنَضْلَةَ وَهْوَ مَوْتُورٌ مُشِيحُ رَأوْهُ فَازْدَرَوْهُ وَهْوَ حُرٌّ ... وَيَنْفَعُ أَهْلَهُ الرَّجُلُ القَبِيحُ وَلَمْ يَخْشَوْا مَصَالَتَهُ عَلَيْهِمْ ... وَتَحْتَ الرَّغْوَةِ الَّلبَنُ الصَّرِيحُ أي صَوْلَه، قال المبرد: يقول إذا رأيتَ الرِّغْوَةَ - وهو ما يرغو كالجلدة في أعلى اللبن - لم تدر ما تحتها، فربما صادفْتَ اللبن الصريح إذا كشفتها، أي أنهم رأوني فازدروني لدَمَامتي، فلما كَشَفُوا عني وجدوا غيرَ ما رأوا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 414 2186- أَصَحُّ مِنْ بَيْضِ النَّعَامِ. قلت: هذا من قول الفرزدق: خَرَجْنَ إِلَيَّ لم يُطْمَثْنَ قَبْلِي ... وَهُنَّ أَصَحُّ مِنْ بَيْضِ النَّعَامِ فَبِتْنَ بجانبيَّ مُصَرَّعَاتٍ ... وَبِتُّ أَفُضُّ أَغْلاَقَ الختَامِ كأنَّ مَفَالِقَ الرمَّانِ فِيَها ... وَجْمَر غَضًى جَلَسْنَ عَلَيْهِ حَامِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 414 2187- أَصَبُّ مِنَ الْمُتَمَنِّيَةِ. هذا مثل من أمثال أهل المدينة سار في صدر الإسلام، والمتمنية: امرأة مَدَنية [ص: 415] عَشِقت فتىً من بني سُلَيم يقال له: نَصْر بن حَجَّاج، وكان أحْسَنَ أهل زمانه صُورة، فَضَنِيَتْ من حبه، ودَنِفَتْ من الوَجْدِ به، ثم لَهِجَتْ بذكره، حتى صار ذكره هِجِّيرَاهَا، فمرَّ عُمَر بن الخطاب رضي الله عنه ذات ليلة بباب دارها، فسمعها تقول رافعةً عَقِيرَتهَا: ألا سَبيلَ إلى خَمْرٍ فأشْرَبَهَا ... أم لاَ سَبِيلَ إلى نَصْر بن حَجَّاجِ فقال عمر رضي الله عنه: مَنْ هذه المتمنية؟ فعرف خَبَرَها، فلما أصبح استحضر الفتى المتمنَّى، فلما رآه بَهَرَه جمالُه، فقال له: أأنت الذي تتمناكَ الغانياتُ في خدورهن؟ لا أمُّ لك! أما والله لأزيلَنَّ عنك رِدَاء الجمال، ثم دعا بحجَّام فحَلَقَ جُمَّته، ثم تأمَّله فقال له: أنت مَحْلُوقاً أَحْسَنُ، فقال: وأيُّ ذنب لي في ذلك؟ فقال: صدقت، الذنْبُ لي أَنْ تركتُكَ في دار الهجرة، ثم أركَبَهُ جملا وسَيَّره إلى البَصْرة، وكتب إلى مُجَاشع ابن مسعود السُّلَمي: إني قد سَيَّرْتُ المتمنَّي نصرَ بن حجَّاج السُّلمي إلى البصرة، فاسْتَلَبَ نساءُ المدينة لفظةَ عمر، فضر بْنَ بها المثل، وقلن "أصَبُّ من المتمنية" فسارت مثلا. قال حمزة: وزْعم النسابون أن المتمنية كانت الفريعة بنت هَمَّام أم الحجاج بن يوسف، وكانت حين عَشِقَتْ نصراً تحت المُغِيرة بن شُعْبة، واحتجوا في ذلك بحديث رَوَوْه، زعموا أن الحجاج حضَرَ مجلس عبد الملك يوماً وعُرْوَة بن الزبير عنده يحدثه ويقول: قال أبو بكر كذا، وسمعت أبا بكر يقول كذا، يعني أخاه عَبْدَ الله بن الزبير، فقال له الحجاج: أعند أمير المؤمنين تَكْنَي أخاك المنافق؟ لا أم لك! فقال له عروة: يا ابن المتمنية ألي تقول هذا؟ لا أم لك وأنا ابن عجائز الجَنَّة صفِيَّة وخَدِيجة وأسماء وعائشة رضي الله عنهن. وكما قالوا بالمدينة "أصب من المتمنية" قالوا بالبصرة "أدْنَفُ من المتمنَّى" وذلك أن نصر بن حجاج لما ورَدَ البصرةَ أخذ الناسُ يسألون عنه، ويقولون: أين هذا المتمني الذي سَيَّرهُ عمر رضي الله عنه؟ فغلب هذا الاسم عليه بالبصرة كما غلب ذلك الاسم على عشيقته بالمدينة. ومن حديث هذا المثل أن نصراً لما ورد البصرة أنزله مُجَاشع بن مسعود السُّلَمي منزلَه من أجل قَرَابته، وأَخْدَمَه امرأته شُمَيْلة، وكانت أجملَ امرأة بالبصرة، فعلقته وعَلِقها، وخفي على كل واحدٍ منهما خبرُ الآخر، لملازمة مُجَاشع لضَيْفه، وكان مجاشع [ص: 416] أمياً ونَصْر وشُمَيلة كاتبين، فَعِيلَ صبرُ نصر، فكتب على الأرض بحضرة مجاشع: إني قد أحببتك حباً لو كان فَوْقَك لأظَلَّكِ، ولو كان تحتك لأقَلَّكِ، فوقَّعَتْ تحته غير محتشمة: وأنا، فقال لها مجاشع: ما الذي كَتَبه؟ فقالت: كتب كم تَحْلب ناقتكم؟ فقال: وما الذي كتبت تحته؟ فقالت: كتبت وأنا، فقال مجاشع: كم تَحْلب ناقتكم، وأنا، ما هذا لهذا بطبق، فقالت: أصدقك إنه كتب كم تغلُّ أرضكم؟ فقال مجاشع: كم تغل أرضكم، وأنا، ما بين كلامه وجوابك قرابة، ثم كَفَأ على الكتابة جَفْنة ودعا بغلام من الكُتَّاب، فقرأ عليه، فالتفت إلى نَصْر فقال له: يا ابن عم ما سَيَّرَكَ عمر من خيرٍ فقم، فإنَّ وراءك أوسَعَ، فنهض مستحيياً، وعَدَلَ إلى منزل بعض السَّلَمين، ووقع لجنبه، فضَنِىَ من حب شُمَيْلة، ودَنِفَ حتى صار رَحْمَة، وانتشر خبره، فضرب نساء البصرة به المثل، فقلن "أَدْنَفُ من المتمنَّى" ثم إن مجاشعاً وقف على خبر علة نصر بن حجاج، فدخل عليه فلحقته رقَّة، لما رأى به من الدنف، فرجع إلى بيته وقال لشُمَيْلة: عَزَمْتُ عليكِ لما أخذت خُبْزَة فَلَبَكْتِهَا بسمن ثم بادرتِ بها إلى نصر، فبادت بها إليه، فلم يكن به نهوض، فضمته إلى صَدْرها، وجععلت تلقمه بيدها، فعادت قُوَاه وبرأ كأنْ لم يكن به قَلَبة (القلبة - بالتحريك - الداء، والعيب أيضا) فقال بعض عُوَّاده: قاتل الله الأعشى فكأنه شَهِدَ منهما النجوى حيث قال: لو أَسْنَدَتْ مَيْتاً إلى صَدْرِهَا ... عَاشَ وَلَمْ يُنْقَلْ إلى قَابِرِ فلما فارقته عاود النُّكْس، فلم يزل يتردد في علته حتى مات فيها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 414 2188- أَصْلَفُ مِنْ مِلْحٍ فِي مَاءَ. الصِّلَف: قلة الخير. يضرب لمن لا خير فيه، وذلك أن الملح إذا وقَعَ في الماء ذاب فلا يبقى منه شيء، ومنه "صَلِفَتِ المرأة" إذا لم يَبْقَ لها عند زوجها قَدْر ومَنْزِلة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 416 2189- أَصْلَفُ مَنْ جَوْزَتَيْن فِي غَرَارةٍ. لأنهما يُصَوِّتان باصطكاكهما، ولا معنى وراءهما. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 416 2190- أَصْلَبُ مِنَ الأنْضُرِ. يعنون جمع النِّضر، وهو الذهب. وَ"مِنَ الْجَنْدَلِ"وَ"مِنَ الحَجَرِ"، وَ"مِنَ الحَدِيدِ"، وَ"مِنَ النُّضَارِ"، وَ"مِنْ عُودِ النَّبْعِ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 416 2191- أَصْفَى مِنَ الدَّمْعَةِ، و"مِن المَاءِ" و"مِنْ عَيْن الْغُرَابِ" و"مِنْ عَيْنِ الدِّيْكِ" و"مِنْ لُعَابِ الْجُنْدَبِ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 417 2192- أَصْعَبُ مِنْ رَدِّ الْجَمُوحٍ، و"مِنْ نَقْلِ صَخْرٍ" و "مِنْ قَضْمِ قَتّ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 417 2193- أَصْفَرُ مِنْ لَيْلَةِ الصَّدَرِ، و "مِنْ بُلْبُلٍ". هذا من الصفير، والأول من الصِّفَر والخَلَاء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 417 2194- أَصْيَدُ مِنْ لَيْثِ عِفِرِّينَ، و"مِنْ ضَيْوَنٍ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 417 2195- أَصْبَرُ مِنْ حِمَارِ، و"مِنْ ضَبٍّ"، و "مِنَ الْوَدِّ عَلَى الذُّل"، و"مِنَ الأثَافِي عَلَى النَّارِ"، و "مِنَ الأَرْضِ"، و "مِنْ حَجَرٍ "، و" مِنْ جِذْلِ الطِّعَانِ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 417 2196- أَصْنَعُ مِنْ دُودِ الْقَزِّ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 417 2197- أَصَحُّ مِنْ ظَبْيٍ، و"مِنْ ظَلِيمٍ"، و"مِنْ ذِئْبٍ"، و "مِنْ عَيْرِ الْفَلاَةِ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 417 1982- أَصغَرُ مِنْ قُرَادٍ، و"مِنْ صُؤَابَةٍ"، و"مِنْ حَبَّةٍ" و"مِنْ صَعْوَةٍ" و"مِنْ صَعَة". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 417 المولدون الجزء: 1 ¦ الصفحة: 417 صُوَرةُ المَوَدَّةِ الصِّدْقُ. َصاِحُب الحَاجَةِ أعْمَى. صَارَتِ الْبِئْرُ المُعَطَّلَةُ قَصْراً مَشِيداً يضرب للوضيع يرتفع صَاحِبُ ثَرِيدٍ وَعَافِيَةٍ. يضرب لمن عرف بسلامة الصدر. صَارَ إِلَى مَا مِنْهُ خُلِقَ. يضرب للميت صَارَ الأَمْرُ حَقِيقَةً، كَعِيَانِ الطَّرِيقَةِ. صَلاَبَةُ الْوَجْهِ خَيْرٌ مِنْ غَلَّةِ بُسْتَانٍ. صَفْقَةٌ بِنَقْدٍ خَيْرٌ مِنْ بَدْرَةٍ بِنَسِيئَةٍ. صَبَعَةُ الشَّيْطَانُ. [ص: 418] يضرب للتأوه في ولايته صَدِيقُ الْوَالِدِ عَمُّ الْوَلدِ. صَامَ حَوْلاً، ثُمَّ شَرِبَ بَوْلاً. صَبْرُ سَاعَةٍ أَطْوَلُ لِلرَّاحَةِ. صِيغَ وفَاقَ الْهَوى وَكَفَى المُرَادَ. صَبْرُكَ عَنْ مَحَارِمِ الله، أيْسَرُ مِنْ صَبْرِكَ عَلَى عَذَابِ الله. الصَّعْوُ فِي النَّزْعِ وَالصِّبْيَانُ فِي الطَّرَبِ. الصَّبْرُ مِفْتَاحُ الْفَرَجِ. الإِصلاَحُ أَحَدُ الْكَاسِبَين. الصِّنَاعَةُ فِي الْكَفِّ أَمَانٌ مِنَ الْفَقْرِ. الصَّرْفُ لاَ يَحْتَمِلُهُ الظَّرْفُ. أصَابَ الْيَهُودِيُّ لَحْماً رَخِيصاً فَقَالَ هذَا مُنْتِنٌ. الصَّبُوحُ جَمُوحٌ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 417 الباب الخامس عشر فيما أوله ضاد معجمة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 418 2199- ضَرَبَ أَخْمَاساً لأَسْدَاسٍ. الخِمْسُ والسِّدْسُ: من أظماء الإِبل، والأصل فيه أن الرجل إذا أراد سفراً بعيداً عَوَّدَ إبلَه أن تشرب خِمْسَاً، ثم سِدْسَاً، حتى إذا أخَذَتْ في السير صَبَرَتْ عن الماء، وضرب بمعنى بَيَّن وأظهر، كقوله تعالى (ضَرَبَ لكم مَثَلاً [مِنْ أنْفُسِكُمْ] ) والمعنى أظهر أخماساً لأجل أسداس: أي رقي إبله من الخِمْس إلى السِّدْسِ. يضرب لمن يظهر شيئاً ويريد غيره أنشد ثعلب: الله يعلم لَوْلاَ أنني فَرِقٌ ... مِنَ الأمير لَعَاتَبْتُ ابْنُ نِبْرَاسِ في مَوْعِدٍ قاله لي ثم أخلفني ... غدا غدا ضرب أخماس لأسداس الجزء: 1 ¦ الصفحة: 418 2200- ضَرَبَ في جَهَازِهِ أصلُه في البعير يشقط عن ظهره القَتَبُ بأداته فيقع بين قوائمه، فينفر منه حتى يذهب في الأرض، وضَرَبَ: معناه سار، و"في "من صلة المعنى، أي صار عاثراً في جَهَازِهِ. يضرب لمن يَنْفِرُ عن الشي نفوراً لا يعود بعده إليه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 418 2201- ضَرَبَ عَلَيْهِ جِرْوَتَهُ الجِرْوَة: النفسُ ههنا، أي وطَّنَ عليه [ص: 419] نفسَه، وكذلك " ألقى جِرْوَتَه" وقال ابن الأعرابي: معناه اعْتَرَفَ له وصبَر عليه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 418 2202- ضِغْثٌ عَلَى إِبَّالَةٍ الإبَّالة: الحُزْمَة من الحَطَب، والضِّغْث: قَبْضَة من حشيش مختلطة الرطب باليابس، ويروى " إيبالة" وبعضهم يقول " إبَالَة" مخففاً، وأنشد: لِي كُلَّ يَوْمٍ مِنْ ذُؤَالَةْ ... ضِغْثٌ يَزِيدُ عَلَى إبَالَهْ ومعنى المثل بَلِيَّةٌ على أخرى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 419 2203- ضَرَبَةُ ضَرْبَ غَرَائِبِ اْلإِبِلِ ويروى "أضْرِبْهُ ضَرْبَ غَريبة الإبِلِ" وذلك أن الغَريبة تزدحم على الحِيَاض عند الوِرْد، وصاحب الحوض يَطْرُدها ويضربها بسبب إبله، ومنه قول الحجاج في خُطْبته يُهَدِّد أهلَ العراق "والله لأضْرِبَنَّكُمْ ضَرْبَ غرائب الإبل " قال الأعشى: كَطَوْافِ الغَرِيبَةِ وَسْطَ الحِيَاضِ ... تَخَافُ الرَّدَى وَتُرِيدُ الجِفَارَا يضرب في دَفْعِ الظالم عن ظلمه بأشدِّ ما يمكن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 419 2204- ضَلَّ دُرَيصٌ نَفَقَهُ. ويروى "ضَلَّ الدُّرَيْصُ نفقهُ"الدِّرْصُ: ولد الفأرة واليربوع والهرة وأشباه ذلك، ونَفَقُه: حُجْره، ويقال: ضلَّ عن سواء السبيل، إذا مال عنه، وضلَّ المسجدَ والدار، إذا لم يَهْتَدِ إليهما ولم يعرفهما يضرب لمن يُعْنَى بأمره ويُعِدُّ حُجَّةً لخصمه فينسى عند الحاجة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 419 2205- ضَحَّ رُوَيْداً. هذا أمر من التضحية، أي لا تَعْجَلْ في ذَبْحها، ثم استعير في النَّهْي عن العَجَلة في الأمر، ويقال : ضَحِّ رويداً لم تُرَعْ، أي لم تفزع، ويقال: ضّحِّ رويداً تدرك الهَيْجَا حَمَلَ، يعني حَمَلَ بن بَدْر، وقال زيدُ الخيل: فَلَوْ أن نَصْراً أصْلَحَتْ ذَاتَ بَيْنِنَا ... لضَحَّتْ روُيْداً عَنْ مَطَالِبِهَا عَمْرُو ولكنَّ نَصْراً أرْتَعَتْ وتَخَاذَلَتْ ... وكَانَتْ قدَيِماً مِنْ خَلاَئِقِهَا الغَفْرُ أي المغفرة، ونصرٌ وعمرٌو: ابْنا قُعَيْن، وهما حَيَّان من بني أسد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 419 2206- ضَلَّ حِلْمُ اُمْرَأةٍ فأَيْنَ عَيْنَاهَا. أي هَبْ أن عَقْلها ذَهَب فأين ذهب بَصَرُها. يضرب في اسبعاد عقل الحليم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 419 2207- ضَرِيَتْ فَهْيَ تَخْطَفُ. يعني العُقاب. [ص: 420] يضرب لمن يجترىء عليك فَيُعَاود مَسَاءتك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 419 2208- الضَّجُورُ قَدْ تَحْلَبُ العُلْبَةَ. الضَّجُور: الناقة الكثيرة الرُّغَاء فهي تَرْغُو وتَحْلُب. يضرب للبخيل يُسْتَخْرج منه الشيء وإن رَغِمَ أَنْفُه. ونصب العلبة على المصدر، كأنه قيل: قد تحلب الحلبة المعهودة، وهي أن تكون مِلءْ العُلْبة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 420 2209- ضَرَبَ وَجْهَ اْلأَمْرِ وَعَيْنَهُ. يضرب لمن يُدَاور الشؤون ويُقَلِّبُها ظهراً لبطن من حسن التدبير. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 420 2210- أَضْحَكُ مِنْ ضَرِطِهِ وَيَضْرِطُ مِنْ ضَحِكِى. أصله أن رجلا كان في عِصَابة يتحدثون، فضرط رجل منهم، فضحك رجل من القوم، فلما رآه الضارط يضحك ضحك الضارط فاستغرق في الضحك، فجعل لا يملك اُسته ضَراطاً فقال الضاحك: العجب ُ أضْحَكُ من ضَرِطه ويَضْرِطُ من ضحكى، فأرسلها مثلا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 420 2211- أَضَرِطاً وَأَنْتَ اْلأَعْلى. قاله سُلَيْك بن سُلَكة السَّعْدي، وذلك أنه بينما هو نائم إذ جَثَم عليه رجل من الليل، وقال: اسْتَأسِرْ، فرفَعَ إليه سليكٌ رأسَه، فقال: الليل طويل وأنْتَ مُقْمِرٌ، فأرسلها مثلا، ثم جعل الرجل يَلْهَزُه ويقول: ياخبيثُ استأسِرْ، فلما آذاه بذلك أخْرَجَ سليكٌ يَدَه وضَمَّ الرجلَ إليه ضَمَّة أضرطته وهو فوقه، فقال له سليك: أضَرِاطاً وأنت الأعلى؟ فأرسلها مثلا. يضرب لمن يشكو في غير موضع الشَّكْو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 420 2212- ضَرَحَ الشَّمُوسَ نَاجِزاً بِنَاجزِ. الضَّرْحُ: الدَّفْعُ بالرِّجْل، وأصله التنحية يضرب لمن يكابِدُ مثلَه في الشراسة. ونصب "ناجزا" على الحال. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 420 2213- ضَرِطٌ ذَلِكَ. تزعم العرب أن الأسد رأى الحمار، فرأى شدةَ حوافِرِه وعظم أذنيه وعظم أسنانه وبطنه، فهَابَهُ وقال: إن هذا الدابة لمنكر، وإنه لَخَليق أن يغلبني، فلو زُرْتُه ونظرت ما عنده، فدنا منه فقال: يا حمار أرأيت حوافرك هذه المنكرة لأي شيء هي؟ قال: للأكم، فقال الأسد: قد أمنت حوافره، فقال: أرأيت أسنانَكَ هذه لأي شيء هي؟ قال: للحنظل، قال الأسد: قد أمنتُ أسنانه، قال: أرأيْتَ أذنيك هاتين المنكرتين لأي شيء هما؟ قال: للذباب، قال: أرأيت بطنك هذا لأي شيء [ص: 421] هو؟ قال : ضَرِطٌ ذلك، فعلم أنه لا غَنَاء عنده، فافترسَهُ. يضرب لما يَهُولُ منظرهُ ولا معنى وراءه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 420 2214- الضَّبُعُ تأكلُ العِظاَمَ ولاَ تَدْرِي ما قَدْرُ اُسْتِهَا. يضرب للذي يُسْرِفُ في الشيء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 421 2215- اُضْطَرَّهُ السَّيْلُ إِلَى مَعْطَشَةٍ. يضرب لمن ألقاه الخيرُ الذي كان فيه إلى شر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 421 2216- أضِىءْ لِيَ أقْدَحْ لَكَ. أي كُنْ لي أكُنْ لك، وقيل: بين لي حاجَتَكَ حتى أسعى فيها، كأنه رأى في لفظ السائل استبهاما فقال له: صَرَّحْ ما تريد أحَصِّلْ لك غرضا، ويروى" أكْدَحْ لك" يضرب للمساواة في المكافأة بالأفعال. وقال يونس بن حبيب: زعم بعضُ العرب أنه هزؤ، لأنه إذا قال"أضيء لي" كيف يقول "أقدح لك" لأن القادر على القَدْح لا يتعرض لإضاءة غيره، كأنه يقول: وَاسِنِي مع استعنائي عن ذلك، هذا كلامه، وحقيقة المعنى كن لي أكثر مما أكون لك، لأن الإضاءة أكثر من القدح. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 421 2217- ضَرَبَه فَرَكِبَ قُطْرَهُ. إذا سقط ععلى أحد قُطْرَيْه، أي جانبيه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 421 2218- ضَعِيفُ العَصَا. يقال للراعي الشَّفِيق: هو ضعيف العصا، وفي ضده: صُلْبُ الْعَصَا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 421 2219- ضَرِطُ الْبَلْقَاءَ جاَلَتْ فيِ الرَّسَنِ. قال ابن الأعرابي: يضرب للباطل الذي لا يكون، وللذي يَعِدُ الباطلَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 421 2220- ضَرْبُكَ بِالْفطِّيسِ خَيْرٌ مِنَ المطْرَقَةِ. أي إذا أذلَّكَ إنسان فليكن أكْبَرَ منك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 421 2221- ضَغا مِنِّي وَهْوَ ضَغَاء. أصل الضَّغْو في الكلب والثعلب إذا اشتدَّ عليه أمر عَوَى عُوَاء ضعيفا، ثم كثر ذلك حتى جعل لكل مَنْ عَجَز عن شيء، وضَغَا المُقَامِرُ ضَغْواً وضُغَاءً، إذا خان ولم يَعْدِلْ يضرب لمن لا يقدر من الانتقام إلا على صِياح الجزء: 1 ¦ الصفحة: 421 2222- ضُلُّ بْنُ ضُلٍّ. يضرب لمن لا يُعْرَفُ هو ولا أبوه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 421 2223- ضَرْباً وَطَعْناً أَوْ يَمُوتَ اْلأَعْجَلُ. يضرب للعدو، أي نتجاهد حتى يموت أعجلُنا أجلا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 421 2224- أَضْلَلْتَ مِنْ عَشْرٍ ثماَنِيَا. يضرب لمن يُفْسد أكْثَرَ ما يليه من الأمر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 421 2225- ضَرَطَ وَرْدَانُ بِوَادٍ قٍّي. وَرْدَان: اسم حمار، والقِيُّ: الفَلَاة. يضرب لمن يخاصم غيرَه في باطل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 422 2226- ضَرِطُ البَلْقاءِ وَخْوَاخٌ نَفِقٌ. الوَخْوَاخ: الضعيف، والنَّفِقُ: السريع النَّفَاد. يضرب للنَّفَّاج المُبَقْبِق (النفاج: الذي يفخر بما ليس عنده، والمبقبق: المكثار) ويروى "ضَرِطُ" رفعا ونصبا، فالرفع على تقدير هذا ضرط، والنصب على المصدر: أي ضَرِطَ ضَرِطَ البلقاءِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 422 2227- الضَّرْبُ يُجْلِي عَنْكَ لاَ الْوَعِيدُ. يعني لا يدفع الوعيدُ عنك الشرِّ، وإنما يدفعه الضرب، وهذا كقولهم "الصِّدْقُ ينبىء عنك لا الوعيد". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 422 2228- ضَجَّتْ فَزدْهَا نَوْطاً. النَّوْط: جُلَّة صغيرة فيها تمر تُعَلَّق من البعير، وضَجَّت: ضَجِرَتْ يضرب لمن يُكَلِّفُ حاجة فلا يضبطها فيطلب أن يخفف عنه فيزداد أخرى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 422 2229- ضَاقَتْ عَلَيْهِ اْلأَرْضُ بِرُحْبِهَا. يضرب لمن يَتَلَدَّد في أمره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 422 2230- ضَرِمَ شَذَاهُ. يضرب للجائع إذا اشتدَّ جُوعُه، قاله الخليل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 422 2231- ضَبِّبُوا لصَبِيَّكُمْ. يقال أيضاً"ضَبِّبْ لأخيك واستبقه" الضبيبة: سَمْن ورُبٌّ يجعل في العُكَّة للصبي يُطْعَمه. يضرب في إبقاء الإخاء وتربية المودة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 422 2232- ضَرَبَهُ ضَرْبَةُ ابْنَة اقْعُدى وَقُومِي. أي ضربةَ مَنْ يُقال لها اقعدي وقومي، يعني ضربة أَمَةٍ، لقيامها وقعودها في خدمة مَوَاليها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 422 2233- ضِباَبُ أرْضِ حَرْشُهَا اْلأَرَاقِمُ. حَرْشُها: أي مَحْرُوشها وما يحصل عليه منها، والأرقم، الحية تَقْتُل إذا لسعت. يضرب لمن له هَيْبَة وجَاه ثم لا يسلم عليه جار ولا قريب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 422 2234- ضُرُوعُ مَعْزٍ ماَلَهَا أَرمْاَثُ. الرِّمْثُ: بقية قليلة من اللبن تبقى في الضَّرْع، يعني أن هذه مَعْزٌ لا أرماث لها في ضُرُوعها. يضرب لمن له ظاهرُ بِشْرٍ ولا يكون وراءه إحسان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 422 2235- ضَرَُّه جَبَّارٍ رَعَاهَا المُنْصُلُ. الضَّرَّةُ: المالُ الكثيرمن الإبل والشاء وجميعِ السوائم، ورَجُلٌ مُضِرٌ، إذا كان صاحب أموال كثيرة. يضرب للضعيف يستجير القويَّ فيحميه ويكنُفُه بِكَنَفِهِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 423 2236- ضَائِفُ اللَّيْثِ قَتِيلُ الْمَحْلِ. يقال: ضَافَه يَضِيفه، إذا أتاه ضَيْفا، يقول: لا يَضيف الأسدَ إلا من قَتَله المَحْلُ والجَدْبُ. يضرب لمن اضطر فغرَّر بنفسه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 423 2237- ضَوَارِبٌ بُسَّتْ لِعَرْفٍ باْليَدِ. الضارب: الناقَة تضرب حالبَهَا، ولم يلحق الهاء لأنها في مَعْرِض النسبة، أي ذات الضرب، كقولهم: امرأة حائض، ولاَبِنٌ، وتامر، والبَسُّ: السَّوْق اللين، والعَرْف والعَرْفَة: قُرُوحٌ تخرج باليد، يقال: رجل مَعْرُوف، إذا كان به عَرْفَة، وإذا عُرِفَ الحالبُ لم يقدر أن يحلب، والتقدير: هذه نوقٌ ضوارب سِيَقتْ إذا ذي عَرْف بيده ليحلبها. يضرب لمن كُلِّفَ ما يعجز عنه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 423 2238- ضَبَّةُ حُزْنٍ في حَوَامِي قَلَعٍ. الحَوَامي: النواحي والأطراف، والقَلَع: الصخرة (الصواب أن القلع جمع قلعة - بفتحات - وهي الصخرة العظيمة) العظيمة، والضَّبَّة إذا كانت في مثل هذا المكان لا يقدر عليها صائدها. يضرب لليقِظِ الحازم لا يخادِع عن نفسه وماله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 423 2239- ضَيَّقَ الْغَزْوُ اُسْتَهُ. يضرب للجَبَان يحضُر الحربَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 423 2240- ضَرْبَةٌ بَيْضَاءُ في ظَرْفِ سَوْءٍ. الضَّرْبُ: العَسَلُ الأبيض الغليظ. يضرب للسيء المَرْآة الكَرِيم الخُبْر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 423 2241- أضَرِاطاً آخِرَ الْيَوْمِ وَقَدْ زَالَ الظُّهْرُ. أي تضرط ضرطاً، نصبه على المصدر، وهذا المثل قاله عمرو بن تِقْن للقمان بن عاد حين نهض لقمان بالدَّلْو فضرط، وقد ذكرته في باب الهمزة عند قوله "إحْدَى حُظَيَّات لُقْمَان" في قصة طويلة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 423 2242- ضَجَّ فَزِدْهُ وِقْراً. هذا مثل قولهم "إن جرجر العود فزده نوطا" وقد مر قبل هذا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 423 ما جاء على أفعل من هذا الباب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 424 2243- أضْبَطُ منْ عَائِشَةَ بْنِ عَثْم. من بني عَبْشَمْس بن سعد، وكان من حديثه أنه سَقَى إبله يوماً وقد أنزل أخاه في الركيَّةِ يَميحُه، وازدحمت الإبل فهَوَتْ بَكْرة منها في البئر، فأخذ بذَنَبها، وصاح به أخوه: يا أخي الموت، قال: ذاك إلى ذَنَب البَكْرَةِ، يريد إذا انقطع ذَنَبُها وقعت، ثم اجتذبها فأخرجها، فضرب به المثل في قوة الضَّبْطِ، فقيل "أضْبَطُ من عائشة بن عثم " هذه رواية حمزة وأبي الندى وقال المندري " عابسة " بالباء والسين من العُبُوس، والله أعلم. وقال بعضهم: عائشة بن غنم الغين والنون. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 424 2244- أضعَفُ منْ يَدٍ فِي رَحِمٍ، وَأضَلُّ منْ يَدٍ في رَحِمٍ. يريد الجَنِين، قاله أبو عمرو، وقيل: معناه أن صاحبها يتوقَّى أن يصيبَ بيده شيئاً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 424 2245- أضْيَعُ منْ قَمَرِ الشِّتَاءٍ. لأنه لا يُجْلَسَ فيه، ولابن حجاج يصف نفسه: حَدَث السِّن لم يَزَلْ يتلَهَّى ... علمه بالَمَشايخِ العُلَمَاءِ خَاطِرٌ يَصْفَعُ الفرزدقَ في الشِّعْ ... ـرِ (الشعر) وَنَحْو ينيك أمَّ الكسائي غَيْرَ أني أَصْبَحتُ أَضْيَعَ في القو ... مِ مِنَ البَدْرِ في لَيَالِي الشِتِّاَءِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 424 2246- أَضْيَعُ مِنْ غِمْدٍ بِغَيرِ نَصْلٍ. قال حمزة: ذكره بعضُ الشعراء بأحْسَن لفظ فقال: وإني وإسماعيلَ يومَ وَدَاعِهِ ... لَكاَلْغِمْدِ يَوْمَ الرَّوْع فَارَقهُ النَّصْلُ فَإِنَّ أغْشَ قَوْماً بَعْدَهُ أوْ أزُرْهُمُ ... فَكاَلْوَحْشِ يُدْنِيهَا مِنَ الأنَسِ المَحْلُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 424 2247- أَضْيَعُ مِنْ دَمِ سَلاَّغٍ. ويروى بالعين غير معجمة، قال حمزة: هو رجل من عبد القيس، له حديث في مثل آخر" دم سلاغ جُبَار" قال: وهذان المثلان حكاهما النضر بن شميل في كتابه في الأمثال، قال أبو الندى: قُتل سلاغ بحضرموت، فترك دمه وثأره فلم يُطْلَبْ، فضربت العربُ به المثلَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 424 2248- أَضَلُّ مِنْ مَؤْوُدَةٍ. هي اسم كان يقع لى مَنْ كانت العربُ [ص: 425] تدفنها حَيَّةً من بناتها، قال حمزة: واشتقاق ذلك من قولهم "قد آدَهَا بالتراب " أي أثْقَلَها به، ويقولون: آدَتْه العلَّة، ويقول الرجل للرجل: اتَّئِدْ، أي تثبت في أمرك قلت: هذا حكم فيه خلل، وذلك أن قوله اشتقاق المؤودة من آدها بالتراب لا يستقم لأن الأول من المعتل الفاء، والثاني من المعتل العين، تقول من الأول: وأد يَئِدُ وَأْداً، ومن الثاني آد يؤد أودا، اللهم إلا أن يجعل من المقلوب، ولا أعلم أحداً حكم به قال حمزة: وذكر الهيثم بن عدي أن الوأد كان مستعملا في قبائل العرب قاطبة، وكان يستعمله واحد ويترك عشرة، فجاء الإسلام وقد قلَّ ذلك فيها إلا من بني تميم فإنه تزايد فيهم ذلك قبل الإسلام، وكان السبب في ذلك أنهم منعوا الملك ضَرِيبته، وهي الإتاوة التي كانت عليهم، فجرَّدَ إليهم النعمانُ أخاه الريان مع دَوْسَر، ودوسر: إحدى كتائبه، وكان أكثر رجالها من بكربن وائل، فاستاق نَعَمَهم وسَبَى ذراريهم، وفي ذلك يقول أبو المشمرج اليشكري: لما رأوا رَايَةَ النعمان مُقْبِلَةً ... قالُوا ألا لَيْتَ أدْنى دارِناَ عَدَنُ يا لَيْتَ أمَّ تميم لم تكُنْ عَرَفَتْ ... مُرّاً وكانَتْ كمن أوْدَى به الزَّمَنُ إن تَقْتُلُونَا فأعْيَارٌ مُجَدَّعَةٌ ... أو تُنْعِمُوا فقديماً منكمُ المِنَنُ فوفدت وفود بني تميم على النعمان بن المنذر وكَلَّموه في الذَّرَارِي، فحكم النعمان بأن يجعل الخيار في ذلك إلى النساء، فأية امرأة اختارت زوجها رُدَّت عليه، فاختلفن في الخيار، وكان فيهنَّ بنت لقيس بن عاصم فاختارت سابيَهَا على زوجها، فَنَذَرَ قيس بن عاصم أن يدسَّ كل بنت تولَدُ له في التراب، فوأَدَ بِضْعَ عَشْرَةَ بنتا، وبصنيع قيس بن عاصم وإحيائه هذه السُّنَّةَ نزل القرآن في ذم وأد البنات. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 424 2249- أَضَلُّ مِنْ سِنَانٍ. هو سِنَان بن أبي حارثة المُرِّي. وكان قومُه عَنَّفُوة على الجود فقال: لا أراني يُؤْخَذُ على يدي، فركب ناقةً له يقال لها الجهول، ورمى بها الفلاة، فلم يُرَ بعد ذلك، فسَمَّتْه العربُ"ضَالَّةَ غَطَفَان" وقالوا في ضرب المثل به: لا أفعلُ ذلك حتى يرجع ضَلَّةُ غطفان، كما قالوا: لا أفعل ذلك حتى يرجع قارظُ عَنَزَة، وقال زهير في ذلك: إنَّ الرزيَّةَ لا رزيةَ مثلها ... ما تَبْتَغِى غَطَفَانُ يَوْمَ أضَلَّتِ [ص: 426] إنَّ الركاَبَ لَتَبْغَيِ ذَا مرة ... بِجَنُوبِ خَبْت إذَا الشُّهُورُ أَهَلَّتِ وزعمت أعراب بني مرة أن ينانا لما هام استفحلته الجن تطلب كرمَ نجله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 425 2250- أَضَلُّ مِنْ قَارِظِ عَنَزَةَ. هو يذكر بن عنزة، واقتصَّ ابنُ الأعرابي حديثه فذكر أن بسببه كان خروج قُضَاعة من مكة، وذلك أن جزيمة بن مالك بن نَهْد هَوْيَ فاطمة بنت يذكر بن عنزة، فطرد عنها، فخرج ذاتَ يوم هو وأبوها يذكر يطلبان القَرَظَ، فمرا بقليب فيه مُعَسَّلُ النَّحْلِ، فتقارَعَا للنزول فيه، فوقعت القرعة على يذكر، فنزل واجْتَنَى العسَلَ حتى رفع منه حاجته، ثم قال: أخْرِجْنِي، فقال جزيمة كلا أخرجك أو تُزَوِّجَنِي فاطمة، فقال: أما وأنا على هذه الحالة فلا، ولكن أخرجني ثم اخطبها فإني أزوجكها، فأبى وتركه ومضى، فلما انصرف إلى الحي سألوه عنه فقال: أخذ طريقاً وأخذت أخرى، فلم يقبلوا منه، ثم سمعوه يترنم بهذا الشعر: فَتَاةٌ كأنَّ فُتَاتَ الْعَبِيرِ ... بِفِيهَا يُعَلُّ بهِ الزَّنْجَبِيلْ قَتَلْتُ أبَاهَا عَلَى حُبَّهَا ... فيمنَعُني نَيْلَهَا أوْ تُنيِلْ فاتهموه وأرادوا قتله، فمنعه قومُه، فاحتربت بكر وقُضَاعة بسببه، فكان أول سبب لتفرقهم عن تهامة، فلما أخذوا يتفرقون قيل لجزيمة: إن فاطمة قد ذُهِبَ بها فلا سبيل إليها، فقال: أما ما دامت حية فإني أطمع فيها، وقال في ذلك: إذَا الَجْوزَاءُ أرْدَفَتِ الثريَّا ... ظَنَنْتُ بآلِ فَاطِمَةَ الظُّنُونَا وَأعرِضُ دُونَ ذَلِكَ مِنْ هُمُومِي ... هُمُوم تُخْرِجُ الدَّاءَ الدَّفِينَا قال أبو الندى: أي إذا كان الصيفُ ورجع الناسُ إلى المياه ظننت بها على أيّ المياه هي، فهذا هو حديث أحد القارظين. وأما القارظ الثاني فليس له حديث، غير أنه فُقِدَ في طلب القَرَظِ، واسمه (في القاموس أن اسمه "عامر بن رهم" وفي الصحاح أنه "المنخل") هميم وقد ذكرت بعض هذا في حرف الحاء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 426 2251- أَضَلُّ مِنْ ضَبٍّ، و"مِنْ وَرَلٍ" و"مِنْ وَلَدِ الْيَرْبُوعِ". لأنها إذا خرجَت من جِحَرَتها لم تَهْتَدِ إلى الرجوع إليها، وسوء الهداية أكثر ما يوجد في الضب والورل والديك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 426 2252- أَضَلُّ مِنْ يَدٍ فِي رَحِمٍ. زعم محمد بن حبيب أنها يدُ الجنين، وقال غيره: هي يد الناتج. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 427 2253- أَضْيَقُ مِنْ ظِلِّ الرُّمْحِ، و"مِنَ خَرْتِ الأبْرَةِ" و"مِنْ سَمّ الِخْيَاطِ" ويقال أيضاً: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 427 2254- أَضْيَقُ مِنْ زُجٍّ. يعنون زُجَّ الرُّمْحِ. و"مِنْ تِسعين" أرادوا عَقْدَ تسعين، لأنه أضيق العقود قال الشاعر: مضى يوسفٌ عنَّا بِتِسْعيَنَ دِرْهَماً ... فَعَاد وَثُلْثُ المالِ في كَفِّ يُوسُفِ وكيفَ يُرَجَّى بَعْدَ هذا صَلاَحُهُ ... وقَدْ ضَاعَ ثُلْثَا مالِهِ فِي التَّصَرُّفِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 427 2255- أَضْيَقُ مِنْ مَبْعِج الضَّبِّ. هو ُسْتَقَرُّ الضب في جحره حيث يبعجه: أي يشقه ويُوَسِّعُه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 427 2256- أَضْيَقُ مِنَ الُّنْخُروبِ. وهو بيت الزَّنابير. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 427 2257- أَضْعَفُ مِنْ بَقَّةٍ، و"مِنْ بَعُوضَةٍ "ومِنْ فَرَاشةٍ" و"مِنْ قارُورةٍ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 427 2258- أَضْعَفُ مِنْ بَرْوَقةٍ. هي شجرة ضعيفة، وقد مر وصفها في حرف الشين، وقال: تطيح أكُفُّ الْقَوْمِ فيها كأنَّمَا ... تطيح بها في النقعِ عِيدَانُ بَرْوَقِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 427 2259- أَضْيَعُ مِنْ لَحْمٍ عَلَى وَضَمٍ و"منْ بَيْضَةِ الْبَلَدِ"، و"منْ ترَابٍ فِي مَهَبِّ رِيحٍ"و"مِنْ وَصيَّةٍ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 427 2260- أَضْرَطُ مِنْ عَيْرٍ، و"مِنْ عَنْزٍ " و"منْ غُولٍ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 427 2261- أَضْبَطُ منْ ذَرَّةٍ، و"مِنْ نَمْلَة" و"مِنَ الأعْمَى "، و"منْ صَبِيٍّ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 427 2262- أَضْوَأُ منْ الصُّبْحِ، و"من نَهَارٍ"و" منَ ابْنِ ذُكاءَ ". وهو الصبح أيضاً، وسميت الشمس ذكاء لأنها تذكو، من "ذَكَتِ النار" إذا تَوَقَّدَتْ "تَذْكُو ذُكاً" مقصور، يقال: هذه ذُكَاء طَالِعَةً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 427 المولدون الجزء: 1 ¦ الصفحة: 428 ضِحْكُ الجَوْزَةِ بَيْنَ حَجَرَيْنِ ضَيِّقُ الَحْوْصَلِة للبخيل ضَرَطَتْ فَلَطَمَتْ عَيْنَ زَوْجِهَا ضَعِ الأمُورَ مَوَاضِعَهَا تَضَعْكَ مَوْضِعَكَ اضْرِبِ الْبَرِىءَ حَتَّى يَعْتَرفَ السَّقِيم الضَّرْبُ فِي الَجْناحِ، والسَّبُّ في الرياَح ضِحْكُ الأفَاعِي في جِرَابِ النَّوْرَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 428 الباب السادس عشر فيما أوله طاء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 428 2263- طَوَيَتُهُ عَلَى بِلاَلِهِ، و"عَلَى بُلُلَتِهِ". البِلاَل: جمع بُلَّة، مثل بُرْمَة وبِرَام يقال: ما في سقائك بِلال، أي ماء، قال الراجز: وَصَاحِبٍ مُرَامِقِ دَاجَيْتُهُ ... عَلَى بِلاَلِ نَفْسِهِ طَوَيْتُهُ ويقال: طويت السقاء على بُلَلَتِهِ، إذا طويتهُ وهو نَدِيٌّ، لأنك إن طويته يابساً تكسر، وإذا طوى على بلَّته تعفَّن، وصار مَعيباً. يضرب للرجل تحتمله على ما فيه من العيب، وداريته وفيه بقية من الود، وقال: ولقد طَوَيْتُكُمُ عَلَى بُلُلاَتِكُمْ ... وعَلِمْتُ ما فيكُمْ من الأذْرَابِ فإذَا القَرَابَةُ لا تُقَرِّبُ قَاطِعاً ... وإذَا الَمَودَّةُ أقْرَبُ الأنْسَابِ الأذراب: جمع ذَرَبٍ، وهو الفساد، يقال: ذَرِبَتْ معدتُه، إذا فسدت. وقيل: قدم أعرابي على نصر بن سيار، فقال: أتيتك من شُقَّة بعيدة أحْفَيْتُ فيها الركاب، وأَخْلَقْتُ فيها الثياب، وقرابتي قريبة، ورَحِمِي ماسَّة، قال: وما قرابتك؟ قال: ولَدَتْني فلانة، قال: رحم عودة، قال: إنما مَثَلُ الرحم العودة مثل الشنَّةِ البالية مُلْقَاة لا ينتفع بها، فإذا بُلَّت انتفَعَ بها أهلُها، فكذلك قرابتي إن تبلَّها تقربْ منك، وإن تقطَعْهَا تبعدْ عنك، قال: لله أنت، ما تشاء؟ قال: ألف شاة ربَّى ومائة ناقة أبَّى، فأعطاه إياها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 428 2264- طاَرتْ بِهِمِ الْعَنْقَاءُ. قال الخليل: سميت عنقاء لأنه كان في عُنُقها بياض كالطَّوْق، ويقال: لطولٍ في عنقها، قال ابن الكلبي: كان لأهل الرسِّ نبي يقال له: حَنْظَلة بن صَفْوَان، وكان بأرضهم جبل يقال له دَمْخ مَصْعَدُه في السماء مِيل، وكانت تَنْتَابُه طائرة كأعظم ما يكون لها عنق طويل، من أحسن الطير، فيها من كل لون، وكانت تَقَعُ منتصبة، فكانت تكون على ذلك الجبل تنقَضُّ على الطير فتأكله، فجاعت ذاتَ يوم وأَعْوَزَتِ الطير فانقضَّتْ على صبي فذهبت به، فسميت: "عَنْقَاء مُغْرِب" بأنها تغرب كل ما أخذته ثم إنها انقضَّتْ على جارية فضَمَّتها إلى جناحين لها صغيرين ثم طارت بها، فشكَوْا ذلك إلى نبيهم، فقال: اللهم خُذْهَا، واقْطَعْ نَسْلَها، وسَلِّطْ عليها آفة، فأصابتها صاعقة فاحترقت، فضربتها العربُ مثلا في أشعارها وأنشد لعنترة بن الأخرس الطائي في مرثية خالد بن يزيد: لقد حَلَّقَتْ بالجود فَتْخَاُء كَاسِر ... كفَتْخَاء دَمْخ حَلَّقَتْ بالَحْزَوَّرِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 429 2265- طَالَ الأبَدُ عَلَى لُبَدٍ. يعنون آخِرَ نسور لقمان بن عاد، وكان قد عُمِّر عُمْرَ سبعة أنسُر، وكان يأخذ فَرْخَ النسر، فيجعله في جوبة في الجبل الذي هو في أصله، فيعيش الفرخُ خمسائة سنة أو أقل أو أكثر، فإذا ماتَ أَخَذَ آخَرَ مكانه، حتى هلكت كلها إلا السابع أَخَذَه فوضعه في ذلك الموضع، وسماه لُبَداً، وكان أطولَهَا عُمْراً، فضربت العربُ به المثلَ فقالوا : طال الأبَدُ على لُبَد، قال الأعشى: وأَنْتَ الَّذِي أَلْهَيْتَ قَيْلاً بكاَسِهِ ... ولُقْمَانَ إذ خَيّرْتَ لُقْمَانِ فيِ الْعُمِرْ لِنَفْسِكَ أن تختار سَبْعَةَ أَنْسُرٍ ... إِذَا مَا مَضَى نَسْرٌ خَلَوْتَ إلى نَسْرِ فَعُمِّرَ حتَّى خَالَ أنَّ نُسوُرَه ... خلُودٌ، وَهَلْ تَبْقَي النُّفُوسُ عَلَى الدَّهْرِ؟ فعاش لقمان - زعموا - ثلاثَةَ آلافٍ وخمسمائة سنة، قال النابغة: أََخْنَي عليها الَّذِي أَخْنَى على لُبَدِ ... وقال لبيد: ولقد جَرَى لُبَدٌ فأدْرَكَ جَرْيَهُ ... رَيْبُ الَمُنونِ وَكاَنَ غَيْرَ مثقَّلِ لَمَّا رَأَى لُبَدُ النسورَ تَطَايَرَتْ ... رَفَعَ الْقَوَادِمَ كالْفَقِيرِ الأعْزَلِ مِنْ تَحْتِهِ لُقْمَانُ يَرْجُو نَهْضَهُ ... وَلَقَدْ يَرَى لُقْمَان أن لا يأتَلِي قال أبو عبيدة: هو لقمان بن عاديا بن لجين بن عاد بن عوص بن إرم بن سام بن [ص: 430] نوح، كأنه جعل عادياً وعاداً اسمَيْ رجلٍ، والعربُ تزعم أن لقمان خيِّرَ بين بقاء سَبْع بَعَرَاتٍ سُمْر، من أَظْبٍ عُقْرٍ، في جَبَل وَعْر، لا يمَسُّها القَطْر وبين بقاء سَبْعَة أنْسُرٍ، كلما هلك نسر خلف بعده نسر، فاستحقر الأبعار واختار النسور، فلما لم يبق غير السابع قال ابن أخ له: ياعمِّ ما بقي من عمرك إلا عمر هذا؟ فقال لقمان: هذا لبد، ولبد بلسانهم الدهر، فلما انقضى عمر لبد رآه لقمان واقِعاً، فناداه: انْهَضْ لُبَد، فذهب لينهض فلم يستطِعْ، فسقط ومات، ومات لقمان معه، فضرب به المثل، فقيل: طال الأبد على لبد، وأتى أبَد على لُبَد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 429 2266- أَطِرِّى فإِنَّكِ نَاعِلَةٌ. الإطرار: أن تركب طُرَرَ الطريق، وهي نواحيه، وقال ابن السكيت: معناه أَدلِّى، وقال أبو عبيد: معناه ارْكَبِ الأمْرَ الشديدَ فإنك قويّ عليه، قال: وأصلُه أن رجلا قال لراعية كانت له ترعى في السهولة وتَدَعُ الحزونة: أَطِرَّى، أي خُذِي طُرَرَ الوادي وهي نواحيه، فإن عليك نَعْلَين، قال: أحسبُه عني بالنعلين غِلَظَ جلد قَدَمَيْهَا. يضرب لمن يؤمر بارتكاب الأمر الشديد لاقتداره عليه. ويستوي فيه خطابُ المذكر والمؤنث والجمع والاثنين على لفظ التأنيث، كذا قاله المبرد وابن السكيت. وقال قوم "أَظِرِّى"بالظاء المعجمة، أي اركبي الظرَرَ، وهو الْحَجَرُ المحدَّدُ، والجمع ظِرَّانٌ، ويصعب المَشْيُ عليها، قال الشاعر: يفرقُ ظِرَّانَ اَلحْصَى بمَنَاسِمٍ ... صِلاَبِ العجى مَلْثُومُهَا غَيْرُ أَمْعَرَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 430 2267- اطْرُقِي وَمِيشِي. الطَّرْقُ: ضربُ الصوف بالمِطْرَقَة، والمَيْشُ: خَلْط الشعر بالصوف، قال رؤبة: عَاذِلَ قَدْ أولِعْتِ بالتَّرْقِيشِ ... إلَيَّ سِرَّاً فَاطْرقُي وَمِيشِي أراد "يا عاذلة" فحذف التاء للترخيم، وحذف حرف النداء، وذلك لا يجوز إلا في الأسماء الأعلام، وأما قولهم: " صاح" و"عاذل" فإنما حذف يا منهما، لكثرة الاستعمال ولعلم المخاطب، والترقيش: التزيين ونصب "سِرّاً" على التمييز، وتقديره: أولِعْتِ بترقيشِ سِرٍّ، بإضافة المصدر إلى المفعول، لكنه فَكَّ الإضافة بإدخال الألف واللام فخرج سر مميزاً، ويجوز أن يكون نصباً على الحال، أي بالترقيش المُسرِّ إليَّ، [ص: 431] فلما قطع منه الألف واللام نصب على القطع. يضرب لمن يَخْلِطُ في كلامه بين خطأ وصواب. وقال أبو عبيدة: المَيْشُ أن تخلط صوفاً حديثاً بنكث صوف عتيق ثم تطرقه، أي تندفه، قال: يُضْرَبُ في المزاوِلِ ما لا يَتَّجِه له. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 430 2268- أَطْعَمَتْكَ يَدٌ شَبِعَتْ ثُمَّ جَاعَتْ، وَلاَ أَطْعَمَتْكَ يَدٌ جَاعَتْ ثُمَّ شَبِعَتْ. قال الشرقي: أولُ مَنْ قاله امرأة قال لها ابنها: إني أَخْرُجُ فأطلبُ من فضل الله، فدَعَتْ له بهذا، وزعموا أن الْحُرَقَةَ بنت النعمان بن المنذر - واسْمُها هند، وهي صاحبة الدَّيْر - أتاها عبيد الله بن زياد فسألَهَا عما أدركَتْ ورأتْ، فأخبرته، ثم قالت: كنا مَغْبُوطِين فأصبحنا مَرْحُومين، فأمر لها بوَسْقٍ من طعام ومائةِ دينارٍ، فقالت: أطعمتك يَدٌ شبعي فجاعت لا يد جَوْعَى فشبعت. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 431 2269- طَارَ بَاْسٍت فَزِعَةٍ. يضرب للرجل يُفْلت فَزَعاً بعد ما كاد يقع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 431 2270- طَلَبَ الأبْلَقَ الْعَقُوقَ. يقال: أعَقّتِ الفرسُ فهي عَقُوق، ولا يقال مُعِقٌّ، وذلك إذا حَمَلَتْ، والأبلق لا يحمل، قال رجل لمعاوية: افْرِضْ لي، قال: نعم، قال: ولولَدِي، قال: لا، قال: ولعشيرتي، فتمثل معاوية بهذا البيت: طَلَبَ الأبْلَقَ الْعَقُوقَ فَلَمَّا ... لم يَجِدْهُ أَرَادَ بَيْضَ الأنُوقِ يضرب لما لا يكون ولا يوجد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 431 2271- أَطْعِمْ أَخَاكَ منْ عَقَنْقَلِ الضَّبّ إِنَّكَ إنْ تَمْنَعْ أَخَاكَ يَغْضَبِ. عقنقل الضب: كرشُهُ وهو مِعًي من أمعائه فيه جميع ما يأكله. يضرب مثلاً في المواساة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 431 2272- أَطْرَقَ إِطْرَاقَ الشُّجَاعِ. يعني الحيَّةَ. يضرب للمفكِّرِ الداهي في الأمور. قال المتلمس: وأطْرَقَ إِطْرَاقَ الشُّجَاع، ولَوْ رَأَى ... مَسَاغَاً لنَابَيْهِ الشُّجَاعُ لَصَمّمَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 431 2273- أَطْرِقْ كَرَا إِنَّ النَّعَامةَ فِي الْقُرَى. يقال: الكَرَا الكَرَوَان نفسُه، ويقال: إنه مُرَخَّمُ الكروان، وجمع الكَرَوَان: كِرْوَان ومثله فرس صَلَتان، وهو النَّشِيط [ص: 432] وصَمَيَان وهو الصُّلْبُ والجمع صِلْتَان وصِمْيَان ورجل غَذَيان أي نشيط والجمع غِذْيان أيضاً، وكذلك الوَرَشَان وجمعه وِرْشَان، قال الخليل: الكَرَا الذكر من الكِرْوَان، ويقال له: أطْرِقْ كَرَا، إنك لن ترى، قال: يصيدونه بهذه الكلمة، فإذا سمعها يلبد في الأرض، فيُلْقَى عليه ثوبٌ فَيُصَاد، وقال أبو الهيثم: هو طائر شبيه البطَّة لا ينام بالليل، فسمى بضده من الكَرَى، قال: ويقال للواحدة كَرَوَانة، وللجمع الكِرْوَان والكَرَى. يضرب للذي ليس عنده غَنَاء، ويتكلم فيقال له: اسكت وتَوَّق انتشار ما تلفظ به كراهة ما يتعقبه. وقولهم: "إن النعامة في القرى" أي تأتيك فتدوسُكَ بأخفافها. ويقال أيضاً: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 431 2274- أَطْرِقْ كَرَا يُحْلَبْ لَكَ. يضرب للأحمق تمنِّيه الباطلَ فيصدّق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 432 2275- طَارَتْ عَصَافِيرُ رَأسِهِ. يضرب للمَذْعُور أي كأنما كانت على رأيه عصافير عند سكونه، فلما ذُعِرَ طارت. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 432 2276- طَيُورٌ فَيُوءٌ. يضرب للسَّرِيع الغَضَب السريع الرجُوع، من فَاءَ يَفِيءُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 432 2277- طَامِرُ بْنُ طَامِرٍ. قال أبو عمرو: أي بعيدُ بن بعيد من قولهم "طَمَرَ إلى بلد كذا" إذا ذَهَبَ إليها. يضرب لمن يَثِبُ على الناسِ وليس له أصل ولا قديم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 432 2278- طَمِعُوا أنْ يَنَالُوهُ فَأصَابُوا سَلَعا وَقَاراً. السَّلَع: شجر مر، وكذلك القار، قال ابن الأعرابي: يقال "هذا أقْيَرُ من ذلك" أي أمَرُّ من ذلك. يضرب لمن لا يُدْرَكُ شأوه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 432 2279- الطَّعْنُ يَظأَرُ. يقال: ظَأَرْتُ الناقَةَ أظأرها ظأرا، إذا عَطَفْتها على ولد غيرها. يضرب في الإعطاء على المَخَافة، أي طَعْنُك إياه يَعْطِفه على الصلح. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 432 2280- أَطْيَبُ مَضْغَةٍ صَيْحَانِيَّةٌ مُصَلَّبٌة. أي أطيبُ ما يُمْضَغ صَيْحَانية، وهي ضرب من التمر، ومُصَلَّبة: من الصَّليب وهو الوَدَكُ، أي ما خلط من هذا التمر بوَدَكٍ فهو أطْيَبُ شيء يمضغ. يضرب للمُتَلاَئمين المتوافقين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 432 2281- أَطْعِمَ أَخَاكَ مِنْ كُلْيَةِ الأرْنَبِ. مثل قولهم "أطعم أخاك من عَقَنْقَل الضب". يضربان في المواساة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 433 2282- طَعَنَ فُلاَنٌ فُلانَاً الأثْجَلَيْنِ. إذا رماه بداهية من الكلام، وهو من الثُّجْلَة وهي عِظَمُ البطنِ وسَعَته. قلت: يروى هذا على وجه التثنية، والصواب "الأثُجَلِينَ "على وجه الجمع، مثل الأقْوَرِينَ والَفْتَكَرِين والبُلَغِينَ وأشباهها، والعرب تجمع أسماء الدواهي على هذا الوجه للتأكيد وللتهويل والتعظيم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 433 2283- طَارَتْ عَصَا بَنِي فُلاَنٍ شِقَقاً. إذا تفرقوا في وُجُوهٍ شَتَّى، قال الأسدي: عِصِيُّ الشَّمْل من أسدٍ أراها ... قد انْصَدَعَتْ كَمَا انْصَدَعَ الزُّجَاجُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 433 2284- طَرَقَتْهُ أُمُّ اللُّهَيْمِ، وَأُمُّ قَشْعَمٍ. وهما للمنية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 433 2285- طَعْنُ اللِّسَانِ كَوَخْزِ السِّنَانِ. لأن كَلْم الكلمة يَصِلُ إلى القلب، والطعن يصل إلى اللحم والجلد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 433 2286- طَرَاثِيثُ لاَ أرْطَى لَهَا. الطرْثُوثُ: نَبْت ينبت في الأرطى. يضرب لمن لا أصل له يرجع إليه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 433 2287- أطَاعَ يَداً بِالْقَوْدِ فَهْوَ ذَلُول. يضرب للصعب يَذِلُّ ويسامح، ونصب "يدا" على التمييز. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 433 2288- طَالِبُ عُذْرٍ كَمُنْجِحٍ. قال أبو عمرو: أي إذا غَضِب عليك قومٌ فاعتذرت إليهم فقبلوا عُذْرَكَ فقد أنْجَحْتَ في طَلِبَتِكَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 433 2289- طَلَبَ أَمْراً وَلاَتَ أَوَانٍ. يضرب لمن طلب شيئاً وقد فاته وذهَب وقته، وقال: طَلَبُوا صُلْحَنَا وَلاَتَ أَوَانٍ ... فأجَبْنَا أنْ لَيْسَ حِين بَقَاء قال ابن جني: من العرب مَنْ يَخْفِضُ بلات، وأنشد هذا البيتَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 433 2290- طَارَ طَائِرُ فُلاَنٍ. إذا استخفّ كما يقال في ضده "وقَعَ طائره" إذا كان وَقُورا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 433 2291- طَحَتْ بِكَ الْبِطْنَهُ. يضرب لمن يكثر ماله فيأشَرُ ويَبْطَر. وهذا مثل قولهم "نَزَتْ بك البِطْنَةُ" الجزء: 1 ¦ الصفحة: 433 2292- اطَّلَعَ عَلَيْهِ ذُو الْعَيْنَيْنِ. أي اطلع عليه إنسان. يضرب في التحذير. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 433 2293- طَمَسَ اللهُ كَوْكَبَهُ. يضرب لمن ذهب رَوْنَقُ أمره وانهدَّ ركنه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 434 2294- طَمَحَ مِرْثَمُهُ. أي عَلاَ مكاناً لم يكن ينبغي له أن يَعْلُوه والمرثم: الأنفُ، من الرَّثْمِ وهو الكسر، وطَمَح: علا وارتفع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 434 2295- طارَ أنْضَجُهَا. قالها رجل اصطاد فِرَاخَ هامةٍ فملَّهُنَّ في رَمَاد هامد وهن أحياء، فانْفَلَتَ أحدُها فلم يَرُعْهُ إلا وهو يَطِير، فعند ذلك قال "طار أنْضَجُهَا " فبينا هو كذلك إذِ انْفَلَتَ آخر منها يسعى، وبقي تحت الرماد واحد، فجعل يَصْأى، فقال: اصْأَ صويَّان فالدويرجان أنضج منك، قال أبو عمرو: وكلهن يُضْرَبْنَ أمثالا، ولم يبين في أي موضِعٍ تستعمل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 434 2296- طَأْطِىْء بَحْرَكَ. أي على رِسْلِكَ ولا تَعْجَلْ، يقال: طأطأت رأسي، أي خَفَضْته، جعل البحرَ بما فيه من اضطراب الأمواج مثلا للعَجَلة، وجعل الطأطأة مثلا لتسكين ما يعرض منها. يضرب للغضبان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 434 2297- أطْلِقْ يَدْيكَ تَنْفَعَاكَ يَارَجُل. ويروى "أَطْلِقْ" بقطع الألف من الإطلاق، وهو التقييد، يقال: أطلقْتُ الأسير، وأطلقْتُ يَدِي بالخير، وطَلَقْتها أيضاً، ومعنى المثل الحثُّ على بَذْل المال واكتساب الثناء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 434 2298- طَوَيْتُهُ عَلَى غَرِّهِ. غَرُّ الثوبِ: أثر تَكَسُّره، يقال: اطوه على غَرِّه، أي على كسره الأول. يضرب لمن يُوكَلُ إلى رأيه، أي تركته على ما انْطَوَى عليه ورَكَنَ إليه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 434 2299- طَعْمُ ذِكْرِكَ مَعْسُولٌ بِكُلِّ فَمٍ. يقال: طعام مَعْسُول ومُعَسَّل، إذا جُعِل فيه العَسَل، وهذا مثل على صيغة الخبر، والمراد منه الأمر، أي ليكن ذكْرُكَ حُلْواً في أفواه الناس، وفي هذا حث على حُسْن القول والفعل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 434 2300- طَالَ طِوَلُهُ. ويقال طِيَلُه، وطُولُه وطِيلُه ساكنةَ الواوِ والياء، ويقال : طال طُوَلُه بضم الطاء وفتح الواو، وطال طَوَالُه وطَيَاله بالفتح، كُلٌّ يقال، ولها معنيان، قالوا: معناه طال عُمْرُك، وقالوا: معناه طالت غيبتك، قال القطامي: إنَّا مُحُّيوكَ فَاسْلَمْ أيُّهَا الطَّلَلُ ... وَإنْ بَلِيتَ وإن طَالَتْ بِكَ الطِّيَلُ أراد: وإن طالت بك الغَيْبة، فلهذا أنَّثَ الفعْلَ، ويجوز أنه قَدَّر الطِّيَلَ جمع طيلَة فأنث فعلها على هذا التقدير. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 434 2301- طَعَنْتَ فِي حَوْصِ أَمْرٍ لَسْتَ مِنْهُ فِي شَيْءٍ. الحَوْصُ: الخِياطة في الجلد، لا يكون في غير ذلك، قاله أبو الهيثم، ومنه: حُصْ عَيْنَ البازي، وحُصْ شقَّ كَعْبِكَ، ويقال: لاطْعَنَنَّ في حَوْصِهم، أي لأخرقنَّ ما خَاطوه ولَفَّقُوه من الأمر، والحَوْصُ: المصدر، ويجوز أن يكون بمعنى المَحُوص كالقَوْل بمعنى المَقُول والنَّوْل بمعنى المَنُول. يضرب لمن تناول من الأمر ما ليس له بأهل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 435 2302- طَاعَةُ النِّسَاء نَدَامَةٌ. الطاعة: بمعنى الإطاععة كالطَّاقَة والجَابَة، والمصدر في قوله "طاعة النساء " مضافٌ إلى المفعول: أي طاعتك النساء، والطاعة لا تكون نفس الندامة، ولكن سببها، كأنه قال: طاعتُكَ النساءَ مُورِثة للندامة. يضرب في التحذير عواقب طاعتهن فيما يأمرن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 435 2303- طُوُل التَّنَائِي مَسْلاَةٌ للتَّصَافِي. مَسْلاَة: مَفْعَلَة من السلُوِّ والسُّلْوَان، يقال: الخمر مَسْلاَة للهم، أي مُذْهِبة للحزن، وهذا كما أنشده الرِّيَاشي: يُسْلِي الْحَبِيبَيْنِ طولُ النَّأيِ بَيْنَهُما ... وَتَلْتَقِي طُرُقٌ أخْرَى فَتَأْتَلِفُ فَيُحْدِثُ الواصِلُ الأدْنَى مَوَدَّتَهُ ... وَيَصْرِمُ الْوَاصِلُ الأنأى فَيَنْصَرِفُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 435 2304- طَالَمَا مُتِّعَ بِالْغِنَى. ويروى "أُمْتِعَ" وكلاهما بمعنى واحد، وبنو عامر يقولون أمْتَعَ في موضع تمتع، ومنه قول الراعي: [قَلِيلاً] وكانا بالتفرق أمْتَعَا ... (صدره ... خليلين من شعبين شتى تجاورا ... ) ومعنى المثل طالما تمتع الإنسان بغناه. يضرب في حَمْدِ الغنى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 435 2305- اطْمَئِنَّ عَلَى قَدْرِ أَرْضِكَ. هذا قريب من قول العامة: مُدَّ رِجْلَكَ على قدر الكساء. يضرب في الحث على اغتنام الاقتصاد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 435 2306- طَرَافَةٌ يُولَعُ فِيهَا الْقُعْدُدُ. الطَّرَافة: مصدر الطَّرِيف والطَّرِف، وهما الكثير الآباء إلى الجد الأكبر، ويمدح به، والقُعْدُد: نقيضه، ويذم به، لأنه من أولاد الهَرْمَى، وينسب إلى الضعف، قال الشاعر: (هو دريد بن الصمة) دَعَانِي أَخِي وَالْخَيْلُ بَيْنِي وَبَيْنَهُ ... فَلَمَّا دَعَانِي لم يَجِدْنِي بِقُعْدُدِ وقال في الطرف: طَرِفُونَ وَلاَّ دُونَ كلَّ مُبَارَكٍ ... أمرون لاَ يَرِثُونَ سَهْمَ الْقُعْدُدِ [ص: 436] ومعنى المثل: أولع هذا القعدد بالوقيعة في طَرَافة هذا الطرِف والغَضِّ منه. يضرب لمن يحتقر محاسن غيره، ولا يكون له منها حَظ ولا نصيب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 435 2307- طَلَيْتُ عَنْ فِيقَتِهِ الْعَجِيَّ. يقال: طَلَوْتُ الطَّلاَ وطَلَيْته، إذا حبسته عن أمه، والْفِيقَة: ما يجتمع من اللبن في الضَّرْع بين الحلبتين، والْعَجِيٌّ: الولَدُ تموت أمُّه فيربيه صاحبه بلبن غيرها، يقال: عَجَوْتُه أَعْجُوه، إذا فعلْتَ ذلك به. يضرب لمن يظلم مَنْ لا ناصر له، ولا يقاومه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 436 2308- اطْلُبْ تَظْفَرْ. الظَّفَر: الفَوْز بالمراد والبغية، يقول: الظَّفَرُ ثانٍ للطلب، فاطلب طَلِبَتَكَ، أو لا تَظْفَرْ به ثانياً. يضرب في الحثِّ على طلب المقصود. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 436 2309- اطْلُبْهُ مِنْ حَيْثُ وَلَيْسَ. حَيْث: كلمة تُبْنَى على الضم كقَطُّ، وعلى الفتح ككَيْفَ، وتضاف إلى الجمل، تقول: اجلس حَيْثُ تجلس، واقعد حَيْث عَمْرٌو، أي حَيْثُ عمرو قاعد، وحيث يقوم زيد، وليس: أصله لا أيس، والأيْسُ: اسْمٌ للموجود، فإذا قيل "لا أَيْسَ" فمعناه لا موجود ولا وجود، ثم كثر استعماله، فحُذِفَتِ الهمزة، فالتقى ساكنان أحدهما ألف لا والثاني ياء أيْسٍ، فحذفت الألف فبقي لَيْسَ، وهي كلمة نَفْي لما في الحال، ويُوضَع موضَع لا، كقول لبيد: إنما يَجْزِى الْفَتَى لَيْسَ الجَمَل ... أي لا الجمل، وفي هذ المثل وضع موضع لا، يعني اطلب ما أمرتك من حيث يوجد ولا يوجد، وهذا على طريق المبالغة، يقول: لا يفوتَنَّكَ هذا الأمر على أي حال يكون وبَالِغْ في طلبه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 436 2310- طَرْفُ الْفَتيَ يُخْبِرُ عَنْ لِسَانِهِ. ويروى "عن ضميره" وقال بعض الحكماء: لا شاهِدَ على غائب أعْدَلُ من طَرْفٍ على قلب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 436 2311- طَرِيقٌ يَحِنُّ فِيهِ الْعَوْدُ. ويروى "يحنُّ فيه إلى العَوْدِ" فمعنى الأول يحنُّ أي يَنْشط فيه العَوْدُ لوضوحه، ومعنى الثاني أي يحتاج فيه إلى العود لدروسه والعَوْدُ أهدى في مثله من غيره، ويجوز أن يكون الْعَوْدُ في معنى الأول يَحِنُّ لصعوبته فيكون المعنيان واحداً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 436 2312- طَأْمُعْرِضاً حَيْثُ شِئْتَ. أي ضَعْ رجليك حيث شئت، ولا تَتَّقِ شيئا قد أمكنك. يضرب لمن قرب مما كان يطلبه في سُهُولة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 436 ما جاء على أفعل من هذا الباب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 437 2313- أَطْوَلُ منْ ظِلِّ الرُّمْحِ. هـ ذا من قول يزيد بن الطَّثْرية: وَيَوْم كَظِلِّ الرُّمْحِ قَصَّر طُولَه ... دَمُ الزَّقِّ عَنَّا وَاصْطِكَاكُ الْمَزَاهِرِ ويقال للإنسان إذا أفرط في الطول: ظل النعامة، ويقال: فلان ظل الشيطان، للمنكر الضَّخْم، فأما "لطيم الشيطان" فإنما يقال ذلك للذي بوجهه لقوة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 437 2314- أطْوَلُ مِنْ طُنُبِ الخَرْقَاءِ. وذلك لأن الخرقاء لا تعرف المقدار فتُطِيله، وذكرهم للخرقاء ههنا كذكرهم للحَمْقاء في موضع آخر، وهو قولهم "إذا طلع السماك ذهب العكاك وبَرَدَ ماءُ الحمقاء" وذلك أن الحمقاء لا تبرد الماء، فيقولون: إن البرد يُصِيبُ ماءها وإن لم تُبَرِّدْهُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 437 2315- أَطْوَلُ مِنَ الصُّبْح. ويروى"من الفَلَق" أيضاً، والصبح يعرض ويطول عند انتشاره، لكنهم اكْتَفَوا بذكر الطول عن ذكر العَرْضِ للعلم بوجوده. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 437 2316- أطْوَلُ مِنَ السُّكَاكِ. ويقال له " السُّكَاكة" أيضاً، وهما الهواء الذي يلاقي عَنَانَ السماء، ومنه قولهم" لا أفعل ذلك ولو نَزَوْتَ في السُّكَاك" أي في السماء، ويقال له "اللُّوح" أيضاً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 437 2317- أطْوَلُ ذَمَاءً مِنَ الضَّبِّ. الذَّماء: ما بين القَتْل إلى خروج النفس، ولا ذَمَاء للإنسان، ويقال: الذَّمَاء بقية النَّفَس وشدة انعقاد الحياة بعد الذبح وهَشْمِ الرأس والطعن الجائف، والتامور أيضاً: بقية النَّفَسِ، وبعضهم يفصح عنه فيجعله دمَ القلب الذي ما بقي الإنسان، والضبُّ يبلغ من قوة نَفَسه أنه يُذْبَح فيبقى ليلته مذبوحا مَفْرِيَّ الأوداج ساكنَ الحركة ثم يطرح من الغد في النار، فإذا قدروا أنه نضج تحرك حتى يتوهَّمُوا أنه قدر صار حياً وإن كان في العين ميتاً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 437 2318- أَطْوَلُ ذَمَاءً مِنَ الأَفْعَى. وذلك أن الأفعى تُذْبَحُ فتبقى أياما تتحرك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 437 2319- أطْوَلُ ذَمَاءً مِنَ الحَيَّةِ. لأنه ربما قُطِع منها الثلث من قِبَلِ ذَنَبَها فتعيش إن سلمت من الذَّرَّ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 437 2320- أَطْوَلُ ذَمَاءً مِنَ الخُنْفُسَاءِ. وذلك أنها تُشْدَخ فتمشي، ومن [ص: 438] الحيوان ضروبٌ يطول ذَمَاؤها ولا يضرب بها المثل كالكلب والخنزير. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 437 2321- أطْوَلُ مِنْ فَرَاسِخِ دَيْرِ كَعْبٍ. هذا من قول الشاعر: ذَهَبْتَ تَمَادِياً وذَهَبْت طُولاً ... كَأَنَّكَ مِنْ فَرَاسِخِ دَيْرِ كَعْبِ وقولهم: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 438 2322- أطوَلُ صُحْبةً مِنَ الْفَرْقَدَيْنِ. هو من قول الشاعر أيضاً حيث يقول وكُلُّ أخٍ مُفَارِقُهُ أخُوهُ ... لَعَمْرُ أبِيكَ إلاَّ الْفَرْقَدَانِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 438 2323- أطْوَلُ صُحْبَةً مِنَ اْبنَيْ شَمَامِ. من قول الشاعر أيضاً: وكُلُّ أخٍ مُفَارِقُهُ أخُوهُ ... لَعَمْرُ أبِيكَ إلاَّ اْبنَيْ شَمَامِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 438 2324- أطْوَلُ صُحْبَةُ مِنَ نَخْلَتَيْ حُلْوَانَ. هذا من قول الشاعر: أسْعِدَانِي يَا نَخْلَتَيْ حُلْوَانِ ... وَارْثِيَا لِي مِنْ رَيْبِ هذَا الزَّمَانِ وَاعْلَمَا إنْ بَقِتُمَا أنَّ نَحْساً ... سَوْفَ يَلْقَاكُمَا فَتَفْتَرِقَانِ وكان المهديُّ خرج إلى أكناف حُلْوَان متصيداً، فانتهى إلى نخلتي حلوان، فنزل تحتهما وقعدا للشرب، فغناه المغنى: أيا نَخْلَتَيْ حُلْوَانَ بِالشَّعْبِ إنَّمَا ... أشَذَّ كُمَا عَنْ نَخْلِ جَوْخَي شَقَاكُمَا إذَا نَحْنُ جَاوَزنَا الثَّنِيَّةً لم نَزَلْ ... عَلَى وَجَلٍ مِنْ سَيْرِنَا أوْ نَرَاكُمَا فهمَّ بقطعهما، فكتب إليه أبوه المنصور: مَهْ يا بنيَّ، واحذر أن تكون ذلك النَّحْسَ الذي ذكره الشاعر في خطابهما حيث قال: وَاعْلَمَا إنْ بقيتُمَا أنَّ نَحْساً ... سَوْفَ يَلْقَاكُمَا فَتَفْتَرِقَان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 438 2325- أَطْيَرُ مِنْ عُقَابٍ. وذلك أنها تتغدَّى بالعراق، وتتعشَّى باليمن، وريشُها الذي عليها هو فروتها في الشتاء وخَيْشُها في الصيف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 438 2326- أطْيَرُ مِنْ حُبارَى. لأنها تُصَاد بظهر البصرة فتوجَدُ في حَوَاصلها الحبة الَخْضَراء الغَضَّة الطرية، وبينها وبين ذلك بلاد وبلاد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 438 2327- أطْيَشُ مِنْ فَراشَةٍ. لأنها تُلْقِى نفسَهَا في النار. وأما قولهم: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 438 2328- أَطْيَشُ مِنْ ذُبابٍ. فهو من قول الشاعر: [ص: 439] وَلأنْتَ أطْيَشُ حِينَ تَغْدُو سَادِراً ... رَعْشَ الْجَنَانِ مِنَ القَدُوحِ الأقْرحِ السادر: الراكبُ رأسَه، والجنانَ: القلبُ، والقَدُوح الأقرح: الذباب، وذلك أنه إذا سقَط حَكَّ ذراعاً بذراع كأنه يقدح، والأقرح: من القُرْحَة، وكل ذباب في وجهه قرحة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 438 2329- أطْيَشُ مِنْ عِفْرٍ. قال ابن الأعرابي: الْعِفْرُ: ذكَرُ الخَنَازير، والعِفْر أيضاً: الشيطان، والعفريت أيضاً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 439 2330- أطْيَبُ نَشْراً مِنَ الرَّوْضَة. النَّشْرُ: الريحُ، يعني الرائحة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 439 2331- أطْيَبُ نَشْراً مِنَ الصِّوَارِ. قالوا: الصِّوار: المِسْكَ، وأنشد: إذَا لاَحَ الصِّوَارُ ذَكَرْتُ لَيْلَى ... وَأذْكُرُهَا إذَا نَفَحَ الصِّوَارُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 439 2332- أَطْمَعُ مِنْ قَالِبِ الصَّخْرَةِ. هو رجل من مَعَدٍّ رأى حَجَراً ببلاد اليمن مكتوباً عليه بالمُسْنَد: اقْلِبْنِي أنْفَعْكَ، فاحتال في قلبه، فوجد على جانبه الآخر: رُبَّ طَمَعٍ يَهْدِي إلَى طَبَعٍ، فما زال يضرب بهامته الصخرة تَلَهُفاً حتى سال دماغُه وقاظ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 439 2333- أَطْمَعُ مِنْ أَشْعَبَ. هو رجل من أهل المدينة يقال له "أشْعَبُ الطَّمَّاع" وهو أشْعَبُ بن جُبَير مولَى عبدِ الله بن الزبير، وكتنه أبو العلاء، سأل أبو السمراء أبا عبيدة عن طَمَعه، فقال: اجتمع عليه يوماً غِلْمان من غِلْمان المدينة يُعَابثونه، وكان مَزَّاحاً ظريفاً مغنياً، فآذاه الغِلْمة، فقال لهم: إن في دار بني فلان عُرْساً، فانْطَلِقُوا إلي ثَمَّ فهوا أنْفَعُ لكم، فانْطَلَقُوا وتركوه، فلما مَضَوْا قال: لعل الذي قلتُ من ذلك حَقّ، فمضى في أثرهم نحو الموضع، فلم يجد شيئاً، وظفر به الغلمانُ هناك فآذِوْه. وكان أشعب صاحبَ نوادر وإسناد، وكان إذا قيل له حدثنا، يقول: حدثنا سالم بن عبد الله - وكان يبغضني في الله - فيقال له: دَعْ ذا، فيقول: ما عَنِ الحقِّ مَدْفَع، ويروى: ليس للحق مَتْرَك، وكانت عائشة بنت عثمان كَفَلَته وكفلت معه ابن أبي الزناد فكان يقول أشعب: تربيت أنا وابن أبي الزناد في مكان واحد، فكنْتُ أسْفُلُ ويعلو، حتى بلغنا إلى ما ترون. وقيل لعائشة: هل آنَسْتِ من أشْعَبَ رُشْداً؟ فقالت: قد أسلمتُه منذ سَنَةٍ في البز [ص: 440] فسألته بالأمس: أين بلغت في الصناعة؟ فقال: يا أُمَّه قد تعلمْتُ نصفَ العمل، وبقي على نصفه، فقلت: كيف؟ فقال: تعلمت النَّشْرَ في سنة، وبقي على تعلم الطيِّ، وسَمِعْتُهُ اليومَ يخاطب رجلا وقد ساوَمَه قوس بندق، فقال: بدينار، فقال: والله لو كنت إذا رميت عنها طائراً وقع مَشْوِياً بين رغيفين ما اشتريتها بدينار، فأيَّ رشد يؤنس منه؟. قال مصعب بن الزبير خرج سالم بن عبد الله بن عمر إلى ناحية من نواحي المدينة هو وحُرَمُه وجَوَارِيه، وبلغ أشعبَ الخبرُ، فوافى الموضع الذي هم به، يريد التطفل، فصادف البابَ مُغْلقاً فتسوَّرَ الحائط، فقال له سالم: وَيْلَكَ يا أشعب من بناتي وحُرَمي؟ فقال: لقد علمْتَ ما لنا في بناتك من حق، وإنك لتعلم ما نريد، فوجَّهَ إليه من الطعام ما أَكلَ وحَمَلَ إلى منزله. وقال أشعب: وَهِبَ لي غلامٌ، فجئت إلى أمي بحمار موقور من كل شيء والغلام، فقالت أمي: ما هذا الغلام؟ فأشفقت عليها من أن أقول: وهب لي، فتموت فرحا، فقلت: وهب لي غين، فقالت: وما غين؟ قلت: لام، قالت: وما لام؟ قلت: ألف، قلت: وما ألف؟ قلت: ميم، قالت: وما ميم؟ قلت: وهب لي غلام، فغشى عليها فَرَحاً، ولو لم أقطع الحروف لماتت. وقال له سالم بن عبد الله: ما بلغ من طَمَعِك؟ قال: ما نظرتُ قَطُّ إلى اثنين في جنازة يتساران إلا قَدَّرْتُ أن الميتَ قد أوصى لي من ماله بشيء، وما أدخل أَحَدٌ يده في كمه إلا أظنه يعطيني شيئاً. وقال له ابن أبي الزناد: مابلغ من طمعك؟ فقال: ما زُفَّتْ بالمدينة امرأة إلا كَسَحْتُ بيتي رجاء أن يغلظ بها إلي. وبلغ من طمعه أنه مَرَّ برجل يعمل طَبَقاً فقال: أحبُّ أن تزيدَ فيه طوقا، قال: ولم؟ قال: عسى أن يُهْدَي إلى فيه شيء. ومن طمعه أنه مر برجل يمضغ علكا، فتبعه أكثر ن ميل حتى علم أنه علك. وقيل له: هل رأيتَ أطمَعَ منك؟ قال: نعم، خرجت إلى الشام مع رفيق لي، فنزلنا عند دَيْر فيه راهب، فتلاحَيْنَا في أمر، فقلت: الكاذب منا كذا من الراهب في كذا منه، فنزل الراهبُ وقد أنغط، وقال: أيكما الكاذب؟ ثم قال أشعب: ودَعُوا هذا، امرأتي أَطْمَعُ مني ومن الراهب، قيل له: وكيف؟ قال: إنها قالت لي كما يخطر على قلبك من الطمع شيء يكون بين الشك واليقين إلا و [أنا] أتيقنه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 439 2334- أَطْمَعُ مِنْ طُفَيْلٍ. هو رجل من أهل الكوفة مشهور بالطمع واللَّعْمَظَة، وإليه يُنْسَبُ الطفيليون، وسيأتي ذكره مستقصى في باب الواو عند قولهم" أَوْغَلُ من طُفَيْلٍ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 441 2335- أَطْمَعُ مِنْ فَلْحَسٍ. قد مر ذكره في باب السين عند قولهم "أَسْأَلُ مِنْ فَلْحَسٍ" فأغنى عن الإعادة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 441 2336- أَطْمَعُ مِنْ قِرِلَّى. قد مر ذكره والاختلافُ فيه في باب الخاء عند قولهم "أَخْطَفُ من قِرِلَّي ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 441 2337- أَطْمَعُ مِنْ مَقْمُورٍ. إنما قيل هذا لأنه يطنع أن يعود إليه ما قمر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 441 2338- أَطْوَعُ مِنْ ثَوَابٍ. هذا رجل من العرب كان مِطْوَاعاً، فضرب به المثل، قال الأخنس بن شهاب: وكُنْتُ الدَّهْرَ لَسْتُ أطِيعُ أُنثَى ... فصِرْتُ الْيَوْمَ أَطْوَعَ مِنْ ثَوَابِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 441 2339- أَطْوَعُ مِنْ فَرَسٍ، وَمِنْ كَلْبٍ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 441 2340- أَطَبُّ مِنَ ابْنِ حِذْيَمٍ. هذا رجل كان معروفا بالحِذْقْ في الطب قال أبو الندى: هو حِذْيَمٌ رجلٌ من تَيْم الرَّباب، كان أَطَبَّ العرب، وكان أَطَبَّ من الحارث، قال أَوْسُ بن حَجَر يذكره: فَهَلْ لكُمُ فِيهَا إِلَىَّ فإِنَّنِي ... بَصِيرٌ بمَا أَعْيَا النِّطَاسِيَّ حِذْيَمَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 441 2341- أَطْغَى مِنَ السَّيْلِ، و "من اللَّيْلِ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 441 2342- أَطْيَرُ مِنْ جَرَادَة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 441 2343- أَطْمَرُ مِنْ بُرْغُوثٍ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 441 2344- أَطْوَلُ مِنْ يَوْمِ الْفِرَاقِ، و"من شَهْرِ الصَّوْمِ" و "مِنَ السَّنَةِ الْجَدْبَةِ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 441 2345- أَطفَلُ من لَيْلٍ عَلَى نَهَارٍ، و"مِنْ شَيْبٍ عَلَى شَبَابِ". ويقال أيضاً: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 441 2346- أطْفَلُ مِنْ ذُبَابٍ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 441 2347- أطْيَبُ من الْحَيَاةِ، و"من المَاءِ عَلَى الظَّمَإِ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 441 2348- أطْوَلُ مِنَ الدَّهْرِ، و"مِنَ اللُّوحِ". وهو السُّكاَك، وقد مَرَّ قبل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 441 المولدون الجزء: 1 ¦ الصفحة: 442 طَاعَةُ اللِّسَانِ نَدَامَةٌ. طَبِيبٌ يُدَاوِي النَّاسَ وَهْوَ مَرِيض. طَرِيق الْحَافِي عَلَى أَصْحَابِ النِّعَالِ، وطريقُ الأصْلَعِ على أصْحَابِ الْقَلاَنِسِ. طَبَّلَ بِسِرِّي. إذا أفشاه طُولُ اللِّسَانِ يُقَصِّرُ الأَجَلَ. طَوَاهُ طَيَّ الرِّدَاءِ. طِلاَبُ الْعُلاَ بِرُكُوبِ الْغَرَرِ. طُعْمَةُ الأَسَدِ تُخَمَةُ الذِّئْبِ. طُولٌ بِلاَ طَوْلٍ وَلاَ طَائِلٍ. طَاعَةُ الوُلاَةِ بَقَاءُ الْعِزِّ. طُولُ التَّجَارِبِ زِيَادَةٌ فِي الْعَقْلِ. الطَّمَعُ الكَاذِبُ فَقْرٌ حَاضِرٌ. الطَّمَعُ الكَاذِبُ يَدُقُّ الرَّقَبَة. قاله خالد بن صفوان حين واكَلَه لأعرابي، وذلك أنه كان قد بَنَى دكاناً مرتفعاً لا يَسَعُ غيره ولا يصل إليه الراجلُ، فكان إذا تغدَّى قَعَد عليه وحيداً يأكل لبُخْله، فجاء أعرابي على جَمَل ساوى الدكان ومد يدَه إلى طعامه، فبينما هو يأكل إذ هَبَّتْ ريح وحركت شَنّاً هناك، فنفر البعير، وألقى الأعرابيَّ، فاندقتْ عنقُه، فقال خالد: الطمع الكاذب يدقُّ الرقبة، فذهبت مثلا. الطَّيْرُ بالطَّيْرِ يُصْطَادُ. الطُّيُورُ عَلَى ُألاَّفِهَا تَقَعُ. الطَّبْلُ قَدْ تَعَوَّدَ اللِّطَامَ. اطْرَحْ نَهْدَكَ، وَكُلْ جَهْدَك. اطَّلَعَ الْقِرْدُ فِي الْكَنِيفِ، فقَالَ: هَذِهِ المِرْآةُ لِهَذَا الْوُجَيْهِ. اطْرَحْ وَافْرَحْ. طُفَيْلٌّي وَمُقْتَرِحْ. يضرب للفضولي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 442 الباب السابع عشر فيما أوله ظاء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 442 2349- ظِئَارُ قَوْمٍ طَعْنٌ. الظِّئَار: المُظَاءرة، يقال: ظأَرْتُ الناقَة وظاءَرْتُهَا، إذا عَطَفْتَهَا على ولد غيرها، وظَأَرَتِ الناقةُ أيضاً، يتعدَّى ولا يتعدَّى، وهذا مثل قولهم "الطعن يَظْأَر". يضرب لمن يُحْمل على الصلح خوفا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 442 2350- ظَلَّتْ عَلَى فِرَاشِهَا تَكْرَى. أي تنام. يضرب مثلا للخَلِّيِ الفارغ من الأمر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 443 2351- أظُنُّ ماءَكُمْ هَذَا ماءَ عِنَاقٍ. قالوا: كان من حديثه أن رجلا بينا هو يَسْتَقِي وبيتُه تِلْقَاء وجهه، فنظر فإذا هو برجل مُعَانق امرأته يُقَبلها، فأخذ العَصَا وأقبل مُسْرعاً لا يشكُّ فيما رأى، فلما رأته امرأتُه جعلت الرجلَ في خالفه البيت بين الخالفة والمتاع، فنظر يميناً وشمالاً فلم ير شيئاً، وخرج فنظر في الأرض فلم ير شيئاً، فكذب بصره، فقالت المرأة كأنها تريه أنها قد استنكرت من أمره شيئاً ما دهاك يا أبا فلان؟ أرعبك شيء؟ فكتَمَها الذي رأى، ومضى لحاجته، فلما كان في الوِرْدِ الثاني قالت: ياأبا فلان، هل لك أن أكفيك السَّقْيُ وتودع اليوم فإني قد أشفقتُ عليك؟ قال: نعم إن شئتِ، فأقام في المنزل، فانطلقت تسقي وتحيَّنَتْ منه غفلة فأخذت العَصَا ثم أقبلت حتى تفلقَ بها رأسَه فشجَّتْه، فقال: ويلك! مالك؟ وما دهاك؟ قالت: وما دهاني يا فاسق؟ أين المرأة التي رأيتُهَا معك تعانقها؟ فقال: لا، والله ما كانت عندي امرأة، وما عانَقْتُ اليومَ امرأة، قالت: بلى أنا نظرت إليها بعيني وأنا على الماء، فتحالَفَا فلما أكثرت قال: إن تكوني صادقة فإن ماءكم هذا ماء عناق. يضرب مثلا في الدواهي، قاله أبو عمرو وروى غيره: عَنَاق بفتح العين، وقال: العَنَاق والعَنَاقة الخيبةُ، وأنشد: سَرَى لَكَ بالْعَنَاقَةِ مِنْ سُعَادِ ... خَيَالٌ فَاجْتَنَي ثَمَرَ الْفُؤَادِ وهما مستعار للخيبة والأمر لقيت منه أُذنَىْ عَنَاق، لأنهما مسودَّانِ ولا يفارقهما السواد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 443 2352- ظَمَأٌ قَامِحٌ خَيْرٌ مِنْ رِيّ فَاضِحٍ. قال الخليل: القامح والمُقَامح من الإبل: الذي قد اشتَدَّ عطشُه حتى فَتَرَ لذلك فُتُوراً شديداً، ويقال: القامح الذي يَرِدُ الحوضَ ولا يشرب. يضرب في القناعة وكتمان الفاقة. ويروى " ظمأ فادح خير من ري فاضح" الفادح: المُثْقَلُ، يقال "فَدَحَه الدينُ"أي أَثْقَله، والفضح والفضوح: انكشافُ الأمر وظهوره، يقال "فَضَحَ الصبحُ" إذا بدا، و"افتضح فلان " إذا انكشفت مَسَاويه، و"فَضَحَه غيره" إذا أظهر مَقَابِحَه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 443 2353- الظُّلْمُ مَرْتَعُهُ وَخِيمٌ. قاله حُنَين بن خَشْرَم السَّعْدي: أي عاقبتُهُ مذمومة، وجعل للظلم مَرْتَعاً لتصرف الظالم فيه ثم جعل المَرْتَعَ وخِيما لسوء عاقبته، إما في الدنيا وإما في العُقْبَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 444 2354- الظُّلْمُ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ القِيَامةِ. هذا يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 444 2355- ظَلَّتْ الغَنَم عَبِيثَةً وَاحِدَةً. وذلك إذا لَقِيَ الغنمُ غنماً أخرى فاختلط بعضُها ببعض. يضرب في اختلاط القوم وتساويهم في الفساد ظاهراً وباطناً الجزء: 1 ¦ الصفحة: 444 2356- الظِّبَاءَ عَلَى البَقَرِ. يضرب عند انقطاع مابين الرجلين من القرابة والصداقة. وكان الرجل في الجاهلية إذ قال لامرأته "الظباءَ على البقر" بَانَتْ منه، وكان عندهم طلاقاً، ونصب "الظباء "على معنى اخترتُ أو أختار الظباء على البقر، والبقر كناية عن النساء، ومنه قولهم "جاء يجرُّ بقره" أي عياله وأهله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 444 2357- ظُنُّوا بَنِي الظَّنَّانَاتِ. الظَّنَّانة: المرأة التي تحدِّثُ بما لا علم لها به، قالها رجل غابَ له أخٌ وبقي له إخوة مقيمون، فاستبطؤه لموعده الذي وعَدَهم فقال أحدهم : ظُنُّوا بني الظِّنَّانات، فقال أحدهم: أظنه لقيه ذو النِّبَالَةِ الكثيرة فقتله، يعني القنفذ، وقال الآخر: أظنه لقِيَهُ الذي رَمَحَه في استه فقتله، يعني اليربوع، وقال الآخر: أظنه لقيته حَجْمَةُ عينين فأكلته، يعني الأرنب، ويقال: يعني الذئب، كذا قاله المندري، وقال الآخر: اظنه اضْطَرَّهُ السيلُ إلى جُرْثومه فمات من العطش. يضرب عند الحكم بالظُّنُون. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 444 2358- ظَنُّ الرَّجُلِ قِطْعَةٌ مِنْ عَقْلِه. قال الأصمعي: الذنَبُ فِقْرَة من الصُّلْب، والضَّرْع ابنةٌ من الكَرِش، وظن الرجل قطعة من عقله. وقال عمر رضي الله عنه: لا يعيش أحد بعقله حتى يعيش بظنه. وقال سليمان بن عبد الملك: جودة اللسان بلا عقل خُدْعَة، وجودة العقل بلا لسان هجنة ولكن بين ذلك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 444 2359- ظِلُّ سَيَالٍ رِيحهُ حَرُورٌ. السَّيَال: شجر من العَضَاه، ولها وَرْدَة طيبة الرائحة، والْحَرُور: ريح حارة تهبُّ بالليل، وقيل: بالنهار. يضرب للرجل له سِيمَا حَسَنَة ولا خير عنده. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 444 2360- ظَالِعٌ يَعُودُ كَسِيراً. الكَسِير: فَعِيل بمعنى مفعول، يعنون المكسور الرِّجءلَ، والظَّلَع: مثل الغَمْز يكون في رجل الدابة وغيرها، وقوله"يعود" من العيادة. يضرب للضعيف يَنْصُر مَنْ أضعف منه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 445 2361- ظُفْرُهُ يَكِلُّ عَنْ حَكِّ مِثْلِي. يضرب لمن يُنَاويك ولا يقاويك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 445 2362- ظِلاَلُ صَيْفٍ مَالَهَا قِطَارٌ. الظِّلاَل: ما أظلك من سَحَاب وغيره والمراد به ههنا السحاب يضرب لمن له ثَرْوَة ولا يُجْدي على أحد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 445 2363- ظِئْرٌ رَؤُومٌ خَيْرٌ مِنْ أمٍّ سَؤومٍ. الظئر: الْحَاضنة، والجمع ظَوَارّ، وهو جمع نادر، والؤوم: العَطُوف، والسَّؤُوم: المِلُول. يضرب في عدم الشفقة وقلة الاهتمام الجزء: 1 ¦ الصفحة: 445 2364- ظَاهِرُ الْعِتَابِ خَيْرٌ مِنْ بَاطِنِ الْحِقْدِ. هذا قريب من قولهم "يبقى الوُدّ ما بقي العتاب". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 445 2365- ظِلُّ السُّلْطَانِ سَرِيعُ الزَّوَال. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 445 2366- الظَّفَرُ بالضَّعِيفِ هَزِيمةٌ. يضرب لمن يستضعف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 445 2367- ظَنُّ العَاقِلِ خَيْرٌ مِنْ يَقِينِ الْجَاهِلِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 445 ما جاء على أفعل من هذا الباب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 445 2368- أَظْلَمُ مِنْ حَيَّةٍ. لأنها تجيء إلى جُحْر غيرها فتدخُلُه وتغلبه عليه، وكذلك قولهم: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 445 2369- أَظْلَمُ مِنْ أَفْعَى. يقال: إنك لتظلمني ظلم الأفعى، قال الشاعر: وأنْتَ كَالأفْعَى الَّتِي لا تَحْتَقِرْ ... ثُمَّ تَجِي سَادِرَةً فَتَنْجَحِرْ وذلك أن الحية لا تتخذ لنفسها بيتاً فكلُّ بيتٍ قصدَتْ إليه هرب أهلُه منه وخَلَّوْهُ لها. وأما قولُهم: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 445 2370- أَظْلَمُ مِنْ وَرَلٍ. فلأنَّ كلَّ شدة يلقاها ذو جُحءر من الحية فهو يلقي مثل ذلك من الورل، والوَرَلُ ألطف بَدَناً من الضب، وهو يقوى على الحيات ويأكلها أكلاً ذريعاً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 445 2371- أَظْلَمُ مِنْ ذِئْبٍ. قد كثر أمثال العرب وأشعار الشعراء بظلم الذئب، فقالوا في أمثلهم "مَنِ اسْتَرْعَى الذئب ظلم " و"مستودع الذئب أظلم" و"كافأهُ مكافأة الذئب " وأما ما جاء في أشعارهم فحكى ابن الأعرابي أن أعرابياً رَبَّى بالبادية ذئباً فلما شبَّ افترسَ سَخْلة له، فقال الأعرابي: فَرَسْتَ شُوَيْهَتِي وفَجَعْتَ طِفْلاً ... وَنِسْوَاناً وَأنْتَ لَهُمْ رَبِيبُ نَشَأتَ مَعَ السِّخَالِ وَأنْتَ طِفْلٌ ... فَمَا أدْرَاكَ أنَّ أبَاكَ ذِيبُ إذَا كَانَ الطِّبَاعُ طِبَاعُ سُوءٍ ... فَلَيسَ بِمُصْلِحٍ طَبْعاً أدِيبُ وقال آخر: وَأنْتَ كَجَرْوِ الذِّئْبِ لَيْسَ بِآلِفٍ ... أبَى الذِّئْبُ إلاَّ أَنْ يَخُونَ وَيَظْلِمَا وقال آخر: وأنْتَ كَذِئْبِ السُّوء إذْ قَالَ مَرَّةً ... لِعَمْروسَةٍ وَالذِّئْبُ غَرْثَانُ مُرْمِلُ أأنْتِ الَّتِي مِنْ غَيْرِ جُرْمٍ سَبَبْتِنِي ... فَقَالَتْ مَتَى ذَا قَالَ ذَا عَامُ أوَّلُ فَقَالَتْ وُلِدْتُ الْعَامَ بَلْ رُمْتَ ظُلْمَنَا ... فَدُونَكَ كُلْني لاَهَنَالَكَ مَأكَلُ قال حمزة: وهذه الأبيات منقولة من حديث طويل من أحاديث الأعراب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 446 2372- أَظْلَمُ مِنَ التِّمْسَاحِ، و"كافأَنِي مُكافأَةَ التِّمْسَاحِ". قال حمزة: له حديث من أحاديثهم طويل تركت ذكره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 446 2373- أَظْلَمُ مِنَ الْجُلُنْدَي. هذا مَثَلٌ من أمثال أهل عمان، ويزعمون أنه جَرَى ذكره في القرآن في قوله عزَّ وجل {وكان وَرَاءهم مَلِكٌ يأخُذُ كلَّ سَفِينةٍ غصْباً} ويزعم كثير من الناس أن الْجُلُنْدَي وقع إلى سيف فارس في دولة الإسلام، وأن الذي كان يأخذ السفُنَ كان في بحر مصر، لا في بحر فارس. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 446 2374- أَظْلَمُ مِنْ فَلْحَسٍ. قد مر ذكره في باب السين عند قولهم "أسْأَلُ من فَلْحَسٍ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 446 2375- أظْلَمُ مِنْ صَبِيٍّ. لأنه يسأل مالا يقدر عليه، ولذلك يقال " أعطاه حكم الصبي " إذا أطاه ما شاء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 446 2376- أظْلَمُ مِنْ لَيْلٍ. يُرَاد من الظُّلْمة. قلت: قد قال بعضهم: هذا شاذ أن [ص: 447] يُبْنَى أفعلُ التفضيل من الإظلام، وليس كما ظن، فإنَّ ظلم يظلم ظُلْمة لغة في أظلم إظلاما، وإذا صح هذا فالبناء وقَعَ على سَمْته وقاعدته. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 446 2377- أَظْلَمُ مِنْ اللَّيْلِ. هذا يراد به أفعل من الظُّلم لا من الظُّلمة، وإنما نسب إلى الظلم لأنه يَسْتُر السارقَ وغَيره من أهل الريبة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 447 2378- أظْمَأ مِنْ حُوتٍ. قال حمزة: يزعمون دَعْوى بلا بينة أنه يعطش في البحر، ويحتجون بقول الشاعر: كالحوت لا يُرْوِيه شَيْء يَلْهَمُهْ ... يُصْبِحُ ظَمْآنَ وَفِي الْبَحْرِ فَمُهْ ثم ينقضون هذا بقولهم "أرْوَى من حوت" فإذا سُئلوا عن قولهم هذا قالوا: لأنه لا يفارق الماء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 447 2379- أظْمَأ مِنْ رَمْلٍ. وإنما قالوا هذا لأنه أشْرَبُ شيء للماء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 447 2380- أظَلُّ مِنْ حَجَرٍ. وذلك لكثافة ظله. قلت: ليس للظل فعل يتصرف في تُلَاثيه، فيبنى منه أفعل التفضيل، وحقه " أشدُّ إظْلاَلاً"، وقال: كأنَّمَا وَجْهُكَ ظِلُّ مِنْ حَجَرْ يعني أسود، لأن ظل الحجر لا يكون كظل الشجر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 447 2381- أظْلَمُ مِنَ الشَّيْبِ. لأنه ربما يَهجُم على صاحبه قبل إبَّانه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 447 المولدون الجزء: 1 ¦ الصفحة: 447 ظَرِيفٌ فيٍ جَيْبِهِ غُدَدٌ. إذا تكَّلف مالا يَليقُ به. ظُلْمُ الأقَارِبِ أشَدُّ مَضَضاً مِنْ وَقْعِ السَّيْفِ. قلت: هذا معنى قديم، فإنه في مشهور شعر الجاهلية، قال طرفة: فَظُلْمُ ذَوِي القُرْبَى أشَدُّ مَضَاضَةً ... عَلَى الْمَرْءِ مِنْ وَقْعِ الْحُسَامِ الْمُهَنَّد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 447 الجزء الثاني الجزء: 1 ¦ الصفحة: 447 الباب الثامن عشر فيما أوله عين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 447 2382- عِنْدَ الصَّبَاح يَحْمَدُ القَوْمُ السُّرَى قال المفضل: إن أول مَنْ قال ذلك خالد بن الوليد لما بَعَثَ إليه أبو بكر رضي الله عنهما وهو باليمامة: أن سِرْ إلى العراق، فأرادَ سُلوكَ المَفازة، فقال له رافع الطائى: قد سلكتها في الجاهلية، وهى خِمسٌ للإِبل الواردة، ولا أظنك تقدِرُ عليها إلا أن تحمل من الماء، ثم سَقَاها الماء حتى رَوِيت، ثم كتَبَها وكَعَم أفواها، ثم سلك المَفَازة حتى إذا مضى يومان وخاف العطَشَ على الناس والخيل، وخشى أن يذهب ما في بطونه الإبل نحَرَ الإبلَ واستخرج ما في بطونها من الماء، ومضى، فلما كان في الليلة الرابعة قال رافع: انْظُرُوا هل تَرَوْنَ سِدْرا" عِظاماً؟ فإن رأيتموها وإلا فهو الهلاك، فنظر الناسُ فرأوا السِّدْر، فأخبروه، فكبَّر، وكَبَّر الناس، ثم هجموا على الماء، فقال خالد: لله دَرُّ رَافِع أََنَّي اهْتَدَى ... فَوّزَ من قُرَاقِر إلى سُوَى خِمْساً إذا سار بِه الجيشُ بَكَى ... ما سَارَهَا من قبله إنْسٌ يُرَى عِنْدَ الصَّبَاحِ يَحْمَدُ القَوْمُ السُّرَى ... وَتَنْجَلِي عَنهُمُ غَيَابَاتُ الْكَرَى يضرب للرجل يحتمل الَشَّقةَ رَجَاءَ الراحة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 3 2383- عِنْدَ جُهَيْنَةَ الْخَبَرُ اليقِينُ (انظر الفاخر 1. 2 فقد ذكر له أحاديث أخر) قال هشام بن الكلبي: كان من حديثه أن حُصَيْن بن عَمْرو بن مُعَاوية بن كِلاب، خرج ومعه رجل من جُهَينة يقال له: الأخْنَس بن كعب، وكان الأخنس قد أَحدثَ في قومه حَدَثاً، فخرج هارباً، فلقيه الْحُصَيْنُ فقال له: مَن أنت ثكلتك أمك؟ فقال له الأخنس: بل مَن أنت ثكلتك أمك، فردد هذا القول حتى قال الأخنس بن كعب، فأخبرني مَن أنت وإِلاَّ أنقذتُ قلبك بهذا السنان، فقال له الحصين: أنا الحصين ابن عمرو الكلابي، ويقال: بل هو الحصين [ص: 4] بن سبيع الغطفاني، فقال له الأخنس: فما الذي تريد؟ قال خرجت لما يخرج له الفِتْيَانُ، قال الأخنس: وأنا خرجتُ لمثل ذلك، فقال له الحصين: هل لك أن نتعاقَدَ أن لا نلقى أحداً من عشيرتك أو عشيرتي إلا سلبناه؟ قال: نعم، فتعاقدا على ذلك وكلاهما فاتِكٌ يَحْذَر صاحبه، فلقيا رجلا فسلَباه، فقال لهما: لكما أن تردَّا على بعض ما أخذتما منى وأدلكما على مغنم؟ قالا: نعم، فقال: هذا رجل من لَخْم قد قدم من عند بعض الملوك بمغنم كثير، وهو خَلْفي في موضع كذا وكذا، فردَّا عليه بعضَ ماله وطلبا اللَّخْميَّ فوجَدَاه نازلا في ظل شجرة، وقُدَّامه طعام وشراب، فَحَيَّيَاه وحَيَّاهما، وعرض عليهما الطعام، فكره كل واحد أن ينزل قبل صاحبه فيفتك به، فنزلا جميعاً فأكلا وشربا مع اللخميُّ يتشحَّطُ في دمه، فقال الجهني - وهو وسَلَّ سيفه لإن سيف صاحبه كان مَسلُولا: وَيْحَكَ فتكتَ برجل قد تحرَّمْنَا بطعامه وشرابه خرجْنَا، فشربا ساعةً وتحدثا، ثم إن الحصين قال: يا أخا جهينة أتدري ما صعلة وما صعل؟ قال الجهني: هذا يوم شُرْب وأكل، فسكت الحصين، حتى إذا ظن أن الجهنى قد نسى ما يُرَاد به، قال: يا أخا جهينة، هل أنت للطير زاجر؟ قال: وما ذاك؟ قال: ما تقول هذه العُقَاب الكاسر، قال الجهني: وأين تراها؟ قال: هي ذه، وتطاوَلَ ورفع رأسه إلى السماء، فوضع الجهني بادرةَ السيف في نَحْره، فقال: أنا الزاجر والناحِرُ، واحتوى على مَتَاعه ومتاع اللخمي، وانصرف راجعاً إلى قومه، فمر ببطنين من قيس يقال لهما: مراح وأنمار، فإذا هو بامرأة تَنْشُدُ الحصينَ ابن سبيع، فقال لهما، من أنت؟ قالت أنا صخرة امرأة الحصين، قال أنا قتلته، فقالت: كذبت ما مِثْلُك يقتل مثله، أما لو لم يكن الحي خلواً ما تكلمتَ بهذا، فانصرف إلى قومه فأصلحَ أمرهم ثم جاءهم، فوقف حيث يسمعهم، وقال: وكم من ضَيْغم وَْردٍ هَمُوسٍ ... أبي شِبْلَيْن مَسْكَنُهُ العَرِينُ عَلَوْتُ بًيَاضَ مَفْرِقِهِ بِعَضْبٍ ... فأضْحى في الفَلاة له سُكونُ وَضْحَتْ عِرْسُه ولَهاَ عليه ... بُعَيْدَ هُدُوءٍ ليلتها رَنِينُ وكَمْ من فارسٍ لا تَزْدَرِيهِ ... إذا شَخَصَتْ لموقِعِهِ العُيُونُ كصخرة إذا تسائل في مَرَاجٍ ... وأنْمَارٍ وعلمهُما ظُنُونُ [ص: 5] تُسَائِلَ عن حُصَيْنٍ كُلَّ رَكْبٍ ... وعنْدَ جُهَيْنَةَ الْخَبَرُ اليَقِنُ فَمَنْ يَكُ سائلاً عَنْهُ فَعِنْدِى ... لِصَاحِبِهِ البَيَانُ المُسْتَبِينُ جُهَيْنَةُ مَعْشَرِي وَهُمُ مُلوُك ... إذَا طَلَبُوا المَعَالِيَ لم يَهوُنُوا قال الأصمعي وابن الأعرابي: هو جُفَينة - بالفاء - وكان عنده خبر رجل مقتول، وفيه يقول الشاعر: تسائل عن أبيها كل ركب ... وعند جُفَيْنةَ الخبَرُ اليقنُ قال: فسألوا حفينة، بالحاء المهملة يضرب في معرفة الشيء حقيقةً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 3 2384- عَثَرَتْ عَلَى الغَزْلِ بأَخَرَةٍ فَلَمْ تَدَعْ بَنَجْدٍ قَرَدَةً القَرَدُ: ما تمعَّطَ من الإبل والغنم من الوَبَر والصوف والشعر. قال الأصمعي: أن تَدَعَ المرأةُ الغزلَ وهي تجد ما تغزله من قطن أو كتان أو غيره، حتى إذا فاتها تَتَبَّعَتْ القَرَد في القُمَامات فتلقطها. يضرب لمن ترك الحاجة وهي ممكنه ثم جاء يطلبها بعد الْفَوت. قال الزاجز: لو كنتُمُ صوفاً لكنتُمْ قَرَدَا ... أو كنتُمُ ماءً لكنتم زَبَدَاً أوكنتم لَحْماً لكنتُمْ غُدَدَا ... أو كنتُمُ شاءَ لكنتُمْ نَقَدَا أو كنتُمُ قَوْلاً لكنتُمْ فَنَدَا ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 5 2385- عَادَتْ لِعتْرِهَا لَمِيسُ العِتْر: الأصل، ولَمِيسُ: اسم امرأة. يضرب لمن يرجع إلى عادة سوء تركها واللام في لعترها بمعنى إلى، يقال: عُدْتُ إليه، وله، قال الله تعالى (ولو رُدُّوا لَعَادُوا لما نُهُوا عنه) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 5 2386- عبْدٌ صَرِيخُهُ أََمَةٌ يضرب في استعانة الذليل بآخَرَ مثلِهِ. أي ناصره أذلٌ منه، والصريخ: المُصْرِخُ ههنا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 5 2387- عَبْدُ غَيْرِكَ حُرٌّ مِثْلُكَ يضرب للرجل يرى لنفسه فَضْلاً على الناس من غير تَفَضُّلٍ وتَطَوُّلٍ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 5 2388- عَبْدٌ وَحلْىٌ في يَدَيْه يضرب في المال يملكه مَنْ لا يستأهله ويروى عَبْدٌ وخَلاً ويروى عبد وخليٌ في يديه وكلها في المعنى قريب، والتقدير: هذا عبد، أو هو عبد، فالابتداء محذوف، والخبر مُبَقَّي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 5 2389- عَبْدٌ مَلَكَ عَبْداً فأَوْلاَهْ تَبّاً يضرب لمن لا يليق به الغنى والثروة. والتبُّ: التَّباب، وهو الخَسَار. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 6 2390- عَبْدٌ أُرْسِل في سَوْمِهِ السُّوم: اسم من التسويم، وهو الإهمال أي أرسل مُسَوَّماً في عمله، وذلك إذا وثقت بالرجل وفوّضْتَ إليه أمرك، فأتى فيما بينك وبينه غير السَّداد والعفاف الجزء: 2 ¦ الصفحة: 6 2391- أعطاهُ بِقُوفِ رَقَبَتِهِ، وبِصُوفِ رَقَبَتِهِ وبِطُوف رَقَبَتِهِ، قال ابن دريد: يقال أخّتُ بقُوفَةِ قفاه وهو الشعر المتَدلِّي في نُقْرَة القفا. يضرب لمن يعطي الشيء بجملته وعينه ولا يأخذ ثمناً ولا أجراً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 6 2392- أَعْوَرُ عَيْنَكَ والْحَجَرَ يريد: يا أعور احْفَظْ عينَكَ واحذر الحجر، أو ارْقُب الحجَرَ، وأصله أن الأعور إذا أصِبَتْ عينُه الصحيحة بقي لا يبصر، كما قال إسماعيل بن جرير البَجَلي الشاعر، لطاهر ابن الحسين، مَدَّاحاً له فقيل له: إنه ينتحل ما يمدحك به من الشعر، فأحبَّ أن يمتحنه، فأمره أن يهجوه، فأبى إسماعيل، فقال طاهر: إنما هو هجاؤك لي أو ضَرْبُ عنقك، فكتب في كاغد هذه الأبيات: رأيْتُكَ لا تَرَى إلا بعَيْن ... وَعَيْنُك لا ترى إلاّ قَليلاَ فَأما إذا أصبت بفَرْد عَيْنٍ ... فَخُذْ من عَيْنِكَ الأخرى كَفيلاَ فَقَدْ أَبْقَيتَ أنَّكّ عَنْ قَليلٍ ... بظَهْرِ الكَفِّ تَلْتَمسُ السَّبيلاَ ثم عرض هذه الأبيات على طاهر، فقال: لا أرَيَنَّكَ تنشدها أحداً، ومَزَقَ القرطاس، وأحسن صلَته. ويقال: إن غراباً وقع على دَبَرَة ناقةٍ فكِرهَ صاحبُها أن يرميه فتثور الناقة، فجعل يُشِير إليه بالحجر، ويسمى الغراب أعور لحدة بصره، على التشؤم، أو على القلب كالبَصِير للضرير وأبي البَيضَاء للحبشي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 6 2393- عِنْدَهُ من المالِ عَائِرَةُ عَيْنٍ يقال: عُرْتُ عينه أي عَوَّرْتها، ومعنى المثل أنه من كثرته يملأ العين، حتى يكاد يعورها، وقال: أبو حاتم: عَارَتْ عينُه أي ذهبت، قال: ومعنى المثل عنده من المال ما تَعِيرُ فيه العين، أي تجئ وتذهب وتحير، وقال الفراء : عنده من المال عائِرةُ عينٍ، وعائرة عَيْنَين، وعَيَّرَة، وأصل [ص: 7] هذا أنهم كانوا إذا كَثُرَ عندهم المالُ فَقَؤُ عين بعير دفعاً لعين الكمال، وجُعِلَ العَوَرُ لها لأنها سببه، وكانوا يفعلون ذلك إذا بلغت الإبل ألفاً، والتقدير: عنده من المال إبلٌ عائرةُ عين، أي مقدار ما يُوجِبُ عَوَرَ عين، أي ألفٌ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 6 2394- عَيْنٌ عَرَفَتْ فَزَرَفَتْ يضرب لمن رأى الأمر فعرف حقيقته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 7 2395- أَعْيَيْتِنِي بأُشُرٍ فَكَيْفَ بِدُرْدُرٍ أصل ذلك أن رجلاً أبغض امرأته وأحبته، فولدت له غلاماً، فكان الرجل يقبل دردره، وهو مُعْرِزُ الأسنان، ويقول: فَدَيْتُ دُردُرَك، فذهبت المرأة فكسرت أسنانها، فلما رأى ذلك منها قال : أعْيَيْتِنِي بأشُرٍ فكيف بدُرْدُرٍ؟ فازداد لها بغضاً، والأشُرُ: تحزيز الأسنان، وهو تحديد أطرافها، والباء في بأشُرٍ وبدردر بمعنى مع، أي أعييتِنِي حين كنت مع أشر فكيف أرجو فلاحَكِ مع دردر؟ قال أبو زيد: معنى المثل أنك لم تَقْبَلِي الأدبَ وأنت شابة ذات أشُر في أسنانك، فكيف الآن وقد أسننت؟ ومثله: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 7 2396- أعْيَيْتِنِي من شُبُّ إلى دُبَّ، ومنْ شُبَ إلى دُبٍّ فمن نَوَّن جعله بمنزله الاسم بإدخال من عليه، ومن لم ينون جعله كقولهم نهى رسول الله عن قِيلَ وقَالَ على وجه الحكاية للفعل. والمثلان يضربان لمن يكون في أمر عظيم غير مرضى فيمتد فيه، أو يأتي بما هو أعظم منه ويقال في قولهم من شب أي من لدن كنت شاباً إلى أن دَبَبت على العصا، لأي أنك معهودٌ منك الشرُّ منذ قديم فلا يرجى منك أن تقصر عنه، يقال: شَبَّ الغلامُ يَشبُّ شَبَاباً وشَبيبة، إذا ترعرع. قلت: الكلام شَبَّ بالفتح والمثلُ شُبَّ بالضم، ولا وجه له يحمل عليه، إلا أن يقال: شعرها يَشُبُّ لونَهَا أي يظهره، وكذلك شَبَّ النار إذا أوقدها وأظهرها، كأنهم أرادوا أعييتني من لدن قيل أظهر، أي ولد وظهر للرائين، إلى أن شابَ ودَبَّ على العصا، ثم نزل الفعل منزلة الاسم وأدخل عليه من ونُوِّنّ، وإذا لم ينون حكى على لفظ الفعل، ورفعوا دُبَّ في الوجهين على سبيل الإتباع والمزاوجه؛ لأن دَبَّ ليتعدى البتة ويروى من لدن شَبَّ إلى دَبَّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 7 2397- عَلَيْهِ مِنَ اللهِ لِسَانٌ صَالِحَةٌ يعني الثناء يضرب لمن يُثْنَى عليه بالخير الجزء: 2 ¦ الصفحة: 8 2398- عَضَّ عَلَى شِبْدِعِهِ الشِّبْدِعُ: العقرب يضرب لمن يحفظ اللسان عما لا يَعْنِيه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 8 2399- عَلَى يَدَيَّ دّارَ الحَدِيثُ يضرب به منْ كان عالماً بالأمر ويروى هذا المثل عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أنه تكلم به في المُتْعَة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 8 2400- عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ قال ابن السِّكِّيت: هو العَدْلُ بن جزء بن سعد العشيرة، وكان على شرط تُبَّع، وكان تبع إذا أراد قتل رجل دفعه إليه، فجرى به المثل في ذلك الوقت؛ فصار الناس يقولون لكل شئ قد يُئِس منه: هو على يَدَيْ عدل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 8 2401- أعْطَى عَنْ ظهْرِ يَدٍ أي ابتداء، لاعن بيع ولا مكافأة، قَال الأَصمَعي: أعطيته مالاً عن ظهر يدٍ، يعني تفضُّلاً ليس من بيع ولا من قرْض ولا مكافأة قلت: الفائدة في ذكر الظهر هي أن الشَيء إذا كان في بطن اليد كان صاحبُهُ أملَكَ لحفظه، وإذا كان على ظهرها عَجَزَ صاحبها عن ضبطه؛ فكان مبذولا لمن يريد تناوله. يضرب لمن يُنَالُ خيره بسهولة من غير تعب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 8 2402- عَيٌّ أَبْأَسُ مِنْ شَلَلٍ أصل هذا المثل أن رجلين خَطَبا امرَأة وكان أحدهما عَيَّ اللسان كثير المال، والآخَر أشَلَّ، لا مال له، فاختارت الأشل، وقَالت : عَيٌّ أبأس من شلل، أي شر وأَشَدُّ احتمال الجزء: 2 ¦ الصفحة: 8 2403- عَرَكْتُ ذَلِكَ بِجَنْبِي أي احتملته وسَتَرتُ عليه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 8 2404- عَرَفَ بَطْنِي بَطْنَ تُرْبَةَ هذا رجل كان غاب عن بلاده، ثم قدم فألصق بطنه بالأرض، فَقَال هذا القول، وتربة: أرضٌ معروفة من بلاد قيس يضرب لمن وصل إليه بعد الحنين له الجزء: 2 ¦ الصفحة: 8 2405- عَيَّرَ بُجَيْرٌ بُجَرَةَ البُجَر: جمع بُجْرَة، وهي نُتُوء السرة يعبر بها عن العيوب، وبجرة في المثل: اسم رجل، وكذلك بجير، ويروى بَجرة بفتح الباء يُقَال : عير: بجير بُجَرَة، نسى بجير خبره، والتعيير: التنفير، من قولك "عَارَ [ص: 9] الفَرَسُ يَعيِرُ" إذا نفر، وعَيَّر نَفَّر، كأنه نفَّر الناس عنه بما ذكر من عيوبه، وحذف المفعول الثاني للعلم به الجزء: 2 ¦ الصفحة: 8 2406- عَلَى أُخْتِكِ تُطْرَدِينَ وذلك أن فرساً عارت فركب طالبها أختَها فطلبها عليها. يضرب للرجل إذا لقى مثله في العلم والدهاء، أو في الجهل والسفه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 9 2407- عَرَفَتْنِي نَسَأَها الله النَّسىء: التأخير، يُقَال: نَسَأَه في أجله وأنسأه أجله، عن الأَصمَعي، والنَّسِىء والنَّساء: اسم منه، ومنه قولهم " من سرَّه النَّساء ولا نساء فليخفف الرداء، وليباكر الغَدَاء، وليُقِلَّ غِشْيَان النِّساء" ومعنى المثل أخَّرَ الله أجلها، وأصله أن رجلا كانت له فرس فأخذت منه ثم رأها بعد ذلك في أيدي قوم، فعرفته فجَمَحَتْ حين سمعت كلامه، فَقَال الرجل : عرفَتْني نَسَأها الله، فذهبت مَثَلاً، هذا قول الأَصمَعي وأما غيره فَقَال: المثل لِبيهَسٍ الملقب بنعامة، وإنما لُقب بها لِطوُل ساقيه، وقَال حمزة: لقب به لشدة صَمَمِهِ، فطرق امرأته ذات ليلة فجأة في الظلماء، فَقَالت امرأته: نَعَامَةُ والله، فَقَال بيهس: عرفتني نَسَأها الله وقيل: خرج قوم مُغِيرون على آخرين فلما طلع الصبح قَالت امرَأة لبعض المُغِيرين: خالاتك يا عماه، فَقَال: عرفَتْنِي نسَأها الله، أي أخَّرَ الله مدتها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 9 2408- أعْجَبَ حَيَّاً نَعَمُهُ حي: اسم رجل أتاه رجل يسأله فلم يُعْطِهِ شيئاً، فشكاه فقيل : أعجب حياً نعمه، أي راقُه وأعجبه فبخِلَ به عليك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 9 2409- الْعَاشِيَةُ تُهَيِّجُ الآبِيَّةَ يُقَال: عَشَوْتُ في معنى تَعَشَّيْتُ، وغَدَوْتُ في معنى تَغَدَّيْتُ، ورجل عَشْيَان أي مُتَعشٍّ، وقَال ابن السكيت: عَشِي َالرجلُ وعَشيتِ الإبل تَعْشَى عَشَىً إذا تَعَشّتْ، قَال أبو النجم: تَعْشَي إذا أظلم عن عشَائِه ... يقول: يتعشّى وقت الظلمة. قَال المفضل: خرج السُلَيْكُ بن السَلَكَةِ واسمه الحارث بن عمرو بن زيد مُناة بن تميم، وكان أنكر العرب وأشعرهم، وكانت أمه أمةً سوداء، وكان يدعى "سُلَيْكَ المَقَانِب" وكان أدلَّ الناس بالأرض وأعداهم على ِرْجِله لا تعلق به الخيل، وكان يقول: اللهم إنك تهيئ ما شِئت لما شِئت إذا شِئت، إني لو كنت [ص: 10] ضعيفاً لكنت عبداً، ولو كنت امرَأة لكنت أمة، اللهم إني أعوذ بك من الخَيْبَة فأما الهيبة فلا هيبة، أي لا أهاب أحداً. زعموا أنه خرج يريد أن يُغير في ناسٍ من أصحابه، فمر على بني شيبان في ربيع والناسُ مُخْصِبُون في عشية فيها ضباب ومطر فإذا هو ببيت قد انفرد من البيوت عظيم، وقد أمسى، فَقَال لأصحابه: كونوا بمكان كذا وكذا حتى آتي هذا البيت فلعلي أصيب خيراً وآتيكم بطعام، فَقَالوا له: افعل، فانطلقَ إليه، وَجَنَّ عليه الليل، فإذا البيت بيت يزيد بن رُوَيْمٍ الشيباني، وإذا الشيخُ وامرأته بفناء البيت، فاحتال سليك حتى دخل البيت من مؤخَّره، فلم يلبث أن أراح ابن الشيخ بإبله في الليل، فلما رآه الشيخ غضِبَ وقَال: هلا كنت عشَّيْتَهَا ساعةً من الليل، فَقَال ابنه: إنها: أبَتِ العشاء، فَقَال يزيد: إن العاشية تهيج الآبية، فأرسلها مَثَلاً، ثم نفض الشيخ ثوبه في وَجْهها، فرجعت إلى مَرَاتعِها وتبعها الشيخ حتى مالت لأدنى روضة فرتعت فيها، وقَعد الشيخ عندها يتعشَّى وقد خنس وجهه في ثوبه من البرد، وتبعه السُليك حين رآه انطلق، فلما رآه مغتراً ضربه من ورائه بالسيف فأطار رأسه وأطرد إبله، وقد بقى أصحاب السليك وقد ساء ظنهم وخافوا عليه، فإذا به يطرد الإبل، فأطردوها معه، فَقَال سُلَيك: في ذلك وعَاشية رُجٍّ بِطَانٍ ذَعَرْتُهَا ... بصَوْتِ قَتِيْلٍ وسْطَهَا يُتَسَيَّفُ أي يضرب بالسيف كأن عليه لَوْنَ بُرْدٍ مُحَبَّرٍ ... إذا ماَ أتَاهُ صَارِخٌ مُتَلَهِّفُ يريد بقوله "لون برد محبر" طرائق الدم على القتيل، وبالصارخ الباكي المتحزن له فَبَاتَ لهَا أهْلٌ خَلاَء فِنَاؤُهُمْ ... ومَرَّتْ بِهمْ طَيْرٌ فَلم يَتَعَيَّفُوا أي لم يزجروا الطير فيعلموا من جملتها أيقتل هذا أو يسلم. وَبَاتُوا يَظُنُّونَ الظُّنُونَ وَصُحْبَتَي ... إذا مَا عَلَوْا نَشْزَاً أهَلُّوا وَأَوْجَفُوا أي حملُوها على الوَجيف، وهو ضرب من السير. وَمَا نِلْتُهَا حَتَّى تَصَعْلَكْتُ حِقْبَةً ... وَكِدْتُ لأسبابِ المَنِيَّةِ أعرِفُ أي أصبر. وَحَتَّى رأيتُ الجُوْعَ بالْصَّيْفِ ضَرَّني ... إذا قُمْتُ يَغْشَانِي ظِلال فأسدِف خص الصيف دون الشتاء لأن بالصيف لا يكاد يجوع أحد لكثرة اللبن، فإذا جاع [ص: 11] هو دلَّ على أنه كان لا يملك شيئاً، وقوله "أسدف" يريد أدور فأدخل في السُّدْفَةَ وهي الظلمة، يعني يظلم بصرى من شدة الجوع. يُقَال: إنه كان افتقر حتى لم يبق عنده شَيء، فخرج على رجليه رجاء أن يصيب غِرَّةً من بعض مَنْ يمرُّوا عليه فيذهب بإبله، حتى إذا أمسى في ليلة من ليالي الشتاء باردة مقمرة اُشتمل الصَّمَّاء وهو أن يَرُدَّ فَضْلَ ثوبِه عَلى عضُدِهِ اليمنى ثم ينام عليها فبينما هو نائم إذ جثم عليه رجل فَقَال له: اسْتَأْسِرْ فرفع سليك رأسه وقَال: الليلُ طويل وأنت مقمر، فذهب قوله مَثَلاً، ثم جَعَل الرجل يلهزه ويقول: يا خبيث استأسر، فلما آذاه أخرج سليك يده فضمَّ الرَجلَ ضَمَةً ضرِطَ منها، فَقَال: أضَرِطاً وأنت الأعلى؟ فذهبت مَثَلاً، وقد ذكرته في باب الضاد، ثم قَال له سليك: مَنْ أنت؟ فَقَال: أنا رجل افتقرت فقلت لأخْرُجَنَّ فلا أرجع حتى أستغني، قَال فانطلق معي، فانطلقا حتى وجدا رجلاً قصتُه مثل قصتُهما، فاصطحبوا جميعا، حتى أتوا الجوف جوف مراد الذي باليمن إذا نَعَمٌ قد ملاء كل شَيء من كثرته، فهابوا أن يغيروا فيطردوا بعضها فيلحقهم الحي، فَقَال لهما سليك: كُنا قريبا حتى آتي الرِّعاء فأعلم لكما علم الحي، أقريب هم أم بعيد، فإن كانوا قريباً رجعتُ إليكما، وإن كانوا بعيدا قلت لكما قولاً ألحَنُ به لكما فأغِيرَا، فانطلق حتى أتى الرِّعاء فلم يزل يتسقَّطهم حتى أخبره بمكان الحي، فإذا هم بعيد إن طلبوا لم يدكوا، فَقَال السليك: ألا أغنيكم؟ قَالوا: بلى، فتغنى بأعلى صوته: يا صَاحِبَيَّ ألا لاحَيَّ بالوادي ... إلا عَبِيدٌ وَآمٍ بَيْنَ أذْوَادَ أَتنظران قليلاً رَيثَ غَفْلَتِهمْ ... أمْ تَغْدُوَانِ فَإنَّ الرِّبحَ لِلْغَادي فلما سمعا ذلك أتَيَاه فأطردوا الإبل، فذهبوا بها، ولم يبلغ الصريخُ الحيَّ حتى مَضَوا بما معهم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 9 2410- عَوْدٌ يُقَلَّحُ العَوْد: البعير المُسِنُّ، يُقَال: عَوَّد تعويداً إذا صار عَوْداً، وهو السِّنُّ بعد البُزُول بأربع سنين، ويقَال "سُودَدٌ عَوْد" أي قديم، وينشد: هَلِ المجدُ إلاَّ السُّودَدُ العَوْدُ وَالنَّدَى ... وَرَأبُ الثَّأى وَالصَّبْرُ عِنْدَ المَوَاطِنِ والتلقيح: إزالة القَلَح وهو خُضْرة أسنانها وصفرة أسنان الإنسان. يضرب للمُسِنِّ يُؤَدَّبُ ويُرَاض الجزء: 2 ¦ الصفحة: 11 2411- عَوْدٌ يُعَلَّمُ العَنْجَ العَنْج بتسكين النون ضرب من رياضة البعير، وهو أن يَجْذِب الراكب خِطامه فيرده على رجليه، يُقَال عَنَجَه يَعْنِجُه، والعَنَج: الاسم، ومعنى المثل كالأول في أنه جَلَّ عن الرياضة كما جل ذلك عن التلقيح، وذلك أن العَنْج إنما يكون للبَكَارة، فأما العِوَدَةُ فلا تحتاج إليه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 12 2412- عَرَضَ عَلىَّ الأمْرَ سَوْمَ عَالَّةٍ. قَال الأَصمَعي: أصلُه في الإبل التي قد نَهِلَت في الشرب ثم علَّت الثانية، فهي عالَّة؛ فتلك لا يعرض عليها الماء عرضاً يبالغ فيه، ويُقَال: سَامَهُ سَوْمَ عالَّة، إذا عرض عليه عرضاً ضعيفاً غير مبالَغ فيه، والتقدير: عرض علىَّ الأمر عَرْضَ عالَّة، ولكن لما تضمن العَرضُ معنى التكليف جعل السوم له مصدراً، فكأنه قَال: عرض على الأمر فسَامني ما يُسَام الإبل التي عَلَّت بعد النَّهَلِ ومن روى "سامني الأمر سَوْمَ عالةٍ"، كان على اللقم الواضح. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 12 2413- أَعْطَانِي اللَّفَاءَ غَيْرَ الوَفَاءِ اللَّفاء: الخسيس، والوَفاء: التام. يضرب لمن يَبْخَسُك حَقَّكَ ويظلمك فيه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 12 2414- عَرَفَ حُمْيق جَمَلَهُ أي عرف هذا القدر وإن كان أحمق، ويروى "عرف حميقاً جملُه" أي أن جمله عرفه فاجترأ عليه. يضرب في الإفراط في مؤانسة الناس ويقَال: مَعنَاهُ عَرَفَ قَدْرهُ، ويُقَال يضرب لمن يستضعف أنساناً ويُولَعُ به فلا يزال يؤذيه ويظلمه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 12 2415- عَجَبَاً تُحَدِثُ أَيُّها العَوْدُ يضرب لمن يكذب وقَدّ أسَنَّ أي لا يَجْمُلُ الكذبُ بالشيخ، ونصب عجباً على المصدر أي تحدث حديثاً عجباً الجزء: 2 ¦ الصفحة: 12 2416- أَعْدَيْتِنِي فَمَنْ أَعْدَاكِ أصل هذا أن لصاً تَبِعَ رجلاً معه مال وهو على ناقة له، فتثاءب اللص فتثاءبت الناقة، فتثاءب راكبها، ثم قَال للناقة : أعْدَيتِنِي فمن أعداك؟ وأحسَّ باللص فحذره ورَكضَ ناقته. يضرب في عدوى الشر. والعرب تقول أعدى من الثَّؤَباء من العدوى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 12 2417- العُنوقَ بَعْدَ النُّوقِ العَنَاق: الأنثى من أولاد المعز، وجمعه عنوق، وهو جمع نادر، والنوق: جمع ناقة. [ص: 13] يضرب لمن كانت له حال حسنة ثم ساءت. أي كنت صاحب نُوقَ فصِرْتَ صاحبّ عُنوُق. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 12 2418- العَيْرُ أَوْقَى لِدَمِهِ يضرب للموصوف بالحذر. وذلك أنهُ ليس شَيء من الصيد يحْذَر حَذَرَ العير إذا طلب. ويقَال: هذا المثل لزرقاء اليمامة لما نظرت إلى الجيش، وكان كل فارس منهم قد تناول غُصْنَاً من شجرة يستتر به، فلما نظرت إليه قَالت: لَقَد مَشَى الشَجَرُ، ولقد جائتكم حمير، فكذبوها، ونظرت إلى عَيْرٍ قد نَفَر من الجيش، فَقَالت : العير أوقى لدمه، من راعٍ في غَنَمِه، فذهبت مَثَلاً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 13 2419- عَيْرٌ بِعَيْرٍ وَزِيادَةُ عَشَرَةٍ قَال أبو عبيدة: هذا مثل لأَهل الشام ليس يتكلم به غيرهم، وأصلُ هذا أن خلفاءهم كلما مات منهم واحد وقَام آخر زادهم عشرة في أعطياتهم؛ فكانوا يقولون عند ذلك هذا، والمراد بالعَيْر ههنا السيد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 13 2420- عَيْرٌ عَارَهُ وَتِدُهُ عَارَهُ: أي أهلكه، ومنه قولهم: ما أدرِي أي الجراد عَارهُ، أي أيُّ الناس ذهب به، يُقَال: عَارَهُ يعورَهُ ويَعِيره، أي ذهب به وأهلكه، وأصل المثل أن رجلاً أشفقَ على حماره فربَطَه إلى وَتِد، فهجمَ عليه السبع فلم يمكنه الفرار فأهلكه ما احترس له به. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 13 2421- عَيْرٌ رَكَضَتْهُ أُمُهُ ويروى رَكَلَته أمه يضرب لمن يظلمه ناصرُهُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 13 2422- عُيَيْرُ وَحْدِهِ يضرب لمن لا يخالط الناس. وقَال بعضهم: أي يُعَاير الناس والأمورَ ويَقيسها بنفسه من غير أن يشاور، وكذلك جُحَيْشُ وَحْدِهِ ويقَال جُحَيْشُ نفسه والكلام في" وَحْدَه" يجيء مستقصيً عند قولهم "هو نسيجُ وَحْدِهِ" إن شاء الله تعالى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 13 2423- عِنْدَ النِّطَاحِ يُغْلَبُ الكَبْشُ الأجَمُّ ويقَال أيضاً "التَّيسُ الأجَمُّ" وهو الذي لا قَرْنَ له. يضرب لمن غَلَبه صاحبه بما أعدَّ له. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 13 2424- عَنْزٌ بِهَا كلُ داءٍ يضرب للكثير العُيُوبِ من الناس والدوابِّ. [ص: 14] قَال الفَزَاري: للمِعْزَى تسعة وتسعون داء، وراعي السوء يوفيها مائة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 13 2425- عِيثِي جَعَارٍ قَال أبو عمرو: يقَال للضبع إذا وقعت في الغنم أفْرَعْتِ في قَرَاري، كأنما ضِراري، "أردتِ يا جَعَار القرار: الغنم، وأفرعَ: أراق الدم، من الفرَع، وهو أول ولد تنتجه الناقة، كانوا يذبحونه لآلهتهم، يُقَال: أفرَعَ القوم إذا ذبحوه، وقَال الخليل: لكثرة جعرها سُمِّيت جَعَار، يعني الضبعَ، قَال الشاعر: فَقُلْتُ لَها عِيثِي جَعَارِ، وأبشِري ... بلَحْمِ امرئٍ لم يَشْهَدِ اليوم نَاصِرُه قَال المبرد: لما أتى عبد الله بن الزبير قتلُ أخيه مُصْعب قَال: أشَهِدَه المهلَّبُ بن أبي صُفْرة؟ قَالوا لا، قَال: أفشهده عباد بن الحصين الحبطي؟ قَالوا: لا، قَالَ: أفشهده عبد الله بن حازم السلمى؟ قَالوا: لا، فتمثل بهذا البيت: فقلتُ لها عِيثِي جَعَارِ وأبشري ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 14 2426- عَرَضَ عَلَيه خَصْلَتَي الضُّبُعِ إذا خَيَّره بين خصلتين ليس في واحدة منهما خيار، وهما شَيء واحد، تقول العرب في أحاديثها: إن الضبع صادت ثعلباً، فَقَال، لها الثعلب: مُنِّى علىَّ أم عامر، فَقَالت: أخيرك بين خصلتين فاختر أيهما شَئت، فَقَال: وما هما؟ فَقَالت: إما أن آكلك، وإما أن أمزقك، فَقَال لها الثعلب: أما تذكرين يوم نكحتك؟ قَالت: متى؟ وفتحت فاها فأفْلَتَ الثعلب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 14 2427- عَلَى أََهْلِهاَ تَجْنىِ بَرَاقشُ كانت بَرَاقشُ كلبةً لقومٍ من العرب، فأغير عليهم، فهَرَبُوا ومعهم بَرَاقش، فاتبع القومُ آثارَهُم بنُبَاح بَرَاقش، فهجموا عليهم فاصطلموهم، قَال حمزة بن بيض: لم تكن عن جناية لَحِقَتْنِي ... لا يَساري ولا يَمينِي رَمَتْنِي بل جَنَاها أخٌ عليَّ كريمٌ ... وعلى أهلها بَرَاقِشُ تَجْنِي وروى يونس بن حبيب عن أبي عمرو بن العلاء قَال: إن براقش امرَأة كانت لبعض الملوك، فسافر الملك واستخلفها، وكان لهم موضع إذا فَزِعوا دخَّنُوا فيه، فإذا أبصره الجند اجتمعوا، وإن جواريها عبثن ليلة فَدخَّنَّ فجاء الجند، فلما اجتمعوا قَال لها نصحاؤها: إنك إن رَدّدْتهم ولم تستعمليهم في شَيء ودخّنتهم مرة أخرى لم يأتِكِ منهم أحد، فأمرتهم فبنوا بناء دون دارها، فلما جاء الملك، سَألَ عنْ البِناءَ فأخبروه بالقصة، [ص: 15] فَقَال: على أهْهِا [؟؟] تَجنىِ بَرَاقش، فصارت مَثَلاً وقَال الشرقي بن القطَامى: براقش امرَأة لقمان بن عاد، وكان لقمان من بني ضد، وكانوا لا يأكلون لحوم الإبل، فأصاب من براقش غلاما، فنزل مع لقمان في بني أبيها، فأولموا ونَحَرُوا الجزر، فراح بن براقش إلى أبيه بعرقَ من جزور، فأكله لقمان، فَقَال: يا بني ما هذا؟ فما تَعَرَّقْتُ قط طيباً مثله، فَقَال: جذور نَحَرَها أخوالي فَقَال: وإن لحوم الإبل في الطيب كما أرى؟ فَقَالت براقش: جَمِّلْنَا واجْتْمِلْ، فأرسلتها مَثَلاً، والجميل الشحْمُ المُذَاب، ومعنى جَمِّلْنا أي أطْعِمْنَا الجميل، واجْتَملْ: أي أُطْعم أنت نفُسك منه، وكانت براقش أكثر قومها إبلا فأقبل لقمان على إبلها فأسرع فيها وفي إبل قومها، وفَعَلَ ذلك بنو أبيه لما أكلوا لحوم الجزور، فقيل : على أهلها تجنى براقش يضرب لمن يعمل عملا يرجع ضرره إليه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 14 2428- عَجِلَتْ الكَلْبَةُ أنْ تَلِدَ ذَا عَيْنَينَ وذلك أن الكبةُ تُسرع الولادة حتى تأتي بولد لا يبصر، ولو تأخر ولادها لخرج الولد وقد فتح يضرب للمستَعْجِل عن أن يستتَّم حاجته الجزء: 2 ¦ الصفحة: 15 2429- عَلِقَتْ مَعَالِقِهَا وَصَرَّ الجُنْدَبُ أي قد وجب الأمر ونَشِبَ، فجزع الضعيف من القوم. وأصله أن رجلاً انتهى إلى بئر وعلَّقَ رِشاءه برشائها، ثم صار إلى صاحب البئر فادعى جواره، فَقَال له: وما سبب ذلك؟ قَال: علقتُ رِشائي برشائك، فأبى صاحب البئر وأمره بالرحيل، فَقَال : عَلِقَتْ معالقَهَا وصر الجندب، أي جاء الحر، ولا يمكنني الرحيلَّ قَالَ ابن الأَعرابي: رأى رجل امرَأة سَبْطَة تامةً فخطبها فأنْكِحَ، ثم هديت إليه امرَأة قَمِيئة، فَقَال: ليست هذه التي تزوجتها، فَقَالت المزفوفة: عَلِقَتْ معَالِقَها وصر الجندبُ، يعني وقع الأمر. وعَلِقَ: بمعنى تعلَّقَ، والمعالق: يجوز أن يكون جمع معلق، وهو موضع العلوق، ويجوز أن يكون جميع متعلقَ بمعنى موضع التعلق، والتاء في علقت يجوز أن تكون كناية عن الدلو، ويجوز أن تكون كناية عن الأرْشِيَةِ: أي تعلَّقَتِ الأرْشِيَةُ بمواضع تعلقها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 15 2430- عَنْدَ الله لَحْمُ حُبَارَياتٍ و"عند الله لحمُ قَطاً سمان" يتمثل به في الشَيء يُتَمَنَّى ولا يوصل إليه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 15 2431- العُقُوقَ ثُكْلُ مَنْ لَمْ يَثْكَلْ أي: إذا عَقَّه ولدُه فقد ثَكِلهم وإن كانوا أحياء، قَالَ أبو عبيد: هذا في عُقُوقَ الولد للوالد، وأما قطيعة الرحم من الوالد للولد فقولهم المُلْكُ عَقِيم يريدون أن المَلِكَ لو نازعه ولدُه المُلْكَ لقطع رحمه وأهلكه، حتى كأنه عَقيم لم يولد له. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 16 2432- عَشِّ وَلا تَغْتَرَّ أصل المثل فيما يُقَال أن رجلا أراد أن يُفَوِّزَ بإبله ليلا، واتّكَل على عشب يجده هناك، فقيل له : عّشِّ ولا تَغْتَر بما لست منه على يقين، ويروى أن رجلاً أتى ابن عمر وابن عباس وابن الزبير رحمهم الله تعالى، فَقَال: كما لا ينفع مع الشرك عمل كذلك لا يضر مع الإيمان ذنب، فكلهم قَال: عّشِّ ولا تّغْتَر، يقولون: لا تُفَرِّطْ في أعمال الخير وخُذْ في ذلك بأوثقَ الأمور، فإن كان الشأن على ما ترجو من الرُّخصَة والسَّعة هناك كان ما كسبت زيادةً في الخير، وإن كان على ما تخاف كنت قد احْتَطْتَ لنفسك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 16 2433- عِشْ رَجَباً تَرَ عَجَباً قَالوا من حديثه: إن الحارث بن عُبَاد بن قيس بن ثَعْلَبة طلَّق بَعض نسائه من بعد ما أسنَّ وخَرِف، فخَلَفَ عليها بعده رجل كانت تُظْهر له من الوَجْدِ به مالم تكن تظهر للحارث، فلقي زوجُها الحارثَ فأخبره بمنزلته منها، فَقَال الحارث : عِشْ رَجَباً تَرَ عَجَباً، فأرسلها مَثَلاً. قَال أبو الحسن الطوسي: يريد عِشْ رَجَباً بعد رجب، فحذف، وقيل: رجب كناية عن السَّنَة لأنه يحدث بحدوثها، ومن نَظَر في سنةٍ واحدة ورأى تغير فصولها قاس الدهر كله عليها، فكأنه قَال: عِشْ دهراً تَرَ عجائب، وعيش الإنسان ليس إليه، فيصح له الأمر به، ولكنه محمول على معنى الشرط، أي: إن تَعِشْ تَرَ، والأمر يتضمن هذا المعنى في قولك: زُرْنِي أُكْرِمْكَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 16 2434- عَلَى مَا خَيَلَتْ وَعْثُ القَصِيْم أي: لأركبَنَّ الأمرَ على ما فيه من الهول. والقصيم: الرملُ، والوعث المكان السهل الكثير الرمل تَغِيبُ فيه الأقدام، ويشقَ المَشْيُ فيه، وقوله "على ما خيلت" أي على ما شَبَهَتْ، من قولهم: فلان يمضي على المخَيَّلِ أي على ما خيلت أي على غَرَر من غير يقين والتاء في "خيلت" للوعث، وهو جمع وَعْثَة، "وعلى" من صِلَة فعل محذوف أي أمضي على ما خيلت. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 16 2435- عَسَى الغُوَيْرُ أَبْؤساً الغُوَيْر: تصغير غَارٍ، والأبؤس: جمع بُؤْس، وهو الشدة. وأصل هذا المثل فيما يُقَال من قول الزبَّاء حين قَالت لقومها عند رجوع قَصير من العراقَ ومعه الرجال وبات بالغُوَير على طريقه "عَسَى الغُويرُ أبؤسا" أي لعل الشرَّ يأتيكم من قبل الغار. وجاء رجل إلى عمر رضي الله عنه يحمل لَقِيطاً فَقَال عمر "عسى الغوير أبؤسا" قَال ابن الأعرابي: إنما عَرَّض بالرجل، أي لعلك صاحب هذا اللقيط، قَال: ونصب "أبؤسا" على معنى عسى الغوير يصير أبؤسا، ويجوز أن يقدَّر عسى الغوير أن يكون أبؤسا، وقَال أبو علي جعل عسى بمعنى كان، ونزلهُ منزلته. يضرب للرجل يُقَال له: لعلَّ الشرَّ جاء من قبلك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 17 2436- عِيصُكَ مِنْكَ وَإنْ كان أَشِبَا العيصُ: الجماعة من السِّدْر تجتمع في مكان واحد، والأشَبُ: شدة التفاف الشجر حتى لا مَجَازَ فيه. يُقَال: غَيْضَة أشِبَة، وإنما صار الأشب عيبا لأنه يذهب بقوة الأَصول، وربما يوضع الأشب موضع المدح يراد به كثرة العَدد ووفور العُدَد كما قَال: ولِعَبْدِ القَيس عيِصٌ أشِبُ ... ويجوز أن يريد به الذم، أي كثرةٌ لا غَنَاء عندها ولا نفع فيها، قَال أبو عبيد في معنى المثل: أي منك أصْلُكَ وإن كان أقاربُكَ على خلاف ما تريد، فاصبر عليهم فإنه لا بدَّ منهم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 17 2437- عَصَبَهُ عَصْبَ السَّلَمَةِ ويروى "اعْصِبْهُ" على وجه الأمر، وهي شجرة إذا أرادوا قَطْعها عَصَبُوا أغصانَها عَصْباً شديداً حتى يصلوا إليها وإلى أصلها فيقطعوه. يضرب للبخيل يُسْتَخرَجُ منه الشيء على كرْهٍ، قَال الكميت: ولا سَمُرَاتِي يَبْتَغِيهنَّ عاضِدٌ ... ولاَ سَلَمَاتي في بَجِيلَةَ تُعْصَبُ أرد أن بجيلة لا يقدر على قهرها وإذلالها وقَال الحجاج على مِنْبر الكوفة: والله لأحزِمَنَّكم حَزَمَ السلمة، ويروى "لأعْصِبنكم عَصْبَ السَّلمة، ولأضربنكم ضرب غرَائِبِ الإبل". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 17 2438- عَثَر بأشْرَسِ الدَّهْرَ أي بداهية الدهر وشدته، يُقَال: إن الشَّرس ما صغر من شجر الشوك، ومنه الشَّراسة في الخلق. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 17 2439- عُشْبٌ وَلا بَعَيِرٌ أي هذا عُشْبٌ وليس بعير يرعاه. يضرب للرجل له مال كثير ولا ينفقه على نفسه ولا على غيره. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 18 2440- عَادَ غَيْثٌ عَلَى مَا أَفْسَدَ ويروى "على ما خبل" قيل: إفساده إمساكه، وعَوْدُه إحياؤه، وإنما فسر على هذا الوجه لأن إفساده يصوبه ولا يصلحه عوده، وقد قيل غير هذا، وذلك أنهم قَالوا: إن الغَيْثَ يحفر ويفسد الحياض، ثم يعفى على ذلك بما فيه من البَرَكة. يضرب للرجل فيهِ فساد ولكنَّ الصلاح فيه أكثر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 18 2441- أعْطَاهُ غَيْضاً من فَيْضٍ أي قليلاً من كثير. يضرب لمن يسمح بالقُلِّ من كُثْرِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 18 2442- عَنِيَّتُهُ تَشْفِي الجَرَبَ العَنيَّة: بولُ البعير يُعَقَدَّ في الشمس يُطْلى بها الأجرب. قلت: هي فَعِيلة من العنَاء أي يُعَنَّى من طُلىِ بها وتشتدَّ عليه، ويجوز تُعَنيِّهِ أي تزيل عناءه الذي يلقاه من الجرب؛ فيكون من باب "قَرَّدَتُه" أي أزلت قُرَاده. يضرب للرجل الجيد الرأي يُستشفى برأيه فيما يَنُوبُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 18 2443- عَيَّ بِالإِسْنَافِ قَال الخليل: السِّنافُ للبعير بمنزلة الَّلبَبِ للدابة، و"قد سَنَفْتُ البعير" شددت عليه السِّناف، وقَالَ الأَصمَعي: أسْنَفْتُ، ويقولون "أسْنَفُوا أمرهم" أي أحكموه، ثم يُقَال لِمَن تحير في أمره "عَيَّ بالإسْنَافِ" وأصلهُ أنَ رَجلاً دُهِشَ فَلم يدرِ كَيفَ يُشدُّ السِّاف مِن الخَوف، فَقَالوا: عَيَّ بالإسناف، قَال الشاعر: إذا مَا عَيَّ بِالإِسْنَافِ قَوْمٌ ... مِنَ الأَمْرِ المُشَبَّهِ أن يَكُونا قلت: قَال الأزهري: الإسناف التقدُّمُ وأنشد هذا البيت، ثم قَال: أي عَيُّوا بالتقدم، وليس قول من قَال "إن معنى قوله إذا ما عي بالإسناف: أن يدهش فلا يدري أنى يشدُّ السِّناف" بشَيء، إنما قَاله الليث. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 18 2444- عَادَ السَّهْمُ إلي النَّزَعَةِ أي رجع الحقُ إلى أهله، والنَّزَعَةُ: الرُّماة، من "نَزَع في قوسه" أي رمى، فإذا قَالوا "عاد الرمى على النَّزَعَة" كان المعنى عاد عاقبة الظلم على الظالم، ويكنى بها عن الهزيمة تقع على القوم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 18 2445- أَعْطِ القَوْسَ بارِيَهَا أي اسْتَعِنْ على عملك بأهل المعرفة والحِذقَ فيه، ينشد: يَا بَارِيَ الْقَوْسِ بَرْياً لَسْتَ تُحْسِنُهَا ... لاَ تُفْسِدَنْهَا وَأعْطِ القَوْسَ بَارِيها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 19 2446- عَصَا الْجَبَانِ أَطْوَلُ قَال أبو عبيد: وأحسبه يفعل ذلك من فشله، يَرَى أن طولها أشَدُّ ترهيباً لعدوه من قصرها، قَال: وقد عاب خالد بن الوليد من الإفراط في الاحتراس نحوَ هذا، وذلك يوم اليمامة، لما دنا منها خرج إليه أهلها من بني حنيفة فرآهم خالد قد جَرَّدوا السيوف قبل الدُّنوِّ، فَقَال لأصحابه، أبشروا فإن هذا فَشَل منهم، فسمعها مجَّاعة بن مرارة، الحنفي، وكان موثقاً في جيشه، فَقَال: كلا أيها الأمير، ولكنها الهُنْدُوانية، وهذه غداة باردة، فخشوا تَحَطُّمها، فأبرزوها للشمس لتلين متونها، فلما تدانى القوم قَالوا له: إنا نعتذر إليك يا خالد من تجريد سيوفنا، ثم ذكروا مثل كلام مجَّاعة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 19 2447- العَبْدُ يُقْرعُ بالْعَصَا ... والحُرُّ تَكْفيِهِ الإشَارَةْ وقيل "المَلاَمَهْ" يضرب في خِسِّةِ العبيد، وقولهم: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 19 2448- عَبِيدُ العَصا قَال المفضل: أول من قيل لهم ذلك بنو أسد، وكان سبب ذلك أن أبناً لمعاوية بن عمرو حَجَّ ففُقِد، فاتُّهم به رجل من بني أسد يُقَال له حبال بن نصر بن غاضرة، فأخبر بذلك الحارث، فأقبل حتى وردَ تِهامة أيام الحج وبنو أسد بها فطلبهم، فهربوا منه، فأمر منادياً ينادي: مَنْ آوى أسديا فَدمُه جُبَار، فَقَالت بنو أسد: إنما قتل صاحبهم حبال بن نصر وغاضرةُ منهم من السكون فانطِلقُوا بنا حتى نخبرهُ، فإن قتل الرجل فهو منهم، وإن عفا فهو أعلم، فخرجوا بحبال إليه، فَقَالوا: قد أتيناك بطلَبِتك فأخبره حبال بمقَالتهم، فعفا عنه وأمر بقتلهم، فَقَالت له امرَأة من كِنْدَةَ من بني وهب بن الحارث يُقَال لها عُصَيَّة وأخوالها بنو أسد: أَبَيْتَ اللَّعنَ هَبْهم لي فإنهم أخوالي قَال: هم لكِ، فأعتِقيهم، فَقَالوا إنا لا نأمن إلا بأمان الملك فأعطى كلَّ واحد منهم عصاً، وبنو أسَد يومئذٍ قليل، فأقبلوا إلى تهامة ومع كل رجل منهم عصا، فلم يزالوا بتهامة حتى هلك الحارث، فأخرجتهم بنو كنانة من مكة، وسموا "عَبِيدَ العصا" بعُصَيَّةَ التي أعتقتهم وبالِعصِيِّ التي أخذوها، قَال [ص: 20] الحارث بن ربيعة بن عامر يهجو رجلاً منهم: اشْدُدْ يَدَيْكَ عَلَى العصا؛ إن العصا ... جُعِلَتْ أمارَتَكُمْ بِكُل سَبِيلِ إن العَصَا إنْ تُلْقِهَا يا ابْنَ اسْتِهَا ... تُلْفَى كفَقْعٍ بالفَلاَة محيلِ وقَال عتبة بن الوعل لأبي جهمة الأسدي: أعَتِيقَ كِنْدَةَ كَيْفَ تَفْخَرُ سَادِراً ... وَأَبُوكَ عَنْ مجد الكِرَامِ بِمَعْزِلِ إن العصا، لادَرَّ دَرُّكَ، أحْرَزَتْ ... أشْيَاخَ قَوْمِكَ في الزمان الأوَّلِ فأشْكُرُ لِكِنْدَةَ مَا بَقِيتَ فَعَالَهُمْ ... ولتكفرنَّ الله إن لَمْ تَفْعَلِ وهذا المثل يضرب للذليل الذي نفعه في ضره وعزُّه في إهانته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 19 2449- أّعْرَضَ ثَوْبُ المِلْبَسِ وذلك إذا عرضَتِ القَرْفَةُ (القَرْفَةُ - بكسر القاف وسكون الراء - التهمة) فلم يدر الرجل من يأخذ، ويروى "عَرَضَ" فمن روى "أعرض" كان معناه ظهر، كقول عمر: وأعْرَضَتِ اليَمَامَةُ واشْمَخَرَّتْ ... ومن روى "عَرَضَ" كان معناه صار عريضاً، والَمِلْبَسُ: المُغَطَّى، وهو المتهم، كأنه قَال: ظهر ثوب المتهم، يعني ما هو فيه واشتمل عليه من التهمة، وهذا قريب مِن قولهم "أعْرَضَتِ القرْفَةُ" وذلك إذا قيل لك: من تتهم؟ فتقول: بني فلان، للقبيلة بأسرها، وهذا من قولهم "أعرَضْتُ الشَيء" جعلته عريضاً قَال أبو عمرو: كان أبو حاضر الأسدي أسيد بن عمرو بن تميم من أجمل الناس وأكملهم منظراً، فرآه عبد الله بن صَفْوَان بن أمية الجُمَحِيُّ يطوف بالبيت، فراعَهُ جماله، فَقَال الغلام له: ويْحَكَ أدنِنِي من الرجل، فإني أخاله امرأ من قريش العراق، فأدناه منه، وكان عبد الله أعرج، فَقَال ممن الرجل؟ فَقَال أبو حاضر: أنا امرؤ من نِزَار، فَقَال عبدُ الله ((أعرض ثَوْبُ الملبس، نزار كثير، أيهم أنت؟)) قَال: امرؤ من مضر، قَال: مضر كثير، أيهم أنت؟ قَال أحد بني عمرو بني تميم ثم أحد بني أسيد بن عمرو، وأنا أبو حاضر، فَقَال ابن صَفْوان: أفه لك عُهَيْرَةَ تَيَّاس، والعُهَيْرة: تصغير العُهر وهو الزنا. قلت: لعله أدخل الهاء في عُهَيْرَة للمبالغة، أو إرادة القبيلة، ونصبه على الزم، أو أراد يا عهيرة تياس. قَال أبو عمرو: وتزعم العربُ أن بني أسد تيَّاسُو العرب، وقَال الفرذدقَ في [ص: 21] أبي حاضر وبعضُهم يرويها لزياد الأعجم، وكان أبو حاضر أحد المشهورين بالزنا: أبا حاضِرٍ مَابالُ بُرْدَيْكَ أصْبَحَا ... على ابنة فَرُّوج ردّاءً ومَئْزَرَا أبا حاضَرٍ من يَزْنِ يَظْهَرْ زِنَاؤُهُ ... ومَنْ يَشْرَبْ الصَّهْبَاء يُصْبِحُ مُسْكِرَا وبنت فروج اسمها حمامة، وكان أبو حاضر يُتَّهم بها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 20 2450- اعْلُلْ تَحْظُبْ الحُظُوب: السمن (تقول: حظب يحظب على مثال فرح وضرب ونصر إذا سمن وامتلأ) والامتلاء، أي اشرب مرةً بعد مرة تسمن. يضرب في التأني عند الدخول في الأمور رَجَاء حسن العاقبة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 21 2451- عَنْ صَبُوحٍ تُرَقِّقُ الصَّبُوح: ما يشرب صَبَاحاً، والغَبُوق: ضده، وترقيقَ الكلام: تزيينه وتحسينه، أي تُرَقِّقَ وتحسن كلامك كائناً عن صَبُوح وأصله أن رجلاً اسمه جابان نزل بقوم ليلاً، فأضافوه وغَبَقُوه، فلما فرغ قَال: إذا صَبَحْتُموني كيف آخذ في طريقي وحاجتي؟ فقيل له : عَنْ صَبُوح تُرَقَّقُ، وعن من صلة معي الترقيقَ، وهو الكناية لأن الترقيقَ تلطيف وتزيين، وإذا كنّيْتَ عن شَيء فهو ألطف من التصريح، فكأنه قيل: عن صبوح تكنى. يضرب لمن كَنَى عن شَيء وهو يريد غيره، كما أن الضيف أراد بهذه المقَالة أن يوجب الصبوح عليهم. قَال أبو عبيد: ويروى عن الشعبي أنه قَال لرجل سأله عمن قَبَّلَ أمَّ امرأته، فَقَال أعن صَبُوح تُرَقِّق؟ حَرُمَتْ عليه امرأتُهُ، قَال أبو عبيد: ظن الشعبي فيما أحسب ما وراء ذلك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 21 2452- عَدَا القَارِصُ فَحَزَرَ القارص: اللبنُ يحذى اللسان، والحازِرُ: الحامض جداً يضرب في الأمر يتفاقم، قَال العَجَّاج: يا عمرُ ويا بن مَعْمَرٍ لا مُنْتَظَرْ ... بعد الَّذِي عَدَا القَرُوصَ فَحَزَرْ يَعْني الحَرُورِيَّ الذي مَرَقَ فجاوز قدره، ويروى المثل "عدا القارص" بالنصب، أي عدا اللبن القارص يعني حد القارص ومن رفع جعل المفعول محذوفاً، أي جاوز القارصُ حَدَّه فحزر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 21 2453- اسْتَعْجَلَتْ قَدِيرَها فَامْتَلَّتِ يضرب يَعجَل فيصيب بعضَ مراد ويفوته بعضه، [ص: 22] والقدير: اللحم المطبوخ في القِدر، والامتِلاَلُ: المَلُّ وهو جَعْل اللحم في الرماد الحار، وهو المَلَّة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 21 2454- عَرَفَ النَّخْلُ أَهْلَهُ أصله أن عبد القيس وشَنَّ بن أفْصَى لما ساروا يطلبون المتَّسَع والريف وبعثوا بالرُّوَّاد والعيون، فبلغوا هَجَر وأرض البحرين، ومياها ظاهرة وقرى عامرة ونخلاً وريفاً وداراً أفضل وأريَفَ من البلاد التي هم بها؛ ساروا إلى البحرين وضاموا مَنْ بها من إياد ولأزد وشَدَّوا خيولهم بكرانيف النخل، فَقَالت إياد : عَرَفَ النخلُ أهْلَه، فذهبت مثلاً. يضرب عند وكول الأمر إلى أهله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 22 2455- أَعْطِ أَخَالَ تَمْرَةً، فإنْ أبَى فَجَمْرَةً يضرب للذي يختار الهوان على الكرامة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 22 2456- عُرَّ فَقْرَهُ بِفِيهِ، لَعَلَهُ يُلْهِيهِ يُقَال ذلك للفقير يُنفقَ عليه وهو يتمادى في الشر، أي خَلِّه وغيَّه والعَرُّ: اللطخ، أي الطَخْ فاه بفقره، لعله يشغله عن ركوب الشر، والمعنى كله إلى فقره ولا تنفق عليه يصلح، ويروى أغرُ بالغين المعجمة، وهو أصوب، يُقَال: غَرَوتُ السهمَ، إذا ألزقت الريشَة عليه بالغراء، ومعناه: الْزَقَ فقره بفيه، أي ألزمه إيَّاه ودَعْه فيه لعله يلهيه، قَال الأزهري: يريد خَلِّه وغَيَّه إذا لم يُطِعْكَ في الإرشاد، فلعله يقع في هَلَكَة تلهيه عنك وتشغله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 22 2457- عِنْدَ النَّوَى يَكْذِبُكَ الصَّادِقُ قَال المفضل: إن رجلا كان له عبد لم يكذب قَطُّ، فبايَعَهُ رجل ليكذبنه، أي يحملنه على الكذب، وجعلا الْخَطَر بينهما أهلهما وما لهما، فَقَال الرجل لسيد العبد: دَعْه يَبِيت عندي الليلَةَ، ففعل، فأطعمه الرجلُ لحمَ حُوَار وسَقَاه لبناً حليباً، وكان في سقاء حازر، فلما أصبحوا تحمَّلُوا وقَال للعبد: الحَق بأهلك، فلما تَوَارى عنهم نزلوا، فأتى العبدُ سيدَه، فسأله فَقَال: أطعموني لحماً لاغَثَّا ولا سَمِيناً وسَقَوْني لبناً لا مَخْضَاً ولا حقيناً، وتركتهم قد ظعنوا فاستقلُّوا، ولا أعلم أساروا بعدُ أو حلُّوا، وفي النوى يكذبك الصادق، فأرسلها مَثَلاً، وأحرز مولاه مالَ الذي بايعه وأهله. يضرب للصَّدُوقَ يحتاج إلى أن يكذب كذبة. وقَال أبو سعيد: يضرب للذي ينتهي إلى غاية ما يعلم، ويكف عما وراء ذلك، لا يزيد عليه شيئاً. [ص: 23] ويروى "وفي النوى ما يكذبك" "وما " صلة، والتقدير وفي نَوَاهم يكذب الصادقَ إن أخبر أن آخر عهدي بهم كان هذا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 22 2458- عَدُوُّ الرَّجُل حُمْقُهُ، وَصَدِيقُهُ عَقْلُهُ قَاله أكْثَمُ بن صَيفي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 23 2459- عَلَى الشَّرَفِ الأََقْصَى فابْعَدْ هذا دعاء على الإِنسَان، أي باعَدَه الله وأسحقه. والشرف: المكانة العالية، وابْعَدْ: من بَعِدَ إذا هلك، كأنه قَال: أهْلَكْ كائناً أو مُطِلاًّ على المكان المرتفع، يريد سقوطه منه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 23 2460- عِيلَ ما هُوَ عَائِلُهُ أي غُلِبَ ما هو غالبه، من العَول وهو الغَلَبة والثقل، يُقَال عَاَلني الشَيء أي غلبني وثقل علي، وهذا دعاء للإنسان يعجب من كلامه أو غير ذلك من أموره الجزء: 2 ¦ الصفحة: 23 2461- أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْخَيْبَةِ، فأَمَّا الهَيْبَةُ فَلاَ هَيْبَةَ قَالها سُليك بن سُلَكَة والمعنى أعوذ بك أن تخيبني، فأما الهيبة فلا هَيْبة، أي لست بِهيَوُبٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 23 2462- عِلْمَان خَيْرٌ مِنْ عِلْمٍ وأَصْلُه أن رجلا وابنه سلكا طريقاً، فَقَال الرجل: يا بني استبحث لنا عن الطريق، فَقَال: إني عالم، فَقَال: يا بنيَّ عِلْمَانِ خَيْرٌ من علم. يضرب في مَدْح المُشَاورة والبحث. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 23 2463- عُضَلَةٌ مِنْ العُضَلَ قَال أبو عبيد: هو الذي يسميه الناس بَاقِعَةً من البَوَاقع، من قولهم"عَضَل به الفَضَاءُ" أي ضاق، و"عَضَّلَةِ المرأة" نشب فيها الولد، كأنه قيل له عُضَلَة لنُشُو به في الأمور أو لتضييقه الأمرَ على مَنْ يُعالجه، قَال أََوْس: تَرَى الأرضََ منَّا بِالفَضَاءِ مَرِيضَةً ... مُعَضِّلَةً مِنَّا بِجَيْشٍ عَرَمْرَمِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 23 2464- عَادَ الْحَيْسُ يُحَاسُ يُقَال: "هذا الأمرُ حَيْس" أي ليس بِمُحْكَم، وذلك أن الحَيْسَ تمر يخلط بسمن وَأَقِطٍ فلا يكون طعاماً فيه قوة، يُقَال: حَاس يَحيسُ، إذا اتخذ حَيْساً؛ فصار الحيس اسماً للمخلوط، ومنه يُقَال للذي أحدقت به الإماء من طرفيه: مَحْيُوس، والمعنى: عاد الأمر المخلوطُ يُخلط، أي عاد الفسادُ يُفسد. وأصله أن رجلً أُمِرَ بأمر فلم يحكمه، [ص: 24] فذمَّه آمره فَقَام آخر ليحكمه ويجيء بخير منه، فَجاء بِشَرٍ مِنهُ فَقَال الآمر : عاد الحيس يحاس، وقَال: تَعِيِبِنَ أمراً ثمَّ تأتيِنَ مِثْلَهُ ... لَقَدْ حَاسَ هذا الأََمْرَ عِنْدَكِ حَائِسُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 23 2465- اعتَبِرِ السَّفَرَ بأَوَّلِهِ يعني أن كل شَيء يعتبر بأول ما يكون منه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 24 2466- عَلَى الخَبِيرِ سَقَطْتَ الخبير: العالم، والْخُبْرُ: العلم، وسقطت: أي عثرت، عَبَّر عن العثور بالسقوط؛ لأن عادة العاثر أن يسقط على ما يعثر عليه. يُقَال: إن المثل لمالك بن جُبَير العامري وكان من حكماء العرب، وتمثل به الفرزدقَ للحسين بن علي رضي الله عنهما حين أقبل يريد العراق، فلقيه وهو يريد الحجاز، فَقَال له الحسين رضي الله عنه: ما وراءك؟ قَال : على الخبير سَقَطْت، قلوب الناس معك، وسيوفُهم مع بني أمية، والأمر ينزل من السماء، فَقَال الحسين رضي الله عنه: صَدَقْتَنٍي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 24 2467- عَاطٍ بَغْيْرِ أَنْوَاطٍ العَطْوُ: التناول، والأنواط: جمع نَوْط وهو كل شَيء معلق، يقول: هو يتناول وليس هناك معاليق. يضرب لمن يّدَّعِي ما ليس يملكه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 24 2468- عَادَةُ السُّوءِ شَرٌّ مِنْ الْمَغْرَم قيل: معناه مَنْ عَوَّدته شيئاً ثم منعته كان أشدَّ عليك من الغريم، وقيل: معناه أن المَغْرم إذا أديْتَه فارقَكَ، وعادة السوء لا تفارقَ صاحبها، بل توجد فيه ضَرْبَةَ لازِبٍ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 24 2469- العَجَبُ كُلُّ العَجَبِ، بيْنَ جُمَادى وَرَجَبَ أول من قَال ذلك عاصم بن المُقْشَعِرِّ الضبى وكان أخوه أبَيْدَةُ علِقَ امرَأة الخُنَيْفِسُ بن خَشرَم الشَيباني وكان الخنيفس أغْيَرَ أهل زمانه وأشجَعَهم، وكان أُبَيْدَةُ عزيزاً مَنِيعاً، فبلغ الخنيفس أن أُبَيْدَةَ مضى إلى امرأته، فركب الخنيفسُ فرسه وأخذ رمحه وانطلقَ يرصُدُ أُبيدة، وأقبل أبيدة وقد قضى حاجتَه راجعاً إلى قومه، وهو يقول: ألا إنَّ الخُنَيْفسَ فَاعْلَمُوهُ ... كما سمَّاهُ والدُهُ اللَّعينُ بَهيمُ اللَّونِ مُحْتِقِرٌ ضَئِيلٌ ... لئيماتٌٌ خلائقهُُ، ضَنِينُ أيوعِدُنِي الخُنَيْفِسُ مِنْ بَعَيدٍ ... ولمَّا يَنْقَطِعْ مِنْهُ الوَتِينُ [ص: 25] لَهَوْتُ بِجَارَتَيهِ وَحَادَ عَنِّي ... وَيَزْعُمُ أَنَّهُ أَنَّفٌ شَنُونُ قَال: فشدَّ عليه الخُنَيفسُ، فَقَال أبيدة: أذكِّرُكَ حرمةَ خَشْرم، فَقَال وحُرْمةِ خَشْرَمٍ لأقتلنك، قَال: فأمْهِلْني حتى أستلئم قَال: أو يستلئم الحاسر؟ فقتله، وقَال: أيا ابْنَ المُقْشَعِرِّ لَقِيْتَ لَيْثاً ... له في جَوفِ أَيكَتِهِ عَرِينُ تقولُ صَدَدْتُ عَنْكَ خَناً وجُبْناً ... وإنَّكَ مَاجِدٌ بَطَلٌ مَتِينُ وَإنَّكَ قَد لَهَوتَ بِجَارَتَينَا ... فَهَاكَ أُبَيْدُ لاَ قَاكَ القَرِينُ سَتَعْلمُ أَيُّنا أَحْمى ذِماراً ... إذا قَصُرَتْ شِمَالُكَ واليَمَينُ لَهَوْتَ بٍها فَقَدْ بُدِّلْتَ قَبْراً ... وَنَائِحَةً عَلَيْكَ لَهَا رَنِينُ قَال: فلما بَلَغ نَعِيه أخاه عاصماً لبس أطمَاراً من الثياب، وركب فرسه، وتقلَّد سيفه، وذلك في آخر يوم من جُمادى الآخَرة وبادر قَتْلَه قبل دخول رجب؛ لأنهم كانوا لا يقتلون في رجب أَحَداً، وانطلقَ حتى وقف بفناء خباء الخُنَيفس، فنادى: يا ابن خَشْرَم، أَغِثِ المُرْهقَ فطالما أَغَثتَ، فَقَال: ما ذاك؟ قَال: رجل من بني ضبة، غصَبَ أخى امرأته فشدَّ عليه فقتله، وقد عجزت عنه فأخذ الخنيفسُ رمحه وخرج معه، فانطلقا فلما عَلمَ عَاصم أنهُ قَد بَعَدَ عَن قَومهِ داناه حتى قارنه ثم قَنَّعه بالسيف فأطار رأسه، وقَال : العجَبُ كل العجب بين جمادى ورجب، فأرسلها مَثَلاً، ورجع إلى قومه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 24 2470- عِيُّ الصَّمْتِ أََحْسنُ مِنْ عِيَُ الْمَنْطقِ العَيُّ - بالكسر - المصدرُ، والعَيُّ - بالفتح - الفاعلُ، يعني عِيٌّ مَعَ صَمْت خير من عيٌّ مع نطق، وهذا كما يُقَال: السكوتُ ستر ممدود على العي، وفِدَامٌ (الفدام - بوزن سحاب أو كتاب - المصفاة تجعل على فم الإبريق ليصفى ما فيه) على الفَدَامة، وينشد: خَلِّ جَنْبَيْكَ لِرَامِ ... وَامْضِ عَنْهُ بسَلاَمِ مُتْ بدَاءِ الصَّمْتِ خَيْرٌ ... لَكَ مِنْ دَاءِ الْكَلاَمِ عِشْ مِنْ النَّاسَ إنِ اسْطَعـ ... تَ سَلاَما بسَلاَمِ قَال ابن عَوْن: كنا جلوساً عند ربيعة بن أبي عبد الرحمن، قَال: فجعل يتكلم وعنده رجل من أهل البادية، فَقَال له ربيعة: ما تَعُدُّن البلاغَةَ فيكم؟ قَال: الإيجاز في الصواب، قَال: فما تَعُدُونَ العِيَّ فيكم؟ قَال: ما كنت فيه منذ اليوم. [ص: 26] حدث المنذرى عن الأَصمَعي قَال: حدثني شيخٌ من أهل العلم قَال: شهدت الجمعة بالضرية وأميرها رجل من الأعراب، فخرج وخطب ولفَّ على أسه وبيده قَوسٌ فَقَال: الحمد للَّه رب العالمين، والعاقبة للمتقين، وصلى الله على سيدنا محمد خاتم النبيين، أما بعد فإن الدنيا دار بلاء، والآخَرة دار قَرار، فخذوا من ممركم لمَقَرِّكم، ولا تَهْتِكوا أستاركم عند من لا تخفى عليه أسراركم، واخرُجُوا من الدنيا إلى ربكم قبل أن يخرج منها أبدانكم، ففيها جئتم، ولغيرها خلقتم، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم، والمدعو له الخليفة والأمير جعفر، قومُوا إلى صلاتكم. قلت: ومثل هذا في الوَجَازة والفصاحة كلام أبي جعفر المنصور حين خطب بعد إيقاعه بأبي مُسْلم فَقَال: أيها الناس، لا تخْرُجُوا من أنس الطاعة إلى وَحْشَة المعصية، ولا تُسِرُّوا غشَّ الأئمة فإنه لا يُسِرُّه أحد إلا ظهر في فَلَتات لسانه وصَفَحات وجهه، إنه مَنْ نازعَنَا عُرْوَة هذا القَميص أو طأناه خَبْءَ (الخبء - بالفتح - ما خبيء وغاب، وخبء الغمد: هو السيف) هذا الغمد، وإنَّ أبا مُسْلم بايَعَنا وبايَعَ لنا على أنه من نكَثَ عهداً فقد أبا حَنَا دَمَه، ثم نكث علينا فحكَمْنَا عليه لأنفسنا حكمَهُ على غيره لنا، لا تمنعنا رعايةُ الحقَ له من إقامة الحقَ عليه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 25 2471- العُلْفُوفُ مُولَعٌ بالصُّوفِ العُلْفُوف: الجافي من الرجال المُسِنُّ، قَاله ابن السكيت، وأنشد: يَسَرٌ إذا هَبَّ الَّشمالُ وأمْحَلُوا ... في القَوْمِ غير كُبُنَّةٍ عُلْفُوفِ (الكبن - بوزن عتل - والكبنة: اللئيم، أو الذي لا يرفع طرفه بخلا) ومعنى المثل: إن الشيح المُهْتَرَ الفاني يُلولَعُ بأن يلعب بشَيء. يضرب للمُسٍنُّ الخَرِفِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 26 2472- أعْرَضْتَ القِرفَةَ يُقَال" فلانٌ قِرْفَتِي" أي الذي أتَّهِمه فإذا قَال الرجل: سَرَقَ ثوبى رجلٌ من خراسان أو العراق، يُقَال له : أعْرَضْتَ القِرْفَة، أي التهمَةَ حين لم تصرح، وأعرضَ الشيء: جعله عريضاً، ويجوز أن يكون من قولهم "أعرَضَ" أي ذهب عرضاً وطولاً، فيكون المعنى أعرضت في القرفة، ثم حذف "في" وأصل الفعل. يضرب لمن يتَّهم غيرَ واحد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 26 2473- اعْقِلْ وَتَوَكَلْ يضرب في أخْذِ الأمر بالحزم والوثيقة. [ص: 27] ويروى أن رجلاً قَال للنبي صلى الله عليه وسلم: أأرْسِلُ ناقتي وأتوكل؟ قَال: "اعْقِلْهَا وتوكَّلْ" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 26 2474- عَادَ الأَمْرُ إلى الوزَعَةِ جمع وازع، يعني أهل الحلم الذين يَكُفُّونَ أهلَ الجهل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 27 2475- عَدْوَكَ إذْ أََنْتَ رُبَعٌ أي اعْدُ عَدْوَكَ إذ كنت شابا. يضرب في التحضيض على الأمر عند القدرة بإتيان ما كان يفعله قبلُ من الحزم وحسن التدبير ويروى "عَدُوَّكَ إذ أنت رُبَع" أي احْذَرْ عَدُوَّكَ إذ كنت ضعيفاً الجزء: 2 ¦ الصفحة: 27 2476- عَيْرٌ رَعَى أنْفُهُ الكَلأَ أي وجَدَ ريحَه فطلبه يضرب لمن يستدلَّ على الشَيء بظهور مَخَايله. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 27 2477- عَلِقَتْ بِثَعْلَبَةَ العَلوقُ يضرب للولقع في أمر شديد والعَلُوق: المنية، وثعلبة: اسم رجل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 27 2478- عَنْ ظَهْرِهِ يَحُلُّ وِقْراً أي لنفسه يعمل، وذلك أن الدابة تُسْرعُ في السير لتضَعَ الحمل عن ظهرها، ويروى "يَحِل" أي يضع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 27 2479- عَضَّ مِنْ نَابِهِ عَلَى جِذْمٍ يضرب للمنجَّذِ المُحَنَّك، والجِذْم: الأصل، وقَال: الآنَ لَمَّا ابْيَضَّ مَسْرُبَتِي ... وَعَضِضْت من نابِي عَلَى جِذْم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 27 2480- عَجِّلْ لإبِلكَ ضَحَاءَهَا الضَّحَاء: مثل الغَدَاء يضرب في تقديم الأمر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 27 2481- عُودي إلى مَبَارككِ يضرب لمن نفَرَ من شَيء أشدَّ النِّفار، وأصل المثل لإبل نَفَرَتْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 27 2482- عَادَ في حَافِرَتِهِ أي عاد إلى طريقه الأولى. يضرب في عادة السوء يَدَعُها صاحبُها ثم يرجع إليها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 27 2483- عِشْ تَرَ مَالَمْ تَرَ أي مَنْ طال عمره رأى من الحَوَادث ما فيه معتبر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 27 2484- عَمُّ العَاجِزِ خُرْجُهُ ويروى "عمك خُرْجُك" وأصله أن رجلا خرج مع عمه إلى سَفَر ولم يتزود؛ اتكالا على ما في خُرْجِ عمه، فلما جاع قَال: يا عم أطْعِمْنِي، فَقَال له عمه: عَمُّكَ خُرْجُك. [ص: 28] يضرب لمن يتكل على طعام غيره. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 27 2485- عَلَى هَذَا دَارَ القُمْقُمُ أي إلى هذا صار معنى الخبر وأصله - فيما يُقَال - أن الكاهن إذا أراد استخراجَ السرقة أخذ قمقُمَةً وجعلها بين سبابتيه يَنْفُث فيها ويَرْقِي ويُديرها، فإذا انتهى في زَعْمه إلى السارقَ دار القمقم، فجعل ذلك مَثَلاً لمن ينتهي إليه الخبر ودَارَ عليه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 28 2486- عَلِّقَ سَوْطَكَ حَيْثُ يَرَاهُ أَهْلُكَ هذا يروى عن النبي عليه الصلاة والسلام، والمعنى اجْعَلْ نفسَكَ بحيث يَهَابك أهلُك ولا تغفل عنهم وعن تخويفهم ورَدْعهم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 28 2487- أُعْطِيَ مَقُولاً، وَعَدِمَ مَعْقُولاً يضرب لمن له مَنْطقَ لا يُسَاعده عَقْل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 28 2488- عَاقُولُ حَدِيثٍ يضرب لمن لا يَفُوته حديث سمعه والعاقول من النهر والوادي: المُعْوَجُّ منه، وذلك يحفظ ما يتستر به ويلجأ إليه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 28 2489- أَعْشارٌ ارفَضَّتْ يُقَال "بُرْمَةٌ أعْشار" إذا كانت كسرا، وارفضَّتْ: تفرقت. يضرب للقوم عند تفرقهم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 28 2490- عِزُّ الرَّجُلِ اسْتِغْنَاؤُهُ عَنِ النَّاسِ هذا يروى عن بعض السلف الجزء: 2 ¦ الصفحة: 28 2491- عَلَى غَريبَتِهاَ تُحْدَى الإبِلُ وذلك أن تُضْرَبَ الغريبةُ لتسير، فتسير بسيرها الإبلُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 28 2492- عَطَشاً أَخْشَى عَلَى جَانَي كَمْأَةً لاَ قُرًّا الكَمْأَة تكون آخر الربيع، فإذا باكَرَ جانيها وجَدَ البرد، فإذا حَمِيَتِ الشمسُ عطش، والعطش أضر له من القُرّ الذي لا يَدُوم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 28 2493- اعْذِرْ عَجَبُ أراد يا عجب، وهو اسم أخي القائل، وكان الأخُ على طعام الجيش، فَقَال له أخوه عجب: لو زِدْتَنِي، فَقَال: لا أستطيع، فَقَال: لا أستطيع، فَقَال: بلى، ولكنك عاقّ، فهمَّ بذلك فَنَهَوْهُ، فَقَال: اعْذِرْ عجب. وقَال أبو عمرو: قَال له أخوه فأما إذْ أبيت فانظر فإني حازٌّ بقفا الشَّفْرة، فإن غَفَل القوم أُوتِيتَ سُؤْلك، وإن انتبه القومُ لفعلي فاعلم أنهم لحظهم أحفظ، فطفقَ يحز بقفا الشفرة، فهتف به القومُ، فَقَال : اعْذِرْ عَجَبُ يضرب مَثَلاً لما لا يُقْدَرُ عليه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 28 2494- عُثَيْثَةٌ تَقْرِمُ جِلْداً أمْلَسَا يضرب للرجل يجتهد أن يؤثر في الشيء فلا يقدر عليه. قَال الأحنف بن قيس لحارثة بن بدر الغُدَاني، وقد عابه عند زياد للدخول فيما لا يعنيه، وذلك أنه طلب إلى أمير المؤمنين علي رضي الله عنه أن يُدْخله في الحكومة، فلما بلغ الأحنفَ عَيْبُ حارثة إياه قَال : عُثَيْثَة تَقْرِمُ جلْداً أمْلَسَا، وهي تصغير عُثَّة، وهي دويبة تأكل الأدَمَ، قَال المخبَّلُ: فأنْ تَشْتُمُونَا عَلَى لُؤْمِكُمْ ... فَقَدْ تَقْرِمُ العُثُّ مُلْسَ الأدَمْ يضرب عند احتقار الرجل واحتقار كلامه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 29 2495- عَيٌّ صَامِتٌ خَيْرٌ مِنْ عَيٍّ نَاطِقٍ أصل عَيٌّ - قَالوا - عَيِيٌّ فأدغم، قَاله أبو الهيثم. قلت: ويجوز أن يكون عِيّ فَعْلاً لا فَعِيلاً، يُقَال: عَيَّ يَعْيا عِيّاً فهو عَيٌّ، كما يُقَال: حَيَّ يَحْيا حَيَاةً فهو حَيٌّ، ومثله رجلٌ طَبٌّ وَصّبٌّ وبَرٌّ وغيرها، وهذا كما مضى "عِيُّ الصَّمْتِ خيرٌ من عِيِّ النطق" إلا أنه جَرَى على المصدر هناك، وههنا على الفاعل، يُقَال: عَيِيَ يَعْيَا عِيّاً فهو عَيٌّ وعَيِيٌّ، ويجوز أن يُقَال: أصله فَعِلَ - بكسر العين - على قياس جَدِبَ فهو جَدْبٌ وترِبَ فهو تَرْبٌ، وعلى هذا قياسُ بابه، أعني باب فَعِلَ يفْعَلُ. يضرب هذا المثل عند اغتنام السكوت لمن لا يحسن الكلام. ويروى "عِيٌّ صامت" على المصدر بجَعْل صامت مبالغة، كما يُقَال: شِعْرٌ شَاعِرٌ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 29 2496- أَعْذَرَ مَنْ أَنْذَرَ أي مَنْ حَذَّرَك ما يحلُّ بك فقد اعذر إليك، أي صار مَعْذُوراً عندك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 29 2497- أَعْمَى يَقُودُ شُجْعَةً (الشجعة - بتثليث الشين وسكون الجيم - جمع الشجاع. والشجعة - بضم الشين أوفتحها - العاجز الضاوي الذي لا فؤاد له.) الشُّجْعَةً: الْزَّمْنِى، أي ضعيف يقود ضعيفاً ويعينه، قَاله أبو يزيد، قَال: وإذا رأيتَ أَحْمَقَ ينقادُ له العاقل قلتَ هذا للعاقل أيضا، وقَال الأزهري: الشُّجْعَة بسكون الجيم الضعيف. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 29 2498- العِدَةُ عَطِيَّة أي يَقْبُح إخلافُهَا كما يقبح استرجاعُ العطية، ويقَال: بل معناه تَعْدِلُها، كما يُقَال سرور الناس بالآمال أكْثَرُ من سرورهم بالأموال الجزء: 2 ¦ الصفحة: 29 2499- عِلَّةٌ مَا عِلَّهْ، أوتَاد وَأخِلَّهْ، وَعَمَدُ المِظَلَّه، أبْرِزُوا لِصِهْرِكُمْ ظُلَّهْ قَالتها امرَأة زُوِّجتْ وأبطأ أهلها هداءها إلى زوجها، وأعتلوا بأنه ليس عندهم أداة للبيت، فَقَالته اسْتِحْثَاثاً لهم وقَطْعاً لعلتهم، يضرب في تكذيب العلل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 30 2500- عَجِلَتْ بِخَارِجَةَ العَجُوُلُ خارجة: اسم رجل، والعَجُول: أمه ولدته لغير تمام. يضرب عند ما عجل قبل إنَاهُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 30 2501- عَنْ مُهْجَتِي أُجَاحِشُ المجاحشة: المدافعة، وهذا مثل قولهم "جاحَشَ عَنْ خَيْط رَقَبَته" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 30 2502- عَلِقَتْنِي مِنْ هذا الأَمْرِ قِيَرَةٌ أي ما يكره ويثقل، والقير: القير والقار، وهما ما مر (قيل: هو الزفت وقيل: شَيء أسود يطلى به الإبل.) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 30 2503- عِنْدَ رُؤُوسِ الإبِلِ أَرْبَابُها يضرب لمن يَتَدَرَّأُ ويَطْغَى على صاحبه أي عندي من يمنعك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 30 2504- عَنِ الشَّرِّ لاَ تَنَاسيَنَّ ويروى "لا تنسين" يضرب لمن لا يَرْدَعُه عن الشر زَجْرُ زاجرٍ. و"عن" من صلة الزجر، كأنه قَال: زَجْره عن الشر لا تتركن. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 30 2505- أََعْرِفُ ضَرِطِى بِهِلاَلٍ قَال يونس بن حبيب: زعموا أن رُقية بنت جُشَم بن معاوية وَلَدَت نميراً وهلالا وسُواءة، ثم اعتاطت، فأتت كاهنة بذي الخلصة فأرتها بطنها، وقَالت: إني قد وَلَدُتْ ثم اعْتَطْتُ، فنظرتْ إليها ومَسَّت بطنها، وقَالت: رب قبائل فَرِق، ومجالس حلق، وظعن خرق، في بَطِنِك زق، فلما مخضت بربيعة بن عامر، قَالت: إني أعرف ضَرِطى بهلال، أي هو غلام، كما أن هلالا كان غلاما. يضرب هذا المثل حين يحدثك صاحبك بخبر فتقول: ما كان من هذا شَيء، فيقول صاحبك: بلى، إني أعرفُ بعضَ الخبر ببعض، كما قَالت القائلة: أعرف ضَرِطى بهلال. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 30 2506- أَعِنْ أَخَاك وَلَوْ بالصَّوْتِ يضرب في الحثِّ على نُصْرَة الإخوان الجزء: 2 ¦ الصفحة: 30 2507- عَلَى شَصَاصَاءَ تَرَى عَيْشَ الشَّقِيِّ أي لا ترى الشقَّي إلا على شدة حال والشَّصاصَاء: شدةُ العيشِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 31 2508- عِنْدَ التَّصْرِيحِ تُرِيحُ أي: إذا صرح الحقَ استرحْتَ، ولم يبقَ في نفسك شَيء، وأراح: معناه استراح وصَرَّح: معناه صَرُحَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 31 2509- الاعْتِرَافُ يَهْدِمُ الاقْتِرَافَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 31 2510- عجْعَجَ لما عَضَّهُ الظِّعان عَجْعَج: أي صاح، والظعان: نِسْع يشدُّ به الهودج. يضرب لمن يَضِجُّ إذا لزمه الحقَ وهذا قريب من قولهم "دَرْدَبَ لما عَضَّه الثِّقَافُ" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 31 2511- عَطَوْتَ في الحَمْضِ العَطْو: التناوُلُ، أي أَخَذْتَ في رَعْى الْحَمْض يضرب للمُسْرِف في القول الجزء: 2 ¦ الصفحة: 31 2512- عَارِيَّةٌ أكْسَبَتْ أَهْلَهَا ذَمَّاً وذلك أن قوماً أعاروا شيئاً ثم استردُّوه فذُمُّوا، فَقَالوا هذا القول يضرب للرجل يحسن إليه فيذم المحسن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 31 2513- عَرَفَتِ الْخْيلُ فُرْسَانهَا يضرب لمن يعرف قِرْنَه فينكسر عنه لمعرفته به الجزء: 2 ¦ الصفحة: 31 2514- العَبْدُ مَنْ لاَ عَبْدَ لَهُ يضرب لمن لا يكون له مَنْ يكفيه عملَه فيعمله بنفسه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 31 2515- عِنْدَكِ وَهِيٌ فَارْقَعِيِه أي بِكِ عيبٌ وأنت تعيبين غيرك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 31 2516- عَنَاقَ الأَرْضِ إِنَّ ذَنبِى اقْتُفِرَ عناقَ الأرض: دابة نحو الكلب الصغير، ويُقَال له: التُّفَةُ، وليس يُوَبِّرُ من الدواب إلا الأرنبُ وعَنَاقَ الأرض، والتُّوْبِير: أن تضمَّ براثنَهَا إذا مَشَتْ، فلا يرى لها أثر في الأرض، والاقتفار: الاتباع يضربه البريءُ الساحةِ يقول: أنا عَنَاقَ الأرض إن تَتْبَعْ أثرى في الذي أرمى به، يعني لا يُرَى له أثر عَلَىَّ أثر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 31 2517- عَوْدُكَ وَالبَدْءُ دَرَنٌ بِبَدَنٍ العرب تقول في موضع السرعة والخفة: ما هو إلا دَرَنٌ ببَدَن؛ لسرعة اتساع البدن، يقول: عَوْدُك إلى هذا الأمر وَبَدؤُك به كان سَرِيعاً. [ص: 32] يضرب لمن يَعْجَلُ فيما همَّ به من خير أوْشر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 31 2518- عَلَىَّ فَاضَ مِنْ نَتَاقِي الأَلَبَةُ فَاضَ الشَيء يَفيضُ فَيْضَاً: كثر، ونَتَقَتِ المرأة تَنْتُقَ نَتَقْا، إذا كثر أولادها، والألَبَةَ: جمع آلب، يُقَال: ألِبَ يألِبُ، إذا رجَع، والنَّتَاج والنَّتَاقَ واحد وهذا من قول امرَأة اجتمع عليها ولدُها وولدُ ولدِها فظلَموها وقهروها، فَقَالت: أنا التي فعلْتُ هذا بنفسي حيث ولدْتُ هؤلاء يضرب لمن جَنَى على نفسه شراً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 32 2519- اعْزُ الحَديِثَ لِلْخَطِيبِ الأوَّلِ يُقَال: عَزَوْتُ وعَزَيتُ، إذا نَسَبْتَ. يضرب للرجل إذا حَدَّث؛ فيقَال: إلى من تَنْسُبُ حديثكَ فإن فيه رِيبة، أي انْسُبْه إلى من قاله وانْجُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 32 2520- عَلَى بَدْءِ الْخَيْرِ وَالْيُمْنِ يُقَال هذا عند النكاح: أي ليَكُنْ ابتداؤه على الخير واليُمْن أي البركة، ويروى "على يَدِ الخير واليمن" ومعناه ليكن أمرك في قَبْضَة الخير. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 32 2521- عُلِّمُوا قِيلاَ، وَلَيْسَ لَهُمْ مَعْقُول يضرب للإنسان تَسْمَعه بين الكلام ولا عقل له الجزء: 2 ¦ الصفحة: 32 2522- اسْتَعَنْتُ عَبْدِي فَاسْتَعانَ عَبْدِي عَبْدَه جعل العبدَ مَثَلاً لمن له دونه في القوة، وعبد العبد مَثَلاً لمن هو دونه بدرجتين الجزء: 2 ¦ الصفحة: 32 2523- العِتَابَ قَبْلَ العِقَابِ يروى بالنصب على إضمار استعمل العتاب وبالرفع على أنه مبدأ، يقول: أصلح الفاسدَ ما أمكن بالعتاب، فإن تعذَّر وتعسَّر فبالعقاب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 32 2524- عُرْفُطَةٌ تُسقَى مِنْ الغَوَابق يُقَال: غَبَقْتُه إذا سقيتَه الغَبُوقَ، والعُرْفُط: من شجرة العَضَاه ينضح المُغْفُور. يضرب لمن يُكْرَم مخافَةَ شره وأراد بالغوابقَ السحابَ، جعل سقيها إياه غَبْقاً الجزء: 2 ¦ الصفحة: 32 2525- العِتَابُ خَيْرٌ مِنْ مَكْتُومِ الْحْقْدِ ويروى "من مكنون الحقد" قَاله بعض الحكماء من السلف الجزء: 2 ¦ الصفحة: 32 2526- أعمرْتَ أرضاً لَمْ تَلُسْ حَوْذَانَهَا اللَّوْسُ: الأكل، والحَوذَان: بقلة طيبة الرائحة والطعم، وأعمرتها: وَصَفْتَها بالعمارة يضرب لمن يحمد شيئاً قبل التجربة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 33 2527 المُعْتَذرُ أعْيَا بالقِرَى قَالوا إنهم يَحْمَدون تَلَقَّى الصيف بالقِرى قبل الحديث ويعيبونه تلقيه بالحديث والالتجاء إلى المعذرة والسُّعَال والتَّنَحنح، ويزعمون أن البخيل يعتريه عند السؤال بَهْر وعيٌّ فيسعل ويتنحنح، وأنشدوا لجرير وَالتَّغْلَبِيُّ إذَا تَنَحْنَح لِلقِرى ... حَكَّ اسْتَهُ وَتَمَثَّلَ الأمثَالا ويحكون أن جريراً قَال: رميتُ الأخطل ببيت لو نَهَشَتْه بعده الأفعى في اسْتِهِ ما حكَّها، يعني هذا البيت قَالوا: وإلى هذا ذهب زيد الأرانب، حين سأل عن خزاعة، فَقَال: جوُع وأحاديث، واحتجُّوا أيضاً بقول الآخَر: وَرَبَّ ضَيْفٍ طَرَقَ الحضيَّ سرى ... صَادَفَ زَاداً وَحَدِيثاً ما اشْتَهَى إن الحديثَ جَانِبٌ مِنْ القِرَى ... فجل الحديث بعد الزادِ جانباً من القِرى، لا قبله، قَالوا: والذي يؤكد ما قلناه مَثَلُهم السائر على وجه الدهر "المَعْذِرَةُ طَرَفٌ مِنْ البُخْلِ" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 33 2528- عَثَرَةُ القَدَمِ أسْلَمُ مِنْ عَثْرَةِ الِّلسانِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 33 2529- عُقَرَةُ العِلْمِ النِّسيانُ العُقَرَةُ: خَرَزَة تشدها المرأة في حِقْوَيهَا لئلا تحبل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 33 2530- عَادَ إِلى عِكْرِهِ العِكْر: الأصل، والعِكَرَةُ: أصل اللسان، وهذا كقولهم: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 33 2531- عَادَتْ لِعِتْرِها لَمِيس أي أصلها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 33 2532- عَلَى جَارَتِي عِقَقٌ ولَيْسَ عَلَىَّ عِقَقٌ العِقَّة: العَقيقة، وهي قطعة من الشَّعْر، يعني الذُّؤابة، قَالته امرَأة كانت لها ضَرَّة، وكان زوجها يكثر ضربها، فحسدت ضَرتَها على أن تُضْرب، فعند ذلك قَالت هذه الكلمة، أي أنها تضرب وتحَبُّ وتُكْرم وهي لا تضرب ولا تكرم. يضرب لمن يَحْسُدُ غيرَ محسود [ص: 34] ٍ2533- عِتَابٌ وَضَنٌّ أي لا يزال بين الخليلين وُدٌ ما كان العتاب، فإذا ذهب العتاب فقد ذهب الوِصَالُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 33 2534- عَذَرَتْنِي كلُّ ذَاتِ أبٍ قَالتها امرَأة قيل أن أباها وَطِئها فَقَالت : عذَرَتْني كلُّ ذاتِ أبٍ، أي كل امرَأة لها أب تعلم أن هذا كذب، يضرب في استبعاد الشَيء، وإنكار كَوْنه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 34 2535- عَمُّكَ أوَّلُ شَارِبٍ أي عمك أحقَ بخيرك ومنفعتك من غيره فابدأ به. يضرب في اختصاص بعض القوم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 34 2536- أعَنْدي أنْتَ أمْ في الْعِكْمِ يُقَال: عَكَمْتُ المتاع أعكمه عَكْمَاً، إذا شددته في الوعاء وهو العِكْم، وَعكَمْتُ الرجلَ العَكم؛ إذا عكمته له، يضرب لمن قَلَّ فهمُه عند خطابك إياه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 34 2537- أَعَضَّ بِهِ الكَلاَلِيِبَ يُقَال: أَعَضَّه، إذا حمله على العضِّ، أي جعل الكلاليبَ تَعَضُّ، يُقَال: عَضَّه، وعَضَّ به، وعَضَّ عَليه أي ألصقَ به شراً الجزء: 2 ¦ الصفحة: 34 2538- عَلَى وَضَرٍ مِنْ ذَا الإنَاءِ الوَضَر: الدَّرَن والدَّسم، و "على" من صلة فعل محذوف، أي أرجى الدهر على كذا. يضرب لمن يتبلغ باليسير الجزء: 2 ¦ الصفحة: 34 2539- عَرِّضْ للكَرِيْمِ وَلا تُبَاحِثْ البَحْث: الصرف الخالص، أي لا تبين حاجتك له ولا تصرح؛ فإن التعريض يَكْفيه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 34 2540- عَمِلَ بِهِ الفَاقِرَةَ أي عَمِلَ بِهِ عملاً كسر فقاره، وفي التنزيل (تظُنُّ أن يُفَعَلَ بها فَاقِرَة) أي داهية. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 34 2541- عِرْضٌ مَا وَقَعَ فِيهِ حَمْدٌ وَلا ذَمَمٌ يضرب لمن لا خيرَ عنده ولا شر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 34 2542- عَذَابٌ رَعَفَ بِهِ الدَّهْرُ عَلَيْهِ يُقَال: رَعَفَ الفرسُ يرعَفُ ويرعُفُ، إذا تقدم. يضرب لمن استقبله الدهر بشر شمَّر: أي شديد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 34 2543- العَوْدُ أَحْمَدُ يجوز أن يكون "أحمد" أفعل من الحامد، يعني أنه إذا ابتدأ العُرْفَ جَلب [ص: 35] الحمد إلى نفسه، فإذا عاد كان أحمد له، أي أكسب للحمد له، ويجوز أن يكون أَفعَلَ من المفعول، يعني أن الابتداء محمود والعود أحقَ بأن يحمد منه. وأول من قَال ذلك خِدَاش بن حابس التميمى، وكان خطب فتاة من بني ذَهل ثُمَ مِنْ بَني سَدُوس يُقَال لها الرَّباب، وهام بها زماناً، ثم أقبل يخطبها، وكان أبواها يتمنَّعان لجمالها وَمِيسَمِها، فردَّا خداشاً، فأضرب عنها زماناً، ثم أقبل ذاتَ ليلةٍ راكباً، فانتهى إلى محلتهم وهو يتغنى ويقول: أَلا لَيْتَ شِعْرِي يا رَبَابُ مَتَى أرى ... لَنَا منك نُجْحاً أوْشفاء فأشْتَفِي فقد طالما عَنَّيْتنِي وَرَدَدْتِنِي ... وأنت صَفِيَّي دون مَنْ كُنْتُ أَصْطَفِي لَحَى الله مَنْ تسمو إلى المال نَفْسُهُ ... إذا كان ذا فَضْلٍ به لَيْسَ يَكْتَفِي فَيُنْكِح ذَا مالٍ دَميماً مُلَوَّماً ... وَيَتْرُك حُرَّاً مثله لَيْسَ يَصْطَفِي فعرفت الرباب منطقه، وجعلت تتسمَّع إليه، وحفظت الشعر، وأرسلت إلى الركب الذين فيهم خِداش أن انزلوا بنا الليلة، فنزلوا، وبعثت إلى خِداش أن قد عرفت حاجتك فاغْدُ على أبي خاطباً، ورجعت إلى أُمُها، فَقَالت: يا أُمَّه، هل أنكح إلا مَنْ أهوى وألتحف إلا من أرضى؟ قَالت: لا، فما ذاك؟ قَالت: فأنكحيني خِداشاً، قَالت: وما يدعوك إلى ذلك مع قلة ماله؟ قَالت: إذا جمع المالَ السيءُ الفَعَالِ فقبحاً للمال، فأخبرت الأم أباها بذلك، فَقَال: ألم نكن صَرَفْناه عنا، فما بدا له؟ فلما أصبحوا غدا عليهم خِداش فسلَّم وقَال : العَوْدُ أحمد، والمرء يرشد، والورد يحمد، فأرسلها مَثَلاً. ويقَال: أول من قَال ذلك وأخذ الناسُ منه مالكُ بن نُوَيرة حين قَال: جَزَيْنَا بني شَيْبَان أمس بقَرْضِهِمْ ... وَعُدْنَا بمثل البَدْءِ والعَوْدُ أَحْمَدُ فَقَال الناس: العود أحمد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 34 2544- عِنْدَ الرَّهَانِ يُعْرَفُ السَّوَابَق يضرب للذي يَدَّعِي ماليس فيه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 35 2545- عَلَيْكَ وَطْبَكَ فَادَّوِهِ الادَّوَاء: أكل الدُّواية، وعليك: إغراء، أَي لا تَتَّكِلْ على مال غيرك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 35 2546- عَادَ الأََمْرُ إِلَي نِصَابِهِ يضرب في الأمر يتولاَّه أربابه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 35 2547- العَزِيمَةُ حَزْمٌ، وَالاخْتِلاَطُ ضَعْفٌ هذا من كلام أكثم بن صيفي [ص: 36] يضرب في اختلاط الرأي، وما فيه من الخطأ والضعف الجزء: 2 ¦ الصفحة: 35 2548- عَلَى الحَازِي هَبَطْتْ يُقَال: حَزَا يَحْزُو ويَحْزِي، إذا قدر، والحازي: الذي ينظر في خِيلاَنِ الوجه وفي بعض الأعضاء ويتكهن، وهذا مثل قولهم "على الخبير سَقَطَتْ" وقد مر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 36 2549- عَاشَ عَيْشَاً ضَارِباً بِجِرانٍ الجِران: باطن عُنُقَ البعير، ويقَال: ضربَ الأرضَ بِجِرانه، إذا ألقى عليها كَلاَ كله. يضرب لمن طاب عيشُهُ في دَعّة وإقامة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 36 2550- أََعْطِنِي حَظيَّ مِنْ شُوَايَةَ الرَّضْفِ قَال يونس: هذا مثل قَالته امرَأة كانت غريرة، وكان لها زوج يكرمها في المطعم والملبس، وكانت قد أوتيت حظاً من جمال فَحُسِدتْ على ذلك، فابتدرت لها امرَأة لتَشِينها، فسألتها عن صنيع زوجها، فأخبرتها بإحسانه إليها، فلما سمعت ذلك قَالت، وما إحسانه، وقد منعك حظك من شُواية الرضف؟ قَالت: وما شُوَاية الرضف؟ قَالَت: هي من أطيب الطعام، وقد استأثر بها عليك فاطْلُبيها منه، فأحبَّتْ قولها لغَرارَتها، وظنت أنها قد نصحت لها، فتغيرت على زوجها، فلما أتاها وجدها على غير ما كان يعهدها، فسألها ما بالها، قَالت: يا ابن عمِّ تزعم أني عليك كريمة، وأنَّ لي عندك مزية، كيف وقد حرمتني شُوَاية الرَّضْف؟ بَلِّغْنِي حظي منها فلما سمع مقَالتها عرف أنها قد دُهِيَتْ، فأصاخ وكره أن يمنعها فترى أنه إنما منعها إياها ضَنّاً بها، فَقَال: نعم وكرامة، أنا فاعل الليلة إذا راح الرعاء، فلما راحوا وَفَرَغُوا من مهنهم وَرَضَفُوا غَبُوقهم دعاها فاحتمل منها رضفة فوضعها في كفها، وقد كانت التي أوردتها قَالت لها: إنك ستجدين لها سخنا في بطن كفك فلا تطرحيها فتفسد، ولكن عَاقِبِي بين كفيك ولسانك، فلما وضعها في كفها أحرقتها فلم تَرْمِ بها، فاستعانت بكفها الآخَرى فأحرقتها، فاستعانت بلسانها تبردها به فاحترق، فمجلت يديها، ونفطت لسانها، وخاب مطلبها، فَقَالت: قد كان عِيِّ وشِيِّ يَصْريِني عن شر، فذهبت مَثَلاً. يضرب في الذرابة على العاثر الذي يتكلَّفُ ما قد كُفِيَ قَال: وقولها " أََعطِنِي حظي من شُوَاية الرَّضْف" يضرب للذي يسمو إلى ما لاحظ له فيه هذا ما حكاه يونس عن أبي عمرو، وكذلك في أمثال شمر. [ص: 37] قلت: قولها "شُوَاية الرَّضْف" الشُّوَاية بالضم: الشَيء الصغير من الكبير كالقطعة من الشاة، يُقَال: ما بقي من الشاة إلا شُواية وشُواية الخبز: القُرص منه، وشُواية الرضف: اللبن يغلي بالرَّضْفة، فيبقى منه شَيء يسير قد انشوى على الرضْفة وقولها "قد كان عِيِّ وشِيِّى يَصْرِيني" الصَّرْي: القَطع، ومنه: هَواهُنَّ أنْ لَمْ يصره الله قَاتِلُهْ ... والعى: مصدر قولهم: عَيَ بالكلام يَعْيَا عِيَّا، والشَيء: إتباع له، ويقَال "عَيِيٌّ شَيِيٌ" إتباع له، وبعضهم يقول: شَوِىّ، ويقَال: ما أَعْيَاه وما أَشْياه وما أَشْواه، أي ما أصغره، وجاء بالعى والشَي، فالعى: من بنات الياء، والشَيء: من بنات الواو وصارت الواوْ ياء لسكونها وانكسار ما قبلها، ومعناه جاء بالشَيء الذي يَعْيَا فيه لحقارته. ومعنى المثل قد كان عجزى مِن الكلام وسكوني يدفع عني هذا الشر، تَنْدَمُ على ما فَرَطَ منها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 36 2551- أَعِلَّةً وَبُخْلاً قَاله النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله تَعالى عنها حين قَالَ لها: أرخي علَىَّ مرطَك، فَقَالت: أنا حائض الجزء: 2 ¦ الصفحة: 37 2552- أعْشَبْتَ فَانْزِلْ أي أصبت حاجتك فاقنع، يُقَال: أَعْشَبَ الرجلُ، إذا وجد عُشْباً، وأَخْصَبَ إذا وجد خِصْباً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 37 2553- العُقُوبَةُ أَلأَمُ حَالاتِ القُدْرَةِ يعني أن العفو هو الكرم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 37 2554- العَجَلَةُ فُرْصَةُ العَجَزَةِ يضرب في مدح التأني وذم الاستعجال الجزء: 2 ¦ الصفحة: 37 2555- العَاقِلُ مَنْ يَرى مَقَرَّ سَهْمِهه مِنْ رَمْيَتِهِ يضرب في النظر في العواقب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 37 2556- العَيْنُ أَقْدَمُ مِنَ السِّنِّ أي أن الحديث لا يغلب القديم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 37 2557- عِنْدَ الامْتِحَانِ يُكْرَمُ المَرْءُ أَويُهانُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 37 2558- عِنْدَ النَّازِلَةِ تَعْرِفُ أَخَاكَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 37 2559- عَلَيْهِ مِنَ الله إِصْبَع حَسنٌ أي أثر حسن، ويقَال: للراعي على ماشيته إصبع، أي أثر حسن. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 37 2560- عَلَيْهِ وَاقِيَةٌ كَوَاقِيةَ الكِلاَبِ يضرب للئم الموقّى. [ص: 38] والواقية: الوقاية، وهو في المثل مصدر أضيف إلى الفاعل، أي كما تقي الكلابُ أولادَهَا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 37 2561- عَلَيْكَ نَفْسَكَ أي اشتغِلْ بشأنك، وهذا يسمى إغراء ونصباً على الإغراء، وحروف الإغراء: عليك، وعندك، ودونك، وهنَّ يقمن مقام الفعل، ومعنى كلها خُذْ، ويجوز "عَلَيْكَ نفسُكَ" بالضم، إذا أَردت أن تؤكد الضمير المرفوع المستتر في النية، كأنك قلت: عليك أنت نفسُك زيداً، ويجوز "عليك نفسكَ" بالخفض، إذا أردت أن تؤكد الكاف وحده كأنك قلت: عليك نفسٍكَ زيداً الجزء: 2 ¦ الصفحة: 38 2562- عَقْراً حَلْقاً في الدعاء بالهلكة، وفي الحديث حين قيل له عليه السلام: إن صفية بنت حُيَيٍّ رضي الله تعالى عنها حائض، فَقَال: عَقْرَى حَلْقِى، ما أراها إلا حابستَنَا، قَال أبو عبيد، هو عَقْراً حلقا بالتنوين، والمحدِّثون يقولون: هو عَقْرى حَلْقَى، وأصل هذا ومعناه عَقَرَها الله وحَلَقها، وهذا كما تَقول: رَأَسْتُهُ وَعَضَدتْهُ وبَطَنْته، وقَال أبو نصر أحمد بن حاتم: يُقَال عند الأمر يعجب منه: خَمْشَى عَقْرَى حَلْقَى، كأنهُ الحلق والعَقر والخدش، وقال: ألا قَوْمي أولو عَقْرى وحَلقَى ... لَمَا لاَقَتْ سَلاَمانُ بنُ غَنْمِ يعني قومي أولو نساء عقرى وحَلقى، أي قدّ عقرن وجوههن وحلَقنَ شعورهن متسلبات على أزواجهن. قُلت: عقرى وحلقى في البيت جمع عقير وحليق، يقال: عقره إذا جرحه فهو عقير: أي جريح، والجمع عَقْرَ مثل قتيل وقتلى. قَالَ الليث: يقال للمرأة عقرى حلقى، يعني أنها تحلق قومها وتعقرهم بشؤمها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 38 2563- عَرَكَهُ عَرْكَ الأْدِيمِ و"عَرْكَ الرَّحَى بثفالها" و "عَرَكَ الصَّناع أديم غير مدهون" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 38 2564- عَالَى بِهِ كلَّ مَرْكَب إذا كلَّفه كلَّ أمر شاق. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 38 2565- عَسَى غَدٌ لِغَيْرِكَ يُريد عسى غدٌّ يكون لغيرك، أي لا تؤخر أسَر اليوم إلى الغد، فلعلك لا تدركه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 38 2566- عَسَ البَرِقَ لاَ تُخْلِفُ البارقة: السحاب ذات البرق. يضرب في تَعليقْ الرجاء بالإحسان. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 38 2567- عَذَرْتُ القِرْدَانَ فَمَا بَالُ الحَلَمِ القِرْدان: جمع قُرَاد، والحَلَم: جنس منه صغار، وهذا قريب من قولهم "اسْتَنَّتِ الفِصَالُ حتى القَرْعَى" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 39 2568- عَاثّ فِيهِمْ عَيْثَ الذِّئَابِ يَلْتَبِسْنَ بِالغَنَمِ العَيث: الفساد يضرب لمن يجاوز الحد في الفساد بين القوم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 39 2569- أَعْرَبَ عَنْ ضَمِيِرِهِ الفَارِسِيُّ يضرب لمن ما في قلبه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 39 2570- عِنْدَ فُلانٍ كَذِبٌَ قَليل أي هو الصدوقَ الذي لا يكذب، وإذا قَالوا "عنده صدق" فهو الكذوب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 39 2571- عَلَيْهِ العَفَارُ والدَّبارُ وَسُوءُ الدَّارِ العَفار: التراب، والعفَر مقصور منه كالزَّمان والزَّمَن، والدَّبار: اسم من الإدبار كالعّطَاء من الإعطاء، ويجوز أن تكون الباء بدلاً من الميم فيراد به الَّدمار وهو الهلاك وسوء الدار قَال المفسرون: هو جهنم، نعوذ بالله تعالى منها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 39 2572- عَلَيهِ العَفَاءُ وَالذِّئْبُ العَوَّاءُ العَفَاء: بالفتح والمد: التراب، قَال صفوان بن محرز: إذا دخلتُ بيتي فأكلت رغيفاً وشربت عليه ماء فعلى الدنيا العَفَاء، وقَال أبو عبيد: العَفَاء الدُّرُوس والهلاك، وأنشد لزهير يذكر دارا: تَحَمَّلَ أهْلُهَا عَنْهَا فَبَانُوا ... عَلَى آثارِهَا ذَهَبَ العَفَاءُ قَال: وهذا كقولهم "عليه الدبار" إذا دعا عليه أن يدبر فلا يرجع. والذئب العَوَّاء: الكثير العُواَء. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 39 2573- عَرَفْتُ شَوَاكِلَ ذّلِكَ الأمْر أي ما أشكل من أمرهم، قَاله عمارة بن عقيل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 39 2574- عَجَبٌ مِنْ أَنْ يَجِيءَ مِنْ جَحِنٍ خيْرٌ الجَحِن: القصير النبات، يعني النماء، يُقَال: جَحِن يَجْحَن فهو جَحِن، إذا كان سيء الغذاء، وأجحنه غيره؛ إذا أساء غذاءه يضرب للقصير لا يجيء منه خير. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 39 2575- أَعَانَكَ العَوْنُ قَلِيلاً أوْأَباهُ وَالعَوْنُ لا يُعِينُ إلاَّ ما اشْتَهاهُ قَال أبو الهيثم: يعني مَنْ أعانك من غير أن يكون ولداً أوْأخاً أوْعبداً يهمه [ص: 40] ما أهمك ويسعى معك فيما ينفعك فإنما يعينك بقدر ما يحب ويشتهى، ثم ينصرف عنك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 39 2576- العَجْزُ وَطِئُ يُقَال: وَطُؤ فهو وطئ بين الوَطَاءة، وفراشٌ وَطِئ: أي وَثير. يضرب لمن استوطأ مركب العجز وقعد عن طلب المكاسب والمحامد، ولمن ترك حقه مخافة الخصومة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 40 2577- العَجْزُ رِيبَةٌ يعني أن الإنسان إذا قَصَدَ أمراً وجدَ إليه طريقاً، فإن أقرَّ بالعجز على نفسه ففي أمره ريبة، قَال أبو الهيثم: هذا أحَقَ مثلٍ ضربته العرب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 40 2578- عّهْدُكَ بِالْفَالِياَتِ قَدِيمُ يضرب لما فات ويُتَعَذَّر تداركُه وأصله في الرأس يَبْعد عهدُه بالدهن والفَلْيِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 40 2579- عُرْفُطَةٌ تُسْقَي مِنَ الغَوادِقِ الْعُرْفُطة: شجرة من العَضَاه خَشِنةُ المس، والغَدَق: الماء الكثير، وهو في الأصل مصدر يُقَال: غَدقَتْ عين الماء، أي غَزُرت، ثم يوصف به فيقَال: ماء غَدَق، ويقَال: سحابة غَادَقَة، والغوادق: السحاب الكثير الماء يضرب للشرير يكرم ويبجل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 40 2580- عَوْرَاءُ جَاءَتْ وَالنَّدِىُّ مُقْفِر العَوْراء: الكلمة الفاحشة، والنَّدِىُّ والنادي: المجلس، والمقفر: الخالي. يضرب لمن يؤذي جليسه بكلامه وتعظمه عليه من غير استحقاق. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 40 2581- عَرْجَلَةٌ تَعْتَقِلُ الرَّمَاحَ العَرْجَلَة: الرَّجَّالة في الحرب، والاعتقَال: أن يُمْسِكَ الفارسُ رمحه بين جنب الفرس وفخذه. يضرب لمن يخبر عن نفسه بما ليس في وُسْعِه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 40 2582- أُعْتُوبَةٌ بَيْنَ ظِمَاءٍ جُوَّعِ يُقَال: بينهم أُعْتُوبة يتعاتَبُون بها، أي إذا تعاتبوا أصلح ما بينهم العتاب. يضرب لقوم فقراء أذلاء يفتخرون بما لا يملكون. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 40 2583- عَارِيَةُ الفَرْجِ وَبَتٌ مُطَّرَحٌ البَتُّ: كِساء غليظ النسج، ويقَال: هو طيلسان من خز. يضرب لمن رضي بالتقشف وهو قادر على ضده. أي هي عارية الفرج وعندها بَتٌ مطروح، ويحتمل أن يعني به أنها تتجمل وقد عجزت عما يستر عورتها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 40 2584- عَشيِرَةٌ رِفَاغها تُوَسَّعُ يعني أن أفْنِية العشيرة أوسَعُ وأحمل لجناياته يضرب لمن يرجع بجنايته إلى العشيرة ويؤذيهم بالقول والفعل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 41 2585- عَيْنٌ بِذَاتِ الْحَبَقَاتِ تَدْمَعُ العين: عين الماء، والحَبَق: بَقْل من بقول السهل والحزن، وتدمع: كناية عن قلة الماء فيها. يضرب لمن له غنى وخيره قليل، ولا ينتفع به إلا الأخسَّاء، لأنه قَال فيما بعد وارِدُهَا الذئْبُ وكّلْبٌ أبْقَعُ ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 41 2586- عَيْشُ المُضِرِّ حُلْوُهُ مُرٌّ مَقِرٌ المضر: الذي له ضرائر، والمقِر: الشديد المرارة. يُقَال: إنه يضرب لمن كان له كَفَاف فطلب عيشا أرفع وأنفع فوقع فيما يتعبه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 41 2587- عَيْنُكَ عَبْرَى وَالفُؤَادُ في دّدِ الدَّد، والدَّدَن، والدَّدَاء: اللعبُ واللهو ويقَال: رجل عَبْرَان، وامرَأة عَبْرَى، أي باكية. يضرب لمن يظهر حزنا لحزنك وفي قلبه خلاف ذلك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 41 2588- أََعْلاَمُ أََرْضٍ جُعِلَتْ بَطَاَئِحاً الأعلام: الجبال، واحدها عَلَم، والبطائح: جمع البَطيحة، وهي الأرض المنخفضة. يضرب لأشراف قوم صاروا وضُعَاء، ولمن كان حقه أن يشكر فكفر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 41 2589- عَافِيكُمْ في القِدْرِ ماءٌ أَكْدَرُ العافي: ما يبقى في أسفل القدر لصاحبها وقَال: إذا رَدَّ عَافِي القِدْرِ مَنْ يَسْتعِيرُهَا ... وماء كدر وأكدر: في لونه كُدْرَة، يضرب لمن أحسن إليه فأساء المكافأةَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 41 2590- عُرَاضَةٌ تُورِى الزِّنَادَ الكائلِ العُراضة: الهدية، والزَّنْد الكائل: الكابي، يُقَال: كان الزَنْدُ يَكيل كيلا، إذا لم تخرج ناره، وإنما قيل "الزند الكائل" ولم يقل الكائلة لأن الزناد إن كان جمع زَنْد فهو على وزن الواحد مثل الكتاب والجدار، وهذا كما قَالَ امرؤ القيس: نُزُولَ اليَمَاني ذي العِياب المُحَمَّل ... (صدره ... وألقى بصحراء الغبيط بعاعه ... ) وكما قَال زهير: [مَغَانِمُ شتَّى] من إفالٍ مُزَنَّمِ ... (صدره ... وأصبح يحذى فيهم من تلادكم ... ) يضرب لمن يخدع الناس بحسن منطقه ويضرب في تأثير الرُّشَا عند إنغلاقَ المراد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 41 2591- عَشَّرَ والمَوْتُ شَجَا الوَريدِ التعشير: نهيقَ الحمار عشرةَ أصواتٍ في طلقَ واحد، قَال الشاعر: لَعَمْرِي لئن عَشَّرتُ من خِيفةِ الرَّدى ... نُهَاقَ الحمير إنَّني لَجَزُوعُ وذلك أنهم كانوا إذا خافوا من وَبَاء بلدٍ عَشَّروا تعشير الحمير قبل أن يدخلوه، وكانوا يزعمون أن ذلك ينفعهم، يقول: عشَّرَ هذا الرجل والموتُ شَجَا وريده، أي مما شجِىَ به وريده، يريد قرب الموت منه يضرب لمن يجزع حين لا ينفعه الجزع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 42 2592- أَعْلَمُ بِمَنْبِتِ القَصِيصِ والمعنى: أنه عارف بموضع حاجته، والقصيص: منابت الكمأة، ولا يعلم بذلك إلا عالم بأمور النبات، وأما قولهم: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 42 2593- أَعْلَمُ مِنْ أَينَ يُؤْكَلُ الْكَتِفُ فزعم الأَصمَعي أن العرب تقول للضعيف الرأي: إنه لا يحسن أكل لحم الكتف قلت: أورد حمزة هذين المثلين في كتاب أفعل، وهما إن كانا على أفعل فهذا الموضع أولى بهما؛ لأنهما عَرِيَا مِنْ من الجزء: 2 ¦ الصفحة: 42 ما جاء على أفعل من هذا الباب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 42 2594- أَعَزُّ مِنْ كلَيْبِ وَائِلٍ هو كُلَيب بن ربيعة بن الحارث بن زهير، وكان سيد ربيعةَ في زمانه، وقد بلغ من عزه أنه كان يَحْمي الكلأ فلا يُقرَبُ حِماه، ويُجِير الصيد فلا يهاج، وكان إذا مر بروضة أعجبته أوْغَدير ارتضاه كّنَّعَ كُليباً ثم رمى به هناك، فحيثُ بلغ عُواؤه كان حِمَىً لا يُرْعى، وكان اسم كليب بن ربيعة وائلا: فلما حَمَى كليبة المرْمىُّ الكلأ قيل: أعز من كليب، ثم غلب هذا الاسمُ عليه حتى ظَنُّه اسمه، وكان من عزه لا يتكلم أحد في مجلسه، ولا يَحْتَبِي أحَدٌ عنده، ولذلك قَال أخوه مهلهل بعد موته: نُبَّثْتُ أن النارَ بعدك أوقِدَتْ ... واسْتَبَّ بَعْدَكَ يا كليبُ المجلِسُ وتَكلَّموا في أمْرِ كُلِّ عَظِيمَةٍ ... لو كُنْتَ شاهدَهُمْ بِهَا لم يَنْسُبوا وفيه أيضاً يقول معبد بن عبد سعنة التميمي: كفعل كُلَيبٍ كنت خُبِّرْتُ انَّه ... يُخَطِّطُ أكلاء المِياه وَيَمْنَعُ يُجِيرُ على أفناء بَكْرِ بن وَائِلٍ ... أرانب ضاح والظباء فَتَرْتَعُ [ص: 43] وكليب هذا هو الذي قتله جساس بن مرة الشيباني وقد ذكرت قصته عند قولهم "أشأم من البسوس" في باب الشين. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 42 2595- أَعْيَا مِنْ بَاقِلٍ هو رجل من إياد، قال أبو عبيدة: باقل رجل من ربيعة، بلغ من عِيِّه أنه اشترى ظبياً بأحدَ عشَرَ درهماً، فمر بقوم فقالوا له: بكم اشتريت الظبي؟ فمد يده ودلعَ لسانه يريد أحد عشر، فَشَرَدَ الظبي وكان تحت إبطه، قال حميد الأرقط في ضَيْف له أكثر من الطعام حتى منعه ذلك من الكلام: أَتَانَا وَمَا دَاناهُ سَحْبَانُ وَائِلٍ ... بَيَاناً وَعِلماً بِالَّذِي هُوَ قَائِلٌ فمَا زَالَ مِنهُ اللَّقْمُ حتى كَأَنَهُ ... مِنَ الْعِيِّ لما أن تَكَلَّمَ بَاقِلُ يَقُولُ وَقَدّ أَلْقَى المَرَسِيَ لِلْقُرِى ... أبن ليَ مَا الحَجَّاجُ بالناس فَاعِلُ يدلل كفاه ويحدر حلقه ... إلى الْبَطْنِ ما ضُمَّتْ عليه الأَنَامِلَ فَقُلْتُ: لَعَمْرِي مَا لِهَذَا طَرَقْتَنَا ... فَكُلْ وَدَعِ الإرْجَافَ مَا أَنْتَ آكِلُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 43 2596- أَعَزُّ مِنَ الزّبَّاءِ هي امرَأة من العماليق، وأمها من الروم وكانت ملكة الحِيرة تغزو بالجيوش، وهي التي غزت مارداً والأبلق، وهما حصانان كانا للسَّمَوأل بن عاديا اليهودي، وكان ماردا مبنيّاً من حجارة سُودٍ، والأبلقَ من حجارة سود وبيض، فاستصعبا عليها، فَقَالت: تَمَّرد مارد وعَزَّ الأبلق، فذهبت مَثَلاً، وقد تقدمت قصتها مع جَذِيمة قَبْلُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 43 2597- أعْيَا مِنْ يَدٍ في رَحِمٍ يضرب لمن يتحير في الأمر ولا يتوجه له قَال أبو الندى: ما في الدنيا أعيا منها؛ لأن صاحبها يَتَّقِي كل شَيء، قد دهن يده بدهن وغسلها بماء حتى تلين ولا يلتزقَ بها الرحم؛ فهو لا يكاد يمسُّ بيده شيئاً حتى يفرغ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 43 2598- أَعَزُّ مِنْ الأبْلَقَ العَقُوقِ يضرب لمن يعزُّ وجودُه. وذلك لأن العَقُوقَ في الإناث، ولا تكون في الذكور. قَال المفضل: إن المثل لخالد بن مالك النشهلى، قَاله للنعمان بن المنذر، وكان أسَرَ ناساً من بني مازن بن عمر بن تميم فقال: من يكفل بهؤلاء؟ فَقَال خالد: أنا، فَقَال النعمان: وبما أحدثوا؟ فَقَال خالد: نعم، وإن كان الأبلقَ العَقُوقَ، فذهبت مَثَلاً. [ص: 44] يضرب في عزة الشَيء والعرب كانت تسمي الوفاء الأبلَقَ العَقُوق؛ لعزة وجوده. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 43 2599- أَعْقَرُ مِنْ بَغْلَةٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 44 2600- وأَعْقَمُ مِنْ بَغْلَةٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 44 2601- أَعزُّ مِنْ بَيْضِ الأنُوقِ قَالوا: الأنوقَ الرَّخمة، وعز بيضها لأنه لا يظفر به؛ لأن أوكارها في رؤوس الجبال والأماكن الصعبة البعيدة، قَال الأخطل: مِنْ الجَارياتِ الحُورِ، مَطْلَبُ سِرِّهَا ... كَبَيْضِ الأنُوقَ المُسْتَكِنَّةِ في الوَكْرِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 44 2602- أَعَزُّ مِنَ الغُرَابِ الأعْصَمِ قَال حمزة: هذا أيضاً في طريقَ الأبلقَ العقوقَ في أنه لا يُوجَد، وذلك أن الأعصم الذي تكون إحدى رجليه بيضاء، والغراب لا يكون كذلك، وفي الحديث "أن عائشة في النساء كالغُرَابِ الأعصم" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 44 2603- أَعَزُّ مِنْ قَنُوع هو من قول الشاعر: وكُنْتَ أَعَزَّ عِزَاً مِنْ قَنُوعِ ... تَرَفَّعَ عَنْ مُطالَبَةِ المَلُولِ فَصِرْتُ أذلَّ مِنْ مَعْنىً دَقِيقٍَ ... بِهِ فَقْرٌ إلى ذِهْنٍ جَلِيلِ وأما قولهم: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 44 2604- أَعَزُّ مِنَ الكِبْرِيتِ الأحمَرِ فيقَال: هو الذهب الأحمر، ويقَال: بل هو لا يوجد إلا أن يذكر، وقَال عَزَّ الوَفَاءُ - فَلاَ وَفَاءَ وإنه ... لأعَزُّ وُجْدَاناً مِنْ الكِبْريتِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 44 2605- أَعَزُّ مِنْ مَرْوَانِ القَرَظِ هو مروان بن زِنْبَاع العبسي، وكان يَحْمي القرظ لعزه، ويقَال: بل سمى بذلك لأنه كان يغزو اليمن وبها منابتُ القَرَظِ، ووَصِفَ مروان للمنذر بن ماء السماء، فاستوفده عليه، فَقَال له، أنت مع ما حُبِيتَ به من العز في قومك، كيف عِلْمُكَ بهم؟ فَقَال أَبَيتَ اللعن، إني إن لم أعلمهم لم أعلم غيرهم، قَال: ما تقول في عبس؟ قَال: رمح حديد، إن لم تطعن به يطعنك، قَال: ما تقول في فَزَارة،؟ قَال: وادي يحمى ويمنع قَالَ فما تقول في مرة قَال: لا حُرَّ بوادي عَوْف، قَال: فما تَقول في أَشْجَع؟ قَال: ليسوا بِدَاعِيكَ ولا بِمِجيبيك، قَالَ فما تقول في عبد الله بن غَطَفَان؟ قَال: صُقُور لا تصيدك: قَال: فما تقول في ثعلبة بن سعد؟ قَال: أصواتٌ ولا أنيس. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 44 2606- أَعَزُّ مِنْ حَلِيمَةَ هي بنت الحارث بن أبي شمر ملك عرب الشام، وفيها سار المثل فقيل: ما يَوْمُ حليمة بِسِرٍّ، وهذا اليوم هو اليوم الذي قُتل فيه المنذر بن ماء السماء ملك العراق، وكان قد سار بعربها إلى الحارث الأعْرَج الغَسَّاني، وهو الأكبر، وكان في عرب الشام، وهو أشهر أيام العرب وإنما نُسِبَ هذا اليوم إلى حليمة لأنها حَضَرَت المعركة مُحَضِّضَة لعسكر أبيها، فتزعم العرب أن الغبار ارتفع في يوم حليمة حتى سّدَّ عَينَ الشمس فظهرت الكواكب المتباعدة عن مطلع الشمس، فسار المثل بهذا اليوم، فقيل: لأرِيَنَّكَ الكَواكِبَ ظُهْراً، وأخذه طَرَفَة فَقَال: إِنْ تُنَوِّلْهُ فَقَدْ تَمْنَعُهُ ... وَتُرِيهِ النَّجْمَ يَجْرِي بالظُّهُرْ وقد ذكر النابغة يوم حليمة في شعره، فَقَال يصف السيوف: تُخُيِّرْنا مِنْ أَزْمَانِ عَهْدِ حَلِيمَةٍ ... إِلَى الْيَوْمِ قَدْ جُرِّبْنَ كُلَّ التَّجَارِبِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 45 2607- أَعَزُّ مِنْ أُمِّ قِرْفَةَ هي امرَأة فَزَارية كانت تحت مالك بن حُذَيفة بن بدر، وكان يُعَلَّقَ في بيتها خمسون سيفاً لخمسين رجلا كلُّهم لها مَحْرَم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 45 2608- أَعْدَى مِنَ الظَّلِيمِ وذلك أنه إذا عدا مَدَّ جناحيه، فكان حُضْره بين العَدْو والطَّيَرَان الجزء: 2 ¦ الصفحة: 45 2609- أَعْدَى مِنَ الحَيَّةِ هذا من العِدَاء، وهو الظلم، وهذا كقولهم" أظْلَم من حيَّة" وأما قولهم: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 45 2610- أَعْدِي مِنَ الذِّئْبِ فمن العِدَاء والعَدَاوة والعَدْو، وقولهم: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 45 2611- أَعْدَى مِنَ الْعَقْربِ هذا مِنَ العِدَاء والعَدَاوة، وقولهم: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 45 2612- أَعْدَى مِنَ الجَرَبِ من العَدْوَى، وكذلك: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 45 2613- أَعْدَى مِنَ الثُّؤَبَاءِ من العَدْوَى أيضاً، والثُّؤَبَاء: التثاؤب وزعم أن شِظَاظاً كان على ناقة يَتَبَعْ رجل وكان شِظَاظٌ رَجل مُغيراً، فتثاءب شِظاظ، فتثاءبت ناقته، وتثاءبت ناقة الرجل المطلوب، فتثاءب الرجل من فوقها فَقَال: أَعْدَيْتِني فَمَنْ تُرَى أَعْدَاكِ ... لا حَلَّ مَنْ أَغْفَي ولا عَدَاكِ قَال حمزة يقول: لاحَلَّ رَحْلَه مَنْ أَرْكَضَك. [ص: 46] قلت: قد روى حمزة "لاحل من غفا" ثم قَال في تفسيره: لاحل رحله من أركضك، وليس في البيت ما يدل على هذا المعنى؛ لأن غفا غير معروف، قَال ابن السكيت: تقول أغفيت إذا نمت، ولا تقل: غَفَوْت، يقول: لاحل رَحْلَهُ من نام ولم يركضك حتى يفلت، والدليل عليه قولُ حمزة بعد هذا: ثم التفت الرجل فإذا شِظَاظ في طلبه، فأَجْهَدَهَا حتى أفلت، وهذا هو الوجه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 45 2614- أَعْدَى مِنَ الشَّنْفَرَى هذا من العَدْو، ومن حديثه - في ما ذكر أبو عمرو الشيباني - أنه خرج هو وتأبَّطَ شراً: وعمرو بن برَّاق فأغارو على بجيلة فوجدوا له رَصَداً على الماء، فلما مالوا له في جوف الليل قَال لهما تأبط شراً: إن بالماء رَصَدَاً، وإني لأسْمَعُ وجِيبَ قلوب القوم، فَقَال: ما تسمع شيئاً، وما هو إلا قَلْبك يَجِبُ، فوضع أيديَهُمَا على قلبه وقَال: والله ما يَجِبُ وما كان وَجَّابا، قَالوا: فلا بُدَّ لنا من ورود الماء، فخرج الشنفرى، فلما رآه الرصَدُ عَرَفُوه فتركوه حتى شرب من الماء، ورَجَع إلى أصحابه فَقَال: والله ما بالماء أحد، ولقد شربت من الحوض، فَقَال تأبط شراً للشنفرى: بلى، ولكن القوم لا يريدونك، وإنما يريدونني، ثم ذهب ابْنُ بَرَّاقَ فشرب ورجع ولم يَعْرِضوا له، فَقَال تأبط شراً للشنفرى: إذا أنا كَرعْتُ في الحوض، فإن القوم سيشدون علي فيأسرونني، فاذْهَبْ كأنك تهرب، ثم كُنْ في أصل ذلك القَرْنِ فإذا سمعتَنِي أقول: خذوا خذوا، فتعال فأطْلِقْنِي، وقَال لابن براق: إني سآمُرُكَ أن تستأسر للقوم، فلا تَنْأََ عنهم ولا تمكنهم من نفسك، ثم مر تأبط شراً حتى وَرَدَ الماء فحين كَرَعَ في الحوض شَدَّوا عليه فأخذوه وكتفوه بوتر، وطار الشنفرى، فأتى حيث أمره، وانحاز ابنُ براقَ حيث يَرَونْه، فَقَال تأبط شرا: يا معشر بَجيلة، هل لكم في خير أن تُيَاسرونا في الفِدَاء ويستأسر لكم ابنُ براق؟ قَالوا: نعم، فَقَال: ويلك يا بن براقَ أما الشفنرى فقد طار، وهو يصطلى نارَ بنى فلان، وقد علمت مابينَنَا وبين أهلك، فهل لك أن تستأسر ويُيَاسرونا في الفداء؟ قَال: لا والله حتى أََرُوزَ نفسي شَوْطاً أوْشوطين فجعلَ يَسْتَنُّ نحو الجبل ويرجع حتى إذا رأوا أنه قد أََعْيى طَمِعُوا فيه فاتبعوه ونادى تأبط شراً: خذوا خذوا، فخالف الشنفرى إلى تأبط شراً فقطع وَثاقه مال إلى عِنْده فناداهم تأبط شراً: يا معشر بجيلة [ص: 47] أعجبكم عَدْوُ ابن براق؟ أما والله لأعْدوَنَّ لكم عدوا ينسيكم عَدْوَّه، ثم احضروا ثلاثتهم، فَنَجوا وفي ذلك يقول تأبط شراً: لَيلَةَ صاحوا وَأغْرَوا بِي سِرَعَهمُ ... بلعبيتين لدى مَعْدَى ابنِ بَرَّاقِ كأنَّما حّثْحَثُوا حُصَّاً قَوَدِمُهُ ... أوْأمَّ خَشْفٍ بِذِى شَثّ وَطبَّاقِ لا شَيْءَ أََسْرَعُ منيَّ غَيْرُ ذِي عذر ... أوْذِي جَنَاحٍ بجَنْبِ الَّريْدِ خَفَاقِ فكل هؤلاء الثلاثة كانوا عدَّئين، ولم يَسِرِ المثل إلا بالشَّنفرى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 46 2615- أّّعْدَى مِنَ السُّلَيْك هذا من العَدْوِ أيضاً ومن حديثه - فيما زعم أبو عبيدة - أنه رأته طَلاَئعُ جيشٍ لبكر بن وائل جاءوا متجردين ليغيروا على تميم، ولا يعلم بهم، فَقَالوا: إن علم السليك بنا أَنْذَرَ قومه، فبعثوا إليه فارسين على جوادين، فلما هايَجَاه خرج يَمْحَص كأنه ظبي، فطارداه سَحَابَةَ نهارِه، ثم قَالا: إذا كان الليل أعيا فسقط فنأخذه، فلما أصبحا وجَدَا أثره قد عثر بأصل شجرة فنزا ونَدَرَتْ قَوسُه فانحطمت، فوجدا قِصْدَةً منها قد ارَتزَّتْ في الأرض فَقَالا: لعلَّ هذا كان من أول الليل ثم فَتَرا فتبعاه فإذا أثره متفاجا قد بال في الأرض وخَدَّ، فَقَالا: مَالَه قَاتَله الله ماأشدَّ مَتْنَهُ، والله لاتبعناه، وانصرفا، فتم السليك إلى قومه، فأنذرهم، فكذبوه لبعد الغاية، فَقَال: يُكَذبني العَمْرَانِ عَمْرُو بْنُ جُنْدبْ ... وعَمْرُو بن سَعْدٍ، والمُكَذِّبُ أكْذَبُ سَعَيْتُ لَعَمْرِ سَعْيَ غير مُعَجز ... وَلا نَأنأ لَوْ أَنَّنِي لا أكَذَّبُ ثَكِلتكُمَا إن لم أكُنْ قَدْ رَأيْتُها ... كَرَادِيسَ يَهْدِيهَا إلى الحيِّ مَوْكِبُ كَرَادِيس فيها الحَوْفَزَانُ وَحَوْلَهُ ... فَوَارِيسُ همام مَتى يَدْعُ يَرْكَبُوا وجاء الجيش فأغاروا وسليك تميمي من بني سعد، وسُلَكةُ أمُه، وكانت سوداء وإليها ينسب، السلكة: ولد الحَجَلِ، وذكر أبو عبيدة السليك في العدائين مع المنتشر بن وهب الباهلي وأوفى بن مطر المازني، والمثلُ سار بِسُليك من بينهم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 47 2616- أَعَقَ مِنْ ضَبٍّ قَال حمزة: أرادوا ضبة فكثر الكلام بها فَقَال: ضب. قلت: يجوز أن يكن الضب اسم الجنس كالنعام والحمام والجراد، وإذا كان كذلك وقع على الذكر والأنثى. [ص: 48] قَال: وعقوقها أنها تأكل أولادها وذلك أن الضب إذا باضَتْ حَرَسَتْ بيضها من كل ما قدرت عليه من وَرَل وحية وغير ذلك، فإذا نقبت أولادها وخرجت من البيض ظنتها شيئاً يريد بيضها فوثبت عليها تقتلها، فلا ينجوا منها إلا الشَّريد، وهذا مثل قد وضعته العرب في موضعه، وأتت بعلته، ثم جاءت إلى ما هو في العقوقَ مثل الضبة فضربت به المثل على الضد، فَقَالوا: "أبر من هرة" وهي أيضاً تأكل أولادها، فحين سُئلوا عن الفرقَ وجّهوا أكل الهرة أولادَها إلى شدة الحب لها، فلم يأتوا في ذلك بحجة مُقنعة، قَال الشاعر: أما تَرَى الدهْرَ وهذا الوَرَى ... كَهِرَةٍ تأكُلُ أولادَهَا وقَالوا أيضاُ: أكرمُ من الأسد، والأم من الذئب، فحين طولبوا بالفرقَ قَالوا: كرمُ الأسد أنه عند شَبعه يتجافى عما يمر به، ولُؤْم الذئب أنه في كل أوقاته متعرض لكل ما يعرض له، قَالوا: ومن تمام لؤمه أنه ربما يعرض للإنسان منه إثنان فَيَتَساندان وَيُقْبِلانِ عليه إقبالا واحداً فإن ادمى الإنسان واحداً من الذئبين وثبَ الذئب الآخَر على الذئب المدمى فمذقه وأكله وترك الإنسان، وانشدوا لبعضهم: وكنت كذئب السوء لما رأى دماًً ... بِصَاحِبِهِ يوماً أحَالَ عَلَى الدَّمِ أحال: أي أقبل، قَالوا: فليس في خَلقَ الله تعالى ألأم من هذه البهيمة؛ إذ يحدث لها عند رؤية الدم بِمُجَانسها الطمع فيه، ثم يحدث ذلك الطمع لها قوة تعدوا بها على الآخَر. ومما أجروه مجرى الذئب والأسد والضب والهر في تضادِّ النعوت: الكَبْش، والتَّيْسُ، فإنهم يقولون للرئيس: يا كبش، وللجاهل: يا تيس، ولا يأتون في ذلك بعلة، وكذلك المعز والضأن، يقولون فيهما: فلان ماعز من الرجال، وفلان أمعز من فلان، أي أمْتَنُ منه، ثم يقولون فلان نَعْجَة من النِّعاج، إذا وَصفوه بالضعف والمُوقِ، وقَالوا العُنُوقَ بعد النُّوق، ولم يقولوا الحَمَل بعد الجَمَل. قَال حمزة: فمعنى قولهم "العنوقَ بعد النوق" أي بعد الحال الجليلة صغر أمركم، وهذا كما يُقَال: الحور بعد الكور، وكذلك يقولون "أبعد النوقَ العنوق" فإن أرادوا ضد ذلك قَالوا "أبعد العنوقَ النوق" والأفراس عند العرب معز الخيل، والبراذين ضأنها، كما أن البُخْتَ ضأنُ الإبل، والجواميس ضأن البقر، وهذا كما حكى عن [ص: 49] ثمامة أنه قَال: النمل ضأن الذر، وخالفه مخالف فَقَال: النمل والذر كالفأر والجرذان الجزء: 2 ¦ الصفحة: 47 2617- أَعقَ مِنْ ذِئْبَةٍ لأنها تكون مع ذئبها فيُرمى، فإذا رأته أنه قد دمى شَدَّتْ عليه فأكلته، قَال رؤبة: فَلاَ تَكُونِي يَابْنَةَ الأشَمَِ ... وَرْقَاءَ دَمَّى ذِئْبَهَا المُدَمِّى وقَال آخر: فَتىً ليس لابن العَمِّ كالذِّئْبِ إن رَأي ... بصَاحِبِهِ يَوْماً دَماً فَهْوَ آكِلُهْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 49 2618- أَعْطَشُ مِنْ ثُعَالَةَ قد اختلفوا في التفسير؛ فزعم محمد بن حبيب أنها الثعلب، وخالفه ابن الأعرابي فزعم أن ثعالة رجل من بني مُجَاشع خرج هو ونجيح بن عبد الله بن مجاشع في غَزاة، ففوَّزا فلَقَم كل واحد منهما فَيْشَلة الآخَر وشرب بَوله، فتضاعف العطش عليهما من ملوحة البول، فماتا عطشانين، فضربت العرب بثُعالة المثلَ، وأنشد لجرير: ما كانَ يُنْكَرُ في غَزِىِّ مُجَاشِع ... أكْلُ الخَزِيرِ وَلا ارتِضاعُ الفَيْشَلِ وقَال: رَضَعْتُم ثم بَالَ عَلى لِحَاكُمْ ... ثُعَالةُ حِينَ لَم تجدِواِ شَرَابَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 49 2619- أَعْطَشُ مِنَ النَّقَّاقَةِ ويروى "من النَّقَّاقِ" أيضاً، يعنون به الضفدع، وذلك أنه إذا فارقَ الماء مات، ويقَال للإنسان إذا جاع: نقَّتْ ضَفَادعُ بطنه، وصاحت عصافير بطنه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 49 2620- أَعْطَشُ مِنَ النَّمْلِ لأنه يكون في القفار حيث لا ماء ولا مَشرب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 49 2621- أَعْذَبُ مِنْ مَاءِ البَارِقِ وهو ماء السحاب يكون فيه البرق. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 49 2622- وَمَاءِ الغَادِيَةِ وهو ماء السحابة التي تغدو الجزء: 2 ¦ الصفحة: 49 2623- وَمَاءِ المَفَاصِلِ وهو ماء المفصل بين الجبلين، قَال: أبو ذؤيب: وإنَّ حديثاً مِنْكِ لو تَبْذُلِينَهُ ... جَنَى النَّحْلِ في ألبانِ عُوذٍ مَطَلِلِ مَطَافِل أبكار حَدِيثٌ نِتَاجُها ... تُشَابُ بمَاء مِثْلِ مَاءِ المَفَاصِلِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 49 2624- وَمَاءِ الحَشْرَجِ وهو ماء الحصى، قَال: فَلَثِمْتُ فَاهَا آخِذاً بِقُرُونِهَا ... شُرْبَ النَّزِيفِ بِبَرْدِ مَاءِ الحَشْرَجَ [ص: 50] ويقَال: الحشرج الحِسْىُ، ويقَال هو الكوز اللطيف. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 49 2625- أَعْجَلُ مِنْ نَعْجَةٍ إلى حَوْضٍ لأنها إذا رأت الماء لم تنثن عنه بِزَجْرٍ ولا غيره حتى توافيه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 50 2626- أَعْجَلُ مِنْ مُعْجِلِ أَسْعَدَ قد مر تفسيره والخلاف فيه في باب الراء عند قولهم "أَرْوى من معجل أسعد" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 50 2627- أََعْبَثُ مِنْ قِرْدٍ لأنه إذا رأى إنساناً يُولَع بفعل شَيء يفعله أخذ يفعل مثله. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 50 2628- أَعْيَثُ مِنْ جَعَارِ العَيث: الفساد، وجَعَار: الضبع، وقد مر ذكره في مواضع من هذا الكتاب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 50 2629- أَعْقَدُ مِنْ ذَنَبِ الضَّبِّ قَالوا إن عقده كثيرة، وزعموا أن بعض الحاضرة كسا أعرابياً ثوباً فَقَال له: لأكافئنك على فعلك بما أعَلِّمك، كَمْ في ذنب الضب من عقدة؟ قَال: لا أدري، قَال: فيه إحدى وعشرون عُقْدَةً الجزء: 2 ¦ الصفحة: 50 2630- أَعْزَبُ رَأْياً مِنْ حَاقِنْ الحاقن: الذي أخذَه البَولُ، ومن ذلك يُقَال "لا رَأي لحاقِنٍ" وكذلك يُقَال: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 50 2631- أَعْزَبُ رَأياً مِنْ صَارِبٍ وهو الذي حَبَسَ غائطَه، ومنه قولهم: صَرَبَ الصبيُّ ليسمن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 50 2632- أَعْمَرُ مِنْ قُرَادٍ قَال حمزة: العربُ تدَّعي أن القُراد يعيش سبعمائة سنة، قَال: وهذا من أكاذيب الأعراب والضَّجَرُ منهم به دَعَاهم إلى هذا القول فيه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 50 2633- أّعْمَرُ مِنْ ضَبٍّ حكى الزيادى عن الأَصمَعي أنه قَال: يبلغ الحِسلُ مائةَ سنةٍ ثم تسقط سنُّة؛ فحينئذ يسمى ضبًّ؛ وأنشد لرؤبة فقلت لو عُمِّرْتَ سِنَّ الحِسلِ ... أوْعُمْرَ نُوحٍ زَمَنَ الفِطَحَلِ والصَّخْرُ مُبتَلٌّ كَطِينِ الوَحْلِ ... صِرْتَ رَهِينَ هَرَمِ أوْقَتْل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 50 2634- أَعمْرُ مِنْ نَسْرٍ تزعم العرب أن النسر يعيش خمسمائة سنة، وقد مر ذكر لقمان ولُبَد فيما تقدم من الكتاب في باب الهمز عند قولهم "أتى أبَد على لُبَد" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 50 2635- أَعْمَرُ مِنْ نَصْرٍ يعنون نَصر بن دُهْمان، زعم أبو عبيدة أنه كان من قادة غَطَفان وسادتها، فعُمِّر [ص: 51] حتى خرف، ثم عاد شاباً يافعاً، فعاد بياض شعره سواداً، ونبتت أسنانه بعد الدَّرَدِ. قَال أبو عبيدة: فليس في العرب أعجوبة مثلها، وأنشد لبعض شعراء العرب فيه: كَنَصْرِ بِنْ دُهْمانَ الهُنَيْدَةَ عَاشَها ... وَتَسْعِينَ حَوْلاً ثُم قُوِّمَ فانصاتا وعَادَ سَوَادُ الرأسِ بعدَ بَيَاضهِ ... وَرَاجَعَهُ شَرْخُ الشَّبَابِ الَّذي فَاتَا فَعَاشَ بخَيرٍ في نَعيمٍ وَغِبْطَةٍ ... ولكنَّهُ مِنْ بَعْدِ ذَا كُلِّهِ مَاتَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 50 2636- أَعْمَرُ مِنْ مُعَاذٍ هذا مثل مولَّد إسلامي، ومعاذ هذا: هو مُعاذ بن مسلم، وكان صَحِبَ بني مروان في دولتهم، ثم صحب بني العباس، وَطَعَنَ في مائة وخمسين سبة، فَقَال فيه الشاعر: إنَّ مُعَاذَ بنَ مُسلمِ رَجُلٌ ... لَيْسَ يَقِيناً لِعُمْرِهِ أمَدُ قَدْ شَابَ رَأسُ الزَّمانِ واكْتَهَلَ الـ ... دَّهْرُ وَأثْوَابَ عُمْرِهِ جُدُدُ قُلْ لِمُعَاذٍ إذا مَرَرْتَ بِهِ ... قَدْ ضَجَّ مِنْ طُولِ عُمْرِكَ الأَبَدُ يا بِكْرَ حَوَّاءَ كَمْ تَعِيشُ وَكَمْ ... تَسْحَبُ ذَيلَ الحَياةِ يَالُبَدُ قَدْ أصْبَحَتْ دَارُ آدَمٍ خَرِبَتْ ... وَأَنْتَ فِيها كأنكَ الوَتِدُ تَسأَلُ غِرْبَانَهَا إذا نَعَبَتْ ... كَيْفَ يَكُونُ الصُّدَاعُ وَالرَّمَدُ مُصَحَّحاً كالظَّلِيمِ تَرْفُلُ في ... بُرْدَيْكَ مِنْكَ الجبِينُ يتَّقِدُ صَاحَبْتَ نُوْحَاً ورُضْتَ بَغْلَةَ ذِي الـ ... قَرْنَينِ شيْخَاً لِوُلْدِكَ الولَدُ مَا قَصَّرَ الجَدُّ يَا مُعَاذُ وَلاَ ... زُحْزِحَ عَنْكَ الثَّراءُ وَالعُدَد فَاشْخَصْ وَدَعْنا فَإنَّ غَايَتَكَ الْ ... مَوْتُ وإن شَدَّ رُكْنَكَ الجَلَدُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 51 2637- أَعْقَلُ مِنْ ابْنِ تقْنٍ هذا رجل يُقَال له: عَمْرو بن تقْنٍ، وهو الذي يُضرَبْ به المثل فيقَال: أرْمى مِن ابنِ تِقْنٍ، وكان من عادٍ من عقلائها ودُهاتها، وكان لقمان بن عاد أراده على بيع إبل له معجبة، فامتنع عليه، واحْتال لقمان في سرقتها منه، فلم يمكنه ذلك، ولا وجَد غِرَةٍ منه، وفيه قَال الشاعر أتَجْمعُ انْ كُنْتَ ابنَ تِقْنٍ فَطَانَةً ... وتُغْبَنُ أحْيَاناً هَنَاتٍ دَوَاهِيا وأما قولهم: هو الجزء: 2 ¦ الصفحة: 51 2638- أَعْلَمُ بِمَنْبِتِ القَصِيصِ فالمعنى أنه عارف بموضع حاجته، والقَصيص: منابتُ الكَمْأة، ولا يعلم ذلك [ص: 52] إلا عالم بأمور النبات، وأما قولهم: هو الجزء: 2 ¦ الصفحة: 51 2639- أَعْلَمُ مِنْ أَيْنَ يُؤْكَلُ الكَتِفَ فزعم الأَصمَعي أن العرب تقول للضعيف الرأي: إنه لا يحسن أكْلَ لَحم الكتف الجزء: 2 ¦ الصفحة: 52 2640- أَعْجَزُ مِنْ هِلْبَاجَةٍ هو النَّؤُوم الكَسْلان العطل الجافي قَال حمزة: وقد سار في وصف الهلباجة فَصْلٌ لبعض الأعراب المتفصِّحِينَ، وفصل آخر لبعض الحضريين، فأما وصف الأعرابي فإن الأصمعي قَال: أخبرني خَلَفٌ الأحمر أنه سأل ابن أبي كبشةَ ابن القَبْعَثري عن الهلباجة، فتردد في صدره من خبث الهلباجة مالم يستطع معه إخراج وصفه في كلمةٍ واحدة، ثم قَال: الهلباجة الضعيف العاجز الأخرقَ الأحمقُ الجِلْفُ الكَسلان الساقطُ، لامَعْنى فيه، ولا غَنَاء عنده، ولا كِفايةَ معه، ولا عملَ لَديه، وبلى يستعمل، وضِرسُهُ أشدُّ من عمله، فلا تحاضِرانَّ به مجلساً، وبلى فَليَحْضُرْ ولا يتكلَّمَنّ وأما وصف الحضريِّ فإن بعض بلغاء الأمصار سئل عن الهِلْباجَةِ فَقَال: هو الذي لا يَرْعَوِي لعذل العاذل، ولا يُصْغِي إلى وَعْظَ الواعظ، ينظر بعين حَسود، ويُعْرَض إعراض حَقُود، إن سأل أَلْحَفَ، وإن سُئل سَوَّفَ. وإن حدَّثَ حَلَفَ، وإن وعد أخْلف، وإن زَجَر عَنَّف، وإن قدر عَسَفَ، وإن احتمل أسف، وإن استغنى بَطَر، وإن افتقر قَنِطَ، وإن فرح أشِرَ، وإن حزن يئس، وإن ضحِكَ زَأر، وإن بكى جَأر، وإن حَكم جَار، وإن قدمته تأخَّرَ، وإن أخَّرته تقدَّم، وإن اعطاك منَّ عليك، وإن أعطيته لم يشكُرْك، وإن أسْرَرت إليه خَانَكَ، وإن أسرَّ إليك اتهمك، وإن صار فوقَكَ قَهَرك، وإن صار دُونَك حسَدك، وإن وثِقْتَ به خانك، وإن انبسطْتَ إليه شانك، وإن أكرمتَه أهانكَ، وإن غاب عنه الصديقَ سلاَه، وإن حضَرَهُ قَلاَه، وإن فاتحه لم يُجبه، وإن أمسك عنه لم يَبْدَأه، وإن بدأ بالودِّ هجَر، وإن بدأ بالبر جَفَا، وإن تكلمَّ فَضَحه العِيّ، وإن عمل قصَّر به الجهل، وإن اؤتُمِنَ غدَرَ، وإن أجار أخْفر، وإن عاهد نكثَ، وإن حلف حَنِث، لا يصدر عنه الآمل إلا بِخَيْبَةٍ ولا يضطر إليه حر إلا بمِحنة. قَال خلف الأحمر: سألت أعرابياً عن [ص: 53] الهِلْبَاجة فَقَال: هو الأحمقَ الضَّخم الفَدْم الأكُول الذي والذي، ثم جعل يلقاني بعد ذلك ويزيد في التفسير كلَّ مرة شيئاً، ثم قَال لي بعد حينٍ وأراد الخروج: هو الذي جمَعَ كل شر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 52 2641- أعْجَزُ مِمَّنْ قَتَلَ الدُّخَانُ هو الذي ضرب به المثل فَقيل: أيُّ فتَىً قتل الدخان، وقد مر ذكره في الباب الأول من الكتاب. قَال ابن الأعرابي: هو رجل كان يطبخ قِدْراً، فغشيه الدخان، فلم يتحول حتى قتله فجعلت ابنته تبكيه وتقول: يا أبَتاه، وأي فتىً قتل الدخان، فلما أكثرت قَال لها قائل: "لو كان ذا حيلة تَحَوَّل" وهذا أيضاً مثل، ولقوله "تحول" وجهان: أحدهما التنقل، والآخَر طَلَبُ الحيلَة. وأما قولهم: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 53 2642- أعْجَزُ عَنِ الشَيء مِنَ الثَّعلَبِ عَنِ العُنْقُودِ فإن أصل ذلك أن العرب تَزْعُمُ أن الثعلب نظر إلى العنقود فَرَامه فلم يَنَلْهُ فَقَال: هذا حامض وحكى الشاعر ذلك، فَقَال: أيُّهَا العائبُ سَلْمى ... أنْتَ عِنْدِي كَثُعَالَهْ رَامَ عُنْقُوداً فَلَمَّا ... أَبْصَرَ العُنْقُودَ طَالَهْ قَال هَذَا حَامِضٌ لمـ ... ارأى أنْ لا يَنَالَهْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 53 2643- أَعْجَزُ مِنَ مُسْتَطْعِمِ العِنَبِ مِنَ الدَّفْلَي هذا من قول الشاعر: هَيْهَاتَ جِئْتَ إلى دِفْلَى تُحَرِّكُهَا ... مُسْتَطْعِماً عِنَباً حَرَّكْتَ فَالْتَقِطِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 53 2644- أعْجَزُ مِنَ جانِي العِنَبِ مِنَ الشَّوكِ هذا أيضاً من قول الشاعر: إذا وَتَرْتَ امْرَأً فَاحْذَرْ عَدَاوَتَهُ ... مَنْ يَزْرَعِ الشَّوكَ لا يَحْصِدْ به عِنَبِا قَال حمزة: وهذا الشاعر أخذ هذا المثل من حكيم من حكماء العرب من قوله "من يزرع خيراً يَحْصِدْ غِبْطَة، ومن يزرع شراً يَحْصِدْ نَدَامة، ولن يَجْتَنِي من شوكةٍ عِنَبَةً" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 53 2645- أََعْطَفُ مِنْ أمِّ إحْدى وَعِشْريِنَ هي الدَجاجة؛ لأنها تحضن جميع فراخها، وتزقَ كُلَّها وإن ماتت إحداهن تبيَّن الغمُّ فيها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 53 2646- أََعَزُّ مِنَ اسْتِ النّمِرِ ويقَال "أمنع" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 53 2647- أََعَزُّ مِنْ أََنْفِ الأسَدِ ويراد به المَنَعَةُ أيضاً الجزء: 2 ¦ الصفحة: 54 2648- أََعْطَشُ مِنْ قَمْعٍ (قمع - بوزن كلب أو جذع أو عنب) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 54 2649- أََعْجَلُ مِنْ كَلْبٍ غلى وُلُوغِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 54 2650- أََعْرَضُ مِنَ الدَّهْنَاءِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 54 2651- أََعْرَي مِنْ إصْبَعٍ، و "مِنْ مِغزلٍ"، و "مِنْ حيَّةٍ"، و "مِنَ الأيِّمِ"، و"مِنَ الرَّاحةِ"، و"مِنَ الْحَجَرِ الأسودِ" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 54 2652- أََعْلَقَ مِنْ قُرَادٍ، و "مِنَ الْحِنَّاءِ" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 54 2653- أََعْطَى مِنْ عَقْرَبٍ لم يذكر حمزة معنى قوله "أعطى من عقرب" ويمكن أن يُقَال: إنه اسم رجل مِعْطَاء، أو يقال: أرادوا هذه العقرب المعروفة، وأعطى على هذا من العَطَو الذي هو التَّناول، أي أنه أكثر تناولاً لأعراض الناس من العقرب التي تأبِرُ كلَّ ما مرَّتْ به، فأما عقرب الذي يضرب به المثل، فيقَال "أتْجَرُ من عقرب" و"أمطل من عقرب" فهو ممن لا يضرب به المثل في كثرة العطاء، هذا ما سَنَحَ في معنى هذا المثل، والله أعلم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 54 2654- أََعْدَلُ مِن الميزانِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 54 2655- أََعْتَقَ مِنْ بُرٍّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 54 2656- أََعْلَمُ مِنْ دَغْفَلٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 54 2657- أََعْمَرُ مِنَ ابْنِ لَسَانِ الْحُمَّرّةِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 54 2658- أََعلَمُ مِنْ دَعِىٍّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 54 2659- أََعْمَقَ مِنَ البَحْرِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 54 2660- أََعْزُّ مِنَ التِّرْياقِ، و "مِنْ ابْنِ الخَصِىّ" و"مِنْ مُخَّ البَعُوضِ"، و "مِنْ عُقَابِ الجَوِّ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 54 المولدون الجزء: 2 ¦ الصفحة: 55 عِزُّ المَرْءِ اسْتَغْنَاؤُهُ عَنِ النَّاسِ. عَارُ النِسَاءِ بَاقٍ. عَيْنُ القِلادَةِ، وَرَأْسُ التَّخْتِ، وَأوَّلُ الجَرِيدَةِ، وَبَيْتُ القَصِيِدةِ، ونُكْتةُُ المسْأَلَةِ. عِنَايةُ القَاضِي خَيْرٌ مِنَ شَاهِدىَ عَدْلٍ عُين الهَوى لا تَصُدقُ. عَلَيكَ بالْجَنَّةِ؛ فإن النَّارَ في الكَفِّ. عُصَارَةُ لؤْمٍ فِي قَرَارةِ خُبْثٍ عَلَيهِ الدَّمارُ، وَسُوءُ الدَّارِ عَلَيهِ مَا عَلَى الطَّبْل يَوْمَ العِيدِ عَلَيهِ مَا عَلَى أَصْحَابِ السَّبْتِ. أي اللعنة. عَلَيهِ مَا عَلَى أبي لَهَبٍ. عَلَى هذا قُتِلَ الوَليد. يعنون الوليد بن طَرِيفٍ الخارِجِي. يضرب للأمر العظيم يَطْلُبه مَنْ ليس له بأهل. عُذْرٌ لم يَتَوَل الحقُّ نَسْجَهُ. عُقُولُ الرِّجالِ تَحْتَ أَسِنَّةِ أَقْلامِها عَلَى حَسَبِ التَّكبُّرِ في الولاَيةِ يَكُونُ التَّذَلُّلُ في العَزْلِ. عَلَيكَ مِنَ المال ما يَعُوُلُكَ ولاَ تَعُولُهُ. العَادَةُ تَوْأمُ الطَّبِيعَةِ. العَزْلُ طَلاقَ الرِّجالِ، وحَيضُ العُمَّالِ قَال الشاعر: وَقَالوا العَزْلُ للعُمَّال حَيْضٌ ... لَحَاهُ الله من حَيْضٍ بَغِيضِ فإنْ يَكُ هَكَذا فأبُو عَلٍيٍّ ... مِنْ اللائى يَئِسنَ مِنَ المَحِيضِ العادَةُ طَبيعَةٌ خامِسةٌ. العِرْقَ نَزَّاعٌ. العِزُّ في نواَصي الخَيلِ. العِفَّة جَيشٌ لا يُهْزَمُ. العَرَقَ يَسرى إلى النَّائِمِ. العَقْلُ يُهابُ ما لا يُهَابُ السَّيفُ. الأعمى يَخْرَأُ فوقَ السَّطح، ويَحْسَبُ النَّاسَ لا يَرَوْنَهُ. العَجيزةُ أَحَدُ الوَجْهَينِ. عَادَةٌ تَرَضَّعَتْ بِرُحِها تَنَزَّعَتْ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 55 - الباب التاسع عشر فيما أوله غين الجزء: 2 ¦ الصفحة: 56 2661- غُرَّةٌ بَينَ عَيْنَى ذِي رَحِمٍ أي ليس تَخْفَي الودَادة والنصح من صاحبك، كما لا يخفى عليك حُبُّ ذي رحمك لك نظره؛ فإنه ينظر بعين جَلِيلة، والعدو ينظر شزْراً، وهذا كقولهم "جَلىً مُحِبٌّ نَظَره" والتقدير: غرته غرة ذي رحم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 56 2662- غَضَبَ الخَيلُ عَلى اللُّجُمِ يضرب لمن يغضب غضباً لا ينتفع به، ولا موضع له. ونصب "غَضَبَ" على المصدر، أي غضِبَ غَضَبَ الخيلِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 56 2663- غَلَبَتْ جِلَّتَها حَوَاشِيها الحاشية: صغار الإبل، سميت حاشية وحشواً لأنها تحشو الكبار: أي تتخللها، ويجوز أن يكون من إصابتها حَشَي الكبارِ إذا انضمت إلى جنبها، والجِلَّة: عظامُهَا، جمع جَلِيل، ويراد بهما الصغار والكبار. يضرب لمن عظم أمره بعد أن كان صغيراً فغلب ذوي الأسنان. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 56 2664- غَشَمْشَمٌ يَغْشَى الشَّجَرَ يراد به السيل؛ لأنه يركب الشجَرَ فيدقه ويقلعه، ويراد أيضاً الجَمَلُ الهائج، ويقَال لهما الأيهَمَان. يضرب للرجل لا يبالي ما يصنع من الظلم وتقديره: سيل غشمشم، أي هذا سيل، أو هو سيل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 56 2665- غَرْثَانُ فارْبُكُوا لَهُ يُقَال: دخَلَ ابنُ لسان الحُمَّرَة على أهله وهو جائع عطشان، فبشروه بمولود وأَتَوْهُ به، فَقَال: والله ما أدرى أآكله أم أشربه فَقَالت امرأته : غَرْثَانُ فاربُكُوا له، وروى ابن دريد "فابكلوا له" من البكيلة وهي أَقِطٌ يُلَتُّ بسمن، والربيكة: شَيء من حِسا وأقط، قَال: فلما طعم وشرب، قَال: كيفَ الطَّلا وأمه؟ فارسلها مَثَلاً يضرب لمن قد ذهبَ هَمه وتفرغ لغيره الجزء: 2 ¦ الصفحة: 56 2666- غَزْوٌ كَوَلْغِ الذَّئبِ الوَلْغ: شرب السباع بألسنتها، أي غزو متدارك متتابع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 56 2667- غُدَّةُ كَغُدَّةِ البَعِيرِ وَمَوْتٌ في بيْتِ سَلُولِيَّةٍ ويروى "أغدة وموتاً" نصبا على المصدر، أي أؤُغَدُّ إغْدَاداً وأموت موتاً، يُقَال "أَغَدَّ البعيرُ" إذا صار ذا غُدَّة، وهي طاعونة، ومن روى بالرفع فتقديره: غدتى كغدة البعير وموتى موت في بيت سلولية، وسلول عندهم أقلُّ العرب وأذُّلهم وقَال: إلى الله أَشْكُو أننَّي بتُّ طَاهِراً ... فَجَاء سَلُولي فبَالَ عَلى رِجْلي فقلت: اقطعُوهَا بارَكَ الله فيكُمُ ... فإنِّي كَريمٌ غيرُ مُدْخِلِهَا رَحْلىِ وهذا من فول عامر بن الطُّفَيْل، قَدِمَ على النبي صلى الله عليه وسلم وقدم معه أَرْبَدُ بن قيس أخو لَبيد ابن ربيعة العامري الشاعر لأمه، فَقَال رجل: يا رسول الله هذا عامر بن الطُّفَيل قد أقبل نحوك، فَقَال دعْهُ فإن يُردِ الله تعالى به خيراً يَهْدِهِ، فأقبل حتى قام عليه، فَقَال: يا محمد مالي إن أسلمت؟ قَال: لك ما للمسلمين وعليك ما عليهم، قَال: تجعل لي الأمر بعدك، قَال: لا، ليس ذاك إلى، إنما ذاك إلى الله تعالى يجعله حيث يشاء، قَال: فتجعلني على الوَبَر وأنت على المَدَرْ، قَال: لا، قَال: فماذا تجعل لي؟ قَال صلى الله عليه وسلم: أجعلُ لك أَعِنَّةَ الخيل تغزو عليها قَال: أو ليس ذلك إليَّ اليومَ؟ وكان أوصى إلى أربد بن قيس إذا رأيتني أكلمه فدُرْ من خَلْفه فاضربه بالسيف، فجعل عامر يخاصم رسول الله صلى الله عليه وسلم ويراجعه، فدار أربد خلف النبي صلى الله عليه وسلم ليضربه، فاخترط من سيفه شبرا، ثم حبَسَه الله تعالى فلم يقدر على سَلِّهِ، وجعل عامر يُومئ إليه، فالتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى أربد وما يصنع بسيفه، فَقَال صلى الله عليه وسلم: اللهم اكفِينِيهَما بما شِئت، فأرسل الله تعالى على أربد صاعقةً في يوم صائف صاح فأحرقته، وولى عامر هارباً وقَال: يا محمدُ دعوتَ رَبَكَ فقتل أربد، والله لأملأنَّهَا عليك خيْلاً جُرْداً وفتياناً مُرْداً، فَقَال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يمنعُكَ الله تعالى من ذلك وابنا قَيْلَةَ - يريد الأوس والخزرج - فنزل عامر ببيت امرَأة سَلُولَّية، فلما أصبح ضَمَّ عليه سلاحَهُ وخرج وهو يقول: واللات لئن أصْحَرَ محمد إلى وصاحبه - يعني ملك الموت - لأنفذنَّهما برمحي، فلما رأى الله تعالى ذلك منه أرسل ملكاً فَلَطَمه بجناحه، فأذرأه في التراب وخرجت على ركبته غُدَّة في الوقت عظيمة، فعاد إلى بيت السَّلولية وهو يقول: غُدَّة [ص: 58] كغُدَّةِ البعير وموت في بيت سلولية، ثم مات على ظهر فرسه. يضرب في خَصْلَتين إحداهما شر من الآخَرى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 57 2668- غَمَراتٌ ثُمَّ يَنْجَلِينَ يُقَال: إن المثل للأغلب العِجْلَى يضرب في احتمال الأمور العظام والصبر عليها. ورفع "غمرات" على تقدير هذه غمرات، ويروى "الغَمَرات ثم ينجلين"وكأنه قَال: هي الغمرات، أو القصة الغمرات تُظْلِم ثم تنجلي، وواحدة الغَمَرات - وهي الشدائد - غَمْرَة، وهي ما تغمر الواقع فيها بشدتها: أي تقهره الجزء: 2 ¦ الصفحة: 58 2669- غَنِيَتِ الشَوْكَةُ عَنِ التَّنقِيحِ أي عنْ التَسوية والتحديد، يُقَال "نَقَّحْتُ العُودَ" إذا بريت عنه أبَنَهُ (الابن: جمع أبنة، وهي العقدة تكون في العود.) وسَويته. يضرب لمن يَبَصِّرُ مَنْ لا يحتاج إلى التبصير. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 58 2670- أَغَيْرَةً وَجُبْنَاً قَالته امرَأة من العرب تعير به زوجها، وكان تخلَّف عن عدوه في منزله، فرآها تنظر إلى قتال الناس، فضربها، فَقَالت: أغير وجبناً؟ أي أتغار غيرة وتجبن جبناً، نصباً على المصدر، ويجوز أن يكونا منصوبين بإضمار فعل وهو أتجمع. يضرب لمن يجمع بين شرين، قَاله أبو عبيد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 58 2671- غَرَّني بُرْدَاكِ مِنْ خَدَافِلي ويروى "غدافلي" وبالخاء أصح، وعليه الإعتماد، قَال المنذري: قرأته بخط أبي الهيثم"خَدَافلي" قَال: وهي الخُلْقَان، ولا واحد للخَدَافل. وأصل المثل أن رجلا استعار من امرَأة بُرْدَيْها، فلبسهما ورَمَى بخُلْقان كانت عليه، فجاءت المرأة تسترجع برديها، فَقَال الرجل : غَرَّنِي بُرْدَاك من خَدَافلي. يضرب لمن ضَيَّع ماله طمعاً في مال غيره الجزء: 2 ¦ الصفحة: 58 2672- غَثُّكَ خَيْرٌ مِنْ سَمِيَنِ غَيْرِكَ قَال المفضل: أول مَنْ قَال ذلك مَعْن بن عطية المَذْحِجى، وذلك أنه كانت بينهم وبين حي من أحياء العرب حرب شديدة، فمر معن في حملة حملها برجل من حربه صريعاً، وقَالَ: امْنُنْ عليَّ كُفيتَ البلاء، فأرسلها مَثَلاً، فأقامه معن وسار به حتى بلغه مأمنَه، ثم عطف أولئك القوم على مَذْحج فهزموهم وأسروا معنا واخاً له يُقَال له روق، [ص: 59] وكان يُضَعّف ويُحمَّق، فلما انصرفوا إذا صاحبُ معنٍ الذي نجاه أخو رئيس القوم، فناداه معن، وقَال: يا خَيْرَ جازٍ بيدٍ ... أوليتها نج منجيك هل من جَزَاءٍ عندَكَ الـ ... يَوْمَ لمن رَدَّ عَوَادِيك مِنْ بَعْدِ ما نالتك بالْـ ... كَلَمِ لَدَى الْحَرْبِ غَوَاشيك فعرفه صاحبيه فَقَال لأخيه: هذا المانُّ على ومُنْقِذِي بعد ما أشرفتُ على الموت فَهَبه لي، فوهبه له، فخليَّ سبيله، وقَال: إني أحبُّ أن أضاعفَ لك الجزاء، فاختر أسيراً آخر، فاختار معن أخاه روقا، ولم يلتفت إلى سيد مَذْحِج وهو في الأسارَى، ثم انطلق معن وأخوه راجعين، فمرا بأسارى قومهما، فسألوا عن حاله، فأخبرهم الخبر، فَقَالوا لمعن: قبَّحكَ الله، تدعُ سيدَ قومك وشاعرهم لا تفكه، وتفك أخاك هذا الأنْوَكَ الفَسْل الرَّذل؟ فو الله ما نكأ جُرحاً، ولا أعمل رُمحاً، ولا ذعر سَرحاً، وإنه لقبيح المَنظر، سيئ المَخْبر لئيم، فَقَال معن : غَثُّكَ خيرٌ من سمين غيرك، فأرسلها مَثَلاً. ولما بايع الناس عبد الله بن الزبير تمثل بهذا المثل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما فَقَال: أين المذهب عن ابن الزبير؟ أبوه حَوَارِىُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وَجَدَّتُه عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم صفية بنت عبد المطلب، وعمته خديجة بنت خويلد زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وخالته أمُّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وجده صِدِّيقَ رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر رضي الله عنه، وأمه ذاتُ النِّطَاقين قَال ابن عباس رضي الله عنهما، فشَددْتُ على يَدِهِ وعضُده، ثم آثر على الحميدات والأسامات فبأوتُ نفسي، (بأوت نفسي - من باب سعى ويأتي من باب دعا قليلا - علوت بها وفخرت.) ولم أَرْضَ بالهَوَان، وإن ابن أبي العاصي مَشَى اليَقْدَمِيَّةَ، وإن ابن الزبير مشى القَهْقَرَى، ثم قَالَ لعلي بن عبد الله بن عباس: الحَقْ بابن عمك فغَثُّكَ خيرٌ مِن سمين غيرك، ومنك أنفُكَ وإن كان أجدعَ، فلحق ابنُهُ علي بن عبد الملك بن مروان، فكان آثَرَ الناسِ عنده. قوله "آثرَ على الحميدات" أراد قوماً من بني أسد بن عبد العُزَّى من قرابته، وكأنه صغرهم وحقرهم، قَالَ الأصمعي: الحمديون من بني أسد من قريش. وابن أبي العاصي: عبدُ الملك بن مروان نسبه إلى جده. [ص: 60] وقوله"مشى اليقدمية" أي تقدم بهمته وأفعاله. قلت: يُقَال: مشى فلان اليقْدِميَّة والقدمية؛ إذا تقدم في الشرف والفضل، ولم يتأخر عن غيره في الإفضال على الناس، قَال أبو عمرو: معناه التبختر، وهو مثل، ولم يرد المشي بعينه، كذا رواه القوم اليقدمية بالياء، والجوهري أورده في كتابه بالتاء، وقَال: قَالَ سيبويه: التاء زائدة، وفي التهذيب بخط الأزهري بالياء، منقوطة من تحتها بنقطتين كما روى هؤلاء. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 58 2673- الغَبْطُ خَيْرٌ مِنَ الهَبْطِ ويقولون: اللهم غَبْطاً لاهبطاً، يريدون اللهم ارتفاعاً لا اتضاعاً، أي نسألك أن تجعلنا بحيث نُغْبَط، والهَبْطُ: الذل، يُقَال: هَبَطَه فهَبَطَ، لازم ومتعد، قَاله الفراء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 60 2674- غُلٌّ قَمِلٌ يضرب للمرأة السيئة الخلق. قَال الأَصمَعي: إنهم كانوا يغلون الأسير بالقِدِّ، وعليه الوَبَر، فإذا طال القِدُّ عليه قمِل فلقى منه جَهْداً، فضرب لكل ما يلقى منه شدة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 60 2675- غَيْضٌ مِنْ فَيْضٍ أي قليل من كثير. الغيض: النقصان، والفيض: الزيادة، يُقَال: غاض يغِيْضُ غَيْضاً، ومثله فاض، وهذا كقولهم "بَرْضٌ من عِدٍّ" والبرض: القليل من كل شَيء، والعِدّ: الماء الذي له مادة، ومنه قول ذي الرمَّة: دَعَتْ مَيَّةُ الأعْدَادَ وَاسْتَبْدَلَتْ بِهَا ... خَنَاطِيل آجال من العين خُذَّل (الخناطيل: جمع خنطولة وهي قطيع البقر، والهاء في "استبدلت بها" تعود إلى منازلها.) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 60 2676- غَلَّ يَداً مُطْلِقُها، واسْتَرَقَ رَقَبَةً مُعْتِقُهَا يضرب لمن يُسْتَعبد بالإحسان إليه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 60 2677- غادَرَ وهْيَةً لا تُرْقَعُ أي فتَقَ فَتْقاً لا رتْقَ له. يضرب في الداهية الدهياء. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 60 2678- غَضْبَانُ لمْ تُؤْدَمْ لهُ البَكِيلَةُ هذا قريب من قولهم "غَرْثانُ فَارْبُكُوا له" والبكيلة: الأقِط بالدقيقَ يُلَتُّ به فيؤكل بالسمن من غير أن تمسه النار. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 60 2679- الغَمْجُ أَرْوَى والَّرشِيفُ أَشْرَبُ الغَمجُ: الشرب الشديد، والرشيف: القليل. [ص: 61] قَال أبو عمرو: أي أنك إذا أقبلْتَ ترشف قليلا قليلا أوشَكَ أن يُهجم عليك مَنْ ينازعك فاحتكر لنفسك. يضرب في أخذ الأمر بالوَثِيقَةِ والحَزْم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 60 2680- غَلَبْتُهُمْ أنِّي خُلِقْتُ نُشَبَةً يضرب لمن طَلَبَ شَيئاً فألحَّ حتى أْحرَز بغيته. ونُشَبةً مثل همزة: من النُّشُوب، يُقَال: نَشِبَ في الشَيء، إذا عَلِقَبه، ورجل نُشَبة: أي كثير النشوب في الأمور. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 61 2681- اسْتَغَاثَ مِنْ جُوعٍ بِمَا أَمَاتَهُ يضرب لمن استغاث يُؤْتَى من جهته قَال الشاعر: لَعَلكَ أن تَغَصَّ بِرأسِ عَظْمٍ ... وعَلَّكَ في شَرَابِكَ أنْ تَحِينَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 61 2682- غَداً غَدُها إنْ لمْ يَعُقْنِي عَائِقٌ الهاء كناية عن الفَعْلة: أي غداً غَدُ ضائها إن لم يحبسني حابس. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 61 2683- اُغْفِرُوا هَذا الأمْرَ بِغَفْرَتِهِ أي أصلحوه بما ينبغي أن يصلح به، والغَفْرة في الأصل: ما يُغَطَّى به الشَيء من الغَفْر وهو السَتر والتَّغْطية. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 61 2684- الغَضَبُ غُولُ الحِلْمِ أي مُهْلكه، يُقَال: غَالَه يَغُوله واغْتَاله إذا أهلكه، ويقَال: أَيَّةُ غُولٍ أَغْولُ من الغضب، وكل ما أغال الإنسان فأهلكه فهو غُولٌ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 61 2685- غَلَقَ الرَّهْنُ بما فيِه يضرب لمن وقع في أمرٍ لا يرجو انتياشاً منه. وفي الحديث "لا يَغْلِق الرهن" أي لا يستحقه مرتهنه إذا لم يَرُدَّ الراهنُ ما رهنَهُ فيه، وكان هذا من فعل الجاهلية فأبطَلَهُ الإسلام. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 61 2686- غّنظُوكَ غَنْظَ جَرَادَةِ العَيَّارِ الغَنْظ: أشد الغيْظ والكَرب، يُقَال: غَنَظَهُ يَغْنِظُهُ غَنْظاً، أي جَهَدَه وشَقَ عليه، وكان أبو عبيدة يقول هو أن يُشْرِف الرجلُ على الموت من الكرب ثم يفلت منه وأصل المثل أن العَيَّار كان رجُلاً أثْرَمَ فأصاب جراداً في ليلة باردة وقد جفَّ، فأخذ منه كَفَّاً فألقاه في النار، فلما ظن انه انشوى طرح بعضه في فيه، فخرجت جرادة من بين سِنَّيْهِ فطارت، فاغتاظ منه جداً، فضربت العرب بذلك المثل، أنشد البياري لمسروح الكلبى يُهَاجى جريراً: (أنشدهما في اللسان "غ ن ظ " عن اللحيانى ونسبهما لجرير، وأولهما "ع ى ر " وثانيهما "وغ ر" غير منسوبين) [ص: 62] وَلَقد رَأيْتُ فَوَارِساً من قومنا ... غَنَظوُكَ غَنْظَ جَرَادةً العَيَّارِ ولَقد رأيت مكانَهم فكرهْتَهم ... ككراهة الخنزيِر للإيغارِ يضرب في خضوع الجبان. ويقَال: جرادة اسمُ فرسٍ للعيَّار وقع في مَضيقَ حربٍ فلم يجد منه مخرجاً، وذكر عمر بن عبد العزيز الموْتَ فَقَال: غَنْظٌ ليس كالغَنْظ، وكَظٌّ ليس كالكظ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 61 2687- غَنيَة حتَّى غَرَفَ البَحْرَ بِدَلْوَينِ يضرب لمن انتاشَ حاله فتصلَفَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 62 2688- الغِرَّةُ تَجْلُبُ الدِّرَّةَ يُقَال: غَارَّتِ الناقةُ تغارُّ مُغَارَّة وغِرَاراً إذا قلَّ لبنها، والغِرَّة: اسم منه، يعني أن قلت لبنها تَعِدُ وتخبر بكثرته فيما يستقبل. يضرب لمن قل عطاؤه ويُرجَى كثرته بعد ذلك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 62 2689- غَاطُ بن بَاطٍ يَقَال: غَاطَ في الشَيء يَغُوط ويَغِيِطْ، إذا دخل فيه، ويقَال: هذا رَمْل تَغُوط فيه الأقدام، أي تغوص، وباطٍ: مثل قاض، من بَطَا يَبْطُو، إذا اتسع، ومنه الباطنية لهذا الإناء. يضرب للأمر الذي اختلط فلا يُهتدى فيه، ويضرب للمخلِّطِ في حديثه إذا اردوا تكذيبه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 62 2690- غَرِيَتْ بالسُّودِ، وَفي البِيْضِ الكُثْرُ يُقَال: غَرِىَ بالشَيء يَغْرَى غَراً، إذا أولِعَ به، والكُثر: الكثْرة، يُقَال: الحمد لله على القُلِّ والكُثْر. يضرب لمن لزم شَيئَاً لا يفارقه مَيْلاً منه إليه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 62 2691- غَذِيمَةٌ بِالظُّفْرِ ليْسَتْ تُقْطَعُ الغَذِيمَة: الأرض تنبت الغَذَم، يُقَال: حَلُّوا في غَذيمة منكرة، والغَذَم: نبت، قَال القطامي: في عَثْعَثٍ يُنْبِتُ الحَوْذَانَ والغَذَما ... وتقدير المثل: غَذمُ غَذِيمة، فحذف المضاف وذلك أن الغَذَم ينبت في المزارع فيقلع ويرمى به، وهذا يقول: هذه غذيمة لا تقطع بالظفر يضرب لمن نزلت به مُلِمَّة لا يقدر كلُّ أحدٍ على دفعها لصعوبتها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 62 2692- غَمَامُ أَرْضٍ جَادَ آخرينَ يضرب لمن يُعطي الأباَعِدَ ويترك الأقارب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 62 2693- الغُرَابُ أعْرَفُ بالتَّمْرِ وذلك أن الغراب لا يأخذ إلا الأجود منه، ولذلك يُقَال: "وَجَدَ تمرةَ الغرابِ" إذا وجد شيئاً نفيساً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 63 2694- غّيَّبَةُ غَيَابُهُ أي دُفِنَ في قبره، والغَياب: ما يُغَيِّبُ عنك الشَيء، فكأنه أريدَ [؟؟] منه القبر يضرب في الدعاء على الإنسان بالموت الجزء: 2 ¦ الصفحة: 63 2695- غَايَةُ الزُّهْدِ قَصْرُ الأمْلِ، وحسْنُ العَمَلِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 63 2696- غُزَيِّلٌ فَقَدَ طَلاً غُزَيِّل: تصغير غزال، أي ناعم فقد نعمة يضرب للذي نشأ في نعمة فإذا وقع في شدة لم يملك الصبرَ عليها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 63 2697- غَبَرَ شَهْرَينِ، ثُمَّ جَاءَ بِكَلْبيْنِ يضرب لمن أبطأ ثم أتى بشَيء فاسد. ومثله "صام حَوْلا ثم شرب بَولا" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 63 2698- أَغْلَظُ المَوَاطِيء الحَصَا عَلَى الصَّفا أي مَوْطئ الحصا. يضرب للأمر يتعذر الدخول فيه، والخروج منه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 63 ما جاء على ما أفعل من هذا الباب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 63 2699- أََغْنَى عَنِ الشَيء مِنَ الأقْرَعِ عَنِ المِشْطِ هذا من قول سعيد بن عبد الرحمن بن حسان: قد كُنْتُ أغْنَى ذِي غِنىً عَنْكُمْ كما ... أغْنَى الرِّجَالِ عَنِ المِشاطِ الأقْرَعُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 63 2700- أَغنَى عَنْهُ مِنْ التُّفةِ الرُّفةِ التفة: هي السبع الذي يسمى عَنَاقَ الأرض، والرُّفَة: التبن، ويقَال: دُقَاق التبن، والأصلُ فيهما تُفهَةَ ورُفهةَ، قَال حمزة وجميعها تُفَاتٌ ورُفَاتٌ، قَال الشاعر: غَنِينَا عَنْ حَدِيثِكُمُ قَدِيماً ... كَمَا غَنِيَ التُّفَاتُ عَنِ الرفَاتِ ويقَال في مثل آخر "اسْتَغْنَيتِ التُّفَةُ عن الرفة" وذلك أن التفة سبعٌ لا يَقْتَاتُ الرُّفَةَ، وإنما يغتذي بالخم؛ فهو يستغني عن التبن. قلت: التفة والرفة مخففتان، وقَال [ص: 64] الأستاذ أبو بكر: هما مشددتان، وقد أورد الجوهري في باب الهاء التفه والرفه، وفي الجامع مثله، إلا أنه قَالَ: ويخففان، وأما الأزهري فقد أورد الرفة في باب الرَّفْتِ بمعنى الكسر، وقَال: قَال ثعلب عن ابن الأعرابي: الرُّفَتُ التبن، ويقَال في المثل "أنا أغْنَى عنك من التفه عن الرُّفَتِ" قَال الأزهري والتُّفَه يكتب بالهاء والرُّفَتُ بالتاء (أورد المجد "التفه" في باب الهاء وقَال كثبة. و"الرفة" في الهاء وفي التاء وقَال كصرد في الموضعين. قلت: وهذا أصَحُّ الأقوال لأن التبن مرفوتٌ مكسور. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 63 2701- أَغَرُّ مِنَ الدُّبَّاءِ في المَاءِ من الغُرور، والدُّبَّاء، القَرْع، ويقال في المثل أيضاً "لا يَغُرَّنَّكَ الدُّبَّاء، وإن كان في الماء" قال حمزة: ولست أعرف معنى هذين المثلين. قلتُ: معنى المثل الأول منتزع من الثاني، وذلك أن أعرابياً تناول قَرْعاً مطبوخاً وكان حاراً، فأحرق فمه، فقال: لا يغرنك الدباء وإن كان نشوؤُهُ في الماء. يضرب للرجل الساكن ظاهراً الكثير الغائلة باطنا. فأخذ منه هذا المثل الآخَر فقيل: أعَزُّ من دباء في الماء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 64 2702- أَعَزُّ مِنْ سَرابٍ لأن الظمآن يحسبه ماء، ويقَال في مثل آخر "كالسَراب يَغُرُّ مَنْ رآه، ويُخْلف مَنْ رَجَاه" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 64 2703- أغَرُّ مِن الأمانِي هذا من قول الشاعر: إن الأمانِيَّ غَرَرٌ ... والدهر عُرْفٌ ونُكُرْ من سَابقَ الدَّهر عثَرْ ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 64 2704- أغَرُّ مِنْ ظَبْيٍ مُقْمرٍ وذلك أن الخشفَ يغْترُ بالليل المُقمر فلا يحترز حتى تأكله السباع، ويقَال: بل معناه أن الظبي صَيده في القمراء أسرع منه في الظلمة، لأنه يَعْشَى في القمراء، ويقَال معناه من الغرة بمعنى الغَرَارة، لا من الاغترار، وذلك أنه يلعب في القَمْرَاء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 64 2705- أعْذرُ مِنْ غَديرٍ قَال حمزة: هذا من قول الكُمَيْت وَمِنْ غَدرِهِ نَبَزَ الأولونَ ... بأن لَقَّبُوه الغَدِيرَ الغَدِيرَا وقَال غير حمزة: زعم بنو أسد أن الغدير إنما سمى غَديراً لأنه يَغْدُرُ بصاحبه أحوجَ ما يكون إليه، وفي ذلك يقول الكميت وهو أسدى، وأنشد البيت الذي تقدم. قلت: وأهلُ اللغة يجعلونه من المُغَادرة، [ص: 65] أي غَادره السيل أي تركَهُ، وهو فَعِيلٌ بمعنى مُفَاعِل من غادره، أوْفَعِيل بمعنى مُفْعِل من أغدره أي تركه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 64 2706- أغْدَرُ مِنْ كُنَاة الغَدْرِ هم بنو سعد تميم، وكانوا يسمون الغدر فيما بينهم إذا راموا استعماله بكنية هم وضعوها له وهي كَيْسَان. قَال النمر بن تَوْلَب: إذَا كُنْتَ في سَعْدٍ وأمُّكَ منهمُ ... غريباً فَلاَ يَغْرُرْكَ خَالُكَ مِنْ سَعْدِ إذَا مَا دَعَوْا كَيْسَانَ كانَتْ كُهُولُهُمْ ... إلى الْغَدْرِ أدْنَي مَنْ شَبِابِهِمُ الْمُرْدِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 65 2707- أََغْوَى مِنْ غَوْغَاءِ الْجَرَادِ الغَوْغَاء: اسم الجَرَاد إذا ماج بعضُه في بعض قبل أن يَطِيرَ. قلت: الغوغاء يجوز أن يكون فَعْلاَلاً مثل قَمْقَام عند مَنْ يَصْرِفُه، وفَعْلاَء عند من لم يَصْرِفْه. قَال أبو عبيدة: الغَوْغَاء شَيء شبيه بالبَعُوض إلا أنه لا يعضُّ ولا يؤذي، وهو ضعيف، وقَال غيره: الْغَوْغَاء الجراد بعد الدَّبَى، وبه سمى الغوغاء من الناس، وهم الكثير المختلطون. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 65 2708- أََغْزَلُ مِنْ عَنْكَبُوتٍ، و "أغْزَلُ مِنْ سُرْفَةٍ" قَالوا: هما من الغزل، وأما قولهم: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 65 2709- أَغْزَلُ مِنَ امْرِئِ القَيسِ فهو من الغَزَلِ، وهو التشبيب بالنساء في الشعر، قَال حمزة: وقولهم: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 65 2710- أغْزَلُ مِنْ فُرْعُلٍ من الغَزل والفُرعل: ولد الضبع، ولم يزد على هذا قلت: الغزل ههنا الخرق، ويقَال غَزَل الكلبُ إذا تبع الغزال، فإذ أدركه ثَفَا الغزال في وجهه ففتر وخرق، أي دهش، ولعل الفُرْعُلَ يفعل كذلك إذا تبع صيده، فقيل "أَغْزَلُ من فرعل" ويقَال هذا أيضاً من الأول وفُرْعُل: رجلٌ قديم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 65 2711- أَغْدَرُ مِنْ قْيسِ بِنْ عَاصِمٍ زعم أبو عبيدة أنه كان من أغْدَرِ العرب، وذكر أنه جاوره رجل تاجر، فربَطَه وأخذ متاعه وشرب خمره وسكر حتى جعل يتناول النجم ويقول: وَتَاجِرٍ فاجِرٍ جَاءَ الإلهُ بِهِ ... كأن لِحْيتَهُ أذْنَابُ أجْمالِ ومن حديثه في الغدر أيضاً أنه جبى صَدَقَةَ بني منقر للنبي صلى الله عليه وسلم، فلما بلغه موتُه صلى الله عليه وسلم قَسَمها في قومه، وقَال: [ص: 66] ألا أبلغا عني قريشاً رسالةً ... إذَا ما أتَتْهُمْ مهديات الوَدَائِعِ حَبَوْتُ بِما جَمَّعْته آلَ منقَرٍ ... وآيستُ منها كلَّ أطْلسَ طَامِعِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 65 2712- أغْدَرُ مِنْ عُتَيْبَةَ بن الحَارِثِ ذكر أبو عبيدة أنه نزل به أُنَيْسُ بن مرة بن مِرْدَاس السُّلَمي في صِرم من بني سُلَيم فشدَّ على أموالهم فأخذها، وربَطَ رجالَها حتى افتدَوا، فَقَال عباس بن مرداس عم أنيس: كَثُرَ الضِّجَاجُ وَمَا سَمِعْتُ بغادرٍ ... كَعُتْبَةَ بنِ الحارِثِ بن شِهابِ ملكت حنظلة الدناءةَ كُلها ... ودنست آخرَ هذِهِ الأحْقَابِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 66 2713- أغْلَى فِداءٍ مِنْ حَاجِبِ بْنِ زُرَارَةَ، و"أغْلى فِدَاءً مِنْ بِسْطام بْنِ قَيْسِ" ذكر أبو عبيدة أنهما أغلى عُكاظى فِدَاءً، قَال: وكان فداؤهما فيما يقول المقلَّلُ مائتي بعير، وفيما يقول المكثر أربعمائة بعير وقَال أبو الندى: يُقَال" أغلى فداء من الأشعث بن قيس الكندي" غزا مَذْحِجاً فأسِرَ فَفَدى بألفي بعير، وألف من غير ذلك يريد من الهدايا والطُّرف، فَقَال الشاعر: فكان فِدَاؤُهُ ألفَيْ بَعِيرٍ ... وألفاً مِنْ طريفات وتُلْدِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 66 2714- أغْلَمُ مِنْ تَيسِ بَنِي حِمَّانَ (نص المجد على أن حمان القبيلة بكسر الحاء) قَالوا: إن بني حِمَّانَ تَزعم أن تَيْسَهم قَفَط سبعين عنزا بعدما فُرِيَتْ أوداجه، وفخروا بذلك. قَال حمزة: يُقَال للتيس: قَفَط، وسَفَد وقَرَعَ، ولذوات الحافر: كامَ وكَاشَ وباكَ، وللإنسان: نكح، وهرج، وناك قَال: وزعموا أن مالك بن مِسْمَع قَال للأحنف بن قيس هازلاً وهو يفتخر بالربيعة على المضرية: لأحمقَ بكر بن وائل أشْهَرُ من سيد بني تميم، يعني بالأحمقَ هَبَنَّفَةَ القيسى، فَقَال الأحنف وكان لُقَّاعة، أي حاضر الجَوَابِ، لَتَيْسُ بني تميم أشْهَرُ من سيد بكر بن وائل، يعني تيس بني حِمَّان وحمَّانُ من تميم، قَال أبو الندى: واسمه عبد العُزَّى بن سعد بن زيد منَاةَ، وسمي حمَّان لسواد شفتيه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 66 2715- أغْيَرُ مِنَ الفَحْلِ، و"مِنْ جَمَلٍ" و"مِنْ ديكٍ" و"مِنْ عَقِيل" [ص: 67] يعني عقيل بن عُلَّفة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 66 2716- أغْرَبُ مِنَ غُرَاب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 67 2717- أَغْوَصُ مِنْ قِرِلَّى وهو طائر، وقد مرَّ ذكره في مواضع من الكتاب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 67 2718- أْغْنَجُ مِنْ مُفَنّقَةٍ وهي المرأة الناعمة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 67 2719- أغْلَظُ مِنْ حَمْلِ الجِسْرِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 67 2720- أغْشَمُ مِنَ السِّيلِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 67 2721- أغْدَرُ مِنْ ذئْب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 67 2722- أغْلَمُ مِنْ خَوَّاتٍ يعنون خَوَّاتَ بن جُبير، وقد مر ذكره. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 67 2723- أغلَمُ مِنْ هِجْرسٍ، و"مِنْ ضَيْوَنٍ" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 67 المولدون الجزء: 2 ¦ الصفحة: 67 غيْرةُ المرأةِ مفتاحُ طَلاقِهَا. غَدَاؤُهُ مَرُهُونٌ بِعَشَائِهِ. يضرب للفقير. غُرابُ نُوحٍ. يضرب للمتهم، وللمبطئ أيضاً. غَضَبُ العُشَّاقَ كَمطَرِ الرَّبِيعِ. غَضَبُ الجَاهِلِ في قَوْلِهِ، وغَضَبُ العَاقلِ في فعله. غُبارُ العَمَلِ خَيرٌ من زعْفَرانِ العطْلَةِ. غَاصَ غَوْصَةً وجَاءَ بِرَوْثَةٍ. غَابَ حَولينِ وجَاء بِخُفِّي حُنَيْنٍ. غِشُّ القلوبِ يَظْهَرُ في فَلتَاتِ الألْسُنِ وصفحات الوجوهِ. غُلُولُ الكُتُبِ مِنْ ضَعْفِ المرَُّوةِ. غِنَى المَرْءِ في الغُرْبَةِ وَطَنٌ، وفَقْرٌهُ في الوطَنِ غُرْبَةَ. غَبْنُ الصَّدِيقَ نَذَالَةٌ. الغَيْرَةُ مِنَ الإيمانِ. الغَزْوُ أدَرُّ للقاح وأحدُّ للسِّلاح. الغَائِبُ حُجَّتُه معه. الغِناءُ رُقْيَةُ الزِّنَا. الغَلَطُ يُرْجَعُ. الغُرَبَاءُ بُرُدُ الآفاقِ. الغَرْثانُ لا يُمْعك. غَرِيمٌ لا ينامُ. يضرب للملحِّ في طلب الشَيء. غَضَبُهُ على طَرَفِ أنْفِهِ. للرجل السريع الغضب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 67 - الباب العشرون فيما أوله فاء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 68 2724- فِي بَطْنِ زَهْمَانَ زادُهُ زَهْمَانُ: اسم كلب، روى أبو الندى وابن الأعرابي زَهمان بفتح الزاي، وروى أبو الهيثم وابنُ دُرَيد بضمها. يضرب لمن يكون معه عُدَّته وما يحتاج إليه وقَال أبو عمرو: أصله أن رجلاً نَحَر جَزُوراً فقسمها، فأعطى زَهمان نصيبه، ثم رجع زهمان ليأخذ أيضاً مع الناس، فَقَال صاحب الجزور: في بطن زَهمان زاده. يضرب للرجل يطلب الشَيء وقد أخذه مرة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 68 2725- فِي الصِّيفِ ضَيَّعْتِ اللَّبَنَ ويروى "الصَّيْفَ ضَيَّعْتِ اللبن" والتاء من"ضيعت" مكسور في كل حال إذا خوطب به المذكر والمؤنث والاثنان والجمع؛ لأن المثَلَ في الأصل خوطبت به امرَأة، وهي دَخْتَنُوس بنت لقيط بن زرارة كانت تحت عمرو بن عُدَاس، وكان شيخاً كبيراً فَفَركَتْهُ (فركته: كرهته) فطلقها، ثم تزوجها فتى جميل الوجه، أجْدَبَتْ فبعثت إلى عمرو تطلب منه حَلُوبة، فَقَال عمرو "في الصيف ضيعت اللبن" فلما رجع الرسُولُ وقَال لها ما قَال عمرو ضربَتْ يَدَها على منكب زوجها، وقَالت "هذا ومَذْقُه خَيرٌ" تعني أن هذا الزوج مع عدم اللبن خيرٌ من عمرو، فذهبت كلماتها مَثَلاً. فالأول يضرب لمن يطلب شيئاً قد فَوَّته على نفسه، والثاني يضرب لمن قَنَع باليسير إذا لم يجد الخطير. وإنما خص الصيف لأن سؤالها الطلاقَ كان في الصيف، أو أن الرجل إذا لم يطرق ماشيته في الصيف كان مضيعاً لألبانها عند الحاجة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 68 2726- فَرِّقَ بين مَعْدٍّ تَحَابَّ قَال الأَصمَعي: يقول: إن ذوي القَرابَة إذا تراخت ديارهم كان أحْرَى أن يتحابوا وإذا تدانوا تحاسدوا وتباغضوا. وكتب عمر رضي الله تعالى عنه إلى أبي موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه: أنْ مُرْ ذَوِي القربى أن يَتَزَاوَروا ولا يتجاوروا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 68 2727- في رَأْسِهِ خُطَّةٌ الخطة: الأمر العظيم. يضرب لمن في نفسه حاجة قد عزم عليها والعامة تقول: في رأسه خطية. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 69 2728- في رَأْسِهِ نُعَرَةٌ هي الذباب يدخل في أنف الحمار. يضرب للطامح الذي لا يستقر على شَيء. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 69 2729- في وَجْهِ المَالِ تَعْرِفُ إمْرَتَهُ أي نَماءه وخيَره، يُقَال: أَمِرَتْ أموالُ فلانٍ تَأمَرُ أمْراً، إذا نَمَتْ وَكَثُرَت وكُثُر خيرها. يضرب لمن يُسْتَدَل بحسن ظاهره على حسن باطنه. قلت: قد أورد الجَوْهَري إمْرَتَهُ بسكون الميم، وكذلك هو في الديوان، وأورد الأزهري إمَّرَتَهُ بتشديد الميم، وكذلك أبو زيد وغيرهما، قَال الأزهري: وبعضهم يقول أمْرَتَهُ من أَمِرَ المال أمْراً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 69 2730- فَتَلَ في ذُرْوَتِهِ الذُّرْوَة: أعلى السَّنام، وأعلى كل شَيء أصل فَتْلَ الذَّروة في البعير هو أن يَخْدَعه صاحبهُ ويتلطف له بفَتْل أعلى سَنامه حكّاً ليسكن إليه فيتسلقَ بالزمام عليه، قَاله أبو عبيدة ويروى عن ابن الزبير أنه حين سأل عائشة رضي الله عنها الخروجَ إلى البصرة أبَتْ عليه، فما زالَ يَفْتِلُ في الذُّرِوة والغَارب حتى أجابته. الذروة والغَارِبُ واحد، ودخل "في" على معنى تصرف فيه بأن فَتَلَ بعضه دون بعض، فكأنه قيل: فتل بعضَ ما في ذروته، قَال الأَصمَعي : فَتَلَ في ذروته أي خَادَعَه حتى أزاله عن رأيه. يضرب في الخداع والمماكرة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 69 2731- أفْلَتَ فُلانٌ جُرَيْعَةَ الذَّقْنِ أفلت: يكون لازماً ويكون متعدياً، وهو هنا لازم، ونصب "جريعة" على الحال، كأنه قَال: أفلت قاذفاً جريعة، وهو تصغير جُرْعَة، وهي كناية عما بقى من روحه يريد أن نفسه صارت في فيه وقريباً منه كقرب الجرعة من الذقن، قَال الهُذْلى: نَجَا سَالِمٌ والنَّفسُ مِنْهُ بِشِدِقِه ... ولم يَنْجُ إلا جَفْنَ سَيْفٍ وَمِئْزَرَا قَال يونس: أراد بجفن سيف ومئزر، وقَال الفراء نصبه على الاستثناء، كما تقول: ذهب مال زيد وَحَشَمُه إلا سعداً وعبيدا، ويقولون: أفلت بجُرَيْعةِ الذَّقن، وبجريعاء الذقن وفي رواية أبي زيد "أفْلَتَني جُرَيْعَةَ الذَّقَنِ" وأفلت على هذه الرواية يجوز أن [ص: 70] يكون متعدياً، ومعناه خلصني ونجاني، ويجوز أن يكون لازماً، ومعناه تخلص ونجا مني، وأراد بأفْلَتَنِي أفلَتَ مني فحذف "من " وأوصل الفعل، كقول امرئ القيس وأفْلَتَهُنَّ عِلْبسَاءٌ جَرِيضَاً ... وَلَوْ أدْرَكْتُهُ صَفِرَ الِوطَابُ أراد أفلت منهن، أي من الخيل، وجريضا: حال من علباء، ثم قَال "ولو أدْرَكْنَه" أي الخيل لصَفِرَ وطابه: أي لمات، فهذا يدلّ على أن "أفلتني" معناه أفلت مني، وصغر "جريعة" تصغير تحقير وتقليل؛ لأن الجُرعة في الأصل اسمٌ للقليل مما يُتَجَرَّع كالحُسْوة والغُرْفة والقُدْحة وأشباهها، ومنه "نَوقَ مجاريع" أي قليلات اللبن، ونصب جريعة على الحال، وأضافها إلى الذقن، لأن حركة الذقن تدل على قرب زهوقَ الروح، والتقدير: أفلتني مُشْرِفاً على الهلاك، ويجوز أن يكون جريعة بدلاً من الضمير في أفْلَتَني، أي أفلت جريعةَ ذقني، يعني باقي روحي، وتكون الألف واللام في "الذقن" بدلاً من الإضافة كقول الله عز وجل (ونهى النَّفْس عَن الهَوى) أي عن هواها، وكقول الشاعر: وآنُفُنَا بين اللَّحَى وَالحواجب ... ومن روى "بجريعة الذقن" فمعناه خَلَّصني مع جُرَيَعْة كما يُقَال: اشترى الدار بآلاتها، مع آلاتها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 69 2732- أفْلَتَ وَلَهُ حُصَاصٌ الحُصَاص: الحبق، وفي الحديث "إن الشيطان إذا سَمِعَ الأذانَ ولَّى وله حُصَاص كحُصَاصِ الحمار" يضرب في ذكر الجَبَانِ إذا أفْلَتَ وهَرَبَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 70 2733- أفْلَتَ وانْحَصَّ الذَّنَبُ الانحصاصُ: تَنَاثُر الشعر. وهذا المثل يروى عن معاوية رضي الله عنه، أنه أرسل رجلاً من غسَّان إلى ملك الروم، وجعل له ثَلاثَ دِيَاتٍ أن ينادي بالأذان إذا دَخَلَ عليه، ففعل الغسَّاني ذلك وعند ملك الروم بَطَارقَتُهُ، فاهووا ليقتلوه، فنهاهم ملكهم وقَال: كنت أظن أن لكم عُقُولاً، إنما أراد معاوية أن أقتل هذا غدراً وهو رسول، فيفعل مثل ذلك بكل مُستأمَنٍ ويَهْدِم كل كنيسة عنده فجهزَّه وأكرمه وردَّه، فلما رآه معاوية قَال : أفْلَتَ وانْحَصَّ الذنب، فَقَال: كلا إنه لبهلبه، ثم حدَّثه الحديثَ فَقَال معاوية: لقد أصاب، ما أردتُ إلا الذي قَال. وقوله " كلا إنه لبهلبه" قَالوا: أصله [ص: 71] أن رجلاً أخذ بذَنَب بعيرٍ فأفلتَ البعيرُ وبقى شعر الذنب في يده، فقيل: أفْلتَ وانْحَصَّ الذنب، أي تناثر شعر ذنبه، فهو يقول: لم يتناثر شعرُذنبي، بل هو بحاله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 70 2734- فَاهَا لِفِيكَ قَال أبو عبيدة: أصله أنه يريد جعل الله تعالى بفيك الأرض، كما يُقَال: بِفِيكَ الحَجَر، وبفيك الأثلبُ، وقَال: ومعناها الخيبة لك، وقَال غيره: فَاها كناية عن الأرض، وفم الأرض التراب، لأنها به تشرَبُ الماء، فكأنه قَال: بِفِيه التراب، ويقَال "ها" كناية عن الداهية، أي جعَلَ الله فَمَ الداهية ملازماً لفيك، ومعنى كلها الخيبة، وقَال رجل من بَلْهُجَيْمِ يخاطب ذئباً قصد ناقته: فَقُلْتُ له ُ: فَاهَا لِفِيْكَ؛ فَإنَّها ... قَلوُصُ اُمْرئٍ قَارِيكَ ما أنْتَ حاذِرُهْ يعني الرمي بالنبل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 71 2735- أَفْوَاهُهَا مَجَاسُّها أصله أن الإبل إذا أحسنت الأكلَ اكتفى الناظر بذلك عن معرفة سمنها، وكان فيه غنىً عن جَسِّها، وقَال أبو زيد: أَحْنَاكُهَا مَجَاسُّها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 71 2736- في الخَيْرِ لَهُ قَدَمٌ يريدون أن له سابقَ في الخير، قَال حسان بن ثابت الأنصَاري رضي الله عنه: لَنَا القَدَمُ الأولى إلَيْكَ وخَلْفُنا ... لأولِنا في مِلَّةِ اللهِ تَابِعٌ ويروى عن الحسن ومجاهد في قوله تعالى (قَدَم صِدْقٍ) يعني الأعمالَ الصالحةَ، وقَال مقاتل بن حيان في قوله تعالى (أن لهم قدم صدقَ عند ربهم) القَدَم: محمد صلى الله عليه وسلم يشفع لهم عند ربهم، قَال أبو زيد: يُقَال "رجل قَدَم" إذا كان شُجَاعاً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 71 2737- أَفْضَيْتُ إليهِ بِشُقُورِي إذا أخبرتَهُ بسرائرك، والإفضاء: الخُرُوجُ إلى الفضاء، ودخل الباء للتعدية، أي أخرجت إليه شُقُوري، قَال أبو سعيد يُقَال: شُقُور وشَقُور، ولاأعرف اشتقاقه مِمَّ أخَذَ وسألت عنه فلم يُعْرَف، قَال العجاج: جَارِي لا تَسْتَنْكِرِي عذيري ... سَيْرِ وإشْفَاقِي على بَعِيرِي وكَثْرَة الحديثِ عَنْ شُقُوري ... وقَال الأزهري: مَنْ رَوى بفتح الشين فهو في مذهب النعت، والشُّقُور: الأمور المهمة، والواحد شَقْر، ويقَال أيضاً شُقُور وفُقور، وواحد الفقور فقر، وقَال ثعلب: يُقَال لأمور الناس فقور وفقور، وهما هَمُّ النفس وحوائجُها. [ص: 72] يضرب لمن يُفْضى إليه بما يُكْتَم عن غيره من السر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 71 2738- فِي أُسْتِها مَالا تَرَى يضرب للباذل الهيئة يكون مخْبَرَهُ أكثر من مَرْآه، ويضرب لمن خفى عليه شَيء وهو يظنُ أنه عالم به الجزء: 2 ¦ الصفحة: 72 2739- اُفْتَحْ صُرَرَكَ تَعْلَمْ عُجَرَك الصُرَرْ: جمع صرَّة، وهي خِرْقَة تُجْعل فيها الدراهم وغيرُها، ثم تُصَرُّ: أي تشدُّ وتَقْطعُ جوانبها لِتُؤمن الخيانة فيها، والعُجَرْ: جمع عُجْرة، وهي العَيْب وأصلها العُقْدة والأُبنة تكون في العصا وغيرها، يراد ارْجِعْ إلى نَفْسِه تَعْرفْ خَيْركَ من شركَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 72 2740- الفَحْلُ يَحْمِي شَوْلَهُ مَعْقُولاً الشُّولُ: النُّوقَ التي خفَّ لبنها وارتفع ضَرْعها وأتى عليها من نَتَاجها سبعة أشهر أوثمانية، الواحدة شائلة، والشول: جمع على غير قياس، يُقَال: شَوَّلَت الناقة - بالتشديد - أي صارت شولاء، ونصب"معقولاً" على الحال: أي أن الحر يحتمل الأمر الجليل في حفظ حُرَمَه وإن كانت به علَّة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 72 2741- فَلِمَ رَبَضَ العَيْرُ إذَنْ قَال امرؤ القيس لما ألبسه قيصرُ الثيابَ المسمومة وخرج من عنده وتلقَّاء عَيْر فَرَبَضَ فَتَفَاءل امرؤ القيس فقيل: لا بأس عليك قَال: فلما رَبَضَ العَيرُ إذن؟ أي أنا ميت. يضرب للشَيء فيه عَلامَةَ تدل على غير ما يُقَال لكَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 72 2742- فِي بَيتِهِ يُؤتَى الحَكَمُ هذا مما زعمت العرب عن ألسُنِ البهائم قَالوا: إن الأرنب التقطتْ ثمرةً، فاختلسها الثعلب فأكلها، فانطلقا يختصمان إلى الضب فَقَالت الأرنب: يا أبا الحِسْل فَقَال: سميعاً دَعَوْتِ، قَالت: أتيناك لنختصم إليك، قَال: عادِلاً حَكَّمْتُما، قَالت: فاخرج إلينا، قَال : في بيته يُؤتى الحكم، قَالت: إني وجدت ثمرة، قَال: حُلْوَة فكُلِيها، قَالت: فاخْتَلَسَها الثعلب، قَال: لنقسه بغَى الخَيْرَ، قَالت: فَلَطَمْتُه، قَال: بحقِّكِ أخَذْتِ، قَالت: فَلَطَمَنِي، قَال: حُرٌّ انتصر، قَالت: فاقْضِ بيننا، قَال: قد قَضَيْتُ، فذهبت أقواله كلها أمثالاً قلت: ومما يشبه هذا ما حكى أن خالد بن الوليد لما توجَّه من الحجاز إلى أطراف العراقَ دخل عليه عبد المسيح بن عمرو بن نُفَيلَة، فَقَال له خالد: أين أقصى أثَرِكَ؟ قَال: ظَهْرُ أبي، قَال: من أين خرجت، قَالَ: من بطن أمي، قَال عَلاَمَ أنت؟ [ص: 73] قَال: على الأرض، قَال: فيمَ أنت؟ قَال: في ثيابي، قَال: فمن أينَ أقبَلْتَ؟ قَال: من خَلْفي، قَال: أين تريد؟ قَال: أمامي، قَال: ابنُ كمْ أنت؟ قَال: ابن رَجُلٍ واحد، قَال: أتعقل؟ قَال: نعم وأقيَّدُ، قَال: أحَرْبٌ أنت أم سَلْمِ؟ قَال: سَلْم، قَال: فما بال هذه الحصون؟ قَال: بنيناها لسفيه حتى يجيء حليم فينهاه. ومثل هذا أن عَدِيَّ بن أرْطَاةَ أتى إياسَ بن مُعاوية قاضيَ البصرة في مجلس حكمه، وعَدِيٌّ أمير البصرة، وكان أعرابيَّ الطبع، فَقَال لإياس: ياهناه أين أنت؟ قَال: بينك وبين الحائط، قَال: فاسْمَع مني، قَال: للاستماع جَلَسْتُ، قَال: إني تزوجْتُ امرَأة، قَال: بالرِّفَاء والبَنين، قَال: وشَرَطْتُ لأهلها أن لا أخرجها من بينهم، قَال: أوْفِ لهم بالشرط، قَال: فأنا أريد الخروج، قَال: في حفْظِ الله، قَال: فاقضِ بيننا، قَال: قد فعلْتُ، قَال: فَعَلى مَنْ حكمت؟ قَال: على ابن أخي عمك، قالَ بشهادة مَنْ؟ قَال: بشهادة ابن أختِ خالتك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 72 2743- فيِ الاِعْتِبَارِ غِنَى عَنْ اُلاِخْتِبَارِ أي مَنِ اعتَبَر بما رأي استغنى عن أن يختبر مثلَه فيما يستقبل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 73 2744- أََفْنَيْتِهِنَّ فاَقَة فَاقَةً، إِذَا أَنْتِ بَيْضَاءُ رَقْرَاقَةً الكناية ترجع إلى الأموال، وفاقة: طائفة، والرقراقة: المرأة الناعمة التي تترقرق، أي تجىء وتذهب سِمَناً. هذا شيخ يقول لامرأته: أفنيت أموالي قطعةً قطعةً على شبابك. يضرب للذي يُهْلك ماله شيئاً بعد شَيء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 73 2745- فِي الجَرِيرَةِ تَشْتَرِكُ العَشِيرَةُ يضرب في الحثِّ على المواساة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 73 2746- فَرَّ الدَّهْرُ جَذَعَاً يُقَال: فَرَرْتُ عن أسنان الدابة، إذا نَظَرْتَ إليها لتعرفَ قدر سنها، والجَذَع: قبل الثَّنِىِّ بستة أشهر، أي الدهر لا يهرم ونصب "جَذَعاً" على الحال، والمعنى إن فانتا اليومَ ما نطلبه فسندركه بعد هذا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 73 2747- في مِثْلِ حُوِلاَءِ السَّلى ويقَال "حُوِلاء الناقة" يُقَال فلان في مثل حُوِلاء الناقة، وهي الماء الذي يخرج على رأس الولد، والسَّلى: جلدةٌ رقيقة يكون فيها الولد. يضرب لمن كان في خِصْبً ورَغَد عيشٍ وكذلك قُولهم "في مثل حدقة البعير" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 73 2748- فَسَا بَيْنَهُمُ الظَّرِبانُ هو دُوَيّيةٌ فوقَ جَرو الكلب مُنْتن الريح كثير الفَسْو لا يعمل السيف في جلده، يجئ إلى حجر الضب، فيلقم إستَه جُحره ثُم يَفْسو عليه حتى يغتم ويضطرب فيخرج فيأكله ويُسَمّونه "مُفَرقَ النعم" لأنه إذا فسا بينها وهي مجتمعة تفرقت، وقَال الراجز يذكر حوضاً يستقي منه رجل له صُنان إزاؤه كالظِّرِ بَان الموفى ... إزاؤه: أي صاحبه، من قولهم فلان إزاء مالٍ، يريد أنه إذا عَرِقَ فكأنه ظربان لنتنه، وقَال الربيع بن أبي الحُقَيقِ: وأنتُمْ ظَرَابِينُ إذ تَجْلسُونَ ... وَمَا إنْ لَنا فِيكُمُ مِنْ نَدِيدِ وأنتُمْ تُيُوسٌ وقد تُعرَفُونَ ... بِرِيحِ التيوسِ وَنَتْنِ الجُلُودِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 74 2749- في القَمَرِ ضِياءٌ، والشَّمْسُ أضْوَأ مِنْهُ يضرب في تفضيل الشَيء على مثله. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 74 2750- أفِقَ قَبْلَ أن يُحْفَرَ ثَرَاكَ قَال أبو سعيد: أي قبل أن تُثار مَخَازيك، أي دَعها مدفونة، قَال الباهلي: وهذا كما قَال أبو طالب: أفيقُوا أفيقُوا قَبْلَ أن يُحْفَرَ الثّرى ... وَيُصْبحَ مَنْ لم يَجْنِ ذَنْباً كَذِى الذَّئبِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 74 2751- في عضَةٍ ما يَنْبُتَنَّ شَكِيرُهَا يُقَال: شَكَرَتِ الشجرةُ تشكر شَكْراً أي خرج منها الشَّكِير، وهو ما ينت حَوْلَ الشجرة من أصولها. يضرب في تشبه الولد بأبيه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 74 2752- في كلِّ شَجَرٍ نَارٌ، وَاسْتَمْجَدَ المَرْخُ والعَفَارُ يُقَال: مَجَدَت الإبل تمجد مَجَوداً، إذا نالت من الخَلَى قريباً من الشَّبَع، واستمجد المرخ والعَفَار: أي استكثرا وأخَذَا من النار ما هو حَسْبهما، شبها بمن يكثر العطاء طالباً للمَجْد؛ لأنهما يسرعان الوَرْىَ. يضرب في تفضيل بعض الشيء على بعض. قَال أبو زياد: ليس في الشجر كله أوْرَى زناداً من المَرْخ، قَال: وربما كان المرخُ مجتمعاً ملتفاً وهبَّتِ الريحُ فحَكَّ بعضه بعضاً فأوْرَى فاحترقَ الوادِي كله، ولم نر ذلك في سائر الشجر، قَال الأعشى: زِنَادُكَ خَيْرُ زِنَادِ المُلُو ... كِ خَالَطَ فيهنَّ مَرْخٌ عَفَارَا وَلَوْ بتَّ تَقْدَحُ فِي ظلمةٍ ... حصاة بِنَبْع لأَوْرَيْتَ نَارَا [ص: 75] والزَّنْدُ الأعلى يكون من العَفَار، والأسفل من المَرْخِ، كما قَال الكميت: إذَا الْمَرْخُ لم يُورِ تَحْتَ الْعَفَارِ ... وَضَنَّ بقدْرٍ فلم تعقب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 74 2753- في نَظْمِ سَيْفِكَ ما تَرَى يَا لُقَيْمُ حديثه أن لقمان بن عاد كان إذا اشتدَّ الشتاء وكَلِبَ كان أشدَّ ما يكون، وله راحلة لا تَرْغُو ولا يُسْمع لها صوت، فيشدُّها برَحْله ثم يقول للناس حين يكاد البردُ يقتلُهم: ألا من كان غازياً فَلْيَغْزُ، فلا يلحقَ به أحد، فلما شبَّ لقيم ابنُ أختِهِ اتَّخذ راحلة مثل راحلته، فلما نادى لقمان "ألا من كان غازياً فليغز" قَال له لقيم: أنا معك إذا شِئت، ثم إنهما سارا، فأغارا، فأصابا إبلا، ثم انصرفا نحو أهلهما، فنزلا فنحرا ناقةً فَقَال لقمان للقيمٌ: أتعشِّى أم أعشِّي لك؟ قَال لقيم: أي ذلك شِئت، قَال لقمان: اذهب فَعَشِّها حتى ترى النجم قمَّ رأسٍ، وحتى ترى الجوزاء كأنها قطار، وحتى ترى الشِّعْرَى كأنها نار، فإلا تكن عَشِّيت فقد أنَيْت، قَال له لقيم: نعم واطْبُخْ أنت لحم جَزُورك حتى ترى الكَرَاديسَ كأنها رؤوسُ رجال صُلْع، وحتى ترى الضُّلُوع كأنها نساء حَوَاسر، وحتى ترى الوَذْرَ كأنه قَطاً نَوَافر، وحتى ترى اللحم كأنه غَطَفان يقول غط غط، فإلا تكن أنْضَجْتَ فقد أنْهَيْتَ، ثم انطلقَ في إبله يُعَشيها، ومكث لقمان يطبخ لحمه، فلما أظلم لقمان وهو بمكان يُقَال له شَرْجٌ قَطَع سَمُرَ شَرْج فأوقد به النار حتى أنضج لحمه، ثم حفر دونه فملأه ناراً، ثم واراها، فلما أقبل لقيم عَرَفَ المكان وأنكر ذهاب السَّمُرِ فَقَال: أَشْبَهَ شَرْجٌ شَرْجاً لو أنَّ أُسَيْمِراً، فأرسلها مَثَلاً، وقد ذكرتُه في حرف الشين، ووقَعَتْ ناقة من إبله في تلك النار فنفرت، وعرف لُقَيْم أنه إنما صنع لقمان ذلك ليصيبه وأنه حَسَده، فسكتَ عنه، ووجد لقمان قد نَظَم في سيفه لحماً من لحم الْجَزُورِ وكَبِداً وسَنَاما حتى توارى سيفهُ، وهو يريد إذا ذهب لقيمٌ ليأخذه أن ينحره بالسيف، فَفَطِنَ لقيم فَقَال : في نظْم سيفك ما ترى يا لقيم، فأرسلها مَثَلاً، فحسد لقمان الصحبة، فَقَال له لقيم: القسمة، فَقَال له لقمان: ما تطيبُ نفسي أن تقسم هذه الإبلَ إلا وأنا مُوثَقُ، فأوثقه لقيم، فلما قَسَمها لقيم نَقَّي منها عشراً أو نحوها، فَجَشِعَتْ نفسُ لقمان، فنَحَطَ نَحْطة (نحط نحطة: زفر زفرة، وتقضبت: تقطعت) تقضَّبت منها الأنْسَاع التي [ص: 76] هو بها مُوثَق، ثم قَال: الغادرة والمتغادرة، والأفِيلُ النادرة، فذهب قوله هذا مَثَلاً، وقَال لقيم: قبح الله النفس الخبيثة. قوله "الغادرة" من قولهم: غَدَرَت الناقة، إذا تخلَّفت عن الإبل، والأفِيلُ: الصغير منها، يريد اقسم جميع ما فيها. والمثل الأول يضرب في المماكرة والخداع والثاني في الخسة والاستقصاء في المعاملة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 75 2754- فَاقَ السَّهْمُ بَيْنِي وبَيْنَهُ يُقَال: فَاقَ السَّهْمُ وَانْفَاقَ، إذا انكسر فُوقُه، أي فسد الأمر بيني وبينه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 76 2755- الْفِرَارُ بِقِرَابٍ أََكْيَسُ كان المفضل يقول: إن المثل لجابر بن عمرو المازني، وذلك أنه كان يسير يوماً في طريقَ إذ رأى أَثرَ رجلين، وكان عائفاً قائماً، فَقَال: أرى أَثرَ رجلين، شديداً كلَبُهما عزيزاً سَلَبُهما، والفرار بقراب أكيس، ثم مضى. قلت: أراد ذو الفرار، أي الذي يفرُّ ومعه قِرَابُ سيفه إذا فاته السيف أكْيَسُ ممن يُفيت القِراب أيضاً، قَال الشاعر: أقاتلُ حتى لا أَرَى لي مُقَاَتِلاً ... وَأَنْجُو إذ لم يَنْجُ إلاَّ المُكَيَّسُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 76 2756- فِى ذَنَبِ الكَلْبِ تَطْلُبُ الإِهَالَةَ يضرب لمن يطلب المعروف عند اللئيم، قَال: إنى وإنَّ ابْنَ علاقَ ليقريني ... كَعَابِطِ الْكلْب يَرْجُو الطِّرْقَ فِي الذَّنَبِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 76 2757- افْعَلْ ذلكَ آثِراً مَّا قَالوا: معناه افْعَلْه أولَ كل شيء، أي افْعَلْه مؤثِراً له، وقَال الأَصمَعي: معناه افعل ذلك عازماً عليه، و"ما " تأكيد، ويقَال أيضاً: افْعَلْه آثرَ ذِى أَثيرٍ، أي أولَ كل شيء، قَال عُرْوَة بن الوَرْدِ: وَقَالوا: مَا تَشَاءُ؟ فَقُلْتُ: أَلْهُو ... إلَى الإِصْبَاحِ آثَرَ ذِى أثِيرِ أرادا: فقلت أنْ ألْهُوَ، أي الهوَ إلى الصبح آثَرَ كل شَيء يؤثَرُ فعلُه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 76 2758- فَرَقاً أَنْفَعُ مِنْ حُبٍّ أولُ من قَال ذلك الحجاجُ للغَضْبَان بن الْقَبَعْثَرَى الشَّيْبَاني، وكان لما خلع عبدُ الله بنُ الجارُودِ وأهلُ البصرة الحجاجَ وانتهبوه قَال: يا أهل العراقَ تَعَشَّوُا الْجَدْيَ قبل أن يتغداكم، فلما قَتَلَ الحجاجُ ابنَ الجارود أخذ الغَضْبَان وجماعةً من نُظَرائه فحبسهم، وكتب إلى عبد الملك بن مروان بقتل ابن الجارود، [ص: 77] وخَبَرِهم، فأرسل عبدُ الملك عبدَ الرحمن بن مسعود الفَزَارِيَّ، وأمره بأن يؤمِّنَ كلَّ خائف، وأن يخرج المحبوسين، فأرسل الحجاج إلى الغَضْبَان، فلما دخل عليه قَال له الحجاج: إنك لَسَمين، قَال الغضبان: مَنْ يَكُنْ ضيفَ الأمير يَسْمَنْ، فَقَال: أأنْتَ قلت لأهل العراقَ تَعَشَّوُا الجدْىَ قبل أن يتغداكم؟ قَال: ما نفَعَتْ قائلَها ولا ضَرّتْ من قِيلَتْ فيه، فَقَال الحجاج: أوْفَرَقاً خيرٌ من حُبٍّ، فأرسلها مَثَلاً. يضرب في موضع قولهم "رَهَبُوتٌ خير من رَحَمُوت" أي لأن يُفْرَقَ منك فرقاً خيرٌ من أن تُحُبَّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 76 2759- الفَرْعُ أَوَّلُ النِّتَاجِ قَالوا: أولُ كل نِتَاجٍ فرعهُ، وهو رِبْعٌ ورِبْعىٌّ يضرب لابتداء الأمور الجزء: 2 ¦ الصفحة: 77 2760- في سَبِيلِ الله سَرْجِى وبَغْلِى أول من قَال ذلك المِقْدَام بن عَاطِف العِجْلى، وكان قد وفَدَ على كسرى فأكرمه فلما أراد الانصرافَ حَمَلَه على بغل مُسْرَج من مَرَاكبه، فلما وصل إلى قومه قَالوا: ما هذا الذي أتيتنا به؟ فأنشأ يقول: أتيتكُمُ ببَغْلٍ ذي مَرَاحٍ ... أقَبَّ حَمُولَةِ المَلِكِ الهُمَامِ يَجُولُ إذا حملْت عَلَيْهِ سَرْجاً ... كَما جَالَ المفَدَّحُ ذُو الِّلجَامِ وَمَا يَزْدَادُ إلاَّ فَضْلَ جَرْىٍ ... إذا مَا مَسَّهُ عَرَقَ الْحِزَامِ ولَيْسَتْ أمُّه مِنْهُ، وَمَا إن ... أبُوهُ مِنَ المُسَوَّمَةِ الْكِرَامِ لَهُ أمٌّ مُفَدّّحَةٌ صفون ... وَكَانَ أبُوهُ ذَا دَبَر دوَامى وكان يروضه رياضةَ الخيل، فرمَحَه رمحةً كسر بها شَرَا سِيفَهُ، فمرض من ذلك بُرْهة، وأمر بالبغل فحمل عليه الكُورَ وأمتعةَ الحى، ولم يُعْلَف، فنفَقَ البغل، وبرىء المقدام من مرضه، فركب إلى الصيد. وحَمَلَ السرج على ناقة له عَلُوق، فلما ركبها ومَسَّها وقع الركابين هَوَتْ به قيد رمحين، وطارت به في الأرض، فلم يقدر عليها، وتقطَّع السرجُ، فَقَال المقدام: نَفَقَ البغْلُ وأوْدَى سَرْجُنَا ، في سبيل الله سرجى وبغلى. يضرب في التَّسَلِّى عما يهلك ويُودِى به الزمانُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 77 2761- فِيحِى فَيَاحِ هذا مثل قَطَامِ، مبني على الكسر، وهو اسم للغارة: أي اتَّسِعِي، يُقَال: فَاحَتِ [ص: 78] الغارة تَفِيحُ، أي اتسعت، ودار فَيْحَاء: أي وَاسعة، وأنَّثَ الفعلَ على أن الخِطاب للغارة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 77 2762- فَتىً ولا كَمَالِكٍ قَاله مُتَمِّمُ بن نُوَيْرة في أخيه مالك بن نُوَيْرة، لما قُتِلَ في الرِّدَّة، وقد رثاه مُتَمِّمٌ بقصائدَ، وتقديره: هذا فتى، أو هو فتى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 78 2763- فَضْلُ القَوْلِ عَلَى الفِعْلِ دَنَاءَةٌ أي مَنْ وَصَفَ نفسه فوقَ ما فيه فهو دنيء، وفضل الفعل على القول مكرمة: أي كَرَمٌ: وهو أن يفعلَ ولا يقول. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 78 2764- فَشَاشِ فِشِّيهِ مِنَ اُسْتِه إلَى فِيهِ الفَشُّ: إخراجُ الريحِ من الوَطْب، وفَشَاشِ: مبني على الكسر، ومعناه اُفْعَلِى به ما شِئت فما به انتصار الجزء: 2 ¦ الصفحة: 78 2765- اُفْتَدِ مَخْنُوقُ أي يا مخنوق. يضرب لكل مَشْفُوقَ عليه مضطر. ويروى افْتَدَى مخنوقٌ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 78 2766- فِى حِسِّ مَسٍّ أَبْصَرَ أنَّ أمْرَهُ مَكْس يُقَال: مَكَسَنِى، أي ظلمني. يضرب للرجل إذا فَطِنَ أن قومَه أرادوا ظلمه فتركهم وخرج من بينهم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 78 2767- أفْرَعَ فِيمَا سَاءَنِى وصَعِدَ أفْرَعَ: هبَطَ، وصَعِدَ: ارتفع، أي لم يألُ جَهْدَا في الأذى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 78 2768- فِي عِيصِهِ مَا يَنْبُتُ العُودُ العِيصُ: الشجرُ الكثير الملتفّ، و"ما"صلة، أي إن كان العيصُ كريماً كان العود كريما، وإن كان لئيما كان لئيما، يعني أن الفَرْع في وزان الأصل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 78 2769- فِي الأْرْضِ للْحُرِّ الكَرِيمِ مَنَادِحُ أي مُتَّسع ومُرْتَزَق، والمَنَادح: جمع مَنْدُوحة، وهي السَّعَة، ويجوز أن يكون جمع مَنْدَح ومُنْتَدَح، وجمع نُدْح أيضاً، كالمَقَابح في جمع قُبْح، ومعنى كلها الرحْبُ والسَّعَةُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 78 2770- أفَاقَ فَذَرَقَ يضرب لمن كان في غم وكَرْب ففرج عنه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 78 2771- فِي المَالِ أشْرَاك وإنْ شَحَّ رَبُّهُ أشْرَاكٌ: جمعُ شريك، كما يُقَال: شَرِيف وأشْرَاف، يعنون الحادث والوارث الجزء: 2 ¦ الصفحة: 78 2772- فِي النُّصْحِ لَسْعُ العَقَارِبِ أول من قَال ذلك عُبَيْد بن ضيربة النَّمَرِي، وذلك أنه سَمِعَ رجلاً يَقَعُ في [ص: 79] السلطان، فَقَال: ويحك! إنك غُفْل لم تَسِمْكَ التَّجَارِب، وفي النصح لَسْعُ العقارب، وكأنني بالضاحكِ إليك باكياً عليك، فذهب قوله مَثَلاً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 78 2773- الإِْفْراَطُ فِي الأنْسِ مَكْسَبَةٌ لِقُرَنَاءِ السُّوءِ قَاله أكثم بن صيفي. يضرب لمن يُفْرِطُ في مخالطة الناس الجزء: 2 ¦ الصفحة: 79 2774- فِي الطَّمَعِ الْمَذَلّةُ للِرِّقَابِ هذا مثل قولهم" أذلَّ رقابَ الناس غُلُّ المَطَامع" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 79 2775- أفْرَخَ قَيْضُ بَيْضِها المُنْقَاضُ القَيْضُ: قِشْر البَيْض الأعلى، والمُنْقَاضُ: المنشقَ طولاً، وأفرخ: خرج الفَرْخُ من البيض، أي ظهر أمره ظهورَ الفراخ من البَيْض. قَال أبو الهيثم: هذا المثل ضرب بعد موت زياد، يعني زياد بن أبي سفيان الجزء: 2 ¦ الصفحة: 79 2776- أفْسَدَ النّاسَ الأحْمَرانِ اللّحْمُ والْخَمْرُ وقيل "الأحامرة" فيكون فيها الخَلُوقَ والزَّعْفَران. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 79 2777- فِي الله تَعَالَى عِوَضٌ عَنْ كُلِّ فَائِتٍ قَاله عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 79 2778- فِي التَّجَارِبِ عِلْمٌ مُسْتأنَفٌ أي جَديد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 79 2779- فِي العَوَاقِبِ شَافٍ أو مريحٌ يعني في النظر في عواقب الأمور. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 79 2780- فَعَلْتُ ذَاكَ عَمْدَ عَيْنٍ إذا تعمَّدْتَه بجد ويقين، ويقَال: فعلنه عَمْداً على عين، قَال خُفَاف بن نَدبةُ السُّلَمِي فإن تَكُ خَيْلٌُ قَدْ أصِيبَ صَمِيمُها ... فَعَمْداً عَلَى عَيْنٍ تَيَمَّمْتْ مَالِكا وعَمْداً: مصدر أقيم مقام الحال الجزء: 2 ¦ الصفحة: 79 2781- فِي اُسْتِ المَغْبُونِ عُودٌ يضرب فيمن غبن، يعنون أنه مثلُ مَنْ أُبِنَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 79 2782- فُقَ بِلَحْمِ حِرْباءَ لاَ بِلَحْمِ تَرْباءَ الحِرْباء: جنسٌ من القَطَا معروف، والتَّرْباء: التراب، وفُقْ: من فَاقَ بنفسه يَفُوقَ فُؤُوقاً، إذا أشرفَتْ نفسه على الخروج، ويقَال: فُقَ من فُوَاقَ حَلْب الناقة، يُقَال: [ص: 80] تَفَوَّقَ الفصيلُ وفَاقَ؛ إذا شرب ما في ضَرْع أمه وأصْلُ هذا أن رجلا نَظَرَ إلى آخَرَ ينظر إلى إبله وهي تَفُوقُ، فخاف أن يَعيِنَ (يعين إبله - كيبيع - يصيبها بعينه.) إبلَه فتسقط فتنحر، فَقَال: فُقَ بلَحْم حِرْبَاء أي اجتلب لحمَ الحِرْباء، لا لحوم الإبل، وأراد بلحم تَرْباء لحماً يسقُطُ على التراب، ويقَال: التَّرْبَاء الأرضُ نفسُها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 79 2783- انْفَلَقَتْ بَيْضَةُ بَنِي فُلاَنٍ عَنْ هذَا الرّأىِ يضرب لقوم اجتمعوا على رأي واحدٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 80 2784- فَارَقَهُ فِرَاقاً كَصَدْعِ الزُّجَاجَةِ أي فِراقاً لا اجتماعَ بعده؛ لأن صَدْع الزجاجة لا يَلْتئمِ، قَال ذو الرمة: أبَى ذَاكَ أوْيَنْدَى الصَّفَا مِنْ مُتُونِهِ ... وَيُجْبَرَ مِنْ رَفْضَ الزُّجَاجِ صُدُوعُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 80 2785- فِي العافِيَةِ خَلَفٌ منَ الرَّاقِيَةِ أي مَنْ عُوفِيَ لم يحتج إلى رَاقٍ وطبيب، والهاء في "الراقية" دخلت للمبالغة، ويجوز أن تكون "الراقية" مصدراً كالباقية والواقية الجزء: 2 ¦ الصفحة: 80 2786- فَعَلْنَا كَذَا والدَّهْرُ إذْ ذاك مُسْجِلُ أي لا يخاف أحدٌ أحداً، يُقَال: أسْجَلَه، أي أرسَله على وجهه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 80 2787- فَرَارَة تَسَفَّهَتْ قَرَارَةً هذا مثل قولهم " نَزْو الفَرَارِ اسْتَجْهَلَ الْفَرَارَا" والفَرارَة: البهيمة تَنْفِر أوْ تقومُ ليلاً فيتبعها الغنم، والقَرَارَة - بالقاف - الغنم، ومعنى تَسَفَّهَت مالت به، قَال ذو الرمة: جَرَيْنَ كما اهْتَزَّتْ رِماحٌ تَسَفَّهَتْ ... أعَالِيَهَا مَرُّ الرِّياحِ النَّوَاسِمِ يضرب للكبير يحمله الصغير على السَّفَه والخفة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 80 2788- افْعَلْ كَذَا وخَلاَكَ ذَمٌّ قَال ابن السكيت: ولا تقل" وخلاك ذنب" وقَال الفراء، كلاهما من كلام العرب، وهو من قول قَصِيرٍ اللَّخْمي، قَالهُ لعمرو بن عَدِى، وقد ذكرتُه في قصة الزباء في باب الخاء. وقوله" وخلاك" الواوْ للحال، وخلا: معناه عَدَا، أي افْعَلَ كذا وقد جاوزَكَ الذم فلا تستحقه، قَال ابن رَوَاحَةَ: [ص: 81] فشأنك فَانْعَمِى وَخَلاَكِ ذَمٌّ ... وَلاَ أرْجِعْ إلَى أهْلِى وَمَالِى يضرب في عذر من طلب الحاجة ولم يتوانَ. وينشد لعُرْوَةَ بن الوَرْد: ومَنْ يَكُ مِثْلِى ذَا عِيَالٍ وَمُقْتِراً ... مِنَ الْمَالِ يَطْرَحْ نَفْسَهُ كلَّ مَطْرَحِ لِيَبْلُغَ عُذراً أوْيُصِيبَ رَغِيبَةً ... وَمُبْلِغُ نَفْسٍ عُذْرَهَا مِثْلُ مُنْجِحِ وقَال بعض الحكماء: إني لأسْعَى في الحاجة وإني منها لآيِسٌ، وذلك للاعذار، ولئلا أرْجِعَ على نفسي بِلَوْم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 80 2789- أَفْرَخَ رَوْعُكَ يُقَال: أفْرَخَتِ البيضةُ، إذا انفلَقَتْ عن الفرخ، فخرج منها. يضرب لمن يُدْعَى له أن يَسْكُنَ رَوْعُه. قَال أبو الهيثم: كلهم قَالوا رَوْعُك بفتح الراء، والصواب ضم الراء؛ لأن الرَّوْعَ المصدر، والرَّوعُ القلبُ، وموضعُ الرَّوْعِ، وأنشد بيت ذي الرمة بالضم: ولَّى يَهُزُّ انْهِزَاماً وَسْطَهَ زعلا ... جَذْلاَنَ قَدْ أفْرَخَتْ عَنْ رُوعِهِ الْكُرَبُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 81 2790- أَفَرَعَ بِالظَّبْىِ وفي المِعْزَى دَثَر يُقَال: أفْرَعَ، إذا ذبح الفَرَعَ، وهو أولُ ولدٍ تُنْتَجُه الناقة، كانوا يذبحونه لآلهتهم يتبركون بذلك، وفي الحديث "لا فَرَعَ ولا عَتِيرَةَ " والعتيرة: شاة كانوا يذبحونها لآلهتهم في رَجَبٍ، ويقَال: عكر دَثَر - بالتحريك - أي كثير، ومال دَثْر - بالتسكين - ومالان دَثْر، وأموال دَثْر، أيضاً، والباء في " بالظبى" زائدة، أي أفرعَ الظَّبْىَ، يعني ذبَحه، وفي المعزى كَثْرَة، يعني أن مِعْزَاه كثير وهو يذبح الظبى. يضرب لمن له إخْوان كثير وهو يستعين بغيرهم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 81 2791- أَفْرَطَ لِلْهِيمِ حُبَيْنَاً أَقْعَسَ أفرط: أي قَدَّم وعَجَّل، والهِيمُ: جمع أهْيَمَ وهَيْماء، وهي العِطاش من الإبل، وحُبَيْناً: تصغير أَحْبَن مرخَّما، يُقَال: رجل أَحْبَنُ وامرَأة حَبْناء، إذا كان بهما السقى، وهو الاستسقاء، والأقْعَسُ: الذي دخل ظهرُه وخرج صدرُه، أي قدم لسقى الإبل العِطاش رجلاً عاجزاً. يضرب لمن استعان بعاجز. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 81 2792- فَصيِلُ ذَاتِ الزَّبْنِ لا يُخَيَّلُ ذات الزَّبْن: الناقة التي تَزْبَنُ ولدَهَا، [ص: 82] وحالَبَها، والتخيل: أن تكون الناقة لا تَرْ أَم ولدَهَا؛ فيقَال لصاحبها: خَيِّلْ لها، فيلبَسُ جلدَ سبع ثم يمشى على أربع، يخيل إلى الأم أنه ذئب يريد أن يأكل ولدها فتعطف عليه وتَرْأمه، يقول: فهذه التي تَزْبِنُ ولدها، لا يُخَيَّل لها؛ لأنه لا ينفع. يضرب للسيئ المعاشرة طبعاً؛ فلا يؤثر فيه التودد إليه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 81 2793- أَفْرَخَ القَوْمُ بَيْضَتَهُمْ إذا أَبْدُوا سرَّهم، وأفرخ: لازم ومتعدٍّ تقول في اللازم: ليُفْرِخْ روعُكَ، أي ليذهب فزعك، وأفرخ الطائرُ، إذا خرج من البيضة، وتقول في المتعدي: أفْرِخْ رَوْعَك، أي سَكِّنْ جَأشَكَ، ومعنى أفرخَ القومُ بيضَتَهم أَخْلَوْا بيضتهم وفَرَّغُوها كما يُفَرِّغها الفرخ، حين خرج منها، جعلوا خروج السر وظهورَه منهم بمنزلة ظهور الفرخ من البيضة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 82 2794- فِي دونِ هذَا مَا تُنْكِرُ المَرْأَةُ صَاحِبَهَا قَالوا: إن أول مَنْ قَال ذلك جارية من مُزَينة، وذلك أن الحَكَم بن صَخْر الثَّقَفِي قَال: خرجت منفرداً، فرأيت بإمَّرَةٍ - وهي مَوْضِع - جاريتين أختين لم أر كجَمَالهما وظَرْفهما، فكسوتهما وأحسنت إليهما، قَال: ثم حَجَجْت مِن قابل ومعي أهلي، وقد أعْتَلَلْتُ ونَصَلَ خِضابي، فلما صِرْتُ بإمَّرَة إذا إحداهما قد جاءت فسألت سُؤَال منكرةٍ، قَال: فقلت: فلانة؟ قَالت: فِدىً لك أبي وأمي، وأنى تعرفني وأنكرك؟ قال: قلتُ: الحكم بن صخر، قَالت: فِدىً لك أبي وأمي، رأيتُكَ عامَ أولَ شابَّاً سُوقَةً، وأراك العامَ شيخاً ملكا، وفي دون هذا ما تنكر المرأةُ صاحبَهَا، فذهبت مَثَلاً، قَال: قلت: ما فعلَتْ أختُك، فَتَنَفَّسَتِ الصُّعَدَاء وقَالت: قَدِمَ عليها ابنُ عم لها فتزوجها وخرج بها، فذاك حيث تقول: إذا ما قَفَلْنَا نَحْوَ نَجْدٍ وَأَهْلِهِ ... فحَسْبِى مِنَ الدُّنْيَا قُفُولىِ إلَى نَجْدِ قَال: قلت: أما إني لو أدركتها لتزوجتها، قَالت: فِدَىً لك وأبي وأمي ما يمنعك من شريكتها في حَسَبها وجَمَالها وشقيقتها؟ قَال: قلت: يَمْنَعُني من ذلك قول كُثَيْر: إذا وَصَلَتْنَا خُلَّةٌ كَىْ تُزِيلَهَا ... أبَيْنَا وَقُلْنَا: الحَاجِبِيَّةُ أوَّلُ فَقَالت: كُثَير بيني وبينك، أليس الذي يقول: [ص: 83] هَلْ وَصْلُ عَزَّةَ إلاَّ وَصْلُ غَانِيَةٍ ... فِي وَصْلِ غَانِيَةٍ مِنْ وَصْلِها خَلَفُ قَال الحكم: فتركت جَوَابها وما يمنعني من ذلك إلا العِىّ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 82 2795- فاَتِكَةٌ واثِقَةٌ بِرِيٍّ زعموا أن امرَأة كَثر لبنها فَطَفِقَتْ تهريقه، فَقَال زوجها: لم تهر يقينه؟ فَقَالت: فاتكة واثقة برىٍّ. يضرب للمُفْسد الذي وراء ظهره مَيْسَرة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 83 2796- فِصْفِصَةٌ حِمَارُهَا لاَ يَقْمُصُ يضرب لمن يصنع المعروف في غير أهله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 83 2797- فَي كُلِّ أَرْضٍ سَعْدُ بْنُ زَيْدٍ قَاله الأضْبَطُ بن قُرَيْع بن عوف بن كعب بن سعد بن زيد مناة، رأى من أهله وقومه أموراً كرهها، ففارقهم، فرأى من غيرهم مثلَ ما رأى منهم، فَقَال: في كل أرض سعدُ بن زيدٍ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 83 2798- فَقْدُ الإْخْوَانِ غُرْبَةٌ قريب من هذا قول الشيخ أبي سليمان الْخَطَّابى: وإنى غريبٌ بين بُسْتَ وأهلها ... وإن كان فيها أُسْرَتِى وبها أهْلى وما غُرْبَةُ الإنسان في غُرْبَةِ النَّوَى ... ولكنَّهَا والله في عَدَمِ الشكْلِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 83 2799- فَلِمَ خُلِقَتْ إِن لَمْ أَخْدَعِ الرِّجَالَ يعني لحيته، يقول: لم خُلِقَتْ لحيتي إن لم أفعل هذا يضرب في الخِلاَبَةَ والمَكْر من الرجل الداهى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 83 ما جاء على أفعل من هذا الباب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 83 2800- أفْلَسُ مِنَ ابْنِ المُدَلَّقِ يروى بالدال والذال، وهو رجل من بنى عبد شمس بن سعد بن زيد مَنَاة لم يكن يجد بِيتَة َليلةٍ، وأبوه وأجداده يُعْرَفون بالإفلاس، قَال الشاعر في أبيه: فإنَّكَ إذْ ترجو تميما ونَفْعَها ... كَرَاجِى النَّدَى وَالْعُرْفِ عَنْدَ المُذَلَّقِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 83 2801- أفْقَرُ مَنَ العُرْيَانِ هو العُرْيَان بن شَهْلَة الطائى الشاعر، زعم المفضل أنه غَبَرَ دهراً يلتمس الغنى فلم يزدد إلا فقرا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 83 2802- أفْسَدُ مِنَ الْجَرَادِ لأنه يَجْرُدُ الشجرَ والنباتَ، وليس في الحيوان أكثر إفساداً لما يتقوَّته الإنسانُ [ص: 84] منه وفي وصية طيىء لبنيه: يا بَنِىَّ إنكمِ قد نزلتم منزلاً لا تخرجون منه، ولا يُدْخَلُ عليكم فيه، فارعوا مَرْعَى الضب الأعور، أبصر جُحْره، وعَرَف قَدْره، ولا تكونوا كالجراد رَعَى وادياً وأنقف وادياً، أكَلَ ما وجد، وأكله ما وجده. قوله "أنقف واديا" أي أنقف بيضه فيه، قَاله حمزة رحمه الله. قلت: والصواب "نَقَفَ بيضه فيه" أي شقه وكسره، يُقَال: نَقَفْتُ الحنظل، إذا كسرته، فأما "أنقف واديا" فيجوز أن يكون معناه جعله ذا بيضٍ منقوفٍ بأن نَقَفَ بيضَه فيه، ويجوز أن يكون واديا ظرفا لا مفعولا، أي صار الجراد ذا بَيْضٍ منقوف فيه، كما قَالوا: أجْرَبَ الرجلُ، وألْبَنَ، وأتْمَرَ، وأخواتها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 83 2803- أفْسَدُ مِنْ أرَضَةِ بَلْحُبْلَى قَال حمزة: يعنون بَنِى الحُبْلَى، وهم حىّ من الأنصار رَهْط ابن أبّىٍ ابنِ سَلُولَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 84 2804- أفْسَدُ مِنَ السُّوسِ يُقَال في مثل أخر "العِيَالُ سُوسُ المال" ويقَال أيضا ًً "أفْسَدُ من السوس في الصُّوفِ في الصًّيْفِ" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 84 2805- أفْسَدُ مِنَ الضَّبُعِ لأنها إذا وقعت في الغنم عاثت، ولم تكتف بما يكتفي به الذئب، ومن عَيْثِ الضبع وإسرافها في الإفساد استعارت العرب اسمها للسَّنَة المُجْدِبة فَقَالوا: أكلَتْنَا الضَّبُعُ، وقَال ابن الأعرابي: ليسوا يريدون بالضبع السَنَة المجدبة، وإنما هو أن الناس إذا أجدبوا ضَعُفُوا عن الانبعاث، وسَقَطَتْ قُوَاهم، فعاثت بهم الضباع والذئاب، فأكلتهم، قَال الشاعر: أبَا خُرَاشَةَ أمَّا أنْتَ ذَا نَفَرٍ ... فَإنَّ قَوْمِىَ لَمْ تأْكُلْهُمُ الضَّبُعُ أي قومى ليسوا بضِعَافٍ تَعِيثُ فيهم الضباع والذئاب، فإذا اجتمع الذئب والضبع في الغنم سلمت الغنم. قَال حمزة: حدثني أبو بكر بن شُقَير قَال: حضرت المبرد وقد سئل عن قول الشاعر: وَكانَ لهَا جَارَانِ لاَ يَخْفِرَانِهَا ... أَبُو جَعْدَةَ الْعَادِى وَعَرْفَاءُ جَيْأَلُ فَقَال: أبو جعدةَ الذئبُ، وعَرْفاء: الضبع؛ فيقول: إذا اجتمعا في غَنَم مَنَع كلُّ واحد منهما صاحبه. وقَال سيبويه في قولهم "اللهم ضبعاً وذئباً" أي اجْمَعْهُما في الغنم وأما قولهم: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 84 2806- أفْسَدُ مِنْ بَيْضَةِ البَلَدِ فهي بيضة تتركها النَّعَامة في الفَلاَة فلا ترجع إليها. [ص: 85] قلت: أفسد في جميع ما تقدم من الإفساد، إلا هذا، وذلك شاذ، وحقها أكثر إفساداً، وكذلك أفلس من الإفلاس شاذ، وأما هذا الأخير فإنه من الفَسَاد لأنها إذا تركت فَسَدَتْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 84 2807- أفْسَى مِنْ ظَرِبان قَالوا: هو دُوَيبة فوقَ جَرْو الكلب مُنْتِنة الريح كثيرة الفَسْو، وقد عرف الظَّرِبان ذلك من نفسه فقد جعله من أَحَدّ سلاحه، كما عرفت الحُبَارى ما في سَلْحها من السِّلاحِ إذا قَرُبَ الصَّقْر منها، كذلك الظَّرِبَان يَقْصِد جُحْر الضب وفيه حُسُولُهُ وبَيْضُهُ فيأتى أضْيَقَ موضعٍ فيه فيسدُّه بيديه (في نسخة "ببدنه") ويُرْوى بذنبه، ويُحَوِّلُ دبره إليه، فلا يفسو ثلاث فَسَوَات حتى يُدَار بالضب فيخرُّ مَغْشِيَّاً عليه فيأكله، ثم يقيم في جُحْره حتى يأتي على آخر حُسُوله، والضب إنما يُخْدع أي يُغْتال في جُحْره حتى يضرب به المثل فيقَال "أَخْدَعُ مِنْ ضَب" ويُغْتَال في سربه لشدة طلب الظَّرِبَانِ له، وكذلك قولهم "أنْتَنُ مِنَ الظَّرِبَانِ" قَال: والظَّرِبان يتوسَّط الهَجْمَة من الإبل فَيَفْسُو فتتفرقَ تلك الإبل كتفرُّقها عن مبرك فيه قِرْدَان، فلا يردها الراعى إلا بجَهْد، ومن أجل هذا سَمَّتِ العربُ الظَّرِبان "مُفَرِّقَ النَّعم" وقَالوا للرجلين يتفاحشان ويتشاتمان: إنهما ليتجاذبان جِلْدَ الظَّرِبان، وإنهما ليتماسَّانِ الظرِبَانَ. قلت: وقد روى "لَيَتَمَاشَنَانِ جِلْدَ الظَّرِبَانِ" من قولهم "مَشَنَه بالسيف" إذا ضَرَبه ضربة قَشَرتِ الجلد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 85 2808- أفْسَى مِنْ خُنْفُسَاءَ لأنها تَفْسُو في يد من مَسَّها، قَال الشاعر: لنَا صَاحِبٌ مُولَع بِالْخِلاَفِ ... كَثِيرُ الْخَطَاءِ قَلِيلُ الصَّوَابِ أشَدُّ لَجاجاً مِنَ الخنفُسَاء ... وَأَزْهَى إذَا مَا مَشَي مِنْ غُرَابِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 85 2809- أَفْسَى مِنْ نِمْسٍ قَالوا: هو دويبة فاسية أيضاً الجزء: 2 ¦ الصفحة: 85 2810- أَفْحَشُ مِنَ فَالِيةِ الأفَاعِى و"أفْحَشُ مِنْ فَاسِيَةٍ" هما اسمان لدويبة شبيهة بالخنفساء (فالية الأفاعى: خنفساء رقطاء تألف الحيات والعقارب؛ فإذا خرجت من جحر دلت أن وراءها حية أوْعقرب. والفاسية - ومثلها الفاسياء - هي الخنفساء.) لا تملك الفُسَاء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 85 2811- أَفْحَشُ مِنْ كَلْبٍ لأنه يهرُّ على الناس الجزء: 2 ¦ الصفحة: 86 2812- أفْرَغُ مِنْ يَدٍ تَفُتُّ الْيَرْمَعُ قَالوا: الْيَرْمَعُ الحجارة الرِّخْوة، ويقَال للمنكسر المغمومِ: تركْتُه يفتُّ اليَّرْمَعَ وأما قولهم: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 86 2813- أفْرَغُ مِنْ حَجَّامِ سَابَاطٍ فإنه كان حجَّاماً ملازما لساباط المدئن فإذا مر به جند قد ضُرِبَ عليهم البعثُ حجَمهُم نسيئةً بدانقَ واحد إلى وقْت قُفُولِهِمْ وكان مع ذلك يعبُر الأسبوعُ والأسبوعان فلا يدنو منه أحد، فعندها يُخرِجُ أمَّهُ فيحجمها حتى يُرِىَ الناس أنه غير فارغ، فما زال ذلك دأبه حتى أنزَفَ دمَ أمه فماتت فجأة فسار مَثَلاً، قَال الشاعر: مِطْبِخُهُ قَفْرٌ وطَبَّاخه ... أفْرَغُ مِنْ حَجَّامِ سَابَاطِ وقيل: إنه حجَمَ كِسْرَى أبرويز مرةً في سفره ولم يعد لأنه أغناه عن ذلك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 86 2814- أفْرَسُ مِنْ سُمِّ الفُرْسَانِ هو عُتَيبة بن الحارث بن شِهَاب فَارسُ تميمٍ، وكان يُسمى "صَيَّادَ الفوارس" أيضاً، وحكى أبو عبيدة عن أبى عمرو المدني أن العرب كانت تقول: لو أن القمر سقطَ من السماء ما التقفَهُ غيرُ عُتَيبة لثَقَافَتِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 86 2815- أفْرَسُ مِنْ مُلاَعِبِ الأسِنَةِ هو أبو براء عامرُ بن مالك بن جعفر بن كِلاب فارسُ قَيسٍ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 86 2816- أفْرَسُ مِنْ عَامِرٍ هو عامر بن الطُّفَيل، وهى ابن أخي عامرٍ مُلاعِبِ الأسِنَّة، وكان أَفْرَسَ وأسْوَدَ أهلِ زَمَانِهِ، ومر حيَّانُ ابن سلمى بن عامر بن مالك بن جعفر بن كلاب بقبرِه، وكان غاب عن موته فَقَال: ما هذه الأنصابُ؟ فَقَالوا: نَصبْناها على قبر عامر فَقَال: ضَيَّقْتُم على أبى على، وأفضلتم منه فضلا كثيراً، ثم وقف على قبره وقَال: أُنْعَمْ ظَلاَمَا ما أبا على فوالله لقد كنتَ تَشُنُّ الغارةَ، وتَحْمِى الجارة، سريعاً إلى المولى بوعدكَ، بطيئاً عنه بوعيدك، وكنت لا تضِلُّ حتَّى يضِلَّ النَجْم، ولا تهابُوا حتى يهاب السيلُ، ولا تعطَش حتى يعطش البعير، وكنتَ والله خيرَ ما كنت تكون حين لا تَظُنُّ نَفْسٌ بنفس خيرا، ثم التفت إليهم فَقَال: هلا جعلتم قبر أبى على ميلا في ميل، وكان مُنَادى عامر بن الطفيل ينادى بعكاظ: هل من راجلٍ فأحْمِلَه، أو جائع فأطعِمَهُ، أو خائفٍ فأؤمنه؟ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 86 2817- أفْرَسُ مِنْ بِسْطَامٍ هو بسطام بن قَيْس الشيباني، فارس بكرٍ. قَال حمزة: وحدثني أبو بكر بن شُقَير قَال: حدثني أبو عبيدة قَال حدثني الأَصمَعي قَال: أخبرني خَلَف الأحمر أن عَوَانَةَ بن الحكم رَوَى أن عبد الملك بن مروان سأل يوماً عن أشجع العرب شعراً، فَقِيل: عمرو بن معد يكرب، فَقَال: كيف وهو الذي يقول: فَجَاشَتْ إلىَّ النَّفْسُ أوَّلَ مَرَّةٍ ... وَرَدُّتْ على مَكْرُوهها فَاسْتَقَرَّتِ قَالوا: فعمرو بن الإطْنَابة، فَقَال: كيف وهو الذي يقول: وَقُولِى كٌلمَّا جَشَأتْ وَجَاشَتْ ... مَكَانَكِ تُحْمِدى أوْ تَسْتَرِيحي قَالوا: فعامر بن الطفيل، فال: كيف وهو الذي يقول: أقُولُ لِنَفسِي لاَ يُجَادُ بِمِثْلَهَا ... أقِلِّي مَرَاحاً إنَّنِي غَيرُ مُدْبِرِ قَالوا: فَمَنْ أشْجَعُهم عند أمير المؤمنين؟ قَال أربعة: عباس بن مرداس السُّلمى، وقيس بن الخَطيم الأوسِيُّ، وعنترة بن شداد العبسي، ورجل من بنى مُزَينة؛ أما عباس فلقوله: أشُدُّ عَلَى الكَتِيبَةِ لاَ أبالي ... أفيهَا كانَ حَتْفِي أمْ سِوَاهَا وأما قيس بن الخطيم فلقوله: وإنِّي لَدَى الحَرْبِ العَوَانِ مُوَكَّلٌ ... بِتَقْدِيمِ نَفْسٍ لاَ أريدُ بَقَاهَا وأما عنترة بن شداد فلقوله: إذ تتَّقُونَ بِى الأسنةَ لَمْ أخِمْ (1) ... عَنْهَا ولكِنِّى تَضَايَقَ مَقْدِمى (1) (خام يخيم خيمومة: جبن) وأما المزنى فلقوله: دَعَوْتُ بَنِي قَحَافَةَ فَاسْتَجَابُوا ... فَقُلْتُ رِدُوا فَقَدْ طَابَ الوُرُودُ وأما قولهم: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 87 2818- أفْتَكُ مِنَ البِرَّاضِ فهو البَّرَّاضُ بن قيس الكناني ومن خبر فَتْكه أنَهُ كان وهو في حيَّه عَيَّاراً فاتكاً يجني الجنايات على أهله، فخَلَعه قومُه وتبرؤا من صنيعِه، ففارقهم، وقدم مكة فحالف حَرْب بن أمية، ثم نَبَابه المقام بمكة أيضاً، ففارقَ أرضَ الحجاز إلى أرض العراق، وقدم على النعمان بن المنذر الملك فأقام ببابه، وكان النعمان يبعث إلى عكاظ بلَطِيمة (اللطيمة - بفتح أوله - جماعة الإبل تحمل الطيب والبز وعروض التجار) كلَّ عامٍ تُباعُ له هناك، [ص: 88] فَقَال وعنده البراض والرحَّال - وهو عُرْوَة بن عُتْبَة بن جعفر بن كلاب، سمى رَحَّالاً لأنه كان وَفَاداً على الملوك - مَنْ يُجِيز لي لطيمتى هذه حتى يقدمها عكاظ؟ فَقَال البراض: أبَيْتَ اللعنَ أنا أجيزها على كنانة، فَقَال النعمان: ما أريد إلا رجلا يجيزها على الحيين قيس وكنانة، فَقَال عروة الرحَّال: أبَيْتَ اللعن أهذا العَيَّار الخليعُ يكمل لأن يجيز لطيمة الملك؟ أنا المجيزها على أهل الشِّيحِ والقَيصُوم من نَجْد وتهامة، فَقَال: خُذهَا، فرحل عُروة بها، وتبع البراض أثَرَه، حتى إذا صار عُروة بين ظَهْرَاتى قومه بجانب فَدَك نزلت العيرُ فأخرج البَرَّاض قِدَاحا يستقسم بها في قَتْل عُروة، فمر عروة به وقَال: ما الذي تصنع يا بَرَّاض؟ قَال: أستخبر القِدَاح في قتلى إياك فقال اسْتُكَ أضْيَقَ من ذاك، فوَثَبَ البراض بسيفه إليه فضربه ضربةً خَمَدَ منها، واستاقَ العِير، فبسببه هاجت حربُ الفِجَار بين حي خِنْدف وقيس؛ فهذه فَنَكَة البّرَّاض التي بها المثل قد سار، وقَال فيها بعضُ شعراء الإسلام: والفَتَى من تَعَرَّفَتْهُ الليالي ... وَالفَيَافِى كَالحَيَّةِ النَّضْنَاضِ كُلَّ يَوْمٍ له يصْرِفِ الليالي ... فَتْكَةٌ مِثْلُ فَتْكَةِ البَّراضِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 87 2819- أفْتَكُ مِنَ الجَحَّافِ هو الجَحَّافُ بن حَكيم السُّلَمى ومن خبر فَتكه أن عُمَير بن الحُبَاب السُّلْمى كان ابن عمه، فَنَهضَ في الفتنة التي كانت بالشأم بين قَيْس وكَلْب بسبب الزُّبَيْرية والمَرْوانية، فلقى في بعض تلك المُغاورات خيلاً لبنى تغلب فقتلوه، فلما اجتمع الناسُ على عبد الملك بن مروان ووضَعَتْ تلك الحروبُ أوْزَارَها دخل الجَحَّاف على عبد الملك والأخطلُ عنده، فالتفَتَ إليه الأخطلُ فَقَال: ألا سَائِلِ الجَحَّافَ هَلْ هُوَ ثائر ... لقَتْلَى أصِيبَتْ من سُلَيمٍ وَعَامِرِ فَقَال الجحاف مُجيباً له: بَلَى سَوفَ أبكيهِمْ بكُلِّ مُهَنَّدٍ ... وأبْكَى عُمَيراً بالرِّمَاحِ الخَواطِرِ ثم قَال: يا ابن النصرانية ما ظننتك تجترىء علىَّ بمثل هذا، ولو كنت مأسورا، فحُمَّ الأخطلُ فَرَقاً من الجَحَّاف، فَقَال عبد الملك: لا تُرَعْ فإني جارُكَ منه، فَقَال الأخطل: يا أمير المؤمنين هَبْكَ تجيرني منه في اليقَظَة فكيف تجيرني في النوم؟ فنهض الجَحَّاف من عند عبد الملك يَسْحَبُ كساءه فَقَال عبد الملك: إن في قفاه لَغَدْرَةً، ومر [ص: 89] الجَحَّاف لِطِيَّتِهِ وجمع قومَه وأتى الرُصَافه، ثم سار إلى بنى تغلب، فصادف في طريقة أربعَمَائة منهم، فقتلهم، ومضى إلى البِشْر - وهو ماء لبنى تغلب - فصادف عليه جمعاُ من تغلب فقتل منهم خمسمائة رجل، وتَعَدَّى الرجالَ إلى قتل النساء والولدان، فيقَال: إن عجوزاً نادته فَقَالت: حربك الله يا جحاف! أتقتلُ نساءً أعلاهن ثُدِىٌّ وأسفلُهن دُمِىٌّ، فانحزل ورجع، فبلغ الخبرُ الأخطلَ فدخل على عبد الملك وقَال: لَقَدْ أوْقَعَ الجَحَّافُ بِالبِشْرِ وَقْعَةً ... إلي الله مِنْها المُشْتَكَى وَالمُعولُ فأهدرَ عبدُ الملك دم الجحَّاف، فهربَ إلى الروم، فكان بها سبع سنين، ومات عبدُ الملك وقام الوليد ابن عبد الملك فاستؤمن للحجاف فأمنه فرجع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 88 2820- أفْتَكُ مِنَ الحَارِثِ بنِ ظَالِمٍ من خبر فَتْكِهِ أنه وَثَبَ بخالد بن جعفر بن كلاب، وهو في جِوَار الأسود بن المنذر الملِكِ، فقتله، وطلبه الملكُ ففاته، فقيل: إنك لن تصيبه بشَيء أشدَّ عليه من سَبْي جارات له من بلى، وبَلىٌّ: حي من قُضَاعة فبعث في طلبهن، فاستاقهن وأموالهن، فبلغه ذلك، فكَرَّ راجعاً من وَجْه مَهْرَبه، وسأل عن مَرْعى إبلهن فدُلَّ عليه، وكُنَّ فيه، فلما قرب من المَرْعَى إذا ناقة يُقَال لها اللَّفَاعُ غزيرة يحلبها حالبان، فلما رآها قَال: إذا سَمْعْت حَنَةَ اللّفَاعِ ... فَادْعى أبا لَيْلَى وَلاَ تُرَاعِى ذَلِكَ رَاعِيكَ فِنِعْمَ الرَّاعِى ثم قَال: خَليَّا عنها، فعرف البائنُ (البائن: من يكون في جهة شمال الناقة عند الحلب، والمعلى - بزنة اسم الفاعل - من يكون في جهة يمينها، وتقدم في حرف السين "است البائن أعلم") كلاَمَه فحَبَقَ، فَقَال المُعَلَّى: والله ما هي لك فَقَال الحارث: "استُ البائِنِ أعْلَمُ" فذهبت مَثَلاً، فخلِّيا عنها، ثم استنقذ جارته وأموالهن وانطلقَ فأخذ شيئاً من جهاز رحل سنان بن أبى حارثة فأتى به أخته سلمى بنت ظالم، وكانت عند سنان، وقد تبنت بن الملك شرحبيل بن الأسود، فَقَال: هذه علامة بَعْلك فضعي ابنَكِ حتى آتيه به، ففعلت، فأخذه وقَتَله، فهذه فَتْكَة الحارث بن ظالم والمثل بها سائر. وأما قولهم: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 89 2821- أفْتَكُ مِنْ عَمْرِو بنِ كُلثُومٍ فإن خبر فتكه يطول، وجُملته أنه فَتَكَ بعمرو بن عبد الملك (كذا، وهو عمرو بن هند) في دار ملكه [ص: 90] بين الحيرة والفرات، وهَتَكَ سُرادقه، وانتهب رَحْله، وانصرف بالتَّغَلبة إلى باديته بالشأم موفوراً لم يَكْلَم أحد من أصحابه فسار بفتكه المثل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 89 2822- أفْصَحُ مِنَ العِضَّينِ يُقَال: هما دَغْفَلٌ وابن الكَيِّس، قَال أحَادِيث عَنْ أبْنَاءِ عَادٍ وجَرُهُمٍ ... يثًوِّرُها العِضَّانِ زَيْدٌ وَدَغْفَلُ يُقَال للرجل الدهي: عِضّ، وقد عضضت يا رجُلُ، أي صرت عِضَّا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 90 2823- أفْيلً مِنَ الرأي الدَّبَرِىَّ هو الرأي الذي يُحَاضر به بعد فَوْت الأمر، قَال الشاعر: تتَبَّعُ الأمْرش بَعْدَ الفَوْتِ تَغْرِيرُ ... وَتَرْكُهُ مُقْبِلاً عَجْزٌ وَتَقْصيرُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 90 2824- أفْسَدُ مِنَ الأرَضَةِ، و "مِنَ الجَرَادِ" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 90 2825- أفْسَى مِنْ عَبْدِىٍّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 90 2826- أفْرَغُ مِنْ فُؤادِ أمِّ مُوسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام الجزء: 2 ¦ الصفحة: 90 2827- أفْسَقَ مِنْ غُرابٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 90 2828- أفْوَهُ مِنْ جَريرٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 90 2829- أفخَرُ مِنَ الحَارِثِ بنْ حِلِّزَةَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 90 المولدون الجزء: 2 ¦ الصفحة: 90 في سَعَةِ الأخْلاَقَ كنُوزُ الأرْزَاق. فِي بَعْضِ القُلُوبِ عُيُونٌ فِي فَمِى مَاءٌ وَهَلْ يَنْـ ... طِقُ مَنْ فِيهِ ماءٌ فِي رأسِهِ خُيُوطٌ فِي كَفِّهِ مِنْ رُقَى إبْلِيسَ مِفْتَاحٌ. فِي شَمِّكَ المِسْكَ شَغْلٌ عن مَذَاقَتِهِ. فَرَّ مِن المَطَرِ وقَعَدَ تَحْتَ المِيزابِ. فَرَّ مِنَ المَوْتِ وفِي المَوْتِ وَقَعَ. فَرَّ أخْزَاهُ الله خَيْرٌ مِنْ قُتِلَ رَحِمَهُ الله. فَوْقَ كُلِّ طَامَّةٍ طَامَّة. فَالُوذَجُ الجِسْرِ، وفَالُوذَجُ السُّوقِ. يضربان لذي المنظر بغير مخبر. فِي نُصحِهِ حُمَةُ العَقْرَبِ. فَمٌ يُسَبِّحُ، وَيَدٌ تَذْبَحُ. فَرَشْتُ لَهُ دِخْلَةَ أمْرِى. فَوْتُ الحَاجَةِ خَيْرٌ مِنْ طَلَبِها إلى غَيرِ أهلِهَا. [ص: 91] في تقَلُّبِ الأحْوَالِ عِلْمُ جَوَاهِرِ الرِّجَالِ. فَازَ بِخَصْلِ النَّاصِلِ - للخائب. الفُضُولُ عَلاَوَةُ الكِفَايَةِ. الإفْلاَسُ بذْرَقَةٌ. افْرُشْ لَهُ بِنَفْخَةٍ. الفَضْلُ لِلْمُبْتَدى وإنْ أحْسَنَ المُقْتَدِى. الفُرَصُ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ. الفِتْنَةُ يَنْبُوعُ الأحْزَانِ. الفِاخِتَةُ عِنْدَهُ أبُو ذَرٍ. الفِطَامُ شَدِيدٌ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 90 - الباب الحادي والعشرون فيما أوله قاف الجزء: 2 ¦ الصفحة: 91 2830- قَطَعَتْ جَهِيزَةُ قَوْلَ كُلِّ خَطِيبٍ أصله أن قوما اجتمعوا يخطبون في صُلح بين حيين قتل أحدُهُما من الآخَر قتيلا، ويسألون أن يرَضوا بالدِّية، فبيناهم في ذلك إذ جاءت أمة يُقَال لها "جهيزة" فَقَالت: إن القاتل قد ظَفِرَ به بعضُ أولياء المقتول فقتله، فَقَالوا عند ذلك "قَطَعَتْ جهِيزةُ قول كل خطيب" أي قد استغنى عن الخُطَب. يضرب لمن يقط على الناس ما هم فيه بَحَمَاقةً يأتي بها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 91 2831- قَوِّرِى وَالطُفي قَاله رجل لامرأته، وكان لها صديقَ طَلبَ إليها أن تَقَدَّ له شِراكين من شَرج أست زوجها، فلما سمعت ذلك استعظمته وزَجَرته، فأبى إلا أن تفعل، فاختارت رضاه على صلاح زوجها، فنظرت فلم تَجِدْ له وَجْهاً ترجو به إليه السبيل إلا أن عَصَبَتْ على مَبَالِ ابنٍ لها صغير بقصبة وأخفتها، فَعَسُرَ عليه البولُ، فاستغاث بالبكاء، فلما سمع أبوه البكاء سألها: ما يُبْكِه؟ فَقَالت: أخذه الأسْرُ وقد نُعِت لي دَوَاؤُه طريدة تُقَدُّ له من شَرْج استك، فأعظم الرجلُ ذلك، وجعل الأمرُ لا يزداد بالصبي إلا شدة فلما رأى أبوه ذلك اضطجع وقَال: دونَكِ يأمَّ فلان قَوِّرِى وَالطُفي، فاقتطعت منه طريدةً لتُرْضى صديقها، وأطلقت عن الصبي. [ص: 92] يضرب للرجل الغمر الغر ليحذر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 91 2832- قِيلَ لحُبْلَى: ما تَشَتَهِينَ؟ فَقَالت: التَّمْرَ وَوَاها لِيَهْ أي أشتهى كل شَيء يذكر لي مع التمر، وواها ليه: أي أشتهيه ويعجبنى. يضرب لمن يشتهى ما يذكر. وواها: كلمة تعجب، تقول لما يعجبك: واها له، قَال أبو النجم: وَاهاً لِرَيَّا ثُم وَاهَاً واَهَا ... يَالَيْتَ عَيْنَاهَا لَنَا وَفَاهَا بِثَمَنٍ نُرْضِى بِهِ أبَاهَا ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 92 2833- قَبْلَ النَّفَاسِ كُنْتِ مُصْفَرَّةً يضرب للبخيل يعتلّ بالإعدام وهو مع الإثراء كان بخيلا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 92 2834- قَبْلَ البُكَاءِ كانَ وَجْهُكَ عَابِسا يضرب لمن يكون العُبُوسُ له خِلْقَةً، ويضرب للبخيل يعتلُّ بالإعسار وقد كان في اليسار مانعا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 92 2835- قَدْ نَجَّذَتْهُ الأمُورُ يضرب لمن أحكَمَته التَّجَارِب. ولعله من بنات النَّوَاجذ، يُقَال: عَضَّ على نَاجِذِهِ، أي قد أسَنَّ، قَال سُحَيْم ابن وَثيل الرياحى: أخو خمسينَ قَدْ تَمَّتْ شَذَاتِى ... وَنَجَّذَنِى مُدَاوَرَةُ الشُّؤُنِ (يروى صدره ... أخو خمسين مجتمع أشدى ... والشذاة - كفتاة - بقية القوة والشدة.) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 92 2836- اقْصِدْ بِذَرْعِكَ الذَّرْع والذِّراع واحد. يضرب لمن يتوعَّدُ. أي كلَّفْ نفسَكَ ما تطيق، والذَّرْع: عبارة عن الاستطاعة، كأنه قَال: اقْصِدِ الأمر بما تملكه أنت لا بما يملكه غيرك: أي توعَّدْ بما تَسَعُه قدرتُكَ، ولا تطلب فوقَ ذلك في تهددى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 92 2837- انْقَطَعَ السَّلَى فِى البَطْنِ السَّلَى: جِلْدة رقيقة يكون فيها الولد من المَوَاشى إن نزعت عن وَجْه الفصيل ساعَةَ يولدُ وإلاَّ قتلته، وكذلك إذا انقطع السلى في البطن، فإذا خرج السَّلّى سلمت الناقة وسلم الولد، وإلا هلكت وهلك الولد، يُقَال: ناقة سَليَاء، إذا انقطع سَلاَها. يضرب في فُوات الأمر وانقضائه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 92 3838- قلَبَ الأمْرَ ظَهْراً لِبْطْنٍ يضرب في حسن التدبير. [ص: 93] واللام في "لبطن" بمعنى على، ونصب "ظهراً" على البدل، أي قلَبَ ظهر الأمر على بطنه حتى علم ما فيه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 92 2839- قَدَحَ فِي سَاقِهِ القَدْح: الطعن، والساق: الأصل، مستعار من ساقَ الشجرة، وهو جِذْعُها وأصلها. يضرب لمن يعمل فيما يكره صاحبه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 93 2840- قَرَعَ لهُ ظُنُبُوبَهُ إذا جَذَّ فيه ولم يَفْتَرْ، قَال سَلاَمة بن جَنْدَل: إنَّا إذَا مَا أتَانَا صَارِخٌ فَزْعٌ ... كانَ الصُّرَاخَ لهُ قَرْعُ الظَّنَابيبِ أي إذا أتانا مستغيثٌ كانت إغاثته الجِدّ في نصرته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 93 2841- قَدْ شَمَّرَتْ عَنْ سَاقِها فَشَمِّرِى يضرب في الحث على الجد في الأمر. والتاء في "شمرت" للداهية، والخطاب في "شَمِّرِى" على التأنيث للنفس. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 93 2842- قَبْلَ الضُّرَاطِ اسْتِحْصافُ الأليتَيْنْ أي قبل وقوع الأمر تُعَدُّ الآلَةُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 93 2843- قُرْبُ الوِسَادَ وطُولُ السِّوادِ يضرب للأمر الذي يُلْقى الرجلَ فيما يكره. وقيل لابنه الخُسِّ: لم زَنَيتِ وأنت سيدة قومِكِ؟ فَقَالت هذه المقَالة، وقَال بعض العلماء: لو أتمت الشرح لقَالت : قرب الوِساد، وطول السِّوَادِ، وحُبُّ السِّفَاد. والسَّواد: المُسَارَّة، وهو قرب السَّوَاد من السَّواد، يعنى الشخص من الشخص. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 93 2844- قَدْ يَبْلُغُ القَطُوفُ الوساعَ القَطُوف من الدواب: الذي يُقارِب الخَطْو، الوسَاع: ضِدّه. يضرب في قناعة الرجل يبعض حاجته دون بعض. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 93 2845- قَدْ يُبْلَغُ الخَضْمُ بِالقَضْمِ الخَضْم: أكلٌ بجميع الفم، والقضم: بأطراف الأسنان. قَال ابن أبى طرفة: قدم أعرابي على ابن عم له بمكة، فَقَال له: إن هذه بلاد مَقَضَم، وليست بلاد مَخْضَم. ومعنى المثل: قد تدرَكُ الغايةُ البعيدةُ بالرفق، كما أن الشعبة تدرك بالأكل بأطراف الفم، قَال الشاعر: تَبَلَّغْ بأخلاقَ الثِّيَابِ جَدِيدَها ... وَبالقَضْمِ حتَّى تُدْرِكَ الخَضْمَ بالقَضْمِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 93 2846- قد استَنْوَقَ الجَملُ أي صار ناقةً. [ص: 94] وكان بعض العلماء يخبر أن هذا المثل لطرَفة بن العبد، وذلك أنه كان عند بعض الملوك والمُسَيَّبُ بن عُلَس ينشد شعراً في وصف جَمل، ثم حوَّله إلى نعت ناقة، فَقَال طرفه "قد استَنْوَقَ الجمل" ويقَال: إن المنشد كان المتلمس، أنشد في مجلس لبنى قيس بن ثعلبة، وكان طرفة يلعب مع الصبيان ويتسمَّع، فأنشد المتلمس: وَقَدْ أتَنَاسَى الهمَّ عِنْدَ احْتِضَارِهِ ... بِنَاجٍ عَلَيْهِ الصَّيْعَرِيَّةُ مكدم كُمَيْتٍ كَنَازِ اللَّحْمِ أوْحَمِيَرية ... مُوَاشِكَة تَنْفِى الحَصَى بِمُلَثَّمِ كأن على أنْسَائِهَا عِذْقَ خَصْبَةٍ ... تَدَلَّى مِنْ الكَافُورِ غَيْرَ مُكَمَّمِ والصيعرية: سِمَة تُوسم بها النوقَ باليمن، فلما سمع طَرَفة البيتَ قَال: استنوقَ الجمل، قَالوا: فدعاه المتلمس وقَال له: أخْرِجْ لسانَكَ، فأخرجه فإذا هو أسْوَد، فَقَال: وَيْلٌ لهذا من هذا. قَال أبو عبيد: يضرب هذا في التخليط الجزء: 2 ¦ الصفحة: 93 2847- قُودُوهُ بي بَارِكاً وذلك أن امرَأة حُمِلَتْ على بعير وهو بارك، فأعجبها وَطْء المركب، فَقَالت: قُودى بي باركا. يضرب لمن يتعوَّدُ (كذا، وأحسبه "لمن لم يتعود - " إلخ) مُبَاشرة الترفة ثم باشرها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 94 2848- قَرِّبِ الحِمارَ مِنَ الرَّدْهَةِ وَلا تَقُلْ لهُ سَأْ الرَّدْهة: مسنتقع الماء، وسأ: زَجْر للحمار، يُقَال: سَأْسَأتُ يالحمار، إذا دَعَوْتَه ليشرب. يضرب للرجل يعلم ما يصنع. أي كِلِ الأمرَ إليه ولا تُكْرِهْهُ على فعله إذ أرَيته رشده. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 94 2849- اقْلِبْ قَلاَبِ هذا مثل يضرب للرجل تكون منه سقطة فيتداركها بأن يقلبها عن جهتها ويصرفها عن معناها. وهو في حديث عمر رضي الله عنه، قَال أبو الندى في أمثاله: يُقَال "أحمقَ من عدى بن جناب" وهو أخو زهير بن عد بن جناب، وكان زُهير وَفَّادا على الملوك، وفدَ على النعمان ومعه أخوه عدى، فقال النعمان: يا زهير إن آمي تشتكى، فِبمَ يتداوى نساؤكم؟ فالتفت عَدِىٌّ فَقَال: دواؤها الكمرة، فَقَال النعمان لزهير: ما هذه؟ فَقَال هي الكمأة أيها الأمير، فقال عدى : اقْلِبْ قَلاَب، ما هي إلا كمرة الرجال. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 94 2850- قَدْ يَضْرَطُ العَيْرُ وَالمِكْوَاةُ في النَّارِ أول من قَال ذلك عُرْفُطة بن عَرْفَجة الهَزَّاني، وكان سيد بنى هِزَّان، وكان حُصَين بن نبيت العُكْلى سيد بنى عُكْل، وكان كل واحد منهما يغير على صاحبه، فإذا أسرت بنو عكل من بنى هِزَّان أسيراً قتلوه، وإذا أسرت بنو هِزَّان منهم أسيراً فَدَوْه، فقدم راكب لبنى هِزَّان عليهم فرأى ما يصنعون، فقال لبنى هِزَّان: لم أر قوماً ذوى عَدَد وعُدَّة وجَلَد وثَرْوَة يلجئون إلى سيد لا ينقض بهم وتْراً، أرضيتم أن يَفْنَى قومُكم رغبةً في الدِّيةِ، والقومُ مثلكم تؤلمهم الجِرَاح، ويَعضُّهم السلاح؟ فكيف تقتلون ويسلمون؟ ووبخهم توبيخاً عنيفاً، وأعلمهم أن قوماً من بنى عُكْل خرجوا في طلب إبل لهم، فخرجوا إليهم فأصابوهم، فاستاقوا الإبل وأسَروهم، فلما قدموا محلتهم قَالوا: هل لكم في اللّقَاح، والأمة الرَّدَاح، والفَرَس الوَقَاح؟ قَالوا: لا، فضربوا أعناقهم، وبلغ عُكْلاً الخبرُ، فساروا يريدون الغارة على بنى هِزَّان ونذرت بهم بنو هِزَّان، فالتفوا فاقتتلوا قتالاً شديداً حتى فَشَتْ فيهم الجراح، وقتل رجل من بنى هِزَّان، وأسرَ رجلان من بنى عُكْلٍ وانهزمت عكل، وإن عرفطة قَال للأسيرين: أي كما أفضل لأقتله بصاحبنا؟ وعسى أن يفادى الآخَر، فجعل كل واحد منهما يخبر أن صاحبه أكرم منه، فأمر بقتلهما جميعاً، فقدِّم أحدُهما ليقتل، فجعل الآخَر يَضْرَطُ، فَقَال عرفطة : قد يضْرَطُ العيرُ والمكواة في النار، فأرسلها مَثَلاً. يضرب للرجل يخاف الأمر فيجزع قبل وقوعه فيه. وقَال أبو عبيد: إذا أعطى البخيل شيئاً مخافة ما هو أشد منه قَالوا: قد يَضْرَطُ العَيْرُ والمكواة في النار. ويقَال: إن أول من قَاله مُسَافر بن أبى عمرو بن أمية، وذلك أنه كان يَهْوَى بنت عتبة، وكانت تهواه فَقَالت له: إن أهلي لا يزوجونني منك لأنك مُعَسِر، فلو قد وَفَدْتَ إلى بعض الملوك لعلك تصيب مالا فتتزوجني، فرحل إلى الحِيرَة وافداً على النعمان، فبينما هو مُقيم عندهُ إذ قَدِم عليه قادم من مكة، فسأله عن خبر أهل مكة بعده فأخبره بأشياء وكان فيها أن أبا سفيان تزوج هندا، فطُعنَ مسافر من الغم، فأمر النعمان أن يكوى، فأتاه الطبيب بمَكَاويه فجعلها في النار، ثم وضع مكواة منها عليه وعِلْجٌ [ص: 96] من عُلُوج النعمان واقف، فلما رآه يُكْوَى ضَرِط، فَقَال مسافر: قد يَضْرَطُ العيرُ والمكواة في النار، ويقَال: إن الطبيب ضَرِطَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 95 2851- قَبْلَ عَيْرٍ وَما جَرَى أي أولَ كل شَيء، يُقال: لقيته أول ذات يدين، وأولَ وَهْلَةٍ، وقَبْلَ عيرٍ وما جرى. قَال أبو عبيد: إذا أخبر الرجلُ بالخبر من غير استحقاقَ ولا ذكر كان لذلك قيل: فَعَلَ كَذا وكذا قبل عَيْر وما جَرَى. قَالوا: خص العَير لأنه أحْذَر ما يُقَنَص وإذا كان كذلك، كان أسْرَعَ جرياً من غيره، فضرب به المثل في السرعة. وقَال الأصمعي: معناه قبل أن يجرى عَيْر وهو الحمار، وقَال غيره: يريد بالعَيْر المثال في العين، وهو الذي يُقَال له اللُّعبَةُ، والذي يجرى عليه هو الطَّرْف، وجَرْيهُ حركته، فيكون المعنى قبل أن يطرف الإنسان، قَال الشماخ: وتعدو القَبضَّى قَبْلَ عَيرٍ ومَا جَرَى ... وَلَمْ تَدْرِ مَا بَالي ولَمْ أدْرِ مَالَهَا ويروى: القَمِصَّى، والقَبِصَّى، والباء بدل من الميم، وهما ضرب من العَدْو فيه نزو، ومن روى بالضاد فهو من القباضة وهى السرعة ومنه يعجل ذا القباضة الوحيا ... ويقَال: جاء فلان قبل عير وما جرى، وضرب قبل عير وما جرى، يريدون السرعة في كله. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 96 2852- قَدْ حِيلَ بَينَ العِيرِ وَالنَّزوانِ أولُ من قَال ذلك صَخْر بن عمْرو أخو الخَنْسَاء. قَال ثعلب: غزا صَخر بن عمرو بنى أسد بن جُزَيمة، فاكتَسَحَ إبلهم، فجاءهم الصَّرِيخ فركبوا فالتقوا بذات الأثل، فَطَعَنَ أبو ثَوْر الأسدى صَخْراً طعنةً في جَنْبه، وأفلت الخيل فلم يُقْعَصْ مكانه وجَوِى منها، فمرض حَوْلاً حتى ملَّه أهلُه، فسمع امرَأة تقول لامرأته سَلمى: كيف بَعْلُكِ؟ فَقَالت: لا حَيٌّ فُيرْجَى ولا مَيْتٌ فيُنْعى، لقد لقينا منه الأمرين، فَقَال صخر: أرَى أمَّ صَخْرِ لاَ تَملُّ عِيَادَتى ... وفي رواية أخرى: فمرضَ زمانا حتى مَلَّته امرأته، وكان يكرمها، فمر بها رجلٌ وهي قائمة وكانت ذات خَلْقَ وإدراك، فَقَال لها: يباعُ الكَفَل؟ فَقَالت: نعم عما قليل، وكان ذلك يَسْمَعُهُ صخر، فَقَال: أما والله لئن قَدَرْتُ لأقدِّمَنَّك قبلى، ثم قَال لها: نَاوِلينِى السيف أنظر إليه هل تُقِلُّه يدى، فناولته فإذا هو لا يٌقْلُّه، فَقَال: أرى أمَّ صَخْرٍ لا تَمَلُّ عِيَادَتِى ... وَمَلَّتْ سُلَيمَى مَضْجَعِي وَمَكَانِي [ص: 97] فأي امْرئٍ سَاوَى بأمٍّ حَلَيلَةً ... فلاَ عَاشَ إلاَّ فِي شَقاً وَهَوَانِ أُهُمُّ بأمرِ الحَزْمِ لَوْ أسْتَطِيعُهُ ... وَقَدْ حِيلَ بَيْنَ العَيْرُّ والنَّزَوَانِ وَمَا كُنتُ أَخْشَى أن أكُونَ جَنَازَةً ... عَلَيْكِ وَمَنْ يَغْتَرُّ بِالحَدْثَانِ فَللْمَوتُ خَيْرٌ مِنْ حَيَاةٍ كأنَّها ... مُعَرَّسُ يُعْسُوبٍ بِرَأْسِ سَنانِ لَعَمْرِى لَقَدْ نَبَّهْتِ مَنْ كَانَ نَائِمَاً ... وأسْمَعْتِ مَنْ كَانِتْ لَهُ أذُنَانِ قَال أبو عبيدة: فلما طال بهِ البَلاَء وقد نَتَأت قطعة من جنبه مثل اللبد في موضع الطعنة قيل له: لو قطعتها لَرَجَوْنا أن تَبْرأ، فَقَال: شأنكم، وأشفقَ عليه قومٌ فَنَهَوْه، فأبى، فأخذوا شَفْرَة فَقَطَعُوا ذلك الموضع، فيئس من نفسه، وقَال: أجَارَتَنَا إنَّ الحُتُوفَ تَنُوبُ ... على النَّاسِ كُلَّ المُخْطِئينُ تُصِيبُ أجَارَتَنَا إنَّ تَسأَلِيِني فَإنَّني ... مُقِيمٌ لَعَمْرِى مَا أَقَامَ عَسِيبُ كَأنِّي وَقَدْ أدْنُوا لحِزٍّ شِفَارَهُم ... مِنَ الصَّبْرِ دَامِي الصَّفْحَتَينِ نَكِيبُ ثم مات، فدفن إلى جنب عَسِيب، وهو جَبَل يقرب من المدينة، وقبره معلم هناك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 96 2853- قَرَارَةٌ تَسَفَّهَتْ قَرَارَة قَال الأصمعى: القَرَار والقَرَارة: النقد، وهو ضرب من النَغَم قِصَار الأرجل قِباح الوجوه، وهذا مثل قولهم "نَزْوَ الفَرَارِ اسْتَجْهَلَ الفَرَار" يضرب للرجل يتكلم في القوم بالخطأ فيطا بقونه على ذلك. وقَال المنذرى: فرارة بالفاء، قَال: وهى البَهْمَة تنفر إلى أمها فيتبعها الغَنَم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 97 2854- القِرْدَانُ حَتَّى الحَلَمُ يضرب لمن يتكلم ولا ينبغى له أن يتكلم لَنَدَالته. والحلَم: أصغر القِرْدَان. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 97 2855- القْرَنَبَى في عَينِ أُمِّهَا حَسَنَةٌ هي دويبة مثل الخنفس منقطعة الظهر طويلة القوائم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 97 2856- قيلَ للِشَّقِىِّ: هَلُمَّ إلى السَّعَادةِ، فَقَال: حَسْبِى مَا أنا فِيهِ يضرب لمن قنع بالشر وترك الخير وقَبُولَ النصح. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 97 2857- قَدْ يُدْفَعُ الشَّرُّ بِمِثْلِهِ، إذا أعْيَاكَ غَيرُهُ قَاله بعض الماضين، وهذا مثل قول الفِنْدِ الزِّمَّانِيِّ: [ص: 98] وَبَعْضُ الحِلْمِ عِنْدَ الجَهْ ... ـلِ لِلذُّلَةِ إذْعَانُ وَفِي الشَّرِّ نَجَاةٌ حِيـ ... ـنَ لاَ يُنْجِيكَ إحْسَانُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 97 2858- قَدْ قَلَيْنَا صَفِيرَكُمْ أصله أن رجلاً كان يعتاد امرَأة؛ فكان يجئ وهى جالسةٌ مع بنيها وزوجها فيصفر لها، فتُخرج عجزها من وراء البيت وهي تُحْدِثُ ولَدَها، فيقضى الرجلُ حاجته وينصرف، فعلم ذلك بعضُ بنيها، فغاب عنها يومَه، ثم جاء في ذلك الوقت فَصَفَر ومعه مِسْمَار مُحْمىً، فلما أن فعلت كعادتها كَوَاها به، فَجاء خِلُّها بعد ذلك فصفر فَقَالت : قد قلينا صفيركم، قَال الكميت: أرْجُو لَكُمْ أنْ تَكُونُوا فِي مَوَدَّتِكُمْ ... كَلْبَا كَوَرْهَاء تَقْلِى كُلَّ صَفَارِ لمَّا أجَابَتْ صَفِيراً كانَ آتِيهَا ... مِنْ قَابِسٍ شَيَّطَ الوَجْعَاءَ بالنَّارِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 98 2859- انْقَضَبَ قُوَىٌّ مِنْ قاويةٍ الانْقِضَابُ: الانقطاع، أي انقطع الفرخُ من البيضة، أي خرج منها، كما يُقَال: برئَتْ قابية من قوب. يضرب عند انقضاء عند الأمر والفراغ منه ويقَال: انقَضَبَتْ قَابِيَةٌ من قُوبِهَا فالقابية: البيضة، والقوب: الفرخ قَال، الكميت يصف النساء وزُهْدَهن في ذَوِى الشيب: لهنَّ مِنَ المَشِيبِ ومَنْ عَلاهُ ... من الأمْثَال قَابِيَةٌ وَقُوبُ أي إذا رأين الشَّيْبَ فارقْنَ صاحبه ولم يَعُدْن إليه. وأما اشتقاقَ قُوَىٍّ فَقَال أبو الهيثم: لا يُعْرَف قَاوٍ وقُوَىّ مصغراً ولا مكبراً بمعنى الفرخ اسماً له، وقَال بعضهم: أصله من قُوَى الحبل؛ لأنه إذا انقطعت قُوَّة من قُوَاه لا يمكن اتَّصالها قلت: يمكن أن يحمل هذا على قولهم: قَوَيتِ الدار، إذا خَلَتْ من أهلها، مثل أقْوَتْ، لغتان مشهورتان، فهى قَاوِيَة ومُقْوية، فيقَال: قَوَيتِ البيضة، إذا خلت من الفرخ، وقَوِى الفرخُ، إذا خرج وخلا منها، فالبيضة قَاوية: أي خالية، والفرخُ قَاوٍ: آي خالٍ من البيض، وقُوَىّ: تصغير قاوٍ على مذهب الاسم؛ لأن كل فاعل إذا كان اسمَ عَلَمٍ فتصغيرُه على فُعَيل، كما قَالوا لصالح إذا كان اسماً صُلَيح، ولعامر عُمَير، ولخالد خُلَيد، طلباً للخفة، وإذا كان نعتاً صُويْلح وعُوَيمر وخُوَيلد، وقيل: القُوَىُّ [ص: 99] غيرُ موجودٍ في الشعر والكلام إلا في هذا المثل، والله أعلم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 98 2860- قَدْ أَفْرَخَ رَوْعُهُ أي ذهب عنه خَوْفُه. قَال الأزهري: كلُّ مَنْ لقيتُه من أهل اللغة يقوله بفتح الراء، إلا ما أخبرني به المنذرى عن أبى الهيثم بضم الراء، قَال: ومعناه خَرَجَ الرَّوْعُ من قلبه، قَال: والرَّوْعُ في الرُّوعِ، كالفَرْخ في البيضة. (أي والخوف في قلبه كالفرخ في البيضة) قلت: بعض هذا قد مضى في باب الفاء، فإذا قيل "أفْرَخَ رَوْعُه، وأورُعُه" جاز أن يكون على مذهب الدُّعَاء، وعلى معنى الخبر أيضاً، فإذا قلت "قد أفرخ" لا يصلح أن يكون للدعاء. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 99 2861- قَرُبَ طِبٌّ ويروى "قَرُبَ طِبَّا" وهو مثل "نِعْمَ رَجُلاً" وأصل المثل - فيما يُقَال - أن رجلا تزوج امرَأة، فلما هديت إليه وقعد منها مقعد الرجال من النساء قَال لها: أبكر أنتِ أم ثيب؟ فَقَالت : قَرُبَ طِبٌّ، ويقَال أيضاً في هذا المعنى: أنتَ عَلَى المُجَرَّبِ، أي على التجربة، و"على" من صلة الإشْرَافِ، أي مُشْرف عليه قريبٌ منه ومن علمه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 99 2862- قَدْ صَرَّحَتْ بِحِلْذَانَ هو حِمىً قريبٌ من الطائف لين مُسْتَوٍ كالراحة لا خَمَرَ (الخمر - بالتحريك - ما واراك من شجر أو غيره) فيه يتوارى به. يضرب للأمر الواضح البين الذي لا يخفى على أحد. وقد مر ما ذكر فيه من الخلاف الجزء: 2 ¦ الصفحة: 99 2863- قَدْ بَيَّنَ الصُّبْحُ لِذِى عَيْنَينِ بَيَّنَ هنا: بمعنى تَبَيَّنَ يضرب للأمر يظهر كلَّ الظهور. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 99 2864- قَدْ سِيلَ بِهِ وَهْوَ لاَ يَدْرِى ويقَال أيضاً "قد سال به السيل" يضرب لمن وقع في شدة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 99 2865- اقْدَحْ بِدِفْلَى فِي مَرْخٍ، ثمَّ شُدَّ بَعْدُ أرْخِ قَال المازنى: أكثر الشجر ناراً المَرْخُ ثم العفَار ثم الدَّفْلَى. قَال الأحمر: يُقَال هذا إذا حملت رجلاً فاحشاً على رجل فاحش، فلم يَلْبَثَا أن يقع بينهما شر. وقَال ابن الأعرابى: يضرب للكريم الذي لا يحتاج أن تكدَّه وتُلِحَّ عليه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 99 2866- القَيْدُ وَالرَّتْعَةُ قَال المفضل: أولُ من قَال ذلك عمرو [ص: 100] ابن الصَّعِقَ بن خُويلَد بن نُفَيل بن عمرو بن كلاب، وكانت شاكر من هَمَدان أسَرُوه فأحْسَنُوا إليه ورَوَّحُوا عنه، وقد كان يوم فارقَ قومه نحيفاً، فهربَ من شاكر، فبينما هو بقئ من الأرض إذا اصطاد أرنباً فاشتواها فلما بدأ يأكل منها أقبل ذئبٌ فأقْعَى غيرَ بعيدٍ فنبذ إليه من شِوَائِه، فولَّى به، فَقَال عمرو عند ذلك: لقَدْ أوعَدَتْنِى شَاكِرٌ فَخَشِيتُهَا ... ومن شعب ذي همدان في الصدر هَاجِسُ ونَارِ بِمَوْمَاةٍ قَليل أنيسُها ... أتاني عَلَيهَا أطْلَسُ اللَّوْنِ بَائِسُ قَبَائِل شَتَّى ألَّفَ الله بينَهَا ... لَهَا حَجَفٌ فَوْقَ المَنَاكِبِ يَابِسُ نَبَذْتُ إليهِ حِزَّةً مِنْ شِوَائِنَا ... فَآبَ وَمَا يَخشى عَلَى مَنْ يُجَالِسُ فَوَلَّى بِهَا جِذْلاَنَ يَنْفَضُ رَأسَهُ ... كَمَا آضَ بِالنَّهْبِ المُغَيرُ المخَالِسُ فلما وصل إلى قومه قَالوا: أي عَمْرو خرجت من عندنا نحيفاً وأنت اليوم بَادِن، فَقَال : القَيْد والرَّتْعَة، فأرسلها مَثَلاً، وهذا كقولهم "العز والمَنَعة" و "النجاة والأمنة" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 99 2867- قَدْ أَنْصَفَ القَارَةَ مَنْ رَامَاهَا القَارة: قبيلة، وهم عُضَل والديش ابنا الهُون بن خُزَيمة، وإنما سُمُّوا قارة لاجتماعهم والتفافهم، لمَّا أراد الشَّدَّاخُ أن يفرقهم في بنى كنانة، فَقَال شاعرهم: دَعُونَا قارَةٌ لا تَنْفِرُونَا ... فَنُجْفِلَ مِثْل إجْفَالِ الظَّلِيمِ وهم رُماة الحدقَ في الجاهلية، وهم اليوم في اليمن، ويزعمون أن رجلين التَقَيَا أحدهما قارىّ، فَقَال القرى: إن شِئت صارَعْتُكَ، وإن شِئت سابقك، وإن شِئت رَامَيْتك، فَقَال الآخَر: قد اخترت المراماة، فَقَال القارىُّ: قد أنصفتني، وأنشأ يقول: قد أنْصَفَ القَارَةَ مَنْ رَامَاهَا ... إنَّا إذَا ما فِئَةٌ نَلْقَاهَا نَرُدُّ أولاَهَا عَلَى أخْرَاهَا ... ثم انتزع له بسهم فَشَكَّ به فؤاده قَال أبو عبيد: أصل القارة الأكَمَةُ، وجمعها قُور، قَال ابن واقد: وإنما قيل "أنصفَ القارَةَ من راماها" في حَرْبٍ كانت بين قريش وبين بكر بن عبد مناف بن كنانة، قَال: وكانت القارة مع قريش، وهم قوم رُماة، فلما التقى الفريقان راماهم الآخَرون، فقيل: قد أنصَفَهُم هؤلاء إذ ساووهم في العمل الذي هو شأنهم وصناعتهم، وفي بعض الآثار: ألا أخبركم بأعدل الناس؟ قيل: بلى، قَال: مَنْ أنْصَفَ مِنْ نفسه، وفي بعضها أيضاً: أشَدُّ الأعمالِ ثلاثة: [ص: 101] إنصافُ الناس من نفسك، والمواساة بالمال، وذكر اللَه تعالى كل حال. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 100 2868- قَبْلَ الرِّمَاءِ تُمْلأ الكَنَائِنُ (الكنائن: جمع كنانة، وهى وعاء السهم) قَال رؤبة قبل الرِّمَاء يُمْلأ الجَفيرُ أي تؤخذ أُهبَةَ الأمر قبل وُقوعه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 101 2869- قَلَبَ لَهُ ظَهْرَ المَجَنِّ يضرب لمن كان لصاحبه على موَدَّة ورعاية ثم حَالَ عن العَهْد كتب أمير المؤمنين على كرم الله وجهه إلى بن عباس رضي الله عنه حين أخذ من مال البصرة ما أخذ: أني شَرَكْتُكَ في أمانتي ولم يكون رجل من أهل أوثق منك في نفسي فلما رأيتَ الزمان على ابن عمك قد كَلِبَ، والعدو قد حَرِبَ، قَلبْتَ لابن عمك ظَهْرَ المِجَنِّ لفراقه مع المفارقين، وخَذْله مع الخاذلين، واختطَفْتَ ما قدرت عليه من أموال الأمة أختطاف الذئبِ الأزَلَّ رابيةَ المِعْزَى، اصْحُ رُويداً فكأنْ قد بَلَغْتَ المَدَى، وعُرْضَتْ عليك أعمالُكَ بالمحل الذي يُنادى به المغتَرُّ بالحسرة، ويتمنَّى المضيِّعُ التَّوْبَةَ والظالِمُ الرَّجْعَةَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 101 2870- قَبْلَ الرَّمْىِ يُرَاشُ السَّهْمُ يضرب في تهيئة الآلة قبل الحاجة إليها وهو مثل قولهم "قَبْلَ الرِّمَاءِ تُمْلأ الكَنَائِنُ" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 101 2871- قَدْ رَكِبَ رَدْعَهُ يُقَال به رَدْع من زَعفران أوْدَمٍ، أي لَطْخ وأثر، ثم يُقَال للقتيل: رَكِبَ رَدْعة، إذا خَرَّ لوجهه على دمه، ويقَال: معنى "ركب رَدْعة: أي دخَلَ عنقُه في جوفه، من قولهم "ارتَدعً السهمُ" إذا رجَعَ نَصْلُه في سِنْخِه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 101 2872- قَدْ ألقى عَصَاهُ إذا استقرَّ من سَفَر أو غيره، قَال جرير: فلَمَّا التَقَى الحَيَّانِ ألقَيتِ العَصَا ... وَمَاتَ الهَوَى لمَّا أصِيبَتْ مَقَاتِلُهْ وحكى أنه لما بُولع لأبي العباس السفَّاحِ قام خطيباً، فسقط القضيبُ من يده، فَتَطَيَّرَ من ذلك، فقام رجل فأخذ القضيبَ ومَسَحه ودَفَعه إليه وأنشد: فألقتْ عَصَاهَا وَاسْتَقرَّتْ بِهَا النَّوَى ... كَمَا قَرَّ عَيْنَاً بِالأيَابِ المُسَافِرُ وقال علي بن الحسن بن أبي الطيب الباخَرْزِىُّ في ضده: حَمْلُ العَصَا لِلمُبْتَلَى ... بالشَّيْبِ عُنْوَانُ البَلَى وُصِفَ المسافِرُ أنَّهُ ... ألْقَى العَصَا كيْ يَنْزِلاَ [ص: 102] فَعَلَى القِيَاسِ سَبِيلُ مَنْ ... حَمَلَ العَصَا أنْ يَرْحَلاَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 101 2873- قَشَرْتُ لَهُ العَصَا يضرب في خُلُوص الود. أي أظهرت له ما كان في نفسي، ويقَال: أقْشِرْ له العَصَا، أي كاشِفْهُ وأظْهِرْ له العداوة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 102 2874- قَتْلُ ما نَفْسٍ مُخَيَّرُها "ما" صلة، تخييرها، قَال عطاء بن مصعب: معناه أنه كان بين رجلين مالٌ فاقتسما، فَقَال أحدهما لصاحبه: اختر أي القسمين شئت، فجعل ينظر إلى هذا القسم مرة وإلى هذا أخرى، فيرى كلَّ واحد جيدا، فيقوا صاحبه: قَتْلُ ما نفسىٍ مخيرها، أي قتلت نفسك حين خيرتك. يوضع في الشره والشجع. ويروى "قتلَ" نفساً مخيرُها، أي إذا جعلْتَ الحكْمَ إلى مَنْ تسأله الحاجَةَ حمل لك على نفسه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 102 2875- قَدْ عَلقَتْ دَلوَكَ دلوٌ أخْرَى أصله أن الرجل يُدْلِى دَلْوَه للاستقاء فيُرْسِلُ آخرُ دلوه أيضاً، فتتعلق بالأولى حتى تمنع صاحبها أن يستقى. يضرب في الحاجة تطلب فيحول دونها حائل أي قد دَخَلَ في أمرك داخلٌ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 102 2876- قَدْ نَهَيْتك عَنْ شَرْبةٍ بالوَشَلِ. الوَشَلُ: الماء القليل، أي قد نهيتُكَ عن سُؤَال اللئيم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 102 2877- قَلَّ خِيسُهُ قَال أبو عمرو: الخِسُ اللَّبَنُ، يُقَال في الدعاء على الإنسان "قَلَّلَ الله خيسُهُ" أي لبَنَه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 102 2878- قَدْ قِيلَ ذَلِكَ إنْ حَقَاً وإنْ كَذِباً قَالوا: إن أولَ من قَال ذلك النعمانُ بن المنذر اللَّخمىُّ للربيع بن زياد العبسي، وكان له صديقاً ونديماً، وإن عامراً مُلاَعِبَ الأسِنَّةِ وعَوف بن ابن الأحوص وسُهَيلَ بن مالك ولبيدَ بن رَبيعةَ وشَمَّاساً الفَزَاري وقلابة الأسَدِى قَدِمُوا على النعمان، وخَلَّفُوا لَبِيداً يرعى إبلهم، وكان أحْدَثهم سِنّاً، وجعلوا يَغْدُونَ إلى النعمان ويرحون، فأكرمَهُم وأحْسَنَ نُزُلَهم، غيرَ أن الربيع كان أعظمَ عنده قَدْراً، فبَينما هم ذاتَ يوم عند النعمان إذ رجز بهم الربيعُ وعابَهُم وذكرهم بأقبح ما قَدَرَ عليه، فلما سمع القومُ ذلك انصرفوا إلى رِحَالهم، وكل إنسانٍ [ص: 103] منهم مُقْبِلٌ على بَثِّه، ورَوَّحَ لبيد الشَّوْل، فلما رأى أصحابه وما بهم من الكآبة سألهم: مالكم؟ فكتَمُوه، فقال لهم: والله لا أحفظُ لكم مَتَاعاً ولا أسْرَحُ لكم إبلاً أو ْتُخْبِرُونى بالذي كنتم فيه، وإنما كَتَمُوا عنه لأن أم لبيدٍ امرَأة من عَبْس، وكانت يتيمة في حَجْرِ الرَّبيع، فَقَالوا: خَالُكَ قد غَلَبَنَا على الملك وصَدَّ بوجهه عنا، فَقَال لبيد: هل فيكم مَنْ يكفيني وتُدْخِلُونني على النعمان معكم؟ فواللاَّتِ والْعُزَّى لأَدَعَنَّهُ لا ينظر إليه أبداً، فخلفوا في إبلهم قلابة الأسدى، وقَالوا لبيد: أوْعندك خير؟ قَال: سترون، قَالوا: نَبُلُوك في هذه البَقْلضة، لبَقْلَةٍ بين أيديهم دَقِيقَة الأغصان قليلة الأوراقَ لاصقة بالأرض تدعى التَّرَبَةُ صِفْهَا لنا واشْتُمْهاَ، فقال: هذه التربة التي لا تُذْكِى ناراً، ولا تؤهل داراً، ولا تَسُرُّ جاراً، عودها ضئيل، وفرعها كَليل، وخيرها قليل، شَرُّ البقول مَرْعى، وأقصرها فَرْعا، فَتَعْساً لها وجَدْعا، القَوابى أخا عبس، أردُه عنكم بتَعس، وأدعه من أمره في لَبْس، قَالوا: نُصْبِحُ فنرى رَأينَا، فَقَال لهم عامر: انظر هذا الغلام، فإن رأيتموه نائما فليس أمره بشَيء، وإنما يتكلم بما جاء على لسانه، ويَهْذِى بما يَهْجِس في خاطره، وإن رأيتموه ساهراً فهو صاحبكم، فرمَقُوه، فرأوه قد رَكِبَ رَحْلا حتى أصبح، فخرج القومُ وهو معهم حتى دخلوا على النعمان وهو يتغدَّى والربيعُ يأكل معه، فَقَال لبيد: أبيتَ اللَّعن! أتأذن لي في الكلام؟ فأذن له، فأنشأ يقول: يَارُبَّ هَيْجَا هيَ خَيْرٌ مِنْ دَعَهُ ... أكُلَّ يَوْمٍ هامتي مُقَرَّعَهْ نَحْنُ بَنُو أمِّ البَنِينَ الأرْبَعَةْ ... وَنَحْنُ خَيْرُ عامر بنِ صَعْصَعهْ المُطْعِمُونَ الجَفْنَةَ المُدَعْدَعَهْ ... وَالضَّارِبُونَ الهَامَ تَحْتَ الخَيضَعَهْ يا واهبَ الخَيْرِ الكَثِيرِ مِنْ سَعَهْ ... إليكَ جَاوَزْنَا بلاداً مَسْبَعَهْ نُخْبر عَنْ هذَا خَبِيراً فَاْسمَعَهْ ... مَهْلاً أبيْتَ اللَّعْنَ لاَ تَأْكُلْ مَعَهْ إنَّ اسْتَهُ مِنْ بَرَصٍ مُلَمَّعَهْ ... وَإنَّهُ يُدْخِلُ فِيهَا إصْبَعَهْ يُدْخِلُها حَتَّى يُوارِى أشْجَعَهْ ... كأنَّهُ يَطْلُبُ شَيئاً أْطْمَعَهُ ويروى "ضَيَّعَهْ" فلما سمع النعمانُ الشعرَ أفَّفَ، ورفع يَدَه من الطعام، وقَال للربيع: أكذاك أنت؟ قَال: لا، واللاتِ لقد كَذَبَ ابنُ الفاعلة، قَال النعمان: لقد خَبُثَ علىَّ طعامي، فغضب الربيع وقام وهو يقول: [ص: 104] لئن رَحَلْتُ رِكَابِى إنَّ لي سَعَةً ... مَا مِثْلُها سَعَةٌ عَرْضَاً وَلا طُولاَ وَلَوْ جَمَعْتُ بنى لخمٍ بأسْرِهم ... مَا وَازَنُوا رِيشةً مِنْ ريشِ سَمْوِيلاَ فَابْرقَ بأرضكَ يانعمانُ مُتَكِئاً ... مَعَ النَّطَاسِىِّ طَوْرَاً وَابنِ توفيلا وقَال: لا أبرحُ أرضَكَ حتى تبعثَ إلىَّ مَنْ يفتشني فتعلم أن الغلام كاذب، فأجابه النعمان: شَرِّدْ بِرَحْلِكَ عَنِّى حَيثُ شِئت وَلاَ ... تُكْثِرْ عَلَىَّ وَدَعْ عَنْكَ الأبَاطِيلاَ فَقَدْ رٌميتَ بِداءٍ لسْتَ غاسِلَهُ ... مَا جَاوَزَ النِّيلَ يَوْماً أهْلُ إبليلاَ قَدْ قيلَ ذلِكَ إن حَقّاً وإنْ كَذِباً ... فَمَا اعْتِذَارُكَ مِنْ شَيء إذا قيلاَ قوله "بنو أم البنين الأربعة" هم خمسة: مالك بن جعفر مُلاعب الأسنة، وطُفيل بن مالك أبو عامر بن الطفيل، وربيعة بن مالك، وعُبَيْدة بن مالك، ومُعَاوية بن مالك، وهم أشراف بنى عامر، فجعلهم أربعة لأجل القافية. و"سمويل" أحَدُ أجداد الربيع، وهو في الأصل اسم طائر. وأراد بالنطاسى روميا يُقَال له سرحون "وابن توفيل" رومى آخر كانا يُنَادمان النعمان. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 102 2879- قد اتَّخَذَ البَاطِلَ دَغَلاً الدَّغَل: أصله الشجر الملتفُّ، أي قد اتَّخذ الباطلَ مأوىً يأوى إليه، أي لا يخلوا منه. يضرب لمن جَعَلَ الباطلَ مَطِية لنفسه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 104 2880- قَدْ أحْزِمُ لَوْ أعْزمُ أي إن عَزَمْتُ الرأي فأمضيتُه فأنا حازم، وإن تركت الصواب وأنا أراه وضيَّعْتُ العزم لم ينفعنى حَزْمِى كما قَال سَعْدُ بن ناشب المازنى: إذا هَمَّ ألْقَى بَيْنَ عَينيَهِ عَزْمَهُ ... وَنَكَّبَ عَنْ ذكرِ العَوَاقِبِ جَانِبا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 104 2881- قَدْ بَلَغَ مِنْهُ البُلَغين أي الداهية، قَالت عائشة لعلي رضي الله عنهما يوم الجمل حين أخذت: قد بلغت منا البُلَغِينَ، ويُراد بالجمع على هذه الصيغة الدَّوَاهى العظام، وأصله من البلوغ، أي داهية بلغت النهاية في الشر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 104 2882- قَدْ ألْنَا وإيلَ عَلَيْنَا الإيالة: السياسة، أي قد سُسْنَا وسَاسَنا غيرُنا، وهذا المثل يروى أن زيادا قَاله في خطبته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 104 2883- قَدْ حَمِى الوَطِيسُ قَال الأَصمَعي وغيره: الوَطِيس حِجَارة [ص: 105] مُدوَّرة، فإذا حميت لم يمكن أحدا أن يطأ عليها. يضرب للأمر إذا اشتدَّ. ويروى أن النبي صلى الله عليه وسلم رُفِعَتْ له أرض مُؤتَةَ فرأى معترك القوم، فَقَال: الآنَ حمَى الوطيسُ، آي أشتدَّ الأمر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 104 2884- قَدْ تَقَطَعُ الدَّوَّيةُ النَّابَ الدَّوُّ والدَّوِّيَّة: المفازة، والناب: الناقة المُسِنَّة. يضرب للشيخ فيه بقية. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 105 2885- اقْتُلُونى ومَالِكاً أولُ من قَال ذلك عبدُ الله بن الزبير، وذلك أنه عانَقَ الأشْتَرَ النَّخَعِى فسَقَطَا عن جَوَاديهما إلى الأرض، واسم الأشتر مالك، فنادى عبدُ الله بن الزبير: اقْتُلُونى وَمَالِكَاً ... واقْتُلُوا مَالِكاً معي فضرب مَثَلاً لكل مَنْ أراد بصاحبه مكروها وإن ناله منه ضرر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 105 2886- قَدْ كَانَ ذَلِكَ مَرَّةً فَاليَوْمَ لاَ أولُ من قَال ذلكَ فاطمة بنت مُرٍّ الخَثْعَمية، وكانت قد قرأت الكُتُبَ، فأقبل عبدُ المطلب ومعه ابنه عبدُ الله يريد أن يزوِّجه آمنة بنت وَهَب بن عبد مناف بن زُهْرَة بن كلاب، فمرَّ على فاطمة وهى بمكة، فرأت نُورَ النبوة في وَجْه عَبْد الله، فَقَالت له: مَنْ أنت يافتى؟ قَال: أنا عبدُ الله بن عبد المطلب ابن هاشم، فَقَالت: هَلْ لك أن تَقَع على وأعطيك مائةً من الإبل؟ فَقَال: أمَّا الحَرَامُ فَألمَمَاتُ دُونَهُ ... وَالحِلُّ لاَ حِلَّ فأستَبِينَهُ فَكَيفَ بِالأمْرِ الَّذي تَنْوِينَهُ ... يَحْمِى الكَرِيمُ عِرْضَهُ وَدِينَهُ ومضى مع أبيه، فزوَّجه آمنة، وظل عندها يومَه وليلته، فاشتملت بالنبي صلى الله عليه وسلم، ثم انصَرَفَ وقد دَعَتْه نفسه إلى الإبل، فأتاها فلم ير منها حِرْصاً، فَقَال لها: هل لك فيما قلت لي؟ فَقَالت : قد كان ذلك مرة فاليوم لا، فأرسلتها مَثَلاً. يضرب في الندم والإنابة بعد الأجترام ثم قَالت له: أي شَيء صَنعْتَ بعدي، قال: زوجني أبي آمنة بنت وهب، فكنت عندها، فَقَالت: رأيتُ في وجهك نورَ النبوة فأردت أن يكون ذلك في فأبى الله تعالى إلاَّ أنْ يَضَعه حيث أحَبَّ، وقَالت: بَنِى هاشمٍ قَدْ غَادَرَتْ مِنْ أخِيكُمُ ... أمِينَةُ إذ للباه يَعتَلِجَانِ كَمَا غَادَرَ المِصْبَاحُ بَعْدَ خُبُوِّهِ ... فَتَائِلَ قَدْ مِيثَتْ لَهُ بِدِهَان [ص: 106] ومَا كُلُّ ما نالَ الفتَى مِنْ نَصِيبِهِ ... بِحَزْم، ولاَ مَافَاتَهُ بِتَوَانِ فأجْمِلْ إذا طالَبْتَ أمْراً فَإنَّهُ ... سَيَكْفِيكَهُ جَدَّانِ يَصْطَرِعَانِ وقَالت في ذلك أيضاً: إنِّى رَأيْتُ مَخِيلَةً نَشَأتْ ... فَتَلألأتْ بِخَاتِمِ القَطْرِ لله مَا زُهْرِيَّة سَلَبَتْ ... ثَوْبَيْكَ مَا اسْتلَبَتْ وَمَا تَدْرِى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 105 2887- قَصِيرَةٌ عَنْ طَويلَةٍ قَال ابن الأعرابى: القصيرة التمرة، والطويلة النخلة. يضرب لاختصار الكلام الجزء: 2 ¦ الصفحة: 106 2888- قَمْقَمَ الله عَصَبَهُ يُقَال في الدعاء على الإنسان، قَال ابن الأعرابى وغيره: معناه جَمَعَ الله تعالى بعضَه إلى بعض، وقبض عَصَبه، مأخوذ من القَمقَام وهو الجيش يَجْمَعُ من ههنا وههنا حتى يَعْظُم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 106 2889- القَوْمُ طَبُّونَ ويروى "ما أطبون" أي ما أبصرهم يُقَال "رجلٌ طَبٌّ" أي عالم حاذق، و "ما أطَبَّهم" أي ما أحذقَهم، فأما رواية مَنْ روى "ما أطبون" فلا أعلم لها وجها، إلا أن يُقَال: رجل طَبُّ وأطَبُّ كما يُقَال: خَشِن وأخشَن ووجِل وأوْجل ووَجِر وأوجَر، و "ما" صلة فيكون كقوله: القوم طَبُّون. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 106 2890- القَوْلُ مَا قَالتْ حِذَامِ أي القولُ السديدُ المعتدُّ به ما قَالته، وإلا فالصَّدقَ والكذبُ يستويان في أن كلا منهما قولٌ. يضرب في التصديق. قَال ابن الكلبي: إن المثل لُلجَيْم بن صَعْب والدِ حنيفة وعِجْلٍ، وكانت حَذَامِ امرأته، فَقَال فيها زَوجها لجيم: إذَا قَالتْ حَذَامِ فَصَدِّقُوها ... فَإنَّ القَوْلَ مَا قَالتْ حَذَامِ ويروى "فأنصتوها" أي أنصتوا لها، كما قَال الله تعالى (وإذا كالوهم أو ْوَزَنُوهم) أي كالوا لهم أو وَزَنُوا لهم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 106 2891- قَدْ أسْمَعَتْ لَوْ نَادْيتَ حَيّاً يضرب لمن يُوعظ فلا يَقْبَل ولا يَفْهَم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 106 2892- قَاتِلُ نَفْسٍ مُخَيَّلُها التخييل: التشبيه، يُقَال: فلان يَمْصِي على المُخَيَّلِ، أي على غَرَر من غير يقين، و "على ما خَيِّلَتْ" أي على شبهة، والتاء للخطة، أي يمضي على الخطة التي خيلت له أو ْإليه. يضرب لمن يطمع فيما لا يكون. [ص: 107] ويروى "قاتل نفس مَخِيلتُها" أي خُيَلاَؤُها. يضرب في ذم التكبر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 106 2893- قَبْلَكَ مَا جَاءَ الخَبَرُ أصله أن رجلا أكل مَحْرُوتا - وهو أصل الأنْجْذَان - فبات تخرج منه رياح مُنْتنة، فتأذَّى به أهله، فلما أصبح أخبرهم أنه أكل محروتا، فَقَالوا : قَبْلَكَ ما جاء الخبر، أي قبل إخبارك جاء الخبر، و "ما" صلة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 107 2894- قَبْلَ حَسَاسِ الأَيْسَارِ يُقَال: حَسَسْتُ اللَّحْمَ وحَسْحَسْتُه، إذا ألقيته على الجمر، والأيسار: أصحابُ الجَزُور في المَيْسِرِ، والواحد يَسَرٌ. يضرب في تعجيل الأمر. يُقَال: لأفعلَنَّ كذا قبل حَساسِ الأيسار، وذلك أنهم كانوا يستعجلون نَصْبَ القُدُور فيمتلُّونَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 107 2895- قُرِنَ الحِرْمَانُ بِالحَيَاءِ، وقُرِنَتْ الخَيبَةُ بالهَيبةِ هذا كقولهم "الحياء يمنع الرزق" وكقولهم "الهيبَة خَيبَة" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 107 2896- قَرَّدَهُ حَتَّى أمْكَنَهُ أي خَدَعَه حتى تمكَّنَ منه، وأصله نَزْعُ القُرَاد من البعير الصعب حتى يتمكن من خطمه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 107 2897- قَيَّدَ الإيمانُ الفَتْكَ يعني الغِيلَةَ، وهي القَتْل مَكْرا وفَجْأة، وهذا يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 107 2898- قَدْ أصْبَحُوا فِي مَخْضِ وَطْبٍ خَائِرٍ. أي في باطل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 107 2899- أقْلِلْ طَعَامَكَ تَحْمَدْ مَنَامَكَ أي أن كثرته تُورِثُ الآلام المُسْهِرَةَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 107 2900- قَدْ أخطأ نَوْأهُ يضرب لمن رَجَعَ عَنْ حاجته بالخيبة. والنَّوْء: النهوض والسقوط، وهو واحد أنواء النجوم التي كانت العرب تقول: مُطِرْنَا بَنْوءِ كذا، أي بطلوع النجم أوْبسقوطه، على اختلاف بين أهل اللغة فيه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 107 2901- اقْشَعَرَّتْ مِنْهُ الذَّوائِبُ ويقَال "الدوائر" وهما لا يقشعران إلا عند اشتداد الخوف، والدوائر: جمع دائرة، وهي حيث اجتمع الشعر من جنب الفرس وصَدْره، ويقَال: قد قَفَّ شَعْرُه من كذا، إذا قام من الفزع. يضرب مثلاً للجبان. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 107 2902- أقَصَّتْهُ شَعُوبُ هي اسم للمنية، معرفة لا تدخلها الألف [ص: 108] واللام، أي تَبِعَتْهُ داهية ثم نجا، قَال الفراء: يُقَال قَصَّه الموت، وأقصّهُ أي دنا منه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 107 2903- أقْصَرَ لَمَّا أبْصَرَ أي أمسك عن الطلب لما رأى سوء العاقبة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 108 2904- قِيلَ لِلْشَّحْمِ: أين تَذْهبْ؟ قَال: أَُقَوِّمُ المُعْوَجَّ يعني أن السمن يستر العيوب. يضرب للئيم يستغني فيبجَّلُ ويعظم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 108 2905- قَدْ هَلَكَ القَيْدُ وأوْدَى المِفْتَاحُ يضرب للأمر الذي يفوت فلا يمكن إدْراكه، لأنه إذا ذهب القيد لم يجد المفتاح ما يفتحه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 108 2906- الإِنْقِبَاضُ عَنِ النَّاس مَكْسَبَةٌ للْعَدَاوةِ، وإفرَاطُ الأنْسِ مَكْسَبَةٌ لِقُرَنَاء السُّوءِ قَاله أكثمُ بن صيفي، قَال أبو عبيد يريد أن الاقتصادَ في الأمور أدنى إلى السلامة يضرب في توسط الأمور بين الغُلُوّ والتقصير، كما قَال الشاعر: إنْ كُنْتُ مُنْبَسِطاً سُمِّيْتُ مَسْخَرَةُ ... أوْكُنْتُ مُنْقَبِضاً قَالوا بِهِ ثِقَلُ وإن أُعَشِرْهُمُ قَالوا لِهيبَتِناَ ... وإِنْ أُجَانِبْهُمُ قَالوا بِهِ مَللُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 108 2907- اقْصِدِى تَصيَدِى يضرب في الحثِّ على الطلب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 108 2908- قَتَلَ أرْضَاً عَالِمُهَا أصلُ القتلِ التَّذْلِيلْ يُقَال: قَتَلْتُ الخَمر، إذا مَزَجْتَها بالماء، قَال: إنَّ الَّتي نَاوَلَتْنِي فَرَدَدْتُها ... قُتِلَتْ قُتِلْتَ فَهَاتِها لَمْ تُقْتَلِ (البيت لحسان بن ثابت ووقع في نسخة "قتلت قتلت فهات من لم تقتلي" وفي أخرى "فهاتِ مالم تقتل" وما آثرناه موافقَ لما في ديوانه ولما اشتهرت به الرواية.) ويراد بالمثل أن الرجل العالم بالأرض عند سلوكها يُذَللُ الأرض ويغْلِبُها بعلمه. يضرب في مدح العلم. ويقَال في ضدده: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 108 2909- قَتَلَتْ أرْضٌ جَاهِلَهَا يضرب لمن يباشر أمراً لا عِلْم له به. وأما قولهم "قَتل فلان فلاناً" فهو من القتالِ، وهو الجسمُ فكأنه ضَرَبَهُ وأصاب قَتَالَهُ، كما يُقَال " بطَنَه" إذا أصاب بَطْنَهُ، [ص: 109] و"أنَفَهُ" إذا ضَرَب على انفْهِ، وكذلك " صَدَرَهُ، ورأسَه، وفَخَذه" وهذا قياس، قَال ذو الرمة في أن القَتَالَ هو الجسم: ألم تعْلَمِي يَا مَيِّى أنَّا وبيننا ... مَهَاوْن يَدَعْنَ الجَلْس نُحْلاً قَتَالُها (الجَلس - بالفتح - الغليظ من الأرض وجمل جلس وناقة جلس: أي وثيق جسيم) أي ناحلا جِسْمَهُا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 108 2910- قَدْ تَرَهَيأ القَومُ إذا اضطرَب عليهم أمرهم أوْرأيُهم، قَال أبو عبيدة: ترَهيأَ الرجل في أمره، إذا هَمّ بها ثم أمْسَكَ وهو يُرِيدُ أن يفعلَه، وأصل قولِهم "ترهيأ الجمل" هو ان يكون أحد العِدْلَينِ أثْقَلَ من الآخَر، وإذا كان كذلك ظهر اضطرابهما، فصار مَثَلاً لفقد الاستقامة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 109 2911- قَدْ يُؤْتَى عَلَى يَدَيِ الحَرِيصِ يُقَال "أتى عليه" إذا أهلكه، واليد: عبارة عن التصرف؛ لأن أكثر تَصَرُّفِ الإنسان بها، كأنه قيل: أتَتِ المقاديرُ على يديه فمنعته عن المقصود، ويجوز أن تكون اليدُ صِلَةً؛ فيكون قد يؤتى على الحريص، أي قد يَهْلِكُ الحريصُ يضرب للرجل يُوقع نفسَه في الشر حرصاً وشَرَهَاً الجزء: 2 ¦ الصفحة: 109 2912- قَدْ كَادَ يَشْرَق بالرِّيقِ يضرب لمن أشرف على الهلكة ثم نجا ومن لا يقدر على الكلام من الرُّعبِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 109 2913- قَدْ يُؤخَذْ الجَارُ بِذَنْبِ الجَارِ مَثَلٌ إسلامي، وهو في شعر الحكمى (الحكمى: أبو ونواس) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 109 2914- قَوْلُ الحَقِّ لَمْ يَدَعْ لِي صَدِيقاً يروى عن أبي ذر رضي الله تعالى عنه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 109 2915- قَدْ يُمْتَطَى الصَّعْبُ بَعْدَ ما رَمَحَ هذا قريب من قولهم "الضَّجُورُ قَدْ تَحْلُبُ العُلْبَةَ" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 109 2916- قَامَةٌ تَنْمِي وَعَقْلٌ يَحْرِى النَّماء: الزيادة، يُقَال: نَمَا يَنْمُو وَيَنْمِي، والحرى: النقصان، يُقَال: حَرَى يَحْرِى، قَال أبو نُخَيْلَةَ: مَا زَالَ مُذْ كَانَ عَلَى أسْتِ الدَّهْرِ ... ذَا حُمْقَ يَنْمِي وَعقْلٍ يَحرِى يضرب للذي له مَنْظَر من غير مخبر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 109 2917- قَدْ يُدْرِكُ المُبْطئ مِنْ حظِّهِ هذا ضد قولهم "آخرُهَا أقَلُّها شُرْبَاً" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 109 2918- قِرْنُ الظَّهْرِ لِلْمَرْءَ شَاغِلٌ أقرانُ الظهر: الذين يجيئون من وَرَاء ظهرك في الحرب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 110 2919- قَدْ كُنْتُ قَبْلَكِ مَقْرُورَةً تزعم العرب أن الضَّبُعَ رأتْ ناراً من مكان بعيد، فقابلتها وأقْعَتْ، فِعْلَ المُصْطَلِى وقَالت: قد كنت قبلك مقرورة يضرب لمن يُسَرُّ بما لا يناله منه خير الجزء: 2 ¦ الصفحة: 110 2920- قَدْ رَكِبَ السَّيْلُ الدَّرَجَ أي طريقَهُ المعهود يضرب للذي يأتي الأمرَ على عهد ويروى "قد عَلِمَ السيلُ الدَّرَجَ" أي علم وجهه الذي يمر فيه ويمضي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 110 2921- قَدْ طرًّقَتْ بِبِكْرِهَا أُمُّ طَبَقٍ التطريق: أن يَنْشَبَ الولَدُ في البطن فلا يَسْهُلُ خروجه، والبكر: أول ما يولد، وأم طبق: السُّلْحَفَاة، وهي اسم للداهية. يضرب للأمر لا مَخْلَصَ منه ويروى "طَرَقَتْ" بالتخفيف من قولهم "طَرَقْتُه" إذا اتيته ليلاً، يعني أتت الداهية ليلا بأمرٍ لم يُعْهَدْ مثلثه صعوبةً الجزء: 2 ¦ الصفحة: 110 2922- قِيلَ لِلْبَغْلِ: مَنْ أبُوكَ؟ قَال: الفَرَسُ خَالِي يضرب للمُخْلِّط الجزء: 2 ¦ الصفحة: 110 2923- قَدْءَفَتْنِي؟؟ سيرتي وَأطَّتْ يضرب لمن يشفقَ ويعطف عليك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 110 2924- قَدْ فَكَّ وَفَرَجَ يُقَال: فَكَّ الرجلُ يُفَكُّ فُكُوكاً فهو فَاكٌّ، إذا استَرْخَى فَكُّه هَرَمَاً، وكذلك فَرَجَ من قولهم: قَوْسٌ فارِجٌ وفَرِيج، إذا بان وتَرُهَا عن كبدها، ويروى فَرَجَ وفَرَّجَ يضرب للشيخ قد استرخى لَحْيَاهُ هَرَمَاً الجزء: 2 ¦ الصفحة: 110 2925- قَدْ وَقَعَ بَيْنَهُمْ حَرْبُ دَاحِسٍ وَالغَبْرَاءِ قَال المفضل: داحسٌ فرسُ قيسِ بن زهير ابن جَذِيمة العَبسي، والغَبْرَاء: فرسُ حُذيفة ابن بَدْر الفَزَاري، وكان يُقَال لحذيفة هذا "رب معد" في الجاهلية، وكان من حديثهما أن رجلاً من بني عبس يُقَال له قِرْوَاش بن هنى كان يُبَارِي حمْلَ بن بَدْر أخا حذيفة في داحس والغبراء، فَقَال حَمَلَ: الغبراءُ أجود، وقَال قرواش: داحس أجود، فتَرَاهنا عليهما عشرا في عشر، فأتى قِرْوَاش قيسَ بن زهير فأخبره، فَقَال له قيس: راهنْ مَنْ أحببت وجَنَّبْني بني بدر؛ فإنهم يظلمون لقدرتهم على الناس في أنفسهم، وأنا نَكِد أباء، فَقَال قِرْوَاشِ: إني قد أوجَبْتُ الرهان، فَقَال قيس: ويْلَكَ! ما أردت إلا أشأم أهل [ص: 111] بيت، والله لتشعلن علينا شراً، ثم إن قيساً أتى حَمَلَ بن بدر فَقَال: إني قد أتيتك لأواضِعَكَ الرهان عن صاحبي، فَقَال: لا أواضعكَ أو تجئ بالعَشْر، فإن أخذتُها أخذتُ سَبَقِي، وإن تركتها رَدَدْتُ حقا قد عرفته لي وعرفته لنفسي، فأحْفَظَ قيساً، فَقَال: هي عشرون، قَال حَمَلَ: هي ثلاثون، فتلاجَّا وتَزايَدَا حتى بلغ به قيسٌ مائةً ووضع السبق على يدي غلاق، أو ابن غلاق أحد بني ثعلبة ابن سعد، ثم قَال قيس: وأخيرك بين ثلاث فإن بدأت فاخترت فلى منه خصلتان، قَال حمل: فابدأ، قَال قيس: فإن الغاية مائة غَلْوة وإليك المِضْمَار ومنتهى الميطان - أي حيث يوطن الخيل للسبق - قَال: فَخَرَّ لهم رجل من محارب فَقَال: وقع البأس بين ابنى بَغِيض، فضمروها أربعين ليلة، ثم استقبل الذي ذَرَعَ الغاية بينهما من ذات الإصَاد، وهي ردهة وَسَطَ هَضْب القَليب، فانتهى الذرع إلى مكان ليس له اسم، فقادوا الفرسين إلى الغاية وقد عطَّشوهما وجعلوا السابق الذي يرد ذاتَ الإصاد وهى مَلأى من الماء، ولم يكن ثمَّ قصبة ولا غيرها، ووضع حمَل حَيْسا في دِلاء وجعله في شعب من شِعَاب هَضْب القَلِيب على طريق الفرسين، فسمى ذلك الشعب "شعب الحَيْسِ" لهذا وكمن معه فتيانا فيهم رجل يُقَال له زهير بن عبد عمرو، وأمرهم إن جاء داحس سابقا أن يردُّوا وَجْهه عن الغاية، وأرسلوهما من منتهى الذرع، فلما طلعا قَال حَمَل: سَبَقْتُكَ يا قيس، فَقَال قيس: بعد اطِّلاع إيناسٌ فذهبت مَثَلاً، ثم أجدَّا فَقَال حمل: سبقتك يا قيس، فَقَال: رويداً يَعدون الجَدد، أي يتعدينه إلى الوَعث والخَبَار، فذهب مَثَلاً، فلم دنوا وقد برز داحس قَال قيس: جَرْىُ المُذْكِيات غِلاب، ويقَال "غِلاء" كما يتغالى بالنبل، فذهبت مَثَلاً، فلما دنا من الفتية وثب زهير فلَطَمَ وَجْه داحس فردَّه عن الغاية، ففي ذلك يقول قيس ابن زهير: كَمَا لاَقَيْت مِنْ حَمَلِ بْنِ بَدْرِ ... وإخْوَتِهِ عَلَى ذاتِ الإصَادِ هُمُ فَخَرُوا عَلَى بَغَيْرِ فَخْرٍ ... وَرَدُّوا دُونَ غَايَتِهِ جَوَادِى فَقَال قيس: يا حذيفة: أعْطُوني سَبقِي، قَال حذيفة خدعتك، فَقَال قيس: تَرَكَ الخِدَاعَ مَنْ أجْرَى مِن مِائِةٍ، فذهبت مَثَلاً، فَقَال الذي وضعا السَّبْقَ على يديه لحذيفة: إن قيسا قد سَبَق، وإنما أردت أن يُقَال: سَبَق حذيقة، وقد قيل، أفأدفع إليه سبقه؟ قَال نعم، فدفع إليه الثعلبي السبق، ثم إن عركى بن عميرة وابن عَمٍّ له من فَزارة نَدَّمَا [ص: 112] حُذَيفة وقَالا: قد رأى الناس سبقَ جوادك، وليس كل الناس رأى أن جَوَادهم لُطم، فَدَفْعُكَ السبقَ تحقيقٌ لدعواهم، فاسلُبْهُمْ السبق فإنه أقصر باعا وأكلُّ حَدَّا من أن يردك، قَال لهما: ويلكما أراجع فيهما متندما على ما فَرَطَ؟ عَجْزٌ والله، فما زالا به حتى ندم فنَهَى حميصة بن عمرو حذيفة وقَال له: إن قيساً لم يسبقك إلى مَكْرُمة بنفسه، وإنما سبَقَتْ دابةٌ دابةً فما في هذا حتى تدعى في العرب ظلوما؟ قَال: أمَّا إذا تكلمت فلا بدَّ من أخذِه، ثم بعث حذيفة ابنه أبا قرفة إلى قيس يطلب السبق، فلم يصادفه، فَقَالت له امرأته، هر بنت كعب: ما أحبَّ أنك صادفت قيساً، فرجع أبو قرفة إلى أبيه فأخبره بما قَالت، فَقَال: والله لتعودَنَّ إليه، ورجَع قيس فأخبرته امرأته الخبر فأخذت قَيساً زفراتٌ، فأقبل متقلّباً ولم ينشَبْ أبو قرفة أن رجع إلى قيس فَقَال: يقول أبي: أعطِنِي سَبْقي، فتناول قيس الرمح فطعنه فدق صُلبه، ورجعت فرسه عائرة، فاجتمع الناس، فاحتملوا دية أبي قرفة مائة عُشَراء، فقبضها حًذيفة وسَكن الناس، فأنزلها على النفرة حتى نتجها ما في بطونها. ثم إن مالك بن زهير نزل اللقاطة - وهي قريب من الحاجر - وكان نكح من بني فَزَارَة امرَأة فأتاها فبنى بها وأخبره حذيفة بمكانه، فعدَا عليه فقتله وفي ذلك يقول عنترة: لله عَيْنَا مَنْ رَأى مِثْلَ مالك ... عَقِيرَةَ قَوْمٍ أن جَرَى فَرَسَانِ فَلْيَتهُمَا لم يَجْرِ يَا نِصْفَ غَلْوَةٍ ... وليتهما لم يُرْسَلاَ لِرِهَانِ فأتت بنو جذيمة حذيفة: فَقَالت بنو مالك بن زهير لمالك بن حذيفة: رُدُّوا علينا مالنا، فأشار سنان ابن أبي حارثة المّرىّ على حذيفةَ أن لا يرد أولادها معها، وأن يرد المائة بأعيانها، فقال حذيفة: أرد الإبل بأعيانها ولا أرد النَّسلَ، فأبوا أن يقبلوا ذلك، فَقَال قيس بن زهير: يَوَدُّ سِنَان لو يُحارب قَوْمَنَا ... وفي الحربِ تَفْرِيقَ الجَمَاعةِ وَالأزْلُ يَدُبُّ وَلا يَخْفَى ليُفْسِدَ بَيْنَنَا ... دَبِيباً كما دَبَّتْ إلى جُحرِها النَّمْلُ فيا ابنَيْ بَغِيضٍ رَاجعَا السَّلْمَ تَسْلَمَا ... ولا تشْمِتَا الأعداء يَفْتَرقَ الشَّمْلُ وإن سبيلَ الحربِ وَعْرُ مُضِلَّةٌ ... وإن سبيل السِّلْم آمنةٌ سَهْلُ قَال: والربيع بن زياد يومئذ مجاورُ بني فزَارة عند امرأته، وكان مُشَاحناً لقيس في درعه ذي النور كان الربيع لَبِسَها فَقَال: ما أجودَهَا، أنا أحقَ بها منك، وغَلَبه [ص: 113] عليها، فأطرَدَ قيس لَبُوناً لبني زياد، فعارض بها عبد الله بن جدعان التَّيمي بسِلاح، وفي ذلك يقول قيس بن زهير: لَمْ يأتِيك وَالأنباءُ تَنْمِي ... بِمَا لاَقتْ لَبُونُ بَنِي زِيادِ وَمَحْبِسُهَا لَدَى القُرْشِيِّ تُشْرَى ... بأفْراسٍ وَأسْيَافٍ حِدَادِ فلما قتلوا مالك بن زهير تَوَاحَوْا بينهم، فَقَالوا: ما فعل حماركم؟ قَالوا: صدناه، قَال الربيع: ما هذا الوحى؟ إن هذا الأمر ما أدرى ما هو، قَالوا: قتلنا مالك بن زهير قَال: بئسما فعلتم بقومكم، قبلتم الدية ورضيتم، ثم عَدَوْتُم على ابن عمكم وصهركم وجاركم فقتلتموه وغدرتم، قَالوا: لولا أنك جارٌ لقتلناك، وكانت خفرة الجار ثلاثاً، فقالوا: لك ثلاثة أيام، فخرج، وأتبعوه فلم يدركوه حتى لحقَ بقومه، وأتاه قيس بن زهير، فصالحه ونزل معه، ثم دسَّ أمةً له يُقَال لها رعية إلى الربيع تنظر ما يعمل، فدخلت بين الكفاء والقصد لتنظر أمحارب هو أم مسالم، فأتته امرأته تعرض له وهي على طُهْر فَزَجَرَها (في نسخة "فدحرها" والمعنى واحد) وقَال لجاريته: اسقِينِي، فلما شرب أنشأ يقول: مُنِعَ الرُّقَادَ فَمَا أُغَمِّضُ حَارِي ... جَلَلٌ مِنَ النَّبَأِ المُهِمّ السَّارِى مَنْ كَانَ مَحْزُوْنَاً بمَقْتَلِ مَالِكٍ ... فَلْيَأْتِ نِسْوَتَنَا بِوَجْهِ نَهَارِ يَجِدِ النِّسَاءَ حَوَاسِراً يَنْدُبْنَهُ ... يَلْطُمْنَ أوجُهَهُنَّ بالأسْحَارِ أفَبَعْدَ مَقْتَلِ مَالِكِ بنِ زهير ... تَرجُو النِّسَاء عَوَاقِبَ الأطْهِارِ فأتت رعية قيساً فأخبرته خبر الربيع، فَقَال: أنت حرة، فأعتقها، وقَال وثقت بأبي منصور، وقَال قيس: فإنْ تَكُ حَرْبُكَمْ أمْسَتْ عَوَانَاً ... فإنِّي لَمْ أكُنْ مِمَّنْ جَنَاهَا وَلكنْ وُلْدُ سَوْدَةَ أرَّثُوهَا ... وَحَشُّوا نَارَهَا لِمَنْ اصطَلاَهَا فإنِّي غَيْرُ خَاذِلِكُمْ. ولكِنْ ... سَأسْعَى الآنَ إذْ بَلَغَتْ مَدَاهَا ثم قاد بني عبس وحُلفاؤهم بني عبد الله بن غَطَفان يوم ذي المريقب إلى بني فزَارة ورئيسهم إذ ذاك حُذِيفة بن بَدْر، فالتقوا؛ فقتل أرطاة أحد بني مخزوم من بني عبس عوف بن بدر، وقتل عنترة ضمضما ونَفَراً ممن لا يعرف اسمهم، وفي ذلك يقول: وَلَقَدْ خَشِيتُ بأنْ أمُوتَ وَلَمْ تَكُنْ ... لِلحَرْبِ دَائِرَةٌ على ابْنِي ضَمْضَمِ الشَّاتِمَى عِرْضِي وَلَمْ أشتمهما ... وَالنَّاذِرَينْ إذا لَمَ القَهُمَا دَمِي [ص: 114] إن يَفْعَلاَ فَلَقَدْ تَرْكْتُ أبَاهُمَا ... جَزْرَ السِّبَاعِ وَكُلِّ نَسْرٍ قَشْعَمِ وقَال: ولَقَدْ عَلِمْتُ إذا التَقَتْ فُرْسَانُنَا ... بِلِوَى المُريقِبِ أنَّ ظَنَّك أحمقُ يوم ذي حسى ثم إن بني ذُبيَان تجمَّعوا لما أصاب بنو عَبْس منهم أصابُوا، فَغَزَوْا - ورئيسهم حذيفة بن بدر - بني عبس وحلفاءهم بنى عبد الله بن غطفان ورئيسهم الربيع بن زياد، فتوافَوا بذي حسى، وهو [من] وادي الهَبَاءة في أعلاه، فهزمت بنو عبس، واتبعتهم بنو ذُبْيَان حتى لحقوهم بالمغيقة - ويقَال: بغيقة - فَقَال: التفاني أو تقيدونا، فأشار قيس على الربيع بن زياد أن يماكرهم، وخاف إن قاتلوهم أن لا يقوموا لهم، وقَال: إنهم ليسوا في كل حين يتجمعون، وحذيفة لا يستنفر أحداً لاقتداره وعُلُوِّه، ولكن نعطيهم رَهَائن من أبنائنا فندفع حَدَّهم عنا، فإنهم لن يقتلوا الوالدان ولن يصلوا إلى ذلك منهم مع الذين نضعهم على يديهم، وإن هم قتلوا الصبيان فهو أهونُ من قتل الآباء، وكان رأى الربيع مُناجزتهم فَقَال: يا قيس أتَنْفُخُ سَحْرَكْ؟ وملأ جَمْعُهم صَدْرَكْ، وقَال الربيع: أقُولُ ولم أمْلِكْ لِقَيسٍ نَصِيحَةً ... أرى مَا يَرَى والله بالغيبِ أعْلَمُ أنُبْقِي على ذُبْيَانَ مِنْ بَعد مَالِكٍ ... وَقَدْ حَشَّ جَانِبي الحَرْبِ نَارَاً تَضَرَّمُ وقَال قيس: يا بني ذُبْيان خُذوا منا رهائن ما تطلبون ونرضاكم إلى أن تنظروا في هذا، فقد ادعيتم ما نعلم وما لا نعلم، ودعونا حتى نتبين دعواكم، ولا تعجلوا إلى الحرب، فليس كل كثير غالباً، وضَعوا الرهائن عند مَن ترضون به ونرضى به، فقبلوا ذلك، وتَرَاضوا أن تكون الرهائن عند سبيع بن عمرو الثعلبي، فدفعوا إليه عِدَةً من صبيانهم وتكافَّ الناسُ، فمكثوا عند سبيع حتى حضَره الموتُ فَقَال لابنه مالك: إن عندك مكرمة لن تبيد إن احتفظت بهؤلاء الأغَيْلِمَةَ وكأني بك لو قد مُتُّ أتاك خالُكَ حذيفة - وكانت أم مالك أخت حذيفة - يَعْصِرُ عينيه ويقول: هلك سيدُنا، ثم يخدعك عنهم حتى تدفعهم إليه فيقتلهم ثم لا تَشْرُف بعدها أبداً، فإن خفت ذلك فاذهب بهم إلى قومهم، فلما ثقل سبيع جعل حذيفة يبكي ويقول: هلك سيدُنا، فلما هلك طاف بمالك وعَظَّمَه ثم قَال: أنا خالك وأسنُّ منك، فادفع إليَّ هؤلاء الصبيان، يكونون عندي إلى أن ننظر في أمرنا، فإنه قبيح أن تملك [ص: 115] على شيئاً، ولم يزل به حتى دفعهم إليه، فلما صاروا عنده أتى بهم اليعمرية - وهو ماء بوادٍ من بطن نخل - وأحضَرَ أهلَ الذين قتلوا، فجعل يبرز كل غلام منهم فينصبه غَرَضَاً ويقول له: نادِ أباك، فينادي أباه، فلم يزل يرميه حتى يخرقه، فإن مات من يومه ذاك وإلا تركه إلى الغد ثم يفعل به مثل ذلك حتى يموت، فلما بلغ ذلك بني عبس أتوْهُمْ باليعمرية، فقتلت بنو عبس من بني ذبيان اثنى عشر رجلا، منهم مالك ويزيد ابنا سبيع، وعركى بن عميرة، وقَال عنترة في قتل عركى: سَائِلْ حُذَيْفةَ حِينَ أرَّشَ بَيْنَنَا ... حَرْباً ذَوَائِبُها بِمَوْتٍ تَخْفِقُ (في ديوان عنترة "حين أرث بيننا") وَاُسْأَلْ عُمَيْرَةَ حِيْنَ أجْلَبَ خَيْلُهَا ... رفضا غرين بأيِّ حَيٍّ تَلْحَقُ يوم الهَبَاءة ثم إنهم تجمَّعوا فالتَقَوْا إلى جفر الهَبَاءة في يوم قائظ، فاقتتلوا من بُكْرة حتى انتصف النهار، وحجَزَ الحر بينهم، وكان حذيفة يحرقَ ركوب الخيل فخذيه، وكان ذا خَفْض، فلما تحاجزوا أقبل حذيقة ومَنْ كان معه إلى جَفْر الهباءة ليتبرَّدُوا فيه، فَقَال قيس لأصحابه: إن حذيفة رجل محرق الخيل نازه وإنه مستنقع الآن في جَفْر الهباءة هو وإخوته، مانْهَضُوا فاتبعوهم، فنهضوا وأتوهم، ونظر حصن بن حُذيفة إلى الخيل - ويقَال: عُيَينة بن حصن - فبَعِلَ (بعل - على مثال فرح - دهش وفرق) وانْحَدر في الجَفر، فَقَال حَمَل بن بدر: مَنْ أبغَضُ الناس إليكم أن يقف على رؤسكم؟ قَالوا: قيس والربيع، قَال: فهذا قسي قد جاءكم، فلم يَنْقَضِ كلامُه حتى وقف قيس وأصحابه على شفير الجفر، وقيسٌ يقول: لبيكم لبيكم - يعني الصبية - وفي الجفر حذيفة ومالك وحَمَل بنو بدر، فَقَال حمل: نَشَدْتك الرحم يا قيس، فَقَال قيس: لبيكم لبيكم، فعرف حذيفة أن لنْ يدَعهم، فَنَهَرَ حَمَلاً وقَال: إياك والمأثور في الكلام، وقَال حذيفة: بنو مالك بمالك، وبنو حمل بذي الصبية، ونردُّ السَّبْق، قَال قيس: لبيكم لبيكم، قَال حذيفة لئن قتلتني لا تصطلح غَطفان أبدا، قَال قيس: أبعَدكَ الله! قتلُكَ خيرٌ لغطفان، سيربع على قدره كل سيد ظلوم، وجاء قِرْوَاش بني هنى من خلف حذيفة، فَقَال له بعض أصحابه: احذر قرواشا - وكان قد رباه فظن أنه سيشكر ذاك له - قَال: خَلُّوا بين قرواش وظهري، فنزع له قرواش بِمِعْبَلَةٍ (المعبلة: النصل الطويل العريض) فقصم بها صُلبه، وابتدره الحارث بن زهير وعمرو بن الأسلع [ص: 116] فضرباه بسيفهما حتى ذَفَّفَا عليه، وأخذ الحارث بن زهير سيفَ حذيفة ذا النون - ويقَال: إنه كان سيف مالك بن زهير، أخذه حذيفة يوم قتل مالك - ومَثُّلُوا بحذيفة فقطعوا مَذَاكِيره فجعلوها في فمه وجعلوا لسانه في اسْتِهِ، ورمى جنيدب بن زيد مالك بن بدر بسهم فقتله، وكان نذر ليقتلَنَّ بابنه رجلا من بني بدر، فأحلَّ به نذره، وقتل مالك بن الأسلع الحارث بن عوف بن بدر بابنه، واستصغَروا عُيَيْنة بن حصن فخَلَّوا سبيله، وقتَل الربيع بن زياد حملَ بن بدر، فَقَال قيس بن زهير يرثيه: تَعَلَّمْ أَنَّ خَيْرَ النَّاس طُرّاً ... عَلَى جَفْر الهَبَاءةِ لاَ يَرِيمُ فَلَوْلاَ ظُلْمه مَازِلْتُ أبْكِى ... عَلَيْهِ الدَّهْرَ مَا طَلَعَ النُّجُومُ وَلَكِنَّ الفَتَى حَمَلَ بنَ بَدْرٍ ... بَغَى، وَالبَغْيُ مَرْتَعُهُ وَخِيمُ أظُنُّ الحِلْمَ دَلَّ عَلَى قَوْمِي ... وَقَدْ يُسْتَجْهَلُ الرَّجُلُ الحَلِيمُ ألاقِي مِنْ رِجَالٍ مُنْكَرَاتٍ ... فأنْكُرُها وَمَا أنا بالظَّلُومِ (هذا البيت ساقط من أكثر المراجع، وفيه الإقواء.) وَمَارَسْتُ الرجَالَ وَمَا رَسُونِي ... فَمُعْوَجٌ عَلَىَّ وَمُسْتَقِيمُ وقَال زبان بن زياد يذكر حذيقة وكان يحسد سؤدده: وإنَّ قَتِيلاً بالهَبَاءة في اسْتِهِ ... صَحِيْفَتُهُ إنْ عَادَ لِلْظُلْمِ ظَالِمُ مَتَى تَقْرَؤها تَهْدِكُمْ مِنْ ضَلاَلكُمْ ... وَتُعْرَفْ إذا ما فُضَّ عَنْهَا الخَوَاتِمُ فإن تسألوا عَنْهَا فَوَارِسَ دَاحِسٍ ... يُنْبِئُكَ عَنْهَا مِنْ رَوَاحَةَ عَالِمُ ونعى ذلك عقيل بن عُلَّقَة عَلَى عويف القوافي حين هاجاه فَقَال: ويُوقِدْ عَوْفٌ للعشيرة نارَهَا ... فَهَلاَّ عَلَى جَفْرِ الهَبَاءة أوقَدَا فإنَّ عَلَى جَفْرِ الهَبَاءةِ هامَةً ... تُنَادِي بَنِي بَدْرٍ وَعاراً مُخَلَّدَا وإنَّ أبا وَرْدٍ حُذَيفَةَ مُثْفَر ... بأيْرٍ عَلَى جَفْرِ الهَبَاءَ أسْوَدَا وقَالت بنت مالك بن بدر ترثى أباها: إذا هَتَفَتْ بالرَّقْمَتَيْنِ حَمَامًةٌ ... أوْالرَّسِّ فابْكِي فَارِسَ الكَتفَانَ أحلَّ بِهِ أمسَ الجنيدبُ نَذْرَهُ ... وَأيُّ قَتِيلٍ كان فِي غَطَفَانِ؟ يوم الفَرُوق فلما أصيبت يوم الهبَاءة استعظمت غَطَفَان قتل حُذِيفة، وكبر ذلك عندها، [ص: 117] فتجَّمَعُوا، وعرفت بنو عبس أن لا مقام لهم بأرض غَطَفان، فخرجت متوجهة نحو اليمامة يطلبون أخوالهم، وكانت عبلة بنت الدؤل بن خنيفة أم رَوَاحة، فأتوا قتادة بن سلمة، فنزلوا اليمامة زميناً، فمر قيس ذات يوم مع قتادة فرأى قَحِفَاً فَضَرَبَه برجله وقَال: كم من ضَيْم قد أقررتَ به مخافةَ هذا المصرع ثم لم تنشل منه، فلما سمعها قتادة كرهَهَا، وأوْجَسَ منه، فَقَال: ارتحِلوا عنا، فارتحلوا حتى نزلوا هَجَر ببني سعد زيد مَنَاة بن تميم، فمكثوا فيهم زميناً، ثم إن بني سعد أتوا الجونَ ملكَ هَجَرَ فَقَالوا له: هل لك في مُهْرة شوهاء، وناقة حمراء، وفتاة عذراء؟ قَال: نعم، قَالوا: بنو عبس غارُّونَ تُغِير عليهم مع جندك وتُسْهِم لنا من غنائمهم، فأجابهم، وفي بني عبس امرَأة من سعدِ ناكحٌ فيهم، فأتاها أهلُها ليضموها، وأخبروها الخبر، فأخبرت به زوجَهَا، فأتى قيساً فأخبره، فاجمعوا على أن يرحلوا الظعائن وما قوى من الأموال من أول الليل ويتركوا النار في الرِّثَّة (الرثة - بالكسر - السقط من المتاع والخلقان.) ، فلا يستنكر ظعنهم عن منزلهم، وتقدم الفُرْسان إلى الفَرُوق، فوقفوا دون الظُّعنُ، وبين الفروق وسوق هجر نصف يوم، فإن تبعوها قاتلوهم وشَغَلوهم حتى تعجل الظُعنُ، ففعلت ذلك، وأغارت جنود الملك مع بني سعد في وَجْه الصبح، فوجَدُوا الظُّعُن قد أسْرَيْنَ ليلتهن، ووجدوا المنزل خَلاَء فاتَّبَعُوا القَوم حتى انتهوا إلى الخيل بالفَرُوق، فقاتلوهم حتى خلوا سربهم، فمضوا حتى لحقوا بالظُّعن، فساروا ثلاثة أيام ولياليهن حتى قَالت بنت قيس لقيس: يا أبتِ أتسير الأرض، فعلم أن قد جُهِدْنَ، فَقَال: أنِيخُوا، فأناخوا، ثم ارتحل، وفي ذلك يقول عنترة: ونحنُ مَنَعْنَا بالفَرُوقَ نِسَاءَنَا ... نُطْرَفُ عَنْهَا مُشعلاتٍ غَوَاشِيا خَلَفْنَا لَهَا والخَيْلُ تَدْمِ نُحُورُها ... نُفَارِقكُمْ حَتَى تَهُزُّوا العَوَالِيا ألم تَعْلَمُوا أنَّ الأسِنَّةَ أحْرَزَتْ ... بَقِيَّتَنَا لَوْ أنَّ لِلْدَّهْرِ بَاقِيا وَنَحْفَظْ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَنَتَّقِي ... عَلَيْهِنَّ أنْ يَلْقَيِنَ يَوْماً مَخَازِيا فلحقوا ببني ضبة، وزعموا أن مالك بن بكر بن سعد وعَبْسَاً أخَوَان لأم، ويقَال لهما: ابنا ضخام، فكانوا فيهم زميناً، وأغارت ضبة - وكانت تميم تأكلهم قبل أن يترببوا - فاغاروا على بني حنظلة، فاستاق رجل من بني عبس امرَأة من بني حَنْظَلة في يوم قائظ حتى بَهَرَها ولهثت، فَقَال رجل من بني ضبة: ارْفُقْ بها، فَقَال العبسي: [ص: 118] إنك بها لَرَحِيم؟ فَقَال الضبي: نعم، فاهوى العبسي لعجزها بطرف السنان، فنادت: يا آل حَنْظَلة، فشدَّ الضبي على العبسي فقتله، وتنادى الحيان، ففارقتهم عبس، فمرت تريد الشأم، وبلغ بني عامر ارتفاعهم إلى الشأم، فخافوا انقطاعهم من قيس، فخرجت وفود بني عامر حتى لحقتهم، فدعتهم إلى أن ترجعوا ويحالفوهم، فَقَال قيس: يا بني عَبْس، حالِفُوا قَوْمَاً في صبابة بني عامر ليس لهم عَدَدْ فيبغُوا عليكم بعَدَدهم، فإن احتجتم أن يقوموا بنصرتكم قامت بنو عامر، فخالفوا معاوية بن شكل، فمكثوا فيهم، ثم إن شاعراً - يُقَال: إنه عبد الله ابن همام أحد بنى عبد الله بن غطفان، ويقَال: إنه النابغة الذبياني - قَال: جَزَى الله عَبْسَاً عَبْسَ آلِ بغيض ... جَزَاء الكِلابِ العَاوِياتِ وَقَدْ فَعَلْ بِمَا انْتَهَكُوا مِنْ رَبِّ عدنان جَهْرَةً ... وَعُوف يُناجِيهمْ وَذَلِكُمُ جَلَلْ فَأصْبَحتُم وَالله يَفْعَل ذَلكُمْ ... يعزكم مَوْلَى مَوَاليكم شكل فلما بلغ قيساً قَال: ماله قاتله الله أفسد علينا حِلْفُنا؟ فخرجوا حتى أتوا بني جعفر بن كلاب، فَقَالوا: نكره أن تتسامع العرب أنا حالفناكم بعد الذي كان بيننا وبينكم، ولكنهم حلفاء بني كلاب، فكانوا فيهم حتى كان يوم جَبَلة فتَهايجوا في شأن ابن الجون، قتله رجل من بني عَبْس بعد ما كان أعتقه عوف بن الأحوص، فَقَال عوف: يا بني جعفر إن بني عبس أدنى عدوكم إليكم، إنما يجمعون كُرَاعهم، ويُحِدُّون سلاحهم، ويأسونَ قُرُوحهم، فأطيعوني وشُدُّوا عليهم قبل أن يندملوا، وقَال: وإنِّي وَقَيْسَاً كَالْمُسَمَّنِ كَلْبَهُ ... فَخَدَّشَهُ أنْيابُهُ وَأظْافِرُه فلما بلغ ذلك بنى عبس أتوا ربيعة بن قُرْط أحد بني أبي بكر بن كلاب، فخالفوه، فَقَال في ذلك قيس: أحاوِلُ ما أحاوِلُ ثم آوى ... إلى جَارٍ كَجَارِ أبي دُوَادِ مَنِيعٍ وَسْطَ عكرمَةَ بنِ قَيْسٍ ... وَهُوبٍ لِلْطَّرِيفِ وِللْتَّلادَ كَفَاني مَا خَشِيتُ أبُو هِلاَلٍ ... رَبِيعَةُ فَانْتَهَيْتُ عَنِ الأعادِى تظّلّ جِيادُهُ يَسْرينَ حَوْلِي ... بذَاتِ الرمثِ كالحِدَإ العَوَادِي يوم شعواء ثم إن بني ذبيان غَزَوْا بني عامر وفيهم بنو عبس في يوم شَعْواء، وفي يوم آخر، [ص: 119] فأسر طلحةُ بن سنان قرواشَ بن هنى، فنسبه، فكنى عن نفسه، فَقَال: أنا ثور بن عاصم البكائي، فخرج به إلى أهله، فلما انتهى إلى أدنى البيوت عرفته امرَأة من أشجع أمها عبسية كانت تحت رجل من فَزَارة، فَقَالت لزوجها: إني أرى أبا شريح، قَال: وَمَنْ أبو شريح؟ قَالت: قرواش بن هنى أبو الأضياف مع طلحة بن سنان، قَال: ومن أين تعرفينه؟ قَالت: يتمت أنا وهو من أبوينا فربَّانا حذيفة في أيتام غَطَفان، فخرج زوجُها حتى أتى خزيم بن سنان فَقَال: أخبرتني امرأتي أن أسيرَ طلحة أخيك قِرْوَاش بني هنى، فأتى خزيمٌ طلحةَ فأخبره، فَقَال: لا تغرني على أسيرى لتلبسه مني قَال خزيم: لم أرد ذلك، ولكن امرَأة فلان عرفته فاسمع كلامها، فأتوها فَقَال طلحة: ما علمكَ أنه قرواش؟ قَالت: هو هو، وبه شامةٌ في موضع كذا فرجعوا إليه ففتشُوه فوجدوا الذي ذكرَت، قَال قرواش: مَنْ عَرَفَني؟ قَالوا فلانة الأشجَعِية وأمها عَبْسِية؟ قَال: ربَّ شر حملته عَبْسية، فذهبت مَثَلاً، ودفع إلى حصن فقتله، فَقَال النابغة الذبياني: صبراً بَغِيضُ بن رَيْثٍ إنَّهَا رَحم ... حُبْتُم بِهَا فَأَنَاخَتكُم بِجَعْجَاجِ (حبتم بها: ارتكبتم الحوب، وهوا لإثم) فَمَا أشْطَّت سميٌّ إن هم قَتَلُوا ... بَنِي أسِيد بِقَتْلَى آلِ زِنْبَاعِ كَانَتْ قُروض رِجَالٍ يَطْلبُون بِهَا ... بَنِي رَوَاحَةَ كَيلَ الصَّاعِ بالصَّاعِ (أقمنا ميل هذه الأبيات عن ديوان النابغة) سمى: هو ابن مازن بن فزارة. ولم تزل عبس في بني عامر حتى غزا غَزْيٌّ من بني عامر يوم شواحط بني ذبيان، فأسر منهم ناس أحدهم أخو حنبص الضبابي، أسَرَهُ رَجلُ من بني ذبيان، فلما نفِدَتْ أيام عكاظ استودعه يهوديَّاُ خمَّاراً من أهل تيْمَاء فوجَدَه اليهودي يخلفه في أهله، فأجبَّ مذَاكِيره، فمات، فوثب حنبص على بني عبس، فَقَال: إن غطفان قتل أخي فَدُوه، فَقَال قيس: إن يدي مع أيديكم على غطفان ومع هذا فإنما وَجَدَهُ اليهودي مع امرأته، فَقَال حنبص: والله لو قَتَلَتهُ الريح لوَدَيْتُمُوه، فَقَال قيس لقومه: دُوه وألحقُوا بقومكم، فالموت في غطفان خير من الحياة في بني عامر وقَال: لَحَا الله قَوماً أرَّثُوا الحربَ بَيْنَنا ... سَقُوْنَا بِهَا مُرَّاً من الماء آجِنَا وكَايَدَ ذَا الخِصْيينِ إن كانَ ظالِماً ... وإن كُنتَ مظلوماً وإن كانَ شَاطِنا فهَلاَّ بني ذبيانَ أمُّكَ هَابِلٌ ... رَهَنَتْ بِفَيْفِ الرِّيح إن كُنتَ رَاهِناً [ص: 120] فلما ودَّتْ عَبْس أخَا حنبص خرجَتْ حتى نزلت بالحارث بن عوف بن أبي حارثة، وهو عند حصن ابن حذيفة، جاء بعد ساعةِ من الليل، فقيل: هؤلاء أضيافك ينتظرونك، قَال: بل أنا ضيفهم، فحَيَّاهم وهشَّ إلبهم، وقَال: مَنْ القَوم؟ قَالوا: إخْوَتُك بنو عَبْس وذكروا ما قَالوا، فأقروا بالذنب، فَقَال: نَعَمْ وكرامة لكم، أكلم حِصْنَاً، فرجع إليه، فقيل لحصن: هذا أبو أسماء، قَال: ما رده إلا أمر، فدخل الحارث فَقَال: طرقْتُ في حاجة يا أبا قَيْس، قَال: أُعطِيتَهَا، قَال: بنو عَبْس، وَجَدْتُ وفُودَهم في منزلي، قَال حصن: صالِحُوا قومَكم، أما أنا فلا أدى ولا أتَّدِى، قَدْ قَتَلْتْ آبائي وعُمومتي عشرين من بني عبس، فما أدركت دماءهم، ويقَال: انطلقَ الربيعُ وقيس إلى يزيد بن سِنَان بن أبي حارثة، وكان فارسَ بني ذبيان، فَقَالا: انْعَمْ ظلاماً أبا ضمرة، قَال: نِعِمَ ظلامُكما، فَمَنْ أنتما؟ قَالا: الربيع وقيس، قَال: مرحَبَاً، قَالا: أردنا أن تأتي أباك فتعيننا عليه لعله يَلُمُّ الشَّعْثَّ ويَرْأب الصَّدْع، فانطلقَ معها، فَقَال لأبيه: هذه عبس قد عَصَبت بِكَ رجاء أن تلائم بين ابنى بغيض، قَال: مرحباً قد آن للأحلام أن تَثُوب، وللأرحام أن تنقى، إني لا أقدر على ذلك إلا بحِصْن حُذيفة وهو سيدٌ حليم، فائْتُوه، فأتوا حِصْناً فَقَال: مَنِ القوم؟ قَالوا: ركبان الموت، فعَرَفهم، قَال: بل ركبان السلم، مرحباً بكم، إن تكونوا اخْتَلَلْتُمْ إلى قومكم لقد اختلَّ قومُكم إليكم، ثم خرج معهم حتى أتوا سِنانَاً فَقَال له حصن: قُمْ بأمر عَشيْرتك وارأب بينهم فإني سأعينُكَ، فاجتمعت بنو مرة، فكان أول مَنْ سعى في الحَمَالة حَرْمَلَهُ بن الأشعر، ثم مات فَسَعى فيها ابنه هاشمُ بن حَرْمَلَه الذي يقول فيه القائل: أحْيَا أباهُ هَاشِمُ بْنْ حَرْمَلَهْ ... يَوْمَ الهَبَاتَيْنِ وَيَوْمَ اليَعْمَلَهْ تَرَى المُلُوكَ حَوْلَهُ مُغَرْبَلَهْ (1) ... يَقْتُلُ ذَا الذَّنْبِ وَمَنْ لا ذَنْبَ لَهْ (1) (في العقد ... ترى الملوك حوله مرعبله ... ) يوم قطن ولما حمل الحاملات وتراضى أبناء بَغِيض اجتمعت عَبْسٌ وذبيان بقطن، وهو من الشربة، فخرج حُصَين بن ضَمْضَمْ يَخلى فرسهُ، وهو آخذ بمرسنها، فَقَال الربيع بن زياد: مالي عهد بحُصَين بن ضَمْضَمْ مذ عشرين سنة، وإني لأحسبه هذا، قم يا بيحَان (2) (في بعض الأصول "تيحان" وفي بعضها "تيجان") فادْنُ منه ونَاطِقْه فإن في لسانه حُبْسة، فقام يكلمه، فجعل حصين يدنو منه [ص: 121] فلا يكلمه، حتى إذا أمكنه جال في متن فرسه ثم وَجَّهَهَا نحوه، فلحقه قبل أن يأتي القوم فقتله بأبيه ضَمْضَمْ، وكان عنترة قتله، وكان حصين آلى أن لا يمس رأسَه غسلٌ حتى يقتل بأبيه بيحان، فانحازت عبس وحلفاؤها، وقَالوا: لا نصالحكم ما بلَّ بحرٌ صُوفَةً، وقد غَدَرَتْ بنا بنو مرة، وتناهضَ الحيان، ونادى الربيع بن زياد: مَنْ يبارز؟ فَقَال سنان وكان يومئذ واجدا على ابنه يزيد: ادعوا لي ابني، فأتاه هرم بن سنان فَقَال: لا، فأتاه ابنه خارجة فَقَال: لا، وكان يزيد يَحْزم فرسه ويقول: إن أبا ضمرة غير غافل، ثم أتاه فبرز للربيع، وسَفَرت بينهم السفراء، فأتى خارجة بن سنان أبا بيجان بابنه فدفعه إليه، وقَال: هذا وفاء من ابنك؟ قَال اللهم نعم فكان عنده أياماً ثم حمل خارجة لأبي بيجان مائتي بعير، فأدّي مائة وحط عنه الإسلام مائة، فاصطلحوا وتعاقدوا وفي ذلك يقول خارجة بن سنان: أعتبت عن آل يربوع قتيلَهُمُ ... وكُنْتُ أدْعَى إلى الخيرات أطْوَارَا أعتبتُ عَنْهُمْ أبا بيجان أرسنها ... وُرْدَاً ودُهْمَاً كمثل النَّخْل أبْكَاراً وكان الذي ولى الصلح عوف ومعقل ابنا سبيع بن عمرو من بني ثعلبة، فَقَال عوف بن خارجة بن سنان: أما إذ سبقَنى هذان الشيخان إلى الحمالة فهلُمَّ إلى الظل والطَّعام والحملان، فأطعم وحمل، وكان أحد الثلاثة يومئذ، فصدَرُوا على الصلح بعد ما امتدت الحرب بينهم سنين، قَال المؤرجُ السدوسي: أربعين سنة. يضرب مَثَلاً للقوم وقَعُوا في الشر يبقى بينهم مدة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 110 2926- قَدْ وَنَى طَرَفَاهُ يضرب للذي ذلَّ وضعف عن أن يتم له أمر. قَال ابن السكيت: قَال: النَّجاشي: وإنَّ فُلانَاً والإمارةَ كالَّذي ... وَنَى طَرْفَاهُ بَعْدَ مَا كَانَ أجْدَعَا قَال يعقوب: يعني عليا رضي الله عنه، أي لا يتم له إمارة كما أن الذي جُدِعَتْ أذُنَاه لا تفيآن ولا تعودان كما كانتا، وكان جَلَدَه في شرب الخمر في رمضان، ثم زاده، فَقَال: ما هذه العلاوة؟ قَال: هذا بجراءتك على الله تعالى في هذا الشهر، ثم هرب إلى معاوية رضي الله عنه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 121 2927- قُدَّتْ سُيُورُهُ مِنْ أدِيمِك قَال أبو الهيثم: إذا كانت السُّيورُ مَقْدودة من أدِيمَين اختلفت، فإذا قُدَّتْ من أديم واحد لم تكد تَفَاوَتُ. قَال الشاعر: [ص: 122] وقُدَّتْ مِنْ أديِمِهمُ سُيُورى ... يضرب للشيئين يستويان في الشبه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 121 2928- أقَرَّ صَامِتٌ يضرب للرجل يُسْأل عن شَيء فيسكت يعني أقَرَّ مَنْ صَمَتَ عن الأمر فلم ينكره، وهذا كما يُقَال "سُكُوتُها رِضَاها" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 122 2929- القُرُّ في بُطُونِ الإبِلِ أي ذَهابُ القر، يريدون أن البرد يذهب عنهم إذا نتجت الإبل، وإنما يتفرجون في الربيع؛ لأن الإبل تنتج فيه، ويصيبهم الهزل وسوء الحال في الشتاء. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 122 2930- قَرِيحةٌ يَصْدَى بِهَا المُقَرِّحُ القَريِحة: البئر أولَ ما تحفر، ولا تسمى قريحة يظهر ماؤها، والمقرح: صاحبها، والصَّدَى: العطَشُ. يضرب لمن يتعب في جمع المال ثم لا يَخْظَى به. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 122 2931- قُرُونُ بُدْنٍ مَالَهَا عِقَاءٌ البُدْن: جمع بَدَن، وهو الوَعِل المُسِنُّ. والعِقَاء: جمع عَقَوة، وهي الطرف المحدَّدُ من القَرْن. يضرب لقوم اجتمعوا في أمرٍ ولا رئيس لهم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 122 2932- قَدْ ضَاقَ عَنْ شَحْمَتِهِ الصِّفَاقُ يُقَال للجلدة التي تضمُّ أقتاب البطن (الأقتاب جمع قتب - بكسر القاف وسكون التاء - ويقَال: جمع قتبة، وهي الأمعاء) الصِّفَاق. يضرب هذا لمن اتَّسَعَ حالُه وكثر ماله فعجز عن ضبطه، ولمن يَعجز عن كتمان السر أيضاً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 122 2933- قَمْقَامَةٌ حَكَّتْ بجَنْبِ البَازِلِ القَمْقَامة: الصغير من القِرْدَان، والبازل من الإبل: ما دخلَ في السنة التاسعة وهو أقواها. يضرب للضعيف الذليل يحتكُّ بالقوىّ العزيز. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 122 2934- أقْرَفُ عَيْناً والنُّجَارُ مُذَهَّبٌ الإقراف: مُدَاناة الهُجْنة في الفَرَس، وفي الناس أن تكون الأمُ عربيةً والأبُ ليس كذلك، ونصب "عينا" على التميز، والنُّجار: الأصل. يضرب لمن طاب أصله وهو في نفسه خبيث القول والفعل. والمذهب: الذي عليه الذهب، يعني أن أصله مُحْلَّى وهو بخلاف ذلك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 122 2935- قَرْمٌ مُعَرَّى الجَنْبِ مِنْ سِدَادٍ القَرْم: الفَحْل من الإبل يُقْتنى للفِحلة، [ص: 123] وذلك لكرمه، يقول هذا قَرْم سَلِم جنبه من الدَّبَرِ لأنه لم يحمل عليه ولم يُرْحَلْ فيقرح جنبه وظهره فيحتاج إلى السِدَاد، وهو الفتيلة؛ ليسدَّ بها القروحُ، والجمع الأِسدَّة، ومنه قول القُلاخ بن حزْن: ليسَ بجَنْبِي أُسِدَّةُ الدَّرَنِ يعني أنه نقي مهذب. يضرب للسيد الكريم الطاهر الأخلاق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 122 2936- الأٌقْوَسُ الأحْبَى مِنْ وَرَئِكَ يُقَال: الأقوسُ الشديدُ الصُّلبُ، والأحبى: الأفعل من حَبَا يَحْبُ حَبْوا، وهذان من صفة الدهر؛ لأنه يَرْصُد أن يَهجُمَ على الإنسان كالحابي يحبو ليثب متى وَجَدَ فرصة قلت: الأقوس المُنْحَنِي الظهر، وذلك لصلابة تكون في صلبه، ولو قيل الشديد الصلب لكان ما أشرت إليه، ويجوز أن يُقَال الأقوسَ مقلوب من الأقْسى، يعني أن الدهر الأصلب الذي لا يُبليه شَيء والذي يَحْبُوا ليثبَ من ورائك: أي أمامِكَ يضرب لمن يفعل فعلا لا تؤمن بَوَائِقُهُ فهو يُحَذَّرُ بهذه اللفظة كما يُقَال "الحسابُ أمامَكَ" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 123 2937- قَدْ جَانَبَ الرَّوْضَ وَأَهْوَى لِلجَرَلِ. يُقَال "أهوى له" أي قصده، والجَرَلُ: الحجارة، وكذلك الجَرْوَل، ومكان جَرِل: فيه حجارة. يضرب لمن فارقَ الخير واختار الشر. وهو كالمثل الآخَر "تجنب رَوْضَةً وأحال يَعْدُو" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 123 2938- أَقِيْلُوا ذّوِي الهَيْئَاتِ عَثَراتِهِمْ أراد بذوي الهيئات أصحاب المروأة، ويروى "ذوي الهنَات" بالنون جمع الهنَة وهي الشَيء الحقير، أي مَنْ قلت عَثَراته أو حقرت فأقِيلُوهَا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 123 2939- اسْتَقْدَمَتْ رِحالَتكَ الرحالة: سرجُ من جلود ليس فيه خَشَب، كانوا يتخذونه للركض الشديد، واستقدمت: بمعنى تَقَّمت. يضرب للرجل يعجل إلى صاحبه بالشر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 123 2940- قَدْ تُؤْذِينيِ النَّارُ فَكَيْفَ أصْلَى بِهَا يضرب لكل ما يكره الإنسان أن يراه أو يفعل إليه مثله. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 123 2941- قَالتِ النّغِلَةُ: لا أكُونُ وَحْدي النَّغَلُ: فَسَاد الأديِم، وأصله أن الضائنة يُنْتَفُ صوفُها وهي حية، فإذا [ص: 124] دَبَغُوا جلْدَهَا لم يصلحه الدباغ؛ لأنه قد نَغِلَ ما حواليه. يضرب للرجل فيه خَصْلَة سوء، أي لا تنفرد هذه الخصلة بل تقترن بها خِصَال أُخَرُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 123 2942- قَدْ بَلَغَ الشِظَاظ الوَرِكَيْنِ الشِّظَاظ عُوَيْد يُجْعَل في عُرْوة الجوَالَق. يضرب فيما جاوزَ الحدَّ. وهو كقولهم "قد بلغ السيل الزبى" و "جاوز الحزامُ الطُّبْيَيْنِ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 124 2943- قَدْ أوضَعَتْ مُنْذُ سَاعَةٍ الإيضاع: الإسراع. يضرب لمن يَسْتَبْطئ قَضَاء حاجتِهِ ولم تبطؤ بعدُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 124 2944- قَدْ تُخْرِجُ الخَمْرُ مِنْ الضَّنينِ يضرب للبخيل يُسْتَخْرَج منه شَيء. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 124 2945- قَدْ يُمْكِّنُ المُهْرُ بَعْد مَا رَمَحَ يضرب لمن ذلَّ بعد جِمَاحِه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 124 2946- قُصَارَى المُتَمَنَّي الخَيْبَةُ يُقَال: قصْرُكَ أن تفعل كذا، وقُصَارُكَ أن تفعل كذا، وقُصَارَكَ - بضم القاف - أي غايُتكَ. يضرب لمن يتمنى المُحَال. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 124 2947- قَرِينُكَ سَهْمُكَ يُخْطِئ وَيُصِيبُ يضرب في الإغضاء على ما يكون من الأخِلاء. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 124 2948- أقْبَحُ هَزِيلينِ الفَرَسُ والمَرْأةُ يحكى أن عمرو بن الّليث عُرِضَ عليه الجند يوماً يعطي فيه أرزاقهم، فعرض عليه رجل له فرس عَجْفاء، فَقَال عمرو: هؤلاء يأخذون دَرَاهمي ويُسِّمُنون بها أكْفَالَ نسائهم، فَقَال الرجل: لو رأى الأميرُ كَفْلها لاستسمن كَفَلَ دابتي، فضحك عمرو، وأمر له بِصِلةٍ، وقَال: سَمِّنْ بها مركوبك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 124 2949- اقْلِبْ قَلاَبِ قَاله عُمر رضي الله عنه، وهذا مثل. يضرب للرجل تكون منه السَّقْطَة فيتداركها بأن يَقْلبها عن جهتها ويَصْرِفها إلى غير معناها. قَال أبو الندى في أمثاله: يُقَال أحمق من عدى بن جَنَاب، وهو أخو زهير: بن عَدِى بن جناب (كذا) وكان زهير وفَّاداً على الملوك، ووفَدَ على النعمان ومعه أخوه عدى فَقَال النعمان: يا زهير إنَّ أمِّي تشتكي، فِبمَ [ص: 125] تتداوى نساؤكم؟ فالتفت عدى فَقَال: دواؤها الكَمْرَة، فَقَال النعمان لزهير: ما هذه؟ قَال: هب الكمأة أيها الأمير، فَقَال عدى : اقْلِبْ قَلاَبِ، ما هي إلا كمرَةَ الجال. قلت: ووجدت بخط الأزهري هذا المثلَ مقيدا اقلب قلاب، وقَال عدى: اطلب لها كمرة حارة، فغضب الملك وهم بقتله فَقَال زهير: إنما أراد أن يَنْعَتَ لك الكمأة فإنا نسخِّها ونتداوى بها، وقَال لأخيه عدى: إنما أردت كذا، فنظر عدى إلى زهير، فَقَال: اقْلِبْ قَلاَبِ، فأرسلها مَثَلاً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 124 ما جاء على أفعل من هذا الباب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 125 2950- أَقْصَفُ مِنْ بَرْقَةٍ البَرْوَق: نبت خَوَار، قَال جرير: كأنَّ سُيُوفَ التَّيْمِ عِيْدَانُ بَرْوَقٍ ... إذا نضيت عَنْها لحِرْبٍ جُفُنُوهَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 125 2951- أَقْوَدُ مِنْ ظُلْمَةَ هي امرَأة من هزيل، وكانت فاجرة في شبابها حتى عجزت، ثم قادت حتى أقعدت، ثم التخذت تَيْسا فكانت تطرقه الناس، فَسُئِلت عن ذلك، فَقَالت: إني أرتاح إلى نَبِيبه على ما بي من الهرم، وسئلت: مَنْ أنكح الناس؟ فَقَالت: الأعمى العفيف، فحدث عَوَانة بهذا الحديث وكان مكفوفا، فَقَال: قاتلها الَله من عالمة بأسباب الطروقة. قَال الجاحظ: لما قدم أشْعَبُ الطمَّاع من المدينة بغداد في أيام المهدى تلقاه أصحابُ الحديث؛ لأنه كان إذا إسنادٍ، فَقَالوا له: حدثنا، فَقَال: خُذُوا، حدثني سالم بن عبد الله - وكان يبغضني في الله - قَال: خصلتان لا تجتمعان في مؤمن، وسكت، فَقَالوا: اذكرهما، قَال: نسى إحداهما سالم ونسيتُ الآخَرى، فَقَالوا: حدثنا عافاك الله بحديث غيره، فَقَال: خذوا، سمعتُ ظُلْمة - وكانت من عجائزنا - تقول: إذا أنا متُّ فأحرقوني بالنار، ثم اجمعوا رَمَادِي في صُرَّة، وأتربوا به كتبَ الأحباب؛ فإنهم يجتمعون لا محالة، وأتوا به الخاتنات ليذرون منه على أجراح الصبيات، فإنهن يلهجن بالزب ما عِشْنَ، وقَال ابن يسار الكَوَاعب يَضْرب بظلمة المثل: بُلِيْتُ بِوَرْهَاءَ ذَنْمَرْدَةٍ (1) ... تكاد تقطرها الغُلمَهْ، (1) (الذنمرة: السحاقة) [ص: 126] تَنِمُّ وتَعضَهُ جارَاتِهَا ... وأقْوَدُ باللَّيْلِ مِنْ ظُلْمَهُ فمن كلِّ ساعٍ لَهَا رَكْلَةٌ ... ومِنْ كُلِّ جَارٍ لَهَا لَطْمَهْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 125 2952- أقْوَى مِنْ نَمْلَّةٍ يُقَال: إنَّه ليس شَيء من الحيوان يحملُ وزنه حديداً إلا النملة، وتجرُ نواة التمر وهي أضعافها زِنَةً، وكذلك الذرة تحمل أضعَافَها لو وِزِنت به. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 126 2953- أقصرُ من غَبِّ الحِمَار، و "اقْصَرُ مِنْ ظَاهرة الفَرَس" ويقَال أيضا " أقصر من ظِمْء الحمَار" لأن الحمار لا يَصْبر عن الماء أكثَرَ من غب لا يربع، والفرس لا بدَّ له من أن يُسقَي كل يوم، فالغِبُّ بعد الظاهرة، والرِّبعُ بعد الغب، والخمس بعده ثمَّ السِّدس ثم السِّبع ثم الثِّمن ثم التِّسع ثم العشر وجعلت العرب الخمسَ أشأم الأظماء؛ لأنهم لا يظْمِئون في القيظ أكثر منه، والإبل في القَيْظ لا تَقْوَى على أطول منه، وهو شديد على الإبل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 126 2954- اَقْضَى مِنَ الدِّرهم هذا من قول الشاعر. لَمْ يَرَ ذُو الحَاجَةِ فِي حَاجَةٍ ... أقْضَى مِنْ الدِّرهِمْ في كَفِّه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 126 2955- أقْطَعُ مِنْ جَلَمٍ، وأقْدُّ مِنْ شَفْرَةٍ هذا أيضا من قول الشاعر: أَقَدُّ لِنْعْمَاكَ مِنْ شَفْرَةٍ ... وأقْطَع في كُفْرِهَا مِنْ جَلَمْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 126 2956- أقَوَدُّ مِنْ مُهْرٍ وذلك لأن المهر إذا قيد عارض قائده وسَبَقه، وهذا أفعل من المفعول، قَال أبو الندى: لأنه يُسَابقَ راجلة ساحبه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 126 2957- أقْوَدُ مِنْ ظُلْمَةٍ لأن الظَّلام يَسِتر كلَّ شَيء، والعربُ تَقول: لقيتُه حينَ وارى الظلامُ كل شخص، ولقيته حين يُقَال: أخُوكَ أم الذئب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 126 2958- أَقْوَدْ مِنْ لَيْلٍ هذا من قول الشاعر: لاَ تَلْقَ إلا بِلَيلٍ مَنْ تُوصِلُهُ ... فَالشَّمْسُ تَمَّامَهْ واللَّيلُ قَوَّادُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 126 2959- أَقْذَرُ منْ مَعْبَأةٍ هي خِرْقَة الحائض، والاعتباء: الاحتشاء، يقَال: اعتبأتِ المرأة، وأما قولهم "أقْفَطُ من البياع" فقد مر ذكره في باب التاء عند قولهم "أتْيَسُ من تُيُوسِ البَيَّاع" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 126 2960- أَقْفَطُ مِنْ تَيسِ بني حِمَّانَ مر ذكره في باب الغين في قولهم "أغلَم من تيس بني حمَّان" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 127 2961- أَقْرَشُ مِنَ المُجَبِّرِينَ القَرْش: الجَمْعُ والتجارة، والنقرش التجمع، ومن هذا سميت قريش قريشاً، زعم أبو عبيدة أنهم أربعة رجال من قريش، وهم أولاد عبد مناف بن قصى، أولهم هاشم، ثم عبد شمس، ثم نَوْفَلْ، ثم المطلب، بنو عبد مناف، سادوا بعد أبيهم، لم يسقط لهم نَجْم، جَبَرَ الله تعالى بهم قريشاً فسُمُّوا المجبرين، وذلك أنهم وفَدُوا على الملوك بتجارتهم، فأخذوا منهم لقريش العصم، أخذلهم هاشم جَبَلاَ (1) (كذا، وأحبسه "حبلا" بالحاء المهملة، أي عهدا.) ، من ملوك الشام حتى اختلفوا بذلك السبب إلى أرض الشام وأطراف الروم، وأخذلهم عبدُ شمس جبلا (1) من النجاشي الأكبر حتى اختلفوا بذلك السبب إلى أرض الحبشة، وأخذلهم نوفل بن جبلا (1) من ملوك الفرس حتى اختلفوا بذلك إلى أرض فارس والعراق، وأخذ لهم المطلب جبلا (1) من ملوك حمير حتى اختلفوا بذلك السبب إلى بلاد اليمن. وأما قولهم: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 127 2962- أقْرَى ِمنْ زَادِ الرَّكْبِ فزعم ابن الأعرابي أن هذا المثل من أمثال قريش، ضربوه لثلاثة من أجْوَدهم: مَسَافر بن أبي عمرو ابن أمية، وأبي أمية بن المغيرة، والأسود بن عبد المطلب بن أسد بن عبد العُزَّى، سموا زاد الركب لأنهم كانوا إذا سافرُوا مع قومٍ لم يتزوَّدُوا معهم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 127 2963- أَقْرَى مِنَ حَاسِى الذَّهبِ هذا أيضاً من قريش، وهو عبد الله بن جُدْعَان التَّيمي الذي قَال فيه أبو الصَّلْت الثَّقفي: لَهُ دَاعٍ بِمَكَةَ مُشْمَعِل ... وَآخَرُ فَوْقَ دَارَتِهِ يُنَادِي إلى رُدُحٍ مِنَ الشِّيزَى مِلاَءِ ... لُبَابَ البُرِّ يُلْبَكُ بالشِّهَادِ وسمى "حاسي الذهب" لأنه كان يشرب في إناء من الذهب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 127 2964- أقْرَى مِنْ غَيْثِ الضَّرِيكِ هذا المثل رَبَعي، وغيث الضريك: قَتَادَة بن مَسلمة الحنفي، والضَّرٍيك: الفقير الجزء: 2 ¦ الصفحة: 127 2965- أقْرَى مِنْ مَطَاعِيِمِ الرِّيِح زعم أبن الأعرابي أنهم أربعة: أحدهم عمُّ مِحْجَنْ الثَقَفي، ولم يُسَمِّ الباقين. قَال أبو الندى: هم كنانة بن عبد يَالِيل الثَّقَفي عم أبي محجن، ولَبيد بن ربيعة، وأبوه، كانوا إذا هَبَّتِ الصَّبَا أطْعَمُوا الناسَ، [ص: 128] وخصوا الصبا لأنها لا تهبُّ إلا في جَدْب قَالت بنت لبيد: إذا هَبَّتْ رٍياحُ أبي عَقِيل ... ذَكَرْنَا عِنْدَ هَبَّتهَا وَلِيدَا أشَمَّ الأنْفِ أبيضَ عَبْشَمِيّاً ... أعان عَلَى مُرْوَأتِهِ لَبيدَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 127 2966- أقْرَى مِنْ آكِلِ الخُبْزِ المثل تميمي، وآكل الخبز: عبدُ الله بن حَبيب العنبري أحد بني سَمُرَة، سمى آكل الخبز لأنه كان لا يأكل التَّمْر، ولا يرغب في اللَّبن، وكان سيد العَنْبر في زمانه، وهم إذا فخروا قَالوا: منا آكِلُ الخبز ومنا مُجيرُ الطير، فأما مُجيرُ الطير فهو نور بن شحمة العَنْبَرِي، وأما السبب في تلقِبيهم عبدَ الله بن حبيب بآكل الخبز، فلأن الخبزَ نفسه عندهم ممدوح، وذكر أبو عبيدة: أنَّ هَوْذَةَ بن علي الحَنّفي دخل على كسرى أبرَوِيزَ فَقَال له: أي أولادكَ أحبُّ إليكَ؟ قال: الصغير حتى يكبر والغائب حتى يقدَم، والمريض حتى يبرأ، قَال: ماغذاؤك ببلدك؟ قَال الخبز، فقال كسرى: هذا عَقْل الخبز، لا عَقْلُ اللبن والتمر، فصار الخبز عندهم ممدوحاً كما صار ما يناسبه بعض المناسبة ممدوحاً، وهو الفالوذ [ج] لأنه أشرف طَعَامٍ وقع إليهم، ولم يطعم الناس الطعامَ أحدٌ من العرب إلا عبد الله بن جُدْعَان فمدحه أبو الصلت بذلك، وما يناسبه كلَّ المناسبة يعني الثريد، وهو في أشرافهم عام، وغلب عليه هاشم حين هَشَم الخبز لقومه، فمدح به في قول الشاعر: عَمْرُو العُلا هَشَمَ الثَّرِيدَ لِقَوْمِهِ ... وَرِجَالُ مَكَّةَ مُسْنِتُونَ عِجَافُ قَال حمزة: فهذا المثل مع ما يتلوه حكاه عمرو بن بحر الجاحظ في كتابه الموسوم بـ "كتاب أطْعِمَةِ العرب" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 128 2967- أقْرَى مِنْ أرْمَاقِ المُقْويِنَ زعم أبو اليقظان أنهم ثلاثة: كَعْب، وحاتم، وهَرِم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 128 2968- أَقْلُّ مِنْ وَاحِدٍ، و "مِنْ أوحَدَ" و"مِنْ تِبْنةٍ في لبنةٍ" و "مِنْ لاَ شَيء في العَدَدِ" و "فِي الَّلفْظِ مِنْ لاَ" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 128 2969- أقْصَرُ مِنَ حَبَّةٍ، و"مِنْ أنمُلَةٍ" و "مِنْ فِتْرِ الضَّبِّ" و "مِنْ إبْهَام الضَّبَّ" و"مِنْ إبْهَامِ الحُبَارَى" و "مِنْ إبْهَامِ القَطاةِ" و "مِنْ زُبِّ نَمْلَةٍ" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 128 2970- أقْطَفُ مِنْ نَمْلَةٍ، و "مِنْ ذَرَّةٍ" و "مِنْ فُرَيخِ الذَرَّ" و "مِنْ حَلَمةٍ" و "مِنْ أرْنَبٍ" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 129 2971- أقْبَحُ أَثَراً مِن الحَدْثَانِ، و "مِنْ قَوْلٍ بِلاَ فِعْلٍ" و "مِنْ مَنٍّ عَلَى نَيْلٍ" و "مِنْ تِيْهٍ بلاَ فَضْلٍ" و "مِنْ زَوَالِ النِّعْمَةِ" و "مِنْ الغُولِ" و "مِنْ السِّحْرِ" و "مِنْ خِنزِيرٍ" و "مِنْ قِرْدٍ" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 129 2972- أقْسَى مِنْ صَخْرَةٍ، و "مِنَ الحَجَرِ" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 129 2973- أَقْرَبُ مِنَ البَعْثِ، ويروى "مِنْ البغت" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 129 2974- أَقْرَبُ مِنْ حَبْلِ الورِيِدِ، و "مِنْ عَصَا الأعْرَج" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 129 2975- أقْطَعُ مِنَ البَيْنِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 129 2976- أَقْصَرُ مِنَ اليَدِ إلى الفَمِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 129 2977- أَقْتَلُ مِنَ السُّمِّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 129 2978- أقْفَرُّ مِنْ أبْرَاقَ الغَرَّافِ، و "مِنْ بَرِّيِّةِ خُسَافٍ" قَال أبو الندى: هي برية بين السواجير ويانس، بأرض الشام، بستة فراسخ، قَال: وقد سلكها خُسَاف. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 129 2979- أَقْدَمُ مِنَ البَذِّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 129 2980- أَقْبَحُ مِنْ جَهمَةٍ قَفْرَةٍ الجَهْمَة، التي في وجهها كُلُوح، والفَقَرَة: القليلةُ الَّلحْمِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 129 المولدون الجزء: 2 ¦ الصفحة: 129 قُلْ النَّادِرَةَ وَلَوْ على الوَالِدَةِ قيِّدُوا العِلْمَ بالكِتَابَةِ قَيِّدُوا نِعَمَ الله بالشُّكْرِ قَبْلَ السَّحَابِ أصَابَنِي الوَكْفُ قَبْرُ العَاق خَيْرٌ مِنْهُ قَدْ يَخْرُجْ مِنَ الصَّدَفَةِ غَيْرُ الدُّرَّةِ قَدْ يَقْدُمُ العَيْرُ مِنْ ذُعْرٍ عَلَى الأسَدِ قَدْ يَهْزَلُ المُهْرُ الَّذي هُوَ فَارِهٌ قَدْ خَلَعَ عِذَارَهُ وَركِبَ رَأْسَهُ قَدْ عَبَرَ مُوسَى البَحْرَ [ص: 130] إذا بلغ غاية الشكر قَدْ جَعَلَ إحْدَى أُذُنَيْهِ بُسْتَاناً، والأخرى مَيْدَاناً يضرب لمن لا يسمع الوَعْظَ قَدْ تَعَوَّدَ خُبْزَ السُّفْرَةِ يضرب لمن يُوصَف بالتجارب، ومثله "قد نام مع الصوفية" و"نام تحت حُصُرِ الجامع" و "ضَرَبَ بالحِرَابِ وَجْهَ المحراب" قَدْ صَارَ مِنْ سَقَطِ الجُنْدِ يضرب للأمرَدِ إذا التحى قَدْ جَعَلَ إحْدَى يَدِيْهِ سَطِحَاً وَمَلأَ الأخرى سَلْحَاً يضرب للمتهلك قَدْ أَفْلَحَ السَّاكِتُ الصَّمُوت قُل هُوَ الله أَحَدٌ شَرِيفَة، ولَيْسَتْ مِنْ رِجَالِ يَس~ قَطَعْتَ القَافِلَةُ وكانتْ خَيِّرَةً قِلَّةُ العِيَالِ أحَدُ اليَسَارَيْنِ قَدِّرْ ثُمَّ أقطَعْ قَلَمٌ بِرَأسَيْن - للمكافئ قَدِّمْ خَيْرَكَ ثُمَّ أيْرَكَ قَدْ ضَلَّ مَنْ كَانَتِ العِمْيَانُ تَهْدِيْه قَدْ تُبْلَى المليحَةُ بالطَّلاقِ قَدْ يُتَوَفَى السَّيْفُ وَهُوَ مُغْمَدٌ قَدْ يُسْتَرَثُّ الجَفْنُ وَالسَّيْفُ قَاطِعٌ قَلَمُهُ لاَ يَرْعُفُ إلا بالشَّرِّ قَدْ اسْتَقْلَعَ العُوْدُ فاقْلَعْهُ القَصَّابُ لا تَهُوْلُه كَثْرَةُ الغَنَمِ القَاصُّ لا يُحِبُّ القَاصَّ القُلُوب تُجَازِي القُلوبَ القَلْبُ طَلِيِعَةُ الجَسَدِ القَلَمُ أحَدٌ الكاتبَيْنِ القُبْحُ حُارِسُ المَرْأةِ الإقْدَامُ على الكِرَامِ مَنْدَمَةٌ القَيْنَةُ يَنْبُوعُ الأحْزَانِ القَوْمُ أخْيَافٌ كَقَرْعِ الخَرِيفِ وإبِلِ الصَّدَقَةِ اقْطَعْهَا مِنْ حَيْثُ رَكَّتْ أي ضعفت، والعامة تقول "رقت" قَدْ نَرَاكَ فَلَسْتَ بِشَيء يضرب للصَّلِفِ الذي يَزِيفُ على السَّبْكِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 129 - الباب الثاني والعشرون فيما أوله كاف الجزء: 2 ¦ الصفحة: 131 2981- كانَ كُرَاعاً فَصَارَ ذِرَاعاً يضرب للذليل الضعيف صار عزيزاً قوياً. وهذا المثل يروى عن أبى موسى الأشعري قَاله في بعض القبائل ومثله: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 131 2982- كانَ عنْزَاً فَاسْتتَيْسَ أي صار تَيْساً وفي ضدهما: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 131 2983- كَانَ حِمَاراً فَاسْتَأتَنَ أي صار أتانَا، وهذا ما لا يكون وإنما أراد بهِ أنهُ كان قوياً فطلب أن يكون ضعيفاً أو كان ضعيفاً فطلب أن يكون قوياً فمعنى "استأتَنَ" طلب أن يكون أتانا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 131 2984- كانَ جُرْحاً فَبَرَئَ أصله أن رجلا كان أُصيبَ ببعض أَعِزَّته، فبَكَاه ورَثَاه كثيراً، ثم أقْلَعَ وَصَبَرَ، فقيل له في ذلك، فأجاب بهذا، فصار مَثَلاً الجزء: 2 ¦ الصفحة: 131 2985- كانَتْ بَيْضَةَ الدِّيكِ يضرب لما يكون مرة واحدة، قَال بشار: قَدْ زُرْتِني زَوْرَةً فِي الدَّهْرِ وَاحِدَةً ... ثَنِّى وَلاَ تَجْعَلِيها بَيْضَةَ الدِّيكِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 131 2986- كانَتْ وَقْرَةً فِي حَجَرٍ أي كانت المصيبةُ ثلمةً في حجَرٍ يضرب لمن يحتمل المصيبة ولم تؤثر فيه إلا مثل تلك الهَزِيمة في الصَّخْرَة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 131 2987- كَانتْ لَقِوَةً لاَقَتْ قَبِيساً ويروى "لقوة صادفَتْ قَبِيساً" الَّلقْوَة: السريعة التلقي لماء الفحل، والقبيس: السريع الإلقاح، قَال بعضُ بني أسَدٍ: حَمَلْتِ ثَلاَثَةً فَوَلَدْتِ سِتَّا ... فَأمًّ لِقْوَةٌ وَأَبٌ قَبِيسُ وتقدير المثل: كانت الناقة لقوة صادفَتْ فحلاً قبيساً يضرب في سُرْعَة اتفاقَ الأخوين في المودة، قَاله أبو عبيد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 131 2988- كأنَّمَا قُدَّ سَيْرُهُ الآنَ أي كأنما ابتدئ شبابه الساعة. يضرب لمن لا يتغير شبابه من طول مر الزمان، وقَال: رَأَيْتُكَ لاَ تَمُوتُ وَلَسْتَ تَبْلَى ... كأنَّكَ في الحوادِثِ لين طاق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 132 2989- كأنَّما أُنْشِطَ مِنْ عِقَالٍ الأُنْشُوطة: عُقْدَة يَسْهُلُ إنحلالها، مثل عقدة التكة، ونَشَطْتُ الحَبْلَ أنْشَطه نشطاً: عَقَدْتْه أنشوطة، وأنشَطَتْه: حللته، والعِقَال: ما يُشَدُّ به وظيفُ البعير إلى ذراعه يضرب لمن يتخلَّصُ من وَرْطَة فينهض سريعاً الجزء: 2 ¦ الصفحة: 132 2990- كُلُّ شَيءٍ مَهَهٌ، مَا خَلاَ النَّسَاءَ وَِذكْرهُنَّ ويروى "مَهَاه ومعناهما اليسير الحقير: أي أن الرجل يحتمل كلَّ شَيء حتى يأتي ذكر حُرَمه، فيمتعض حينئذ، فلا يحتمله، قَال أهل اللغة: المهَاه والمهَهَ: الجَمَالُ والطراوة أي كل شَيء جميل ذِكْرُه إلا ذكر النسٍّاء قلت: يجوز أن يكون المهاه الأصل، والمهه مقصور منه، مثل الزمانِ والزَّمَنْ والسَّقام والسَّقَمْ، ويجوز على الضد من هذا وهو أن يكون المهه الأصل ثم زِيدَت الألف كراهة التضعيف والمهَاه أكثرُ في الاستعمال من المهه، قَال الشاعر: وَلَيْسَ لِعَيْشِنَا هذا مَهَاهٌ ... ولَيْسَتْ دَارُنَا الدُّنيا بِدَارِ وقَال آخر: كَفَى حَزَنَاُ أنَّ لاَ مَهَاهَ لِعَيْشِنَا ... ولا عَمَلٌ يرْضَى بِه الله صالِحُ يريد لا جمال ولا طراوة لعيشنا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 132 2991- كلُّ ذاتِ صِدَارٍ خَالَةٌ الصِّدَارُ: كالصُّدْرَة تلبسها المرأة، ومعناه أن الغَيُور إذا رَأى امرَأة عَدَّهَا في جُمْلة خالاته لفرط غَيْرَته، وهذا المثل من قول هَمَّام بن مرة الشيباني، وكان أغار على بني أسد، وكانت أمه منهم، فَقَالت له النساء: أتفعل هذا بخالاتك؟ فَقَال : كلُّ ذاتِ صِدَار خَالَةٌ، فأرسلها مَثَلاً قلت: ويجوز أن تكون الخالة بمعنى المختالة، يُقَال "رجُلٌ خَالٌ" أي مختال يعني أن كل امرَأة وَجَدَتْ صِدَاراً تلبسه اخْتَالَتْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 132 2992- كلُّ ضَبِّ عِنْدَهُ مِرْدَاتُهُ المِرْدَاةُ: الحَجَر الذي يُرْمى به، والضب قليل الهِدَاية، فلا يتخذ جَحْره إلا عند حَجَر يكون علامة له، فَمَنْ قَصَده [ص: 133] فالحجر الذي يرمى الضب به يكون بالقرب منه، فمعنى المثل لا تأمن الحِدْثَان والغِيَرَ فإن الآفاتِ مُعَدَّة مع كل أحد يضرب لمن يتعرض للهَلَكَة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 132 2993- كلُّ اُمْرىءِ سَيَعُودُ مُرِيباً أي تُصيبه قَوَارِعُ الدهرِ فتضعفه. يضرب في تنقل الدهر بأبنائه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 133 2994- كلُّ ذاتِ بَعْلٍ سَتَئِيمُ هذا من أمثال أكثم بن صيفي، قَال الشاعر: أفَاطِمُ إنِّي هَالِكٌ فَتَبَينَّي ... وَلاَ تَجْزَعِي، كلُّ النِّسَاءِ تَئِيمُ يُقَال: آمَتِ المرأة تَئيمُ أيوما، أي صارت أيِّماً، وقوله "ستئيم" أي ستفارقَ بَعْلَهَا فتبقى بلا زواج الجزء: 2 ¦ الصفحة: 133 2995- كلُّ شَاةٍ بِرِجْلِهَا سَتُنَاطُ النَّوْطُ: التَّعْليق، أي كل جَانٍ يُؤْخَذ بجنايته، قَال الأَصمَعي: أي لا ينبغي لأحدٍ أن يأخذ بالذنب غيرَ المذنبِ، قَال أبو عبيدة: وهذا مَثَلٌ سائر في الناس. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 133 2996- كلُّ أََزَبَّ نَفُورٌ وذلك أن البعير الأزّبَّ - وهو الذي يكثر شَعْرُ حاجبيه - يكون نَفُوراً؛ لأن الريحَ تضْربه فينفر يضرب في عَيْب الجبان وإنما قَاله زهير بن جَذيمة لأخيه أسيد، وكان أَزَبَّ جباناً، وكان خالد بن جعفر بن كلاب يطلبه بذّحْل، وكان زهير يوماً في إبله يَهْنَؤها ومعه أخوة أسيد، فرأى أسيد خالدَ بن جعفر قد أقبل في أصحابه، فاخبر زهيراً بمكانهم، فَقَال له زهير : كلُّ أزبّ نفُورٌ، وإنما قَال هذا لأن أسيداً كان أَشْعَرَ، قَال زيدُ الخِيل: فَحَادَ عَنِ الطعَانِ أبُو أثَالٍ ... كَمَا حاد الأزَبُّ عَنِ الظِّلال وقال النابغة: أثَرت الغيىَّ ثمَّ نزعت عنه كما حاد الأزبُّ عن الطِّعَانِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 133 2997- كلُّ امرِئٍ سَيَرَى وَقْعَهُ أي وقوعه. يضرب في انتظار الخَطْب بالعَدُوِّ يقع. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 133 2998- كَلاَمٌ كالعَسَلِ، وَفِعْلٌ كالأسَلِ يضرب في اختلاف القَوْل والفعل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 133 2999- كَمْ غُصَّةٍ سَوَّغْتُ رِيقَهَا عَنْكَ يضرب في الشكاية عن العاقِّ من الأولاد والأحباب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 133 3000- الكَىُّ لاَ يَنْفَعُ إلاَّ مُنْضِجَهُ يضرب في الحثِّ على إحكام الأمر والمبالغة فيه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 134 3001- كالعَاطِفِ عَلَى العَاضِّ يُقَال "ناقة عاطف" تعطف على ولدها وأصل المثل أن ابن المخَاض ربما أتى أمه يَرْضَعُها فلا تمنعه، وربما عَضَّ على ضَرْعها فلا تمنعه أيضاً. يضرب لمن يواصل من لا يواصله ويحسن لمن يسيء إليه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 134 3002- كُنْتَ تَبْكِي مِنَ الأثَرِ العَافِي، فقد لاقَيْتَ أُخْدُوداً يضرب لمن يشكو القليل من الشر ثم يقع في الكثير الجزء: 2 ¦ الصفحة: 134 3003- كلُّ ذَاتِ ذَيْلٍ تَخْتَالُ أي كل مَنْ كان ذا مال يتبختر ويفتخر بماله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 134 3004- كلُّ امْرئٍ في شأنِهِ سَاعٍ أي كل امرئ في إصلاح شأنه مُجِدّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 134 3005- كلُّ امْرِئٍ في بَيْتِهِ صبيٌّ أي يَطْرَحُ الحِشْمة، ويستعمل الفكاهة يضرب في حُسْن المعاشرة. قيل: كان زيد بن ثابت من أَفْكَهِ الناس في أهْلِهِ وأدْمَثهم إذا جلس مع الناس وقَال عمر رضي الله عنه: ينبغي للرجل أن يكون في أهله كالصبي، فإذا التمس ما عنده وُجد رجلا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 134 3006- كلُّ فَتَاةٍ بأبِيْهَا مُعْجَبَةٌ يضرب في عُجْب الرجل برهطه وعشيرته وأول من قال ذلك العَجْفَاء بنت عَلْقَمة السعدى، وذلك أنها وثَلاثَ نسوة من قومها خَرَجْنَ فاتَّعَدْنَ بروضة يتعدثن فيها، فوافَيْنَ بها ليلاً في قمرٍ زاهر، وليلة طَلْقَة ساكنة، وروضة مُعْشِبة خَصْبة، فلما جلسن قلن: ما رأينا كالليلة ليلة، ولا كهذه الروضة روضة، أطيب ريحاً ولا أنْضَر، ثم أفَضْنَ في الحديث فقلن: أي النساء أفضل؟ قَالت إحداهن: الخَرُود الوَدُود الوَلُود، قَالت الأخرى: خَيْرُهن ذات الغناء وطيب الثناء، وشدة الحياء، قَالت الثالثة: خيرهن السَّمُوع الجَمُوع النَّفُوع، غير المنوع، قَالت الرابعة: خيرهن الجامعة لأهلها، الوادعة الرافعة، لا الواضعة، قلن: فأي الرجال أفضل؟ قالت إحداهن: خيرهم الحَظِىُّ الرّضِيُّ غير الحظال (الحظال: المقتر المحاسب لأهله على ما ينفعه عليهم.) ولا التبال، قَالت الثانية: خيرهم السيدُ الكريم، ذو الحسب العميم، والمجد القديم، قَالت الثالثة: خيرهم السخِيُّ الوفي [ص: 135] الذي لا يُغِيرُ الحرة، ولا يتخذ الضرة، قَالت الرابعة: وأبيكن إن في أبي لنَعْتَكُنَّ كرم الأخلاق، والصدقَ عند التلاق، والفلج عند السباق، ويحمده أهل الرفاق، قَالت العَجْفَا عند ذلك: كلُّ فتاة بأبيها مُعْجَبة وفي بعض الروايات أن إحداهن قَالت: إن أبي يُكْرِمُ الجار، ويعظم النار، ويَنْحَر العِشَار، بعد الحوار، ويحل الأمور الكبار، فَقَالت الثانية: إن أبي عظيم الخَطرِ، منيع الوَزَر، عزيز النفر، يُحْمَدُ منه الوِرْدُ والصَّدَر، فَقَالت الثالثة: إن أبي صدوقَ اللسان، كثير الأعْوَان، يُرْوى السِّنَان، عند الطعان، قَالت الرابعة: إن أبي كريم النِّزَال، منيف المقَال، كثير النَّوَال، قليل السؤال، كريم الفَعَال، ثم تنافَرْنَ إلى كاهنة معهن في الحي فقلن لها: اسمعي ما قلنا، واحكمي بيننا، واعدلي، ثم أَعَدْنَ عليها قولَهن، فقالت لهن: كل واحدة منكن ماردة، على الإحسان جاهدة، لصواحباتها حاسدة، ولكن اسْمَعنَ قولي: خيرُ النساء المبقية على بعلها، الصابرة على الضراء، مخافة أن ترجع إلى أهلها مطلقة، فهي تؤثر حظ زوجها على حظ نفسها، فتلك الكريمة الكاملة، وخير الرجال الجَواد البَطَل، القليل الفشل، إذا سأله الرجل ألفاه قليل العلل، كثير النَّفَل، ثم قَالت: كل واحدةٍ منكن بأبيها مُعْجَبة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 134 3007- كلُّ مُجْرٍ في الخَلاَءِ يُسَرُّ ويروى "كل مجر بخلاء مجيد" وأصله أن رجلا كان له فرس يُقَال له "الأُبَيْلِق" وكان يجريه فرداً ليس معه أحد، وجعل كلما مر به طائر أجْرَاه تحته، أوْ رأى إعصارا أجراه تحته، فأعجبه ما رأى من سرعته، فَقَال: لو رَاهَنْتُ عليه، فنادى قوما، فَقَال: إنى أردْتُ أن أراهن عن فرسي هذا، فأيكم يُرْسلُ معه؟ فَقَال بعض القوم: إن الحَلْبَةَ غَداً، فَقَال: إنى لا أرسله إلا في خِطَارٍ، فراهن عنه، فلما كان الغدُ أرسله فسُبِقَ، فعند ذلك قَال: كل مُجْرٍ في الخلا يسر، ويقَال أيضاً: كلُّ مجرٍ بِخَلاَءٍ سَابِقٌ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 135 3008- كلُّ فَضْلٍ مِنْ أبِي كَعْبٍ دَرَكٌ يضرب للرجل يطلبُ المعروفَ من الرجل اللئيم الذي لا يَبضُّ حَجَرُه فينيله قليلا فيشكو ذلك، فيقَال له هذا، أي هو لئيم فقليله كثير. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 135 3009- كُلُّ كّلْبِ بِبَابِهِ نَبَّاحٌ يضرب لمن يضرب له "كُلُّ مُجْرٍ في الخلا يُسَرُّ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 135 3010- كُلُّ الصَّيْدِ في جَوْفِ الفَرَا قَال ابن السكيت: الفَرَار الحِمَارُ الوَحْشِيُّ، وجمعه فِراء. قَالوا: وأصل المثل أن ثلاثة نَفَرٍ خرجوا متصيدين، فاصطاد أحدُهم أرْنَباً، والآخر ظبيا، والثالث: حماراً، فاستبشر صاحب الأرنب وصاحب الظبي بما نالا، وتطاولا عليه، فقال الثالث : كُلُّ الصَّيْدِ في جوف الفَرا، أي هذا الذي رُزِقْتُ وظَفِرْتُ به يشتمل على ما عندكما، وذلك أنه ليس مما يصيده الناس أعْظَمُ من الحمار الوحشي. وتألَّفَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أبا سُفْيَانَ بهذا القول، حين استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم، فحُجِبَ قليلا ثم أُذِنَ له، فلما دخل قَال: ما كِدْتَ تأذَنُ لي حتى تأذنَ لحجارة الجلهمتين، قَال أبو عبيد: الصوابُ الجلهتين، وهما جانبا الوادي، فَقَال صلى الله عليه وسلم: يا أبا سفيان أنْتَ كما قِيلَ كل الصيد في جوف الفَرَا، يتألفه على الإسلام، وقَال أبو العباس: معناه إذا حَجَبْتُكَ قَنَعَ كل محجوب. يضرب لمن يُفَضَّلُ على أقرانه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 136 3011- كُلُّ نُجارِ إبلٍ نُجِاَرُهَا النُّجِاَرُ: الأصلُ، وكذلك النَّجْرُ، وهذا من قول رجل كان يغير على الناس فيطرد إبِلَهُمْ ثم يأتي بها السوقَ فيعرضها على البيع، فيقول المشترى: مِنْ أي إبلٍ هذه؟ فيقول البائع: تَسْأَلُني البَاعَةُ أيْنَ دَارُهَا ... لا تَسْألُونِي وَسَلُوا مَا نارُهَا كُلُّ نُجِاَرِ إبِلٍ نُجَارُهَا ... يعني فيها من كل لون. يضرب لمن له أخلاقَ متفاوتة (في القاموس "أي فيه كل من الأخلاق، ولا يثبت على رأى") والباعة: المشترون ههنا، والبيع من الأضداد، وقَال: وَبَاعَ بَنِيِهِ بَعْضُهُمْ بِخَسَارةٍ ... وَبِعْتُ لذُبْيَانَ العَلاَءَ بمَالكَا فجمع اللغتين في بيتٍ واحِدٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 136 3012- كُلَّ الحِذاءِ يَحْتَذِي الحَافِي الوَقِعُ يُقَال: وَقَعَ الرجلُ يَوْقَعُ وَقَعاً، إذا حَفِيَ من مَرِّه على الحجارة، قَال الرَّاجز: يَالَيْتَ لِي نَعْلَيْنِ مِنْ جِلْدِ الضَّبُعْ ... وَشَرُكاً مِنْ ثَفْرِهَا لاَ تَنْقَطِعْ كُلَّ الحِذَاءِ يَحْتَذِي الحَافِي الوَاقِع ... نصب "كُلَّ" بيحتذى. [ص: 137] يضرب عند الحاجة تَحْمِلُ على التعلق بما يقدر عليه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 136 3013- كُلّى طَعَامَ سَرِقٍَو نَامَى السَّرِق، والسَّرقة - بكسر الراء الاسم، والسَّرَق - بفتح الراء - المصدر، يُقَال: سَرَقَ منه مالا، وسرقًهُ مالا. وأصله أن اُّمة كانت لصة جَشِعة، فنَحَرَ مواليها جَزُورا، فأطعموها حتى شَبِعَتْ، ثم إن مولاها جعل شحمةً في رأس رُمحه فسرقتها ثم ملتها، فنشَّتْ، في النار فَقَال مولاها: ما هذا؟ فَقَالت: نَضِيضُ علباء ويحسبه مولاي شحمة، فَقَال: كُلِّ طعام سَرِقَ ونَامِي. يضرب للحريص يقع في قبيح لجشعِهِ، ويضرب للمُريب أيضا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 137 3014- كُلُّ شَيء أخْطَأَ الأنْفَ جَلَلٌ وذلك أن رجلا صرع رجلا، فأراد أن يجْدَعَ انْفه، فأخطأه، فحدث به رجل فَقَال : كل شَيء أخطأ الأنف جَلَلْ، أي سهل. يضرب في تهوين الأمر وتسهيله. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 137 3015- كُلُّ جُدَّةٍ سَتُبْلِيها عُدَّةٌ يعني عدة الأيام والليالي وقَال الراجز: لاَ يُلْبِثُ المَرْءَ اِخْتِلاَفُ الأحْوَالْ ... مِنْ عَهْدِ شَوَالٍ وَبَعْدَ شَوَالْ يُفْنيِنَه مِثْلَ فَنَاء السِّرْبالْ ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 137 3016- كُلُّكم ليَحْتَلِبُ صَعُوْدَاً الصَّعود من النوق: التي تَخْدُج (تخدج: تلقي جنينها قبل تمامه) فتعطِف على ولد عام أول وقَال: لَهَا لَبَنُ الخَلِية والصَّعُودِ ... وأصل المثل أن غلاماً كان له الصَّعود وكان يلعب مع غلمان ليس لهم صعود، فَقَال مستطيلا عليهم هذا القَوْل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 137 3017- كَبُرَ عَمروٌ عن الطّوْقِ قَال المفضل: أولُ من قَال ذلك جَذيمة الأبرش، وعمرو هذا: ابن أخْتِهِ، وهو عمرو بن عديِّ بن نصر وكان جَذيمة ملك الحيرةَ، وجَمَع غِلْمانا من أبناء الملوك يخدمونه منهم عديٌّ بن النصر، وكان له حظ من الجَمَال، فعشقته رَقَاشِ أخت جَذِيمة، فَقَالت له: إذا سقيت الملك فسَكِرَ فاخطبني إليه، فسقى عديٌّ جَذِيمَةَ ليلة وألطف له في الخدمة، فأسرعت الخمر فيه، فَقَال له: سَلْنِي ما أحبَبت، فَقَال: أسألُك أن تُزَوجْني رَقَاشِ أخْتَك، قَال: ما بِها عنك رغبة، قد فعَلْتُ، فعلمت رَقَاشِ أنه سينكر ذلك عند [ص: 138] إفاقته، فَقَالت للغلام: أُدْخُل على أهلكَ الَليلةَ، فدخلَ بها وأصبح وقد لبث ثياباً جُدُدا، وتَطَيَّبَ، فلما رآه جَذيمة قَال: يا عَدِيُّ ما هذا الذي أرى؟ قَال: أنكحْتَنِي أخْتَكَ رَقَاشِ البَارِحَة، قَال: ما فعلتُ؟ ثم وضَعَ يَده في التراب وجعل يضرب بها وجهه ورأسَه، ثم أقبل على رٌقاشِ فَقَال: حدِّثيني وأنتِ غَيْرُ كَذُوبٍ ... أبِحُرٍّ زنَيْتِ أم بِهَجِينِ (1) (حِفظي ... حدثيني رقاش لا تُكذبيني ... ) أمْ بِعَبْدٍ وأنت أهلٌ لِعَبْدِ ... أم بِدُونٍ وأنتِ أهلٌ لِدُونِ قَالت: بل زوجتني كُفُؤا كريما من أبناء الملوك، فأطرقَ جذيمة فلما رآه عدي قد فعل ذلك خافه على نفسه فهرب منه ولحقَ بقومه وبلاده، فمات هُناك، وعَلِقت منه رقاشِ فولدت غلاما فسماه جذيمة عمرا، وتبنَّاه، وأحبه حباً شديدا وكان جذيمة لا يولد له، فلما بلغ الغلام ثمان سنين كان يخرج في عدةٍ من خدمِ الملك يجتنون له الكِمأة، فكانوا إذا وجدوا كمأة خيارا أكلوها وراحوا بالباقي إلى الملك، وكان عمرو لا يأكل مما يجني ويأتي به جذيمة فيضعه بين يديه، ويقول: هَذا جَنايَ وخِيَارُهُ فِيهِ ... إذْ كَلُّ جَانٍ يَدُهُ إلى فيه فذهبت مَثَلاً، ثم إنه خرج يوما وعليه ثيابٌ وحُلي فاستطِيرَ ففُقِدَ زَمانا، فضرب في الآفاق فلم يوجد، وأتى على ذلك ما شاء الله ثم وجده مالك وعقيل ابنا فارج، رجلان من بلْقَيْن كانا يتوجَّهان إلى الملك بهدايا وتحفِ، فبينما هما نازلان في بعض أودِيةِ السَّمَاوة انتهى إليهما عمرو بن عدي، وقد عفَتْ أظْفَارَهُ وشعره، فَقَالا له: مَنْ أنت؟ قَال: ابنُ التَّنُوخية فلَهَيَا عنه وقَالا لجارية معهما: أطعمينا، فأطعمتهما، فأشار عمرو إلى الجارية أن أطعميني، فأطعمته ثم سقتهما، فَقَال عمرو: اسقِنِي، فَقَالت الجارية لا تًطْعم العبدَ الكُرَاع فيطْمَع في الذِّراعِ فأرسلتها مَثَلاً، ثم إنهما حَمَلاَهُ إلى جذيمة فعرفه، ونظر إلى فتى ما شاء من فتى فضمَّه وقَبِلَهُ وقَال لهما: حكَّمْتُكما، فسألاه منادمته، فلم يزالا نديميه حتى فرَّقَ الموت بينهم، وبعث عمراً إلى أمه، فأدخلته الحمام وألبسته ثيابه، وطوَّقته طَوْقَاً كان له من ذهب، فلما رآه جذيمة قَال : كَبُرَ عمرو عن الطَّوقِ، فأرسلها مَثَلاً، وفي ملك وعقيل يقولوا مُتَمِّمُ بن نُويرة يرثي أخاه مالك بن نُوَيرة [ص: 139] وكُنَّا كَنَدْمانَيّ جَذِيمة حقْبَةً ... مِنَ الدَّهرِ حتَّى قِيل لَنْ نَتَصَدَّعا وعِشْنَا بِخَيْرٍ في الحَيَاةِ وَقَبْلَنَا ... أصَابَ المنايَا رَهْطَ كِسْرَى وَتُبَّعا فَلَّمَا تَفَرَّقْنَا كَأنِّي وَمَالِك ... لِطُولِ اجْتِمَاعٍ لَمْ نَبَتْ لَيْلَةً معاً قلت: اللام في "لطول اجتماع" يجوز أن تتعلقَ بتفرقنا أي تفرقنا لاجتماعنا، يشير إلى أن التفرقَ سببه الاجتماع ويجوز أن تكون اللام بمعنى على. وقَال أبو أَخراش الهذلى يذكرهما: ألم تَعْلَمي أن قَدْ تَفَرَّقَ قَبْلَنَا خليلاَ صفاءٍ مالكٌ وعقِيلُ قَال ابن الكلبي: يضرب المثل بهما للمُتُوَاخِيَين فيقَال: هما كنَدْمَانَيّ جَذِيمة. قَالوا: دامت لهما رٌتبت المنادمة أربعين سنة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 137 3018- كالفَخِارَة بِحِدْج رَبَّتْها قَال الخليل: الحِدْجُ: مركبٌ ليس يرَحْلِ ولا هَوْدَجْ تركبه نساء العرب. يضرب لمن يفتخر بما ليس له فيه شَيء كما يحكى عن أبي عبيدة أنه قَال: أجْريَتِ الخيلُ للرهان يوما، فجاء فرس فسبق، فجعل رجل من النَّظَّارة يُكَبْر ويَثِب من الفرحِ، فقيل له: أكان الفرس لك؟ قَال: لا، ولكن اللجام لي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 139 3019- كَيْفَ بِغُلاَمٍ أعْيَانِي أبُوه أي إنك لم تستقم لي فكيف يستقيم لي ابنك وهو دونك؟ قَال الشاعر: تَرْجُو الوَلِيدَ وقَدْ أعْيَاكَ وَالِدُهُ ... وَمَا رَجَاؤك بَعْدَ الوَالِدِ الوَلَدَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 139 3020- أكْذِبِ النَّفْسَ إذا حَدَّثَتْهَا أي لا تُحَدِّثْ نفسَكَ بأنك لا تظفر، فإن ذلك يُثْبِّطُك. سئل بشَّار المَرَعَّثُ: أي بيت قَالته العرب أشعر؟ قَال إن تفضيل بيتٍ واحدٍ على الشعر كله لشديد، ولكن أحسنَ لبيدٌ في قوله: أكْذِبِ النَّفْسَ إذا حَدَّثَتَهَا ... إنَّ صِدْقَ النَّفْسِ يُزْرِى بِالأَمَلِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 139 3021- كَدَمْتَ غَيْرَ مَكْدَمٍ الكَدْمُ: العَضُّ، والمَكْدَم: موضع العض. يضرب لمن يطلب شَيئَاً في غير مطلبه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 139 3022- كَطَالِبِ القَرْنِ جُدِعَتْ أذُنُهُ العرب تقول: ذهب النعام يطلب قَرناً فجُدِعَتْ أذنه، ولذلك يُقَال له "مُصَلَّمُ الأُذُنَيْنِ" وفيه يقول الشاعر: [ص: 140] مِثْلُ النَّعَامَةِ كَانَتِ وَهِيَ سَائِمَةٌ ... أذْنَاءَ حَتَّى زَهَاهَا الحَبْن والجبن جَاءَت لِتَشْرَى قَرْنَاً أوْ تُعوِّضَهُ ... وَالدَّهْرُ فِيْهِ رَبَاحُ البَيْعُ والغَبَنُ فَقِيلَ أُذْنَاكِ ظلم ثّمَتَّ اصْطُلِمَتْ ... إلى الصِّمَاخِ فَلاَ قَرْنٌ ولا أُذُنُ ويقَال: طالب القَرْن الحمار، قَال الشاعر: كَمِثْلِ حِمَارٍ كان لِلْقَرْنِ طَالِبَاً ... فآبَ بِلا أذنٍ وليس لَهُ قَرْنُ يضرب في طلب الأمر يؤدِّى صاحبَه إلى تَلَف النفس. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 139 3023- كَفَّا مُطَلَّقَةٍ تَفَتُّ اليَرْمَعَ اليَرْمعُ: حجارةٌ بيضٌ رِخوة ربَّما يجعل منها خَذَاريف الصبيان. يضرب للرجل ينزل به الأمر يَبْهَظُه فيضجّ ويجلب فلا ينفعه ذلك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 140 3024- كَيْفَ تَوَقَّى ظَهْرَ ما أنتَ رَاكِبُهُ أي تَتَوَقَّى. يضرب لمن يمتنع من أمرٍ لا بد له منه. و"ما" عبارة عن الدَّهر أي كيف تَحْذّر جِمَاحَ الدَّهر وأنت منه في حال الظَّهر يَسِرُ بِكَ عن مورد الحياةِ إلى مَنْهَل الممات؟! الجزء: 2 ¦ الصفحة: 140 3025- كُمُعَلِّمَةٍ أُمَّهَا البِضَاعً يضرب لمن يجئ بالعلم لمن هو أعلم منه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 140 3026- كانَ جَوَادَاً فَخُصِيَ يضرب للرجل الجلد ينتكث فيضعف، ويقَال: كان جودا فَخَصَاه الزمان. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 140 3027- كالأشْقَرِ إنْ تَقَدَّمَ نُحِرَ، وإنْ تَأَخَّر عُقِرَ العرب تتشاءَمُ من الأفراس بالأشقر قَالوا: كان لقِيط بن زُرَارة يوم جَبَلَة على فرَسٍ أشقر فجعل يقول: أشقر، إن تتقدم تَنْحر، وإن تتأخر تُعقَر، وذلك أن العرب تقول: شُقر الخَيْل سِرَاعُها، وكُمْتُهَا، صِلابُهَا، فهو يقول لفرسه: يا أشقر، إن جَرَيْتَ على طبعك فتقدمت إلى العدو قتلوك، وإن أسرعتَ فتأخرت مُنْهَزِما أتوك من ورائك فعقروك، فاثْبُتْ والزم الوَقَارَ، وانْفِ عني وعنك العَار. وكان حميد الأقرط عند الحجاج، فأتى برجلين لصين من جَهْرم كانا مع ابن الأشعث فأقيما بين يديه، فَقَال لحميد: هل قلت في هذين شيئاً؟ قَال: نعم، قلت، ولم يكن قَال شيئاً، فارتجَل هذه القصيدة ارتِجالاً، وأنشدها، وهي: لَمَّا رَأى العَبْدَانِ لِصَّاً جَهْرَمَا ... صَوَاعِقَ الحَجَّاجِ يُمْطِرْنَ الدَّمَا وَبْلاً أحَايِينَ وَسَحَّادِيِمَا ... فأصْبحا وَالحَرْبُ تُغْشَى قُحَمَا [ص: 141] بِمَوْقِفِ الأشْقَرِ إن تَقَدَّمَا ... بَاشَرَ مَنْحُوضَ السِّنَانِ لهزمَا والسَّيفُ مِنْ وَرَائِهِ إن أحْجَمَا قلت: الأصل في المثل ما ذكرته من حديث لقيت بن زرارة، ثم تداولته العرب وتصرفت فيه كما فعل حُمَيْد هذا. يضرب لما يُكْرَهُ من وَجْهين. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 140 3028- أكْرَمْتَ فَارْتَبِطْ ويروى "استكرمت" يُقَال: أكرمته، أي وجدته كريما. يضرب لمن وَجَد مراده فيقَال له: ضَنَّ به. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 141 3029- كانَتْ عَلَيْهُمْ كَرَاغِيةِ البَكْرِ ويقَال أيضاً "كراغية السَّقْبِ" يعنون رُغَاء بَكْر ثمود حين عقر النّاقة قدَارُ بن سالف، والراغية: الرغاء، والتاء في "كانت" تعود إلى الخصلة أوْالفعلة. يضرب في التشاؤم بالشَيء. قَال عَلْقَمَة بن عَبَدَة لقوم أغير عليهم فاستُؤصِلُوا: رَغَا فَوْقَهُمْ سَقْبُ السَّمَاء فَدَاحِضٌ ... بِشِكَّتِه لَمْ يُسْتَلَبْ وَسَلِيبُ يُقَال" دحَضَ المذبوح" أي ركض برجله يَدْحَضُ دَحْضاً، والشكة: السلاح، وقَال الجَعْدِى: رَأيتُ البَكْرَ بَكِر بَنِي ثَمُودٍ ... وأنتَ أرَاكَ بَكْرَ الأشْعَرِينا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 141 3030- أكْرَمُ نَجْرِ النَّاجِيَاتِ نَجْرُهُ الناجيات: المُسْرِعات يضرب مثل للكريم الأصل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 141 3031- كَالْمُهَدِّرِ في العُنَّةِ المهدر: الجمل له هَدِير، والعُنَّة: مثل الحَظِيرة تجعل من الشجر للإبل، وربما يحبس فيها الفحلُ عن الضِّرَاب، ويقَال لذلك الفحل المُعنَّى وأصله المعنَّن من العُنَّة، فأبدلت إحدى النونين ياء كما قَالوا تظَنَّى وتَلَعَّى، قَال الوليد بن عقبة لمعاوية: قطَعْتَ الدَّهْرَ كَالسَّدِمِ المُعَنَّى ... تُهَدِّرُ في دِمشقَ فَمَا تَرَيْمُ والَّسدِم: الفحل غير الكريم يكره أهله أن يضرب في إبلهم، فيقيد ولا يسرح في الإبل رغبةً عنه؛ فهو يصول ويهدر. يضرب للرجل لا ينفذ قولُه ولا فعله. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 141 3032- كفَضلِ ابْنِ المخَاضِ على الفصِيلِ. أي الذي بينهما من الفرقَ قليل. يضرب للمُتَقَاربين في رُجولتهما. قَال المؤرج: إن المنتوج يدعى فصيلا إذا شرب الماء وأكل الشجر، وهو بعدُ [ص: 142] يَرْضع، فإِذا أرسلَ الفحلُ في الشَّوْل دُعيت أمه مخاضا، ودُعِيَ ابنُها ابنَ مُخَاضٍ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 141 3033- كَفَى بِرُغُائِهَا مُنَادياً قَال أبو عبيد: هذا مَئَلٌ مشهور عند العرب يضرب في قَضَاء الحاجة قبل سؤلها، ويضرب أيضاً للرجل تحتاج إلى نُصرتَه أوْمَعُوْنَتَهُ فلا يحضرك، ويعتلُّ بأنه لم يعلم، ويضرب لمن يقف بباب الرجل فيقَال: أرْسِلْ مَنْ يستأذن لك ويقول: كفى بعلمه بوقوفي ببابه مستأذنا لي، أي قد علِم بمكاني فلو أراد أذِنَ لي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 142 3034- كَلاَّ زَعَمْتَ العِيرَ لا تُقَاتِلُ يضرب للرجل قد كان أمِنَ أن يكون عنده شَيء، ثم ظهر منه غيرُ ما ظن به. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 142 3035- كَالحَادِي وَلَيْسَ لَهُ بَعِيرٌ يضرب لمن يَتشبَّع بما لا يملك، ومثله "عاط بغير أنْوَاطٍ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 142 3036- الكِلاَبَ عَلَى البَقَرِ يضرب عند تحريش بعض القوم على بعض من غير مبالاة، يعني لا ضَرَر عليك فَخَلِّهم. ونصب "الكلاب " على معنى أرسل الكلاب. ويقَال "الكراب على البقر" هذا من قولك: كَرَبْتُ الأرضَ، إذا قلبتها للزراعة يضرب في تخلية المرء وصناعته الجزء: 2 ¦ الصفحة: 142 3037- كالثَّورِ يُضْرَبُ لمَّا عافَتِ البَقَرُ عَافَ يَعَافُ عِيَافاً، إذا كره، كانت العرب إذا أوردوا البقرَ فلم تشرب لكَدَر الماء أو لأنه لا عَطَشَ بها ضربوا الثَّوْرَ ليقتحم البقرُ الماء، قَال نَهْشَل بن حَرِّيٍّ: أَتُتْرَكُ دَارِمٌ وَبَنُو عَدِيِّ ... وتَغْرَمُ عَامِرٌ وَهُمُ بَرَاءُ كَذَاكَ الثَّوْرُ يُضْرَبُ بِالهَرَاوَى ... إذَا مَا عَافَتِ البَقَرُ الظِّماءُ وقَال أنس بن مُدْرِك: إنِّي وَقَتْلِ سُلَيْكَاً ثُمَّ أعْقِلَهُ ... كالثَّورِ يَضْرَبُ لَمَّا عَافَتِ البَقَرَ يعني أن سُليكاً كان يستحقَ القتلُ فلما قتلته طُولِبْتُ بدَمِهِ. وقَال بعضهم: الثور الطُّحْلُبُ، فإذا كَرِهَ البقرُ الماء ضُرِب ذلك الثورُ ونُحِّيَ عن وجه الماء فيشرب البقر. يضرب في عقوبة الإنسان بذَنْب غيره الجزء: 2 ¦ الصفحة: 142 3038- كلُّ شَاةٍ بِرِجْلِهَا مُعَلَّقَةٌ قَال ابن الكلبي: أولُ مَنْ قَال ذلك وَكِيعُ بن سلمة بن زهير بن إياد، وكان وَلِيَ [ص: 143] أمْرَ البيت بعد جُرْهُم، فبنى صَرْحاً بأسفل مكة عند سُوقَ الخَيَّاطين اليوم، وجعل فيه أمةً يُقَال لها حَزْورَة، وبها سميت حَزْوَرة مكة، وجعل في الصَّرح سُلَّما، فكان يَرْقَاهُ ويزعم أنه يناجي الله تعالى، وكان ينطقَ بكثير من الخبر، وكان علماء العرب يزعمون أنه صِدِّيقَ من الصِّديقين، وكان من قوله مُرْضِعَة أو فاطمة، ووادعة وقاصمة، والقطيعة والفجيعة، وصلة الرحم، وحسن الكلام، ومن كلامه: زعَمَ رَبكم ليجزين بالخير ثواباً، وبالشر عقاباً، إن مَنْ في الأرض عَبيدٌ لمن في السماء، هلكت جرهم وربلت إياد (ربلت إياد: كثرت ونمت وزادت) وكذلك الصلاح والفساد، فلما حضرته الوفاة جمع إياداً فَقَال له: اسمعوا وصيتي، الكلم كلمتان، والأمر بعد البَيَان، من رَشَدَ فاتَبِعُوه، ومن غوَى فارفُضُوه، وكل شاة برجلها مُعَلَّقة، فأرسلها مَثَلاً، قَال: ومات وكيع فنعى على الجبال، وفيه يقول بشير بن الحجير الإيادي: ونَحْنُ إيَادُ عبادُ الإلهِ ... وَرَهْط مُنَاجِيه في سُلَّمِ وَنَحْنُ وُلاةُ حِجَابِ العَتِيق ... زَمَانَ النُّخَاعَ على جُرْهُم يُقَال: إن الله سلط على جرهم داء يُقَال له النخاع، فهلك منهم ثمانون كهلاً في ليلة واحدة سوى الشبان، وفيهم قَال بعض العرب: هَلَكتْ جُرْهُمُ الكِرَامُ فعَالاً ... وَولاَةُ البَنيِّةِ الحُجَّابُ نُخِعُوا لَيلَةً ثَمَانُونَ كَهْلاً ... وشَبَاباُ كَفَى بهم من شَبَابِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 142 3039- كالخَرُوفِ أَيْنَما مَالَ اتَّقَى الأرضَ بِصَوَافٍ يضرب لمن يجد مُعْتَمَداً كلما اعتمد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 143 3040- كالْكَبْشِ يَحْمِلُ شَفْرَةً وَزِنَاداً يضرب لمن يتعرَّض للهَلاكِ وأصله أن كسرى بن قُبَاذ مَلَّك عمرو بن هند الملكَ الحيرةَ وما يلي مُلكَ فارسٍ من أرض العرب، فكان شديد السلطان والبطش، وكانت العرب تسميه "مُضَرِّطَ الحجارة" فبلغ من ضبطه الناس وقهره لهم واقتداه في نفسه عليهم أن سَنَةً اشْتدَّت على الناس حتى بلغت بهم كلًّ مبلغ من الجهد والشدة، فعمد إلى كبش فَسمَّنه حتى إذا امتلأ سمناً علَّقَ في عنقه شَفْرة وزِناداً ثم سَرَّحه في الناس لينظر هل يجترئ أحد على ذبححه فلم يتعرض له أحد، حتَّى مرَّ ببني يَشْكر، [ص: 144] فَقَال رجل منهم يُقَال له" عِلْبَاء بن أرقَمَ اليَشْكَرِي" ما أراني إلا آخذ هذا الكبش فآكله، فَلاَمهُ أصحابه، فأبى إلا ذِبْحه، فذكروا ذلك لشيخ له، فَقَال: إنكَ لا تعدم الضار، ولكن تعدم النافع، فأرسلها مَثَلاً، وقَال قائل آخر منهم: إنك كائن كقُدَار على إرم، فأرسلها مَثَلاً، ولما كثرت اللائمة قَال: فإني أذبحُه ثم آتى الملك فواضع يدي في يَدِهِ ومُعْتَرِف له بذنبي، فإن عفَا عني فأهْلُ ذلك هو، وإن كانت منه عقوبة كانت بي ودونكم، فذبحه وأكله، ثم أتى الملك عمرو بن هند، فَقَال له: أَبيتَ اللَّعنَ، وأسْعَدكَ إلهُكَ، ياخير الملوك إني أّذْنبْتُ ذنبا عظيما إليك، وعفوك أعظم منه، قَال: وما ذنبك؟ قَال: إنك بَلَوتَنا بكبش سَرَّحْتُه ونحن مَجْهُودون، فأكلْته، قَال: أو فعلت؟ قَال نعَم، قَال: إذن أقتلك، قَال: مليك شَيءٍ حكمه، فأرسلها مَثَلاً، ثم أنشده قصيدةً في تلك الخطة، فخَلَّى عنه، فجعلت العرب ذلك الكبش مَثَلاً الجزء: 2 ¦ الصفحة: 143 3041- كَمُجِيِرِ أُمّ عَامِرٍ كان من حديثه أن قوماً خَرَجُوا إلى الصيد في يوم حار، فإنهم لكَذَلك إذ عَرَضَتْ لهم أُمَّ عامرٍ، وهي الضبع، فطَرَدُوها وأتبعهم حتى ألجؤها إلى خِباه أعرابي، فاقتحمته، فخرج إليهم الأعرابي، وقَال: ما شأنكم؟ قَالوا: صَيْدُنا وطَريدتنا، فَقَال: كلا، والذي نفسي بيده لا تصلون إليها ما ثَبَتَ قائمُ سيفي بيدي، قَال: فرجَعُوا وتركوه، وقام إلى لِقْحَةٍ فحلَبَهَا وماء فقرب منها، فأقبلت تَلِغُ مرةً في هذا ومرة في هذا حتى عاشت واستراحت، فبينا الأعرابي نائم في جَوْف بيته إذ وّثَبَتْ عليه فبَقَرَتْ بطنه، وشربت دَمَه وتركته، فجاء ابن عم له يطلبه فإذا هو بَقِيرٌ في بيته، فالتفت إلى موضع الضبع فلم يرها، فَقَال: صاحبتي والله، فأخذ قوسه وكنانته واتبعها، فلم يزل حتى أدركها فقتلها، وأنشأ يقول: وَمَنْ يَصْنَعِ المَعْرُوفَ معْ غَيرِ أَهْلِهِ ... يُلاَقَ الَّذي لاَقَى مُجِيرُ امِّ عَامِرِ أدامَ لها حِينَ استَجَارَتْ بقُرْبِهِ ... لها محْضَ ألبَانِ اللقَاحِ الدَّرَائِرِ وَأَسْمَنَهَا حَتَّى إذَا مَا تَكَامَلَتْ ... فَرَتْهُ بأنْيَابٍ لَهَا وَأظَافِرِ فَقُلْ لِذِوِي المَعْرُوفِ هَذَا جَزَاءُ مَنْ ... بَدَا يَصْنَعُ المَعرُوفَ فِي غَيْرِ شَاكِرِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 144 3042- كَرِهَتِ الخَنَازِيرُ الحَمِيمَ المُوغرَ وأصله أن النصارى تَغْلِي الماء للخنازير [ص: 145] فتلقيها فيه لتنضج، فذلك هو الإيغار، قَال أبو عبيد: ومنه قول الشاعر: وَلَقَدْ رَأَيتُ مَكَانَهُمْ فَكَرِهْتُهُمْ ... كَكَرَاهَةِ الخِنزِيرِ للإيَغَارِ قَال ابن دُرَيْد: يغلي الماء للخنزير فيسمط وهو حي، قَال: وهو فعل قوم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 144 3043- كَلْبُ عَسٍّ خَيرٌ مِنْ كَلْبِ رَبْضٍ ويروى "خير من أسد رَبْض" ويروى "خير من أسد ندس" أي خفى، وعَسّ معناه طَلَب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 145 3044- كذَلِكَ النُّجَارُ يَخْتَلِفُ النَّجْر والنُّجَارُ: الأصل، ومنه قولهم "كلُّ نِجَارِ إبلٍ نُجَارُهَا" يضرب مَثَلاً للمختلفين وأصله أن ثعلبا اطلع في بئر، فإذا في أسفلها دَلْو، فركِبَ الدلو الأخَرى، فانحدرت به، وعلت الأخَرى، فشرب، وبقي في البئر، فجاءت الضبع فأشرفَتْ فَقَال لها الثعلب: انزلي فاشربي، فقعدت في الدلو، فانحدرت بها وارتفعت الأخرى بالثعلب، فلما رأته مُصْعِداً قَالت له: أين تذهب؟ قَال : كذلك النُّجِار يختلف، فذهبت مَثَلاً، وروى أبو محمد الديمري "كذاك التِّجَار تَخْتَلِفُ" جمع تاجر بالتاء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 145 3045- كالأرقَمِ إنْ يُقْتَلُ يَنْقِمْ، وَإنْ يُتْرَكْ يَلْقَمْ كانوا في الجاهلية يزعمون أن الجن تطلبُ بثأر الجانِّ، فربما مات قاتله، وربما أصابه خَبل، وفي حديث عمر رضي الله عنه، أن رجلاً كسر منه عَظم فأتى عمر يطلب القَوَدَ فأبى أن يُقيده، فَقَال الرجل: هو كالأرقم إن يُقْتَل ينقم وإن يترك يلقم، فَقَال عمر رضي الله عنه: هو كذلك، يعني نفسه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 145 3046- كيْفَ أُعَاوِدُكَ وَهَذَا أَثَرُ فَأَسِكَ أصلُ هذا المثل على ما حَكَتْه العرب على لسان الحية أن أخوين كانا في إبل لهما فأجْدَبَتْ بلادهما، وكان بالقرب منهما وادٍ خَصيبٌ وفيه حية تَحْمِيه من كل أحد، فَقَال أحدهما للآخر: يا فلان، لو أنى أتيتُ هذا الوادي المُكْلِئ فرَعَيْتُ فيه إبلي وأصلحتها فَقَال له أخوه: إني أخاف عليك الحية، ألا ترى أن أحداً لا يهبط ذلك الوادى إلا أهلكته، قَال: فوالله لأفعَلَنَّ، فهبط الوادى ورعى به إبله زماناً، ثم إن الحية نَهَشَتْه فقتلته، فَقَال أخوه: والله ما في الحياة بعد أخي خير، فلأطلبَنَّ الحية ولأقتلنها أو لأتبعنَّ أخي، فهبط ذلك الوادى وطلب [ص: 146] الحية ليقتلها، فَقَالت الحية له: ألست تَرَى أنِّى قتلت أخاك؟ فهل لك في الصلح فأدعَكَ بهذا الوادى تكون فيه وأعْطِيك كل يوم ديناراً ما بقيت؟ قال أو فاعله أنت؟ قَالت: نعم، قَال: إني أفعل، فحلف لها وأعطاها المواثيقَ لا يضرها، وجعلت تُعْطِيه كلَّ يوم ديناراً، فكثر مالُه حتى صار من أحسن الناس حالا، ثم إنه تَذَكَّر أخاه فَقَال: كيف ينفعني العيشُ وأنا أنظر إلى قاتل أخي؟ فعَمِدَ إلى فأسٍ فأخذها ثم قَعَدَ لها فمرَّت به فتبعها فضربها فأخطأها ودخلت الجُحْرَ، ووقعت الفأس بالجبل فوقَ جُحْرها فأثرت فيه، فلما رأت ما فَعَلَ قطعت عنه الدينار، فخاف الرجل شَرَّها وندم، فَقَال لها: هل لك في أن نَتَوَاثقَ ونَعُودَ إلى ما كنا عليه؟ فَقَالت: كيف أعاودك وهذا أثَرُ فأسِك؟ يضرب لمن لا يَفِي بالعهد وهذا من مشاهير أمثال العرب، قَال نابغة بن ذبيان: وإنِّي لألقَى من ذَوىِّ الغَيِّ مِنْهُمُ ... وما أصْبَحَتْ تَشْكُو مِنَ الشَّجْوِ سَاهِرَهْ كما لَقِيَتْ ذاتُ الصَّفَا مِنْ حَلِفَهَا ... وكانَتْ تُرِيهِ المَالَ غِبّاً وَظَاهِرَهْ فَلَمَّا رأى أنْ ثَمَّرَ الله مَالَهُ ... وَأثَّلَ مَوْجُوداً وَسَدَّ مَفَاقِرَهْ أكبَّ عَلَى فأسٍ يُحِدُّ غُرَابَهَا ... مُذَكَّرَةٍ مِنَ المَعاوِلِ بَاتِرَه فَقَامَ لَهَا مَنْ فَوْقَ جُحْرٍ مُشَيَّدٍ ... لِيَقْتُلَهَا أوْ يُخْطِئ الكَفُّ بَادِرَهْ فَلَمَّا وَقَاهَا الله ضَرْبَةَ فأسِهِ ... وَلِلشَّرِّ عَيْنٌ لا تُغَمِّضُ نَاظِرَهْ فَقَال: تَعَالَى نَجْعَلِ الله بَيْنَنَا ... عَلَى مَالَنَا أوْ تُنْجِزِى ليَ آخِرَهُ فَقَالت: يَمِينُ الله أفعَلُ؛ إننِي ... رَأَيْتُكَ مَشْؤماً يمينُكَ فَاجِرَهْ أبَى لي قبر لا يزال مُقَابِلِى ... وَضَرْبَةُ فأسٍ فَوْقَ رَأسِيَ فَاقِرَهْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 145 3047- كلُّ شَيء يُحِبُّ وَلَدَهُ حتَّى الحُبَارَى إنما خص الحُبَارَى من جميع الحيوان لأنه يُضْرَبُ به المثل في المُوقِ (الموق - بضم الميم - الحمق في غباوة.) يقول: هي على مُوقِها تُحِبُّ ولَدَها وتعلمه الطيران الجزء: 2 ¦ الصفحة: 146 3048- كأنَّ عَلَى رُؤُسِهِمُ الطَّيْرُ يضرب للساكن الوادع. وفي صفة مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا تكلَّمَ أطْرَقَ جُلَسَاؤُه كأنما على رؤسهم الطير" يريد أنهم يسكنون ولا يتكلون، والطير لا تسقط إلا على ساكن. وأما قولهم: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 146 3049- كأنَّهُمْ كانوا غُرَاباً وَاقِعاً فلأن الغراب وَقَعَ لا يَلْبَثُ أن يطير. يضرب فيما ينقضي سريعا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 147 3050- كلَّفْتَنِي بَيْضَ السَّمامِ هي جمع سَمَامة، ضَرْب من الطير مثل الخطاف لا يُقْدَر على بيضه، ويروى "بيض السماسم" وهي جمع السمسمة، وهي النملة الحمراء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 147 3051- كلَّفْتَنِي مُخَّ البَعُوضِ يضرب لمن يُكَلِّفُكَ الأمورَ الشاقة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 147 3052- كُسَيْرٌ وَعُوَيْرٌ وكلُّ غَيْرٍ خَيْرٌ قَال المفضل: أولُ من قَال ذلك أمَامة بنت نُشْبَة [بن غيْظ] بن مرة، وكان تَزَوَّجَهَا رجل من غطفان أعور يُقَال له خلف بن رواحة، فمكثت عنده زمانا حتى ولدت له خمسة، ثم نَشَزَت عليه ولم تصبر معه، فطلقها، ثم إن أباها وأخاها خَرَجَا في سفر لهما، فلقيهما رجل من بني سُلَيم يُقَال له حارثة بن مرة، فخطب أمامة، وأحسن العطية، فزوَّجَاها منه، وكان أعرجَ مكسورَ الفخذ، فلما دخلت عليه رأته مَحْطُوم الفخذ فَقَالت : كُسَيرٌ وعُوَير وكل غير خير فأرسلتها مَثَلاً. يضرب في الشَيء يُكْرَه ويُذَم من وجهين لا خير فيه البتة، قَال الشاعر أَيَدْخُلُ مَنْ يَشَاء بغير إذنٍ ... وكُلُّهُمُ كُسَيْرٌ أوْ عُوَيْرُ وأبْقى مِنْ وَرَاءِ البيتِ حتى ... كأني خُصْيَة وَسِوَايَ أيْرُ قلت: كسير تصغير كَسِير، يُقَال: شَيء كَسِير، أي مكسور، وحقه كُسَيِّر مُشَدَّدَ الياء، إلا أنه خفف لازدواج عُويْر وهو تصغير أعْوَرَ مرخَّمَاً، أرادت أن أحد زوجيها مكسور الفخذ حارثة بن مرة، والآخَر أعْوَرَ خلف، وكسيرٌ مرفوع على تقدير زَوْجَاى يكسيرٌ وعويرٌ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 147 3053- كانَ مِثْلَ الذُّبَحَةِ عَلَى النَّحْرِ الذُّبَحَة: وجَع يأخذ الحلق. يضرب لمن كنتَ تَخَاله صديقا، وكان يظهر مودة، فلما تبين غشه تشكوه إليه: كان مثل الذبحة على النحر. يعني كان كهذا الداء الذي لا يفارق صاحبه في الظاهر، ويؤذيه في الباطن. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 147 3054- كانَ ذلِكَ زَمَنَ الفِطَحْلِ قَالوا: هو زمن لم يُخْلق الناس، قَال الجرمى: سألت أبا عبيدة عنه، فَقَال: [ص: 148] الأعراب تقول ذلك زمن كانت الحجارة فيه رَطْبة، وأنشد للعجاح: وَقَدْ أَتَانَا زَمَنَ الفِطَحْلِ ... وَالصَّخْرُ مُبْتَلٌّ كَطِينِ الوَحْلِ قلت: روى غيرُه لرؤبة: لو أنَّنِي أوتيتُ عِلْمَ الحَكْل (1) ... عِلْمَ سُلَيْمَانَ كَلاَمَ النَّمْلِ (1) (الحكل: ملا يسمع له صوت) أوْ أنني عُمَّرْتُ عُمْرَ الحِسْلِ (2) ... أو عُمْرَ نُوحٍ زَمَنَ الفِطَحْل (2) (الحسل: فرخ الضب حين يخرج من بيضته.) وَالصَّخْرُ مُبْتَلٌّ كَطِينِ الوَحْلِ ... كُنْتُ رَهِينَ هَرَمٍ أوْ قَتْلِ يضرب في شَيء قَدِمَ عهده. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 147 3055- كَأنما ألقَمَهُ الحَجَرَ يضرب لمن تكلَّم فأجيب بِمُسْكِتة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 148 3056- كِلاَ جَانِبَيْ هَرْشى لَهُنَّ طَرِيقُ يضرب فيما سَهُل إليه الطريقَ من وجهين. وهَرْشَي: ثَنِيَّة في طريق مكة شَرَّفها الله تعالى قريبة من الجُحْفة يرى منها البحر ولها طريقان، فكل مِنْ سلكها كان مصيبا، قَال الشاعر: خُذِي أنْفَ هَرْشَي أوقَفَاهَا فإنه ... كِلاَ جَانِبَي هَرْشَي لَهُنَّ طَرِيقُ "لهن" أي للإبل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 148 3057- كانَ ذَلِكَ كَسَلِّ أُمْصُوخَةٍ قَالوا: هي شَيء يستلُّ من الثُّمام فيخرج أبيضَ، كأنه قضيب دقيقَ كما تُسَلُّ البردية. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 148 3058- كأنَّهُ النَّكْعَةُ حُمْرَةً النَّكْعة: ثمرت الطرثوث، قَال الخليل: الطرثوث نبات كالقطن مستطيل دقيق يَضْرِبُ إلى الحمرة، يبس، وهو دباغ للمعدة منه مر ومنه حلو، يجعل في الأودية. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 148 3059- كانُوا مُخِلِّينَ فَلاَقَوْا حَمْضاً وذلك أن الإبل تكون في الخلَّة، وهو مَرْتَع حُلْو فتأجِمُه (1) (أجم فلان الطعام - بكسر الجيم - كرهه بسبب المداومة عليه، فهو آجم.) فتنازع إلى الحَمْض، فإذا رتَعَتْ فيه أعْطَشَها حتى تَدَع المرتع من لهبان الظمأ. يضرب لمن غمط السلامة فتعرض لما فيه شماتة الأعداء. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 148 3060- كَثُرَ الحَلَبَةُ وقَلَّ الرِّعَاءُ يضرب للوُلاَة الذين يَحْتلبون ولا يبالون ضَيَاعَ الرعية. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 148 3061- كَمَنْ الغَيْثِ عَلي العَرْفَجِة وذلك أنها سريعة الانتفاع بالغيث، فإذا أصابها وهي يابسة اخْضَرَّت. قَال أبو يزيد: يُقَال ذلك لمن أحسَنْتَ إليه فَقَال لك: أتمنُّ على؟ فتقول أنت: نَعَم ْ، كمنِّ الغيث على العَرْفجة، تعني أن أثر نعمتي عليك ظاهر كظهور مَنَّ الغيث على العرفجة، وإن أنت جَحَدْتها وكفرتها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 149 3062- كالقَابضَ عَلي الماءِ قَال الشاعر: فأصْبَحْتُ مِنْ لَيْلِى الغَدَاةَ كَقَابِضٍ ... عَلَى المَاءِ لاَ يَدْرِي بِمَا هُوَ قَابِضُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 149 3063- كأنَّهَا نَارُ الحُبَاحِبِ قَالوا: الحُبَاحِبُ طائرٌ يطير في الظلام كَقَدْر الذباب، له جناح يحمرُّ، يُرَى في الظلمة كشرارة النار، يُقَال: نار الحُبَاحِبِ ونار أبي الحُبَاحب، قَال القطاميُّ: ألاَ إنَّمَا نيِرَانُ قَيْسٍ إذا شَتَوْا ... لِطَارِقِ لَيْلٍ مِثْلُ نَارِ الحُبَاحِبِ قَال الأَصمَعي: هو رجل كان في الجاهلية وقد بلغ من بخله أنه كان إذا أوقَدَ السراج فأراد إنسان أن يأخذ منه أطْفَأَه، فضُرِب به المثلُ في البخل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 149 3064- كالمُسْتَغِيثِ مِنَ الرَّمْضَاءِ بِالنَّار يضرب في الخلتين من الإساءة تجمعان على الرجل (1) (لا يفيد هذا الكلام هذا المعنى، بل يفيد أنه يضرب لمن هرب من خلة مكروهة فوقع في أِشد منها، وقَال الشاعر: المستجير بعمرو عند كربته ... كالمستجير من الرمضاء بالنار.) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 149 3065- كالقَابِسِ العَجْلاَنِ القبس: أخذ النار. يضرب لمن عجل في طلب حاجته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 149 3066- كالمُسْتَتِرِ بالغَرَضِ يقول الرجل يتهدَّده الرجلُ ويتوعده، فيجيبه: أنا إذن جَبَان كالمستتر بالغَرَض، أي أصْحَرُ لك ولا أستتر؛ لأن المستتر بالغرض يُصِيبه السهمُ فكأنه لم يستتر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 149 3067- كالمُتَمرِّغِ فِي دَمِ القَتِيلِ يضرب لمن يدنو من الشر ويتعرض لما يضره وهو عنه بِمَعْزَل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 149 3068- كالحِوَدِ عَنِ الزُّبْيَةِ وهي حُفْرَة يحفرها الصائد للصيد ويغطيها، فيفطن الصيد لها فيحيد عنها. يضرب للرجل يَحيِدُ عما يخاف عاقبته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 149 3069- كالسَّاقِطِ بَيْنَ الفِرَاشَيْنِ يضرب لمن يتردَّد في أمرين، وليس هو في واحد منهما. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 150 3070- كَمَشَ ذَلاذِلَهُ يُقَال لما استرخى من الثوب: ذَلَذِل وَذُلَذِلٌ وذُلْذُل وذِلْذِل. يضرب لمن تَشَمَّر واجتهد في أمره. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 150 3071- كَلاَبِسِ ثَوْبِىْ زُورٍ قَال الأَصمَعي: إنه الرجل يلبس ثيابَ أهلِ الزهد، يريد بذلك الناس، ويظهر من التَّخَشُّع أكثَرَ مما في قلبه، وفي الحديث "المتشِّبع بما لا يملك كلابس ثَوْبِيْ زُورٍ" وهو الرجل يتكثَّر بما ليس عنده، كالرجل يرى أنه شَبِعَان وليس كذلك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 150 3072- كَدَابِغَةٍ وَقَدْ حَلِمَ الأدِيمُ يضرب للأمر الذي قد انتهى فساده. وذلك أن الجلد إذا حَلِمَ فليس بعده إصلاح. وهذا المثل يُرْوَى عن الوليد بن عُتْبة أنه كتب إلى معاوية: فإنَّكَ وَالكِتَابَ إلَى عَلِيٍّ ... كَدَابِغَةٍ وَقَدْ حَلِمَ الأديمُ وقَال المفضل: إن المثل لخالد بن معاوية أحَدِ بني عبد شَمْس بن سعد حيث قَال: قَدْ عَلِمَتْ أحْسَابَنَا تَمِيْمُ ... في الحرب حِينَ حَلِمَ الأدِيْمُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 150 3073- كأنما أَفْرَغَ عَلَيْهِ ذَنُوباً وذلك إذا كلمه بكلام يُسْكته به ويُخْجِله. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 150 3074- كلَّفْتُ إليكَ عَلَقَ القِرْبَةَ ويروى "عَرَقَ القِرْبَةَ" أي كلفت إليك أمراً صَعْبا شديدا. قَال الأَصمَعي: لا أدري ما أصله، وقَال غيره، العَرَقَ إنما هو للرجل لا للقربة، قَال: وأصله أن القِرَبَ إنما تحملها الإماء الزَّوَافِرَ ومَنْ لا معين له، وربما افتقر الرجل الكريم إلى حَمْلها بنفسه، فيعرقَ لما يَلْحقه من المشقة والحياء من الناس. قلت: تقدير المثل كلفت نفسي في الوصل إليك عَرَقَ القربة، أي عَرَقاً يحصل من حمل القربة، والأصل الراء، واللام بدل منه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 150 3075- كُلُّ أداةِ الخُبْزِ عِنْدِي غَيْرَهُ أصله أن رجلا استضافه قومٌ، فلما قَعَدُوا ألقى نِطَعاً، ووضع عليه رَحَى فَسَوَّى قُطْبها وأطبقَهَا، فأعجب القوم حضور آلته، ثم أخَذَ هادي الرحَى فجعل يُدِيرها بغير شَيء [ص: 151] فَقَال له القوم: ما تصنع؟ فَقَال: كل أداة الخبز عندي غيره. يضرب مَثَلاً عند إعواز الشَيء. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 150 3076- أكُلُّ شِوَائِكُمْ هَذا جُوفَانُ أصله أن رجلا من بني فزارة ورجلا من بني عَبْس ورجلا من بني عبد الله بن غَطَفَان صادروا عَيْرَاً، فأوقدوا ناراً، وخرج الفَزَارى لحاجة، فاجتمع رأى العَبْدِى والعَبِسِي على أن يقطعا أيْرَ الحمار ثم دسَّاه بين الشِّوَاء، فلما رجَع الفَزَاري جعل العبدى يحرك الجمر بالمِسْعَر ويستخرج القِطْعَة الطبية فيأكلها ويُطْعمها صاحبه، وإذا وقع في يده شَيء من الجُوفَان - وهو ذكر الحمار - دفعه إلى الفزَاري، فجعل الفَزَاري كلما مَضَغَ منه شيئا امتدَّ في يده، وجعل ينظر فيه فيرى فيه ثقباً، فيقول: ناولْني غَيرَها، فيناوله مثلَها فلما فعل ذلك مرارا قَال : أكُلُّ شوائكم هذا جُوفان، فأرسلها مَثَلاً. يضرب في تساوي الشَيء في الشَّرَارة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 151 3077- كَسُؤْر العَبْدِ مِنْ لَحْمِ الحِوَارِ يضرب للشَيء الذي لا يُدْرَك منه شَيء وأصله أن عبدا نحر حُوَارا، فأكله كله، ولم يُسْئِرْ منه لمولاه شيئاً، فضرب به المثل لما يفقد البتة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 151 3078- كِفْتٌ إلَى وئِيَّةٍ الكِفْتُ: القدر الصغيرة، والوَئِيَّة: الكبيرة، والكفت من الكفت وهو الضم، سمي به لأنه يكفت ما يلقى فيه، والوَئِيَّة من الوأى وهو الضخم، يُقَال: فرس وأى، إذا كان ضخماً، والانثى وَآة. يضرب للرجل يحملك البليةَ ثم يَزِيدك إليها أخرى صغيرة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 151 3079- كِلاَهُمَا وَتَمْرَاً ويروى: كليهما" أولُ من قَال ذلك عمرو بن حُمْرَان الجَعْدِي، وكان حمرتن رجلا لَسِنَاً ماردا وإنه خَطَب صَدُوفَ، وهي امرَأة كانت تؤيد الكلام وتشجع في المنطق، وكانت ذاتَ مالٍ كثيرٍ، وقد أتاها قوم يخطبونها فردَّتهم، وكانت تتعنَّتُ خُطَّابها في المسألة، وتقول: لاأتزوج إلا مَنْ يعلم ما أسأله عنه ويجيبني بكلام على حده لا يَعْدُوه، فلما انتهى إليهَا حُمْرَان قام قائماً لا يجلس، وكان لا يأتيها خاطبٌ إلا جلس قبل إذنها، فَقَالت: ما يمنعك من الجلوس؟ قَال: حتى يُؤْذَنَ لي، قَالت: وهل عليك أمير؟ قَال رَبُّ المنزِل أحقُ بفِنَائه، ورب الماء أحَقُ بسِقَائِه، وكل له ما في وعائه، فَقَالت: اجلس، فجلس، قَالت له: ما أردت؟ [ص: 152] قَال: حاجة، ولم آتك لحاجة، قَالت: تُسِرُّها أم تعلنها؟ قَال: تُسَرُّ وتُعْلَن، قَالت: فما حاجتك؟ قَال قضاؤها هَيَّن، وأمرها بين، وأنت بها أخْبَر، وبنُجْحِها أبصر، قَالت: فأخبرني بها، قَال: قد عَرَّضْتُ وإن شِئت بينتُ، قَالت: مَنْ أنت؟ قَال: أنا بَشَر، ولدت صغيراً، ونشأت كبيراً، ورأيت كثيراً، قَالت: فما اسمك؟ قَال: مَنْ شاء أحْدَثَ اسما، وقَال ظُلْما، ولم يكن الاسم عليه حتَمْا، قَالت: فَمَنْ أبوك؟ قَال: والدِي الذي وَلَدني، ووالده جَدِّي، فلم يعش بَعْدِي، قَالت: فما مالُك؟ قَال: بعضُه وَرِثته، وأكثره اكتسبته، قَالت: فمن أنت؟ قَال: من بشر كثير عدده، معروف ولده، قليل صعده، يفنيه أبده، قَالت: ماوَرَّثَك أبوك عن أوليه؟ قَال: حسن الهمم، قَالت: فأين تنزل؟ قَال: على بساط واسع، في بلدٍ شاسع، قريبُه بعيد، وبعيده قريب، قَالت: فمن قومك؟ قَال: الذين أنتمي إليهم، وأجني عليهم، وولدت لديهم، قَالت: فهل لك امرَأة؟ قَال: لو كان لي لم أطلب غيرها، ولم أضَيِّعْ خَيْرَها، قَالت: كأنك ليست لك حاجة، قَال: لو لم تكن لي حاجة لم أُنِخْ ببابك، ولم أتَعَرضْ لجوابك، وأتعلق بأسبابك، قَالت: إنك لحمران بن الأقرع الجَعْدي، قَال: إن ذلك ليقَال، فأنكحته نفسها، وفَوَّضَتْ إليه أمرها ثم إنها ولدت له غلاما فسماه عمرا، فنشأ ماردا مُفَوَّها، فلما أدركَ جَعَله أبوه راعياً يرعى له الإبل، فبينما هو يوما إذ رُفِعَ إليه رجل قد أَضَرَّ به العطشُ والسغوب، وعمرو قاعد، وبين يديه زُبْد تمر وتامك (1) (التامك: السنام) ، فدنا منه الرجل فقال: أطعمنى من هذا الزبد والتامك (1) ، فَقَال عمرو: نعم ، كلاهما وتمراً، فأطعم الرجل حتى انتهى، وسقَاه لبنا حتى رَوِي، وأقام عنده أياماً، فذهبت كلمته مَثَلاً. ورفع "كلاهما" أى لك كلامهما، ونصب تمراً على معنى: أزيدك تمراً، ومن روى "كليهما" فإنما نصبه على معنى: أطعمك كليهما وتمراً، وقَال قوم: مَنْ رفع حكى أن الرجل قَال: أنلني مما بين يديك، فَقَال عمرو: أيما أحبُّ إليك زُبْد أم سَنَام؟ فَقَال الرجل: كلاهما وتمراً، أى مطلوبى كلاهما وأزِيدُ معهما تمراً، أو وزدني تمراً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 151 3080- كَمُسْتَبْضِعِ التَّمْر إلى هَجَرَ قَال أبو عبيد: هذا من الأمثال المبتذلة ومن قديمها. وذلك أن هَجَرَ معدنُ التمر، والمستبضع إليه مخطئ، ويقَال أيضاً: كمستبضع التمر إلى خيبر، قَال النابغة الجعدى: [ص: 153] وإنَّ امرأ أهْدَى إلَيْكَ قَصَيْدةً ... كَمُسْتَبْضِع تَمْرَاً إلَى أرضِ خَيْبَرَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 152 3081- كلُّ خَاطِبٍ عَلى لِسَانِهِ تَمْرَةٌ يضرب للذي يلين كلامه إذا طاب حاجةً الجزء: 2 ¦ الصفحة: 153 3082- كلُّ النِّدَاءِ إذا نَادَيْتُ يَخْذُلُني إلا ندَائي إذا نَادَيْتُ يَا مَالِي هذا من قول أحَيْحَةَ، وبعده: اسْتَغن أوْ مُتْ ولا يَغْرُرْكَ ذو نَسَبٍ ... مَنَ ابنِ عَمٍّ ولا عَمٍّ ولاَ خَالِ إنِّي مُقِيمٌ عَلَى الزَّوْرَاءِ أعْمُرُهَا ... إنَّ الحبِيْبَ إلى الإخْوَانِ ذو المَالِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 153 3083- كَسفْاً وإمْسَاكا يُقَال "وَجْه كَاسف" أي عابس. يضرب للبخيل العَبُوس. أي أتجمع كَسْفَاً وإمسَاكاً، ويجوز أن ينصبا على المصدر، أي أتَكْسفُ الوَجْهَ كَسْفا وتُمسِكُ المَالَ إمْسَاكاً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 153 3084- كُلَّ الطَّعَامِ تَشْتَهى رَبيعَه الخُرْس وَالإعْذَار والنقِيعَةْ (الخرس - كقفل - طعام الولادة، وإعذار: طعام الختان، والنقيعة - كسفينة - طعام القادم من سفر.) يضرب لمن عُرِفَ بالرَّغَبِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 153 3085- أكْثِرْ مِنَ الصَّدِيقِ فإنك لي العدُوِّ قادِر أول من قال هذا - فيما ذكر الكلبي - أبْجَرُ بن جابر العِجْلِي، وكان من خبر ذلك أن حجاز بن أبجر كان نصرانياً، فرغب في الإسلام، فأتى أباه فَقَال: يا أبَتِ إني أرى قوماً قد دخلوا في هذا الدين ليس لهم مثل قدمى، ولا مثلُ آبائي، فشَرُفُوا، فأحبُّ أن تأذن لي فيه، فَقَال: يابني إذ أزْمَعْتَ عَلَى هذا فلا تَعْجَلْ حتى أقدم معك على عمر فأوصيه بك، وإن كُنتَ لابد فاعلا فخُذْ مني ما أقول لك، وإياك وأن تكون لك همة دون الغاية القصْوَى، وإياك والسَّامَةَ فإنك إن سَئِمْتَ قذفَتْكَ الرجالُ خلف أعقابها، وإذا دَخَلْتَ مصرا فأكثر من الصديق فإنك على العدو قادر، وإذا حضرتَ بابَ السلطان فلا تنازعَنَّ بوابه على بابه، فإن أيْسَرَ ما يلقاك منه أن يعلقك اسما يسبك الناس به، وإذا وصلت إلى أميرك فَبَوِّئ لنفسك منزلا يجمل بك، وإياك أن تجلس مجلسا يقصر بك، وإن أنْتَ جالستَ أميرك فلا تجالسه بخلاف هَوَاه فإنك إن فعلت ذلك لم آمن عليك - وإن لم تجعل عقوبتك - أن ينفر قلبه عنك؛ فلا يزال منك مُنقبضا، وإياك والخطبِ [ص: 154] فإنها مشوار كَثيرُ العِثَار، ولا تكن حلواً فتزدرد، ولامرا فتلفظ، واعلم أنّ أمثل القوم تقيَّة الصابر عند نزول الحقائق الذابُّ عن الحرم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 153 3086- كمَا خَلَتْ قْدْرُ بَنِي سَدُوسِ هذا مثل قَدِيم، وقَدِرُ بنى سَدُوس كانت قدراً عاديَّة عظيمة تأخذ جَزُورَيْن، وكان الطم بن عياش السدوسي سيدُ بني سدوس يطعم فيها حتى هلك الطم، ولم يكن له في قومه خَلَفٌ، ولا أحد يطعم في تلك القدر، فخَلَتْ قدْرُهَا طويلاً، وإن رجلاً من بني عامر يُقَال له ملهاب بن شهاب مَرَّ بهم ليلةً فلم ينزل ولم يُقْرَّ، فلما ارتحل فر مُغَاضِباً وهو يرتجز ويقول: يَا صَاحِ رَحِّلْ ضَامِرَات العِيْسِ ... وَابْك على الطمِّ وحَبْرِ القُوسِ فقدْ خَلَتْ قِدْرُ بَنِي سَدُوسِ ... وَضَنَّ فِيْهَا بِقِرىً خَسِيسِ وَسَادَهُمْ أنْكَسُ ذُو تُيُوسِ ... قَبَّحَهُ المَلِيْكُ مِنْ رَئِيْسِ لَيْسَ بِمَحْمُودٍ وَلاَ مَرْغُوْسِ ... فَمَا تُبًلِي كُنْتَ فِي السدُوسِ أوكُنْتَ فِي قَوْمٍ مِنَ المَجُوسِ ... أو في فلاً قَفْرٍ مِنَ الأنِيْسِ ثم إنه رَجِعَ إلى قومه، فسألوه عن بني سَدُوسِ وقِدْرِهم، فحدثهم بأمرها، فصار مَثَلاً لكل ما أتى عليه الدهر وتغير عما عُهد عليه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 154 3087- كُلُّ امرِئٍ فِيهِ ما يُرْمَى بِهِ هذا مثل قولهم "أيُّ الرِّجَالِ المهذَّبُ" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 154 3088- كُلُّ امْرِئٍ مُصَبَّحٌ فِي أهلْهِ ويروى "في رحله" أي يَفْجَؤُه مالا يتوقعه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 154 3089- كَلُّ يَجُرُّ النَّارَ إلَى قُرْصِهِ أي كل يريد الخير إلى نفسه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 154 3090- كَلُّ حِرْبَاءٍ إذا أُكْرِهَ صَلَّ الحرباء: واحد الحَرابِيّ، وهي مسامير الدروع، وصَلَّ يَصِلُّ صَليلا، إذا صوت. يضرب لمن يُؤْذّى فيشكو، يعني من اشتكى بكى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 154 3091- كعَارِمةٍ إذا لمْ تَجِدْ عَارِماً يعني كالمرأة إذا لم يكن لها ولد يَمُصُّ ثَدْيَها مَصَّتْ هي ثديَهَا لئلا يَرِمَ. يضرب لمن يتولى أمر نفسه إذا لم يجد له من يكفيه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 154 3092- كُلُّ فَحْلٍ يَمْذِي، وكُلُّ أُنْثَى تَقْذِي يُقَال: مَذَى الرجلُ يَمْذِى مَذْياً، إذا خرج منه المَذْىُ، وقَذَتِ الشاة تَقْذِي قَذْيَاً، إذا ألقَتِ بياضاً من رحمها، فالقذى من الأنثى مثل المَذْي من الذكر، ويقَال [ص: 155] "كل ذكر يَمْذِي وكل تَقْذِي" يضرب في الُمبَاعدة بين الرجال والنساء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 154 3093- كما تَدِينُ تُدَانُ أي كما تُجَازَى تُجَازَى، يعني كما تعمل تجازى، إنْ حَسَناً فَحَسَنٌ وإن سيئاً فسيئ، يعني إن عملت عملاً حسناً فجزاؤك جزاء حسن، وإن عملت عملاً سيئاً فجزاؤك جزاء سيء. وقوله "تدين" أراد تصنع، فسمى الابتداء جزاء للمطابقة والموافقة، وعلى هذا قوله تعالى: (فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم) ويجوز أن يجري كلاهما على الجزاء، أي كما تجازي أنت الناس على صنيعهم كذلك تُجَازَى على صنيعك، والكاف في "كما" في محل النصب نعتا للمصدر، أي تُدَان دينَاً مثلَ دَيْنِكَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 155 3094- كَلاَ زَعَمْتَ أَنَّهُ خَصِرٌ لقي رجلان فارساً في يوم شَات، فحَمَلاَ عليه وقَالا: إن مابه من الخَصَرِ (1) (الخصر - بفتح الخاء والصاد - البرد الشديد، والخصر - بكسر الصاد - الذي آلمه البرد، قَال عمر بن أبي ربيعة المخزومي: رأيت رجلا أما إذا الشمس عارضت ... فيضحى، وأما بالعشي فيخصر) شاغله عنا، فلما أهْويَا حمل فَطَنَ أحدهما فَقَال المطعون لصاحبه: كلا! زعمت أنه خَصِرَ. يضرب فيما يخالف الظن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 155 3095- كَيْفَ تُبْصِرُ القَذَى فِي عَيْنِ أخِيْكَ وَتَدَعُ الجِذْعَ المُعْتَرِضَ في عَيْنَكَ؟ يعني تعييرك غيرَكَ داءٌ هو جزء من جملة مافيك من الأدواء، يعني العيوب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 155 3096- أكْثَرَ مِنَ الحَمْقَى فأورِدُ الماءَ يضرب لمن اتخذ ناصراً سفيهاً الجزء: 2 ¦ الصفحة: 155 3097- كَيْفَ لِي بأنْ أُحْمَدَ وَلاَ أُرْزَأَ شيئاً أي لا يحصل الحمدُ مع وفور المال، كما قال أبو فراس: وكَيْفَ يُنَالُ الحَمدُ وَالوفْرُ وَافِرُ؟ ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 155 3098- كالمُشْتَرِي القَاصعاءَ بِاليَرْبُوعِ يضرب للذي يَدَعُ العينَ ويتبع الأثَرَ، وَيُؤْثِرُ مالا يبقى على ما يبقى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 155 3099- أَكْدَتْ أََظْفَارُكَ أي وَصَلْتَ إلى الكُدْية التي لا تَعْمَلُ أظفارُك فيها. يضرب للرجل يقهره صاحبه أي وجدت رَجُلا وصادَفْتَ من يقاومك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 155 3100- كُفِيتَ الدَّعْوَةَ أصلُ هذا المثل أن بعض المُجَّان نَزَلَ براهب في صًوْمِعته، وساعَدَه على دينه، وجعل يقتدى به، ويزيد عليه في صلاته وصيامه، ثم إنه سَرَقَ صليب ذهب كان عنده، واستأذنه لمفارقته، فأذِنَ له وزَوَّدَه من طعامه، ولما وَدَّعه قَال له: صحبَكَ الصليبُ، على رسْم لهم فيمن يريدون الدعاء له بالخير، فَقَال الماجن : كُفِيتَ الدَّعْوَةَ، فصار مَثَلاً لمن يدعو بشَيء مفروغ منه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 156 3101- اكْدَحْ لِي أَكْدَحْ لكَ الكَدْحُ: معناه السَّعْى، ولذلك وصل بإلى في قوله تعالى: (إنك كَادِحٌ إلى ربك كَدْحاً فملاقيه) معناه سَاعٍ، ومعنى المثل اسْعَ لي أسعَ لَكَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 156 3102- كُنْ وَصِىَّ نَفْسِكَ الوَصِي: اسمٌ يَقَعُ على مَنْ تَكِلُ إليه أمرك بعد الموت، ولكنه لما قدر فيه النيابة عن الموصي أجرى عليه اسمه وإن عُدِم فيه الموت، كأنه قَال: كُنْ مِنْ توصي إليه، وأصله في اللغة الوصل، يُقَال: وَصَي يَصِي وَصْياً، إذا وصل، فسمى الوصي لما وُصِلَ به أسباب الموصي، وهو فَعيل بمعنى مفعول. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 156 3103- أََكْثَرُ الظُّنُونِ مُيُونٌ المَين: الكذب، وجمعه مُيُون: يضرب عند الكذب وتزييف الظن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 156 3104- الكَمَرُ أشْباَهُ الكَمَرِ يضرب في مُشَابهة الشَيء الشَيء. قيل: لَماَّ قَال أبو النَّجْم في أرجوزته: تَبَقَّلَتْ فِي أوَّلِ التَّبَقُّلِ ... بينَ رِمَاحَى مَالِكٍ وَنَهْشَلِ قَال رؤبة: أليس نهشل ابنَ مالكٍ؟ قَال أبو النجم: يا ابن أخي إن الكَمَرَ تتشَابه، هو مالك بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 156 3105- كلُّ دنِيٍّ دُونَهُ الدَنىٌّ قَال أبو زيد: معناه كلُّ قريب وكل خُلْصَانٍ دونه قريب وخُلْصان، والدنى: ههنا فَعِيل من الدُّنُوِّ الداني الجزء: 2 ¦ الصفحة: 156 3106- كَرِيمٌ وَلا يُبَاغَهْ قلت: المباغاة من البِغَاء، وهو الطَّلَب، يُقَال "فلان لا يُبَاغِي" أي لا تُطْلَبُ مُبَاراته ولا ترجى مُنَاصاته، و"لا يباغه" جَزْم لأنه نهى المغايبة، وأدخل الهاء السكت، كما قيل: هنئت ولا تنكه، قَال الشاعر: إمَّا تَكَرَّمْ إنْ أصَبْتَ كَرِيمَةً ... فَلَقَدْ أَرَاكَ - وَلاَ تُبَاغَ - لَئِيما [ص: 157] أراد لا تُبَاغَى، فاكتفى بالفَتحَة عن الألف كما يكتفي بالكسرة عن الياء نحو قوله تعالى (والليل إذا يَسْرِ) و (ذلك ماكنا نبغ) ومعنى البيت إن تتكرم الآنَ إذ أصبْتَ امرَأة كريمة فلقد كنتُ أراك وحالُكَ أنك لا تباري ولا تُجَارَى لؤماً، و "إن" في قوله "إن أصبت" بمعنى إذ، ويجوز أن تفتح الهمزة: أي لأن أصَبْتَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 156 3107- كُنْ وَسَطاً وامشِ جَانِبَاً أي توسَّطِ القومَ وزَايِلْ أعمالهم، كما قيل: خَالِطُوا الناسَ وزَايِلوهم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 157 3108- كَصَفِيحَةِ المسَنّ تَشْحَذُ وَلا تَقْطَعُ يضرب لمن يخدج ولا يُحسن تصرفه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 157 3109- كَدُودَةِ القَزِّ يضرب لمن يتعب نفسه لأجل غيره. قَال أبو الفتح البُسْتِىُّ ألَمْ تَرَ أنَّ المَرْءَ طُولَ حياتِهِ ... مُعَنّىً بأمرٍ مَا يَزَالُ يُعَالِجُهْ كَدُودٍ غَدَا للِقَزِّ يَنْسجُ دَائِبَاً ... وَيَهْلِكُ غَمَّاً وَسْطَ مَا هُوَ نَاسِجُهْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 157 3110- كَذُبَالةِ السِّرَاجِ تَضِئٍ مَا حَوْلَهَا وَتَحْرِقُ نَفْسَهَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 157 3111- كَفَارَةِ المِسْكِ يُؤْخَذُ حَشْوَهَا وَيُنْبَذُ جِرْمُهَا يضرب لمن يكون باطنه أجملَ من ظاهره الجزء: 2 ¦ الصفحة: 157 3112- كالبَاحِثِ عن المُدِيَة ويروى "عن الشَّفْرة" يُقَال: إن رجلا وجَدَ صيدا، ولم يكن معه ما يذبحه به، فبحث الصيدُ بأظلافه في الأرض، فسقط على شَفْرَة، فذبحه بها. يضرب في طلب الشَيء يُؤدِّي صاحبه إلى تلف النفس. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 157 3113- كالخَمْرِ يُشْتَهَى شُرْبُهَا وَيُكْرَهُ صُدَاعُهَا يضرب لمن يخاف شره ويشتهي قربه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 157 3114- كالمُصْطَادَةِ بِاسْتِهَا قَالوا: ولج ضب بين رجلى امرَأة فضمَّتْ رجليها وأخذته، فضرب مَثَلاً لكل من أصاب شيئاً من غيره وجهه، وقَدَرَ عليه بأهوَنِ سَعْيٍ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 157 3115- كمُبتَغِى الصّيْدِ في عَرِينَة الأسَد (ويروى "في عريسة" بكسر العين وتشديد الراء) يضرب مَثَلاً لمن طَلَبَ مُحَالاً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 157 3116- كَذِى العُرِّ يُكْوَى غيرُهُ وَهُوَ رَاتِعٌ قَال أبو عبيدة: هذا لا يكون، وقَال غيره: إن الإبل إذا فَشَا فيها العر - وهو قُرُوحٌ تخرج بمشَافر الإبل - أُخِذَ بعيرٌ صحيحٌ وكُوِىَ بين أيدى الإبل بحيث تنظر إليه، فتبرأ كلها، قَال النابغة: حَمَلْتَ عَلَىَّ ذَنْبَهُ وَتَرَكْتَهُ ... كَذِى العُرِّ يُكْوَى غَيْرُهُ وَهُوَ رَاتِعُ (حفظى: ... وكلفتني ذنب امرئ وتركته ... ) يضرب في أخذ البرئ بذَنْب صاحِبِ الجناية. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 158 3117- كلُّ امْرِئٍ بِطُولِ العَيْشِ مَكْذُوب (في شعر جنوب أخت عمرو ذي الكلب: كلُّ امْرِئٍ بِمُحالِ الدهرِ مَكْذُوب ... ) أي من أوهَمَتْهُ نفسُه طولَ البقاء ودَاوَمَة فقد كَذَبَتْه، وطوال الشَيء: طولُه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 158 3118- كالنَّازي بينَ القَرِيَنَيْنِ وأصله أن يٌقْرَنَ البعيرُ إلى بعيرٍ حتى تقل أذيتهما، فمن أدخلَ نفسَه بينهما خبطَاه يضرب لمن يوقِعُ نفسَه فيما لا يحتاج إليه حتى يعظم ضرره. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 158 3119- كالمُحْتَاضِ على عَرْضِ السَّرَابِ يضرب لمن يطْمَع في مُحَال. واحتاض: أي اتَّخَذ حَوْضَاً، والصحيح حَوَّضَ، وحاضَ يَحُوضُ حَوْضَاً، إذا اتخذ حوضاً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 158 3120- كَرُكْبَتَى البَعِير للمتساويين. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 158 3121- كَفَرَسَىْ رِهَانٍ للمتناصيين (التناصى: أخد كل قرن بناصية قرنه) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 158 3122- كُنْ حُلْمَاً كُنْهُ يضرب للهائل من الخبر، أي ليكن حُلماً من الأحلام ولا يتحقق. وأصله أن رجلا أهوى برمحه حتى جعله بين عيني امرَأة وهي نائمة فاستيقظت، فلما رأته فَزِعَتْ ثم غمضت عينيها وقَالت: كن حُلْماً كَنه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 158 3123- كَادَ العَرُوسُ يَكُونُ مَلِكَاً العرب تقول للرجل: عَرُوسٌ، وللمرأة أيضاً، ويراد ههنا الرجل، أي يكاد يكون ملكا لعزته في نفسه وأهله. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 158 3124- كَادَتِ الشَّمْسُ تَكُونُ صِلاَءً الصِّلاَء - بالكسر والمد - النار، وكذلك الصَّلَى، بالفتح والقصر. [ص: 159] يضرب في انتفاع الفقراء بحرها دون النار الجزء: 2 ¦ الصفحة: 158 3125- أَكِبْراً وَإمْعَاراً أي اجتمع عُجْبَاً وفَقْراً؟ يُقَال: أمْعَرَ الرجل، إذا افتقر، وأصله من المَعَرِ، وهو قلة الشعر والنبات، يُقَال رجل معِر وأمْعَر، وأرض مَعِرة: قليلةُ النَّبات. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 159 3126- كَفَى قَوْماً بِصَاحِبِهِمْ خَبِيراً أي أعلم الناس بالرجل صاحبه ومخالطه، وروى الكسائي "كفَى قومٌ" بالرفع، قَال المرزوقي: كان من حقه أن يقول كفى بقوم خبيراٌ بصاحبهم، ووضع خبيرا موضع خبراء الجمع كقوله تعالى (وحَسُنَ أولئكَ رَفِيقَاً) أي رُفَقَاء، ونصب "خبيرا" على الحال، ويجوز على التمييز، وقَال غيره: فاعل كَفَى محذوف، أي كفى قوماً علمهم خبيراً بصاحبهم، ووجه ماروى الكسائي كفى قوم بعلمهم خبيراً بصاحبهم، أي اكْتَفَى قومٌ بعلمهم خبراء بمن يصحبهم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 159 3127- كلُّ امْرئٍ يَعْدُو بما استَعَدَّ يضرب في الحثِّ على استعداد ما يحتاج إليه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 159 3128- كلُّ شَيء يَنْفَعُ المُكاتَبَ إلاَّ الخِنْقَ قَالها مكاتب سأل امرَأة، فاعتذرت إليه أنها لا تملك إلا نفسها، فبذلَتْها له، فعند ذلك قَال هذا. يضرب عند الكَسْب قل أو كثر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 159 3129- كَذَبَتْكَ أُمُّ عِزْمِكَ أم عِزْمِهِ: اسْتُه يضرب للرجل يتوعَّدْ ويتهدَّد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 159 3130- كالكَلْبِ يُهَرِّشُ مُؤَلِّفَهُ يضرب لمن تحسن إليه ويذمُّك. والتهريش كالتحريش، وهما الإغراء بين الكلاب، وأراد يهرش الكلب بمؤلفه، فحذف حرف الجر، وأوصَلَ الفعل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 159 3131- كُنْ مُرِيباً واغْتَرِبْ أي إذا جنيت جناية فاهرب لا يُظْهرَ عليك ولا يُظْفَر بك. وفي ضده يُقَال: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 159 3132- كُنْ بَرِيّاً وَاقْتَرِبْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 159 3133- كُلُّ يأتي مَاهُوَ لَهُ أَهْلٌ أي كل يُشْبه صنيعه، كما قَال الله تعالى: (قل كل يعمل على شاكلته) يضرب في الخير والشر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 159 3134- كلُّ صُعْلُوكٍ جَوَادٌ أي مَنْ لم يكن له رأسُ مالٍ يبقى عليه هان عليه ذهابُ القليلِ الذى عنده. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 159 3135- كَفَى بأَمَارَاتِ الطَّرِيقِ لَهُمْ حَشَماً يُقَال: حَشَمْتُ الرجلَ أحشمه واحتشمته، إذا أغضبته. يضرب في التحضيض على دفع الظلم. وذلك أن رجُلاً ظلَمَ قوماً، ثم جعل يمر بهم صباحاً ومساء. وأمارات الطريق: كثرة اختلافه فيه، فيقول: قد أحْشَمَكم كثرةُ ما يمر بكم، فاثَّئِرُوا منه ولا تذلوا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 160 3136- كَلاَّ ولَكِنْ لا أُعْطَاهُ قَال رجل لامرأته ورأى ابنه من غيرها ضئيلا: ملا بنى سَيِّيءَ الجسم؟ قَالت: إنى لأطعِمُه الشحم فيأباه، قَال الأبن: كلا! ولكن لاأعطاه. يضرب لمن يكذب في قوله. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 160 3137- كالمُخْتَنَقَةِ على آخر طَحِنِيهَا وذلك أن امرَأة طحَنتْ كَرَاً من حنطة فلما بقى منه مُدٌّ انكسر قُطْبُ الرَّحَى، فاختنقت ضجراً منه. يضرب لمن ضَجِرَ عند آخرِ أمره وقد صبر على أوله. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 160 3138- كلُّ مَبْذُولٍ مَمْلُولٌ أي كلُّ ما مُنِعُه الإنسان كان أحْرَصَ عليه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 160 3139- كالغُرَابِ والذِّئْبِ يضرب للرجلين بينهما موافقة ولا يختلفان لأن الذئب إذا أغار على الغَنَم تبعه الغراب ليأكل ما فَضَل منه. قلت: وبينهما مخالفة من وجه، وهو أن الغراب لا يواسِى الذئبَ فيما يصيد، كما قَال الشاعر: يُوَاسِي الغرابَ الذئبُ فِيما يَصِيدُهُ ... وَمَا صَادَهُ الغِرْبَانُ في سَعَفِ النَّخْلِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 160 3140- كارِهَاً حَجَّ بَيْطَرُ بَيْطَر: اسم رجل. يضرب للرجل يصنع المعروف كارهاً لا رغبةَ له فيه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 160 3141- كالعِلاَوَةِ بينَ الفَوْدَينِ يضرب للرجل في الحرب يكون مع القوم ولا يغنى شيء. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 160 3142- كالمُشْتَرِى عًقُوبَةَ بنِى كَاهِلٍ وذلك أن رجل اشترى عقوبَتَهُمْ من وَالٍ، وكان عن ذاك بمعزل، فأخذته بنو كاهل فقتله. يضرب للداخل فيما لا يعنيه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 160 3143- كالَّلذْ تَزَبَّي زبُيْةَ فَاصْطيدا (وقع في أصول هذا الكتاب "كاللذ ترقى" وما أثبتناه هو الصواب.) يضرب للرجل يأتي الرجل يسأله شيئاً فيأخذ منه ما سأل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 160 3144- كالمُزْدَادِ مَنَ الرُّمْح وهو الرجل يُطْعَن فيستحي أن يفر، فيدخل في الرمح يمشي إلى صاحبه. يضرب لمن يركب أمرا يخزى فيه فيلبس على الناس. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 161 3145- كَيْفَ تَرَى ابْنَ أُنْسِكَ؟ يعني كيف تراني؟ يقول الرجل لصاحبه قَال أبو الهيثم: يقوله الرجل لنفسه، إذا مَدَحها. قَال: ومثلُه: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 161 3146- كَيْفَ تَرَى ابْنَ صَفْوَكَ؟ أي كيف تراني؟ ويقَال: فلان ابنُ أنِس فلان، للصَّفِيِّ، إشارة إلى أنه اشتهر بذلك فصار نسباً له يعرفه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 161 3147- اكْتُبْ شُرَيْحَاٌ فَارِسَاً مُسْتَمِيتاً وشريح: اسم رجل، والمستميتُ: الرجل الشجاع الذي كأنه يطلب الموت لشدة إقدامه في الحرب، نصَبَ "فارساً" على الحال، وهذا رجل جُنْدى يعرض نفسه على عارض الجند وهو يقول هذا القول ويلح حتى كتب يضرب للرجل يطلب منك فُيلِحُّ وَيَلِجُّ حتى يأخذ طَلَبته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 161 3148- كالسَّيْلِ تَحْتَ الدَّمْنِ قَالوا: الدمْنُ البَعَر، قَال لبيد: رَاسِخ الدَّمْنِ عَلَى أعْضَادِهِ ... ثَلَمَتْهُ كُلُّ رِيْحٍ وَسَبيل يضرب لمن يُخْفِى العداوة ولا يظهرها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 161 3149- كلُّ قَائِبٍ مِنْ قُوبَةٍ القاب: الفَرْخ، والقُوَبة: البيضة، أي كل فَرْع يبدو من أصل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 161 3150- كَفَى بالشَّكَّ جَهْلاً قَال أبو عبيد: يقول: إذا كنت شاكاً في الحقِ إنه حق فذلك جَهْل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 161 3151- كَحِمَارَىِ العِبادِيِّ قَالوا: العِبَاد قوم من أفنَاء العرب نزلوا الحِيْرَةَ وكانوا نَصَارَى منهم عَدِيٌّ بن زيدٍ العِبَادِيُّ. قَالوا: كان لِعَبادىٍّ حماران، فقيل له: أي حمارَيْكَ شر؟ قَال: هذا ثم هذا، ويروى أنه قَال حين سُئل عنهما: هذا هذا، أي لا فَضْلَ لأحدهما على الآخَر. يضرب في خلتين إحداهما شر من الأخرى وقَال: رِجْسَانِ مالَهُمَا في الناس مِنْ مثَلٍ ... إلاَّ حِمَار العِبَادِيَّ الَّذي وُصِفَا مُجَرَّحَانِ الكُلَى تَدْمَى نُحُورُهُما ... قَدْ لاَزَمَا مُحْرَقَ الأنْسَاع وَالأُكُفَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 161 3152- كِلاَ البَدَلْينِ مُؤْتَشَبٌ بهِيمُ يُقَال: اشَبْتُ القومَ فأتَشَبُوا، أي [ص: 162] خلطتهم فاختلطوا، وفلان مؤْتَشَبٌ - بالفتح - أي غير صريح النسب، والبهيم: المظلم. يضرب للأمرين اسْتَوَيَا في الشر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 161 3153- كلُّ نهْرٍ يُحْسِينِي إلاَّ الجَرْيبَ فإنَّهُ يُرْوِيني الجريب: وادٍ كبير تنْصَبُّ إليه أوْدِيَة يضرب لمن نِعَمَهُ أسْبَغُ عليك من نعم غيره الجزء: 2 ¦ الصفحة: 162 3154- كلُّ صَمْتٍ لاَ فِكْرَةَ فيِه فَهْوَ سَهْوٌ أي غفلة لا خير فيه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 162 3155- كَثَرَةُ العِتَابِ تُورِثُ البَغْضَاءَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 162 3156- أكْثَرَ مَصَارِعِ العٌقُولِ، تَحْتَ بُرُوقِ المَطَامِعِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 162 3157- الكُفْرُ مَخْبَثَةٌ لِنَفْسِ المُنْعِمِ يعني بالكفر الكُفْرَانَ، والمخْبثة: المفسدةُ، يعني كفر النعمة يُفْسِدُ قلبَ المنعم على المنعَمِ عليه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 162 3158- الكَلاَمُ ذَكَرٌ والجَوَابُ أُنثَى، وَلاَبُدَّ مِنَ النِّتَاجِ عِنْدَهَ الأزْدوَاجِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 162 3159- كلُّ إنَاءٍ يَرْشَحُ بما فِيه ويروى "ينضج بما فيه" أي يتحلَّب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 162 3160- كَفَى بالمَشْرَفِية وَاعِظَاً المَشْرَفية: سُيُوفٌ تَنسَبُ إلى مَشَارف الشأم، وهي قُرَاهَا. وهذا قريب من قولهم "ما يَزَاعُ السلطان أكثر مما يَزَع القرآن" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 162 3161- كَرَاكِبِ اثْنَيْنِ أي كراكب مَرْكُوبين اثنين، وهذا لا يمكن. يضرب لمن يتردَّدُ بين أمرين ليس في واحدٍ منهما [فَضْلٌ] الجزء: 2 ¦ الصفحة: 162 3162- كادَ النَّعَامُ يَطِيرُ يضرب لقرْب الشَيء ممَّا يُتَوقَّعُ منه لظهور بعض أماراته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 162 3163- كلُّ غَانِيَةٍ هِنْدٌ يضرب في تَسَاوِى القوم عند فساد الباطن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 162 3164- كَالجَرَادِ لاَ يُبْقِى وَلاَ يَذَرُ يضرب في اشتداد الأمر واستئصال القوم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 162 3165- كَمَا تَزْرَعُ تحصُدُ هذا كما يُقَال "كما تَدِينُ تدان" يضرب في الحثِّ على فعل الخير. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 162 3166- كالمَحْظُورِ فِي الطِّوَلِ المحظور: الذي جعل في الحظيرة، [ص: 163] والطِّوَلُ: الحبْلُ يشدُّ في إحدى قوائم الدابة ثم ترسل ترعى. يضرب للذي يقل حَظُّه مما أوتي من المال وغيره. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 162 3167- كالمَرَبُوطِ وَالمَرْعَى خَصيبٌ هذا قريب مما تقدم في المعنى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 163 3168- كُنْتُ مُدَّةً نُشْبَةً فَصِرْتُ اليَوْمَ عُقْبَةً أي كنت إذا نَشِبْتُ بإنسان لقى منى شراً فقد أعقب اليوم منه، وهو أن يقول الرجل لزميله "أعقب" أي انْزِلْ حتى أركب عُقْبَتى، ويروى "فقد أعقبت" أي رَجَعْت عنه، وقوله نُشْبَةَ كان حقه التحريك يُقَال "رجل نُشَبة" إذا كان علقا فخفف لازدواج عُقْبة، والتقدير ذا عقبة. يضرب لمن ذلَّ بعد العز. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 163 3169- كَذَبَ العِيرُ وَإنْ كانَ بَرَحَ بَرَحَ الصيدُ؛ إذا جاء من جانب اليَسَار، وهذا من بيت أبي دُوَاد: قُلْتُ لَمَّا نَصَلاَ مِنْ قنَّةٍ ... كَذَبَ العَيْرُ وَإنْ كَانَ بَرَحْ وَتَرَى خَلْفَهمَا إذْ مَضَيَا ... مِنْ غُبَارٍ سَاطِعٍ قَوْسَ قُزَحْ قوله "نصَلا" أي خَرَجَا، يعني الكلب والعَيْر، والقُنَّة: أراد بها الرَّبْوة، وكذب: فَتَر، أي أمْكَنَ وإن كان بارحا، ويجوز أن يكون "كذب" إغراء: أي عَلَيْكَ العير فصِدْه، وإن كان برح يضرب للشَيء يُرْجى وإن استصعب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 163 3170- كَلأَ يَيجَعُ مِنْهُ كَبِدُ المُصْرِمِ يضرب للرجل يغنى ويَحْسُنُ حَالُه ثم يُصْرِمُ فيمرُّ بالروض عند التفافِ النبات وكثرةِ الخِصْب فيحزن له. ويَيْجَع: لغة في يَوْجَع، وكذلك يَاجَعُ ويِيجَعُ، والمُصْرِم: الفقير، يعني أنه إذا رأى كثرةَ النباتِ ولم يكن له مال يَرْعَاه وَجِعَ كبدُه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 163 3171- كَلأٌ حَابِسٌ فِيه كَمُرْسِلٍ أي الذي يَحْبِس الإبل والذي يُرْسِلها سواء فيه لكثرته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 163 3172- كَلأٌ لاَ يَكْتُمه البَغِيضُ يعني به الكثرة أيضاً، وكتمتُ زيداً الحديثَ، إذا كتمته منه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 163 3173- كَعَيْنِ الكَلْبِ النَّاعِسِ يضرب للشَيء الخفىّ الذي لا يبدو منه إلا القليل. لأن الناعس لا يغمِّضُ جفنيه كل التغميض، قَال الشاعر يصف فَلاَةً: [ص: 164] يَكُونُ بِهَا دَلِيْلَ القَوْمِ نَجْمٌ ... كَعَيْنِ الكلبِ فِي هُبَّى قبَاعِ يعني أن النجم الذي يُهْتَدى به خفّى لا يبدو منه إلا هذا القدر، وهُبَّى: جمع هابٍ، وهو الذي وقع وَطَلَع في هَبْوَة وهي الغبار، وقبَاعٌ: جمع قابع، يُقَال: قَبَعَ القنفذُ إذا غيَّبَ رأسه، والتقدير يكون بها أي بالفَلاَة دليلَ القوم نجمٌ خفي فيما بين نجومٌ هُبَّى قباع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 163 3174- كُرْهاً تَرْكَبُ الإبل السَّفَرَ يضرب للرجل يركب من الأمر ما يكرهه ونصب "كرهاً" على الحال، أي كارهةً، فهو مصدر قام مقام الحال، ومثله بيت الحماسة: حملَتْ بِهِ في لَيْلَةٍ مزءُودة ... كُرْهَاً (تتمته ... .. وعقد نطاقها لم يحلل ... وهو من كلمة لأبي كبير الهذلى) (التبريزى 1/85) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 164 3175- كَارِهاً يَطْحَنُ كَيْسَانُ يضرب لمن كلف امراً وهو فيه مكره وكيسان: اسم رجل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 164 3176- كالبَغْلِ لمَّا شُدَّ فِي الأمْهَار يضرب لمن لا يشاكل خصمه. وقبله: يَحْمي ذِمَارَ مُقَرَّفٍ خَوَّارِ ... كالبغل إلخ. يُقَال لما بعد من الشبه والقياس: هو كالبغل لما شد في الأمهار. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 164 3177- كأنَّهُ قَاعِدٌ عَلَى الرَّضْفِ يضرب للمستعجل. والرَّضْفُ: الحجارة المُحْمَاة، الواحدة رَضْفَة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 164 3178- كَيْفَ الطَّلا وَأُمُّهُ؟ قَال الأَصمَعي: يضرب لمن قد ذهب همه وخَلاَ لشأنه. وقد ذكرت قصته في حرف الغين عند قولهم "غرثان فاربكوا له" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 164 3179- كَفَاقِئِ عَيْنِيْهِ عَمْداً يضرب لمن أخطَرَ وغَرَّرَ بنفسه وروى عن عبيد أبي شَفْقَل روايةِ الفرزْدَقَ قَال: أتتنى النَّوَارُ فَقَالت: كَلَّمْ هذا الرجل أن يطلقني، قلت: وما تريدين إلى ذلك؟ قَالت: كلمه، قَال: فأتيت الفرزدق فقلت: يا أبا فِرَاسٍ إن النوار تطلب الطلاق فَقَال: ما تَطِيْبُ نفسي حتى أُشْهِدَ الحسن، (الحسن: هو الحسن البصري) فأتى الحسن، فَقَال: يا أبا سعيدٍ اشْهَدْ أن النوار طالقَ ثلاثا، قَال: قد شهدنا، قَال: فلما صار في بعض الطريق قَال: طلقتك؟ قَالت نعم: قَال كلا، قَالت إذن [ص: 165] يخزيك الله عز وجل، يشهد عليك الحسن وحلقته فتُرْجَم، فَقَال: نَدِمْتُ نَدَامَةَ الكُسَعِّي لمَّا ... غَدَتْ مِنِّي مُطَلَّقَةً نَوَارُ وكانَتْ جَنَّتِي فَخَرَجْتُ منها ... كآدَمَ حِيْنَ أخْرَجَهُ الضِّرَارُ فَكُنْت ُ كَفَاقِئٍ عَيْنَيِهْ عَمْدَاً ... فأصْبَحَ مَا يُضِئُ لَهُ النَّسهَارُ وَلَوْ أنِّي مَلكَتُ يَدِي وَقَلْبِي ... لَكَانَ عَلَىَّ لِلْقَدَرِ الخِيَارُ وَمَا طَلَّقْتُها شِبَعاً، ولكِنْ ... رَأيْتُ الدَّهْرَ يأخُذُ مَايُعَارُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 164 3180- كَالْكَلْبِ عَارَهُ ظُفْرُهُ أي: أهلكه، وهو مثل قولهم "عَيْرٌ عَارَهُ وَتِدُهُ" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 165 3181- كُزْمُ الجِلاَمِ أَعْبَر الضَّوَائِنَا الكُزْم: جمع أكْزَمَ، وهو الفرس في جَحْفلته (الجحفلة، للخيل: بمنزلة الشفة للإنسان) غلظ وقصر، ومنه "يدٌ كَزْمَاء" إذا كانت قصيرة الأصابع، والجِلاَم: جمع جَلَم، وهو الذي يُجَزُّ به الصوفُ مثل المِقْرَاض العظيم، والإعبار: أن يترك الصوف أو الشعر فلا يجز، والضوائن: جمع ضائنه، وهي الأنثى من الضأن، وكزم الجلام: يجوز أن يكون صفة لواحد، كقولهم "سَهْمٌ مُرْطُ القُذَذِ" جعلوا الجمعَ صفةَ الواحد لما بعده من الجمع، ومثله: يا ليلةً خُرْسُ الدَّجَاجِ طَوْيلَةً ... وكذلك رَقُودٌ عَنِ الفَحْشَاءِ خُرْسُ الجَبَائِرِ ... وجعل جِلاَمَه كُزْمَاً لقصرها وذهاب حدها، فلذلك بقى الضوائن مُعْبرة، وأعبر في المثل في موضع الحال مع إضمار قد، وإنما لم يؤنث فعل الجِلاَم لأنها على لفظ الآحاد، وإن كانت جمعاً، كقول زهير: [مَغَانِم شَتَّىً مِنْ] إفَالٍ مُزَنَّمِ ... (الإفال، ومثله الأفائل: صغار الإبل بنات المخاض ونحوها، واحدها أفيل) يضرب لمن ترك شره عجزا، ثم جعل يتحمد به إلى الناس الجزء: 2 ¦ الصفحة: 165 3182- كَمْ لَكَ مِنَ خُبَاسَةٍ لاَ تُقْسَمُ الخَبَاسة: الغنيمة، ورجل خَبَّاس أي غَنَّام. يضرب لمن يَجْمع المال جاهداً، ولا يكون له فيه حظً لا في مطعم ولا في مَلْبَس ولا غير ذلك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 165 3183- كُدَادةٌ تُعْيي صَلِيبَ الإصْبَعِ الكُدَادة: ما لَزِقَ بأسفل القِدْرِ إذا طبخت، فلا تقدر الإصبع وإن كانت صُلْبة أن تنزعها وتقلعها. [ص: 166] يضرب للوَقُور الذي لا يُسْتَخَفُّ ولا يزعزع، وللبخيل الذي لا يُسْتَخْرَج منه شَيء إلا بكدٍّ ومشقة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 165 3184- كلُّ لَيَالِيه لَنَا حَنَادِسُ الحِنْدِسُ: الليلُ الشديد الظلمة يضرب لمن لا يَصِلُ إليك منه إلا ما تكره. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 166 3185- كِلاَ النَّسِمَيْنِ حَرُورٌ حَرْجَفٌ النسيم من الريح: ما يُسْتَلَذ من هبوبها وهو تنفس سَهْل، والحَرْور: الريح الحارة، والحرجَفُ: الباردة، وثَنَّى النسيمَ أراد نسيم الغَدَاة ونسيم العشى. يضرب للرجل يرجى عنده خير فَيُرى ضده منه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 166 3186- كَالحَانَّةِ فِي أخْرَى الإبلِ يعني الناقة المتأخرة تَحِنُّ إلى الأوائل. يضرب لمن يفتخر بمن لا يبالي به ولا يهتم لأمره. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 166 3187- الكَذِبُ دَاءٌ وَالصِّدْقُ شِفَاءٌ أي داء للمكذوب فإنه يُعَمَىِّ عليه أمَرَهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 166 3188- كالمَمهُورَةِ إحْدَى خَدَمَتَيْهَا الخَدْمَة: السَّيْرُ الذي يُشَدُّ على رُسْغ البعير، ثم يستعار لما تلبسه المرأة من الخلخال تشبيهاً به، وهذه امرأة تُحَّمقَ لأنها طالَبَتْ بعلها بالمهر، فنزع الرجل إحدى خَدَمَتَيْهَا ودَفَعها إليها مهراً، فرضيت بذلك، فضرب بها المثل في الحمق. ومثل هذا قولهم: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 166 3189- كَالمْمهُورَةِ مَنْ مَالِ أبِيهَا ويروى "من نَعَمِ أبيها" وقد ذكرت المثلين وقصتهما في الحاء عند قولهم "أحمقُ من الممهورة" (انظر المثال 1175 و 1176 و 1177) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 166 3190- كَيْفَ يُعُقُّ وَالِدَاً مَنْ قَد وَلَدَ يعني لا ينبغي للولَدِ أن يُعُقّ أباه وقَدْ صَارَ أباً؛ لأنه قد ذاق طَعْمَ العُقُوق. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 166 ما جاء على ما أفعل من هذا الباب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 166 3191- أََكْذَبُ مِنَ الأخِيذِ الصَّبْحَانِ الأخِيذُ: المأخُوذ، والصَّبْحَان: المصطبح، وهو الذي شَرِبَ الصَّبُوحَ، والمرأة صَبْحَى. وأصله أن رجلاً خَرَج من حية وقد أَصْطَبَحَ، فلقيه جَيْشَ يريدون قومه، فأخذوه وسألوه عن الحي، فَقَال: إنما بِتُّ في القفر، ولا عَهْدَ لي بقومى، فبينما هم [ص: 167] يتنازعون إذ غَلَبه البول، فبال، فعلموا أنه قد اصطَبَح، ولولا ذلك لم يَبُلْ؛ فطعنه واحد منهم في بطنه فبدَرَهُ اللبن فمَضَوْا غيرَ بعيدٍ فعثروا على الحي وقَال الفراء في مصادره "أكذبُ من الأخيذِ الصَّبْحَان" يعني الفصيل، يُقَال أخِذَ يأخَذ أخَذاً، إذا أكثَرَ شرب اللبن بأن يتفلت على أمه فيمتك لبنها (امتك لبنها: مصه كله، ومثله: مكه كشده وتمككه كتقدمه، ومكمكة كزلزله) فيأخذه، أي يُتْخَم منه، وكذبه أن التُّخَمَة تكسبه جوعا كاذباً؛ فهو لذلك يحرص على اللبن ثانيا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 166 3192- أَكْذَبُ مِنْ أَسِيرِ السَّنْدِ وذلك أنه يُؤْخذ الرجل الخسيس منهم فيزعم أنه ابن الملك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 167 3193- أكْذَبُ مِنْ يَلْمَعٍ هو السَّرَاب، وقيل هو حجر يَبْرُق من بعيد فيظنُّ ماء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 167 3194- أَكْذَبُ مِنَ اليَهْيَرِّ وهو السَّرَاب أيضاً الجزء: 2 ¦ الصفحة: 167 3195- أَكْذَبُ مِنَ الشَّيخ الغَرِيبِ لأنه يتزوج في غُرْبته وهو ابن سبعين فيزعم أنه ابنُ أربعين سنةً الجزء: 2 ¦ الصفحة: 167 3196- أَكْذَبُ مِنَ مُجْرِبٍ لأنه يخاف أن يطلب من هَنَائه فيقول أبدا: ليس عندي هَنَاء، ويقَال: بل لأنه أبدا يَحْلِفُ أن إبله ليست بِجَربى لئلا يمنع عن الورود، ولذلك قيل: لا ألِيَّةَ لُمجْرِبٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 167 3197- أكْذّبُ مِنَ السَّالِئةِ لأنها إذا سَلأت السَّمْنَ (سلأت السمن - من باب فتح - واستلأته: أي طبخته وعالجته.) كذبت مخافة العين، وكذبها أنها تقول: قد ارتَجَن، قد احْتَرَقَ، وَالارتِجَانُ: أن لا يخلص سمنها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 167 3198- أكْذَبَ مَنْ دَبَّ وَدَرَجَ أي: أكْذَبَ الكِبَارِ والصَّغَار، دَبَّ لضعف الكبر، ودرج لضعف الصغر، ويقَال: بل معناه أكذب الأحياء والأموات، فالديببُ للحى، والدروج للميت من قولهم "دَرَجَ القومُ" إذا انْقَرَضُوا، ومن الأول "قد دَرَجَ الصبي" لأول ما يمشي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 167 3199- أَكْذَبُ مِنْ فاخِتَةٍ لأن حكاية صوتها "هذا أوانُ الرُّطَب" تقول ذلك والطلع لم يطلع بعد، وقَال: أَكْذَبُ مِنْ فَاخِتَةٍ ... تقول وَسَطَ الكَرَبِ [ص: 168] وَالطَّلْعُ لَمَّا يطلعِ ... هذا أوَانُ الرُّطَبِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 167 3200- أَكْذَبُ مِنْ صِنْعٍ وهو الصناع، يُقَال: رجل صِنْعُ اليدين، وصَنِيع، وامرَأة صَنَاع، إذا وًصِفَا بِالحِذق في الصناعة، وهذا كما يُقَال "دُهْ دُرَّين سَعْدُ القَيْن" لأنه يُرْجِفُ كلَّ يومٍ بالخروج وهو مقيم لُيسْتَعمَلَ. وأما قولهم: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 168 3201- أَكْذَبُ مِنْ جُحَيْنَةَ فإنه كان أكذَبَ مَنْ في العرب، ولعله الذي مَرَ ذكره في باب الحاء. (الذي مر ذكره جحا، وانظر المثل 1191.) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 168 3202- أََكْذَبُ مِنْ المُهَلَّبِ يعنون ابن صُفْرَة، زعم أبو اليقظان أنه كان إذا حَدَّثَ قيل: قدراح يكذب، وكان ذَامَّاً لمن يكذب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 168 3203- أَكْفَرُ مِنْ حِمَارٍ رجل من عاد يُقَال له: حمار بن مويلع، وقَال الشرقى: هو حمار بن مالك بن نصر الأزدى، كان مسلما، وكان له وادٍ طولُه مسيرة يوم في عرض أربعة فراسخ، لم يكن ببلاد العرب أخصَبُ منه، فيه من كل الثمار، فخرج بنوه يتصَيَّدُون فأصابتهم صاعقة فهلكوا، فكفر، وقَال: لا أعبد مَنْ فَعَلَ هذا ببنىَّ، ودعا قومه إلى الكفر، فمن عَصَاه قَتَلَه، فأهلكه الله تعالى، وأخرب واديه، فضربت به العربُ المثلَ في الكفر، قَال الشاعر: ألَمْ تَرَ أنَّ حَارِثَةَ بنْ بَدْرٍ ... يُصلِّى وهو أَكفَرُ مِنْ حِمَارٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 168 3204- أَكْبَرُ مِنْ عَجُوزٍ بَنِي إسْرَائِيل قَالوا: هي شارخُ بنت يسير بنت يعقوب عليه الصلاة والسلام، كانت لها مئتا سنة وعشرة سنين فلما مضت ("في نسخة فكلما مضت لها سبعون - إلخ" لها سبعون عادت شابة، وكانت تكون مع يوسف على نبينا وعليه الصلاة والسلام.) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 168 3205- أَكْسَبُ مِنْ نَمْلَةٍ، وذَرَّةٍ، وفأرَةٍ، وذِئْبٍ. يُقَال: هؤلاء أكسبُ الحيوانات. وسأل عمر رضي الله عنه عمرو بن معد يكرب عن سعد بن أبي وقاص، فَقَال: خير أمير، نبَطىّ في حبوته، عربي في نمرته أسد في تَامُورَته، يعدل في القضية، ويَقْسِم بالسَّوية، وينقل إلينا حقنا كما تنقل الذَّرَّة إلى جحْرِها، قَال الجاحظ: فَقَال عمر: لِسِرٍّ [ص: 169] ما تقارضتما الثناء، أراد بالتامورة العَرِينة، وأصلها الصَّوْمَعة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 168 3206- أَكْسَى مِنْ بَصَلَةٍ يضرب لمن لبس الثياب الكثيرة. قال أبو الهيثم: هذا من النوادر أن يقال للمكتسى كاسى، وقَال ابن جنى: كسا زيد ثوبا، وكسوتُه ثوبا، وقَال الفراء في بيت الحطيئة: وَاقْعُدْ فَإنَّكَ أنْتَ الطَّاعِمُ الكاسِى ... أراد المكسو، وقَال: هو مثل "ماء دافق"و "سر كاتم" فإذا أخذت بقول الفراء كان أكْسَى أفعل من المفعول، وهو قليل شاذ، وقد مر قبله مثله. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 169 3207- أَكْفَرُ مِنْ هُرْمُزَ قيل: لما سار خالد بن الوليد رضي الله عنه إلى مُسَليمة وقاتَله وفرغ من قتاله أقبل إلى ناحية البصرة، فلقى هُرْمُزَ بكاظِمَةَ في جَمْعٍ أعظمَ من جمع المسلمين، ولم يكن أحد من الناس أعْدَى للعرب والإسلام من هُرْمُزَ، ولذلك ضربت العربُ به المثلَ فَقَالوا : أكْفَرُ من هُرْمُزَ، قَالوا: فخرج إليه خالد، فدعاه إلى البراز فخرج إليه هرمز، فقتله خالد، وكتب بخبره إلى الصديق رضي الله تعالى عنه، فنفَّلهُ سَلَبه، فبلغت قلنسوته مائةَ ألفِ درهمٍ، وكانت الفُرسُ إذا شَرَّفَتِ الرجل فيما بينهم جعلت قلنسوته بمائة ألف درهم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 169 3208- أَكْذَبُ أُحْدُوثَةً مِنْ أَسِيرٍ هذا من قول الشاعر: وأَكْذَبُ أُحْدُوثَةً مِنْ أَسِيرٍ ... وَأَرْوَغُ يَوْماَ مِنَ الثَّعْلَبِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 169 3209- أَكْذَبُ مِنْ صَبِىٍّ لأنه لا تمييز له، فكل ما يَجْرِى على لسانه يتحدَّثُ به. وأما قولهم: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 169 3210- أَكْذَبُ مِنْ قَيْسِ بْن عَاصِم فمن قول زيد الخيل: فَلَسْتُ بِفِرَّارٍ إذا الخَيْلُ أجْمَعَتْ ... وَلَسْتُ بِكَذَّابٍ كَقَيْسِ بنِ عَاصِمِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 169 3211- أَكْسَبُ مِنْ فَهْدٍ وذلك أن الفُهُودَ الهرمة التي تَعْجِزُ عن الصيد لأنفسها تجتمع على فَهْدٍ فتى فيصيدُ لها في كل يوم شبعها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 169 3212- أَكْيَسُ مِن قِشَّةٍ هي جَرْو القِرْدِ. يضرب مَثَلاً للصغار خاصة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 169 3213- أَكْمَدُ مِنَ الحُبَارَى ويقَال في مثل آخر "مات فلان كَمَدَ الحُبَارَى" وذلك أن الحُبَارَى تلقى عشرين ريشة بمرة واحدة، وغيرها من الطير يلقى الواحدة بعد الواحدة، فليس يلقى واحدة إلا بعد نبات الأخرى، فإذا أصاب الطيرَ فَزَعٌ طارت كلعا وبقى الحبارى، فربما مات من ذلك كَمَدَاً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 170 3214- أكْبَرُ مِنْ لُبَدٍ هو نَسْرُ لقمان بن عاد السابع، وقد كثرت الأمثال فيه؛ فَقَالوا "أتى أَبَد على لُبَدَ" و ... أخْنَى عَلَيْهَا النَّن [؟؟] أخْنَى عَلَى لُبَدِ ... وقولهم: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 170 3215- أكْثَرُ مِنْ تفَارِيقِ العَصَا قد مر تفسيره في باب الباء عند قولهم "أبقى تفَارِيقِ العَصَا" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 170 3216- أكفَرُ مِنْ نَاشِرَة هذا من كفر النعمة، وبلغ من كفره أن همَّام بن مُرَّة بن ذُهْل بن شَيْبَان كان استنقذه من أمه، وهي تريد أن تَئِدَهُ لعجزها عن تربيته، فأخذه وربَّاه، فلما ترعرع سعى في قتل همام (قال المجد: إن ناشرة بن أغوات قتل همام غدراً) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 170 3217- أكْرَمُ مَنَ العُذَيْقِ المُرجَّبِ قَال حمزة: إن أكثر العرب تقوله بغير ألف ولام، والعُذَيق: النخلة يَكْثَر حملها فيُجْعلَ تحتها دِعَامة، وتسمى الرُّجْبَة، ويقولون: رَجَّبتُ النخلة، ونخلة مُرَجَّبة، وعِذق مُرَجَّب، فيقول: هو في الكرم كهذه النخلة من كثرة حملها، وللأعداء إذا احْتَكَّوا به لمنزلة الجذيل الذي من احْتَكَّ به كان دواء من دائه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 170 3218- أكْرَهُ مِنَ خَصْلَتَى الضَّبُع يضرب مَثَلاً للأمرين ما فيهما حظ يختار وأصل ذلك - فيما تزعم العرب - أن الضبع صادت مرة ثعلبا، فلما أرادت أن تأكله قَال الثعلب: مُنِّى على أمِّ عامرٍ، فَقَالت الضبع: قد خيرتك يا أبا الحصين بين خصلتين، فاختر أيهما شِئت، فَقَال: الثعلب وما هما؟ فقلت الضبع: إما أن آكُلكَ، وإما أن أمزقك، فَقَال الثعلب وهو بين فكى الضبع: أما تذكرين أم عامر يوم نكحتك بهوب دابر؟ - وهو أرض غلبت الجن عليها، قَالوا وهو يجئ في أسماء الدواهي، كذا أورده حمزة، وقَال أبو الندى: هوت دابر، قلت: وبالحَرَى أن تكون هذه الرواية أصح - فَقَالت الضبع: متى؟ وانفتح فوها، فأفلت الثعلب، فضربت [ص: 171] العرب بخصلتيها المثل، فَقَالوا: عَرَضَ علىَّ خصلتى الضبع، لما لا خيار فيه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 170 3219- أكْمَنُ مِنْ عَيْثٍ قَالوا: إنها خُنْفساء تقصد الأبواب العتق فتضر بها باستها، يسمع صوتها ولا ترى، حتى تثقبها فتدخلها. ويقولون أيضاً: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 171 3220- أكمَنُ مِنْ جُدْجُدٍ هو أيضاً ضرب من الخنفساء يُصِّوتُ في الصحارى من الطَّفَل إلى الصبح، فإذا طلبه الطالب لم يره. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 171 3221- أكذَبُ مِنْ أخِيذِ الدَّيْلَمِ، وأكذَبُ مِنْ مُسَيْلَمةَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 171 3222- أكثَرُ مِنَ الدَّبَى، ومِنَ النَّمْلِ، ومِنَ الغوْغَاءِ، ومَنَ الرَّمْلِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 171 3223- أكتم مِنَ الأرضِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 171 3224- أكْرَمً مِنَ الأسَدِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 171 3225- أكْرَهُ مَنَ العَلْقَمِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 171 3226- أَكْرَمُ منْ أَسِيْرى عَنَزةَ وهما حاتم طيئ وكعبُ بنُ مامَةَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 171 المولدون الجزء: 2 ¦ الصفحة: 171 كلُّ شَيء وَثَمَنَهُ كلُّ بُؤْسٍ ونَعيمٍ زَائِلٌ كلُّ مَمْنُوعٍ مَتْبُوعٌ كلُّ ما قَرَتْ بِهِ العيْنُ صَالِحٌ كلُّ زَائِدٍ ناقصٌ كلُّ هَمٍّ إلَى فَرَجٍ كل امْرِئٍ يَحْتَطِبُ في حَبْلِهِ كلُّ غَرِيبٍ للغَرِيبِ نَسِيبٌ كل كبيرٍ عَدُوُّ الطبِيعَةِ كلُّ مَاهُو آتٍ قَرِيبٌ كلُّ رَأسٍ بِهِ صُدَاع كُلَّمَّا كَثُرَ الجَرَادُ طابَ لَقْطُهُ كُلَّمَا كَثُرَ الذُّبابُ هانَ قَتْلُهُ كلُّ وَاشْبَعْ ثُّمَّ أزلْ وَارفَعْ كلْ فِي بَعْضِ بَطْنِكَ تَعِفَّ كَثْرَةُ الشَّكَّ مِنَ صِدْقِ المُحاماةِ عَلِى اليَقينِ كَمْ مِنْ صَدِيقٍ أكْسَبَتْنِيهِ العَبْرَةُ وسَلَبَتْنِيه الخِبْرَة كأن لِسَانَهُ مِخْرَاقُ لاعِبٍ، أو سَيْفُ ضارب كلُ البَقْلَ مِنْ حَيْثُ تُؤتَى بِهِ [ص: 172] كَفُّ بَخْتٍ خَيْرٌ مَنْ كُرِّ عِلْمٍ كَيْفَ تَوَقِيِّكَ وَقَدْ جَفَّ القلمُ كَفَى المَرْءَ فَضْلاً أن تُعَدَّ مَعَايبُهُ كَعَبَةُ الله لاَ تُكْسى لإعْوَازٍ كَالكَعْبَةِ تُزَارُ وَلاَ تَزورُ كلُّ إنْسَانٍ وَهَمَّهُ ومَيْمُونٌ وَدَنَّهُ كُتُبُ الوُكَلاَءِ مَفَاتِيحُ الهُمُومِ كُلُّكُمْ طَالِبُ صَيْدٍ - للمرائي كأنَّ الشَّمْسَ تَطْلُعُ مِنْ حِرَامِهِ - للتَّيَّاهِ كَانَ سِنْدَاناً فصارَ مِطْرَقَةً يضرب للذليل يعز كما طارَ قَصُّوا جَنَاحَهُ يضرب لمن لم تطل مدة ولايته كَشْخَانُ بخَلٍّ وَزِيْت كالمَرْأَةِ الثَّكْلَى، والحَبَّةِ على المِقْلى في الأنقطاع والقَلَق كَلاَمُهُ ريحٌ في قَفَصٍ كُنْ يَهُودِياً تامّاً، وَإلاَّ فَلاَ تَلْعَبْ بِالتَّوْرَاةِ كُتِبَتْ لَهُ طَريدةٌ أي وسيلة لا تنفع كَالضَّرِيع، لا يُسْمِنُ وَلاَ يُغْنِي مِنْ جُوع. كَهِرَّةٍ تَأكُلُ أوْلاَدَهَا قَاله السيد الحميرى في عائشة رضي الله عنها كَلاَمُ الَّليل يَمْحُوهُ النَّهارُ كأنَّ وَجْهَهُ مَغْسُولٌ بِمَرَقَةِ الذِّئبِ كأنَّهُ سَهْمٌ زَالِجٌ - ويروى "زالق" - أو بَرْقٌ خاطِف يضرب للسريع السير كأنهُ حِكَايَةُ خَلْفِ الإزَارِِ - يضرب للقبيح كأنَّهُ وَقَعَ فِي بَطْنِ أمِّهِ - أي في نعمة كأنهُ أَبْخَرُ نَتَفَ سِبالَهُ - للعَبُوس كالبَخْرَاءِ عِنْدَ صَدِيقِهَا - للساكت كُرْدِىٌّ يَسْخَرُ مِن جُنْدِى إذا تحاذَقَ على مَنْ هو أحْذَقُ منه كُنْ حَالِماً بِجَاهِلٍ ناطقٍ كَلَّمْنَاهُ فَصَارَ نَدِيْمَاً كاَلَذِّئْبِ إذا طُلِبَ هَرَبَ وإنْ تَمكَّنَ وَثَبَ كَاذَنَبِ الحِمَارِ لما لا يزيد ولا ينقص كالإبْرَةِ تَكْسُو النَّاسَ واسْتُها عَارِيَةٌ كالعُصْفُورِ إنْ أَرْسَلْتَهُ فَاتَ، وإنْ قَبَضْتَ عَلَيْهِ مات كَلاَمُ حَكِيمٍ مِنْ جَوْفٍ خَرِبٍ كالكَمْأةِ لا أَصْلٌ ثَابِتٌ وَلاَ فَرْعٌ نَابِتٌ كَصَاحِبِ الفيلِ يَرْكَبُ بِدَانِقٍ وَيَنْزِلُ بِدِرْهَمٍ [ص: 173] كُنْ ذَكُوراً إذا كُنْتَ كَذُوباً كَثَرَةُ الضَّحِكِ تُذْهِبُ الهَيْبَةَ كفَى بالمَوْتِ نَأيا واغْتِرَاباً كلْبٌ مُبْطَّنٌ بِخِنْزِيرٍ كَثِيرُ الزَّعْفَرَانِ يضرب للمتكلف كبَتَ الله كُلَّ عَدُوٍ لَكَ إلاَّ نَفْسَكَ كَمْ فِي ضَمِيرِ الغَيْبِ مِنْ سِرٍّ مُحَجَّبٍ كَلاَمٌ لَيْن وظُلْم بَيِّن كأنمَا فُقئ فِي وَجْهِهِ الرُّمَّانُ كأنَّمَا زَوَى بَيْنَ عَيْنَيْهِ عَلَى المحَاجِمْ كَمْ مِنْ يَدٍ صَنْعَاءَ فِي الكَسْبِ خَرْقَاءَ فِي الإنْفَاقِ كَمْ مِنْ حاسدٍ أعْيَاهُ مِنِّي عَبْرَةُ خَرْقِ الأدْمِ الكَيْسُ نِصْفُ العَيْشِ الكبْرُ قائدُ البُغْضِ الكَدَرُ مِنْ رَأسِ العَيْنِ الكَيْدُ أبْلَغُ مِنَ الأيْدِ الكِلاَبُ تَشْبَعُ خُبْزَاً يضرب لمن امْتَنَّ عليك بالقوت الكفالةُ نَدَامَة الكَرَمُ فِطْنَةٌ، واللؤمُ تَغَافُل الكُنَى مُنَبِّهَةٌ، والأسامِى مُنَقَّصَة الكريمُ لاَ تُحَلِّمهُ التَّجَارِبُ الكافرُ مُوقىً وَالمُؤْمِنُ مُلقيً الكافِرُ مَرْزُوقٌ الكَلْبُ لاَ يَنْبَحُ مَنْ فِي دَارِهِ اكْتُبْ مَا وَعَدَكَ عَلَى الجَمَد اكْسِرِى عُوداً على أنفِكِ يضرب لمن أرادوا رغمه ومكايدته كالزِّنْجِى إنْ جَاعَ سَرَقَ وإنْ شَبِعَ زَنَى يضرب للفاسق النكد في جميع أحوله كأنَّه سِنَّوْرُ عَبْدِ الله يضرب لمن لا يزيد سنا إلا زاد نقصاً وجهلاً، وفيه قَال المحدث: كَسِنَّوْرِ عَبْدِ الله بِيعَ بِدِرْهَمٍ ... صَغِيْراً فَلَمَّا شَبَّ بيعَ بِقِيرَاطِ كالخِصِىِّ يفتخِرُ بِزُبِّ مَوْلاه ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 171 الباب الثالث والعشرون فيما أوله لام الجزء: 2 ¦ الصفحة: 174 3227- لَوْ ذاتُ سِوَارٍ لَطَمَتْنِي (يضرب للكريم يظلمه دنئ فلا يقدر على احتمال ظلمه) أي لو لَطَمَتْنِى ذاتُ سِوَارٍ؛ لأن "لو" طالبة للفعل داخلة عليه، والمعنى لو ظلمني مَنْ كان كفؤا لي، لهان على، ولكن ظلمني مِنْ هو دوني، وقيل أراد لو لَطَمَتْنِى حُرَّة، فجعل السوار علامة للحرية؛ لأن العرب قلما تُلْبِسُ الإماء السِّوَار، فهو يقول: لو كانت اللاطمة حرة لكان أخف على، وهذا كما قَال الشاعر: فَلَوْ أنِّى بُليِتُ بِهَاشٍمىٍ ... خُؤُلَتُهُ بَنُو عَبدٍ المَدَانِ لَهَانِ عَلَىَّ ما ألقَى، وَلَكنْ ... تَعَالَوا فَانْظُرُوا بمَنِ ابْتَلاَنِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 174 3228- لَوْ خُيِّرْتِ لا خْتَرْتِ قَاله بيهس لأمه لما قَالت له: كيف سَلِمْتَ من بين إخوتك؟ وكانوا أحبًّ إليها منه، وقد ذكرتُ القصة بتمامها في باب الثاء (انظر المثل 771 "ثكل أرأمها ولدا") الجزء: 2 ¦ الصفحة: 174 3229- لَوْ نَهَيْتُ الأولَى لاَ نْتَهَتِ الثَّانِيَةُ قَاله أنس بن الحُجَيْر الإيادى لما لَطَمَه الحارث بن أبى شمر لَطْمةً بعد أخرى، والمعنى لو عاقَبْتُكَ بأوَّلِ ما جنيتَ لم تجترئ على. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 174 3230- لَوْ تُرِكَ القَطَا لَيْلاً لَنَامَ نزل عمرو بن مَامَةَ على قوم من مُرَاد، فطرقوه ليلا، فأثاروا القَطَا من أماكنها، فرأتها امرأته طائرة، فنبهت المرأةُ زوجها، فَقَال: إنما هي القطا، فَقَالت: لو تُرِكَ القطا ليلا لنام. يضرب لمن حُمِلَ على مكروه من غير إرادته. وقَال المفضل: أول من قَال "لو ترك القطا ليلا لنام" حَذامِ بنتُ الريان، وذلك أن عاطس بن خلاج سار إلى أبيها في حِمْيَرَ وخَثْعَم وجُعْفَى وهَمْدَان، ولقيهم الريان في أربعة عشرة حَيَّا من أحياء اليمن، فاقتتلوا قتالا شديداً، ثم تحاجَزُوا، وإن الريَّان [ص: 175] خرج تحت ليلته وأصحابه هرابا فساروا يَوْمَهم وليلتهم، ثم عسكروا، فأصبح عاطس فغدا لقتالهم، فإذا الأرضُ منهم بلاَقع، فجرد خَيْله، وحثَّ في الطلب، فانتهوا إلى عسكر الريان ليلا، فلما كانوا قريبا منه أثاروا القَطَا، فمرت بأصحاب الريان، فخرجت حَذَامِ بنت الريان إلى قومها، فَقَالت: ألا يا قَوْمَنَا ارتَحْلُوا وَسِيْرُوا ... فَلَو تُرِكَ القَطَا لَنَامَا أي أن القطا لو ترك ما طار هذه الساعة وقد أتاكم القومُ، فلم يلتفتوا إلى قولها، وأخْلَدُوا إلى المضاجع لما نالهم من التعب، فقام دَيْسَمُ بن طارق وقَال بصوت عالٍ: إذَا قَالتْ حَذَامِ فَصَدِّقُوهَا ... فَإنَّ القَوْلَ مَا قَالتْ حَذَامِ وثار القوم فلجؤا إلى وادٍ كان قريباً منهم، فانحازوا به حتى أصبحوا، وامتنعوا منهم. قلت: وفي رواية أبي عبيد أن البيت لِلُجَيْم بن صَعْب في امرأته حَذَام، وقد ذكرته في باب القاف (انظر المثل 2890 "القول ما قَالت حِذَام") الجزء: 2 ¦ الصفحة: 174 3231- لَوْ لَكَ عَوَيْتُ لَمْ أعْوِهْ قلت: يجوز أن تكون الهاء للسكت ويجوز أن تكون كناية عن المصدر، أي لم أعْوِ العُوَاء، ويدل على المصدر الفعلُ، أعنى عَوَبْتُ، كقوله تعالى (وهو الذي يبْدَؤ الخلقَ ثم يعيده، وهو أهون عليه) أي الإعادة، ويدل على المصدر قوله (يعيده) ومعنى المثل: لم أهتم لك إنما اهتمامي لنفسي، قَاله أبو عبيدة، وقيل: عوى رجل ليلاً في قَفْر لُتُجِيبه كلاب فيستدل على الحى، فسَمِعَ عُوَاءه ذئب فقصده، فَقَال: لو لك عويت لم أعوه. يضرب لمن طلب خيراً فوقع في ضده الجزء: 2 ¦ الصفحة: 175 3232- لَوْ كنْتِ مِنّا حذَوْنَاكِ قَاله مُرَّةُ بن ذُهْل لابنه هَمَّام، وقد قطع رجله، وذلك أن مُرَّة أصابت رجله أَكِلة، فأمر بقطعها، فدعا بنيه ليقطعوها، فكلهم كره ذلك، فدعا ابنَه نَقيذا وهو همام بن مُرَّة وكان أجْسَرَهم، فَقَال: اقَطعها يا بني، فقطعها همام، فلما رآها مُرَّة بانت قَال : لو كنت منا حَذّوْنَاكِ، فأرسلها مَثَلاً، يقول: لو كنت صحيحة جعلنا لك حِذَاء. يضرب لمن أهْمَلَ إكرامَهُ لخَصْلَةِ سوء تكون فيه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 175 3233- لَوْ كانَ ذَا حِيْلَةٍ لَتَحَوَّلَ يُقَال: جلس رجل في بيت، وأوقدَ فيه نارا، فكثر فيه الدخان حتى قتله، فَقَالت [ص: 176] امرأته: أي فتى قتله الدخان؟ (انظر المثل 134) فَقَال لها رجل : لو كان ذا حيلة لَتَحَوَّل، أي لو كان عاقلا لتحول من ذلك البيت فسلم، قَال الصمعي: أي تحوَّل في الأمر الذي هو فيه، يريد لتصرَّفَ فيه واستَعْمَلَ الحيلَةَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 175 3234- لَوْلا الوِئَامُ لهَلَكَ الأنَامُ الوِئَام: المُوَافقة، يُقَال: واءَمْتُه مُوَاءمة ووئاما، وهي أن تفعل مثلَ ما يفعل، أي لولا موافقة الناس بعضهم بعضاً في الصحبة والمعاشرة لكانت الهلكة، هذا قول أبى عبيد وغيره من العلماء، وأما أبو عبيدة فإنه يروى "لولا الوآم لهلك اللئام" وقَال: الوآم المباهاة، قَال: إن اللئام ليسوا يأتُون الجميلَ من الأمور على أنها أخلاقهم، وإنما يفعلونها مُبَاهَاة وتشبيها بأهل الكرم، ولولا ذلك لَهَلَكُوا، ويروى "لولا اللئام لهلك الأنام" من قولهم "لاَءَمْتُ بينهما" أي أصْلَحْتُ، من الَّلأمُ وهو الإصلاح، ويروى "الَّلوم" بمعنى الملاومة من الَّلوْم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 176 3235- لَكِنْ بِشَعْفَيْنِ أنْتِ جدُودٌ الشَّعْفَان: جبلان، والجَدُود: الناقة القليلة اللبن. وأصل المثل أن عُرْوَةَ بن الوَرْدِ وَجَدَ جارية بشعْفَين، فأتى بها أهلَه، وربَّاها، حتى إذا سمنت وبطنت بَطِرَتْ، فَقَالت يوما لجِوَارٍ كن يلاعبنها وقد قامت على أربع: احْلبُونِي فإني خَلفَة، فَقَال لها عروة: لكن بشَعْفَيْنِ أنت جَدُود. يضرب لمن نَشَأَ في ضر ثم يرتفع عنه فيبطر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 176 3236- لَمْ أذْكُرِ البَقْلَ بأسْمَائِهِ قَال يونس بن حبيب: استعدى قومٌ على رجُل، فَقَالوا: هذا يسبُّنَا ويشتُمُنَا، فَقَال الرجل للوالى: أصلحك الله، والله لقد أتقيهم حتى لا أسمى البقل بأسمائه، وحتى إنى لأتقى أن أذكر البَسْبَاسَ، وكان الذين استعدوا عليه يسمون بنى بسباسه أمة سوداء، وكانت ترمى بأمر قبيح، فعرض بهم وغَمَزَهم وبلغ منهم ما أراد حين ذكر البسباس، وظن الوالى أنه مظلوم. يضرب لمن يعرض في كلامه كثيرا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 176 3237- ألْقَى عَلَيْهِ شَرَاشِرَهُ الشَّرَاشر: البدن (في اللسان "والشراشر: النفس والمحبة جميعاً، وقال كراع: هي محبة النفس، وقيل: هو جميع الجسد، وألقى عليه شراشره، وهو أن يحبه حتى يستهلك في حبه، وقَال اللحياني: هو هواه الذي لا يريد أن يدعه، من حاجته" وأنشد بيت ذي الرمة كما أثرناه) ويقَال: هو ما تذبذب من الثياب، قَال ذو الرُّمَّةِ: [ص: 177] وكائن تَرَى رشْدَةٍ فِي كَرِيهَةٍ ... وَمِنْ غَيَّةٍ تُلْقَى عَلَيْهَا الشَّرَاشِرُ أي ألقى عليه نفسه من حبه، ويقَال أيضاً: ألقى عليه أجْرَانه، وأجْرَامه، أيضاً، وهو هَوَاه الذي لا يريد أن يَدَعَه من حاجته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 176 3238- لَقِيْتُهُ أَوَّلَ عائِنَةٍ أي أول شَيء، ويقَال: أولَ عائنة عينين، وأول عين، أي أوَّلَ شَيء، وأراد بقوله "أول عائنة"، أول نَفْسٍ عائنة، أو حَدَقة عائنة، يُقَال: عِنْتُه عَيْنَاً، أي أبصرته، "وأوَّل" نصبٌ على الحال من الفاعل، ويجوز أن يكون من المفعول، وقوله " أول عين" يجوز أن يراد بالعين الشخص، ويجوز أن يراد أول مَرْئىٍّ، أي أول ذي عين، أي أول مُبْصر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 177 3239- لأُرِيَنَّكَ لَمْحاً بَاصِراً أي نَظَراً بتحديقٍ شديدٍ، ومخرجُ باصرٍ مخرج لابنٍ وتامر، أي ذا بَصًرٍ، قال الخليل: معناه لأرينه أمراً مفزعاً، أي أمراً شديداً يبصره، واللامح: اللامع، كأنه قَال: لأرينك أمرا واضحا لا يدفع ولا يمنع، وقَال أبو زيد: لمحا باصرا أي صادقا، يقولها المُتهدِّدُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 177 3240- لَيْسَ لِعَيْنٍ ما رأَتْ وَلكِنْ لَيدٍ ما أَخَذّتْ أصله أن رجلا أبصَرَ شيئاً مطروحاً فلم يأخذه ورآه آخر فأخذه، فقال الذي لم يأخذه: أنا رأيته قبلك، فتحاكما، فَقَال الحكم: ليس لعينٍ ما رأت، ولكن ليدٍ ما أخَذَتْ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 177 3241- لَيْسَ لِما قَرَّتْ بِهِ العَيْنُ ثَمَنٌ وقَال: مَا لِمَا قَرَّتْ بِهِ العَيْ ... نَانِ مِنْ هذَا ثَمَنْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 177 3242- لَبِسْتُ عَلَى ذلِكَ أُذُنِى أي سكتُّ عليه كالغافل الذي لم يَسْمَعه، قَدَّر في الأذن الاسترخاء الاسترسال على المسمع، وفي ذلك سدُّ طريقِ السماعِ، واستعارَ لها اسمَ اللبس، ذَهَاباً إلى سَعَتها وضَفْوِهَا، ويروى "لَبَسْتُ" بفتح الباء، ولَبِس السماع: أن يسكُتَ حتى كأنه لم يسمع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 177 3243- لأُنَشَّقَنَّكَ نَشُوقَاَ مُعَطِّساً النَّشُوق: اسم لما يجعل في المنخرين من الأدوية. يضرب لمن يُسْتذل ويُرْغم أنفه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 177 3244- لأُلْحِقَنَّ حَوَاقِنَكَ بِذَوَاقِنِكَ قَال أبو عبيد: أما الحاقنة فقد اختلفوا [ص: 178] فيها، فَقَال أبو عمرو: هي النقرة التي بين التَّرقُوَة وحبل العاتق، وهما الحاقنتان، قَال: والذاقنة طَرَفُ الحُلْقُوم، قَال أبو عبيد: ذكرتُ ذلك للأصمعي فَقَال: هي الحاقنة والذاقنة، ولم أره وَقَفَ منهما على حد معلوم. قلت: قَال أبو زيد: الحواقن: ما تحقن الطعام في بطنه، والذواقن: أسفل بطنه، وقَال أبو الهيثم: الحاقنة المطمئن بين التَّرْقُوَة والحلق، والذاقنة: نقرة الذقن، والمعنى على هذا لأجعلنك متفكرا؛ لأن المتفكر يُطْرِقُ فيجعل طرف ذقنه يمس حاقنته. يضرب لمن يهدِّدُ بالقهر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 177 3245- لَوْ وَجَدْتُ إلى ذَلِكَ فَاكَرِشٍ لفَعَلْتُهُ أي لو وَجَدْتُ إليه أدنى سبيل. قَال الأصمعي: نرى أن أصل هذا أن قوماً طَبَخُوا شاة في كرشها، فضاقَ فم الكرش عن بعض العِظَام، فَقَالوا للطباخ،: أدْخِلْهُ، فَقَال: لو وجدتُ إلى ذلك فَاكرشٍ لفعلته. قَال المدينى: خرج النعمان بن ضَمْرَة مع ابن الأشعث، ثم استؤمن له الحجاج فأمنه فلما أتاه قلب له: أنعمان؟ قَال: نعم، قَال: خرجت مع ابن الأشعث؟ قَال: نعم، قَال: فمن أهل الرس والبس والدهمسة والدخمسة والشكوى والنجوى أم من أهل المَحَاشد والمَشَاهد والمَخَاطب والمَوَاقف؟ قَال: بل شر من ذلك إعطاء الفتنة واتباع الضلالة، قَال: صدقت، وقَال: لو أجد فاكرشٍ إلى دمِكَ لسقيتُه الأرضَ، ثم أقبل الحجاج على أهل الشام فَقَال: إن أبا هذا قدمَ علىَّ وأنا محاصِرٌ بن الزبير، فرمى البيت بأحجاره، فحفظت لهذا ما كان من أبيه. قلت: قوله "من أهل الرس" أراد من أهل الإصلاح بين القوم، يُقَال: رسَسْتُ، إذا أصلحت بين القوم، والبَسُّ: الرفق واللين، يُقَال: بَسَسْتُ الإبل، إذا سُقْتَهَا سَوْقاً ليناً، وأراد بالدهمسة الدخمسة وهي الختل والخدع، يُقَال: دخمَسَ على، إذا لبَّسَ عليك الأمر، ويروى الرهمسة - بالراء - وهى المسارة، وقوله "المحاشد" أراد المحافل، يُقَال: إحتَشَدَ القَوْمُ، إذا اجتمعوا، وأراد بالمخاطب مواضع الخُطَب، وقوله "إعطاء الفتنة" يريد الإنقياد للفتنة، يُقَال: أعطى البَعِيرُ، إذا انقاد بعد استصعاب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 178 3246- لَقَيْتُهُ أوَّلَ ذَاتِ يَدَيْنِ قَال أبو زيد: أي لقيته أول شَيء، وتقديره لقيته أول نفسٍ ذاتِ يدين وكنى باليد عن [ص: 179] التصرف، كأنه قَال: لَقيتُه أولَ مُتَصَرِّفٍ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 178 3247- لأطَأنَّ فُلاناً بأخْمَصِ رِجْلى وهو أمْكَنُ الوطء وأشده، أي لأبلغن منه امراً شديداً الجزء: 2 ¦ الصفحة: 179 3248- لأبْلُغن مِنْكَ سُخْنَ القَدَمَيْنِ أي لآتينَّ إليك أمراً يبلغ حَرُّه قدميك، قَال الكُمَيْتُ: وَيَبْلُغُ سُخْنُهَا الأقْدَامَ مِنْكُم ... إذا أَرتَانِ هَيَّجَتَا أَرينَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 179 3249- لَيْسَ على أمّكَ الدَّهْنَاء تدُلُّ يضرب لمن يَدِلُّ في غير موضع دَلاَلٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 179 3250- لِمَ وَلِمَه عَصَيْتُ أُمِّى الكَلِمَةَ. يقوله الرجلُ عند نَدِمِه على معصية الشَّفيق من نُصَحَائِه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 179 3251- لاُلْحِقَنَّ قَطوُفِهَا بِالمِعْنَاقِ القَطُوف: الذي يقارب الخَطْو، وهو ضد الوَسَاع، والمِعْنَاق من الخيل: الذي يَعْنَقُ في السير، وهو: أن يسير سيراً مُسْبَطِرْاً يُقَال له العَنَق يضربه مَنْ له قدرة ومُسْكة يُلْحِق آخَر الأمرِ بأوله لشدة نظره في الأمور وبَصَرِه بها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 179 3252- الَّلقوحُ الرَّبِعيَّةُ مَالٌ وطَعَامٌ قَال أبو عبيد أصلُ هذا في الإبل، وذلك أنَّ الَّلقُوح هي ذات الدَّرّ، والرَّبْعِيَّة: هي التي تنتج في أول النتاج، فأرادوا أنه تكون طعام لأهلها يعيشون بلبنها لسرعة نتاجها، وهى مع هذا مال. يضرب في سرعة قضاء الحاجة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 179 3253- لِكُلِّ أُنَاسٍ في بَعِيْرِهُم خَبَرٌ أي كلُّ قوم يعلمون من صاحبهم مالا يعلم الغرباء. قَال الجاحظ: كَلَّمَ العِلْبَاء بن الهيثم السَّدُوسىُّ عمرَ رضي الله عنه حين وفد عليه في حاجة، وكان أعور دميما جيد اللسان حسن البيان، فلما تكلم أحْسَنَ، فصعَّدَ عمرُ رضي الله عنه عن بَصَرَه فيه وحَدَره، فلما فرغ قَال عمر رضي الله عنه: لكل أناسٍ في جَمَلهم خبر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 179 3254- لَقَدْ كُنْتُ وَمَا يٌقَادُ بِي البَعِير يضربه المُسِّنُ حين يعجز عن تسيير المركوب. وأولُ من قَاله سَعد بن زيد مَنَاةَ، وهو الفِزْرُ وكانت تحته امرَأة من بني تغلب، فولدت له - فيما يزعم الناس - صَعْصَعة أبا عامر، وولدت له هُبَيْرة بن سَعْد، وكان سعد [ص: 180] قد كبر حتى لم يُطِقْ ركوبَ الجمل؛ إلا أن يُقَاد به، ولا يملك رأسه، فكان صعصعة يوما يَقُودُه على جمله، فَقَال سعد: قد كنتُ لا يُقَاد بى الجمل، فأرسلها مَثَلاً، قَال المخبَّلُ: كَمَا قَال سَعْدٌ إذا يَقُودُ بِهِ ابنُهُ ... كَبِرْتُ فَجَنَبَّنِى الأرانِبَ صَعْصَعَا قَال أبو عبيد: وقد قَال بعض المعمَّرِينَ: أصْبَحْتُ لاَ أَحْمِلُ السِّلاَحَ، وَلاَ ... أمْلِكُ رَأسَ البَعِيرِ إن نَفَرَا وَالذِّئْبُ أخْشَاهُ إنْ مَرَرْتُ بِهِ ... وَحْدِى، وأخْشَى الريَاحَ والمَطَرَا مِنْ بَعْدِ مَا قُوَّةٍ أصِيب بِهَا ... أصْبَحَتُ شَيْخَاً أُعَالِجُ الكِبَرَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 179 3255- لأضْرِبَنَّهُ ضَرْبَ أَوَابِى الحُمُرِ يضرب مثلاً في التهديد. يقال: حمار آبٍ يا أبى المشى، وحُمُرٌ أواب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 180 3256- لَعَنَ الله مِعْزىً خَيْرُهَا خُطَّةٌ قَال أبو عبيد: خُطَّه اسم عنزٍ كانت عنز سوء، أنشد الأصمعى: يَاقَوْمِ مَنْ يَحْلُبُ شَاةً مَيِّتَه ... قَدْ حُلِبَتْ خُطَّهُ جنْباً مُسْفَتَهْ قَال: أراد بالميتة الساكنة عند الحلب والجَنْب جمع جنبه وهى العُلْبة، والإسفات: الدبغ، يُقَال "أسْفَتُّ الزقَّ" إذا دَبَغْته بالرب ومتنته به. قَال أبو عبيد: يضرب لمن أراد له أدنى فضيلة إلا أنها خسيسة. ويروى "قبح الله" قَال أبو حاتم: أي كسر الله، يُقَال: قبحه قبح الجَوْزِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 180 3257- لَقَدْ كُنْتُ وما أُخَشَّى بالذِّئبِ، فاليومَ قَدْ قِيلَ الذِّئبَ الذَّئبَ. قَال الأَصمَعي: أصلُه أن الرجل يَطُولُ عمره فيخرف إلى أن يُخَوَّفَ بمجىء الذئب ويروى "بما لا أخشى بالذئب" أي: إنْ كنتُ كَبرت الآنَ حتى صرتُ أخشَّى بالذئب فهذا بدل ما كنتُ وأنا شابٌّ لا أخشى قَال بعض العلماء: المثل لَقَبَاثِ بن أشْيَمَ الكناني، عمر حتى أنكروا عَقْله، وكانوا يقولون له: الذئبَ الذئب، فَقَالوا له يوماً وهو غير غائب العقل، فَقَال: قد عشتُ زماناً وما أخشى بالذئب، فذهبت مَثَلاً الجزء: 2 ¦ الصفحة: 180 3258- لَبِسْتُ لَهُ جِلْدَ النَّمِرِ يضرب في إظهار العداوة وكَشْفها، عن أبى عبيد ويقَال للرجل الذي تَشَمَّر في الأمر لبس جِلْدَ النَّمِرِ. وقَال معاوية ليزيدَ عند وفاته: تَشَمَّرْ كلَّ التَشَمُّرِ، والْبَسْ لأبن الزبير جلد النمر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 180 3259- لَقَدْ ذلَّ مَنْ بَالَتْ عَلَيهِ الثَّعَالِبُ قيل: أصله أن رجلا من العرب كان يعبد صنما، فنظر يوماً إلى ثعلب جاء حتى بَالَ عليه، فَقَال: أرْبٌّ يَبُولُ الثُّعْلُبَانُ برَأسِهِ ... لَقَدْ ذَلَّ مَنْ بَالَتْ عَلَيهِ الثَّعَالِبُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 181 3260- لَيْسَ قَطاً مِثْلَ قُطَىٍّ قَال الأصمعى: يضرب في خطأ القياس قَال أبو قَيْس بن الأسْلَتِ: لَيْسَ قَطاً مثل وَلاَ الْـ ... ـمرْعِىُّ فِي الأقوَامِ كَالرَّاعِي قَال الَّلحْيَانِي: قَالت القطاة للحَجَلَ: حَجَلَ حجل، تفر في الجَبَلْ، من خشية الرَّجُل، فَقَال لها الحجل: قَطَا قَطَا، قَفَاكِ أمْعَطَا، بيضُكِ ثِنْتَان وبَيْضِي مِائتا، أراد "مائتان" فحذف النون، ونصب "أمعطا" على تقدير: أرى قفاك أمْعَطَا، وهو الذي لا شَعْرَ عليه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 181 3261- لاقَيْتُ أَخْيَلاَ قَال ابن الأعرابى: الأخيل الشِّقِرّاقُ، ويتطيرون منه للطمه، ويسمونه: مقطع الظهور" يُقَال: إذا وَقَعَ على بعير وإن كان سالماً يئسوا منه، وإذا لَقَى المسافرُ الأخيل تطير، وأيقن بالعقر، وإن لم يكن موت في الظهر، قَال الفرزدق: إذا قَطَنَاً بَلَّغْتنِيهِ ابنَ مُدْرِكٍ ... فَلاَ قَيْتِ مِنْ طَيْرِ العَرَاقِيبِ أخْيَلاَ وكل طائر تتطير منه الإبل فهو طير العراقيب، وهذه لفظة يتكلم بها عند الدعاء على المسافر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 181 3262- لَيْسَ هَذَا بِعُشِّكِ فَادْرُجى أي ليس هذا من الأمر الذي لك فيه حق فَدَعِيه، يُقَال: دَرَجَ أي مَشَى ومضى يضرب لمن يَرْفَعُ نفسَه فوق قدره الجزء: 2 ¦ الصفحة: 181 3263- لَوْ كان دَرْأ لَمْ تَئِلْ قَال يونس: لو كان الأمر كما قلت لم تَنْجُ، ولكنه دون ما قلت. الدَّرْء: الدفع، وكل ما يحتاج إلى دفعه يسمى درأ، ومنه "دَرْء الأعادى" أي شرهم، والوأل: النجاة. يضرب لمن يُهتَّم في قومه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 181 3264- لَمْ يَفُتْ مَنْ لَمْ يَمُتْ هذا من كلام أكثم بن صيفي، يقول: مَنْ مات فهو الفائت حقيقة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 181 3265- لَيْسَ بأوَّل مَنْ غَرَّهُ السَّرَاب قَالوا: أصله أن رجلاً رأى سَرَابا فظنه ماء، فلم يتزود الماء، فكانت فيه هلَكَتُه، فضرب به المثل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 181 3266- لَقَيتُهُ قَبْلَ كُلَّ صَيْحٍ وَنَفْرٍ الصَّيْح: الصِّيَاح، والنَّفْر: التفرق، وذلك إذا لقيته قبل طلوع الفجر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 182 3267- لَقَيْتُهُ صَكَّةَ عُمَىٍّ قَال الّلحْياني: هي أشد ما يكون من الحر، أي حين كاد الحر يُعْمِى من شدته، وقَال الفراء: حين يقوم قائم الظهيرة، وزعم بعضهم أن عُمَيَّا الحرُّ بعينه، وأنشد: وَرَدْتُ عُمَيَّاً وَالغَزَالَةُ برنس ... بِفْتِيَانِ صِدْقٍ فَوْقَ خُوصٍ عَبَاهِمِ وقَال غير هؤلاء: عُمَىٌّ رجل من عَدَوَان كان يفتى في الحج، فأقبل معتمراً ومعه رَكْبٌ حتى نزلوا بعض المنازل في يوم شديد الحر، فَقَال عمى: مَنْ جاءت عليه هذه الساعة من غدٍ وهو حرام لم يَقَضِ عمرته فهو حرام إلى قابل، فوثب الناسُ في الظهيرة يضربون حتى وَافَوُا البيتَ، وبينهم وبينه من ذلك الموضع ليلتان، فضرب مَثَلاً فقيل: أتانا صكة عمى، إذا جاء في الهاجرة الحارة، قَال في ذلك كرب ابن جَبَلة العَدْوَاني: صَكَّ بها نَحْرَ الظَّهِيرَةِ غَائِراً ... عُمَيٌّ وَلَمْ يَنْعَلْنَ إلاَّ ظِلاَلَها وَجِئْنَ عَلَى ذَاتِ الصِّفَاحِ كأنها ... نَعَام تُبَغِّي بِالشظىّ رِئَالَهَا فطوفْنَ بالبَيْتِ الحَرَامِ وَقَضِّيَتْ ... مَنَاسِكُهَا وَلَمْ تحلَّ عِقَالها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 182 3268- لِكُلِّ صَبَاحٍ صَبُوحٌ أي كلُّ يوم من يأتي بما ينتظر فيه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 182 3269- لَقِيتُهُ ذَاتَ العُوَيْمِ إذا لقيته ذات المرار في الأعوام، ونصب "ذات" على الظرف، وهي كناية عن المدة أو المرة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 182 3270- لَيْسَ الخَبرُ كالمُعَايَنَةِ قَال المفضل: يروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أولُ مَنْ قَاله، وكذلك قوله: مات حَتْفَ أنفِهِ" و "يا خَيْلَ الله ارْكَبِى" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 182 3271- لَنْ يَهْلِكَ امْرُؤٌ عَرَفَ قَدْرَهُ قَال المفضل: إن أول مَنْ قَال ذلك أكْثم بن صيفي في وصية كتب بها إلى طيء، كتب إليهم: أوصيكم بتَقْوَى الله وصِلَةِ الرحم، وإياكم ونِكَاحَ الحمقاء، فإن نكاحها غَرَر وولَدَهَا ضَيَاع، وعليكم بالخيل فأكرِمُوهَا فإنها حُصُونُ العربِ، ولا تَضَعُوا رقاب الإبل في غير حقها فإن فيها ثمن الكريمة، ورَقُوء الدمِ، وبألبانِهَا يتحف الكبير ويغذى الصغير، ولو أن الإبل كُلِّفَتِ الطَّحْنَ لطحنت، ولن يهلك امرؤ [ص: 183] عَرَفَ قدرهُ، والعدم عدم العقل لاعدم المال، ولَرَجُلٌ خير من ألف رجل، ومَنْ عَتَب على الدهر طالت مَعْتبَته، ومن رضي بالقسم طابت معيشته، وآفة الرأي الهوى، والعادة أمْلَكُ، والحاجة مع المحبة خير من البغض مع الغنى، والدنيا دُوَل، فما كان لك أتاك على ضَعْفك، وما كان عليك لم تدفعه بقوتك، والحسد داء، والشماتة تُعْقِب، ومن يريد يوما يره، قبل الرِّماء تُمْلأ الكَنَائن، الندامة مع السفاهة، دِعامة العقل الحلم، خير الأمور مَغَّبةً الصَّبْرُ، بقاء المودة عدل التعاهد، مَنْ يَزُرْ غِبّاً يزدد حبا، التغرير مفتاح البؤس، من التواني والعجز نتجت الهلكة، لكل شَيء ضَرَاوة فضر لسانك بالخير، عِىُّ الصمت أحسن من عي المنطق، الحزمُ حِفْظُ ما كلفت وترك ما كُفِيت، كثير التنصح يهجم على كثير الظَّنة، مَنْ ألْحَفَ في المسألة ثقل، من سأل فوقَ قدره استحق الحرمان، الرفق يُمْنٌ، والخرقَ شؤم، خير السخاء ما وافقَ الحاجة، خير العفو ما كان بعد القدرة، فهذه خمسة وثلاثون مَثَلاً في نظام واحد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 182 3272- الّليل وَأَهْضَامَ الوَادِى الهضم: ما اطمأن من الأرض. يضرب في التحذير من الأمرين كلاهما مَخُوف. وأصلُه أن يسير الرجلُ ليلا في بطون الأودية، ولعل هناك ملا يؤمن اغتيله، وهولا يدرى، وينصبان على إضمار فعل، أي: أحَذَّرُكَ الليل وأهضام، ويجوز الرفع على تقدير : الليلُ وأهضَام الوادى محذوران الجزء: 2 ¦ الصفحة: 183 3273- الَّليلُ أَعْوَرُ قَالوا: إنما قيل ذلك لأنه لا يُبْصَر فيه، كما قَالوا نهار مُبْصَر يُبْصَر فيه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 183 3274- لَمْ أَرَ كالْيَومِ في الحَرِيمةِ أصلُ هذا أن رجلا - فيما ذكروا - انتهى إلى أسد في وَهْدَة فظن أنه وَعِل، فرمى بنفسه عليه، ففزع الأسد فَنَفَضَه ورمى به ومر هاربا، وكان مع الرجل ابنُ عم له لما نظر إلى الأسد عَرَفه، فَقَال الذي رمى بنفسه عليه : لم أر كاليوم في الحريمة، وهى الحِرْمَان، فَقَال ابنُ عمه: لم أر كاليوم واقيةً، أي وقَاية. يضرب لمن فاته ملا خير له فيه فهو يَنْدَم عليه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 183 3275- لَقَيتُهُ بَيْنَ سَمْعٍ الأرض وبَصَرِهَا قَال أبو عبيدة: قَال بعضهم: معناه بين [ص: 184] طول الأرض وعَرْضها، قَال: وهذا كلام مُخَرَّج ولكن الكلام لا يوافقه، ولا أدرى ما الطول والعرض من السمع والبصر، ولكن وجهه عندي أنه لقيته في مكان خال ليس فيه أحد يسمع كلامه ولا يبصره إلاَّ الأرض القفر دون الناس، وإنما هذا مَثَلٌ ليس أن الأرض تسمع وتبصر، وهذا كقوله عليه الصلاة والسلام لأحُدٍ "هذا جَبَلٌ يُحبنا ونحبه" والجبل ليست له محبة، وكقوله تعالى (جِدَاراً يريد أن يَنْقَضَّ) ولا إرادة هناك. ومثل ما تقدم قولُهم: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 183 3276- لَقِتُهُ بِوَحْشِ إصْمِتَ ويروى "ببلدة إصمت" غيرَ مُجْرىً، إذا لقيته بمكان لا أنيسَ به. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 184 3277- التَقَى الثَّرَيَان قَال أبو عبيد: الثَّرَى هو التراب النَّدِى، فإذا جاء المطر الكثير رَسَخَ في الأرض حتى يلتقى نَدَاه والندى الذي يكون في بطن الأرض، فهو التقاء الثَّرَيَيْنِ. يضرب في سرعة الأتفاق بين الرجلين والأمرين. قَال ابن الأعرابى: قيل لرجل: لبس فلان فَرْواً بلا قميص: فَقَال الْتَقَى الثريَانِ يريد شَعْر الفَرْو وشَعْر العانة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 184 3278- لُزَّ فُلاَنٌ بِحَجْرِهِ أي ضم إلى قِرْنٍ مثله، وهذا مثل قولهم "رُمِىَ فلان بحجره" ويروى في حديث صِفَّيْن أن معاوية لما بعث عمرو بن العاص حَكَمَاً مع أبى موسى الأشعري جاء الأحنفُ بن قيس إلى أمير المؤمنين علي رضي الله عنه، فَقَال له: إنك قد رُميتَ بحجر الأرض، فاجعل معه ابن عباس، فإنه لا يَشُدُّ عقدةً إلا حلَّهَا، فأراد على أن يفعل ذلك، فأبتْ عليه اليمانيون إلا أن يكون أحد الحكمين منهم، فبعث عند ذلك أبا موسى الأشعرى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 184 3279- الله أَعْلَمُ مَا حَطَّهَا مِنْ رَأْسِ يَسُومَ يضرب مَثَلاً في النية والضمير. وأصله أن رجلا نَذَر أن يذبحَ شاة، فمر بيسوم - وهو جبل - فرأى فيه راعياً فَقَال: أتبيعنى شاة من غنمك؟ قَال: نعم، فأنزل شاة فاشتراها وأمر بذبحها عنه، ثم وَلَّى، فذبحَهَا الراعى عن نفسه، وسمعه ابن الرجل يقول ذلك، فقال لأبيه: سمعت الراعى يقول كذا، فَقَال: يابنى ، الله أعلم ما حَطَّها من رأسِ يَسُوم، ويروى "مَنْ حطها" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 184 3280- الّليْلُ يُوَارِى حَضَناً أي يُخْفَى كلَّ شَيء حتى الجبل، وحَضَن: جبل معروف. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 185 3281- لَيْسَ سَلاَمَانُ كَعِهْدَان أي ليس كما عهدتُ. يضرب لما تغير عما كان قبل. وسلامان: مكان ويروى "سَلاَمَانِ" بكسر النون. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 185 3282- لَيْتَكَ مِنْ وَرَاءِ حَوْضِ الثَّعْلَبِ وحَوْض الثعلب - فيما يزعمون - وادٍ بشق عمان. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 185 3283- لَسْتُ بخَلاَةٍ بِنَجَاةٍ الخَلاَة: العُشْبة، والنَّجَاة: الأكَمَة من الأرض، أي لست مَنْ لا يمتنع فيضام، يعنى لست ممن يَخْتِلُنِى مَنْ أرادنى (في نسخة "يختلينى") الجزء: 2 ¦ الصفحة: 185 3284- لَيْتَ حَظِّي منَ العُشْبِ خُوصُهُ الخوصُ: ورق النخل والدوم والخزم والنارجيل وما أشبه ذلك مما نباتُه نباتُ النخلة يضرب لمن يَعِدُك الكثيرَ ولا يعجل القليل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 185 3285- لَتَجِدُنِى بِقَرْنِ الكَلاَ قَرْنُ الكلأ: منتهى الراعية وعظمها، أي حيثما طلبتني وجدتني. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 185 3286- لأَقَلَعَنَّكَ قَلْعَ الصَّمْغَة قَال الحجاج بن يوسف لأنس بن مالك: والله لأقلَعَنَّكَ قَلْعَ الصمغة، ولأجزرنك جزر الهرب، ولأعصبَنَّكَ عَصْبَ السلمة، فَقَال أنس: مَنْ يعنى الأمير؟ قَال إياك أعنى أصمَّ الله صَدّاكَ فكتب أنس بذلك إلى عبد الملك، فكتب عبدُ الملك إلى الحجاج: يا ابن المستفرمة بعجم الزبيب، لقد هَمَمْتُ أن أركلك رَكْلَةٌ تهوى منها إلى نار جهنم، وأضْغَمَكَ ضَغْمَة كبعض ضغمات الليوثَ الثعالبَ، وأخبطك خبطة تودُّ لأنك زاحمت مخرجك من بطن أمك، قاتلك الله أخَيْفِشَ العَيْنَين، أصكَّ الأذنين، أسْوَدَ الجاعِرَتَيْنِ، أخْمَشَ الساقين الجزء: 2 ¦ الصفحة: 185 3287- لَطَمَهُ لَطْمَ المُنْتَقِشِ إذا لَطَمه لَطْماً متتابعا، وذلك أن البعير إذا شاكَتْه الشَّوْكَةُ لا يزال يضرب يده على الأرض يرومُ انتقاشَهَا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 185 3288- لَيْسَ لَهَا رَاعٍ، وَلَكِنْ حَلَبَةٌ الحَلَبَة: جمع حالب. [ص: 186] يضرب للرجل يوكل وليس له مَنْ يبقى عليه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 185 3289- أَلْقَتْ مَرَاسِيْهَا بِذِى رَمْرَامِ أي سكَنَت الإبل واستقرَّت وقَرَّتْ عيونُهَا بالكلأ والمَرتَع. وَالرَّمْرَام ضربٌ من الشجر وحشيش الربيع. يضرب لمن اطمأن وقَرَّتْ عينُه بعيشه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 186 3290- لَوْ بِغَيْر المَاءِ غُصِصْتُ يضرب لمن يُوثَقَ به ثم يؤتى الواثق من قبله، ومن هذا قول عدىّ بن زيد: لَوْ بِغَيْرِ المَاءِ حَلْقِى شَرِقٌ ... ... كُنْتُ كَالغَصَّانِ بالمَاءٍ اعتِصَارى أي: لو شَرِقَ حلقى بشَيء غير الماء لاعتصرت بالماء، وأقام اسمَ الفاعل مقام الفعل؛ لاجتماعهما في أن كلا منهما محتملٌ للحال والاستقبال. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 186 3291- لَتَجِدَنَّ نَبَطَهُ قَرِيباً النَّبْط: الماء الظاهر من الأرض. يضرب لمن يؤخذ ما عنده سَهْلاً عَفْواً الجزء: 2 ¦ الصفحة: 186 3292- التَقَتْ حَلْقَتَا البِطَانِ يقولون: البِطَان للقَتب الحِزَام الذي يُجْعَل تحت بطن البعير، وفيه حلقتان، فإذا التَقَتَا فقد بلغ الشَّدُّ غايتَه. يضرب في الحادثة إذا بلغت النهايةَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 186 3293- لَيْسَ الهَنْءُ بِالدَّسَّ الهَنَاء: القطران، الهَنْءُ: طَلْىُ البعير بالهَنَاء وهو أن يَهْنَأ الجسدَ كله، والدسُّ: أن يطلى المَغَابِن والأرفاغ. يضرب فيمن يُقَصِّر في الطلب ولا يبالغ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 186 3294- لَوْ كنْتُ أنْفُخُ في فَحْمٍ الفَحْم الفَحَم لغتان، يريد قد علمتُ لو كنت أعمل في فائدة، وقَال: قَدْ قَاتَلُوا لَوْ يَنْفُخُونَ في فَحَمْ والعامة تقول: إنما ينفخ في رَمَاد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 186 3295- لَوْ كانَ عِنْدَهُ كَنْزُ النَّطْفِ ما عَدَا. النَّطْفُ بن الخَيْبَري: رجلٌ من بني يَرْبُوع، كان فقيراً يحمل الماء على ظهره فينطف - أي يقطر - فأغار على مالٍ بعثَ به بأذانُ إلى كسرى من اليمن، فأعطى منه يوماً حتى غابت الشمس، فضربت العربُ به المثلَ في كثرة المال. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 186 3296- لَمْ أجِدْ لِشَفْرَتِي مَحَزًّا المَحَزُّ: موضع الحز، وهو القطع. يضرب عُذْراً في تَعَذُّر الحاجة. أي لم أجد مَجَالاً في تحصيل ما أردت. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 186 3297- لِكُلِّ صَارِمٍ نَبْوَة، ولكُلِّ جَوَادٍ كَبْوَةٌ، ولكلِّ عالِمٍ هَفْوَة. يُقَال: نَبَا السيفُ إذا تجافى عن الضريبة، وكَبَا الفرسُ: عثر، وهَفْوَة العالم: زلته الجزء: 2 ¦ الصفحة: 187 3298- لكُلِّ دَاخِلٍ دَهْشَة أي حيرة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 187 3299- لأطْعَنَنَّ فِي حَوْصِهِمْ الحَوْصُ: الخياطة بغير رقعة. يضرب في الوعيد، أي أفسِدُ ما أصلحوا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 187 3300- لَيْتَ القِسِىَّ كُلَّهَا أرجُلاً كذا ورد المثل نصبا، وهى لغة تميم، يُعْمِلُون "ليت" إعمال ظن، فيقولون: ليت زيداً شاخصاً، كما يقولون: ظننت زيداً شاخصاً، قَال ابن الأعرابي: أرجُلُ القسى إذا وترت: أعاليها، وأيديها: أسافلها، وأرجلها أشد من أيديها، وأنشد: لَيْتَ القِسىَّ كُلَّهَا مِنْ أرْجُلِ وقَال بعضهم: الذين قَالوا "ليت القسى كلها أرجلاً" ظنوا أن ذلك ممكن، وليس بممكن؛ لأنه لما كانت أعالى القسى أطول من أسفلها فلو تركت الأسافل على غلَظ الأعالى مع قصرها لم تُوَاتِ النازعَ فيها ولتخلفت عن الأعالى وخذلتها. يضرب للمتمنى مُحَالاً الجزء: 2 ¦ الصفحة: 187 2301- لَيْسَ بَعْدَ الإسَارِ إلاَّ القَتْلُ هذا المثل لبعض بنى تميم، قَاله يوم المُشَقَّر، وهو قصر بناحية البحرين، وكان كسرى كَتَبَ إلى عامله أن يُدْخلهم الحصنَ فيقتلهم، وذلك لجناية كانوا جَنَوْهَا عليه، فأرسل إليهم فأظهر لهم أنه يريد أن يقسم فيهم مالاً وطعاماً، فجعل يُدْخلُ واحداً واحداً فيقتله، فلما رأوا أنه ليس يخرج أحد ممن يدخل علموا أن الدخول إليه إنما هو أسر ثم قتل، فعندها قَال قائلهم : ليس بعد الإسار إلا القتل، فامتنعوا حينئذ من الدخول. يضرب في الإساءة يركبها الرجل من صاحبه، فيستدل بها على أكثر منها، قَاله أبو عبيد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 187 3302- لَيْسَ بَعْدَ السَّلْبِ إلاَّ الإسارُ قَاله حمرىُّ بن عبادة يوم المشقر لما رأى قومه يدخلون حصنَ هَجَرَ على هَوْذَةَ بن على والمُبْكَعْبَر الضبى ولا يخرجون؛ لأنهم كانوا يٌقْتَلُون، وكانوا يأخذون أسلحتهم قبل الدخول، فَقَال حمرى ّ: ليس بعد السلب إلا الإسار، يعنى بعد سلب الأسلحة، وتناولَ سيفاً وعلى باب المشقرَّ سلسلة، ورجلٌ من الأساورة قابض عليها، فضرب السلسة [ص: 188] فقطعها، وبَدَ الأُسْوَار، فانفتح الباب وإذا الناسُ يُقْتَلون، فثارت بنو تميم، فلما عرف هَوْذَة أنهم نذروا به أمر المُكعبر فأطلق مائة من خيارهم، وخرج هارباً هو والأساورة معه، وتبعهم سعد والرباب، فقتل بعضهم، وأفلت مَنْ أفلت، وكان من قتل يومئذ أربعة آلاف رجل. يضرب للرجل يمكر مكراً متقدماً ثم خلط ليجدع صاحبه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 187 3303- لَيْسَ فِي جَفِيْرِهِ غَيْر زَنْدَيْنِ يضرب لمن ليس عنده خير، وهذا قريب من قولهم زندان في مرقعة" يضرب للرجل المحتقر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 188 3304- لَيْسَ الدَّلْوُ إلاَّ بالرِّشَاءِ أي لا يستقى الدلو إذا لم يقرن بالحبل يضرب في تَقَوِّى الرجل بأقاربه وعشريته الجزء: 2 ¦ الصفحة: 188 3305- لَيْسَ هَذَا مِنْ كَيْسِكَ يضرب لمن يرى منه مالا يمكن أن يكون هو صاحبه. وأصل هذا أن معاوية لما أراد المبايَعَة ليزيد دعا عمراً فعرَضَ عليه البيعة له، فامتنع، فتركه معاوية ولم يستقصِ عليه، فلما اعتلَّ معاوية العلَّةَ التي توفى فيها دَعَا يزيد وخَلاَ به، وقَال له: إذا وضعتم سريري على شَفِير حفرتى فادخل أنت القبر ومُرْ عَمْرا يدخل معك، فإذا دخل فاخْرُج فاخترط سَيْفَكَ ومُره فَلْيُبَايعك، فإن فعل وإلا فادفنه قبلى، ففعل ذلك يزيد، فبايع عمرو وقَال: ما هذا من كيسك، ولكنه من كيس الموضوع في اللحد، فذهبت مَثَلاً. ويحكى من دهاء عَمْرو أن معاوية قَال له يوماً: هَبْ لي الوَهْط، فَقَال: هو لك، والوَهْط: ضَيْعة كانت لعمرو بالطائف ما ملكت العرب مثله، وكان معاوية يشتهى أن يكون له بكل ما يملك، فلم يقدر على ذلك، فلما وهبه له وقَدَّرَ معاوية أنه صار ملكاً له قَال عمرو: قد وَجَبَ أن تًسْعفنى بحاجة أسألكها، قَال معاوية: أنت بكل ما سألت مُسْعَفٌ، قَال: تردّ إلى الوَهْطَ، فوهبه له معاوية ضرورة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 188 3306- الّلسَانُ مَرْكَبٌ ذَلُولٌ يعني أن الإنسان يقدر على قوله الخير والشر، فلا يعود لسانه مقَالة السوء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 188 3307- أَلْهِ لَهُ كَما يُلْهِ لَكَ الإلهاء: إلقاء اللهوة، وهو: ما يلقيه الطاحنُ بيده في فَمِ الرَّحَا، ومعنى المثل اصْنَعْ به كما يصنع بك. يضرب في المُكافأة والمجازاة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 188 3308- لَيْسَ لِمُخْتَالٍ فِي حُسْنِ الثَّنَاءِ نَصِيبٌ يضرب في ذم الخُيَلاَء والكبر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 189 3309- لِجْ مَالِ وَلَجتَ الرَّجَمَ قَاله سعدُ بن زيد لأخيه مالك بن زيد وكان مالك بن زيد يُحَمَّق، وكان لا يظهر على عَوْرَات النساء، ولا يدرى ما يراد منهن، فزوجه أخوه، فلما بنى بأهله أبى أن يدخل الخِبَاء، فَقَال له أخوه سعد : لِجْ مَالِ وَلَجْتَ الرجم، فأرسلها مَثَلاً، والرَّجَم: القبر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 189 3310- لَيْسَ عِتَابُ النَّاس لِلْمرْءِ نافِعاً إذا لَمْ يَكُنْ لِلْمَرْءِ لُبُّ يُعَاتِبُهْ يضرب في ترك العِتَابِ لمن لا يُعْتِبُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 189 3311- لَمْ أَجْعَلْهَا بِظَهْرٍ الهاء كناية عن الحاجة. يضربه المَعْنِىُّ بحاجتك. يقول: لم أجعل حاجتَكَ وراء ظهري ولم أغفل عنها، بل جعلتها نصب عيني الجزء: 2 ¦ الصفحة: 189 3312- لأَكْوِيَنَّهُ كَيَّةَ المُتَلَوِّمِ أي كَيَّا بليغا، والمتلومُ: الذي يتبع الداء حتى يعلم مكانه يضرب في التهديد الشديد المحقَّق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 189 3313- لَقَدْ حَمَّلْتُكَ غَيْرَ مَحْمَلِكَ أي رفعتك فوقَ قدرك يضرب لمن لا تجده موضع معروفك وإحسانك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 189 3314- لَوْ سُئِلَتِ العَارِيَّةُ أَيْنَ تَذْهَبينَ لقَالتْ: أَكْسِبُ أَهْلِي ذَمَّا هذا من كلام أكثم بن صيفي، يعنى أنهم يُحسنون في بَذْلها لمن يستعير، ثم يُكَافَؤن بالذم إذا طلبوا. يضرب في سوء الجزاء للمنعم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 189 3315- لأضُمَّنَّكَ ضَمَّ الشَّنَاتِرِ قَال أهل اللغة: هي لغة يمانية، وهي الأصابع، الواحد شنترة، وذُو شَنَاتر: ماكٌ من ملوك اليمن. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 189 3316- لَوْلاَ عِتْقُهُ لَقَدْ بَلِيَ العِتقُ: الكرم، أي لولا كرمه وقوته لاحتمال أعباء ما يحمل لضعف وعجز عن حمله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 189 3317- ليتني وفُلاَناً يُفْعَلُ بِنَا كَذَا حتّى يَمُوْتَ الأَعْجَلُ هذا من قول الأغلب العِجلي في شعر له وهو ضَرْبَاً وَطَعْناً أو يَمُوتَ الأعْجَلُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 189 3318- لَيْسَ عَلَيْكَ نَسْخُهُ فاسْحَبْ وَجُرْ أي إنك لم تَنْصَبْ فيه، فلذلك تفسده الجزء: 2 ¦ الصفحة: 190 3319- أَلْقِ دَلْوَكَ فِي الدِّلاءِ قَال أبو عبيد: يُضْرَبُ في اكتساب المال والحث عليه قَال الشاعر: وَلَيْسَ الرزقُ عَن طَلَبٍ حَثِيْثٍ ... وَلكِنْ ألْقِ دَلْوَكَ فِي الدِّلاَءٍ تجِىءُ بِمِلْئِهَا طَوْرَاً وطَوْرَاً ... تجِىء بِحَمْأةٍ وَقَلِيلِ مَاءِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 190 3320- لَقِيتُ مِنْهُ عَرَق الجَبِيِنِ أي تعبت في أمره حتى عَرِق جبيني من الشدة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 190 3321- لَيْسَ لِشَعْبَةٍ خَيْرٌ مِنَ صَفْرَةٍ تَحْفِزُها الصَّفْرَة: الجَوْعة، وفي الحديث "صَفْرة في سبيل الله خير من حُمُرِ النَّعَم" وهي فَعْلة من الصُّفُورة، وهي الخلاء، يُقَال: مكان صفر، أي خالٍ، والحَفَزُ: الدفع ومثل هذا في المعنى قولُهم: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 190 3322- لَيْسَ لِلْبِطْنَةَ خَيْرٌ مِنْ خَمْصَةٍ تَتْبْعَهَا البِطْنة: الكظَّة والامتلاء، والخَمْصَة: الجوعة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 190 3323- لَيْسَ الرِّيُّ عَنِ التَّشَافِّ الاشتفاف والتَّشَاف: أن تشرب جميعَ ما في الإناء، مأخوذ من الشفافة، وهي البقية، يقول: ليس من لا يشتف لا يَرْوَى فقد يكون الرى دون ذلك. يضرب في قَنَاعة الرجل ببعض ما ينال من حاجته. أي ليس قضاؤك الحاجَةَ أن لا تَدَعَ قليلا ولا كثيراً إلا نِلتْه؛ فإذا نلتَ معظمها فاقنع به. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 190 3324- لِهَذَا كُنْتُ أُحْسِيْكَ الجُرَعَ يروى "المجمع" جمع مَجَمِيع، وهو اللبن يُنْقَع فيه التمر، أي لمثل هذا كنت أربيك لتدفع شراً أو تجلب خيراً. قَال الأَصمَعي: وأصلُه أن الرجل يغذو فرسَهُ بالألبان يحسيها إياه ثم يحتاج إليه في طلب أو هرب، فيقول: لهذا كنت أفعل بك ما أفعل، قَال الراجز: لِمِثلِهَا كُنْتَ أحسِّيكَ الحسى ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 190 3325- لَيْسَ كلَّ حِيْنٍ أحْلِبُ فأشْرَبُ يضرب في كل شَيء يمنع من المال وغير [؟؟] أي ليس كل دهر يساعدك ويتأتى للـ[؟؟] ما تطلب، يحثه على العمل بالتدبير وترك التبذير [ص: 191] قَال أبو عبيد: وهذا المثل يروى عن سعيد بن جُبَيْر، قَاله في حديثٍ سئل عنه، قَال الطبري: يقوله مَنْ يحكم أول أمره مخافة أن لا يمكن من آخره. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 190 3326- لَتِحْلبَنَّهَا مَصْراً يُقَال: مَصْرْتُ النَاقة أمْصُرها مَصْرا، إذا حلبتها بأطراف الأصابع. يضرب لمن يتوعَّدُك، فتقول: لا تقدر أن تنال منى شيئاً إلا بعد عناء طويل ونصب "مَصْراً" على تقدير لتحلبنها حلبا بجهد وعناء، ويجوز أن يكون نصبا على الحال، أي لتحلبنها وأنت ماصر، والهاء كناية عن الخطة التي قدر أن ينالها منه فجعل الناقة والمصْر عبارة عنها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 191 3327- لَمْ تُحْلَبْ وَلَمْ تُغَارَّ المُغَارَّة: قلة اللبن، يقول: لم تحلب هذه الناقة ولم تُغَارَّ هي وأودى اللبن يضرب لمن ضيع ماله أو مال غيره. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 191 3328- لله دَرُّهُ أي خيره وعطاؤه وما يؤخذ منه، هذا هو الأصل، ثم يُقَال لكل متعجب منه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 191 3329- لَيْسَ الشَّحْمُ بِالَّحْمِ، ولكن بقوَاصِيهِ قوصي الشَيء: نواحيه. يضرب للمتقاربين في الشبه، وليسا شيئاً واحداً في الحقيقة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 191 3330- لَمْ يَضِع مِنْ مَالِكَ مَا وَعَظَكَ هذا المثل يروى عن أكثم بن صيفي، قَال المبرد: إذا ذهبَ مِنْ مالك شَيء فَحَذَّرَك أن يحِلَ بك مثلك فتأديبُه إياك عِوَضٌ من ذهابه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 191 3331- لِفُلاَنٍ كُحْلٌ ولِفُلانٌ سَوَادٌ يعني كثير مال، وأراد بالكحل هذا الذي يكتحل به، والغالب عليه السواد، وأراد بالسواد المال الكثير، يعني أن كثرته تمنع حصرَهْ وَعَدَّهُ كما أن السواد يمنع من إدراك الشَيء وحقيقته. قَال أبو عبيد: وكان الأَصمَعي يتأول في سواد العراقَ أنه سمى به للكثرة، قَال أبو عبيد: وأما أنا فاحسبه سمى للخضرة التي في النخل والشجر والزرع؛ لأن العرب قد تلحق لونَ الخضرة بالسواد فتضع أحدهما موضع الآخَر، من ذلك قوله تعالى حين ذكر الجنتين (مُدْ هَامَّتانِ) قَال في التفسير: خضْرَاوَانِ، قَال ذو الرمة: قَدْ أطْلَعَ النازحُ المَجْهُود معسفه ... في ظِلِ أخْضَرَ يَدْعُو هامَهُ البُوْمُ يريد بالأخضر الليل، فسماه بهذا لظلمته وسواده. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 191 3332- لَيْسَ أخُو الشَّرِّ مَنْ تَوَاقَّه يقول: إذا وقعْتَ في الشر فلا تَوَقِهِ حتّى تنجُو منه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 192 3333- لَعَالَكَ عَاليِاً ويقَال "لعل لكَ" يُقَال ذلك للعاثر دعاءً له، قَال المحجل بن حَزْن الحارثي: لَنَا فَخْمَةٌ زَوْرَاءُ أَحْمَتْ بِلاَدَنَا ... مَتى يَرَها الشَّاوِيُّ يَلْجِجْ به وَهَلْ وأرْمَاحُنَا يَنْهَزْنَهُم نَهْزَ قَحْمَةٍ ... يَقُلْنَ لِمَنْ أدركنَّ تَعْسَاً ولا لَعَلْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 192 3334- لَعَلَّ لَهُ عُذْرَاً وأنتَ تَلُومُ يضرب لمن يلوم مَنْ له عذر ولا يعلمه اللائم. وأوله: تأنَّ ولاَ تَعْجَلْ بِلَوْمِكَ صَاحِبَاً ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 192 3335- لَقِيْتُ مِنْهُ الأَقْوَرِينَ والفَتَكْرِينَ والبُرَحِينَ إذا لقى منه الأمور العِظَام. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 192 3336- لَمْ يُحْرَمَ مَنْ فُصِدَ لَهُ الفَصِيد: دمٌ كان يُجْعَلْ في مِعىً مِنْ فَصْدِ عِرْق البعيرِ ثم يُشْوَى ويُطْعمه الضيفُ في الأزْمة، يُقَال: مَنْ فُصِدَ له البعيرُ فهو غير محروم، ويقَال أيضاً "من فُصْدَ له" بتسكين الصاد تخفيفاً، ويقَال "فُزْدَ له" بالزاى. يضرب في القناعة باليسير. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 192 3337- لأَمُدَّنَّ غَضَنَكَ أي لأطيلَنَّ عَنَاءك، وإذا مد غَضَنَه فقد أطال عناءه، والغَضَنُ: التشنج، ويروى "لأُمُدَّنَّ عَصَبَك" وهو قريب من الأول، وأنشد أبو حاتم عن أبي زيد على الغضن: أريْتَ إنْ سُقْت سِيَاقاً حَسَنَا ... تَمُدًّ مِنْ آباطِهِنَّ الغَضَنَا أنازلٌ أنتَ فَخَابِز لَنَا ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 192 3338- لَتَجِدَنَّ فُلاَناً أَلْوَى بَعِيْدَ المُسْتَمَرِّ ألوى: أي شديدَ الخُصُومة، واستمر: استحكم، يعنى أنه قويٌ في الخصومة لا يَسْأم المِرَاسَ، أنشد أبو عبِيدَ: وَجَدْتَنِى ألْوَى بَعِيدَ المُسْتَمَرُ ... أي بعيد شَأوِ المستمر، ويجوز أن يريد بعيد المذْهَب، يُقَال: مرَّ واسْتَمَرَّ أي ذهب، وقوله "ألوى" أي ألتوى على خصمى بالحجة، وقبله: إذَا تَخَازَرْتُ وَمَا بِي مِنْ خَزَرْ ... ثُمَّ كَسَرْتُ الطَّرْفَ مَنْ غَيْرِ عَوَرْ [ص: 193] وَجَدْتَنِى ألْوَى بَعِيدَ المُسْتَمَرُ ... أحْمِلُ مَا حُمِّلْتُ مِنْ خَيْرٍ وَشَرّ كان المفضل يذكر أن المثل للنعمان بن المنذر، قَاله في خالد بن معاوية السعدى، ونازعه رجل عنده، فوصفه النعمان بهذه الصفة، فذهب مَثَلاً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 192 3339- لأُقِيمَنَّ قَذْلَكَ ويروى "حَدْلَكَ" أي عِوَجَك، والحدل: عوج وميل في أحد المنكبين، والقَذْل: الميل والجور، ويروى "لأَقيمَنَّ صَعَرَك" أي ميلك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 193 3340- لِكُلِّ سَاقِطَةٍ لاقِطَةٌ قَال الأَصمَعي وغيره: الساقطة الكلمة يسقط بها الإنسان، أي لكل كلمة يخطئ فيها الإنسان مَنْ يتحفَّظها فيحملها عنه، وأدخل الهاء في "الاقطة" إرادة المبالغة، وقيل: أدخلت لاردواج الكلام. يضرب في التحفظ عند النطق. وقَال ثعلب: يعنى لكل قَذر فَدِرٌ (الفدر - بفتح الفاء وكسر الدال المهملة، بزنة كتف - الأحمق.) وقيل: أراد لكل كلمة ساقطة أذنٌ لاقطه؛ لأن أداة لَقْطِ الكلام الأذُنُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 193 3341- الّليلُ أَخْفَى لِلْوَيْلِ أي: افْعَلْ ما تريد ليلا فإنه أسْتَرُ لسرك وأول من قَال ذلك سارية بن عويمر بن عَدِىٍّ العُقَيلى وكان سبب ذلك أن تَوْبَةَ بن الحمير شَهِدَ بنى خَفَاجة وبنى عَوْف وهم يختصمون عند هَمَّام بن مطرف العُقَيْلى، وكان مروان بن الحكم استعمله على صدَقَات بنى عامر، فضرب ثور بن أبى سمعان بن كعب العقيلى توبة بن الحمير بُجْرْزٍ (الجرز - كقفل - عمود من الحديد وجمعه أجراز وجرزة) وعلى توبة دِرع وبيضَة، فجرح أنْفُ البيضة وَجْهَ توبة، فأمر همام بن مطرف بثور فأقعد بين يدى توبة فَقَال: خُذْ حقك ياتوبة، فَقَال توبة: ما كان هذا إلا عن أمرك، وما كان ثور يجترئ على عند غيرك، ولم يقتص منه، وقَال: إنْ يُمْكِنِ الدَّهْرُ فَسَوْفَ أنْتَقِمْ ... أوْلاَ فَإنَّ العَفْوَ أولَى بِالكَرَمْ ثم إن توبة بلغه أن ثورا قد خَرَجَ في نفر من أصحابه يريد ماء لهم يُقَال له جرين أو جرين بتثْلِيْثَ، فتبعهم توبة في أناس من أصحابه، حتى ذكر لهم أنهم عند رجل من بنى عامر يُقَال له سارية بن عويمر بن عدى، وكان صديقاً لتوبة، فَقَال توبة: لا أطرقهم وهم عند سارية يخرجوا، وقَال سارية للقوم وقد أرادوا أن يخرجوا من [ص: 194] عنده مُصْبحِين: ادَّرِعُوا الليل فإنه أخفى للويل، ولست آمن عليكم توبة، فلما أظلموا ركبوا الفَلاَةَ، وتبعهم توبة فقتل ثَوْرَاً، وَجَرَّ هذا قتلَ توبة بن الحمير. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 193 3342- لَيْسَ النَّفَّاخُ بِشَرِّ الزُّمْرَةِ أي ليس المحرِّضُ في الحرب دون المُقَاتل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 194 3343- لَقِىَ مَا يَلْقَى المَنْتُوف باركاً وذلك أن البعير ينتف باركا. يضرب لمن لقى شدةً وأذىً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 194 3344- لَيْسَتْ بِرِيْشَاءَ ولاَعَمْشَاءَ الرِّيْشَاء: الطويلةُ هُدْبِ العين، والعَمْشَاء: السيئة البصرِ. يضرب للشَيء الوَسَطِ بين الجيد والردئ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 194 3345- لَيْسَ الحاثُ بأورع أي ليس من يَحُثُّ على العمل بأوْرَعَ ممن يعمل، وهذا كقولهم "ليس النَّفَّاخُ بشر الزمرة" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 194 3346- لَقِىَ اسْتَ الكَلْبَةِ إذا لقى أمراً شديداً: قَالوا: إن ملك الرُّهَاء أطفأ نيران البلاد، وأمرهم أن يقتبسوا النار من أسْتِ الكلبة الميتة، فهرب قومٌ لذلك من البلاد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 194 3347- لَوْ تُرِكَ الضَّبُّ بأعْدَاءٍ الوَادِى أي بنَواحِيْهِ، واحدها عِداُ، وهي جمع عُدْوَة مثل قولهم "لو تُرِكَ القَطَا ليلاً لنام" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 194 3348- لَمْ يَعْدَمْ مِنْهُ خَابِطٌ وَرَقاً يضرب للجواد لا يحرم سائله. والخَبْطُ: ضَرْبُ الشجرةِ بالعَصَا فيسقط وَرَقَهَا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 194 3349- لِكُلِّ ذِي عَمُودٍ نَوىً أي لكل أهلِ بيتٍ نجعة، المعنى لكن اجتماع افتراق، ولكل امرئ حاجة يطلبها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 194 3350- لَيْتَ حَظِّى مِنْ أبي كَرِبٍ أَنْ يَسُدَّ عَنىَّ خَيْرُهُ خَبْلَهُ قيل: نزلت بقوم شدةٌ فَقَالوا لعجوز عمياء: أبشِرِي فهذا أبو كرب قد قرب منا، فَقَالت هذا القول، وأبو كرب: تُتَّبع من تَبَايِعَهُ اليمن. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 194 3351- لَوَى مُغِلٌّ أصْبُعَهُ ويروى "مضل" أي لشدة أسفِهِ، قَال أبو عمرو: المغلُّ الغاشُّ يلوى أصبعه في السلخ فيترك شيئاً من اللحم في الإرهاب (الإرهاب - بزنة كتاب - الجلد) يضرب للمبذِّر مالَه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 194 3352- لِتَحْمِلْ عِضَةٌ جَنَاهَا العِضَاه: شجَرٌ طِوَال ذواتُ شوك مثل الطلح والسَّلَم والسَّيَال وغيرها، ولكل منها جَنىًّ، وواحدة العِضَاه عِضهة، وبعضهم يقول عِضْوَة، ومثل هذا قولهم "كل إناء يَرْشَحُ بما فيه" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 195 3353- لأَفْقَرَ مِنَّا يُهْدَى غَمامُ أرْضِنَا أي يذهب حَظُّنَا إلى غيرنا، ويروى "نُهْدِى غَمَام" أي نُؤثرهم علينا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 195 3354- لَكَ ما أبكِى وَلاَ عَبْرَةَ بي يجوز أن تكون "ما" صلة، أي لك أبكى، ويجوز أن تكون مصدراً، أي لك بكائى، ولا حاجة بي إلى أن أبكى، أي لأجلك أتحمل النَّصَبَ. يضرب في عناية الرجل بأخيه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 195 3355- لَيْسَ لِمَلُولٍ صَدِيْقٌ كما قيل: إنَّكَ واللهِ لَذُو مَلَّةٍ ... يُطْرِفُكَ الأدنَى عَنِ الأبْعَدِ قَال أبو عبيد: المثل يروى عن أبى حازم، وكان من الحكماء، قَال : ليس لِمُلُولٍ صديقٌ، ولا لحسودٍ غنى، والنظر في العواقب تلقيح للعقول. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 195 3356- لَيْسَ لِشَرِةٍ غِنىً لأنه لا يكتفى بما أوتي؛ لحرصه على الجمع فهو لا يزال طالباً فقيراً الجزء: 2 ¦ الصفحة: 195 3357- لَيْسَ المُتَعلِّقُ كالمتأنِّقِ المُتَعَلِّق: الذي يكتفى بالعُلقَةِ، وهي القليل من الشَيء، أي ليس الراضي بالبُلغَة من الشَيء كالمتخير ذي النِّيَقَةِ يأكل ما يشاء، ويختار منه ما يؤنقُه (في نسخة "ما يوافقه" وليس على ما ينبغي.) أي يعجبه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 195 3358- لَيْسَ مِنَ العَدْلِ سُرْعَةُ العَذْلِ أي لا ينبغي أن تَعْجَلَ بالعَذْل قبل أن تعرف العذر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 195 3359- لَيْسَ بِصَلاّدِ القَدِحِ أي ليس بصَلْدٍ زَنْدُه فيما يقدح. يضرب لمن لا يرجع خائباً عما يقصد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 195 3360- لَوْ كَرَهَتْنِي يَدِى ما صَحِبَتْنِي قَال: (هو ذو الإصبع العدواني) لاأَبتَغِى وَصْلَ لِمَنْ مَنْ لاَ يَبْتَغِي صِلَتِى ... وَلاَ أليْنُ لِمَنْ لاَ يَبْتَغِى لِيِنى وَاللهِ لَوْ كَرَهَتْ كَفَّى مُصَاحَبَتِى ... لَقُلْتُ لِلْكَفِّ بِينِى إذْ كَرِهْتِيِنِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 195 3361- لَقيتُهُ صَخْرَةَ بَحْرَةَ أي خالياً ليس بيني وبينه حاجز، وهما [ص: 196] اسمان جعلا اسماُ واحداً، ولا يون [؟؟] ، وأصل صَحرة من الصَّحْرَاء وهو الفَضَاء، وأصل بَحْرَة من البحر وهو الشَّقُّ والسَّعة، ومنه سمى البحر لأنه شق في الأرض. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 195 3362- لَقِيتُهُ بُعَيْدَاتِ بَيْنٍ أي بعدَ فِرَاقٍ، وذلك إذا كان الرجل يُمْسِكَ عن إتيان صاحبه الزمانَ، ثم يأتيه، ثم يمسك عنه نحو ذلك أيضاً ثم يأتيه، قَاله أبو زيد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 196 3363- لأََشْأنَنَّ شأنَهَمْ أي لأفْسِدَنَّ أمْرَهم، والشأن: ملتقى القبائل من الرأس، ومعناه لأصِيبَنَّ ذلك الموضع منهم، كما تقول "رأسْتُه" إذا أصبْتَ رأسه، وهذا لفظ يتضمن الوعيد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 196 3364- لأُلْجِئَنَّكَ إلى قُرِّ قُرَارِكَ أي إلى مَحَلِّكَ الذي تستحقه، قَال الأَصمَعي: القُرُّ المستقَرُّ، والقَرَار: مصدر قَرَّ يَقِرُّ، أي لأضطرنك إليه، ويقَال: أراد لألجئنك إلى مضجعك ومَدْفَنِك، يعنون القبر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 196 3365- لأِمْرٍ مَايَسُوَّدُ مَنْ يَسُودُ إنما دخلت "ما" للتأكيد، أي لا يُسَوِّدُ الرجل قومه إلا بالاستحقاق. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 196 3366- لأَمْرٍ مَّا جَدَعَ قَصِيرٌ أَنْفَهُ قَالته الزبَّاء لما رأت قصيراً مَجْدُوعاً، وقد مر ذكره في باب الخاء. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 196 3367- للسُّوقِ دِرَّةٌ وَغِرارٌ يُقَال: سوقٌ دَارَّة، أي نافقة، وغارة: أي كاسدة، ويقَال: دَرَّتِ السوق تَدِرُّ، إذا كَثُرَ خبرها، وغَارَّتْ تُغَارُّ غِرَاراً، إذا قلَّ خيرها، وكلاهما على التشبيه بلَبَنِ الناقة، وكان القياس أن يُقَال سوق دَارَّةٌ ومُغَارة، لكنهم قَالوا غارة للازدواج. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 196 3368- لكِنْ حَمْزَةُ لاَ بَواكِى لَهُ قَاله النبي صلى الله عليه وسلم لما وجَد نساء المدينة يبكين قتلاهن بعد أحُدٍ، فأمر سعدُ بنُ مُعَاذ وأسَيْدُ بن حُضَيْرٍ رضي الله عنهما نساءهم أن يتحزمن ثم يذهبن فيبكين على عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما سمع رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، بكاءهن على حمزة خرج إليهن وهن على باب مسجده فَقَال: ارْجِعْنَ يرحمكن الله، فقد أسَأتُنَّ بأنفسكن. يضرب عند فَقْد مَنْ يَهْتَمُّ بشأنك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 196 3369- لكِنْ خِلاَلِي قَدْ سَقَطَ أصله أن شيخاً وعجوزاً حملا على جمل، وخاوا بينهما بِخِلاَلٍ، فَقَال الشيخ للعجوز: خِلاَلُكِ ثابت؟ قَالت: نعم، فَقَال : لكن خِلاَلِى قد سقط، وانْتَزَعَ خلالَه فسقط ومات. يضرب لمن يوقع نَفْسَه في الهلكة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 196 3370- لَعَلَّنِي مُضَلَّلٌ كَعَامِرٍ أصله أن شابَّيْنِ كانا يجالسان المُسْتَوْغِرَ بن ربيعة، فَقَال أحدهما لصاحبه واسمه عامر: إني أخالِفُ إلى بيت المستوغر، فإذا قام من مجلسه فأيقظنى بصوتك، ففطن المستوغر لفعله، فمنعه من الصياح، ثم أخذ بيده إلى منزله، فَقَال: هل ترى بأسا؟ قَال: لا، ثم أخذ إلى بيت الفتى، فإذا الرجل مع امرأته فَقَال المستوغر : لعلني مُضَلل كعامر، فذهبت مَثَلاً. يضرب لمن يطمع في أن يَخْدَعَكَ كما خدع غيرك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 197 3371- لَجَّ فَحَجَّ أي نازَعَ خَصْمه فحمله الَّلجاج على أن غلبه بالحجة، ويقَال: بل معناه أن رجلا خرج يطوف في البلاد، فاتَّفَق حصولُه بمكة فحج من غير رغبة منه، فقيل: لَجَّ في الطَّوَاف حتى حج. قَال أبو عبيد: يضرب للرجل يبلغ من لجاجته أن يخرج إلى شَيء ليس من شأنه، قَال: وهذا من أمثَالهم في صعوبة الخلق واللجاجة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 197 3372- لَمْ تُفَاتِى فَهَاتِى أي لم يُفْتْكِ ما تطلبين فهاتي ما عندك، يعني اسْتَقْبِلِى الأمر فإنه لم يفتك. زعموا أن رجلاً خرج من أهله، فلما رجع قَالت امرأته: لو شهدتَنَا لأخبرناك وحدثناك بما كان، فَقَال الرجل : لم تُفَاتِى فهاتي، أي لم يفتك ذاك فهاتي ما عندك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 197 3373- لَقِيِتُهُ في الفَرَطِ إذا لقيته في اليومين والثلاثة فصاعدا مرة، ولا يكون الفَرَطُ في أكثر من خمس عشرة ليلة، قَاله الأحمر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 197 3374- لَقِيتُهُ عن هَجْرٍ وذلك إذا لقيته بعد الحول، و"عَنْ" بمعنى بعد، أي لقيته بعد هَجْرٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 197 3375- لِكُلَّ زَعْمٍ خَصْمٌ الزَّعْمُ والزُّعْم والزِّعْمُ ثلاث لغات، والتقدير: لكل ذي زعم خصم، أي لكل مُدَّعٍ خصم يباريه ويناويه. يضرب عند ادعاء الإنسان ما ليس له الجزء: 2 ¦ الصفحة: 197 3376- لأَضْرِبَنَّكَ غِبَّ الحِمَارِ، وَظاهِرَةَ الفَرَسِ غِبُّ الحمار: أن يشرب يوماً ويدع يوماً، وظاهرة الفرس: أن يشرب كل يوم، والمعنى لأضْرِبنك كل وقت. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 197 3377- لَمْ يَجِدْ لِمِسْحَاتِهِ طِيناً هذا مثل قولهم "لم يجد لشفر ته مَحَزَّا" يضرب لمن حِيلَ بينه وبين مُرَاده الجزء: 2 ¦ الصفحة: 197 3378- لَنْ يَعْدَمَ المُشَاوِرُ مُرْشِداً يضرب في الحثِّ على المُشَاورة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 198 3379- لَيْسَ الِلَّئِيمِ مِثْلُ الهَوانِ يعنى أنك إذا دَفَعْتَه عنك بالحلم والاحتمال أجترأ عليك، وإن أهَنْتَه خافَكَ وأمسك عنك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 198 3380- لَقيِتُهُ نِقَاباً أي فجْأة، وهو مصدر نَاقَبْتُه نِقاباً؛ إذا فاتحته، والنِّقَاب: مشتق من النقب نقب الحائط، وهو نوع من الفتح، أو من المنقب وهو الطريق، وهو مفتوح أيضاً، وانتصابه على المصدر، ويجوز على الحال. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 198 3381- لَقِتُهُ كِفَاحَاً أي مُواجهة، ومنه "إنى لأكْفَحُهَا وأنا صائم" أي أقبلها، ومنه الكفاح في الحرب، وهو أن يقابل العدو مقاتلا. وكذلك قولُهم: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 198 3382- لَقيِتُهُ صِفَاحاً وهو مشتق من الصَّفْح، وهو عُرْضُ الشَيء وجانبه، ويدل على القرب، كأنك قلت: لقيتُه وصَفْحَةُ وجهي إلى صفحة وجهه، يعني لقيته مُوَاجِهاً الجزء: 2 ¦ الصفحة: 198 3383- لَقِيتُهُ صِقَاباً هذا من الصَّقَب، وهو القُرْب، ومنه "الجارُ أحَقُّ بصَقَبه" كأنه قَال: لقيته متقارِبَيْنِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 198 3384- لَمْ يَبْرُد بِيَدِي مِنْهُ شَيء أي لم يثبت ولم يستقر في يدي منه شَيء، وهذا من قولهم "بَرَدَ حقى" أي ثبت الجزء: 2 ¦ الصفحة: 198 3385- لِكُلِ مَقَامٍ مَقَال يراد أن لكل أمرٍ أو فعلٍ أو كلام موضعاً لا يوضَعُ في غيره، وأنشد ابن الأعرَابى: تحنَّنْ عَلَىَّ هَدَاكَ المَلِيكُ ... فَإنَّ لِكُلِّ مَقَامٍ مَقَالاً قَال: معناه أحسِنْ إلى حتى أذكرك في كل مقام بحُسْن فعلك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 198 3386- لَوْ قُلْتُ تَمْرَةً لَقَال جَمْرَةً يضرب عند اختلاف الأهواء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 198 3387- لِحَاجَةٍ نِيْكَ الأصَمُّ يضرب لمن لَجَّ في شَيء فلا يُقْلِعُ عنه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 198 3388- لَيْسَ المُجَالاَةُ كَمِثْلِ الدَّمْسِ المُجالاة: المبارزة والمجاهرة، قال الأَصمَعي: جَالَيْتُه بالأمر وجالحته، إذا جاهرته به، والدَّمْسُ الإخفاء والدفن، يُقَال: دَمَسْتُ عليه الخبرَ أدمِسُهُ دَمْسَاً يضرب في الفرق بين الجلى والخفى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 198 3389- لَيْتَ لَنَا مِنْ فَارِسَيْنِ فَارِساً يضرب عند الرضا بالقليل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 198 3390- لَقَيْتُهُ سَرَاةَ النَّهَارِ أي أولَّهُ، ويُقَال: عند ارتفاعه، مأخوذ من سَرَاة الظهر، وهى أعلاه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 199 3391- لَقيتُهُ أدِيْمَ الضُّحَى أي أوسَطَه، ويقَال: هو أولُه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 199 3392- لَقِتُهُ رَأَدَ الضُّحَى هو ارتفاعُهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 199 3393- لَيْسَ جِدُّ الجِدِّ لَيْولِّينَّهُ لَمِيْسَ قَالوا: لميسُ اسمٌ للاست، أي ليولينه استه، قَال وائل بن سليم اليشكرى: فأمَّا ابنُ دَلْمَاءَ الَّذي جَاءَ مخطبا ... فَخُصْيَيهِ زَمَّلْنَاهُمَا أمْسِ بالدَّمِ فَفَرَّ وَوَلاَّنا لَمِيْسَ، وفَوقها ... رَشَاش كَتَوْلِيعِ الكَسَاءِ المرَقَّمِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 199 3394- لِسَانٌ مِنْ رُطَبٍ وَيَدٌ مِنْ خَشَب يضرب للمَلاَذِ الذي لا منفعة عنده الجزء: 2 ¦ الصفحة: 199 3395- لَكَ ما بتٌّ أُبْرِدُهَا نزل رجل ضيف فقرَاهُ، فاستطاب قِرِاه وأعجبه، فَقَال: لقدْ أطبتَ فَقَال : لك ما بت أبردها، أي لك أعددت هذه الكرامة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 199 3396- لَوْ تُرِكَ الحِرْبَاءُ مَاصَلَّ الحِربَاء: مسمار الدِّرْع، وصلَّ: صوَّت. يضرب لمن يظلم فيضج ويصيح. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 199 3397 لَكِنْ عَدَّاءٌ لا أُّمَّ له عدَّاء: اسم غلام، ويروى"عدى" يضرب لمن لا يكون له مَنْ يهتمُ بأمره. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 199 3398- لَوَى عَنْهُ ذِرَاعَهُ إذا عصاه ولم يسمع منه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 199 3399- لَوْ كَانَ في غَضْرَاءَ لَمْ يَنْشف الغَضْرَاءَ: أرضٌ طينتها حُرّة، يُقَال " أنبط بئره في غَضْرَاء" و "نَشَفَ الثوب العِرَقَ" إذا شَرِبَهُ، أي لو كان معروفك عند كريم لم يضِعْ ويشكرك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 199 3400- لُبُّ المرأةِ إلَى حُمْقٍ يضرب عُذْراً للمرأة عند الغيرة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 199 3401- لَقِيْتُهَا بأصْبَارها الهاء راجعة إلى الخصلة المكروهة أي لقى ما كره وساءه - كلاماً كان أو غيره - وأصبارُهًا: نواحيها، يُقَال: أخذ الشَيء بأصبارِهِ، أي بكله، الواحد صُبْر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 199 3402- ألْقَى عَلِيهِ لَطَاتَهُ قَال أبو السمح: إنما يُقَال هذا إذا لم يفارقه، وقَال أبو عمرو: أي ثقله. قلتُ: اللَّطَاةُ في الأصل: الجبهة، ثم يُقَال: ألقى عليه بلطَاتِه، ولَطَاتَه، أي ثقله؛ قَال ابن أحمر: [ص: 200] فألَقَى التَّهامِي منْهُمَا بلَطَاتِه ... وَأحلطَ هَذا لاأََرِيمُ مَكانيِا (التهامي: المنسوب إلى تهامة، وأحلط في يمينه: اجتهد، ولا أريم: لا أبرح.) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 199 3403- لأفُشّنَّكَ فشََّ الوَطْبِ وذلك أن الوَطْبَ (الوطب - بالفتح - سقاء اللبن خاصة، يؤخذ من جلد الجزع فما فوقه، فإن أخذ من جلد الرضيع سمى شكوة، وإن أخذ من جلد الفطيم سمى بدرة، فأما وعاء السمن فهو عكة أو مسأد.) ينفخ فيوضع فيه الشَيء فإذا أخرجت منه الريح فقد فش. يضرب للغضبان الممتلىء. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 200 3404- لَوْ كَانَ مِنْهُ وَعْلٌ لَتَرَكْتُهُ يُقَال "لاوعل من كذا" أي لابُدَّ منه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 200 3405- لَيْسَ أَوَانَ يُكْرَهُ الخلاَطُ أي: ليس هذا حين إبقائك على هذا الأمر أن تباشره، أي باشره. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 200 3406- لاُلْجِمَنَّكَ لِجَامَاً مُعْذِبَاً الإعذاب: الترك للشَيء والنزوع عنه، لازم ومتعد، والمعنى: لأفطمنك عن هذا الأمر فطاماً تامّاً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 200 3407- لِلبِاطلِ جَولَةٌ ثُمَّ يَضْمَحِلُّ أي لا بَقَاء للباطل وإن جال جوله، ويضمحل: يذهب ويبطل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 200 3408- لَيَسَتِ النَّائِحَةُ الثَّكْلَى كالمُسْتَأجَرةِ. هذا مثل معروف تبتذله العامة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 200 3409- لِكُلِّ قَومٍ كَلْبٌ، فلا تَكُنْ كَلْبَ أَصْحَابِكَ قَاله لقمان الحكيم لابنه يعظه حين سافر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 200 3410- لَمَّا اسْتَدُّ سَاعِدُهُ رَمَانِي يضرب لمن يسىء إليك وقد أحسنت إليه قَال الشاعر: فَيَا عَجَباً لمن رَبَّيْتُ طِفْلاً ... ألقَّمُهُ بأطْراَفِ الْبَنَانِ أعلِّمهُ الرِّماَيَةَ كُلَّ يوَمٍ ... فَلَمَّا اسْتَدَّ ساَعِدُهُ رَمَاني وَكَمْ عَلَّمْتُهُ نَظْمَ الْقَوَافي ... فَلَمَّا قَال قَافِيَةً هَجَاني أعلِّمهُ الْفُتُوَّةَ كُلَّ وَقْتٍ ... فَلَمَّا طَرَّ شارِبُهُ جَفَاني الجزء: 2 ¦ الصفحة: 200 3411- لَيْسَ للأمُورِ بِصاَحِبٍ مَنْ لَمْ يَنْظُرْ في العَوَاقِبِ قَال حمزة: قَاله ابن ضَمْرة للنعمان بن المنذر حين سأله عن أشياء، وهذا كما يُقَال "النَّظَرُ في العواقب تلقيح للعقول " (انظر المثل 3355) وقَال أبو عبيد: قَاله الصَّعْبُ بن عمرو النَّهْدِيُّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 200 3412- لِكُلِّ جَيْشٍ عَرَاةٌ وَعَرامٌ أي فَسَاد وشر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 201 3413- لَيْسَ لِلحاَسِدِ إلاّما حَسَدَ أي لا يحصل على شَيء إلا على الحسد فقط، و"ما" مع الفعل مصدر، كأنه قيل: ليس للحاسد إلا حَسَدُه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 201 3414- لم أجِد ْلَكَ مَخْتَلاً أي خَتْلاً، يعني ترفَّقْتُ بك وخَتَلْتُ بك فلم تمكني من حاجتي، فجَاهَرْتُكَ حتى أدركت ما أردت، وهذا كقولكم "مجاهرة إذا لم أجد مَخْتَلاً" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 201 3415- لِكُلِّ جَابِهٍ جَوْزَةٌ، ثُمَّ يُؤَذَّنُ يُقَال: جَبَهْتُ الماء جَبَهْاً، إذا وردَته، وليس عليه أداته ولا دلاؤه، والجَوْزَة: السَّقْية، ولا فعل منه في الثلاثي، والْجَوَاز: الماء الذي تُسْقَاه الماشية، يُقَال: اسْتَجَزْتَه فأجازني، إذا سَقَاك ماء لأرضك أو ماشيتك، وقولهم "ثم يؤذَّن " يُقَال: أذَّنْتُه تأذينا، أي رَدَدْتَه، وتلخيص المعنى لكل مَنْ ورد علينا سَقْية ثم يُمْنَع من الماء ويُرَدُّ يضرب للنازل يُطيل الإقامة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 201 3416- لَئِنِ الْتَقَي رُوعِي وَرُوعُكَ لتَنْدَمَنَّ يضرب للمتهِّدد، والرُّوع: القلب، أي إن التقى قلبي وقلبُكَ في تدبير أمر لتندمَنَّ على مقارنتي؛ لأنك تجدني أَعْدَلَ منك وأقدر على دفع شرك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 201 3417- لأََنْ يَشْبَعَ واحِدٌ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَجُوعَ اثنَان الجزء: 2 ¦ الصفحة: 201 3418- لَيْسَ المَزَ كْزكُ بأَنْيَئِهِنَّ أصله أن بعض الأعراب أصاب فراخَ المُكَّاء (الماء - كرمان - طائر، ويجمع على مكاكى) فدَفَنَها في رَمَادٍ سُخْن، وجعل يخرجهن ويأكلهن، فنهض واحد منها حيَّا، فعَدَا خلفه، فأخذه وجعل يأكل، فَقَال له صاحبه: إنه نيء، فَقَال: ليس المزكْزَكُ بأنْيَئِهِنَّ. يضرب في تساوي القوم في الشر والمزكزك: من قولهم "زَكَّ الدَّرَّاجُ " وهو مثل "زّافّ الحمام " وذلك إذا تبختر حول الحمام واستدار عليها ساحباً ذناباه، ويقَال "لحم نىِءٌ "على وزن نيعٍ بيِّنُ النُّيُوأة، وناء اللحم يَنِىء نَيْأً، وكذلك نَهِؤ اللحم ونَهِىءَ نُهُوأة، إذا لم ينضج الجزء: 2 ¦ الصفحة: 201 3419- أَلْقَي عَلَى الشَّيءِ أرْوَاقَهُ إذا حَرَصَ عليه وأَحَبَّهُ حبًّا شديداً، وهذا كما قَالوا "ألقى عليه شَرَاِشرَهُ " الجزء: 2 ¦ الصفحة: 202 3420- أُلْقِيَ عَلَيْهِ بحُباَلَتِهِ وَأََوْقِه أي ثقله، ويقَال: أَوَّقتُه تأويقاً، أي حملته المشقَّةَ والمكروه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 202 3421- الُّلقَمُ تُورِثِ النِّقَم يضرب في ذم الارتشاء يعني نقم الله تعالى، ويجوز أن يريد نقم الراشي إذا لم يأتِ الأمرُ على مُرَاده الجزء: 2 ¦ الصفحة: 202 3422- لِكُلِّ غَدٍ طَعَامٌ يضرب في التوكُّلِ على فضل الله عز وجل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 202 3423- لِكُلِّ دهرٍ رجالٌ هذا من قول بعضهم: لكل مَقَامٍ مَقَال، ولكل دهرٍ رجالٌ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 202 3424- لِكُلِّ جَنْبٍ مَصْرَعُ المَصْرَع: يكون مَصْدراً، ويكون موضع الصَّرْعِ والمعنى لكل حَىٍّ مَوْتٌ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 202 3425- لِكُلِّ عُودٍ عَصَارَةٌ العُصَارَةٌ: ما يخرُجُُ من الشَيء إذا عُصر، إن حُلْواً فحلو، وإن مُرًّا فمر، أي لكل ظاهرٍ باطنٌ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 202 3426- لَزَّ القَتَبَ أي عَضَّه. يضرب لمن لزمته الحجةُ، ومنه "فلانٌ لِزَازُ خَصْم " (يُقَال "فلان لزاز خصومة " بزنة كتاب - إذا كان موكلا بها لازماً لها قادراً عليها.) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 202 3427- لَوْ غَيْرُ ذَاتِ سِوَارٍ لَطَمَتْني (انظر المثل 3227 "لو ذات سوار لطمتني") يَرْوِي الأَصمَعي المثلَ على هذا الوجه، وذلك أن حاتماً الطائي مَرَّ ببلاد عَنَزَةَ في بعض الأشهر الحُرُم، فناداه أسير لهم يا أبا سَفَّانة أكَلَني الإسارُ والقمل، فقال: ويْحَكَ! أسأتَ إذا نَوَّهْتَ باسمي في غير بلاد قومي، فساوَمَ القومَ به، ثم قَال: أطْلِقُوه واجعلوا يَدي في القد مكانه، ففعلوا، فجاءته امرَأة بغير ليَفْصِدَهُ فقام فنَحَره، فلطَمَتْ وَجْهَه، فَقَال : لو غَيْرُ ذاتِ سِوَارٍ لطمتني، يعنى أنى لا أقتصّ من النساء، فعُرِفَ، ففَدَى نفسه فداء عظيما. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 202 3428- لَقِتُهُ عِدَادَ الثُّرَيَّا أي مرةً في الشهر، وذلك لأن القمر ينزل الثريا في كل شهر مرة، والعِدَاد: ما يُعَادُّ الإنسان لوقتٍ من وَجَعَ أو غير ذلك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 202 3429- لَقَدْ بُلِيْتَ بِغَيْرِ أعْزَلَ أي قُيِّضَ لك قِرْنُكَ، وهذا يقرب من قولهم "رميت بحَجَرِ الأرض" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 202 3430- لَمْ يُشْطِطْ مَنِ انْتَقَمَ هذا منتزع من قوله تعالى {ولَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظلمه فأولئك ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 203 3431- لَمْ يُخْبَأ لِلدَّهْرِ شَيء إلا أَكَلَهُ يعنى أن الدهر يُفْنِي كلَّ شَيء، ولا يسامح أحداً من بنيه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 203 3432- لَكَ العُتْبَى وَلاَ أَعُودُ العُتْبَى: اسم من الإعتاب، يُقَال "أعْتَبَهُ" أي أزالَ عَتْبه، وهو أن يُرضِيه، أي لك من أن أرضيك ولا أعود إلى ما يُسْخِطُكَ، يقوله التائب المعتذر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 203 3433- لِكِلِّ قَضَاءٍ جَالِبٌ، ولِكُلِّ دَرٍّ حالِبٌ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 203 3434- لَقَدْ تَنَوَّق في مَكْرُوهِهِ القَدَر التَّنَوقُ: النظر في الشَيء بِنيِقَةٍ، وبعضهم ينكر تنوق ويقول: الصحيح تأنَّقَ. يضرب لمن بُولِغ في إيذائه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 203 3435- لَقَدْ اسْتَبْطَنْتُمْ بأشْهَبَ بازِلٍ قَاله العباسُ بن عبد المطلب رضي الله عنه لأهل مكة، أي بُليتم بأمرٍ صَعْبٍ مشهور، كالبيعير الأشْهَبِ البازِلِ وهو الأبيض القَوِىُّ، والباء في "بأشهب" زائدة، يُقَال: اسْتَبطَنتُ الشَيء، إذا أخفَيْتَهُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 203 3436- لَكَ العُتْبَى بأن لاَ رَضِيْتَ هذا إذا لم يُرد الإعتاب، يقول: أعْتِبُك بخلاف ما تَهْوَى، قَال بشر: غَضِبَتْ تميمٌ أن تقتل عامر ... يَوْمَ النِّسَارِ فأعْتِبُوا بالصَّيْلَمِ أي أعتبناهم بالسيف والقتل، والباء في "بأن لارضيت" تقديره إعتابي إياك بقولي لك: لا رضيت، عَلَى وجه الدعاء، أي أبدا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 203 3437- ألْقَى الكَلاَمَ عَلَى رُسَيْلاَتِهِ يضرب للرجل المِهْذَار يتهاوَنُ بما يقول، ورُسَيْلاَتُ: جمع رُسَيْلة، وهي تصغير رَسْلَة، يُقَال: ناقة رَسْلَة؛ إذا كانت سهلَةَ السير تمشى هَوْناً، ويجوز أن يكون تصغير رِسْلَة - بكسر الراء - يُقَال: في فلان رِسْلَة أي توان وكسل، ومنه قولهم "على رِسْلِكَ" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 203 3438- لولاَ جِلاَدِى غُنِمَ تِلاَدِى أي: لولا مُدافعتى عن مالى سُلِب وأخذ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 203 3439- لَيْتَ حَفْصَةَ مِنْ رِجَالِ أمِّ عَاصِمٍ. هذا من أمثال أهل المدينة. وأصله أن عمر رضي الله عنه مر بسُوق [ص: 204] الليل وهي من أسواق المدينة، فرأى امرَأةً معها لبن تبيعه، ومعها بنت لها شابة، وقد همت العجوز أن تَمْذُقَ لبَنَهَا، فجعلت الشابة تقول: يا أمه، لا تَمْذُقيه ولا تَغُشيِّه، فوقفَ عليها عمر فَقَال: مَنْ هذه منك؟ قَالت: ابنتى، فأمر عاصماً فتزوجها، فولدت له أم عاصم وحفصة، فتزوج عبد العزيز بن مَرَوَان أم عاصم، فكانت حَسَنة العِشْرة لينة الجانب محبوبة عند أحمائها، فولدت له عمر، فلما ماتت خلف على حفصة، فكانت سيئة الخلق تؤذى أحماءها، فسئل مخنَّثٌ من موالى مروان عن حفصة وأم عاصم، فَقَال : ليت حَفْصَة من رجال أم عاصم، فذهبت مَثَلاً. يضرب في تفضيل بعض الخلق على بعضٍ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 203 3440- لَيْسَ القُدَامى كالخَوَافِى القُدَامى: المتقدم من ريِشِ الجَنَاح، والخَوَافِى: ما خَفِى خلف القُدَامى. يضرب عند التفضيل، قَال رُؤْبة: خلقت من جَنَاحِكَ الغُدَافِ ... مِنَ القُدَامى لاَ مِنَ الخَوَافِي وقَال آخر: لَيْسَ قُدَامى النَّسْرِ كالخَوَافى ... وَلاَ تَوَالِى الخَيْلِ كالهَوَادِى توالى الخيل: أعجَازُها، وهواديها: أعْنَاقُها، يجوز أن يراد بالتوالى التوابع وبالهوادى المتقدمات الجزء: 2 ¦ الصفحة: 204 3441- لَيَغْلِبَنَّ خَلَقى جَديدَكِ يريد ليغلبنَّ كبرى شبابِكَ، وذلك أن رجلا شاخَ وله امرَأة شابة، وكانت تتثاقل عن خَدِمَته، فَقَال: هَلُمَّ حبىَّ وَدَعِى تَعْدِيدَكِ ... لَيَغْلِبِنَّ خَلْقِى جَدِيدَكِ يعنى كبرى شبابَكِ في الباه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 204 3442- لَحَفَنِى فَضْلَ لِحَافِهِ يضرب لمن يُعْطِيك فَضْلَ زاده وعطائه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 204 3443- لأَضَعَنَّ عَنْكَ دَيْنِى يضرب عند التخويف بالهجران، وأنشد ثعلب: أَيَا بُئنَ رَنْقَ المَاءِ لاَ تَطْعَمِنَّهُ ... وَلِلْمَاءِ رَنْقٌ يُتْقَى وَنُقُوعُ وإنْ غَلَبَتْكِ النَّفْس إلاَّ وُرُودَهُ ... فَدَيْنِى إذاً يا بُثْنَ عَنْكِ وَضِيعُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 204 3444- لَوْ كُويتُ عَلَى دَاءٍ لَمْ أَكْرَهْ يعنى لو عوتِبْتُ على ذنبٍ ما امتعضت الجزء: 2 ¦ الصفحة: 204 3445- لَيْسَ أَمِيرُ القَوْمِ بِالخِبِّ الخَدِعِ يعنى أن أمير القوم ورئيسهم لا ينبغى [ص: 205] له أن يخبَّ على أصحابه ويخْدَعهم، ويروى "ليس أمينُ القومِ" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 204 3446- لَقِيَ فُلاَنٌ وَيْساً أي لقى ما يريد، قَال: [وَ] لَقِيْتْ مِنَ النِّكَاحِ وَيْسَا ... (أنشد في اللسان (وىس) عن ابن الأعرابي، وقبله: عَصَتْ سَجَاحِ شَبَثاً وقَيْسَا ... ) أي ما أرادت قَال الخليل: لم يسمع على هذا البناء إلا وَيْح ووَيْس ووَيهْ ووَيْل. قلت: وقد قَالوا وَيب وَوَيك أيضاً، وكلها متقارب في المعنى، إلا وَيْح ووَيْس فإنها كلمتا رأفةٍ واستعجابٍ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 205 3447- لَسْتُ بِعَمِّكِ ولاَ خَالِكِ، وَلكِنِّي بَعْلُكِ قَالها رجل لأمرته لما دخل عليها، وذلك أنها قَالت: ياعمَّاه ارفق، تردُّهُ بذلك عن نفسها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 205 3448- لَمْ يَجُرْ سَالِكُ القَصْدِ، ولَمْ يَعْمَ قَاصِدُ الحقّ أي من سَلَكَ سَوَاء السبيل لم يحتجْ إلى أن يجوز عنه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 205 3449- لَوَى عنْهُ عِذَارَهُ يضرب لمن يَعْصِيك بعد الطاعة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 205 3450- أَلْحِقِ الحِسِّ بالإسِّ قَال ابن الأعرابي: الحِسُّ الشر، والإسُّ الأصل، معناه ألحق الشر بأهله، قَال الأزهري: الحَسُّ والأس بالفتح، وقَال الجوهري: بالكسر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 205 3451- لَيْسَ لِى حَشَفَةٌ وَلاَ خَدِرَةٌ الحشَفَة: اليابسة، والخَدِرَة: التي تقع من النخلة قبل أن تنضج. يضرب في الإنكار لثبوت الشَيء ويجوز أن يريد بالخَدِرَة الندية ليكون بإزاء اليابسة، يُقَال: يوم خَدِر. وليلة خدرة، أي ندٍ ونَدِية. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 205 3452- لَئنِ انْتَحَيْتُ عَلَيْكَ فإنَّى أَرَاكَ يتَخَرَّمُ زَنْدُكَ وذلك أن الزَّنْدَ إذا تحزَّم لم يُورِ به القادحُ، وتَخَرُّمُه: أن يظهر فيه خروق، ومنه "الخَوْرَمُ" لصخرة فيها خروق، أراد أنه لا خير فيه كالزَّنْدِ المتخرِّمِ لا نَارَ فيه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 205 3453- لَقَى هِنْدَ الأحَامِسِ أي مات، وهذا اسم من أسماء الموت، قَال سنان بن جابر: [ص: 206] وَدِدتُ لما ألقَى بِهِنْدٍ مِنَ الْجَوَى ... بأم عبيد زُرْتُ هِنْدَ الأحامِسِ أم عبيد: كنية الأرض الخلاء، يريد تمنيت أن أزورَ المنية بأرضٍ خلاء لما ألقى في حب هذه المرأة، ويقَال: هند الأحامس الداهية، قَال: طَمِعْتَ بِنَا حَتَّى إذَا مَالَقِيتَنَا ... لَقِيتَ بِنَا يا عمرُ هِنْدَ الأحَامِسِ يعني الداهية الجزء: 2 ¦ الصفحة: 205 3454- لأَقْنُوَنَّكَ قَنَاوَتَكَ يُقَال: قَنْوَتُ الرجلَ، إذا جازيْتَه، أي لأجزينك جَزَاءك. ومثله: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 206 3455- لأَنْجُزَنَّكَ بِخَيْرَتَك النَّجيرة: حساء من دقيق يُجْعلَ عليه سمن، أي لأفعلنَّ بك ما يُوازيك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 206 3456- لأَقِيِمَنَّ صَعَرَكَ أي مَيْلك، قَال أبو عبيد: الصَّعَر مَيْلٌ في العنق في أحد الشِّقَّين، ويكون في الوجه أيضاً إذا مال في أحد شقيه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 206 3457- لَقِيتُهُ أدنَى ظَلَمٍ يريدون أدنى شبَح، والشبح الظل والشخص، قاله أبو عمرو، وقيل: أصله من الظلام، والظلام، يستر عنك الأشياء، فكأنه قَال: لقيته أولَ مَنْ ستر عنى ما سِوَاه بوقوع بَصَرِى عليه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 206 3458- لَيْسَ عَلَى الشَّرْقِ طَخَاءٌ يَحْجُبُ الشَّرْقُ: اسم للشمس، يُقَال: طلع الشرق، ولا يُقَال: غاب الشرق، والطَّخَاء: السحاب المرتفع يضرب في الأمر المشهور الذي لا يَخْفَى على أحد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 206 3459- لِيَوْمِهَا تَجْرِى مَهَاةٌ بالعَنَقِ المَهَاة: البقر الوحشية، والعَنَقُ: ضرب من السَّير. يضرب لمن أراد أمراً فأخطأه ثم أصاب بعد ذلك. كذا قيل في معنى هذا المثل. قلتُ: ويجوز أن يُقَال: إن قوله "ليومها" أراد ليوم موتها وهلاكها "تجرى" أي إلى يومها، فيكون كقولهم "أتَتْكَ بِحَائِنٍ رِجْلاَه" والمعنى إلى يوم تَهْلِكُ فيه تجرى هذه المَهَاة بعَجَلة وسُرْعة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 206 3460- لَيْسَ بطىءٌ مَنْ بَني أُمِّ الفَرَسِ قَالوا: إن أم الفرس جَوَاد، وكانت لا تَلِدُ غير جَوَاد. [ص: 207] يضرب لبنى الكرام وتقدير الكلام: مَنْ ولدته الكرام لا يكون لئيما، كما أن بنى أم الفرس لا تكون بِطاء. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 206 3461- لَسْتُ بالشَّقَّا وَلاَ الضِّيقَي حِراً قيل: إن جُوَيْرِتين صغيرتين زُوِّجَتا من رجلين، فَقَالت الصغرى: ابْتَنُوا علينا، أي اضربوا لنا خَيْمَة نستتر بها من الرجال، فَقَالت الكبرى: لا تعجلي حتى نَشُبَّ، فأبت الصغرى، فلما ألحت على أهلها قَالت لها الكبرى هذه المقَالة. قلت: الشقَّاء: تأنيث الأشقِّ من قولك: شَقَّ الأمر يشق شَقَّا، والاسم الشِّقُّ - بالكسر - والضِّيقى: تأنيث الأضيق، والضُّوقَى: لغة، وكذلك الِكيسَى والكُوسَى في تأنيث الأكْيَس، والأصل فيهما فُعْلَى، وإنما صارت الياء واو لسكونها وضمة ما قبلها وأرادت لستُ بالشَّقَّاء أمراً: أي ليس أمري بأشَقَّ من أمرك ولا حِرِى بأضْيَق من حِرِك وأنت لا تُبَالِينَ بهزء الناس منك فكيف أبالى أنا؟ يضرب للرجل ينصح فلا يقبل، فيقول الناصح: لست بأرحمَ عليك منك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 207 3462- لَنْ يُقْلِعَ الجِدُّ النَّكِدْ إلاَّ بجدِّ ذي الإبِدْ في كلِّ مَا عَامٍ تَلِدْ الجد النكد: القليل الخبر، والإبد، الولود يُقَال: أتانٌ وجارية إبِد، أي وَلُود، ولم يجيء على هذا الوزن إلا إبل وإطِل في الأسماء، وإبِد وبِلز في الصفات. ومعنى المثل لن يقلع جدُّ النكد إلا وهو مقرون بجد صاحب الأمة التي تلد كل عام، وكون الأمَة وَلُودا حرمان لصاحبها. يضرب لمن لا يَزْدَادُ حالُه إلا شرا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 207 3463- لَوْ كَانَ بِجَسَدِى بَرَصٌ مَا كَتَمْتُهُ قَال أبو عبيد: هذا من أمثال العامة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 207 3464- لَوْ كُنْتُ عَنْ نَفْسِى رَاضِياً لَقَلِيْتُكُم هذا من كلام مُطَرِّفِ بن الشِّخِّير أو غيره من العلماء، يعنى أنه لا يعيرهم ذنبا هو مرتكبه، قَالوا: هذا مذهب كثير من السلف في الأمر بالمعروف. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 207 3465- للْيَدَيْنِ وللْفَمِ يُقَال هذا عند الشماتة بسُقُوط إنسان، وفي الحديث أن عمر رضي الله عنه أُتى [ص: 208] بسَكْرَان في شهر رمضان، فتعثَّر بذَيْله فَقَال عمرو رضي الله عنه : لليدين وللفم! أو لْدَانُنَا صِيَام وأنت مُفْطر؟ ثم أمر به فحُدَّ وأراد على اليدين وعلى الفم، أي أسقطه الله عليهما. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 207 3466- لَيْسَ لِرَجُلٍ لُدِغَ مِنْ جُحْرٍ مَرَّتَيْنِ عُذْرٌ قَالوا: إن أول مَنْ قَال ذلك الحارث بن خَزَاز، وكان من قَيْس بن ثعْلَبة، وكان أَخْطَبَ بَكْرىٍّ بالبصرة، فخطب الناس لما قتل يزيد بن المهلب، فحمد الله وأثنى عليه ثم قَال: أيها النَّاسُ إن الفتنة تُقْبِلُ بشُبْهة وتُدْبر ببَيَان، وليس لرجل لُدِغَ من جُحْر مرتين عذر، فاتقوا عَصَائبَ تأتيكم من قبل الشأم كالدِّلاَء قد انقطعت أوذامها، ثم نزل، فروَى الناس خطبته، وصار قوله مَثَلاً الجزء: 2 ¦ الصفحة: 208 3467- لَسْتَ مِنْ غَيْسَاني ويروى "من غساني" قَال أبو زيد: أي من رِجالي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 208 3468- لَبِّدُوا بِالأرْضِ تُحْسَبُوا جَرَائِيمَ الجُرْثُومة: أصلُ الشجرة، يقول الزقوا بالأرض تُحْسَبُوها. يضرب في الحث على الاجتماع ويضرب للمنهزمين حين يهزأ بهم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 208 3469- لَنْ يَزَالَ النَّاسُ بِخَيْرِ مَا تَبَايَنُوا، فإذا تَسَاوَوْا هَلكُوا أي مادموا يتفاوتون في الرتب؛ فيكون أحدهم آمراً والآخر مأموراً، فإذا صاروا في الرتب لا ينقاد بعضُهم لبعض فحينئذ هلكوا، والجالب للباء في "بخير" معنى فعل، وهو لن يزالوا متصلين ومُتَّسِمِينَ بخير، وقَال أبو عبيد: أحسب قولهم "إذا تساووا هلكوا" لأن الغالب على الناس الشر، وإنما يكون الخير في النادر من الرجال لعزته فإذا كان التساوي فإنما هو في السوء. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 208 3470- لكِنْ عَلَى بَلْدَحَ قَوْمٌ عَجْفَى بَلْدَح: موضع، وإنما منع الصرف لأته منقول عن الفعل، من قولهم "بَلْدَحَ الرجلُ" و "تبلدح" إذا وَعَدَ ولم ينجز، أو لأنه أرِيدَ به البقعة، ومن صَرَفه في غير هذا الموضع أراد به المكان، وقد ذكرت هذا المثل في حديث بَيْهَسٍ في حرف الثاء عند قوله "ثكل أرأمها" (انظر المثل 771 والمثلين 3228 و 3471) وأشار بهذا [ص: 209] إلى أن جَدْبَهم بنسبة لذة هذا الخصب الذي هو فيه. يضرب في التحزن بالأقارب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 208 3471- لكِنْ بِالأَثَلاَتِ لَحْمٌ لاَ يُظَلَّلُ هذا أيضاً من كلامه، وقد ذكرته في قصته هناك (انظر الأمثال 771، 3228، 3470،) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 209 3472- لَئِنْ فَعَلْتَ كَذَا ليَكُونَنَّ بَلْدَةً ما بَيْنِى وَبَيْنَكَ ويروى "بَلْتَهُ" من البَلْت، وهو القَطْع، والبلدة: نَقَاوَةُ ما بين الحاجبين وخلاؤه من الشَّعْر، والبلدة أيضاً: منزلٌ من منازل القمر، وهى فُرجَةَ بين النغائم وسَعد الذابح، يعنى إنْ فَعَلْتَ كذا ليكونَنَّ ما بينى وبينك من الوُصْلَة خلاء، أو ليكونن فعلُكَ سبب قطع ما بيننا من الود. يضرب في تخويف الرجل صديقَه بالهجران. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 209 3473- لَيْسَ عَبْدٌ بأَخٍ لَكَ قَاله خُزَيم، وقد ذكرته عند قوله "إنَّ أخاك (انظر المثل 362) مَنْ آساك" وأراد بقوله "ليس عبدٌ بأخ لك" أي ليس بمُواخٍ؛ لأن النسب لا يرتفع بالرق، ولكنه يذهب بالأخ إلى معنى الفعل كما ذكره بعضُ النحويين من أن الخَبَر لا بد من أن يكون فعلا أو ماله حكم الفعل، كقولك "زيد أخوك" تريد مُوَاخِيك أو يُواخيك، فيجرى مجرى قولك "زيد يضرب" ولهذا لم يكن الاسم الجامد خبراً للمبتدأ نحو قولك "زيد عمرو" إلا أن تريد به التشبيه أي هو هو في الصورة أو في معنىً من المعاتى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 209 3474- الْتَقَى البِطَانُ وَالحَقَبُ البِطَان للقَتَب: الحِزَامُ الذي يجعل تحت بطن البعير، وهو بمنزلة التصدير الذي يتقدم الحَقْبَ، والحَقَبُ: الحَبْلُ يكون عند ثَيْل البعير، فإذا التَقَيَا دلَّ التقاؤهما على اضطراب العقد وانحلالها، فجعل مَثَلاً. يضرب لمن أشرف على الهلاك. وهذا قريب من قولهم "جاوز الحزام الطُّبْيَيْنِ" (انظر المثل 871) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 209 3475- لَقِيتُهُ أَوَّلَ وَهْلَةٍ الوَهْلَة: فَعْلَة من "وَهَلَ إليه" إذا فزع. قَاله أبو زيد يضرب هذا المثل لمن تعثر به فتفزع بنظرك إليه. ويجوز أن يكون فعلة من "وَهَلْتُ أهِلُ" إذا ذهب وَهْمُك إليه؛ فيكون المعنى [ص: 210] لقيته أول ذي وهلة، أي أولّ مَنْ ذهب وَهْمِى إليه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 209 3476- لَقيتُهُ أَوَّلَ صَوْكٍ وَبَوْكٍ أي أولَ شَيء. باك الحمارُ الأتان يَبُوكها بًوْكاً، إذا نزا عليها، وصَاك الطيبُ يصيك به صَيْكا إذا لَصِقَ، صير الصَّيْكَ صَوْكا للازدواج، والصوك يدل على السكون، والبوك على الحركة، كأنه قَال: لقيته أولَ متحرك وساكن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 210 3477- لَقِيتُهُ أَدْنَيٍّ دَنِيًّ أي أولَ شَيء والدنى: فعيل بمعنى فاعل، أي أدْنى دَانٍ وأقربَ قريبٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 210 3478- لَمْ يَنْتَعِلْ بِقِبالٍ خَذِمٍ القِبَالُ: ما يكون بين الأصبعين إذا لبست النعل، والخذِمُ: السريعُ الإنقطاع، وإذا انقطع شِسْعُ النعل بقَي الرجلُ بغير نعل. يضرب للرجل ينفى عنه الضعف. قَال الأعشى: أخُو الحَرْبِ لاَ ضَرِعٌ وَاهِنٌ ... وَلَمْ يَنْتَعِلْ بِقِبَالٍ خَذِمْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 210 3479- لِيَ الشَّرُّ أَقِمْ سَوَادَك يضرب عند التشجيع إذا ظهر الخوف والسَّوَاد: الشخصُ، أي اْصِبَر في هذا الأمر، وقوله "لي الشر" أراد ليكن الشر مُقَدَّراً لي، لا لك، على سبيل الدعاء. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 210 3480- التَأَمَ جُرْحٌ وَالأُسَاةُ غُيَّبٌ يضرب لمن نال حاجته من غير مِنَّةِ واحد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 210 3481- لَيْسَ بِرِىٍّ وَإنَّهُ تَغَمُّرٌ التَّغَمُّرُ: الشُّرْبُ القليل يضرب في الحث على القَنَاعة بالقليل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 210 3482- لَوْ لَمْ يَتْرُكِ العاقِلُ الكَذِب إلاَّ للمروءة لكانَ حقِيقاً بِذَلِك، فَكَيْفَ وَفِيهِ المَأثَمُ وَالعَارُ؟ قَاله بعضُ الحكماء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 210 3483- أَلْقِ حَبْلَهُ عَلَى غَارِ بِهِ أصلُه الناقة، إذا أرادوا إرْسَالَهَا للرَّعْي ألْقَوا جديلها على الغارب، ولا يترك ساقطا فيمنعها من الرعى. يضرب لمن تكره معاشرته، تقول: دَعْهُ يَذْهَبْ حيث يشاء. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 210 3484- لَوْلاَ الحِسُّ ما لَيْتُ بِالدَّسِّ قَالته الخبزة، يُقَال: حَسَنْتُ الخبزةَ، إذا رَدَدْتَ النارَ عليها بالعصا لتنضج. يضرب من تَكَرَّر عليه البَلاَء. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 210 3485- لَوْ خَفَّتْ خُصَاهُمْ وَلِكنَّهَا كالمَزَادِ جواب "لو" محذوف، أي لو خَفَّتْ خُصَاهم لظعنوا، ولكنها أثقلتهم فأقاموا حتى هلكوا. يضرب لمن مَنَعَتْهُ الموانع عن قَصْده الجزء: 2 ¦ الصفحة: 211 3486- لَحْظٌ أَصْدق مِنْ لَفْظٍ يعنى أن أثر الحبِّ والبغض يظهر في العين فلا يُعَوَّلُ على اللسان الجزء: 2 ¦ الصفحة: 211 3487- اللهمَّ هَوْراً لاَ أَيَّاً يُقَال: هُرْتُه بالشَيء هَوْراً، اتَّهمته به والأىُّ: الحنين والرقَّةُ، أي اجعَلْنِى ممن يُظَنُّ به الخير واليسار، لا ممن يُرْحَم ويؤْوَى له، ونصب "هوراً" على معنى أسألك هورا، أو اجعلني ذا هَوْرٍ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 211 3488- لَيْس يُلاَمُ هَارِبٌ مِنْ حَتْفِهِ يضرب في عذر الجبان. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 211 3489- لَوْ اقْتَدَحَ بالنَّبِع لأَوْرَى نَاراً النَّبْعُ: شجر يكون في قُلَّة الجبل، والشِّرْيَان في سَفْحِهِ، والشَّوْحَط في الحضِيض، ولا نار في النبع. يضرب لمن يُوصَفُ بجَوْدَة رأي وحِذْقٌ بالأمور. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 211 3490- لاَيِنْ إذَا عَزَّكَ مَنْ تُخَاشِنُ هذا قريب من قولهم "إذا عَزَّ أخُوكَ فَهُنْ" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 211 ما جاء فيما أوله "لا" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 211 3491- لا مَخْبَأَ لِعِطْرٍ بَعْدَ عَرُوسٍ ويروى "لا عِطْرَ بعد عَرُوسٍ" قَال المفضل: أولُ من قَال ذلك امرَأة من عُذْرَةَ يُقَال لها أسماء بنت عبد الله، وكان لها زوج من بنى عمها يُقَال له عروس، فمات عنها، فتزوجها رجل من غير قومها يُقَال له نَوْفَل، وكان أعْسَرَ أَبخَرَ بخيلا دميما، فلما أراد أن يظعن بها قَالت له: لو أذِنْتَ لي فرثَيْتَ ابنَ عمى وبكيت عند رَمْسه، فَقَال افعلى، فَقَالت: أبكيك يا عروسَ الأعراس، يا ثعلبا في أهله وأسَداً عند البَاس (في نسخة "وأسد عند الناس") ، مع أشياء ليس يعلمها الناس قَال: وما تلك الأشياء؟ قَالت: كان عن الهمة غير نَعَّاس، ويُعْمِل السيف صبيحات الْبَاس، ثم قَالت: يا عروس الأغر الأزهر، الطيب الخِيم الكريم المَخْبَر (في نسخة" الكريم المحضر") ، مع أشياءَ [ص: 212] له لا تذكر، قَال: وما تلك الأشياء؟ قَالت: كان عَيْوفاً للخَنَا والمنكر، طيب النَّكْهة غير أبخر، أيسر غير أعسر، فعرف الزوج أنها تُعْرِض به، فلما رَحَل بها قَال: ضُمِّي إليك عِطْرَك، وقد نظر إلى قَشْوَةِ (قشوة العطر: وعاؤه) عطرها مطروحةً، فَقَالت: لا عِطْرَ بعد عَرُوس، فذهبت مَثَلاً. ويقَال: إن رجلا تزوج امرَأة، فأهْدِيَتْ إليه، فوجَدَها تَفِلة، فَقَال لها: أين الطيب؟ فَقَالت: خبأته، فَقَال لها لا مخبأ لعطر بعد عروس، فذهبت مَثَلاً. يضرب لمن لا يُدَّخَرُ عنه نَفَيْسُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 211 3492- لاَ تُبلْ فِي قَلِيبٍ قَدْ شَرِبْتَ مِنْهُ يُضْرَبُ لمن يُسىء القول فيمن أحْسَنَ إليه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 212 3493- لاَآتِيْكَ حَتَّى يَؤُبَ القارِظَانِ القَارِظُ: الذي يَجْتَنِي القَرْظَ، وهو ورق السَّلم يدبغ به، ومنابتُ القرظ اليمنُ، ويقَال: كبش قَرَظِي؛ منسوبٌ إلى بلاد القرظ، ويقَال: هذان القارظان كانا من عَنَزَة خرجا في طلب القرظ فلم يرجعا، قَال أبو ذُؤَيْب: وحَتَّى يَؤُبَ القَارِظَانِ كِلاَهُمَا ... وَيُنْشَرَ فِي القَتْلَى كُلَيْبُ بنُ وَائِلِ وزعم ابن الأعرابي أن أحَدَ القارظين يذكر ابن عَنْزَة. ويقَال أيضاً "لا آتِيكَ حتى يؤب المنتخل" وكانت غيبته كغيبة القارظين، غير أنها لم تكن بسبب القرظ وأما قول أبى الأسود الدُّؤَلِي: آليتُ لاَ أغدو إلى رَبِّ لِقْحَةٍ ... أُسَاومُهُ حتَّى يَؤُبَ المُثَلَّمُ فإنما قتله الخوارج وغَيَّبته، ولم يعلم بمكانه حتى أقر قاتله. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 212 3494- لاَ آتِيْكَ حَتَّى يَؤُبَ هَبِيرَةُ بنُ سَعْدٍ هو رجل فُقِدَ، ومعناه لا آتيك أبداً. ومثلُه في التأبيد قولهم: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 212 3495- لاَ آتِيْكَ مِعْزَى الفِزْرِ قَالوا: الفِزْرُ: لقبُ سعدُ بن زيد مَنَاة بن تميم، وإنما لقب بذلك لأنه وَافَى الموسمَ بمعزىً فأنهَبهَا هناك وقَال: مَنْ أخذ منها واحدةً فهى له، ولا يؤخذ منها فِزْر، وهو الاثنان فأكثر، والمعنى لا آتيك حتى تجتمع تلك، وهى لا تجتمع أبداً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 212 3496- لاَ تَرْضَى شَانِئَةٌ إلاَّ بِجَرْزَةٍ الجَرْزَةُ: الاستئصالُ، ومنه "ناقة [ص: 213] جَرُوزٌ وجُرَاز" إذا استأصلت النَّبْتَ، ومعنى المثل أن المُبْغِضَةَ لا ترضَى إلا باستئصال مَنْ تُبْغِضه، وأصل المثل في الخبر عن المؤنث وعلى هذه الصيغة يستعمل في المذكر أيضاً الجزء: 2 ¦ الصفحة: 212 3497- لاَتَعْدَمُ الحَسْنَاءُ ذَاماً الذَّامُ والذَّيْم: العَيْبُ، ومثله: الرَّارُ والرَّيْر، والعَابُ والعَيْب، في الوزن وأول من تكلم بهذا المثل - فيما زعم أهل الأخبار - حُبَّى بنتُ مالك بن عمرو العَدْوَانية، وكانت من أجمل النساء، فسمع بجمالها مَلِكُ غَسَّان فخطبها إلى أبيها، وحكَّمه في مهرها، وسأله تعجيلها، فلما عَزَم الأمر قَالت أمها لُتبَّاعها: إن لنا عند الملامسة رَشْحَة فيها هَنَة، فإذا أرَدْتُنَّ إدخالها على زوجها فَطَيِّبْنهَا بما في أصدافها، فلما كان الوقت اعْجَلَهُنَّ زوجُها، فأغفلن تطيبها، فلما أصبح قيل له: كيف وجدت أهلَكَ طروقتك البارحة؟ فَقَال: ما رأيت كالليلة قط لولا رُوَيْحة أنكرتها؟ فَقَالت هي مِنْ خلف الستر: لا تعدم الحسناء ذاما، فأرسلتها مَثَلاً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 213 3498- لاَ تُحْمَدُ أمَةٌ عَامَ اشْتِرَائِهَا وَلاَ حُرَّةٌ عامَ بنَائِهَا ويروى "هِدَائِهَا" أي أنهما يَتَصنَعَّانِ لأهلهما لجدَّةِ الأمر، وإن لم يكن ذلك شأنهما. يضرب لكل من حُمِدَ قبل الاختبار قَال الشاعر: لا تَحْمَدَنَّ امرأً حتى تجرِّبَهُ ... ولا تَذُمَّنَّهُ مِنْ غير تَجْرِيبِ فإنَّ حَمْدكَ مَنْ لم تَبْلُه صَلَفٌ ... وإن ذَمَّكَ بَعْدَ الحمدِ تَكْذِيبُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 213 3499- لاَ تَعْدَمُ صَنَاعٍ ثَلَّةً الثَّلة: الصُّوفُ تغزله المرأة. يضرب للرجل الصَّنَع، يعنى إذا عدم عملاً أخذ في آخر لِذْقِهِ وبصيرته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 213 3500- لاَ تَعِظِينى وتَعَظْعَظِى أي: لا تُوصِينى وأوصى نفسك، قَال الجوهري: وهذا الحرف هكذا جاء عنهم فيما ذكره أبو عبي، وأنا أظنه "وتُعَظْعِظِى" بضم التاء - أي لا يكن منك أمر بالصلاح وأن تفسدى أنت في نفسك، كما قَال: لاَ تَنْهَ عَنْ خُلُقٍ وَتَأْتِىَ مِثْلَهُ ... عَارٌ عَلِيْكَ إذا فَعَلْتَ عَظِيمُ فيكون من "عَظْعَظَ السَّهْمُ" إذا التوى واعْوَجَّ، يقول: كيف تأمريني بالاستقامة وأنت تتعوجين؟ قَال المؤرخ: عظعظ الرجلُ، إذا هابّ وتابع، قَال العجاج: [ص: 214] وعَظْعَظَ الْجَبَانُ والزئني ... أراد الكلب الصينى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 213 3501- لاَ يُدْرَى أَسَعْدُ الله أَكْثَرُ أمْ جُذَامُ قَال الأَصمَعي: سعد الله وجُذَام حَيَّان بينهما فَضْل بَيِّن لا يخفى على الجاهل الذي لا يعرف شيئاً. قَال أبو عبيد: يروي عن جابر بن عبد العزيز العامري - وكان من علماء العرب - أن هذا المثلَ قَاله حمزة بن الضَّليل البَلَوي لروح بن زِنْبَاع الجُذَامي لَقَد أُفْحِمْتَ حَتَّى لَسْتَ تَدْرِي ... أسَعْدُ الله أكثَرُ أمْ جُذَامُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 214 3502- لاَ يَدْرِي أَيُّ طَرَفَيْهِ أَطْوَلُ قَال الأَصمَعي: معناه لا يدري أنَسَبُ أبيه أفضلُ أم نسبُ أمه. وقَال غيره يُقَال: إن وَسَط الإنسان سُرَّته، والطرف الأسفل أطول من الأعلى، وهذا يكاد يَجْهَله أكثر الناس حتى يُقَرَّر له. يضرب في نفي العلم. وقَال ابن الأعرابي: طرفاء ذكرهُ ولسانهُ، وينشد: إنَّ القُضَاة مَوَازينُ البلادِ، وقد ... أعْيَا عَلَيْنَا بجَوْرِ الحكم قَاضِينَا قد صَابَهُ طَرَفَاهُ الدَّهْرَ في تَعَبٍ ... ضِرْسٌ يدقَ وفَرْجٌ يَهْدِمُ الدِّينَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 214 3503- لاَ تَعْدَمُ مِنَ ابْنِ عَمِّكَ نَصْراً أي أن حَميمك يَغْضَبُ لك إذا رآك مظلوما، وإن كنت تُعَاديه. ومثله: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 214 3504- لاَ يَمْلِكُ مَوْلًى لِمَوْلًى نَصْراً قَال المفضل: إن أول من قَاله النعمانُ بن المنذر، وذلك أن العَيَّار بن عبد الله الضَّبي كان يعادي ضرار بن عمر، وهو من أسرته، فاختصم أبو مَرْحَب اليَرْبُوعي وضِرَار بن عمرو عند النعمان في شَيء فنَصَر العيارُ ضِرارا، فَقَال له النعمان: أتفعل هذا بأبي مَرْحَب في ضرار وهو مُعَاديك؟ فَقَال العيار: آكل لَحْمِى ولا أدَعُه لآكِلٍ، فعندها قَال النعمان : لا يملك مولًى لمولًى نصرا، وتقديره: لا يملك مولًى تَرْكَ نصرٍ أو ادِّخَارَ نصر لمولاه، يعني أنه يَثُور به الغضبُ له، فلا يملك نفسَه في ترك نصرته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 214 3505- لاَ أَفْعَلُ ما أبَسَّ عَبْدٌ بِناَقَتِه الإبْسَاسُ: أن يُقَال للناقة عند الحلب: بِسْ بِسْ، وهو صُوَيْت للراعى يسكن به الناقة عندما يحلبها، جعل علما للتأبيد، أي لا أفعلهُ أبداً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 214 3506- لاَ تُفْشِ سِرَّكَ إلى أَمَةٍ، ولاَ تَبُلْ عَلَى أَكَمَةٍ هذا من قول أكْثَمَ بن صَيْفي، وإنما قَرَنَ بينهما لأنهما ليسا بمحل لما يودَعَانِ، أي لا تجعل الأمة لسرك محلا، كما لا تجعل الأكمة لبولك موضعا. ويروي أيضاً: "لاتُفَا كِهَنَّ أمة " قَال أبو عبيد: هذا مثل قد ابتذلَتْه العامة، المفاكهة: الممازحة، والفُكَاهة: الَمزْح. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 215 3507- لاَ يُلْسَعُ المؤُمِنُ مِنْ جُحْرٍ مَرَّتين قيل: هذا كناية عما يُؤَثّمه، أي أن الشرع يمنع المؤمنَ من الإصرار؛ فلا يأتي ما يستوجب به تضاعف العقوبة. يضرب لمن أصيب ونكب مرة بعد أخرى. ويقَال: هذا من قول النبي صلى الله علي وسلم لأبي عَزَّةَ الشاعر، أسَرَه يوم بدرٍ، ثم مَنَّ عليه، وأتاه يوم أحُدٍ فأسَرَه، فَقَال: مُنَّ عَلَىَّ، فَقَال عليه الصلاة والسلام هذا القول، أي لو كنت مؤمناً لم تعاود لقتالنا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 215 3508- لاَ جَدَّ إِلاَّ ما أَقَعَصَ عَنْكَ مَا تكْرَهُ يُقَال: ضَرَبه فأقْعَصَه، أي قتله مكانه يقول: جَدُّكَ الحقيقي مادَفَع عنك المكروه وهو أن يقتل عدوك دونك، قَاله معاويةُ حين خاف أن يَميل الناسُ إلى عبد الرحمن بن خالد بن الوليد، فاشتكى عبدَ الرحمن، فسقاه الطبيبُ شربةَ عسلٍ فيها سم فأحرقته فعند ذلك قَال معاوية هذا القول. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 215 3509- لاَأَطْلُبُ أَثَراً بَعْدَ عَيْنٍ قد ذكرتُ هذا المثل مع قصته في حرف التاء (انظر المثل 652"تطلب أثراً بعد عين".) ، وإنما أعدته ههنا لأنه في أمثال أبي عبيد على هذا الوجه، ومعنى المثل في الموضعين سواء، أي لا آخُذُ الديَةَ وهي أثر الدم وتبعته وأتْرُكُ العينَ يعني القاتلَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 215 3510- لاَ يَضُرُّ السَّحابَ نُبِاَحُ الكِلاَبِ يضرب لمن يَنَالُ من إنسانٍ بما لا يضره الجزء: 2 ¦ الصفحة: 215 3511- لاَ تَكْرَهْ سَخَطَ مَنْ رِضَاهُ الجَوْرُ أي لا تُبَالِ بَسَخَطِ الظالم؛ فإن رضا الله من ورائه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 215 3512- لاَ أَمْرَ لِمَعْصِىٍّ أي مَنْ عُصِىَ فيما أمر فكأنه لم يأمر، وهذا كقولهم "لا رَأْيَ لمن يُطَاع" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 215 3513- لا تَقَعَنَّ البَحْرَ إلاَّ سابِحاً نصب " البحر" على الظرف، أي لا تَقَعْ في البحر إلا وأنت سابح. يضرب لمن يباشر أمراً لا يحسنه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 216 3514- لا يَرَى لِغَوِىٍّ غَياًّ يضرب لمن لا يُنْكِرُ الضلالة، ولكن يزينها لصاحبها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 216 3515- لا تَلُمْ أَخَاكَ، واحْمَدْ رَباَّ عافَاكَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 216 3516- لا تُوكِ سِقَاءَكَ بأنْشُوطَةٍ يضرب في الأخذ بالحَزْمِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 216 3517- لا تُمْسِكْ ملا يُسْتَمْسِكُ أي لا تَضَعِ المعروفَ في غير موضعه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 216 3518- لا تَغْزُ إلاَّ بِغُلاَمٍ قَدْ غَزَا أي لا يَصْحَبْك إلا رجلٌ له تَجَارِب دون الغِزِّ الجاهل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 216 3519- لا آتِيكَ ما حَمَلَتْ عَيْنى المَاء ويروى "وَسَقَتْ" أي جمعت. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 216 3520- لا يُسْمِعُ أُذُناً خَمْشاً الخَمْشُ ههنا: الصوتُ، ومنه الخَمُوش للبعوض لما يُسْمَعُ من صوته أو لما يحصل من خَدْشه، ويروى "جَمْشاً" بالجيم - وهو الصوت أيضاً، وهذا أقرب إلى الصواب. يضرب للذي لا يقبل نصحا، ويتغافل عنه، ولا يسمعك جوابا لما تقول له. وقَال الكلابى: لا تسمع آذان جمشا أي هُم في شَيء يُصِمُّهُم إما نومٌ وإما شغل غيره. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 216 3521- لاأُحِبُّ رِئْمَانَ أنْفٍ وَأُمْنَعُ الضَّرْعَ هذا مثلُ قول الشاعر: أمْ كَيْفَ يَنْفَعُ مَا تُعْطِى العلُوقُ بِهِ ... رِئْمَانَ أنْفٍ إذا مَا ضُنَّ بِاللَّبَنِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 216 3522- لا تُبْطِرْ صَاحِبَكَ ذَرْعَهُ أي لا تُحَمِّلْه ملا يُطِيق، وأصل الذَّرْع بَسْطُ اليد، فإذا قيل "ضِقْتُ به ذَرْعاً" فمعناه ضاق ذرعى به، أي مَدَدْتُ يدى إليه فلم تَنَلْه، ولا تبطر: أي لا تُدْهِش، ونصب "ذرعه" على تقدير البدل من صاحب، كأنه قال: لاتبطر ذرع صاحبك، أي لا تدهش قلبه بأن تَسُومَه ما ليس في طَوْقه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 216 3523- لا تَجْعْلَ شِمَالَكَ جَرْدبَاناً (أنشد الفراء: إذا ما كنت في قوم شهاوى ... فلا تجعل شمالك جردبانا) وهو الذي يَسْتُر الطعامَ بشِماله شَرْهاً. [ص: 217] يضرب في ذَمِّ الحِرْصِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 216 3524- لا يَدَيْ لِوَاحِدٍ بِعَشَرَةٍ أي لا قُدْرة، قَال الشاعر: اعْمِدْ لمَا تَعْلُو فَمَا لَكَ بِالَّذِي ... لاَ تَسْتَطيعُ مِنَ الأمُورِ يَدَانِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 217 3525- لا يُرْسِلُ السَّاق إلاَّ مًمْسِكاً ساقا أصل هذا في الحِرْبَاء يشتدُّ عليه حَرُّ الشمسِ فَيَلْجَأ إلى ساق الشجرة يستظلُّ بظلها، فإذا زالت عنه تحوَّلَ إلى أُخْرَى أعدَّهَا إلى نفسه، ويقَال بخلاف هذا، قَال بعضهم: لا، بل كلما اشتد حر الشمس ازداد نَشَاطا وحركة، يعنى الحرباء فإذا سقط قرص الشمس سقط الحرباء كأنه ميت، وإذا طَلَعَتْ تحرك وحيى، وإنما يتحوَّلُ من غصن إلى آخر لزوال الشمس عنه يضرب لمن لا يَدَعُ له حاجة إلا سأل أخرى. وقَال: بلت بأشْوَسَ مِنْ حِرْبَاء تَنْضُبَة ... لا يُرْسِلُ السَّاق إلا مُمْسِكاً سَاقَا (المحفوظ في صدر هذا البيت: أنى أتيح له حرباء تنضبة ... ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 217 3526- لا مَاءَكِ أَبْقَيْتِ، وَلا حِرَكِ أَنَقَيْتِ ويروى "ولا دَرَنَكِ" أصله أن رجلا كان في سفَر ومعه امرأته، وكانت عَارِكَا فَطَهُرَتْ، وكان معها ماء يسير فاغتسلت، فلم يكن يكفها لغسلها وأنْقَذَتِ الماء فبقيا عطشانين، فعندها قَال لها هذا القول وقَال المفضل: أول من قال ذلك الضب بن أروى الكلاعى، وذلك أنه خرج تاجرا من اليمن إلى الشام، فسار أياماً، ثم حاد عن أصحابه، فبقى مفردا في تيهٍ من الأرض حتى سقط إلى قوم لا يَدْرى من هم، فسأل عنهم، فأخبر أنهم هَمَدَان، فنزل بهم، وكان طريراً ظريفاً، وأن امرَأة منهم يُقَال لها عمرة بنت سبيع هَوِيتَه وهَوِيَهَا، فخطبها الضب إلى أهل بيتها، وكانوا لا يزوِّجُون إلا شاعراً أو عائفاً أو عالماً بعيون الماء، فسألوه عن ذلك فلم يعرف منهم شيئاً، فأبوا تزويجه، فلم يزل بهم حتى أجابوه، فتزوجها ثم إن حَيَّا من أحياء العرب أرادوا الغارة عليهم، فتطيروا بالضب فأخرجوه وامرأته وهى طامث، فانطلقا، ومع الضب سِقَاء من ماء، فسار يوماً وليلة، وأمامهما عين يظنان [ص: 218] أنهما يصبحانها، فَقَالت له: إدْفَعْ إلىَّ هذا السقاء حتى أغتسل فقد قاربنا العين، فدفَعَ إليها السقاء، فاغتسلت بما فيه، ولم يكفها، ثم صبحا العين فوجداها نَاضِبة، وأدركهما العطش، فقال لها الضب : لا ماءك أبقيت ولا حِرَكِ أنقيت، ثم استظلا بشجرة حيال العين، فأنشأ الضب يقول: (هذا ليس بشعر؛ لأنه ليس مستقيم الوزن على بحر واحد.) تَالله مَا طَلَّةٌ أصَابَ بِهَا ... بَعْلاً سِوَاى قَوَارِعُ العَطَبِ وأيُّ مَهْرٍ يَكُونُ أثْقَلَ مِنْ ... مَا طَلَبُوه إذاً مِنَ الضب أنْ يَعْرِفَ الماء تحْتَ صُمِّ الصَّفا ... وَيُخْبِرَ النَّاسَ مَنْطِقَا الخطبِ أخْرَجَنِي قَوْمُهَا بأنَّ الرَّحَى ... دَارَتْ بِشُؤُمٍ لَهم عَلى القُطْبِ فلما سمعت امرأته ذلك فرحت وقَالت: ارجِع إلى القوم فإنك شاعرٌ، فانطلقا راجعين فلما وصلا خرج القوم إليهما وقصَدُوا ضربهما وردُّوهما، فَقَال لهما الضب: اسمعوا شعري ثم اقتلوني، فأنشدهم شعره، فنجا وصار فيهم آثَرَ من بعضهم. قَال الفرزدق: وكُنْتُ كَذَاتِ الحَيْضِ لَمْ تُبقِ ماءَهَا ... ولا هِي مِنْ مَاءِ العَذَابةِ طاهِرِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 217 3527- لاَ أبُوكَ نُشِرَ وَلاَ التُّرَابُ نَفِدَ قَال الأحمر: أصلُ هذا أن رجلاً قَال: لو علمت أين قُتِل أبى لأخَذْتُ من تراب موضعه فجعلتُهُ على رأسي، فقيل له هذه المقَالة، أي أنك لا تُدْرِكُ بهذا ثأرَ أبيك ولا تقدر أن تنفد التراب. يضرب في طلب ما يُجْدِى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 218 3528- لاَ يَكُنْ حُبُّكَ كَلَفَاً وَلاَ بُغْضُكَ تَلَفاً. ويروى عن بعض الحكماء أنه قَال: لا تكن في الإخاء مكثراً، ثم تكون فيه مدبراً، فيعرف سرفك في الإكثار، بِجَفَائك في الإدبار، ومنه الحديث (ينسب هذا الكلام إلى علي بن أبى طالب كرم الله وجهه.) "أحْبِب حبيبَكَ هوناً ما، عسى أن يكون بغيضَكْ يوماً ما، وأبْغِضْ بَغيضَكَ هَوْناً ما، عسى أن يكون حبيبَكَ يوماً ما" ومنه قول النِّمِرِ بن تَوْلَب: أحْبِبْ حَبِيبَكَ حُبّاً رُويْداً ... فَلَيْسَ يَعُولَكَ أنْ تَصْرِمَا وَأبِغِضْ بَغِيضَكَ بُغْضَاً رُوَيْداً ... إذا أنْتَ حَاوَلْتَ أن تَحْكُمَا وقَال النبي صلى الله عليه وسلم "إنما المرء [ص: 219] بخليله، فليَنْظُرِ امرؤ من يُخَالل" وقريب منه بيت عَدِىّ بن زيد: عَنِ المَرْءِ لاَ تَسْألْ وَأبْصِر قَرِيْنَهُ ... فإنَّ القَرِينَ بِالمُقَارِنِ يَقْتَدِى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 218 3529- لاَ يُدْعَى لِلْجُلَّى إلاَّ أخُوهَا أي لا يُنْدَبُ للأمر العظيم إلا مَنْ يقوم به ويصلح له، ويضرب للعاجز أيضاً، أي ليس مثلك يُدْعَى إلى الأمر العظيم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 219 3530- لاَ يَعْدَمُ شَقِىٌ مُهْراً ويروى "مُهَيْرا" تربية المهر شديدة لبطء خيره، أي لا يعدم الشقى شقاوة. يضرب للرجل يعنى بالأمر فيطول نَصَبُه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 219 3531- لاَ تَهْرِفْ بِمَا لاَ تَعْرِفُ الهَرْفُ: الإطْنَابُ في المَدْح. يضرب لمن يتعدَّى في مدح الشَيء قبل تمام معرفته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 219 3532- لاَ تَنْسُبُوهَا وانظُرُوا ما نَارُهَا يضرب في شواهد الأمور الظاهرة على علم باطنها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 219 3533- لاَ أُحِسِنُ تَكْذَابَكِ وَتَأثَامَكَ، تَشُولُ بِلِسَانِكَ شَوَلاَن البَرُوقِ يُقَال: البَرُوق الناقة التي تَشُولُ بذنبها فيظن بها لَقَح وليس بها، ويقَال: أبرقَتِ الناقةُ فهى بَرُوقٌ، كما يُقَال: أعَقَّتِ الفرسُ فهى عَقُوق، وأنتجَت فهى نَتُوج. وأصل هذا أن مُجَاشع بن دَارِم وفَدَ على بعض الملوك، فكان يُسَامره، وكان أخوه نَهْشَل بن دارم رجلا جميلا، ولم يك وَفاداً إلى الملوك، فسأله الملكُ عن نَهْشَل، فَقَال: إنه مُقيم في ضَيْعته، وليس ممن يَفِدُ على الملوك، فَقَال: أوْفِدْهُ، فلما أوفَدَه اجتهره (اجتهره: رآه جميل المنظر، وجهره أيضاً) ونظر إلى جَمَاله فَقَال له: حدثنى يا نهشل، فلم يجبه، فقال له مجاشع: حدث الملكَ، فَقَال: إني والله لا أحسن تَكْذابَكَ وتأثامك تشول بلسانك شوَلان البروق. يضربه من يقل كلامُه لمن يكثر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 219 3534- لاَ يَعْدَمُ الحُوَارُ مِنْ أمَّه حَنَّةً كذا رواه أبو عبيد، أي حنيناً وشَفَقة، وقَال غيره: حنة أي شَبَهاً، قَال ابن الأعرابي: هذا مثل قولهم "من عِضَةٍ ما يَنْبُتَنَّ شَكِيرُها" يعنى الشَّبَهَ، وروى بعضهم "خَنَّة" من الخنين، ويراد به انتزاع شبه الأصل، والخنة: الصوت، والحنة: فَعْلَة من الحَنَان وهو الرحمة، وهذا أشبه بالصواب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 219 3535- لاَ آتِيكَ مَا حَنَّنتِ النِّيبُ ومثله "ما أطَّتِ الإبلُ" أي أبدا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 219 3536- لاَأَفْعَلُ كَذَا حَتَّى يَلِجَ الجَمْلُ في سَمِّ الخِيّاطِ يُقَال للإبرة الخيَاطُ والمِخْيَطُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 220 3537- لا يَضُرُّ الحُوَارَ مَا وَطِئَتْهُ أُمُّهُ ويروى "لا يضير" وهما بمعنى واحد. يضرب لمن في شَفَقَة الأم. وما "وطئنه" مصدر؛ أي وَطأة أمه، والوطأة ضارة في صُورَتها، ولكنها إذا كانت من مُشْفِق خرجت من حد الضرر؛ لأن الشفَقَةَ تثنيها عن بلوغها حده. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 220 3538- لاَ نَاقَتِى في هذا ولا جَمَلِى أصل المثل للحارث بن عُباد حين قَتَلَ جَسَّاسُ بن مرةَ كليباً وهاجت الحربُ بين الفرقين، وكان الحارثُ اعتزلها، قَال الراعى: وَمَا هَجْرتُكِ حَتَّى قُلْتِ مُعْلِنَةً ... لا نَاقَةٌ لي فِي هذَا ولاَ جَمَلُ يضرب عند التبرى من الظلم والإساءة وذكروا أن محمد بن عمير بن عطارد بن حاجب شرور لما خرج الناس على الحجاج فَقَال: لا ناقتى في ذا ولا جَمَلِي، فلما دخل بعد ذلك على الحجاج قَال: أنت القائل لا ناقتي في ذا ولا جملي؟ لا جَعَلَ الله لك فيه ناقة ولا جملا ولا رَحْلا، فشمِتَ به حجار ابن أبجر العجلى وهو عند الحجاج، فلما دعا بَغدَائه جاؤا بِفُرْنِيِةٍ (الفرنية: نوع من الخبز غليظ نسبوه إلى الفرن، وقَال الهذلى: نقابل جوعهم بمكللات ... من الفرنى يرغبها الجميل) فَقَال ضعوها بين يَدَي أبى عبد الله فإنه لَبَنِىٌّ يحبُّ اللبن، أراد أن يدفع عنه شَمَاتة حجار. وقَال بعضهم: إن أول مَنْ قَال ذلك الصًّدوف بنت حُلَيْس العُذرِية، وكان من شأنها أنها كانت عند زيد بن الأخنس العُذري، وكان لزيد بنتٌ من غيرها يقَال لها الفارعة، وإن زيداً عَزَلَ ابنتَه عن امرأته في خِباء لها، وأخْدَمها خادماً، وخرج زيدٌ إلى الشام، وإن رجلا من عُذْرَة يُقَال له شَبَث هَوِيَها وهويَتْه، ولم يزل بها حتى طاوعته، فكانت تأمر راعىَ أبيها أن يُعَجِّلَ ترويحَ إبله، وأن يحلب لها حلبة إبلها قَيْلاً، فتشرب اللبن نهاراً، حتى إذا أمست وهَدأ الحيُّ رُحِلَ لها جمل كان لأبيها ذَلُول فقعدت عليه وانطلقا حتى كانا ينتهيان إلى مَتْيَهة من الأرض فيكونان بها ليلتهما، ثم يقبلان في وَجْه الصبح، فكان ذلك دَأبَهُما، فلما فَصَلَ أبوهَا من الشأم مَرَّ بكاهنة على [ص: 221] طريقِه، فسألها عن أهله، فنظرت له ثم قَالت: أرى جَمَلَكَ يُرْحَلُ ليلا، وحلَبَةَ تَحْلب إبلَكَ قَيْلا، وأرى نعما وخيلا، فلا لبث، فقد كان حدث، بآل شيث، فأقبل زيد لا يلوى على شَيء حتى أتى أهلَه ليلا، فدخل على امرأته وخَرَجَ من عندها مُسْرِعاً حتى دخل خِباء ابنته، فإذا هي ليست فيه، فَقَال لخادمها: أين الفارعة ثَكَلَتْكِ أمك؟ قَالت: خرجت تمشى وهى حرود، زائرة تعود، لم تر بعدك شَمْسا، ولا شهدت عرسا، فانفتل عنها إلى امرأته، فلما رأته عَرَفَت الشَّر في وجهه، فَقَالت: يازيد، لا تَعْجَلْ وَاقْفُ الأثر فلا ناقة لي في هذا ولا جمل، فهي أول من قَال ذلك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 220 3539- لاَ تَقْسِطْ عَلَى أبى حِبَالٍ كان حِبال بن طُلَيْحة بن خُويلد لقى ثابت بن الأفرم وعُكَاشة بن مِحْصِن، وكان طليحة تنبأ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقتل ثابت وعكاشة حِبَالاً، فجاء الخبر إلى طليحة، فتبعهما وقتلهما، وقَال: فَإنْ تَكُ أذَوَادٌ أصِبْنَ وَنَسْوَةٌ ... فَلَنْ يَذْهَبُوا فَرْغاً بِقَتْلِ حِبَالِ وَمَا ظنكم بالقَوْمِ إذْ تَقْتُلُونَهُ ... ألَيْسُوا وَإنْ لَمْ يُسْلِمُوا بِرِجَالِ عَشَيَّةَ غَادَرْتُ ابنَ أفْرَمَ ثَاوِياً ... وَعُكَّاشَةَ الغنمى عَنْهُ بِحَالِ فلما رأت بنو أسد صنيعَ طليحة وطلبه بثأر ابنه قَالوا: لا تَقْسِطْ على أنى حبال فذهبت مَثَلاً. يضرب لمن يُحْذَر جانبه ويُخْشَى وتْرُه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 221 3540- لاَ يَكْظِمُ عَلَى جِرَّتِهِ الكَظُوم: السَّكُوت، وكَظَم البعيرُ يَكْظِم كُظُوماً، إذا أمْسَكَ عن الجِرَّة. يضرب لمن يعجز عن كتمان ما في نفسه ومثلُه: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 221 3541- لاَ يَخْنُق عَلى جِرَّتِهِ يُقَال: خَنَقَه يخْنُقُه خَنِقَاً، بكسر النون من المصدر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 221 3542- لاَ فِي ولاَ في النَّفيرِ قَال المفضل: أولُ من قَال ذلك أبو سفيان بن حَرْب، وذلك أنه أقْبَلَ بعِير قريش، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تَحَّيَنَ انصرافها من الشأم فَنَدَب المسلمين للخروج معه، وأقبل أبو سفيان حتى دنا من المدينة وقد خاف خوفاً شديداً، فَقَال لمجدىّ بن عمرو: هل أحْسَسْتَ من أحدٍ من أصحاب محمد؟ فَقَال: ما رأيت من أحد [ص: 222] أنكره إلا راكبين أتيَا هذا المكَانَ، وأشار له إلى مكان عديٍّ وبسبس عَيْنَى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ أبو سفيان أبْعَاراً من أبعار بعيريهما ففَتَّها فإذا فيها نوىً، فَقَال: علائفُ يَثْرب، هذه عيون محمد، فضرب وجوه عِيْرِهِ فسَاحَلَ بها وترك بَدْراً يساراً، وقد كان بَعَثَ إلى قريش حين فَصَلَ من الشأم يخبرهم بما يخافه من النبي صلى الله عليه وسلم، فأقبلت قريش من مكة، فأرسل إليهم سفيان يخبرهم أنه قد أحرز العير، ويأمرهم بالرجوع، فأبَتْ قريش أن تَرْجِع ورَجَعَتْ بنو زهرة من ثنيَّة أجدى، عدلوا إلى الساحل مُنْصَرِفين إلى مكة، فصادفهم أبو سفيان فَقَال: يابنى زهرة لا في العير ولا في النفير، قَالوا: أنت أرسَلْتَ إلى قريش أن ترجع، ومضت قريش إلى بدر، فواقعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأظفره الله تعالى بهم، ولم يشهد بدراً من المشركين من بنى زهرة أحد. قَال الأَصمَعي: يضرب هذا للرجل يحطُّ أمره ويصغر قدره وروى أن عبد الله بن يزيد بن معاوية أتى أخاه خالداً فَقَال: يا أخى لقد هممت اليوم أن أفْتِكَ بالوليد ابن عبد الملك، فَقَال له: والله بئسما هممت به في ابن أمير المؤمنين وولى عهد المسلمين، فَقَال: إن خيلى مَرَّتْ به فتعبث بها وأصغرها وأصغرنى، فَقَال خالد: أنا أكْفِيكَهُ، فدخل خالد إلى عبد الملك والوليد عنده فَقَال: يا أمير المؤمنين إن الوليد مَرَّتْ به خيلُ ابن عمه عبد الله بن يزيد بن معاوية فتبعث بها وأصغره، وعبدُ الملك مُطرِق، فرفع رأسَه وقَال: إن المُلُوك إذا دخَلوا قريةً أفْسَدُوها، وجَعَلُوا أعِزَّةَ أهلها أذلَّةً، إلى آخر الآية، فَقَال خالد: وإذ أرَدْنَا أن نُهْلِكَ قريةً أمرنا مُترفيها، إلى آخر الآية، فَقَال عبد الملك: أفى عبد الله تكلمى؟ والله لقد دَخَلَ عَلَىَّ فما أقام لسانه لحنا، فَقَال خالد: أفَعَلَى الوليدِ تعول؟ فَقَال عبد الملك: إن كان الوليد يلحن فإن أخاه سليمان لا، فَقَال خالد: وإن كان عبد الله يلحن فإن أخاه خالدا لا، فَقَال له الوليد: اسكُتْ يا خالدُ فوالله ما تعدُّ في العيرِ ولا في النَّفير، فَقَال خالد: اسْمَعْ يا أمير المؤمنين، ثم أقبل عليه فَقَال: ويْحَكَ! مَنْ في العير والنفير غيري؟ جَدِّى أبو سفيان صاحبُ العير، وجدي عتبة بن ربيعة صاحب النَّفِير، ولكن لو قلت "غُنَيْمات وجُبَيْلاَت والطائف ورحم الله عثمان" قلنا: صدقت، عَنَى بذلك طَرْدَ رسول صلى الله عليه وسلم الحكَم إلى الطائف إلى مكان [ص: 223] يدعى غَنيمات، وكان يأوى إلى حُبْلةَ وهى الكَرْمة، وقوله "رَحِمَ الله عثمان" لردِّهِ إياه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 221 3543- لاَ أفْعَلُ كَذَا مَا أَرْزَمَتْ أُمُّ حائِلٍ أرْزَمَتِ الناقة؛ إذا حَنَّتْ، والحائل: الأنثى من أولادها، أي لا أفعلُه أبداً الجزء: 2 ¦ الصفحة: 223 3544- لاَ تُرَاهِنْ عَلَى الصَّعْبَةِ وَلاَ تَنْشِدِ القَرِيضَ هذا المثل للحُطَيئة، لما حَضَرَته الوَفَاة اكْتَنَفَهُ أهلُهُ وبنو عمه، فقيل: يا حًطَىءْ أوْصِ، قَال: وبِمَ أوصِى؟ مالى بين بنىَّ، قَالوا: قد علمنا أن مالك بيني وبنيك فأوْصِ، فقال: وَيْل للشِّعْر من راوية السوء، فأرسلها مَثَلاً، فَقَالوا: أوصِ، فَقَال: أخبِرُوا أهلَ ضابئ بن الحارث أنه كان شاعراً حيث يقول: لكُلِّ جَدِيدٍ لَذَة، وغيرَ أنَّنِي ... وَجَدْتُ جَدِيدَ المَوْتِ غيرَ لذيذ ثم قَال : لا تُرَاهِن على الصَّعبة ولا تنشد القريض، فأرسلها مَثَلاً. يضرب في التحذير وفي بعض الروايات أنه قيل له: يا أبا مُلَيْكَةَ أوْصِهْ، قَال: مالى للذكور دون الإناث، قَالوا: إن الله لم يأمر بذا، قَال: فآتى آمر، قَالوا: أوْصِهْ، قَال: أخبروا آل الشماخ أن أخاهم أشْعَرُ العرب حيث يقول: وظلت بأعراف صِياماً كأنَّهَا ... رمَاحٌ نَحَاهَا وجهة الريح رَاكِزُ قَالوا: أوْصِيهْ فإن هذا لا يُغْنِى عنك شيئاً، قَال: أبلِغُوا كِنْدَة أن أخاهم أشْعَرُ العرب يقول: فَيَالَكَ مِنْ لَيْلٍ كأنَّ نُجُومَهُ ... بأمْرَاسِ كتَّان إلى صُمِّ جَنْدَلِ يعنى امرؤ القيس، قَالوا: أوْصِهْ فإن هذا لا يغنى عنك شيئاً، قَال: أخْبِرُوا الأنصارَ أن أخاهم أمْدَحُ العرب حيث يقول: يُغْشُونَ حَتَّى مَا تَهِرُّ كِلاَبُهُمْ ... لاَ يَسْأَلُونَ عَنِ السَّوَادِ المُقْبِلِ قَالوا: أوصه فإن هذا لا يغنى عنك شيئاً قَال: أوصيكم بالشعر خيراً، ثم أنشأ يقول: الشعْرُ صَعْبٌ وَطَوِيلٌ سُلَّمُهْ ... إذا ارْتَقَى إلى الَّذي لاَ يَعْلَمُه زَلَّتْ بِهِ إلَى الحَضِيضِ قَدَمُهْ ... وَالشِّعْرُ لاَ يُطيعُهُ مَنْ يَظْلِمُهْ يُرِيدُ أَنْ يُعْرِبَهُ فَيُعْجِمُهْ ... وِلَمْ يَزَلْ مِنْ حَيْثُ يأتي يَخْرِمُهْ [ص: 224] مَنْ يَسِمِ الأعْدَاء يبقى مِيسَمُهُ ... قَالوا: أوْصِهْ فإن هذا لا يبقى عنك شيئاً، قَال: [قد] كُنْتُ أحْيَانَاً شَدِيدَ المُعْتَمَدْ ... وَكُنْتُ أحياناً عَلَى خَصْمِى ألَدْ قَدْ وَرْدَتْ نَفْسِى وَمَا كَادَتْ تَرِدْ ... قَالوا: أوْصِهْ فإن هذا لا يغنى عنك شيئاً، قَال: واجَزَعَاهُ على المديح الجيد يُمْدَح به من ليس من أهله، قَالوا: أوْصِهْ فإن هذا لا يغنى عنك شيئاً، فبكى، قَالوا: وما يبكيك؟ قَال: أبكى الشعرَ الجيدَ، من راوية السوء، قَالوا: أوص للمساكين بشَيء، قَال: أوصيهم بالمسألة وأوصِ الناسَ أن لا يُعْطُوهم، قَالوا: أعتِقْ غُلامك فإنه قد رَعَى عليك ثلاثين سنة، قَال: هو عبد ما بقى على الأرض عَبْسى، ثم قَال: احملوني على حماري ودُورُوا بي حول هذا التل فإنه لَم يَمُتْ على الحمار كريم، فعسى ربي أن يرحمني، فحمله ابناه وأخذا بضبْعَيه ثم جَعَلاَ يسوقان الحمار حول التل، وهو يقول: قَدْ عَجَّلَ الدَّهْرُ والأحْدَاثُ يتمكما [؟؟] ... فَاسْتَغْنَيَا بوشَيِكٍ إنَّني عَانِ [وَ] دَلِّيَانِي في غَبْرَاءَ مُظْلِمَةٍ ... كَمَا تدلى دلاءٌ بَيْنَ أشْطَانِ قَالوا: يا أبا مليكة، مَنْ أشْعَرُ العرب؟ قَال: هذا الجُحَير، إذا طمع بخير، وأشار بيده إلى فيه، وكان آخر كلامه، فمات وكان له عشرون ومائة سنة، منها سبعون في الجاهلية، وخمسون في الإسلام. ويروى أنه أراد سَفَراً، فلما قَدَّم راحلته قَالت له امرأته: متى ترجع؟ فَقَال: عُدِّى السِّنِينَ لَغِيَبَتِى وَتَصَبَّرِى ... وَدَعى الشُّهورً فَإنَّهُنَّ قِصَارُ فَقَالت: اذْكُرْ صَبَابَتَنَا إلَيْكَ وَشَوْقَنَا ... وَارْحَمْ بَنَاتِكَ إنَّهُنَّ صِغَارُ قَالوا: وما مدح قوماً إلا رفَعهم، وما هجا قوماً إلا وضعهم. وقال يهجو نفسه وقد نظر في المرآة، وكان دَميماً: أبَتْ شَفَتَاي اليَوْمَ إلاَّ تَكَلُّماً ... بِسُوء، فَمَا أدْرِى لِمَنْ أنَا قَائِلُهْ أرَى ليَ وَجْهاً شَوَّهَ الله خَلْقَهُ ... فَقُبِّحَ مِنْ وَجْهٍ وَقُبِّحَ حَامِلُهْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 223 3545- لاَ تَكُنْ أَدْنَى العَيْرَيْنِ إلَى السَّهْمِ أي لا تكن أدنى أصحابك من التَّلَفِ يضرب في التحذير الجزء: 2 ¦ الصفحة: 224 3546- لاَ يأبى الكَرَامة إلاَّ حِمَارٌ قَال المفضل: أولُ من قَال ذلك أميرُ المؤمنين علي رضي الله عنه، وذلك أنه دخل عليه رجلان، فرمى أحدهما بوِسَادتين، فقعَدَ أحدُهما على الوِسَادة، ولم يقعد الآخَر، فَقَال علي: اقْعُد على الوِسَادة ، لا يأبى الكرامة إلا حمار، فقعد الرجل على الوسادة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 225 3547- لا أَفْعَلُ ذلِكَ مَا جَبَحَ ابْنُ أتانٍ قَاله عدى، يُقَال: جَبَح وجَبَخَ - بالخاء، والخاء - وابن الأتَانِ: الجحشُ، أي لا أفعل كذا أبداً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 225 3548- لا تَحْبِقُ في هذا الأمْرِ عَنَاقٌ حَوْلِيَّةٌ قَاله عدى بن حاتم حين قُتل عثمان رضي الله عنه، فلما يومُ الجمل فقُئت عين عدى وقُتل ابنه بِصِفِّين، فقيل له: يا أبا طريف، ألم تزعُم أنه لا تحبق في هذا الأمر عَنَاقٌ حولية؟ فَقَال: بَلَى والله، التَّيْسُ الأعظَم قد حَبَق فيه، قَالوا: ولما كان بعد ذلك دخَلَ على معاوية وعنده عبد الله بن الزبير، فَقَال ابن الزبير: يا أمير المؤمنين هِجْهُ فإنَّ عنده جواباً، فَقَال معاوية: أما أنا فلا، ولكن دونك إن شِئت، فَقَال له ابن الزبير: أي يوم فقئت عينك ياعدى، قَال: قي اليوم الذي قُتلَ فيه أبوك مُدْبِراً وضُرِبْتَ على قفاك مُوَالِّيا، فأفِحَمَهُ. يضرب المثل في الأمر لا يُعْبَأَ به ولا غِيَرَ له، أي لا يدرك فيه ثأر. ومثلُه قولهم: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 225 3549- لا تَنْفِطُ فِيهِ عَنَاقٌ أي لا تَعْطَس، والنَّفيط من العَنَاق مثلُ العُطَاس من الإنسان. ومثلهما: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 225 3550- لا يَنْتطِحُ فِيهِ عَنْزَانِ أي لا يكون له تَغْيير ولا له نكير. فأما قولهم: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 225 3551- لا تَنْطَحُ بِهَا ذَاتُ قَرْنٍ جَمَّاءَ فإنما يُقَال ذلك عند اشتداد الزمان وقلة النشاط. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 225 3552- لا أَفْعَلُ ذلِكَ مَا لأَلأَتِ الفُوزُ بأَذْنَابِهَا اللألأة: المصْع، وهو التحريك، والفُوز: الظِّباء، ولا واحد لها من لفظها، ويروى "مالألأت العُفْر" وهى الظبأ أيضاً أي أبداً؟ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 225 3553- لا لَعَاً لِفُلاَنٍ يُقَال للعاثر "لَعاً له" إذا دَعَوْا له، [ص: 226] و"لا لَعاً له" إذا دَعُوا عليه وشمتوا به، أي لا أقامه الله من سَقْطته، قَال الأخطَل: فَلاَ هَدَى الله قَيْسَاُ مِنْ ضَلالَتْهِمْ ... وَلاَ لَعاً لِبَنِي ذَكْوَانَ إذ عَثَرٌوا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 225 3554- لا قَرَارَ عَلَى زَأرٍ مِنْ الأَسَدِ تمثل به الحجاج حين سَخِطَ عليه عبدُ الملك، وهو قول النابغة: نُبَئتُ أن أبا قَابُوسَ أوعَدَنى ... وَلاَ قَرَارَ عَلَى زَأرٍ مِنْ الأسَدِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 226 3555- لا تَقْتَنِ مِنْ كَلْبِ سُوءٍ جَرْواً وينشد على هذا المعنى: تَرْجُو الوَلِيدَ وَقَدْ أعْيَاكَ وَالِدُهُ ... ومَا رَجاؤكَ بَعْدَ الوَالدِ الوَلَدَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 226 3556- لا أَفْعَلُهُ سِنَّ الحِسْلِ أي أبدا. يُقَال: إن الحِسْلَ - وهو ولد الضَّبِّ - لا تسقُطُ له سن، ويقَال: إن الضب والحية والقُرَاد والنَّسْر أطولُ شَيء عُمُراً، ولذلك قَالوا "أحْيى من ضب" لطول حياته، زعموا أن الضبَّ يَعِيش ثلثمائة سنة، والتقدير: لا آتيك دوامَ سن الحسل، أي مدة دَوَامه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 226 3557- لا يَكُونُ كَذَا حتَّى يَحِنَّ الضَّبُّ في أثَرِ الإبل الصَّادِرَة وهذا لا يكون؛ لأن الضبَّ لا يَرِدُ ولا حاجة به إلى الماء، وقد مر في الكتاب ذكر الضب والضفدع فلا فائدة في إعادته هنا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 226 3558- لا أدْرِى أيُّ الجَرَادِ عَارَهُ أي ما أدري مَنْ أهلكه ومَنْ دهاه وأتى إليه ما يكره. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 226 3559- لا يَلتَاطُ هذا بِصُفْرِى ويروى "لا يليق بصفرى" قَال الكسائي: لاَطَ الشَيء بقلبي يلوط ويَلِيط أي إذا لزق به، ولا يلتاط بصفرى: أي لاَ يَلْصَق بقلبي، وهذا ألوَطُ بقلبي وأليَطُ وأصل الصُّفْرُ الخُلُو، يُقَال: صَفِرَتْ يدى، أي خَلَتْ، وصَفِرَ الإناء، أي خلاَ كأنه قيل: لا يلزق ولا يقر هذا في خَلاَء قلبي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 226 3560- لا تَأكُلْ حتَّى تَطِيرَ عَصَافِيرُ نَفْسِكَ أي حتى تشتهى وتنطلق نفسك للطعام الجزء: 2 ¦ الصفحة: 226 3561- لا يَعْدَمُ مانِعٌ عِلَّةً يضرب لمن يعتلُّ فيمنع شُحاً وإبقاء على ما في يده. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 226 3562- لا عِلَّةَ لا عِلَّةَ، هذه أَوْتَاد وَأَخِلَّةٌ أصلُ المثل لامرَأة خَرْقَاء كانت لا تُحِسْن بناء بيتها، وتعتلُّ بأنه لا أوتاد لها، فأتاها زوجُها بالأوتاد والأخِلَّة، وقَال لها هذا القول. يضرب لمن يعتلُّ عليك بما لا عِلَّةَ له فيه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 227 3563- لا يَنَامُ مَنْ أَثأَرَ أي مَنْ طلب الثأر حَرَّمَ على نفسه الدَّعَةَ والنوم. يضرب في الحث على الطلب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 227 3564- لا أَفْعَلُهُ ما حَيٌّ حَيٌّ أَو ماتَ مَيْتٌ أي ابداً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 227 3565- لا عِتَاب بَعْدَ المَوْتِ يضرب في الحث على الإعتاب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 227 3566- لاَ يَمْلكُ الحَائنُ حَيْنَهُ أي دَفَع حَينهُ، وأراد بالحائن الذي قُدِّرَ حَيْنُه، لا الذي حَانَ وَهَلَكَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 227 3567- لاَ عِتَابَ عَلَى الجَنْدَلِ ذكر بعضُهم أن مَلِكة كانت بسبأ، فأتاها قوم يخطبونها، فَقَالت: لِيَصِفْ كلُّ رجلٍ منكم نفسه، ولبَصْدُقْ وليُوجِزْ، لأتقدم إن تقدمت أو أدَعَ إن تركت على عِلْم، فتكلم رجل منهم يُقَال له مُدْرِك فَقَال: إن أبي كان في العز الباذخ، والحسَبِ الشامخ، وأنا شرس الخليقة، غيرُ رِعْدِيد عند الحقيقة، قَالت : لا عتابَ على الجندل، فأرسلتها مَثَلاً. يضرب في الأمر الذي إذا وَقَعَ لا مَرَدَّ له قَال أبو عمرو. ثم تكلم آخر منهم يُقَال له ضَبِيسُ بن شرس، فَقَال: أنا في مال أثيثٍ، وخُلُق غير خبيث، وحسَب غير عَثيث، وأخذُو النعلَ بالنعل، وأجْزَى القَرْضَ بالقرض، فَقَالت: لا يَسُرُّكَ غائبا من لا يسرك شاهدا، فأرسلتها مَثَلاً. ثم تكلم آخر منهم يُقَال له شَمَّاس بن عبَّاس، فَقَال: أنا شَمَّاس بن عباس، معروف بالنَّدَى والباس، حُسْنُ الخلق في سجيته، والعدل في قضيتي، مالى غير مَحْظُور على القُلِّ والكُثْر، وبابي غيرُ محجوبٍ على العُسْر واليُسْر، قَالت: الخير مُتَّبَع والشرُّ محذور، فأرسلتها مَثَلاً. ثم قَالت: اسمع يا مُدْرِك وأنت يا ضَبيس، لن يستقيم معكما مُعاشرة لعشير حتى يكون فيكما لين عَرِيكة، وأما أنت يا شَمَّاس فقد [ص: 228] حَلَلْتَ منى محلَّ الأهزَعِ (الهزع: آخر ما يبقى من السهام في الكنانة، والكنانة: وعاء السهام) . من الكِنَانة والواسطة من القلادة؛ لدَمَاثة خُلُقك وكَرَم طِبَاعك، ثم اسْعَ بِجِدٍّ أودَعْ، فأرسلتها مَثَلاً، وتزوجت شماسا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 227 3568- لا أفْعَلُ كَذَا ما أنَّ السَّماءٌ سَمَاءٌ أي ما كان السماء سماء. وكذلك: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 228 3569- لاَ أفْعَلُهُ مَا أنَّ في السَّمَاء نَجْمَاً ويروى "ما عَنَّ في السماء نجم" أي ظهرَ، ويجوز "ما عنَّ في السماء نجما" على لغة تميم؛ فإنهم يجعلون مكان الهمزة عينا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 228 3570- لاَ آتِيكَ السَّمَرَ والقَمَرَ أي ما كان السمر والقمر. قَال الأصمعى: السَّمَر عندهم الظُلْمة، والأصل في هذا أنهم كانوا يجتمعون فَيَسْمَرُون في الظلمة، ثم كثر الاستعمال حتى سموا الظلمة سَمَراً، وأنشد في أن السمر الظلمة: لاَ تَسْقِنى إن لَمْ أزُر سَمَراً ... غَطَفَانَ مَوْكب جَحْفَلٍ ضَخْمٍ تُدْعَى هوازنُ في طوائفه ... يتوقٌّدَ تَوْقُدَ النَّجْمِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 228 3571- لاَ أفْهَلُهُ مَا جَمَرَ ابْنُ جَمِيرٍ قَال اللحياني: الجمير المظلم. قلت: جَمَّر معناه جَمَع، والظلام يَجْمَع كلَّ شَيء، ومنه جَمَّرَتِ المرأة شَعْرَها، إذا جَمَعَتْه وعقَدَتْهُ في قَفَاهَا ولم ترسله، وابن جَمِير: الليل المظلم، وابن سَمير: الليل المقمر، وينشد: (البيت لعمرو بن أحمر الباهلى) نَهَارهُمُ ظَمْآن ضَاحٍ، ولَيْلُهُم ... وَإن كَان بَدْراً ظُلْمةُ ابنِ جَمِير وكذلك "لا أفعله ما سَمَرَ ابنَ سَمِير" قَالوا: السمير والجمير الدهر، أجْمَرَ القومُ على الشَيء، أي اجتمعوا، وابنا جِميرٍ: الليل والنهار، سُميِّا بذلك للاجتماع كما سُمِّيا ابنَىْ سَمِير لأنه يُسْمَر فيها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 228 3572- لا أفْعَلُ كَذَا سَجِيسَ الأَوْجَسِ وهو الدهر، وسَجيسُه: آخره، ويقَال: طولهُ، قَال قيس بن زهير يرثى حَمَلاً: ولَوْلاَ ظُلْمُهُ مَا زِلْتُ أبكِى ... سَجِيسَ الدَّهْرِ مَا طَلَعَ النَّجُومُ ويقال: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 228 3573- لاَ آتِيكَ سَجِيسَ عُجَيْسٍ وإنما سمى عجيساُ لأنه يتعَجَّس أي يبطىء فلا يذهب أبداً، قَال: [ص: 229] وَوَالله لا آتِى ابن ماطئة اسْتِهَا ... سَجِيسَ عُجَيْسٍ ما أبان لِسَانِي (روى الجوهري صدره: فوالله لا آتى ابن ضمرة طائعا ... ) أي أبدا، يُقَال "مطا" إذا ضرب، فقوله "ماطئة استها" معناه ضاربة استها، يقال: سجين عَجِيس، وسجيسَ عُجَيَس مصغراً، (ذكر المجد في (ع ج س) أن عجيسا أتى مكبرا، ونص الشارح على خطئه) وسجيسَ الأوجَسِ والأوجُسِ، ومعنى كله الدهر، قَال ابن فارس: هذا من الكلام المشكل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 228 3574- لا أفْعَلُهُ دَهْرَ الدَّهَارِيرِ قَال الخليل: الدَّهَارِيرِ أولُ يوم من الزمان الماضي، ولا يفرد منه دهرير، قَال: والدهر هو النازلة، تقول: دَهَرَهم أمر، أي نزل بهم مكروه ويقَال أيضاً: لا أفعله دَهْرَ الداهرين، وأبدَ الابدين، وعوض العائضين، كله بمعنى أبدا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 229 3575- لاَ يُلْبِثُ المرء اخْتِلاَفُ الأحْوَالْ مِنْ عَهْدِ شَوَّالٍ وَبَعْدَ شَوَّالْ يُفْنِيهِ مِثْلَ فَنَاء السِّرْبَالِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 229 3576- لاَ تُيْبْسِ الثَّرَى بَيْنى وَبَينْكَ يضرب في تخويف الرجل صاحبَه بالهجر، ويروى "لا توبس" وينشد فَلا تُوِبِسُوا بَيْنى وَبَيْنَكُم الثَّرَى ... فَإنَّ الَّذي بَيْنِى وَبَيْنَكُم مُثْرِى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 229 3577- لا يَبِضُّ حَجَرُهُ البَضُّ: أدنى ما يكون من السيلان يضرب للبحيل الذي لا خَيْرَ فيه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 229 3578- لا هُلْكَ بوَادٍ خَبِرٍ الخَبِرُ: من الخَبرِ، أي بوادٍ ذي شجرٍ من النبق وغيره، ومناقع الماء التي تبقى في الصيف، يُقَال: خَبِرَ الموضعُ يَخْبَرُ خَبَراً، إذا صار ذا سِدْرٍ، فهو خَبِر. يضرب مَثَلاً للرجل الكريم ذي المعروف، أي مَنْ نزل به فلا يُخَافُ عليه الهلْكُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 229 3579- لاَ حِضْنُهَا حِضْنٌ وَلاَ الزِّنَاءُ زِنَاءٌ يضرب لمن لا يبقى على حالة واحدة، لا في الخير ولا في الشر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 229 3580- لاَ يَغُرَّنَّكَ الدُّبَّاء وَإنْ كانَ فِي الماءِ قَاله أعرابى تناولَ قَرْعاً مطبوخا فأحرق فمه، فَقَال: لا يغرنَّكَ الدباء وإن كان نشؤه في الماء. يضرب مَثَلاً للرجل الساكن الكثير الغائلة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 229 3581- لاَ يُنْبِتُ البَقْلَةَ إلاَّ الحَقْلَةُ يُقَال: الحَقْلَة القَرَاح، أي لا يَلِدُ الوالدُ إلا مثله. وقَاله الأزهري: يضرب مَثَلاً للكلمة الخسيسة تخرج من الرجل الخسيس، حكاه عن ابن الأعرابي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 230 3582- لاَ تَجْنِ مِنَ الشَّوْكِ العِنَبَ أي إذا ظلمت فاحدر الانتصار والانتقام الجزء: 2 ¦ الصفحة: 230 3583- لاَ تَنْقُشِ الشَّوْكةَ بِمِثْلِهَا فَإن ضَلْعَهَا مَعَهَا أي لا تستعن في حاجتك بمن هو للمطلوب منه الحاجة أنْصَحُ منه لك، ويروى "فإن ابتهالها" وروى أبو عمر "فإن ضلعها لها" أي ميلها لها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 230 3584- لاَ ذَنْبَ لي قَدْ قُلْتُ لِلْقَوْمِ اسْتَقُوا ويُنشد معه: أنْ تَرِدَ المَاءَ بِمَا أرْفَقُ ... لاَ ذَنْبَ لي قَدْ قُلْتُ لِلْقَوْمِ اسْتَقُوا ثم قَال: وَهُمْ إلىَ جَنْبِ غَدِيرٍ يَفْهَقُ ... يضرب لمن لا يقبل الموعظة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 230 3585- لاَ أَفْعَلُ كَذَا ما بَلَّ البَحْرُ صُوفَةً، ومَا أَنَّ فِي الفُرَاتِ قَطْرَةً أي أبدا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 230 3586- لاَ تَرَاءى نَارَاهُمَا قَاله صلى الله عليه وسلم، يعنى نارى المسلم والمشرك، أي لا يَحِل للمسلم أن يسكن بلاد الشرك فيكون معهم، بحيث يرى كل واحد منهما نار صاحبه، فجعل الرؤية للنار، والمعنى أن تدنوا هذه من هذه، وأراد لا تتراءى، فحذف إحدى التاءين، وهو نفى يراد به النهى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 230 3587- لاَقَدْحَ إنْ لَمْ تُورِ نَاراً بِهَجَرَ هذا للعجاج يخاطب عمرو بن معمر، يقول: إن قَدحْتَ في كل موضع فليس بشَيء حتى تُورى بهَجَر يضرب لمن ترك ما يلزمه في طلب حاجته الجزء: 2 ¦ الصفحة: 230 3588- لاَ يَفُلُّ الحَدِيدَ إلاَّ الحَدِيد هذا مثل قولهم "الحديدُ بالحديد يُفْلَحُ" وقَال: قَوْمُنَا بَعْضُهًمْ يُقَتِّلُ بعضاً ... لا يَفُلُّ الحَديدَ إلاَّ الحَدِيدُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 230 3589- لاَ يُجْمَعُ سَيْفَانِ فِي غِمْدٍ قَال أبو ذؤيب: [ص: 231] تُرِيدِينَ كَيمَا تَجْمَعينِى وَخَالِدَاً ... وَهَلْ تُجْمَعُ السِّيْفَانِ وَيْحَكِ فِي غمْدِ؟ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 230 3590- لاَ تَأمَنِ الأحْمَق وبِيَدِهِ السَّيْفُ يضرب لمن يتهدَّدك وفيه مُوقٌ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 231 3591- لاَ تَعْجَلْ بالإنْبَاضِ قَبْلَ التَّوتِيرِ الإنباض: أن تمدَّ الوَتَر ثم تُرْسِله فتسمع له صوتاً، قَال اللحياني: هذا مثلٌ في الاستعجال بالأمر قبل بلوغ أنَاهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 231 3592- لاَ تَرْفَعْ عَصَاكَ عَنْ أَهْلِكَ قَال أبو عبيد: قد علم أنه صلى الله عليه وسلم لم يرد ضربَهم بالعَصَا، إنما هو الأدَبُ أراد لا ترفع أدبك عنهم، وقيل: أراد لا تغب ولا تباعدوا عنهم، من قولهم "إنشَّقت عصاهم" إذا تبعدوا وتفرقوا، وهذا تأويل حسن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 231 3593- لاَ تَدْخُلْ بَيْنَ العَصَا وَلِحَائِهَا يضرب في المتخالين المتصافيين، قَال: لاتَدْخُلَنْ بنميمة ... بين العَصَا ولحائها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 231 3594- لاَ يَحْزُنْكِ دَمٌ هَرَاقَهُ أَهْلُهُ قَاله جَذيمة، وقد مر ذكره في قصة قصير والزباء في حرف الخاء. يضرب لمن يوقع نفسه في مَهْلكة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 231 3595- لاَ تَسْألِ الصَّارِخَ وانْظُرْ مالَهُ يضرب في قضاء الحاجة قبل سُؤَالها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 231 3596- لاَ جَدِيدَ لِمَنْ خَلَق لَهُ يضرب لمن يمتهن جديدَه فيؤمر بالتوقَّى عليه بالخَلَق. ويروى أن عائشة رضي الله عنها وَهَبَتْ مالاُ كثيراً، ثم أمَرَتْ بثوب لها أن يُرقَعَ وتمثلت بهذا المثل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 231 3597- لاَ يَعْجِزُ مَسْكُ السُّوءِ عَنْ عَرْفِ السُّوءِ قَال أبو عبيدة: يضربُ هذا في الذي يكتم لؤمه وهو يظهر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 231 3598- لاَ تَحْقِنُهَا مِنِّى في سِقَاءٍ أَوفَرَ يُقَال: سقاء أوفرُ وقِرْبة وَفْرَاء، للتي لم ينقص من أديمها شَيء. يضرب هذا للرجل يظلم فيقول: أما والله لا تحقنها منى في سقاء أوفر، أي لا تذهب بها منى حتى يستقاد منك. ومنه قول أوسٍ: إنْ كَانَ ظَنِّى يَا ابْنَ هِنْدٍ صَادِقَاً ... لَمْ يَحَقِنُوها في السِّقَاءِ الأوفَرِ حَتَّى يلفَّ نخيلَهم وزرُعَهُمْ ... لَهَبٌ كناصية الحصان الأشْقَرِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 231 3599- لاَأَكُونُ أَوَّلَ مَنِ التَبَأَ لِبَأهُ يُقَال: ألبَأتِ الشاة ولَدَها، أي أرضعته الِّلبأ، والْتَبَأها وَلَدها. وأصل المثل أن حكيم بن مُعًية بن ربيعة الجوع كانت عنده امرَأة من بنى سَليط، وكان حكيم راجزاً، وكان جرير يهجو بنى سليط، فَقَالت بنو سليط لحكيم: قَبَحَك الله من صهر قوم، هذا الغلام يقطع أعراضنا - يعنون جريرا - وأنت راجز بنى تميم لا تعينُ أبا زوجك، فخرج حكيم نحوه، وأقبل مع بنى سليط، ودون الموقف الذي به جرير والجماعة نَجْفَة - وهى مارتفع من الأرض كالأكَمة - قَال حكيم: فلما وافيتها سمعتُه يقول لا تَحِسَبَنِّي عَنْ سَلِيطٍ غَافِلاَ ... إنْ تَغشَ لَيْلاً بسَليط نازلاَ لاَ تَلْقَ أفْرَاساً وَلاَ صَوَاهِلاَ ... وَلاَ قِرَى لِلْنازِلينَ عَاجِلاَ لا يتقى حُولاً ولا حَوَامِلاَ ... يترك أصْفَانَ الخُصَي جَلاَ جِلاَ فنكصتُ على عَقِبى، فَقَالت لي بنو سليط: أين تريد؟ فقلت: والله لقد جلجل الحصى جلجلةً لا أكون أولَ من التَبَأ لِبَأة فعرفتُ أنه بحر لا يُنكش ولا يُفْثَج، (لا ينكش: لا ينزف ولا يغيض، ولا يفثج: لا ينزح) فنكصْتُ وانصرفت عنه، وقلت: ايم الله لا جَلْجَلتنى اليوم، فأرسلها مَثَلاً، ومعنى قوله "لا أكون أول من التَبَأَ لِبَاه" أي لا أعرض نفسى لهجائه ولا أتحكك به. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 232 3600- لاَ أَفْعَلُ كَذَا ما اخْتَلَفَتِ الدِّرَّةُ وَالجِرَّةُ وذلك أن الدِّرَّة تَسفُل والجِرَّة تعلو، فهما مختلفَتَان. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 232 3601- لاَ حَرِيزَ مِنْ بَيْعِ أي لاَ احْتِرَازَ ولاَ امتناع من بيع، وهو أنَّ القوم إذا أنْفَضُوا فلم يكن عندهم شيء قَالَوا: أخْرِجُوا بنت فلاَن وبنت فلاَن فيبيعونهن. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 232 3602- لاَ يُلْبِثُ الحَلَبَ الحَوَالِبُ أن لاَ يُلْبِثُونَه أن يأتوا عليه إذا اجتمعوا له، وقيل: معناه يأخذ الحالبُ حاجته من اللبن قبل صاحب الإبل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 232 3603- لاَ تَكُنْ حُلْواً فتُسْتَرطَ، ولاَ مُرّاً فَتُعْقِىَ الاَستراط: الاَبتلاَعُ، والإعقاء: أن تشتدَّ مرارةُ الشيء حتى يُلْفَظَ لمرارته، وبعضهم يروى "فَتُعْقَى" بوزن فتسترط والصواب كسر القاف، يُقَال: أعقَى الشيء [ص: 233] والمعنى لاَ تتجاوز الحد في المرارة فترمى، ولاَ في الحلاَء فتُبْتَلَع، أي كنْ متوسطا في الحالين الجزء: 2 ¦ الصفحة: 232 3604- لاَ تَسْأَلْ عَنْ مَصَارِعِ قَوْمٍ ذَهَبَتْ أَمْوَالُهُمْ أيْ أنهم يتفرقون فيموتون بكل أوْبٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 233 3605- لاَ رَأْيَ لمَكْذُوبِ قد مرت قصتها تامة في الباب الحاء (انظر المثل -1025) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 233 3606- لاَ يَكْذِبُ الرَائِدُ أَهْلَهُ وهو الذي يُقَدِّمُونه لَيرْتاد منزلاَ أو ماء أو موضع حِرْز يَلْجَؤن إليه من عدو يطلبهم، فإن كَذَبهم صار تدبيرهم على خلاَف الصواب، وكانت فيه هَلَكتهم، أي أنه وإن كان كذاباً فإنه لاَ يكذب أهله. يضرب فيما يُخَاف من غِبِّ الكذب. قَالَ ابنُ الأعرابي: بعث قوم رائداً لهمْ فلما أتاهُم قَالَوا: ما وراءك؟ قَالَ: رأيت عُشْباً يشبعْ مِنهُ الجملُ البروكْ، وَتَشكَت منه النساء، وهَمَّ الرَجلُ بأخيه، يقول: العشب قليل لاَ يناله الجمل من قصره حتى يبرك، وقوله "تشكت مِنهُ النِساء" أي مِنْ قِلَّته تحلب الغنم في شَكْوَةٍ، وقوله"وهمَّ الرجُلُ بأخيه" أي تقاطَعَ الناسُ فهمَّ الرجلُ أَنْ يدعو أخاه ويصله من قلة العشب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 233 3607- لاَ آتِيكَ مَادَامَ السَّعْدَانُ مُسْتَلْقِياً قيل لأعرابي كَرِهَ البَادية: هل لك في البادية؟ قَالَ: أما دام السَّعْدَان مستلقياً فلاَ، قَالَوا: وكّذا ينبت السَّعْدَان. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 233 3608- لاَ أفْعَلُهُ حتَّى تَرْجِعَ ضالَّةَ غَطَفَانَ يعنونْ سِنان بن أبي حارثة المُرِّيَّ، وكان قومه عنَّفُوهُ على الجود، فَقَالَ: لاَ أراني يؤخذ على يدي، فركب ناقته ورمى بها الفَلاَة فلم يُرَ بعد ذلك، فصار مثلاً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 233 3609- لاَ حِسَاسَ مِنَ ابْنِي مُوقِدِ النَّارِ يُقَال: إنَ رَجُلين كانَ يُقَال لَهُما ابنا موقد النار، كانا يُوقِدَان على الطريق، فإذا مرَّ بهما قومٌ أضافاهم، فمضيا ومر بهما قوم فلمْ يَرُوهما، فقيل : لاَ حِساس منْ ابني موقدِ النار، والحِسَاس: ما يُحَسْ أي يُرَى، يعنى لاَ أثر مِنهُما يُبْصَر. يَضرب في ذَهاب الشيء البتة حتى لاَ يرى منهُ عَيْن ولاَ أثَر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 233 3610- لاَ تَجْعَلَنَّ بِجَنْبِكَ الأَسدةَ قُلت: هذا مثلٌ يَقَع فيه التصحيف، [ص: 234] فقد رَوَى بعضُ النَّاس "لاَ تحفلنَّ بجنبك الأشد" وتحَّملَ له معنى يبعد عن سَنَن الصواب، وقد تمثل به أبو مُسْلم صَاحبُ الدولة حين وردَ عليه رؤبة بن العجاج وأنشده شِعره، ثم قَالَ له أبو مسلم: إنك أتَيتَنا والأموال مَشُفوهَة والنوائبُ كَثيرة، ولكَ علينا مُعَوَّل، وإلينا عَوْدَة، وأنتَ لنا عاذر، وقد أمرنا لكَ بشيء وهو وَتِح (الوتح - بفتح الواو وسكون التاء أو فتحها أو كسرها - ومثله الوتيح: القليل التافه من الشيء) فلاَ تجعلنَّ بجنبك الأَسدة، هكذا أورَدهُ السلامي في تاريخه، فإن الدَهر أطرَقُ مستتبٌّ، ثُم دعا بِكِيسٍ فيه ألفُ دينار فدفَعَه إليه، قَالَ رؤبة: فوالله ما أدْرِي كيفَ أُجِيبه، قَالَ الجوهَري: السَّد - بالفتح - واحدُ الأَسدة، وهيَ العُيُوب مثلُ العَمَى والصَّمَ والبَكَم، جمع عَلى غَير قياس، وكان قياسه سُدوداً، ومنه قولهم "لاَ تجعلن بجنبك الأَسدة" أي لاَ يضيقَنَّ صدرُك فَتَسكت عن الجَواب كمن به صَمَ أو بكم، قَالَ الكُمَيْت: وَمَا بَجْنَبيَّ مِن صَفْحٍ وَعَائِدَةٍ ... عِنْدَ الأَسدة إنَّ العِيَّ كالعَضَبِ يقول: ليس بي عي ولاَ بكم عَن جَواب الكاشح، ولكنى أصفح عنه؛ لأن العي عن الجواب كالعَضب، وهو قَطع يَد أو ذهاب عضو، والعَائدة: العَطف، هذا كلامهُ، وأما قول أبى مسلم "فإن الدهر أطْرَقَ مستتب" فالطرق: استرخاء وضُعف في الرُكبتين، والاستتباب: الاستقامة، يريد أن الدهر تارة يَعْوَجُّ وتارة يستقيم، وهذا كالاَعتذار منه إلى رؤبة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 233 3611- لاَ أَبْقَى اللهُ عَلَيْكَ إنْ أَبْقَيْتَ عَلَىَّ يُقَال: أَبقَيْتُ الشيء، أي جَعلته باقيا، وأبقيت على الشيء، إذا تركتَه عَطْفاً عَليه ورَحمة له، يُقَال هذا للمتوعد، ومعناه لاَ بقيتَ إنّ أبقيتني، يعني لاَ تَأْلُ جَهْداً في الإساءة إلىَّ إنْ قَدَرْتَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 234 3612- لاَ فِي أَسْفل القِدْرِ ولاَ فِي أَعْلاَهَا هذا قريبٌ من قولهم "لاَ في العير ولاَ في النفير" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 234 3613- لاَ تَدْعَنَّ فَتَاةً وَلاَ مَرْعَاةً فإنَّ لِكُلٍّ بُغَاة يضرب لمن يُؤمر بانتِهَاز الفُرْصَة وأخْذِ الأمر بالحزم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 234 3614- لاَ أَلِيةَّ لِمُجْرِبٍ الألَّيةُ: القَسَم، والمُجْرِبُ: صاحبُ الإبل الجَرْبى، وهذا مثلُ قولهم "أكْذَبُ من مُجْرِب" لأنه يُسأل الهِنَاء فَيْحلف أنه لاَ هَنَاء عنده لاَحتياجه إليه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 235 3615- لاَ يَخْفَى عَلَيْكَ طَرِيقُ بِرْكٍ وَإنْ كُنْتَ فِي وَادِي نَعَامٍ بِرْك ونَعَام: موضعان بناحية اليمن. يضرب لمن له عِلم بأمر وإنْ كان خارجاً مِنهُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 235 3616- لاَ يَعْدَمُ خَابِطٌ وَرَقاً أي مَنِ انتَجَعَ لاَ يَعْدَمُ عُشْباً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 235 3617- لاَ يَدْرِى الكَذُوبُ كَيْفَ يأْتَمِرُ أي كَيفَ يَمتَثل الأمر ويَتْبَعُه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 235 3618- لاَ تَنْفَعُ حِيْلَةٌ مَعَ غِيلَةٍ يضرب للذي تأتَمنهُ وهو يَغُشُّك ويغتَالك. والغِيْلَة: اسمٌ منَ الاغتيال. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 235 3619- لاَ تَرْتَدْ عَلَى قَرْوَاهَا القَرْوى: فَعْلَى من القَرْو، وهو التَتَبع يُقَال: قَرَوْتُ البلاَدَ، إذا تتبعتها بأن تخرج من أرض إلى أرض. يَضرب للرجل يتَكَلم بالكلمة لاَ يستطيع أن يردَّها. والتاء في "ترتد" كناية عن الكلمة أي لاَ ترجع الكلمة على عقبها بعد ما فُهْتَ بها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 235 3620- لاَ بُقْيَا لِلْحِمِيَّةِ بَعْدَ الحرَائِمِ البُقْيَا: الإبقاء، والحريمة: ما فاتَ مِنْ كُل مَطموع فيه، ويُراد بها الحرم هنا، ويروى عن محكم اليمامة أنه كان يقول فيما يَحُضُّ به قومه مُسَيْلمة الكذاب: الآن تُسْتَخَفُّ الحرائم غير حَظِيِّات، وينكحن غيرَ رَضيات، فما كانَ عِندكم منْ حَسَب فأخرجوه، يعنى لاَ بُقيَا بعد هذا اليوم لشيء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 235 3621- لاَ يَنْفُعُكَ مِنْ جَارِ سُوءٍ تَوَقَّ التَّوْقي: الاتقاء. يَضرب في سُوء المجاورة. ومثله ما روى عن داود النبي عليه السلام: اللهم إني أعوذ بكَ مِنْ جارٍ عينه تَرَانِي وقلبه يَرْعَانِي، إنْ رَأي حسنةً كتَمَهَا، وإنْ رأي سيئةً نَشَرَها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 235 3622- لاَ يُحْسِنُ التَّعْرِيضَ إلاَ ثَلْباً يعنى أنه سَفيه يُصَرِّح بمُشاتمة الناس منْ غير كِناية ولاَ تعريض، والثَّلْبُ: الطعن في الأنساب وغيرها، ونصب على [ص: 236] الاستثناء من غير الجِنس. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 235 3623- لاَ تُبَرْقِلْ عَلَيْنَا هذا مأخوذ من البَرق بلاَ مَطَر، ومعناه الكلام بلاَ فعل. يضرب للمُتَصَلِّف. يُقَال: أخْذنا في البَرْقَلَة، أي صِرْنا في لاَشيء. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 236 3624- لاَ دَرَيْتَ وَلاَ ائْتَلَيْتَ قَالَ الفراء: ائتليت افْتَعَلْتَ من ألَوْت إذا قصرت، فتقول: لاَ دريت ولاَ قَصَّرْتَ في الطلب ليكون أشقى لك، وأنشد لأمرىء القيس: وَمَا المرءُ مَا دَامَتَ حُشَاشَةُ نَفْسِهِ ... بِمُدرِكِ أطْرَافِ الخُطُوبِ وَلاَ آلى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 236 3625- لاَ تُعَلِّمِ اليتيمَ البُكَاءَ أولَ مَنْ قَالَ ذَلكَ زُهَير بِن جَنَاب الكلبي وكانَ منْ حَديثَهُ أنَ عَلْقَمة بن جِذْل الطِّعَان بن فِرَاس بن غَنم بن ثعلبة أغار على بنى عبد الله بن كنانة بن بكر وهم بُعْسفَانَ، فقَتل عبد الله بِن هبل عبيدَةَ بِن هُبل ومالكَ بِن عُبَيدة وصَرِيم بن قيس بن هُبَل، وأسَرَ مالك بن عبد الَله بن هُبل، فلما أصيبوا وأفْلَتَ من أفْلَت أقبلت جارية من بنى عبد الله بن كنانة فَقَالَت لزهير ولمْ تَشهد الوقعة: يا عماه، ما تَرَى فَعَلَ أبى؟ قَالَ: وعلى أي شيء كان أبوكِ قَالَت: على شَقَّاء نَقَّاء، طويلة الأنقاء، تَمَطَّق بالعرق، تَمَطَقَ الشيخ بالمرق، قَالَ: نجا أبوكِ؟ ثم أتته أخرى فَقَالَت: يا عماه وما ترى فَعَلَ أبى؟ قَالَ: وعلى أي شيء كان أبوكِ؟ قَالَتْ: على طويل بَطْنُها، قصيرٍ ظَهُرها، هاديها شَطْرها، يكُبُّها خَصْرُها، قَالَ: نجا أبوكِ، ثم أتتهُ بِنتُ مالك بن عُبيدة بن هُبَل فَقَالَت: يا عماه، وما ترى فَعَلَ أبى؟ قَالَ: وعلى أي شيء كان أبوكِ؟ قَالَتْ: على الكَزَّة الأَنُوح، التي يكفيها لَبَنُ الَّلقُوح، قَالَ: هَلكَ أبوكِ، قَالَ: فَبَكَت، فَقَالَ رجل: ما أسوأ بُكَاءها، فَقَالَ زهير: لاَ تُعَلِّم اليتيم البُكاء. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 236 3626- لاَحُرَّ بِوَادِي عَوْفٍ هو عَوْف بن مُحَلِّم بن ذُهلِ بن شَيْبَان، وذلك أن بعض الملوك - وهو عمرو بن هند - طلب منه رَجُلاً، وهو مروان القَرِظِ، وكان قد أجارَه، فمنعه عوف وأبىَ أن يُسْلمه، فَقَالَ الملك: لاَ حُرَّ بوادي عَوْف، أي أنه يقهر مَنْ حَلَّ بواديه، فكلُ مَنْ فيه كالعبد له لطاعتهم إياه. وقَالَ بعضهم: إنما قيل ذلكَ لأنه كَانَ يَقْتُل الاَسارىَ، وقد ذكرت قصة مروان [ص: 237] مع عوف في حرف الواو عند قولهم "أوْفَى من عَوْف بن محلِّمٍ" وقَالَ أبو عبيد: كان المفضل يخبر أن المثل للمنذر بن ماء السماء قَالَه في عوف بن محلِّمٍ، وذلك أن المُنذر كان يطلب زهير بن أمية الشيباني بذَحْل، فمَنَعَه عوف، فعندها قَالَ المنذر: لاَ حُرَّ بوادي عوف. وكان أبو عبيدة يقول: هو عَوْف بن كَعْب بن سَعْد بن زَيْد مَنَاة بن تميم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 236 3627- لاَ تَسْخَرَنَّ مِنْ شيء فَيَحُورَ بِكَ. أي يعود عليك، قَالَ عمرو بن شرحبيل: لو عَيَّرْتُ رجلاً بَرْضَاع الغنم لخشِيتُ أن أرضعها، وقوله "يحور" معناه يرجع، أي يَرجع بِكَ ما سَخِرْتَ منه فتبتلى به. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 237 3628- لاَ يُرَحِّلَنَّ رَحْلَكَ مَنْ لَيْسَ مَعَكَ. أي لاَ تستعِنْ إلاَ بأهل ثِقَتِك، ويروى "لاَ يُرَحِّلُ رَحْلَكَ" على وجه النفي، أي لاَ يعينُكَ مَنْ لاَ يكون صَغْوه معك (صغوه - بالغين المعجمة - أي ميله، وفي أصول هذا الكتاب "صفوه" بالفاء، وما أحسبه إلاَ محرفاً عما أثبت.) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 237 3629- لاَ تَبْرُكُ الإبل عَلَى هَذَا يضرب لما لاَ يُصْبر عَليه لشدته الجزء: 2 ¦ الصفحة: 237 3630- لاَ يَبَرُّكَ مِثْلُ مالك قَالَوا: هو اسم رَجُل مَرْغُوب في مَحَبته (وفي نسخة "مرغوب في صحبته") الجزء: 2 ¦ الصفحة: 237 3631- لاَحاءَ وَلاَ ساءَ أي لم يأمر ولم يَنْه، قَالَ أبو عمرو: يُقَال حاء بضأنك أي ادعُهَا، ويُقَال: سَأسَأْتُ بالحمار، إذا دعوته يشرب. يضرب للرجل إذا بلغ النهاية في السن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 237 3632- لاَ بيَّ عَلَيْكَ وَلاَ هَيَّ أي لاَ بأسَ عليك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 237 3633- لاَ يَغُرَّنَّك شَمَطٌ بِهِ، دَبَّ شيْخٌ في الجحِيمِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 237 3634- لاَ يَنْتَصِفُ حَليمٌ مِنْ جَهُولٍ لاَنَ الجهولَ يُرْبِى عليه، والحليم لاَ يَضَعُ نفسه لمسافهته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 237 3635- لاَ يَمْلِكُ حَائِنٌ دَمَهُ أي مَنْ حان حَيْنُه لاَ يقدر على حَقْن دمه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 237 3636- لاَ يَقُومُ لَهَا إلاَ ابنُ أجْدَاهَا أي لاَ يقوم لدَفْع العظيمة إلاَ الرجل العظيم يضرب لمن يُغْنى غناءً عظيماً. كأنَهم قَالَوا: إلاَ كريم الأَباء والأمهات من الرجال والإبل، قَالَه أبو زيد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 237 3637- لاَ يَنْفَعُ حَذَرٌ مِنْ قَدَرٍ ويروى "لاَ ينفعك من رديء حَذَر". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 237 3638- لاَ يَنْقُصُكَ مِنْ زَادٍ تَبَقٍّ التَبقي: الإبقاء. يَضرب في الحث على أكل ما يفسد إن أُبِقَىَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 238 3639- لاَ يَعْدَمُ عائِشٌ وَصْلاَتٍ أي مادام للمرء أجَل فهو لاَ يَعْدَم ما يتوصل به. يَضرب للرجل يُرْمل مِنْ الزاد فيلقى آخر فينال منه ما يبلِّغُه أهله. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 238 3640- لاَ تُمَازِح الشَّريفَ فَيْحْقِدَ عَلَيْكَ، ولاَ الدَّنيء فَيْجْتَرِئَ عَلَيْكَ. قَالَه سعيد بن العاص أخو عمرو. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 238 3641- لاَ تَكْذِبَنَّ ولاَ تَشَبَّهَنَّ مِن التشبه، أي لاَ تكذب على غيرك ولاَ تَشَبَّهْ بالكاذب، ويروى ولاَ تُشَبِّهَنَّ مِن التَّشْبيه أي لاَ تَكذب ولاَ تُلَبِّسْ على غيرك بأن تكذبه، فيلتبس عليه الأمر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 238 3642- لاَ تَنْهَ عَنْ خُلُقٍ وتَأتَى مِثْلَهُ ينشد في هذا المعنى: إذا عِبْتَ أمْراً فَلاَ تَأتِهِ ... فَذُو اللُّبِّ مُّجْتَنِبٌ مَا يَعِيب وقيل أيضاً: لاَ تَنْهً عَنْ خُلُقٍ وَتَأتِىَ مِثْلَهُ ... عَارٌ عَلَيْكَ إذا فَعَلْتَ عَظِيمُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 238 3643- لاَ تُبْقِ إلاَ عَلى نَفْسِكَ أي أنَكَ إن أسْرفْتَ أسْرفَ عليك، ومعناه إن أبقيتَ على أحدٍ فما أبقيت إلاَ على نفسك. وقَالَ أبو عبيد: يُقَال للمتوعد "لاَ تُبْقِ إلاَ على نفسك" ومعناه اجْهَدْ جَهْدَكَ، فكأنهُ يَقول: لاَ تَعْطِفْ إلاَ على نفسك، فأما أنا فَافْعَلْ بي ما تَقدر عليه فلستُ ممن يبالي وَعيدَكَ وَتهديدكَ، ومثله "لاَ أبقى الله عَلَيْكَ إن أبْقَيْتَ علي" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 238 3644- لاَ تَعْقِرْهَا لاَ أبا لَكَ إمَّا لَنَا وإمَّا لَكَ قَالَه مالك بن المُنْتَفق لِبِسْطَام بن قَيْس حين أغار على إبله فكان يَسُوقها، فإذا تفرقت طَعَنَهَا لتجمع وتُسْرع. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 238 3645- لاَ تَظْعَنِي فَتَهَيِّجي القَوْمَ للظَّعْنِ يضرب لمن يًتَّبع فيما يَنْهَج. يعنى أنَكَ مَتْبُوع فلاَ تَفْعَلْ مالاَ يليقُ بكَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 238 3646- لاَ يُطَاعُ لِقَصيرٍ أمْرُهُ مضى ذكره في قصة الزباء في حرف الخاء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 238 3637- لاَ يُلْبِثُ الغَويَّانِ الصَّرْمَةَ يريد بالغويِّ الذئبَ، أي إذا كانا اثنين أسْرَعَا في تمزيقها. [ص: 239] يضرب لمن يُفْسد ماله وهو قليل. والصَّرْمَة: القِطْعة من الغنم أو الإبل القليلة، والتقدير: لاَ يلبث ولاَ يمهل الذئبان الغويان القطعةَ القليلةَ أن يُفرقاها ويُهْلكاها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 238 3648- لاَ فَتىً إلاَ عَمْرُو بنُ تَقْنٍ قد ذكرت قصته مع لقمان عند قوله "إحدى حُظَيَّات لُقْمَان" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 239 3649- لاَ أفْعَلُ كَذَا ما غبَا غُبَيْس قُلتُ: لم أجد في معنى هذا المثل ما يوافق لفظه، إلاَ ما حكاه اللحياني، قَالَ: يُقَال للظلام غبس وغُبَيْس أيضاً، ورأيت في أمالى الخوارزمى أن معنى غبا أظلم، والغبيس: من أسماء الليل، وقَالَ ابن الأَعرَبي: ما أدري ما أصله، وقالَ بعضهم: غبَيْس تَصْغير أغْبَسَ مرخما وهو الذئب، وغَبَا أصله غَبَّ فأبدل من أحد حرفي التضعيف الألف، مثل تَقَضَّي وتَظَنَّي في تَقَضَّضَ وتَظَنَّنَ، أي مادام الذئب يأتي الغنم غِبّاً، أنشد الأموي: وَفِى بَنى أمِّ زُبَيرٍ كَيْسُ ... عَلى الطَّعَامِ ما غَبَا غُبَيْسُ أي فيهم كِياسة على بَذْل الطعام، يصفهم بالجود، وتكون "على" بمعنى في، وروى الأَزهَري عن ابن الأَعرَبي أن معناه ما بقى الدهر، هذا حكاية أقوالهم. وإذا صح ما قَالَه اللحياني فالأَوَّلى أن يحمل غُبَيْس على أنه الليل، ويحمل غَبَا على غَبىَ في لغة طئ فإنهم يقولون في بَقِيَ وَفَنِيَ: بَقَا وَفَنَا، ويصح أن يُقَال غَبِىَ الليلُ وإن كان صاحبه يَغْبَى، كما قَالَ أبو كبير: [مُبَطَّناً ... سُهداً، إذا ما] نام ليل الهَوْجَلِ والغَبَاوَة: أن يَخْفَى الأمر على الرجل فلاَ يفطن له، وإبدال السين من الشين لاَ ينكر، نحو قولهم: جعسوس وجعشوش، وتسْميت العاطس، وتشميت العاطس. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 239 3650- لاَ يَلدُ الوَقْبانِ إلاَ وَقِباً الوَقْبُ: الأحمق، هذا يتكلم به عند التشاتم (يضرب للرجل يوافق أبويه في الموق) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 239 3651- لاَ مَحَالَةَ مِنْ جَلْزٍ بِعِلْبَاءٍ يضرب عند انقطاع الرجاء. أي صرتَ إلى الغاية القُصْوَى من الأمر قَالَه أبو عمرو. ويروى "لاَبُدَّ" والجَلْز: شدة عَصَب العَقَب على شيء، أي لاَبدَّ من النهوض في هذا الأمر، وقَالَ: ضَرَبْتُ بالسَّيْف حَتَّى ارْفَضَّ قَائِمُهُ ... وَلاَ مَحَالَةَ مِنْ جَلْزٍ بِعلْبَاءٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 239 3652- لاَ تُحْيِ البَيْضَ وتَقْتُلِ الفِرَاخَ أي لاَ تحفظ الصغير وتضيع الكبير. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 239 3653- لاَ حَمَّ وَلاَ رَمَّ أن أفْعَلَ كَذَا أي لاَ بدَّ من ذلك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 240 3654- لاَ تَحْسُدِ الضَّبَّ عَلى مَا فِي جُحْرِهِ. أي لاَ تحسد فُلاَناً على ما رُزِق من خير. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 240 3655- لاَ أُحِبُّ تَخْدِيشَ وَجْهِ الصّاحب قَالَ يونس: تزعم العربُ أن الثعلبَ رأي حَجَرا أبيض بين لِصْبَيْن (اللصبان: معنى لصب - بكسر اللام وسكون الصاد - وهو الشعب الصغير في الجبل) فأراد أن يَغْتَالَ به الأَسد، فأتاه ذاتَ يوم فَقَالَ: يا أبا الحارث، الغنيمة الباردة، شحمة رأيتها بينِ لصْبَين، فكرهت أن أدنو منها، وأحببت أن تولى ذلك أنت، فهلم لأريكها، قَالَ: فانطَلَقَ به حتى قام به عليه، فَقَالَ: دونَكَ يا أبا الحارث، فذهب الأَسد ليدخل فضاق به المكان، فَقَالَ له الثعلب: اردُسْ برأسك، أي ادفَعْ برأسك، قَالَ: فأقبل الأَسد يردس برأسه حتى نَشَبَ فلم يقدر أن يتقدم ولاَ أن يتأخر، ثم أقبل الثعلبُ يخورُه، أي يخدش خَوَرَانه (الخوران: مجرى الروث، ويُقَال: طعنه فخاره، إذا أصاب خورانه) من قُبُل دُبُره، فَقَالَ الأَسد: ما تصْنع يا ثُعَالة؟ قَالَ: أريد لاَستنقذك، قَالَ: فمن قبل الرأس إذن، فَقَالَ الثعلب: لاَ أحب تخديشَ وجه الصاحب. يضرب للرجل يُرِيكَ من نفسه النصيحة ثم يَغْدِر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 240 3656- لاَ تُدْرِهِ بِعِرْضِكِ فَيَلْذَمَ الإدراء: الإغراء، ولَذِمَ: لزم وضَرِيَ أي لاَ تجرِّئه فيجترئ عليك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 240 3657- لاَ تَرَ العُكْلِىَّ إلاَ حَيْثُ يَسُوءُكَ يضرب لمن لاَ تزال تراه في أمر تكرهه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 240 3658- لاَ يُسَاغُ طَعَامُكَ ياوَحْوَحُ يضرب عند كل معروف يكدر بالمنِّ، ووَحْوَح: اسمُ رجلٍ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 240 3659- وَلاَ جِنَّ بِالبَغْضَاء وَالنَّظَرِ الشَّزْرِ أي: لاَ يخفى نَظَرُ المبغض، ولاَ جِنَّ معناه لاَ خَفَاء، والبغضاء: البغض، والنظر الشزر: نَظَرُ الغضبان بمؤخر العينين، والشعر لأبى جَنْدَل الهُذَلى، وأوله: تحدِّثُنِى عَيْنَاكَ مالقَلْبُ كَاتِم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 240 3660- لاَ إخَالُكَ بالعَبْدِ إذا قُلْتَ يَا أَخَاهُ يضرب لمن يَصَطَنع المعروفَ إلى مَنْ ليس له بأهل. [ص: 241] وهذا كقولهم "ليس العبد بأخ لك" وقد ذكر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 240 3661- لاَ يَشْقَى بِقَعْقَاعٍ جَلِيس يُقَال: هذا القَعْقَاع بن عَمْرو، والصحيح قَعْقَاع بن شَوْر، وهو ممن جرى مَجْرى كعب بن مامة في حسن المُجَاورة، فضرب به المثل، وكان إذا جاوره رجلُ أو جالسه فعرفه بالقصد إليه جعل له نصيباً من ماله، وأعانه على عدوه، وشَفَع له في حاجته، وغدا إليه بعد ذلك شاكراً له فَقَالَ فيه الشاعر: وكُنْتُ جَلِيسَ قَعْقَاعِ بْنِ شَوْرٍ ... وَلاَ يَشْقى بِقَعْقَاعٍ جَلِيسُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 241 3662- لاَ رَأْيَ لِمَنْ لاَ يُطُاعُ قَالَه أمير المؤمنين على بن أبى طالب رضي الله عنه في خطبته التي يعاتب فيها أصحابه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 241 3663- لاَ حَيٌّ فَيُرَجَى وَلاَ مَيْتٌ فَيُنْسى مكتوبة قصته عند قوله "قد حِيلَ بين العَيْرِ والنَّزَوَان" (انظر المثل 2852- ورد هناك "لاَ ميت فينعى") من كلام صخر بن عمرو ابن الشَّرِيد في حرف القاف. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 241 3664- لاَ يَذْهَبُ العُرْفُ بَيْنَ الله وَالَنَّاس العُرْفُ والمعروف: الإحسان. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 241 3665- لاَ سَيْرُكَ سَيْرٌ ولاَ هَرْجُكَ هَرْجٌ الهَرْجُ: الحديثُ الذي لاَ يُدْرَى ما هو يضرب للذي يكثر الكلام، أي لاَ يحسن يَسِير ولاَ يحسن يتكلم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 241 3666- لاَ بُدَّ لِلْمَصْدُورِ أَنْ يَنْفُثَ المصدور: الذي يشتكى صَدْره، وهو يستريح ويشفى بالنَّفْثِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 241 3667- لاَ زِيَالَ لَزِمَ الحَبْلُ العُنُقَ الزيال: المُزَايلة (الزيال والمزيلة: المفارقة) يضرب للشيء يلزم فلاَ يُرْجَى الخلاَصُ منه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 241 3668- لاَ يَرْأَمُ بَوَّ الهَوَانِ أي لاَ ينقاد له، والرِّثْمَان: أن تَعْطِفَ الناقة على ولدها، والبو: جلْدُ حُوَارِ يُسْلِخُ فيُحْشَى، ويعلق عليها، فتظنه ولدها، فتدِرُّ عليه، والمعنى في المثل أنه لاَ يقبل الضَّيْمَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 241 3669- لاَ عَيْشَ لِمَنْ يُضَاجِعُ الخَوْفَ يضرب في مدح الأمن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 241 3670- لاَ تُقْرَعُ لَهُ العَصَا، ولاَ تُقَلْقَلُ لَهُ الحَصَا يضرب للمُحَنَّكِ المُجَرِّبِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 241 3671- لاَ أكُونُ كالضَّبُعِ تَسْمَعُ الَّلدْمَ فَتَخْرُجُ حتَّى تُصَادَ أي لاَ أغفل عما يجب التيقظ فيه، قَالَه أميرُ المؤمنين علي رضي الله عنه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 242 3672- لاَ تَأْمَنْ شَقِيّاً أُوحِشَتْ أَهْلُهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 242 3673- لاَ يُخْدَعَ الأَعرَبي إلاَ وَاحِدَةً قَالَه أعرابي خُدِعَ مرة ثم سَئِمَ الخداع أخرى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 242 3674- لاَ يَطْحَنُ بِكَ العِزُّ الفَطِيرُ (في نسخة "لاَ يطمح بك العز الفطير") يعنى أن العزَّ الحادثَ لاَ مُعَوَّلَ عليه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 242 3675- لاَ أَصْلَ لَهُ وَلاَ فَضْلَ قَالَ الكسائي: الأصل: الحسب، والفصل: اللسان، يعنى النُّطْقَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 242 3676- لاَ تَزَالُ تَقْرِصُنِي مِنْكَ قَارِصَةٌ أي كلمة مُؤْذِية الجزء: 2 ¦ الصفحة: 242 3677- لاَ يُصَدَّقُ أَثَرُهُ يضرب للكاذب يعنى لاَ يُصدَّقُ أثر رحله؛ لأنه إذا كذب هو كَذَب أثره في الأَرض أيضاً مثله أي أنه إذا قيل له: من أين جئت؟ قَالَ: من ثَمَّ، وإنما جاء مِن ههنا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 242 3678- لاَ أُمَّ لَكَ قَالَ أبو الهيثم : لاَ أم لك عندنا في مذهب ليس لك أم حُرَّة، وهذا هو الشتم الصحيح؛ لاَن بني الأماء عند العرب ليسوا بمحمودين ولاَ لاَحقين بما يلحق به غيرهم من أبناء الحرائر، فأما إذا قَالَ "لاَ أبا لك" فلم يترك له من الشَّتيمة شيئا، حكي جميعَ هذا عن أبى سعيد الضرير. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 242 3679- لاَ خَيْرَ فِي رَزَمَةٍ لاَ دِرَّة مَعَهَا الرَّزَمَةَ: صوتُ حنينِ الناقة، والفعل أرْزَمِتْ تُرْزْم إرْزَاماً، والدِّرَّة: اللبن، أي لاَ خَيْرَ في قول لاَ فعلَ معه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 242 3680- لاَ يُثَنِّى ولاَ يُثَلِّثُ أي هذا رجل كبير أراد النهوضَ فلم يقدر في أول مرة ولاَ في الثانية ولاَ في الثالثة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 242 3681- لاَ تَرَكَ الله لَهُ فِي الأَرض مَقْعِداً، ولاَ فِي السَّمَاء مَصْعَدَاً قَالَته امرأة دَعَتْ على ولدها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 242 3682- لاَ يَصْلُحُ رَفِيْقَاً مَنْ لَمْ يَبْتَلِعْ رِيقَاً يضرب لمن يَكْظِمْ الغَيْظَ ونصب "رفيقاً" على الحال، وأراد بالريق ريقَ الغَضب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 242 3683- لاَ تَشْرِينَّ مَشْرَى صَفْوٍ يُكَدَّرُ يُقَال "شَرَى" إذا باع، و "شَرَى"إذا اشترى، ومنه قوله تعالى (وشَرَوْهُ بثَمَنٍ بَخْسٍ) يضرب لمن يستبدل خبراً بشر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 243 3684- لاَ بلاَدَ لِمَنْ لاَ تِلاَدَ لَهُ أي لاَ يَسْمَعُ فقيراً مكانٌ ولاَ تحمله أرض لذلته وقلته في أعين الناس، ويجوز أن يكون المعنى لاَ يقدر الفقيرُ أن يقيمَ ببلاَده وأرضِه لفقره، بل يحتاج أن يَرْحَلَ عنها، كما قيل: وَتَرْمِي النَّوَى بالمُقْترِينَ الْمَرَامِيَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 243 3685- لاَ مَالَ لِمَنْ لاَ رِفْقَ لَهُ يعني أن المال يكسبه الرِّفق لاَ الخرق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 243 3686- لاَ جَعَلَ الله فيهِ آمَرَةً أي بَرَكة ونماء، وهذا كما يُقَال: تعرف في وجه المال أََمَرَته، ويروى "أَمْرَتَه" بسكون الميم، أي زيادته، من قولهم: أمِرَ مال فلاَن، إذا كَثُر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 243 3687- لاَغَرْو وَلاَ هَيْمَ يضرب للأمر إذا أشكل، قَالَ: أََعييَتني كُلَّ الْعَيَا ... ءِ فَلاَ أُغَرُّ وَلاَ أَهِيمْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 243 3688- لاَ تَظْلِمَنَّ وَضَحَ الْطَريق يضرب في التحذير لمن ترك الطريق الواضِح إلى المبهم. وظُلْمه: وضعه السير في غير موضعه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 243 3689- لاَ تَلْبِسَنَّ بِيَقِينٍ شَكّاً أي لاَ تَخْلِطَنَّ بِما أَيقَنْته شكا فيضعف رأيك وعزيمتك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 243 3690- لاَ يُوجَدُ العَجُولَ مَحْمُودَاً روى ثعلب عن ابن الأَعرَبي قَالَ: كان يُقَال : لاَ يوجد العجول محموداً، ولاَ الغضوب مسروراً، ولاَ الغضوب مسروراً، ولاَ الملول ذا إخوان، ولاَ الحر حريصاً، ولاَ الشره غنياً الجزء: 2 ¦ الصفحة: 243 3691- لاَ تَبْعَثِ المُهْرَ علَى وَجَاهُ يُقَال: وَجِىَ الفرسُ يَوْجَى وَجًى، إذا حَفِى، وهو للفرس بمنزلة النقب للبعير. يضرب لمن يوجه في أمره مَنْ يكرهه أو به ضعف عنه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 243 3692- لاَعَبَابَ وَلاَ أَبابَ يُقَال: إن الظّباء إذا أصابت الماء لم تعبَّ فيه، وإن لم تصبه لم تأُببْ لهُ، أي لم تتهيأ لطلبه، يُقَال: أبَّ يَئِبُّ أباًّ وأَباَباً، إذا قصد وتهيأ كما قَالَ: أخٌ قد طَوَى كَشْحاً وأَبَّ لِيَذْهَبَا (عجز بيت للأعشى، وصدره: صرمت، ولم أصرمكم، وكصارم) [ص: 244] قَالَوا: وليس شيء من الوحوش من الظباء والنعام والبقر يطلب الماء إلاَ أن يرى الماء قريباً منه فيَرِدَه وإن تباعد عنه لم يطلبه ولم يرده كما يرده الحمير. يضرب للرجل يُعْرِضُ عن الشيء استغناء. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 243 3693- لاَ يُحْسْنُ العَبْدُ الكَرَّ إلاَ الحَلْبَ والصَّرَّ يُقَال: إن شَدَّاداً العيسيِّ قَالَ لاَبنه عنترة في يوم لقاء ورآه يتقاعَسُ عن الحرب وقد حَمِيتْ فقال: كر عَنْتَر، فَقَالَ عنترة : لاَ يُحْسِنُ العبدُ الكَرَّ إلاَ الحلب والصَّرَّ، وكانت أمه حَبَشية، فكان أبوه كأنه يستخفّ به لذلك، فلما قَالَ عنترة لاَ يحسن العبد الكر قَالَ له: كر وقد زوجتك عَبْلَة، فكرّ وأبْلَى، ووَفى له أبوه بذلك فزوجه عبلة، والصًّرُّ: شد الصِّرَار وهو خيط يشد فوق الخِلْفِ والتَّوْدِية (الخلف للناقة كالثدي للمرأة، والتودية: خشبة تشد على خلف الناقة إذا صرت، وجمعه توادى.) لئلاَ يرضعَ الفيصلُ أمه، ونصب الحلب على أنه استثناء منقطع كأنه قال: لا يحسن العبدُ الكرَّ لكن الحلب والصر يحسنهما. يضرب لمن يكلَّف مالاَ يطيق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 244 3694- لاَ أُعَلِّقُ الجُلْجُلَ مِنْ عُنُقي أي: لاَ أشهر نفسي ولاَ أخاطر بها بين القوم، قَالَ أبو النجم يصف فحلاَ: يُرْعِدُ إذْ يَرْعُدُ قَلْبُ الأعزلِ ... إلاَ امْرَأ يَعْقُدُ خَيْطَ الجُلْجُلِ قيل في معنى هذا البيت: إنه كان في بني عجْلٍ رجل يحمَّقُ وكان الأَسد يَغْشَى بيوت بنى عجل فيفترس منهم الناقة بعد الناقة والبعيرَ بعد البعير فَقَالَت بنو عجل: كيف لنا بهذا الأَسد فقد أضَرَّ بأموالنا؟ فَقَالَ الذي كان يحمق فيهم: عَلَّقوا في هذا عُنُقِ هذا الأَسد جُلْجُلاَ، فإذا جاء على غفلةٍ منكم وغِرَّةٍ تحرك الجلجل في عُنقه فنذرتُمْ به، فضر به أبو النجم مثلاً، فَقَالَ: يرعد مِنْ فرق هذا الفحل مَنْ رآه من هَوْلِهِ وإبعاده إلاَ من كان بمنزلة هذا الأحمق فإنه لاَ يخافه لعدم عقله. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 244 3695- لاَ تُهْدِي إلى حَمَاتِكِ الكَتِفِ يضرب لمن يُباسط إخوانَهُ بالحقير الرديء. وأصله أَن امرأة وصَّتْ بنتها فَقَالَت : لاَ تهدي إلى حماتك الكتفَ، فإن الماء يجرى بين ألَلَيْها قَالَ أبو عبد الله: الأللانِ هما اللحمتان المطارقتان من على يمين البعير ويساره، وقَالَ أبو الهيثم: لاَن بينهما رَجْرَجَةً أي ماء غليظاً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 244 3696- لاَ تَرْكَبَنَّ مِنْ بَنَانٍ نَيْسَبَاً بنان: اسم أرضٍ، والنيسب: الطريق يضرب في النهي عن ارتكاب الباطل وإن جَرَّ إليك منفعةً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 245 3697- لاَ تُطِلِ الذَّيْلَ فَقَدْ أَجَدَّ الحَضِرُ يضرب للمتأني وقد جدَّ الأمر واحتاج إلى العَجَلَة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 245 3698- لاَ تَشِم الغَيْثَ فَقَدْ أَوْدَى النَّقَدُ أودى: هلك، والنَّقَدُ: صغار الغنم. يضرب لمن حَزِنَ على ما فات. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 245 3699- لاَ حَجْرَةً أَمْشِى ولاَ حَوْطَ القَصَا الحَجْرَة: الناحية، والقَصَا: البعد، يُقَال: قَصَا فُلاَنٌ عن جِوَارنا يَقْصِى قَصَاً، أي بعُد، قَالَ بشر: فَحَاطُونا القَصَا وَلَقَدْ رَأوْنَا ... قَرِيباً حَيْثُ يُسْتَمَعُ السِّرَارُ والتقدير: لاَ أمشى حَجْرة أي في حَجْرة ولاَ أحُوطَك حَوْطَ القَصَا، أي لاَ أتباعد عنك. يضرب لمن يتهددك فتقول له: هاأنا ذا لاَ أتباعد ولاَ أتنحَّى عنك فَهَلُم إلى مبارزتى ومقارعتى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 245 3700- لاَ غَزْوَ إلاَ التَّعْقِيبُ يُقَال: عَقَبَ الرجلُ، وهو أن يغزو مرة ثم يثنى من سَنَتِهِ، قَالَ طُفَيل يصف الخيل: طِوَالُ الهَوَادِى وَالمُتُونُ صَليبة ... مَغَاويرُ فِيهَا للأريبِ مُعَقَّبُ وأول من قَالَ ذلك حُجْر بن الحارث بن عمرو آكل المُرَار، وذلك أن الحارث بن مَنْدَلَةَ ملك الشام - وكان من ملوك سَلِحٍ، من ملوك الضَّجاعم، وهو الذي ذكره مالك بن جُوَيْنٍ الطائي في شعره فَقَالَ: هُنَالِكَ لاَ أُعْطِى رَئِيساً مَقَادَةً ... وَلاَ مَلِكاً حتَّى يَؤُبَ ابنُ مَنْدَلَه وكانَ قدْ أَغارَ على أرض نجد، وهى أرض حجر بن الحارث هذا، وذلك على عهد بَهْرَام جور، وكان بها أهل جُحْر، فوجد القومَ خُلُوفا، ووجد حُجْراً قد غَزَا أهلَ نَجْرَان، فاستاق ابنُ مَنْدَلة مالَ حُجْرٍ، وأخذ امرأته هندَ الهنود، ووقع بها فأعجبها، وكان آكلُ المُرَار شيخاً كبيراً، وابنُ مندلة شابا جميلاَ، فَقَالَت له: النَّجَاءَ النجاء فإن وَرَاءك طالبا حثيثاً، وجمعاً كثيراً، ورأياً صليباً، وحزماً وكيداً، فخرج ابنُ مندلة [ص: 246] مُغِذاً إلى الشام، وجعل يقسم المِرْبَاعَ نهاره أجمع، فإذا كانَ الليل أسْرِجَتْ له السُّرُجُ يقسم عليها، فلما رجع حُجْر وجَدَ ماله قد اسْتِيقَ، ووجد هنداً قد أخِذَتْ، فَقَالَ: مَنْ أغار عليكم؟ قَالَوا: ابن مَنْدلة، قَالَ: مذكم؟ فَقَالَوا: مذ ثماني ليال، فَقَالَ حُجْر: ثمان في ثمان ، لاَ غَزْوَ إلاَ التعقيب، فأرسلها مثلاً، يعنى غزوةَ الأَوَّل والثاني. قُلتُ: قوله "ثمانٍ في ثمانٍ" يعنى ثمان لِيالي أدخلت في ثمانٍ أخرى؛ إذ كانت غزوة نَجْرَان كذا، فقرنت بمثلها من هذا الغزو الآخر، أو أراد ثمانٍ ليال في أثرِ ثمان ليال، يعنى أنه سبقه بثمانِ ليالٍ حين أغار على قومه وسيلحقه في ثمانِ ليال. ثم أقبل مُجِداً في طلب ابن مَنْدَلة حتى دفع إلى وادٍ دون منزل ابن مندلة، فكَمَنَ فيهِ، وبعث سَدُوسَ بن شيبان بن ذُهل بن ثَعْلبة، وكان من مَنَاكير العرب، فَقَالَ له حُجر: اذهَبْ متنكراً إلى القوم حتى تعلم لنا عِلْمَهم، فانطلق سدوس حتى انتهى إلى ابن مَنْدلَة وقد نزل في سَفْح الجبل، وأقد ناراً وأقبل يَقْسم المِرْبَاع، ونثر تمراً، وقَالَ: مَنْ جاء بِحُزْمَة حطبٍ، فذهب سدوسُ فأتى بحُزمة حطب وألقاها على النارِ، وأخذَ قَبْضَةً من تمر فألقاها في كِنانته، وجلس مع القوم يستمع إلى ما يقولون، وهند خَلْفَ ابن مندلة تحدثه، فَقَالَ ابن مندلة: يا هند ما ظنك الآن بحُجر؟ قَالَت: أراه ضارباً بجوشنه على واسطة رحله وهو يقول: سِيرُوا سِيرُوا لاَ غَزْوَ إلاَ التعقيب، وذلك مثل ما قَالَ زوجها سواء، ثم قَالَت هند لاَبن مندلة: والله ما نام حُجْر قطٌ إلاَ وعُضْو منه حي، قَالَ ابن مندلة: وما علمك بذلك؟ وانتهَرها قَالَت: بلى كنت له فارِكاً فبينما هو ذات يوم في منزل له قد أخرج إليه رابعاً، فضربت له قبة من قبابه، ثم أمر بُجُزرٍ فنُحِرَتْ وبشاءٍ فذبحت، فصنع ذلك، ثم أرسل للناس فدعاهم فأطعمهم، فلما طعموا وخرجوا نام كما هو مكانه، وأنا جالسةٌ عندَ بابِ القُبةَ فأَقبلت حَيَّة وهو نائم باسطٌ رِجلَهُ، فذهبت الحية لتنهشهُ، فقبض رجله، ثم تحولت من قبل يده لتنهشه، فقبض يده إليه، ثم تحولت من قبل رأسه، فلَما دنت منهُ وهو يغطُّ قعدَ جالساً، فنظر إلى الحية، فَقَالَ: ما هذه يا هند؟ فقلت: ما فَطِنْتُ لها حتى جلستُ، قَالَ: لاَ والله، وذلك كله بمَسْمَع سدوس، فلما سمع الحديث رجع إلى حُجْر فنثر التمر من الكِنَانة بين يديه، وقَالَ: أَتَاكَ المُرْجِفُونَ بأمْرِ غَيْبٍ ... عَلَى دَهْشٍ وَجِئْتُكَ بِاليَقِينِ [ص: 247] فلما حَدَّثه بحديثِ امرأته مع ابن مَنْدلة عرف أنه قد صَدَقَهُ، فضرب بيده على المُرَار - وهى شجرة مرة إذا أكلت منها الإبل قَلَصَتْ مَشَافِرُها - فأكل منها من الغَضَب فلم يضره فسمته العرب "آكلَ المُرَار" ثم خرج حتى أغار على ابن مَنْدلة، فنذر به ابن مَنْدَلة فوثب على فرسه، ووقف، فَقَالَ له آكل المُرَار: هل لك في المبارزة؟ فآيُّنَا قَتَلَ صاحبه انقاد له جندب المقتول، قَالَ له ابن مندلة: أنْصَفْتَ، وذلك بعين هند، فاختلفا بينهما بطعنتين، فطعنه آكل المُرَار طعنةَ جَنْدَله بها عن فرسه، فوثبت هند إلى ابن مندلة تفديه، وانتزعت الرمح منْ نِحره وخرجت نفسهِ، فظفر أكل المرار بجنده، واستنقَذَ جميعَ ما كَان ذهبَ به منْ ماله ومال أهل بلاَده، وأخذ هنداً فقتلها مكانه، وأنشأ يقول: لِمَنِ النارُ أوقِدَتْ بحَفِيرِ ... لَمْ يَنَمْ غَيْرُ مُصْطَلٍ مَقْرُورِ إنَّ مَنْ يأمَنُ النِّسَاء بشيء ... بَعْدَ هِنْدٍ لِجَاهِل مَغْرورُ كلُّ أُنْثَى وَإنْ تَبَيَّنْتَ مِنْهَا ... آيةَ الحبِّ حُبُّهَا خَيْتَعُورُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 245 3701- لاَ يَيْأسَنَّ نائِمٌ أَنْ يَغَنَمَا قَالَ المفضل: بَلَغَنَا أن رَجُلاً كان يسير بإبل له حتى إذا كان بأرضٍ فَلٍّ (الفل - بفتح الفاء وقد تكسر - الأَرض الجدبة، أو التي تمطر ولاَ تنبت، أو التي أخطأها المطر) إذا هو برحل نائم، فأتاه يستجيره، فَقَالَ: آني جائرك من الناس كلهم إلاَ من عامر بن جُوَيْن، فَقَالَ الرجل: نَعَمْ، ومَا عسى أن يكون عامر بن جُوَين وهو رجلٌ واحد؟ وكان هو عامر بن جُوَين، فسار به حتى توسَّط قومه، فأخذ إبله وقَالَ: أنا عامرٌ بن جُوَين وقد أجَرْتُك من الناس كلهم إلاَ مني، فَقَالَ الرجل عند ذلك : لاَ ييأسَنَّ نائم أن يغنما، فذهب مثلاً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 247 3702- لاَ تَجْزَعَنْ مِنْ سُنَّةٍ أَنْتَ سِرْتَهَا قَالَوا: إن أول من قَالَ ذلك خالدٌ بن أخت أبى ذُؤَيب الهُذَلي، وذلكَ أن أبا ذُؤَيب كان قد نزل في بنى عامر بن صَعْصَعة على رجل يُقَالُ له عبد عمرو بن عامر، فعشقته امرأة عبد عمرو وعَشقها، فَخَبَّبَهَا على زوجها وحَمَلها وهرب بها إلى قومه، فلما قدم منزلهُ تخوَّفَ أهْلَه فأسَرَّهَا منهم في موضع لاَ يُعلم، وكان يختلف إليها إذا أمكنه، وكان الرسولُ بينها وبينه ابنَ أختٍ له يُقَال له [ص: 248] خالد، وكان غلاماً حَدَثاً له منظر وصَباحة فمكثَ بذلك بُرْهَة من دهر، وشَبَّ خالد وأدرك، فعشقته المرأة ودَعَتْه إلى نفسها، فأجابها وَهَوِيها، ثم إنه حَمَلَها من مكانها ذلك فأتى بها مكاناً غيره، وجعل يختلف إليها فيه، ومنع أبا ذؤيب عنها، فأنشأ أبو ذؤيب يقول: [وَ] ما حُمِّلَ البختى عامٍ غياره ... عليه الوسوق بُرُّهَا وشَعيرها بأعظمِ مما كنت حَمَّلْتُ خالداً ... وبعض أماناتُ الرجالِ غرورها فلما تراماه الشبابُ وغيُّه ... وفي النفس منه فتنة وفجورها لَوَى رأسه عنا ومال بوُدِّه أغانيجُ خَوْدٍ كان قِدْماً يزورها فلما بلغ ذلك ابنَ أخته خالداً أنشأ يقول: فَهَلْ أنتَ إمَّا أُّمُّ عمروٍ وتبدَّلّتْ ... سَوَاكَ خَليلاَ دائبا تَسْتَجِيْرُها فَرَرْتَ بها من عند عَمْرو بن عامر ... وهى همها في نفسه وسجيرها فَلاَ تَجْزَ عَنْ مِنْ سُنّةٍ أنْتَ سِرْتَهَا ... فأولُ راضٍ سُنّةً مَنْ يَسِيرُها وَلاَ تَكُ كَالثَّوْرِ الذي دفنت له ... حديدة حقف دَائباً يَسْتَثِيرُهَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 247 3703- لاَ يَعْلَمُ ما فِي الخُفِّ إلاَ اللهُ والإسكافُ أصلُه أن إسكافاً رَمى كلباً بخف فيه قَالَب، فأوجعه جداً، فجعل الكلبُ يصيح ويجزع، فَقَالَ له أصحابه من الكلاَب: أكُلُّ هذا من خف؟ فَقَالَ: لاَ يعلم ما في الخف إلاَ اللهُ والإسكاف. يضرب في الأمر يَخْفَى على الناظر فيه علمه وحقيقته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 248 3704- لاَ تَصْحَبْ مَنْ لاَ يَرَى لَكَ مِنَ الحَقِّ مِثْلَ مَا تَرَى لَه أي لاَ تصاحب مَنْ لاَ يُشَاكلك ولاَ يعتقد حَقَّكَ، يُقَال: فلاَن يَرَى رأي أبي حنيفة، أي يعتقد اعتقاده، وليس من رؤية البصر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 248 3705- لاَ يَكْسِبُ اَلْحَمْدَ فَتَىً شَحِيحُ يُضربْ في ذَمِّ البُخل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 248 3706- لاَ أَعْرِفَنَّكَ بَعْدَ المُوتِ تَنْدُبنِي وَفِي حَيَاتِي ما زودتني زادي يضرب لمنْ يُضَيع أخاه في حياتهِ ثُمَ بَكاه بعد موته، قَالَه أبو عبيد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 248 ما جاء على أفعل من هذا الباب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 249 3707- ألْهَفُ مِنْ قَضِيبٍ هَذا رجُلٌ منَ العربِ كانَ تَمَّاراً باليحرينِ وكانَ يأتي تاجراً فيَشتري مِنهُ التمرَ، ولم يكنْ يُعاملُ غَيرهُ، وإن ذلكَ التاجرُ اجتمعَ عِندهُ حَشَف كثيرٌ مِن التمرِ الذي كانَ يبَيعَهُ، فَدَخَل يَوماً ومَعهُ كيسٌ له فيه دَنانير كثيرةٌ، فَطرحهُ بَين ذلكَ الحشَفِ، وأُنْسِيَ رَفْعَة منْ هُناكَ، وأتاه الأَعرَبي كما كانَ يأتيه يشتري مِنهُ التَمرَ، فَقَالَ في نفسه: هذا أعرابي وليسَ يدري ما أعطيه، فلاَ صيرن هذا الحشفَ فيما يبتاعه، فلما ابتاعَ مِنهُ التمر عَدَّ عليه قَوْصَرَّةَ الحشَفِ التي فيها الدَنانير، ومضى قضيب بما اشترى منَ التمرِ، فباع جميعَ ما معه من التمر غير الحشف، فإنه لم يقدر على بيعهِ ولمْ يأخذه منهُ أحدٌ، وتذكر التمار كيسَه، وعلم أنه باع القَوصَرَّةَ غلطاً، فأخذ سكيناً وتبع الأَعرَبي فلحقهُ وقَالَ: إنكَ صديقٌ لي وقد أعطيتكَ تمراً غير جيد فَرُدَّه علي لأعوضك الجيد، فأخرجَ الجِلدة إليه، فنَثَرها وأخرجَ منها دنانيرهُ، وقَالَ للأعرابي: أتدري لم حملتُ هذا السكين معي؟ قَالَ: لاَ، قَالَ: لأشق بها بَطني إن لمْ أجد الدنانير، فَتَنَفَّسَ الأَعرَبي وقَالَ: أرني السكين، ناولنيه، فناوله إياه، فشقَّ به بطن نفسه تلهفاً، فضربت به العربُ المثل فَقَالَوا : ألهف من قضيب، وهو أفعل من لَهِفُ يَلْهَفُ لهفاً، وليس من التلهف؛ لاَن أفعل لاَ ينبني من المنشعبةَ إلاَ شاذاً. وفي هذا الرجل يقول عروة بن حُزام: ألاَ لاَ تَلُومَا لَيْسَ في اللوم رَاحةٌ ... فَقَدْ لُمْتُ نَفْسي مِثْلَ لَوْمِ قَضِيب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 249 3708- ألأم مِنْ أسْلَم هو أسلم بن زُرْعة، ومن لؤمه أنه جَبَى أهلَ خراسان حين وليها ما لم يَجْبِهِ أحد قبله، ثم بلغه أن الفُرْسَ كانت تَضَعُ في فم كل مَنْ مات درهما، فأخذ ينبش تربة النواويس ليستخرج ذلك الدرهم، فَقَالَ فيه صهبان الجرمى: تَعَوَّذْ بنَجْمٍ وَاجْعَلِ القَبْرَ في صَفاً ... مِنَ الطَّوْدِ لاَ يَنْبِشْ عِظَامَكَ أسْلَمُ هُوَ النابش الموتى المجيلُ عِظَامَهُمْ ... ليَنْظُرَ هَلْ تَحْتَ السَّقَائِفِ دِرْهَمُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 249 3709- ألْزَقُ مِنْ بُرَامٍ، وألْزَقُ مِنَ عَلٍّ. وهما القُرَاد، قَالَ الشاعر: [ص: 250] فًصَادَفْنَ ذَا فَتْرةٍ لاَ صِقاً ... لُصُوقَ البُرَامِ يَظُنُّ الظُّنُونَا والقَراد يعرض لاَسْتِ الجَمَل فيلزق بها كما يلزق النملُ بالخصاء، وكذلك يُقَال في مثل آخر " [هُوَ] مني مكان القراد من است الجمل" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 249 3710- ألْزَقُ مِنَ الكَشُوثِ هو نَبْت يتعلق بالشجر من غير أن يضرب بعرقٍ في الأَرض، قَالَ الشاعر: هُوَ الكَشُوثُ فَلاَ أصْلٌ ولاَ وَرَقٌ ... ولاَ نَسِيمٌ ولاَ ظِلٌّ وَلاَ ثَمَرُ (البيت في اللسان (ك ش ث) على ما أثرناه، ووقع في أصول هذا الكتاب غير مستقيم الوزن.) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 250 3711- أَلْزَقُ من ريشٍ على غِرَاءِ، ومَنْ قَارٍ، ومَنْ دِبْقٍ، ومِنْ حُمىًّ الرَّبْعِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 250 3712- أَلْزَقُ مِنْ جُعَلٍ، وألْزَق مِنْ قَرَنْبي والقَرَنْبَي: دويبة فوق الخنفاء، وهو والجُعَل يَتبعان الرجلَ إذا أراد الغائط ولذلك يُقَال: في المثل: سَدِكَ به جُعَلُه، قَالَ الشاعر: إذَا أتَيْتُ سُلَيْمَى شَدَّ لِي جُعَلٌ ... إنَّ الشَّقِيَّ الَّذِي يُغْرَى بِهِ الجُعَلُ روى أبو الندى: شُبَّ لي، أي أتِيحَ وعني بالجعل الواشي، ويروى شَبَّ - بفتح الشين - أي ارتفع وظهر. يُضرب هذا المثل للرجل إذا لزق به مَنْ يَكرهَهُ فلاَ يزال يهرب منه. وأصل هذا المثل إنما هو مُلاَزمة الجعل لمن بات بالصحراء، وكلما قامَ لغائط تبعه الجعل. وفي القرنبي يقول الشاعر: ولاَ أطْرُقُ الجَارَاتِ بالَّليلِ قَابِعاً ... قُبُوعَ القَرْنْبيَ أَخْلَفَتْهُ مَحَاجِرُهْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 250 3713- أَلْزَمُ مِنْ شَعَرَاتِ القَصِّ لأنها لاَ يمكن أن تُزَال، وذلك أنها كلما حُلِقَتْ نبتت، والمعنى أنه لاَ يفارقك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 250 3714- أَلْزَمُ للمرء مِنْ ظِلِهِ لأنه لاَ يزال ملاَزمَ صاحبه، ولذلك يُقَال: لَزَمَنِي فلاَن لزومَ ظلي، ولزومَ ذنْبِي، والعامة تقول: ألزم الذنَب بفتح النون. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 250 3715- أَلْزَمُ مِنْ اليَمينِ لِلْشِمالِ، ومَنْ نَبْزِ الَّلقَبِ، وَأَلْزَمُ لِلْمَرْءِ مِنْ إحْدَى طَبَائِعِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 250 3716- أَلْحُّ مِنَ الحُمىَّ، وَمَنَ الخُنْفسَاءِ، ومَنَ الذُّبَابِ، ومَنِ كَلْبٍ لأن الكلب يُلُحُّ بالهرير على الناس. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 250 3717- أَلِينُ مِنَ الزُّبْدِ، ومَنْ خِرْنِقٍ الخِرْنقُ: ولد الأرنب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 251 3718- أَلِينُ مِن خَمِيرَةٍ مُمَرَّنَةٍ تروى هذه اللفظة بالحاء والخاء، فأما الحاء فمن الحمر، يُقَال حَمَرْتُ السير أحْمُرُهُ - بالضم - إذا سَحَوْتَ قِشره، ويُقَال لذلك السير: الحَمِير والحَمِيرَة، وهو سير أبيض مقشور الظاهر، يؤكد به السروج، ويَسْهُل به الخَرزُ لِلْينِه، ويُقَال له "الأشْكُزُّ" أيضا، والتمرين: التلين، وأما الخاء فمن الخَمِير، والخُمْرَة: ما يجعل في العجين من الخَمِيرة. قُلتُ: وهذا الحرف كان مهملاَ في كتابِ حمزة رحمه الله، وكان يحتاج إلى تفسير وشرح ففعلتُ حينئذٍ، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 251 3719- أَلأم مِنَ ابْنِ قَرْصَعٍ وروى البيارى "قَوْصَع" وكذلك في النسخة الأخيرة من هذا الكِتاب، وفي تكملة الخارزنجي "قرصع: رجل من أهل اليمن، كان متعالما باللؤم" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 251 3720- أَلأم مِنْ جَدْرَةَ، وأَلأم مِنْ ضَبَارةَ زعم ابن بحر في كتابه الموسم بكتاب "أطْعِمَة العرب" أن هذين الرجلين - يعنى جَذْرَةَ وضَبَارةَ - أَلأم مَنْ ضَرَبت العربُ به المثل، قَالَ: وسأل بعضُ ملوكِ العرب عن أّلأم مَنْ في العرب ليمثِّلَ به، فدلَّ على جَدْرة - وهو رجل من بني الحارث بن عدي بن جُندب بن العَنْبر، ومنزلُهم بماوية - وعلى ضَبَارة، فجاؤه بجدرة فجدع أنفه وفر ضبارة لما رأى أن نظيره لقيَ ما لقيَ فَقَالَوا في المثل: نَجَا ضَبَارة لما جُدِعَ جَذْرَة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 251 3721- أَلأم مِنْ رَاضِعِ اللَّبَنِ هو رجل من العرب كان يَرْضَع اللبنَ من حَلَمة شَاتِهِ، ولاَ يحِلُبها، مخافَةَ أن يُسْمَع وَقْعُ الحَلَبِ في الإناء فيُطْلَبَ منه، فمن ههنا قَالَوا: لئيم راضع، قَالَ رجل يصف ابنَ عم له بالبعد من الإنسانية والمبالغة في التوحُّش والإفراط في البخل: أحبُّ شيء إليه أنْ يَكُونَ له ... حُلْقُومُ وَادٍ له في جَوْفِهِ غَارُ لاَ تَعْرِفُ الريحُ مُمِسَاهُ وَمُصْبَحَهُ ... وَلاَ تُشَبُّ إذا أَمْسَى لَهُ نَارُ لاَ يَحْلُبُ الضَّرْعَ لؤماً فِي الإناءِ وَلاَ ... يُرَى له فِي نَوَاحِي الصَّحْنِ آثَارُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 251 3722- ألأم مِنْ رَاضِعٍ قَالَ المفضل بن سلمة في كتابه الموسوم [ص: 252] بالفاخر: إن الطائي قَالَ: الراضع الذي يأخذ الخُلاَلَةَ من الخِلاَل فيأكُلُها من اللؤم لئلاَ يفوته شيء، وقَالَ أبو عمرو: الراضع الذي يَرْضَع الشاة والناقة قبل أن يحِلُبهما من الجَشَع والشَّرَه واللؤم، قَالَ الفراء: الراضع هو الذي يكون رَاعياً ولاَ يُمْسِكُ معه مِحْلَباً فإذا جاء مُعْتَر فسأله القِرَى اعتلَّ بأن ليس معه مِحْلَب، وإذا رام هو الشرب رَضَعَ من الناقة والشاة، وقَالَ أبو علي اليمامي: الراضع الذي رضَعَ اللؤمَ من ثَدْي أمه، يريد أبو علي أنه الذي يُولَد في اللؤم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 251 3723- أَلأم مِنْ البَرَمِ هو الذي لاَ يَدْخُل مع الأيسار في المَيْسِر وهو مُوسِر، ولاَ يُسَمَّى بَرَماً إذا كان الذي يمنعه غير البخل، وهذا الاَسم قد سقط استعماله لزوال سببهِ، قَالَ مُتَمِّمُ بن نُوَيْرَة في أخيه مالك: لقد كَفَّنَ المُنْهَالُ تَحْتَ رِدائِهِ ... فَتىً غَيْرَ مِبْطَانِ العَشِيَّاتِ أرْوَعَا وَلاَ بَرَماً تُهْدِى النِّساءُ لِعِرْسِهِ ... إذا القِشْعُ مِنْ بَرْدِ الشِّتَاءِ تَقَعْقَعَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 252 3724- أَلأم مِنْ البَرَمِ القُرُونِ كان هو رَجُلاً من الأبرام فَدفَع إلى امرأته قِدْراً لتستطعم من بيوت الأيسار؛ لاَن بذلك كانت تجري عادةُ البَرَم، فرجعت بِالقِدْر فيها لحم وسَنَام، فوضعتها بين يديه وجمعت عليها الأَوَّلاَد، فأقبل هو يأكل من بينهم قطعتين قطعتين، فَقَالَت المرأة: أبَرَماً قَرُوناً؟ فصار قولها مثلاً في كل بخيل يجر المنفعة إلى نفسه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 252 3725- أَلأم مِنْ سَقْبٍ رَيَّانَ لأنه إذا دَنَا من أمه لم يدرَّهَا، ولذلك قيل في مثل آخر: شَرُّ مرغوب إليه فصيلٌ رَيَّان، ومعناه أن الناقة لاَ تكاد تدرُّ إلاَ على ولدٍ أو وبَوًّ، فربمَّا أرادوا أن يحتلبوا واحدة منهن فأرسلوا تحتها فصيلها أو فصيلاَ آخرَ لغيرها ليَمْرِيَهَا بلسانه، فإذا دَرَّتْ عليه نَحَّوْه عنها وحلبوها، وإذا كان الفصيلُ رَيَّان غيرَ جائع لَمْ يَمْرِها، وهذا الفعل يسمى القلبين. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 252 3726- أَلْذُّ مِنَ الغَنِيمَة البَارِدَةِ تَقول العرب: هذه غنيمة باردة، إذا لم يكن فيها حَرْبٌ، مثل قول الشاعر: قليلَةُ لَحْمِ النَّاظِرَيْنِ يَزِينُهَا ... شَبَابٌ وَمَخْفُوضٌ مِنَ العَيْشِ بَارِدُ أي لاَ مكروه فيه، ويُقَال: بل معنى قولهم "غنيمة باردة" أي حاصلة من قولهم: [ص: 253] بَرَدَ حقي على فلاَن، وجَمَدَ، أي ثَبَتَ، ومن ذلك قولُ أبى يزيد يرثي رَجُلاً: خَارِجَاً نَاجِذَهُ قَدْ بَرَدَ المَوْ ... تُ (الموت) عَلَى مُصْطَلاَهُ أي بُرودِ وللجاحظ في ذلكَ قول ثالث، زعم أن أهل تهامة والحجاز لما عَدِمُوا البردَ في مشاربهم وملاَبسهم إلاَ إذا هبت الشَّمَال سَمَّوْا الماء النعمة الباردة، ثم كثر ذلكَ منهم حتى سَمُّوا ما غنموه "الباردة" تلذذا منهم كتلذذهم بالماء البارد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 252 3727- أَلْذُّ مِنَ المُنَى هذا من قول الشاعر: مُنىً إنْ تَكُنْ حَقاً تَكُنْ أَطْيَبَ المُنَى ... وإلاَ فَقَدْ عِشْنَا بها زَمَناً رَغْدَا وقَالَ آخر: إذا ازْدَحَمَتْ هُمُومِي فِي فُؤَادِي ... طَلَبْتُ لها المَخَارِجَ بِالتَّمَنِّي وقيل لبنت الخس: أي شيء أطولُ إمتاعاً؟ قَالَت: التمني. وقَالَ بشار الشاعر: الإنسان لاَ ينفكُّ من أمل فإن فاته الأملُ عَوَّل على المُنَى، إلاَ أن الأمل يَقَعُ بسبب وباب المنى مفتوح لمن تكلفَ الدخولَ فيه. وقَالَ ابن المقفع: كثرة المنى تخلق العقل، وتطرد القناعة، وتُفسد الحسن. وقَالَ إبراهيم النَّظَّام: كنا نَلْهُو بالأماني، ونطيب أنفسنا بالمواعيد، فذهب بعد فقطعنا أنفسنا عن فضول المنى. وقَالَ الشاعر: إذَا تَمَنَّيْتُ بِتُّ اللّيْلَ مُغْتَبْطَاً ... إنَّ المُنَى رَأْسُ أَمْوَالِ المَفَالِيسِ وقَالَ آخر: إن المُنَى طَرَفٌ من الوَسْوَاسِ ... قلت: وقَالَ علي بن الحسن الباخَرْزِي في ذم التمني: تَرَكْتُ الاَتِّكَالَ عَلَى التَّمَنِّي ... وَبِتُّ أُضَاجِعُ اليَأْسَ المُرِيحَا وَذَلِكَ أنَّنِي مِنْ قَبْلِ هذَا ... أَكَلْتُ تَمَنِّياً فَخَرِيتُ رِيحَاً الجزء: 2 ¦ الصفحة: 253 3728- أَلْذُّ مِنَ إغْفَاءَةِ الفَجْر هذا من قول الشاعر، وهو مجنون بني عامر: فَلَوْ كُنْت مَاءً كُنْت مَاءَ غَمَامَةٍ ... وَلَوْ كُنْت نَوْمَاً كُنْت إغْفَاءَة الفَجْرَ وَلَوْ كُنْت لَهْوَاً كُنْت تَعْلِيلَ سَاعَةٍ ... ولَو كُنْت دَرَّا كُنْت مِنْ درَّة بِكْرِ ويروى: ولو كُنْت دَرًّا كُنْت مِنْ بَكْرَةٍ بِكْرِ ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 253 3729- أََلْذُّ مِنْ شِفَاءَ غَلِيلِ الصَّدر هذا من قول الشاعر، أنشده ابنُ الأَعرَبي: [ص: 254] لَوْ كُنْت لَيْلاَ مِنْ لَيالِي الدَّهْر ... كُنْت منَ البِيضِ وَفَاءَ البَدْرِ قَمْرَاءَ لاَ يَشْقَى بِهَا مَنْ يَسْرِى ... أوْ كُنْت ماءً كُنْت غَيْرَ كَدْرِ مَاءَ سَحَابٍ فِي صَفَا ذي صَخْرٍ ... أظَلَّهُ اللهُ بغَيْضِ سِدْرِ فَهْوَ شِفَاءٌ لِغَلِيلِ الصَّدْرِ ... قَالَ حمزة: وأما قولهم: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 253 3730- أَلْذُّ مِنْ زُبْدٍ بِزُبٍّ، وأَلْذُّ مِنْ زُبْدٍ بِنِرْسِيَانٍ فالمثل [الأَوَّل] بَصْريّ، والثاني كوفيّ، وأما النِّرْسِيَانُ فَتَمْر من تمور الكوفة، وأما الزب فتمر من تمور البَصرة، ويسمى هَذا التمر أيضاً زب رباح، وذكَرَ ذَلكَ ابن دريد، وَحَكى أن أبا الشَّمَقْمَق دخَلَ على الهادي وعنده سعيدُ بن سَلْم فأنشد: شَفِيعي إلى مُوسَى سَمَاحُ يَمِينِهِ ... وَحَسْبُ امْرِئٍ مِنْ شَافِعٍ بِسَمَاحِ وَشَعْرِىَ شِعْرٌ يَشْتَهِي الناس أَكْلَهُ ... كَمَا يُشْتَهَى زُبْدٌ بزبَّ ربَاحِ وعلى رأس الهادي خادمٌ اسمه رَبَاح؟ فَقَالَ لهُ الهادي: ما عَنيتُ بزب رباح؟ قالَ تمر عندنا بالبصرة، إذا أكَلَه الإنسان وجد طعمه في كعبه، قَالَ: ومَنْ يشهد لك بذلك؟ قَالَ: القاعد عن يمينك، قَالَ: أهكذا هو يا سعيد؟ قَالَ: نعم، فأمر له بألفَي درهم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 254 3713- أَلْوَطُ مِنْ دُبٍّ قَالَوا: هو رجل من العرب كان متعالماً بذلك. وأما قولهم: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 254 3732- أَلْوَطُ مِنْ نُغَرٍ فإنما قَالَوا ذلك لأنه لاَ يُفارِقُ دُبُرَ الدابة وقولهم: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 254 3733- أَلْوَطُ مِنْ رَاهِبٍ هذا من قول الشاعر: وألْوَطُ مِنْ رَاهِبٍ يَدَّعِي ... بأنَّ النِّسَاء عَلَيْهِ حَرَامُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 254 3734- أَلْهَفُ مِنْ أبي غَبْشانَ تقدم في باب الحاء عند قولهم "أحمق من أبي غَبْشَان" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 254 3735- أَلْهَفُ مِنْ مُغْرِقِ الدّرِّ كان هذا رَجُلاً من تميم رَأى في النوم أنه ظّفِرَ من البحر بِعِدْلٍ من الدّرِّ فأغرقَهُ، فاستيقظ من نومه، ومات تلهفا عليه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 254 3736- أَلْهَفُ مِنَ ابْنِ السَّوءِ لأنه لاَ يُطيع أبويه في حياته، فإذا ماتا تلهَّفَ عليهما. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 254 3737- أَلْهَفُ مَنَ قَالَبِ الصَّخْرَةِ قد مرَّتْ قصته في باب الطاء عند قولهم "أطمع من قَالَب الصخرة" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 255 3738- أَلْحَنُ مِنْ قَيْنَتَيْ يَزِيدَ يعنون به لحن الغناء، والمثلُ من أمثال أهل الشأم، ويزيد هذا هو يزيد بن عبد الملك بن مروان، وقَيْنَتاه حَبَابة وسلامة وكانتا ألحنَ من رؤى في الإسلام من قِيَان النساء، واسْتُهْتِرَ يزيد وهو خليفة بحبابة حتى أهْمَلَ أمرَ الأمة وتخلى بها، ومن استهتاره بها أن غنته يوماً: لَعَمْرُكَ إنَّني لأحِبُّ سَلْعاً ... لِرُؤْيَتِهاَ وَمَنْ أضْحَى بِسَلْعِ تَقَرُّ بِقُرْبِهاَ عَيْني، وَإنِّي ... لأخشى أنْ تَكُونَ تَرِيْدُ فَجْعِي حَلَفْتُ بِرَبِّ مَكَّةَ وَالمُصَلَّى ... وَأيْدِي السَّابحاَتِ غَدَاةَ جَمْعِ لاَنْتِ عَلَى التَّنَائي فَاعْلَمِيه ... أحّبُّ إلىَّ مِنْ بَصَرِي وَسَمْعِي ثم تنفَّست، فَقَالَ يزيد: إن شئتِ أن أنقُلَ إليك سَلْعاً حَجَراً حجرا أمرتُ، فَقَالَت: وما أصنع بسَلْع؟ ليس إياه أرَدْتُ، ثم غَنتهُ: بَيْنَ التَّرَاقي وَاللهاةِ حَرَارَةٌ ... مَا تَطْمَئِنُّ وَلاَ تَسُوغُ فَتَبْرُدَا فأهوى يزيد ليطير، فَقَالَت: كما أنت، على مّنْ تخِّلفُ الأمة؟ فَقَالَ: عليك. قَالَ حمزة: وأما لحن الغناء فيجمع على لُحُون وألْحَان، فيُقَال: لَحَنَ في قراءته؛ إذا طَرَّبَ فيها وغَرَّد، وقَالَ: سمعت أبا بكر ابن دريد يقول: أصل الَّلحْن في الكلام الفِطْنَة، وفي الحديث "ولعلَّ أحَدَكم أن يكون ألْحَنَ بُحجَّته" أي أفْطَنَ لها وأغوَصّ عليها، وذلك أن معنى اللحن في الكلام أن تُرِيدَ الشيء فتورِّىَ عنه بقولٍ آخر، وقيل لمعاوية: إن عبيد الله بن زياد يلحَنُ، فَقَالَ: أو ليس بظريفٍ لاَبن أخي أن يتكلم بالفارسية إذ كان التكلم بها معدولاَ عن جهة العربية، وقَالَ الفَزَاري: وَحَدِيثٍ ألذُّهُ هُوَ ممَّا ... يَنْعَتُ النَّاعِتُونَ يُوزَنُ وَزْناَ مَنْطِقٌ رَائِعٌ وتَلْحَنُ أحْيَا ... ناً وَخَيْرُ الحَدِيثِ مَا كَانَ لَحْنَاً يريد أنها تتكلم بالشيء وهي تريد غيره، وتعرض في حديثها فتزيله عن جهته من ذكائها وفطنتها، وكما قَالَ الله عز وجل (ولتعرفَنَّهُمْ في لحن القول) وكما قَالَ القَتَّال الكلاَبي: وَلَقَدْ وَحَيَتُ لَكُمْ لِكيْمَا تَفْهَمُوا ... وَلَحَنْتُ لَحْنَاً لَيْسَ بِالمُرْتَابِ [ص: 256] واللحن في العربية راجع إلى هذا؛ لأنه العُدُول عن الصواب؛ لأنك إذا قلت: "ضربت عبدُ الله يزيدُ" لم يدر أيهما الضارب وأيهما المضروب، فكأنك قد عَدَلْتَ عن جهته، فإذا أعْرَبْتَ عن معناك فُهِم عنك، فسمى اللحن في الكلام لحناً؛ لأنه يخرج على نحوين، وتحته معنيان، ويسمى الأعراب نحواً لاَن صاحبه يَنْحُوا الصوابَ أي يقصده. قَالَ أبو بكر: وقد غلط بعضُ الكبار من العلماء في تفسير بيت الفَزَارى، وهو عمرو ابن بحر الجاحظ، وأودعه كتاب البيان، فَقَالَ: معنى قوله "وخير الحديث ما كان لحناً" هو أنه تعَجَّب من الجارية أن تكون غيرَ فصيحة، وأن يعتري كلامهَا لحن، فهذه عثرةٌ منه لاَ تُقَال وقدْ استَدرَكْتَ عليه عثرةً أخرى وهو أنه قَالَ: حدثني محمد بن سلام الجمحي قَالَ: سمعت يونس النحوي يقول: ما جاءنا من روائع الكلام ما جاءنا عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذه الحكاية تجمع إلى التصحيف الذي فيها قلَّةَ الفائدة، فأما قلة الفائدة فلاَن أحداً ممن أسلم أو عَانَدَ قط لم يَشُكَّ في أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أفصَحَ الخلق، وأما التصحيف فلاَن أبا حاتم حدثني عن الأَصمعي عن يونس قَالَ: ما جاءنا عن أحد من روائع الكلام ما جاءنا عن البُسْتيّ (1) بعد النبي صلى الله عليه وسلم، يعنى عثمان البستيّ (1) . (كذا، وأحسب أنه تصحيف عن "البتي" بفتح الباء وتشديد التاء بعدها ياء مشددة للنسب، وهو أبو عمرو، عثمان بن مسلم، البصرى، وتوفى سنة 143- من الهجرة) فأما قولهم: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 255 3739- أَلْحْنُ مِنْ جَرَادَتَيْنِ فالمثل عادى قديم، والجرادتان: كانتا قَينَتين لمعاوية بن بكر العِمْليقي سيد العَمَالقة الذين كانوا نازلين بمكة في قديم الدهر، واسمهما يعاد (كذا، ويُقَال: كان اسم إحداهما وردة، واسم الأخرى جرادة، فغلب اسم الثانية على الأَوَّلى، في التثنية، كما قَالَوا: العمرين في تَثنية أبي بكر وعمر والقمرين في تثنية الشمس والقمر.) ويماد، وبهما ضرب المثل الآخر في سالف الدهر فقيل "صار فلاَن حديثَ الجرادتين" إذا اشتهر أمره. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 256 3740- أَلأم مِنْ كَلْبٍ عَلَى عِرْقِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 256 3741- أَلأم مِنْ ذِئْبٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 256 3742- أَلأم مِنْ صبيٍّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 256 3743- أَلأم مِنَ اَلْجوْز الجزء: 2 ¦ الصفحة: 256 3744- أَلأم مِنْ ماء عَادِيةَ، ومِنْ مَذاقِ الخمرِ ومَنْ نَوْمةِ الضُّحَى، ومِنْ قُبْلَةٍ عَلَى عَجَلٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 256 3745- أَلْصُّ مِنْ شِظَاظٍ، وَمِنْ سِرْحَانِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 257 3746- أَلْصُّ مِنْ فَأْرَةٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 257 3747- أَلْصُّ مِنْ عَقِعقٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 257 المولدون الجزء: 2 ¦ الصفحة: 257 لَمْ يَحْمِلْ خَاتَمِي مِثْلُ خِنْصَرِي لَيْسَ الفَرَسُ بِجُلِّه وبُرْقُعِهِ لَيْسَ في الحبِّ مَشُورَةٌ لَيْسَ قي الشَّهَوَاتِ خُصُومةٌ لَيْسَ بِصِياحِ الغُرَابِ يَجيء المَطَرُ لَيْسَ الجمَالُ بِالثِّيابِ لَيْسَ وَرَاءَ عَبَّادَانَ قَرْبَةٌ لَيْسَ لِلْبَاطِل أَسَاسٌ لَيْسَ عَلَى الإنسان إلاَ مَا ملَكَ لَيْسَ الحَرِيصُ بِزائِدٍ فِي رِزْقِهِ لَيْسَ حَيٌّ عَلَى الزَّمَانِ بِباقٍ لَيْسَ لَلْعَبْدِ مِنْ الأمور الخيرُ لَيْسَ الشَّاميُّ لِلْعِرَاقِيِّ بِرَفِيقٍ لَيْسَ المُشِيرُ كالخَبيرِ للمُسْتَشَارِ حَيْرَةٌ فَليُمْهِلْ حتَّى يَغِبَّ رَأْيُهُ لَيْسَ لِلْحِمَارِ الوَاقِعِ كصَاحِبِهِ لَيْسَ فِي التَّصَنُّعٌ تَمَتُّعٌ وَلاَ مَعَ التَّكَلُّفِ تَظَرُّفٌ لَيْسَ لِقَوْلِهِ سُورٌ يَحْصُرُهُ لَيْسَتْ يَدِي مَخَضُوبَةً بِالحنَّاءِ يضرب في إمكان المكافأة لَيْسَ هَذَا بِنَارِ إبْرَاهِيمَ صلوات الله على نَبيّنا وعليه، أي ليس بهين. لَيْتَهُ بِسَاهِرَةِ العَلْيَاءَ، وَبِالسُّوسِ الأبعدِ، وفِي البَحْرِ الأخْضَر. لَيْتَهُ فِي سَقَرَ، حَيثُ لاَ مَاءَ وَلاَ شَجَرَ لَيْتَ الفُجْلَ يَهْضِمُ نَفْسَهُ لَيْسَ فِي العَصَا سَيْرٌ يضرب لمنْ لاَ يقدر على ما يريد لَيْسَ في البيت سِوَى البَيْتِ لو أَلْقَمتُهُ عَسَلاَ عَضَّ أصْبُعِي لو وَقَعَتْ مِنَ السَّمَاءِ صَفْعَةٌ مَا سَقَطَتْ إلاَ على قفاه لو كانَ في البُومة خَيْرٌ ما تَرَكَهَا الصَّيادُ لَولاَ القِيدُ عَدَا لَيْسَ كلَُ مْن سَوَّدَ وَجْهَهُ قَالَ: أناَ حَدَّاد. [ص: 258] لَيْسَ مَعَ السَّيْفِ بُقْيا لو عَيَّرْتَ كَلباً خشيتََ مَحَارهُ لَوْ بَلَغَ رَأسهُ السَّماَءَ ما زادَ لَوْ سَدًّ مَحْساَه لَنَبَسَ مَفْساهُ لأمْرٍ مَّا قِيل دَعِ الكلام لِلْجَوَابِ لَحْظٌ أصْدَقُ مِنْ لَفْظٍ لَزِمَهُ مِنْ الكَوْكَبِ إلى الكَوْكَبِ لَقِيَهُ بذِهْنِ أبيِ أيُّوبَ يَضرب في التمكن مِنْ صَاحبه لِكُلِّ عَملٍ ثَوَبٌ لِكُلِّ كلام جَوابٌ لِسانُ التَّجْرِبِةَ أصْدَقُ لَوْلاَ الخبْزُ لَمْا عُبِدَ الله لَوْ بَلَغَ الرّزْقُ فَاهُ لَوَلاَهُ قَفَاهُ يَضرب للمحروم لِتَكُنِ الثَّريدَةُ بَلْقاءَ لاَ القَصْعَةُ لَيْسَ يَوْمِي بِواجِدٍ مِنْ ظَلُومٍ لِسَانُ المَرْءِ مِنْ خَدَمِ الفُؤادِ لِسَانُ الباطِلِ عِيُّ الظَّاهِرِ والبَاطِنِ لَنا إليْهِ حَاجَة كَحَاجَةِ الدِّيكِ إلَى الدَّجَاجَة لَيْسَ في البَرْقِ اللاَّمعِ مُسْتَمتَعٌ يضرب لمن يخوض في الظلمة لَوْ أُسْعِطْتُ بِكَ مَا دَمَعَتْ عَيْنِيِ لَوِ اتَّجَرْتُ فِي الأكْفانِ مَا مَاتَ أَحَدٌ لِحَافٌ وَمُضَرَّبةٌ لمن يعلو ويعلى. لَنْ يَتَلَمَّظَ بِهِ شُدِقَاكَ، وَلَنْ يَسْوَدَّ بِهِ كِفَّاكَ يضرب في التجنيب لَيْسَ هَذا الأمْرُ زُوراً، ولاَ احْتِجاجاً بالْكِعابِ لِكُلِّ حَي أجَلٌ لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءٌ لِكُلِّ جَديدٍ لَذَّةٌ لِكُلِّ قَدِيمٍ حُرْمةٌ اْلَزِم الصِّحَّة يَلْزَمْكَ الْعَملُ الْتِماَسُ الزّياَدَةِ عَلَى الْغَايَةِ مُحَالٌ اللَّذَّاتُ بالْمؤنات الألقابُ تَنْزِلُ مِنَ السماء اللَّيْلُ جُنَّةُ الهَارِبِ لاَ خَيْرَ في وِدٍّ يَكُونُ بِشَافِعٍ لاَ يَصْبِرُ عَلَى الخَلِّ إلاَّ دُودُهُ لاَ تُحْسِنِ الثِّقَةَ بِالفِيلِ لاَ عتَابَ بَعْدَ المَوْتِ لاَ تَطْمَعْ في كُلِّ مَا تَسْمَعُ لاَ تَجْرِ فِيماَ لاَ تَدْرِي لاَ تُرِ الصَّبِيَّ بَيَاضَ سِنِّكَ فَيُرِيَكَ سَوَادَ اسْتِهِ [ص: 259] لاَ تُنْكِحْ خَاطِبَ سِرِّكَ لاَ تَمُدَّنَّ إلىَ المَعَالي يَداً قَصُرَتْ عَن المَعْروفِ لاَ تَدُلَّنَّ بحالَةٍ بَلَغْتَهَا بِغَيْرِ آلةٍ لاَ بُدَّ لِلْحدِيثِ مِنْ أباريزَ لاَ أحبُّ دَمِي في طَسْتِ ذَهَبٍ لاَ تُرسل الْبَازىَ في الضَّبَابِ لاَ تُعَنِّفْ طَالباً لِرِزْقِهِ لاَ خَيْرَ في أرَبٍ ألقَاكَ في لَهَبٍ لاَ تَكُنْ رَطْباً فَتُعْصَرَ ولاَ يَابِساً فتُكْسَرَ لاَ يَجِيءُ مِنْ خَلِّهِ عَصِيرُهُ لاَ يَرَى وَرَاءَهُ خُضْرَاً يضرب للمعجب لاَ يملأُ قلبْهَ شَيْءٌ يضرب للرجل الشجاعة لاَ يفرِّجْ عَن إنْسانٍ بِرَمَصِ عَيْنِهِ يضرب للبخيل النكد لاَ تُعَلِّمَ الشُّرَطىَّ التَّفَحُّص ولاَ الزَّطِّىِّ التَّلصُّصَ لاَ تُكَالُ الرِّجالُ بالقُفْزَان لاَ تَسُبَّ أُمِّي اللَّئِيمةَ فَأسُبَّ أُمَّكَ الكَرِيَمةَ لاَ يَعْرِفُ مَحْساَهُ مِنْ مَفْساَهُ لاَ تَأْكُلْ خُبْزَكَ عَلَى مَائدَةِ غَيْرِكَ لاَ يُمَيِّزُ بَيْنَ التِّيِنِ والسِّرْقِينِ لاَ يَقْرَأ إلاَ آيَةَ العَذَابِ وكُتُبَ الصَّوَاعِقِ يضرب للمهوِّلِ لاَ يَجِدُ في السماَء مَصْعَداً، ولاَ في الأرْضِ مَقْعَداً يضرب للخائف لاَ يَقُومُ عِطْرُهُ بِفُسَائِهِ لاَ تَسْقُطُ مِنْ كَفِّهِ خَرْدلَةٌ يضرب للبخيل لاَ يَطِنُّ عَلَيهِ اُلذُّبابُ، ولاَ يَهُبَّ عَلَيْهِ الرِيحُ، ولاَ يَراهُ الشَّمسُ والقْمَر يضرب للمَصُون لاَ يُطَوِّلُ حَيَاتَهُ ولاَ يُقَصِّرُ جَارِيَتَها لاَ تُؤخِّرْ عَمَلَ اليَوْمِ لِغَدٍ لاَ تُحَرِّكَّن سَاكِناً لاَ يُمْسِكُ ضُرَاطَهُ خَوْفاً لاَ تَأمَنِ الأميرَ إذَا غشَّكَ الوَزِيرُ لاَ تَلِدُ الفَأرَةُ إلاَ الفَأرَةَ، ولاَ الحَيَّةُ إلاَ الحَيَّةَ لاَ تحَرِ عَلَى ما دَهاكَ أعْمَى أصَمَّ لاَ يَشْكُرُ الله مَنْ لاَ يَشْكُرُ النَّاس لاَ تقعُ عَلَيْهِ قِيمَةٌ يضرب الرَجل النَذل لاَ تَجْنِيَ يمِينُكَ عَلَى شِمَالِكَ [ص: 260] لاَ قَلِيلٌ مِنَ العَدَاوةِ والإحِنِ والمَرَضِ لاَ تَدْخُلْ بَينَ البَصَلَةِ وَقِشْرِهَا لاَ يَذْهَبُ العُرْفُ بَينَ اللَهِ والنَّاسِ لاَ جُرْمَ بَعْدَ النَدَامَةِ لاَ يَسْتَمْتِعُ بِالجَوزَةِ إِلاَ كاسِرُها لاَ عِنْدَ رَبِّي ولاَ عِندَ أُسْتَاذِي لاَ تَسْخَرْ بِكَوسَجٍ مَا لَمْ تَلْتَحِ لاَ يَفْزَعُ البازِي مِنْ صِيّاحِ الكًرْكِي لاَتَبِعْ نَقْداً بِدَينٍ لاَ يُبصِرُ الدِّينَارَ غَيْرُ النَّاقِدِ لاَ رَسُولَ كالدِّرْهَمِ لاَ يَعْقُدُ الحَبْلَ ولاَ يرْكُضُ الحِجْر يضرب للضعيف لاَ يَصْبِرُ عَلَى طَعَام واحدٍ لاَ يَشْرَبُ الماءَ إلاَ بِدَمٍ يضرب للشجاع لاَ تَلْهَجُ بِالمِقَادِير، فإنَّها مَضْراةٌ عَلى الإسَاءةِ مَدْعَاةٌ إلى التَقْصير لاَ تُؤدِّبْ مَنْ لاَ يُؤاتِيكَ، ولاَ تُسْرِعْ فيما لاَ يَعْنِيكَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 257 - الباب الرابع والعشرون فيما أوله ميم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 260 3738- ما تَنْفَع الشَّعْفَةُ فِي الوَادِي الرُّغُبِ الشَّعْفَة: المَطْرَة الهينة، والوادي الرُّغب: الواسع يضرب للذي يُعطِيك قَليلاً لا يقع منك مَوْقعاً، ويروى "ما ترتفع" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 260 3749- ما يَجْعَلُ قَدَّكَ إلى أَديِمكَ؟ القَدُّ: مَسْكُ السَّخْلة، والأديم: الجِلْد العظيم، أي ما يحملك على أن تقيس الصَّغِيرَ من الأمر بالعظيم منه، و"إلى" من صلة المعنى، أي ما يَضُمُّ قدَّكَ إلى أديمك؟ يضرب في إخطاء القياس الجزء: 2 ¦ الصفحة: 260 3750- مَا حَلَلْتَ بَطْنَ تَبَالَةَ لِتَحْرِمَ الأَضْيَاف تَبَالة: بلد مُخْصبة باليمن، ويروى "لم تحلِّى بطن تبالة لتُحْرِمى" بالتأنيث. يضرب لمن عَوَّدَ الناسَ إحسانَه، ثم يريد أن يقطعه عنهم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 260 3751- مَا عَلَى الأرْضِ شيء أَحَقُّ بِطُولِ سِجْن مِنْ لسَانٍ يروى "أحَقَّ" نصبا على لغة أهل الحجاز، وربما على لغة تميم، وهذا المثل [ص: 261] يروى عن عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه يضرب في الحثّ على حفظ اللسان عما يجر إلى صاحبِهِ شراً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 260 4752- مَا صَدَقَةٌ أفْضَلَ مِنْ صَدَقَةٍ مِنْ قَوْل يعني من قول يكون بالحق يضرب في حفظ اللسان أيضاً الجزء: 2 ¦ الصفحة: 261 3753- مَا بَلِلْتُ مِنهُ بأفْوَقَ ناصِلٍ البل: الظَّفَر، والفعل منه بَلَّ يَبَلّ مثل عَضَّ يَعَضّ، ومنه قول الشاعر: وَبَلِّى إنْ بَلِلْتِ بأرْيَحيٍّ ... مِنَ الفِتْيَانِ لاَ يُضْحِي بَطِيناً والأفْوَق: السَّهْم الذي انكَسَر فوقه، والناصل: الذي خرج نَصْلُه وسقط. يضرب لمن له غناء فيما يُفَوض إليه من أمر، وقَالَ بعضهم: يضرب لمن [لاَ] ينال منه شيء لبخله. وأصل النصول المفارقة، يُقَال: نَصَلَ الخِضابُ؛ إذا ذهب وفارق. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 261 3754- مَا يُقَعْقَعُ لَهُ بِالشِّنَانِ القَعْقَعَة: تحريك الشيء اليابِسِ الصُّلْب مع صوتٍ مثل السلاَح وغيره، والشِّنَان: جمع شَنٍّ، وهو القِرْبَة البالية، وهم يحركونها إذا أرادوا حَثَّ الإبل على السيرِ لتَفْزَعَ فتُسْرِعَ، قَالَ النابغة: كَأَنَّكَ مِنْ جِمَالِ بَنى أُقَيْشٍ ... يُقَعْقَعُ خَلْفَ رِجْلَيْهِ بِشَنِّ يضرب لمن لاَ يَتضع لما ينزل به حوادث الدهر، ولاَ يروعه ما لاَ حقيقة له الجزء: 2 ¦ الصفحة: 261 3755- مَا يُصْطَلَى بِنَارِهِ يعنى أنه عزيز مَنِيع لاَ يوصَلُ إليه ولاَ يتعرض لِمَرَاسِهِ، قَالَ الأنصارى: أنا الذي مَا يُصطَلَى بنارِهِ ... ولاَ ينَامُ الجارُ من سُعَارِهِ السُّعار: الجوع، يريد أنا الذي لاَ ينامُ جارُهُ جائعاً، ويجوز أن تكون النار كنايةً عن الجود، أي لاَ يطلب قِرَاه لبُخْله، ويدلّ على هذا المعنى قولُه "ولاَ ينام الجار" أي جاره؛ فيكون البيتان هَجْوا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 261 3756- مَا تُقْرَنُ بِفُلاَن صَعْبَةٌ أصله أن الناقة الصَّعبة تقترن بالجَمَل الذلول لَيُروضَهَا ويذللها، أي: أنه أكْرَمُ وأجلّ من أن يستعمل ويكلف تذليل الصعب كما يكلف ذلك الفحل يضرب لمن يذل من ناوأة قَالَه أبو عبيد، وقَالَ الباهلي: الذي أعرفه "تُقْرَنُ بفُلاَنٍ الصَّعْبة" أي هو الذي يصلح لإصلاَح الأمر يُفَوّض إليه ويُهاج له لا غيره. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 261 3757- مَا بَلِلْتُ مِنْهُ بِأعْزَلَ الأعزل: الذي لاَ سلاَح معه، أي ما ظفرت [ص: 262] منه برجل ليس معه أداة لأمر يُوكلُ إليه، بل هو معد لما يُعَوَّلُ فيه عليه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 261 3758- مَا يُحْسًنُ القُلْبَانِ فِي يَدَىْ حَالِبَةِ الضَّأْنِ. القُلْب: السِّوار، ويراد بحالبة الضأن الأمةُ الراعيةُ. يضرب لمن يُرَى بحالة حسنة وليس لها بأهل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 262 3759- ما وَرَاءِكَ يَا عِصَام؟ قَالَ المفضل: أولُ من قَالَ ذلك الحارث بن عمرو مَلِكُ كِنْدَةَ، وذلك أنه لما بلغه جَمَالُ ابنة عَوْف بن مُحَلِّم الشَّيْبَاني وكمَالُها وقوة عَقْلها دعا امرأةً من كِنْدَة يُقَال لها عِصَام ذاتَ عقل ولسان وأدَب وبَيَان، وقَالَ لها: اذهبي حتى تعلمي لي عِلْم ابنَةِ عَوْف، فمضَتْ حتى انتهت إلى أمها، وهى أمامَةُ بنةُ الحارث، فأعلمتها ما قدمَتْ له، فأرسلت أمامة إلى ابنتها، وقَالَت: أي بنية، هذه خالتُك أتَتْكِ لتنظر إليك، فلاَ تستُرِي عنها شيئاً إن أرادت النظر من وجهٍ أو خلق، وناطقيها إن استنطقتك، فدخلت إليها فنظرت إلى ما لم ترقَطُ مثله، فخرجت من عندها وهي تقول: ترك الخِدَاعَ مَنْ كَشَفَ القَناع، فأرسلتها مثلاً، ثم انطلقت إلى الحارث فلما رآها مقبلة قَالَ لها: ما وراءك ياعصام؟ قَالَت: صَرَّحَ المَخْضُ عن الزُّبْد، رأيت جَبْهة كالمِرْآة المصقولة، يزينها شعر حالك كأذناب الخيل، إن أرْسَلَتْه خِلْته السلاَسل، وإن مشطته قلت عناقيد جَلاَها الوابل. وحاجبين كأنما خُطّا بقلم، أو سُوِّدا بحمم، تقوَّسا على مثل عَيْن ظبية عَبْهَرَة، بينهما أنف كحدِّ السيف الصَّنيع، حَفَّتْ به وَجْنَتَان كالأرجُوان، في بياض كالجُمَان، شُقَّ فيه فم كالخاتم، لذيذ المبتسم، فيه ثَنَايا غُر ذات أشَر، تقلَّبَ فيه لِسَان، ذو فصاحة وبيان، بعقل وافر، وجواب حاضر، تلتقي فيه شَفَتَان حَمْرَاوان، تحلبان ريقاً كالشهد إذا دلك، في رقبة بيضاء كالفضة، ركبت في صَدرْ كصَدْر تمثال دُمْية، وعَضُدان مُدْمَجَان يتصل بها ذراعان ليس فيهما عظم يُمَسُّ، ولاَ عرق يجس، ركبت فيهما كفان دقيق قصبهما لين عَصَبُهُما، تعقد إن شيءت منهما الأنامل، نتأ في ذلك الصدر ثَدْيان كالرمَّانتين يخرقان عليها ثيابها، تحت ذلك بطن طُوِى طيَّ القَبَاطيِّ المدمجة كسر عُكَناً كالقَرَاطيس المدرجة، تُحِيطُ بتلك العكن سُرَّة كالمُدْهُن المجلوِّ، خلف ذلك ظهر فيه كالجدول، ينتهي إلى حضر لولاَ رحمة الله لاَ نَبَتَرَ، لها كفَلُ يُقْعدها [ص: 263] إذا نهضَت وينهضها إذا قعدت، كأنه دِعْصُ الرَّمْل لَبَّده سقوط الطَّلَّ، يحمله فَخِذَانِ لُفَّا كأنما قلبا على نَضَد جُمَان، تحتهما ساقان خَدْلَتَان كالبرديتين وُشِّيتا بشعر أسود كأنه حلق الزرد، يحمل ذلك قَدَمَان كحذو اللسان، فتبارك الله مع صغرهما كيف تطيقان حمل ما فوقهما، فأرسل الملك إلى أبيها فخطبها، فزوجها إياه، وبعث بصداقها، فجهزت، فلما أراد أن يحملوها إلى زوجها قَالَت لها أمها: أي بنية، إن الوصية لو تُرِكت لِفَضلِ أدبٍ تُرِكت لذلك منك، ولكنها تذكرة للغافل، ومَعُونة للعاقل، ولو أن امرأة استغنت عن الزوج لِغِنَي أبويها وشدَّة حاجتهما إليها كنتِ أغنى الناس عنه، ولكن النساء للرجال خلقْنَ، ولهن خلق الرجال. أي بنية، إنك فَارقْتِ الجوَّ الذي منه خَرَجْتِ، وخَلَّفْتِ العُشَّ الذي فيه دَرَجْتِ، إلى وَكْر لم تعرفيه، وقَرِين لم تألفيه، فأصبح بملكه عليك رقيباً ومليكا، فكونِي له أمَةً يكُنْ لك عبداً وَشِيكا، يا بنية احْمِلِي عنى عَشْرَ خِصَالٍ تكن لك ذُخْراً وذِكْراً: الصحبة بالقناعة، والمعاشرة بحسن السمع والطاعة، والتعهُّد لموقع عينه، والتفقُّد لموضع أنفه، فلاَ تَقَع عينُه منك على قبيح، ولاَ يشم منك إلاَ طيبَ ريح، والكحلُ أحسنُ الحسن، والماء أطيبُ الطيب المفقود، والتعهد لوقت طعامه، والهدو عنه عند منامه، فإن حَرَارة الجوع مَلْهبة، وتنغيص النوم مَبْغَضَة والاحتفاظ ببيته وماله، والإرعاء على نفسه وحشمه وعياله فإن الاحتفاظ بالمال حسن التقدير، والإرعاء على العيال والحشم جميل حسن التدبير، ولاَ تُفْشِي له سراً، ولاَ تعصي له أمراً، فإنك إن أفشيتِ سِرَّه لم تأمني غَدْرَه، وإن عصيت أمره أوغَرْتِ صَدْره ثم اتَّقِي مع ذلك الفرح إن كان تَرِحَا، والاكتئاب عنده إن كان فَرِحَا، فإن الخصلة الأولى من التقصير، والثانية من التكدير، وكوني أشَدَّ ما تكونين له إعظاماً يكن أشد ما يكون لك إكراما، وأشد ما تكونين له موافقة، يكن أطولَ ما تكونين له مرافقة، واعلمي أنك لاَ تَصْلِين إلى ما تحبين حتى تُؤْثِرِي رضاه على رضاك، وهواه على هواك، فيما أحببت وكرهت، والله يَخِيرُ لك، فحملت فسُلِّمَت إليه، فعَظُم مَوْقِعُها منه، وولدت له الملوك السبعة الذين ملكوا بعده اليمن. وروى أبو عبيد "ما وَرَاءَكَ" على التذكير وقَالَ: يُقَال: إن المتكلم به النابغة الذُبْيَاني قَالَه لعصام بن شهبر حاجب النعمان، وكان مريضاً، وقد أُرْجِفَ بموته، فسأله النابغة عن حال النعمان، فَقَال َ: ما وراءك يا عصام؟ [ص: 264] ومعناه ما خَلْفَكَ من أمر العليل، أو ما أمامك من حاله، ووَرَاء: من الأضداد. قلت: يجوز أن يكون أصل المثل ما ذكرت، ثم اتفق الاَسمان، فخُوطِبَ كلٌّ بما استحق من التذكير والتأنيث. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 262 3760- مَا لِي ذَنْبٌ إلاَ ذَنْبُ صَخْرٍ ويجوز "ذنب صَخْرَ" يُصْرَف ولاَ يُصْرَف، كجُمْل ودَعْد، وهي صخر بنت لقمان، كان أبوها لقمان وأخوها لُقَيْم خرجا مُغِيرَيْنِ، فأصابا إبلاَ كثيرة، فسبق لقيم إلى منزله، فعمدت صخر إلى جَزُور مما قدم بها لقيم فنحَرَتْهَا وصنعت منها طعاماً يكون مُعَدَّاً لأبيها لقمان إذا قدم تُتْحِفه به، وقد كان لقمان حَسَدَ لقيماً لتبريزه كان عليه، فلما قدم لقمان وقَدَّمَتْ صخر إليه الطعام وعلم أنه من غنيمة لقيم لطَمَهَا لطمةً قضت عليها؛ فصارت عقوبتها مثلاً لكل مَنْ يُعَاقَبُ ولاَ ذَنْبَ له. ويضرب لمن يُجْزَى بالإحسان سوأ قَالَ خُفاف بن نَدْبَةَ: وَعَبَّاس يَدِبُّ ليَ المَنَايَا ... ومَا أَذْنَبْتُ إلاَ ذَنْبَ صَخْرٍ ويروى: وَعَسَّاس يَدِبُّ لِيَ المَنَايَا ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 264 3761- مُحْسَنَةٌ فَهَيِلِى أصله أن امرأة كانت تُفْرِغُ طعاماً من وعاء رَجُلٍ في وعائها، فجاء الرجل، فدُهِشَتْ، فأقبلت تفرغ من وِعائها في وِعائه، فَقَالَ لها: ما تصنعين؟ قَالَت: أهيل من هذا في هذا، فَقَالَ لها: مُحْسِنة - أي أنت ِ محسنة - فَهِيلى، ويروى "محسنةً" بالنصب على الحال، أي هِيِلي محسنةً. ويجوز أن ينصب على معنى أراكِ محسنةً يضرب للرجل يعمل العملَ يكون فيه مصيباً الجزء: 2 ¦ الصفحة: 264 3762- مِنْ حَظِّكَ نَفَاقُ أَيْمِكَ أي مما وَهَبَ الله لك من الجَدِّ أن لاَ تَبُورَ عليكَ أيمُكَ، ويروى هذا في الحديث. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 264 3763- مُصِّي مَصِيصَاً أصله أن غلاماًً خَادعَ جاريةً عن نفسها بتَمَرَاتٍ، فطاوعته على أن تَدَعَه في معالجتها قدر ما تأكل ذلك التمر، فجعل يعمل عمله وهي تأكل، فلما خافَ أن ينفَدَ التمرُ ولم يقضِ حاجته قَالَ لها: وَيْحَكِ! مُصِّي مَصِيصاً. يضرب في الأمر بالتَّوَانِي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 264 3764- مَنْ أَضْرِبُ بَعْدَ الأمةِ المُعَارَةِ؟ يضرب لمن يَهُونُ عليك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 264 3765- مَا يَعْرِفُ قَطَاتَهُ مِنْ لَطَاتِهِ القَطَاة: الردفُ، واللَّطَاة: الجبهة. يضرب للأحمق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 265 3766- مَا بِالدَّارِ شَفْر أي أحَدٌ، وقَالَ اللحياني: شُفْر - بضم الشين - لغة، أي ذو شفر، ولاَ يُقَال إلا مع حرف الجَحْد، لاَ يُقَال في الدار شفر، وقد يُقَال، قَالَ ذو الرمة من غير نفي: تَمُرُّ لَنَا الأَيَّامُ مَا لَمَحَتْ لَنَا ... بَصِيرَةُ عَيْنٍ مِنْ سِوَانَا إلَى شُفَرِ أي ما نَظَرَتْ عينٌ منا إلى إنسان سوانا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 265 3767- مَا بِهَا دُعْوِيٌّ أي مَنْ يُدْعَى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 265 3768- ما بِهَا دُبِّيٌّ أي من يَدِبُّ، ومثلُ هذا كثيرٌ، وكله لاَ يتكلم به إلاَ في الجَحْد والنفي خاصة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 265 3769- مَقْتَلُ الرَّجُلِ بَيْنَ فَكَّيْهِ المقتل: القَتْلُ، وموضع القتل أيضاً، ويجوز أن يُجْعل اللسان قَتْلاَ مبالغة في وَصْفه بالإفضاء إليه، قَالَ: فإنما هيِ إقْبَالٌ وَإدْبَار ... (هو عجز بيت للخنساء، وصدره: ترتع ما رتعت حتى إذا ادكرت) ويجوز أن يجعل موضعَ القتل، أي بسببه يحصل القتل، ويجوز أن يكون بمعنى القاتل، فالمصدر يَنُوب عن الفاعل، كأنه قَالَ: قاتِلُ الرجلِ بين فكيه. قَالَ المفضل: أولُ من قَالَ ذلك أكْثَمُ بن صَيْفي في وصية لبنيه، وكان جَمَعَهم فَقَالَ: تَبَارُّوا فإن البر يبقى عليه العدد، وكُفُّوا ألسِنَتَكم فإن مَقْتَلَ الرجل بين فَكَّيه، إن قول الحق لم يَدَعْ لي صديقاً، الصدقُ مَنْجَاة، لاَ يَنْفَعُ التَّوَقِّي مما هو واقع، في طلب المعالي يكون العَنَاء، الاقتصادُ في السعي أبْقَى للجمام، مَنْ لم يأسَ على ما فاته ودع بدنه، ومن قَنَعَ بما هو فيه قَرَّتْ عينه، التقدُّم قبل التندم، أصْبح عند رأس الأمر أحبُّ إلي من أن أصبح عند ذنَبه، لم يهلك من مالك ما وَعَظَك، ويل لعالِم أمرٍ مِنْ جاهله، يتشابه الأمر إذا أقبل، وإذا أدْبَرَ عرفه الكَيِّسُ والأحْمَقُ، البَطَرُ عند الرخاء حُمْق، والعجز عند البلاَء أمْنٌ، لاَ تَغْضَبُوا من اليسير فإنه يجني الكثير، لاَ تجيبوا فيما لاَ تُسْألون عنه، ولاَ تضحكوا مما لاَ يُضْحَك منه، تَنَاءَوا في الديار ولاَ تباغضوا، فإنه من يجتمع يقعقع عنده، ألزموا النساء المَهَانة، نعم لَهْوُ الغِرَّةِ المِغْزَلُ، حيلَةُ مَنْ لاَ حيلَةَ له الصبر، إن تَعِش تَرَ ما لم تَرَهْ، المكثار [ص: 266] كحاطِبِ ليل، مَنْ أكثر أسْقَطَ، لاَ تجعلوا سراً إلى أمةٍ؛ فهذه تسعة وعشرون مثلاً منها [ما] قد مر ذكره فيما سبق من الكتاب، ومنها ما يأتي إن شاء الله تعالى وقد أحسن من قَالَ: رَحِمَ اللهُ امرأ أطْلَقَ ما بين كَفَّيْه، وأمسَكَ ما بين فكيه ولله در أبى الفَتْح البُسْتى حيث يقول في هذا المثل: تَكَلَّمْ وسَدِّدْ ما استَطَعْتَ؛ فَإنما ... كلامكَ حَيٌّ وَالسُّكُوتُ جَمَادُ فَإنْ لم تَجِدْ قَوْلاً سَدِيداً تَقُولُهُ ... فَصَمْتُكَ عَنْ غَيْرِ السَّدَادِ سَدادُ واحْتَذَاهُ القاضي أبو أحمد منصور بن محمد الهروى فَقَالَ: إذَا كُنْتَ ذَا عِلْمٍ وَمَا رَاكَ جَاهِلٌ ... فأعْرِضْ فَفِي تَرْكِ الجَوَابِ جَوَابُ وَإنْ لم تُصِبْ فِي القَوْلِ فَاسْكُتْ فإنما ... سُكوتُكَ عَنْ غَيْرِ الصَّوَابِ صَوَابُ وضمن الشيخ أبو سهل النيلي شرائطَ الكلام قولَه: أوصِيكَ فِي نَظْمِ الكلام بخَمْسَةٍ ... إنْ كُنْتَ لِلْمُوصِي الشَّفيقِ مُطِيعَا لاَ تُغْفِلَنْ سَبَبَ الكلام وَوَقْتَهُ ... وَالكَيْفَ وَالكَمْ وَالمكَان جَمِيعَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 265 3770- ماتَ حَتْفَ أنْفِهِ ويروى "حَتْفَ أنْفِيَه" و "حَتْفَ فِيْهِ" أي مات ولم يُقْتل، وأصلُهُ أن يموت الرجل على فراشه فتخرج نفسه من أنفه وفمهِ قَالَ خالد بن الوليد عند موته: لقد لقيتُ كذا وكذا زَحْفَاً، وما في جسدي موضعُ شِبْرٍ إلاَ وفيه ضربة أو طعنه أو رَمْيَة، وهاأنا ذا أموتُ حَتْفَ أنْفِي كما يموت العَيْرُ فلاَ نامَتْ أعْيُنُ الجُبَنَاء. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 266 3771- مُثْقَلٌ اسْتعَانَ بِذَقْنِهِ ويروى "بدَفَّيْه" أي بجنبيه. يضرب للذي يستعين بما لاَ دفع عنده. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 266 2772- مالَهُ نَسُولَةٌ وَلاَ قَتُوبَةٌ ولاَ جَزُوزَةٌ أي ما يُتَّخَذُ للنَّسْل، ولاَ ما يعمل عليه، ولاَ شاة يُجَزُّ صُوفها، أي ماله شيء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 266 3773- مَثَلُ جَلِيسِ السُّوءِ كَالقَيْنِ إلاَ يَحْرِقْ ثَوْبَكَ بِشَررِهِ أو يُؤْذِيكَ بِدُخانِهِ ومثل هذا قول مُصْعَب بن سعد بن أبى وقَّاص: لاَ تجالس مفتوناً فإنه لاَ يخطئك منه إحدى خلَّتَيْن: إما أن يفتنك فتتابعه، أو يؤذيك قبل أن تفارقه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 266 3774- مَا أطْوَلَ سَلَى فُلاَنٍ إذا كان مطولاً عسر الأمر يشبه بسَلَى الناقة؛ فإنه إذا طال عسر خروجه وامتدَّ زمانه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 267 3775- مَا أُضيف شيءٌ إلَى شيء أحْسَنَ مِنْ عِلْمٍ إلى حِلْمٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 267 3776- ما غَضَبى عَلَى مَنْ أمْلِكُ وما غضبي على ما لا أملك أي إذا كنتُ مالكاً له فأنا قادر على الانتقام منه فلا أغضب، وإن كنت لاَ أملكه ولاَ يضره غضبي فلم أدخل الغضب على نفسي، يريد إني لاَ أغضب أبداً، ويروى هذا عن معاوية رضي الله عنه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 267 3777- ما يُحُجَرُ فُلاَنٌ في العِكْمِ أي ليس ممن يخفي مكانه، والعِكْمُ: الجُوَالَقُ، والحَجْر: المنع. ويروى عن عبد الله بن الحر الجُعْفى أنه دخل على عبيد الله بن زياد بعد مقتل الحسين رضي الله عنه، فَقَالَ له: خرجتَ مع الحسين فظاهَرْتَ علينا، فَقَالَ له ابن الحر: لو كنتُ معه ما خفى مكاني. يضرب للرجل النَّابِهِ الذِّكْرِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 267 3778- مَا تَبُلُّ إحْدى يَدَيهِ الأخْرَى يضرب للرجل البخيل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 267 3779- مَالِي بِهَذَا الأمْرِ يَدَانِ أي لاَ أستطيعه، ولاَ أقدر عليه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 267 3780- مَا أُبَالي عَلَى أي قُتْرَيْهِِ وَقَعَ ويروى "قُطْريه" يضرب لمن لاَ يُشْفَق عليه ويُشْمَت به الجزء: 2 ¦ الصفحة: 267 3781- مَا أُبَالِي مَا نَهِىءَ مِنْ ضِبِّكَ يُقَال: نَهِىَء يَنْهَأُ نُهُوأً ونُهًاء، إذا لم يَنْضَجْ، ويُقَال: نَهُؤَ فهو نَهىءٌ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 267 3782- ما فِي بَطْنِهَا نُعَرَةٌ أصل النُّعَرَة الذباب، وَيُشَبَّه ما أجَنَّتْ الحمر في بطنها بها، يعني ليس في بطنها حمل يضرب لمن قَلَّتْ ذاتُ يده، قَالَ: والشَّدَنِيَّاتُ يُسَاقِطْنَ النُّعَرْ ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 267 3783- ماتَ فُلاَنُ بِبِطْنَتِهِ لَمْ يَتَغَضْغَضْ مِنْهَا شَيءٌ أي لم ينقص، يُقَال: غَضْغَضَه فَتَغَضْغَضَ، أي نَقْصه فنَقَص، من الغَضَاضة وهى النقصان، يُقَال: غضَّ من قَدْره، إذا نَقَصه وهذا المثل لعمرو بن العاص، قَالَه بعضهم قَالَ أبو عبيد: وقد يضرب هذا المثل في أمر الدين، يُقَال: إنك خَرْجْتَ من الدنيا سليماً لم يثلم دينك ولم يُكْلَم، قَالَ: ولعل عمراً رضي الله عنه أراد هذا المعنى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 267 3784- ماتَ وَهُوَ عَرِيضُ البِطَانِ البِطَان للبعير: بمنزلة الحِزام للفرس، وعرضه كناية عن انتفاخ بطنه وسَعَته. يضرب لمن مات ومالُه جَمٌّ لم يذهب منه شيء. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 268 3785- ما أعْرَفَنِي كَيْفَ يُجَزُّ الظَّهْرُ يضرب للرجل يَعيبُكَ وَسَطَ قومٍ وأنت تعرف منه أخْبَثَ مما عابك به، أي لو شئت عِبْتُكَ بمثل ذلك أو أشَدَّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 268 3786- مَا حَكَّ ظَهْرِي مِثْلُ يَدِي يضرب في ترك الاَتكال على الناس الجزء: 2 ¦ الصفحة: 268 3787- مِنْ كلِّ شيء تَحْفَظُ أخَاكَ إلاَ مِنْ نَفْسِه يراد أنك تحفظه من الناس، فإذا كان مُسِيئاً إلى نفسه لم يدر كيف تحفظه منها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 268 3788- مُذْكِيَةٌ تُقَاسُ بِالجِذَاعِ يضرب لمن يقيس الصغيرَ بالكبير. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 268 3789- أمْهِلْني فُوَاقَ نَاقَةٍ الفُوَاق والفَوَاق: قدر ما تجمع الفِيقَة، وهي اللبن يُنْتَظَرُ اجتماعُه بين الحلبتين. يضرب في سرعة الوقت. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 268 3790- مَا أرْخَصَ الجَمَلَ لَوْلاَ الهِرَّةُ وذلك أن رجلاً ضلَّ له بعيرٌ، فأقْسَمَ لئن وجَده ليبيعَنَّهُ بدرهم، فأصابه، فَقَرَنَ به سِنَّوْراً وقَالَ: أبيعُ الجملَ بدرهم، وأبيعُ السِّنَّوْرَ بألف درهم، ولاَ أبيعهما إلاَ معاً، فقيل له : ما أرخصَ الجملَ لولاَ الهرة، فجرت مثلاً. يضرب في النفيس والخسيس يقترنان. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 268 3791- مَا بَقِي مِنْهُ إلاَ قَدْرُ ظِمْءِ الحِمَارِ وهو أقْصَرُ الظِّمء لقلة صبره عن الماء. قَالَ أبو عبيد: وهذا المثل يروى عن مَرْوَان بن الحكم أنه قَالَ في الفتنة: الآنَ حين نَفِدَ عُمْرِي فلم يبق إلاَ قَدْرُ ظِمْء الحِمَار صرتُ أضربُ الجيوشَ بعضها ببعض. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 268 3792- مَا بِالبَعِيْرِ مِنْ قُمِاَصٍ يروى بالضم، والكسر، والصحيحُ الفصيحُ الكسرُ. يضرب لمن لم يَبْقَ من جَلَده شيء. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 268 3793- مَالًهُ عَافِطَةٌ وَلاَ نَافِطَةٌ العافطة: النعجَة، والنافطة: العَنْز، وقَالَ بعضهم: العافطة الأمَةُ، والنافطة الشاة؛ لأن الأمَةَ تَعْفِطُ في كلامها، أي لاَ تُفْصِحُ، يُقَال: فلان يَعْفِطُ في كلامه، ويعفطُ في كلامه، ويُقَال: العافطة الضارطة، والنافطة العاطسة، وكلتاهما العنز تعفِظُ وتنفط، والعفيط: الحَبَقُ، والنَّفِيطُ صوتٌ يخرج من الأنف، أي ماله شيء. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 268 3794- المِعْزىَ تُبْهِى ولاَ تُبْنِى الإبهاء: الخَرْق، والإبناء: أن تجعله بانياً. قَالَ أبو عبيد: أصل هذا أن المِعْزَى لاَ يكون منها الأبنية وهى بيوت الأعراب، وإنما تكون أخْبِيَتُهُمْ من الوَبَر والصوف، ولاَ تكون من الشعر، والمِعزى مع هذا ربما صعدَتِ الخِبَاء فخرقته. يضرب لمن يُفْسِدُ ولاَ يُصلح. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 269 3795- مِلْحُهُ عَلَى رُكْبَتِه هذا مَثَلٌ يضرب للذي يَغْضَب من كل شيء سريعاً، ويكون سيئ الخُلُقِ. أي أدنى شيء يُبَدِّده، أي يُنَفَّره، كما أن المِلْحَ إذا كان على الركبة أدنى شيء يبدده ويفرقه. ويُقَال: الملح ههنا اللبن، والملح الرَّضَاع، أي لاَ يحافظ على حُرْمة ولاَ يَرْعَى حقاً، كما أن واضعَ اللبن على ركبته لاَ قدرة له على حفظه، وهذا أجْوَدُ الوجوه. قَالَ مسكين الدرامى في امرأته: لاَ تَلُمْهَا إنَّهَا مِنْ نِسْوَةٍ ... مِلْحُهَا مَوْضُوعَةٌ فَوْقَ الرُّكَبْ كَشَمُوسِ الخَيْلِ يَبْدُو شَغْبُهَا ... كُلَّمَا قِيْلَ لَهَا هَابِ وَهَبّْ أراد بالشَّغْبِ القتالَ والخروجَ عن الطاعة، وهابِ وهَبْ: ضربان من زَجْر الخيل، ويروى "هالِ" باللام وأصله مقلوب "هَلاً" وهو زَجر الخيل أيضاً. وقَالَ ابن فارس: العرب تسمى الشحم ملحاً أيضاً، وتقول: أمْلَحْتُ القِدْرَ؛ إذا جعلتَ فيها شيئاً من شَحْم، ثم قَالَ: وعليه فسر قوله "لاَ تلمها - البيت" يعني أن هَمَّها السمن والشحم. قلت: يضرب المثل - على ما قَالَه - لمن لاَ يطمح إلى معالي الأمور، بل يُسِفُّ على سَفْسَافها. قَالَ: ابن الأعرابي: يُقَال " فلاَن ملحه على ركبته " إذا كان قليلَ الوفاء. وقَالَ أبو سعيد: هذا كقولهم: إنما ملحه مادام معك جالساً، فإذا قام نفضَها فَذَهَبَتْ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 269 3796: ماَ يَعْرفٌ قَبِيلاً مِنْ دَبيرٍ القَبيل: ما أقبل به على الصَّدْر، من القبل، والدَّبير: ما أدبر عنه، وقَالَ الأصمعي: هو مأخوذ من الشاة المُقَابلة والمُدَابرَة، فالمقابلة: التي شُقَّ أذنها إلى قدام، والمُدَابَرَة التي شق أذنها إلى الخَلْف. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 269 3797- مَا يَعْرِفُ هِرّاً مِنْ بِرٍّ قَالَ ابن الأعرابي: الهرُّ دُعَاء الغنم، [ص: 270] والبر: سَوْقُها، ويُقَال: الهر اسم من هَرَرْتُه أي أكْرَهْتُه، والبراسم من بَرِرتُ به، أي لاَ يعرف مَنْ يكرهه ممن يَبَرُّه، وقَالَ خالد بن كلثوم: الهر السَّنَّوْرُ، والبر الجُرَذ، وقَالَ أبو عبيدة: الهر من الهَرْهَرَة وهي صَوْتُ الضأن، والبر من البربرة وهى صوت المِغْزَى. يضرب لمن يتناهى في جهله. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 269 3798- مَالُه هِلَّعٌ ولاَ هِلِّعَةٌ قَالَ أبو زيد: هما الجَدْيُ والعَنَاق، أي ماله شيء. ومثله: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 270 3799- مَالَهُ هَارِبٌ وَلاَ قَارِبٌ قَالَ الخليل: القارب: طالبُ الماء ليلاً، ولاَ يُقَال ذلك لطالب الماء نهاراً، ومعنى المثل ماله صادر عن الماء ولاَ وارد، أي شيء، قَالَ الأَصمعي: يريد ليس أحد يهرب منه ولاَ أحد يقرب إليه أي فليس له شيء. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 270 3800- مَالَهُ سُمٌّ وَلاَ حُمّ بالضم، ويفتحان أيضاً، أي ماله هَمٌّ غيرك، قَالَ الفراء: هما الرجاء، يُقَال : ماله سُمٌّ ولاَ حُمٌّ، أي ليس أحد يرجوه. قلت: أصلُ هذا من قولهم: حممت حمَّكَ وسَمَمْتُ سَمَّك، أي قصدت قصدك، فالسُّمُّ والحَمُّ بالفتح المصدر، وبالضم الاَسم، والمعنى ماله قاصد يقصده، أي لاَ خَيْرَ فيه يُقْصَد له. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 270 3801- مَالَهُ حَبَضٌ ولاَ نَبَضٌ قَالَ أبوعمرو: الحَبضُ الصوتَ، والنَّبَضُ اضطرابُ العرقِ، وقَالَ الأَصمعي: لاَ أدري ما الحَبَضُ، ويروى "ما به حَبَض ولاَ نَبَض" ومعناهما الحركة، يُقَال: حَبَضَ السهمُ، إذا وقع بين يَدَيَ الرامي، ونبَضَ العرقُ ينْبُضُ نَبْضَاً ونَبَضانَاً، إذا تحرك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 270 3802- مَالَهُ حَانَّةٌ ولاَ آنَّةٌ أي ناقة ولاَ شاة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 270 3803- مَالَهُ سَبَدٌ ولاَ لَبَدٌ السَّبَد: الشَّعر، والَّلبد: الصوف ومثل هذا قولهم: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 270 3804- مَالَهُ قُذْعْمِلَةٌ وَلاَ قِرْطَعْبَةٌ قَالَ أبو عبيد: أحسب أصول هذه الأشياء كلها كانت على ما ذكرنا، ثم صارت أمثالاً لكل مَنْ لاَ شيء له، فأما القُذَعْمِلَة والقِرْطَعْبَة والسَّعْنَةُ والمَعْنَةُ فما وجدنا أحداً يدري ما أصولها، هذا كلامه. قلت: قَالَ أبو عمرو: ورَجُل قِذْعَلْ - مثال سِبْحَلّ - أي هين خسيس، وقَالَ أبو زيد: والقُذَعْمِلَة المرأة القَصِيرة الخسيسة، [ص: 271] وقَالَ زائدة: هي الشيء الحقير مثل الحبة، يُقَال: لاَ تُعْطِ فلاَناً قُذْعْمِلة، ومعنى المثل ماله شيء يسير مما كان، والقِرْطَعْبَة مثلُه في المعنى، وقَالَ: فَمَا عَلَيْهِ مِنْ لِبَاسٍ طحربه ... وَمَالَهُ مِنْ نَشَبٍ قِرطَعْبَةْ أي شيء. ومثله قوله: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 270 3805- ما لَهُ سَمْعَنَةٌ ولاَ مَعْنَةٌ قَالَ اللحْيَاني: السَّعْنَة: الوَدَك، وقَالَ ابن الأَعرابي: السعنة: الكثرة من الطعام وغيره، والمعنى القلة من الطعام وغيره والمَعْن: الشيء اليسير، وقَالَ فإنَّ هَلاَكَ مَالِكَ غَيْرُ مَعْنِ ... ومعنى المثل ماله قليل ولاَ كثير الجزء: 2 ¦ الصفحة: 271 3806- ما يَجْمَعُ بَيْنَ الأرْوَى وَالنَّعَامِ؟ الأروى في رؤس الجبال، والنعام في السهولة من الأَرض، أيْ أيُّ شيء يجمع بينهما؟ يضرب في الشيئين يختلفان جداً ويروى "ما يجمع الأروى والنعام" أي كيف يأتلف الخير والشر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 271 3807- مَا نَهِئَ الضَّبُّ ومَا نَضِجَ يضرب لمن لاَ يُبْرِمُ الأمر ولاَ يتركه، فهو مُتَرَدِّد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 271 3808- مَا هُوَ إلاَ ضَبُّ كُدْيَةٍ ويروى "ضب كلدة" وهما الصُّلْب من الأَرض. يضرب لمن لاَ يُقْدَرُ عليه وإنما نسب الضبُّ إليها لأنه لاَ يحفره إلاَ في صَلاَبة خوفاً من انهيار الجحر عليه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 271 3809- ما ماتَ فُلاَنٌ كَمَدَ الحُبَارَى قد مر الكلام عليه في باب الكاف عند قولهم "أكمَدُ من الحُبَارى" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 271 3810- مَرَرْتُ بِهِمُ الجمَّاء الغَفِيرَ قَالَ سيبويه: هو اسمٌ جعل مصدراً فانتصب كانتصابه في قوله: فأوردَهَا العِرَاكَ وَلَمْ يَذُدْهَا (صدر بيت للبيد، وعجزه: ولم يشفق على نغص الدخال) وقَالَ بعضهم: الجمَّاء بَيْضَةُ الرأس لاَ ستوائها، وهي جَماء لاَ حيود لها، والغَفير: لأنها تغفر الرأس، أي تُغَطِيه، ويُقَال: هم في هذا الأمر الجَمَّاء الغَفِيرَ، وجَمَّاء الغَفِيرِ، أنشد ابن الأَعرَبي: صَغِيْرُهم وكَهْلُهُمْ سَوَاء ... هُمُ الجَمَّاء في اللُّؤمِ الغَفيرُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 271 3811- مَا بِهِ قَلَبَةٌ أي عيب، وأصله من القُلاَب، وهو [ص: 272] داء يصيب الإبلَ، قَالَ الأصمعى: داء يَشْتكى البعيرُ منه قلبه فيموتُ مِنْ يومه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 271 3812- مَا جُعِلَ العَبْدُ كَرَبِّهِ قَالَوا: إن أول مَنْ قَالَ ذلك رَبيعة بن جرادٍ الأسلمىُّ، وذلك أن القَعْقَاع بن مَعْبَد بن زُرَارة بن عُدُس ابن زيد بن عبد الله بن دارم وخالدَ بن مالك بن رِبْعِيِّ بن سَلْم بن جَنْدَل بن نَهْشَل تَنَافَرَا إلى أكثَمَ ابن صَيْفي أيُّهما اكرم، وجعلاَ بينهما مائةً من الإبل لمن كان أكْرَمَهُمَا، فَقَالَ أكثم بن صَيْفي: سفيهان يُريدان الشر، وطلب إليهما أن يرجعا عما جاآله، فأبَيَا، فبعث معهما رجلاً إلى ربيعة بن جراد وحَبَس إبلهما التي تنافَرَا عليهما مائة ومائة، وقَالَ انطلقا مع رسولي هذا فإنه قَتَلَ أرْضاً عالمُهَا وقَتَلَتْ أرضٌ جاهلها، فأرسلها مثلاً، فلما قَدِمَا على ربيعة وأخبراه بما جاآله قَالَ ربيعة للقعقاع: ما عندك يا قعقاع؟ قَالَ: أنا ابن مَعْبَد بن زُرَارة، وأمي مُعَاذة بنت ضِرَار، رَأَسَ من اعمامي عشرة، ومِنْ أخوالي عشرة، وهذه قَوْسُ عمي رهَنَها عن العرب، وجَدِّي زُرَارة أجار ثلاَثة أملاَك بعضَهم من بعضٍ، قَالَوا: وفي ذلك يقول الفرزدق مِنَّا الَّذِي جَمَعَ المُلُوكَ وَبَيْنَهُمْ ... حَرْبٌ يُشَبُّ سَعِيرُهَا بِضِرَامِ ثم قَالَ ربيعة لخالد بن مالك: ما عندك ياخالد؟ قَالَ أنا ابن مالك، قَالَ: لم تصنع شيئاً، ثم ابن مَنْ؟ قَالَ: ابن ربْعي، قَالَ: لمْ تَصنَع شيئاً، ثم ابن مَنْ؟ قال: ابن سَلْم؟ قَالَ: الآن، فمن أمُّكَ؟ قَالَ: فرعة، قَالَ ابنة مَنْ؟ قَالَ: ابنة مندوس، قَالَ ربيعة للقَعْقَاع: قد نَفَّزْتُكَ يا ابن الضبنة، فَقَالَ خالد: أتجعل معبد بن زُرَارة كمثل سَلْم بن جندل؟ فَقَالَ ربيعة: ماجُعِلَ العبدُ كربة! فأرسلها مثلاً الجزء: 2 ¦ الصفحة: 272 3813- مَا نَلْتَقِى إلاَ عَنْ عُفْرٍ أي بعد شهر أو شهرين، والحين بعد الحِينِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 272 3814- مَا يَوْمُ حَلِيمَةَ بِسِرٍّ هي حليمة بنت الحارث بن أبي شمر، وكان أبوها وَجَّهَ جيشاً إلى المنذر بن ماء السماء، فأخرجت لهم طِيباً من مِرْكَن فطَيَّبتهم، وقَالَ المبرد: هو أشْهَرُ أيام العرب، يُقَال: ارتفع في هذا اليوم من العَجَاج ما غَطَّى عَيْنَ الشمسِ حتى ظهرت الكواكبُ يضرب مثلاً في كل أمر مُتَعَالم مشهور، قَالَ النابغة يصف السيوفَ: تُخُيِّرْنَ مِنْ أزْمَانِ عَهْدِ حَلِيمَةٍ ... إلَى اليَوْمِ قَدْ جُرِّبْنَ كُلَّ التَّجَارِبِ تَقُدُّ السَّلوقِىَّ المُضَاعَفَ نَسْجُهُ ... وَيُوقِدْنَ بِالصُّفَّاحِ نَارَ الحُبَاحِبِ [ص: 273] وذكر عبد الرحمن بن المفضل عن أبيه قَالَ: لما غزا المنذرُ بن ماء السماء غَزَاته التي قُتِلَ فيها، وكان الحارثُ بن جَبَلَة الأَكبر ملك غسان يخاف، وكان في جيش المنذر رجل من بني حنيفة يُقَال له شمرُ بن عمرو، وكانت أمه من غسان، فخرج يتوصل بجيش المنذر يريد أن يلحق بالحارث، فلما تدانَوْا سار حتى لحق بالحارث، فَقَالَ: أتاك مالاَ تُطِيق، فلما رأى ذلك الحارثُ نَدَبَ من أصحابه مائةَ رجلٍ اختارهم رجلاً رجلاً، فَقَالَ: انطلقوا إلى عسكر المنذر فأخْبِرُوهُ أنا نَدِينُ له ونُعْطيه حاجته، فإذا رأيتم منه غِرَّةً فاحملوا عليه، ثم أمر ابنته حَلِيمة فأخرجَتْ لهم مِرْكَناً فيه خَلُوق، فَقَالَ: خَلِّقِيِهِمْ، فخرجت إليهم وهي من أجمل ما يكون من النساء، فجعلت تخلِّقهم، حتى مر عليها فتىً منهم يُقَال له لبيد ابن عمرو، فذهبت لِتُخَلِّقه، فلما دنَتْ منه قَبَّلَها، فلطمته وبكت، وأتَتْ أباها فأخبرته الخبر، فَقَالَ لها: وَيْلَكِ اسْكُتي عنه فهو أرْجَاهُمْ عندي ذكاءَ فؤادٍ، ومَضَي القومُ ومعهم شمر بن عمرو الحَنَفُّىِ حتى أتوا المنذر فَقَالَوا له: أتيناك من عند صاحبنا وهو يَدِينُ لك ويعطيك حاجتك، فتباشَرَ أهلُ عسكر المنذر بذلك، وغَفَلُوا بعضَ غَفْلة، فحملوا على المنذر فقتلوه: ليس يومُ جليمة يسر، فذهبت مثلاً. قَالَ أبو الهيثم: يُقَال إن العرب تسمي بَلْقِيسَ حليمة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 272 3815- مَا أَرْزَمَتْ أُمُّ حَائِلٍ يضرب في التأبيد والحائل: الأنثى من ولد الناقة حين تنتج، والسكب: الذكر، والرَّزَمَةُ: صوت الناقة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 273 3816- مَا يَلْقَى الشَّجِيُّ مِنْ الخَلِيِّ الياء من الشجي مخففة، ومن الخلي مشددة، يُقَال شَجِيَ يَشْجَى شَجىً فهو شَجٍ، ومن شَدَّد الياء منه فيجوز أن يقول هو فَعِيل بمعنى مفعول من "شَجَاه يَشْجُوه" إذا أحْزَنَه، ويجوز أن يقول: شُدِّد للاَزدواج، "وما" استفهام، ومعناه: أي شيء الذي يلقاه الشجي من الخلي من ترك الاهتمام بشأنه لخلوه مما هو مبتلىً به؟ قَالَ أبو عبيد: معناه أنه لاَ يساعده على همومه، ومع ذلك يَعْذِله قلت: وقد ذكرتُ لهذا المثل قصةً في باب الواو عند قولهم "ويل للشجي من الخلي" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 273 3817- مَا أَمْرُ العَذْرَاءِ فِي نَوَى القَوْمِ؟ يضرب في ترك مُشَاورة النساء في الأمور الجزء: 2 ¦ الصفحة: 273 3818- مَا يُبْدى الوَتْرُ مثل قولهم "ما تُبْدِى الرَّضَفَة" و "ما تَنْدَى صَفَاتُه" تضرب كلها للبخيل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 274 3819- مَا فِي سَنَامِهَا هُنَانَةٌ بالضم، أي شحم وسمن. يضرب لمن لاَ يوجَد عنده خير. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 274 3820- مَا كلُّ عَوْرَةٍ تُصَابُ العَوْرَة: الخلل الذي يَظْهَر للطالب من المطلوب، أي ليس كل عورة تظهر لك من عدو يمكنك أن تصيب منها مرادك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 274 3821- ما أنتِ نَجِيَّةٌ ولاَ سَبيَّة هذا مثل قولهم "فلاَن لاَحاء ولاَ ساء" أي لاَ مُحْسن ولاَ مُسِيء، ويجوز أن يكون من حَاءِ وهو زَجْر للمعز، ومن ساء وهو زجر للحمار، أي لاَ يمكنه زَجْرُها لهمومه وذَهَاب قوته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 274 3822- ما أنْتَ بِعِلْقِ مَضَنّةٍ يضرب لما لاَ يَعْلَقُ به القلب ولاَ يَضَنُّ به لخَسَاسته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 274 3823- ما يَرْوَى غُلَّتَهُ بِالمضِيحِ المَحْلُوبِ المَضِيح، والضَّيْح، والضَّيَاحُ: اللبن الكثير الماء، أي لاَ يُجْبَر كسرُه بالشيء القليل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 274 3824- مَا كلُّ رامِي غَرَضٍ يُصِيبُ يضرب في التأسِيَةِ عن الفائت. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 274 3825- ما هذا البِرُّ الطَّارِقُ يُقَال "طَرَقَ" إذا أتى ليلاً. يضرب في الإحسان يُسْتَبْعد من الإنسان. ويروى "الطارف" أي الجَدِيدُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 274 3826- مِنْ قَرِيبٍ يُشْبِهُ العَبْدُ الأمَةَ أي لاَ يكون بينها كثيرُ فرقٍ. يضرب في المُتَقَارِبَيْنِ في الشَّبَه. مِنْ قَدِمٍ مَا كَذَبَ النَّاسُ يعنى أن الكذب قديماً يستعمل ليس بِبِدْعٍ مُحْدَثٍ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 274 3828- مالَهُ رُواءُ ولاَ شاهِدٌ الرُّوَاء: المنْظَر، والشاهد: اللسان، أي ماله مَنْظَر ولاَ مَنْطِق. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 274 3829- منْ حَدَِّثَ نَفْسَهُ بِطُولِ البَقَاءِ فَلْيُوَطِّنْ نَفْسَهُ عَلَى المَصائِب وهذا يروى عن عبد الرحمن بن أبى بكر رضي الله عنهما. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 274 3830- مَنْ لَمْ يَأْسَ عَلَى ما فَاتَهُ أَرَاحَ نَفْسَهُ قَالَه أكثم بن صيفي. يضرب في التَّعْزِية عند المصيبة وحَرَارتها وتَرْك التأسُّفِ عليها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 275 3831- ما أَشْبَهَ اللَّيْلَةَ بِالبَارِحَهْ أي ما أشبَهَ بعضَ القوم ببعض. يضرب في تساوِي الناس في الشر والخديعة. وتمثل به الحسنُ رضي الله عنه في بعض كلامه للناس. وهو من بيت أولُه: كُلُّهُمُ أرْوَغُ من ثَعْلَبٍ ... مَا أشْبَهَ الَّليْلَةَ بِالبَارِحَهْ وإنما خص البارحة لقُرْبِهَا منها، فكأنه قَالَ: ما أشبه الليلة بالليلة، يعنى أنهم في اللؤم من نصاب واحد، والباء في "البارحة" من صلة المعنى، كأنه في التقدير شيء يشبه الليلة بالبارحة، يُقَال: شبهته كذا وبكذا. يضرب عند تشابه الشيئين. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 275 3832- المَرْءُ بِخَلِيلِهِ - أي مقيس بخليله - فَلْيَنْظُر امْرُؤٌ مَنْ يُخَالِلُ يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 275 3833- مَلِّكْ ذا أمرٍ أَمْرَهُ أي كِلِ الأمور إلى أربابها، ووَلِّ المالَ رَبَّه، أي هو المعنىُّ به دون غيره. يضرب في عناية الرجل بماله. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 275 3834- ما عِنْدَهُ ما يُنَدَّى الرَّضَفَةَ قَالَ الأَصمعي: أصلُ ذلك انهم كانوا إذا أعْوَزَهم قِدْرٌ يطبخون فيها عملوا شيئاً كهيئة القِدْر من الجُلُود وجعلوا فيه الماء واللبن، وما أرادوا من وَدَك، ثم ألْقَوْا فيها الرضَفَ - وهى الحجارة المُحْمَاة - لتُنْضِجَ ما في ذلك الوعاء، أي ليس عند هذا من الخير ما يُنَدِّى تلك الرضفة. يضرب للبخيل لاَ يخرج من يده شيء. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 275 3835- أَمْرَعَ وَادِيِهِ وَأَجْنَى حُلَّبُهُ الحَلَّبُ: نبتٌ ينبسط على وجه الأَرض يقال: تَيْسُ حُلَّبٍ كما يُقَال: قنفذُ برقة، والحُلَّب سُهْلى تَدُومُ خُضرته. يضرب لمن حسنت حالُه. وأجنى: أي جاء بالجَنَى، وهو ما يُجْتَنَى، ومعناه أثمر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 275 3836- مَرْعْىً وَلاَ كَالسَّعْدَانِ قَالَ بعض الرواة: السَّعْدَان أخْثَرُ العُشْبِ لَبَنَا، وإذا خَثَرَ لبنُ الراعية (خثر اللبن - كنصر - ثخن واشتد، فهو خائر) كان [ص: 276] أفضَلَ ما يكون وأطيَبَ وأدْسَمَ، ومنابِتُ السَّعْدان السهولُ، وهو من أنجع المَرَاعِي في المال، ولاَ تحسنُ على نبتٍ حُسْنَهَا عليه، قَالَ النابغة: الوَاهِبُ المِائِةَ الأبكارَ زَيَّنَهَا ... سَعْدَانُ تُوضِحَ فِي أوبَارِهَا اللِّبَدُ يضرب مثلاً للشيء يَفْضُل على أقرانه وأشكاله. قَالَوا: وأولُ من قَالَ ذلك الخَنْسَاء بنت عمرو بن الشريد، وذلك أنها أقبلت من الموسم فوجَدَتْ الناسَ مجتمعين على هند بنت عتبة بن رَبيعة، ففرجَتْ عنها وهي تنشدهم مراثي في أهل بيتها، فلما دنَتْ منها قَالَت: على مَنْ تبكين؟ قَالَت: أبكى سادةً مَضَوا، قَالَت: فأنشِدِينِي بعضَ ما قلت، فَقَالَت هند: أبْكِى عَمُودَ الاَبْطَحَيْنِ كِلَيْهِمَا ... ومَا نَعِهَا مِنْ كُلِّ بَاغٍ يُرِيدُهَا أبُو عُتَبَةَ الفَيَّاض وَيْحَكِ فَاعْلَمِي ... وشَبِيبَة وَالحَامِي الذِّمَارِ وَلِيدُهَا أولئِكَ أهْلُ العِزِّ مِنْ آل غَالِبٍ ... وَللمجد يوم حين عُدَّ عَدِيدُهَا قَالَت الخنساء : مَرْعىً ولاَ كالسعدان، فذهبت مثلاً، ثم أنشأت تقول: أَبْكِي أَبَا عَمْرٍو بَعَيْنٍ غَزِيرَةٍ ... قَلِيل إذا تُغْفِى العُيُونُ رُقُودُهَا وَصَخْراً وَمَنْ ذَا مِثْلُ صَخْرٍ إذا بَدَا ... بِسَاحَتِهِ الأبطَالُ قُبَّاً يَقُودُهَا حتى فرغت من ذلك؛ فهي أول من قَالَت "مَرْعىً ولاَ كالسَّعْدَانِ" ومرعى: خبر مبتدأ محذوف، وتقديره هذا مرعى جيد، وليس في الجودة مثل السعدان. وقَالَ أبو عبيد: حكى المفضل أن المثل لامرأة من طيئ، كان تزوجها امرؤ القيس بن حُجْر الكندي، وكان مُفَرَّكاً، فَقَالَ لَها: أين أنا مِنْ زوجك الأول؟ فَقَالَت: مَرْعىً ولاَ كالسَّعدان، أي إنك وإن كنت رِضاً فلستَ كفلاَن. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 275 3837- المَالُ بَيْنِي وبَيْنَكَ شِقَّ الأَبلمَةِ ويروى " الأَبلمة" بالفتح. قَالَ أبو زياد: هي بَقْلة تخرج لها قرون كالباقلاَ، فإذا شَقَقَتْهَا طولاً انشقَّت نصفين سواء من أولها إلى آخرها. يضرب في المُسَاواة والمشاركة في الأمر وشِقَّ: نصبٌ على المصدر من معنى قوله "المال بيني وبينك" أي مشقوق بيني وبينك [ص: 277] . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 276 3838- مَثَلُ المُؤْمنِ مَثَلُ الخَامَةِ مِنَ الزَّرْعِ تُفِيئُهَا الريْح مَرَّة ههُنَا وَمَرَّةً هَهُنَا، ومثَلُ الكافِرِ مَثَلُ الأرزة المُحْدَبَةِ عَلَى الأَرض حتَّى يَكُونُ انْجِعَافُهَا مَرَّة وَاحِدَةً. قَالَه النبي صلى الله عليه وسلم. قَالَ أبو عبيد: شبه المؤمنَ بالخامة التي تُمِيلها الريحُ لأنه مُرَزَّأ في نفسه أهله وولده وماله، وأما الكافر فمثلُ الأرزة التي لاَ تُمِيْلها الريحُ، والكافر لاَ يُرْزَأ شيئاً حتى يموتَ، وإن رُزئ لم يؤجَرْ عليه، فشبه موتَه بانْجِعَافِ تلك حتى يلقى الله بذنوبه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 277 3839- مَرْعىً وَلاَ أكُولَةً الأكُولة: الشاة التي تُغْزَل للأكل وتُسَمَّن. يضرب للمتمِّولِ لاَ آكِل لماله. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 277 3840- أمرْعْتَ فانْزِلْ يُقَال "أمْرَعَ الوادى" و "مَرُع" بالضم - أي كثر كَلَؤه، و"أمْرَعَ الرجلُ" إذا وجَد مكاناً مَرِيعاً. يضرب لمن وقَع في خِصْب وسَعَة ومثله "أعْشَبْتَ فَانْزِلْ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 277 3841- مَا ضرَّ نَابِى شَوْلُهَا المُعَلَّقُ إن تَرِدِ المَاءَ بِمضاءَ أوْثَقُ الشَّوْل: القليل من الماء. يضرب في حمل مالاَ يضرك إن كان معك، وينفعك إن احْتَجْتَ إليه. وهذا مثل قولهم "إن ترد الماءَ بماء أكْيَسُ" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 277 3842- مَاءٌ وَلاَ كَصَدَّاءَ قَالَ المفضل: صداء: رَكِيَّة لم يكن عندهم ماءٌ أعذبُ من مائها، وفيها يقول ضِرَار السَّعْدِي: وَإنِّي وَتَهْيَامِى بزَيْنَبَ كالَّذِي ... تَطَلَّبَ مِنْ أحْوَاضِ صَدَّاءَ مَشْرباَ يريد أنه لا يَصِلُ إليها إلا بالمُزَاحمة لفَرْط حسنها كالذي يَرِدُ هذا الماء فإنه يزاحم عليه لفَرط عذوبته. قَالَ المبرد: يروى عن ابنة هانئ بن قبيصة أنه لما قتل لَقِيط بن زُرَارة من دارم فتزوجها رجل مِنْ أهلها فكان لا يزال يراها تذكر لقيطاً، فَقَالَ لها ذاتَ مرة: ما استحسنت من لقيط؟ قَالَت كل أموره حَسَن، ولكني أحَدَّثُكَ أنه خَرَجَ إلى الصيد مرةً وقد ابتَنَي بي، فرجع إلي وبقميصه نَضْحٌ من دماء صيد، والمِسْكُ يَضُوع من أعطافه، ورائحةُ الشراب من فيه، فَضَمَّنِى [ص: 278] ضمةً، وشَمَّني شَمة فليتني متُّ ثَمَةَ، قَالَ: ففعل زوجُها مثلَ ذلك ثم ضمها، وقَالَ لها: أين أنا من لقيط؟ قَالَت ماءٌ ولاَ كصَدَّاء! ويروى على وزن حَمْرَاء، قَالَ الجوهرى: سألت أبا علي - يعنى الفَسَوَى - فقلت: أهو فَعْلاَء من المضاعف؟ قَالَ نعم، وأنشدني قَولَ ضِرار بن عتبة السعدي: كأنِّي من وَجْدٍ بِزَيْنَبَ هَائِمٌ ... يُخَالِسُ مِنْ أحْوَاضِ صَدَّاءَ مَشْرَباً يَرَى دُونَ بَرْدِ الماء هَوْلاً وَذَادَةً ... إذا اشْتَدَّ صَاحُوا قَبْلَ أنْ يَتَجَنَّبَا أي قبل أن يَرْوَى، وبعضهم يرويه بالهمز وسألت عنه رجلاً في البادية من بني سُلَيم فلم يهمزه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 277 3843- المَاءُ مِلْكُ أمْرٍ ويروى "ملك الأمر" أي هو مِلاَكُ الأشياء. يضرب للشيء الذي يكون مِلاَكَ الأمر، عن أبى زيد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 278 3844- ما أقومُ بِسَيْلِ تَلعاتِكَ أي ما أطيقُ هجاءك وشَتْمَكَ ولا أقوم لهما الجزء: 2 ¦ الصفحة: 278 3845- مَا أنتَ بِلُحْمَةٍ وَلاَ سَتَاةٍ السَّتَاة والسَّدَاة واحد، وهما ضدُّ اللحمة يضرب لمن لاَ يُنْتفَع منه بشيء ولاَ يصلح لأمر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 278 3846- ما أنتَ بنَيْرَةٍ ولاَ حَفَّةٍ النَّيْرَة: الخَشَبة المعترضة، والحَفَّة: القَصَبَاتُ الثلاَث. يضرب لمن لاَ ينفع ولاَ يضر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 278 3847- مَا عِقَالَكَ بِأنْشُوطَةٍ العِقَال: ما يُعْتَقَل به البعير، والأنشُوطة: عقدة يَسْهُل انحلاَلها، أي ما مودَّتُكَ بواهية، وتقديره ما عقد عقالك بعقد أنشوطة، فحذف "عقد" قَالَ ذو الرمة: وَقَدْ عَلِقَتْ مَىٌّ بقَلْبى عَلاَقَةً ... بَطِيئاً عَلَى الشُّهُور انحِلاَلُها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 278 3848- مَا بِهَا عَلَى نَافِخُ ضَرْمَةٍ "بها" أي بالدار، والضَّرْمَة: ما أضرمْتَ فيه النار كائناً ما كان، ويعني بالمثل ما في الدار أحَدٌ، وفي حديث علي رضي الله عنه: يَوَدُّ معاويةُ أنه ما بقى من بنى هاشم نافخُ ضَرْمة إلاَ طُعِنَ في نيطه، أي في نِيَاطِ قلبه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 278 3849- ما عَلَيْهَا خَضَاضٌ الخَضَاض: الشيء اليسير من الحلى، قَالَ الشاعر: وَلَوْ أشْرَفَتْ مِنْ كفة السِّتْرِ عَاطِلاً ... لَقُلْتُ: غَزَالٌ مَا عَلَيْهِ خضَاضُ يضرب في نفى الحلى عن المرأة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 278 3850- ما كَفَى حَرْباً جَانِيهَا أي إنما يكون صلاَحُهَا بأهل الأناة [ص: 279] والحلم، لاَ بمن جَنَاها وأوقد لظَاهَا، وقَالَ: لكِنْ فَررْتُ حِذَارَ المَوْتِ مُنْكَفِئاً ... وَلَيْسَ مُغْنِىَ حَرْبٍ عَنْكَ جَانِيهَا قَالَ أبو الهيثم: أي من أفسد أمراً لم يُتَوَقَّع منه إصلاَحُه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 278 3851- مَحَا السَّيْفُ ما قَالَ ابْنُ دَارَةَ أَجْمَعَا ابن دَارَة: هو سالم بن دَارَةَ أحدُ بني عبد الله بن غَطَفَان، ودارة: أمه، وكان هجا بعضَ بنى فَزَارة فَقَالَ: أبْلِغْ فَزَارَةَ أنِّي لَنْ أُصَالَحَهَا ... حَتَّى يَنِيكَ زَمَيْلٌ أمَّ دِينَارِ فاغتاله زُمَيل فقتله، قَالَ: أنَا زُمَيْلٌ قَاتِلُ ابْنِ دَارَهْ ... وَرَاحِضُ المَخْزَاةِ عَنْ فَزَارَهْ وفيه يقول الكميت: أبَتْ أمُّ دِيْنَارٍ فأصبَحَ فَأصْبَحَ فَرْجُهَا ... حَصَاناً وَقُلِّدْتُمْ قَلاَئِدَ قوزعا خُذُوا العَقْلَ إنْ أعْطَاكُمْ العَقْلَ قَوْمُكُمْ ... وَكُونُوا كَمَنْ سِيْمَ الهَوانَ فأَرْتَعَا وَلاَ تُكْثِرُوا فِيهِ الضَّجَاجَ فَإنَّهُ ... مَحَا السَّيْفُ مَا قَالَ ابْنُ دَارَةَ أجْمَعَا قَالَ المفسرون: أراد بقوله "قلاَئد قوزع" الداهيةَ والعارَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 279 3852- مَازِ رْأْسَكَ والسِّيْفَ قَالَ الأَصمعي: أصل ذلك أن رجلاً يُقَال له "مازن" أسَرَ رجلاً، وكان رجل يطلب المأسور بِذَحْل، فَقَالَ له: مازِ - أي يا مازن - رأسَكَ والسيفَ، فنحَّى رأسه، فضرب الرجل عنق الأسير قلت: قَالَ الليث: إذا أراد الرجلُ أن يضرب عنقَ آخر يقول: أخرج رأسَك فقد أخطىء حتى يقول: ما زِرَأسَك، أو يقول: مَازَ، ويَسكت، ومعناه مُدَّ رأسكَ. قَالَ الأزهرى: لاَ أعرف "مازِ رأسَكَ" بهذا المعنى، إلاَ أن يكون بمعنى مايز، فأخَّرَ الياء فَقَالَ ماز وأسقطت الياء في الأمر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 279 3853- مَخْشُوبٌ لَمْ يُنَقَّحْ المخشوب: المقطوع من الشجر قبل أن يصلح، ويُقَال "سيف خَشِيب" للذى لم يتم عمله، ويُقَال أيضاً للصَّقِيل "خشيب" وهو من الأضداد. يضرب للشيء يبتدأ به ولم يهذب بعد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 279 3854- ما تَنْهَضُ رَابِطَتُهُ ويروى "ماتقوم رابضتُه" وهي الصيد يَرْميه الرجلُ فيقتل أوْيَعينُ (يعين: يصيب بعينه) فيقتل وأكثر ما يُقَال في العين [ص: 280] يضرب للعالم بأمره. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 279 3855- ما أصَيْبتُ مِنْهُ أَقْذَّ ولاَ مَرِيشاً الأقذُّ: السهم الذي لاَ ريش عليه، والمَرِيشُ: الذي عليه الريش، أي لم أظفر منه بخير قليلٍ ولاَ كثير. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 280 3856- مالَهُ لاَ عُدَّ مِنْ نَفَرِهْ قَالَ أبو عبيد: هذا دُعاء في موضع المدح، نحو قولهم "قاتلة الله ما أفْصَحَه" قَالَ امرؤ القيس: فَهْوَ لاَ تَنْمِى رَمِيَّتُهُ ... مَالَهُ لاَ عُدَّ مِنْ نَفَرِهْ قوله "لاَ تَنْمى رميته" أي لاَ ترتفع من مكانها الذي أصابها فيه السهم لحِذْقِ الرامي ثم قَالَ "لاَ عد من نفره" أي أماته الله حتى لاَ يُعَدَّ منهم، كما يُقَال "قاتله الله" ومعناه لاَ كان له غير الله قاتلاً، أي أنه لاَ قِرْنَ له يَقْدِرُ على قتله فلاَ يقتله غير الله تعالى قَالَ أبو الهيثم: خرج هذا وأمثاله مخرج الدعاء، ومعناه التعجب، والنَّفَر: واحدهم رجل، ولاَ امرأة في النفر، ولاَ في القوم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 280 3857- مِنَ الخَوَاطِئِ سَهْمٌ صَائِبٌ يضرب للذي يخطئ مراراً يصيب مرة والخواطئ: التي القِرْطَاس، وهي من خَطِئَتْ أي أخطات، قَالَ أبو الهيثم: وهى لغة رديئة، قَالَ: ومَثَلُ العامة في هذا "ربَّ رميةٍ من غير رام" وانشد محمد بن حبيب: رمتني يَوْمَ ذَاتِ الغمر سَلْمى ... بسَهْم مُطْعِمِ للصيد لأم فَقُلْتُ لَهَا أصبْتِ حَصَاةَ قَلْبِى ... وَرُبَّةَ رَمْيَةٍ مِنْ غَيْرِ رَامِ وقَالَ أبو عبيد: يضرب قوله "من الخواطئ" للبخيل يُعْطِى أحياناً على بخله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 280 3858- مِنْ أَنَّى تَرْمِى الاَقْرَعَ تَشُجُّهُ يضرب لمن عَرَّضَ أغراضه للعائب فلاَ يستتر من ذلك بشيء. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 280 3859- ما قُرِعَتْ عَصاً عَلَى عَصَاً إلاَ حَزِنَ لَهَا قَوْمٌ وَسُرَّ لَهَا آخَرُونَ قَالَ أبو عبيد: معناه لاَ يحدث في الدنيا حادث فيجتمع الناس على أمر واحد من سرور وأحزان، ولكنهم فيه مختلفون قلت: وإنما وَصَله بعلى وحقه "ما قرعت عَصاً بعصاً" على معنى ما ألقيت أو أسقطت عَصاً على عَصاً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 280 3860- ما مِثْلُ صَرْخَةِ الحُبْلَى ويروى "صَيْحَة الحبلى" أي صحية شديدة عند المصيبة أو غيرها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 280 3861- ما كانُوا عِنْدَنا كَكُفَّةِ الثَّوْبِ أي من هَوَانهم علينا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 281 3862- مَا عَلَيْهِ فِرَاضٌ أي شيء من لباس وكذلك: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 281 3863- مَا عَلَيْهِ طَحْرَبَةٌ، وطَحْرِبَةٌ، وَطُحْرُبَةٌ قَالَ أبو عبيد: وفي الحديث "يُحْشَر الناس يوم القيامة وليس عليهم طَحْرَبَةٌ" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 281 3864- ما ذُقْتُ عَضَاضاً، ولاَ لَمَاجاً، ولاَ أكَالاً، ولاَ ذَوَاقاً، ولاَ قَضَاماً أي شيئاً يُعَضُّ ويُلْمج ويؤْكل ويُذَاق ويُقْضَم ومثل هذا كثيرٌ، مثل قولهم: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 281 3865- ما ذُقْتُ عَلُوساً، ولاَ عَذُوفاً، ولاَ عًذَافاً بالذال والدال، وكلها بمعنى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 281 3866- مَهْلاَ فُواقَ نَاقَةٍ أي أمْهِلْنِي قَدْرَ ما يجتمع اللبن في ضَرْع الناقة، وهو مقدار ما بين الحلبتين والفِيقَةُ: اسم ذلك اللبن. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 281 3867- مَا يَدْرِي أَيُخْثِرُ أَمْ يُذيِبُ قَالَ الأَصمعي: أصل هذا أن المرأة تَسْلأ السمنَ فيرتَجِنُ أي يختلط خائرة برقيقه فلاَ يصفو، فتبرم بأمرها، فلاَ تدري أتوقد هذا حتى يصفو وتخشى أن أوقدَتْ أن يحترق، فلا تدري أتنزل القدر غير صافية أم تتركها حتى تصفو، وأنشد أبن السكيت: تَفَرّقَتِ المُخَاضُ عَلَى ابنِ بو ... فَمَا يَدْرِى أيخُثِرُ أمْ يُذيبُ وقَالَ بشر: وكُنْتُ كَذَاتِ القِدْرِ لَمْ تَدْرِ إذَا غَلَتْ ... أتُنْزِلُهَا مَذْمُومَةً أمْ تُذِيبُهَا يضرب في اختلاَط الأمر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 281 3868- مَا كُلُّ بَيْضَاء شَحْمَةً، ولاَ كُلُّ سَوْدَاءَ تَمْرَةً وحديثه أنه كانت هندُ بنت عَوْف بن عامر بن نِزار بن بجيلة تحت ذُهل بن ثعلبة ابن عُكابة، فولدت له عامراً وشيبان، ثم هَلَكَ عنها ذهل، فتزوجها بعده مالكُ بن بكر بن سعد بن ضبة، فولدت له ذُهْلَ ابن مالك، فكان عامر وشيبان مع أمها في بنى ضَبَّة، فلما هلك ملك بن بكر انصرفا إلى قومهما، وكان لهما مال عند عمهما قيس بن ثعلبة، فوجَدَاه قد أتْوَاه، فوثب عامر بن ذُهْل فجعل يحتفه، فَقَالَ قيس: يا ابن دَعْنِي [ص: 282] فإن الشيخ متأوه، فذهب قوله مثلاً، ثم قَال َ: ما كل بيضاء شَحْمَة، ولاَ كل سوداء تمرة، يعنى أنه وإن أشْبَهَ أباه خَلْقَاً فلم يشبه خُلْقاً، فذهب قوله مثلاً. يضرب في موضع التهمة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 281 3869- مَا أصْغَيْتُ لَكَ إنَاءً ولاَ أصفَرْتُ لَكَ فِنَاءً أي ما تعرضت لأمر تكرهه، يعنى لم آخذ إبلَكَ فيبقى إناؤك مكبوبا لاَ تجدُ لَبَناً تحلبه فيه ويبقى فناؤك خالياً لاَ تجد بعيراً يَبْرُك فيه وذكر عن علىٍّ رضي الله عنه أنه قَالَ: اللهم إنى أستعديكَ على قريش، فإنهم أصْغُوا إنائى وأصْفَرُوا عظم منزلتي وقدري. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 282 3870- ما أَنْتَ بِخَلٍّ وَلاَ خَمْرٍ قَالَ أبو عمرو: بعض العرب يجعل الخمر للذتها خيراً والخل لحموضته شراً، وأنه لاَ يقدر على شربه، وبعضهم يجعل الخل شراً والخل خيراً، ويقولون: لست منه هذا الأمر في خل ولاَ خمر، أي لست منه في خير ولاَ شر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 282 3871- مَا بِهَا طَلٌّ وَلاَ نَاطِلٌ الطَّل: اللبن، والناطل: الخمر، ويُقَال: مكيال من مكاييل الخمر، وقَالَ الأحمر: الناطل الفَضْلَة تبقى من الشراب في المكيال، والهاء في "بها" راجعة إلى الدار. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 282 3872- مَتَى كانَ حُكْمُ الله فِي كَرَبِ النَّخْلِ. كَرَبَ النخل: أصولُ السَّعَف أمثال الكتف. قَالَ أبو عبيدة: وهذا المثل لجرير بن الخَطَفَى يقوله لرجل من عبد قيس شاعر. قلت: اسمه الصَّلَتَان العَبْدي كان قَالَ لجرير: أرى شاعِرَ لاَ شَاعِرَ اليَوْمَ مِثْله ... جَرِيرَ، ولَكِنْ فِي كُلَيْبٍ تَوَاضُعُ (المحفوظ في صدر هذا البيت: أيا شاعرا لاَ شاعر اليوم مثله ... ) فَقَالَ جرير: أقُولُ وَلَمْ أمْلِكْ بوَادرَ دَمْعَتِى: مَتَى كَانَ حُكْمُ الله فِي كَرَبِ النَّخْلِ؟ وذلك أن بلاَد عبد القَيْس بلاَدُ النخل، فلهذا قَالَه. يضرب فيمن يَضَعُ نفسه حيث لاَ يستأهل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 282 3873- ما ظلمته نقيراً ولا فتيلاً النَّقِير: النُّقْرة التي في ظهر النَّواة، والفتيل: ما يكون في شقِّ النَّوَاة، أي ماظلمته شيئاً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 282 3874- ما الخوَافِى كالقُلَبَةِ، وَلاَ الخُنَّازُ كالثُّعْبَةِ الخوافى: سَعَفُ النخل الذي دون القُلبَة، [ص: 283] وهي جمع قَلْب وقِلْب وقُلْب، وكلها قُلْبُ النخلة ولُبُّها، أي لاَ يكون القِشرْ كاللب، وأما الخُنَّاز فهو الوَزَغَة، والثُّعَبْة: دابة أغلظ من الوَزَغَة تلسع، وربما قتلت، قَالَه ابن دريد، قَالَ: وهذا مثل من أمثالهم. يضرب في الأمر بعضُه أسهَلُ من بعضٍ، والأول في تفضيل الشيء بعضِه على بعضٍ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 282 3875- ما نَقَصَ مِنْ مَالِكَ ما زَادَ في عَقْلِكَ هذا مثل قولهم "لم يضِعْ من مالك ما وَعَظَكَ" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 283 3876- المَسْأَلَةُ آخِرُ كَسْبِ الرَّجُلِ وهذا المثل عن أكْثَم بن صيفي في كلام له، وفي الحديث المرفوع "المسألة كُدُوحٌ أو خُموشٌ في وجه صاحبها" يعني إذا كان له غنى كما في حديث آخر " مَنْ سأل عن ظهر غِنىً جاء يومَ القيامة وفي وجهه كذا وكذا" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 283 3877- مَالهُ أحَالَ وَأجْرَبَ المُحِيلُ: الذي حالت إبله فلم تَحْمِل، قَالَ الشاعر: فَمَا طَلَبَتْ مِنِّي؟ أحَالَتْ وأجْرَبَتْ ... وَمَدَّتْ يَدَيْهَا لاَحْتِلاَبٍ وَصَرَّتِ دعا عليها أن تُحِيلَ وتُجْرِبَ وتصير أمةً تَصرُّ وتَحْلُب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 283 3878- مَثَلُ العَالِمِ كالحُمَّةِ يأتِيهَا البُعْدَاءَ ويَزْهَدُ فِيها القُرْباءُ الحمة: العَيْنُ الحارة الماء، وهذا مثل قولهم "أزْهَدُ الناسِ في العالم أهلُه وجِيرَانُهُ" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 283 3879- مَلكْت فأسْجِحْ الإسْجَاحُ: حسن العفوِ، أي ملكت الأمر علىَّ فأحْسِنِ العفوَ عني، وأصله السهولة والرفق، يُقَال: مَشْيَةٌ سُجُح، أي سهلة، قَالَ أبو عبيد: يروى عن عائشة أنها قَالَت لعلي رضي الله عنهما يومَ الجَمَل حين ظَهَرَ على الناس فَدَنا من هَوْدَجها ثم كَلَّمها بكلام فأجابته "ملَكْتَ فأشجِحْ" أي ملكت فأحسن، فجهزها عند ذلك بأحسن جهاز وبَعَثَ معها أربعين امرأة، وقَالَ بعضهم: سبعين امرأة، حتى قدمت المدينة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 283 3880- المَلَسى لاَ عُهْدَةَ يُقَال "ناقة مَلَسَى" للتي تملُس ولاَ يَعْلَق بها شيء لسرعتها في سيرها، ويُقَال في البيع "مَلَسَيِ لاَ عُهْدَةَ" و "أبيعك المَلسَى" أي البيعة المَلسَى، وفَعَلَى يكون نعتاً، يُقَال: ناقة وكَرَى، أي قصيرة، وحمار حَيَدَى، كثير الحيُود عن الشيء، وكذلك جَمَزَى وشَمَخَى في النعوت، والعَهْدَة: التَّبِعَةُ في العيب، ومعنى "لاَعهدة" أي تتلمَّس وتنفلت فلاَ ترجع إلي. [ص: 284] يضرب لمن يخرج من الأمر سالماً لاَ له ولاَ عليه. قَالَ أبو عبيد: يضرب في كراهة المعايب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 283 3881- ما أُبَاليهِ عَبْكَةً قَالَوا: العَبَكَة والحَبَكَةَ: الحبة من السَّوِيق يضرب في استهانة الرجل بصاحبه. قَالَ الأَصمعي: ومثلُه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 284 3882- مَا أُبَالِيهِ بَالَةً قَالَ أبو عبيد: ومثل هذا المثل قد يضرب في غير الناس، ومنه قول ابن عباس رحمهما الله وسُئِل عن الوضوء من الَّلبن، فَقَال َ: ما أباليه بَالةً، اسْمَحْ يُسْمَحْ لك. قَالَ أبو عبيد: العبكة: الوذَحَة، وهي ما يتعلق بأذناب الشاء من البَعَرِ ويُقَال: الَّلبكَة في قولهم: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 284 3883- ما نَقَصَ عِنْدَهُ عَبَكَةَ ولاَ لَبَكَةً القِطْعةُ من الثريد، ويُقَال: العَبَكَةَ شيء قليل من السمن تبقى في النِّحْى. ونصب "عبكة" في قوله "ما أباليه عبكة" على المصدر، كأنه أراد أن يقول "ما أباليه بالة" فأقام عبكة مُقَامه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 284 3884- المَرْءُ تَوَاقٌ إلى مَالَمْ يَنَلْ يُقَال: تاقُ الرجلُ يَتُوق تَوَاقَاناً، إذا اشتاق، يعنى أن الرجل حريصٌ على ما يمنع منه، كما قيل: أحَبُّ شيءٍ إلى الإنسانِ مَا امْتَعَنَا (المحفوظ: وحب شيء إلى الإنسان ما منعا بحذف الهمزة من "أحب" كما حذفت من خير وشر، وببناء "منع" للمجهول.) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 284 3885- المَدْحُ الذَّبْحُ أي من مُدِح وهو يَغْتَرُّ بذلك فكأنه ذُبح، جعل ضرره كالذبح له. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 284 3886- ما يُمْعِنُ بِحَقَيَّ وَلاَ يُذْعِنُ يُقَال "أمْعَنَ بحقه" إذا ذهبَ به، و"أذعن" إذا أقرَّ يضرب للغريم لاَ ينكر حقك ولا يقر به، ولكل من عَوَّقَ في أمر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 284 3887- مَنْ شَرٍّ ما أَلْقَاكَ أهْلُكَ يقول: لو كان فيك ما تحاماك الناسُ، ويروى "من شر ما طَرَحكَ" يضرب للبخيل يَزْهَدُ فيه الناس. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 284 3888- مالَهُ ثَاغِيَةٌ وَلاَ رَاغِيَةٌ الثاغية: النَّعْجَة، والراغية: الناقة، أي ماله شيء. ومثله: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 284 3889- مالَهُ دَقِيقَةٌ وَلاَ جَليلَةٌ فالدقيقة: الشاة، والجليلة: الناقة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 284 3890- مالَهُ دَارٌ وَلاَ عَقَارٌ يُقَال: العَقَار النَّخْل، ويُقَال: هو مَتَاع البيت. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 285 3891- ما فِي الدَّار صَافِرٌ قَالَ أبو عبيد والأصمعي: معناه ما في الدار أحد يُصْفَرُ به، وهذا مما جاء على لفظ فاعل ومعناه مفعول به، كما قيل: ماء دافق، وسر كاتم، وقَالَ غيرهما: ما بها أحدٌ يصفر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 285 3892- ما حَجَّ ولَكِنَّهُ دَجَّ يُقَال: هم الحاجُّ والداجُّ، قَالَوا: الداج الأعوان والمُكَارُون، ويُقَال: الداجُّ الذي خرج للتجارة، وهو من يدَجَّ يَدِجُّ دَجِيجَاً أي دبَّ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 285 3893- ما أنْكِرُكَ مِنْ سُوءٍ أي ليس إنكاري إياك من سوءٍ بك لكني لاَ أُثْبِتُكَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 285 3894- ما عِنْدَهُ طَائِلٌ وَلاَ نَائِلٌ الطائل: من الطَّوْل، وهو الفَضْل، والنائل: من النَّوَال وهو العَطِية، والمعنى ما عنده فضل ولاَ جود. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 285 3895- ما عِنْدَهُ خَيْرٌ ولاَ مَيْرٌ الخير: " كل ما رُزْقه الناس من متاع الدنيا، والمير: ما جُلب من المِيرَة، وهو ما يتقوَّتُ فيتزود، أي ليس عنده خَيرٌ عاجل ولاَ يرجى منه أن يأتى بخير. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 285 3896- مالي في هذا الأمر دَرَكٌ أي منزلة ومٌرْتَقَى، وأصل الدَّرَكِ حَبْلٌ يشدُّ في العَرَاقى ويشدُّ فيه الرِّشَاء لئلاَ يبتلَّ الرِّشاء، والمعنى مالي فيه منفعة ولاَ مَدْفَع عن مضرة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 285 3897- اسْتَمْسِكْ فَإنَّكَ مَعْدُوٌّ بِكَ يضرب في موضع التحذير؛ فإن المقادير تسوقك إلى ما حُمَّ لك ومنه قول الحسن "من كان الليل والنهار مَطِيَّتَهُ فإنه يُسَارُيه وإن كان مقيماً، وقول شُرَيح في الذين فَرُّوا من الطاعون: "إنَّا وإيَّاهم من طالبٍ لَقَريبُ" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 285 3898- أُمِرَّ دُونَ عُبَيدةَ الوَذْمُ أي أحْكِمَ، والوَذْم: سَيْر يشدُّ به أذن الدلو. يضرب لمن أحكم أمر دونه ولاَ يُشْهِدُونه (نظير قول الشاعر: ويقضى الأمر حين تغيب تيم ... ولاَ يستأمرون وهم شهود) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 285 3899- ما تَئِطُّ مِنِّى حَاسَّةٌ أي ليس عندي عَطْف ولاَ رقة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 285 3900- ما هَذَا الشَّفَقُ الطَّارِفُ حُبىَّ الشَّفَق: الشفقة، والطارف: الحادث وحُبَّى: اسم امرأة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 286 3901- مالذُّبَابُ ومَا مَرَقَتُهُ يضرب في احتقار الشيء وتصغيره. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 286 3902- مَا يَدْرِي مَا أبي مِنْ بَنِىَّ أي لاَ يعرف هذا من هذا، ويروى "ما يدرى أي من أي" قَالَه أبو عمرو. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 286 3903- ما يَعْرِفُ الحَوَّ مِنَ اللَّوِّ قَالَ بعضهم: أي الحقَّ من الباطل، وقَالَ بعضهم: الحوُّ سَوْقُ الإبل، واللَّوُّ: حبسها، ويروى "الحي من اللي" وقَالَ شمر: الحوُّ نَعَم، واللولَوْ، أي لاَ يعرف هذا من هذا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 286 3904- ما طافَ فَوْقَ الأَرض حافٍ وَنَاعِلُ يعنى بالناعل ذا النَّعْلِ نحو وَلاَ بِنٍ وتَامِرٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 286 3905- ما يُعْوَى ولاَ يُنْبَحُ أي لاَ يُعْتَدُّ به في خير ولاَ شر لضعْفه، يُقَال: نَبَحَ الكلبُ فلاَناً، ونبح عليه، ولما كان النُّبَاح متعدياً أجرى عليه العُوَاء، فقيل ما يَعْوَى ولاَ يُنْبَح ازدواجا أي لاَ يكلم بخير ولاَ بشر لاحتقاره، ويروى "ما يَعْوِى ولاَ يَنْبَحُ" على معنى لا يبشر ولاَ يُنْذِر؛ لأن نُبَاح الكلب يبشر بمجيء الضيف وعُواء الذئب يؤذِن بهجوم شره على الغنم وغيرها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 286 3906- ما جَعَلَ البُؤْسَ كالأذَى؟ أيْ أيَّ شيء جَعَلَ البرد في الشتاء كالأذى والحر في الصيف؟ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 286 3907- ما اكتَحَلْتُ غِمَاضاً وَلاَ حِثَاثاً أي ما ذُقْتُ نوماً الجزء: 2 ¦ الصفحة: 286 3908- مالَهُ سِتْرٌ ولاَ عَقْلٌ أي ماله حَياء، ذهبوا إلى معنى قوله تعالى (ولباسُ التقوى) يعنون الحياء؛ لأنه يَسْتُر العيوبَ، وذلك أنه لاَ يَصْنَع ما يَسْتَحْي منه فلاَ يعاب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 286 3909- ما فِي كَنَانَتِهِ أَهْزَعُ وهو آخر ما يَبْقَى من السهام في الجُعْبة يضرب لمن لم يَبْقَ من ماله شيء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 286 3910- ما زَالَ مِنْهَا بِعَلْيَاءَ الهاء راجعة إلى الفَعْلَة، أي لاَ يزال مما فعله من المجد والكرم بمحلة عالية من الشرف والثناء الحسن. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 286 3911- أَمْسِكْ عَلَيكَ نَفَقَتَكَ أي فَضْلَ القَوْل، قَالَه شُريح بن الحارث القاضي لرجل سمعه يتكلم، قَالَ أبو عبيد: [ص: 287] جعل النفقةَ التي يُخْرِجُها من ماله مثلاً لكلامه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 286 3912- الْمِنَّةُ تهْدِمُ الصَنِيعَةَ هذا كما قَالَ الله تعالى (لاَتبطلوا صَدقَاتكم بالمنِّ والأَذَى) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 287 3913- المُزَاحَةُ تُذْهِبُ المَهَابَةَ المُزَاح والمُزَاحة: المَزْح، والمِزَاحُ: المُمَازحة، والمَهَابة: الهَيْبة، أي إذا عُرف بها الرجلُ قَلَّت هيبته، وهذا من كلام أكثم بن صيفي. ويروي عن عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى أنه قَالَ: إياك والمُزَاح فإنه يَجُرُّ إلى القبيحة، ويورث الضغينة. قَالَ أبو عبيد: وجاءنا عن بعض الخلفاء أنه عَرَضَ على رجل حُلَّتين يختار إحدهما، فَقَالَ الرجل: كلتاهما وتمراً، فغضب عليه، وقَالَ: أعندي تمزح؟ فلم يُوَلِّهِ شيئاً الجزء: 2 ¦ الصفحة: 287 3914- الْمِزاحُ سِبَابُ النَّوْكَى هذا من المُمَازحة، والسِّبَابُ: المُسَابة، وإذا مازَحْتَ الأحمق فقد شاكلته، ومشاكلة الأحمق سُبَّة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 287 3915- مازَالَ يَنْظُرُ في خَيْرٍ أوْ شَرٍّ يضرب لمن يفعل الفعلة من خير فيثاب أو شر فيعاقب. وهذا مثل قولهم "مازال منها بعلياء" وقد مر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 287 3916- ما ظَنُّكَ بِجَارِك فَقَالَ ظَنِّي بِنَفْسِي أي أن الرجل يظنُّ بالناس ما يعلم من نفسه، إن خيراً فخير وإن شراً فشر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 287 3917- مِثْلُ المَاء خَيْرٌ مِنَ المَاء قَالَه رجل عُرِض عليه مَذْقَهُ لبنٍ، فقيل له: إنها كالماء، فَقَال َ: مثلُ الماء خير من الماء، فذهبت مثلاً. يضرب للقنوع بالقليل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 287 3918- أَمْلَكُ النَّاسِ لِنَفْسِهِ أَكْتَمُهُمْ لِسِرِّهِ يضرب في مَدْح كتمان السر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 287 3919- ما في الحَجَرِ مَبْغًى ولاَ عِنْدَ فُلاَنٍ يضرب في تأكيد اللؤم وقلة الخير الجزء: 2 ¦ الصفحة: 287 3920- ما الأَوَّلُ حَسُنَ حَسُنَ الآخِرُ أي إذا حَسُنَ الأَوَّل حسن الآخر يضرب لمن يحسن فيتمِّم إحسانه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 287 3921- ما مأمَنَيْكِ تُؤْتَينَ ما كَرِهْتِ مِنْ نَاحِيَتَيْكِ أي اللتين أمنتها من قرابه أو صديق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 287 3922- ما صَلَّى عَصَاكَ كَمُسْتَدِيمٍ الاستدامة: ترك العجلة، أي ما ثقفك [ص: 288] عاقل، فلذلك جهلت، قَالَ: فلاَ تَعْجَلْ بأمركَ واسْتَدِمْهُ ... فما صلى عَصاك كمُسْتَدِيمِ يُقَال: صَليْت العصا، إذا لينتها وقَوَّمْتَهَا بالنار. ويُقَال: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 287 3923- ما صَلَّيْتُ عَصاً مِثْلَهُ أي ما جَرَّيْت أحْزَمَ منه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 288 3924- ما ضَفَا ولا صَفَا عَطَاؤهُ الضافي: الكثير، والصافي: النَّقُّي، أي لم يضْف وفقَ الظنّ ولم يَصْفُ من كدَر المنَّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 288 3925- مَا هُوَ إلاَ سَحَابَةٌ ناصِحةٌ أي لاَ يَسْيلُ منها شيء، يُقَال: سِقَاء ناصِح، لاَ يَنْدَى بشيء. يضرب للبخيل جداً الجزء: 2 ¦ الصفحة: 288 3926- مَا شَاءَ مَنْ أَعْتَبَ يضرب لمن يعتذر إلى صاحبه ويُخْبر أنه سَيُعْتِبُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 288 3927- ما يَخْنُقُ عَلَى جِرَّتِهِ يضرب لمن لاَ يحفظ ما في صدره، بل يتكلم به ولاَ يَهَاب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 288 3928- مَا أَسْكَتَ الصَّبِيَّ أَهْوَنُ مِمَّا أَبْكَاهُ يضرب لمن يسألك وأنت تظنه يطلب كثيراً، فإذا رضَخْتَ له بشيء يَسِيرٍ أرضاه وقنع به. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 288 3929- مالَكَ لاَ تَنْبَحُ يا كلبَ الدَّوْمِ قَدْ كُنْتَ نَبَّاحاً فَمَا لَكَ اليَوْمْ يضرب لمن كَبُرَ وضَعُفَ. أصل المثل أن رجلاً كان له كلب، وكان له عِيْرٌ، فكان كلبه كلما جاءت نَبِحَ، فأبطأت العِيرُ فَقَالَ: مالَكَ لاَ تَنْبح يا كلب الدوم؟ أي ماللعِير لاَ تأتى؟ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 288 3930- ما يَنْفُضُ أذُنَيْهِ مِنْ ذَلِكَ يضرب لمن يُقِرُّ بالأمر ولاَ يُغَيره. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 288 3931- مادُونَهُ شَوْكَةٌ وَلاَ ذُبَّاحٌ الذُّبَّاح: شقّ يكون في باطن الإصبع شديدٌ خبيث، قَالَه أبو السمحِ يضرب للأمر يَسْهُل الوصول إليه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 288 3932- ما دُونَهُ شَقَذٌ وَلاَ نَقَذٌ أي مادونه شيء يُخَاف ويكره. قلت: لم يزد على هذا، ولعل الشَّقَذَ من قولهم "أشْقَذَهُ فشَقَذَ" أي طَرَده فذهب، كأنه قيل: ما دونه بعد، والنقذ: إتباع له، وإذا قيل "ما به شقذ ولاَ نقذ" فإن ابن الأَعرَبي قَالَ: ما به حراك، ولعله يجعل الشَّقَذَ من الشقاذ (كذا، وأحسبه محرفا عن "الإشقاذ") من قوله: [ص: 289] لَقَدْ غَضِبُوا عَلَيَّ وَأَشْقَذُونِي ... فَصِرْتُ كأنَّنِي فَرَأٌ مثارُ أي أزعجوني وحَرَّكوني، ويجعل النَّقَذ من الإنقاذ، أي لاَ يمكنه إنقاذ شيء من يد العدو. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 288 3933- مالَكَ مِنْ شَيْخِكَ إلاَ عَمَلُهُ يضرب للرجل حين يكبر، أي لاَ يُصْلح أن يُكَلَّف إلاَ ماكان اعْتَاده وقَدَر عليه قبل هَرَمِه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 289 3934- ما تُحْسِنُ تَعْجُوهُ وَلاَ تَنْجُوهُ أي تَسْقِيه اللَبن، وتنجوه: من النَّجْوِ، يُقَال للدواء إذا أمشى الإنسان: قَدْ أنْجَاه. يضرب للمرأة الحمقاء، والهاء راجعة للولد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 289 3935- ما نَزَعَهَا مِنْ لَيْتَ الهاء راجعة إلى الفعلة، أي فعل الفعلة القبيحة لاَ يريد أن يَنْزِعَ عنها يضرب للرجل يعلقه الذم أو الأمر القبيح فلاَ يَنْزِع عنه. وأراد ما نزع عنها فحذف "عن" وأوصل الفعل، وقوله "من ليت" أي لم يترك تلك الفعلة من الندم، وهو قول النادم: ليتني لم أفعل، يريد لم يندم على ما فعل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 289 3936- ما هَلَكَ امْرؤٌ عَنْ مَشُورَةٍ المَشُورة والمَشْوَرة: لغتان، والأصل المَشْوَرَة على وزن الجَهْوَرَة والَمعتَبة ثم خُفِّفَتْ فقيل المَشُورة على وزن المَثُوبة، وقرأ بعضهم (لَمَثوبَةٌ من عند الله خير) على الأصل يضرب في الحث على المشاورة في الأمور الجزء: 2 ¦ الصفحة: 289 3937- ما لِلرِّجَالِ مَعَ القَضَاءِ مَحَالَةٌ المَحَالة: الحِيلة، ومنه قولهم "المرء يَعْجِزُ لاَ مَحَالَةَ) (المحفوظ ... المرء يعجز لاَ المحالة ... ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 289 3938- ما النَّاسُ إلاَ أكْمَةٌ وَبَصِيرٌ بضرب في التفاوت بين الخلق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 289 3939- المَرْءُ أَعَلَمُ بشَأْنِهِ يضرب في العُذْر يكون للرجل ولاَ يمكنه أن يُبْدِيه أي أنه لاَ يَقْدر أن يفسر للناس من أمره كل ما يعلم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 289 3940- المَنَاكِحُ الكَرِيمَةُ مَدَارِجُ الشَّرَف قَالَه أكثمَ بن صَيفي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 289 3941- المُشَاوَرَةُ قبلَ المُثَاوَرَةِ هذا كقولهم "المُحَاجزة قبل المُناجزة" و"التقدُّم قبل التَّندم". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 289 3942- المُدَارَاةُ قِوَامُ المُعَاشَرَةِ وَمِلاَكُ المُعَاشَرَةِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 289 3943- ما أحْلَى فِي هَذَا الأمر وَلاَ أمَرَّ أي لم يصنع شيئاً الجزء: 2 ¦ الصفحة: 290 3944- مالِي فِي هّذَا الأمر يَدٌ ولاَ أصْبُعٌ أي أثَرٌ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 290 3945- ما رأَيْتُ صَقْراً يَرْصُدُهُ خَرَبٌ يضرب للشريف يَقْهَرُه الوضيع. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 290 3946- ما أُمَامَةُ مِنْ هِنْدٍ يضرب في البَوْن بين كل شيئين لاَ يُقَاس أحدُهما بالآخر، ذكره اللحياني. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 290 3947- مالَهُ حَابِلٌ ولاَ نَابِلٌ فالحابل: السدي، والنابل: اللُّحْمَة، أي ماله شيء. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 290 3948- ما اسْتَبقَاكَ مَنْ عَرَّضَكَ لِلأسَدِ يضرب لمن يحملك على ما تُكْرَهُ عاقبتُه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 290 3949- مِثْلُ النَّعَامَةِ لاَ طَيْرٌ وَلاَ جَمَلُ يضرب لمن لاَ يُحْكَم له بخير ولاَ شر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 290 3950- ما عَسَى أَنْ يَبْلُغَ عَضُّ النَّمْلِ يضرب لمن لا يُبَالِى بوعيده. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 290 3951- مَا سَدَّ فَقْرَكَ مِثْلُ ذَاتِ يَدِكَ أي لاَ تَتَّكل على غيرك فيما يَنُوبُكَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 290 3952- ما قَلِّ سُفَهاءُ قَوْمٍ إلاَ ذَلُّوا هذا مثل قولهم "لاَبُدَّ للفقيه من سَفِيه يُنَاضِلُ عنه" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 290 3953- ما النَّارُ في الفَتِيلَةِ بأحْرَقَ مِنَ التَّعَادِي لِلقَبِيلَةِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 290 3954- مالهُ حَلَبَ قَاعِداً واصطَبَحَ بَارِداً يُقَال: معناه حلَب شاةً وشرِبَ من غير ثُفْل، وهذا في الدعاء عليه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 290 3955- مُقَنَّعٌ وَاسْتُهُ بَادِيَةٌ يضرب لمن لاَ سِرَّ عنده. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 290 3956- ما تَسَالَمُ خَيْلاَهُ كَذِباً، وما تَسَايَرُ خَيْلاَهُ كَذِباً يضربان للكذاب، قَالَ الشاعر: فَمَا تَسَالَمُ خَيْلاَهُ إذا التَقَتَا ... وَلاَ يعرج عَنْ بَابٍ إذا وَقَفَا قَالَ الفراء: فلاَن لاَ يُرَدُّ عن باب ولاَ يُعَرَج عنه، قَالَ ابن الأَعرَبي: يُقَال كَذَّاب لاَ تَسَايَرُ خَيْلاَه ولاَ تَسَالم خَيْلاَه، أي لاَ يصدق فيقبل منه، والخيلُ إذا تسالمت تسايرت لاَ يهيج بعضها بعضاً، قَالَ: وأنشد لرجل من محارب: ولاَ تَسَايَرُ خَيْلاَهُ إذا التَقَتا ... ولاَ يُرَوَّعُ عَنْ بَابٍ إذا وَرَدَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 290 3957- ماْ عندَه شِوبٌ وَلاَ رَوب قَالَ ابن الأَعرَبي: الشَّوب العسل اَلمَشوْب، والرَّوب: اللبن الرائب، ويقال: لاشوب ولا روب، عند البيع والشراء في السلعة تبيعها، أي أنك بريء عن عيوبها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 291 3958- ما الإنْسَانُ لَوْلا اللَّسَانُ إِلاَّ صُورَةٌ مُمَثَّلَةٌ أَوْ بَهِيمَةٌ مُهْمَلَة يضرب في مَدْحِ القًدْرة على الكلام. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 291 3959- ما تَرَكَ الله لهُ شُفْراً ولاَ ظُفْراً وَلاَ أَقَذَّ وَلاَ مَرِيشاً (الأقذ: السهم الذي لاَ ريش عليه، ووزنه كالأصم، وجمعه قذ مثل صم، وضبط بخط القلم في أصل هذا الكتاب بفتح الهمزة وسكون القاف وتنوين الذال، وليس بشيء) أي ما ترك شيئاً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 291 3960- مالهُ لاسُقَي سَاعِدَ الدَّرِّ السواعد: عروقُ الضَّرْع التي يخرج منها اللبن، دعاء عليه بأن تَجِفَّ ضروعُ إبله، والتقدير: لاَسُقي درَّ ساعِد الدر، فحذف المضاف. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 291 3961- ما يَقُومُ برَوْبَةِ أَهْلِهِ ويروى "برَوْبَةِ أمْرِهِ" أي بجميعه، وأصل الرَّوْبَةَ الخميرة يروب بها اللبن، ويُقَال: الرَّوْبَة الحاجة، يُقَال: ما يقوم فُلاَن برَوْبة أهله، أي بما أسْنَدُوا له من حوائجهم، وقَالَ ابن الأعرابي: روْبةَ الرجل عَقْلُه، تقول: كان فلاَن يحدثني وأنا إذ ذاك غلام ليست لي رَوْبةَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 291 3962- مالَهُ جُولٌ وَلاَ مَعْقُولٌ فالجُولُ: عرض البئر من أسفله إلى اعلاَه، فإذا صَلُب لم يحتج إلى طَىٍّ، والمعقولُ: العقلُ، ومثله المَعْسُور والمَيْسُور والمَجْلُود وأشباهها، والمعنى ماله عَزيمة قوية كجُولِ البئر الذي يؤمَنْ انهيارُه لصلاَبته ولاَ عَقْل يمنعه وَيكُفُّه عما لا يليق بأمثاله. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 291 3963- ما يُنْضِجُ كُراعاً وَلاَ يَرُدُّ راويةُ يضرب للضعيف الذليل. قَالَت عمرة بنت معاوية بن عمرو: سمعت أبي يُنْشِد في الليلة التي مات في صبيحتها وينظر إلينا حوله: يا ويحَ صِبيَتِى الَّذينَ تَرَكْتُهُمْ ... مِنْ ضَعْفِهِمْ ما يُنُضِجُون كُرَاعَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 291 3964- ما أَمْلِكُ شَدّاً وَلاَ إرْخَاءً يقوله الذي كُلِّفَ أمراً أو عَمَلاً، أي لاَ أقدِرُ على شيء منه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 291 3965- ما يُساوِي مَتكَ ذُبَابٍ يضرب للشيء الحقير. [ص: 292] قَالَ نصير: المَتْك: العِرْقُ الذي في باطن الذكر، وهو كالخيط في باطنه على حلقة العِجَان الجزء: 2 ¦ الصفحة: 291 3966- ما فَجَرَ غَيورٌ قَطُّ قَالَه بعض الحكماء من العرب، يعني أن الغيور هو الذي يَغَار على كل أنثى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 292 3967- مَا بِهَا دِبِيحٌ - بالحاء ويروى بالجيم - وَمَا بِهَا وَابِرٌ أي أحد. قلت: يجوز أن يكون الوابر كاللاَبن والتامِرِ (ويكون معنى الوابر حينئذ ذا الوبر كما أن معنى التامر ذو التمر ومعنى اللاَبن ذو اللبن) ويجوز أن يكون من قولهم: "وبَرَ في الأَرض" إذا مشي، أو من قولهم "وبر في منزله" إذا أقام فيه فلم يَبْرَحْ، قَالَ الشاعر: فأبْتُ إلى الحَىِّ الَّذينَ وَرَاءَهُمْ ... جَرِيضاً، ولم يُفْلِتْ مِن الجَيْشِ وَابِرُ أي أحد، ومثل هذا كثير، وكله لاَ يتكلم به إلاَ في الجَحْد خاصة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 292 3968- ما نَحَنِى مِنَاحَ العَلُوقِ قَالَ المنذرى: هذا مثل للعرب سائر فيمن يُرَائي وينافق فيعطى من نفسه في الظاهر غير ما في قلبه، والعَلُوق: الناقة تَرْأم ولَدَ غيرِهَا، وقَالَ ابن السكيت: ناقة عَلُوق ترأم بأنفها وتمنع دَرَّها، قَالَ الجعدى: (البيت للنابغة الجعدى، وقبله: وكان الخليل إذا رابني ... فعاتبته ثم لم يعتب) ومَا نَحَنِى كَمِنَاحِ العَلُو ... قِ مَا تَرَ مِنْ غرة تضرب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 292 3969- ما سَقَانِي مِنْ سُوَيْدٍ قَطْرَةً سُوَيْد: تصغير أسود مرخما، يريد الماء، وقَالَ: ألاَ إنَّنِي سُقِّيتُ أسْوَدَ حَالِكَاً ... أَلَذَّ مِنَ الشُّرْب الرَّحِيق المُبَجَّلِ أراد بالأسود الحالك الماء، يُقَال للماء والتمر: الأَسودان. يضرب لمن لاَ يواسيك بشيء. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 292 3970- مَهْمَا تَعِشْ تَرَهْ مهما: حرف في الشرط بمنزلة ما، والهاء في "تره" للسكت، ومفعول تر محذوف، والتقدير: ما تعش تر أشياء عجيبة، أي ما دمت تعيش ترى شيئاً عجيباً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 292 3971- مَا حَوَيْتُ وَلاَ لَوْيْتُ، وما حَوَاهُ ولاَ لَوَاهُ الحَوْيَّة: كلُّ شيء ضَمَمْته إليك، واللَّوِيَّةُ: كل شيء خَبَأته. يضرب لمن يطلب المال. [ص: 293] والمعنى ما جمعت ولاَ خبأت، أي لم تجمع ما طلبت لأنك كنت تطلب باطلاً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 292 3972- مَا جَاءَ بِمَا أدَّتْ إلى يَدٍ، ومَا جَاءَ بمَا تَحْمِلُ ذَرَّةٌ إلى جُحْرِهَا. يضرب في تأكيد الإخفاق. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 293 3973- مَا هُوَ إلاَ غَرَقٌ أو شَرَقٌ فالغَرَق: أن يدخل الماء في مجرى النفس فيسده فيموت، ومنه قيل "غَرَّقَتِ القابلةُ المولودَ" وذلك أن المولود إذا سَقَطَ مَسَحَتِ القابلة منخريه ليخرج ما فيهما فيتسع مُتَنَفَّسُ المولود، فإن لم تفعل ذلك دخَلَ فيه الماء الذي في السابياء فغَرِق، قَالَ الأعْشَى: (السابياء: المشيمة التي تخرج مع الولد، أو جليدة رقيقة على أنفه إن لم تكشف عند الولاَدة مات، وقول الأعشى يقوله في قيس ابن مسعود الشيباني، وصدره: أطورين في عام غزاة ورحلة) ألاَ لَيْتَ قَيْساً غَرَّقْتْهُ القَوَابِلُ والشَّرَقُ: أن يدخل الماء في الحنجرة وهي مجرى التنفس أيضاً، فإذا شَرقَ ولم يتدارك بما يُحَلِّلُ ذلك هلك، فالشرق والغرق مختلفان وكادا يكونان متفقين. يضرب في الأمر يتعذَّر من وجهين. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 293 3974- مَا أغْنَى عَنْهُ زِبْلَةٌ وَلاَ زِبَالٌ وهما ما تحمله النملة بفمها. يضرب لمن لاَ يغني عنك شيئاً. قلت: لم أر الزِّبْلَة بهذا المعنى ولاَ غيره، وإنما المذكور قولهم "ما في الإناء زُبَالَةَ" بالضم - أي شيء، و "ما رزأته زباَلاً" بالكسر أي شيئاً، ولاَ يبعد أن تكون الزبلة واحدةِ زِبال نحو رَقْبَة ورِقَاب وحَرَجَة وحِرَاج، ولكن الجمع يستعمل دون الواحد، ووجدت في الجامع زُبْلَة بضم الزاي، ويجوز أن يحمل هذا على أنها مقصورة من زُبَالة، وهذا وجه جيد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 293 3975- مَالَهُ نُقْرٌ وَلاَ مُلْكٌ يريد بئراً ولاَ ماء، النُّقْر: جمع نُقْرَة وهو الموضع يستنقع فيه الماء، والمُلك: الماء، قَالَ: ولَمْ يَكُنْ ملك لِلْقَوْمِ ينزلهم ... إلاَ صَلاَصِل لاَ تَلْوِى عَلَى حَسَبِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 293 3976- مَا أدْرِي أغارَ أمْ مَارَ يُقَال "غَارَ" أي أتى الغَوْر، و"مار" أنجد، أي أتى نَجْداً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 293 3977- مَالَهُ لاَ عِى قَرْوٍ قَالَ الأَصمعي: القَرْو مَيْلَغة، ويُقَال: هو حَوْض صغير يُتَّخذ بجنب حوض كبير تَرِدُه البَهْم للسقى، قَالَوا: واللاَعى يحتمل [ص: 294] أن يكون اشتقاقهُ من قولهم "كلبة لَعْوَة " و"امرأة لَعْوَة" أي حريصة على الأكل والشرب، ويقَال "رجل لَعْو، ولَعَّاءٌ" أي شهوان حَريص، ويُقَال: إن القَرْو قَدَح من خشب "وما بها لاَعى قَرْوٍ" أي ما بها مَنْ يَلحس عُساً (العس - بضم العين وتشديد السين - القدح، وجمعه عساس بوزن رجال) أي ما بها أحد، وهذا القول يروى عن ابن الأَعرَبي، ولاَ أرى لقولهم "لاَعى" فعلاً يتصرف منه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 293 3978- مَالَهُ هَابِلٌ وَلاَ آبِلٌ الهابل: المُحْتَال، والآبل: الحَسَنُ الرَّعْيَة، يُقَال "ذئب هَبِل" أي محتال، قَالَ ذو الرمة: ومُطْعِم الصَّيْدِ هَبَّالٌ لِبِغْيِتِهِ ... ألْفْى أباهُ بِذَاكَ الكَسْبُ يَكْتَسِبُ واهتبل الصائدُ: أي اغتنم غَفْلَةَ الصيد يضرب لما لا يكون له أحد يهتم بشأنه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 294 3979- مَا كَانَ لَيْلِى عَنْ صَبَاحٍ يَنْجِلِى (أحسب الأصل في هذا المثل "ماكاد ليلى - إلخ" وإن اتفقت الأصول كلها ما أثبتناه) يضرب لمن طلب أمرا لاَ يكاد يناله، ثم ناله بعد طول مدة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 294 3980- مَاؤُكَ لاَ يَنَالُ قَادِحُهُ يُقَال "قَدَحْتُ الماء" أي غَرَفْته، والماء إذا قل تعذَّر قَدْحه، أي ماؤك قليل لاَ يُبْرِدُ الغُلَّةَ لقلته. يضرب للشيء يصغر قدره ويقل نفعه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 294 3981- مَا يُشَقُّ غُبَارُهُ يراد أنه لاَ غُبَار له فيشق، وذلك لسرعة عَدْوه وخفة وطئه، وقَالَ: خَفَّتْ مَوَاقِعُ وَطْئِهِ فَلَوْ أنَّهُ ... يَجْرِى بِرِمْلَةِ عَالجٍ لم يُرْهج وقَالَ النابغة: أعَلِمْتَ يَوْمَ عُكَاظَ حِينَ لَقَيتَنِي ... تَحْتَ العَجَاجِ فَمَا شَقَقْتَ غُبَارِي يضرب لمن لاَ يُجَاري. لأن مجاريك يكون مَعَكَ في الغُبار، فكَأنهُ قَالَ: لاقِرْنَ له يجاريه، وهذا المثل من كلام قَصِير لجذيمة، وقد مَرَّ ذكره في باب الخاء عند قصة الزباء (انظر المثل 1250 "خطب يسير في خطب كبير") الجزء: 2 ¦ الصفحة: 294 3982- المَرْءُ بَأصْغَرَيْهِ يعني بهما القلبَ واللسان، وقيل لهما الأصغران لِصغر حجمهما، ويجوز أن يسميا الأَصغرين ذهاباً إلى أنهما أكبر ما في الإنسان معنىً وفضلاً، كما قيل: أنا جُذَيْلُها المحكَّكُ وعُذَيْقُها المرَجَّبُ، والجالب للباء القيام، كأنه قيل: المرء يَقُوم معانيه بهما أو يكمل المرء بهما الجزء: 2 ¦ الصفحة: 294 3983- ما كَلَّمْتُهُ إلاَ كَحَسْوِ الدِّيكِ يريدون السرعة، وقَالَ: وَنَوْم كَحَسْوِ الدِّيكِ قَدْ بَاتَ صُحْبَتى ... يَنَالُونَهُ فَوْقَ القِلاَصِ العَبَاهِلِ يعنى قلته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 295 3984- مَا يَخْفَى هَذَا عَلَى الضَّبُعِ يضرب للشيء يتعالَمُه الناس. والضَّبُعُ أحمق الدوابِّ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 295 3985- مَسِّي سُخَيْلُ بَعْدَهَا أو صَبِّحِي سُخَيْل: جارية كانت لعامر بن الظَّرِبِ العَدْوَانِي، وكان عامرٌ حكَمَ العرب، (وهو الذي يقول فيه ذو الأصبع العدواني: ومن حكم يقضى ... فلاَ ينقص ما يقضى وذلك من كلمته التي أولها: عذير الحي من عدوا ... ن كانوا حية الأَرض) وكانت سُخَيْل ترعى عليه غَنَمَة، فكان عامر يعاتبها في رِعْيَتها، إذا سرحت قَالَ: أصْبَحَتِ يا سُخَيْل، وإذا راحت قال: أمسيت يا سُخَيْل، وكان عامر عَىَّ في فَتْوَى قومٍ اختلفوا إليه في خُنْثَى يحكم فيه، فَسَهِرَ في جوابهم ليالي، فَقَالَت الجارية: أتْبِعْهُ المَبَال، فبأيَّتِهما بال فهو هو، فَفُرِّجَ عنهُ وحكم به، وقَالَ: مَسَّى سُخَيل، أي بعد جواب هذه المسألة، أي لا سبيل لأحدٍ عليك بعد ما أخرجِتِنِي من هذه الوَرْطَة. يضرب لمن يُبَاشر أمر الاعتراضَ لأَحَدٍ عليه فيه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 295 3986- مَا عِنْدَهُ أَبْعَدُ أي ما عنده طائل. قَالَ أبو زيد: إنما تقول هذا إذا ذممته، وكذلك "إنه لَغَيْرُ أبْعَدَ". قلت: يمكن أن يُحْمل "ما" ههنا على معنى الذي، أي ما عنده من المطالب أبعدُ مما عند غيره، ويجوز أن يحمل على النفي، أي ليس عنده شيء يبعد في طلبه، أي شيء له قيمة أو محل. قَالَ ابن الأَعرَبي: إذا قيل "إنه لغيرُ أبعد" كان معناه لاَ غَوْرَ له في شيء. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 295 3987- مَالَهُ بِذْمٌ يُقَال: البَذيم الذي يَغضب لما يغضب (هذا رأي الأصمعي، وعبارة اللسان "قَالَ الأَصمعي: إذا لم يكن للرجل رأي قيل : ماله بذم (بوزن قفل) والبذم: مصدر البذيم، وهو العاقل الغضب من الرجال، أي أنه يعلم ما يأتيه عند الغضب. وقيل: يعلم ما يغضب له، قَالَ الشاعر: كريم عروق النبعتين مطهر ... ويغضب مما منه ذو البذم يغضب" اهـ) [ص: 296] له الكريم، والبَذْمُ: مصدر البَذِيم، وأصله القوة والاحتمال للشيء، يُقَال ثوبٌ ذو بُذْمٍ أي كثير الغزل، وذلك أقوى له. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 295 3988- مَالَكَ اسْتٌ مَعَ اسْتِكَ قَالَ أبو زيد: يضرب لمن لم تكن له ثروة من مال ولاَ عِدَّة من رجال. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 296 3989- مِنَ الرَّفْشِ إلَى العَرْشِ الرَّفْشِ والرُّفْشِ: مِجْرَفَة يُرْفَشُ بها البُرُّ، ويجوز أن يكون الرَّفْش مصدر رفش يرفش، وهو الرفع، أي كان نازلاً فصار مرتفعاً ومِنْ من صلة الفعل الضمير، وهو ارْتَقَى أو ارتَفَع. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 296 3990- مَخَايلُ أغْزَرُها السَّرَابُ المَخِيْلَةُ: السحابة الخَليقة بالمطر، وأغزرها: أكثر ماء. يضرب للذي يكثر الكلام وأكثره ليس بشيء. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 296 3991- مِنْ قَبْلِ تَوْتِيرٍ تَرُومُ النَّبْضَ؟ النَّبْضُ: اسم من الإنباض، وهو صوت يخرج من القوس إذا نزع فيها. يضرب لمن يَرُومُ الأمر قبل وقته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 296 3992- ما مِنْ عِزَّةِ إلاَّ وَإلَى جَنْبِهَا عَرَّةٌ يضرب للقوم الكرام يَشُوبهم اللئام. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 296 3993- مَنْ تَرَكَ المِرَاءَ سَلِمَتْ لَهُ المُرُوأةُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 296 3994- مَنْ عَاشَرَ النَّاسَ بالمَكْرُ كافَؤُهُ بِالغَدْرِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 296 3995- المَعاذِرُ مَكاَذِبُ المعاذر: جمع مَعْذِرَة، وهي العُذْر، والمَكَاذب: جمع الكذب كالمحاسن جمع حُسْن والمَقَابح جمع قُبْح، وهذا من قول مُطَرف بن الشَّخِّير. وهو مثل قولهم: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 296 3996- المَعَاذِيرُ قَدْ يَشُوبُهَا الكَذِبِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 296 3997- مَعَ المَخْضِ يَبْدُو الزُّبْدُ أي إذا استقصى الأمر حصل المراد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 296 3998- مَا عَدَا مِمَّا بَدَا؟ أي ما مَنَعَك مما ظهر لك أولاً، قَالَه علي بن أبي طالب للزبير بن العوام رضي الله عنهما يوم الجمل، يريد مالذي صَرَفَك عما كنت عليه من البيعة، وهذا متصل بقوله: عرفتني بالحجاز، وأنكرتني بالعراق، فما عَدَا مما بَدَا؟ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 296 3999- مَنْ صَدَقَ الله نَجَا روى أبو هريرة رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قَالَ: إن ثلاَثة [ص: 297] نفرٍ انطلقوا إلى الصحراء، فمَطَرتْهم السماء فَلَجَؤا إلى الكهف في جبلٍ ينتظرون إقْلاَعَ المطر، فبينما هم كذلك إذ هَبَطت صخرة من الجبل وجَثَمَت على باب الغار، فيئسوا من الحياة والنجاة، فَقَالَ أحدهم: لينظر كلُّ واحدٍ منكم إلى أفضل عملٍ عَمِلَه فليذكره ثم لَيَدْعُ الله تعالى عسى أن يَرْحَمَنا وينجينا، فَقَالَ أحدهم: اللهمَ إن كنت تعلم أني كنت بارّاً بوالِديَّ، وكنت آتيهما بغَبُوقهما فيغتبقانه فأتيت ليلةً بغبوقهما، فوجدتهما قد ناما، وكرهت أن أوقظهما، وكرهتُ الرجوعَ، فلم يزل ذاك دأبي حتى طلع الفجر، فإن كنتُ عملتُ ذلك لوجهِكَ فافرج عنا، فمالت الصخرة عن مكانها حتى دخل عليهم الضوء، وقَالَ الآخر: اللهم إنك تعلم أني هَوِيتُ امرأة، ولقيت في شأنها أهوالاً حتى ظفرت بها، وقعدت منها مقعد الرجل من المرأة قَالَت: إنه لاَ يحلُّ لك أن تَفضَّ خاتمي إلاَ بحقه، فقمت عنها، فإن كنتَ تعلم أنه مَا حَمَلَني على ذلك إلاَ مَخَافتُك فافرج عنا، فانفرجت الصخرة حتى لو شاء القوم أن يخرجوا لقدروا، وقَالَ الثالث: اللهم إنك تعلم أني استأجرتُ أجَرَاءَ، فعملوا لي، فوفيتهم أجورهم، إلاَّ رجلاً واحداً ترك أَجْرُهُ عندي وخرج مُغَاضِباً، فربيتُ أجره حتى نما وبلغ مبلغاً، ثم جاء الأجير فطلب أجرته، فقلت: هاك ما ترى من المال، فإن كنت عملت ذلك لك فافرج عنا، فمالت الصخرة وانطلقوا سالمين فَقَالَ صلى الله عليه وسلم : مَنْ صَدَقَ الله نَجَا، ومعنى "صَدق الله" لقي الله بالصدق، وهو أن يحقق قوله فعلُه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 296 4000- مَنْ أكْثَرَ أهْجَرَ الإهجار: الإفحاش، وهو أن يأتي في كلامه بالفحش، والَهَجْرُ: الاسم من الإهجار، كالفُحْشِ من الإفْحَاش، سمى هُجْرَاً لهَجْر العقلاَء إياه يضرب لمن يأتي في كلامه بما لاَ يعنيه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 297 4001- مَنْ اغْتَابَ خَرَقَ، ومَنْ استَغْفَرَ رقَعَ الغيبةُ: اسم من الاغتياب كالحِيلَةِ من الاحتِيال، وهو أن تذكر الغائب عنك بسوء، والمعنى من اغتاب خَرَقَ ستر الله، فإذا استغفر رَقَعَ ما خَرَقَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 297 4002- مَنْ حَفَرَ مُغَوَّاةً وَقَعَ فيها قَالَ شمر: المغَوَّاة: تحفر وتُغَطى للضبع والذئب، ويجعل فيها جَدَى، والجمع المُغَاواياتُ، ويُقَال لكل مهلكة "مُغَوَّاة" بالتشديد ويروى عن عمر رضي الله عنه: [ص: 298] إن قريشاً تريد أن تكون مغويات لمالِ الله، أي مهلكة له. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 297 4003- مَنْ يُطِعْ عَرِيْباً يُمْسِي غَرِيباً يعني عريب بن عِمْليق - ويُقَال: عملوق - بن لاوذ بن سام بن نوح، وكان مبذراً للمال ومثلُه قولهم: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 298 4004- مَنْ يُطِعْ عِكَبّاً يُمسِ مُنْكَبّاً ومثله: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 298 4005- مَنْ يُطِعْ نَمِرَةً يَفقِدْ ثَمَرَهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 298 4006- مِنْكَ رَبَضُكَ وإنْ كانَ سَمَاراً أي منك قريبُك وإن كان رديئاً، والسُّمار: اللبَنُ الكثير الماء الرقيق، ويُقَال لقوت الإنسان الذي يقيمه ويكفيه من اللبن: رَبض، ويُقَال: رُبُض، والرَّبَضُ الأهلُ. ومثلُهُ في هذا المعنى قولُهم: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 298 4007- مِنْكَ أنْفُكَ وإن كان أجْدَعَ يضرب لمن يلزمك خيره وشره وإن كان ليس بمُستحكم القرب. وأول مَنْ قَالَ ذلك قُنفُذُ بن جَعْوَنَةَ المازنى للربيع بن كعب المازني، وذلك أن الربيع دفَعَ فرساً كان قد أبرَّ على الخيل كرماً وجودة إلى أخيه كَمِيشٍ ليأتي به أهله، وكان كَمِيش أنْوَكَ مشهوراً بالحمق، وقد كان رجل من بني مالك يُقَال له قُرَاد بن جَرْم قدم على أصحاب الفرس ليصيب منهم غِرَّةً فيأخذها، وكان داهية، فمكث فيهم مقيماً لا يعرفون نسبه ولاَ يُظْهِرِه هو، فلما نظر إلى كَمِيش راكباً الفرسَ ركب ناقته، ثم عارضه فَقَالَ: ياكَمِيشُ هل لك في عَانَةٍ أرَ مثلَها سمنا ولاَ عظما وعيرٍ معها من ذهب؟ فأما الأتُن فتروج بها إلى أهلك فتملأ قدورهم، وتفرح صدورهم، وأما العِيرُ فلاَ افتقارَ بعده، قَالَ له كميش: وكيف لنا به؟ قَالَ: أنا لك به، وليس يدرك إلاَ على فرسك هذا، ولاَ يرى إلاَ بليل، ولاَ يراه غيري، قَالَ كَمِيش: فدونَكَه، قَالَ: نعم، وأمْسِكْ أنت راحلتي، فركب قُرَاد الفرسَ وقَالَ: انتظرني في هذا المكان إلى هذه الساعة من غدٍ، قَالَ: نعم، ومضى قُرَاد فلما توارى أنشأ يقول: ضَيَّعْتَ فِي العيرِ ضَلاَلاً مُهْرَكَا ... لِتُطْعِمَ الحىَّ جَمِيعاً عَيْرَكَا فَسَوْفَ تأتِى بالهَوَانِ أهْلَكَا ... وَقَبْلَ هذا مَا خَدَعْتُ الأنْوَكَا فلم يزل كَمِيشٌ ينتظره حتى أمسى من غده وجاع، فلما لمْ يَرَ له أثراً انصرف إلى أهله، وقَالَ في نفسه: إن سألن أخي عن الفرس قلت: تحوَّلَ ناقة، فلما رآه أخوه الربيعُ عرف أنه خُدِعَ عن الفرس، فَقَالَ له: أين الفرس؟ قَالَ: تحوَّل ناقة، قَالَ: فما [ص: 299] فَعَلَ السَّرْجُ؟ قَالَ لم أذكر السرج فاطلب له عِلة، فصرعه الربيع ليقتله، فَقَالَ قنفذ بن جَعْوَنة: الْهُ عما فاتك فإن أنفَكَ منك وإن كان أجْدَعَ، فذهبت مثلاً، وقدم قُرَاد ابن جَرْم على أهله بالفرس، وقَالَ في ذلك: رَأيْتُ كَمِيشاً نوكُهُ ليَ نَافِعٌ ... وَلَمْ أرَ نوكاً قَبْلَ ذَلِكَ يَنْفَعُ يؤمِّلُ عَيْراً مِنْ نُضَارٍ وَعَسْجَدٍ ... فَهَلْ كَانَ لِي فِي غَيْرِ ذَلِكَ مَطْمَعُ؟ وَقُلْتُ له: أمسِكْ قَلُوصِي وَلاَ تَرِمْ ... خِدَاعاً له إذ ذُو المَكَايد يَخْدَعُ فأصْبَحَ يَرْمِي الخافقينِ بِطَرْفِهِ ... وَأصْبَحَ تَحْتِى ذُو أفَانِينَ جُرْشُعُ أبرَّ عَلَى الجُرْدِ العَنَاجيح كلها ... فَلَيْسَ وَلَوْ أقحَمْتَهُ الوَعْرَ يَكْسَعُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 298 4008- ما أنتَ بأنْجَاهُمْ مَرَقَةً المَرَقة: النَّفْسُ، وأنجى: من النجاة. يضرب لمن أفْلَتَ من قوم قد أخِذُوا وأصيبوا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 299 4009- مَنْ نَجَا بِرأسِهِ فَقَدْ رَبِحَ يضرب في إبطاء الحاجة وتعذرها حتى يَرْضَى صاحبها بالسلامة منها. قَالَ أبو عبيد: وهذا الشعر أراه قيل في ليالي صِفِّين: الّليلُ دَاجٍ وَالكِبَاشُ تَنْتَطِحْ ... نِطَاحَ أسْدِ مَا أُرَاهَا تَصْطَلِحْ فَمَنْ نَجَا بِرَأسِهِ فَقَدْ رَبِحْ ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 299 4010- مَتَى عَهْدُكَ بأسْفَلِ فِيكَ؟ أي متى أثْغَرْتَ؟ . يضرب للأمر القديم وللرجل يخرف قبل وقت الخرف. وقَالَ ابن الأَعرَبي: يضرب للذي يطلبُ مالاً يناله، ويعني القائل به أسنانه إذا كان صغيراً. قَالَ: وهذا مثل قولهم: هيهات طار غرابها يجرُّ ذلك. وقَالَ في موضع آخر: يضرب للأمر قد فات ولاَ يطمع فيه، قَالَ: ومثله "عهدك بالغابات قديم". (كذا، وربما كان محرفاً عن "الغانيات") وقَالَ أبو زيد: من أمثالهم "مَتَى عهدك بأسفل فيك" وذلكَ إذا سألتَهُ عن أمرٍ قديم لا عهد له به. وقال أبو عمرو: تقول إذا قدم عهدك بالرجل ثم رأيته "مَتَى عهدك بأسفل فيك" فيقول المجيب "زَمَن 4011- السلام رِطَاب" وربما قيل "زمن الفطحل" يريدون به قدم العهد. [ص: 300] مَنْ وُقِىَ شَرَّ لَقْلَقِهِ وَقَبْقَبِهِ وَذَبْذَبِهِِ فَقَدْ وُقيَ اللَّقْلَق: اللسان، والقَبْقَب: البطن، والذبذب: الفرج. يضرب لمن يكثر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 299 4012- مَنْ يَسْمَعْ يَخَلْ يُقَال: خِلْتُ إخال، بالكسر وهو الأفصح، وبنو أسد يقولون "أَخَالُ" بالفتح وهو القياس، والمعنى مَنْ يَسْمَع أخبارَ الناس ومعايبَهم يقع في نفسه عليهم المكروه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 300 4013- مِنْ كِلاَ جَنْبَيْكَ لاَ لَبَّيْكَ ويروى "جانبيك" وهما سواء. يضرب للمَخْذُول الجزء: 2 ¦ الصفحة: 300 4014- مَنْ يَطُلْ هَنُ أَبِيهِ يَنْتَطِقْ بِهِ يريد من كثر إخوته اشتدَّ ظهره وعِزُّهُ بهم، قَالَ الشاعر: فَلَوْ شَاءَ رَبى كَانَ أيْرُ أبيكُمُ ... طَوِيلاً كَأَيْرِ الحارثِ بِنْ سَدُوسِ قَالَ الأصمعي: كان للحارث بن سدوس أحد وعشرون ذكراً وأما المثل الآخر في قولهم: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 300 4015- مَنْ يَطُلْ ذَيْلُهُ يَنْتَطِقْ بِهِ فأخبر أبو حاتم عن الأَصمعي أنه قَالَ: يراد مَنْ وجد سَعَةَ وضَعَها في غير موضعها، ويروى "مَنْ يَطُلْ ذيلُه يطأ فيه" يضرب للغنيّ المسرف. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 300 4016- مَنْ يَنْكِح الحَسْنَاءَ يُعْطِ مَهْرَهَا أي مَنْ طلب حاجةً اهتمَّ بها وبذَلَ مالَه فيها. يضرب في المُصَانَعة بالمال الجزء: 2 ¦ الصفحة: 300 4017- مَنْ سَرَّهُ بَنُوهُ سَاءَتْهُ نَفْسُهُ قائل هذا المثل ضِرَار بن عمرو الضَّبِّيُّ، وكان ولده قد بلغوا ثلاَثة عشرَ رجلاً، كلهم قد غزا ورأس، فرآهم يوماً معاً، وأولاَدَهم، فعلم أنهم لم يبلغوا هذه الأسنان إلاَ مع كبر سنه، فَقَال َ: مَنْ سره بنوه ساءته نفسه، فأرسلها مثلاً الجزء: 2 ¦ الصفحة: 300 4018- مَثَلُ ابْنَةِ الجِبَلِ مَهْمَا يُقَلْ تَقُلْ يضرب للإمَّعَةِ يتبعُ كلَّ إنسان على ما يقول. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 300 4019- مَنْ أشْبَهَ أبَاهُ فَمَا ظَلَمَ أي لم يَضَع الشَّبَهَ في غير موضعه؛ لأنه ليس أحدٌ أولى به منه بأن يشبهه، ويجوز أن يراد فما ظلم الأَبُ، أي لم يظلم حين وضع زَرْعَه حيث أدَّى إليه الشبه، وكلاَ القولين حسن. [ص: 301] وكتب الشيخ على أبو الحسن إلى الأديب البارع وقد وَفَد إليه ابنُه الربيعُ ابن البارع، فَقَالَ: مرحَباً بولده، بل بولدي الظريف، الربيع الوارد في الخريف. كأنَّكَ قَدْ قَابَلْتَ مِنْهُ سَجَنْجَلاً ... فَجَاءَكَ مِنْهُ بِالخَيَالِ المُمَاثِلِ وَمَا ظَلَمَ إذا أشْبَهَ أبَاهُ، وإنَّمَا ظَلَمه أنْ لَوْ كانَ أبَاهُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 300 4020- مَنْ يَكُنْ أبُوهُ حَذَّاءً تُجَدُّ نَعْلاَهُ يقول: من كان ذا جِدَة جَادَ متاعُه يضرب لمن كانت له أعوان ينصرونه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 301 4021- مَنْ لَكَ بأَخِيكَ كُلِّهِ أي مَنْ يكفُلُ ويضمن لك بأخ كله لك، أي كل ما فعله مَرْضي، يعني لاَ بدَّ أن يكون فيه ما تكره، وهذا يروى من قول أبي الدَّردَاء الأنصاري رضي الله عنه. يضرب في عز الإخاء. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 301 4022- مَنْ العَنَاءِ رِيَاضَةٌ الهَرِمِ دخل بعض الشُّرَارة على المنصور، فَقَالَ له شيئاً في توبيخه، فَقَالَ الشارى: أتروض عرسك بعد ما كبَرَتْ ... وَمِنَ العَنَاءِ رِياضَة الهَرِمِ فلم يسمعه المنصور لضعف صوته، فَقَالَ للربيع: ما يقول الشيخ؟ قَالَ: يقول: العبد عبدكم، والمال مالكم ... فَهَلْ عذابُكَ عَنيَّ اليومَ مَصْروف فأمر بإطلاَقه، واستحسن من الربيع هذا الفعل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 301 4023- مَا اسْتَتَرَ مَنْ قَادَ الجَمَلَ قَالَ القُلاَخ: أنا القُلاَخُ بنُ جَنَاب بن جَلاَ ... أخُو خَنَاثِيرَ أقُودُ الجَمَلاَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 301 4024- مَالَهُ سَرِحَةٌ وَلاَ رَائِحَةٌ سَرَحْتُ الماشية: أرسلتها في المَرْعَى فَسَرَحَتْ هي، والمعنى ماله ما تَسْرَحُ وترُوحُ، أي شيء، ومثله كثير. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 301 4025- مَعْيُورَاء تُكادِمُ المَعْيُوراء: جمع الأعيار جمع غريب، والتكادم: التَّعَاضّ. يضرب مثلاً للسفهاء تتهارش الجزء: 2 ¦ الصفحة: 301 4026- مَنْ لِي بِالسَّانِح بَعْدَ البَارِحِ؟ السانح من الصيد: ما جاء عن شمالك فولاَكَ مَيَامنه، والبارح: ماجاء عن يمينك فولاَكَ مَيَاسره، والناطح: ما تَلَقَّاكَ، والقَعيد: ما استدبَرَك. وأصل المثل أن رجلاً مرت به ظِباء بارحة، والعرب تتشاءم بها فكره الرجلُ [ص: 302] ذلك، فقيل له: إنها ستمرُّ بك سانحةً، فعندها قَالَ: مَنْ لي بالسانح بمد البارح؟ يضرب مثلاً في اليأس عن الشيء. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 301 4027- مَنْ اسْتَرْعَى الذِّئْبَ ظَلَمَ أي ظَلَمَ الغنم، ويجوز أن يراد ظلم الذئب حيثُ كُلَّفه ما ليس في طبعه. يضرب لمن يولي غير الأمين قَالَوا: إن أول من قَالَ ذلك أكْثَم بن صَيْفي، وذلك أن عامر بن عبيد بن وهيب تزوج صَعْبة بنت صيفي أخْتَ أكثم، فولدت له بنين: ذئباً، وكلباً، وسبعاً، فتزوج كلبٌ امرأة من بني أسد ثم من بني حبيب، وأغار على الأقياس - وهم قيس بن نوفل، وقيس بن وهبان، وقيس بن جابر - فأخذ أموالهم وأغار بنو أسد على بني كلب - وهم بنو أختهم - فأخذوهم بالأقياس، فوفد كلب بن عامر على خاله أكثم، فقال: ادفع إلى الأقياس أموالَهم حتى أفتدى بها بَنِيَّ من بني أسد، فأراد أكثم أن يفعل ذلك، فَقَالَ أبوه صيفى: يابنى لاَ تفعل؛ فإن الكلب إنسان زهيد إن دفعت إليه أموالهم أمسكها وإن دفعت إليه الأقياسَ أخذ منهم الفداء، ولكن تجعل الأموال على يد الذئب فإنه أمْثَلُ إخوته وأنْبَلُهم، وتدفع الأقياس إلى الكلب، فإذا أطلقهم فمُرِ الذئب أن يدفع إليهم أموالهم، فجعل أكثم الأموال على يد الذئب والأَقياس على يد الكلب، فخدع الكلب أخاه الذئب فأخذ منه أموالهم، ثم قَالَ لهم: إن شئتم جززت نَوَاصيكم وخليت سبيلكم، وذهبت بأموالكم، وخليتم سبيل أولاَدي، وذهبتم بأموالكم وبلغ ذلك أكثم فَقَال َ: من استرعى الذئب ظلم، وأطمع الكلب في الفِداء فطوَّلَ على الأَقياس فأتاه أكثم فَقَالَ: إنك لفى أموال بني أسد وأهْلُكَ في الهوان، ثم قَالَ: نَعِيمُ كلبٍ في هَوَان أهله، فأرسلها مثلاً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 302 4028- مَنْ حَبَّ طَبَّ قَالَوا: معناه من أحَبَّ فَطِنَ واحتال لمن يُحِبُّ، والطَّبُّ: الحِذْقُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 302 4029- مِنْ ثَطَاتِهِ لاَ يَعْرِفُ قَطَاتَهُ مِنْ لَطَاتِهِ الثَّطاة: الحمق، ويروى "من رطاته" وهي الحمق أيضاً، وأصله الهمز، يُقَال: رَطِئٌ بين الرَّطاءة، لكنه ترك الهمز، والقَطَاة: الرِّدفُ، واللَّطَاة: الجبهة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 302 4030- مَطْلُهُ مَطْلُ نُعَاسِ الكَلْبِ وذلك أن نعاس الكلب دائم مُتَّصل وقَالَ: لاَ قَيْتُ مَطْلاً كَنُعَاسِ الكَلْبِ ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 302 4031- المَنَايا عَلَى السَّوَايَا ويروى "على الحَوَايا" يُقَال: إن المثل لعَبيد بن الأبرص، قَالَه حين استنشده النعمانُ بن المنذر يوم بؤسه. قَالَ أبو عبيد: يُقَال إن الحوايا في هذا الموضع مَرْكَب من مراكب النساء، واحدتها حَوِيَّة، قَالَ: وأحسب أن أصلها قوم قُتِلُوا فحُمِلوا على الحوايا، فصارت مثلاً. يضرب عند الشدائد والمخاوف. والسَّوَايا: مثلُ الحوايا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 303 4032- المَنِيَّةُ ولاَ الدَّنِيَّةُ أي أختار المنيةَ على العار، ويجوز الرفع، أي المنيةُ أحبُّ إلىَّ ولاَ الدنية، أي وليست الدنية مما أحِبُّ وأختار. قيل: المثل لأوس بن حارثة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 303 4033- المَوْتُ الأحْمَرُ قَالَ أبو عبيد: يُقَال ذلك في الصبر على الأذى والمشقة والحمل على البدن. قَالَ: ومنه قول علي رضي الله عنه: كُنَّا إذا احْمَرَّ البأس اتَّقَيْنَا برسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يكن منا أحد أقرب إلى العدو منه. قَالَ الأَصمعي: في هذا قولاَن قَال َ الموت الأحمر والأسود شبه بلون الأسد، كأنه أسد يَهْوِى إلى صاحبه، قَالَ: ويكون من قولهم "وَطْأة حمراء" إذا كانت طرية، فكأنَّ معناه الموت الجديد. وقَالَ أبو عبيد: الموت الأَحمر معناه أن يَسْمَدِرَّ بَصَرُ الرجل من الهَوْل فيرى الدنيا في عينه حمراء أو سمراء كما قَالَ أبو زبيد الطائى في صِفَةِ الأَسد: إذا علقت قِرْناً خَطَاطِيفُ كفه ... رأي المَوْتَ بِالعَيْنَيْنِ أسْوَدَ أحْمَرَا وفي الحديث "أسْرَعُ الأَرض خراباً البصرة بالموت الأَحمر والجوع الأَغبر" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 303 4034- المَوْتُ السَّجِيحُ خَيْرٌ مِنَ الحَيَاة الذَّمِيمَةِ السَّجَاحة: السهُولة واللين، ومنه: وجه أسْجَحُ، وخُلُق سجيح، أي لين الجزء: 2 ¦ الصفحة: 303 4035- مَنْ عَتَبَ عَلَى الدَّهْرِ طَالَتْ مَعْتَبَتُهُ. أي عَتْبه، وهذا من كلام أكثم بن صيفي، وهو الغضب، أي مَنْ غَضِبَ على الدهر طال غضبه؛ لأن الدهر لاَ يخلو من أذى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 303 4036- المْكْثَارُ كَحَاطِبِ لَيْلٍ هذا من كلام أكْثمَ بن صَيْفي. قَالَ أبو عبيد: وإنما شبه بحاطب الليل لأنه ربما نَهَشَته الحية ولدغته العقرب في [ص: 304] احتطابه ليلاً، فكذلك المكثار ربما يتكلم بما فيه هلاَكه. يضرب للذي يتكلم بكل ما يهجس في خاطره. قَالَ الشاعر: احْفَظْ لسانكَ أيها الإنسان ... لاَ يَقْتَلنَّكَ؛ إنَّهُ ثُعْبَانُ كَمْ فِي المَقَابِرِ مِنْ قَتِيلِ لسَانِهِ ... كَانَتْ تَخَافُ لِقَاءَهُ الأَقْرَانُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 303 4037- مَنْ يُرِ يَوْمَاً يُرَ بِهِ قَالَ المفضل: أول من قَالَ ذلك كَلْحَبُ بن شُؤْبُوب الأَسدي، وكان يُغير على طيئ وحده، فدعا حارثةُ بن لأم الطائىُّ رجلاً من قومه يُقَال له عِتْرِم، وكان بطلاً شجاعاً، فَقَالَ له: أما تستطيع أن تكفيني هذا الخبيث؟ فَقَالَ: بلى، ثم أرسل معه عشرة من العيون حتى علموا مكانه، وانطلق إليه الرجل في جماعة فوجدوه نائماً في ظل أراكة وفرسُه مشدود عنده، فنزل عنده الرجل ومعه آخر إليه، فأخذ كل واحد منهما بإحدى يَدَيْه، فانتبه فنزع يده اليمنى من مُمْسِكها، وقبض على حَلْق الآخر فقتله، وبادر الباقونَ إليه فأخذوه وشَدُّوه وَثَاقاً، فَقَالَ لهم ابن المقتول - وهو حَوْذَة بن عِتْرِم - دعوني أقتله كما قتل أبي، قَالَوا: حتى نأتي به حارثة، فأبى، فَقَالَوا له: والله لئن قتلته لنقتلنك، وأتَوْا به حارثة بن لأم، فَقَالَ له حارثة: يا كلْحب إن كنت أسيراً فطَالَما أسَرْتَ، فَقَالَ كلحب : من يُرِ يوماً يًرِ به، فأرسلها مثلاً، وقال حَوْذَة لحارثة: أعطنيه اقتله كما قتل أبي، قَالَ: دونكهُ، وجعلوا يكلمونه وهو يُعُالج كِتَافَه حتى انحلَّ، ثم وثب على رجليه يجاريهم، وتواثبوا على الخيل واتبعوه فأعجزهم، فَقَالَ حَوْذَة في ذلك: إلى الله أشْكُو أن أؤوبَ وقَدْ ثَوَى ... قَتِيلاً فأوْدَى سَيِّدُ القومِ عِتْرِمُ فماتَ ضَيَاعاً هكذا بيَدِ امْرئٍ ... لئيم فَلَوْلاَ قِيْلَ ذُو الوِتْرِ مُعَلَمُ فأجابه كَحْلب: أحَوْذَةُ إنْ تَفْخَرْ وتَزْعُمُ أننِي ... لَئِيمٌ فَمِنِّي عِتْرِمُ اللؤمِ أْلأم فأقْسِمُ بالبيت المحرَّمِ مِنْ مِنىً ... ألِيَّةَ بَرٍّ صَادِقٍ حِينَ يُقْسِمُ لَضَبٌّ بِقَفْرٍ مِنْ قَفارٍ وضَبَّة ... خَمُوع ويَرْبُوعُ الفَلاَ مِنْكَ أكْرَمُ فَهَلْ أنْتَ إلاَ خُنْفَسَاءُ لَئيمَةٌ ... وَخَالُكَ يَرْبُوع وَجَدُّكَ شَيْهَمُ أتوِعِدُونِي بالمنكَرَاتِ وَإنَّنِي ... صَبُورٌ عَلَى مَا نَابَ جَلْدٌ صَلَخْدَمُ فإن أفْنَ أَوْ أعمر إلَى وَقْتِ لهذِهِ ... فأَنِّي ابنُ شُؤبُوبٍ جَسُور غَشَمْشَمُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 304 4038- مَنْ يَنِكِ العَيْرَ يَنِكْ نَيَّاكاً أول من قَالَ ذلك خِضْر بن شِبْل الخثعْمى، وكانت امرأته صديقةً لرجل يُقَال له هِشَيمْ، وإن خِضْراً أخذ ماله ذهباً وفضة فدفَنَه في أصل شجرة، ثم رجع فأخبر امرأته بما دفن، فأرسلت وليدَتَها إلى هُشَيم تخبره بمكان المال وتأمره بأخذه، فجاءت الوليدة إلى سيدها فَقَالَت: إن امرأتك مُوَاتية لهُشَيم، ولم يَمنعني أن أعلمك ذلك قبل هذا اليوم إلاَ رهبة أن لا تؤمن به، وآية ذلك أنها أرسلتنى إلى هُشَيم تخبره بالمكان الذي دفنت فيه المال، فما تأمرني؟ قَالَ: انطلقي إلى هَشَيم برسالتها، فانطلقت إليه، وركب خِضْر فرسَه وانطلق وأنشأ يقول: يَا سَلْم قَدْ لاَحَ لِي مَا كَانَ يَبْلُغُنِي ... عنكُمْ فأيَقَنْتُ أنَّي كُنْتُ مأكُولاَ وقَدْ حَبَوْتُكِ إكْرَاماً ومَنْزِلَةً ... لَوْ كَانَ عِنْدَكِ إكْرَامِيكِ مَقْبُولاَ فَقَدْ أتانِي بما كُنْتُ أحْمَدُهُ ... مِنْ سِرِّهَا أن أمْرِي كان تَضْلِيلاَ فَسَوف أبدل سَلْمَى مِنْ جِنَايَتِهَا ... هُلْكا، وَأتْبِعُهُ مِنْهَا عَقَابِيلاَ وَسَوْفَ أبْعَثُ إنْ مُدَّ البَقَاءُ لَنَا ... عَلَى هُشَيْمٍ مُرِنَّاتٍ مَثَاكِيلاَ فلما انتهى إلى ذلك المكان وجد هُشَيْما قد سبقه وأخذ المال، فأسف ورجع يؤامر نفسه في قتل امرأته، وجعل يكاد يتهم الجارية، ثم عَزَم على مكايدة امرأته حتى يظفر بحاجته، فرجع إلى منزلة كأنه لاَ يعلم بشيء مما كان، ومكث أياماً، ثم قَالَ لامرأته: إني مستودعك سراً، قَالَت: إني إذاً أرعاه، قَالَ: إني لقيتُ غَوَّاصاً جائيا من جَنَبَات البحر ومعه دُرَّتَانِ، فقتلته وأخذتهما منه، ودفنتهما في موضع كذا وكذا، وقَالَ للوليدة: إذا أرسلتكِ إلى هُشَيم فابدئي بي، ولم يعلمها ما قَالَ لامرأته، فأرسلت امرأتُه الوليدةَ إلى هُشَيم، فأتت الوليدة خِضْرَاً فأخبرته، فعرف أنها صادقة، وقَالَ لها: انطلقي فأعلميه، وركب هو وأخ له يُقَالُ له صُوَيْد وخرج هُشَيْم وقد سبقاه فكمَنَا له حيث لاَ يراهما، فأقبل يتغنى سَلَبْتُكَ يَا ابنَ شِبْلٍ وَصْلَ سَلْمَى ... وَمَالَكَ، ثُمَّ تُسْلَبُ دُرَّتاَكا فأنْتَ اليَوْمَ مَغبُونٌ ذَلِيلٌ ... تُسَام العَارَ فِينَا وَالهَلاَكا إذَا مَا جِئْتَ تَطْلُبُ فَضْلَ مَالٍ ... ضَربْتَ مَليحَةً خًوْداً ضِنَاكا وتَرْجِعُ خَائِبَاً كَمِداً حَزِيناً ... تَحِكُّ جُلَيْدَ فَقْحَتِكَ احْتِكَاكا [ص: 306] فشد عليه خضر وهو يقول : مَنْ يَنِكِ العيرَ ينك نياكا، ثم أخذه وكتفه، وقَالَ أين مالي؟ فأخبره بموضعه، فضرب عنقه، وذهب إلى ماله فأخذه، وانصرف إلى امرأته فقتلها، واحتبس وليدتها مكانها. يضرب مثلاً لمن يُغُالِبُ الغَلاَّبَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 305 4039- مَنْ سَلَكَ الجَدَدَ أمِنَ العِثَار الجَدَد: الأَرض المستوية، يضرب في طلب العافية ومثلُه: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 306 4040- مَنْ تَجَنَّبَ الخَبَار أَمِنَ العِثَارَ الخَبَار: الأَرض المهملة فيها حجارة ولَخَافِيقُ (اللخافيق: الشقوق، واحدها لخفوق) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 306 4041- مَنْ دَخَلَ ظَفَارِ حَمَّرَ ظَفَارِ: قرية باليمن يكون فيها المغرة، وحمَّر: تكلم بالحميرية، ويُقَال: معناه صبغ ثوبه بالحمرة؛ لأن بها تعمل المغرة، وهو - أعنى ظفار - مبنى على الكسر مثل قَطَامِ وحَذَامِ يضرب للرجل يدخل في القوم فيأخذ بزيهم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 306 4042- مَنْ يُرُدُّ السَّيْلَ عَلَى أدْرَاجِهِ؟ أدراج السيل: طرقُة ومجاريه. يضرب لما لاَ يقدر عليه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 306 4043- مَنْ يَشْتَرِي سَيْفِي وَهَذَا أَثَرُهُ؟ قَالَ المفضل: أول من قَالَ ذلك الحارث بن ظالم المُريُّ، وذلك أن خالد بن جَعْفر بن كِلاَب لما قتل زُهير بن جَذيمة العَبْسي ضاقت به الأَرض، وعلم أن غَطَفَان غيرُ تاركيه، فخرج حتى أتى النعمان، فاستجار به فأجاره، ومعه أخوه عُتْبة بن جعفر، ونهض قيس بن زهير، فاستعدَّ لمحاربة بني عامر، وهَجَم الشتاء، فَقَالَ الحارث بن ظالم: يا قيسُ أنتم أعلم وحربكم، وأنا راحِل إلى خالد حتى أقتله، قَالَ قيس: قد أجاره النعمان قَالَ الحارث: لأقتلنه ولو كان في حِجْرِهِ، وكان النعمان قد ضرب على خالد وأخيه قُبَّة وأمرهما بحضور طعامه ومُدَامه، فأقبل الحارث ومعه تابع له من بني محارب، فأتى بَابَ النعمان، فاستأذن، فأذن له النعمان وفرِح به، فدخل الحارث، وكان من أحسن الناس وَجْهاً وحديثاً، وأعلم الناس بأيام العرب، فأقبل النعمان عليه بوجهه وحديثه، وبين أيديهم تمر يأكلونه، فلما رأى خالد إقبال النعمان على الحارث غَاظَهُ، فَقَالَ: يا أبا ليلى ألاَ تشكرني؟ قَالَ: فبماذا؟ قَالَ: قتلتُ زهيراً فصرتَ بعده سيدَ غطفان، وفي يد الحارث تمراتٌ فاضطربت يده، وجعل يرعد ويقول: [ص: 307] أنت قتلته؟ والتمر يسقط من يده، ونظر النعمان إلى ما به من الزَّمَع، فَنَخَس خالداً بقضيبه وقَالَ: هذا يقتلك؟ وافترق القوم، وبقي الحارث عند النعمان، وأشرج خالد قبته عليه وعلى أخيه وناما، وانصرف الحارث إلى رحله، فلما هَدَأت العيون خرج الحارث بسيفه شاهره حتى أتى قبة خالدٍ فهتكَ شرجها بسيفه ودخل، فرأي خالداً نائماً وأخوه إلى جنبه، فأيقظ خالداً، فاستوى قائماً، فَقَالَ له الحارث: يا خالد أظننتَ أن دمَ زهيرٍ كان سائغاً لك؟ وعَلاَه بسيفه حتى قتله، وانتبه عتبة فَقَالَ له الحارث: لئن نَبَسْتَ لألحقنَّكَ به، وانصرف الحارث ورَكِبَ فرسه ومضى على وجهه، وخرج عتبة صارخاً حتى أتى بابَ النعمان، فنادى: يا سوء جِوَارَاه فأجيب: لاَروع عليك، فقال دخل الحارث على خالد فقتله، وأخْفَرَ الملك، فوجه النعمان فوارس في طلبه فلحقوه سَحَرا فعطَفَ عليهم فَقَتل منهم جماعة، وكثروا عليه فجعل لاَ يقصد لجماعة إلاَ فَرَّقها ولاَ لفارس إلاَ قتله، وهو يرتجز ويقول: أنا أبُو لَيْلَى وسَيْفِى المعْلُوبْ ... مَنْ يَشْتَرِي سَيْفِي وَهَذَا أَثَرُهْ وارتدع القوم عنه وانصرفوا إلى النعمان. يضرب في المحاذرة من شيء قد ابتلى مرة قَالَ الأغْلَبُ العِجْلي قَالَتْ لَهُ فِي بَعْضِ مَا تُسَطِّرُهْ ... مَنْ يَشْتَرِي سَيْفِي وهَذَا أَثَرُهْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 306 4044- مَنْ عَزَّبزَّ أي من غَلَب سَلَبَ، قَالَت الخنساء: كأنْ لَمْ يَكُونُوا حِمىً يُتَّقَى ... إذ النَّاس إذ ذَاكَ مَنْ عَزَّبَزَّ قَالَ المفضل: وأولُ من قَال َ "من عزبز" رجلٌ من طيئ يُقَال له جابر بن رَأْلاَن أحَدُ بني ثُعَل، وكان من حديثه أنه خرج ومعه صاحبان له، حتى إذا كانُوا بظهر الحِيْرَة وكان للمنذر بن ماء السماء يومٌ يركب فيه فلاَ يلقى أحداً إلاَ قتله، فلقي في ذلك اليوم جابراً وصاحبيه، فأخذتهم الخيلُ بالسوية فأتِىَ بهم المنذر، فَقَالَ: اقترعوا فأيكم قَرَعَ خليت سبيله، وقتلت الباقين، فاقترعوا فَقَرَعَهم جابر بن رَأْلاَن، فخَلَّى سبيله وقتل صاحبيه، فلما رآهما يقادان ليُقْتَلاَ قَالَ "مَنْ عَزَّبز" فأرسلها مثلاً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 307 4045- مَنْ يَأكُلُ خَضْماً لاَ يَأكُلُ قَضْمَاً، ومَنْ لاَ يَأكُلُ قَضْمَاً يأكُلُ خَضْماً الخَضْمُ: الأكل بجميع الفم، والقَضْم: الأكل بأطراف الأسنَان. [ص: 308] يضرب في تدبير المعيشة. قَالَ الشاعر: لقد رَابَنِي مِنْ أهْلِ أرْضِي أنَّنِي ... أرى النَّاس حَوْلِي يَخِضِمُونُ وأقضِمُ وَمَا ذَاكَ مِنْ عَجْزٍ وَسًوء جِبِلَّةً ... أخَاكَ ولكِني امْرُؤٌ مِنْ أتَكرَّمُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 307 4046- مَنْ يَرَ الزُّبْدَ يَخَلْهُ مِنْ لبَنٍ أصل هذا أن رجلاً سأل امرأة فَقَالَ: هل لبَنتْ غَنَمُك؟ فَقَالَت: لاَ، وهو يَرَى عندها زُبْداً، فَقَالَ: مَنْ ير الزُّبدَ يَخَلْه من لبن. يضرب للرجل يريد أن يُخفِيَ مالا يُخفىَ وقَالَ أبو الهيثم "من يرى الزَّبَدَ" بفتح الزاي والباء، والصحيح ما تقدم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 308 4047- مَنِ اشْتَرى اشْتَوَى قَالَ أبو عبيد: اشْتَوى بمعنى شَوَى، وهذا المثل عن الأَحمر. يضرب في المُصَانعة بالمال في طلب الحاجة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 308 4048- مَنْ فَازَ بِفُلاَنٍ فقد فَازَ بِالسَّهْمِ الأخْيَبِ وفي كلام أمير المؤمنين علي بن أبى طالب رضي الله عنه أنه قَالَ لأصحابه: مَنْ فاز بكم فاز بالسهم الأخْيَبِ. يضرب في خَيبَة الرجل من مطلوبه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 308 4049- مِنْ مَالِ جَعْدٍ وَجَعْدٌ غَيْرُ مَحْمُودٍ أولُ من قَالَه جَعْدُ بن الحُصين الخُضْري أبو صخر بن جَعْد الشاعر، وكان قد أسَنَّ، فتفرق عنه بنوه وأهلُه، وبقيت له جارية سَوْدَاء تَخْدمه، فعشقت فتىً في الحي يُقَال له عَرَابة، فجعلت تنقُلُ إليه ما في بيت جَعْد، ففَطِنَ لها جعد، فَقَالَ: أبْلِغْ لَدَيكَ بَنِي عَمْروٍ مُغَلْغَلَةً ... عَمْراً وعَوْفَاً وَمَا قَوْلِي بمَرْدُودِ (في الفاخر 114 "بني عمي مغلغلة") بأن بَيْتِي أمْسَى وفْقَ دَاهِيَةٍ ... سَوْدَاءَ قَدْ وَعَدتنى شَرَّ مَوْعُودِ تُعْطِى عَرَابَةَ بالكَفَّين مجتنحا ... مِنَ الخَلُوقِ وَتُعْطِيني عَلَى العُودِ أمْسَى عَرَابةُ ذَا مَالٍ يُسِرُّ بِهِ ... مِنْ مال جَعْدٍ وَجَعْد غَيْرُ مَحْمُودِ يضرب للرجل يُصَاب من ماله ويُذَم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 308 4050- مَنْ قَنَع فَنِعَ الفَنَع: زيادة المال وكثرته، قَالَ الشاعر: أظِلَّ بَيْتِيَ أم حَسْنَاءَ نَاعِمَةً ... حَسَدْتَنِي أمْ عَطَاءِ الله ذَا الفَنَع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 308 4051- مَنْ عُرِفَ بِالصِّدْقِ جَازَ كِذْبُهُ، ومَنْ عُرِفَ بِالكِذْبِ لَمْ يَجُزْ صِدْقُه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 309 4052- مَنْ خَاصَمَ بالبَاطِل أَنْجَحَ بِهِ أي مَنْ طَلَبَ الباطلَ قعدت به حجتُه وغُلب. قَالَ أبو عبيد: معناه أن نُجْحَ الباطل عليه لاَ له، يُقَال "نُجَحَ" إذا صار ذا نُجْح، بمعنى مَنْ خاصم بالباطل صار الباطل منجِحاً، أي ظافراً به. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 309 4053- مُخْرَ نْبِقٌ لِيَنْبَاعَ الاخْرِ نْبَاق: الإطراق والسكوت، والانبياع: الامتداد والوَثْب، أي أنا أطْرِقُ ليثب، ويروى "لينباق" أي يأتي بالبائقة، وهى الداهية. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 309 4054- أَمَكْرٌ وَأَنْتَ فِي الحَدِيدِ؟ قَالَ أبو عبيد: هذا المثل لعبد الملك بن مروان، قَالَه لسعيد بن عمرو بن العاص، وكان مُكَبَّلاَ، فلما أراد قتله قَالَ: يا أمير المؤمنين، إن رأيت أن لاَ تَفْضَحَنِي بأن تخرجني للناس فتقتلني بحضرتهم فافعل، وإنما أراد سعيدٌ بهذه المقَالَة أن يُخَالفه عبدُ الملك فيما أراد فيخرجه، فإذا أظهره مَنَعه أصحابه وحالوا بينه وبين قتله، فَقَالَ: يا أبا أمية أمَكْراً وأنت في الحديد؟ يضرب لمن أراد أن يمكر وهو مقهور. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 309 4055- مُجَاهَرةً إذَا لَمْ أَجِدْ مَخْتِلاً المُجَاهرة بالعداوة: المُبَاداة بها، والخَتْل الخَتر، يقول: آخذ حقي مجاهرة أي عَلاَنيَةً قهراً إذا لم أختل إليه في العافية والستر. ونصب "مجاهرة" على تقدير أجاهر مجاهرة، وقوله "مَخْتِلاً" أي موضع خَتْلٍ، ويجوز مَخْتَل بفتح التاء يجعله مصدراً، والتقدير أجاهر فيما أطلب مجاهرة إذا لم أجده خَتْلا، أي بالختل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 309 4056- المرءُ يَعْجَزُ لاَ مَحَالَةَ أي لا تَضِيقُ الحيلُ ومخارجُ الأمور إلا على العاجز، والمحالة: الحيلة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 309 4057- مَنْ نَجلَ النَّاس نَجَلُوهُ النَّجْلُ: أن تضرب الرجلَ بمقدم رجلك فيتدحرج. ومعنى المثل مَنْ شَارَّ الناس شَارُّوه، ويجوز أن يكون من نَجَل إذا رَمَى أو من نَجَل إذا طَعَنَ أي مَنْ رماهم بشَتْم رموه بمثله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 309 4058- مَنْ يَبْغ في الدِّين يَصْلَفُ أي مَنْ يَطْلُبُ الدنيا بالدين قل حَظُّه منها، وقال الأصمعي: يعني أنه لا يحظى عند [ص: 310] الناس ولا يرزق منهم المحبة، والبَغْي: التعدِّي أي من يتعدَّ الحقَّ في ديته لم يُحَبَّ لفرط غُلُوه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 309 4059- مَنْ حَفَّنا أوْرَفنَّا فَلْيَقْصِدْ يجوز أن يكون "حَفَّنا" من "حَفَّتِ المرأةُ وجهها" إذا أزالت ما عليه من الشَّعَر تزييناً وتحسيناً، و"رفَّنَا" من "رَفَّ الغزالُ ثمر الأراك" أي تناوله، يريد من تناولنا بالإطراء أو زاننا به فليقتصد. قَالَ أبو عبيد: يقول من مَدَحنا فلاَ يَغْلُونَّ في ذلك، ولكن ليتكلم بالحق فيه، ويُقَال: مَنْ حفنا أي خَدَمنا أو تعطَّفَ علينا ورَفَّنا أي حاطنا، ويُقَال: ما لفلاَن حافّ ولاَ رافّ، وذهب من كان يَحُفُّه ويَرُفُّه، أي يخدمه ويحوطه، وروى "مَنْ حفنا أو رفنا فليترك". وهذا قول امرأة، زعموا أن قوماً كانوا يعطفون عليها وينفعونها، فانتهت يوماً إلى نعامة قد غصت بصُعُرُّورَة - والصُعُرُّورَة: صَمْغة دقيقة طويلة ملتوية - فألقت عليها ثوبها، وغطت به رأسها، ثم انطلقت إلى أولئك القوم، فَقَالَت: مَنْ كان يحفنا أو يرفنا فليترك؛ لأنها زعمت أنها استغنت بالنعامة؛ ثم رجعت فوجدت النعامة قد أساغت الصُّعُرُّورة وذهبت بالثوب. يضرب لمن يبطره الشيء اليسير ويثق بغير الثقة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 310 4060- مَنْ قَلَّ ذَلَّ وَمَنْ أَمِرَ فَل قَالَه أوس بن حارثة. أمِرَ: أي كثر، يعني من قل أنصاره غَلَب؛ ومن كثر أقرباؤه قل أعداؤه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 310 4061- مِنَ الَّلجَاجَةَ مَا يَضُرُّ وَيَنْفَعُ أول من قَالَ ذلك الأسْعَرُ بن أبى حُمْرَان الجُعْفي، وكان راهَنَ على مُهْرٍ له كريم فَعَطِبَ، فَقَالَ: أهْلَكْتُ مُهْرِي فِي الرَّهَانِ لِجَاجَةً ... وَمِنَ الَّلجَاجَةِ مَا يَضُرُّ وَيَنْفُع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 310 4062- مِنْ غَيْرِ خَيْرٍ طَرَحَكِ أهْلُكِ يُقَال: إنه كان رجلٌ قبيحُ الوجهِ، فأتى على محلة قوم قد انتقَلُوا عنها، فوجد مرآة، فأخذها فنظر فيها إلى وجهه، فلما رأى قُبْحَه فيها طرحَهَا، وقَال َ: من غير خيرٍ طَرَحَكِ أهلُكِ، فذهبت مثلاً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 310 4063- مِنْ مأمَنِهِ يؤتَى الحَذِرُ هذا المثل يُرْوَى عن أكْثَمَ بن صيفي التميمي، أي أن الحَذَرَ لاَ يدفع عنه ما لاَ بد له منه، وإن جَهِدَ جَهْده، ومنه الحديث "لاَ ينفَعُ حَذَرٌ مِنْ قَدَرٍ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 310 4064- المَوْتُ دُونَ الجَمَلِ المُجَلّلَ أول من قَالَ ذلك عبدُ الرحمن بن عَتَّاب بن أَسِيد بن أبي العاص بن أمية، وكان يقاتل يوم الجمل ويرتجز: وَاْلمَوتُ دُونَ الَجَمَلِ الْمُجَلَلِ يعني جمل عائشة، وقُطعت يَدُه يومئذ وفيها خاتمه، فاختطفها نسرٌ فطرحها باليمامة، فعرفت يده بخاتمه، ويُقَال: إن علياً رضي الله عنه وقَفَ عليه وقد قُتلَ فقال: هذا يَعْسُوب قريشٍ، جَدَعْتُ أَنْفِي وشَفيتُ نفسي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 311 4065- المُلْكُ عَقِيمٌ يعني إذا تنازع قوم في ملك انقطعت بينهم الأرحام، فلم يُبْقِ فيه والد على ولده، فصار كأنه عقيم لم يُولَد له. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 311 4066- المَحْقُ الخَفِيُّ أَذْكَارُ الإبل يعني إذا نتجت الإبل ذكوراً محق مال الرجل، ولاَ يعلمه كل أحد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 311 4067- مَنْ شَمَّ خِمَارَكِ بَعْدِي؟ أي ما نَفَّرَكِ عنى؟. يضرب لمن نفر بعد السكون الجزء: 2 ¦ الصفحة: 311 4068- مَن يَمْدَحُ العَروسَ إِلاَ أهْلُهاَ؟ يضرب في اعتقاد الأقارب بعضهم ببعض وعجبهم بأنفسهم قيل لأعرابي: ما أكثر ما تمدح نفسك! قَالَ: فإلى من أكِلُ مَدْحَها؟ وهل يمدح العروسَ إلاَ أهلها؟ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 311 4069- مَنْ يَأتِ الحَكَمَ وَحْدَهُ يُفْلِحْ. لأنه لاَ يكون معه مَنْ يكذبه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 311 4070- مَوَاعِيدُ عُرْقُوبٍ قَالَ أبو عبيد: هو رجل من العَمَاليق، أتاه أخ له يسأله، فَقَالَ له عرقوب: إذا أطْلَعَتْ هذه النخلة فلك طَلْعها، فلما أطلهت أتاه للعِدَةِ، فَقَالَ: دَعْها حتى تصير بَلَحا، فلما أبْلَحَتْ قَالَ: دَعْها حتى تصيرَ زَهْوًا، فلما زَهَت قَالَ: دَعْها حتى تصير رُطَبا، فلما أرْطَبَتْ قَالَ: دَعْها حتى تصير تمراً، فلما أتْمَرَتْ عمد إليها عرقوبٌ من الليل فجدَّها ولم يُعْطِ أخاه شيئاً، فصار مثلاً في الخُلْفِ، وفيه يقول الأشجعي: وَعَدْت وَكاَنَ الخُلْفُ مِنْك سَجِيَّةً ... مَوَاعِيدَ عُرْقُوبٍ أخَاهُ بِيَتْربِ ويروى "بيثْرِب" وهي مدينة الرسول عله أفضل الصلاَة والسلم، ويترب - بالتاء وفتح الراء - موضع قريب من اليمامة، وقَالَ آخر: وأكْذَبُ مِنْ عُرْقُوبِ يَتْرَبَ لَهْجَةً ... وأبْيَنُ شُؤماً في الْحَواَئجِ مِنْ زُحَلْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 311 4071- مَنْ يَجْتَمِعْ يَتَقَعْقَعْ عَمَدُهُ أي لاَ بدَّ من افتراق بعد اجتماع، ويُقَال في معناه: إذا اجتمع القومُ وتقاربوا وقَعَ بينهم الشر فتفرقوا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 312 4072- مَتَى يأتى غُوَاثُكَ مَنْ تُغِيثُ؟ يضرب في استبطاء الغَوْث، وللرجل يَعِدُ ثم يَمْطُلُ. يُقَال: غَوَّثَ الرجلُ، إذا قَالَ: واغَوْثَاه، والاسم الغَوْث والغُوَاث والغَوَاث، قَالَ الفراء: لم يأت في الأصوات شيء بالفتح غيره، وإنما يأتى بالضم كالبُكاَء والدُّعاء أو بالكسر كالنَّدَاء والصيَّاح. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 312 4073- منْ يَمشِ يَرْضىَ بماَ رَكِبَ يضرب للذي يُضْطَرَّ إلى ما كان يرغب عنه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 312 4074- مَنْ عَالَ بَعْدَها فَلاَ اجْتَبَرْ يُقَال: جَبَرهُ فَجَبَر وانْجَبَرَ واجْتَبَر، وعال: أي افتقر يَعيلُ عَيْلَة. وهذا من قول عمرو بن كلثوم: مَنْ عَالَ مِنَّا بَعدَهاَ فَلاَ اجْتَبَرْ ... وَلاَ سَقَي الماء وَلاَ رَعَى الشَّجَرْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 312 4075- مَنْ لاَحَاكَ فَقَدْ عَادَاكَ اللَّحْىُ والّلحْو: القَشْر، أي من تعرض لَقشْر عِرْضك فقد نَصَب لك العَدَاوة والمثل من قول أكْثَمَ بن صَيْفي وفي الحديث: إن أول ما نهاني ربي عنه بعد عِبادة الأوثان شرب الخمور ومُلاَحاة الرجال. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 312 4076- مَنْ حَقَرَ حَرَمَ يُقَال: حَقَرتْهُ واُحْتَقَرتُهُ واسْتَحْقَرتْه، إذا عددته حقيراً، أي من حَقَر يسيراً ما يقدِر عليه ولم يقدر على الكثير ضاعتْ لديه الحقوق. وفي الحديث: لاَ تَرُدُّوا السائلَ ولو بظِلْفٍ مُحْرَقٍ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 312 4077- مَنْ صَانَعَ الحَاكِمَ لَمْ يَحْتَشِمْ أي مَنْ رَشَا الحاكمَ لم يحتشم من التبسُّط عليه، وروى أبو عبيد "مَنْ صانَعَ بالمال لم يحتشم من طلب الحاجة" يضرب في بَذْل المال عند طلب المراد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 312 4078- مَنْ يَلْقَ أبَطَالَ الرِّجَالِ يُكْلَمِ قَالَه عَقيل بن علقمة المرى (هكذا وقع في أصول هذا الكتاب، وما أراها تصح، ولعلها "عقيل بن علفة" والذي في اللسان "قَالَ الأَصمعي: هذا رجز يتمثل به لأبى أخزم الطائي، قَالَ ابن برى: كان أحزم عاقاً لأبيه، فمات وترك بنين عقوا جدهم وضربوه وأدموه فَقَالَ في ذلك) وقد رماه [ص: 313] عمَلَّس ابنه بسهم فحلَّ فخذه، وهي أبيات منها. إنَّ بَنِيَّ زَمَّلُوني بالدَّمِ ... شِنْشَةٌ أعْرَفُهَا مِنْ أخْزَمِ مَنْ يَلْقَ أبْطَالَ الرِّجَالِ يُكْلَمِ ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 312 4079- مَنْ لاَ يَذُدْ عَنْ حَوْضِهِ يُهْدَمْ أي مَنْ لم يدفع عن نفسه يُظْلم ويُهْضَم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 313 4080- مِنَ العَجْزِ وَالتَّوَانِي نُتِجَتِ الفَاقَةُ أي هما سبب الفقر. وهذا من كلام أكْثَمَ بن صَيْفي، حيث يقول: المعيشة أن لاَ تنى في استصلاَح المال والتقدير، وأحوج الناس إلى الغنى مَنْ لم يُصْلحه إلاَ الغني، وكذلك الملوك، وإن التغرير مفتاح البؤس، ومن التواني والعجز نُتِجَتِ الفاقة، ويروى "الهلكة" قوله "التغرير مفتاح البؤس" يريد أن مَنْ كان في شدة وفقر إذا غَرَّر بنفسه بأن يُوقِعَهَا في الأخطار ويحمل عليها أعباء الأسفار يُوشِك أن يفتح عنه أقفال البُوس، ويرفل من حسن الحال في أضْفى الّلبوس. ومثل ما حكي من كلام أكثم بن صيفي ماحكاه المؤرِّجُ بن عمرو السَّدُوسي قَالَ: سأل الحجاجُ رجلاً من العَرَب عن عشيرته قَالَ: أي عشيرتك أفضَل؟ قَالَ: أتقاهم لله بالرغبة في الآخرة والزهد في الدنيا، قَالَ: فأيهم أسْوَدُ؟ قَالَ: أرْزَنُهم حِلْما حين يُسْتَجْهل وأسخاهم حين يُسْأل، قَالَ، فأيهم أدهى؟ قَالَ: مَنْ كتم سِرَّه ممن أحَبَّ مخافة أن يشارَّ إليه يوماً، قَالَ: فأيهم أكْيَسُ؟ قَالَ: مَنْ يصلح ماله ويقتصد في معيشته، قَالَ: فأيهم أرفق؟ قَالَ: مَنْ يُعْطِي بِشْرَ وجهه أصدقاءه، ويتلطف في مسألته، ويتعاهد حقوق إخوانه في إجابة دَعَوَاتهم، وعيادة مَرْضَاهم، والتسليم عليهم، والمشي مع جَنَائِزهم، والنصح لهم بالغَيْب، قَالَ: فأيهم أفْطَن؟ قَالَ: مَنْ عرف ما يوافق الرجال من الحديث حين يجالسهم، قَالَ: فأيهم أصْلَبُ؟ قَالَ: من اشتدَّتْ عارضُته في اليقين، وحزم في التوكل، ومَنَعَ جَارُهُ من الظلم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 313 4081- مَوْتٌ لاَ يَجُرُّ إلَى عَارٍ خَيْرٌ مِنْ عَيْشٍ رَمَاقٍ يُقَال: ما في عَيْشِ فلاَنٍ رَمَقَة ورَمَاق، أي بُلْغَةَ، والمعنى مُتْ كريماً ولاَ تَرْضَ بعيش يمسك الرَّمَقَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 313 4082- مَأْرُبَةٌ لاَ حَفَاوَةٌ أي إنما يكرمُكَ لأرَبٍ له فيك، [ص: 314] لاَ لمحبة لك، يُقَال: مَأرُبَةٌ ومَأْرَبَة، وهما الحاجة، وحَفِيَ بِهِ حَفَاوَةً؛ إذا اهتمَّ بشأنه وبالغ في السؤال عن حاله، ورفع "مأربة" على تقدير هذه مأربة، ومن نَصَبَ أراد فَعَلْت هذا مأربة، أي للمأربة لاَ للحَفَاوة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 313 4083- مِنْ دُونِ ما تُؤمِّلُهُ نَهَابِرُ قَالَ أبو عمرو: النَّهَابِرُ: ما تجهم لك من الليل من وادٍ أو عَقَبة أو حُزُونة. يضرب في الأمر يشتدُّ الوصولُ إليه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 314 4084- مَوْلاَكَ وَإنْ عَنَاكَ أي هو وإن جهل عليك فأنت أحقُّ مَنْ تحمَّل عنه، أي اسْتَبْقِ أرْحَامَكَ و "مولاَك" في موضع النصب، على التقدير احفظ أو رَاعِ مولاَك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 314 4085- مَنْ لَكَ بِدَنَايَةِ لَوْ (كذا، وأحسبه "بذنابة لو") أي مَنْ لك بأن يكون "لو" حقاً، وقَالَ: تَعَلَّقْتُ من أذْنَابِ لَوٍّ بلَيْتَنِي ... وَلَيْتٌ كَلَوٍّ خَيْبَةٌ ليس تَنْفَعُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 314 4086- مَنْ سَبَّك؟ قَالَ: منْ بَلَّغَنِى أي الذي بَلَغَكَ ما تكره هو الذي قَالَه لك؛ لأنه لو سكت لم تعلم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 314 4087- مَشَى إلَيْهِ المَلاَ وَالبَرَاحَ هما بمعنى واحد، أي مَشَى إليه ظاهراً وهذا قريب من مضادة قولهم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 314 4088- مَشَى إلَيْهِ الخَمَرَ، وَدَبَّ لَهُ الضَّرَاءَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 314 4089- مُعَاوِدُ السَّقىِ سُقِيَ صَبِياً يضرب لمن جَرَّبَ الأمور وعمل الأَعمال ونصب "صبيا" على الحال، أي عَاوَدَ هذا الأمر وعالجه مذ كان صبياً الجزء: 2 ¦ الصفحة: 314 4090- مَنْ قَنَعَ بِمَا هُوَ فيهِ قَرَّتْ عَيْنُهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 314 4091- وَمَنْ لَبِسَ يَأساً عَلَى ما فَاتَهُ وَدَّعَ بدَنَهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 314 4092- ومَنْ رَضِيَ بِاليَسِيرِ طَابَتْ مَعِيْشَتُهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 314 4093- ومَنْ عَتَبَ عَلَى الدَّهْرِ طَالَتْ مَعِتْبَتُهُ هذا من كلام أكثم بن صيفي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 314 4094- مَنْ يَرُدُّ الفُرَاتَ عَنْ دِرَاجِهِ؟ ويروى عن "أدْرَاجِه" وهما جمع دَرَج أي عن وَجْهه الذي توجه له يروى أن زيد صُوحَان العَبْدِي حين أتاه رسولُ عائشة رضي الله عنها بكتاب فيه: من عائشَةَ أم المؤمنين إلى ابنها الخالص زيدِ بن صُوحَان، تأمره بتَثْبيط أهل الكوفة [ص: 315] عن المسارعة إلى علي رضي الله عنه، فَقَالَ زيد بن صُوحَان: أمِرْتُ بأمر وأمِرْنا بأمرٍ، أُمِرْنَا أن نقاتل حتى لا تكون فتنة، وأُمِرَتْ أن تقعُدَ في بيتها، فأمرتْنَا بما أمِرَتْ ونهتنا عما أمِرْنَا به، ثم دخل مسجدَ الكوفة، فرفع يده اليسرى - وكانت قد قُطِعَتْ يوم اليَرْمُوك - ثم قَال فيما يقول : مَنْ يُردُّ الفرَات عن دِرَاجه؟ يعنى أن الأمر خرج من يده، وأن الناس عزموا على الخروج من الكوفة، فهو لاَ يقدر أن يَرُدَّهم من فَوْرِهم هذا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 314 4095- مَذقِتي أحَبُّ إليَّ مِنْ مَخْضَةِ آخَرَ. هذا الكلام مثلُ قولهم "غَثُّكَ خيرٌ من سمين غيرك" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 315 4096- مَنْ عَضَّ عَلَى شِبْدِعِهِ أمِنَ الآثامَ. أي من عَضَّ على لسانه أمِنَ عقوبَةَ الإثم وجَزَاءه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 315 4097- مَنَاجِلُ تَحْصُدُ ثِنَّا بِالياً. الثِّنُّ: يَبِيسُ الحشيش، والمِنْجَلُ: ما يُحْصَدُ به ويُنْجَل أي يُرْمَى. يضرب لمن يَحْمَدُ من لاَ يبالي بحمده إياه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 315 4098- مِنْ غَيْرِ مَا شَخْصٍ ظَلِيْمٌ نَافِرٌ "ما" صلة، والظَّليم: ذكر النَّعَام، وهو أشدُّ الدوابِّ نفوراً. يضرب لمن يشكو صاحبه من غير أن يكون له ذنب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 315 4099- مَظْلُوم وَطْبٍ يَشْرَبُ المُحَبَّبُ المَظْلُوم والظَّليم: اللبن الذي يُحْقَن (يحقن: يجمع في السقاء حليبه على رائبه، وهذا اللبن حقين، وسقاؤه المحقن.) ثم يُشْرَب قبل أن يَرُوبَ، والمَحَبَّب: الممتلئ رِياًّ، يقال: شربت الإبل حتى تَحَبَبَتْ، أي تملأَت من الماء. يضرب لمن أصاب خيراً ولاَ حاجَةَ به إليه كمن يشرب اللبن وهو رَيَّان. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 315 4100- مَقْنأةٌ رِيَاحُهَا السَّمَائِمُ المَقْنأة والمَقْنُوة، يهمزان ولاَ يهمزان، وهما المكان لاَ تَطْلُع عليه الشمس، والسَّمُوم: الريح الحارة، تقول: ظِلٌّ في ضِمْنِهِ سَمُوم يضرب للعريض الجاه العزيز الجانب يُرْجَى عنده الخير، فإذا أوى إليه لاَ يكون له حسن مَعُونة ونظر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 315 4101- مَخَالِبُ تَنْسُرُ جِلْدَ الأَعْزَلِ النَّسْر: نَتَفُ البازي اللحمَ بمَنْسِرِه، أي مِنَقَاره، والأَعْزَلُ: الذي لاَ سِلاَح معه، [ص: 316] والطائر الأَعزل الذي لاَ قُدرة له على الطيران، ومنه قول لَبيد: لما رأى لُبَدُ النُّسُورَ تَطَايَرَتْ ... رَفَعَ القَوَادمَ كالفَقِيرِ الأَعْزَلِ الفقير: المكسور الفقار. يضرب لمَنْ يَظْلم مَنْ دونه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 315 4102- مَشِيمَةٌ تَحْمِلُها مِئْنَاثٌ المَشِيمة: ما يكون فيه الوَلَدُ في الرحم، والمئناث: التي من عادتها أن تلد الإناث. يضرب للرجل لاَ يَسَرُّ به أحد ولاَ يُرْجَى منه خير. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 316 4103- مَشَامُ مُرْبِعٍ رَعَاهُ مُصِيفٌ المَشَام: الموضِعُ يُنْظَر فيه إلى البرق، والمُرْبِع: الذي نتجت إبله في الربيع، والمُصيف: الذي نتجت إبله في آخر زمان النتاج يضرب لمن انتفع بشيء تَعَنَّي فيه غيرُه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 316 4104- مُجيلُ القِدْحِ وَالجَزُورُ تَرْتعُ الإجالة: إدارة القِدْح في المَيْسِر، ولاَ يُجَال القِدْح إلاَ بعدما تُنْحَر الجزورُ ويُقْسَم أجزاؤها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 316 4105- مَخَيْلَةٌ تَقْتُلُ نَفْسَ الخَائلِ المَخِيلَة: الخُيَلاَء، والخَائل: المُخْتال، يُقَال: خالَ يَخَالُ خَالاً، وجمع الخائل خَالَة مثل بأئِعٍ وبَاعَةٍ. يضرب لمن يُورِدُ نفسَه مَوَاردَ الهَلَكة طلباً للتَّرَؤُّسِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 316 4106- مَسَّ الثَّرَى خَيْرٌ مِنَ السَّرَابِ أي اقتصارُكَ على قليلك خير من اغترارك بمال غيرك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 316 4107- مُمَالِحَانِ يَشْحَذَانِ المُنْصُلَ (ممالحان: وصف من الممالحة، وهي المؤاكلة، والمنصل: السيف.) يضرب للمتصافيين ظاهراً المتعاديين باطناً الجزء: 2 ¦ الصفحة: 316 4108- مَنْ خَشِيَ الذِّئْبَ أَعَدَّ كَلْبَاً يضرب عند الحَثِّ على الاستعداد للأَعداء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 316 4109- مَنْ سَئمَ الحَرْبَ اقْتَوَى لِلسلْمِ الاقْتِوَاء: الانعطافُ، وأصله من التقاوى بين الشركاء، وهو أن يشتروا شيئاً رخيصاً ثم انعطفوا فتزايدوا في ثمنه حتى بلغوا به غاية ثمنه عندهم. يضرب في التحذير لمن خاف شيئاً فتركه، ورجع إلى ما هو أسْلَمُ له منه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 316 4110- أمْهِ لكَ الوَيْلُ فَقَدْ ضَلَّ الجَمَلُ يُقَال: أمْهَى الفرسَ، إذا أجْرَاه وأحْمَاه في جَرْيه. يقول: أعِدَّ فرسَكَ فقد ضَلَّ جملُكَ. [ص: 317] يضرب لمن وقع في أمر عظيم يؤمر ببذل ما يطلب منه لينجو. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 316 4111- مُفِّوزٌ عَلَّقَ شَنّاً باَليِاً فَوَّزَ الرجلُ: إذا ركب المَفَازة، والشَّنُّ: القربة البالية. يضرب للرجل يحتمل أموراً عظيمة بلاَ عُدَّة لها منه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 317 4112- مَنْ أَنْفَقَ مَالَهُ عَلَى نَفْسِهِ فَلاَ يَتَحمَّدْ بِهِ عَلَى النَّاسِ ويروى "إلى الناس" فمن وَصله بعلى أراد فلاَ يَمْتَنَّ به على الناس، ومن وصله بإلى أراد فلاَ يخطبن إليهم حمده. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 317 4113- مَنْ فَسَدَتْ بِطَانَتُهُ كانَ كَمَنْ غُصَّ بِالماءِ البطَانة: ضدُّ الظِّهارة، جعلت لقربها من اللابس مثلاً لمن يَخَضُّ مداخلَةَ ومعاملَةً وهذا من كلام أكثم بن صيفي، يريد إذا كان الأمر على هذه الحالة فلاَ دواء له؛ لأن الغاصَّ بالطعام يلجأ إلى الماء، فإذا كان الماء هو الذي يغصه فلاَ حيلَةَ له، فكذلك بطانة الرجل وأهل دِخْلَتِهِ، كما قَالَ: (البيت لعدي بن زيد العبادي) لَوْ بِغَيْرِ الماءِ حَلْقِي شَرِقٌ ... كُنْتُ كَالغَصَّانِ بِالماء اعتِصَارِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 317 4114- مُعَاتَبَةُ الإخْوَانِ خَيْرٌ مِنْ فَقْدِهِم هذا مثل قولهم: وَفِي العِتَابِ حَيَاةٌ بَيْنَ أقْوَامِ ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 317 4115- مِنْ حُسْنِ إسلام المَرْء تَرْكُه مَالاَ يَعنيِهِ هذا المثلُ يُرْوَى عن النبي صلى الله عليه وسلم، ويروى عن لقمان الحكيم أنه سُئِل: أي عملِك أوثقُ؟ فَقَالَ: تركي مالاَ يعنيني، وقَالَ رجل للأحنف: بِمَ سُدْتَ قَوْمَك؟ وأراد عيه، فَقَالَ اللأحنف: بتَرْكِي من أمرك مالاَ يعنيني كما عَنَاكَ من أمري ما لا يَعْنيكَ، وقَالَ أيضاً: ما دخلت بين اثنين قَطُّ حتى يكونا هما يدخلاَنِّي في أمرهما، ولاَ أقمِتُ عن مجلسٍ قط، ولاَ حُجِبْتُ عن باب، يريد لاَ أجلس إلاَ مجلساً أعلم أني لاَ أقامُ عن مثله، ولاَ أقف على باب أخاف أن أحْجَبَ عن صاحبه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 317 4116- مَنْ يزرَعِ الشَّوْكَ لاَ يَحْصُدْ بِهِ العِنَبَا لاَ يُقَال: حَصَدتُ العنبَ، وإنما يُقَال: قَطَفْتُ، ولكنه وضع الحصد بإزاء الزرع، وقوله "به" أراد ببدَله (في أصول هذا الكتاب "بيذله" تصحيف) ويجوز أن يريد [ص: 318] بزَرْعه، أي لاَ يحصد العنب بزَرْعِهِ الشوكَ، والمعنى من أساء إلى إنسان فليتوقَّعْ مثله. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 317 4117- مُكْرَهٌ أَخُوكَ لاَ بَطَلٌ هذا من كلام أبى حَنَشٍ خال بَيْهسْ الملقب بنَعَامة، وقد ذكرت قصته في باب الثاء عند قوله "ثكل أرأمها ولداً (انظر المثل 771) " يريد أنه محمولٌ على ذلك، لاَ أن في طَبْعه شجاعة يضرب لمن يُحْمَل على ماليس من شأنه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 318 4118- مَرَّةً عَيْشٌ ومَرَّةً جَيْشٌ قَالَ أبو زيد: أصْلُه أن يكون الرجل مرةً في عيش رَخِيٍّ ومرةً في جيش غزاة وارتَفَع عيش وجَيش لأنه في تقدير خبر الابتداء، كأنه قَالَ: الدهرُ عيش مرة وجيشٌ أخرى، أي ذو عيش، عَبَّرَ عن البَقَاء بالعَيْش وعن الفَنَاء بالجيش لأن مَنْ قاد الجيشَ ولاَ بَسَ الحرب عَرَّض نفسه للفناء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 318 4119- مَنْ ضَاقَ عَنْهُ الأقْرَبُ أَتَاحَ الله لَهُ الأَبْعَدَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 318 4120- مَنْ يَرْ نَأيَقُلْ سَوَادٌ رَكِبَ يضرب في التَّوَافُقِ والاجتماع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 318 4121- المَرْءُ يُعْرَفُ لاَ ثَوْبَاهُ يضرب لذي الفَضْل تَزْدَريه العينُ لتقشُّفه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 318 4122- مَنْ لَمْ يُغْنِيهِ مَا يَكْفِيهِ أعْجَزَهُ ما يُغْنِيهِ يضرب في مدح القَنَاعة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 318 4123- مَوْتٌ فِي قُوتٍ وَعِزٍّ أَصْلَحُ مِنْ حَيَاةٍ في ذُلٍّ وَعَجْزِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 318 4124- مَنْ مَحَّضَكَ مَوَدَّتَهُ فَقَدْ خَوَّلَكَ مُهْجَتَهُ يُقَال: مَحَّضْتُه الوُدَّ وأمْحَضْتُه، إذا أخْلَصْتَ له المودة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 318 4125- مَنْ يكُنِ الطَّمَعُ شِعَارَهُ يكُنْ الجَشَعُ دِثَارَهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 318 4126- مِنَ الحَبَّةِ تَنْشَأ الشَّجَرَةُ أي من الأمور الصِّغَار تنتج الكبار الجزء: 2 ¦ الصفحة: 318 4127- مَنْ يُعَالِجْ مالَكَ غَيْرَكَ يَسأَمْ هذا مثل قولهم "ما حَكَّ ظَهْرِي مثل ظفري" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 318 4128- مِنْ شُفْرِهِ إلى ظُفْرِهِ يضرب لمن رَجَعَ إلى ما كاده في شأن غيره. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 318 4129- مَنْ جَزِعَ اليَوْمَ مِنَ الشَّرِّ ظَلَم يضرب عند صلاَح الأمر بعد فساده أي لا شر يجزع منه اليوم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 318 4130- مَنْ جَعَلَ لِنَفْسِهِ مِنْ حُسْنِ الظَّنِّ بِإخْوَانِهِ نَصِيباً أراحَ قَلْبَهُ يعني أن الرجل إذا رأى من أخيه إعراضاً وتغيراً فَحَمَله منه على وجهٍ حَسَنٍ وطلب له المخارج والحذر خَفَّفَ ذلك عن قلبه وقَلَّ منه غيظه، وهذا من قول أكثم بن صيفى. يضرب في حسن الظن بالأخ عند ظهور الجفاء منه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 319 4131- مَنْ ذَهِبَ مَالُهُ هَانَ عَلَى أهلِهِ يضرب في إكرام المَلِىءِ. ويروى عن رجل من أهل العلم أنه مَرَّ به رجل من أرباب الأموال، فتحرك له وأكرمه وأدناه، فقيل له بعد ذلك: أكانت لك إلى هذا حاجة؟ قَالَ: لا، والله، ولكني رأيت المال مَهِيناً، ويروى "ذا المالِ مَهيباً" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 319 4132- مَنْ نَهَشَتهُ الحَيَّةُ حَذِرَ الرَّسَنَ الأَبلقَ قَالَ أبو عبيد: هذا من أمثال العامة، قَالَ الشاعر: إنَّ الَّلسِيعَ لَحَذِرٌ مُتَوَجِّسٌ ... يَخْشَى وَيَرْهَبُ كُلَّ حَبْلٍ أبْلَقِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 319 4133- المَرْأَةُ مِنَ المَرْءِ، وكلُّ أَدْماءَ مِنْ آدَمَ يُقَال هذا أولُ مثلٍ جَرَى للعرب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 319 4134- مَنْ نَامَ لاَ يَشَعْرِ بِشَجْوِ الأرِقِ يضرب لمن غَفَلَ عما يعانيه صاحبُه من المشقة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 319 4135- مُحَلِّيءٌ يَمْشِي لِحَوْضٍ لاَئِطاً يُقَال: حَلأتُ الإبل عن الماء، إذا منعَتَها الورود، والَّلوطُ: أن تُصْلِحَ الحوضَ وترمه. يضرب لمن يتعنى في أمرٍ لاَ يستمتع به الجزء: 2 ¦ الصفحة: 319 4136- مَنْ طَلَبَ شَيْئَاً وَجَدَهُ أولُ مَنْ قَالَ ذلك عامر بن الظَّرِبِ، وكان سيدَ قومه، فلما كبر وخشي عليه قومُهُ أن يموت اجتمعوا إليه وقَالَوا: إنك سيدُنا وقائلنا وشريفنا، فاجعل لنا شريفاً وسيداً وقائلاً بعدك، فَقَالَ: يا معشر عَدْوَان كلفتموني بَغْيا، إن كنتم شرفتموني فإني أريتكم ذلك من نفسي، فأنَّي لكم مثلى؟ افهموا ما أقول لكم، إنه مَنْ جَمَعَ بين الحق والباطل لم يجتمعا له، وكان الباطلُ أولى به، وإن الحق لم يزل ينفر من الباطل ولم يزل الباطل ينفر من الحق، يا معشر [ص: 320] عَدْوَان لاَ تَشْمَتُوا بالذلة، ولاَ تفرحوا بالعزة فبكل عيش يعيش الفقير مع الغني، ومن يُرِ يوماً يُرَ به، (انظر المثل 4037) وأعدُّوا لكل امرئ جَوَابه، إن مع السفاهة الندامة، والعقوبة نكال، وفيها ذمامة، ولليد العُلْيا العاقبة، والقود راحة، لاَ لك ولا عليك، وإذا شئت وجدت مثلك، إن عليك كما أن لك، وللكثرة الرعب، وللصبر الغَلَبة، ومن طلب شيئاً وجده، وإن لم يجده يُوشك أن يقع قريباً منه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 319 4137- مِنْ أَبْعَدِ أدْوَائِهَا تُكْوَى الإبل يضرب للذي يَذْهَبُ في الباطل تائها ويَدَع ما يعنيه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 320 4138- مِلْءُ عَيْنَيْكَ شَيْءُ غَيْرِكَ يضرب عِندَ اليأس مما في أيدي الناس الجزء: 2 ¦ الصفحة: 320 4139- مَنْ مَلَكَ اسْتَأثَرَ يضرب لمن يَلِي أمراً فيُفْضِل عَلَى نفسه وأهلِهِ فَيُعَابُ عليه فعله. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 320 4140- مَنْ لَكَ بِأخٍ مَنِيعٍ حَرْجُهُ أي حَرِيمه. يضرب للمانع لما وَرَاء ظهره لاَ يَطْمَع فيه أحد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 320 4141- مَنْ لاَ يُدَارِي عَيْشُهُ يُضلَّلُ أي مَنْ لم يحسن تدبيرَ عيشِه ضُلِّلُ وحُمِّقَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 320 4142- مَأْتِيٌّ أَنْتَ أيُّهاَ السَّوادُ يضرب لمنْ يتوعَّدُ، أي سألقاك ولا أبالي بك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 320 4143- مَرْحَى مَرَاحِ مثل قولك "صُمِّى صَمَامِ" يريد به الداهية، قَالَ الشاعر: فأسْمَعَ صَوْتُهُ عَمْراً فَوَلَّى ... وَأَيْقَنَ أنَّهَا مَرْحَى مَرَاحِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 320 4144- ماكانَ مَرْبًوباً لَمْ يَنْضَحْ النَّضْحُ: مثل الرَّشَح، يعني إذا كان السقاء مربوباً لم يرشح بما فيه أي إذا كان سرك عند رجل حَصِيفٍ لم يظهر منه شيء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 320 4145- أمَعَنا أنْتَ أَمْ في الجَيْشِ؟ أي أعَلَيْنا أنتَ أم معنا بنُصْرَتك؟ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 320 4146- مِنْكِ الحَيْضُ فَاغْسِلِيهِ أي هذا منك فاعتذري وهذا مثل قولهم "يَدَاكَ أو كَتَا وَفُوكَ نَفَخَ" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 320 4147- مُعْتَرِضٌ لِعَنْنٍ لَمْ يَعْنِهِ يضرب للمعترض فيما ليس من شأنه والعَنَنُ: شَوْطُ الدابة وأول الكلام الجزء: 2 ¦ الصفحة: 320 4148- مُحْترَسٌ مِنْ مِثْلِهِ وَهُوَ حارِسٌ أي الناس يحترسون منه ومن مثله وهو حارس. وهذا كما تقول العامة "اللهم احفظنا من حافظنا" وإنما أوْرَدَ أبو عبيد هذا المثل مع قولهم "عَيَّرَ بحَيْر بجرَة" لأن الحارس يبرئ نفسه السارقةَ وينسبها إلى غيره قَالَ الأَصمعي: يضرب للرجل يُعَيِّرُ الفاسقَ بفعله وهو أخبث منه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 321 4149- مِنْ حَظِّكَ مَوْضِعُ حَقَّكَ ويروى "مَوْقِع" أي وقوعُ حقك نتيجة حظك، يريد أن وجوده منه وبسببه، ويجوز أن يريد من حظك وبَخْتِك أن يكون حاملُ حقك مَلِيَّا يقوم بأدائه، ولاَ يعجز عن قضائه، وهذا معنى قول أبي عبيد، فإنه قَالَ: إن معناه أن مما وَهَبَ الله تعالى لعباده من الحظوظ أن يعرف للرجل حقه ولاَ يبخسه قلت: وتقدير المثل حُسْنُ موضع حقك معدود عليك من حظك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 321 4150- مَنْ كَانَ مُحَاسِيَنَا أو مُوَاسِيَنَا فَلْيَتَفَّرْ يضرب هذا في موضع "مَنْ كان يَحُفُّنا أو يَرْفُّنا فليترك" وقد مر ذكره. وقوله "فَلْيَتَّفِرْ" من الوَفْرِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 321 4151- مَنْ أَجْدَبَ انْتَجَعَ يضرب للمحتاج فيُقَال: اطلُبْ حاجتك من وجه كذا. يُقَال: تَغَدَى صَعْصَعة بن صُوحان عند معاوية رضي الله عنه، فتناول من بين يدي معاوية شيئاً فَقَالَ: يا ابن صُوحان انتجعت من بُعْدٍ، فَقَالَ: مَنْ أجْدَبَ انْتَجَعَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 321 4152- مَنْ بَاعَ بِعِرْضِهِ أنْفَقَ أي من تعرض ليشتمه الناسُ وجدَ الشتمَ له حاضراً، ومعنى أنفق وَجَدَ نَفَاقاً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 321 4153- مَنْ يأكُلْ بِيَدَيْنِ يَنْفَدْ أي من قصد أمرين ولم يصبر على واحد فيخلص له ذهب منه الأمران جميعاً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 321 4154- مَنِ اعْتَمَدَ عَلَى حَيْرِ جارِهِ أصْبَحَ عَيْرُهُ فِي النَّدَى يعنى المطر، والحَيْر: الإصطبل، وأصله حظِيرَة الإبل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 321 4155- مَنْ أَكَلَ مَرَقَةَ السُّلْطَانِ احْتَرقَتْ شَفَتَاهُ ولَوْ بَعْدَ حِينٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 321 4156- مَررْتُ بِهِمْ بَقْطاً أي متفرقين، وذهبوا في الأَرض بَقْطَا، قَالَ الشاعر: [ص: 321] رأيتُ تميماً قد أضَاعَتْ أمُورَهَا ... فَهُمْ بقط في الأَرض فَرْثٌ طوائف شبههم بالفرث يتناثر من الكرش لتفرقهم، ومنه المثل "بَقَطِيِهِ بِطِبِّكِ" (انظر المثل رقم 484) وقد مر ذكره. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 321 4157- مَنْ غَرْبَلَ النَّاس نَخَلُوهُ أي من فَتَشَّ عن أمور الناس وأصولهم جعلوه نُخَالة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 321 4158- مُساعَدَة الخَاطِلِ تُعَدُّ مِنَ البَاطِلِ الخاطل: الجاهل، وأصله من الخَطْل وهو الاضطراب في الكلام وغيره، وهذا من كلام الأفْعَى الجُرْهُمى النَّجْرَاني حكم العرب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 321 4159- مَرَّ لَهُ غُرابُ شِمَالٍ أي لقى ما يكره. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 321 4160- مَنْ بَعُدَ قَلْبُهُ لَمْ يَقْرُبْ لِسَانُهُ وَيَدُهُ يضرب للخائف الفزع. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 321 4161- مِنْ شُؤْمِهَا رُغَاؤُهَا يضرب عند الأمر يَعْسُر ويكثر الاختلاَفُ فيه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 321 4162- مَنْ يَكُ ذَا وَفْرٍ مِنَ الصَّبِيَانِ فإنَّهُ مِنْ كَمْأةٍ شَبْعَانٌ، ومَنْ بَنَاتِ أو بَرِ المكانِ أي من كثر صبيانه شبع من الكمأة؛ لأنهم يَجْتَنُونَهَا، وبناتُ أوبر: جنس ردئ منها، كبعر البعير، اسم الواحد ابن أوبر، وإنما قيل بنات أوبر في الجمع لتأنيث الجماعة، وكذلك ما أشبههه مثل بَنَات نَعْش وبَنَات مَخَاض. يضرب لمن كثر أعوانُه فيما يَعْرِض له. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 321 4163- مَنْ ساغَ رِيقَ الصًّبْرِ لمْ يَحْقَلْ ساغَ الشراب يَسُوغ، إذا سهل مَدْخَله في الحلق، وسُغْتُه أنا، يتعدى ولاَ يتعدَّى، والحَقْل: داء من أدواء البطن، والصبر هنا: الدواء. يضرب في الحثِّ على احتمال أذَى الناس. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 321 ما جاء على أفعل من هذا الباب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 323 4164- أمْنَعُ مِنْ أُمِّ قِرْفَةَ قَالَ الأَصمعي: هي امرأة فَزَارية، وكانت تحت مالك بن حُذيفة بن بدر، وكان يُعَلَّقْ في بيتها خمسون سيفاً بخمسين فارساً كلهم لها محْرم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 323 4165- أَمْنَعُ مِنَ اسْتِ النَّمِرِ وذلك أن النَّمِرَ لاَ يتعرض له؛ لأنه مكروه في القتال. يضرب للرجل المَنِيع. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 323 4166- أمْنَعُ مِنْ عُقَابِ الجَوِّ قَالَه عمرو بن عَدِي لقصَير بن سعد في قصته مع الزباء، وقد ذكرتها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 323 4167- أَمْوَقُ مِنَ الرَّخَمَةِ قَالَوا: إنما خُصَّت من بين الطير لأنها الأم الطير، وأظهرها مُوقاً، وأقْذَرُها طعماً، لأنها تأكل العذرة، قَالَ الشاعر: يا رَخَمَّا قَاظَ عَلَى مَطْلُوبِ ... يعجل كف الخارئ المطيب وذكر الشعبي الروافض فَقَالَ: لو كانوا من الدوابَّ لكانوا حُمُراً، أو من الطير لكانوا رَخَما، وهي تسمَّى الرخمة والأنوق، قَالَ الكميت: وَذَات اسْمَيْنِ وَالألْوَانُ شُتىً ... تُحَمَّقُ وَهْيَ كَيِّسَةُ الحَوِيلِ أي الحيلة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 323 4168- أمْوَقُ مَنْ نَعَامةٍ وذلك أنها تخرج للطعم فربما رأتْ بيضَ نَعَامةٍ أخرى قد خرجت لمثل ما خرجت هي فَتَحْضُنُ بيضَها وتَدَعُ بيضَ نفسها، وإياها أراد ابنُ هَرْمَةَ بقوله: كَتَارِكَةٍ بَيْضَهَا بِالعَرَاء ... وَمُلْبِسَةٍ بَيْضَ أخْرَى جَنَاحاً الجزء: 2 ¦ الصفحة: 323 4169- أمْضَى مِنْ سُلَيْكِ المقَانِبِ هو سُلَيْكُ بن سُلَكَةَ السَّعْدى، وقد مر ذكره في باب العين، قَالَ قران الأَسدي يذكره وكان عرقب امرأته، فطلبه بنو عمها، فبلغه أنهم يتحدَّثون إليها، فَقَالَ: لَزُوَّارُ لَيْلَى مِنْكُمُ آلَ برثُنِ ... عَلَى الهَوْلِ أمْضَى مِنْ سُلَيْكَ المَقَانِبِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 323 4170- أمْرَقُ مِنَ السَّهْم مُرُوقُه: مُضِيُّه وذَهَابه، وفي الحديث "كما يَمْرَقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيةِ" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 323 4171- أمْخَطُ مِنَ السَّهْم قَالَ حمزة: إمخاطه: خُرُوجه من الرمية. قلت: الصوابُ "مَخْطه خُروجُه" يُقَال مَخَطَ السهمُ يَمْخُطُ إذا مَرَقَ، وأفعل يبني من الثلاَثي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 323 4172- أمَرُّ مِنَ الخُطَباَنِ، وأمَرُّ مِنَ المَقر. الخُطْبان: الحَنْظَل حين يأخذ فيه الاصفرار، والمَقِر: الصبر بعينه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 324 4173- أمَرُّ مِنَ الألاَءِ هو شَجَر، والواحدة أَلاَءة، وهي من أشجار العرب، قَالَ: فإنَّكُمُ وَمَدْحَكُمُ بُجَيْراً ... أبالجإٍ كَمَا امْتُدِحَ الألاَءُ يراه الناس أخْضَرَ مِنْ بَعِيدٍ ... وَتَمْنَعُهُ الْمَرَارَةُ وَالإباء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 324 4174- أمْسَخُ مِنْ لَحْمِ الحُوَارِ، وأمْلَخُ مِن لَحْمِ الحُوَار المسيخ والمليخ: الذي لاَ طَعْم له، قَالَ الأشعر الزَّفَياَن: تجانَفَ رِضْوَانُ عَنْ ضَيْفِهِ ... ألم يأتِ رِضْوَانَ عَنَّي النُّذُرْ بحَسْبِكَ فِي الْقَوْمِ أن يَعْلَموا ... بأنَّكَ فِيهِمْ غَنِيٌّ مُضِرْ وَقَدْ عَلِمَ المَعْشرُ الطَّارِقُونَ ... بأنَّكَ للضيف جُوعٌ وَقُرْ مَسِخ مَلِيخ كَلَحْمِ الحَوارِ ... فَلاَ أنْتَ حُلْو وَلاَ أنتَ مُرْ كَأََنك ذَاك الذِي فِي الضُّرُو ... عِ قُدَّامَ ضَرَّتِهاَ المُنْتَشِرْ إذا مَا انْتَدَى القومُ لم تأتِهِمْ ... كأنَّكَ قد وَلَدَتْكَ الْحُمُرْ قَالَ حمزة: قوله "تجانف" أي انحرف وتَنَحَّى، والمُضِر: الذي تروح عليه ضرة من المال وهو المال الكثير الذي تولده من ضرة الضَّرْع، وقوله "كأنك ذاك الذي في الضروع" يعني ثقلاً يكون زائدا في أخلاَف الناقة والشاة، ويُقَال: بل المعنى أن الحالب قبل أن يحلب في العُلبة يستحلب شَخْباً أو شَخبين في الأَرض؛ لأن الخارج في الشَّخْب الأَوَّل والثاني يكون ماء أصفر تزعم العرب أنه داء وسم، فمن ذهب إلى هذا التفسير رواه "قدام درتها" ومن إلى التفسير الأَوَّل رواه "قدام ضرتها" قَالَ: وكان من حديث رضوان أنه كان مُكْثِراً بخيلاً، فنزل به ضيف، فأساء قِرَاه، فسأله الضيفُ عن اسمه فَقَالَ: أنا أسمى الأشعر الزَّفَيَان، فغدا الضيفُ من عند ذاماًّ له، فنزل على الأشعر الزفيان، فأحسن قِرَاه، فَقَالَ الضيف: إذا أحسن الله جزاك فلاَ أحْسَنَ جزاء الأشعر، فإني بتّ به البارحة فأساء قِرَاى، فَقَالَ: أنا الأشعر الزفيان فَبِمَنْ بِتَّ؟ فوصف له الرجل، وكان ابن عمه، فهجاه، وكلاَهما من بنى أسد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 324 4175- أمْنَعُ مِنْ صَبِيٍّ هذا من المَنْع. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 325 4176- وأَمْنَعُ مِنْ عُقَابٍ هذا من المنَعة. وأما قولهم: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 325 4177- أمْنَعُ مِنْ لَهَاةِ اللَّيْثِ فمن قول أبي حية النُّمَيْرِيّ: وأصبحَتْ كلَهَاة الليث من فَمِهِ ... وَمَنْ يُحَاوِلُ شَيئاً مِنْ فَمِ الأَسد؟! الجزء: 2 ¦ الصفحة: 325 4178- أمْنَعُ مِنْ عَنْزٍ هو رجل من عادٍ، ومن حديثه - فيما رواه إسحاق بن ابراهيم الموصلي عن ابن الكلبي - أنه أمنع عادِىٍّ كان في زمانه، وكان له راعٍ يقال له عُبَيْدان، يرعى ألف بقرة، وكان إذا أورد بقرة لم يُورِدْ أحَدٌ من عادٍ حتى يفرغ، فعاش بذلك دهراً حتى أدرك لقمان بن عاد، فخرج لقمان من أشد ضدِّ بن عاد كلها وأهْيَبها، وكان بيت عاد وعَدَدُهم يومئذ في بني ضد بن عاد، فوردت بَقَرُ لقمان، فنهنهها عٌبَيْدَان، فرجع راعي لقمان إليه فأخبره، فأتى لقمانُ فَضَرَبه وصَدَّه عن الماء، فرجع عُبَيْدَان إلى عَنْزٍ، فشكا ذلك إليه، فخرج عنز في بني أبيه ولقمانُ في بني أبيه، فاقتتلوا، فهزمهم بنو ضد، وحَلَّؤهم عن الماء، وكان عبيدَان بعد ذلك لاَ يُورِدُ حتى يفزع لقمان من سقى بقرة، فإن أقبل راعي لقمان وعُبَيْدَان على الماء ناداه فَقَالَ: أي عُبَبْدَان حَلِّي بقرك حتى أورد بقري، فيُحَلِّئُهَا، ولم يزل لقمان يفعل ذلك حتى هلك عنز، وانتجع لقمان فنزل في العماليق، ففي ذلك يقول جَزْءُ بن إساف بن قطن بن القطران، ويصف تهضُّمَ لقمان: قد كان عَنْزُ بَنِي عادٍ وَأسْرَتُهُ ... في الناس أمَنَعَ مَنْ يمشي عَلَى قَدِمِ وَعَاشَ دَهْرَاً إذا أثْوَارُهُ وَرَدَتْ ... لَمْ يَقْرِبِ الماءَ يَوْمَ الوِرْدِ ذُو نَسَم أزْمَانَ كَانَ عُبَيْدَانٌ تَنَاذَرُهُ ... رُعَاة عَادٍ وَوِرْدُ الماء مُقْتَسَمُ أشَصَّ عنه أخو ضِدٍّ كَتَائِبَهُ ... من بعد ما زَمَّلُوا فُرْسَانَهُ بِدَمِ لاَ تَرْكَبُونَا بظلم يا بني هُبَلٍ ... فَتَنْدَمُوا؛ إنَّ غِبَّ الظُّلْمِ متخم وقَالَ الحطيئة يضرب المثل بهذا الراعي العادي: وَهَلْ كُنْتُ إلاَ نَائيا إذ دَعَوْتُمْ ... مندى عبيدَانَ المُحَلاَ باقِرُهُ وخالفه ابن الأَعرَبي، وزعم أن عبيدان ماء بأقصى اليمن لاَ يَرِدُه أحد ولاَ السباع لبعده، وقَالَ النابغة الذبياني: [ص: 326] ليهنأ لكم أنْ قَدْ نَفَيْتُمْ بُيُوتَنَا ... مكانُ عبيدان المُحَلاَ باقِرُهْ وقَالَ غير هؤلاَء: عبيدان هو وادي الحية التي يضرب بها المثل فيُقَال "كَيْفَ أَعْاوِدكَ وهذا أثَرُ فَأْسِكَ" ولها حديث طويل وقد ذكرته في حرف الكاف (انظر المثل رقم 3046) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 325 4179- أَمْحَلُ مِنْ تَعَقَادِ الرَّتَمِ كان من عادة العرب إذا أراد الواحدُ منهم سفراً أن يَعْقِدَ خَيطاً بشجرة، ويعتقد فيه أنه إن أحْدَثَتِ امرأته حَدْثاً أنْحَلْ ذلك الخيط، وكانوا يسمونه: الرَّتَمَ، والرتمة وذكر ابن الأَعرَبي أن رجلاً من العرب أراد سَفَراً فأخذ يُوصي امرأته ويقول: إياك أن تفعل، وإياك أن تفعلي، فأني عاقد لك رتمة بشجرة، فإن أحدثت حَدْثَاً انحلَّت فَقَالَ الشاعر: هَلْ يَنْفَعَنْكَ اليَوْم إن هَمَّتْ بِهِمْ ... كَثْرَةُ مَا تُوصي وَتَعْقَادُ الرَّتَمْ وأما قولهم: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 326 4180- أَمْحَلُ مِنْ تَسْلِيمٍ عَلَى طَلَل فهو من قول الشاعر: قَالَوا السلام عَلَيْكِ يَا أطْلاَلُ ... قُلُتُ السلام عَلَى المُحِيلِ مُحَالُ أطلاَلُ الديار: عماد خيامها، وحجارة نُؤْيها، وقيام أثافيها، وتراكم كِرْسِها، ورسوم الديار: آثارها مع الأَرض من حفر نُؤْىٍ، أو حفر وتد أخرج منها، أو رمادٍ، أو بَعَر، أو بوال، أو أثر لُعَبِ صبيان، فإذا كانت أطلاَل الديار قائمة ورسومها دراسة فهو المَائِلُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 326 4181- أَمْحَلُ مِنْ حَدِيثِ خُرَافَةَ هو رجل من العرب، زعم أنه كان من عُذْرَةَ فاستهوته الجن، فلبث فيهم زمانا، ثم رجع إلى قومه، وأخذ يحدثهم بالأعاجيب فضرب به المثل. وزعم بعضهم أن خرافة اسم مشتق من اخْتِرَافِ السمر، أي استظرافه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 326 4182- أمْحَلُ مِنْ التُّرَّهَاتِ تفسير هذا المثل يجيء في باب الهاء في قولهم "أهوَنُ من تُرَّهَاتِ البِسَابِسِ" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 326 4183- أمْضَى مِنَ الرِّيْحْ، ومِنَ السَّيْفِ، وَمِنَ السَّهْمِ، وَمِنَ النَّصْلِ، ومِنَ السِّنَانِ، ومِنَ الشَّفْرَةِ في الوَتينِ، ومِنَ السَّيْلِ تَحْتَ اللَّيْلِ، ومِنَ القَدْرِ المُتَاحِ، ومِنَ الأجَلِ، ومِنَ الدِّرْهَمِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 326 4184- أمْضَى مِنْ قُرْحَةٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 327 4185- أمْهَنُ مِنْ ذُبَابٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 327 4186- أمَرُّ مِنَ العَلْقَمِ، ومِنَ الحَنْظَلِ، ومِنَ الدَّفْلِي، ومِنَ الصَّبْرِ، ومِنَ الصَّبِرِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 327 4187- أمْنْعُ مِنْ أنْفِ الأَسد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 327 4188- أمْحَلُ مِنْ بُكَاءٍ عَلَى رَسْمِ مَنْزِلٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 327 المولدون الجزء: 2 ¦ الصفحة: 327 مَنْ ثَقُلَ عَلَى صَديقِهِ خَفَّ عَلَى عَدُوِّهِ مَنْ أهانَ مَالَهُ أَكْرَمَ نَفْسَهُ مَا أبْعَدَ مَا فَاتَ، ومَا أقْرَبَ ما هُوَ آتٍ مَنْ أدَّبَ أَوْلاَدَهُ أرْغَمَ حُسَّادَهُ مَنْ يَشْنَؤكَ كَانَ وَزِيراً مَنْ كَانَ لَكَ كُلُّهُ كانَ عَلَيْكَ كلُه ما نظرَ لأمرِئٍ مِثْلُ نَفْسِى ما كلُّ بَارِقَةٍ تَجُودُ بمائِهَا ما وَعَظَ امْرَأَ كَتَجَارِبِهِ ما يُدَاوَي الأحَمقُ بِمثْلِ الإعراضِ عَنْهُ مَنْ أطاعَ غَضَبَهُ أَضَاعَ أدَبَهُ مَنْ وَطَّنَ نَفْسَهُ عَلَى أَمْرٍ هَانَ عَلَيهِ مَنْ دَارَى الحُسَّادَ أسَّفُهمْ مَنْ تَرَكَ قَوْلَ "لاَ أَدْرِي" أَصِيبَتْ مَقَاتِلُهُ مَنْ هَابَ الرِّجَالَ تَهَيَّبُوُهُ مَنْ لَمْ يَتَغَدَّ بِدَانِقٍ تَعشىَّ بأربْعَةِ دَوَانِقَ مَنْ دقَّ نَظَرُهُ جَلَّ ضَرَرُهُ مَنْ لَمْ يَرْضَ بِحُكُمِ مُوسَى رَضِيَ بِحُكْمِ فِرْعَوْنَ مَنْ أكَلَ القَلاَيَا صَبَرَ عَلَى البَلاَيَا مَنْ بَلَغَ السَّبْعِين اشْتَكَى مِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ مَنْ لاَ ذِكْرَ لَهُ فَلاَ ذِكْرَ لَهُ مَنْ سَلَّ سَيْفَ البَغْيِ قُتِلَ بِهِ مَنْ أعْجَبَ بِرَأيِهِ ضَلَّ، ومَنِ اسْتَغْنَى بِعِلْمِهِ زَلَّ مَنْ لَمْ يَكُنْ ذِئْباً أكَلَتْهُ الذِّئَابُ مَنْ جَعَلَ نَفْسَهُ عَظْماً أكَلَتْهُ الكِلاَبُ مَنْ طلى نَفْسَهُ بالنُّخَالَةِ أكَلَتْهُ البَقْرُ مَنْ دَخَلَ مَدَاخِلَ السُّوءِ اتُّهِمَ مَنْ عَادَى مَجْدُوداً فَقَدْ عَادَى الله مَنْ أفْشَى سِراً كَثُرَ المُسْتأمِرُونَ عَلَيْهِ ما بَقَى مَنْ سِتْرِهِ إلاَ ما يَشِفُّ عَلَى ما دُونَهُ ما هُوَ إلاَ نَارُ المَجُوسِ يضرب لمن لاَ يحترم أحداً؛ لأنها تحرقهم وإن كانوا يعبدونها [ص: 328] مَنْ سَابَقَ الدَّهْرَ عَثَرَ مَنْ غَضِبَ مِنْ لاَ شيء رَضِي بلاَ شيءِ مَنِ اسْتَحْيَا مِنْ بِنْتِ عَمِّهِ لَمْ يُولَدْ لَهُ وَلَدٌ مَنْ لَمْ يَذُقْ لَحْمَاً أعْجَبَتْهُ الرِّئَةُ مَنْ عَيَّرَ عُيِّرَ مَنْ أَكَلَ السَّمِينَ اتَّخَمَ مَنِ اعتَادَ البِطَالَةَ لَمْ يُفْلِحْ مَنْ اشْتَرَى اَلْحْمدَ لَمْ يُغْبَنْ مَنْ اشْتَرَى الدُّونَ بالدُّونِ رَجَعَ إلى بَيْتِهِ وهوَ مَغْبُونٌ مَنْ تأنَّى أدركَ ما تَمنَّى مَنْ أعْطَى بَصَلَةً أَخَذَ ثُومةً مَنْ تَسَمَّعَ سَمِعَ ما يَكْرَهُ مَنْ رآنِي فقَدْ رَآنِي وَرَحْلى مَنْ أَكْثَرَ مِنْ شيء عُرِفَ بِهِ مَنْ تَرَكَ الشَّهَوَاتِ عَاشَ حُرَّاً مَنْ مَرِضَتْ سَرِيَرِتُهُ ماتَتْ عَلاَنِيَتُهُ مَنْ لَمْ يُصْلِحْهُ الطِّلاَءُ أصْلَحَهُ الكَيُّ ما ذاقَ أَحَدٌ مِنْ لَحْمِهِ إلاَ انْطَوَى عَلَى طَوَى مِنْكَ فَاسْتَقْرِضْ مِنَ السُّرور بُكَاءٌ مَنْ أنْفَقَ وَلَمْ يَحْسِبْ هَلَكَ وَلَمْ يَدْرِ مَنْ طَفَرَ مِنْ وَتَدٍ إلى وَتَدٍ دَخَلَ أحدهُمُا في استهِ مَنْ أكلَ عَلَى مائِدَتَيْنِ اخْتَنَقَ ما بَقَي مِنْ الِّلص أخَذَهُ العَرَّافُ مَنْ كَانَ طَبَّاخَهُ أَبُو جُعْرَانَ ما عَسَى أنْ تَكُونَ الألْوَانُ مَنْ تَرَكَ حِرْفَتَهُ تَرَكَ بَخْتَهُ مَنْ بَكَى مِنْ زَمَانٍ بكي عليهَ مَنْ أَحْسَنَ السُؤالَ عُلِّمَ مَنْ رَقَّ وَجْهَهُ رَقَ عِلْمُهُ مَنْ يُدَارِ المِشْطَ يَنْتِفْ لِحيَتَهُ مَنْ يَجُعْ يَجْشَعْ، وَمَنْ يَسْغَبْ يَشْغَبْ مَنْ أَكَلَ للسُّلْطَانِ زَبِيبَةً رَدَّهَا تَمْرَةً مَنْ أَنْتَ في الرُّقْعَةِ؟ مَنْ لَمْ تَنْفَعْكَ حَيَاتُهُ فمَوتُهُ عُرْسٌ مَنْ سَعَى رَعَى مَنْ جَالَ نَالْ مَنْ احْتَرَفَ اعْتَلَفَ مَنْ غَلَبَ سَلَبَ مَنْ نَامَ رَأى الأحلام مَنْ زَرَعَ المَعْرُوفَ حَصَدَ الشُّكْرَ مَنْ ضَعُفَ عَنْ كَسْبِهِ اتَّكَلَ عَلَى زَادِ غَيْرِهِ مَنْ حَسُنَ ظَنُّهُ طابَ عَيْشُهُ مَنْ اتَّكَلَ عَلَى زَادِ غَيْرِهِ طالَ جُوعُهُ مَنْ حَسَدَ مَنْ دُوْنَهُ فَلاَ عُذْرَ لهُ مَنْ لَمْ يُصْلِحْهُ الخيْرُ أصلَح الشَّرُّ [ص: 329] مَنْ تَعَدَّى الحقَّ ضَاقَ مَذْهَبَهُ مَنْ جَرَّب المُجَرَّبْ حَلَّتْ بِهِ النَّدَامةُ مَنْ هانَتْ عليه نفسُهُ فَهُوَ عَلَى غيرِهِ أهْوَنُ مَنْ لَمْ يًحْسِنْ إلى نَفْسِهِ لَمْ يُحْسِنْ إلى غَيْرِهِ مَنْ أحبَّ شيئاً أكثرَ مِنْ ذِكْرِهِ مَنِ اشْتَرَى مَالا يَحْتَاجُ إليهِ بَاعَ مَا يَحْتَاجُ إليهِ مَنْ طَلَبَ الغَايَةَ صَارَ بِدَايَةً مَنْ لَمْ يُرِدْكَ فَلاَ تُرِدْهُ مَنْ عَبْدُ الله في خَلْقِ الله؟ مِنَ الكَيْسِ خَتْمُ الكِيسِ مُصَارَمَةُ الجَاهِلِ مُوَاصَلَةُ العاقِلِ مَنْ لاَنتْ كلِمَتْهُ وَجَبَتْ مَحَبَّتُهُ مَنِ استَغْنَى كَرُمَ عَلَى أهْلِهِ مِنْ تَلَذُّذِ الحَجِّ ضَرْبُ الجِّمَال قاله الأعمش. مَنِ اصطَنَعَهُ السُّلْطَانُ صَبَغَهُ الشَّيْطَانُ مَنْ يَقْدِرُ عَلَى رَدِّ أمْسِ وتَطْيِينِ عَيْنِ الشَّمْسِ؟ مَنْ لم تَخُنْهُ نِسَاؤُهُ تَكَلَّم بملْء فيهِ مَنْ رَفَقَ رَتَقَ، ومَنْ خَرَقَ حَرَقَ مِنْ كِثْرَةِ المَلاَحينَ غَرِقَتْ السفينة مِنْ سعادة المَرْءِ أن يكون خَصْمُهُ عاقِلاً مِنْ عَادَةِ السِّيفِ أن يستخْدِمَ القَلَمَ مِنْ دُونِ ذا قَتْلُ الوَلِيدِ مِنْ نكِدَ الدُّنْيا مَنْفَعةُ الهِلِيلَج وَمَضَرَّةُ الَّلوْزِينَجِ مَنْ أَحَبَّ وَلَدَهُ رَحِمَ الأيْتَامَ مَنْ تَغدَّى بِسُوءِ السِّيرَةِ تَعَشَّى بزوَال القُدْرَةِ مَنْ فَعَلَ ما شَاءَ لَقِىَ ما سَاءَ مَنْ نَامَ عَنْ عَدُوِّهِ نَبَّهَتْهُ المكايِدُ مَنَ العَجَائِبِ أعْمَشٌ كَحَّالٌ مِنْ فُرَصِ الِّلصِّ ضَجَّةُ السُوقِ ما ينْفَعُ الكبِدَ يضرُّ الطُّحالَ ما أهْوَنَ الحَرْبَ على النَّظَّارةِ ما صِدْنا شَيئاً والذي كان مَعَنَا أُفْلِتَ ما تَركَ الأول للأخِرِ شَيئاً ما أحسْنَ المَوْتَ إذَا حانَ الأجَلُ ما كلُّ قول لهُ جَوَابٌ ما الحُبُّ إلاَ للحَبِيبِ الأوَّلِ ما أشْبَهَ السَّفِيِنَةَ بِالملاَّحِ ما صَنَعَ الله فَهُوَ خَيْرٌ ما فِيه حَبَّةُ مِلْحٍ للبَغيضِ ما جَمَشَ الوَرْدُ بِمْثْلِ العُنَّابِ ما أطْيَبَ الخَمْرَ لَوْلاَ الخُمَارُ ما حِيلةُ الرِّيح إذَا هَبَّت مِنْ داخِلٍ مَاعَدَا الفَرْسُ فلاَ حاجَةَ لكَ إلى السَّوطِ [ص: 330] مَعَ كُفْرِهِ قَدَرِىُّ ما بي دُخُولُ النَّارِ وما بِي طْنْزُ مالِكٍ ما هُوَ إلاَ بُسْتَانٌ - للظَّرِيفِ ما تَحْمِلْهُ الأَرض - للثقيل مِلْحٌ على جَرْحٍ مَنْ كَتَمَ عِلْماً فَكأنَما جَهِلَهُ مَا أصْنَعُ بِشَمْسٍ لاَ تُدَفِّيني؟ ما المرءُ إلاَ بِدِرْهَمِيِهِ؟ مَا خَيْرُ لَذَّةٍ فِيْهَا وَزْنُهَا مِنَ المَكرُوهِ؟ مَشْينَا شَوْطَ باطِلٍ وهو الضوء الذي يَدْخُلْ البيتَ من الكوَّة مَوَدَّةُ الأَباء قَرَابَةٌ في الأبناء مَتَى فَرْزَنْتَ يا بَيْدَقُ؟ مَطَرَةٌ في نيسانَ خَيْرٌ مِنْ ألْفِ سَاق مُدَوَّرُ الكَعْبِ يضرب في الشؤم. مَنَ الأَدَبِ تَرْكُ الأدَبِ يعني بين الإخوان. المَحْبُوبِ مَسْبُوبٌ المَوْتُ في الجماعةِ طَيَّبٌ المَذْبوحةُ لاَ تألَمُ السَّلْخَ المُعْجَبَ أبداً مُغْضَبٌ المُستَقْرِضُ مِنْ كَسْبِهِ يأكلُ المَرْءُ يَسْعَى بِجِدِّهِ المَوْتُ حَوْضٌ مَوْرُودٌ المَالُ مَيَّالٌ المَرْأةُ فِرَاشٌ فاسْتَوثِروهُ المَرْأةُ السُّوءُ غلٌّ مِنْ حَدِيدٍ المَرْءُ حَيْثُ يَضَعُ نَفْسَهُ المَمْلُوكةُ مِنْ أُذُنِهَا تَسْمَنُ يضرب لمن يُخْدَعُ بالكلام الطيب. ما يَوْمِى مِنْكَ بواحدٍ أي ما الشر على منك من جهة واحدة مَنْ كَان ذَا دُهْنٍ طلاَ اسْتَهُ مِنْ الحِيْلَةِ تَرْكُ الحِيْلَةِ المَرْكُوبُ خيرٌ مِنَ الرَّاكِبِ مَنْ غَابَ خابَ ويروى "من غاب خاب حظه" مَنَ المِجْذَاعِ سَبْقُ القُزَحِ مَنْ أكلَ مَرَقَةَ السُلْطَانِ احْتَرَقَتْ شَفَتَاهُ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ (هذا المثل مكرر) مَنَ الظَّفَرِ بالبُغْيَةِ تَعْجِيلُ اليأسِ مِنْ شَهْوَةِ التَّمْرِ يُمَصُّ النَّوَى مَنْ كَثُرَ عَدُوُّهُ فَلْيَتَوَقَّعِ الصَّرْعةَ مَنْ خَدَمَ الرِّجَالَ خُدِم مَنْ سَلِمَتْ سَرِيرتُهُ سَلِمَتْ عَلاَنيَتَهُ مَنْ لَمْ يَنْتَفَعْ بِظَنِّهِ لَمْ يَنَتَفِعْ بِيَقِنِهِ مَنْ أيْقَنَ بالخَلْفِ جَادَ بالعَطِيَّةِ [ص: 331] مَنْ لَمْ يَصْبِرْ على كَلَمةٍ سَمِعَ كَلِماتٍ مَنْ صَغَّرَ مَقْتُولاَ فَقَدْ صَغَّرَ قَاتِلَهُ مَنْ جَهَّلَ أَبَاهُ فقَدْ جَهِلَ مَنْ لَمْ يَصُنْ نَفْسَهُ ابْتَذلَهُ غَيْرُهُ مَنْ لَمْ يركَبِ الأَهْوَالَ لَمْ ينل الآمالَ مَنْ لجأ إلى الزَّمانِ أَسْلَمُه مَنْ لاَ يُكْرِمْ نَفْسَهُ لاَ يُكْرَّمْ مَنْ غَالبَ الأيّامَ غُلِبَ مَنْ عَمِلَ دَائِماً أكَلَ نَائِماً مَنْ تَلَذَّذَ بالكلام تَنْغَّصَ بِالجَوَابِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 327 - الباب الخامس والعشرون فيما أوله نون الجزء: 2 ¦ الصفحة: 331 4189- نَفْسُ عِصَامٍ سَوَّدَتْ عِصَاماً قيل: إنه عصام بن شهبر حاجبُ النعمان بن المنذر الذي قَالَ له النابغة الذبياني حين حَجَبَهُ عن عيادة النعمان من قصيدة له فإنِّي لاَ ألُومُكَ في دُخُول ... وَلَكِنْ مَا وَرَاءَكَ يا عِصَامُ؟ يضرب في نَبَاهة الرجل من غير قديم، وهو الذي تسميه العرب "الخارجي" يعنى أنه خرج بنفسه من غير أولية كانت له قَالَ كثير: أبَا مَرْوَانَ لَسْتَ بِخَارِجِيٍّ ... وَلَيْسَ قَدِيمُ مَجْدِكَ بِانْتِحَالِ وفي المثل "كن عصامياً، ولاَ تكن عظامياً" وقيل: نَفَسُ عِصَامٍ سَوْدَتْ عَصَامَا ... وَعَلَّمَتْهُ الكَرَّ وَالإقْدَامَا وَصَيَّرَتْهُ مَلِكاً هُمَامَا ... يُقَال: إنه وُصف عند الحجاج رجلٌ بالجهل، وكانت له إليه حاجة، فَقَالَ في نفسه: لأخْتَبِرَنَّهُ، ثم قَالَ له حين دخل عليه: أعصامياً أنت أم عِظَامياً؟ يريد أشَرُفْتَ أنتَ بنفسك أم تفخر بآبائك اللذين صاروا عظاما؟ فَقَالَ الرجل: أنا عصامي وعظامي، فَقَالَ الحجاج: هذا أفضل الناس، وقضى حاجته، وزاده، ومكث عنده مدة، ثم فاتشه فوجَدَه أجْهَلَ الناسِ، فَقَالَ له: تصدُقُنِي وإلاَ قَتلتك، قَالَ له: قل ما بدا لك وأصدقك، قَالَ: كيف أجَبْتَنِي بما أجَبْتَ لما سألتك عما سألتك؟ قَالَ له: والله لم أعلم أعصامي خير أم عظامي، فخشيت أن أقول أحدهما فأخطئ، فقلت: أقول كليهما، فإن ضرني أحدهما نفعني الأخر، [ص: 332] وكان الحجاج ظَنَّ أنه أراد أفْتَخِرُ بنفسي لِفَضْلِي وبآبائي لشرفهم، فَقَالَ الحجاج عند ذلك: المقاديرُ تًصَيِّرُ العَيَّ خطيباً، فذهبت مثلاً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 331 4190- نَفْسِي تَعْلَمُ أنِّي خَاسِرٌ يضرب للمَلُوم يَعْلَم من نفسه ما يُلام عليه، ويَعْرِفُ من صفته مالاَ يعرفه الناس الجزء: 2 ¦ الصفحة: 332 4191- نَفْسُكَ بِمَا تُحَجْحِجُ أعْلَمُ أي أنت بما فيه في قلبك أعلم من غيرك، يُقَال: حجحج الرجل، إذا أراد أن يقول ما في نفسه ثم أمسك، وهو مثل المَجْمَجَةِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 332 4192- نَظْرَةٌ مِنْ ذِي عُلْقَةٍ أي من ذي هَوَىً قد عَلِقَ قلبه بمن يهواه. يضرب لمن ينظر بًودٍّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 332 4193- نَعِمَ عَوْفُكَ العَوفُ: البال والشان، قَالَه الشيباني، وقيل: العَوْفُ الذكر، قَالَ الراجز: جَارِيَةٌ ذاتُ حِرٍ كَالنَّوفِ ... مُلَمْلَم تَسْتُرُهُ بِحَوْفِ (النواف: سنام البعير، وجمعه أنواف كثوب وأثواب، والحوف: جلد يشق كهيئة الأزار يلبسه الصبيان والحيض من النساء، أو هو أديم أحمر يقد سيورا ثم يجعل على السيور شذر وتلبسه الجارية فوق ثيابها) يَشْفِي غَلِيلَ العَزَبِ الهِلَّوْفِ ... يا ليتني قَرْمَشْتُ فِيها عَوْفِي (الهلوف - بزنة جردحل - الثقيل الجافي، أو العظيم البطين لاَ غناء عنده، وقرمشته: أفسدته.) يضرب للباني بأهله. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 332 4194- أَنْجَزَ حُرٌّ مَا وَعَدَ يُقَال: نَجَزَ الوَعْدُ ينجز، وقَالَ الأزهري: نَجَزَ الوَعْدُ وأنْجَزْتُهُ أنا، وكذلك نَجَزَت به، وإنما قَالَ حُرٌّ ولم يقل الحرُّ لأنه حذر أن يسمى نفسه حراً فكان ذلك تمدحا. قَالَ المفضل: أولُ من قَالَ ذلك الحارث بن عمرو آكل المُرَار الكِنْدِي لصَخْر بن نَهَشْل بن دَارِم، وذلك أن الحارثَ قَالَ لصخر: هل أدلُّكَ على غَنِيمَة على أن لي خُمُسَها؟ فقال صخر: نَعَمْ، فدلَّه على ناسٍ من اليمن، فأغار عليهم بقومه، فَظَفِرُوا وغنموا، فلما انصرفوا قَالَ له الحارث : أنجَز حُرٌّ ما وعد، فأرسلها مثلاً، فراوَدَ صخرٌ قومَه على أن يُعْطُوا الحارثَ ما كان ضمن له، فأبَوا عليه، وكان في طريقهم ثَنِية متضايقة يُقَال لها شَجَعَات، فلما دنا القومُ منها سار صخر حتى سبقَهم إليها، ووقف على رأس الثنية وقَالَ: أزِمْتْ شَجَعَاتٌ بما [ص: 333] فيهن، فَقَالَ جَعْفَر بن ثَعْلَبة بن جَعْفَر بن ثعلبة ابن يَرْبُوع: والله لاَ نعطيه شيئاً من غنيمتنا، ثم مضى في الثنية فَحَمَلَ عليه صخر فَطَعَنَه فقتله، فلما رأى ذلك الجيش أعطوه الخمس، فدفعه إلى الحارث، فَقَالَ في ذلك نَهْشَل بن حَرِّيٍّ: وَنَحْنُ مَنَعْنَا الجِيشَ أن يتأوَّبُوا ... على شَجَعَاتٍ وَالجيَادُ بنا تَجْرِي حَبَسْنَاهُمُ حَتَى أقَرُّوا بحُكْمِنَا ... وَأَدَّيّ أَنْفَالُ الخَمِيسُ إلى صَخْرِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 332 4195- النَّفْسُ أَعْلَمُ مَنْ أخُوهَا النَّافِعُ يضرب فيمن تحمدُه أو تذُمُّه عند الحاجة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 333 4196- النَّفْسُ مُولعةٌ بِحُبِّ العَاجِلِ هذا المثل لجرير بن الخطفَي حيث يقول إني لأرْجُو مِنْكَ شَيئاً عَاجِلاً ... وَالنَّفْسُ مُوَلَعَةٌ بِحُبِّ العَاجِلِ (كذا في جميع أصول هذا الكتاب، والمحفوظ "لأرجو منك سيبا عاجلاً" والسيب: العطا". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 333 4197- النَّفْسُ عَرُوفٌ أي صَبُور، إذا أصابها ما تكره فيئست من خير اعتبرت فصبرت، والعارف: الصابر، قَالَ عنترة يذكر حربا: فصُبِرْتِ عَارِفَةً لِذَلِكَ حُرةً ... تَرْسُو إذَا نَفْسُ الجَبَانِ تَطَلَّعُ صبرت: أي حُبِسْتِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 333 4198- نَظَرْتُ إليهِ عَرْضَ عَيْنٍ أي اعترضته عيُنه من غير تعمد، ونصب "عَرْضَ" على المصدر، أي نظر إليه نظراً بعين. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 333 4199- نَزَتْ بِهِ البِطْنَةُ يضرب لمن لاَ يحتمل النعمة ويبْطَر، وينشد: فَلاَ تَكُونِينَ كَالنَّازي بِبِطْنِهِ ... بَيْنَ القَرْيَتَيْنِ حَتَّى ظَلَّ مَقْرُوناً الجزء: 2 ¦ الصفحة: 333 4200- انْكِحِيني وَانْظُري أي: إن لي مَخبَراً محموداً، وإن لم يكن لي منظر. ودخل عبد الرحمن بن محمد بن الأَشعث على الحجاج، فَقَالَ الحجاج: إنك لمنظراني، قَالَ: نعم أيها الأمير ومَخْبَراني. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 333 4201- النَّاسُ إخْوَانٌ وَشَتَّى فِي الشِّيَمِ قوله "إخوان" أي أشباهٌ وأشكال، وشَتَّى: فَعْلَى من الشَّتِّ وهو التفرق، والشَّيَمُ: الأخلاَق الكريمة إذا أتى بها غير مقيدة كما أن جعدا إذا أطلق كان مَدْحا، [ص: 334] يُقَال: رجُلٌ جَعْدٌ، فإذا قيد كان ذما، نحو قولهم: جَعْدَ اليَدَيْنِ، أو جعد البَنَانِ، أي إنهم وإن كانوا مجتمعين بالأشخاص فشِيَمُهُم مختلفة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 333 4202- انْصُر أَخَاكَ ظَالماً أو مَظْلُوماً يروى أن النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ هذا، فقيل: يا رسول الله، هذا ننصره مظلوماً، فكيف ننصره ظالماً؟ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: تَرُدُّهُ عن الظلم. قَالَ أبو عبيد: أم الحديث فهكذا، وأما العرب فكان مذهبها في المثل نصرته على كل حال قال المفضل: أول من قَالَ ذلك جُنْدُب بن العَنْبَر بن تميما بن عمرو، وكان رجلاً دميماً فاحشاً، وكان شجاعاً، وإنه جَلَس هو وسَعْد بن زَيْد مَنَاة يَشْرَبَانِ، فلما أخذ الشرابُ فيهما قَالَ جندب لسعد وهو يمازحه: يا سعد لشُرْبُ لبن اللقَاح، وطولُ النكاح، وحُسْن المزاح، أحَبُّ إليك من الكِفَاح، ودَعْس الرِّمَاح، ورَكْضِ الوقَاح، قَالَ سعد: كذَبْتَ، والله إن لأعْمِلُ العامِلَ، وأنْحَرُ البازِل، وأسْكِتُ القائل، قَالَ جُنْدُب: إنك لتعلم أنك لو فَزِغْتَ دَعَوْتَنِي عجلاً، وما ابتغيت بي بَدَلاً، ولرأيتني بَطَلاً، أركب العزيمة، وأمنع الكريمة، وأحمي الحريمة، فغضب سعد وأنشأ يقول: هَلْ يَسُودُ الفَتَى إذا قَبُحَ الوَجْـ ... هُ وأمْسَى قراه غَيْرَ عَتِيدِ وَإذَا الناسُ في النَّدَىِّ رَأوْهُ ... نَاطِقاً قَالَ قَوْلَ غَيْرِ سَديِدِ فأجاب جندب: لَيْسَ زَيْنُ الْفَتَى الْجَمَالَ وَلكِنْ ... زَيْنُهُ الضَّرْبُ بِالْحُسَامِ التَّلِيدِ إنْ يَنُلْكَ الْفَتَى فَزَيْنً وَإلاَ ... رُبَّمَا ضَنَّ بِاليَسِيرِ الْعَتِيدِ قَالَ سعد، وكان عائفاً: أما والذي أحْلِفُ به لتأسرنَّكَ ظَعِينة، بين العَرينة والدهينة، ولقد أخبرني طَيْرِي، أنه لاَ يَفُكُّكَ غيري، فَقَالَ جُنْدُب: كلاَ! إنك لجَبَان، تكره الطِعان، وتُحُبُّ القِيَان، فتفرقا على ذلك، فَغبَرا حيناً، ثم إن جُنْدُبا خرج علي فرس له يطلب القَنَصَ، فأتى على أمةٍ لبني تميم يُقَال إن أصلها من جُرْهُم فَقَالَ لها: لتمكنني مَسْرُورة، أو تقهرين مجبورة، قَالَت: مَهْلاً، فإن المرء من نُوكِه، يشرب من سقاء لَمْ يُوكِه، فنزل إليها عن فرسه مُدِلاَّ، فلما دنا منها قبضَتْ على يديه بيدٍ واحدة، فما زالت تَعْصِرُهما حتى صار لاَ يستطيع أن يحركهما ثم كتفته بعِنَانِ فَرَسِه وراحت به مع غنمها، وهي تحدو به وتقول: [ص: 335] لاَتَأْمَنَنَّ بَعْدَهَا الوَلاَئِدَا ... فَسَوْفَ تَلْقَى بَاسِلاً مواردا وَحَية تُضْحِي لحي رَاصِدَا ... قَالَ: فمرَّ بسعد في إبله، فَقَالَ: يا سعد أغثني، قَالَ سعد: إن الجَبَان لاَ يُغيث، فَقَالَ جُنْدُب: يا أيها المرءُ الكريمُ المشكوم ... انْصُرْ أخاك ظالماً أو مظلوم فأقبل إليه سعد فأطلقه، ثم قَالَ: لولاَ أن يُقَال قتل امرأة لقتلتُكِ. قَالَ: كلاَ! لم يكن ليكذب طَيْرُك، ويصدق غيرك، قَالَ: صدقت. قوله: "انصر أخاك ظالماً " يجوز أن يكون ظالماً أو مظلوماً حالين من قوله أخاك ويجوز أن يكونا حالين من الضمير المستكن في الأمر، يعني انصره ظالماً إن كنتَ خصمه أومظلوماً من جهة خصمه، أي لاَ تُسْلِمه في أي حال كنت. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 334 4203- نَابٌ وقد تَقْطَعُ الدَّوِّيِّة (الناب: المسنة من النوق، وتجمع على أنياب ونيب، والدوية - بتشديد الدال والواو والياء، ويُقَال فيها: داوية، ونخفيف الياء فيهما - الفلاَة تدوى فيها الرياح.) يضرب للمُسِنِّ وقد بقيت منه بقية يصلح أن يُعَوَّلَ عليها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 335 4204- نَزْوُّ الفُرَارِ اُسْتَجْهَل الْفُرَارَ يُقَال: فَرِير، وفُرَار، لولد البقر الوحشي، وقَالَ بعضهم: الفُرَار جمع فَرِير، وهو نادر، ولم يأتِ فُعَال في أبنية الجمع إلاَ في أحرف يسيرة، مثل عِرْق وعُرَاق، وظِئْر وظُؤَار، ورخْل ورُخَال، وتَوأم وتُؤَام، وإذا شب الفُرَار أخَذَ في النزوان، فمتى رآه غيره نَزَا لنزوهِ. يضرب لَمن تُتَّقَى مصاحبته. أي إنك إذا صحبته فعلتَ فعلَه. ويروى "نَزْوَ" بالنصب على المصدر، أي نزا نَزْوَ الفُرار وقد استجهل فُرَاراً مثله، والرفع على الأبتداء، أي نَزْوُ الفرار حَمَلَ مثلَه على النَّزْو. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 335 4205- أنْكَحْنَا الفَرَا فَسنَرى قَالَه رجل لامرأته حين خَطَب إليه ابنتَه رجلٌ وأبى أن يزوجه، فرضيت أمها بتزويجه فغلبت الأبَ حتى زوجها منه بكره، وقَال َ: أنكَحْنَا الفَرَا فسنرى، ثم أساء الزوجُ العِشْرَةَ فطلقها. يضرب في التحذير من سوء العاقبة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 335 4206- نَجَّى عَيْراً سِمْنُهُ قَالَ أبو زيد: زعموا أن حُمُراً كانت هِزَالاً، فهلكت في جَدْب، ونجا منها حمار [ص: 336] كان سميناً، فضرب به المثل في الحزم قبل وقوع الأمر، أي انْجُ قبل أن لاَ تقدر على ذلك. ويضرب لمن خَلَّصه مالُه من مكروه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 335 4207- نَعِمَ كلْبٌ في بُؤْسِ أَهْلِهِ ويروى "نَعيمُ الكلب في بؤس أهله" (انظر المثل 4027"من استرعى الذئب ظلم") وذلك أن الجدب والبؤس يكثر الموتى والجيف، وذلك نعيم الكلب. يضرب هذا للعبد أو العون للقوم تصيبهم شدة فيشتغلون بها فيغتنم هو ما أصاب من أموالهم. قَالَ الشاعر: تَرَاهُ إذا ما الْكَلْبُ أنْكَرَ أهْلَهُ ... يُفَدَّى وَحِينَ الكلْبُ جَذْلاَنُ نَاعِمُ يقول: يفدي هذا الرجل إذا أنكر الكلبُ أهله، وذلك إذا لبسوا السلاَح في الحرب، وإنما يفدي في ذلك الوقت لقيامه بها وغَنَائه فيها، ويفدَّى أيضا في حال الجدب لإفضاله وإحسانه إلى الناس ولنَحْره اُلجزُرَ فينعم الكلب في ذلك ويجذل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 336 4208- النَّبحُ مِنْ بَعِيدٍ أهْوَنُ مِنَ الهَرِيرِ مِنْ قَريبٍ أي لاَ تَدْنُ من الذي تَخْشَى، ولكن احْتَلَ له من بعيد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 336 4209- انْطقِي يَا رَخَمُ إنَّكَ مِنْ طَيْرِ الله يُقَال: إن أصله أن الطير صاحت، فصاحت الرَّخَم، فقيل لها يهزأ: إنك من طير الله فانطقي. يضرب للرجل لاَ يُلْتَفَتُ إليه ولاَ يُسْمَع منه. وليس من الطير شيء إلاَ وهو يُزْجَرُ إلاَ الرخم، قَالَ الكميت يهجو رجلاً: أنشَأت تَنْطِقُ في الأمو ... ر كَوَافِدِ الرَّخَمِ الدوائر إذ قِيلَ ياَ رَخَم انْطِقي ... في الطير إنك شَرُّ طائر فأتَتْ بما هِيَ أهْلُهُ ... وَالعَىُّ مِنْ مِثْلِ المُحَاورْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 336 4210- نامَ نَومَةَ عبُّودٍ قَالَ الشرقي: أصلُ ذلك أن عَبُّوداً هذا كان تَمَاوت على أهله، وقَالَ: اُنْدُبُونى لأعْلَمَ كيف تندبونني ميتا، فَندَبْنَهُ، ومات على تلك الحال. [ص: 337] وقَالَ المفضل: قَالَ أبو سليم بن أبي شعيب الحَراني: إنه عَبْد أسود يُقَال له عَبُّود، وكان من حديثه - فيما يرفعه عن محمد بن كعب القرظي - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: إن أول الناس دخولاً الجنة لَعَبْدٌ أسود يُقَال له عبود وذلك أن الله تعالى بعث نبيًّاً إلى أهل قرية، فلم يؤمن به أحد إلاَ ذلك الأَسود، وإن قومه احتفروا له بئراً فصيروه فيها، وأطبقوا عليها صخرة، فكان ذلك الأَسود يخرج فَيَحْتَطُبُ ويبيع الحطَبَ ويشتري به طعاماً وشراباً، ثم يأتي تلك الحُفْرة فيُعينه الله عز وجل على تلك الصخرة فيرفعها ويُدْلي إليه ذلك الطعام والشراب. وإن الأَسود احتطبَ يوماً ثم جلس ليستريح فضرب بنفسه الأَرض بشقه الأيسر، فنام سبع سنين، ثم هَبَّ من نومته وهو يرى أنه ما نام إلاَ ساعة من نهار، فاحتمل حُزْمته فأتى القرية فباع حطبه، ثم أتى الحفرة فلم يجد النبي فيها، وقد كان بَدَا لقومه فيه وأخرجوه، فكان يسأل عن الأَسود فيقولون: لاَ ندْرِي أين هو، فضرب به المثل لكل مَنْ نام يوماً طويلاً، حتى يُقَال: " أنْوَمُ من عَبُّود" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 336 4211- النَّقْدُ عِنْدَ الحَافِرَةِ قَالَ ابن الأنباري: قَالَ ثعلب: معناه النقد عند السَّبْق، وذلك أن الفَرَسَ إذا سَبَقَ أخذ الرهن، والحافرة: الأَرض التي حفرها الفرس بقَوائمه، فاعلة بمعنى مفعولة. وقَالَ الفراء: سمعت بعض العرب يقول : النقد عند الحافرة معناه عند حافر الفرس. وأصل المثل في الخيل، ثم استعمل في غيرها. وقَالَ الأَصمعي: النقد عند الحافر هو النقد الحاضر في البيع، قال: وبعضهم يقول في البيع بالهاء، أي عند الحافرة. وقَالَ غيره: النقد عند الحافرة معناه عند أول كلمة، يُقَال: رجَعَ فلاَنٌ في حافرته، أي في أمره الأَوَّل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 337 4212- أَنْجَدَ مَنْ رأى حَضَناً أنْجَدَ: أي بلغ نجدا مَنْ رأى هذا الجبل. يضرب في الدليل على الشيء، أي قد ظهر حصول المراد وقربه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 337 4213- النَّبْعُ يَقْرَعُ بَعْضُهُ بَعْضاً النَّبْع: من شجر الجبل، وهو من أكرم العِيدان. وهذا المثل يروى لزياد، قَالَه في نفسه وفي معاوية، وذلك أن زياداً كان على البصرة وكان المغيرة بن شعبة على الكوفة، فتُوفي بها، فخاف زياد أن يولى مكانه عبد الله بن عامر، وكان زياد لذلك كارهاً، فكتب إلى [ص: 338] معاوية يخبره بوفاة المغيرة، ويشير عليه بتولية الضحاك بن قيس مكانه، ففطن له معاوية، فكتب إليه: قد فهمتُ كتابَكَ، فليُفْرِخْ رَوْعُك أبا المغيرة (في أصول هذا الكتاب "بالمغيرة ") لَسْنَا نستعمل ابن عامر على الكوفة، وقد ضمناها إليك مع البصرة، فلما ورد على زياد كتابه قَال َ: النبع يَقْرَعُ بعضُه بعضا، فذهبت كلمتاهما مثلين، قوله "النبع" يضرب للمتكافئين في الدهاء والمكر، وقوله "فليفرخ روعك" فَسَرْتُه في باب الفاء والقاف. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 337 4214- نُجَارُهَا نَارُهَا النار: السَّمَة، يُقَال: ما نار هذه الناقة؟ أي: ما سمتها، فإذا رأيت نارها عرفْتَ نُجَارها وهو الأصل، قَالَ: لاَ تَنْسُبًوهَا وَانْظْرُوا ما نَارُهَا ... وقَالَ آخر: قَدْ سُقِيَتْ آبَالُهُم بِالنَّارِ ... وَالنَّارُ قَدْ تَشْفِي مِنَ الأوَارِ أي: لما رأى أصحاب الماء سِمَتَها علموا لمن هي فَسَقُوها لعزهم ومَنَعَتهم. يضرب في شواهد الأمور الظاهرة التي تدلُ على علم باطنها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 338 4215- نَبْلُ العَبْدِ أكْثَرُها المَرَامِي المرْماَةُ: سهام الهدف، والمعنى أن الحر يُغَالي بالسهام فيشتري المِعْبَلَة والمِشْقَصَ (المعبلة - بوزن المكنسة - النصل العريض الطويل، والمشقص - بوزن المنبر - نصل عريض، أو سهم فيه ذلك.) لأنه صاحب صيد وحرب، والعبد إنما يكون راعياً تُقْنِعْه المَرَامِي، لأنها أرخصُ، يعني أن العبد يحوم حول الخساسة لاَ هِمَّةَ له. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 338 4216- نَاقِرَةٌ لاَ خَيْرَ فِي سَهْمٍ زَلَجٍ الناقرة: المفرطة، وزلَجَ السهم يزلج إذا تزلَّج عن القوس. يضرب للرجل يصيب في حُجَّته ويظفر بخصمه. وناقرة: رفع على تقدير سهامه ناقرة أو رميته ناقرة، ويجوز النصب على تقدير رَمَى رمية ناقرة (والذي في الصحاح: الناقر السهم إذا أصاب الهدف، وإذا لم يصب فليس بناقر) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 338 4217- النُّقَاضُ يُقَطَّر الجَلَبَ النُّقَاض - بفتح النون وضمها - فَنَاء الزاد، والجلب: المجلوب للبيع، أي إذا جاء الجَدْبُ جلبت الإبل قطارا للبيع مخافة أن تهلك، يُقَال: أنْقَضَ القوم؛ إذا هلكت أموالهم. يضرب لمن يؤمر بإصلاَح ماله قبل أن يتطرَّقَ إليه الفَسَاد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 338 4218- انْجُ وَلاَ إخَالُكَ نَاجِياً قَالَته الهَيْجُمَانة لأبيها حين أخبرته بإغارة مَقْرُوع عليهم، وقد ذكرت القصة بتمامها عند قوله "حَنَّتْ ولاَ هَنَّتْ" (انظر المثل رقم 1025) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 339 4219- النَّجَاحُ مَعَ الشِّرَاحِ كذا قَالَ الأَصمعي، قَالَ: ومعناه اشرح لي أمري فإن ذلك مما يُنْجِحُ حاجتي، وعلى ما قَالَ الشَّرَاح التَّشْرِيحُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 339 4220- النَّاقَةُ جِنٌّ ضِرَاسُهّا يُقَال: ناقة ضَرُوس، إذا كانت سيئة الخلق عند النتاج، وإذا كانت كذلك حامت على ولدها، وجِنُّ كل شيء: أولُه وقربُ عهده. يضرب للرجل الذي ساء خلُقه عند المحاماة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 339 4221- النَّقْبُ مِعَادُهُ مَزَاحِيفُ المَطِيِّ النَّقْب: الطريق في الجبل، أي هناك تزلق وتزحف المطايا، يعني أن الأمور بعَوَاقبها تتبين. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 339 4222- أَنْقَعَ لَهُ الشَّرَّ حَتّى سَئِمَ أي أدام وأعدَّ كما ينقع الدواء في الماء. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 339 4223- نَشِطْتُهُ شَعُوبُ أي اقتلعته المنية، وأصله من قوله: "نَشِطته الحية" إذا عَضَّته بنابها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 339 4224- نَظَرَ المَرِيضِ إلى وُجُوهِ العُوَّادِ يضرب مثلاً للمضطر ينظر إلى محب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 339 4225- نَفْسِي تَمْقُسُ مِنْ سُمَانَي الأقْبَرِ (مقست نفسه - من باب فرح - ومثله تمقست، أي غثت) قَالَه ضبي صاد هامة، فظنها سُماني فأكلها، فأصابه القيء. يضرب مثلاً في استقذار الشيء. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 339 4226- نَاوَصَ الجِرَّةَ ثُمَّ سَالَمَهَا الجِرَّة: خشبة يُصَاد بها الوحش، أي أضرب ثم سكن، و"ناوص" من النَّوِيص وهي الحركة، يُقَال "ما به نويص" أي قوة وحراك، والجِرَّة: حِبالة، وإذا نَشَب الظبي فيها نَاوَصَهَا ساعة واضطرب، فإذا غلبته اسْتَقَرَّ فيها كأنه سالمها. يضرب لمن خالف ثم اضطر إلى الوفاق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 339 4227- نَظَرَ التُيُّوسِ إلى شِفَارِ الجَازِرِ يضرب لمن قهر وهو ينظر إلى عدوه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 339 4228- انْجُ سَعْدٌ فَقَدْ هَلَكَ سَعيدٌ هما ابنا ضبة بن أد، وتمثل به الحجاج، وقد ذكرت القصة في باب الحاء. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 339 4229- إنْبَاضٌ بِغَيْرِ تَوْتِيرٍ أي يُنِبِضُ القَوْسَ من غير أن يُوَتِّرَها أي يتوعَّد من غير أن يقدر عليه، ويزعم أنه يفعل ولا مفعول يفعل؛ لأن الإنباض ثَانٍ للتوتير، فإذا لم يكن توتير فكيف إنباض؟ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 340 4230- النَّاسُ كأسْنَانِ المُشْطِ أي متساوون في النسب، أي كُلُّهم بنو آدم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 340 4231- النَّاسُ بُخَيْرٍ ماَ تَباَيَنُوا أي مادام فيهم الرئيس والمرؤس، فإذا تساووا هلكوا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 340 4232- النَّاسُ كإبِلٍ مِائَةٍ لاَ تَجِدُ فِيهَا رَاحِلَة أي إنهم كثير، ولكن قلَّ منهم مَنْ يكون فيه خير. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 340 4233- النِّسَاءُ حَبَائِلُ الشَّيْطانِ قَالَه ابن مسعود رضي الله عنه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 340 4234- نَقْطُ عَرُوسٍ وَأَبْعارُ ظِبَاءٍ يُقَال: إن جريرا مَرَّ بذي الرُّمِة وهو يُنْشد، وقد اجتمع الناسُ عليه، فَقَالَ هذا المثل، أي إن هذا الشعر مثل بَعْر الظبي مَنْ شَمَّه وَجَد لهُ رائحة طيبة، فإذا فَتَّته وجده بخلاَف ذلك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 340 4235- نِقيِّ نّقِيقّكِ فماَ أَنْتِ إِلاَ حُبَارَي قَالَه رجل اصطاده هامة فنقَّتْ في يده، قَالَ أبو عمرو: يضرب هذا عند التغميض على الخبيث لحساب الطيب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 340 4236- نَجاَ فُلاَنٌ جَرِيضاً أي: نَجَا وقد نِيلَ منه، ولم يؤت على نفسه، وقَالَ: وأفْلَتُهنَّ عِلْباَءٌ جَرِيضاً ... وَلَوْ أدْرَكْتَهُ صَفِرَ الْوِطَابُ (البيت لأمرىء القيس بن حجر الكندي.) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 340 4237- أَنَسَبٌ أَمْ مَعْرِفَة أي أن النَّسَبَ والمعرفة سواء في لزوم الحق والمنفعة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 340 4238- نِعْمَ مَأْوَى المِعْزَ ثَرْمَداء هذا مكان خصيب يضرب هذا المثل للرجل الكثير المعروف يؤمر بإتيانه ولزومه. وثَرْمَدَاءُ: بناء غَريب لاَ أعلم له نظيراً الجزء: 2 ¦ الصفحة: 340 4239- نَشَرَ لِذَلِكَ الأمر أُذُنَيْهُ فَرَأى عِثْيَرَ عَيْنَيْهِ يضرب لمن طَمِعَ في أمْرٍ فرأى ما كرهه منه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 340 4240- نَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الْقُلِّ بَعْدَ الكُثْرِ يريدون بالقُلِّ القَليلَ وبالكُثْرِ الكَثِير. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 341 4241- النَّومُ فَرْخُ الغَضَبِ الفَرْخ: اسمٌ من الإفراخ في قولهم " أفْرَخَ رَوْعُك" أي ذهب خَوْفُكَ ومعنى هذا المثل أن الغضبان إذا نام ذهَبَ غَضَبهُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 341 4242- نَجَا مِنْهُ بأَفْوَقَ ناَصِلٍ أي بعد ما أصابه بِشَرٍ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 341 4243- نَشِبَ في حَبْلِ غَىٍّ ويروى "في حِبَالة غي" إذا وقّعَ في مكروه لا مخلصَ له منه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 341 4244- نَقَض الَّدهْرُ مِرَّتَهُ المِرَّة: القوة: ويراد ههنا أن الزمان أثَّرَ فيه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 341 4245- نَطَحَ بِقَرْنٍ أَرُومُهُ نَقْدٌ (الأروم - بوزن صبور - أصل الشجرة وأصل القرن، والنقد فسره المؤلف، أي أرومه مؤتكل.) النَّقد: الذي وَقع فيه الدود يضرب لمن ناوأك ولاَ أُهْبَةَ له الجزء: 2 ¦ الصفحة: 341 4246- النَّدَمُ تَوْبَةٌ هذا يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 341 4247- النَّاسُ مَجْزِيُّونَ بأَعَمالهِمْ إن خَيْراً فَخَيْرٌ وَإنْ شَرّاً فَشَرٌّ أي إن عَمِلُوا خيراً يجزون خيراً، وإن عملوا شراً يجزون شراً الجزء: 2 ¦ الصفحة: 341 4248- أَنْفِقْ بِلاَلُ وَلاَ تَخْشَ مِنْ ذِي الْعَرْشِ إِقلالا قَالَه النبي صلى الله عليه وسلم لبلاَل يضرب في التوسَّعِ وَتَرْكِ البخل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 341 4249- النَّارُ خَيْرٌ للنَّاسِ مِنْ حَلْقَةِ زعموا أن الضَّبُعَ رأت سَنَا نارٍ من بعيد، فقابلتها ثم أقْعَتْ ورفعت يَدَيْها فِعْلَ المُصْطَلى وبهأت بالنار (يُقَال: بهأت بالرجل وبهئت به - كفتح وكفرح - بهأ وبهوأ، أي أنست به) ثم قَالَت عند ذلك: النار خير للناس من حَلْقَة يضرب لمن يفرح بما لاَ يناله منه كثير خير الجزء: 2 ¦ الصفحة: 341 4250- النَّاسُ نَقَائِعُ الْمَوْتِ النَّقِيعة من الإبل: ما يُجْزَرُ من النَّهْب قبل القَسْم، يعني أن الموت يجزر الخلق كما يجزر الجزار نّقيعته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 341 4251- النَّفْسُ عَزُوفٌ أَلُوفٌ يُقَال: عَزَفَتْ نفسي عن الشيء تَعْزِفُ وتَعْزِفُ عُزُوفا، أي زَهِدَتْ فيه وانصرفت عنه. ومعنى المثل أن النفس تعتاد ما عُوِّدّتْ إنْ زَهَّدْتها في شيء زهِدَتْ وإن رَغَّبْتها رَغِبَتْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 342 4252- نِعْمَ المِجَنُّ أَجَلٌ مُسْتَأْخِرٌ هذا يروى عن أمير المؤمنين علي رضي الله عنه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 342 4253- نِعْمَ الدَّوَاءُ الأَزْمُ يعني الحمية، يُقَال: أزَمَ يأزِمُ أزْماً، إذا عَضَّ. سأل عمر رضي الله عنه الحارث بن كلدة عن خير الأدوية، فَقَال َ: نِعْمَ الدواء الأزْمُ، وهو مثل قولهم " ليس للبطنة خير من خمصة تتبعها ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 342 4254- نَاصِعْ أَخَاكَ الخَبَرَ أي أصْدُقْهُ، النُّصُوع: الخلوص، أي خَالِصْهُ فيما تخبره به ولاَ تَغُشَّة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 342 4255- نَزِقُ الحِقَاقِ الحِقَاق: المُحَاقَّة، وهي المخاصمة. والنَّزَقُ: الطيش والخفة. يضرب لمن له طَيْشٌ عند المخاصمة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 342 4256- نَجَوْتُ وَأَرْهَنْتُهُمْ مالِكاً هذا من قول عبد الله بن هَمَّام السَّلولي فَلَمَّا خَشِيتُ أظَافِيرَهُمْ ... نَجَوْتُ وَأَرْهَنْتُهُمْ مَالِكاَ قَالَ ثعلب: الرُّوَاة كلهم على "أرهنتهم" على أنه يجوز رَهَنْته، إلاَ الأَصمعي فإنه رواه "وأرهَنُهُمُ مالكا" على أن الواو للحال نحو قولهم: قمت وأصُكُّ وَجْهه، أي قمت صاكا وَجْهَه. يضرب لمن ينجو من هلكة نَشِبَ فيها شركاؤه وأصحابه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 342 4257- نَكْءُ القَرْح بِالْقَرْحِ أَوْجَعُ يعني أن القَرْحَ إذا جلب (جلب: قشرت جلدته) ثم نكىء كان أشد إيجاعاً؛ لأنه يقرح ثانياً، كأنه قيل: نَكْءُ القَرْح مع القرح - أي مع مابقي منه - أوجع. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 342 4258- نَاجِزاً بِنَاجِزٍ كقولك: يداً بيدٍ، أي تَعْجيلاً بتعجيل، وفي الحديث " لاَ تَبِيعُوا إلا حاضراً بناجزٍ " أي حاضر بحاضر، يعني في الصَّرْف، ويُقَال " ناجزا بناجز" أي نَقْداً بنقد، وناجزا في المثل: منصوب بفعل مضمر، أي أبيعُكَ ناجزاً، وهو نصب على الفعل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 342 4259- نِعْمَ مَعْلَقُ الشَّرْبةِ هذَا وقَالَ الأَصمعي: المَعْلَق قَدَح يُعَلّقه الراكب، وقوله" هذا " إشارة إلى القَدَح أي يكتفي الشاربُ به إلى منزله الذي يريده بشربة واحدة لا يحتاج إلى غيرها يضرب لمن يكتفي في الأمور برأيه، ولا يحتاج إلى رأي غيره الجزء: 2 ¦ الصفحة: 343 4260- النَّزَائِعَ لاَ الْقَرَائِبَ ويُقَال: " الغرائبَ لاَ القرائب " قَالَ ابن السكيت: النزيعة: الغريبة، يعني أن الغريبة أنْجَبُ، ويُقَال "اغْتَرِبُوا لاَ تُضْوُوا" أي انكحوا في الأَباعد لاَ يُولَدْ لكم ضَاوِىٌّ، والقرائب: جمع قريبة. ونصب "النزائع" على تقدير تَزَوَّجُوا النزائع ولاَ تتزوجوا القرائب، وقَالَ: فَتىً لَمْ تَلِدْهُ بِنْتُ عَمّ قَرِيبَةٌ ... فَيَضْوَى وَقدْ يَضْوَى رَدِيدُ الْقَرَائِبِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 343 4261- النَّاسُ يَمَامَةٌ اليمامة: طائر مثل الحمامة. وهي التي تألف البيوت، يعني أرْفُقْ بهم ولاَ تنفرهم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 343 4262- أنْتِزَاعُ العَادَةِ شَدِيدٌ ويروى "انتزاع العادة من الناس ذنب محسوب" وهذا كما يُقَال "الفِطَامُ شديد" وكما قَالَ: وَشَدِيدٌ عَادَةٌ مُنْتَزَعَةّْ ويُقَال: العادة طبيعةٌ خامسة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 343 4263- النِّدَاءُ بَعْدَ النِّجَاءِ يضرب في التحذير والنِّجَاء: المناجاة، يعني يظهر الأمر بعد الإسرار، أي بعدما أسِرَّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 343 4264- نَوْآنِ شَالاَ مُحْقِبٌ وَبَارِحٌ النَّوْءُ في اللغة: النُّهُوضُ بجهد ومشقة، يُقَال: نَاءَ بالحمل، إذا نَهَضَ به مثقلاً، والنَّوْءُ أيضاً: السقوط؛ فهذا الحرف من الأضداد، والنَّوْء: سقوطُ نجم من المنازل في المغرب مع الفجر وطلوع رقيبه من المشرق يقابله من ساعته، وكانت العرب تقول: مُطِرْنَا بنَوْءِ كذا، إذا كان المطر يأتي في ذلك الوقت، فأبطل الإسلام ذلك، ونزل قوله تعالى (وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون) أي تجعلون شكر ما تُرْزَقون به من المطر تكذيبَكم بنعمة الله فتقولون: سقينا بَنْوءِ كذا، ومُطِرْنَا بَنْوءِ كذا، والشَّوْل في الأصل: الارتفاع، والشَّوْلُ: النُّوقُ التي خَفَّ لبنها؛ لأن اللبن إذا خفَّ ارتَفَعَ الضَّرْعُ، والإحْقَاب: الوقوع والحصول في الحقب، وهو احتباسُ المطر، والبارح: الريح الحارة في الصيف. [ص: 344] وتقدير المثل: هما نَوْآن ارتَفَعا أحدُهما مُحْقِب والآخر بارح. يضرب للرجلين لهما منزلة وشرف وجاه، ولكنهما متساويان في قلة الخير. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 343 4265- نَشِيطَةٌ لِلْرَّأسِ فيِهَا مأكَلٌ النَّشِيطة: ما يصيبه الجيشَ (في الصحاح " النشيطة: ما يغنمه الغزاة في الطريق قبل البلوغ إلى الموضع الذي قصدوه، وقَالَ الشاعر: لك المرابع مها والصفايا ... وحكمك والنشيطة والفضول" وبيضة القوم في كلام المؤلف: أي ساحتهم) من شيء دونه بيضة الحيء، والرأس: الرئيس، ومنه: برَأسٍ مِنْ بَنِي جُشَمَ بْنِ بَكْرٍ ... (صدر البيت لعمر بن كلثوم، وعجزه: ... ندق به السهول والحزونا ... ) والمأكل: الكَسْب، أي شيء قليل ثم يطمع فيه. يضرب لمن استعان في طلب حقه بمن يطمع في احتواء ماله. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 344 4266- نَامَ عِصَامٌ سَاعَةَ الرَّحيلِ يضرب لمن طلب الأمر بعد ماولّى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 344 4267- ناَمَ بِعَيْنِ الآمنِ المُشَيَّعِ يضرب للرجل الضعيف يَرُومُ الأمور ولاَ يروم مثلها إلاَ البطل، والمُشَّيع: القوي القلب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 344 4268- نَعْلُكَ شَرٌ مِنْ حَفَاكَ فَاتَّرِكْ يضرب لمن استعان بمن لاَ يعينهُ ولاَ يهتمُّ بشأنه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 344 4269- نَحْنُ بِأَرْضٍ مَاؤُهَا مَسُوسُ الماء المَسُوس: الذي لاَ يَعْدِلُه ولاَ يُعْدَلُ به ماء عُذُوبةً، وبعده: لولاَ عُقَابُ صَيْدِهَا النَّسُوسُ ... (النسوس: السريع الذهاب بورد الماء خاصة، قاله الليث) يُقَال: إن النَّسُوسَ طائر يأوي الجبلَ، وهو أضخم من العصفور، ودون الحَجَل، له هامة كبيرة. يضرب في موضع يطيب العيش فيه، ولكنه لاَ يخلو من ظالم يظلم الضعيف. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 344 4270- نُفُورَ ظَبْيٍ مَالَهُ زُوَيْرٌ يُقَال: زُوَيْر القوم زعيمُهم، وأصلُه شيء يلقي في الحرب، فيقول الجيش: لاَ نَفِرُّ ولاَ نبرح حتى يفر ويبرح. هذا، ويُقَال: إن رجلاً من بني هند من كِنْدَةَ يُقَال له علقمة، وكان شيخاً قد خَرِفَ قَالَ لقومه في حربٍ كان لهم: يا بني، إني قد كبرت واقترب أجلي، فما أنا مُوَرِّثكم شيئاً هو خير من مجد تباؤن به على قومكم، أنا زُوَيْرُكم اليوم، يقول: ألقوني فقاتلوا عليّ، ففعلوا، فسمي [ص: 345] ذلك اليوم "الزُّوَيْر" لأنهم كانوا يَرْجِعُون إليه ويَزُورونه، فصار اسماً للرئيس والزعيم، ويجوز أن يكون الزوير تصغير الزُّورِ، يُقَال: ما لفلاَن زُورٌ ولاَ صَيُّور، أي رَأيٌ يرجع إليه ويصير إليه وبعضهم يرويه بالفتح فيقول: ماله زَوْرٌ، وهو القوة، فمعنى المثل وتقديُره: نفر نفور ظبي ماله مَعْقِل يلجأِ ويرجع إليه. يضرب في شدة النفار مما ساء خلقه أو ساء قوله. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 344 4271- النَّسْىءُ خَيْرٌ مِنْ خَيرِ أمَارَاتِ الرَّبْغِ. النَّسىِء: بدوًّ السمن، والرَّبغ: أن تَرِدَ الإبل كلما شاءت، يُقَال له أرَبغَ إبِلَهُ، وهي إبل هَمَل مُرْبَغَة. يضرب لمن يشكو جهد عيش وعلى وجهه أثر الرفاهية. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 345 4272- نَحْنُ بِوَادٍ غَيثُهُ ضَرُوسُ الضَّرْسُ: المَطَرَةَ القليلة، قَالَ الأَصمعي: يُقَال "وَقَعَت في الأَرض ضروسٌ من مطرٍ" (في اللسان "ووقعت في الأَرض ضروس من مطر، إذا وقع قطع متفرقة، وقيل: هي الأمطار المتفرقة، وقيل: هي الجود، عن ابن الأَعرَبي، واحدها ضرس، والضرس: السحابة تمطر لاَ عرض لها، والضرس: المطر ههنا وهنا" اهـ.) إذا وقعت فيها قطع متفرقة. يضرب لمن يقل خيره، وإن وقع لم يَعُمَّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 345 4273- نَفْطٌ وقُطْنٌ أسْرَعُ احْتِراقاً يُقَال: نَفَطْ ونِفْط، ويروى "أسرعا" يضرب للشَّرَّيْنِ اختلطاً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 345 4274- النَّاسُ أخْيَافٌ أي مختلفون، والأخْيَفُ: الذي اختلفت عيناه، فتكون إحداهما سوداء والأخْرَى زرقاء، والخيف: جمع أخْيَفَ وخَيْفَاء، والأخْيَاف: جمع الخِيفِ أو الخَيَفِ الذي هو المصدر، وهو اختلاَف العينين، والتقدير: الناسُ أولو أخياف، أي اختلاَفات، وإن كان المصدر لاَ تثنى ولاَ تجمع، ولكنها إذا اختلفت أنواعها جمعت كالأَشغال والعُلُوم. يضرب في اختلاَف الأَخلاَق. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 345 4275- النَّاسُ شَجَرةُ بَغْيٍ البَغْي: الظلم، وإنما جعلهم شجرة البغي إشارة إلى أنهم ينبتون وَينْمُونَ عليه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 345 4276- نَقَّتْ ضَفادِعُ بَطْنِهِ يضرب لمن جاع، ومثله "صاحَتْ عَصَافِيرُ بِطْنِهِ" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 345 4277- النَّمِيمَةُ أُرْثَةُ العَدَاوَةِ الأرْثَة والإرَاثُ: اسمٌ لما تُؤَرَّثُ به النار، أي النميمة وقُودُ نارِ العداوة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 345 4278- نَارُ الحَرْبِ أَسْعَرُ كانت العرب إذا أرادت حَرْبَاً أوقَدَتْ ناراً لتصير إعلاماً للناهضين فيها، قَالَ الله عز وجل (كُلَّما أوْقَدُوا ناراً للحَرْب أطفأها الله) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 346 4279- النَّدَمُ عَلَى السُّكُوت خَيرٌ مِنَ النَّدَمِ عَلَى القَولِ يضرب في ذم الإكثار الجزء: 2 ¦ الصفحة: 346 4280- النَّخْسُ يَكْفِيكَ البَطِيءَ المُثْقِلَ ويروى "المحثل" يعني أن الحَثَّ يُحَرِّكُ البطيء الضعيف ويحمله على السرعة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 346 4281- نِصْفُ العَقَلِ بَعْدَ الإيمَانَ بِالله مُدَارَاةُ النَّاسِ وهذا يروى في حديث مرفوع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 346 4282- نَجَا ضَبَارَةُ لمَّا جُدِعَ جَدْرَةُ ضَبَارة وجَدْرة: رجلاَن معروفان باللؤم يُقَال: إنهما ألأم مَنْ في العرب، ولهما قصة ذكرتها في حرف اللام في باب أفْعَلَ منه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 346 4283- نَابِلٌ وَابْنُ نَابِلٍ أي حاذق وابن حاذق، وأصله من الحِذْق بالنَّبَالة، وهي صناعة النبل، ومنه: أنْبَل عَدْوَانَ كُلِّها صَنَعا ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 346 ما جاء على أفعل من هذا الباب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 346 4284- أَنْسَبُ مِنْ دَغْفِلٍ هو رجلٌ من بني ذُهل بن ثعلبة بن عُكَابة، كان أعْلَمَ أهلِ زمانه بالأَنساب زعموا أن معاوية سأله عن أشياء فخبره بها، فَقَالَ: بم علمت؟ قَالَ: بلسان سَؤُل وقلب عَقُول، على أن للعلم آفة وإضاعة ونكدا واستجاعة، فآفته النسيان، وإضاعته أن تحدَّثَ به مَنْ ليس من أهله، ونكده الكذب فيه، واستجاعته أن صاحبه مَنْهُوم لا يشبع. قَالَ القتبي: هو دَغْفَلْ بن حَنْظَلَة السَّدُوسي، أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسمع منه شيئاً، ووفد معاوية وعنده قُدَامة بن جَرَاد القُرَيعي، فنسبه دَغْفَل حتى بلغ أباه الذي ولده، فَقَالَ: وولد جَرَاد رجلين: أما أحدهما فشاعر سفيه، والآخر ناسك، فأيهما أنت؟ فَقَالَ: أنا الشاعر السفيه، وقد أصبْتَ في نسبتي، وكل أمري، فأخبرنِي - بأبي أنت - مَتَى أمُوت؟ قَالَ: دَغْفَل: أما هذا فليس عندي، وقتله الأزارقة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 346 4285- أَنْسَبُ مِنَ ابنِ لِسَانِ الحُمَّرَةِ هو أحد بني تَيْم الّلاَت بن ثعلبة، وكان من علماء زمانه، واسمه ورقاء بن الأشعر (ويُقَال: اسمه عبد الله بن حصين، ذكر القولين الفيروز أبادى في القاموس) ويكنى أبا الكلاَب، وكان أنْسَبَ العربِ وأعظمهم كبراً. وأما قولُهم: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 347 4286- أنْسَبُ مِنْ كُثَيِّرٍ فهو من النسيب، أخْذاً من قول الشاعر: (البيتان من شعر أبي تمام حبيب بن أوس، وقد أخطأ في قوله "وكثير عزة" حيث أتى بالاَسم مكبرا على زنة جميل وحبيب، وهو مصغر بضم الكاف وتشديد الياء، وهذا مما أخذ على أبي تمام. انظر ديوانه 40 والموازنة بتحقيقنا 14-15- ثانية.) وكأنَّ قُسَّاقِي عُكَاظ يَخْطُبُ ... وَابْنَ المُقَفَّع في التميمة يُسْهِبُ (وقع في كثير من أصول هذا الكتاب "وابن المقنع في النميمة يسهب" تحريف.) وكأنَّ لَيلَى الأخْيَلِيَة تَنْدُبُ ... وَكَثِيَر عَزَّة يَومَ بَيْنٍ يَنْسُبُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 347 4287- اْنسَبُ مِنْ قَطَاةٍ هو من النِّسْبة، وذلك إنها إذا صوتت فإنها تنسب لأنها تصوت باسم نفسها فتقول: قَطَاقَطَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 347 4288- أنْكَحُ مِنَ ابنِ ألْغَزَ هو رَجُل اختلفوا في اسمه، فَقَالَ أبو اليقظان: هو سعد بن ألغز الإيادي، وقَالَ ابن الكلبي: هو الحارث بن ألغز، وقَالَ حمزة: هو عُرْوَةٍ بن أشْيَمَ الأَيادي وكان أوْفَرَ الناس مَتَاعاً، وأشدهم نكاحاً زعموا أن عروسه زفت إليه، فأصاب رأسُ أيره جَنْبها، فَقَالَت له: أتهددني بالركبة؟ ويُقَال: إنه كان يَسْتَلْقي على قَفَاه ثم يُنْعِظ فيجئ الفَصيلُ فيحتك بمتَاعه يظنه الجذل الذي ينصب في المعاطن ليحتكَّ به الجِرْبَي، وهو القائل: ألاَ ربمَّا أنْعَظْتُ حتى إخالُهُ ... سَيَنْقَدُّ للإنعاظ أو يَتَمَزَّقُ فأعمله حتَّى إذا قُلْتُ: قَدْوَنَي ... أبى وتمطَّى جامحاً يَتَمَطَّقُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 347 4289- أَنْكَحُ مِنْ خَوَّاتٍ يعنون خَوَّات بن جُبَير صاحبَ ذات النحيَيْن، وقد مرَّ ذكره في باب الشين (انظر المثل 2029 "أشغل من ذات النحيين") وقَالَوا: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 347 4290- أَنْكَحُ مِنْ حَوْثَرَةَ هو رجل من بني عبد القيس، واسمُه ربيعة بن عمرو، وكان في طَريق ابن الغزو ووفُور كمرته، حتى لقد قيل: أعظم أيرا من حَوْثرة [ص: 348] وحضر يوماً سوقَ عُكاظ، فرام شراء عُسٍّ من امرأة فَسَامت سيمَةً غالية، فَقَالَ لها: لماذا تُغالين بثمن إناء أمْلَؤُها بحوثرتي، فكشف عن حوثرته فملأ بها عُسَّ المرأة، فنادت المرأة باللقلقة (اللقلقة: شدة الصوت، أو هي كل صوت معه اضطراب.) وجمعت عليه الناس، فسمى "حوثرة" باسم هذا العضو. والحوثرة في اللغة: الكمرة، قَالَت عمرة بنت الحمارس لهند بنت العذافر: حَوْثَرَة مِنْ أعْظَمِ الحَواثر ... نيطَتْ بحقوى صَميَان عَاهِر أهْدِيتهَا إلى ابْنَةِ العُذَافِرِ ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 347 4291- أنْدَمُ مِنَ الكُسَعِيَّ قَالَ حمزة: هو رجل من كُسَعَ، واسمه مُحَارب بن قيْس، وقَالَ غيره: هو من بني كُسَع ثم من بني محارب، واسمه غامد بن الحارث. ومن حديثه أنه كان يَرْعَى إبلاً له بوادٍ مُعْشب، فبينما هو كذلك إذ أبْصَرَ نَبْعَة في صخرة، فأعجبْتُه، فَقَالَ: ينبغي أن تكون هذه قوساً فجعل يتعهدها ويرصدها حتى إذا أدْرَكتْ قطعها وجَفَّفها، فلما جفت اتخذ منها قوساً، وأنشأ يقول: يارَبِّ وَفِّقْنِي لِنَحْتِ قَوْسِي ... فإنَّهَا مِنْ لَذَّتِي لِنْفْسِي وَانْفَعْ بِقَوْسِي وَلَدِي وَعِرْسِي ... انْحَتُها صَفْرَاء مِثْلَ الوَرْسِ صفْرَاء لَيْسَتْ كَقِسىِّ النِّكْسِ ... ثم دهَنَها وخطمها بوَتَر، ثم عمد إلى ما كان من بُرَايتها فجعل منها خمسة أسْهُمْ، وجعل يقلبها في كفه ويقول: هُنَّ وَرَبِّي أسْهُمٌ حِسَانُ ... تلذ للرَّامِي بِهَا البَنَانُ كأنما قوامها مِيزانُ فأبشِرُوا بِالخِصْبِ يَا صِبيان إن لم يَعُقْنِ الشؤمُ والحِرْمانُ ... ثم خرج حتى أتى قُتَرَةً على مَوَارد حُمْر فكمن فيها، فرمى قطيع منها، فرمى عَيراً منها فأمخطه السهمُ: أي أنقذه فيه وجازه، وأصاب الجبل فأورَى ناراً، فظنَّ انه أخطأه فانشأ يقول: أعُوذُ بالله العَزِيزِ الرَّحْمنْ ... مِنْ نَكْدِ الْجَدِّ مَعاً وَالْحِرْمَانْ مَالي رَأيْتُ السَّهْمَ بَيْنَ الصوَّانْ ... يُورِى شَرَاراً مِثْلَ لَوْنِ الْعِقْيَانْ فأخْلَفَ الْيَوْمَ رَجَاءَ الصِّبْيَانْ ... ثم مكث على حاله فمر قطيع آخر، فرمى منها عَيْرا فأمْخَطَة السهم، وصَنَعَ صنيع الأول، فأنشأ يقول: [ص: 349] لاَبَارَكَ الرحمنُ في رَمي القَتر ... أعُوذُ بالخْالِقِ مِنْ سُوء الْقَدَرْ أأمْخَطَ السَّهْمُ لإرْهَاقِ البَصَرْ ... أمْ ذَاكَ مِنْ سُوءِ احْتِياَلٍ وَنَظَرْ ثم مكث على حاله، فمر قطيع آخر، فرمى منها عيراً فأمخطه السهم، فصنع صنيع الثاني، فأنشأ يقول: مَابَالُ سَهْمِي يُوْقِدُ اُلْحُبَاحَبَا ... قَدْ كُنْتُ أرجُو أنْ يَكُونَ صَائِباً وأمكن العير وَوَلَّى جَنِباً ... فَصَارَ رَأْيِي فِيهِ رَأْياً خَائِياً ثم مكث مكانه، فمر به قطيع آخر، فرمى عيراً منها فصنع صنيع الثالث، فأنشأ يقول: يَا أََسَفِي للِشُؤمِ والجدّ النَّكدْ ... أَخْلَفَ مَا أرْجُو لأهْلٍ وَوَلَدْ ثم مر به قطيع أخر، فرمى عيراً منها فصنع صنيع الرابع، فأنشأ يقول: أبَعْدَ خَمْسٍ قَدْ حَفِظْتُ عَدَّهَا ... أحْمِلُ قَوْسِي وَأرِيدُ ورْدَهَا أخْزَى الإلهُ لينها وَشدَّهَا ... وَاللهِ لاَ تَسْلَمُ عِنْدِي بَعْدَهَا وَلاَ أُرَجِّى مَا حَيِيتُ رِفْدَهَا ثم عمد إلى قوسه فضرب بها حَجَراً فكسرها، ثم بات، فلما أصبح نظر فإذا اُلْحمُرُ مطروحة حوله مُصَرعة، أسهمه بالدم مُضَرَّجة، فندم على كَسْر القوس، فشدَّ على إبهامه فقطعها، وأنشأ يقول: نَدِمْتُ نَدَامَةٌ لَوْ أنَّ نَفْسِي ... تُطَاوِعُني إذاً لَقَطَعْتُ خَمْسِي تَبَيَّنَ لي سفَاهُ الرَّأي مِنِّي ... لَعَمْرُ أبِيك حِينَ كَسرتُ قَوْسِي وقَالَ الفرزدق حين أبان النَّوَارَ زوجته وقصتُه مشهورة: نَدِمْتُ نَدَامَةَ الكُسَعِيِّ لَمَّا ... غَدَتْ مِنِّي مُطَلَّقَةً نَوَارُ وَكَانَتْ جَنَّتي فَخَرَجْتُ مِنْها ... كآدَمَ حِينَ لَجَّ بِهِ الضِّرَارُ وَلَوْ ضَنَّتْ بِهاَ نَفْسِي وَكَفى ... لكَانَ عَلَيَّ لَلْقَدَرِ اخْتِيَارُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 348 4292- أَنْجَبُ مِنْ ماريةَ هي مارية بنت عبد مَنَاة بن مالك بن زيد بن عبد الله بن دارم، وقَالَ حمزة: هي دَارِميَّة ولدت حَاجِباُ ولَقِيطاً ومَعْبَداً بني زرارة بن عدس بن زَيد مناة بن دَارِم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 349 4293- أَنْجَبُ مِنْ فاطِمَة بنْتَ الخُرشًبَ الأنماريةِ أنْمَار: بَغيض بن رَيْث بن غَطَفَان، وذلك أنها ولَدَتِ الكَملَةَ لِزيادٍ العبسي، [ص: 350] وهم: ربيع الكامل، وقيس الحِفاظ، وعمارة الوهَّاب، وأنَسُ الفَوارس. وقيل لفاطمة: أي بَنِيكِ أفضل؟ فَقَالَت: الربيع، لاَ، بل قيس، لاَ، بل عمارة، لاَ، بل أنس، ثكِلْتُهم إن كنتُ أدْري أيهم أفضل. ولاَ يقولون "مُنْجِبِة" حتى تنجب ثلاَثة. وقَالَ أبو اليقظان: قيل لابنة الخُرْشُبِّ: أي بَنْيكِ أفضل؟ فَقَالَت: وعَيْشهم ما أدري، إني ما حملت واحداً منهم تصنعاً، ولاَ ولدته نبياً، ولاَ أرضَعْتُه غيلاً، ولاَ منعته قيلاً ولاَ أنمته ثئداً ولاَ سقيتهُ هُدبداً ولاَ أطعمته قبل رِثَةَ كَبدَاً، ولاَ أبتُّه على مأقة. قَالَ حمزة: قولها "ثئدا" أي مَقْرُوا، والهُدَبِد: الرئيئة (تقول: رثأ اللبن؛ إذا حلبه على حامض فخثر، وبابه كمع، وذلك اللبن هو الرثيئة وفي المثل: إن الرثيئة تفتأ الغضب (انظر المثل رقم 7) من اللبن، والمأقة: البكاء. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 349 4294- أنْجَبُ مِنْ أُمِّ البَنينَ هي ابنة عمرو بن عامر فارس الضَّحْياء، ولدت لمالك بن جعفر بن كلاَب: أبا بَرَاء مُلاَعب الأَسِنَّة عامرا، وفارس قُرْزل طُفيل الخيل والد عامر بن الطفيل، وربيع المُقترين ربيعة، ونزال المضيف سُلمى، ومُعَوِّذ الحكماء معاوية، قَالَ لبيد يفتخر بها. (انظر المثل شرح رقم 2878) نحن بَنُو أمِّ البَنِينَ الأرْبَعَةْ ... وإنما قَالَ "الأَربعة" لوزن الشعر، وإلاَ فهم خمسة كما مر ذكرهم آنفا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 350 4295- أَنْجَبُ مِنْ خَبِيئَة هي خبيئة بنت رِياح بن الأشَلِّ الغَنَوية أتاها آتٍ في منامها، فَقَالَ: أعَشَرة هَدِرَة أحَبُّ إليك أم ثلاثة كعشرة؟ ثم أتاها بمثل ذلك في الليلة الثانية، فقصَّتْ رؤياها على زوجها، فَقَالَ إن عاد ثالثَة فقولي: ثلاثة كعشرة، فعاد بمثله، فَقَالَت: ثلاَثة كعشرة، فولدتهم وبكل واحد علامة، ولدت لجعفر بن كلاَب: خالداً الأصبغ، ومالكا الطَّيَّان، وربيعة الأحوص، فأما خالد فسُمِّىَ الأصبغ لشامِةٍ بَيضاء كانت في مُقَّدَّم رأسه، وأما مالك فسمى الطِّيِّان لأنه كان طاوِيَ البَطنْ، وأما ربيعة فسمى الأحوص لصِغَر عينيه كأنهم مَخِيطَتَان. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 350 4296- أنْجَبُ مِنْ عَاتِكَة بنت هلاَل بن فالج بن مُرَّة بن ذَكْوَان [ص: 351] السُّلَمِية، ولدت لعبد مناف بن قُصَيٍّ: هاشماً، وعبد شَمْسٍ، والمطلَّب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 350 4297- أنْتَنُ مِنْ مَرْقَاتِ الغَنَمِ الواحدة مَرَقٌة، وهي صُوفُ العِجَافِ المَرْضَى منها ينتف، يُقَال: كأنه ريحُ مَرَقٍ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 351 4298- أَنْكَحُ مِنْ يَسَارٍ هو مولى لبنى تَيْم، وكان جُبْيَهاء الأَشجعي مَنَحَه غزالة، فحبسها عنه، فَقَالَ جُبَيْهاء: أمَوْلى بنى تَيم ألَسْتَ مُؤدِّياً ... مَنيْحتَنَا فيما تُؤَدَّى المَنَائِحُ في أبيات عدة، فَقَالَ التيمي: بَلَى سَنُؤَدِّيها إلَيكَ ذَمِيمَةً ... فتنكحها إذ أعْوَزَتْكَ المَنَاكِحُ فَقَالَ جبيهاء: ذكرت نِكَاحَ العَنْزِ حِيناً ولم يَكُنْ ... بأعْرَاضِنا مِنْ مَنْكَح العَنْزِ قَادِحُ فَلَوْ كُنْتَ شَيْخَاً مِنْ سُواةَ نَكحتها ... نِكَاحَ يَسَارٍ عَنْزَهَا وَهْوَ سَارِحُ وبنو سُواة بن سليم من أشجَع، يُعَيَّرون بنكاح العنز. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 351 4299- أَنَمُّ مِنَ الصُّبْحِ لأنه يَهْتك كلَّ ستر، ولاَ يكتم شيئاً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 351 4300- أنَمُّ مِنَ التُّرَابِ إنما قيل ذلك لما يثبت عليه من الآثار. وأما قولهم: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 351 4301- أَنَمُّ مِنْ جُلْجُلٍ فهو من قول الشاعر: فإنَّكُمَا يا ابْنَي جَنابٍ وُجِدْتُما ... كَمَنْ دَبَّ يَسْتَخْفِي وَفي العُنْقِ جُلْجُلُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 351 4302- أَنَمُّ مِنْ زُجَاجةٍ عَلَى ما فيلها لأن الزجاج جَوْهَرَ لاَ ينكتم فيه شيء، لما في جرمه من الضياء، وقد تعاطى البُلَغَاء وصف هذا الجوهر، فعبَّرُوا عن مدحه وذمه. فأما ذمه فإنَّ النَّظَّام أخْرَجه في كلمتين بأواجز لفظ وأتم معنى، فَقَالَ: يُسْرِع إليه الكسر، ولاَ يقبل الجَبْر. وأما مَدْحه فإن سَهْل بن هارون شهد مجلسا من مجالس الملوك قد حضَرَ فيه شَدَّاد الحارثي، فأخذ يُعَدِّد خصال طباع الذهب، وقد قَالَ شداد: الذهب أبقى الجواهر على الدَّفْن، وأصبرها على الماء، وأقلها نقصاناً على النار، وهو أوْزَنُ من كل ذي وَزْنِ، إذا كان في مقدار شَخصِهِ، وجميع جواهر الأَرض والفِلِّزِّ كله إذا وُضِع على ظهر الزئبق في إنائه طَفَا، ولو كان ذا وزن ثقيل وحجم عظيم، ولو وَضَعْتَ على الزئبق قيراطا [ص: 352] من الذهب لرسَبَ حتى يضرب قعر الإناء، ولاَ يجوز ولاَ يصلح أن تُشَدَّ الأسنان المقتلعة بغيره، وأن يوضع في مكان الأَنوف المُصطَلمة سِوَاه، ومِيلُه أجودُ الأميال، والهندُ تمرُّهُ في العين بلاَ كحل ولاَ ذَرُور لصلاَح طبعه ولموافقة جوهره لجوهر الناظرين، ولهما حسن، ومنه الزرياب والصفائح التي تكون في سقوف الملوك، وعليه مَدَارُ الطَبائع، وثمن لكل شيء، ثم هو فوق الفضة مع حسن الفضة وكرمها، وحَظِّها في الصدور، وأنها ثمن لكل مبيع بأضعاف وأضعاف أضعاف، وله المرجوع وقلة النقصان، والأَرض التي تنبته ويسلم عليها تُحِيل الفضة إلى جوهرها في السنين اليسيرة، وتقلب الحديد إلى طبعها في الأيام القليلة، والطبيخ الذي يكون في قُدِورِه أغْذَى وأمْرَى، وأصَحُّ في الجوف وأطيب، وسئل علي بن أبى طالب رضي الله عنه عن الكبريت الأَحمر، فَقَالَ: هو الذهب، وقَالَ النبي صلّى الله عليه وسلم "لو أن لي طِلاَعَ الأَرض ذهباً" فأجراه في ضرب الأمثال كل مُجْرَى. فحسده سهل بن هارون على ما حضره من الخطابة والبلاَغة، فَقَالَ يعترض عليه يعيب الذهب ويفضِّلُ عليه الزجاج: الذهبُ مخلوق، والزجاج مصنوع وإن فضل الذهَب بالصَّلاَبة وفضل الزجاج بالصفاء، ثم الزجاج مع ذلك أبقى على الدفن والغرق، والزجاج مجلو نُورِى، والذهب مناع ساتر، والشراب في الزجاج أحسنُ منه في كل معدن، ولاَ يفقد معه وجْه النديم، ولاَ يُثْقل اليد، ولاَ يرتفع في السَّوْم، واسم الذهب يُتَطَيرُ منه ولاَ يتفاءل به، وإن سقط عليك قتَلَكَ، وإن سَقَطْتَ عليهِ عَقَرَكَ ومن لؤمه سرعَته إلى بيوت اللئام وملكهم، وإبطاؤه عن بيوت الكرام وملكهم، وهو فاتن وقاتل لمن صانه، وهو أيضاً من مصايد إبليس، ولذلك قَالَوا: أهْلَكَ الرجَالَ الأَحمران، وأهلك النساء الأَحامرة، وقُدُور الزجاج أطْيب من قدور الذهب، وهي لاَ تصدأ، ولاَ يتداخل تحت حيطانها ريح الغمر وأوساخ الوضَر، وإن اتسخَتْ فالماء وحده لها جلاَء، ومتى غسلت بالماء عادت جُدَداً، ولها مرجوع حسن، وهو أشبه شيء بالماء وصنعته عجيبة، وصناعته أعجب وكان سليمان بن داوود على نبينا وعليهما الصلاَة والسلام إذا عبَّ في الإَناء كَلَحَتْ في وجهه مَرَدَة الجن والشياطين، فعلَّمه الله صنعة القوارير، فحسم بها عن نفسه تلك الجراءة، وذلك التهجين، ومَنْ، كرعَ فيه شارب ماء فكأنه يكرع في إناء من ماء وهواء وضياء، ومرآته المركبة في الحائط [ص: 353] أضوأ من مرآة الفولاَذ، والصُّور فيها أبين، وقد تقدح النار من قنينة الزجاج إذا كان فيها ماء فحاذوا بها عين الشمس؛ لأَن طبع الماء والزجاج والهواء والشمس من عنصر واحد، وليس في كل ما يدور عليه الفلك جوهر أقبل لكل صبغ وأجدر أن لاَ يفارقه حتى كان ذلك الصبغ جوهرية فيه منه، ومتى سقط عليه ضياء أنقذه إلى الجانب الآخر من الهواء، وأعاره لونه، وإن كان الجامُ ذا ألوانٍ أراك أرضَ البيت أحسن من وَشْىَ صَنْعاء، ومن دِيباج تستر، ولم يتخذ الناس آنية لشرب الشراب أجمع لما يريدون من الشراب منه، قَالَ الله تعالى: (قيل لها ادْخُلِى الصرح، فلما رأته حَسِبَتْه لجة، وكشفت عن ساقيها، قَالَ: إنه صَرْح مُمَرَّدٌ من قوارير) وقَالَ تعالى: (ويُطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب كانت قوارير قوارير من فضة) فاشتق للفضة اسماً، وقَالَ النبي صلى الله عليه وسلم للحادي وقد عنف في سياق ظُعُنه: يا أنيس ارْفُق بالقوارير، فاشتقَّ للنساء اسماً من أسمائها، ويقولون: ما فلان إلاَ قارورة، على أنه أقطع من السيف وأحدُّ من المُوسى، وإذا وقع شعاع المصباحُ على جوهر الزجاجة صار الزجاج والمصباح مصباحاً واحداً، وردََّ الضياء كل منهما على صاحبه، واعتبروا ذلك بالشعاع الذي يسقط في وَجْه المرآة على وجه الماء، وعلى الزجاج، ثم انظروا كيف يتضاعف نوره، وإنْ كان سقوطه على عين إنسان أعْشَار وربما أعماه، قَالَ الله تعالى (- الله نُورُ السموات والأَرض، مثل نوره كمشكاة فيها مصباح - الآية) فللزيت في الزجاجة نور على نور وضوء متضاعف. فلم يبق في ذلك المجلس أحد إلاَ تحير فيه، وشق عليه ما نال من نفسه بهذه المُعَارضة، وأيقنوا أنه ليس دون اللسان حاجز، وأنه مخْرَاق يذهب في كل فن، يخيل مرة، ويكذب مرة، ويهجو مرة، ويَهْذي مرة، وإذا صحَّ تهذيب العقل صح تقويمُ اللسان الجزء: 2 ¦ الصفحة: 351 4303- أنْقَى منْ لَيْلة القَدْرِ لأنه لاَ يبقى فيها أحد على الماء. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 353 4304- أنْقى منْ مِرْآة الغَرِيبَة يعنون التي تتزوج من غير قومها، فهي تجلو مرآتها أبداً، لئلاَ يخفى عليها من وجهها شيء، قَالَ ذو الرمة: لها أذُنٌ حَشْرٌ وَذِي فرى أسَيلةٌ ... وخَدٌّ كَمْرآةِ الغَريبة أسْجَحُ (أذن حشر: أي لطيفة، كأنها حشرت حشراً، وأذنان حشر، وآذان حشر، لاَ يثنى ولاَ يجمع، مثل ماء غور وماء سكب، وخد أسجح: معتدل، وانظر المثل رقم 4390) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 353 4305- أَنْكَدُ مِنْ تَالِي النَّجْمِ يعنون بالنجم مطلق الثريا، وتاليه الدَّبَرَان، قَالَ الأخطل: فَهَلاَ زَجَرْت الطَّيْرَ إذْ جاءَ خَاطِبا ... بضَيْقَةَ بَيْنَ النَّجْمِ وَالدَّيْرَانِ (ضيقة - بالكسر ويفتح - منزل للقمر) وقَالَ الأَسود بن يَعْفُر يصف رفعة منزلته: نَزَلْتُ بِحادي النَّجِمِ يَحْدُو قَرِينَهُ ... وَبِالقلب قلب العَقْرَبِ المُتَوَقِّدِ والعرب تقول: إن الدَّبَرَانَ خَطَب الثريا، وأراد القمر أن يزوِّجه، فأبت عليه، وولَّتْ عنه، وقَالَت للقمر: ما أصنع بهذا السُّبْرُوت الذي لاَ مال له، فَجَمَعَ الدبرانُ قِلاَصَه يتموَّل بها. فهو يتبعها حيث توجهت، يَسُوق صدَاقها قُدَّامة، يعنون القِلاَصَ، وإن الجَدْيَ قتل نَعْشاً؛ فبناتُه تدورُ به تريده، وإن سُهيلا ركَضَ الجَوْزَاء، فركضَتْهُ برجلها فطرحته حيث هو، وضربها هو بالسيف فقطع وَسَطها، وإن الشَّعْرَى اليَمَانية كانت مع الشَّعْرَى الشامية ففارقتها وعَبَرَتِ المَجَرَّةَ، فسميت الشَّعْرَى العَبُور، فلما رأت الشَّعْرَى الشامية فراقَهَا إياها بكَتْ عليها حتى غَمِصَتْ عينُها فسميت الشعرى الغُمَيْصَاء. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 354 4306- أنْتَنُ مِنْ ريحِ الجَوْرَبِ هو من قول الشاعر أثْنِي عَلَيَّ بِمَا عَلِمْتِ فَإنَّنِي ... مُثْنٍ عَلَيْكَ بِمِثْلِ رِيحِ الجَوْرَبِ وقَالَ آخر: بَعَثُوا إلىَّ صَحِيفَةً مَطْوِيَّةً ... مَخْتُومةً بخاتمها كَالعَقْرَبِ فَعَرَفتُ فِيها الشَّرَّ حينَ رأيتُها ... فَفَضَضْتُها عَنْ مِثلِ رِيحِ الجَوْربِ زعم الأَصمعي أن معنى قوله "فعرفت فيها الشر حين رأيتها" هو أن عنوانها كان من كهمس، قَالَ الأَصمعي: وليس شيء أشبه بالعقرب من كهمس. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 354 4307- أنْتَنُ منَ العَذْرَةِ هي كناية عن الخُرء، قَالَ الأَصمعي: أصل العَذِرة فِنَاء الدار، وكانوا يطرحون ذلك بأفنيتهم، ثم كثر حتى سمي الخرء بعينه عَذِرة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 354 4308- أنْشَطُ مِنْ ظَبْيٍ مْقِمَرٍ لأنهُ يأخذهُ النَّشاطُ في القَمَر فَيَلعب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 354 4309- أنْفَرُ مِنْ أَزَبَّ هذا مثل قولهم "كلُُّ أزَبَّ نَفُور" وذلك أن البعير الأزَبَّ يَرَى طولَ الشَّعْر على عينيه فيحسبه شخصاً فهو نافر أبداً. [ص: 355] وقَالَ ابن الأَعرَبي: الأَزبُّ من الإبل شَرُّ الإبل وأنفرها نفاراً، وأبطؤها سيراً، وأخَبُّها خباراً، ولاَ يقطع الأَرض. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 354 4310- أنْبَشُ منْ جَيْألَ هذا الاسم للضَّبُع، وهي تَنْبِشُ القبور، وتستخرج جِيفَ الموتى فتأكلها. قَالَ الأَصمعي: أنشد أبو عمرو بن العَلاَء لرجل من بنى عامر يُقَال له مشهث (في الأصول "مشعب" وما أثبتناه عن اللسان (ج أل) وقد أنشد ثالث هذه الأَبيات، وعنده "بها خماع" وروى أولها في (م ت ع) وأربعتها في الأَصمعيات 43) تَمَتَّع يا مشعَّث إنَّ شَيئاً ... سَبَقْتَ بِهِ الوفَاةَ هُوَ المَتَاعُ بِأصْرٍ يَتْرِكْنِي الحي يوما ... رَهِينَةَ دَارِهم وَهُمُ سِرَاعُ وجَاءتْ جَيْأل وَبَنُو أبِيها ... أحَمّ المأقِيَينِ بهمْ خُماعُ فَظَلاَ يَنبْشَانِ التُّربَ عَنِّى ... ومَا أنا - وَيْبَ غيرك - والسباع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 355 4311- أَنْوَمُ مِنْ كلْبٍ هذا من قول رُؤْبة: لاَقَيْتُ مَطْلا كَنُعاسِ الكَلْبِ ... وَعِدَةً هَاجَ عَلَيْها صَحْبِي كَالشَّهْدِ بِالمَاءِ الزُّلاَلِ العَذْبِ قَالَ حمزة: هذا من قول الأَعرَبي في نعاس الكلب، وقد خالفهم صاحبُ المنطق فَقَالَ: أيْقَظُ من الكلب وزعم أن الكلب أيْقَظ حيوان عينا، فإنه أغلب ما يكون النوم عليه يفتح من عينيه بقدر ما يكفيه للحراسة، فذلك ساعة وساعة، وهو في ذلك كله أيْقَظُ من ذئب، وأسمَع من فرس، وأحذَر من عَقْعق، قَالَ: والأعراب إنما أرادوا بما قَالَوا المَطْلَ في المواعيد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 355 4312- أنْوَمُ مِنْ الفَهْدِ لأن الفَهْد أنْوَم الخلق، وليس نومُه كنوم الكلب؛ لأن الكلب نومُع نعاس والفهد نومه مصمت، وليس شيء في جسم الفهد - أي في حَجْم الفَهْد - إلاَ والفهدُ أثقل منه أحْطَم لظهر الدابة. وقَالَت امرأة من العرب: زوجي إذا دخل فهد وخرج أسد يأكل ما وَجَد، ولاَ يسأل عما عهد. وأما قولهم: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 355 4313- أَنْوَمُ مِنْ غَزَالٍ فلأنه إذا رضَع أمه فَرَوِى امتلأ نوما. وأما قولُهم: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 355 4314- أنْوَمُ مِنْ عَبُودٍ فقد مرَّ ذكره. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 355 4315- أَنْعَمُ مِنْ خُرَيْمٍ هو خُرَيم بن خليفة بن فلاَن بن سنان [ص: 356] ابن أبي حارثة المرِّىُّ، وكان متنعما، فسمى خريما الناعم، وسأله الحجاج عن تنُّعمه، قَالَ: لم ألبس خَلَقا في شتاء، ولاَ جَدِيدا في صيف، فَقَالَ له: فما النعمة؟ قَالَ: الأمن؛ لأني رأيت الخائف لاَ ينتفع بعيش، قَالَ: زدني، قَالَ: الشباب؛ لأني رأيت الشيخ لاَ ينتفع بشيء، قَالَ: زِدْني، قَالَ: الصحة، فإني رأيت السَّقيم لاَ ينتفع بعيش، فَقَالَ: زدني، قَالَ: الغني؛ فإني رأيت الفقير لاَ ينتفع بعيش، فَقَالَ: زدني، قَالَ: لا أجد مزيداً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 355 4316- أَنْعَمُ مِنْ حيَّانَ أَخِي جابرٍ قَالَوا: إنه كان رجلاً من العرب في رخاء من العيش ونعمة من البدن، فَقَالَ فيه الأعشى: (وقع هنا في أكثر أصول هذا الكتاب "فَقَالَ فيه الأَعمش" تحريف، والبيت مشهور جداً، يستشهد به النحاة واللغويون، ووقع في البيت "ما يومي على كورها ويوم حيان" وبذلك يروى.) شَتَّانَ مَا نَوْمِي عَلَى كُورِهَا ... وَنَوْمُ حَيَّانَ أخي جَابِرِ يقول: أنا في السير والشقاء وحَيَّان في الدَّعَة والرخاء. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 356 4317- أَنْزَى مِنْ هِجْرِسٍ قَالَوا: إنه هنا الدبّ. وقَالَوا في قولهم: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 356 4318- أَنْزَى مِنْ ضَيْوَنٍ هو السِّنَوْر، قَالَ الشاعر: يَدَبُّ بِاللَّيلِ لِجَارَاتِهِ ... كَضيَوَنِ دَبَّ إلَى قَرنَبِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 356 4319- أَنْزَى مِنْ ظَبْيٍ وَأَنْزَى مِنْ جَرادٍ هذا من النَّزَوان، لاَ من النَّزْو، كذا قَالَ حمزة، وليس كما ذهب إليه، بل النزوان والنزو واحد، وهما الوَثْبُ، وأما المعنى الآَخر فهو النَّزَاء - بكسر النون - (وبفتحها أيضاً كما قَالَه في القاموس) هذا هو الوجه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 356 4320- أَنْصَحُ مِنْ شَوْلَةَ هي كانت خادماً في دار من دور الكوفة، كانت تُرْسِلُ في كل يوم تَشْتَرِي بدرهم سمناً، فبينما هي ذاهبة إلى السوق وجَدَتْ درهما، فأضافته إلى الدرهم الذي كان معها واشترت بهما سمناً، وردَّتْه إلى مَوَاليها، فضربوها وقَالَوا: أنت تأخذين كل يوم هذا المقدار من السمن فتسرقين نصفه، فضرب بها المثل، فقيل لها: شَوْلَة الناصحة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 356 4321- أَنْدَمُ مِنْ أَبى غَبْشَانَ، ومَنْ شَيْخ مَهْوٍ، وَمِنْ قَضِيبٍ قد مر ذكرهم قبل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 356 4322- أَنْخَبُ مِنْ يَرَاعَةَ (في الأَصول "أنجب" بالجيم تصحيف) معناه أجبَن وأضعف قَلْبا. واليَرَاعة: القَصَب، ويقال: النعامة، ويراد باليَرَاعة المِزْمَار لأنه أجوفُ، قَالَ الشاعر: رَأَيْتُ اليَرَاعَ نَاطِقاً عَنْ فَخَارِكم ... إذَا هَزَمَتْ أثْباجُهُ وتعينا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 357 4323- أَنْدُّ مِنْ نَعَامَةٍ أي أنْفَرَ، يُقَال: ندَّ البعيرُ يند نُدُوداً إذا نفر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 357 4324- أَنَمُّ مِنْ ذُكاءٍ، ومِنْ جَرَسٍ، ومَنْ جَوْزٍ في جُوالَقٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 357 4325- أَنْقَى مِنَ الدَّمْعَةِ، وَمِنَ الرَّاحةِ، ومِنْ طَسْتِ العَرُوسِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 357 4326- أَنْكَدُ مَنْ كلْبٍ أجَصَّ، ومِنْ أَحْمَرِ عادٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 357 4327- أَنْخَى مِنْ دِيكٍ هذا من النَّخْوَة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 357 4328- أَنْوَرُ مِنْ صُبْحٍ، وَمنْ وَضَحِ النَّهَارِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 357 4329- أَنْضَرُ مِنْ رَوضَةٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 357 4330- أَنْدَي مِنَ البَحْر، ومِنْ القَطْرِ، ومِنَ الذُّبَابِ، ومِنَ اللّيْلَةِ المَاطْرَة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 357 4331- أَنْفَذُ مِنْ سِنَانٍ، ومِنْ خَارِقٍ، ومِنْ خَيَّاطٍ، ومَنْ إبْرَةٍ، ومَنْ الدَّرْهَم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 357 4332- أَنْأي مِنَ الكَوْكَبِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 357 4333- أَنْشَطُ مِنْ ذِئْبٍ، وَمِنْ عَيْرِ الفَلاَةِ هذا من قولهم "نشِطَ من بلد إلى آخر، ومن أرض إلى أخرى" إذا ذهب، ومنه" ثَوْرُ ناشط" إذا كان بهذه الصفة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 357 4334- أَنْطَقُ منْ سَحْبَانَ، وَمنْ قُسِّ بْن سَاعِدَةَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 357 4335- أنْكَحُ مِنْ أعْمَى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 357 4336- أنْزَى مِنْ عُصْفُورٍ، ومِنْ تَيْسِ بني حَمَّانَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 357 4337- أنْهَمُ منْ كَلْبٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 357 4338- أنْفَسُ منْ قُرطَي مارِيَة يعنون قولهم "خُذهُ ولو بِقُرْطي مارية" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 357 4339- أَنْدَسُ منْ ظَرِبان قَالَ بعضهم: معناه أنتن، وقَالَ الطبري: [ص: 358] هذا من النَّدَسِ الذي هو الفطَنُ، وذلك أن الظِرْبان يأتي جُحْر الضَّبِّ فيفعل ما قد مر ذكره، ويدخل بين الإبل فيفرقها، وهذا فِطْنَة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 357 المولدون الجزء: 2 ¦ الصفحة: 358 نَزَلَتْ سُلَيْمَى بِسُلَيمٍ نَحْنُ على صَيْحَةِ الحُبْلَى يضرب في الخطر. نِكْ وَاطْرَحْ وَانْكِ وَلاَ تَبْرَحْ نِعْمَ حَاجِبُ الشَّهَوَاتِ غَضُّ البصرِ ِنِعْمَ المَشْيُ الهَدِيَّةُ أمامَ الحاجَةِ نَشَأَ مع نُوحٍ في السَّفِينةِ نِعْمَ العَونُ على المَرُوءَةِ المَالُ نِفَاقُ المَرْءِ من ذُلِّهِ نَزَلتُ مِنْهُ بِوَادٍ غَيْرِ ذي زَرْعٍ نَظَرَ الشَّحِيحِ إلى الغَرِيم المُفْلِسِ نَظِيفُ القِدْرِ يضرب للبخيل. َ نعُوذُ بالله منْ حِسَابٍ يَزِيدُ نِعْمَ الثَّوْبِ العَافيَة ِإذَا انْسَدَلَ على الكفَافِ. نُطَفُ السَّكارَى في أرحامِ القِيَانِ النُّقْلَةُ مُثْلَةٌ النَّاسُ أَتْبَاعُ مَنْ غَلَبَ النِّكاحُ يفسدُ الحبَّ النَّاسُ بزَمَانِهِمْ أشْبَهُ مِنْهُمْ بآبائِهِمْ النَّقْدُ صابُون القُلوبِ النُّصْحُ بينَ المَلإ تقْرِيعٌ النَّاسُ على دِينِ المُلوكِ النَّسِيئَةُ نِسْيَانٌ النِّكْايةُ على قَدْرِ الجِنايةِ النَّاسُ أحاديثُ النَّاسُ بِالنَّاسِ النّايُ في كُمَي وَالرِّيحُ في فَمِي قَالَه زنام للمتوكل، وقد أراده على الخروج على الخروج معه. النَّاسُ عَبِيدُ الإَحْسَانِ أَنْفَقْتُ مَالِي وَحَجَّ الجَّمَلُ أنْجَسُ ما يكُونُ الكَلْبُ إذا اغْتَسَلَ نِعْمَ المُؤَدِّبُ الدَّهْرُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 358 - الباب السادس والعشرون فيما أوله واو الجزء: 2 ¦ الصفحة: 359 4340- وَافَقَ شَنٌّ طَبَقَةَ قَالَ الشرقي بن القطامي: كان رجل من دُهاة العرب وعُقَلاَئهم يُقَال له شَنٌّ، فَقَالَ: والله لأَطُوفَنَّ حتى أجد امرأة مثلي أتزوجها، فبينما هو في بعض مَسِيرَه إذ وافقه رَجُلٌ في الطريق، فسأله شَنٌّ: أين تريد؟ فَقَالَ: موضعَ، كذا، يريد القربة التي يَقْصِدها شَنٌّ، فوافقه، حتى [إذا] أخذا في مسيرهما قَالَ له شَنٌّ: أتحْملُنِي أم أحْمِلُكَ؟ فَقَالَ له الرجل: ياجاهل أنا راكب وأنت راكب، فكيف أحملك أو تحملني؟ فسكتَ وعنه شَنٌّ وسارا حتى إذا قَرُبا من القرية إذا بزَرع قد استَحْصَد، فَقَالَ شَنٌّ: أترى هذا الزرع أكِلَ أم لاَ؟ فَقَالَ له الرجل: يا جاهل ترى نَبْتاً مُسْتَحْصِداً فتقول أكِلَ أم لاَ؟ فسكَتَ عنه شن حتى إذا دخلاَ القرية لَقَيَتْهما جِنَازة فَقَالَ شن: أترى صاحبَ هذا النّعْشِ حياً أو ميتاً؟ فَقَالَ له الرجل: ما رأيتُ أجْهَلَ منك، ترى جِنَازة تسأل عنها أمَيْتٌ صاحبُها أم حى؟ فسكت عنه شَن، لاَاراد مُفارقته، فأبى الرجل أن يتركه حتى يصير به إلى منزله فمضى معه، فكان للرجل بنت يُقَال لها طَبقة فلما دخل عليها أبوها سألته عن ضَيفه، فأخبرها بمرافقته إياه، وشكا إليها جَهْلَه، وحدثها بحديثه، فَقَالَت: ياأبت، ما هذا بجاهل، أما قوله "أتحملنى أم أحملك" فأراد أتحدثُنى أم أحَدِّثك حتى نقطع طريقنا وأما قوله "أترى هذا الزرع أكِلَ أم لاَ" فأراد هَلْ باعه أهله فأكلوا ثمنه أم لاَ، وأما قوله في الجنازة فأراد هل ترك عَقِباً يَحْيا بهم ذكرهُ أم لاَ، فخرج الرجل فَقَعد مع شَنٍّ فحادثه ساعة، ثم قَالَ أتحبُّ أن أفسِّرَ لك ما سألتنى عنه؟ قَالَ: نعم فَسَّرَهُ، ففَسَّرْهُ، قَالَ شن: ما هذا من كلامك فأخبرنى عن صاحبه، قَالَ: ابنة لى، فَخَطَبها إليه، فزوَّجه إياها، وحملها إلى أهله، فلما رأَوْها قَالَوا : وافَقَ شَنٌّ طَبَقَةَ، فذهبت مثلاً. يضرب للمتوافقين. وقَالَ الأَصمعي: هم قوم كان لهم وعاء من أدَمٍ فَتَشَنَّنَ، فجعلوا له طَبَقاً، فوافقه، فقيل: وافق شن طَبَقَهُ، وهكذا رواه أبو عبيد في كتابه، وفسره. [ص: 360] وقَالَ ابن الكلبي: طَبَقَةُ قبيلة من إياد كانت لاَ تطاق، فوقع بها شَنُّ بن أقْصَي بن عبد القيس بن أفصَى بن دُعْمى بن جديلة ابن أسد بن ربيعة بن نزار، فانتصف منها، وأصابت منه، فصار مثلاً للمتفقين في الشدة وغيرها، قَالَ الشاعر: لَقَيَتْ شَنُّ إيَاداً بِالَنَا ... طَبْقاً وَافَقَ شَنٌّ طَبَقَهْ وزاد المتأخرون فيه: وافقه فاعتنقه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 359 4341- وَقَعَ القَومُ في سَلَى جَملٍ السَّلَى: ما تُلْقِيه الناقةُ إذا وضعت، وهي جُليدَةٌ رقيقة يكون فيها الولد من المواشي، وإن نزعت عن وجه الفصيل ساعةً يولدُ وإلاَ قتلته، وكذلك إذا انقطع السَّلَى في البطن، فإذا خرج السَّلَى سلمت الناقة، وسلم الولد، وإذا انقطع في بطنها هلكت وهلك الولد. يضرب في بلوغ الشدة منتهى غايتها. وذلك أن الجمل لاَ يكون له سَلىً، فأرادوا أنهم وقعُوا في شر لاَ مِثْلَ له الجزء: 2 ¦ الصفحة: 360 4342- وَقَعُوا في أمِّ جُنْدُبٍ قَالَ أبو عبيد: كأنه اسمٌ من أسماء الإساءة. يضرب لمن وقع في ظلم وشر وروى غيره "وقعوا بأم جندب" إذا ظَلَموا وقَتَلوا غيرَ قاتل صاحبهم، وأنشد: قَتَلْنَا بِهِ القَوْمَ الَّذينَ اصْطَلَوا بِهِ ... نَهَاراً، ولم نَظْلمِ بِهِ أمِّ جُنْدُبْ أي لم نقتل غير القاتل وقيل: جندب اسمٌ للجراد، وأمه الرَّمْل، لأنه يُرَبِّي بَيْضَة فيه، والماشي في الرمل واقع في الشدة، وقيل: هو فُنْعل من الجَدب أي واقعوا في القَحْط. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 360 4343- وَقَعُوا فِي وَادي جَدَبَاتٍ قد كثرت الرواية في هذا المثل، فبعضهم قَالَ"جدبات" جمع جَدْبة، وبعضهم روى بالذال المعجمة من قولهم "جذب الصبي" إذا فَطَمه وذلك يصعب عليه ويشتد، وربما يكون فيه هلاَكه، والصواب ما أورده الأَزهَري رحمه الله في التهذيب عن الأصمعي جَدَبَات جمع جَدَبة وهي فَعْلَة من الجَدْب، يُقَال: جَدَبته الحية إذا نَهَشَته (ويروى أيضاً "خدبات" بالخاء المعجمة والدال المهملة من الخدب، وهو الضرب بالسيف، والمراد _ على كل حال_ وقعوا في شدائد منكرة) يضرب لمن وقع في هلكة، ولمن جَار عن القَصْدِ أيضاً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 360 4344- وَقَعُوا في تَحُوطٍ أي سَنة جدبة، قَالَ أوْسٌ: [ص: 361] والحَافِظُ الناَّسَ في تَحُوطَ إذا ... لَمْ يُرْسِلُوا تَحْتَ عائِذٍ رُبْعاً وقَالَ الفراء: يُقَال وقع وفي تَحُوطَ وتُحيط وتِحيط - بكسر التاء إتباعا لكسرة الحاء - قَالَ: أخذت من "أحاط به الأمر" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 360 4345- وَقَعُوا في دُوكَةٍ وبُوخ يروى بضم الدال وفتحها وبوخ بالخاء والحاء، وهما الاَختلاَط، ومنه الحديث "فباتُوا يدُوكُونَ" أي باتوا في اختلاَط ودوران يضرب لمن وقع في شر وخصومة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 361 4346- وَقَعُوا في وَادِي تًضُلِّل وَتَخُيُّبَ وكذلك "تُهْلِّك" كلها على وزن تُفْعِلُ - بضم التاء والفاء وكسر العين غير مصروف - ومعنى كلها الباطل، قَالَه الكِسَائي ومنع كلها من الصرف لشبه الفعل والتعريف ويروى"تَضَلِّل" بفتح الضاد، وكذلك أخواته، والصحيح الضم، كذلك أورده الجوهري في كتابه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 361 4347- وَقَعُوا في الاَهْيَعَيْنِ يُقَال: عامٌ أهْيَع؛ إذا كان مُخْصِباً كثير العشب. يضرب لمن حَسُنت حاله قَالَوا: ومعنى التثنية الأكل والشرب وقَالَ الأَزهَري الأَكل والنكاح. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 361 4348- وَقَعَ فُلاَنٌ في سِيِّ رَأْسِهِ، وفي سَوَاءٍ رَأْسِهِ إذا وقع في النعمة. قَالَ أبو عبيدة: وقد يفسر سِيُّ رأسه عدد شعر رأسه من الخير، وقَالَ ابن الأَعرَبي أي غمرته النعمة حتى ساوت برأسه وكثرت عليه يضرب لمن وقع في خِضْبٍ. ويروى "في سن رأسه" وهو تصحيف الجزء: 2 ¦ الصفحة: 361 4349- وَقَعُوا في أمِّ حَبَو كِرٍ، وأمِّ حَبَو كَرَى، وأم حَبَوْ كَرَانَ وتحذف "أم" فيُقَال: وقعوا في حَبَوْ كَرٍ وأصل الحَبَو كر الرمل يضلُّ فيه. يضرب لمن وقع فيه داهية عظيمة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 361 4350- وَقَعَتْ عَلَيْهِ رَخْمَتُهُ الرَّخْمَة: قريب من الرحمة، يُقَال: رخمة ورحمة قَالَ: مُسْتَوْدَعٌ خَمَرَ الوَعْسَاءِ مَرْخُومُ (هذا عجز بيت لذي الرمة، وصدوه: كأنه أم ساج الطرف أخدرها قَالَ الأَصمعي مرخوم أي ألقيت عليه رخمة أمه، أي حبها له والفته إياه وزعم أبو زيد الأَنصاري أن من أهل اليمن من يقول: رخمته رخمة، بمعنى رحمته. ويُقَال: ألقى الله عليه رخمة فلاَن، أي عطفه ورقته.) [ص: 362] يضرب لمن يُحَبُّ ويؤلف. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 361 4351- وَدَقَ العَيْرُ إلى المَاء يُقَال ودَقَ يدِقُ ودَقَا، أَي قرب ودَنَى يضرب لمن خضَع بعد الأَباء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 362 4352- وَجِّهِ الحَجَرَ وجْهَةً مالَهُ "وِجْهَةً مَّاله" و "وَجْهَاً ما له" ويروى وِجْهَة وجْهةٌ ووَجْهٌ بالرفع، و "ما" صِلَة في الوجهين، والنصب على معنى وَجِّه الحَجْرَ جهته، والرفع على معنى وَجِّه الحجر فَلَهُ وِجْهَةٌ وجِهَةٌ، يعنى أن للحجر وِجْهَة ما، فإن لم يقع موقعا ملاَئماً فأدره إلى جهة أخرى فإنا له على حال وجهةً ملائمة، إلاَ لاَ أنك تخطئها. يضرب في حسن التدبير. أي لكل أمرٍ وجه، لكن الإنسان ربما عجز ولم يهتد إليه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 362 4353- وَاهاً مَا أبْرَدَهَا عَلَى الفُؤَادِ "وَاهاً" كلمة يقولها المسرور. يحكى أن معاوية لما بلغه موتُ الأشتر قَال َ: واهاً ما أبْرَدَها على الفؤاد؟ وروى: وَاهاً لها من نَغَيَةٍ؟ أي صوت. وزعموا أنه لما أتاه قتلُ تَوبَةَ بن الحُمَيِّرِ العقيلى صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثمَ قَالَ: يا أهل الشام، إن الله تعالى قَتَلَ الحمار بن الحمير، وكفى المسلمين دَرأه، فاحمدوا الله فإنها نَغَية كالشَّهد، بل هي أَنقع لذى الغليل من الشهد، إنه كان خارجيَّا تُخْشَى بَوَاثقه، فَقَالَ همام بن قبيصة: يا أمير المسلمين، إنه كفاك عمله، ولم يُودِ حتى استكمل رزقه وأجله، كان والله لزَازَ حُرُوبٍ يكره القوم درأه كما قالت ليلى الأَخيلية: لِزَاز حُرُوب يَكْرَهُ القَوْمُ دَرْأه ... وَيَمْشِي إلى الأقرانِ بِالسَّيْفِ يَخْطِرُ مُطِلٌّ عَلَى أعْدَائِهِ يَحْذَرُونَهُ ... كَمَا يَحْذَرُ اللّيثُ الهِزَبْرُ الغَضَنْفَرُ فَقَالَ معاوية: اسكت يا ابن قبيصة، وأنشأ أو أنشد فَلاَ رَقَأَتْ عَيْنٌ بكَتْهُ، ولاَ رَأَتْ ... سُرُوراً، ولاَ زَالَتْ تُهَانُ وَتَحْقَرُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 362 4354- وَجَدَ تَمْرَةَ الغُرَابِ يضرب لمن وَجَدَ أفضلَ ما يريد. وذلك أن الغراب يطلب من التَّمْر أجَوَدَه وأطْيَبه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 362 4355- وَجَدَتِ الدَّابَّةُ ظِلْفَهَا يضرب لمن وجد أداةً وآلة لتحصيل طلبته. ويروى "وجدت الدابة طَلْقَها" أي شَوْطَها أو حُضْرها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 362 4356- وُلْدُكِ مِنْ دَمِّي عَقِبَيْكِ الوُلْد: لغة في الوَلَد. حكى المفضل أن امرأة الطُّفَيل بن مالك ابن جَعْفر بن كِلاَب، وهي امرأة من بَلْقِين ولدت له عَقِيل بن الطُّفيل، فَتبنته كَبْشَة بنت عُرْوَة بن جعفر بن كلاَب، فقدم عقيلٌ على أمه يوماً فضربته، فجاءتها كبشة حتى منعتها وقَالَت: ابنى ابنى، فَقَالَت القينية: وُلْدُك - ويروى ابْنُك - مَنْ دَمَّي عِقَبَيْك، يعني الذي نُفِسْتِ به فأدمى النفاسُ عقيبك، أي من ولدته فهو ابنك، لاَ هذا، فرجعت كَبْشَة وقد ساءها ما سمعت، ثم ولدت بعد ذلك عامر بن الطفيل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 363 4357- وَجَدْتُ النَّاسَ اخْبُرْ تَقْلُهُ ويجوز "وجدتُ الناسُ" بالرفع على وَجْه الحكاية للجملة، كقول ذى الرمة: سَمِعْتُ الناسُ يَنْتَجِعُونَ غَيْثاً ... فَقُلْتُ لِصَيْدَحَ انْتَجِعي بِلاَلاَ أي سمعت هذا القول، ومن نصب الناسَ نصبه بالأمر، أي اخْبُرِ الناسَ تَقْلُ، وجعل وجدت بمعنى عرفت هذا المثل، والهاء في "تقلُهْ" للسكت بعد حذف العائد، أعنى أن أصله أخْبُرِ الناسَ تَقْلُهُمْ، ثم حذف الهاء والميم، ثم أدخَلَ هاء الوقف، وتكون الجملة في موضع النصب بوجدت، أي وجدتُ الأمر كذلك. قَالَ أبو عبيد: جاءنا الحديثُ عن أبى الدرداء الأَنصارى رضي الله عنه، قَالَ: أخرج الكلام على لفظ الأمر ومعناه الخبر، يريد أنك إذا خَبَرْتَهُمْ قَلَيْتهم. يضرب في ذم الناس وسُوء مُعاشرتهم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 363 4358- وَحْمَى وَلاَ حَبَلَ أي أنه لاَ يذكر له شيء إلاَ اشْتَهَاه يضرب للشَّرِه والحريص على الطعام، وللذي مالاَ حاجة به إليه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 363 4359- وَجْهُ المُحَرِّشِ أقْبَحُ يضرب للرجل يأتيك من غَيْرِك بما تكره من شَتْم، أي وَجْهُ المبلغ أقبح الجزء: 2 ¦ الصفحة: 363 4360- أوْسَعْتُهُمْ سَبّاً وَأَوْدَوْا بالإبل يُقَال: "وَسِعَه الشيء" أي حاط به، وأوسَعْتُهُ الشيء، إذا جعلته يَسَعُه، والمعنى كَثَّرْتُه حتى وَسِعه، فهو يقول: كثرت سَبَّهُم فلم أدَعْ منه شيئاً. وحديثه أن رَجُلاً من العرب أغيرَ على إبله فأخِذَتْ، فلما توارَوا صَعدَ أكَمَة وجعل يشتمهم، فلما رجع إلى قومه سألوه عن ماله، فَقَالَ: أوْ سَعْتُهُ سَبّاً وأودوا بالإبل، قَالَ الشاعر: [ص: 364] وَصِرْت كَرَاعِي الإبل؛ قَالَ: تَقَسَّمَتْ فأوْدَى بِهَا غيري، وَأوْسَعْتُهُ سَبّاً ويُقَال: إن أول من قَالَ ذلك كعب بن زهير بن أبي سُلْمى، وذلك أن الحارث بن وَرْقاء الصَّيْدَاوى أغار على بنى عبد الله بن غَطَفان، واستاق إبلَ زهير وراعيه، فَقَالَ زهير في ذلك قصيدته التي أولها: بَانَ الخَلِيطُ ولَمْ يَأْوُوا لِمَنْ تَرَكُوا ... وَزَوَّدُوكَ اشتيِاقَاً، أيةً سَلَكُوا؟ وبعث بها إلى الحارث، فلم يردَّ الإبل عليه، فهجَاه، فَقَالَ كعب : أوْسَعْتُهم سَبّاً وأوْدَوْا بالإبل، فذهبت مثلاً. يضرب لمن لم يكن عنده إلا الكلام. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 363 4361- أودى العَيْرُ إلاَ ضَرِطاً يضرب للذليل، أي لم توثق من قربه إلاَ هذا، ويضرب للشيخ أيضاً، ونصب "ضَرِطاً" على الاستثناء من غير الجنس. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 364 4362- أَوْرَدَهَا سَعْدٌ وَسْعْدٌ مُشْتَمِلٌ هذا سَعْد بن زيد مَنَاة أخو مالك بن زيد مَنَاة الذي يُقَال له: آبل من مالك، ومالك هذا هو سبط تميم بن مرة، وكان يُحمَق إلاَ أنه كان آبل زمانه، ثم إنه تزوج وَبَنَى بامرأته، فأورد الإبل أخوه سَعْد، ولم يحسن القيام عليها والرفق بها، فَقَالَ مالك: أوْرَدَهَا سَعْدٌ وسَعْدٌ مُشْتَمِلْ ... مَاهكَذَا يا سعدُ تُورَدُ الإبل ويروى: يا سَعْدُ لاَ تروى بهذَاكَ الإبل فَقَالَ سعد مجيبا له: يَظَلُّ يَوْمَ وْرْدِهَا مُزَعْفَراً ... وَهْيَ حَنَاظِيلُ تَجُوسُ الخَضِرَا قَالَوا: يضرب لمن أراد المراد بلاَ تَعَب، والصواب أن يُقَال: يضرب لمن قَصَّر في الأمر. وهذا ضد قولهم "بَيْدَيْنِ ما أوْرَدَهَا زائدة" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 364 4363- وَقَعَا كَعِكْمَى عَيْرٍ العير يقع على الحمار الوَحْشِي والأهلي؛ لأنهما يَعِيرَان، أي يَسِيران، وأراد يا لوقوع الحصول، يعني أنهما حصلا في التوازنِ والتعادُلِ سواء، ويجوز أن يكون بمعنى السقوط؛ لأن العِكْمَيْن في الأَكثر إذا حّلا سقَطَا معا، والعِكْمُ: العدل، ويُقَال أيضاً هما عِكْما عَيرٍ، وكلاَهما يضرب للمتساوين الجزء: 2 ¦ الصفحة: 364 4364- وَقِيَةٌ كَوَاقبةِ الكِلاَبِ الواقية: مصدر كالعاقبة والكاذبة، أي وقاية كوقاية الكلاَب على ولدها، وهي أشدُّ الحيوانات وقاية لأَولاَدها، وفي الحديث "اللهم وَاقية كواقية الوليد" قَالَوا: عنى به صلى الله عليه وسلم موسى عليه السلام. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 364 4365- وَعِيدُ الحُبَارَى الصَّقْرَ وذلك أن الحُبَارى تقف للصَّقْر وتحاربه ولاَ سلاَح لها، وربما ذَرَقَتْه، ولذلك قيل: سِلاَحُه سُلاَحُه، قَالَ الكلبي: أقَلُّ غَنَاء عنك إبعادُ بَارِقٍ ... وَعِيدَ الحُبَارَى الصَّقْرَ مِنْ شِدَّةِ الرُّعْب (وقع صدر هذا البيت في أصول هذا الكتاب "لقد غنى عنك إبعاد بارق" وهو تحريف وغير مستقيم الوزن، وعثرت على البيت بعد طول البحث في ثمار القلوب للثعالبي 382 ووقع فيه "أقل عناء" تحريف ما أثبتناه) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 365 4366- أَوْرَدَهُم حِيَاضَ عَطِيشٍ ويروى "مياه عطيش" أي هلكوا والسَّرَابُ يسمى مياه عطيش، وأنشد: وَهَلْ أنَا إلاَ كالقَطَامِّي فيكُمُ ... أجلى كما جلى وأغضى كما يغضى قفوا حمرات الجهل لاَ يوردنَّكُمْ ... مِيَاهَ عَطِيشٍ غِبَّ ثَالِثَةٍ يُفْضِي ويحكى هذا من قول الحجاج للشعبي حين خرج فيمن كان خرج من الفقهاء عليه فلما ظفر به عاتبه عتاباً طويلاً، فصدقه الشعبي عن نفسه، وأغلظ له في القول، فَقَالَ الحجاج: واصدقاه، وعفا عنه وأطلقه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 365 4367- الوَلَدُ لِلفِرَاشِ وَاللْعاهِرِ الحَجَرُ اسمُ الفراش يستعار لكل واحد من الزوجين، والعاهر: الزاني، والمرأة عاهرة، والحَجَر: كناية عن الخيبة، كما يُقَال: بِفِيهِ الإثِلِبُ، وبِفِيهِ البَرَى، ويجوز أن يكون كناية عن الرَّجْم يعنى أن الولَدَ للوالد، وللعاهر أن يخيب عن النسب أو يُرْجَم. يضرب لمن يرجع خائباً باستحقاق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 365 4368- أَوْدَتْ بِهِم عُقَابُ مَلاَعٍ قَالَ أبو عبيد: يُقَال ذلك في الواحد والجمع، قَالَ ابن دريد: عُقَاب مَلاَع سريعة وأنشد عُقَاب مَلاَع لاَ عُقَابُ القَوَاعِل والمَليع والمَلاَع: المَفَازة التي لاَ نَبَات بها، ويجوز أن تكون منسوبة إليها لسكونها المفازة، ويجوز أن يقال: نسبت إلى السرعة لأنها أسرع الطير اختطافا، والمَلْع: السير السريع الخفيف، يقال: ملوع ومَلِيع، وقَالَ ثعلب: يُقَال أنت أخَفُّ من عُقَيِّب ملاَع، وهي عقيب تأخذ العصافير والجُرْذَانَ، ولاَ تأخذ أكثر من ذلك. يضرب في هلاَك القوم بالحوادث. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 365 4369- وَقَعَ القَوْمُ في وَرْطَةٍ قَالَ أبو عبيد: أصل الوَرْطَة الأَرض التي تطمئن لاَ طريق فيها، وَوَرَّطَه وأوْرَطَه، إذا أوقَعه في الورطة. [ص: 366] يضرب في وقوع القوم في الهلكة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 365 4370- وَجْدْتُ النَّاسَ إنْ قارضْتُهُمْ قارَضُوكَ، هذا من كلام أبي الدرداء رضي الله عنه، وتمامه "وإن تركتهم لم يتركوك" المقارضة: يجوز أن تكون من القَرْضِ الذي هو الدَّين، وجُعِلَ ايتعارة للأفعال المقتضية للمجازاة، أي إن حسنت إليهم أحسنوا إليك، وإن أسأت فكذلك، ومعنى قوله "وإن تركتهم لم يتركوك" أي إن عَوَّدتهم الإحسان ثم فطمْتَهم لم يتركوك، يعني أنهم يلحون حتى تعود إليهم بالإحسان، ويجوز أن تكون المقارضة من القَرْض الذي هو القَطْع، أي إن نِلْتَ من أعراضهم نالوا من عرضك، وإن تركتهم فلم تنل منهم نالوا منك أيضاً لسوء دِخْلَتهم وخُبْث طباعهم، وسمى النيل من العرض قطعاً لأنه سبب القطع، والمثل في الجملة ذم لسوء معاشرة الناس ونهى عن مخالطتهم، وينشد في هذا المعنى: وَمَا أنْتَ إلاَ ظالم وَابْنُ ظَالمٍ ... لأنَّكَ مِنْ أولاد حَوَّا وَآدَمِ فإن كُنْتَ مِثْلَ النَّصْلِ ألْفَيتَ قَائِلاً ... ألاَ مَا لهذا النَّصْلِ لَيْسَ بِصَارِمِ وإن كُنْتَ مِثْلَ القَدْحِ ألْفَيْتَ قائلاً ... ألاَ مَا لِهذا القِدْحِ لَيْسَ بِقَائِمٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 366 4371- وَأمٌّ بِشِقٍّ أهْلُهُ جِيَاعٌ الوَأم: البيتُ الثَّخِين من شَعْر أو وَبَر، وشق: موضع. يضرب للكثير المال لاَ ينتفع به. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 366 4372- الوحدةَُ خَيْرٌ مِنْ جَلِيس السُّوءِ قَالَ أبو عبيد: هذا من أمثالهم السائرة في القديم والحديث. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 366 4373- أوْدَى بِهِ الأزلَمْ الجَذَعُ يُقَال: الأزلم اسم للدهر، والجذع صفة له؛ لأنه لا يهرم أبدا، بل يتجدَّدُ شبابه. يضرب مثلاً لما وَلَّى ويُئِس منه؛ لأن الدهر أهلكَه، قَالَ لَقيط بن يعمُر الإيادي: يَا قَوْمِ بَيضَتكم لاَ تُفْضَحُنَّ بِهَا ... إنِّي أخافُ عَلَيْها الأزلم الجَذَعا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 366 4374- وَقَعَ في رَوْضَةٍ وَغَدِيرٍ يضرب لمن وقع في خصْب ودَعَة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 366 4375- أوْضَعْ بِنَا وَأَمِلَّ الوضيعة: الحَمْضُ بعينه، وقوله أوضع بنا أي أرعِنَا الحْمْض، وأمِلَّ من الإملاَل، وهو الرعى في الخلة، يعني خذ بنا تارة في هذا وتارة في ذاك. يضرب في التوسط حتى لاَ يسأم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 366 4376- وَرَيْتُ بِكَ زِنَادِى، وزهَّرْتُ بِكَ نَارِي يضربان عند لقاء النجح، أي رأيت منك ما أحب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 367 4377- وَجْدَانُ الرِّقِينَ يُغَطِّي أفَنَ الأفِينِ. الرَّقَة: الوَرْق، والأفَنُ: الحُمْق والأَفِينُ: المأفون، وهو الأَحمق، والأفَنُ - بالتحريك - ضعف الرأي، وقد أفِنَ الرجلُ، وأفَنَهُ الله يأفنه أفناً، وأصله النقص، يقال: أفن الفصيل ما في ضَرْع أمه، إذا شربه كله. يضرب في فَضْل الغنى والجِدَة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 367 4378- وَشْكانَ ذَا إذابةً وَحَقْناً أي ما أسرع ما أذيبَ هذا السمن وحُقِن، ونصب "إذابة وحقنا" على الحال وإن كانا مصدرين، كما يُقَال: سرُعَ هذا مُذَاباً ومَحْقُونا، ويجوز أن يحمل على التمييز كما يُقَال حَسُنَ زيد وجهاً، وتَصَيَّبَ عرقاً. يضرب في سرعة وقوع الأمر، ولمن يخبر بالشيء قبل أوانه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 367 4379- وَقَعَ عَلَى الشَّحْمَةِ الرُّقَّى ويروى "الرُّكَّى" وهو الشحم الذي يذوب سريعاً، يُقَال: الشحمة الرُّكَى على فُعْلَى، والعامة تقول الرُّقَّى. يضرب لمن لاَ يعينك في قضاء الحاجات الجزء: 2 ¦ الصفحة: 367 4380- وَقَعُوا في عَاثُور شَرٍّ، وعَافُورِ شَر أي وقعوا في شر لاَ مخلصَ لهم منه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 367 4381- أوْهَيْتَ وَهْياً فارقَعْهُ أي أفسدت أمراً فأصلِحْهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 367 4382- أوْدَتْ أرضٌ وأوْدَى عَامِرُهَا يضرب للشيء يذهب ويذهب مَنْ كان يصلحه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 367 4383- وَيْلٌ لِلشَّجِيِّ مِنَ الخَلِىِّ ذكرت قصته في حرف الصاد عند قولهم "صُغَراهَا شُرَّها" (انظر المثل رقم 2112) وهذه رواية أخرى قَالَ المدائنى ومحمد بن سلام الجحمى: أول من قَالَ ذلك أكْثَمُ بن صَيفي التميمى، وكان من حديثه أنه لما ظهر النبي عليه الصلاَة والسلام بمكة ودَعَا الناسَ إلى الإسلام بعث أكْثَم بن صيفي ابنَهُ حُبَيْشاً، فأتاه يخبره، فجمع بني تميم وقَالَ: يا بني تميم، لاَ تُحْضِرُونِي سفيهاً فإنه مَنْ يَسْمَع يَخَلْ، إن السفيه يُوهِنُ مَنْ فوقه ويثبت من دونه، لاَ خير فيمن لاَ عقل له، كبرت سني ودَخَلَتْني ذلة، فإذا رأيتم مني حَسَناً فاقبلوه، وإن رأيتم مني غير ذلك فقوموني أستقم، إن ابني شَافَهَ هذا الرجل مُشَافهة وأتاني بخبره وكتابه يأمر فيه بالمعروف وينهى عن المنكر، ويأخذ فيه بمحاسن [ص: 368] الأخلاَق، ويدعو إلى توحيد الله تعالى، وخلَع الأوثان، وترك الحلف بالنيران، وقد عَرَف ذوو الرأي منكم أن الفضلَ فيما يدعو إليه، وأن الرأي تركُ ما ينهى عنه، إن أحَقَّ الناس بمعونة محمد صلى الله عليه وسلم ومساعدته على أمره أنتم، فإن يكن الذي يدعو إليه حقا فهو لكم دون الناس، وإن يكن باطلاً كنتم أحَقَّ الناس بالكَفِّ عنه وبالسَّتْر عليه، وقد كان أسقفُ نَجْرَان يحدِّث بصفته، وكان سفيان بن مُجَاشع يحدث به قبله، وسمى ابنه محمدا، فكونوا في أمره أولاً، ولا تكونوا آخرا، ائتُوا طائعين قبل أن تأتوا كارهين، إن الذي يدعو إليه محمد صلى الله عليه وسلم لو لم يكن ديناً كان في أخلاَق الناس حَسَنا، أطيعوني واتَّبِعُوا أمري أسأل لكم أشياء لاَ تنزع منكم أبداً، وأصبحتم أعز حي في العرب، وأكثرهم عدداً، وأوسعهم داراً، فإني أرى أمراً لاَ يجتنبه عزيز إلاَ ذل، ولاَ يلزمه ذليل إلاَ عز، إن الأَوَّل لم يَدَعْ للآخر شيئاً، وهذا أمر له ما بعده، مَنْ سبق إليه غمر المعالي، واقتدى به التالي، والعزيمة حزم، والاَختلاَف عجز فَقَالَ مالك بن نُويْرة، قد خَرِفَ شيخكم، فَقَالَ أكثم : ويل للشجىِّ من الخلى، والهَفْي على أمْرٍ لم أشهده ولم يسعنى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 367 4384- وَرَدُوا حِيَاضَ غَتِيمٍ أي ماتوا قَالَ الأَزهَري: الغَتيم الموت قلت: لعله أخِذَ من الغتم، وهو الأَخذ بالنفس من شدة الحر، ومنه (قبل هذا البيت قوله: و ... حرقها حمض بلاَ دقل ... و"غير مستقل" هنا غير مرتفع لثبات الحر المنسوب إليه، وإنما يشتد الحر عند طلوع الشعرى التي في الجوزاء) وَغَتْمُ بَحْمٍ غَيْرَ مُسْتَقِل ... وتركيب الكلمة يدل على انسداد وانغلاَق كالغُتْمَةِ، وهي العُجْمَة، ومن مات انسَدَّت مسامُّه وانغلقت متصرفاته، وروى ثعلب بالثاء المعجمة بثلاَث، ولاَ أدرى ما صحته (قَالَ في اللسان (غ ت م) "ووقع فلاَن في أحواض غتيم، أي وقع في الموت، لغة في غثيم، عن ابن الأَعرَبي، وحكى اللحياني: ورد حوض غتيم، أي مات، قَالَ: والغتيم الموت، فأدخل عليه الألف واللأم، قَالَ ابن سيده: ولاَ أعرفها عن غيره" اهـ. وقَالَ في (غ ث م) "ووقع في أحواض غثيم، أَي في الموت، لغة في غتيم، قَالَ أبو عمر الزاهد: يُقَال للرجل إذا مات: ورد حياض غثيم، وقَالَ ابن دريد: غتيم، وقَالَ بن الأَعرَبي: قتيم" اهـ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 368 4385- وَسِعَ رِقَاعٌ قَوْمَهُ رِقَاع: اسم رجل كان شريراً، يقول: أو فرنا شراً، قَالَ المؤرج: وربما قيلت في الخير، وهي في الشر أكثر، وإنما يُقَال ذلك للجاني على قومه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 369 4386- وَرَثْتُهُ عَنْ عَمَّةٍ رَقُوبٍ الرَّقُوبُ: التي لا يعيش لها ولد؛ فهي أرْأَفُ بابن أخيها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 369 4387- وَقَعُوا فِي تُغُلِّسَ بضم التاء والغين وكسر اللام - أي وقعوا في داهية، قَالَه أبو زيد. قلت: هذا اللفظ في أمثاله المقروءة على المشايخ على وزن تُقُتِّلَ، وكذلك قرىء على القاضي أبي سعيد، إلاَ أنه قَالَ: أنا لاَ أحفظ إلاَ تُغُلِّسَ، كما أثبته أنا ههنا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 369 4388- وَلِيَ حارَّهَا مَنْ وَليَ قَارَّهَا ويروى "من تَوَلَّى" قَالَه عمر بن الخطاب رضي الله عنه لعتبة بن غَزْوَان، أولأَبي مسعود الأَنصاري رضي الله عنه، أي احمل ثقلك على مَنِ انتفع بك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 369 4389- وَاحَبَّذا وَطْأةُ المَيْلِ قَالَه رجل راكب دابة، وقد مال على أحد جانبيه، فقيل له: اعتدل، فاستطاب رِكْبَتَه، فلم يزل كذلك حتى نزل وقد عَقَر دابته. يضرب لمن خالف نصيحة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 369 4390- وَأَهْلُ عَمْرٍ وقدْ أضَلُّوهُ قَالَوا: هو عمرو بن الأَحوَص بن جعفر ابن كلاَب، قَالَه أبوه لما قتل (كان عمر وقد غزا بني حنظلة في يوم ذي نجب، فقتله خالد بن مالك بن ربعى، وكان أبوه يحبه، فكان كلما سمع باكية قَالَ "وأهل عمر وقد أضلوه" عمرو فلم يرجع إليه، والمثل هكذا يضرب مع الواو في "وأهل" لما أهلكه صاحبه بْيده. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 369 4391- أَوْدَى دَرِمٌ هو دَرِم بن دُبّ بن مرة بن ذُهْل بن شيبان. قَالَ أبو عمرو: كان النعمان بن المنذر يطلب دَرِماً وجَعَل فيه جُعْلاَ لمن جاء به أو دلَّ عليه، فأصابه قوم، فأقبلوا به إليه، فمات في أيديهم قبل أن يبلغوا به إليه فقيل "أودى دَرِم" يضرب لمن لم يدرك بثأره. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 369 4392- وَلْغٌ جَرِىٍّ كانَ مَحْشُوماً قَالَ ابن الأَعرَبي: حَشَمْتُه أي أخجلته ويروى "وَلَغْ جَرِيٍّ كان محسوماً" بالسين هكذا رواه ابن كثوة. يضرب في استكثار الحريص من الشيء قَدَرَ عليه بعد أن لم يكن قادراً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 369 4393_ وَجَدْتَنِي الشَّحْمَةَ الرُّقى طَرِفاً أي رقيقةَ الطرف، أي وجدتَنِى لاَ امتناعَ بي عليك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 370 4394- وَلُوعٌ وَلَيْسَ لِشيء يَرِدُ أي هو حَرِيص على ما مُنِع، ولاَ يرد عليه شيء مما يريد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 370 4395- وَقَعُوا في أُمِّ خَنُّورٍ مثال تَنُّور وسِنَّوْر، أي في نعمةٍ، كذا قَالَه أبو عمرو، وقَالَ آخرون: أي في داهية. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 370 4396- وَيَشْرَبُ جَمَلُها مِن المَاءِ أصله أن رَجُلاً تزوج امرأة فمقَتَها فطلقها، ثم لبث زماناً، فاستسقاه ظُعُن مررن به، فسقاهن، فرأي جملها وهي عليه، فعرفها فَقَالَ: ويشربُ جملُها من الماء. يضرب عند التهكم بالممقوت. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 370 4397- وَعَدَهُ عِدَةَ الثُّرَيَّا بِالقَمَرِ وذلك أنهما يلتقيان في كل شهر مرة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 370 4398- أَوْرَدْتَ مَالَمْ تَصْدُرْ أي نَطَقْتَ بما لم تقدر على ردِّهَا من كلمة عَوْراء، أو جنيتَ جنايةً شَنْعَاء. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 370 4399- وَابِطَينَا بَطَّنْ أصله أن رَجُلاً من العرب كانت له ابنة فخطبها قوم، فدفع أبوها إليهم ذِرَاعاً مع العضد، وقَالَ: مَنْ فَصَلَ بينهما فهي له، فعالجوا فلم يَصِلُو إليها، حتى وقعت في يد غلام كان يعجب الجارية يسمى بطينا فَقَالَت : وَابِطَيناً بَطِّن، أي حُزَّ باطنا تصادف المِفْصَل، فَقَالَ أي لا تقطعه إلا من باطنه، فلما أمرته طبق المَفْصِلَ، فقال أبوها: وابِطْنَك وهَوَانَك، يعني ستَرَيْنَ سَغَبَ بطِنكِ وإهانتك. يضرب في حُسْن الفهم والظفر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 370 4400- وَلَدَتْ رَأساً عَلَى رَأسٍ يضرب للمرأة تَلِدُ كلَّ عام ولدا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 370 4401- وَيْلٌ أَهْوَنُ مِنْ وَيَلَيْنِ هذا مثل قولهم "بَعْضُ الشَّرِّ أهْوَنُ من بعض" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 370 4402- وَيْلٌ لِعَالِمِ أَمْرٍ مِنْ جاهِلِهِ قَالَه أكْثَمُ بن صَيْفِي في كلام له، ويروى "ويل عالم أمر من جاهله" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 370 4403- وَرَاءَكَ أَوْسَعُ لَكَ أي تأخر تَجِدْ مكانا أو سَعَ لك، ويُقَال في ضده "أمامَكَ" أي تَقَدَّمْ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 370 4404- وَجْهُ عَدُوِّكَ يُعْرِبُ عَنْ ضَمِيرِهِ وهذا كقولهم "البُغْضُ تبديه لك العَيْنَانِ" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 370 4405- وَهَلْ يُغْنِى مِنَ الحدثانِ لَيْتُ هذا قريبٌ من قولهم: إنَّ لَوّاً وَإنَّ لَيتَاً عَنَاءُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 371 4406- أَوْسَعُ القَوْمِ ثَوْباً أي أكثرهم معروفاً وأطْوَلُهم يداً، كما يُقَال "عمرو طَوِيلُ الرداء" إذا كان سخياً الجزء: 2 ¦ الصفحة: 371 4407- الوَفَاءُ مَنَ الله بمكانٍ أي للوفاء عند الله محل ومنزلة، وهذا كما يُقَال "لي من قلب فلاَن مكان" يضرب في مدح الوفاء بالوعد وروي عن عبد الله بن عمر أنه كان وَعَدَ رجلاً من قريش أن يزوجه ابنته، فلما كان عند موته أرسل إليه فزوجه، وقَالَ: كرهت أن ألْقَى الله بثُلًثِ النفاق. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 371 4408- الوَاقِيةُ خَيْرٌ مِنَ الرَّاقِيَّةِ يعني الوِقَاية وهي الحفظ، أي حفظ الله إياكَ خيرٌ لك من أن تُبْتَلَى فترقى، والراقية يجوز أن بمعنى المصدر كالواقية بمعنى الوقاية، ويجوز أن تكون الفاعلة من الرُّقيَة يضرب في اغتنام الصحة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 371 4409- أَوْدَى عَتيب قَالَ ابن الكلبي: هو عَتِيب بن أسلم بن مالك بن شَنُوأة بن قديل، وهو أبو حى من العرب، أغار عليهم بعضُ الملوك فَسَبَى الرجال فكانوا يقولون: إذا كبر صبيانُنَا لم يتركونا حتى يَفْتَكُّونَا، فلم يزالوا عنده حتى هلكوا فضربتهم العرب مثلاً، وقَالَت : أودى عَتِيب، كما قَالَوا أودى دَرِم، قَالَ عدي بن زيد: تُرَجِّيْهَا وَقَدْ وَقَعَتْ بِقُرٍّ ... كَمَا تَرْجُو أصَاغِرَها عَتِيبُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 371 4410- وَقَعُوا في أُمِّ عُبَيْدٍ تَصَايَحَ حَيَّاتُهَا أي إذا وقَعُوا في داهية، وأم عبيد: كُنَيَةُ الفَلاَة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 371 4411- وَلُودٌ الوَعْدِ عَاقِرُ الإنْجَازِ يضرب لمن يكثر وَعْدُه ويقلُّ نَقْدُه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 371 4412- وَجَدْتُهُ لاَبِساً أُذُنَيْهِ أي متغافلاَ، قَالَ الشاعر: لَبِسْتُ لِغَالِبٍ أذُنِي حَتَّى ... أراد برَهْطِهِ أنْ يأكلوني أي تغافلت حتى أرادوا أن يأكلوني، والباء في "برهطه" بمعنى مع، أي حتى أراد هو مع رهطه أن يأكلوني، يريد حلمت عنهم حتى استولوا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 371 4413- وَصَلَ رَبِيعَةُ بِضُرِّهِ ويُقَال "وصَلَ الضَّرَّةَ بالهُزَال وسوء [ص: 272] الحال" أي غَيَّر عيشه عليه ووصَلَ خيره بشره، وينشد للأَعشى: ثم وصلت ضَرَّهُ بِرَبيعِ ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 371 4414- وَقَعْتِ في مَرْتَعَةٍ فَعِيثى المَرْتَعَة: الخِصْب، يُقَال: ظلُّوا في مَرْتَعَة من العيش، وعِيثِي: أي أفْسِدِي. يضرب للذي لاَ يحسن إيالة ماله إذا قدر على كثرة مال. قَالَ الفراء: يُقَال كانت لنا البارحَةَ مَرْتَعَة، وهي الأصوات واللعب، وقال غيره: يُقَال للدابة إذا طردت الذبابَ برأسها: رتعت، قَالَ مصاد بن زهير سَمَا بِالرَّاتِعَاتِ مِنَ المَطَايَا ... قوىٌّ لاَ يَضِلُّ وَلاَ يَجُوزُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 372 4415- الوَحْشَةُ ذَهَابُ الأعْلام يعني أن الوحشة كل الوَحْشَة ذهابُ العظماء إما في الدين وإما في أمر الدنيا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 372 4416- وَدَّعَ مَالاً مُودِعُهُ لأنه إذا استودَعه غيرَه فقد وَدَّعه وغُرِّرَ به، ولعله لاَ يرجع إليه أبداً (يضرب في قلة الثقات) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 372 4417- الوَقْسُ يُعْدِى فَتَعَدَّ الوَقْسَا مَنْ يَدْنُ لِلْوَقْسِ يُلاَقِي تَعْسَا الوَقْسُ: الجَربُ، يقول: تَجنَّبِ الشِّرَار فإن شرهم يُعدِى كما تدنو الصَّحَاح من الجرْبى فتعديها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 372 4418- وَقَعُوا في هُوَّةٍ تَتَرَامَي بِهِمْ أرْجَاؤُهَا أي نواحيها، وأنشد ابنُ الأَعرَبي: وأشْعَثَ قد طارَتْ قَنَازِعُ رَأْسِهِ ... دَعَوْتُ عَلَى طُولِ الكَرَى وَدَعَانِي مَطَوْتُ بِهِ في الأَرض حَتَّى كأنَّه ... أخُو سَبَبٍ يَرْمِى بِهِ الرَّجَوَانِ أي كأنه في بئر يضرب به رَجَوَاها مما به من النُّعَاس. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 372 4419- وَرْياً يَقْطَعُ العِظَامَ بَرْياً أي وَرَاه الله وَرْياً وهو أن يأكل القَيْحُ جَوْفَه. يضرب في الدعاء على الإنسان الجزء: 2 ¦ الصفحة: 372 4420- وَقَعُوا في صُلَّعٍ مُنْكَرَةٍ يضرب لمن وقع في مكروه. وكذلك: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 372 4421- وقَعُوا في حَرَّةٍ رُجَيْلَةٍ يُقَال حَرَّة (حكى المجد: حرة رجلاَء كحمراء، وحرة رجلى كسكرى، وقَالَ: خشنة يترجل فيها، أو مستوية كثيرة الحجارة) رَجْلاَء ورُجَيْلَة، إذا كانت كثيرة الحجارة يشتدُّ، المشى فيها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 372 4422- وَشِيعَةٌ فِيهَا ذِئَابٌ وَنَقْدٌ الوَشِيعة: مثل الحظيرة تبنى من فروع الشجر للشاء، والنَّقَد: صغار الغَنَم. يضرب لمكان فيه الظَّلَمة والضَّعَفة ولاَ مجير ولاَ مغيث الجزء: 2 ¦ الصفحة: 373 4423- أَوْدَى بِلُبِّ الحَازِمِ المَطْرُوقُ يُقَال: أودى به؛ إذا أهلَكَه، والحازم: العاقل، والمطروق: الضعيفُ الرأي. يضرب للعاقل يخدعه جاهل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 373 4424- وَمَوْرِدُ الجَهْلِ وَبِيُّ المَنْهَلِ المَوْرِد والمَنْهَل: واحد، ولعله أراد المصدر من نهل ينهل نَهَلاً ومَنْهلاً، والوبي: الذي لاَ يستمرئ ولاَ يسمن عليه المال. يضرب في النهي عن استعمال الجهل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 373 4425- أوْرَدْتَ مَا نَامَ عَنْهُ الفَارِطُ يُقَال للذي يتقدم الواردةَ: فَارِط، وفَرَطٌ؛ لأنه يتقدم فيهيء الأَرْشِيَةَ وَالدِّلاَء يضرب لمن نال بغيتُه من غير تَعَب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 373 4426- أَوْدُّ مِنْ عَيْشِكَ شَوْكُ العُرْفُطِ (من حق التنسيق أن يكون هذا المثل فيما جاء على أفعل من باب الواو) أوَدُّ: أفْعَلُ من المفعول، وهو المودود ومثل هذا يشذ، يعني أن يُبْنَي أفعلُ من المفعول، والعُرْفُظُ: من العَضَاه، يريد شَوْكُ العرفط أليَنُ وألذُّ من عَيْشك. يضرب لمن هو في تَعَب ونَصَب من العيش الجزء: 2 ¦ الصفحة: 373 4427- أَوْقَدَ في ظَلِفَةٍ لاَ تُسْلَكُ الظَّلِفَةِ والظَّلِيف من الأَرض: التي لاَ تؤدى أثراً لصلاَبها، زعم أنه لو أوْقَدَ في أرضٍ لاَ يأتيه أحد طلباً للقرى لشدة بخله. يضرب للواجِدِ البَخِيل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 373 4428- وَاحِدَةٌ جَاءَتْ مِنَ السَّبْعِ المِعَرِ الأمعَرُ: العاري من الشعر الذي يُغَطَّي الجسد، أي داهية واحدة جاءت من الدواهي السبع الظاهرة. يضرب لمن حُذَِر فلم يَحْذر ثم نُكِب بِما خِيفَ عليه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 373 4429- وَحْيٌ فِي حَجَرٍ الوَحْي: الكتابة. يضرب عند كتمان السر. أي سِرُّك َ وَحْي في حَجَر؛ لأن الحَجَر لاَ يُخْبر أحداً بشيء، أي أنا مثله. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 373 4430- وَقَعَ الكَلْبُ عَلَى الذِّئْبِ هذا من قول عكرمة مولى ابن عباس رضي الله عنهم. وذلك أنه سُئِل عن رجل غَصَبَ رجلاً مالاَ ثم قَدَرَ المغضوبُ على مال الغاصب، أيأخذ منه مثل ما أخذ؟ فَقَالَ عكرمة : وقعَ الكلبُ على الذئب، ليأخُذْ منه مثلَ ما أخَذَ يضرب في الاَنتصار من الظالم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 373 ما جاء على أفعل من هذا الباب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 374 4431- أَوْلَى الأمور بِالنَّجَاحِ المُواظَبَةُ والإلحاحُ يضرب في الحثِّ على المداومة فإن فيها النُّجْحَ والظَّفَرَ بالمراد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 374 4432- أَوْفَى مَنَ السَّمَوْأَلِ هو السَّمَوأل بن حيَّان بن عَادِياء اليَهُودي. وكان من وفائه أن امرأ القَيْس لما أراد الخُرُوجَ إلى قيصر اسْتَوْدَعَ السموألَ دُرُوعاً وأحَيْحَةَ بن الجُلاَح أيضاً دورعا، فلما مات امرؤ القيس غَزَاه ملك من ملوك الشأم، فتحرز منه السموأل، فأخذ الملك ابناً له، وكان خارجاً من الحِصْنِ، فصاح الملك بالسموأل، فأشرف عليه، فَقَالَ: هذا ابنُك في يَدَيَّ، وقد علمت أن امرأ القيس ابن عمي ومن عشيرتي، وأنا أحقُّ بميراثه؛ فإن دفَعْتَ إلي الدروع وإلاَ ذَبَحْتُ ابنك، فَقَالَ: أجِّلْني، فأجله، فَجَمعَ أهلَ بيته ونساءه، فشاوَرَهم، فكُلٌّ أشار عليه أن يدفع الدروع ويستنقذ ابنه، فلما أصبح أشْرَفَ عليه وقَالَ: ليس إلى دَفْعِ الدروع سبيل، فاصنع ما أنت صانع، فذبَحَ الملكُ ابنه وهو مُشْرِف ينظر إليه، ثم انصرف الملك بالخيبة، فوافى السموألُ بالدروع الموسمَ فدفعها إلى ورثة امرئ القيس، وقَالَ في ذلك: وفَيْتُ بأدْرُعِ الكِنْدِيِّ إني ... إذا ما خَانَ أقْوَام وَفِيْتُ وَقَالَوا: إنه كَنْزٌ رَغِيبٌ، ... وَلاَ وَالله أغْدِرُ مَا مَشَيْتُ بَنَى لِي عَادِيَا حِصْناً حِصْينَاً ... وَبِئْراً كُلَّمَا شئْتُ اسْتَقَيْتُ طمرا تَزْلقُ العِقَبَانُ عَنْهُ ... إذا مَا نَا بَنِي ظُلْمٌ أبيتُ ويروى: إذا مَا سَامَنِي ضيم أبَيْتُ ... وقَالَ الأعْشَى في ذلك: شريح لاَ تَتْركَنِّي بَعْدَ مَا عَلِقَتْ ... حِبَالُكَ اليَوْمَ بَعْدَ القِدِّ أظْفَارِي كُنْ كالسَّمَوْألِ إذْ طَافَ الهُمَامُ بِهِ ... فِي جَحْفَلٍ كَسَوَادِ اللَّيْلِ جَرَّارِ بالأَبلقِ الفَرْدِ مِنْ تَيْمَاءَ مَنْزِلُهُ ... حِصْنٌ حَصَينٌ وَجَارٌ غَيْرُ غَدَّارِ إذْ سَامَهُ خُظَّتَى خَسْفٍ فَقَالَ لَهُ ... مَهْمَا تَقُلْهُ فَإنِّي سَامِعٌ حَارِ (في الأصول "جارى" وحار: أي ياحارث) فَقَالَ: غَدْرٌ وَثُكْلٌ أنْتَ بَيْنَهُمَا ... فَاخْتَرْ، ومَا فِيْهَا حَظ لِمُخْتَارِ [ص: 375] فَشَكَّ غَيْرَ طَويلٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ: اذْبَحْ أسِيْرَكَ إنِّي مَانِعٌ جَارِي هّذا لَهُ خَلَفٌ إن كُنْتَ قَاتِلَهُ ... وَإنْ قَتَلْتَ كَرٍيماً غَيْرَ خَوَّارِ فَقَالَ تَقَدِمَةً إذْ قَامَ يَقْتُلُهُ ... أشْرِفْ سَمَوْأَلُ فَانظُرْ لِلْدَّمِ الجَارِي أَأقْتُلُ ابْنَكَ صَبْراً أوْ تَجِىءَ بِهِ ... طَوْعَاً؟ فأنكرَ هذا أي إنْكارِ فَشَكَّ أوْ دَاجَهُ وَالصَّدْرُ فِي مَضَضٍ ... عَلَيْهِ مُنْطَوياً كَاللَّذْعِ بِالنَّارِ وَاخْتَارَ أدْرَاعهُ أنْ لاَ يُسَبَّ بِهَا ... ولَمْ يكُنْ عَهْدُهُ فِي غَيْرِ مختار وَقَالَ: لا أشتري عَاراً بِمْكرُمَةٍ ... فاختارَ مَكْرَمُةَ الدُّنيا عَلَى العَارِ والصَّبْرُ مِنْهُ قَدِيماً شِيمَةٌ خُلُقٌ ... وَزَنْدُهُ في الوَفَاءِ الثَّاقِبُ الوَاري الجزء: 2 ¦ الصفحة: 374 4433- أَوْفَى مِنْ عَوْفِ بنِ مُحَلِّمٍ (انظر المثل رقم 4438) كان من وفائه أن مَرْوَان القَرَظِ بن زنباع غزا بكر بن وائل، فَقَصُّوا أثرَ جيشِه، فأسره رجل منهم وهو لاَ يعرفه، فأتى به أمه، فلما دخل عليها قَالَت له أمه: إنك لتَخْتَالُ بأسيرك كأنك جئت بمَرْوان القرظ فَقَالَ لها مروان: وما تَرْتَجِينَ من مروان؟ قَالَت: عظم فدائه، قَالَ: وكم ترتجين من فِدَائِه؟ قَالَت: مائة بعير، قَالَ مروان: ذاك لك على أن تؤديني إلى خَمَاعَةَ بنت عَوْف بن مُحَلَم، وكان السبب في ذلك أن لَيْثَ بن مالك المسمى بالمنزوف ضَرِطاً لما مات أخذت بنو عَبْس فرسَه وسَلَبه ثم مالوا إلى خِبَائه فأخذوا أهلَه وسلَبوا امرأته خُمَاعَةَ بنت عَوْف بن مُحَلم، وكان الذي أصابها عَمْرو ابن قاربٍ وذُؤَاب بن أسماء، فسألها مروان القرظ: مَنْ أنتِ؟ فَقَالَت: أنا خُمَاعة بنت عَوف بن مُحَلم فانتزعها من عمرو وذُؤَاب لأنه كان رئيسَ القوم، وقَالَ لها: غَطَّي وجْهَك، والله لاَ ينظر إليه عربي حتى أردك إلى أبيك، ووقع بينه وبين بني عبس شر بسببها، ويُقال: إن مروان قَالَ لعمرو وذؤاب: حَكِّماني في خُماعة، قَالاَ: قد حكَّمناك يا أبا صهبان، قَالَ: فإني اشتريتها منكما بمائة من الإبل، وضمَّها إلى أهله، حتى إذا دخل الشهر الحرام أحسن كُسْوَتها وأخْدَمها وأكرمها وحَمَلَها إلى عُكاظ، فلما انتهى بها إلى منازل بني شيبان قَالَ لها: هل تعرفين منازل قومك ومنزل أبيك؟ فَقَالَت: هذه منازل قومي وهذه قُبَّةُ أبي، قَالَ: فانطلقي إلى أبيك، فانطلقت فخبرت بصنيع مروان، فَقَالَ مروان فيما كان بينه وبين قومه في أمر خُمَاعة ورَدَّها إلى أبيها: [ص: 376] رَدَدْتُ عَلَى عَوْفٍ خُمَاعَةَ بَعْدَ مَا ... خَلاَها ذُؤَابٌ غَيْرَ خَلْوَةِ خَاطِبِ وَلَوْ غَيرُها كَانَتْ سَبِيَّةَ رُمْحِهِ ... لَجَاء بِهَا مَقْرُونةً بِالذَّوَائِبِ وَلكِنَّهُ ألقَى عَلَيْهَا حِجَابَهُ ... رَجَاء الثَّوَابِ أوْ حِذَارَ العَوَاقِبِ فَدَافَعْتُ عَنْهَا نَاشِباً وَقَبِيلَهُ ... وَفَارِسَ يَعْبُوبٍ وَعَمْرَو بنْ قَارِبِ فَفَاديْتُها لمَّا تبَيَّنَ نصفها ... بِكُومِ المتَالَي وَالعِشَارِ الضَّوَارِبِ صُهَابِيَّةٍ حُمْرِ العَثَانِينِ وَالذَُرى ... مَهَارِيسَ أمثالِ الصُّخُورِ مصاعِبِ في أبيات مع هذه؛ مكانت هذه يدا لمروان عند خُماعة، فلهذا قال: ذاك لك على أن تؤديني إلى خماعة بنت عوف بن محلم فَقَالَت المرأة: ومَنْ لي بمائة من الإبل؟ فأخذ عُوداً من الأَرض فَقَالَ: هذا لك بها، فمضَتْ به إلى عوف بن مُحَلم، فبعث إليه عمرو بن هند أن يأتيه به، وكان عمرو وجد على مروان في أمر، فآلى أن لا يعفُو عنه حتى يضع يَدَه في يَدَه، فَقَالَ عَوْف حين جاءه الرسول: قد أجارتهُ ابنتي، وليس إليه سبيل، فَقَالَ عمرو بن هند: قد آليت أن لاَ أعفو عنه أو يضَعَ يَده في يدي، قال عوف: يضع يده في يدك على أن تكون يدي بينهما، فأجابه عمرو بن هند إلى ذلك، فجاء عوف بمروان فأدخله عليه فوَضَعَ يده في يده ووضع يده بين أيديهما، فعفا عنه، وقَالَ عمرو: لاَ حُرَّ بوادي عوف، فأرسلها مثلاً، أي لاَ سيد به يناويه، وإنما سمى مروان القَرَظِ لأنه كان يغزو اليمنَ وهي منابت القَرَظِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 375 4434- أَوْفَى مِنَ الحَارثِ بنْ ظَالِمٍ وكان من وفائه أن عياض بن دَيْهَث مَرَّ برعاء الحارث وهم يسقون، فسَقَى فقَصُرَ رِشَاؤُه فاستعار من أرِشيَةِ الحارث فَوَصل رشاءه، فأرْوَى إبله، فأغار عليه بعضُ حَشِم النعمان فاطردوا إبله، فصاح عياض: يا جاراه يا جاراه، فَقَالَ له الحارث: متى كنتُ جارَك؟ فَقَالَ: وصَلْتُ رشائي برشائك فسقيتُ إبلي فأغير عليها، وذلك الماء في بطونها، قَالَ: جِوَار ورَبِّ الكعبة، فأتى النعمانَ، فَقَالَ: أبيْتَ اللعن! أغار حَشَمُك على جَاري عياض بن ديهث فأخذوا إبله وماله عليه، فَقَالَ له النعمان: أفلاَ تشد ما وَهَى من أديمك، يريد أن الحارث قتل خالد بن جعفر بن كلاب في جوار الأَسود بن المنذر، فَقَالَ الحارث: هل تعدون الحلبة إلى نفسي؟ ويروى: هل تعدون الحلبة من الأعداء؟ يعني تركضون، ويروى "تعدون" من التعدي أي تتعدون [ص: 377] أي تتجاوزون، فأرسلها مثلاً، أي أنك لاَ تهلك إلاَ نفسي إن قتلتها، فتدبر النعمان كلمته، فرد على عياض أهله وماله. قَالَ الفرزدق يضرب المثل لسيلمان بن عبد الملك حين وفي ليزيد بن المهلَّب: لَعَمْرِي لقد أوفَى وزَادَ وَفَاؤُهُ ... عَلى كل جَارٍ جارُ آلِ المُهَلَّبِ كَمَا كان أوْفى إذ يُنَادِي ابنُ دَيْهَثٍ ... وَصِرْمُتُه كالمَغْنَمِ المُتَنَهَّبِ فَقَامَ أبُو لَيْلَى إلَيْهِ ابْنُ ظالم ... وَكَانَ مَتَى ما يَسْلُلِ السيفَ يَضْرِبِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 376 4435- أوفَى مِنْ أُمِّ جَمِيلٍ هي من رَهْط أبى هُريرة رضي الله عنه من دَوْسٍ، وهم أهل السَّرَاة وكان من وفائها أن هشام بن الوليد بن المُغِيرَة المَخْزومي قَتَلَ أبا زُهَيرٍ الزَّهْرَاني من أزْدِ شَنُوأة، وكان صِهْرَ أبي السفيان بن حرب، فلما بلغ ذلك قومه بالسَّرَاة وثبُوا على ضِرَار بن الخَطَّاب ليقتلوه، فسعى حتى دخل بيتَ أمِّ جميل وعاذَبها، فضربه رجل منهم فوقَع ذُبابُ السيف على الباب، وقامت في وجوههم فَذَبَّتُهُمْ، ونادت قومها فمنعوه لها، فلما قام عمر بن الخطاب رضي الله عنه ظَنَّتْ أنه أخوه، فأتته بالمدينة وقد عرف عُمرُ القصة فَقَالَ: إني لستُ بأخيه إلاَ في الإسلام، وهو غَازٍ، وقد عرفنا مِنَّتَكِ عليه فأعطاها على أنها ابنةُ سبيل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 377 4436- أَوْفَى مِنْ أبِي حَنْبَلٍ هو أبو حَنْبل الطائي ومن حديثه أن امرأ القَيْس نزل به ومعه أهلُه وماله وسلاَحُه، ولأبي حنبل امرأتان: جَدَلِيَّة، وتَغْلَبيَّة، فَقَالَت الجدلية، رزقٌ أتاك الله به، ولاَ ذِمَّةَ له عليك، ولاَ عقْد، ولاَ جِوَار، فأرى لك أن تأكله وتطعمه قومك، وقَالَت التغلبية: رجل تَحَرَّمَ بك واستجارك واختارك، فأرى لك أن تحفظه وتَفِىَ له، فقام أبو حنبل إلى جَذَعَة من الغنم فاحتَلَبَها وشرب لبنها ثم مسح بطنه وحجَل، ثم قَالَ: لَقَدْ آليْتُ أعذر فِي جِذَاعٍ ... وَإن مُنِّيتُ أمَّاتِ الرِّبَاعِ لأنَّ الغَدْرَ فِي الأقْوَامِ عَارٌ ... وَإنَّ الحرَّ يَجْزِى بِالكُرَاعِ فَقَالَت الجَدَلية وقد رأت ساقيه حَمِشَتَيْنِ: تالله ما رأيت كاليوم سَاقِي وَافٍ، فَقَالَ أبو حنبل: هما سَاقَا غادِرِ شر، فذهبت مثلاً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 377 4437- أَوْفَى مِنَ الحَارِثِ بنْ عُبَادٍ (ضبط في أصول هذا الكتاب بفتح العين وتشديد الباء كشداد، والصواب أنه كغراب، قَالَت امرأة من بني مرة: جاءوا بحارشة الضباب كأنهم ... جاءوا ببنت الحارث بن عباد) يُقَال: إنه كان أسَرَ عديَّ بن ربيعة في يوم قِضَّةَ، ولم يعرفه، فَقَالَ له: دُلَّنِي على عَدِيِّ بن ربيعة، فَقَالَ له: إن أنا دَلَلْتُكَ على عَديٍّ أتؤمنني؟ قَالَ: نعم، قَالَ: فليضمن ذلك عليك عَوْفُ بن مُحلم، فأمره الحارث بن عباد فضمن له عوف أن يؤمنه الحارث إذا دَلَّه على عَدِيٍّ، فَقَالَ عدي: أنا عدي، فخَّلاَه، وقَالَ الحارث في ذلك: لَهْفَ نَفْسِي عَلَى عَدٍِّ وقَدْ أشْـ ... عَبَ للموتِ وَاحْتَوْتْهُ اليَدَانِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 378 4438- أَوْفَى مَنْ خُمَاعَةَ (انظر المثل رقم 4433) هي خُمَاعة بنت عَوْف بن محلم التي أجارت مَرْوَانَ القَرَظِ، وقد مر ذكرها عند ذكر أبيها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 378 4439- أَوْفَى مِنْ فُكَيْهَةَ هي امرأة من بني قَيْس بن ثعلبة قَالَ حمزة: هي فُكَيهة بنت قَتَادة بن مَشْنوء خالة طَرَفَةَ؛ لأَن أم طرفة وَرْدَة بنت قَتَادة. وكان من وفائها أن السُّلَيك بن سُلَكة غزا بَكْر بن وائل، فأبطأ ولم يجد غَفْلة يلتمسها، فرأي القوم أثَرَ قَدم على الماء لم يعرفوها، فكمَنُوا له وأمهلوه حتى وَرَدَ وشرب فامتلأَ، فهاجوا به، فعدا، فأثقله بطنه، فولَجَ قُبَّةَ فكيهة، فاستجارها فأدخلته تحت درعها، فجاؤا في أثره فوجدوه تحت ثوبها، فانتزعوا خَمَارَهَا، فنادت إخْوتها وولدها، فجاؤا عشرة، فمنعتهم عنه، وكان سُلَيْك يقول بعد ذلك؛ كأني أجِدُ خشونة استها على ظهري حين أدخلتني تحت دِرْعها، وفيها قَالَ سُلَيك: لَعَمْرُ أبِيكَ وَالأَنبَاء تَنْمِى ... لَنِعْمَ الجَارُ أخْتُ بَنِي عوارا عَنَيْتُ بِهَا فُكَيْهَةَ حينَ قَامَتْ ... كَنَصْلِ السَّيْفِ فَانْتَزَعُوا الخِمَارَا مِنَ الخَفِرَاتِ لَمْ تَفْضَحْ أخَاهَا ... وَلَمْ تَرْفَعْ لِوَالِدِهَا شَنَارَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 378 4440- أَوْفَدُ مِنَ المُجْبِرِينَ قَالَوا: هم أولاَد عَبْدِ مَنَاف بن قُصي، كانوا أكثر العرب وِفَادة على الملوك، وقد مرت قصتهم مستوفاة مستقصاة قبل هذا الباب في باب القاف عند قولهم "أقْرَشُ من المجبرين" (انظر المثل رقم 2961) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 378 4441- أَوْفَقُ لِلشَّيء مِنْ شَنٍّ لِطَبَقَةَ قد مر جميع ما ذكره حمزة ههنا في قولهم "وافق شن (انظر المثل رقم 4340) طَبَقة" قَالَ: وخالف ابن الكلبي الشرقي بن القطامي في الروايةِ والتفسير فرواه "أوفَقُ من طَبَق لَشٍّ" ويروى "لشنة" وزعم أن طبقا بطن من إياد، وشن من ربيعة، وهو شن بن أفصى بن عَبْد القَيْسل، فأوقعت طبق بشن وقعة انتصفت بها منها، فقيل: وافق شن طبقة، وأنشد: لَقَيَتْ شَنٌّ إياداً بالقَنَا ... وَلَقدْ وَافَقَ شَنٌّ طَبَقَهْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 379 4442- أَوْلَمُ مِنَ الأَشعث هو الأَشعث بن قيس بن مَعْدِ يَكَرِبَ الكِنْدِي. وكان من حديثه أنه ارتَدَّ في جملة أهل الردة، فأتى به أبو بكر رضي اللَه عنه أسيراً، فأطلقه وزَوّجه أخته فَرْوَة بنت أبي قُحافة رغبةً منه في شَرَفه، فخرج من عند أبى بكر ودخل السوق فاخترطَ سَيْفَه ثم لم تَلْقَه ذاتُ أربع إلاَ عَرْقَبَها من بعير وفرس وبقر، ومضى فدخل داراً من دور الأَنصار، فصار الناسُ حَشْداً إلى أبى بكر رضي الله عنه، فَقَالَوا: هذا الأَشعث قد ارتَدَّ ثانية، فبعث أبو بكر رضي الله عنه إليه، فأشرف من السطح وقَالَ: يا أهل المدينة إنِّي غريبٌ ببلدكم، وقد أَوْلَمت بما عَرْقَبْتُ فليأكل كل إنسان ما وجَد وليَغْدُ على من كان له قبلي حق، فلم تَبْقَ دار من دور المدينة إلاَ دَخَلها من ذلك اللحم، ولاَ رؤى يوم أشبه يوم الأَضحَى من ذلك اليوم، فضرب أهلُ المدينة به المثل فَقَالَوا: أوْلَمُ من الأَشعث، وقَالَ فيه الشاعر: لَقَدْ أوْلَمَ الكِنْدِيُّ يَوْمَ مِلاَكِهِ ... وَليمَةَ حَمَّالٍ لِثْقْلِ العِظَائِمِ لَقَدْ سَلَّ سَيْفَاً مِنْهُ قَدْ كَانَ مُغْمَداً ... لَدَى الحَرْبِ مِنْهُ فِي الطُّلاَ والجَمَاجِمِ فأغْمَدَهُ فِي كُلِّ بَكْرٍ وَسَابِحٍ ... وَعَيْرٍ وَثوْرٍ فِي يَوْم الحَشَا وَالقَوَائِمِ فَقُلْ لِلْفَتَى الكِنْدِىِّ يَوْمَ لِقَائِهِ ... ذَهَبْتَ بأسْنَى ذِكْرِ أوْلاَدِ دَارِمِ وقَالَ الأصبغ بن حَرْمَلَة الليثي متسخطا لهذه المُصَاهرة: أتَيْتَ بِكِنْدِيٍّ قَدْ ارْتَدَّ وانْتَهَى ... إلى غَايَةٍ مِنْ نَكْثِ مِيثَاقِهِ كُفْرَا فَكَانَ ثواب النَّكْثِ إحياءَ نَفْسِهِ ... وَكَانَ ثَوَاب الكُفْرِ تَزْوِيجَهُ البِكْرَا [ص: 380] وَلَوْ لأنه يَأبي عَلَيْكَ نِكَاحَهَا ... وَتَزْوِيجَها مِنْهُ لأمهَرْتهُ مَهْرَا وَلَوْ أنهُ رَامَ الزِّيادَةَ مِثْلَهَا ... لأَنكَحْتَهُ عَشْراً واتْبَعْتَهُ عَشْراَ فَقُلْ لأبِي بَكْرٍ: لَقَدْ شِنْتَ بَعْدَهَا ... قُرَيَشاً وأخْمَلْتَ النَّبَاهَةَ والذِّكْرَا أما كانَ فِي تَيْمٍ بن مُرَّة وَاحدٌ ... تُزَوِّجْهُ لَوْلاَ أرْدَتَ بِهِ الفَخْرا وَلَوْ كُنْت لمَّا أنْ أتَاكَ قَتَلْتَهُ ... لأَحْرَزْتَهَا ذِكْرَاً وَقَدَّمْتَهَا ذُخْرَا فَأَضْحَى يَرَى مَا قَدْ فَعَلْتَ فَرِيضةً ... عَلَيْكَ؛ فَلاَ حَمْدَاً حَوْيْتَ ولاَأجْرَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 379 4443- أَوْفَرُ فِدَاءً مِنَ الأَشْعَثِ وذلك أن مَذْحِجَاً أسَرَتْهُ فَفَدَى نفسه بما لم يفد به عربي قط، لاَ مَلِك ولاَ سُوقة، بثلاَث آلاَف بعير، وإنما كان فداء الملك ألفَ بعير، وفي ذلك يقول عمرو بن معد يكرب: أتَانَا ثَائِراً بأبِيْهِ قَيْسٌ ... فأهْلَكَ جَيْشَ ذلِكُمُ السَمَغْدِ وكانَ فِدَاؤُهُ ألَفَى قَلُوصٍ ... وَألْفاً مِنْ طَريفَاتٍ وَتُلْدِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 380 4444- أوْحَى مِنْ عُقُوبَةٍ الفُجَاءَةِ أوْحَى: أي أسْرَعُ وأعْجَل، من قولهم: الوَحَى الوَحَى، أي العَجَلَ العَجَلَ، والفُجَاءة: رجل من بنى سُلَيم كان يقطع الطريقَ في زمن أبى بكر رضي الله عنه، فأتىَ به أبو بكر رضي الله عنه مع رجل من بنى أسد يُقَال له شُجَاع بن زَرْقَاء كان يُنْكَح في دبره نكاح المرأة، فتقدَّم أبو بكر في أن تُؤَجَّجَ لهما نار عظيمة، ثم زُجَّ الفُجَاءة فيها مَشْدُودا، فكلما مَسَّته النار سال فيها وصار فحمة، ثم زجّ شجاع فيها غير مشدود، فكلما اشتعلت النار في بدنه خَرَجَ منها، واحترق بعد زمان، فقال الناس بالمدينة : أوحى من عُقُوبة الفُجَاءة، فذهبت مثلاً الجزء: 2 ¦ الصفحة: 380 4445- أَوْغَلُ مِنْ طُفِيلٍ زعم أبو عبيدة أنه كان رجلاً من أهل الكوفة يُقَال له طُفيل بن زَلاَّل من بني عبد الله بن غَطَفان، وكان يأتي الولاَئم من غير أن يُدْعَى إليها، وكان يُقَال له "طُفَيْلُ الأعراِسِ" و "طُفَيْلُ العرائِسِ" وكان أول رجل لاَبَسَ هذا العملَ في الأمصار، فصار مثلاً ينسب إليه كل مَنْ يقتدي به فيُقَال: طُفَيلي، فأما العربُ بالبادية فإنها كانت تقول لمن يذهب إلى طعامٍ لم يُدع إليه: وَارِش، وتقول لمن فعل ذلك على الشراب: وَاغِل، وأهل الأمصار يسمون [ص: 381] مَنْ فعل ذلك على الطعام واغلاَ، قَالَ شاعرهم: أَوْغَلُ فِي التَّطْفِيلِ مِنْ ذُبَابِ ... عَلَى طَعَامٍ وَعَلَى شَرَابِ لَوْ أبْصَرَ الرُّغْفَانَ في السَّحَابِ ... لَطَارَ في الجَوِّ بِلاَ حِجَابِ وقَالَ آخر: أوْغَلُ في التَّطفِيلِ مِنْ مثمود ... ألْزَمُ لِلْشِّوَاءَ مِنْ سَفُّودِ يَعْمَلُ فِي الشِّوَاءَ وَالقَدِيدِ ... أصَابِعاً أمْضَى مِنَ الحَدِيدِ وزعم الأَصمعي أن الطُفَيلي هو الذي يدخل على القوم من غير أن يُدْعَى، قَالَ: وهو مشتق من الطَّفَلِ، وهو إقبال الليل على النهار بظُلْمته، وقَالَ أبو عمرو: الطَّفَلُ الظلمة بعينها، وقَالَ ابن الأَعرَبي: يُقَال للطفيلي: اللَّعْمَظِيُّ، والجمع اللَعَامِظَة، وأنشد: لَعَامِظَةٌ بَيْنَ العَصَا وَلِحَائَهَا ... أدْقَّاء أكَّالُونَ مِنْ سَقَطِ السفْرِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 380 4446- أَوْلَغُ مِنْ كَلْبٍ هذا من الوُلُوغ في الإناء وأما قولهم: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 381 4447- أَوْلَغُ مِنْ قِرْدٍ فهذا بالعين غير معجمة من الوَلوع؛ لأنه يُولَعُ بحكاية كل ما يراه وأما قولُهم: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 381 4448- أَوْضَحُ مِنْ مِرْآةِ الغَرِيبَةِ (انظر المثل رقم 4304 "أنقى متن مرآة الغريبة) فلاَن المرأة إذا كانت هَديَّا في غير أهلها تكون مِرْآتُها أبدا جِلِيَّةً تتعهد بها أمر وجهها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 381 4449- أوْطَأَ مِنْ الرِّيَاءِ هذا مثل حكاه وفسره المبرد، وزعم أن أهل كل صناعة ومَقَالَةٍ أحْذَقُ بها من غيرهم، ومن ذلك ما يروى عن محمد بن واسع أنه قَالَ: الاتقَّاء على العمل أشَدُّ من العمل، أَي يُتَّقَى عليه من أن يَشُوبه حُبُّ الرياء والسُّمْعة، ومنه ما يحكى عن أبي قُرَّةَ الجائع أنه قَالَ: الحمية أشدُّ من العلة، وذلك أنه يتعجَّلُ الأَذى في ترك الشَّهْوَة لما يرجو من تعقب العافية. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 381 4450- أَوْحَى مِنْ صَدىً، ومِنْ طَرَفِ البُوقِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 381 4451- أَوْضَعُ مِنَ ابنِ قَوْضَعٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 381 4452- أَوْلَجُ مِنْ رِيحٍ، ومِنْ زُجٍّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 381 4453- أَوْقَلُ مِنْ وَعِلٍ، ومِنْ غُفْرٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 381 4454- أَوْثَبُ مِنْ فَهْدٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 381 4455- أوْقَحُ مِنْ ذِئْبٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 382 4456- أَوْقَى لِدِمِهِ مِنْ عَيْرٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 382 4457- أَوْفَى مِنْ كَيْلِ الزَّيْتِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 382 4458- أوْجَدُ مِنَ المَاءِ وَمِنْ التُّرَابِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 382 4459- أوْفَرُ مِنَ الرُّمَانَةِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 382 4460- أوْسَعُ مِنَ الدَّهْنَاءِ، ومِنَ اللّوحِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 382 4461- أوْثَقُ مِنَ الأَرض، وَأوْطَأ مِنَ الأَرض الجزء: 2 ¦ الصفحة: 382 4462- أَوْهَنُ مِنْ بَيْتِ العَنْكَبُوتِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 382 4463- أوْهَى مِنَ الأَعْرَج الجزء: 2 ¦ الصفحة: 382 المولدون الجزء: 2 ¦ الصفحة: 382 وَعَظْتَ لَوْ اتَّعَظْتَ وَقِّرْ نَفْسَكَ تُهَبْ وَضِيعَةٌ عاجِلَةٌ خَيْرٌ مِنْ ربحٍ بَطِيء وَقَعَ اللّصُّ على اللِّصِّ وَجْهُهُ يَرُدُّ الرِّزْقَ وَقَعَ نَقْبُهُ على كَنِيفٍ وَجْهٌ مَدْهُونٌ وَبَطْنٌ جَائِعٌ وَاحِدُ أمِّه يضرب ذلك للشيء العزيز وَقعَتْ آجُرَّةٌ وَلَبِنَةٌ في الماءِ فَقَالَتِ الآجُرَةَ: وابْتِلاَلاَهُ، فَقَالَتِ اللِّبِنَةُ: فَمَاذَا أقُولُ أنَا؟ وَعْدُ الكَرِيمِ ألْزَمُ مِنْ دَيْنِ الغَرِيم الوَلَدُ ثَمَرَةُ الفُؤَادِ الوَجْهُ الطَّرِىُّ سَفْتَجَةٌ (السفتجة: أن تعطى في بلدك مالاَ لآخر، وتكون مسافرا إلى بلد، ويكون لمن أعطيته المال عميل في تلك البلد، فتسوفي مالك من ذلك العميل؛ فتستفيد أمن الطريق) الوَثْبَةُ على قَدْرِ الإمكَانِ الوَثْيقَةُ في نَصِّ الحديثِ على أهْلِهِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 382 - الباب السابع والعشرون فيما أوله هاء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 382 4464- هُدْنَةٌ عَلَى دَخَنٍ الهُدْنَة في كلام العرب: اللَّينُ والسُّكون ومنه قيل للمصالحة: المُهَادنة؛ لأنها مُلاَينة أحد الفرقين الآخر، ومنه قول الطُّهَوِى وَلاَ يَرْعُونَ أَكْنَافَ الهُوَيْنَا ... إذَا حَلُّوا ولاَ أرْضَ الهُدُونِ [ص: 383] والدَّخَن: تَغَيُّر الطعام وغيره مما يصيبه من الدُّخَان، يُقَال منه: دَخِنَ الطعامُ يَدْخَنُ دَخْنَاً؛ إذا غَيَّرَه الدُّخَان عن طعمه الذي كان عليه، فاستعير الدَّخَنُ لفَسَاد الضمائر والنيات الجزء: 2 ¦ الصفحة: 382 4465- هَلْ بِالرَّمْلِ أو شَالٌ؟ الوَشَلُ: الماء المنحدِر من الجبل، يُقَال: وَجبل وَاشِل يقطر منه الماء، ولاَ يكون بالرمل وَشَل. يضرب عند قلة الخير، وللشيء لاَ يوثق به، وللبخيل لاَ يَجُودُ بشيء. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 383 4466- هَلْ تُنْتَجُ النَّاقَةُ إلاَ لَمنْ لَقِحَتْ لَهُ يُقَال: نُتِجَتِ الناقةُ - على مالم يَسَمَّ فاعله - وأنتَجَتُها أنا، إذا أعنتها على ذلك، والناتج للنوق كالقابلة للإنسان، ولَقِحَتْ تَلْقَحُ لقحا ولِقَاحا، والناقة لاَقح ولَقُوح، ومعنى المثل: هل يكون الولد إلاَ لمن يكون له الماء؟ يضرب في التشبيه. ويروى "لما لقحت له" أي للقاحها أي لقبول رحمها ماءً الفحلِ، يشير إلى صِدْقِ الشَّبَه، و"ما" مع "لقحت" للمصدر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 383 4467- هَيْنٌ لَيْنٌ وَأودَتِ العَيْنُ يُقَال: إن المثل سار من قول دُغَةَ وذلك أن صَوَاحبها حَسَدْنها على أنساع كُنَّ لها جُدُدٍ جعلت تَئِط إذا ركبت، فقلن لها: ويْحَكْ يا دُغَةُ إن أنساعك تئط، وإذا سَمِعَ أطيطَها الرجالُ قَالَوا: هذا ضُرَاط دُغَةَ، لو أنك دَهْنتها فهو ألين لها وأبقى، فيذهب عنك هذا الذي تخافين عاره، قَالَت: فإني فاعلة، فلما نزلت حملت النساء إليها السَّمْنَ في الأقداح، فلما صار السمن بيدها أخذت نِسْعاً من أنساعها فقَطَرت على بعض نَوَاحيه من السمن، فاسْوَدَّ ولاَنَ، فعند ذلك قَالَت دُغَة : هين لين وأودت العين، تعنى بالعين حُسْنَ النِّسْعِ. يضرب لمن هَمَّ بإصلاَح شيء فأفسده، بل أهلك عينه. وقَالَ أبو عمرو: يضرب لمن نزل به أمر فيُقَال له: صبراً فقد كنت عُرْضَةً لأَعظَمَ مما نزل بك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 383 4468- هُوَ العَبْدُ زَلَمَةُ. أي: قدُّه قَدُّ العبدِ، يُقَال : هو العبد زَلَمَةً وزَلْمَةً وزَلُمَةً وزَلْمَةً، والنون تعاقب اللام في جميع الوجوه، يُقَال: زَلَمْتُ القَدحَ وزَنَمْتْهُ، أي سَوَّيْتُه ونَحَتُّه، يُقَال: قدحٌ مُزَلَّم وزلِيم، فكأنه قَالَ: هو العبد مَزْلُوما، أي خلقه الله على خلقة العبد حتى إن من نظر إليه رأي آثار العبيد عليه. [ص: 384] يضرب للئيم. ويحكى أن الحجاج قَالَ لجَبَلَة بن عبد الرحمن البَاهِلي: أخبرني عن قتيبة بن مسلم فإني قد أردت التزويج إليه، فَقَالَ: أصلح الله الأمير! هو والله في صُيَّابة الحي، قال الحجاج: إني واللهِ ما أدري ما صيَّابة الحي، الحي لكني أعطي الله عهدا لئن أصبت فيه ثلبا لأَقْطَعَنَّ منك طابقا، فَقَالَ: هو والله العبد زَلَمَةً، أي لاَ شَكَّ في لؤمه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 383 4469- هَاجَت زَبْرَاءُ أصله أنه كان للأَحنف بن قَيْس خادم سَليطة تُسَمَّى زَبْرَاء، وكانت إذا غضبت قَالَ الأَحنفُ: قد هاجت زَبْرَاء، فذهبت مثلاً في الناس، حتى يُقَال لكل إنسان إذا هاج غضبه: قد هاج زَبْرَاؤه، والأَزْبَر: الأَسد الضخم الزُّبْرَة، وهي موضع الكاهل، واللَّبْؤة زَبْرَاء. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 384 4470- هَجَمَ عَلَيْهِ نِقَابَاً قَالَ الأَصمعي: أي اهْتَدَى إليه بنفسه ولم يَحِدْ عنه، ونصب "نِقَابا" على المصدر أي فَجْأةُ فَجْأةً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 384 4471- هُوَ في مَلاَءِ رَأْسِهِ يضرب للرجل يُشْغَلُ عنك بِمُهِمٍّ يحدُث له. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 384 4472- هُوَ قَفَا غَادِرٍ شَرٌّ أصله أن رَجُلاً من تميم أجار رجلاً، فأراد قومُه أن يأكلوه، فمنعهم، فَقَالَت الجارية لأبيها: أرِنِي في هذا الوافي، وكان دمِيمَ الوجْهِ، فأراها إياها، فلما أبصرت دَمَامَتَه قَالَت له: لم أر كاليوم قَفَا وافٍ، فسمعها الرجلُ فَقَالَ: هو قفا غادر شر. قوله "قفا غادر" في موضع النصب على الحال، أي هو شر إذا كان قفا غادر، والمعنى لو كان هذا القفا على دَمَامته لغادرٍ كان أقْبَحَ؛ إذ جَمَعَ بين الغَدْر والدَّمَامة، وهذا كما يُقَال: هو راكب جملٍ أطولُ، ويجوز أن يكون "هو" ضمير الشأنِ والأمر و"قفا" في موضع الرفع بالابتداء، أي الأمر والشأن قفا غادرٍ شَرٌّ من دمامتي. يضرب لمن لاَ يُنْظَر له، وفيه خصال محمودة، وقد يُقَال: هي قفا غادرٍ بالتأنيث على أن تكون "هي" ضمير القصة، أو لأَن القفا يذكر ويؤنث. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 384 4473- هُوَ ألْزَمُ لَكَ مِنْ شَعَرَاتِ قَصِّكَ يريد أنه لاَ يفارقك، ولاَ يستطيع أن تلقيه عنك. يضرب لمن ينتفي من قريبه، ويضرب [ص: 385] أيضاً لمن أنكر حقا يلزمه من الحقوق. والقَصُّ والقصص: عِظَامُ الصدر، وشعره لاَ يُحْلَق، ويجوز أن يراد بالقصِّ مصدر قصَصْتُ الشَّعْرَ بالمِقَصِّ، ويقول: لاَ يفارقك ما تنتفي منه وإن قصدت إزالته كما لاَ تفارقك هذه الشعرات وإن قَصَدَها قصك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 384 4474- هُوَ أَزْرَقُ العينِ يضرب في الاستشهاد على البغضِ. قَالَ الأَصمعي: هو من صفات الأَعداء وكذلك "هو أسْوَدُ الكَبِدِ" و "هم سُودُ الأَكباد" و "صُهْبُ السِّبَالِ" قَالَ: معنى كلمة العداوة، وليس يراد به نعوتُ الرِجَال، ولاَ أدري لعل أصله من النعت. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 385 4475- هُوَ عَلَى حُنْدُرِ عَيْنِهِ الحُنْدُورُ والحُنْدورَة: الحدقة. يضرب لمن يُسْتثْقِلُ حتى لاَ يقدر أن ينظر إليه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 385 4476- هُمُّهُ في مِثْلِ حَدَقَةِ البَعِيرِ يضرب لمن هو في خَصْب ونَعْمة، وذلك أن حدقة البعير أخْصَبُ ما فيه؛ لأن بها يعرفون مقدار سمنها، وفيها يبقى آخر النِّقْى (النقى - بكسر النون وسكون القاف مخ العظام، وشحمة العين من السمن) وفي السلامي، قال الراجز يذكر إبلا: مَا تَشْتَكِينَ عَمَلاً مَا أنْقَيْنْ ... مَادَامَ مُخٌّ فِي سلامى أوْ عَيْنْ ومثلُه: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 385 4477- هُمْ في مثْلِ حَوْلاَءِ النَّاقَةِ قَالَ اللحياني: الحِوَلاَء (يُقَال: ليس في العربية على فعلاَء - بكسر ففتح - سوى حولاَء وعنباء وسيراء) والحُوَلاَء من الناقة هو قائد السَّلَى، أي يخرج قبله، ويراد به كثرة العُشْب؛ لأَن ماء الحِوَلاَء أشَدُّ ماء خُضْرَةً، قَالَ الشاعر: بأغَنَّ كَالحِوَلاَءِ زَانَ جَنَابَهُ ... نَورُ الدَّ كَادِكِ سُوقُهُ تتَخَضَّضُ وقَالَ رائد: تركتُ الأَرض مخضرة كأنها حِوَلاَء، بها قَصِيصة رَقْصاء، وعَرْفَجَة خاضِبِة حَمْرَاء، وعَوْسَج كأنه النعام من سَواده الجزء: 2 ¦ الصفحة: 385 4478- هُوَ يَقْرَعُ سِنَّ نَادِم ويروى "سِنَّ النَّدَمِ" قَالَ جرير: إذا رَكِبَتْ قَيْسٌ بِخَيْلٍ مُغِيرَةٍ ... عَلَى العَيْنِ يَقْرَعْ سِنَّ خَزْيَانَ نَادِمِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 385 4479- أهْدِ لِجَارِكَ أشَدُّ لمَضِغِكَ يعني أنك إذا أهديتَ لجارك أهْدَى إليك، فيكون إهداؤه أشَدَّ لِمَضْغِكَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 385 4480- هُوَ يَحُطُّ في هَوَاهُ أي يَعْتَمِد في منفعته. [ص: 386] وهو مثلُ قولهم: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 385 4481- هُوَ يَحْطِبُ في حَبْلِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 386 4482- هَذَا أمرٌ لَيْسَ دُونَهُ نَكْبَةٌ ولاَ ذُبَاحٌ النَّكْبَة: أن ينكبك الحجر، والذُّبَاح: شَقٌّ يكون في باطن أصابع الرجل. يضرب في الأمر يَسْهُل من وجهين؛ لأَن الطريق إذا لم يكن فيه حجارة تَنْكُب ولم يكن في رِجْلِ الراجل شُقُوق سَهْل عليه أن يسير الجزء: 2 ¦ الصفحة: 386 4483- هَيْهَاتَ تَضْرِبُ في حديدٍ بارِدٍ هيهات: معناه بَعُد، وفيه لُغَات: الفتح، والكسر، والضم بغير تنوين، وبالتنوين أيضاً ويجوز "أيهات" بالتاء "وأيهان" بالنون. يضرب لمن لاَ مَطْمَعَ فيه، وأوله: يَا خَادِعَ البُخْلاَء عَنْ أمْوَالهم ... هَيْهَاتَ تَضْرِبُ في حَدِيدٍ باردٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 386 4484- هَا أَنَا ذَا وَلاَ أنا ذَا يقولهُ الرجلُ بقَالَ له: أين أنت؟ فيقول : ها أنا ذا ولاَ أنا ذَا، أي ولا أُغْنِي عنك غَناء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 386 4485- الهَابِي شَرٌّ مِنَ الكابي يُقَال: هَبَا الجمرُ هُبُواًّ، إذا خَمَدَ وصار رَمَادا هابيا، أي صار كالهبَاء في الدِّقَّة، وكبا الجمر: إذا صار فَحْماً، وهو أن تخمد ناره يضرب للفاسِدَين يَزِيدُ فسادُ أحِدهما على الآخر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 386 4486- هُرِيقَ صَبُوحُهُم على غَبُوقِهِمْ يضرب للقوم نِدِمُوا على ما ظهر منهم. وقَالَ بعضهم: أي ذَهَبا جميعاً فلاَ صَبُوحَ ولاَ غَبُوقَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 386 4487- هَيْهَاتَ طَارَغِرْ بانُها بِجِرْ ذَانِكَ يضرب للأمر الذي فاتَ فلاَ مَطْمَع في تَلاَفيه ومثلُه: (مَتَى عَهْدُكَ بأسْفَلِ فيكَ؟) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 386 4488- هؤلاَءِ عِيالُ ابنِ حُوبٍ يضرب لمن أصبَحَ في جهد ومَشَقَةً، والجوبُ: الشدَّة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 386 4489- هَذا الذّي كُنْتِ تَخْبَئِينَ يخاطب امرأة ظَنَّ بها جَمَالاً تستره، فلما رآها خاب ظَنُّه وقَالَ: هذا الذي كنت تكتمين. يضرب لمن خَالَفَ ظنكَ فيما كنتَ راجياً له. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 386 4490- هَيْهَاتَ مِنْ رُغَائِكِ الحَنينُ الرُّغَاء: الضَّجيجُ، والحنين: تَشَوَّقٌ إلى الولد أو وَطَن، يقول: بَعُدَ الحنين من الرُّغَاء، يعني أن بينها فرقاً. يضرب للمتخلفين في أحوالها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 386 4491- هَيْهَاتَ تَطْرِيقٌ مَعَ الرِّجْلِ كَذِبٌ التَّطْرِيق: أن تخرج يَدُ الولدِ مع [ص: 387] الرأس فإذا خرج الرجلُ قبل اليد فهو اليَتْنُ، وهو المذموم، وربما يموت الوالد والأم إذا ولد كذلك. يضرب لمن رَكِبَ طريقاً لاَ يُفْضي به إلى الحق والخير. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 386 4492- هَيْهَاتَ مَحْفىً دُونَهُ وَمَرمَضٌ المَحْفَى: موضع يُحْفَى منه لخشونته، والمَرْمَضُ: موضع يَرْمَضُ [السائر] فيه، أي يحترق لحرارةِ رَمْلِهِ. يضرب لما لاَ يُوصَلُ إليه إلاَ بشدة وتَعَب ومقَاساة عَنَاء ونصَب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 387 4493- هُوَ ابنُ شَفٍّ فَدَعِ العِتَابا الشَّفُّ: الفَضْل والنقصان أيضاً، وهو من الأَضداد، يقول: هو صاحب نقصان في المروءة وفي المودة وإن أظهر لك الوداد والميلَ فدَع عتابه ولاَ تَسْكُنْ إليه. يضرب للواهي حَبلِ الودَاد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 387 4494- هَنِيئاً مَرِيئاً غَيْرَ دَاءٍ مُخَامِرٍ سمع الشَّعْبِيُّ قوماً ينتقصونه، فَقَالَ: هنيئاً مريئاً، البيتَ قَالَوا: كان كُثَيِّرٌ في حَلَقة البصرة ينشد أشعاره، فمرت به عَزَّهُ مع زوجها، فَقَالَ لها زوجُها: أعِضِّيِه، فاستَحْيَتْ من ذلك، فَقَالَ لها: لَتِعضَّنَّهُ أو لأضربنك، فَدَنَتْ من تلك الحلقة، فأعَضَّتْه، وذلك أنها قَالَت: كذا وكذا بفم الشاعر، فَعَرَفَهَا كثير، فَقَالَ: يُكلِّفُها الخِنْزِيرُ شَتْمَي، ومَا بِهَا ... هَوَانِي، ولكِنْ للِمَلِيك اسْتَذَلَّتِ هَنِيئاً مَرِيئاً غَيْرَ دَاءٍ مُخَامِرٍ ... لِعَزَّةَ مِنْ أعْرَاضِنَا مَا اسَحَلَّتِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 387 4495- الهَوَى الهَوَانُ أولُ من قَالَ ذلك رجلٌ من بني ضَبَّةَ يُقَال له أسعد بن قيس، وصفَ الحُبَّ فَقَالَ: هو أظهرُ من أن يَخْفَى، وأخفى من أن يُرَى، فهو كامن كُمُون النار في الحجَرِ، إنْ قَدَحْتَه أوْرَى، وإن تركته تَوَارى، وإن َّ الهَوَى الهوانُ، ولكن غلظ باسمه؛ وإنما يَعْرِفُ ما أقول، منْ أبكته المنازلُ والطلولُ، فذهب قوله مثلاً الجزء: 2 ¦ الصفحة: 387 4496- هَذَا أحَقُّ مَنْزِلٍ بِتَرْكٍ يضرب لكل شيء قد اسْتَحَقَّ أن يُتْرَك من رجلٍ أو جِوار أو غيره وقَالَ أبو عوسجة: هذا أحقُّ مَنْزِلٍ بِتَرْكِ ... الذئبُ يَعْوِي وَالغُرَابُ يَبْكِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 387 4497- هُوَ مَكَانُ القُرَادِ مِنَ اسْتِ الجَمَلِ يضرب لمن يلاَزم شيئاً لاَ يفارقه البتة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 387 4498- هذا أَوَانُ شَدِّكُمْ فَشَدُّوا مثلُ قولهم: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 387 4499- هذا أوانُ الشَّدِّ فَاشْتَدى زِيَمْ (سيكرره المؤلف، ويأتى برقم -4520) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 388 4500- هُوَ لَكَ عَلَى ظَهْرِ العَصَا مثل قولهم: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 388 4501- هُوَ عَلَى طَرَفِ الثُّمَام (سيكرره، ويأتى برقم 4571) لما يوصَلُ إليه من غير مشقة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 388 4502- هُوَ كَدَاءِ البَطْنِ لاَ يُدْرَي أنَّى يُؤْتى يضرب لمن لاَ يخلص منه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 388 4503- هُمُ المِعَى والكَرِشُ يضرب في إصلاَح الأمر بين القوم، وقَالَ: يا أيُّهَذَا النَّائِمُ المُفْتَرِشْ ... لَسْتَ عَلَى شيء فَقُمْ وَانْكَمِشْ لِسْتَ كَقَوْمٍ أصْلَحُوا أمْرَهُمْ ... فأصْبًحُوا مِثْلَ المِعَى وَالكَرِشْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 388 4504- هُوَ حَيَاءُ مَارِخَةَ مارخة: امرأة كانت تتَخَفَّر فعثر عليها تنبش قبرا. يضرب في فَرْطِ الوقَاحة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 388 4505- هَادِيَةُ الشَّاةِ أبْعَدُ مِنَ الأذَى الهادية: الرقَبَة والكتف والذراع، وبُعْدُها من الأذى تَنَحِّيها من الكرش والحَوَايا والأعْفَاج والجَوَاعر، وفي قبائل قضاعة قبيلة يُقَال لها بَلِى، فهم لاَ يأكلون الأَلْيَةَ لقربها من الجواعر ولأنها طَبَقُ الاَسْتِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 388 4506- هَدْمَةُ الثَّعْلَبِ يعنون جُحْره المهدوم يضرب للقوم يقع بينهم الشر، وقد كانوا من قبل على صلح الجزء: 2 ¦ الصفحة: 388 4507- هُوَ دَرْجَ يَدِكَ وهي وهما وهم دَرْجَ يدك، المذكر والمؤنث والواحد والجمع والاَثنان سَوَاء، ومعناه طَوْع يدك، قَالَه الشرقي، وكذلك قَالَ أبو عمرو، ونصب "دَرَجَ" على الظرف، كما يُقَال: أنْقَدته دَرْجَ كتابي، وروى المنذري "دَرَجَ" بنصب الراء، كما يُقَال: ذهب دَمُهُ دَرَجَ الرياح، إذا بَطَلَ وهدر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 388 4508- هُوَ عَلَى حَبْلِ ذرَاعِكَ أي الأمر فيه إليك. يضرب في قرب المتَنَاوَلِ. قَالَ الأَصمعي: يضرب للأَخ لاَ يُخَالف أخاه في شيء بإخائه وإشفاقا عليه. أي هو كما تُريد طاعةً وانقيادا لك، وحَبْلُ الذراع: عِرْقٌ في اليد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 388 4509- هذِهِ يَدِي لَكَ كلمة يقولها المُنْقَاد الخاضَع، أي أنا بين يديك فاصنع بى ما شئت. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 388 4510- هُوَ عِنْدِي بِاليَمِينِ أي بالمنزلة الشريفة. ويُقَال في ضده: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 389 4511- هُوَ عِنْدِي بِالشِّمَالِ أي بالمنزلة الخسيسة، قَالَ أبو خِرَاشٍ: رَأيْتُ بَنِي العَلاَتِ لَمَّا تَصَافَرُوا ... يَجُرُّونَ سَهْمِي دُونَهُم في الشَّمَائِلِ أي يجعلون سَهْمِي وحَظِّي في المنزلة الخسيسة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 389 4512- هُمْ علَيْهِ يَدٌ وَاحِدَةٌ أي مجتمعون، ومنه قوله عليه الصلاَة والسلام "وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 389 4513- هَلَكُوا عَلَى رِجْلِ فُلاَنٍ أي على عهْده، ويروى عن سعيد بن المسيب أنه قَالَ: ما هلَكَ على رِجْلِ أحْدٍ من الأََنبياء ما هلك على رِجل موسى عليه الصلاَة والسلام. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 389 4514- هذَا حِرٌ مَعْرُوفٌ أولُ من قَالَ ذلك لقمانُ بن عادٍ بن عَوْص بن إرَم. وذلك أن أخته كانت تحت رجلٍ ضعيفٍ، وأرادت أن يكون لها ابن كأخيها لقمان في عَقْله ودَهَائه، فَقَالَت لاَ امرأة أخيها: إن تَعْلى ضعيفٌ، وأنا أخاف أن أضعف منه فأعِيِرِيني فراشَ أخي الليلة، ففعلت، فجاء لقمان وقد ثَمِلَ فبطش بأخته، فعلَقَتْ منه على لُقَيم، فلما كانت الليلة الثانية أتي صاحبته فَقَالَ: هذا حِرٌ مَعْرُوف. وقد ذكره النَّمِرُ بن تَوْلب في شعره فَقَالَ: لُقَيْمُ ابنُ لُقْمَانَ مِنْ أخْتِهِ ... فَكَانَ ابنَ أخْتٍ لَهُ وَابْنَمَا لَيَالي حمق فَما اسْتَحْقَبَتْ ... إلَيْهِ فَغُرَّ بها مُظْلِمَا فَأحْبَلَهَا رَجُلٌ نَابِهٌ ... فَجَاءَتْ بِهِ رَجُلاً مُحْكمَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 389 4515- هُنِئتَ وَلاَ تُنْكَهُ قَالَ أبو عبيد: أي أصبت خيراً ولا أصابك الضر. قَالَ الأزْهري: هُنِّيئتَ أي ظَفِرْتَ ولاَ تُنْكَ بغير هاء، فإذا وقف على الكاف اجتمع ساكنا فحُرِّكَ الكافُ وزيدت الهاء للسكوت عليها، ولاَ تُنْكَ: أي لاَ نُكِيتَ أي لاَ جَعَلَكَ الله منهزما مَنْكِّياً، ويجوز ولاَ تَنْكَه - بفتح التاء - يُقَال: نَكَيْتُ في العدو، أي هزمته؛ فنكِي ينْكَي نكاء هذا كله حكاه عن أبى الهيثم. وقَالَ أبو عمرو: هنيت ولم تَبْكِه، أي وجَدْتَ ميراثَ مَنْ لم تبكه. [ص: 390] ويروى هُنِئْتَ من الهِنْء وهو العَطَاء، أي أُعْطَيْتَ، ولاَ تنكه، أي لا تنك فيك، ثم حذف "فيك" وقَالَ: ولاَ تُنْك، ثم أدخل هاء السكت. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 389 4516- هُم في أَمْرٍ لاَ يُنَادَي وَلِيدُهُ قَالَ أبو عبيد: معناه أمر عظيم لاَ ينادي فيه الصغار، وإنما يُدْعَى فيه الكهول والكبار وقَالَ الفراء: هذه لفظه تستعملها العرب إذا أرادت الغاية في الخير والشر. وأنشد فيه الأَصمعي: فأقْصَرْتُ عَنْ ذِكْرِ الغَوَانِي بِتَوْبَةٍ ... إلَى الله مِنِّى لاَ يُنَادَي وَلِيدُهَا وقَالَ آخر: ومنهن فسق لاَ يُنَادَى وَليدُهُ وينشد: لَقَدْ شَرْعَتْ كَفَّا يَزِيدَ بنْ مزْيَدٍ ... شَرَائِعَ جُودٍ لاَ يُنَادَي وَلِيدُها وقَالَ الكلاَبي: هذا مثل يقوله القوم إذا أخصبوا وكثرت أموالهم، فإذا أهوى الصبي إلى شيء ليأخذه لم يُنْهَ عن أخذه ولم يُصَحْ به؛ لكثرته عندهم، وقَالَ أصحاب المعاني أي ليس فيه وليد فيدعى، وأنشد: سَبَقْتُ صِيَاحَ فَرَارِيجهَا ... وصَوْتَ نَوَاقِيسَ لمْ تُضْرَبِ أي لست ثمَّ نواقيسُ فتضرب ولكن هذا من أوقاتها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 390 4517- هَوْتْ أُمُّهُ أي سَقَطت، وهذا دعاء لاَ يراد به الوقوع، وإنما يُقَال عند التعجب والمَدْح، قَالَ الشاعر: هَوْتْ أُمُّهُ مَا يَبْعَثُ الصبح غاديا ... وَمَاذا يُؤَدِّي اللَّيْل حِينَ يَؤُبُ معناه التعجب، يُقَال: العربُ تدعو على الإنسان والمراد الدعاء له، كما يُقَال للديغ: سَلِيم، وللمهلكة: مَفَازة، على سبيل التفاؤل ومعنى "ما يبعث الصبح" إمعانه في وصفه بالجلد حين يصبح، أي ما يبعث الصبحُ منه وكذلك ماذا يؤدي الليلُ منه حين يمسي، فحدف "منه" كما يُقَال: السَّمْنُ مَنَوَان بدرهم، أي منوان منه بدرهم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 390 4518- هَلْ لَكَ في أُمِّكَ مَهْزُولَةً؟ قَالَ: إنَّ مَعَهَا إحْلاَبَةَ الإحلاَبة: أن يحلبَ الرجلُ ويبعثَ به إلى أهله من المرعَى، يريد هل لك طمع في أمك في حال فقرها، أي لاَ تَطْمَعْ فيها فليس بشيء، قَالَ: إن معها إحلاَبة. يضرب في بقاء طمع الولد في إحسان الأم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 390 4519- هَذَا التَّصَافِي لاَ تَصَافِي المِحْلَبِ قَالَ أبو عمرو بن العَلاَء: خرج رجلاَن من هُذَيل بن مُدْركة ليُغِيَرا على فَهْم على أرجلها، فأتَيَا بلاَد فَهْم فأغارا، فقتلاَ رجلاً من فَهْم، ونذر بهما، فأخِذَ عليهما الطريقُ فأسِرَا جميعا، فقيل لهما: أيكما قَتَلَ صاحبنا؟ فَقَالَ الشيخ: أنا قتلته وأنا الثأر المُنِيمُ، وقَالَ الشاب: أنا قتلته دون هذا الشيخ الهِمِّ الفاني، وأنا الشابُّ المقتبلُ الشباب، وأنا لكم الثأر المنيم، فقتلوا الشيخ بصاحبهم، وطمعوا في فِدَاء الشاب، فَقَالَ رجل من فَهْم : هذا التصافي لا تصافي المِحْلَب، ويروى "المشعل" وهو إناء ينبذ فيه، أي هذه المصافاة لاَ مصافاة المؤاكلة والمشاربة. يضرب في كرم الإخاء. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 391 4520- هَذَا أوان الشَّدِّ فَاشْتَدِّي زِيَمْ (سبق برقم 4499) زعم الأصمعي أن "زِيَمْ" في هذا الموضع اسمُ فرسٍ، وشَدَّ واشْتَدَّ إذا عدا. يضرب للرجل يؤمر بالجِدِّ في أمره. وتمثل به الحجاجُ على منبره حين أزعج الناسَ لقتال الخوارج. وأورد أبو عبيد هذا المثل مع قولهم "لَيْسَ هَذَا بعُشِّكِ فَادْرُجِي، يضرب للمتشبع بما ليس عنده، يؤمَرُ بإخراج نفسه منه، ولاَ نسبة بينهما، إلاَ أن يُقَال: أراد هذا ليس وقت الجمام، بل هذا وقت العدو حتى يكون بإزاء قوله "ليس هذا بعشك فادْرُجِي" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 391 4521- هُما كَفَرَسَي رِهَانٍ يضرب للاثنين إلى غاية يَسْتَبِقَانِ فيستويان، وهذا التشبيه يقع في الاَبتداء، لاَ في الاَنتهاء؛ لأَن النهاية تُجَلَّى عن سَبْق أحدهما لاَ محالة. ومثلُه قولُهم: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 391 4522- هُمَا كَرُكْبَتِي البَعِيرِ قَالَ ابن الكلبي: إن المثل لِهرِمِ بن قُطْبةَ الفَزَاري، تمثَّلَ به لعلْقمة بن عُلاَثة وعامر بن الطُّفَيل الجعفر بين حين تنافرا إليه، فَقَالَ: أنتما كَرُكْبَتَي البعير يا ابني جعفر تَقَعَانِ مَعاً، ولم يُنْفِّرْ أحَدَهما على الآخر، وذلك أنهما انتهَيَا إليه مساء، فأمر لكل واحدٍ منها بُقَّبةٍ، وأمر لهما بالأنزال وما يحتاجان إليه، فلما هَدَأت الرِّجْلُ أتى عامرا فَقَالَ له: لماذا جئتني؟ قَالَ: جئْتُك لُتَنَفِّرني على علقمة، فَقَالَ: بئس الرأي رأيت، وساء ما سَوَّلَتْ لك نفسُكَ، أفْضِّلُكَ على علقمة ومن أمره كذا وكذا؟ يعدِّد مفاخِرَه ومآثره وقديمه وحديثَه، والله لئن رأيتُك غداً معه [ص: 392] متحاكمين إلىَّ لاَنفرنَّهُ عليك، ولاَ يطلق القلم مني به وبك غيره، ثم تركه ومضى إلى عَلْقَمة فَقَالَ: ما جاء بك؟ قَالَ: جئتك لتنفِّرِني على عامر فقال: أين غاب عنك حلمكَ؟ أعلى عامر أفضِّلُك؟ وقديم عامر كذا وكذا، وحَسَبَهُ كذا، والله لئن نافَرْتَهُ إلى لأحكمن له، فأقْدِمْ على ما تريد أو أَحْجِمْ عنه، ثم فارقه ورجع إلى بيته، فلما أصْبحَا قَالاَ: نرجع ولاَ حاجة بنا إلى التنافر، ولاَ يدري كل واحدٍ منهما ما عند صاحبه، فلما كانا في بعض الطريق تلقَّاهُما الأعْشَى، فسألهما عما خرجا له، فأخبره بقصتهما، فَقَالَ الأعْشَى لعلقمة: مالي عندك إن نَفَّرْتُكَ على عامر؟ قَالَ: مائة من الإبل، قَالَ: وتُجِيرُنِي من العرب؟ قَالَ: أجيرك من قومى، فَقَالَ لعامر: فإن أنا نفرتك على علقمة فمالي عندك؟ قَالَ: مائة من الإبل، قَالَ: وتُجيرُني من أهل الأَرض؟ قَالَ: أجيرك من أهل السماء والأَرض، قَالَ الأعْشَى: تُجيرُني من أهل الأَرض فكيف تُجيرُني من أهل السماء؟ قال: إن مات أحد من وَلْدَك أو أهلك ودَيْتُه، وإن ماتت لك ماشية فعليَّ عِوَضُها، قَالَ: نعم، فمدح عامرا، وهجا علقمة، فَقَالَ من قصيدته في هجائه: أعَلْقَمُ قَدْ حَكَّمْتَنِي فوجدتني ... بكُم عالما عند الحكومة غائصاً كِلاَ أبَوَيْكُم كانَ فَرْعَى دِعَامَةٍ ... ولكنَّهُمْ زَادُوا وَأصْبَحْتَ نَاقِصَاً تَبِيتُونَ في المَشْتى مِلاَءً بُطُونُكُمْ ... وَجَارتُكُمْ غَرْثَى يَبتْنَ خَمَائِصَاً فَمَا ذَنْبُنَا إن جَاشَ بَحْرُ ابن عَمَّكُمْ ... وتَجْرُك سَاجٍ مَا يُوارِي الدَّعَامِصَاً (الدعامص: جمع دعموص. وهي دويبة تغوص في الماء) وكان يُقَال: مَنْ مدحه الأعْشَى رَفَعه ومَنْ هَجَاه وضَعه، وكان يُتَّقَي لسانه، وكان علقمة ممن آمن وصار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما عامر فلاَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 391 4523- هّذا الَّذي كُنْتِ تَحْيَيْنَ يُقَال: حِييتُ حَيَاء، أي استَحْيَيْتُ وأصل المثل أن امرأة سَتَرت وَجْهَها، فظهر منها هَنُا، فقيل لها: هذا الذي كنت تستحيين منه فقد بدا وانكشف. يضرب لمن رام إصلاَح شيء فأفسده. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 392 4524- هَذَا أمْرٌ لاَ يفِي لهُ قَدْرِي أي أمر لا أقربه ولا أقبله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 392 4525- أَهْنَى المَعْرُوفِ أَوْحاهُ أي أعْجَلهُ، من قولهم الوَحَي الوحَي، أي العَجَلَ العَجَلَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 392 4526- هَذِهِ خَيْرُ الشَّاتَيْنِ جِزَّةً يضرب للشيئين يَفْضُل أحَدُهما على الآخر بقليل، ونصب "جزة" على التمييز. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 393 4527- هانَ على الأمْلَس مالا قَي الدَّبرُ يضرب في سوء اهتمام الرجل بشأن صاحبه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 393 4528- هذا أَمْرٌ لاَ تَبْرُكُ عَلَيهِ الإِبِلُ يضرب للأمر العظيم الذي لا يصبر عليه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 393 4529- هوَ أذَلُّ مِنْ حِمَارٍ مُقَيَّدٍ قَالَ المتلمس: وَمَا يُقِيمُ بدارِ الذَُلِّ يَعْرِفُهَا ... إلاَ الأذَلاَنِ عَيْرُ الحَيِّ وَالوَتِدُ هذا عَلَى الخَسْفِ مَرْبُوطٌ بِرُمَّتِهِ ... وَذَا يُشَجُّ فَمَا يَبْكِى لَهُ أحَدُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 393 4530- هُوَ يَبْعَثُ الكِلاَبَ عَنْ مَرابِضِهَا. يضرب للرجل يخرج بالليل يسأل الناس مِنْ حِرصه فتنجه الكلاَب؛ فذلك بَعْثُه إياها عن مرابضها. ويُقَال: بل يثير الكلاَبَ يطلب تحتها شيئاً لشَرَهِهِ وحرصه على ما فضل من طعامها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 393 4531- هَلْ أوفَيْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ وتَقَلَّيْتُ الإيفاء: الإشراف، والتَّقَلِّي: تجاوزُ الحدِّ يضرب لمن بَلَغَ النهايةَ وزاد على ما رسم له الجزء: 2 ¦ الصفحة: 393 4532- هُمَا يَتَماشَنان جِلْدَ الظَّربِانِ يضرب للرجلين يقع بينهما الشر فيتفاحشان الجزء: 2 ¦ الصفحة: 393 4533- هُوَ بَيْنَ حاذِفٍ وقاذِفٍ الحاذف: بالعصا، والقاذف: بالحصا. قَالَوا: المعنى في الأَرنب؛ لأنها تُحْذَفُ بالعَصَا وتقذف بالحجر. يضرب لمن هو بين شَرَّيْنِ قَالَ اللحياني: يُقَال قَالَ الوبر للأرنب: آذان آذان، عَجُزٌ وكتفان، وسائرك أكلتان، فَقَالَ الأرنب: وبروبر، عجز وصدر، وسائرك حقر نقر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 393 4534- هُمْ في خَيْرٍ لاَ يَطِيرُ غُرَابُهُ أصله أن الغراب إذا وقع في مَوْضع لم يجتح أن يتحوَّلَ إلى غيره. قيل: هذا يضرب في كثرة الخِصْب والخير، عن أبي عبيدة، وقد يضرب في الشدة أيضاً، عن أبي عبيد، وقَالَ: ومنه قول الذبياني: وَلرَهْطِ حرابٍ وقد سَوْرَةٌ ... فِي المَجْدِ لَيْسَ غُرابُها بِمُطَارِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 393 4535- هُوَ وَاقِعُ الغُرَابِ كما يُقَال "ساكن الريح" أي هو وَقُوع وَدُروع، قَالَ الشاعر: وَمَازِلْتُ مُذْقَامَ ابنُ مَرْوَانَ وَابْنُهُ ... كأنَّ غُرَابا بَيْنَ عَيْنَي وَاقِع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 393 4536- هُوَ غُرَابُ ابنُ دَأيَةَ يكنى به عن الكاذب في نسبه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 394 4537- هُوَ إحْدَى الأثَافي يضرب للذي يُعين عليك عَدْوَّك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 394 4538- هُوَ ابْنَةُ الجَبَلِ ومعناه الصَّدَى يجيب المتكلم. يضرب لمن يكون مع كل أحد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 394 4539- هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ الجَنَابُ الأخْضَر. قَالَ الشرقي: هذا من أمثالهم القديمة، وأصل ذلك أنه لما ثَقُلَ ضبة بن أدَّ اغتمَّ، فَقَالَ له وَلَدُه: لو قد انتهينا إلى الجَنَاب الأخضر لقد انحل عنك ما تجد، فَقَال َ: هيهات هيهات الجناب الأخضر؟ أي لاَ أدركه، فكان كذلك. يضرب لما لاَ يمكن كذلك تَلاَفِيهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 394 4540- هَلْ عَادَ مِنْ كَرَمٍ بَعْدي؟ لذكوان، قيل: إنه كان رَجُلاً شَحيحاً يضرب للرجل يَعِدُ من نفسه ما لم يُعْهَدْ منه، فيُقَال له: هل غَيَّرَك بعدي مُغَير؟ أي أنت على ما عهدتك. ومثلُه: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 394 4541- هَلْ صَاغَكَ بَعْدِي صَائغٌ يوضع في الخير والشر، قَالَه أبو عمرو الجزء: 2 ¦ الصفحة: 394 4542- هَكذَا فَصِدى قيل: إن أول مَنْ تكلم بِهِ كَعْبُ بن مَامة، وذلك أنه كان أسيراً في عَنْزَة، فأمرته أمُّ منزله أن يَفْصِدَ لها ناقةً، فنحرها، فلامته على نَحْره إياها، فَقَال َ: هكذا فَصِدى، يريد أنه لاَ يصنع إلاَ ما يصْنَع الكرام. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 394 4543- هُوَ أعْلَى النَّاسِ ذَا فُوقٍ أي أعلى الناس سَهْماً، ويقولون: هو أعلى القوم كَعْبا، وقَالَ سعد بن أبى وَقَّاص رضي الله عنه لأهل الكوفة: إن المسلمين قد بَايَعُوا عثمان بن عفان رضي الله عنه ولم يألوا أن يبايعوا أعلاَهم ذا فُوقٍ، أي أفْضَلَهُمْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 394 4544- هُوَ أصْبَرُ عَلَى السَّوَافي مِنْ ثَالِثَةِ الأثَافِي. يضرب لمن تعوَّدَ هلاَكَ مالِهِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 394 4545- هُوَ إمَّعَةٌ وكذلك "إمْرَةٌ" وهما الرجل الضعيفُ الرأي الذي يقول لكل: أنا مَعَكَ، وفي الحديث "إذ وقع الناسُ في الشر فلاَ تكن إمَّعَةً" قَالَوا هو أن يقول: إن هلك الناسُ هلكت لاَ أثور في الشر، يُقَال: رجل إمَّعٌ وإمعة، وقَالَ ابن السراج: هو فِعْلٌ لأنه لاَ يكون إفعل صفة، قَالَ: وقولُ من قَالَ "امرأة إمعة" غلطٌ، لاَ يُقَال للنساء ذلك، [ص: 395] وقد حكى عن أبي عبيد، ويروى عن أمير المؤمنين علي رضي اللَه عنه بيتان في هذا المعنى، وهما: وَلَسْتُ بإمَّعَةٍ في الخَطُوبِ ... أسائِلُ هذا وَذَا مَا الخَبَرْ وَلَكِنِّني مِدْرَهُ الأَصْغَرَيـ ... نِ جَلاَبُ خيرٍ وَذَا وَفَرَّاجُ شَرْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 394 4546- هَنِيئاً لِسُحَامٍ مَا أكَلَ سحام: اسم كلب، قَالَ لبيد: فتقصدت منها كَسَابِ فضرجت ... بِدَمٍ وَغُودِرَ فِي المكَرٍّ سُحَامُهَا ويروى "سُخَامها" بالخاء. يضرب في السماتة بهلاك مال العدو الجزء: 2 ¦ الصفحة: 395 4547- هَيْهَاتَ مِنْكَ قُعيقْعِانُ هذا الجبل بمكة، وبالأَهواز أيضاً جبل يُقَال له قعيعقان قلت: ولاَ أدري أيهما المعنى في المثل يضرب في اليأس من نيْل ما تريد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 395 4548- هَذَراً هَذرِيانُ أي أكثِرْ من كلامك وتَخليطك ياهَذْرِيَان، وهو المِهْذَار الجزء: 2 ¦ الصفحة: 395 4549- هُوَ الضَّلاَلُ بنُ يَهْلَلَ وتهلل، وفَهلل، وكلها من أسماء الباطل لاَ تصرف، ومعناه باطل بن باطل، وروى اللحياني بالتاء المعجمة من فوقها بنقطتين، أي كما أن هذه الأَلفاظ لاَ تقوم بإفادة كذلك هو قلت: والسبب في ترك صرف هذه الأَسماء أنها أعجمية في الأَصل، فاجتمع فيها التعريف والعجمة، ولو كان لها مَدْخَل في العربية لكان وَجْهُها الصرف، كما لو سمى رجل بدَحْرَج لصُرف لأنه زنة لاَ تختص بالفعل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 395 4550- هُوَ قَريبُ المَنْزَعَةِ أي قريب الهِمَّة، وقريب غَوْر الرأي، ومنه قولهم "لتعلمن أينا أضعف منزعة" ومنزعة الرجل: رأيه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 395 4551- هَذِهِ مِنْ مُقَدِّمَاتِ أفَاعيكَ أي من أوائل شرك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 395 4552- هُوَ الفَحْلُ لاَ يُقْدَحُ أنْفُهُ القَدْح: الكَفُّ يضرب للشريف لاَ يُرَدُّ عن مُصَاهرة ومُواصلة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 395 4553- هُوَ يَلْطِمْ عَيْنَ مِهْرَان يضرب للرجل يكذب في حديثه، وينشد لمحلم: إذا ما اجتمع الجزلىُّ ... والكوفى والأَعلَم فكم من سىء يُنْثَي ... وكم من حَسَن يكتم وكم عين لمهران ... إذا ما اجتمعوا تلطم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 395 4554- هُوَ يَنْسَى ما يَقُولُ قَالَ ثعلب: إنما تقول هذا إذا أردتَ أن تنسب أخاك إلى الكذب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 396 4555- هُوَ يَخْصِفُ حِذَاءَهُ أي يزيد في حديثه الصدق ماليس منه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 396 4556- أَهْلَكْتَ مِنْ عَشْرٍ ثَمانياً وَجِئْتَ بِسَائِرها حَبْحَبَةً أي مَهَازيل ضعيفة قَالَ ابن الأعرابي: ومن الحبحبة نار أبي حباحب؛ وقَالَ غيره: الحَبْحَبَة السَّوْقُ الشديد، ونصبه على المصدر، ويجوز على الحال الجزء: 2 ¦ الصفحة: 396 4557- هُوَ يَدِبُّ مَعَ القُرَادِ يضرب للرجل الشرير الخبيث، أنشد ابن الأَعرَبي لنا عِزٌّ ومَرْمَانَا قريبٌ ... ومولىً لاَ يَدِبُّ مع القراد وأصل هذا أن رجلاً كان يأتي بشنة فيها قِرْدَان، فيشدها في ذنب البعير، فإذا عضَّه منها قُراد نفر فنفرت الإبل، فإذا نفرت الإبل استلَّ منها بعيراً فذهب به الجزء: 2 ¦ الصفحة: 396 4558- هُنَاكَ وهُهنَاكَ عَنْ جَمَالِ وَعْوَعَةٍ العربُ إذا أرادت البعد قَالَت: هناك وههناك، وإذا أرادت القرب: قَالَت هنا وههنا، كأنه يأمره بالبعد عن جمال وَعْوَعَة، وهي مكان، ويُقَال أراد إذا سَلِمْتَ لم أكثرت لغيرك، قَالَوا: وهذا كما تقول "كل شيء ولاَ وَجَعُ الرأس" و "كل شيء ولاَ سيف فراشه" وقَالَ أبو زيد: وَعْوَعَة رجل من بنى قيس بن حنظلة، قَالَ: وهذا نحو قول الرجل "كل شيء ما خلاَ الله جَلَل" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 396 4559- هُوَ أهْوَنُ عَلَي مَنْ طَلَبَهُ يُقَال: هي الرَّبذة والمِثْملَة (الربذة - بفتحات أو بكسر فسكون - ومثلها المثملة - بوزن المكنسة - خرقة أو صوفة يهنأ بها البعير) وهما الخرقة التي يُهْنأ بها البعير، وقَالَ: يَاعَقِيد اللُّؤْم لَوْلاَ نعمتى ... كُنْتَ كالرِّبْذَةِ مُلْقىً بِالفِنَا يضرب للرجل الذليل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 396 4560- هُوَ إسْكُ الأمةِ ويقال "إسْكُ الإماءِ" يضرب للحقير المُنْتِنِ الذليل، والإسك: جانب الفَرْج الجزء: 2 ¦ الصفحة: 396 4561- هُمْ كَنَعَمَ الصَّدَقَةِ يضرب لقوم مختلفين وهذا كقولهم: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 396 4562- هُمْ كَبَيْتِ الأدَمِ يعني أن فيهم الشريف والوضيع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 396 4563- هُمْ كالحَلَقَةِ المُفْرَغَةِ وهي التي لاَ يُدْرَى أين طرفها يضرب للقوم يجتمعون ولاَ يختلفون الجزء: 2 ¦ الصفحة: 397 4564- أَهْدِ لِجَارِكَ الأدْنَى لاَ يَقْلِكَ الأقْصَى ويروى "ولاَ يقلك" أي أنك إذا أهديتَ للأدنى يَعْذِرُك الأَقصى لبعده عنك ومن روى "ولاَ يقلك" أي لاَ تَفْعَلْ ما يؤذي الأَقصى، فكأنه يأمر بالإحسان إليهما. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 397 4565- هُوَ قَاتِلُ الشَّتَوَاتِ يضرب للذي يُطْعِم فيها ويدفِئُ، ويروى "قاتل السَّنَوات" أي الجَدُوب، بأن يُحْسِنَ إلى الناس فيها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 397 4566- هُوَ علَيه ضِلَعٌ جائرةٌ ويروى "هُمْ" يضرب للرجل يميل عليه صاحبه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 397 4567- هَذَا جَنَايَ وَخَيَارُهُ فِيهِ الجَنَي: المجنىُّ، ويروى "هذا جناي وهِجَانه فيه" والهجَان: البيض، وهو أحسن البَيَاض وأعتَقُه، يُقَال: ناقة هِجَان وجمل هِجَان. وأول من تكلم بهذا المثل عمرو بن عَدِيّ بن أخت جَذِيمة، وذلك أن جَذيمة خرج مبتديا بأهله وولده في سنة مُكلئة، وضربت له أبنية في زهرة وروضة، فأقبل ولده يَجْتَنُون الكمأة، فإذا أصاب بعضُهم كمأة جيدة أكلها، وإذا أصابها عمرو خَبَأها في حجزته، فأقبلوا يتعادَوْنَ إلى جَذيمة وعمرو يقول وهو صغير: هذا جناي وخياره فيه ... إذ كل جانٍ يدهُ إلى فيه فضمه جذيمة إليه والتزمه، وسُرَّ بقوله وفعله، وأمر أن يُصاغ له طَوْق، فكان أول عربي طُوِّقَ، وكان يُقَال له "عمرو ذو الطَّوْق (انظر المثل رقم 3017) " وهو الذي قيل فيه المثل المشهور "كبر عمرو عن الطوق (1)) ) وقد مر ذكره قبل وتقدير المثل: هذا ما اجتنيته ولم آخذه لنفسي خير ما فيه إذ كل جان يَدُه مائلة إلى فيه يأكله. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 397 4568- هذَا عَبْدُ عَيْنٍ يضرب للعبد يعمل ما دام مولاَه يراه، فإذا غاب عنه لاَ يهتم بأمره. وكذلك يُقَال "فلاَن أخو عَيْنٍ" "وصديقُ عَيْنٍ" إذا كان بُرَائى؛ فيرضيك ظاهره. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 397 4569- هذَا وَلمَّا تَرَى تِهَامَةَ يضرب لمن جَزِعَ من الأمر قبل وَقْتِ الجزع. [ص: 398] قَالَه رجل وهو يَنْجِد بناقته وهو يريد تهامة فحَسِرَتْ ناقته وضَجِرَتْ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 397 4570- هُوَ أشَدُ حُمَرَةً مِنَ المًصَعة وهو ثمر العَوْسَج أحمر ناصع الحمرة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 398 4571- هُوَ عَلَى طَرَفِ الثُمَامِ (هذا المثل مكرر قد مضى رقم 4501) وهو نبت ضعيف سَهْل التناول يُسَدّ به خصَاص البيوت، وقَالَوا: إنه ينبت على قدر قامة المرء. يضرب في تسهيل الحاجة وقُرْبِ النَّجَاح. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 398 4572- هُوَ حُوَّاءَةٌ قَالَ أبو زيد: الحُوَّاءة من الأحرار، ولها زهرة بيضاء، وكأن ورقها ورق الهندبا يتسطح على الأَرض. يضرب مثلاً للرجل الذي لاَ يبرح مكانه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 398 4573- هذَا الجَنَى لاَ أنْ يُكَدَّ المُغْفُرُ وروى أبو عمرو "لاَ أن تكد المغفر" قَالَ: لأنه لاَ يجتمع منه في سَنَة إلاَ القليل، قَالَ أبو زياد: المَغَافير تكون في الرمث والعش والثمام، والمغفر والمغفور والمغثور: لُغات. يضرب في تفصيل الشيء على جنسه ولمن يصيب الخير الكثير. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 398 4574- هُوَ يَرْقمُ فِي المَاءِ يضرب للحاذق في صنعته. أي من حذقه يرقم حيث لاَ يثبت فيه الرقم، قَالَ الشاعر: سأرقم في الماء القَرَاح إليكم ... على نأيكم إن كان في الماء رَاقِمُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 398 4575- هذا بَرْضٌ مِنْ عِدٍّ البَرَض، والبراضُ: القليل، والعِدُّ: الماء الدائم لاَ انقطاع له. يضرب لمن يعطي قليلاَ من كثير الجزء: 2 ¦ الصفحة: 398 4576- هُوَ يَحْطِبُ في حَبْلِهِ إذا كان يجيء ويذهب في منفعته، ويكون هَوَاه معه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 398 4577- هُوَ ثَاقِبُ الزَّنْدِ وكذلك "وَارِى الزَّنْدِ" يضرب لمن يُطْلَبُ منه الخير فيُوجدُ وفي ضده يُقَال: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 398 4578- هُوَ كَابِى الزِّنَادِ، وصَلُودُ الزِّنَادِ إذا كان نَكِداً قليلَ الخير، يُقَال: كَبا الزند يَكْبُو، وأكبَوْتُه أنا، وفي الحديث أن أم سلمة قَالَت لعثمان رضي الله عنهما وهي تَعِظُه: يا بنى مالي أرى رَعيَّتَكَ [ص: 399] عنك نافرين، وعن جَنَاحك ناقرين، لاَ تعف طريقاً كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبها، ولاَ تقتدح بزندٍ كان عليه السلام أكباه، وتوخَّ حيث تَوَخَّى صاحباك فإنهما ثكما الأمر (ثكما الأمر لزماه ولم يفارقاه) ثكما، ولم يظلما، هذا حق أمومتي قضَيْتُه إليك، وإن عليك حق الطاعة، فَقَالَ عثمان رضي الله عنه: أما بعد فقد قلتِ فَوَعِيتُ، وأوصيتِ فقبلتُ، ولي عليك حق (النصتة - بالضم - الاَسم بمعنى الإنصات) النُّصته، إن هؤلاَء النفر رَعَاع ثغر، تطأطأت لهم تطأطؤ الدلاَء، وتلددت (أصل التلدد الالتفات يميناً وشمالاَ، وأراد أنه حرص عليهم ونظر إليهم) لهم تلدد المضطرب، فأرانيهم الحقُّ إخوانا، وأراهموني الباطلُ شيطانا، أجررْتُ المرسُونَ رَسَنه (أجررته رسنة: كناية عن أنه تركه يصنع ما شاء.) وأبلغت الراتع مسقاته، فتفرقوا على فرقا ثلاَثا (لم يذكر في التفصيل غير فرقتين.) فصامِتٌ صَمْتُه أنفذ من صَوْل غيره، وساعٍ أعطاني شاهده ومنعني غائبه، فأما منهم بين ألسن لِدَادٍ وقلوب شِداد وسيوف حِداد، عذرني الله منهم أن لاَ ينهى عالم منهم جاهلاً، ولاَ يَرْدَع أو يُنذر حليمٌ سفيها، والله حسبي وحسبهم يوم لاَ ينطقون ولاَ يُؤْذَنُ لهم فيعتذرون. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 398 4579- هَرِقْ عَلَى جَمْرِكَ ماءً يضرب للغَضْبَان، أي اصْبُب ماء على نار غضبك، قَالَ رؤبة: يا أيها الكَاسِرُ عينَ الأغصن ... والقَائِلُ الأقوالِ مالم تَلْقَنِي هَرِقْ عَلَى جَمْرِكَ أوْ تَبَيَّنِ ... بأي دَلْوٍ إذْ عَرَفْنَا تَسْتَنِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 399 4580- هُوَ أوْثَقُ سَهْمٍ في كِنَآنِتِي يضرب لمن تعتمده فيما يَنُوبُكَ. قَالَه مالك بن مسمع لعبيد الله بن زياد بن ظَبْيَان التَّيْمي من بنى تَيْم الله بن ثعلبة، وكانت ربيعة البصرة اجتمعت عند مالك، ولم يعلم عبيدُ الله، فلما علم أتاه فَقَالَ: يا أعور، اجتمعت ربيعة ولم تعلمني، فَقَالَ مالك: يا أبا مَطَر، والله إنك لأَوثَقُ سهمٍ في كنانتي عندي، فَقَالَ عبيد الله: وأيضاً فإني لَسَهْم في كنانتك؟ أما والله لئن قمت فيها لأطولنها، ولئن قعدت فيها لأخرقنها، فَقَالَ مالك وأعجبه: أكثرَ الله في العشيرة مثلك، فَقَالَ: لقد سألت رَبَّكَ شَطَطا، فَقَالَ مقاتل بن مسمع: ما أخْطَلَك! فَقَالَ له: اسكت ليس [ص: 400] مثلك يُرَادُّني، فَقَالَ مقاتل: يا ابن اللَّكْعاء لعن الله عُشاًّ دَرَجْتَ منه وبيَضَةً تقوَبَتْ (التقويب - ومثله القوب - حفر الأَرض، وفلق الطائر بيضة ليخرج الفرخ) عن رأسك، قَالَ: يا ابن اللقيطة إنما قتلنا أباك بكلبٍ لنا يوم جُؤَاثى (جؤاثى: حصن بالبحرين) وكان عمرو بن الأسود التيمي قتل مسمعا يوم جؤاثى مرتداً عن الإسلام وعبيد الله هذا أحد فُتَّاكِ العرب، وهو قاتل مصعب بن الزبير الجزء: 2 ¦ الصفحة: 399 4581- هُمَا في بُرْدَةٍ أخْمَاسٍ الخِمْس: ضربٌ من بُرُودِ اليَمَنِ قَالَ أبو عمروٍ: وأول من عمله ملك باليمن يُقَال له خمس، قَالَ الأعْشَى يصف الأَرض: يَوْماً تَرَاهَا كَشِبْهِ أرْدِيَةَ ال ... خِمْس، وَيَوْمْاً أديمها نَغِلاَ وقَالَ بعضهم: بردة أخماسٍ بردةٌ تكون خمسةَ أشبار يضرب للرجلين تَحَابَّا وتقاربا وفعَلاَ فعلاَ واحدا، ويشبه أحدهما الآخر حتى كأنهما في ثوب واحد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 400 4582- هُوَ الشِّعَارُ دُونَ الدِّثَارِ الشِّعَار من الثياب: ما يَلِى الجَسَد، والدِّثَار: ما يُلْبَسُ في فوقه يضرب للمُخْتَصِّ بك العالم بدِخْلَةِ أمْرِكَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 400 4583- هُوَ مُؤدَمٌ مُبْشَرٌ أصلُ هذا في الأديم إذا صُنع منه شيء فجعلت أدمته هي الظاهرة، يطلب بذلك لِينه، يُقَال آدمَ يُؤْدم إيداما فهو مُؤْدِم، وإن جعلت بشرته هي الظاهرة قيل: أبْشَرَ يُبْشِر. يضرب للكامل في كل شيء، أي قد جَمَع بين لينِ الأدمة وخُشُونة البشرة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 400 4584- هذَا حَظُّ جَدٍّ مَنَ المَبْنَاةِ جَدٌّ: اسم رجلٌ من عادٍ، كان ليبياً حازماً، دخل على رجل من عادٍ ضَيْفاً وهو مسافر، فَبَاتَ عنده، ووجد في بيته أضيافا له قد أكثروا من الطعام والشراب قبله، وإنما طَرَقَهم جد طروقا، فبات عندهم وهو يريد الدُّلَجَة من عندهم، ففرش لهم رَبُّ المنزل مَبْنَاه له، والمبناة: النطع، فناموا عليها جميعاً، فسلحَ بعضُ القوم الذين كانوا يشربون، فخاف جَدٌّ أن يدلج فيظن رب المنزل أنه هو الذي سلح، فقطع حظه الذي نام عليه من النطع، ثم دعا رَبَّ المنزل وقد طواه فَقَال َ: هذا حظ جد من المبناة، فأرسلها مثلاً يضرب في براءة الساحة وقد ذكرته العربُ في أشعارها، قَالَ مالك بن نُوَيْرَةَ: [ص: 401] ولما أتيتم ما تَمَنَّى عَدُوُّكم ... عزلت فِرَاشي عنكم ووِسادي وكنتُ كجدحين قَدَّ بسَهْمِهِ ... حذار انخلاَطٍ حظه بسوَادِ وقَالَ خراش بن سمير المحاربي: كما اختار جَدٌّ حَظَّه من فِرَاشه ... بِمِبْرَاتِهِ أو أمره إذ يزاوله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 400 4585- هَرِقْ لَهَ قَرْقَرْ ذَنُوباً القَرْقَر: حَوْض الركيَّة يضرب للرجل يستضعف ويغلب فيأتيه من يُعينه وينجيه مما هو فيه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 401 4586- هُوَ يَشُوبُ وَيَرُوبُ الشَّوْبُ: الخَلْط، والرَّأب: الإصلاَح، وأصله يَرْؤُب، ولكن قَالَوا يَرُوبُ لمكان يَشُوب. يضرب للذي يخطيء ويصيب قَالَ أبو سعيد الضرير: يَشُوب يدفع، من قولهم "فلاَن يَشُوبُ على أصحابه" أي يدافع، ويروب: من قولهم "راب يَرُوب" إذا اختلط رأيه، ورجل رائب ورَؤبان، وقوم رَوْبي يضرب للرجل يَرُوب أحياناً فلاَ يتحرك وأحياناً ينبعث فيقاتل ويدافع عن نفسه وغيره ويروى "هو يَشُوب ولاَ يَرُوبُ" قَالَ الأَصمعي، ومعناه يخلط الماء بالبن، أي يخلط بالكذب، ولاَ يروب لأنه خالط اللبن الماء لم يَرُبِ اللبن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 401 4587- هُوَ السَّمْنُ لاَ يَخِمُّ يُقَال: خَمَّ اللحمُ خُمُوماً؛ إذا انتنَ شوَاء كان أو طَبيخاً وهذا المثل يضرب للرجل يثنى عليه بالخير، أي أنه حَسَنُ السجية، لاَ غائلة عنده، ولاَ يتلون ولاَ يتغير عما طبع عليه، قَالَت ابنة الخُسِّ ووصفت رَجُلاً: لاَ أريدهُ أخا فلاَنٍ ولاَ ابنَ عم فلاَن، ولاَ الظريف ولاَ المتظرف ولاَ السمن لاَ يخم، ولكن أريده حلوا مرا كما قَالَ: أُمِرُّ وأحْلَوْلِى وَتِلْكَ سَجِيتِي ... ولاَ خير فيمَنْ لاَ يَمرُّ ولاَ يُحْلِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 401 4588- هِيَ الخَمْرُ تُكْنَى الطَّلاَءَ يضرب للأمر ظاهرُهُ حسن وباطنه على خلاَف ذلك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 401 4589- هذِهِ بِتْلكَ وَالبَادِى أظْلَمُ قَالَوا: إن أول مَنْ قَالَ ذلك الفرزدق، وذلك أنه كان ذاتَ يوم جالسا في نادي قومه ينشدهم، إذ مر به جرير بن الخَطَفى على راحلة وهو لاَ يعرفه، فَقَالَ الفرزدق: من ذلك الرجل؟ فَقَالَوا: جرير ابن الخَطَفَى، فَقَالَ [ص: 402] لفَتىً: ائتِ أبا حَزْرة فقل له: إن الفرزدق يقول: ما في حِرِامَّكَ إسْكة معروفةٌ ... للناظرين، وماله شَفَتَانِ قَالَ: فلحقه الفتى فأنشده بيت الفرزدق، فَقَالَ جرير: ارجع إليه فقل له: لكِنْ حِرَامِّكَ ذو شِفَاةٍ جَمَّةٍ ... مخضرة كَغَبَاغِبِ الثيران (الغباغب: جمع غبغب، وهو اللحم المتدلى تحت الحنك، وهو الغبب أيضاً) قَالَ فرجع الفتى فأنشده بيت جرير، فضحك الفرزدق، ثم قَال َ: هذه بتلك والبادي أظلم، والجالبُ للباء في قوله "بتلك" معنى الاَستحقاق، أي هذه المقَالَة مستحقة أو مجلوبة بتلك المقَالَة، ويجوز أن تسمى باء البدل، كما يُقَال: هذا بذاك، أي بَدَله، وقوله "والباَدي أظلم" جعله أظلم لأنه سببُ الاَبتداء والجزاء، ويجوز أن يكون أفعل بمعنى فاعل كما قَالَ (قائله الفرزدق، وصدره قوله: إن الذي سمك السماء بنى لنا") بيتاً دَعَائمه أعَزُّ وأطوَلُ ... أي عزيزة طويلة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 401 4590- الهَيْبَةُ مِنَ الخَيْبَةِ ويروى "الهيبة خيبة" يعني إذا هِبْتَ شيئاً رجَعْتَ منه بالخيبة، وقَالَ: مَنْ رَاقَبَ الناس ماتَ غَمّاً ... وفازَ باللَّذةِ الجَسُورُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 402 4591- هذِهِ بِتْلْكَ فَهَلْ جَزَيْتُكَ؟ رأي عمرو بن الأَحوَص يزيدَ بن المنذر وهما من بنى نَهْشَلْ، يُداعب امرأته، فَطَلَّقَها عمرو، ولم يتنكر ليزيد، وكان يزيد يستحي منه مدة، ثم إنهما خرجا في غَزَاة فاعْتَوَرَ قَومٌ عمرا فطعَنُوه، وأخذوا فرسَه، فحمل عليهم يزيدُ واستنقذه، وردَّ عليه فرسَهُ فلما ركب ونجا قَالَ يزيد: هذه بتلك فهل جزيتك؟ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 402 4592- هَمُّكَ ما هَمَّكَ ويُقَال: هَمُّكَ ما أهَمَّكَ يضرب لمن لاَ يهتم بشأن صاحبه، إنما اهتمامه بغير ذلك، هذا عن أبي عبيد، يُقَال: أهمني الأمر؛ إذا أقَلكَ وحَزَنَكَ، ويقال: هَمُّكَ ما أهَمَّكَ أي آذاك ما أقلقك، ومَنْ روى "هَمُّكَ" بالرفع فمعناه شأنُك الذي يجب أن تهتم به هو الذي أقلك وأوقعك في الهم، أي الحزن، والمهموم: المحزونُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 402 4593- هَلُمَّ جَرَّا قَالَ المفضل: أي تَعَالوا على هِينَتكم كما يسهل عليكم، وأصل ذلك من الجر في السَّوْق، وهو أن تترك الإبل والغنم ترعى [ص: 403] في سيرها، قال الراجز: لطالما جَرَرْتُكُنَّ جَرَّا ... حتى نَوَى الأَعْجَفُ وَاسْتَمَرَّا فَاليَوْمَ لاَ آلُو الركاب شرّاً وأول من قَالَ ذلك المستطعمُ عَمْرو بن حمران الجَعْدِي زُبْداً وتامكا، حتى قَالَ له عمرو: كلاَهما وتمرا، وقد مر ذكرها في حرف الكاف (انظر المثل رقم 3079) واسم ذلك الرجل عائذ، وكان له أخ يسمى جندلة، وهما ابنا يزيد اليشكري، ولما رجع عائذ قَالَ له أخوه جندلة: أعائذُ لَيْتَ شَعْرِى أي أرضِ ... رَمَتْ بك بعد ما قَدْ غِبْتَ دَهْرَا فلم يَكُ يُرْتَجِي لكم إيابُ ... ولم نَعْرِفْ لدارك مُسْتَقَرَّا فقد كان الفراقُ أذابَ جِسْمِي ... وكان العيشُ بعد الصَّفْوِ كَدْرَا وكم قاسَيْتُ عَائِذُ من فظيع ... وكَمْ جاوَزْتُ أمْلَسَ مُقْشَعِرَّا إذا جاوزتها اسْتَقْبَلْت أخرى ... وأقود مُشْمَخِرّ النِّيقِ وَعْرَا فأجابه عائذ، فَقَالَ: أجَنْدَل كَمْ قَطَعْتُ إليكَ أرْضاً ... يَمُوتُ بها أبو الأشْبَال ذُعْرَا قَطَعْتُ وَلاَ مِعَاتُ الآلِ تَجْرِي ... وقد أوترت في الموماة كدرا وَطَامِسَةُ المُتونِ ذَعَرْتُ فِيهَا ... خَوَاضِبَ ذَاتَ أرْآلٍ وَغُبرَا وإن جَاوَزْت مُقْفِرَةً رَمَتْ بي ... إلى أخْرَى كَتِلْكَ هَلُمَّ جَرَّا فَلَمَّا لاَحَ لي سَغَبٌ ولُوحٌ ... وقد مَتَعَ النَّهَارُ لقيت عَمْرَا فَقُلْتُ: فَهَاتِ زُبْداً أوْ سَنَاماً ... فَقَالَ: كِلاَهُما وَتَزْادُ تَمْرَا فَقَدَّمَ لِلْقِرَى شطبا وزبدا ... وَظَلْتُ لَدِيهِ عَشْراً ثم عَشْرَا فذهب قولُه مثلاً الجزء: 2 ¦ الصفحة: 402 4594- الهَوَى مِنَ النَّوَى يعني أن البعد يُورِثُ الحبَّ، ومنه يتولد؛ فإن الإنسان إذا كان يرى كل يوم استحقر ومل، ولذلك قيل: اغْتَرِبْ تَتَجَدَّد ومنه ... رُبَّ ثاوٍ يُمَلّ منه الثَّوَاء ... (هذا عجز مطلع معلقة الحارث بين حلزة، وصدره: آذنتا بينها أسماء ... ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 403 4595- الهَيْدَانُ والرَّيْدَانُ يُقَال للجبان "هَيْدَان" من هِدْتُهُ وهَيَّدْتُهُ" إذا زجرته، فكأن الجبان زجر عن [ص: 404] حضور الحرب، والرَّيْدَان: من رَيْدِ الجبل، وهو الحرفُ الناتئ منه، شبه به الشجاع. يضرب للمقبل والمدبر والجبان والشجاع وقَالَ أبو عمرو: فلاَن يُعْطِي الهيدان والريدان، أي من يَعْرِف ومن لاَ يعرف. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 403 4596- هُوَ حَمِيرُ الحَاجَاتِ أي ممن يُسْتَخْدَم يضرب للحقير الذليل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 404 4597- هَيَّجْ عَلَى غَيٍّ وذَرْ يضرب للمتسرع إلى الشر أي هيج بينهم حتى إذا التحمت الحرب كف عن المعونة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 404 4598- هَلاَ بِصَدْرِ عَيْنِكَ تَنْظُر يضرب للناظر إلى الناس شَزْراً الجزء: 2 ¦ الصفحة: 404 4599- هَلْ مِنْ مُغْرِبَةَ خَبْرٍ؟ ويروى "هل من جائبة خَبَر" أي هل من خبر غريب أو خَبَر يجُوبُ البلاَد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 404 4600- هَلْ يَخْفَى عَلَى النَّاسِ القَمَرُ؟ يضرب للأمر المشهور، قَالَ ذو الرمة: وقَدْ بَهَرْتَ فَمَا تَخْفَى عَلَى أحَدٍ ... إلاَ عَلَى أحْدٍ لاَ يَعْرِفُ القَمَرَا (ومن المثل قول عمر بن أبى ربيعة: قَالَت الصغرى وقد تيمتها: قد عرفناه، وهل يخفى القمر؟) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 404 4601- هَلْ يَنْهَضُ البازِي بِغَيْرِ جَنَاحٍ؟ يضرب في الحثِّ على التَّعَاون والوفاق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 404 4602- هَوِّنْ عَلَيْكَ ولاَ تُولَعْ بإشْفَاقِ أي لاَ تكثر الحزن على ما فاتك من الدنيا، فإنك تاركُهُ ومُخَلَّفُهُ على الورثة، وتمام البيت قوله: فإنما مَالُنَا لِلْوَارِثِ البَاقِي ... (وهو بيت من كلمة ليزيد بن حذاق) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 404 4603- هُمُ السَّهُ السُّفْلَى السَّهُ: أصلُه سَتَه، فحذف التاء حذفا شاذاً، فبقي سه، وهي تؤنث؛ فلذلك قيل "السُّفْلى" يضرب للقوم لاَ خير فيهم ولاَ غناء عندهم قَالَ الشاعر: شأتْكَ قُعَيْنٌ غَثُّها وسَمِينُهَا ... وأنتَ السَّهُ السُّفْلَى إذا دُعِيَتْ نَصْرُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 404 4604- هَلْ يَجْهَلْ فُلاَناً إلاَ مَنْ يِجْهَلُ القَمَرَ؟ هذا مثل قول ذي الرمة: وقد بَهَرْتَ فما تَخْفَى على أحَدٍ ... البيت الجزء: 2 ¦ الصفحة: 404 4605- الهَمُّ مَا دَعَوْتَهُ أجَابَ يضرب في اغتنام السرور. [ص: 405] أي كلما دعوت الحزن أجابك، أي الحزنُ في اليد، فانتهز فرصة الأنس. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 404 4606- هَنِيئاً لَكَ النَّافِجَةُ كانت العرب في الجاهلية تقول، إذا وُلِدَ لأحدهم بنت "هنيئاً لك النافجة" أي المعظمة لمالك، لأنك تأخذ مهرها فتضمه إلى مالك فينتفج. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 405 4607- هَامَةُ اليَوْمِ أوْغَدٍ أي هو ميت اليوم أو غدا. وقائله شُتيْر بن خالد بن نُفَيل لضرار بن عمرو الضبي، وقد أسره فَقَالَ: اخْتَرْ خلة من ثلاَث، قَالَ: أعرضهن علي، قَالَ: تردُّ علىَّ ابنى الحصينَ وهو ابن ضِرَار قتَلَه عُتبة بن شُتَير، قَالَ: قد علمتَ أبا قبيصة أنى لاَ أحيي الموتى، قَالَ: فتدفع إليَّ ابنَكَ أقْتُله به، قَالَ: لاَ ترضى بنو عامر أن يدفعوا إلىَّ فارساً مقتبلاً بشيخ أعور هامة اليوم أو غد، قَالَ: فأقتلك، قَالَ: أما هذه فنعم، قَالَ: فأمر ضرار ابنه أن يقتله، فنادى شُتَير: يا آل عامر صَبْراً وبضبي؟ أي أقتل صبرا ثم بسبب ضبي، وقد مر هذا في باب الصاد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 405 4608- هَبَلَتْهُ أُمُّهُ أي ثَكِلَتْه، هذا يتكلم به عند الدعاء على الإنسان، والهَبَلُ: مثل الثكْلِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 405 4609- اهْتَبَلْ هَبَلَكَ أي اشتغل بشأنك ودَعْنِي. يضرب لمن يُشَاجر خَصْمَه. قَالَ أبو زيد: لاَ يُقَال إلاَ عند الغضب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 405 4610- هُوَ عَلَى خَلِّ خَيْدَ بِهِ الخَيدَب: الطريق الواضح، والخَلُّ: الطريق في الرمل. يضرب لمن رَكِبَ أمراً فلزمه ولاَ ينتهي عنه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 405 4611- هَلْ تَرَى البَرْقَ بِفِى شانِئِكَ؟ البرق: جبل، قَالَوا: وهو مثل قولك "حَجَر بفى شَانِئِكَ" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 405 4612- هَلَكُوا فَصَارُوا حُثّاً بَثّاً الحُثُّ: الذي قد يَبِسَ، والبَثُّ: الذي قد ذهب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 405 4613- هُوَ كزِيَادةِ الظَّلِيمِ وهي التي تَنْبُت في مَنْسِمِهِ مثل الأصبع يضرب لمن يضر ولاَ ينفع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 405 4614- هٌوَ أبُوهُ عَلَى ظَهْرِ الإنَاءِ وذلك إذا شُبِّهَ الرجل بالرجل، يُرَاد أن الشبه بينهما لاَ يخفى كما لاَ يخفى ما على ظهر الإنَاء، ويروى "هو أبوه على ظهر الثمة" إذا كان يشبهه، وبعضهم يقول "الثَّمَّة" بفتح الثاء، وهما الثمام إذا نزع فجعل تحت الأُسقية، هذا قول أبي الهيثم، وقَالَ غيره: ثممت السقاء، إذا جعلته تحت الثمة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 405 ما جاء على أفعل من هذا الباب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 406 4615- أَهْوَنُ مَرْزِئةً لِسَانٌ مُمِخُّ أمخَّ العظمُ؛ إذا صار فيه المخ، والمرزثة: النقصان، ومعنى المثل أهْوَنُ معونة على الإنسان أن يعين بلسانه دون المال، أي بكلام حسن. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 406 4616- أهْوَنُ هَالِكٍ عَجُوزٌ فِي هَامِ سَنَةٍ يضرب للشيء يُسْتخف به وبهلاَكه. قَالَ الشاعر: وأهْوَنُ مَفْقُودٍ إذا الموتُ نَابهُ ... عَلَى المَرْءِ من أصحابه منْ تَقَنَّعَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 406 4617- أهْوَنُ مَظلُومٍ عَجُوزٌ مَعْقُومَةٌ يضرب لمن لاَ يُعْتَدُّ به لضعفه وعجزه. يُقَال: أعقَمَ الله رحمها فَعُقِمَتْ - على مالم يسم فاعله - إذا لم تقبل الولد، قَالَ الأزهري: عَقَمِتْ تَعْقَم عقما وعَقُمَتْ عُقْماً وعُقِمَتْ عقما، ثلاَث لغات (كفرح وكرم وعنى، وبقيت رابعة كنصر) تقول من إحداها: امرأة مَعْقُومة، ومن الباقي: امرأة عَقِيمٌ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 406 4618- أهْوَنُ مِنْ عَفطَةِ عَنْزٍ بالحَرَّةِ يُقَال: عَفَطَتْ العَنْزُ تَعْفْطُ عطفا، إذا حَبَقَتْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 406 4619- أَهْوَنُ مَظُلومٍ سِقَاءٌُ مُرَوَّبٌ المروَّبُ: مالم يُمْخَضُ وفيه خميرة، والرائب: المخيض الذي أخذ زُبْدُه، وظُلْمُ السقاء: أن يُشْرَبَ قبل إدراكه، قَالَ الشاعر: وقَائِلَةٍ ظَلمْتُ لَكُمْ سِقَائِي ... وَهلْ يَخْفَى عَلَى العَكِدِ الظَّليمُ؟ هذا فعيل بمعنى مفعول وهذا المثل في المعنى كقولهم "أهونُ من عَجُوز مَعْقُومة" جعلاَ مثلاً لمن سِيمَ خَسْفاً ولاَ نكير عنده الجزء: 2 ¦ الصفحة: 406 4620- أهْوَنُ السَّقْيِ التَّشْرِيعُ أَهْوَنُ ههنا: من الهَوْنِ والهُوَيْنَا، بمعنى السهولة، والتشريع: أن تُورِدَ الإبل ماء لاَ يحتاج إلى مَتحِه، بل تشريع الإبل شروعاً يضرب لمن يأخذ الأمر بالهُوَيْنَا ولاَ يستقصى يُقَال: فُقِدَ رجل فاتهم أهلُه أصحَابَه، فرفع إلى شريح، فسألهم البينة على قتله، فارتفعوا إلى علي رضي الله عنه وأخبروه بقول شريح، فَقَالَ علي: أوْرَدَهَا سَعْدٌ وَسَعْدٌ مُشْتَمِلْ ... يا سَعْدُ لاَ تروى عَلَى هَذَا الإبل [ص: 407] ثم قَال َ: أهونُ السَّقْىِ التَّشْرِيعُ، ثم فرق بينهم وسألهم، فاختلفوا ثم أقَرُّوا بقتله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 406 4621- أهْوَنُ منْ قُعَيْسٍ عَمَّتِهِ قَالَ بعضهم: إنه كان رَجُلاً من أهل الكوفة دخل دارَ عمتِهِ، فأصابهم مطر وقر، وكان بيتها ضيقاً، فأدخلت كَلْبها البيتَ وأبرزتْ قُعِيساً إلى المطر، فمات من البرد وقَالَ الشرقي بن القطامي: إنه قُعَيْس بن مُقَاعس بن عمرو من بني تميم، مات أبوه فحملته عمته إلى صاحب بر فرهَنَتْه على صاع من بر، فغلق رَهْناً لأنها لم تَفْكَّهُ، فاستعبدها الحَنَّاطُ فخرج عبداً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 407 4622- أهْوَنُ مِنْ نُغَلَةٍ النغلة: ما يقع في جلود الماشية، والعرب تقول: قَالَت النُّغَلة "لا أكون وَحْدِي" وذلك أن الضائنة ينتف صوفها وهي حية، فإذا دَبَغُوا جلدها من بعد لم يصلحه الدباغ فينغل ما حواليه، ومعنى هذا المثل أن الرجلَ إذا ظهرت فيه خصلة سوء لاَ تكون وحدها، بل تقترن بها خصال أخَرُ من الشر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 407 4623- أهْوَنُ مِنْ دِحِنْدِحٍ قَالَ حمزة: إن العرب تقول ذلك، فإذا سُئلوا ما هو قَالَوا: لاَشيء، قَالَ: وقَالَ بعض أهل اللغة في دحندح: إنه لُعْبة من لُعَب صبيان الأعراب يجتمع لها الصبيان فيقولونها، فمن أخطأها قام على رجله وحَجَل على إحدى رجليه سبعَ مَراتٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 407 4624- أهْونُ منْ ضَرْطَةِ العَنْز هذا من قول الشاعر: فَسِيَّانِ عِنْدِيَ قَتْلُ الزُّبَيرِ ... وَضَرْطَةُ عَنْزٍ بِذِي الجُحْفَةِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 407 4625- أهْوَنُ منْ ثَمَلَةٍ، وَمِنْ طَلْياءَ، ومِنْ رِبْذَة هذه كلها أسماء خرقة يُطْلَى بها الإبل الجَرْبى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 407 4626- أهْوَنُ مِنْ مِعْبأةٍ هي خرقة الحائض التي تَعْتَبىء بها، والاعتباء: الاحتشاء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 407 4627- أهْوَنُ مِنْ لَقْعَةٍ بِبَعْرَةٍ اللَّقعة: الحذفة والرمْيَةُ وزعموا أن هشام بن عبد الملك وَرَدَ المدينة حاجا، فدخل إليه سالم بن عبد الله بن عمر، فَقَالَ له: كم تعدُّ يا سالم؟ فقال: ثلاَثاً وستين، قَالَ: تالله ما رأيت في ذوى أسنانك أحْسَنَ كِدْنَةً (الكدنة - بالكسر - السنام واللحم والشحم) منك، فما غذاؤك؟ قَالَ: الخبز والزيت، قَالَ: أفلاَ تأجمه (أجم الطعام يأجمه: كرهه وعافته نفسه) قَالَ: [ص: 408] إذا أجَمْتُه تركته حتى أشتهيه، فانصرف سالم إلى بيته وحُمَّ، فجعل يقول: لَقَعَنِي الأحوال بعينه، حتى مات، واجتاز هشام بجنازته راجلاً فصلى عليها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 407 4628- أهْوَنُ مِنْ تَبَالَةَ على الحَجَّاجِ يعني الحجاج بن يوسف، وتَبَالة: بلدة صغيرة من بُلْدَان اليمن، وهذا المثل من أمثال أهل الطائف زعم أبو اليقظان أن أولَ عملٍ وَلِيه الحجاجُ عمل تَبَالة، فسار إليها، فلما قرب منها قَالَ للدليل: أين هي؟ قَالَ: سَتَرْتَهَا عنك هذه الأكمة: فَقَالَ أهونْ عليَّ بعمل بلدة تسترها عني أكَمَة، ورجع من مكانه، فَقَالَت العرب: أهَوَنُ من تَبَالة على الحجاج الجزء: 2 ¦ الصفحة: 408 4629- أهْوَنُ منَ النُّبَاحِ عَلى السِّحابِ وذلك أن الكلب بالبادية إذا ألحت عليه السحابُ بالأمطار لقي جَهدا؛ لأَن مَبيته أبدا تحت السماء وكلاَب البادية متى أبصرت غيماً نَبَحَتْهُ لأنها عرفت ما تلقى من مثله، ولذلك يُقَال في مثل آخر: لاَ يَضُرُّ السحَابَ نُبَاح الكلاَب، ولا الصخرةَ تفْليلُ الزجاج وقَالَ بعض بلغاء أهل الزمان: وما عسى أن يكون قَرْصُ النملة، ولَسْعُ النحلة، ووقوع البقة النخلة، ونباح الكلاَب على السحاب، وما الذباب وما مرقته؟ ولذلك قَالَ شاعرهم: ومَالِيَ لاَ أغْزُو وللهْرِ كَرَّةٌ ... وقَدْ نَبَحَتْ تَحْتَ السَّمَاءِ كِلاَبُهَا وقَالَ آخر: يَا جَابِرُ بنَ عَدِيٍّ أنت مع زُفَر ... كالكَلْب يَنْبَحُ من بُعْدٍ على القمر وذلك أن القمر إذا طلع من المشرق يكون مثل قطعة غيم. وأما قولهم: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 408 4630- أَهْلَكُ مِنْ تُرَّهَاتِ البَسَابِسِ فذكر أبو عبيد أنه مَثَلٌ من أمثال بنى تميم، وذلك أن لغتهم أن يقولوا: هَلَكْتُ الشيء، بمعنى أهلكته، يدل على ذلك قول العجاج وهو تميمي: ومَهْمَهٍ هَالِكِ مَنْ تَعَرَجَا ... أي مُهْلك مَنْ تعرج. وذكر الأَصمعي أن التُّرَّهَاتِ الطرق الصغار المتشعبة من الطريق الأعظم، والبسابس: جمع بَسْبَس، وهو الصحراء الواسعة التي لاَ شيء فيها، فيُقَال لها بَسْبَس وسَبْسَب بمعنى واحد، هذا أصل الكلمة، ثم يُقَال لمن جاء بكلام مُحَال: أخذ في ترهات البسابس، وجاء بالترهات، ومعنى [ص: 409] المثل أنه أُخذَ في غير القصد وسلَكَ في الطريق الذي لاَ ينتفع به، كقولهم: رَكِبَ فلاَن بُنَيَّات الطريق، وأخذ يتعلل بالأباطيل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 408 4631- أهْدَى مِنْ دُعَيْمِيصِ الرَّمْلِ قَالَوا: إنه كان رَجُلاً دليلاَ خِرِّ يتاً غَلَب عليه هذا الاَسم، ويُقَال "هو دُعَيْمِيصُ هذا الأمر" أي العالم به، قَالَ الشاعر: دُعْمُوصُ أبوابِ المُلُو ... كِ وَجَائِبٌ للخَرْقِ فَاتِحْ ويروى "راتق للخرق فاتق" قَالَوا: ولم يدخل بلاَدَ وَبَار أحدٌ غيره، فلما انصرف قام بالموسم فجعل يقول: وَمَنْ يُعْطِنِي تِسْعاً وتسعِينَ بَكْرَةً ... هِجَاناً وأدما أهْدِهِ لِوَبَارِ فقام رجل من مَهْرَة وأعطاها ما سأل، وتحمل معه بأهله وولده، فلما توسطوا الرمل طَمَسَتِ الجنُّ عينَ دعيميص فتحير وهلك مع مَنْ معه في تلك الرمال، ففي ذلك يقول الفرزدق: كَهَلاَكِ مُلْتَمِسٍ طَرِيقَ وَبَارِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 409 4632- أَهْنَى مِنْ كَنْزِ النَّطَفِ قد مر ذكر النطف قبل هذا عند قولهم "لو كان عنده كنز النطف ما عدا" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 409 4633- أََهْوَن مِنْ تِبْنْةٍ على لَبِنَةٍ، أَهْوَن مِنْ ذُبَابٍ، وَمِنْ ضَوَاةٍ، وَمِنْ حُنْدَجٍ، وَمِنْ الشَّعْرِ السَّاقِطِ، وَمِنْ قُرَادَة الجَلَمِ، وَمِنْ حُثَالَةِ القَرَظِ، وِمِنْ ضَرْطَةِ الجَمَل، ومنْ ذَنب الحِمَار عَلَى البَيْطَارِ، وَمِنْ تُرَّهَاتِ البَسَابِسِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 409 4634- أَهْوَلُ مِنَ السَّيْلِ، وَمِنْ الحَرِيقِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 409 4635- أهْرَمُ مِنْ لُبَدٍ، ومِنْ قَشْعَمٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 409 4636- أهْدَى مَنَ اليَدِ إلى الفَمِ، ومِنَ النَّجْمِ، وِمِنْ قَطَاةٍ، وَمِنْ حَمَامة، وَمِنْ جَمَلٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 409 المولدون الجزء: 2 ¦ الصفحة: 409 هَلاَ التَّقَدُّمُ وَالقُلُوبُ صِحَاحٌ هَدُّ الأرْكَانِ فَقْدُ الإخْوَانِ هَانَ مَنْ لاَحَى هَانَ عَلَى النَّظَّارَةِ مَا يَمُر بِظَهْرِ المَجْلُودِ [ص: 410] هَذِهِ الطَّاقَةُ مِنْ هَذِهِ البَاقةِ هَذَا المَّيِّتُ لاَ يُسَاوي البُكَاءَ هَهُنا تُسْكَبُ العَبَراتُ هُوَ أضْرَطُ النَّاسِ في دارٍ فارغَةٍ هَبَّتْ رِيحُهُ إذا قامت دولته هُوَ إحْدَى الآيات - للمُنْتَصِحِ هُوَ مِنْ كلِّ زِقٍّ رُقْعَةٌ، ومِنْ كُلِّ قِدْرٍ مَغْرَفَةٌ وَمِنْ كُلِّ كُتَّابٍ صَبِيُّ هذا حَتَّى تَعْلَمَ أنَّ الميِّتَ يَضْرَطُ هُوَ لِيَ كالطبِيبِ لاَ كَالمُغَنِّي هُوَ منْ أهْلِ الجَنَّةِ يعنون الأَبلهَ هُوَ عَلَيْنَا بِجُرْعَةِ الثَّكْلى يضرب للمُغْتَاظ هَمُّهُ لاَ يَجَاوِزُ طَرَفى رِدَائِهِ هذا بِنَاءٌ قَدْ تَغَنَّتْ عَلَيهِ الإماء الحَوَاطِبُ هُوَ وَرَبِّ الكَعْبَةِ آخرُ ما في الجُعْبَةِ هَلَكَ مَنْ تَبِعَ هَوَاهُ الهَوَى إلَهٌ مَعْبُودٌ هُوَ الدَّهْرُ وِعَلاَجُهُ الصَّبْرُ هُوَ أنَسُ خِدْمِتِه، وبِلاَلُ دَعْوَتِهِ، وعَكَّاشَةُ مُوالاَتِهِ اهْتِكْ سُتُورَ الشَّكِّ بِالسُّؤالِ هَلْ يَخْفَى عَلَى النَّاسِ النَّهارُ؟ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 409 - الباب الثامن والعشرون فيما أوله ياء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 410 4637- يَا بَعْضِى دَعْ بَعْضاً قَالَ أبو عبيد: قَالَ ابن الكلبي: أول من قَالَه زُرَارَةُ بن عُدُسٍ التميمي، وذلك أن ابنته كانت امرأة سًوَيْدْ بن ربيعة، ولها منه تسعة بنين، وأن سُويدا قتل أخاً لعمرو بن هند الملك، وهو صغير، ثم هرب فلم يقْدِر عليه ابن هند، فأرسل إلى زُرَارة فَقَالَ: ائْتني بولده من ابنتك، فجاء بهم، فأمر عمرو بن هند بقتلهم، فتعلَّقوا بجدهم زُرَارة، فَقَالَ: يابعضى دعْ بعضاً فذهبت مثلاً. يضرب في تعاطف ذوي الأَرحام. وأراد بقوله "يا بعضى" أنهم أجزاء ابنته وابنتُهُ جزء منه. وأراد بقوله "بعضاً" نفسه، أي دَعُوا [ص: 411] بعضاً مما أشرف على الهلاَك، يعني أنه معرض لمثل حالهم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 410 4638- يَا عَاقِدُ اذْكُرْ حَلاَ ويروى "ياحامل" فإذا قلت "ياعاقد" فقولك حَلاَ يكون نقيضَ العقد، وإذا رويت "ياحامل" فالحل بمعنى الحُلُول يُقَال: حلَّ بالمكان يَحُلُّ حَلاَ وحُلُولاَ وَمَحَلاَ، وأصله في الرجل يشد حمله فيسرف في الاستيثاق حتى يضر ذلك به وبراحلته عند الحلول. يضرب مثلاً للنظر في العواقب. ومن هذا فعل الطائي الذي نزل به امرؤ القيس بن جُحْر، فهمَّ بأن يغدر به، فأتى الجبل، فَقَالَ: ألاَ إن فلاَناً غَدَرَ، فأجابه الصَّدَى بمثل ما قَالَ، فَقَالَ: ما أقبحَ تا، ثم قَالَ: ألاَ إن فلاَنا وَفَى، فأجابه بمثل ذلك، فَقَالَ: ما أحسنَ تا، ثم وفى لامرئ القيس، ولم يغدر به، وفي الحديث مرفوع "ما أحْبَبْتَ أن تَسمَعَه أذُناك فاتهِ، وما كَرِهْتَ أنْ تَسْمَعَهُ أُذُنَاكَ فاجْتَنِبْهُ" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 411 4639- يَا طَبيبُ طِبَّ لنَفْسِكَ يُقَال: ما كُنتَ طَبيباً ولقد طَبَبْتَ تَطِبُّ طِبّاً فأنتَ طَبٌّ وطَبَيب. يضرب لمن يَدَّعِى علما لاَ يحسنه. وكان حقه أن يقول: طِبَّ نَفْسَكَ، أي عالجها، وإنما أدخل اللام على التقدير طب لنفسك داءها، ويجوز أن يُقَال: أراد عَلِّمْ هذا النوع من العلم لنفسك إن كنت ذا علم وعقل؛ فعلى هذا تكون اللام في موضعها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 411 4640- يَا مَاءُ لَوُ بِغَيرِكَ غَصِصْتُ يضرب لمن دُهِىَ من حيث ينتظر الخَلاَصَ والمعونة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 411 4641- يَا عَبْرَى مُقْبلَةً وَسَهْرَى مُدْبِرَة قَالَ أبو عبيدة: هذا من أمثال النساء، إلاَ أن أبا عبيدة حكاه. يضرب للأمر يكره من وجهين. وعَبْرَى: تأنيث عَبَرَان، وهو الباكي، وكذلك سَهْرِى تأنيث سَهْرَان وهو الأَرِقُ يخاطب امرأة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 411 4642- يَاضُلَّ ما تْجْرِى بِهِ العَصَا قَالَه عمرو بن عَدِيٍّ لما رأي العَصَا وهى فرس جَذِيمة وعليها قصير، والمنادى في قوله "يا" محذوف، والتقدير: يا قوم ضُلَّ، أراد ضَلُلَ بالضم، وهي من أبنية التعجب، كقولهم "حبَّ بفلاَن" أي حَبُبَ، معناه ما أحَبَّه إليَّ، ثم يجوز أن تخفف العين، [ص: 412] وتنقل الضمة إلى الفاء، فيُقَال حُبَّ، ومنه قوله: [هَجَرَتْ غَضُوبُ] وحُبَّ مَنْ يَتَجَنَّبُ ويجوز أن تنقل، والضلاَل: الهلاَك، يُقَال: ضَلَّ اللَّبَنُ في الماء؛ إذا غلبه الماء وأهلكهُ، ومعنى المثل: يا قوم ما أضَلَّ - أي ما أهْلَكَ - ما تجرى به العصا، يريد هلاَك جَذِيمة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 411 4643- يَا للأَفيكَةِ هي فعيلة من الإفكِ، وهو الكذب. وكذلك: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 412 4644- يَالَلْبَهيتةِ وهي البهتان. وقولُهم: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 412 4645- يَا لَلْعَضِيهَةِ مثلهمَا في المعنى. يضرب عند المقالة يُرْمَى صاحبها بالكذب واللام في كلها للتعجب (عبارة الجوهري "تقول: ياللعضيهة" - بكسر اللام - وهي للاستغاثة، ولم يذكر القول الآخر) وهي مفتوحة، فإذا كَسَرْتَ فهي للاستغاثة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 412 4646- يَا مَهْدِيَ المَالِ كُلْ ما أهْدَيْتَ يضرب للبخيل يجود بماله على نفسه. أي إنما تُهْدَى مالَكَ إلى نفسك؛ فلاَ تَمُنَّ على الناس بذلك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 412 4647- يَا جُنْدُبُ ما يُصِرُّكَ؟ - أي مَا يَحْمِلك على الصَّرير - قَالَ: أصُرُّ مِنْ حَرِّ غَدٍ يضرب لمن يخاف ما لم يقع بعدُ فيه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 412 4648- يُهَيِّحُ لِيَ السَّقام شَوَلاَنُ البَرُوقِ في كُلِّ عَامٍ البَرُوق: الناقةُ تَشُولُ بذنبها فيظُنُّ بها لقح وليس بها يضرب في الأمر يريده الرجل ولاَ يناله، ولكن يناله غيره الجزء: 2 ¦ الصفحة: 412 4649- يَسَارُ الكَوَاعِبِ كان من حديثه أنه كان عبداً أسْوَدَ يرعى لأهله إبلاَ، وكان معه عبد يراعيه، وكان لمولى يَسَار بنتٌ فمرت يوماً بإبله وهي ترتع في رَوْض مُعْشب، فجاء يسار بعُلبة لبنٍ فسقاها، وكان أفْحَجَ الرجلين، فنظرت إلى فَحَجِهِ فَتَبَسَّمت ثم شربت، وَجَزَتْه خيرا، فانطلق فَرِحاً حتى أتى العبد الراعي وقص عليه القصة، وذكر له فَرَحَها وتبسمها، فَقَالَ له صاحبه: يا يسار كل من لحم الحِوَار، واشرب من لبن العِشَار، وإياك وبنات الأحرار، فَقَالَ: دحِكَتْ إلى دحكة لاَ أخيبها، يقول: ضحكت ضحكة، ثم قام إلى عُلْبَة فملأَها وأتى بها ابنَةَ مولاَها، فنبهها، [ص: 413] فشربت ثم اضطجعت، وجلس العبد حِذاءها، فَقَالَت: ما جاء بك؟ فَقَالَ: ماخفى عليك ما جاء بي، فَقَالَت: وأي شيء هو؟ قَالَ: دحكك الذي دَحِكْتِ إلي، فَقَالَت: حياك الله، وقامت إلى سَفَطٍ لها فأخرجت منه بَخُورا ودُهْنا، وتعمدت إلى مُوسى، ودعت مِجْمَرَة وقَالَت له: إن ريحك رِيحُ الإبل، وهذا دهن طيب، فوضعت البخور تحتهُ وطأطأت كأنها تصلح البخور، وأخذت مَذَاكيره وقطعتها بالموسى، ثم شمته الدهن فسلتت أنفه وأُذُنيه، وتَرَكتهُ، فَصَارَ مثلاً لكل جانٍ على نفسه ومُتَعَدٍّ طَوْرَه، قَالَ الفرزدق لجرير: وإنِّي لأخْشَى إنْ خَطَبْتَ إليهمُ ... عَلَيْكَ الَّذي لاَقَى يَسَارُ الكَوَاعِبِ ويُقَال أيضاً "يسار النساء" وكان من العبيد الشعراء، وله ابن شاعر يُقَال له: إسماعيل بن يَسَار النساء، وكان مفلقا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 412 4650- يَحْمِلُ شَنٌّ وَيَفَدَّى لُكَيْزٌ قَالَ المفضل: هما ابنا أفصَى بن عبد القَيْس، وكانا مع أمهما في سفر، وهي ليلى بنت قُرَّانَ بن بَلِّىٍ حتى نزلت ذا طُوىً، فلما أرادت الرحيلَ فَدَّتْ لُكَيْزاً ودعت شنا ليحملها، فحملها وهو غضبان، حتى إذا كانوا في الثنية رَمَى بها عن بعيرها فماتت، فَقَال َ: يَحْمِلُ شن ويفدى لكيز، فأرسلها مثلاً (يضرب للرجلين يهان أحدهما ويكرم الآخر، ويضرب أيضاً في وضع الشيء في موضعه) ثم قَالَ: عَلَيْكَ بجعرات أمِّكَ يا لُكَيز، فأرسلها مثلاً ومثلُ هذا قولُ الشاعر: (هو من شواهد سيبويه 1/161 واختلف في قائله، والأشهر أنه لضمرة بن جابر الدرامي) وإذا تَكُونُ كَرِيهَةٌ أدْعَى لَهَا ... وَإذا يُحَاسُ الحَيْسُ يُدْعَى جُنْدبُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 413 4651- يَاجَهَيزَةُ قَالَ الخليل: جهيزة امرأة رَعْنَاء يضرب مثلاً لكل أحمق وحمقاء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 413 4652- يَاشَنٌّ أثْخِنِى قَاسطاً أصله أنه لما وقَعَتْ الحربُ بين ربيعة بن نزار عَبَّأتْ شَنٌّ لأولاَد قاسط، فقال رجلٌ يا شَنُّ أثْخِنِي قاسطا، فذهبت مثلاً، فَقَالَت: مَحَار سُوء، فذهبت مثلاً ومعنى "أثْخِنْ" أوهِنْ، يريد أكثرى قتلهم حتى تُوِهِنِيهِمْ، والمَحَارُ: المرجع، كأنها كرهت قتالهم فَقَالَت: مَرْجِع سوء تَرْجِعُنِي إليه، أي الرجوع إلى قتلهم يسوءني يضرب فيما يُكْرَهُ الخوضُ فيه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 413 4653- يَاعَبْدَ مَنْ لاَعَبْدَ لَهُ يُقَال ذلك للشباب يكون مع ذوي الأَسنان فيكفيهم الخِدْمةَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 414 4654- يَعْتَلُّ بالإعْسَارِ وَكَانَ فِي اليَسَارِ مَانِعاً يضرب للبخيل طبعاً يعتلّ بالعُسْرِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 414 4655- يَدَاكَ أوْ كَتَا وَفُوكَ نَفَخَ قَالَ المفضل: أصله أن رَجُلاً كان في جزيرة من جزائر البحر، فأراد أن يُعْبُر على زق نفخ فيه فلم يحسن إحكامه، حتى إذا توسّطَ البحرَ خرجت منه الريح فغرق، فلما غَشِيه الموتُ استغاث برجل، فَقَالَ له: يدَاكَ أو كَتَا وفُوكَ نفخ يضرب لمن يجني على نفسه الحَيْنَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 414 4656- اليَدُ العُليا خَيرٌ مِنَ اليَدِ السُّفلى هذا من قول النبي صلى الله عليه وسلم يحث على الصدقة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 414 4657- يَعُودُ لِما أبْنِى فَيَهْدِمُهُ حِسْلٌ يضرب لمن يُفسِدُ ما يصلحه وحِسْلٌ: ابن القائلِ للمثل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 414 4658- يَحْلُبُ بُنَىَّ وَأشَدُّ عَلَى يَدَيْهِ يضرب لمن يفعل الفعل وينسبه إلى غيره وأصل هذا أن امرأة بَدَوِية احتاجت إلى لبن، ولم يَحْضُرْها مَنْ يحلب لها شاتَهَا أو ناقتها، والنساء لاَ يحلبن بالبادية؛ لأنه عارٌ عندهن، إنما يَحْلب الرجالُ، فدعت بُنَيَّاً لها فأقبضته على الخلفِ، وجعلت هي كَفَّها فوق كفه، فَقَالَت : يَحْلُب بُنَيَّ وأشُدُّ على يديه، ويروى "وأضبُّ على يديه" والضَّبُّ: الحلب بأربع أصابع، قَالَ الفرزدق: كَمْ عَمَّةٍ لَكَ يَا جَرِيرُ وَخَالَةٍ ... فَدْعَاءَ قَدْ حَلَبَتْ عَلىَّ عِشَارِي شغارة تِقَذُ الفَصِيلَ بِرِجْلِهَا ... فَطَّارَةٍ لِقَوَادِمِ الأبْكَارِ شَغَّارة: تَشْغَر ببولها، وتَقِذُ: من الوقذ وهو الضرب، وفَطَّارة: من الفطر وهو الحلب بالسبابة والوسطى، وقوادم: يعنى قوادمَ الضَّرْع، والأبكار: هي الأبكَارُ من النوق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 414 4659- يَجْرِى بُلَيْقٌ وَيُذَمُّ بُلَيْق: اسم فرسٍ كان يسبق، ومع ذلك يعاب. يضرب في ذم المُحْسِنِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 414 4660- يَخِبطُ خَبْطَ عَشْوَاءَ يضرب للذي يعرض عن الأمر كأنه لم يشعر به، ويضرب للمتهافِتِ في الشيء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 414 4661- يَا إبِلِي عُودِي إلَى مَبْرَكِكِ ويُقَال "إلى مَبَاركك" يُقَال لمن نفر من شيء له فيه خير، قَالَ أبو عمرو: وذلك [ص: 415] أن رَجُلاً عَقَرَ ناقة فنفرت الإبل، فَقَالَ: عودي فإن هذا لك ما عِشْت يضرب لمن ينفر من شيء لاَ بُدَّ له منه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 414 4662- يَوْمٌ بِيَوْمِ الحَفَضِ المُجَوِّرِ الحَفَضُ: الخباء بأسره مع ما فيه من كساء وعَمُود، ويُقَال للبعير الذي يحمل هذه الأمتعة "حفَض" أيضاً، والمجَوَّر: الساقط، يُقَال: طعنه فَجَوَّرُهُ. يضرب عند الشماتة بالنكبة تصيب ولما بلغ أهلَ المدينة قتلُ الحسين بن علي رضي الله عنهما صَرَخَتْ نساء بني هاشم عليه فسمع صُرَاخَهَا عمرو بن سعيد بن عمرو بن العاص، فَقَالَ: يومٌ بيومِ الحَفَضِ المجور، يعني هذا بيوم عثمان حين قتل، ثم تمثل بقول القائل: عَجَّتْ نساء بني زيادٍ عَجَّةً ... كَعَجِيجِ نِسْوَتِنَا غَدَاةَ الأرنَبِ وأصلُ المثل - كما ذكره أبو حاتم في كتاب الإبل - أن رَجُلاً كان له عم قد كبر وشاخ، وكان ابنُ أخيه لاَ يزال يدخل بيتَ عمه (في أكثر أصول هذا الكتاب "يدخل بيت ابن عمه" بزيادة كلمة "ابن") ويطرح متاعَه بعضَه على بعض، فلما كبر أدرك بنو أخ أو بنو أخوات له، فكانوا يفعلون به ماكان يفعله بعمه، فَقَالَ: يوم بيوم الحفَضِ المجور، أي هذا بما فعلتُ أنا بعمي، فذهبت مثلاً الجزء: 2 ¦ الصفحة: 415 4663- يَا شَاةُ أيْنَ تَذْهَبين؟ قَالَتْ: أجَزُّ مَعَ المَجْزُوزِينَ يضرب للأحمق ينطلق مع القوم وهو لاَ يدرى ما هم فيه وإلى ما يصير أمرهم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 415 4664- يَشُجُّ وَيَأسُو يضرب لمن يصيب في التدبير مرة ويخطئ مرة. قَالَ الشاعر: أنِّي لأكْثِرُ مِما سُمْتَنِى عَجَباً ... يَدٌ تشُّج وَأخْرَى مِنْكَ تأسُوني الجزء: 2 ¦ الصفحة: 415 4665- يَرْبِضُ حَجْرَةً وَيَرْتَعِي وَسَطاً ويروى "يأكل خضرة ويربِضُ حجرة" أي يأكل من الروضة ويربِضُ ناحيةً. يضرب لمن يساعدك ما دمت في خير، كما قَالَ مَوَالِنَا إذَا افْتَقَرُوا إلينَا ... وَإنْ أَثْرَوا فَلَيْسَ لَنَا مَوَالِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 415 4666- يَذْهَبُ يَوْمُ الغَيْمِ وَلاَ يُشْعَرُ بِهِ قَالَ أبو عبيد: يضرب للساهي عن حاجته حتى تفوته الجزء: 2 ¦ الصفحة: 415 4667- يَرْعُدُ وَيَبْرُقُ يُقَال: رَعَدَ الرجل وبَرَقَ، إذا تهدَّد، ويروى "يُبْرِقُ ويُرْعِدُ" وينشد: أبْرِقْ وأرْعِدْ يَايَزِيـ ... دُ فما وَعِيدُكَ لي بِضَائِرْ وأنكر الأَصمعي هذه اللغة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 416 4668- يأتيكَ كُلُّ غَدٍّ بِمَا فيهِ أي بما قُضيَ فيه من خير أو شر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 416 4669- يَوْمَ النَّازِلينَ بُنَيتْ سُوقُ ثَمَانينَ يعني بالنازلين نوحاً على نبينا وعليه الصلاَة والسلام ومَنْ معه حين خرجوا من السفينة، وكانوا ثمانين إنسانا مع ولده وكَنَائِنِهِ، وبَنُوا قريةً بالجزيرة يُقَال لها ثمانين بقرب الموصل. يضرب لمن قد أسَنَّ ولقي الناس والأَيام، وفيما لم يذكر وقد قدم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 416 4670- اليَوْمُ ظَلَمَ أي وضع الشيء في غير موضعه. قَالَوا: يضرب للرجل يؤمر أن يفعل شيئاً قد كان يأباه ثم يذلُّ له. قَالَ عطاء بن مصعب: يقولون: أخبرُك واليومُ ظَلَم، أي ضعفتُ بعد القوة، فاليوم أفعل مالم أكن أفعله قبل اليوم، وأنشد الفراء: قُلْتُ لهَا بِينِي فَقَالَتْ لاَجَرَمْ ... إنَّ الفِرَاقَ اليَوْمَ وَاليَوْمُ ظَلَمْ ويروى "بلى واليوم ظلم" أي حقا. قَالَ أبو زيد: يقوله الرجل يُقَال له أفعل كذا وكذا، فيقول: بلى واليوم ظلم. وإنما أضيف الظلم إلى اليوم لأنه يقع فيه، كما يُقَال: ليلٌ نائمٌ، ويوم فاجر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 416 4671- يُرِيِكَ يَوْمٌ بِرَأيِهِ يجوز أن يريد بالرأي المرئى، والباء من صلة المعنى، أي يُظْفِرُكَ بما يريك فيه من تنقل الأَحوال وتغيرها، والمصدرُ يُوضع موضَع المفعولِ، وقَالَ بعضهم: يريك كل يوم رأيه، أي كل يوم يظهر لك ما ينبغى أن ترى فيه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 416 4672- يُوهِى الأدِيمَ وَلاَ يَرْفَعُ يضرب لمن يُفسِدُ ولاَ يصلح الجزء: 2 ¦ الصفحة: 416 4673- يَحُثُّ وَهُوَ الآخِرُ يضرب لمن يستعجلك وهو أبطأ منك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 416 4674- يَا رُبَّمَا خَانَ النَّصِيحُ المُؤْتَمَنُ يضرب في ترك الاعتماد على أبناء الزمان الجزء: 2 ¦ الصفحة: 416 4675- يُخَبِرُ عَنْ مَجْهُولِهِ مَرْآتهُ مثل قولهم "إن الجَوَاد عَينُه فِرَارُهُ" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 416 4676- يَدِبُّ لَهُ الضَّرَاءَ وَيَمْشِي لَهُ الخَمْرَ الضَّرَاء: الشجرُ الملتفُّ في الوادي (وهو أيضاً: أرض مستوية تأويها السباع، وبها نبذ من الشجر) َوالخَمَرُ: مَا وَرَاكَ من جُرْفٍ أو حَبْل رَمل يضرب للرجل يَخْتِلُ صاحبه وقَالَ ابن الأعرابي: الضرَاء: ما انخفض من الأَرض. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 417 4677- يَحْسِبُ المَمْطُورُ أنَّ كُلاَ مُطِرَ يضرب للغني الذي يظن كلَّ الناس في مثل حاله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 417 4678- يَجْمَعُ سَيْرَيْنِ فِي خَرَزَةٍ يضرب لمن يجمع حاجتين في وجه واحد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 417 4679- يَلقَمُ لَقْمَاً وَيُفَدِّى زَادَهُ أي يأكل من مَالِ غيره ويحتفظ بماله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 417 4680- يُسِرُّ حَسْواً فِى ارتِغَاءٍ، وَيَرْمِى بأمثالِ القَطا فُؤَادَهُ الاَرتغاء: شرب الرِّغوة قَالَ أبو زيد والأَصمعي: أصلُه الرجلُ يؤْتَى باللَّبنِ؛ فَيَظْهر أنه يريد الرغوة خاصة، ولاَ يريد غيرها، فيشربها، وهو في ذلك ينال من اللبن. يضرب لمن يريك أنه يُعنيك، وإنما يجر النَّفْعَ إلى نفسه، قَالَ الكُمَيْتُ: فإني قد رأيتُ لكم صُدوداً ... وتَحْسَاء بِعِلَّةِ مُرْتَغِينَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 417 4681- يَمْنَعُ دَرَّهُ وَدَرَّ غَيْرِهِ يضرب للبخيل يمنع ماله ويأمر غيره بالمنع. قَالَ أبو عمرو: وذلك أن ناقةً وطئت ولدها فمات، وكان له ظِئر معها فمنعت دَرَّها ودَرَّ غيرها، هذا هو الأَصل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 417 4682- يَرْوَى عَلَى الضَّيِحِ المَحْلُوبَ الضَّيْح: اللبن الخائر رُقَّق بالماء يصب عليه. وهو أسرع اللبن ريَّا. يضرب لمن لاَ يشتفي موعودُهُ بشيء، وذلك أن الرىَّ الحاصل من الضَّيْح لاَ يكون متيناً وإن كان سريعاً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 417 4683- يَكْفِكَ نَصِيبُكَ شُحَّ القَوْم أي إن استغنيت بما في يَدِك كفاك مسألة الناس الجزء: 2 ¦ الصفحة: 417 4684- اليَوْمَ خَمرٌ، وغَداً أمْرٌ (انظر المثل رقم 4709 الآتى) أي يشغلنا اليوم خمر، وغدا يشغلنا أمر، يعني أمر الحرب. وهذا المثل لامرئ القيس بن حجر الكنديُّ الشاعر، ومعناه اليوم خَفْضٌ ودَعَة وغدا جِدٌّ واجتهاد، وكان أبو امرئ القيس [ص: 418] حُجْرٌ طَرَدَ امرأ القيس للشعر والغزل، وكانت الملوك تأنَفُ من الشعر، فلحق امرؤ القيس بدَمُّون من أرض اليمن، فلم يزل بها حتى قتل أبوه، قتله بنو أسِدَ بن خزيمة، فجاءه الأَعور العجلي فأخبره بقتل أبيه، فَقَالَ امرؤ القيس: تَطَاوَلَ اللَّيْلُ عَلَيْنَا دَمُّونْ ... دَمُّونُ إنَّا مَعْشَرٌ يَمَانُونْ وَإننا لِقَوْمِنَا مُحِبُّونْ ... ثم قَالَ: ضَيَّعِني صغيراً، وحَمَّلَني دَمَه كبيراً، لاَ صَحْوَ اليوم، ولاَ شُرْبَ غدا ، اليوم خَمْرٌ وغَداً أمر، فذهب قوله مثلاً. يضرب للدول الجالبة للمحبوب والمكروه. ثم شرب سبعة أيام، ثم قَالَ: أتَانِي وَأصْحَابِي عَلَى رَأْسِ صَيْلَع ... حَدِيثٌ أطَارَ النَّوْمَ عَنَّى وَأنْعَمَا وَقُلْتُ لِعِجْلِىٍّ بَعَيدٍ مَآبُهُ ... تَبَيَّنْ وبَيِّنْ لِى الحَدِيثَ المُعَجَّمَا فَقَالَ: أبَيْتَ اللَّعْنَ عَمْروٌ وَكَاهِلٌ ... أبَاحُوا حِمَى حُجْرٍ فأصْبَحَ مُسْلَما الجزء: 2 ¦ الصفحة: 417 4685- يَا حَبَّذَا الأمارَةُ، ولَوْ على الحِجَارَةِ. قَالَ مُصْعَب بن عبد الله بن الزبير: إنما قَالَ ذلك عبدُ الله بن خالد بن أسيد حين قَالَ لاَبنه: ابن لي دَاراً بمكة، واتَّخِذْ فيها منزلاَ لنفسك، ففعل، فدخل عبدُ الله الدار فإذا فيها منزل قد أجاده وَحَسَّنه بالحجارة المنقوشة، فَقَالَ: لمن هذا المنزل؟ قال: المنزل الذي أعطيتني، فقال عبد الله: ياحبَّذا الأمارة ولو على الحجارة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 418 4686- يَاحَبَّذا التُّرَاثُ لَوْلاَ الذِّلَّةُ هذا من كلام بَيْهَس، وقد ذكرته في باب الثاء عند قولهم "ثكل أرامها ولداً" (انظر شرح المثل رقم 771) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 418 4687- يَأتِيكَ بِالأمر منْ فَصِّهِ أي يأتيك بالأمر من مَفْصله، مأخوذ من فصوص العظام وهي مَفَاصلها وأحدها فَصّ، قَالَ عبد الله بن جعفر: وَرُبَّ امْرِئ تَزدَرِيهِ العُيُونُ ... وَيَأتِيكَ بالأمر منْ فَصِّهِ يضرب للواقف على الحقائق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 418 4688- يَشُجُّ النَّاسَ قَبَلاَ أي يعترض الناس شراً الجزء: 2 ¦ الصفحة: 418 4689- يَدِي مِنْ يَدِهِ قَالَ اليزيديُّ: يُقَال "يدي فلاَن من يده" إذا ذهبت ويبست يضرب لمن تَجْنِي عليه نفسُه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 418 4690- يَاحِرْزَا وَأبْتَغِى النّوَافِلاَ ويروى "واحِرْزَا" قالوا يريد "واحرزاه" فحذف، وأصله الخطر يضرب لمن طمع في الربح حتى فاته رأس المال، هذا قول بعضهم وقَالَ أبو عبيد: يريد أدركتُ ما أردتُ وأطلب الزيادة، قَالَ: يضرب في اكتساب المال والحث عليه والحرص عليه قَالَوا: والحرز بمعنى المحرز، كأنه أراد يا قوم أبصروا ما أحْرَزْتُ من مُرَادِي ثم أبتغي الزيادة، وحرزا: يريد به حرزي، إلاَ انه فر من الكَسْرة إلى الفتحة لخفتها كقولهم: يا غُلاما، في موضع يا غُلامى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 419 4691- يَرْكَبُ الصَّعْبَ مَنْ لاَ ذَلُولَ لَهُ أي يحملُ المرءُ نفسه على الشدة إذا لم ينل طَلِبته بالهُويْنَا. يضرب في القَنَاعة بنَيْلِ بعض الحاجات الجزء: 2 ¦ الصفحة: 419 4692- يَكْسُو النَّاسَ وَاسْتُهُ عَارِيةٌ يضرب لمن يُحسن إلى الناس ويُسيء إلى نفسه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 419 4693- يَاوَيْلِي رَآنِى رَبِيعةُ قَالَته امرأة مَرَّ بها رجلٌ فأحَبَّتْ أن يراها ولاَ يعلم أنها تعرَّضَتْ له. فلما سمع قولها التفت إليها فأبصرها. يضرب للذي يحبُّ أن يُعْلَم مكانه وهو يُرِى أنه يخفى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 419 4694- يَا لَيْتَنِي المُحْثَى عَلَيْهِ قَالَها رجل كان قاعدا إلى امرأة، وأقبل وصيل لها، فلما رأته حَثَتِ الترابَ في وجهه لئلاَ يدنو منها فيطلع جليسُها على أمرها، فَقَالَ الرجل : يا ليتني المُحْثَى عليه، فذهبت مثلاً يضرب عند تَمَنِّى منزلةِ مَنْ يُخْفَى له الكرامة ويُظْهَر له الإبعاد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 419 4695- يَا عَمَّاهُ هل كُنْتُ أعْوَرَ قَطٌّ قَالَها صبي كان لأمه خليل، وكان يختلف إليها، فكان إذا أتاها غمض إحدى عينيه لئلاَ يعرفه الصبيُّ بغير ذلك المكان إذا رآه فرفع الصبي ذلك إلى أبيه، فَقَالَ أبوه: هل تعرفه يا بني إذا رأيته؟ قَالَ: نعم، فانطلق به إلى مجلس الحى، فَقَالَ: انظر أي من تراه، فتصفَّح وجوه القوم حتى وقع بصره عليه فعرفه بشمائله وأنكره لعينيه، فدنا منه فَقَال َ: يا عمَّاه هل كنت أعور قط؟ فذهبت مثلاً. يضرب لمن يستدل على بعض أخلاَقه بهيئته وشَارَتِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 419 4696- يَضْرِبُنِي وَيَصْأي يُقَال: صَأي يصْأي، ويقلب فيُقَال: [ص: 420] صاء يَصِئ، وهذا كقولهم "تَلْدَغُ العَقْرَبُ وَتَصِئ" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 419 4697- يَوْمٌ تَوَافَى شَاؤُهُ وَنَعَمُهُ يضرب عند اجتماع الشَّمْلِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 420 4698- يَوْمٌ مِنْ حَبِيبٍ قَلِيلٌ يضرب في استقلاَل الشيء، والاَزدياد منه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 420 4699- يَشْتَهِي وَيُجِيعُ يضرب لمن أراد أن يأخذَ، ويكره أن يُعْطِى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 420 4700- يُخبِرُكَ أدْنَى الأَرض عَنْ أقْصَاها أي إذا كان في أولها خير كان في آخرها مثله. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 420 4701- يأكلُهُ بِضِرْسٍ وَيَطؤُهُ بِظِلْفٍ يضرب لمن يَكْفُر ضيعةَ المحسِنِ إليه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 420 4702- يَشُجُّني وَيَبْكي يضرب لمن يغشك، ويزعم أنه لك ناصح الجزء: 2 ¦ الصفحة: 420 4703- يَا لَهَا دَعَةً لَوْ أنَّ لَي سَعَةً أي أنا في دَعَة ولكن ليس لي مال فأتهنَّى بِدِعَتِى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 420 4704- يَعِيشُ المَرْءُ بأصَغْرِيهِ ويروى "يستمتع" أي أمْلَكُ ما في الإنسان قلبُه ولسانه، قَالَه شُقَّةُ بن ضَمِيرة للمنذر بن ماء السماء حين أحضِرَ مجلسه وازدراه، وقَالَ: تَسْمَعُ بالمُعَيْدِىِّ خَيْرٌ مِنَ أن تَرَاهُ. (انظر المثل رقم 655) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 420 4705- يَا ابْنَ إسْتِها إذا أخْمَضَتْ حِمَارها الحمار لاَ يحمض، وإنما هذا شَتْم تقذف به أم الإنسان، يريد أنها أحمضت حمارها ففعل بها حيثُ حلت تحمض الحمار. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 420 4706- يَانَعَامُ إنِّي رَجُلٌ كان من حديثه أن قوماً حَبَلُوا (حبلوا النعامة: صادوها بالحبالة) نعامةً على بيضها، وأمكنوا الحبل رَجُلاً وقَالَوا: لاَ ترينَّكَ ولاَ تعلمَنَّ بك، وإذا رأيتَهَا فلاَ تعجلها حتى تجمع على بيضها، فإذا تمكنت فمدَّ الحبل وإياك أن تراك، فنظرها، حتى إذا جاءت قام فتصدَّى لها فَقَالَ: يا نعام إني رجل، فنفرت، فذهبت مثلاً. يضرب عند الهزء بالإنسان لاَ يَحْذَر ما حُذِّرَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 420 4707- يَمْشِي رُويداً وَيَكُونُ أوَّلاَ يضرب للرجل يدرك حاجته في تؤَدة ودَعَة، وينشد: تسألني أمُّ الوليد جَمَلاَ ... يَمْشِي رُويدْاً وَيَكُونُ أوَّلاَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 421 4708- اليَمِينُ حِنْثٌ أَوْ مَنْدَمَةٌ أي إن كانت صادقةً نَدِم، وإن كانت كاذبة حنث. يضرب للمكروه من وجهين. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 421 4709- اليَوْمَ قِحَافٌ، وغَداً نِقَافٌ القِحَاف: جمع قَحِفٍ، وهو إناء يُشْرَب فيه، والنِّقَاف: الناقَفَةُ، يُقَال: نَقَفُ يَنْقُفُ نَقْفَاً؛ إذا شَقَّ الهامةَ عن الدماغ، وكذلك نَقَفُ الحنظل عن الهَبِيد، وقَالَ امرؤ القيس: كأنِّي غَدَاةَ البَيْنِ يَوْمَ تَحَمَّلُوا ... لَدَى سَمُرَاتِ الحَيِّ ناقِفُ حَنْظَلِ وهذا المثل مثل قوله "اليوم خمر، وغدا أمر" (انظر المثل رقم 4684 السابق) وكلاَ المثلين يروى لامرئ القيس حين قيل له: قُتِلَ أبُوك، فَقَالَ: اليوم قِحَاف، يعني مُشَاربة بالقحف، ويُقَال: القحفُ شدةُ الشرب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 421 4710- يَدُكَ مِنْكَ وَإنْ كانَتْ شَلاَءَ هذا مثل قولهم "أنْفُكَ منك وإن كان أجْدَعَ" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 421 4711- يَارُبَّ هَيْجَاءَ هي خَيْرٌ مِنْ دَعَةٍ الهيجاء: يمد ويقصر، وهو الحرب، والدَّعة: السكون والراحة. يضرب للرجل إذا وقع في خصومة فاعتذر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 421 4712- يَا مُتُنوَّراهُ زعموا أن رَجُلاً عَلِقَ امرأة، فجعل يتنورها، والتَّنَوُّرُ: التّضَوَّى، التضوى ههنا من الضوء، فقيل لها: إن فلاَنا يتنورك لتحذره فلاَ يرى منها إلاَ حَسَنَاً، فلما سَمِعَتْ ذلك رفَعَتْ مقدمَ ثوبها ثم قابلته فَقَالَت : يا متنوراه، فأبصرها وسمع مقَالَتها، فانصرفت نفسه عنها. يضرب لكل من لاَ يتقي قبيحاً، ولاَ يَرْعَوِي لحسن. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 421 4713- يُصْبِحُ ظمآنَ وفي البَحْر فَمُهُ يضرب لمن عاش بخيلاً مثرياً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 421 4714- يمينٌ ظَلَعَتْ في المَحَارِم وهي اليمين جعلت لِصَاحبها مخرجا، وقَالَ جرير: وَلاَ خَيْرَ في مَالٍ عَلَيْهِ أليةٌ ... وَلاَ في يَمينٍ غَيْرِ ذاتِ مَحَارِمِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 421 4715- يَمْلأُ الدَّلْوَ إلى عَقْدِ الكَرَبِ هذا مأخوذ من قول الفضل بن عباس بن عُتبة بن أبي لهب حيث يقول: [ص: 422] مَنْ يُسَاجِلْنِي يُسَاجِلْ مَاجِداً ... يَمْلأُ الدَّلْوَ إلى عَقْدِ الكَرَبْ وهو الحبل الذي يُشَد في وَسط العَرَاقي ثم يثنى، ثم يثلث؛ ليكون هو الذي يلي الماء فلاَ يعفن الحبل الكبير. يضرب لمن يبالغ فيما يَلِي من الأمر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 421 4716- يَعْقِدُ في مِثْلِ الصَّوابِ وَفِي عَيْنَيهِ مِثْلُ الجَرَّةِ يضرب لمن يلومُكَ في القليل ما كثر منه من العيوب. أنشد الرياشي: ألاَ أيُّهذَا اللاَئِمِي في خَليقَتي ... هَلْ النفس فيمَا كَانَ مِنْكَ تَلُومُ فكيف تَرَى فِي عَيْنِ صَاحِبِكِ القَذَى ... وَتَنْسَى قَذَى عَيْنَيْكَ وَهُوَ عَظيمُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 422 4717- يَدُقُ دَقُّ الإِبِلِ الخَامِسَةِ قَالَ ابن الأَعرَبي: الخِمْسُ أشَدُّ الأظماء لأنه في القيظ يكون، ولا تصبر الإِبل في القيظ أكثر من الخمس، فإذا خرج القيظُ وطلع سُهَيل بَرَدَ الزمان وزاد في الظمء، وإذا وردت في اليقظ خمساً اشتد شربها، فإذا صَدَرَتْ لم تَدَع شيئاً إلاَ أتت عليه من شدة أكلها وطول عشائها، فضرب به المثل، فَقَالَوا: يدقُّونَ دق الإبل الخامسة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 422 4718- يَا قِرْفَ القَمْعِ القِرْفُ: القِشْر، والقَمْعُ: (القمع بوزن فلس أو حمل أو عنب) قمع الوَطبَّ يُصِبُّ فيه اللبن، فهو أبدا وسخ مما يلزق به من اللبن، وأراد بالقرْفِ ما يُعْلُوه من الوَسَخ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 422 4719- يَامُهْدِرَ الرّخْمَةِ يضرب للأَحمق. وذلك أن الرَّخَمة لاَ هَدِيرَ لها، وهذا يُكَلفها الهدَير الجزء: 2 ¦ الصفحة: 422 4720- يَا مَنْ عَارَضَ النَّعَامَةَ بِالمَصَاحِفِ. أصلُ هذا أن قوماً من العرب لم يكونوا رَأَوُا النعامة فلما رأوها ظنوها داهية، فأخرجوا المصحف فَقَالَوا: بيننا وبينكِ كتابُ الله لاَ تهلكينا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 422 4721- يَوْمٌ ذَنُوبٌ أي طويل الشر، لاَ يكاد ينقضي، وينشد: إنْ يَكُنْ يَومِي تَوَلَّى سَعْدُهُ ... وَتَدَاعَى لي بِنَحْسٍ وَنَكَدْ فَلَعَلَّ الله يَقْضِي فَرَجاً ... فِي غَدٍ مِنْ عِنْدِهِ أوْ بَعْدَ غَدْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 422 4722- يا عمَّاهُ هَلْ يَتَمَطَّطُ لَبَنُكُمْ كمَا يتَمَطَّطُ لبَنُنا يضرب لمكن صَلَحَ حالُه بعد الفساد. [ص: 423] وأصلُه أن صبياً قَالَ لعمه وقد صار فقيراً والصبي قد تمول: يا عماه هل يتمطَّطُ - أي يتمدد - يعني امتدادَ اللبنِ من الضروع عند الحلب، وهذا كالمثل الآخر "كلكم فَلْيَحْتَلِبْ صَعُودا" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 422 4723- يُحْفَظُ المَرْءُ مِنْ كل شيء إلاَ منْ نفسِهِ يضرب في عتاب المخُطىء من نفسه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 423 4724- يَطْلُبُ الدُّرَاجَ في حَبْسِ الأَسد (كذا، وأحسبه محرفا عن "خيس الأَسد") يضرب لمن يطلب ما يتعذر وجوده الجزء: 2 ¦ الصفحة: 423 4725- يَطْرُقُ أعمَى وَالبَصِيرُ جَاهِلٌ الطَّرْقُ: الضربُ بالحصى، وهو نوع من الكَهَانة يضرب لمن يتصرَّفُ في أمرٍ ولاَ يعلم مَصَالحه فيخبره بالمصلحة غيرُه من خارج الجزء: 2 ¦ الصفحة: 423 4726- يَحْمِلُ حالاً وَلَهُ حِمَارٌ الحال: الكَارَةُ، وهي ما يحمله القَصَّارُ على ظهره من الثياب يضرب لمن يَرْضَى بالدُّونِ من العيش على أن له ثروة ومقدرة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 423 4727- يَكُرفُ عُوناً نَجِفٌ مَمْعُولُ العُونُ: جمع عَانَةَ، وهي الجماعة من حُمُرِ الوَحْش، والنَّجِفُ: الفحل عليه النِّجَافُ وهو شيء يشد على بطن الفحل حتى يمنعه عن الضِّرَاب، والممعول: الحمار سُلَّتْ خُصْيَتَاه. يضرب لمن يتقرب إلى من يمنعه خيره ويُقصِيه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 423 4728- يَصُبُّ فُوهُ بَعْدَ مَا اكْتَظَّ الحَشَى الصَّبُّ: السَّيلاَنُ، واكْتَظَّ: من الكِظَّة وهي الامتلاَء، يقال للحريص: تصب (كذا، والمحفوظ "تضب" بضاد معجمة) لَثَاتُه، ومعنى يصب فوه يتَحَلَّبُ من شدة الاَشتهاء. يضرب لمن وَجَدَ بغية ويطمح ببصره إلى ما وراءه لفَرْطِ شَرَهِهِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 423 4729- يَأكُلُ قُوَبَينِ قَاباً يَرْتَقِبُ يُقَال: القُوبُ الفَرْخ، وكذلك القابةُ والقاب، يُقَال: تَقَوَّبَتِ القَابَةُ من قُوبِهَا، وقَالَ بعضُهم: القُوبة البيضة، وقَالَ بعضهم: القائبة البيضة، والصواب أن يكون القُوبُ والقَابُ الفرخ، والقائبة والقابة - بسقوط الياء - البيضة، فاعلة بمعنى مفعولة؛ لأن الطائر يقُوبُ البيضة، وأصل القَوْبِ القَطْعُ، [ص: 424] يُقَال: قُبْتُ البلاَد؛ أي جُبْتُها، فالقائبة هي البيضة تَقُوبُ - أي تنشق وتنفلق - عن الفرخ. يضرب لمن يسأل حاجتين ويعدُ الثالثة حرصاً، كقولهم: لاَ يُرْسِلُ السَّاقَ إلاَ مُمْسِكا سَاقَا ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 423 4730- يَرْكَبُ قَيْنَيْهِ وإِنْ ضَبَّا دَمَاً القَيْنَانِ: الرُّسْغَانِ، وهما موضع الشِّكال من الدابة، وضَبَّ وبَضَّ: سال يضرب للصبور على الشدائد ودَماً: نَصْب على التمييز الجزء: 2 ¦ الصفحة: 424 4731- يَوْمُ الشَّقَاءِ نَحْسُهُ لاَ يَأفُلُ يضرب للطالب شيئاً يتعذر نيله، فإذا ناله فيه عَطَبُه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 424 4732- يُكْوَى البَعِيرُ مِنْ يَسِيرِ الدَّاءِ يضرب في حَسْمِ الأمر الضائر قبل أن يعظم ويتفاقم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 424 4733- يَبْكِي إلِيهِ شَبْعَاً وَجُوعاً يضرب لمن عَادَتُهُ الشكاية، ساءت حاله أو حَسُنَت الجزء: 2 ¦ الصفحة: 424 4734- يَمْأي سِقَاءً لَيْسَ فِيهِ مَخْرَزٌ يُقَال: مأي الجلد يَمْأي مَأياً ومأواً، إذا بَلَّه ثم يمده حتى يتَّسع ثم يقور فيخرز سِقاء، يعني جلدا يجعل منه سقاء وليس فيه موضع خَرْز لأنه فاسد حَلُمَ. يضرب لمن رغب في غير مرغوب فيه، وطمع في غير مطمع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 424 4735- يضْوَى إلى قَوْمٍ بِهمْ هُزَالٌ يُقَال: ضَوِىَ إليه يَضْوَى، إذا أوْى ولجأ. يضرب لمن يستعين بمضطر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 424 4736- يَمْتَحُ لِلْهيمِ الدَّوَى المَحْرُوقُ يُقَال: دَوَىَ جَوْفُهُ فهو ودٍ ودَوىً أيضاً، وهو وصف بالمصدر؛ والمحروق: الذي أصيبَ حارقَتُه، وهي رأس الفخذ في الورك، ويُقَال الحارقتان عصبتان في الورك ومَنْ كان كذلك فهو لاَ يقدر أن يعتمد على رجليه. يضرب للضعيف يُسْتعان به أمر عظيم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 424 4737- يَحُشُّ قِدْرَ الغَىِّ بالتَّحَوُّبِ الحَشُّ: الإيقاد، والتحوُّب: التوجع يضرب لمن يُظْهر الشفقة ويُضْرِم عليك نارَ الهلاَك والضلاَل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 424 4738- يَمُدُّ حَبْلاَ أسْنُهُ مُفَكَّكٌ الأسْنُ: واحد آسان الحَبْل والنَّسع، وهي الطاقات التي منها يُفْتَل، والمُفَكَّك: المحلل، يُقَال: فككت الشيء فانفك. [ص: 425] يضرب لمن لاَ يُعْتَمَدُ كلامه ولاَ يحصل منه على خير. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 424 4739- يَلَذُّ ضَيحاً وَيَشْتَهِى دَخِيساً يُقَال: لَذِذْتُ الشيء وتَلَذَّذتُه واستَلْذَذْتُه، أي وجدته لذيذاً، والضَّيْح، والضَّيَاحُ: اللبن الكثير الماء، والدَّخِيسُ: لبنُ الضأن يُحْلَب عليه لبن المعز. يضرب لمن طَلَبَ القليلَ ويطمح إلى الكثير أيضاً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 425 4740- يَغْرِفُ مِنْ حِسىً إلى خَريصٍ الحسى: بئر تحفر في الرمل قريبة القَعْر والخَرِيصُ: الخليج من البحر، ويُقَال: إنما هو الحريص بالحاء المهملة. يضرب لمن يأخذ من المُقِلِّ فيدفعه إلى المُكْثِرِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 425 4741- يَعُودُ إلى الأذِنِ مَنَاتِيفُ الزَّبَبِ المَنَاتِيفُ: جمع المَنْتُوف، والزَّبَبُ: طول الشعر وكثرته، يقول: شَعْر الأذِنِ إذا نُتِفَ عاد فَنَبَتَ. يضرب للرجل يترك شيئاً تَصَنُّعاً ثم يعود إلى طبعه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 425 4742- يَرْضَى بِعَقْدِ الأَسْرِ مَنْ أوْفَى الثَّلَلَ يُقَال: أوفِيتُ على الشيء، إذا أشْرَفْتَ عليه، ثم يحذف حرف الجر فيوصَلُ الفعل إلى المفعول، فيُقَال: أوفيتُ الشيء، قَالَ الأَسود بن يَعْفُر: إنَّ المنَّيةَ وَالحُتُوفَ كِلاَهُمَا ... يُوفِى الحرائم يَرْقُبانِ سَوَادِى (وفي نسخة "الجرائم" بالجيم والمحفوظ "يوفى المخازم" وهو الصواب) والثَّلَل: الهلاَك: يُقَال: ثلَه يَثُلُّه ثَلاًّ وثَللاً. يضرب لمن ابْتَلَى بأمرٍ عظيم فرضي بما دونه وإن كان هو أيضاً شراً الجزء: 2 ¦ الصفحة: 425 4743- اليَمِين الغَمُوسُ تَدَعُ الدَّارَ بلاَقِعَ اليمين الغَمُوس: التي تَغْمِسُ صاحبَهَا في الإثم، فهو فَعُول بمعنى فاعل، قَالَ الخليل: الغمُوس اليمين التي لم تُوصَلْ بالاَستثناء، والبْلْقَع: المكان الخالي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 425 4744- يَعُودُ عَلَى المَرْءِ مَا يأْتَمِرُ ويروى "بعدو" والاَئتمار: مُطَاوعة الأمر، يُقَال: أمَرْتُه بكذا فأتَمَرَ، أي جَرَى على ما أمرته، وقَبِلَ ذلك، يعني يَعُودُ على الرجل ما تأمره به نفسه فيأتمر هو، أي يمتثله ظنا منه أنه رَشَد، وربما كان هلاَكه فيه، ومنه قولُ امرئ القيس: [ص: 426] أحَارِ بنْ عَمْرٍو وكأنِّي خَمِرْ ... وَيَعْدُو عَلَى المَرْءِ مَا يَأتَمِرْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 425 4745- يَأكُلُ بالضِّرسِ الَّذي لَمْ يُخْلَقْ يضرب لمن يَحُبُّ أن يُحْمَدَ من غير إحسان. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 426 4746- يَفْنَى الكَبَاثُ وَنَتَعَارَفُ قَالَ ابن الأَعرَبي: الكبَاثُ النضيج من ثمر الأراك، قَالَ: وأصله أنهم كانوا يَجْتَنُون الكَبَاثَ أيام الربيع، وشغل رجل باجتنائه عن زيارة صديق له حتى كأنه أنكر خُلَّته، فَقَالَ الصديق: جَاءَ زَمَانُ الكَبَاثَ مُقْتِبلاَ ... فَلاَ خَلِيلَ لِخِلِّهِ يَقِفُ فَقُلْ لِعْمرٍو مَقَالَ مٌعْتَبِرٍ: إذَا تَوَّلى الكَبَاثُ نَعْتَرِفُ كأنما رَبْعُهُ المُلاَصِقُ لي ... رَبْعُ غَرِيبٍ محله سَرَفُ يضرب لمن يضرب عن الأحباب مشتغلاَ بما لاَ بأس به من الأسباب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 426 4747- يُقَلَّبُ كَفَّيْهِ يضرب للنادم على ما فاته قَالَ الله تعالى (فأصبح َ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أنْفَقَ فِيهَا) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 426 4748- يَغْلِبْنَ الْكِرَامَ وَيَغْلِبُهُنَّ اللِّئامُ يعنون النساء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 426 4749- يومٌ لَنَا وَيَوْمٌ عَلَينَا (هو من قول الشاعر: فيوم علينا ويوم لنا ... ويوم نساء ويوم نسر) يضرب في انقلاب الدُّوَل والتَّسَلِّي عنها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 426 4750- يُطَيِّنُ عَيْنَ الشَّمْسِ يضرب لمن يَسْتُر الحقَّ الجلىَّ الواضحَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 426 4751- يَكْفِيكَ مِمَّا لاَ تَرَى مَا قَدْ تَرَى يضرب في الاَعتبار والاَكتفاء بما يرى دون الاَختبار لما يرى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 426 4752- يَسْقِى مِنْ كُلِّ يَدٍ بِكأسٍ يضرب للكثير التَّلَوُّنِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 426 4753- يُوشِكُ مَنْ أَسْرَعَ أنْ يَؤُبَ يضرب في التوديع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 426 4754- يُمْسِى عَلَى حَرٍّ، ويصْبِحُ عَلَى بَارِدٍ يضرب لمَنْ يجدُّ في أمرٍ ثم يَفتُر عنه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 426 4755- يُكَايِلُ الشَّرَّ ويُحَاسبُهُ أي يفعل ما يفعل به صاحبه يضرب في المُجَازاة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 426 4756- يَحَرُّ لَهُ وَيَبْرُدُ أي يَشْتَدُّ عليه مرةً وَيَلينُ أخرى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 427 4757- يَأتِيكَ بالأخْبَار مَنْ لَمْ تُزَوِّدِ أي لاَ حاجة بك إلى الاَختيار؛ فإن الخَيْرَ يأتيك لاَ مَحَالَةَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 427 4758- الأَيَّامُ عُوجٌ رَوَاجِعُ العُوجُ: جمع أعْوَجَ، يُقَال: الدهر تارةً يَعْوَجُّ عليك وتارةُ يرجع إليك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 427 4759- اليَسِيرُ يَجْنِي الْكَثِيرَ هذا من كلام أكْثَمَ بن صَيْفِي، وهو مثل قولهم "الشر يَبْدَؤُهُ صِغَارُه" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 427 4760- يَدَعُ العَيْنَ وَيَطْلُبُ الأثَرَ قد ذكرت قصته في باب التاء عند قولهم "تطلبُ أثراً بعد عَيْنٍ" (انظر المثل رقم 652 والمثل 3509) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 427 4761- يَا أُمَّهُ اثْكَلِيهِ يضرب عند الدعاء على الإنسان، وهو في كلام علي رضي الله عنه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 427 ما جاء على أفعل من هذا الباب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 427 4762- أَيْقَظُ مِنْ ذِئْبٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 427 4763- أَيْبَسُ مِنْ صَخْرٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 427 4764- أيأسُ مِنْ غَرِيقٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 427 4765- أَيْسَرُ مِنْ لُقْمَانَ قَالَ حمزة: قولهم "أيَسَرُ من لُقمان" هو لقمان بن عاد، وزعم المفَضَّلُ أنه كان من العَمَالقَة، وأنه كان أضْرَبَ الناس بالقِدَاح، فضربوا به المثل في ذلك، وكان له أيْسَار يضربون معه بِالقداح، وهم ثمانية: بِيضٌ. وَحَمحَمة، وطُفيل، وزفافة، ومالك، وفرْعَة، وثُمَيل، وعَمَّار؛ فضربت العربُ بهؤلاَء الأيسار المثل كما ضربوه بلقمان، فيقولون للأيسان إذا شَرَّفُوهم: كأيسار لقمان، وقَالَ طَرَفَةُ: وَهُمُ أيَسَارُ لقمان إذا ... أغْلَتِ الشَّتْوةُ أبْدَاء الجُزُرْ قَالَوا: وواحدُ الأيسارِ يَسَر، وواحد الأبداء بدء وهو العُضْو الجزء: 2 ¦ الصفحة: 427 المولدون الجزء: 2 ¦ الصفحة: 427 يَفْنَى ما في القُدَور، ويبقَى ما في الصُّدورِ يَحْمِلُ التَّمْرَ إلَى البَصْرَةِ يضرب لمن يُهْدِى إلى الإنسان ما هو من عنده [ص: 428] يَدْهُنُ مِنْ قَارُورَةٍ فَارْغَةٍ يضرب لمن يَعْدُ ولاَ يَفِي يَجْعَلُ العَظْمَ إِدَاماً يضرب لمن يفْسِد مالَه في لاَ شيء يُحَدِّثُكَ مِنَ الخُفِّ إلى المَقْنَعَةِ يضرب للعارف بحقيقة الشيء يَصِيدُ ما بينَ الكُرْكِىِّ إلَى العَنْدَلِيبِ يضرب لمن يقول بالصغير والكبير يسْتَفُّ التُّرَابَ ولاَ يَخْضَعُ لأحَدٍ عَلَى بَابٍ يضرب للأَبْىِّ يَهُبُّ مَعَ كُلِّ رِيحٍ، وَيَسْعى مَعَ كُلِّ قَوْمٍ، وَيَدْرُجُ في كُلِّ وَكْرٍ يضرب للإمَّعَةِ ياَبِسُ الطَّينَةَ، صُلْبُ الجُبْنَةِ يضرب للبخيل يَحْبِلُ بِنَظَرِهِ وَينِيكُ بِعِيْنِهِ يضرب للمُولَعُ بالإنَاث يَغْسِلُ دَماً بِدَمٍ يضرب لمن يقبض ويدفع ويبقى دين يَبْنِي قَصْراً ويَهْدِم مِصراً يضرب لمن شَرُّهُ أكثَرُ من خيره يَنْصَحُ نَصِحَة السِّنَّوْرِ للفأرِ، والشَّيْطَانِ للإنْسَانِ يأكل أكلَ الشِّصِّ فِي بَيْتِ اللَّصِّ يَاوَجهَ الشَّيْطَانِ يضرب لكريه المَنْظَر يُقَدِّمُ رَجُلاً وَيُؤَخِّرُ أخْرَى يضرب لمن يتردد في أمره يَجْمَعُ مالاَ تَجْمَعْهُ أُمُّ أبانَ يضرب لمن يُرْمَى بالحِذْقِ في القِيَادة يُدْخِلُ شَعْبَانَ في رَمَضَانَ يضرب للمُخَلِّطِ يضرب المَاشَ بالدِّرْمَاشِ يضرب لمن يخلط في القول أو الفعل يَنِيكُ حُمُرَ الحاجِّ يضرب للفارغ يضربُ بَيْنَ الشَّاةِ وَالعَلَفِ وَالدَّابَّةِ وَالشَّعيرِ يُلْجَمُ الفَأرُ في بَيْتِهِ يضرب للبخل يكفيك من قَضَاءِ حَقِّ الخَلِّ ذَوْقُهُ يضرب في ترك الإمعانِ في الأمور يَكْفِيكَ مِنَ الحَاسِدِ أنَّه يَغْتَمُّ عنْدَ سُرُورِكَ يَبِسَ بَيْنُهُم الثَّرَى أي فَسَدَ ما بينهم يقولُ للسَّارِقِ: اسْرِقْ، وَلِصَاحِبِ المَنْزِلِ: احفظ مَتَاعَكَ يضرب لذي الوَجْهِين [ص: 429] يأكُلُ الفِيلَ وَيَغْتَصُّ بِالبَقَّةِ يضرب لمن يتحرَّج كَذِباً يَقْشِرُ لِي عَصَا الْعَدَاوَةِ يضرب لمن يُكَاشِفُ بالبغضاء يُظَنُّ بِالمَرْءَ مِثْلُ مَا يُظَنُّ بِقَرِينِهِ (مأخوذ من قول طرفة: عن المرء لاَ تسأل وسل عن قرينه ... فكل قرين بالمقارن يقتدى وانظر المثل رقم 4757) مثل قولهم: "عن المرء لاَ تسأَلْ وَأبْصِرْ قرينَهُ" يَغْرِفُ مِنْ بَحْرٍ يضرب لمن يُنْفِقُ من ثروة يَضْرَطُ مِنَ اسْتٍ وَاسِعَةٍ يضرب للصَّلِفِ يَحُجُّ وَالنَّاسُ رَاجِعُونَ يضرب لمن يُخَالف الناس يَتَمَضْمَضُ بِذِكْرِ الأَعْرَاضِ وَيَتَفَكَّهُ بِهَا يُخْرِجُ الحقَّ مِنْ خَاصِرَةِ البَاطِلِ يضرب لمن يُفْرَق بينهما يَالَكَ مِنْ ضِرْسٍ للْخَبِيثَات يَخضِمُ يضرب للفَحَّاش العَيَّاب يَنْبُو الوَعْظُ عَنْهُ نُبُوَّ السَّيْفِ عَنِ الصَّفَا يضرب لمن لاَ يَقْبِلُ الموعظة يَوْمُ السَّفَرِ نِصْفُ السَّفَرِ لتزاحم الأَشغال يضرب لمن لاَ يقصر في الذبِّ وَالدَّفع يُومٌ كأيامٍ يضرب في اليوم الشديد يَحْسُدُ أن يُفَضَّلَ، وَيَزْهَدُ أنْ يُفَضَّلَ يَلْطُمُ وَجْهِي وَيَقُولُ: لِمَ يَبْكِي؟ يَرَى الشَّاهِدُ مَالاَ يَرَى الغَائِبُ يُعْنَي بِالشَّرِّ مَنْ جَنَاهُ أي من أَذْنَبَ ذَنْبَاً أخِذَ بِه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 427 - الباب التاسع والعشرون في أسماء أيام العرب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 430 1- يَومٌ النِّسَارِ بكسر النون والسين غير المعجمة كان بين بني ضَبَّةَ وبني تَمِيم والنسَار: جبالٌ صِغَار كانت الوَقْعَة عندها، وقَالَ بعضهم: هو ماء لبني عامر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 430 2- يَوْمُ الجِفَارِ بالجيم المكسورة والفاء والراء كان بعد النِّسَار بَحَوْل، وكان بين بني بَكْر وتميم، وهو ماء لبني تميم بنجد، قَالَ بشر: وَيَوْمَ النِّسَارِ وَيَوْمَ الجَفَا ... رِكَانَا عَذاباً وَكَانَا غَرَامَا أي هَلاَكَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 430 3- يَوْمُ السِّتَار بالسين المكسورة غير المعجمة والتاء المنقوطة باثنتين من فوقها كان بين بني بكر بن وائل وبني تميم، قَتل فيه قيسُ بنُ عاصم وقَتَادة بن سَلَمة الحَنَفى فارسُ بكر، قَالَ: قَتَلْنَا قَتَادَة َ يومَ السِّتَارِ ... وَزَيْداً أسَرْناَ لَدَى معتق والسِّتَار: جبل، وهو في شعر امرئ القيس: [عَلاَ قَطَناً بِالشَّيْمِ أيْمَنُ صَوْبِهِ ... وَأيْسَرُهُ] على السِّتَارِ فَيَذْبُلِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 430 4- يَوْمُ الفِجَار قَالَوا: أيام الفِجَار أربعة أفْجِرَة: الأَوَّل بين كِنَانَة وعَجُوز هَوَازن، والثاني بين قُرَيش وكِنانة، والثالث بين كِنانة وبني نَصْر بن معاوية، ولم يكن فيه كبيرُ قتالٍ، والرابع وهو الأَكبر بين قريش وهَوَازن، وكان بين هذا الآخر ومبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم ست وعشرون سنة، وشهدهُ عليه السلام وله أربع عشرة سنة، والسبب في ذلك أن البَرَّاضَ بن قيس الكِنَاني قَتَلَ عروة الرَّحَّال، فهاجت الحربُ، وسمت قريش هذه الحرب فجارا لأنها كانت في الأَشهر الحرمُ، فَقَالَوا: قد فَجَرْنَا إذ قاتلنا فيها، أي فَسَقْنَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 430 5- يَوْمُ نَخْلَةَ بالنون المفتوحة والخاء المعجمة يوم من أيام الفِجَار، وهو موضع بين [ص: 431] مكة والطائف، وفي ذلك اليوم يقول خِدَاش بن زُهَيْر. يَا شَدَّةً مَا شَددْنَا غَيْرَ كَاذِبَةٍ ... عَلَى سَخِينَةَ لَوْلاَ اللَّيْلُ وَالحَرَمُ وذلك أنهم اقتتلوا حتى دخَلَتْ قريش الحرمَ، وجن عليهم الليل فكفُّوا، وسَخِينة: لقبٌ يعير بها قريش، وهي في الأَصل ما يُتخذ عند شِدَّة الزمان وعَجَفِ المال، ولعلها أولعت بأكلها، قَالَ عبدُ الله ابن الزِّبَعْرَي زَعَمَتْ سَخِينَةُ أن سَتَغْلِبُ رَبَّهَا ... وَلَيُغْلبَنَّ مُغَالِبُ الغَلاَبِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 430 6- يَوْمٌ شَمْطَةً هذا أيضاً من أيام الفِجَار، وكان بين بني هاشم وبين عبد شمس، وفيه يقول خِدَاش بن زُهير: فَأبِلغْ إن عَرَضْتَ بِنَا هِشَاماً ... وَعَبْدَ الله أبلِغْ وَالوَلِيدا بأنَّا يَوْمَ شَمْطَةَ قَدْ أقَمْنَا ... عَمُودَ المَجْدِ؛ إن لَهُ عَمُودَا جَلَبْنَا الخَيْلَ سَاهِمَةً إليهم ... عَوَابِسَ يَدَّرِ عْنَ النَّقْعَ قُودَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 431 7- يَوْمُ العَبْلاَء بالعين غير المعجمة والباء منقوطة بواحدة زعموا أنها صَخْرَة بَيضَاء إلى جَنب عُكَاظ، وفي ذلك يقول خداش: ألم يَبْلُغكُمُ أَنَّا جَدَعْنَا ... لَدى العَبْلاَء خِنْدِفَ بِالقَيَادِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 431 8- يَوْم عُكَاظَ وهو أيضاً من أيام الفِجَار، وعُكَاظ: اسم ماء، وهو سوق من أسواق العرب بناحية مكة، كانوا يجتمعون بها في كل سنة، ويقيمون بها شهراً، ويتبايعون ويتناشدون، وقَالَ دُرَيَدْ: تغيبت عن يَوْمَي عُكَاظَ كليهما ... وَإنْ يَكُ يَوْمٌ ثَالِثٌ أتَغَيَّب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 431 9- يَوْمُ الحُرَيْرَةِ بالحاء والراء غير المعجمتين، وهي تصغير حَرَّة إلى جنب عكاظ في مَهَبَّ جنوبها، وفيه يقول خِدَاشُ وَقَدْ بَلَوْتُمْ فأَبَلَوْكُمْ بَلاَءَهُمُ ... يَوْمَ الحُرَيرَةِ ضَرْباً غَيْرَ تَكْذِيبِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 431 10- يَوْمُ ذِي قارٍ كان من أعظم أيام العرب، وأبلغها في تَوْهِين أمر الأعاجم، وهو يوم لبني شَيْبَان، وكان أبْرَوِيزُ أغزاهم جيشاً، فظفرت بنو شيبان، وهو أول يومٍ انتصرت فيه العربُ من العجم، وفيه يقول بكير ابنُ الأصم أحَدُ بني قيس بن ثعلبة: [ص: 432] هُم ْ يوْمَ ذي قَارٍ وقَدْ حَمِسَ الوَغَى ... خَلَطوا لُهَاماً جَحْفَلاَ بِلُهَامِ ضَرَبوا بَني لأَحْرار يَوْمَ لقُوهُمُ ... بالمَشْرفيِّ عَلَى صَمِيمِ الهَامِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 431 11- يَوْمُ جبلةَ بالجيم والباء المتحركة المنقوطة منم تحتها بواحدة. هي هضبة حمراء بين الشُّرَيْف والشَّرَف، وهما ما آن: الشريفُ لبني نُمَير، والشَّرَف لبني كلاب، ويقال لهذا الموضع أيضاً شِعْبُ جَبَلَة. وكان اليوم بين بني عَبْس وذُبَيَان ابنَى بَغِيض، وفيه يقول بعض رُجَّازهم: لم أر يَوْمَاً مثل َ يَوْمِ جَبَلَهْ ... يَوْمَ أتَتْنَا أسَدٌ وَحَنْظَلَةْ وَغَطَفَانُ والملوك أزْفِلَةْ ... نَضْرِبُهُم بِقُضَبِ منتحله لم تَعْدُ أن أفرش عنهم الصلة ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 432 12- يَوْمُ رَحْرَحَانَ الراآن غير معجمتين، وكذلك الحا آن، وهو على وزن زعفران: أرض قريبة من عُكَاظ. قَالَوا: وهما يومان: الأَوَّل كان بين بني دَارِم وبني عامر بن صَعْصَعة، والثاني بين بني تميم وبني عامر، قَالَ النابغة الجَعْدِي: هَلاَّ سألتَ بِيَوْمِي رَحْرحَانَ وَقَدْ ... ظَنَّتْ هَوْازِنُ أنَّ العِزَّ قَدْ زَالاَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 432 13- يَوْمُ الفَلْجِ بالفاء المفتوحة واللام الساكنة والجيم وهما يومان، والفلج: قرية من قرى بنى عامر بن صَعْصَعة، وهو دون العتيق إلى حجر بيوم على طريق صنعاء، فالفلج الأَوَّل لبني عامر بن صعصعة على بني حنيفة، والفلج الآَخر لبني حنيفة على بني عامر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 432 14- يَوْمُ النَّشَّاش بالنون المفتوحة والشين المعجمة المشددة وهو واد كثير الحَمْض، وكان هذا اليوم بعد الفَلْج بين بني عامر وبين أهل اليمامة، وقَالَ: وَبالنَّشَّاشِ مَقْتَلَة ستَبْقَي ... عَلَى النَّشَّاشِ مَا بقي اللَّيَالِي فأذْلَلْنَا اليَمَامَةَ بعْدَ عِزٍّ ... كَمَا ذَلَّتْ لِوَ اطِئِها النِّعَال الجزء: 2 ¦ الصفحة: 432 15- يَوْمُ اللهابِةِ بكسر اللام قَالَوا: إنه خَبَراء بالشاجنة، وحولها القَرْعاء والرًّمَادة ووَجٌّ ولَصَاف وطُويلع كان بين بني كعب والعَبشَميين، وقَالَ: مَنَعَ اللهابة حَمْضَهَا وَنَجِيلَهَا ... وَمَنَابتَ الضمران ضَرْبَةُ أسفع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 432 16- يَوْمُ خَزَازي ويُقَال خَزَاز وهو جبل كانت به وقعة بين نزار واليمن، وقَالَ: ونحن غَدَاة أو قِدَفي خَزَازَي ... هديت كِتَائِباً متحيرات (هكذا وقع البيت في أصول الكتاب وهو لعمرو بن كلثوم، والمروى في عجزه: رفدنا فوق رفد الرافدينا ... ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 433 17- يَوْمُ الكَلاَبِ بالضم والتخفيف: ماء عن يمين جَبَلة وشمام، وقَالَ: إنَّ كُلاَباً مَاؤُهَا فَخَلُّوا ... وللعرب به يومان مشهوران يُقَال لها: الكُلاَب الأَوَّل، والكُلاَب الثاني، في أيام أكْثَم بن صيفي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 433 18- يَوْمُ الصَّفْقَةِ قَالَوا: إنه أولُ الكُلاَب، وهو يوم المشَقَّر. وسمي الصَّفْقَة لأَن عاملَ كِسْرَى دعا قوماً كانوا يُغَيرون على لَطَائِمه، فأدخلهم الحصنَ وأصفقَ عليهم الباب وقتلهم، وفيه جرى المثلاًن: ليس بعد الإسَار إلاَ القَتْل، وليس بعد السّلب إلا الإَسَار الجزء: 2 ¦ الصفحة: 433 19- يَوْمُ المشَقَّرِ هو حِصِن قديم من أرض البَحْرِين، ويُقَال لهذا اليوم أيضاً "يوم الصَّفْقَة" وقد مر ذكره الجزء: 2 ¦ الصفحة: 433 20- يَوْمُ طِخْفَة بكسر الطاء والخاء المعجمة: موضع، لبني يَرْبُوع على قَابُوس بن المنذر بن ماءِ السماء، وفيه يقول شريح اليربوعي: عَلاَ جَدَّهم جدَّ المُلُوكِ فأطْلَقُوا ... بِطِخْفَةَ أبْنَاءَ المُلُوكِ عَلَى الحُكْمِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 433 21- يَوْمُ الوَقِيطِ بالقاف والطاء المعطل: يومٌ كان في الإَسلام بين بني تميم وبكر بن وائل، وفيه يقول يَزَبدُ بن حَنْظَلة: وَنَجَّاه مِنْ قَتْلِ الوَقِيطِ مُقَلَّص ... أقَبُّ على فَأسِ اللَّجَامِ أزُومُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 433 22- يَوْمُ المَرُّوت بفتح الميم وتشديد الراء، وهو اسم وادٍ كانت به وقعة بين تميم وبني قشير، وفيه يقول الشاعر: فإنْ تَكُ هَامَةٌ بَهَراة تزقو ... فَقَدْ أزْقَيْتُ بِالمَرُّوتِ هَامَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 433 23- يَوْمُ الشَّقيقةِ ويُقَال له أيضاً "يوم النقا" والشقيقة في اللغة: الفُرْجَة بين الحبلين من حبال الرمل، ويُقَال أيضاً لهذا اليوم "يوم الحَسَنِ" وهو رمل، وفيه يقول ابن الأَخضر: [ص: 434] وَيَوم شَقِيقَة الحَسَنِينِ لاَقَتْ ... بَنُو شَيْبَان آجالاً قصَارَا قَتَل فيه أبو الصهباء بسطام بن قيس الشيباني. قَالَوا: وهما حَبْلاَن يُقَال لأحدهما الحَسن وللآخر الحُسَين، ولذلك قَالَ "ويَوم شقيقة الحَسَنَيْنِ" وكان اليومُ على بني شيبان. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 433 24- يَوْمُ قُشَاوَةَ بضم القاف والشين معجمة كان لشَيْبَان على سَلِيط بن يَرْبوع ويُقَال له "يوم نَعْفِ سُوَيقة" وفيه يقول جرير: بئس الفَوَارسُ يَوْمَ نَعْفِ سُوَيْقَةٍ ... وَالخَيْلُ عَادِيَةٌ عَلَى بَسْطَامِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 434 25- يَوْمُ إرَابٍ بكسر الهمزة كان لتَغْلِب على يَرْبوع قَالَوا: هو ماء لبَلْعَنْبَر، وقَالَوا: موضع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 434 26- يَوْمُ ذِي طُلُوحٍ ويُقَال له أيضاً "يوم الصَّمد" بالصاد المهملة المفتوحة والدال المهملة، وهو ماء للضَّبَاب. وكان اليوم لبني يَربُوع خاصة، وقَالَ الفرزدق: هَلْ تَعْلَمُونَ غَدَاةَ نَطْردُ سَبْيَكُمْ ... بِالصَّمْدِ بَيْنَ روية وطحال الجزء: 2 ¦ الصفحة: 434 27- يَوْمُ ذِي أُرَاطِى بضم الهمزة، ويُقَال "يوم أُرَاطِى" وهو يوم بين بني حَنِيفَةَ وحلفائها من بني جَعْدَة وبني تميم، وقَالَ عمرو بن كُلْثُوم: وَنَحْنُ الحَابسُونَ بِذِى أُرَاطِى ... نسف الجلة الحور الدرينا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 434 28- يَوْمُ ذِي بَهْدَي على وزن سَكْرَي، بالباء المنقوطة من تحتها بواحدة والدال المهملة كان بين تغلب وبني سعد بن تميم، وكان على تغلب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 434 29- يَوْمُ ذِي نَجَبٍ بتحريك النون والجيم مفتوحهما يوم لبني تميم على عامر بن صَعْصَعَة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 434 30- يَوْمُ الَّلوى زعموا أنه "يوم وَارِدَاتٍ" لبني تغلب على يربوع، قَالَ جرير: كَسَوْنا ذُبَابَ السَّيْفِ هَامَةَ عَارِضٍ ... غَدَاةَ الَّلوى والخَيْلُ تَدْمَى كُلُومَهَا عارض: اسم رجل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 434 31- يَوْمُ أَعْشَاشٍ بفتح الهمزة والعين المهملة والشين المعجمة كان بين بني شَيْبَان وبني مالك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 434 32- يَوْمُ عَاقِلٍ عاقل: هو جبل بعينه وكان بين بني خَثْعَم وبني حَنْظَلة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 435 33- يَوْمُ الهُيَيْمَاء ويروى مقصورا (وقد جاء مقصورا في قول مجمع بن هلاَل: وعاثرة يوم الهييما رأيتها ... وقد ضمها من داخل الحب مجزع) وهو اسم ماء كان لبني تَيْم الَّلاَتِ على بني مُجَاشِع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 435 34- يَوْمُ سَفَارِ بالسين المهملة والفاء والراء المفتوحة وكان مَجَازا لجيوش، وهو في الأصل اسمُ بئرٍ، مبني على الكسر مثل قَطامِ وحَذَامِ وكانت الواقعة بين بكر بن وائل وتميم، قَالَ القرزدق: مَتَى مَا تَرِدْ يَوْماً سَفَارِ تَجِدْ بِهَا ... أَدَيْهِمَ يَرْمَي المُسْتَجِيزَ المُعَوَّرَا (وقع عجز هذا البيت في أصول هذا الكتاب هكذا: أديمهم يروى المجيز المغورا ... تحريف في كل كلمة منه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 435 35- يَوْمُ البِشْرِ بالباء المنقوطة من تحتها بواحدة والشين المعجمة، هو جبل، ويُقَال له "يوم الجَحَّاف" قَالَ الأخطل: لَقَدْ أوقَعَ الجَحَّافُ بالبِشرِ وَقعَةً ... إلى اللهِ مِنْهَا المُشْتَكَى وَالمَعَوَّلُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 435 36- يَوْمُ مُخَاشِنٍ بضم الميم والخاء والشين المعجمتين بعدهما نون، هو كالبشر للجَحَّاف، وهو جبل، وفيه يقَولَ جرير: لَوْ أَنَّ جَمْعَهُمُ غَدَاةَ مُخَاشِنٍ ... يُرْمَى بِهِ جَبَلٌ لَكَادَ يَزُول الجزء: 2 ¦ الصفحة: 435 37- يَوْمُ الخَابُورِ بالخاء المعجمة: موضع بالشأم وهو يوم قتل فيه عُمَير بن الحُبَاب، وفي ذلك يقول نفيع بن سالم: ولوَقْعَة الخَابُورِ إن تَكُ خِلْتَهَا ... خُلِقَتْ فَإِنَّ سَمَاعَهَا لم يُخْلَقِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 435 38- يَوْمُ دُرْنَي على وزن حُبْلَى: موقع كانت به وقعة لنى؟؟ طُهَيَّةَ على تَيْم الَّلاَتِ، وقَالَ الأعْشَى: حَلَّ أَهلي مَا بَيْنَ دُرْنَى فَبَادُو ... لي وَحَلَّتْ عُلْوِيَّة بِالسِّخَالِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 435 39- يَوْمُ العُظَالَي بضم العين والظاء المعجمة، سمي بذلك لأن الناس فيه ركبَ بعضُهم بعضا، ويُقَال: سُمِّي لتَعَاظُلِهِم على الرياسة، وهو الاَجتماع والاَشتباك، وقيل: بل لأنه ركب الاَثنانِ والثلاَثةُ الدابةَ الواحدة، وهو أخر وقعة [ص: 436] كانت بين بَكْر بن وائل وتميم في الجاهلية، وقَالَ الشاعر: فإنْ يَكُ في يَوْم العُظَالَي مَلامةٌ ... ف َيَوْمُ الغَبِيطِ كَانَ أخزَى وَأَلومَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 435 40- يَوْمُ الغَبِيطِ بالغين المعجمة المفتوحة، وهو "يوم أعشاش" لبني يَرْبُوع دون مُجَاشع، قَالَ جرير: وَلاَ شَهِدَت ْ يَوْمَ الغَبِيطِ مُجَاشِعُ ... وَلاَ نَقَلاَنَ الخَيْلِ مِنْ قُلَّتيْ يُسْرِ (وقع في أصول هذا الكتاب "من قلتي نسر" وكذلك وقع في معجم ياقوت في (الغبيط) ولكن الصواب "يسر" بمثناة تحيته ثم سين مهملة، وأصله بضم الياء والسين جميعا ولكن جريرا خففه في هذا البيت، وجاء به على الأصل في قوله: لما أتين على حطابتي يسر ... أبدى الهوى من ضمير القلب مكنونا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 436 41- يَوْمُ الغَبِيطَينِ هذا أيضاً يوم لهم، أسَرَ فيه وَدِيعةُ بن أوس هانيءَ قَبِيصة الشَّيْبَاني الجزء: 2 ¦ الصفحة: 436 42- يَوْمُ الضَّرِيَّةِ قَالَوا: هي قَرْيَة لبني كِلاَب على طريق البصرة إلى مكة، واجتمع بها بنو سَعْد وبنو عمرو بن حَنْظَلة للحرب، ثم اصطلحوا، وفي ذلك قَالَ الفرزدق يفتخر: وَنَحْنُ كَفَفْنَا الحَرْبَ يَوْمَ ضَرِيَّةٍ ... وَنَحْنُ مَنَعْنَا يَوْمَ عَيْنَيْنِ منقرَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 436 43- يَوْمُ الكُحَيْلِ على وزن هَذَيْل يوم لبني سَعْد وبني عمرو بن حَنْظّلة، وفيه يقول نفيع بن سالم الحجازي: والخيل يَوْمَ كُحَيْل رجلة إذْ غَدَتْ ... مِنْ كُلِّ فَاتِحِةٍ تجئن رعالاَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 436 44- يَوْمُ الكُفَافَةِ بالضم، وهو اسم ماء، بين بني فزارة وبني عمرو بن تميم، وفيه يقول الحَادِرَةُ: كمَحْبِسِنَا يَوْمَ الكُفَافَةِ خَيْلَنَا ... لِنُورِدّ أخْرى الخَيْل إذْ كُرِهَ الوِرْدُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 436 45- يَوْمُ القَرْنِ هو جبل كانت به وقعة بين خَثْعَم وبني عامر، فكانت لبني عامر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 436 46- يَوْمُ يَسْيَانَ بالياء المنقوطة تحتها باثنتين (ضبطه ياقوت 2/182 بياء موحدة مضمومة فسين مهملة، وقَالَ: جبلاَن في أرض بني جشم ونصر ابني معاوية بن بكر بن هوازن، وذكره بهذا الضبط أبو عبيد البكري 250 ولم يذكر أحدهما يسيان بياء مثناة.) هذا موضع كانت به وقعة لبني فَزَارة على بني [ص: 437] جُشَم بن بكر، وفيه يقول الشاعر: وكم غَادَرَتْ خَيْلي بِيُسْيَانَ مِنْكُمْ ... أَرامِلَ مغزى آو أسد مكفرا [؟] الجزء: 2 ¦ الصفحة: 436 47- يَوْمُ الوَقَبَى هي خَبْرَاء فيها حِياض وسِدْر، وكان لهم بها يومان بين مَازِن وبَكْر، وقَالَ حريث بن محفض المازني: حبيتم إلى الوقبى تدمى لباتكم ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 437 48- يَوْمُ الصِّمَّتَيْنِ قَالَوا: الصِّمَّتَان الصِّمَةُ الجُشَمى أبو دُرَيْد والجَعدُ بن الشَّمَّاخ، وهذا كقولهم: العُمَرَانِ، والقَمَرَانِ، وإنما قُرِن الاسمان لأن الصمة قَتَلَ الجعد ثم بعد ذلك بزمان قُتِل الصِّمَّةُ به، فهاجت الحربُ بين بني مالك ويربوع بسببهما فقيل "يوم الصمتين" لذلك اليوم بهذا، لا أنه اسمُ مكانٍ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 437 49- يَوْمُ قُرَاقِر بضم القاف الأَوَّلى وكسر الثانية. يوم لمُجَاشع على بكر بن وائل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 437 50- يَوْمُ بَلْقَاءَ هي أرض من الحَزن، وفيه يقولُ جرير: أخيلك أم خيلي ببلقاء أحْرَزَتْ ... دَعَائِم عَرْشِ الحَىِّ أنْ يَتَضَعْضَعَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 437 51- يَوْمُ عَيْنَيْنِ قَالَ أبو عبيدة: عينان بهَجَر، وكان بها بين بني منقر وعبد القَيْس وَقْعة، وفيها يقول الفرزدق: وَنَحْنُ كَفَفْنَا الحَرْبَ يومَ ضَرِيَّةٍ ... ونَحْنُ مَنَعْنَا يَوْمَ عَيْنَيْنِ منقَرَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 437 52- يَوْمُ الحِنْوِ لبكر على تغلب، وفيه يقول الأعْشَى: بعمرك يوم الحنو إذ ما صبحتهم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 437 53- يَوْمُ السُّوبَانِ وهي أرض كان بها حَربٌ بين بني عَبْس وبني حَنْظلة، وفيه يقول أوس: كأنهمُ بَيْنَ الشَّمِيطِ وَصَارَةٍ ... وجُرْثُمَ وَالسُّبَانِ خُشْبٌ مُصَرَّعُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 437 54- يَوْمُ الفَسَادِ كان بين الغَوْث وجَدِيلَةَ، وهما من طيئ وفيه يقول جابر بن الحريش الطائي: إذْ لاَ تَخَافُ حُدُوجُنَا قُذُفَ النَّوَى ... قَبْلَ الفَسَادِ إقَامَةً وَتَدَبُّرَا ويُقَال له: زمن الفساد، وعام الفساد أيضاً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 437 55- يَوْمُ فَيْفِ الرِّيحِ وهو مكان كان به حرب بين خَثْعَم [ص: 438] وبني عامر، وفيه يقول عبد عمرو (البيت من شعر الحماسة كما قَالَ، ونسبه لعامر بن الطفيل "انظر شرح التبريزي 154 بتحقيقنا" ولكن التبريزي استدرك عليه ونسبه لعبد عمرو بن شريح بن الأَحوَص بن جعفر بن كلاَب فارس دعلج، والبيت بتمامه: طلقت إن لم تسألي أي فارس ... حليلك إذ لاَقى صداء وخثعما) طُلَّقْتِ إن لم تَسْألي أيُّ فَارِسٍ ... البيت من الحماسة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 437 56- يَوْمُ أُوَارَةَ هو اسم ماء كانت به وقعة بين عمرو بن هند وبني تميم، وهمزة "أُوَرَاة" مضمومة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 438 57- يَوْمُ البَيْدَاء هذا من أقدم أيام العرب وهو بين حِمْير وكَلْب، ولهم فيه أشعار كثيرة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 438 58- يَوْمُ غَوْلٍ بفتح الغين المعجمة: موضع. وكان لضبة علي كلاَب، قَالَ أوس بن غَلْفَاء: وقد قَالَت أمامة يَوْمَ غَوْلٍ ... تقطع يا ابن غلفاء الحبال الجزء: 2 ¦ الصفحة: 438 59- يَوْمُ السُّلاَنِ بالسين غير المعجمة وباللام المشددة: هي أرض تهامة مما يلي اليمن. لربيعة على مذحج، وفي هذا اليوم سمى عامر مُلاَعبَ الأسِنَّة، قَالَ زُهَيْر بن جناب: شَهِدْتُ المُوقِدِينَ عَلَى خَزازٍ ... وَبالسُّلاَن جّمْعاً ذا زهاءٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 438 60- يَوْمُ ضُبَيْعات هي ماء نَهَشَتْ حيةٌ عنده ابناً صغيراً للحارث بن عمرو، وكان مسترضعا في بني تميم، وبنو تميم وبكر يومئذ في مكان واحد فاتهمها الحارث في ابنه، فأتاه منهما قوم يعتذرون إليه، فقتلهم جميعا، ولهذا اليوم اتصالٌ بيوم الكُلاَب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 438 61- يَوْمُ جَوِّ نَطَاعِ بكسر العين، هكذا أورده الأَزهَري؛ فإنه قَالَ: هو نَطَاعِ على وزن قَطَامِ، قَالَ: وهو ماء لبني تميم، وقد وردته، وهي رَكِيَّة عَذْبة الماء، وكانت الوقعة بين بني سعد وهَوْذَةَ بن علي، وهذا اليوم جَرَّ يوم المُشَقَّر وهو حصن هَجَر من أرض البحرين، ويُقَال لهذا اليوم "يوم الصَّفْقَة" وقد مر ذكره. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 438 62- يَوْمُ ذُرَحْرَحٍ بين بني سعد وغَسَّان. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 438 63- يَوْمُ وَجّ وهو الطائف كان بين بني ثَقِيف وخالد بن هَوْذَة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 439 64- يَوْمُ البَسُوسِ هي خالة جَسَّاس بن مُرَّة الشيباني. كانت لها ناقة يُقَال لها سَرَابِ، فرآها كليب وائل في حِمَاهُ وقد كسرت بيضَ حَمامٍ كان قد أجاره، فرمى ضَرْعَها بسَهْم, فوَثَب جَسَّاسٌ على كليب فقتله، فهاجت حربُ بكرٍ وتغلب ابني وائل بسببها أربعين سنة، حتى ضربت العرب بشُؤمها المثَلَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 439 65- يَوْمُ التَّحَالُقِ ويُقَال أيضاً "تَحْلاَق الِّلمم" سمي بذلك لأنهم حَلَقوا رؤسَهم، أعني أحدَ الفريقين؛ ليكون علامة لهم، وكان اليوم بين بكر وتغلب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 439 66- يَوْمُ دَاحِسٍ وَالغَبْرَاءِ وهو لعَبْس على فَزَارة وذبْيان، وبقيت الحربُ مدةً مَدِيدةً بسبب هذين الفرسين، وقصتهما مشهورة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 439 67- يَوْمُ الصُّلَيْبِ بين بكر بن وائل، وبين عمرو بن تميم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 439 68- يَوْمُ ظَهْرٍ بين بني عمرو بن تميم وبني حنيفة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 439 69- يَوْمُ ذِى ذَرَائحِ والذريحة: الهَضَبة، وجمعها ذرائح، وكان بين بني تميم واليمن، ولم يكن بينهم حرب، لكن تصالحوا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 439 70- يَوْمُ الدَّثِينَةَ (بوزن جهينة أو سفينة، وذكر الضبطين جميعاً في القاموس، وجعلهما ياقوت مختلفين، جعل كل ضبط مكانا معينا. وكان يُقَال لها في الجاهلية الدَّفِينة - بالفاء - ثم تَطَيَّروا منها فسموها الدثينة، وهي ماء لبني سيار ابن عمرو، قَالَ النابغة الذبياني: وَعَلَى الرُّمَيْثَة من سُكَيْن حَاضِرٌ ... وَعَلَى الدَّثِينَةِ مِنْ بَنِى سَيَّارِ (وقع في أصول هذا الكتاب"وعلى الدمينة" وما أثبتناه عن ياقوت 4/37 وديوان النابغة 41 مصر 45 بيروت.) وكان ذلك اليوم لبني مازن على سُلَيم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 439 71- يَوْمُ ذَاتِ الرَّمْرَمِ لبني عامر على بني عبس، والرَّمْرَام: ضرب من الشجر وحشيش الربيع، ولعل الرمرم مقصورٌ منه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 439 72- يَوْمُ جَدُودٍ للحَوْفَزَان بن شَرِيك على بني سَعْد، [ص: 440] وَزَرَقه قَيسُ بن عاصم في جَوْفه فأفلت، ثم أنقضت عليه الطعنة فمات. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 439 73- يَوْمُ القَرْعَاءِ هي بُقْعة فيها رَكَايا لبني غُدَانة، وكانت الوقعة بها بين مالك وبني يَرْبوع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 440 74- يَوْمُ مَلْهَمٍ. بفتح الميم والهاء. بين تميم وبني حَنيفة. وملهم: موضع كثيرُ النخل، قَالَ جرير: كأن حُمُولَ الحيِّ زلن بيانع ... من الوارد البطحاء مِنْ نَخْلِ مَلْهَمَا (قَالَ أبو عبيد البكري 1259"ويوم ملهم أول يوم ظهر فيه عتيبة بن الحارث بن شهاب".) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 440 75- يَوْمُ قُحْقُحٍ القافان مضمومتان والحاآن غير معجمتين وهي أرض بها قُتِلَ مَسْعود بن القُرَيْم فارس بكر بن وائل، قَالَ: ونَحْنُ قَتَلْنا اُبْنَ الْقُرَيْمِ بِقُحْقُح ... صَريعاً وَمَوْلاَه الْمُجَبَّهَ لِلْفَمِ (البيت لسحيم بن وثيل الرياحي. والمجبه: أحد بني أبي ربيعة بن ذهل، وكان أغار على سرح بني يربوع، فقتلوه وقتلوا عمرو بن القريم أحد بني تيم بن شيبان، ويُقَال: مسعود بن القريم، ويوم القحقح يسمى أيضاً "يوم بطن المالة". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 440 76- يَوْمُ مَنْعَجٍ بالفتح: موضع، وعند بعضهم بكسر العين. لبني يربوع على بني كِلاَب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 440 77- يَوْمُ زَرُودٍ وهو موضع. وكانت الوَقْعَة بين تَغْلب وبني يَرْبُوع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 440 78- يَوْمُ الفَتَاةِ يوم أغارت فيه بنو عامر على بني خالد بن جعفر، فانهزم بنو عامر في ذلك اليوم بعد مَقْتَلة عَظِيمَة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 440 79- يَوْمُ الرَّقَمِ بفتح القاف: ماء لبني مُرَّةَ وهو يوم بين بني فَزَارة، وبني عامر، وفي ذلك اليوم عُقِرَ قُرْزُل فرسُ عامرِ بن الطُّفَيْل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 440 80- يَوْمُ طُوَالَةَ بين بني عامر وغطَفَان وطُوَالة: ماء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 440 81- يَوْمُ خُوَ ىٍّ وهو تصغير خَوٍّ، يوم بين تميم وبكر بن وائل، وهو اليوم الذي قُتِل فيه يزيد بن القُحَارية فارسُ تميمٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 440 82- يَوْمُ خَوٍّ بالخاء المعجمة المفتوحة والواو مشدودة: موضع وفي هذا اليوم قُتِلَ عُتَيْبةُ بن الحارِثِ بن شِهاب الذي يُقَال له"صَيَّاد الفَوارس "قتله ذُؤَاب الأَسديُّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 441 83- يَوْمُ بُعاَثٍ بالعين غير المعجمة يوم بين الأَوْسِ والخَزْرَج في الجاهلية الجزء: 2 ¦ الصفحة: 441 84- يَوْمُ الدَّرْكِ بسكون الراء يوم بين الأَوس والخَزْرَج أيضاً الجزء: 2 ¦ الصفحة: 441 85- يَوْمُ ذِي أحْثالٍ بفتح الهمزة والحاء غير معجمة والثاء المنقوطة بثلاَث يوم بين تميم وبَكْر بن وائل، أُسِرَ فيه الحَوْفَزَانُ بن شَرِيك قاتلُ الملوكِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 441 86- يَوْمُ ثَبْرَةَ وهي موضع كانت لهم به وقعة والثَّبْرَة: الأَرض السَّهْلة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 441 87- يَوْمُ الثَّنِيَّةِ يوم قتل فيه مَفْرُوق بن عَمْرو سيدُ بني شَيْبان، قَتَله قَعْنَب بن عِصْمة، وفيه يقول شاعرهم: وَفَاظَ أسِيراً هانئ، وكأنَّما ... مَفَارِقُ مَفْروُقٍ تَغَشَّيْنَ عَنْدَمَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 441 88- يَوْمُ النِّبَاحِ بكسر النون يوم لتَميمِ على شَيْبان، وهي قرية بالبادية أحْيَاها عبد الله بن عامر بن كُرَيْزٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 441 89- يَوْمُ حَلِيمَةَ يومٌ بين ملك الشأم وملك الحِيرَة، وقد مر ذكر حليمة عند قولهم "ما يَوْمُ حَليمة بِسِرٍّ" (انظر المثل رقم 3814) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 441 90- يَوْمُ الوَتَدَةِ ويُقَال "الوَتَدَات"على الجمع، ويُقَال أيضاً "ليلة الوَتَدَة" لبني تميم على عامر بن صَعْصَعَة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 441 91- يَوْمُ النُجَيْرِ بضم النون وفتح الجيم: يوم على كِنْدةَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 441 92- يَوْمُ الهِزَبْرِ بين بكر وبني تميم، قتل فيه الحارث بن بَيْبَةَ المُجَاشِعِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 441 93- يَوْمُ حَرابِيبَ وهي ثلاَث آبار. كانت بها وَقْعَة بين الضِّباب وجَعْفر بن كلاَب، بسبب بئرٍ أراد بعضُهم أن يَحْتَفِرَها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 441 94- يَوْمُ الألِيلِ بفتح الهمزة يوم وقعة كانت بصَلْعَاء، النعَّام الجزء: 2 ¦ الصفحة: 442 95- يَوْمُ الأميلٍ على وزن الأمير، يُقَال له "يوم الحَسَن" ويُقَال له"يوم فلك الأميل" أيضاً، وهو اليوم الذي قتل فيه بِسْطَامُ بن قَيْسٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 442 96- يَوْمُ الهَباءَةِ وهو لعبس على فَزَارَةَ وذُبْيَان الجزء: 2 ¦ الصفحة: 442 97- يَوْمُ الخَوْع بفتح الخاء المعجمة والعين المهملة والواو الساكنة. يوم أسِرَ فيه شَيْبَان بن شِهَاب، وهو فارس مَوْدُون: ومودون فَرَسَه، وكان سيدهم في زمانه، قَالَ شاعرهم: ونحن غَدَاةَ بَطْنٍ الخَوْع أُبْنَا ... بِمَوْدُونٍ وَفَارِسِهِ جَهَارَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 442 98- يَوْمُ كَنَفَىْ عُرُوشٍ جمع عَرْش، يوم أسَرَ فيه الخَمْخَامُ بن حَمَل حاجِبَ بن زُرَارَةَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 442 99- يَوْمُ مَبايِضَ مثال مَبَايع، والضاد معجمة. قَتَلَ فيه حميضةُ بن جندل طريفَ بن تميم، قَالَ الشاعر: خَاضَ الْعُدَاةَ إلى طرِيفٍ في الْوَغَى ... حميضة المِغْوَارُ في الهيْجَاءِ (؟؟) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 442 100- يَوْمُ تَرْجٍ بفتح التاء وسكون الراء، وهي مأسدة كانت بالقُرْبِ منها وَقْعَة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 442 101- يَوْمُ نَجْرَانَ لبني تميم على الحارث بن كَعْب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 442 102- يَوْمُ الذِّهَابِ يروى بكسر الذال وفتحها. يومٌ لبني عامر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 442 103- يَوْمُ وَارِدَاتٍ بين بَكْر وتَغْلب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 442 104- يَوْمُ بَنَات قَيْنٍ اسم مكان كانت به وقعة في زمن عبد الملك بن مروان، قَالَ عُوَيْفُ القَوَافي: صَبَحْنَاهُمْ غَدَاةَ بَنَاتِ قَيْنٍ ... مُلَمْلَمة لها لَجَبٌ طَحُونَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 442 105- يَوْمُ ذي الأثْلِ الأرْطَى لجُشَم على عَبْس الجزء: 2 ¦ الصفحة: 442 106- يَوْمُ الذِّناَئِبِ بين بكر وتغلب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 442 107- يَومَ الحُسَيْنِ لتَغْلِبَ على لَخْم وَعَمْرو بن هِنْد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 442 108- يَومُ أُبَاغَ بالغين المعجمة لغَسَّان على لَخْم ونِزَارٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 443 109- يَومُ قَارَةِ أهْوَى هو لعامر بن صَعْصَعَةَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 443 110- يَومُ سَفَوَانَ بالتحريك لجَعْدَة وقُشَيْر على النعمان بن المُنْذِر ولَخْمٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 443 111- يَومُ قُبَاءٍ هو بين الأَوسِ والْخَزْرَجِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 443 112- يَومُ القُصَيْبَةِ ويُقَال" القُضَيْبَة" يوم لعَمْرِو بن هِنْدٍ على تَميم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 443 113- يَومُ سَحْبَلٍ وهو للحارث بن كَعْب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 443 114- يَومُ حَارِثِ الجَوْلاَنِ وهو يوم لغَسَّان والجَوْلاَن: من أرض الشام الجزء: 2 ¦ الصفحة: 443 115- يَومُ المَضِيحِ والضَّحْضَحانِ لقيْسٍ على اليَمَنِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 443 116 يَومُ حُجْرٍ هو يومُ قَتَلَتْ بنو أسدٍ حجر بن الحارث الكِنْدِي، وكان ملكهم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 443 117- يَومُ الزُّوَيْرَيْنِ لشَيْبَان على تَميم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 443 118- يَومُ سِنْجَارٍ لتَغْلب على قَيْس الجزء: 2 ¦ الصفحة: 443 119- يَومُ دَارَةِ مَأسَلٍ لضَبَّة على كِلاَبٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 443 120- يَومُ مَزْلَقٍ لسَعْد تَميم على عامر بن صَعْصَعْة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 443 121- يَوْمُ قَارِبٍ لضَبَّةَ على كِلاَب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 443 122- يَومُ الفُرُوقِ لعَبْسٍ على سعد تميم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 443 123- يَوْمُ دَأبٍ لهم كذلك عليهم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 443 124- يَوْمُ الزَّخيخِ بالزاي والخاءين المعجمتين لتميم على اليمن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 443 125- يَومُ دَارَةِ جُلْجُلٍ من أيام العرب المشهورة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 443 126- يَومُ بَلْدَحٍ، ما يَنْحَدُّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 443 127- يَومُ تِعْشارٍ بكسر التاء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 443 128- يِومُ الحُفْرَةِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 443 129- يَوْمُ الدَّهنَاء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 444 130- يَوْمُ ثِيلٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 444 131- يَوْمُ القَاعِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 444 132- يَوْمُ الآفَاقِ وهذا الفن لاَ يتقصَّاه الإحصاء، فاقتصرت على ما ذكرت. وهذا ذكر أيام الإسلام خاصة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 444 1- يَوْمُ العُشَيْرَةِ بالشين المعجمة ويروى بالسين، والأَوَّل أصح، وهو موضع من بطن يَنْبع. أول ما غَزَا رسول الله صلى الله عليه وسلم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 444 2- يَوْمُ بَدْرٍ قَالَ الشعبي: بدر هو بئر لرجل كان يدعى بدراً. قلت: وهو يذكر ويؤنث، فمن ذكره جعله اسم ماء أو اسم ذلك الرجل، ومَنْ أنَّثَه جعله بئرا أو اسم البُقْعَة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 444 3- يَوْمُ أُحُدٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 444 4- يَوْمُ سَرِيَّةِ الرَّجِيعِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 444 5- يَوْمُ بِئْرِ مَعُونةَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 444 6- يَوْمُ النَّضير الجزء: 2 ¦ الصفحة: 444 7- يَوْمُ ذات الرِّقَاعِ سميت ذات الرِّقَاع لأَن أقدامهم نَقِبَتْ فَلَفُّوا عليها الخِرَقَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 444 8- يَوْمُ الخَنْدَقِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 444 9- يَومُ بني قُرَيْظَةَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 444 10- يَوْمُ بني المُصْطَلِقِ ويُقَال له أيضاً "يوم المُرَيْسِيع" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 444 11- يَوْمُ الحُدَيْبِيَةِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 444 12- يَوْمُ خَيْبَرَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 444 13- يَوْمُ مُؤْتَةَ بالهمز، وهي من أرض الشأم، قُتِلَ بها جَعْفر بن أبي طالب رضي الله عنه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 444 14- يِوْمُ الفَتْح فتح مكة، ويُقَال له أيضاً "يوم الخَنْدَمَة" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 444 15- يَوْمُ حُنَيْنٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 444 16- يَوْمُ أُوطاسٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 444 17- يَوْمُ الطَّائِف الجزء: 2 ¦ الصفحة: 444 18- يَوْمُ ذاتِ السَّلاَسِلِ وهي ماء بأرض جَذَام الجزء: 2 ¦ الصفحة: 444 19- يَوْمُ تَبُوكَ وإنما سميت تَبُوكَ لأنه صلى الله عليه [ص: 445] وسلم رأى قوماً من أصحابه يَبُوكون عَيْنَ تَبُوكَ أي يُدْخِلُون فيها القدح ويُحَرَّكونه ليخرجوا الماء؛ فَقَالَ "ما زلتم تَبُوكُونَهَا بَوْكاً" فسميت تلك الغزوة تبوك، وهي تَفْعُل من البَوْك، وهي آخر غزوة غِزَاها رسول الله صلى الله عليه وسلم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 444 20- يَوْمُ الأبْوَاءِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 445 21- يَوْمُ قَيْنُقَاعِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 445 22- يَوْمُ دُومَةَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 445 23- يَوْمُ السَّقِيفَةِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 445 24- يَوْمُ بزَاخَةَ هي موضع كانت به وَقْعة لأَبي بكر رضي الله عنه على أسَدٍ وغَطَفَان. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 445 25- يَوْمُ اليمَامَةِ على بني حَنِيفة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 445 26- يَومُ عَيْنِ التَّمْرِ كان على تَغْلِب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 445 27- يَوْمُ جُؤَاثَى بالجيم المضمومة والثاء المنقوطة ثلاَثاً: حُصَيْن بالبحْرَين، وكان اليوم على الأَزْدِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 445 28- يَوْمُ صَنْعَاءِ على زَبِيد ومَذْحِج. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 445 29- يَومُ الحِيرَة لخالد على بني بُقَيْلَةَ (1) ويُقَال "نفيلة") الجزء: 2 ¦ الصفحة: 445 30- يَوْمُ اليَرْمُوكِ وهو موضع بناحية الشأم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 445 31- يَوْمُ أجْنَادَيْنِ وهو يوم معروف كان بالشأم أيام عمر رضي الله عنه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 445 32- يَوْمُ مَرْجِ الصُّفَّرِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 445 33، 36- يَومُ جَلُولاَءَ، وَالمَدَائَنِ، وَالقادِسيَّةِ، وَنَهَاوَنْدَ على الفرس لسعد والنعمان بن مُقَرَّن وأبي عُبَيْدَةَ وغيرهم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 445 37- يَوْمُ الَّلبْسِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 445 38- يَوْمَ قُسِّ النّاطفِ على الفرس. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 445 39- يَوْمُ تَسْتُرَ كان لأَبي موسى الأشْعرِي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 445 40- يَوْمُ قَدِيسٍ على الفرس الجزء: 2 ¦ الصفحة: 445 41، 42- يَوْمُ أَرْمَاثٍ، وِيَوْمُ أَغْوَاثٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 445 43- يَوْمُ الزَّحْف للأَحْنَفِ بن قَيْس. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 445 44- يَوْمُ العَرِيشِ لعَمْرو بن العاص. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 446 45- يَوْمُ قُبْرُسَ لمُعَاوية رضي الله عنه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 446 46- يَوْمُ قَيْسَارِيَّةَ كان له أيضاً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 446 47- يَوْمُ الحَرَّةِ ليزيد على أهل المدينة، على ساكنها أفضل الصلاَة والسلام. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 446 48- يَوْمُ مَرْج عِذَارٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 446 49- يَوْمَ قَتَلَ مُعَاوِيَةُ حُجْرَ بْنَ عَدِيٍّ وَأَصْحَابَهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 446 50- يَوْمُ مَرْجٍ رَاهِطٍ موضع بالشأم لمَرْوَان بن الحَكم على الضَّحَّاك بن قَيْس الفَهْرى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 446 51- يِومُ البِشْرِ لقَيْس على تغْلب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 446 52- يَوْمُ البَلِيخِ بالباء المنقوطة من تحتها بواحدة والخاء المعجمة. يوم بين قيس وتغلب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 446 53- يَوْمُ ضَوَادٍ بالضاد المعجمة. بين مُجَاشع وَيرْبوع، وفي المُعاقَرة خاصة بين غالب بن صَعْصَعة وسَحِيم بن وَثِيل الرِّيَاحي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 446 54- يَوْمُ الحَشَّاك، وَيَوْمُ الثَّرْثَارِ وهما نَهْرَانِ، وكانت الوقعة فيهما بين قَيْس وتَغْلب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 446 55- يَوْمُ البَحْرَيْنِ لعمر بن عبيد الله بن مَعْمر على أبي فُدَيْك الخارجي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 446 56- يَوْمُ سُولاَفَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 446 57- يَوْمُ دُولاَبٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 446 58- يَوْمُ دُجَيْلٍ بين أهل البَصْرَة والخوَارج، وللحَجَّاج على أهل العراق. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 446 59- يَوْمُ سَلَّي وَسَلَّبْرَى وهو بين المُهَلَّب والأزارقة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 446 60- يَوْمُ سَكِنٍ بكسر الكاف. لعبد الملك على مُصْعَب بن الزُّبَيْرِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 446 61- يَوْمُ خَازِرٍ لأَهل العراق وإبراهيم بن الأَشْتَر على عُبَيْد الله بن زياد وأهل الشأم. وفي ذلك اليوم قُتل ابنُ زِياد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 446 62- يَوْمُ جُبَابَةِ السُّبَيْعِ للمُخْتار على أهل الكوفة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 446 63- يَوْمُ شِعْبِ بَوَّانٍ للمُهَلَّب على الأَزارقة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 447 64- يَوْمُ الرَّبَذَةِ للحَنْتَف بن السَّجْف وأهلِ العراق على جيش دُلَجةَ القَيْني وأهل الشأم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 447 65- يَوْمُ تَلَّ مَجْرَى بين قَيْس وتغْلب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 447 66- يَوْمُ قَصْرِ قَرَنْبىَ بخُرَاسان، وفي بعض النسخ بمَرْوَ، لعبد الله بن خازم على تميم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 447 67- يَوْمُ الخَنْدَقَيْنِ له على ربيعة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 447 68- يَوْمُ العَقْرٍ وهو موضع ببابل لمَسْلَمَةَ بن عبد الملك على يزيد بن المُهَلَّب، وفيه فتل يزيد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 447 69- يَوْمُ قّنْدَابِيلَ لِهلاَل بن أحْوَرَ المازني على آل المُهَلَّب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 447 70- يَوْمُ المَذَارِ لمُصْعَب بن الزُّبير على أحمر بن شُمَيْط البَجَلي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 447 71- يَوْمُ القَصْرِ على المختار وأصحابه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 447 72- يَوْمُ قَرْقِيسِيَا لعبد الملك بن مروان على زُفَرَ بن الحارث الكِلاَبي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 447 73- يَوْمُ بَلَنْجَرَ بين سَلْمَان بن ربيعة والخَزَر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 447 74- يَوْمُ الكُنَاسَةِ ليُوسُفَ بن عُمر على زَيْد بن علي رضي الله عنه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 447 75- يَوْمُ قَدِيدٍ لأَبي حَمْزَةَ الخارجي على أهل المدينة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 447 76- يَوْمُ وَادي القُرَى لمَرْوَان الحِمَار على الخوارج الجزء: 2 ¦ الصفحة: 447 77- يَومُ دَشَنْبَى للخوارج على حَوْشَب بن رويم وأهل الرى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 447 78، 81- يَوْمُ الزَّاويَةِ، وَيَوْمَ رُسْتُقْبَاذَ، ويَوْمُ دَيْرِ الجَمَاجِمِ، وَيَوْمُ الأَهْوَاز للحجاج على أهل العراق، إلاَ يوم الأَهواز؛ فإنه لعبد الرحمن بن الأَشعث الجزء: 2 ¦ الصفحة: 447 82- يَوْمُ النَّجْرَاءِ ليزيد، قَتَلَه فيه الوليدُ بن يزيد بن عبد الملك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 447 83- يَوْمُ الزَّابِ لمروان بن محمد علي الخوارج الجزء: 2 ¦ الصفحة: 448 84- يَوْمُ المَاجْوَانِ للمسَوِّدَة على نَصْر بن سَيَّار الجزء: 2 ¦ الصفحة: 448 85- يَوْمُ جُرَيْجانَ لقَحْطَبَةَ على أهل الشأم وتميم بن نَصْر ابن سَيَّار الجزء: 2 ¦ الصفحة: 448 86- يَوْمُ زَبَطْرَةَ للروم في أيام المُعْتَصم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 448 87- يَوْمُ فَخٍّ بالفاء والخاء المعجمة للعباسيين على آل أبي طالب، ومَنْ روى بالجيم فقد صَحَّفَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 448 88-93- يَوْمُ جَوْخَى، وَيَوْمُ الطَّفِّ، وَيَوْمُ الدَّارِ، وَيَوْمُ الجَمَلِ، وَيَوْمُ صِفَّينَ، وَيوْمُ النَّهْرَوانِ أيام معروفات قلت: وهذه أيضاً كثيرة، فاقتصرت على هذا القدر، والله حسبنا ونعم الوكيل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 448 الباب الثلاَثون: في نُبَذ من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، وخُلَفَائه الراشدين الجزء: 2 ¦ الصفحة: 448 [من كلامه صلى الله عليه وسلم] الجزء: 2 ¦ الصفحة: 448 المسلم مَنْ سَلم المسلمون من لِسانه ويَدِه الكَيِّسُ مَنْ دَانَ نفسَه، وعَملَ لما بعد الموت كلُّكم رَاعٍ ومَسْؤُلٌ عن رعيته أوَّلُ ما تفقدون من دينكم الأمانةُ، وآخِرُ ما تفقدون الصَّلاَة الرِّزْقُ أشدُّ طلباً للعبد من أجَلِهِ النَّظَر في الخُضْرَة يَزِيدُ في البصر، والنظر في المرأة الحَسْنَاء كذلك الشُّؤم في المرأة والفَرَسِ والدار نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فيهما كثيرُ من الناس: الصحةُ، والفَرَاغُ أهلُ المعروفِ في الدنيا هُمْ أهلُ المعروف في الآخرة السُّلْطَانُ ظِلُّ الله في أرضه، يَأْوِى إليه كلُّ مظلوم السعادة كل السعادة طولُ العمر في طاعَةِ الله خَصْلَتَانِ لاَ يكونان في مُنَافق: حُسْنُ سَمْتِ، وفِقْهٌ في الدين. [ص: 449] الشيخُ شاب في حب اثنتين: قي حُبِّ الحياة، وكثرة المال فضوح الدنيا أهون من فضوح الآخرة كانت الأَرواحُ جنوداً مُجَنَّدَةً، فما تعارف منها ائْتَلَفَ، وما تَنَاكر منها اختلف الرَّغْبَةُ في الدنيا تُكثِرُ الهمَّ والحزن، والبَطَالة تقسى القلب الزنا يُورِثُ الفَقْرَ رأسُ الحكمة مخافةُ الله صَنَائع المعروف تَقِي مَصَارع السُّوء صِلَةُ الرحِمِ تَزِيدُ في العمر الرجُلُ في ظِلَّ صدقته حتى يقضى بين الناس العُلَمَاء أمَنَاءُ الله على خلقه. المؤمِنُ للمؤمِنِ كالبُنْيان يَشُدُّ بعضه بعضاً ما وقى به المرءُ عِرْضَه كُتِبَ له به صدقة الناسُ مَعَادن كمعادن الذهب والفضة لكل شيء عِمَاد، وعمادُ الدينِ الفقهُ المسلم أخو المسلم لاَ يظلمه ولاَ يشتمه الوَيْلُ كل الويل لمن ترك عِيالَهُ بخيرٍ، وقَدِمَ على ربه بشر مَنْ سَرّتْه حَسَنته وساءته سيئته فهو مؤمن من يَشْتَهِ كرامَةِ الآخرة يَدَعْ زينةَ الدنيا مَنْ أصبح مُعَافىً في بدنه آمنا في سِرْبِهِ عنده قُوتُ يومِهِ فكأنما حِيزَتْ له الدنيا بحَذَافِيرها رحم الله عبداً قَالَ خيراً فَغَنِمَ أو سَكَتَ فسلم جُبِلَتِ النفوسُ على حب مَنْ أحسن إليها وبُغْضِ من أساء إليها دَعْ ما يَرِيبُكَ إلى مالاَ يريبك الْتَمِسُوا الرزقَ في خَبَايا الأَرض اطْلُبُوا الفضلَ عند الرحَمَاء من أمتي تعيشوا في أكْنَافهم ليأخُذِ العبدُ من نفسه لنفسه، ومن دُنْيَاه لآخرته، ومن الشبيبة قبل الكبر، ومن الحياة قبل الممات، فما بعد الدنيا من دارٍ إلاَ الجنة أو النار اتقوا دَعْوَةَ المظلوم فإنها تُحْمَلُ على الغمام، يقول الله عز وجل: وعزتي وجلاَلي لأنْصُرَنَّكَ ولو بعد حين لاَ يفلح قومٌ تملِكُهم امرأة لاَ يبلغ العبد حقيقَةَ الإَيمان حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن لِيُخْطِئه، وما أخطأه لم يكن ليُصِيبَه لاَ يشبع عالم من علم حتى يكون مُنْتهاه الجنة لاَ يعجبنكم إسلام رجل حتى تعلموا كُنْهَ عَقْله. إن الله إذا أنْعَمَ على عبدٍ نعمةً أحَبَّ أن تُرَى عليه [ص: 450] إن الله يحبّ الرِّفْقَ في الأمر كله إن هذه القُلُوبَ تَصْدَأ كما يَصْدَأ الحديد، قيل فما جلاَؤها؟ قَالَ: ذكْرُ الله، وتلاَوة القرآن ليس مِنَّا من وسع الله عليه ثم قَتَّرَ على عِياله ليس لك من مالك إلاَ ما أكَلْتَ فأفْنَيْتَ، أو لَبِسْتَ فأبليت، أو تصدقت فأبقيت. الخلقُ كلُّهم عِيالُ الله، فأحَبُّهم إليه أنفعهم لعياله كفى بالسلامة داء ربَّ مُبَلَّغ أوْعى من سامع جمالُ الرجل فصاحة لسانه الصوم في الشِّتَاءِ الغنيمةُ الباردة الخيرُ معقودٌ بِنَوَاصِى الخيل التاجر الجَبَانُ محروم السلام تحيةٌ لملَّتنا وأمان لذمَّتنا العالم والمتعلم شريكان في الخير مَنْ صَمَتَ نَجَا من تواضع لله رفعه الله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 448 ومن كلام أبي بكر الصِّدِّيق رضى الله عنه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 450 إن الله قَرَنَ وَعْدَه بوعيده ليكون العبد راغباً راهباً ليسَتْ مع العزاء مُصيبة الموت أهون مما بعده، وأشد مما قبله ثلاَثة من كُنَّ فيه كُنَّ عليه: البغي، والنكث، والمكر ذل قوم أسندوا أمرهم إلى امرأة لاَ يكونَنَّ قولُكَ لَغْواً في عفو ولاَ عقوبة ولاَ تجعل وعدك ضجاجاً في كل شيء إذا فاتَكَ خيرٌ فأدركه، وإن أدركك شر فَاسْبِقه إن عليك من الله عيونا تراك احْرِصْ على الموت تُوهَبْ لك الحياة؛ قَالَه لخالد بن الوليد حين بعثه إلى أهل الردة رحم الله امرأ أعانَ أخاه بنفسه. يا هادىَ الطريقِ جُرْتَ فالفجْر أو البَجْرُ أطْوَعُ الناسِ لله أشدُّهم بُغْضاً لمعصيته. إن الله يَرَى من باطنك ما يَرَى من ظاهرك. إن أولى الناسِ بالله أشدُّهم تولِّياً له. إياك وغِيبَةَ الجاهلية؛ فإن الله أبْغَضَهَا وأبغض أهلها. كثيرُ القولِ يُنْسِى بعضُه بعضا، وإنما لك ما وُعِىَ عنك. لا تكتم المستشار خيراً فَتُؤْتَ من قِبل نفسك. [ص: 451] أصْلِحْ نفسَك يَصْلُحْ لك الناس لا تجعل سرَّكَ مع عَلاَنيتك فيمرج أمرُك خيرُ الخَصْلتين لك أبْغَضُهما إليك. وقَالَ عند موته لعمر رضى الله عنهما: والله ما نمتُ فحلمت، وما شبعت فتوهمت، وإني لعَلَى السبيلِ ما زُغْتُ ولم آلُ جَهْداً، وإني أوصيك بتقوى الله، وأحَذِّرُك يا عمر نفسَك، فإن لكل نفس شهوة إذا أعطيتها تمادت فيها، ورغبت فيها. وقدم وفد من اليمن عليه فقرأ عليهم القرآن، فبَكَوْا، فَقَالَ: هكذا كنا حتى قَسَتِ القلوب. وقَالَ له عمر رضى الله عنهما: اسْتَخْلِفْ غيري، قَالَ: ما حَبَوْنَاك بها، إنما حبوناها بك ومر بابنه عبد الرحمن وهو يُمَاظُّ جارَه، فَقَالَ: لاَ تُمَاظِّ جارَك؛ فإن العُرْفَ يبقى ويذهب الناس. قَالَ لعمر رضى الله عنهما حين أنكر مُصَالحة رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أهلَ مكة: اسْتَمْسِكْ بغَرْزِهِ فإنه عَلَى الحق. وقَالَ في خطبة له: إن أكْيَسَ الكَيْس التقى، وإن أعْجَزَ العَجْز الفجور، وإن أقْوَاكم عندي الضعيفُ حتى أعْطِيه حَقَّه، وإن أضْعَفَكم عندي القويُّ حتى آخُذَ منه الحق، فإنكم في مَهَل، وراءه أجَل، فبادروا في مَهَل آجالكم قبل أن تُقْطَع آمالكم فتردكم إلى سوء أعمالكم إن الله لاَ يقبل نافلةً حتى تُؤَدَّى فريضة ومر به رجلٌ ومعه ثوب فَقَالَ: أتبيع الثوب؟ فَقَالَ الرجل: لاَ عافاك الله، فَقَالَ رضى الله عنه: قد عُلِّمتم لو تعلمون، قل لاَ، وعَافَاك الله. وقَالَ: أربع مَنْ كن فيه كان من خيار عباد الله: مَنْ فرح بالتائب، واستغفر للمذنب، ودعا المدبر، وأعان المحسن. وقَالَ: حق لميزان يُوضَعُ فيه الحق أن يكون ثقيلاَ، وحق لميزان يوضَعُ فيه الباطلُ أن يكون حفيفاً الجزء: 2 ¦ الصفحة: 450 ومن كلام الفاروق عُمَرَ بنِ الخطاب رضى الله عنه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 451 مَنْ كتم سره كان الخيارُ في يده. أشقى الوُلاَة مَنْ شقيت به رعيته. اتقوا مَنْ تُبْغضه قلوبكم. أعقلُ الناس أعْذَرُهم للناس. لاَ تؤخِّرْ عملَ يومك لغَدِك. اجْعَلُوا الرأسَ رأسين. أخِيفُوا الهوامَّ قبل أن تخيفكم. لي على كل خائن أمينان الماء والطين. [ص: 452] أكثروا من العِيال فإنكم لاَ تَدْرون بمن تُرْزَقُون لو أن الشكْرَ والصبرَ بعيران لما بالَيْتُ بأيهما ركبت. مَنْ لم يعرف الشركان جَديراً أن يَقَعَ فيه ما الخمر صِرْفاً بأذْهَبَ للعقول من الطمع قلّما أدْبَرَ شيء فأقبل. إلى الله أشكو ضَعْفَ الأمين وخيانة القوى. مُرْ ذوى القرابات أن يتزاوَرُوا ولاَ يَتَجَاوروا. غمض عن الدنيا عينك، ووَلِّ عنها قلبك، وإياك أن تهلكك كما أهلكت من كان قبلك، فقد رأيت مَصَارعها، وعانيت سوء آثارها على أهلها، وكيف عَرِىَ من كَسَتْ، وجاع من أطعمت، ومات من أحْيَتْ. إياكم والقُحَمَ التي مَنْ هَوَى فيها أتَتْ على نفسه أو ألمت به. احتفظ من النعمة احتفاظَكَ من المعصية فوا لله لهىَ أخوفُهما عندي عليكَ، أن تستدرجك وتَخْدَعك. وكتب إلى ابنِهِ عبدِ الله: أما بعد فإنه مَنِ اتَّقَى الله وَقَاه، ومن توكَّلَ عليه كفاه، ومن أقرضه جَزَاه، ومن شكره زاده، فَلْتَكُنِ التقوى عِمَادَ بصرك، وجلاَء قَلْبك واعلم أنه لاَعَمَلَ لمن لاَ نية له، ولاَ أجر لمن لاَ حَسَنة له، ولاَ مال لمن لاَ رِفْقَ له، ولاَ جديدَ لمن لاَ خَلَقَ له، والسلام. ليس لأحدٍ عذرٌ في تعمُّدِ ضلاَلة حَسِبَهَا هُدىً، ولاَ تركِ حق حَسِبه ضلاَلة. شِرَارُ الأمور مُحْدَثاتُها، واقتصادٌ في سنةٍ خيرٌ من اجتهاد في بدعة. لاَ ينفع تكلُّم بحق لاَ نَفَاذ له. لاَ تُسْكِنُوا نساءكم الغُرَف، ولاَ تعلموهُنَّ الكتابة، واستعينوا عليهن بالعُرْى وعَوِّدُوهن "لاَ" فإن "نعم" تجرِّؤُهن. وسأل رَجُلاً عن شيء، فَقَالَ: الله أعلم، فَقَالَ رضى الله عنه: لقد شَقِينَا إن كنا لاَ نعلم أن الله أعلم، إذا سُئل أحدكم عن شيء لاَ يعلمه فليقل لاَ أدري. وكان يقول: إذا لم أعْلَمْ أنا فلاَ علمت ما رأيت. الدنيا أملٌ محتوم، وأجل مُنْتَقَص (لعل أصله"وأجل منقض") ، وبَلاَغ إلى دار غيرها، وسيرٌ إلى الموت ليس فيه تصريح، فرحم الله امرأ فَكَّر في أمره، ونصح لنفسه، وراقَبَ ربه، واستقال ذنبه إذا تناجى القومُ في دينهم دون العامة فإنهم في تأسيس ضلاَلة. [ص: 453] إياكم والبِطْنَة فإنها مَكْسَلة عن الصلاَة مَفْسَدة للجَوْف، مُؤَدِّية إلى السَّقَم. مَنْ يَئِسَ من شيء استغنى عنه. الدين ميِسَمُ الكِرام. رحم الله امرأ أهْدَى إلىَّ عُيُوبي. السيد هو الجواد حين يُسْأل، الحليمُ حين يستجهل، البار بمن يعاشره. أفلَحَ مَنْ حفظ من الطمع والغضب والهوى نفسَه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 451 ومن كلام ذي النُّورَيْنِ عثمان بن عفان رضي الله عنه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 453 إنَّ لكل شيء آفةً، ولكل نعمة عاهة، وإن آفة هذا الدِّين وعاهة هذه النعمة عَيَّابُونَ طَعَّانُون، يُرُونَكم ما تحبون، ويُسِرُّون ما تكرهون، طَغَام مثلُ النعام يتبعون أول ناعق. ما يَزَعُ الله بالسلطان أكْثَرُ مما يَزَعُ بالقرآن. الْهَدِيَّةُ من العامل إذا عُزل مثلُها منه إذا عمل. يكفيك من الحاسد أنه يغتمُّ وقتَ سرورك خيرُ العباد مَنْ عَصَم واعتصم بكتاب الله تعالى، ونظر إلى قبر فبكى، وقَالَ: هو أولُ منازلِ الآخرة وآخر منازل الدنيا؛ فمن شُدِّد عليه فما بَعْده أشد، ومن هُوِّن عليه فما بعده أهون. أنتم إلى إمام فَعَّال أحْوَجُ منكم إلى إمام قَوَّال - قَالَه يوم صَعِدَ المنبر فأُرْتِجَ عليه. وقَالَ يوم حصر: لأن أقْتَلَ قبل الدماء أحب إلى من أقتل بعد الدماء. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 453 ومن كلام المرتَضَى عليِّ بن أبي طالب رضي الله عنه وكرم وجهه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 453 من رضى عن نفسه كَثُرَ الساخِطُ عليه ومن ضيعه الأَقرب أتِيحَ له الأَبعدُ ومَنْ بَالَغَ في الخُصُومة أثِم، ومن قَصَّر فيها ظلم. من كَرُمَتْ عليه نفسه هانت عليه شهوته. ألاَ حُرٌّ يَدَعُ هذه الُّلمَاظة لأَهلها. أنه ليس لأَنفسكم ثمن إلاَ الجنة، فلاَ تبيعوها إلاَ بها. من عَظَّم صَغار المصائب ابتلاَه الله بكبارها الولاَيات مضامير الرجال. ليس بَلَدٌ أحقَّ بك من بلد. خير البلاَد ما حملك. [ص: 454] إذا كان في رجل خَلَّة رائعة فانتظر أخواتها. للعبد جَهْدُ العاجز. رُبَّ مفتون يحسن القول فيه. ما لابن آدم والفخر؟ أوله نُطْفة وآخره جيفة، لاَ يَرْزُقُ نفسَه ولاَ يَدْفَع حتفه. الدنيا تغر وتضر وتمر، إن الله تعالى لم يَرَ فيها ثواباً لأَوليائه، ولاَ عقاباً لأَعدائه، وإن أهل الدنيا كَرَكْبٍ بينما هم حلولٌ إذ صاح بهم صائحهم فارتَحَلُوا. مَنْ صارع الحقَّ صرعه. القلب مصحف البصر. التُّقَي رئيسُ الأَخلاَق. ما أحْسَنَ تواضع الأَغنياء طلباً لما عند الله، وأحْسَنَ منه تِيهُ الفقراء على الأَغنياء اتكالاً على الله. كل مقتَصرٍ عليه كافٍ. من لم يُعْطِ قاعداً لم يُعْطٍ قائماً. الدهر يومان: يوم لك، ويوم عليك، فإن كان لك فلاَ تَبْطَر، وإن كان عليك فلاَ تَضْجَر. من طلب شيئاً ناله أو بَعْضَه. الركون إلى الدنيا مع ما تعاين منها جَهْل، والتقصير في حسن العمل إذا وَثِقْتَ بالثواب عليه غبن، والطمأنينة إلى كل أحَدٍ قبل الاَختيار عجز، والبخل جامعٌ لمساوئ الأخلاق. مَنْ كثرت نعمةُ الله عنده كثرت حوائج الناس إليه، فمن قام لله فيها بما يحبُّ عَرَّضَها للدوام والبقاء، ومن لم يقم عَرَّضَها للزوال والفَنَاء. الرغبة مفتاح النَّصَب، والحسد مَطِيَّةُ التعب. الخُرقُ المعالجةُ قبل الإمكان والأناةُ بعد الفُرْصَة من علم أن كلامه مِنْ عمله قَلَّ كلامه إلاَ فيما يَعْنيه. من نَظَر في عُيُوبِ الناس فأنكرها ثم رَضِيها لنفسه فذلك الأحمقُ بعينه. صَوَابُ الرأي بالدول يبقى ببقائها، ويذهب بذهابها العفَافُ زينةُ الفقر، والشكر زينةُ الغنى. المؤمنُ بِشْرُه في وَجْهه وحُزْنه في قلبه الجاهل المتعلم شبيه بالعالم، والعالم المتعسِّفُ شبيه بالجاهل ينام الرجل على الثُّكْل. ولاَ ينام على الحرب الناسُ أبناء الدنيا، ولاَ يُلام الرجل على حُبِّ أمه [ص: 455] رسولُكَ تَرْجُمَان عقلك، وكتابك أبْلَغُ ما ينطق عنك. الحظ أتى مَنْ لاَ يأتيه الطمع ضامن غير وفيّ الأمانيُّ تعمى أعين البصائر لاَ تجارة كالعمل الصالح، ولاَ ربح كالثواب، ولاَ فائدة كالتوفيق، ولاَ حسب كالتواضع، ولاَ شَرَفَ كالعلم، ولاَ ورَعَ كالوقوف عند الشبهة، ولاَ قُرْبة كحسن الخلق، ولاَ عِبَادة كأداء الفَرْض، ولاَ عقل كالتدبير، ولاَ وَحْدَةَ أوحَشُ من العُجَب. من أطال الأمل أساء العمل. وسمع رَجُلاً من الحَرورِية يتهجد ويقرأ فَقَالَ: نومٌ على يقين خيرٌ من صلاَة على شك نَفَسُ المرء خُطَاه إلى أجله إذا تم العقل نقص الكلام. قدرُ الرجلِ على قدر همته قيمة كلِّ امرئ ما لاَ يُحْسِنه المال مادة الشهوات الحِرْمانُ خيرٌ من الامتنان الناسُ أعداء ما جهلوا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 453 ومن كلام ابن عباس رضى الله عنهما الجزء: 2 ¦ الصفحة: 455 صاحب المعروف لاَ يقع؛ فإن وقع وَجَد مُتَّكأ الحرمان خيرٌ من الامتنان مِلاَكُ أمركم الدين، وزينتكم العلم، وحُصُون أعراضكم الأدب، وعزكم الحلم، وحيلتكم الوفاء القرابة تقطع، والمعروف يُكْفر، ولم يُرَ كالمودة وتكلم عند رجل فخلط، فَقَالَ: بكلام مثلك رُزِقَ الصمتُ المحبةَ. وقَالَ: لاَ تُمَارِ سفيها ولاَ حليما، فإن السفيهَ يُؤْذِيك، والحليم يَقْليك واعمل عمل مَنْ يعلم أنه مَجزيٌّ بالحسنات مأخوذ بالسيآت واستشاره عمر رضى الله عنهما في تَوْلية حمص رَجُلاً، فَقَالَ: لاَ يَصْلُح إلاَ أن يكون رَجُلاً منك، قَالَ: فكُنْه، قَالَ: لاَ تنتفع بي، قَالَ: لم؟ قَالَ: لسُوءِ ظني في سوء ظنك بي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 455 ومن كلام ابن مسعود رضي الله عنهما الجزء: 2 ¦ الصفحة: 455 شر الأمور مُحْدَثَاتها حبُّ الكفاية مفتاح المعجزة ما الدخان على النار بأدلَّ من الصاحب على الصاحب [ص: 456] مَنْ كان كلامهُ لاَ يوافق فعلَه فإنما يوبخ نفسه كونوا يَنَابِيَع العلم مصابيحَ الليل جُدُد القلوبِ خلقان الثياب الدنيا كلها غموم، فما كان منها في سرور فهو ربح الجزء: 2 ¦ الصفحة: 455 ومن كلام المُغيِرة بن شُعْبَةَ رضى الله عنه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 456 من أخَّر حاجة رجلٍ فقد ضَمِنها إن المعرفةَ لتنفع عند الكلب العقور، والجمل الصؤل، فكيف بالرجل الكريم؟ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 456 ومن كلام أبي الدَّرْدَاء رضى الله عنه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 456 السُّؤْدُدُ اصطناع العشيرة، واحتمال الجريرة، والشرفُ كَفُّ الأذى، وبذلُ النَّدى، والغنى قله التمنِّى، والفَقْرُ شَرَهُ النفس. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 456 ومن كلام أبي ذَرٍّ رضي الله عنه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 456 إن لك في مالك شريكَيْن: الحدثان، والوارث، فإن قَدَرْتَ أن لاَ تكون أخسَّ الشركاء حظَّا فافعل وكان يقول: مَتِّعْنَا بخيارنا، وأعِنَّا على شرارنا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 456 ومن كلام عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 456 ما الجزع مما لاَبد منه؟ وما الطمع فيما لاَ يُرْجَى؟ وما الحيلة فيما سيزول؟ من يَزْرَعْ خيراً يُوشِكْ أن يَحْصد غِبْطة، ومن يزرع شرا يوشك أن يحصد ندامة وقَالَ له رجل: جَزَاكَ الله عن الإسلام خيراً، فَقَالَ: بل جَزَى الله الإسلام عني خيراً. وأتى برجل كان واجِداً عليه، فأمر بضربه، ثم قَالَ: لولاَ أنى غضبان عليك لضربتك، ثم خلَّى سبيله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 456 ومن كلام الحسن البَصْرِى رضى الله عنه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 456 ما رأيت يقيناً أشْبَهَ بالشك من يقين الناس بالموت وغَفْلَتهم عنه قيل له: من شر الناس؟ قال: الذي يرى إنه خيرهم [ص: 457] حدث بحديث، فَقَالَ له رجل: عمن؟ فَقَالَ له: وما تصنع بعَمَّن؟ أما أنتَ فقد نالَتْكَ عِظَته، وقامَتْ عليك حُجَّته وقيل له: كثر الوَبَاء، فَقَالَ: أنْفَق ممسك، وأقلع مُذْنب، ولم يغلط بأحد قَالَ رجل لاَبن سيرين: إني وقَعْتُ فيك، فاجْعَلْنِى في حِلٍّ، فَقَالَ: ما أحبُّ أن أحِلَّكَ ما حرم الله عليك وسمع الشعبى رَجُلاً وقعَ فيه، فما ترك شيئاً، فلما فرغ قَالَ الشعبى: إن كنتَ صادقاً فغفر الله لي، وإن كنت كاذباً فغفَر الله لك قَالَ ابن السماك: خَفِ الله حتى كأنك لم تُطعِه، وارْجُ الله حتى كأنك لم تَعْصِه قَالَ منصور بن عمار: من أبْصَرَ عيبَ نفسِه اُشتغل عن عيب غيره، ومن تعرى من لباس التقوى لم يُسْتَر بشيء من الدنيا قيل للخليل بن أحمد: مَن الزاهد في الدنيا؟ قَالَ: الذي لاَ يطلب المفقود حتى يفقد الموجود وقَالَ بعض السلف: الإيادي ثلاَثة: يَدٌ بيضاء وهي الاَبتداء، ويد خضراء وهي المكافأة، ويد سوداء وهي المَنُّ وقيل لبعضهم: ما العقل؟ قَالَ: الإصابة بالظنون، ومعرفة ما لم يكن بما قد كان تم الكتاب بحمد الله وعَوْنه والحمد لله وحده. وهذه زيادة قد تقدم بعضها أُتِىَ عمرُ بن عبد العزيز برجل كان واجدا عليه، فأمر بضربه، ثم قَالَ: لولاَ أني غضبان عليك لضربتك، ثم خلى سبيله ولم يضربه. عن بعض الصحابة: إن من مكارم أخلاَق أهل الدنيا والآخرة أن تَصِلَ مَنْ قَطَعك، وتعطى مَنْ حَرَمك، وتعفو عن ظلمك قَالَ صعصعة بن صُوحَان ليزيد: أنا كنت أكرمَ على أبيك منك، وأنت أكرمُ علَّى من أبي، إذا لقيتَ المؤمن فخالصه، وإذا لقيتَ الكافر فخالفه، وَديِنَكَ فلاَ تَكْلمنَّه وقَالَ صالح المرى لرجل يعزيه: إنْ لم تكن مصيبتُكَ أحدثَتْ لك في نفسك موعظة فمصيبتك بنفسك أعظم وقَالَ: صَوْمعة المؤمن بيتُه يكف سَمْعه وبَصَره، قَالَ: قَالَه أبو الدرداء وقَالَ الحسن: ما رأيت يقيناً أشبه بالشك من يقين الناس بالموت وغفلتهم عنه وقَالَ منصور بن عمار: مَنْ أبصر عَيْبَ نفسه اشتَغَلَ عن عيب غيره، ومن تَعَرَّى [ص: 458] من لباس التقوى لم يُسْتَر بشيء من الدنيا، ومَنْ رضىَ برزق الله لم يحزن على ما فاته، ومَن نسىَ زلله استعظم زلل غيره، ومن اقْتَحمَ اللجَجَ غرق، ومن أعجِبَ برأيه زل، ومن تكبر على الناس ذل، ومن تهاون بالدين ضل، ومن اغتنم أموالَ الناس افتقر، ومن انتظرَ العاقبة صبر، ومَنْ صارع الحقَّ صُرع، ومن أبصر أجَلَه قصر عمله وقَالَ عمر بن عبد العزيز: ما الجزَعُ مما لاَ بد منه؟ وما الطمع فيما لاَ يرجى؟ وما الحيلة فيما سيزول؟ وقَالَ الأحنف لأصحاب علي عليه السلام: أغِبُّوا الرأي فإن إغبابه يكشف لكم عن مَحْضه علامة الأحمق ثلاَث: سرعةُ الجواب، وكثرة الاَلتفاف، والثقة بكل أحد سأل معاويةُ الأحنفَ عن الزمان، فَقَالَ: أنت الزمان؛ فإن صَلَحْتَ صَلَح، وإن فسدت فسد قَالَ رجل من أهل الحجاز لاَبن شُبْرُمة: مِنْ عندنا خرج العلم، قَالَ: نعم ولكن لم يَعُدْ إليكم قَالَ محمد بن الباقر لجعفر عليهما السلام: يا بني إن الله خَبّأ ثلاَثة أشياء في ثلاَثة، خبأ رضاه في طاعته فلاَ تَحْقِرَنَّ شيئاً من الطاعة فلعل رضاه فيه، وخبأ سَخَطه في مَعْصيته فلاَ تَحْقِرَنَّ شيئاً من المعاصي فلعل سخطه فيه، وخبأ أولياءه في خَلْقه فلاَ تحقِرَنَّ أحدا من خلقه فلعله في ذلك سمع الحسنُ رَجُلاً يشكو علة به إلى آخر، قَالَ: إنك تشكو مَنْ يرحمك إلى من لاَ يرحمك قَالَ بعض الأ كاسرة لبعض مَرَازِبته: ما أطيبَ الملك لو دام، قَالَ: لو دام لم يَصِلْ إليك قيل لحكيم: ما بالُ المشايخ أحْرَصَ على الدنيا من الشباب؟ قَالَ: لأنهم ذاقوا من طعم الدنيا ما لم يذقه الشباب قَالَ عبد الملك للهيثم بن الأَسود: ما بالُكَ؟ فَقَالَ: القوام من العَيْش والغنى عن الناس، فقيل له: لم اخترته؟ قَالَ: إن كان كثيراً حَسَدوني، وإن كان قليلاَ ازدَرُوني قَالَ رجل لعمر بن عبد العزيز: جزاك الله عن الإسلام خيراً، فَقَالَ: بل جَزَى الله الإسلام عني خيراً تكلم رجل في مجلس ابن عباس فخلط، فَقَالَ ابن عباس: بكلام مِثلك رُزِق الصمتُ والمحبة سئل الأحنف عن مُسَيلمة، فَقَالَ: ما هو بنبي صادق ولاَ بمتنبٍّ حاذق قيل لإبراهيم النخعى: أي رجل أنت لولاَ حدة فيك؟ فَقَالَ: أستغفر الله مما أملك وأستصلحه لما لاَ أملك. [ص: 459] كتب واصل بن عَطَاء عن رجل يختلف إليه حديثاً، فقيل له: تكتب عن هذا الحديثَ؟ قَالَ: أما إني غني عما كتبه عنه، ولكني أردتُ أذيقَه حلاَوة الرياسة ليدعوه ذلك إلى الاَزدياد من العلم. قيل: استأذن العقلُ على الحظ، فلم يأذن له، فَقَالَ له: لم لاَ تأذن لي؟ فَقَالَ: لأنك تحتاج إلى ولاَ أحتاج إليك. قَالَ ابن مَيَّدة لأبى العَيْناء وقد شاخ: كيف أصبحت يا أبا العيناء؟ قَالَ: في داء يتمناه الناس قيل للمغيرة: مَنْ أحسن الناس؟ قَالَ: مَنْ حَسُن في عيشه عيش غيره. قَالَ عمر لكعب الأحبار: ما يفسد الدين ويصلحه؟ قَالَ: يفسده الطمع، ويصلحه الورع. رأي رجل على أبي الأَسود ثوبين، فَقَالَ له: أما حان لهذين أن يُمَلاَ، فَقَالَ أبو الأَسود: رُبَّ مملولٍ لاَ يستطاع فراقه، فبعث إليه الرجلُ بعشرة أثواب، فَقَالَ أبو الأَسود: كَسَاكَ ولم تَسْتَكْسِهِ فحمدته ... أخٌ لك يُعْطيك الجزيلَ وناصِرُ وإن أحقَّ الناسِ إن كُنْتَ شاكراً ... بشُكْرِكَ مَنْ أعطاك والعِرْضُ وَافِرُ دخل عبد الملك بن عبد العزيز على أبيه وهو نائم نومَةَ الضحى، فَقَالَ: أتنام وأصحاب الحوائج راكدون ببابك؟ فَقَالَ: يا بني إن نفسي مطيتي وإن حملْتُ عليها قطعتها. قَالَ بعض المتقدمين: قَلَّمَا أطلب حاجة إلاَ إدركتها، وذلك أني لم أطلبها إلى غيرها، وأطلبها في حينها، ولاَ أطلب إلاَ ما أستحق قَالَ لقمان لاَبنه: إذا احتجْتَ إلى السلطان فلاَ تلحَّ عليه، ولاَ تطلبها إلاَ عند الرضا وطيب النفس، ولاَ تستعن بمن يَغُشُّك، ولاَ تطلب إلى لئيم؛ فإنه إن رَدَّكَ كان رده عليك عيبا، وإن قضى حاجَتَكَ كان قضاؤه عليك مِنَّةً. الشح وسوء الخلق وكثرة طلب الحوائج إلى الناس من علامات السفهاء لا تعتذر إلى من لاَ يحب أن يرى لك عذراً، ولاَ تستعن بمن لاَ يحب أن تظفر بحاجتك من صبر على احتمال مؤن الناس سادهم أحسن الناس مروءة وأدبا مَنْ إذا احتاج نأي، وإذا احْتِيجَ إليه دنا ضَعْ أمر أخيك على أحسنه حتى يأتيك منه ما يغلبك. [ص: 460] من كتم سِرَّهُ كان الخيار بيده اعتزل عدوك، واحذر صديقك، ولاَ تعترض بما لاَ يعنيك لاَ تحدث بالحكمة عند السفهاء فيكذبوك ولاَ بالباطل عند الحكماء فيمقتوك. مَنْ حدث لمن لاَ يستمع لحديثه كان كمن قدمَ طعامه إلى أهل القبور لا تمنع العلم أهله فتأثم، ولاَ تحدث غير أهله فتجهل. قَالَ بعضهم: لاَ تُمَارِ جاهلاَ ولاَ عالما، فإن العالم يُحَاجك فيغلبك، والجاهل يلاَحيك فيغضبك. وقَالَ: المؤمن يقل الكلام ويكثر العمل، والمنافق بضده. الصمت عَوْن للفهم، ودين للعالم، وستر للجاهل ثلاَثة تبغضهم الناس، مِنْ غير ذَنْبٍ إليهم: الشحيح، والمتكبر، والأَكُول. قَالَ بعض الحكماء: لاَ ينبغى للعاقل أن يرضى لنفسه إلاَ بإحدى منزلتين: إما بأن يكون في الغاية القُصْوى من طلب الدنيا، أو يكون في الغاية القصوى من الترك لها. قيل لبعضهم: ما العقل؟ قَالَ: الإصابة بالظنون، ومعرفة مالم يكن بما قد كان قَالَ أكثم بن صَيْفي: الأمور تَتَشَابه مقبلة، فلاَ يعرفها إلاَ ذو الرأي، فإذا أدبرت عرفها الجاهل كما يعرفها العاقل. قَالَ رجل لعائشة رضي الله عنها: يا أم المؤمنين متى أعلم إني مسيء؟ قَالَت: إذا علمت أنك محسن. وقَالَ حكيم: وددتُ أن أكون عند الله من أرفع الناس، وعند الناس من أوسطهم، وعند نفسي من أسفلهم. قيل لحكيم: أيَسُرُّك أنك جاهل ولك مائة ألف درهم؟ قَالَ: لاَ، قيل: لم؟ قَالَ: لاَن يُسْرُ الجاهلِ شَيْن، وعُسْر العاقل زين، وما افتقر رجل صح عقله. قيل للفُضَيْل بن عياض: ما أزهدك؟ قَالَ: فأنتم أزهد مني، قيل: كيف؟ قَالَ: لأني أزهد في الدنيا وهي فانية، وأنتم تزهدون في الآخرة وهي باقية. أصيب في حكمة لداود عليه السلام: لاَ ينبغى للعاقل أن يخلى نفسه مرة واحدة من أربع: عِدَة إلى غد، أو إصلاَح لمَعَاش، أو فكر يقف به على ما يصلحه مما يفسده، أو لذة في غير محرم يستعين بها على الحالاَت من لم يهدِه قليل الإشارة لم ينفعه كثير العبارة. العفو عن المجرم من مُوجِبات الكرم، وقبول المعذرة من محاسن الشيم [ص: 461] غاية كل مُتَحَركٍ سكون، ونهاية كل متكون لاَ يكون. اقتناء المناقب باحتمال المتاعب اكفف عن لحم يكسبك بَشَما وفعلٍ يُعْقبك ندما من طالت يده بالمواهب، امتدت إليه ألْسِنَةُ المطالب الشمسُ قد تغيب ثم تشرق، والروض قد يذبل ثم يُورِق قد يبلغ الكلام، حيث تقصر عنه السهام الشكول أقارب، إن بعدت المناسب التقوى أقوى ظهير، وأوفى معير، وخير عَتَاد، وأكرم زاد لأمر المعاد. المحبة ثمن كل شيء وإن غلاَ، وسُلَّم إلى كل شيء وإن علاَ. الدهر غريم ربما يفي بما يَعِد، وحُبْلى ربما تعقم بما تلد. ثمرة الأدب العقل الراجح، وثمرة العلم العمل الصالح. جهدُ المُقِلِّ خير من عُذْرِ المخل الاَنقياد لأوامر الهمم المُنِيفَة، من نتائج الأخلاق الشريفة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 456 وهذا آخر ما انضمَّ عليه دفتر مجمع الأمثال للميداني، بعون الله ذِي الجَلاَل والحمد لله على كل حال. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 461